قراءة في مستقبل العلاقات الأمريكية الإفريقية خلال ولاية ترامب الثانية

اعداد : محسن الزيني – كاتب صحفي وباحث
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمه
من المؤكد أن مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة والقارة الإفريقية يشهد تحديات وفرصًا متشابكة في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية. حيث أن الولايات المتحدة تواجه تنافسًا متزايدًا مع قوى دولية أخرى مثل الصين وروسيا التي توسعا من نفوذهما في القارة عبر استثمارات ضخمة ومشاريع استراتيجية، مما يجب أن يدفع واشنطن إلى إعادة تقييم سياستها الخارجية تجاه إفريقيا.
من جهة أخرى، هناك إدراك متزايد لأهمية القارة الإفريقية، التي تضم أسرع الاقتصادات نموًا وأسواقًا واعدة، مما يجعلها محورًا حيويًا للتعاون الاقتصادي والأمني. مما يستدعى من كافة القوى العظمى فى العالم أن تسعى إلى تعزيز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية معها، مع التركيز على مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الأمني. وذلك من خلال دعم التنمية المستدامة، الأمن الغذائي، الطاقة، والحكم الديمقراطي، مع تجنب التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية، وهو ما يعزز الثقة المتبادلة بين الطرفين.
بالتالي، يمكن القول إن مستقبل العلاقات الأمريكية الإفريقية يعتمد على قدرة الولايات المتحدة على تقديم نموذج تعاون اقتصادي وأمني جذاب وموثوق، مع مواجهة التحديات الناجمة عن النفوذ المتصاعد للدول الأخرى، وتحقيق مصالح مشتركة تخدم التنمية والاستقرار في القارة.
(ترقبوا خبراً كبيراً من أفريقيا) .. كانت هذه رسالة غامضة من الرئيس الامريكي “دونالد ترامب” على منصة “تروث سوشيال” فى نهاية شهر أبريل الماضي .. موضحا فيما بعد، أنه سيشارك فى تسوية حروب عنيفة وصراعات دون التطرق لأي تفاصيل.
وبالعودة قليلا بضع سنوات الى الوراء، سنجد تاريخاً طويلا من التجاهل الأمريكي للقضايا الأفريقية خلال فترة حكمه الأولى منذ وصوله للبيت الأبيض فى عام 2017.
والان بعد مرور المائة يوم الأولى من فترته الرئاسية الثانية، تثار تساؤلات هامة حول ما إذا كانت إدارته الجديدة ستسير على نفس النهج أم أن الظروف الدولية والمتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية قد تغير من طريقة إدارته للعلاقات مع دول القارة الافريقية. وماذا عن ردود الفعل من الدول الافريقية، وكيف يمكن للقارة الافريقية مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية الجديدة.
أولاً- التطورات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول القارة الافريقية
بعد تولي “ترامب” منصبه الرئاسي للفترة الثانية فى بداية العام الحالى كانت أهم وأبرز التطورات في العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأفريقيا خلال فترة المائة يوم الأولى تتضمن عدة نقاط رئيسية، نوجزها فيما يلي:-
- فرض رسوم جمركية أمريكية جديدة على بعض الصادرات الأفريقية: في أبريل 2025، أعلنت الإدارة الأمريكية فرض رسوم جمركية جديدة على واردات من عدة منتجات أفريقية حيوية مثل المنسوجات والمعادن والجلود، التي تمثل صادرات رئيسية لدول أفريقيا جنوب الصحراء، مما أثار قلقًا واسعًا حول تأثير هذه الرسوم على الاقتصادات الأفريقية وفرص نموها.
- التنافس الأمريكي-الصيني في إفريقيا: تسعى الولايات المتحدة في محاولة مواجهة النفوذ الصيني المتزايد في أفريقيا، خاصة عبر مبادرة الحزام والطريق، مع التركيز على تعزيز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية الأمريكية في القارة، وذلك عبر مبادرات مثل “أفريقيا المزدهرة” أو قانون النمو والفرص في أفريقيا (AGOA)حيث يمنح القانون دولًا أفريقية مؤهلة وصولًا معفى من الرسوم إلى الأسواق الأمريكية.
فى الوقت الحالى يواجه القانون تحديات واضحة من أجل تجديده، حيث شهدت المفاوضات تأجيلات، مع احتمال تجديده لكن بشروط أكثر صرامة، خاصة تجاه دول مثل جنوب أفريقيا التي تواجه انتقادات أمريكية بسبب علاقاتها مع روسيا والصين.
- المبادرات التجارية والاستثمارية : أطلقت الولايات المتحدة برنامج “التجارة والاستثمار الإفريقي” الذي ساعد في إبرام مئات الصفقات التجارية بقيمة تقارب 50 مليار دولار، كما دخلت واشنطن في مفاوضات لاتفاقيات تجارة حرة ثنائية مع دول أفريقية مثل كينيا، مع دعم مبادرات التجارة الإقليمية مثل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
- توترات اقتصادية مع بعض الدول الأفريقية: شهدت العلاقات الاقتصادية توترات مع بعض الدول مثل جنوب أفريقيا، حيث أوقفت واشنطن المساعدات المالية وتفرض قيودًا على الصادرات الجنوب أفريقية وتقييد الامتيازات التصديرية، بسبب الخلافات السياسية والاقتصادية، مما يؤثر على تدفقات الاستثمار والتجارة بين البلدين.
إجمالاً، يمكن القول أن العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأفريقيا تشهد تحولات معقدة تشمل فرض رسوم جمركية جديدة، منافسة استراتيجية مع الصين، تحديات في تجديد الاتفاقيات التجارية، مبادرات لتعزيز الاستثمار، وتوترات مع بعض الدول الأفريقية الكبرى.
ثانياً- التطورات السياسية والأمنية بين الولايات المتحدة ودول القارة الافريقية
خلال المائة يوم الأولى من ولاية دونالد ترامب الثانية (ابتداءً من يناير 2025)، شهدت العلاقات السياسية والأمنية بين الولايات المتحدة وإفريقيا تحولات مهمة تركزت على عدة محاور رئيسية، نذكر منها:-
- وقف المساعدات لدولة جنوب إفريقيا:أصدرت إدارة ترامب أمرًا تنفيذيا في فبراير 2025 بإعادة توطين المواطنين البيض من جنوب إفريقيا في الولايات المتحدة، رداً على قانون الأراضي الجنوب أفريقي الذي يثير مخاوف من مصادرة الأراضي، رغم عدم تنفيذ أي مصادرة فعلية حتى الآن. كما قطعت واشنطن جميع المساعدات المالية لجنوب إفريقيا بسبب الخلافات السياسية، نتيجة موقف بريتوريا من قضية الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، وعلاقاتها المتزايدة مع الصين وروسيا.
- تغيير في النهج الأمني والإقليمي: مع تراجع النفوذ الأمريكي في غرب إفريقيا، خصوصًا بعد طرد القوات الأمريكية من النيجر إثر الانقلابات، ركزت واشنطن على تعزيز الشراكات الأمنية مع دول أخرى مثل كينيا في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، مع دعم مالي متزايد لبعثات كينية متعددة الجنسيات، رغم تحفظ إدارة ترامب على تمويل الأمم المتحدة وعمليات حفظ السلام.
- التوترات الجيوسياسية مع جنوب إفريقيا: تزايدت التوترات بسبب مواقف جنوب إفريقيا المحايدة في الحرب الروسية الأوكرانية، ورفض ترامب للتقارب الجنوب إفريقي مع الصين، إضافة إلى خلافات حول قضايا مثل الاعتراف بأرض الصومال، حيث تسعى واشنطن لتعزيز نفوذها عبر دعم اعتراف رسمي بأرض الصومال كجزء من استراتيجيتها لمواجهة النفوذ الصيني في جيبوتي.
- تراجع دعم المؤسسات متعددة الأطراف: أظهرت إدارة “ترامب” ميلًا لتفضيل العلاقات الثنائية على التعاون متعدد الأطراف، مما أثر على دعمها لمقترحات إصلاح مجلس الأمن الدولي لصالح إفريقيا، وتقليل تمويل عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وهو ما يشكل تحديًا للأمن والاستقرار الإقليمي في القارة.
باختصار، خلال المائة يوم الأولى من ولاية ترامب الثانية، اتسمت العلاقات الأمريكية الإفريقية بتوترات سياسية وأمنية متزايدة، مع تحولات في الدعم المالي والسياسي، وتركيز على إعادة ترتيب التحالفات الأمنية في شرق إفريقيا، مقابل تراجع النفوذ في غرب إفريقيا، في سياق تنافس جيوسياسي أوسع مع الصين وروسيا.
ثالثاً- ما هي ردود الفعل الإفريقية على سياسات ترامب في ولايته الثانية؟
اتسمت ردود الفعل الإفريقية على سياسات ترامب في بداية ولايته الثانية بالتباين، لكنها بشكل عام جاءت سلبية وتحمل قلقًا عميقًا تجاه توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:-
1- استياء واسع من السياسات الاقتصادية والجمركية
أثارت قرارات ترامب برفع الرسوم الجمركية على بعض الصادرات الأفريقية، التي وصلت في بعض الحالات إلى 40-50%، غضبًا واسعًا في القارة، حيث اعتبرتها دول مثل ليسوتو ومدغشقر ضربة مؤلمة للاقتصادات المحلية، وأكدت على أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تراجع في التجارة والاستثمار مع الولايات المتحدة.
2- توتر دبلوماسي مع دول رئيسية
شهدت العلاقات الدبلوماسية توترات مع دول مثل جنوب أفريقيا، ليسوتو والكاميرون، حيث أعربت هذه الدول عن استيائها من تصريحات ترامب المهينة، مثل وصف ليسوتو بأنها دولة “لم يسمع عنها أحد”، وقرارات قطع المساعدات، وترحيل الكاميرونيين الذين كانوا يتمتعون بالحماية المؤقتة في الولايات المتحدة.
3- ردود فعل متباينة بين الفئات الاجتماعية
في جنوب أفريقيا، على سبيل المثال، رحبت فئة من المواطنين البيض بسياسات ترامب، خاصة عرضه استقبالهم كلاجئين، في حين أثارت هذه السياسات جدلاً واسعًا في المجتمع بسبب التفاوتات العرقية والاقتصادية العميقة في البلاد.
4- مخاوف من استمرار سياسة “أمريكا أولاً” وانعزالية ترامب
عبر كثير من المراقبين الأفارقة عن قلقهم من أن سياسة ترامب “أمريكا أولاً” ستؤدي إلى تقليل الدعم والمساعدات، وفرض قيود على الهجرة والتجارة، مما قد يحد من فرص التعاون والتنمية في القارة، رغم أن بعضهم يرى في تقليل التدخل الأمريكي فرصة لزيادة استقلالية الدول الأفريقية.
5- انتقادات واسعة لأسلوب ترامب وتصريحاته المهينة
انتقدت الحكومات الأفريقية تصريحات ترامب التي اعتبرت مهينة لبعض الدول والقادة، مما أثر سلبًا على العلاقات الدبلوماسية وأدى إلى إحراج دول مثل ليسوتو، التي دعت ترامب لزيارة بلادها لتغيير الصورة النمطية السلبية عنها.
إذن يمكن القول، أن ردود الفعل الإفريقية على سياسات ترامب الثانية تعكس مزيجًا من الاستياء والغضب بسبب الإجراءات الاقتصادية والجمركية والتصريحات المهينة، مع مخاوف من تراجع الدعم الأمريكي، إلى جانب بعض التفاؤل الحذر من إمكانية زيادة الاستقلالية الأفريقية في ظل سياسة أمريكية أكثر انعزالية.
رابعاً- كيف يمكن للقارة الإفريقية مواجهة التحديات الاقتصادية الجديدة؟
يمكن للقارة الإفريقية مواجهة التحديات الاقتصادية الجديدة عبر مجموعة من الاستراتيجيات والسياسات التي تركز على تعزيز التكامل الاقتصادي، بناء القدرات المحلية، وتحسين بيئة الأعمال، وذلك على النحو التالي:-
- تعميق التكامل التجاري الإقليمي
تُعد اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) فرصة تاريخية لتحطيم الحواجز الجمركية وغير الجمركية بين الدول الإفريقية، مما يرفع معدلات التجارة البينية ويعزز دخول الدول ضمن سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية، ويساعد على تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على السلع الأولية.
أيضا يمكن تنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحسين البنية التحتية للنقل والاتصالات، وتبسيط الإجراءات الجمركية، واعتماد التحول الرقمي في التجارة، مثل نظم تتبع الشحنات والمدفوعات الإلكترونية، لتقليل التكاليف وزيادة الكفاءة.
- الاستثمار في رأس المال البشري والتكنولوجيا
تطوير التعليم وتنمية المهارات، خاصة في التكنولوجيا الرقمية، لتمكين القوة العاملة من استغلال فرص الاقتصاد الرقمي المتنامي، مع توفير شبكات أمان اجتماعي لحماية الفئات الأشد ضعفًا خلال فترات التحول الاقتصادي.
بالإضافة إلى تشجيع الابتكار ونقل التكنولوجيا النظيفة ضمن توجهات الاقتصاد الأخضر، حيث زادت مخصصات البنك الإفريقي للتنمية لتمويل الاقتصاد الأخضر بشكل ملحوظ، مما يساعد على التكيف مع التغيرات المناخية وتحقيق تنمية مستدامة.
- تعزيز الاستقلالية الاقتصادية والتنموية
التركيز على بناء قدرات التصنيع المحلية لاستغلال الموارد الطبيعية بشكل أفضل وتحقيق قيمة مضافة، بدلاً من تصدير المواد الخام فقط، مما يعزز الاستقلالية الاقتصادية ويقلل من الهيمنة الخارجية. وذلك من خلال توحيد الجهود الأفريقية والعمل ككتلة واحدة ذات مصالح مشتركة لتعزيز موقع القارة في مراكز القرار العالمية، مما يعزز قدرتها على التفاوض وتحقيق مصالحها الاقتصادية.
- إدارة الدين العام بحكمة
إعادة هيكلة الديون وإدارة المديونية بشكل حكيم لضمان استدامة النمو الاقتصادي، خاصة في ظل الأعباء الثقيلة للديون التي تعاني منها العديد من الدول الإفريقية، والتي تعيق الاستثمار في البنية التحتية والخدمات الأساسية.
- تعزيز السلام والاستقرار السياسي
تحقيق الاستقرار السياسي والأمني يعد شرطًا أساسيًا لجذب الاستثمارات وتنمية الاقتصاد، إذ يجب معالجة الصراعات الداخلية المتعلقة بالموارد والعمل على التعاون والتكامل الوطني والإقليمي.
- جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة
تحسين بيئة الأعمال من خلال تبسيط القوانين، مكافحة الفساد، وتوفير الحوافز للمستثمرين، مع التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الصناعات التحويلية والتكنولوجيا الحديثة.
يمكن لإفريقيا مواجهة التحديات الاقتصادية الجديدة عبر تعزيز التكامل التجاري القاري، الاستثمار في رأس المال البشري والتكنولوجيا، بناء قدرات التصنيع، إدارة الدين العام، تحقيق الاستقرار السياسي، وجذب الاستثمارات، مع دعم التحول نحو اقتصاد أخضر مستدام. هذه الاستراتيجيات مجتمعة ستسهم في دفع التنمية المستدامة وتحقيق استقلالية اقتصادية أكبر للقارة.
خامساً- كيف يمكن للقارة الإفريقية مواجهة التحديات السياسية والأمنية الجديدة؟
لمواجهة التحديات السياسية والأمنية الجديدة خلال فترة ترامب الثانية، يمكن للقارة الإفريقية تبني عدة استراتيجيات ترتكز على تعزيز القدرات الذاتية الإقليمية، تطوير التعاون الإقليمي والدولي، والتعامل مع التهديدات الحديثة، وذلك كما يلي:-
- تعزيز التعاون الإقليمي والمؤسساتي
يجب دعم وتعزيز دور الاتحاد الإفريقي والمجموعات الاقتصادية الإقليمية مثل إيكواس وتحالف دول الساحل، رغم التحديات التي تواجهها مثل انسحاب بعض الدول من إيكواس وتزايد العزلة السياسية لبعض الحكومات العسكرية.
أيضا تعزيز آليات الاتحاد الإفريقي للسلم والأمن، بما في ذلك مجلس الأمن والسلم الإفريقي، ونظام الإنذار المبكر، لتنسيق الجهود في منع النزاعات وإدارتها.
- معالجة النزاعات الداخلية وتعزيز الاستقرار السياسي
التركيز على حل النزاعات المسلحة المستمرة مثل الحرب الأهلية في السودان، عبر دعم الوساطات الدولية والإقليمية، مع ضرورة تحرك أكثر فاعلية من مجلس الأمن الدولي لتوفير حلول سياسية.
بالإضافة إلى دعم الانتقال الديمقراطي في الدول التي تعاني من هشاشة سياسية، والضغط على الحكومات العسكرية للالتزام بالتحول المدني.
- مواجهة التهديدات السيبرانية المتنامية
بناء قدرات وطنية وإقليمية متقدمة في مجال الأمن السيبراني، خاصة مع تزايد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية والمؤسسات الحكومية. وذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لتبادل المعلومات وتنسيق الاستجابات الأمنية ضد الجرائم السيبرانية، وتطوير أطر قانونية مشتركة لمواجهة هذه التهديدات.
- تنويع الشراكات الدولية
في ظل تراجع الدعم الأمريكي التقليدي وتغير السياسات خلال فترة ترامب الثانية، تحتاج الدول الإفريقية إلى تنويع شركائها الدوليين، مع الحفاظ على استقلالية القرار الوطني وتجنب الاستقطاب الدولي الذي قد يزيد من النزاعات. من خلال تعزيز الشراكات مع الاتحاد الأوروبي، الصين، روسيا، والدول الصديقة، مع الحرص على تحقيق مصالح القارة دون التورط في صراعات بالوكالة.
- تعزيز الأمن الاقتصادي والاجتماعي كجزء من الاستقرار السياسي
معالجة الفقر والبطالة وتحسين الخدمات الأساسية لتقليل عوامل التوتر الاجتماعي التي تؤدي إلى النزاعات، حيث يشكل الاستقرار الاقتصادي ركيزة أساسية للأمن السياسي. ودعم مبادرات التنمية المستدامة التي تدمج الأبعاد الأمنية والسياسية والاقتصادية.
إذن باختصار، فإن مواجهة التحديات السياسية والأمنية في فترة ترامب الثانية تتطلب من إفريقيا تعزيز التعاون الإقليمي، حل النزاعات الداخلية، بناء قدرات الأمن السيبراني، تنويع الشراكات الدولية، وتعزيز الأمن الاقتصادي والاجتماعي لضمان استقرار شامل ومستدام في القارة.
مما سبق يتضح أن، العلاقات الأمريكية الأفريقية خلال فترة ولاية “ترامب” الثانية تواجه تحديات كبيرة تتمثل في تراجع الدعم الأمريكي التقليدي، وفرض سياسات أكثر صرامة في التجارة والهجرة، إضافة إلى توترات دبلوماسية ناجمة عن تصريحات ترامب وتصرفاته التي أثارت استياءً واسعًا في القارة. ومع ذلك، لا يمكن إغفال أن هناك ملامح لمقاربة أمريكية جديدة تركز على ربط الأمن بالاقتصاد، وتعزيز التعاون مع الدول الأفريقية ذات الأهمية الاستراتيجية لمواجهة النفوذ الصيني والروسي المتصاعد في القارة.
على الجانب الآخر، كانت قد أظهرت القمم الأمريكية الإفريقية الأخيرة التزامًا أمريكيًا متجددًا بدعم التنمية الاقتصادية، الصحة، الحوكمة، والأمن الغذائي في أفريقيا، مع استثمارات كبيرة تهدف إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية وتوفير بدائل تنافسية للنفوذ الصيني الروسي.
ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الجهود مرتبطًا بالسياسات الجديدة لإدارة “ترامب” ومدى مصداقية الولايات المتحدة في تنفيذ استراتيجياتها الجديدة، واحترام السيادة الأفريقية، والابتعاد عن المشروطية السياسية في تقديم الدعم.
بالتالي، يشير المستقبل إلى علاقة أمريكية-إفريقية حذرة ومتقلبة، تعتمد على قدرة الطرفين على بناء شراكة متوازنة تلبي مصالحهما المشتركة، وتواجه التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية في ظل المنافسة الدولية المتصاعدة، مع ضرورة أن تكون أفريقيا فاعلة في صياغة رؤيتها الخاصة لهذه الشراكة لتحقيق تنمية مستدامة ومستقلة.
المصادر
- https://www.raialyoum.com/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A9/
- https://acpss.ahram.org.eg/News/21357.aspx
- https://qiraatafrican.com/28217/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%B6%D8%BA/
- https://trendsresearch.org/ar/insight/%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7/
- https://afropolicy.com/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9/
- https://egyptianenterprise.com/2025/05/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%8A%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D9%A2%D9%A5-%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%84-%D9%A1-%D9%85%D8%A7%D9%8A%D9%88-%D9%A2/
- https://afroresearchs.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A-10-%D9%85%D8%A7%D9%8A%D9%88-2025/
- https://qiraatafrican.com/29058/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%87%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%A8%D8%AF%D8%A3-%D8%A3/
- https://acpss.ahram.org.eg/News/21303.aspx
- https://qiraatafrican.com/28852/%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D9%85%D8%A7%D8%A6%D8%A9-%D9%8A%D9%88%D9%85-%D9%85/
- https://arabic.cnn.com/world/article/2025/02/03/trump-aid-cut-threat-south-africa-intl-2