احدث الاخبارعاجلمقالات

صخب الرئاسة العراقية

اعداد : تمارا كاظم الأسدي – باحثة متخصصة في الشؤون الدولية- العراق – ماجستير علاقات دولية وسياسة خارجية – كلية العلوم السياسية – الجامعة  المستنصرية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

بعد أن حسمت في العراق مسألة شغل الرئاسات الثلاث مع انتخاب الدكتور برهم صالح رئيساً للجمهورية خلفاً للرئيس المنتهية ولايته الدكتور فؤاد معصوم ليكون الرئيس الثامن في تاريخ الدولة العراقية المعاصرة بعد كل من ( عبد السلام عارف، عبد الرحمن عارف، احمد حسن البكر، صدام حسين، غازي عجيل الياور، جلال الطالباني، فؤاد معصوم) ؛ بعد انتهاء الانقسام الكردي بين الأحزاب الكردية نتيجة عملية الاستفتاء انفصال إقليم كردستان عام 2017 التي يتحملها الحزب الديمقراطي الكردستاني وتزعزع ثقة الكرد برئيس الأقليم مسعود بارزاني لقيادته الاستفتاء مما جعل مسألة الوصول إلى وحدة كردية قادرة على تمثيل إقليم كردستان امراً معقداً، كما أن الأحزاب العراقية لا يمكن ان تقبل أن يكون فؤاد حسين رئيساً للجمهورية وهو من أشد المروجين لمشروع الانفصال عن العراق، وبالتالي التأثير داخل النظام السياسي العراقي أصبح امراً ذا صعوبة كبيرة ، وهذا ما ترجم فشل آلية الأحزاب الكردية للوصول إلى حالة من التوافق للخروج بمرشح واحد لرئاسة الدولة العراقية نتيجة أصرار المرشحين الكرديين البقاء في قائمة المرشحين ورفض أي منهما ترشيح الجانب الأخر، ومن ثم أضطرار رئاسة البرلمان العراقي إلى حسم عملية انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق فسح المجال لتصويت عام لجميع الكتل السياسية بالأعتماد على أصوات ممثليها داخل البرلمان، وهكذا عبرت عملية توافق الأحزاب في مجلس النواب العراقي في انتخاب المرشح الكردي برهم صالح عن انسجامها التام مع شكل وأسس نظام المحاصصة وإستمرارها على بقاء نظام المكونات وإدامة العملية السياسية، على الرغم من وصولها إلى نفق مسدود بعد التظاهرات في الشارع العراقي وتطور الأزمة الأمريكية- الإيرانية؛ بالمقابل أظهر غياب التوافق الكردي في أختيار رئيس للجمهورية في البرلمان العراقي ونجاح عملية انتخاب صالح من قبل الأحزاب العراقية غير الكردية عن مدى ارتباط إقليم كردستان السياسي والإداري مع أسس وآليات النظام المركزي في بغداد بالرغم من محاولات التقسيم التي حولت النظام السياسي للدولة العراقية إلى نظام متعدد المكونات يسهل الوصول لآليات الانفصال عبر إجراء الاستفتاء الذي لم تعترف به الحكومة العراقية.

ويتفق الجميع على أن امام الرئيس الجديد تحديات وأزمات متراكمة ومزمنة عليه مواجهتها أبرزها مرحلة الصراع السياسي في إقليم كردستان الناجمة عن انتخابه التي تعمقت فيها الخلافات بين الأحزاب الكردية الرئيسة وتهدد بترسيخ تقسيم الإقليم وتنقل آثارها على المشهد العراقي برمته بعد أن شن الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني حملة من الانتقادات الحادة على طريقة اختيار صالح، إذ أن القدرة في السيطرة التي تتمتع بها عائلة بارزاني على إقليم كردستان وانفراده في تمثيل الإقليم وفوزه في انتخابات برلمان الاقليم نتيجة الانقسامات الـتي أضعفت الاتحاد الوطني الكردستاني بعد وفاة جلال طالباني ، إلا أن عدم قدرة حركة المعارضة الكردية المتمثلة بحركة التغيير ( كوران) والحركات الأخرى على فرض وجودها على المشهد السياسي الكردي قد أضعفت الاقليم مما عكس مدى حجم المفارقة التي ترتبط بالعملية السياسية بصورة عامة مع حالة الانقسام الكردي بعد أن كشفت عملية انتخابه حجم الانقسامات وعجز القيادة الكردية في اختيار مرشحيها نتيجة لأختلاف الزعامات وتبعيتها بأجندات الدول المؤثرة على مستقبل العراق، فضلاً عن أوضاع البلد سواء الداخلية المتمثلة بطريقة العمل السياسي القائم على المحاصصة والفساد المالي والإداري والفقر والبطالة وعدم حسم الملف الأمني، أو الضغوط الإقليمية والدولية على العراق قد تجعل أمكانية تأديته لدور هام أمراً صعباً لاسيّما في ظل التنافس مع النخبة السياسية الناجمة عن أختلاف طبيعة تفكير برهم صالح الاقتصادية التنموية التي قد لا تتفق مع بعض السياسيين الذين يسعون لتحقيق بعض المصالح.

لذلك فإن السنوات الأربعة القادمة ستبقى هي المحدد لمدى نجاح برهم صالح في الحكم فهل سيتمكن بمقبوليته السياسية من إعادة توجيه الوضع السياسي العراقي داخلياً وخارجياً، ومدى تعاونه مع النخب السياسية الحاكمة وانسجامه مع رئيس الحكومة من أجل أن نقل البلاد إلى واقع أفضل.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى