الدراسات البحثيةالمتخصصة

الفاتيكان ووثيقة “الكرامة اللانهائية” Dignitas Infinita

اعداد :  السفير  – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر

 

أصدر مكتب عقيدة الإيمان بالفاتيكان في 8 أبريل 2024 إعلان “الكرامة اللانهائية”  Dignitas Infinitaالمكون من 23 صفحة والذي ظل قيد الإعداد بواسطة اللاهوتيون في الفاتيكان لمدة خمس سنوات أي عام 2019 وبعد مراجعة جوهرية في الأشهر الأخيرة تمت الموافقة عليه في 25 مارس2024 من قبل البابا فرانسيس الذي أمر بنشره ورأي فيه البعض أنه بمثابة غصن الزيتون للمحافظين في الكنيسة , بعد سلسلة من التصريحات الليبرالية التي أصدرها البابا فرانسيس ونددت الوثيقة الجديدة بمحاولات إخفاء “الاختلاف الجنسي بين الرجل والمرأة”فأشارت إلي أن “أي تدخل لتغيير الجنس” يشكل خطراً على الكرامة الإنسانية , وفي هذا قال البابا لأعضاء الخدمة العقائدية في أواخريناير2024: “علينا كمسيحيين ألا نتعب من الإصرارعلى أولوية الشخص البشري والدفاع عن كرامته خارج كل الظروف”وقال إنه يأمل أن تساعدنا الوثيقة الجديدة “ككنيسة على أن نكون دائما قريبين من كل أولئك الذين دون ضجة في الحياة اليومية يقاتلون ويدفعون شخصيا ثمن الدفاع عن حقوق أولئك الذين لا يهمهم”, وهذه الوثيقة المنشورة في 8 أبريل هي الوثيقة النهائية إذ سبقها أن مسودة السابقة وضعها رجال دين من ذوي الإتجاه التقليدي وقد رُفضت من قبل لجنة استشارية كما ترددت معلومات أنه كان لدى الأساقفة الأمريكيين مسودة وثيقة حول نظرية النوع الاجتماعي تم إعدادها في عام 2018ولكن تم وضعها على الرف بناءً على طلب مسؤولي الفاتيكان الذين أرادوا معالجة المشكلة أولاً وطلب البابا فرانسيس بعد ذلك تركيزًا أكبر على الموضوعات “المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بموضوع الكرامة” والتي كانت مركزية في بابويته بما في ذلك أمراض الفقر ومحنة المهاجرين  .

ينظم الفاتيكان الحياة الروحية للمسحيين الكاثوليك في أنحاء العالم وبالتالي فإن وثيقة الكرامة النهائية تمثل إطاراً لحياة الكاثوليك والذين وفقاً لآخر إحصاءات أعلنت في مارس 2024زاد عدد الكاثوليك المعمدين بنحو 1% – 14 مليونًا – ليرتفع من 1.376 مليار في عام 2021 إلى 1.390 مليار في عام 2022 وكما هو الحال في السنوات السابقة تواصل الكنيسة الكاثوليكية في أفريقيا نموها – وفقاً لتقديرات الفاتيكان – إذ شهدت أفريقيا أعلى زيادة في عدد الكاثوليك بنسبة 3% في حين سجلت الأمريكتين زيادة بنسبة 0.9% وآسيا زيادة بنسبة 0.6% وظل عدد الكاثوليك في أوروبا ثابتا عند نحو 286 مليونا في الفترة من 2021 إلى 2022 وقد إرتفع عدد الكاثوليك في جميع أنحاء العالم بمقدار 14 مليونًا في عام 2022وفقًا للكتاب الإحصائي السنوي للكنيسة لعام 2022 الصادر عن الفاتيكان في  مارس2024 وتم تسليط الضوء عليه في تقرير لصحيفة الفاتيكان L’Osservatore Romano .

تناولت وثيقة الكرامة اللانهائية هذه الموضوعات :

عقوبة الاعدام :

أدرج أعضاء دائرة عقيدة الإيمان عقوبة الإعدام ضمن انتهاكات “الكرامة غير القابلة للتصرف لكل شخص بغض النظر عن الظروف” ودعوا إلى احترام كرامة الأشخاص المسجونين .

نظرية الجنس :

أدانت الدائرة أيضًا “نظرية النوع الاجتماعي” ووصفتها بأنها “خطيرة للغاية لأنها تلغي الاختلافات في ادعائها بجعل الجميع متساوين”وقالت إن نظرية النوع الاجتماعي تحاول “إنكار أكبر اختلاف ممكن بين الكائنات الحية: الاختلاف الجنسي”وجاء في وثيقة الكرامة اللانهائية أن الكنيسة الكاثوليكية تعلم أن “الحياة الإنسانية بكل أبعادها الجسدية والروحية هي هبة من الله ويجب قبول هذه الهبة بامتنان ووضعها في خدمة الخير”ونقلاً عن نصيحة البابا فرانسيس “أموريس لاتيتيا” أشارت الوثيقة إلي أن أيديولوجية النوع الاجتماعي “تتصور مجتمعاً خالياً من الاختلافات الجنسية وبالتالي تقضي على الأساس الأنثروبولوجي للأسرة”.

قال أعضاء الدائرة أيضاً إنه صحيح أن هناك فرقًا بين الجنس البيولوجي والأدوار والسلوكيات التي يخصصها مجتمع أو ثقافة معينة للذكر أو الأنثى ولكن تبقي الحقيقة هي أن بعض تلك المفاهيم حول ما يعنيه أن تكون امرأة وأن تأثر الرجل بالثقافة لا يعني عدم وجود فروق بين الذكور البيولوجيين والأنثى البيولوجية وقالوا: “لذلك يجب رفض جميع المحاولات لإخفاء الإشارة إلى الاختلاف الجنسي غير القابل للإلغاء بين الرجل والمرأة”وقد اقتبست  الوثيقة مرة أخرى نصيحة البابا فرانسيس حين قال: “لا يمكننا فصل المذكر والمؤنث عن عمل خلق الله الذي يسبق كل قراراتنا وتجاربنا وحيث توجد عناصر بيولوجية لا يمكن تجاهلها”.

وجاء في تقرير دائرة عقيدة الإيمان أن “أي تدخل لتغيير الجنس كقاعدة عامة يهدد بتهديد الكرامة الفريدة التي اكتسبها الشخص منذ لحظة الحمل” ومع ذلك أوضحت  الوثيقة أن “هذا لا يستبعد احتمال أن يختار الشخص الذي يعاني من تشوهات في الأعضاء التناسلية واضحة بالفعل عند الولادة أو تتطور لاحقًا تلقي المساعدة من متخصصي الرعاية الصحية لحل هذه التشوهات”.

الإجهاض :

اعتبرت وثيقة الكرامة اللانهائية أن قبول الإجهاض “علامة واضحة على وجود أزمة خطيرة للغاية في الحس الأخلاقي الذي أصبح غير قادر أكثر فأكثر على التمييز بين الخير والشر حتى عندما يكون الحق الأساسي في الحياة على المحك”و أشارت تلك الوثيقة إلي أن “الإجهاض المتعمد هو القتل المتعمد والمباشر بأي وسيلة كانت للإنسان في المرحلة الأولى من وجوده الممتدة من الحمل إلى الولادة”كما كررت الوثيقة دعوة البابا فرنسيس إلى فرض حظر عالمي على تأجير الأرحام والذي قال إنه “انتهاك خطير لكرامة المرأة والطفل يقوم على استغلال حالات احتياجات الأم المادية”.

تأجير الأرحام :

وقالت إن تأجير الأرحام يحول الرغبة المشروعة للزوجين في إنجاب طفل إلى “حق في طفل لا يحترم كرامة ذلك الطفل باعتباره متلقيًا لهبة الحياة”.

الحرب :

مع الاعتراف بحق الدول في الدفاع عن نفسها ضد المعتدين أصرت الوثيقة على أن الصراعات المسلحة “لن تحل المشاكل بل تزيدها فقط وهذه النقطة أكثر أهمية في عصرنا عندما أصبح من الشائع أن يموت العديد من المدنيين الأبرياء خارج نطاق القانون” حدود ساحة المعركة” .

المهاجرين :

فيما يتعلق بقضية المهاجرين واللاجئين قال أعضاء دائرة عقيدة الإيمان إنه في حين “لن ينكر أحد علانية أنهم بشر” فإن العديد من سياسات الهجرة والمواقف الشعبية تجاه المهاجرين “يمكن أن تظهر أننا نعتبرهم أقل جدارة وأقل أهمية وأقل أهمية من البشر”  .

المساعدة على الانتحار:

قالت دائرة عقيدة الإيمان إن الترويج للقتل الرحيم والانتحار بمساعدة طبية “يستخدم فهماً خاطئاً لكرامة الإنسان لتحويل مفهوم الكرامة ضد الحياة نفسها”فقد أشارت وثيقة الكرامة اللانهائية إلي أنه : “من المؤكد أن كرامة أولئك الذين يعانون من أمراض خطيرة أو مزمنة تتطلب بذل كل الجهود المناسبة والضرورية لتخفيف معاناتهم من خلال الرعاية التلطيفية المناسبة وتجنب العلاجات العدوانية أو الإجراءات الطبية غير المتناسبة” .

مجتمع الــشواذ LGBTQ+:

نددت الوثيقة الكرامة اللانهائية Dignitas Infinita بالتمييز ضد الأشخاص من مجتمع الشواذ LGBTQ+ وخاصة المواقف التي يتم فيها “سجن الأشخاص وتعذيبهم وحتى حرمانهم من خير الحياة فقط بسبب ميولهم الجنسية”.

تُعتبر وثيقة الكرامة اللانهائية Dignitas Infinita بصفة عامة نقدًا دينيًا لـ “الأيديولوجيات الجنسانية”وتأجير الأرحام وموضوعات أخري ذات صلة مثل القضايا الاجتماعية وكل ما يؤثر على كرامة الإنسان مثل الهجرة والفقر والحرب والتدهورالبيئي وهي قضايا يُنظر إليها علي أنها “قضايا أخلاقية مثيرة للجدل” , وحذرت الوثيقة من التشريع المتزايد للقتل الرحيم والانتحار بمساعدة طبية قائلة إن “حياة الإنسان حتى في حالتها المؤسفة تحمل كرامة يجب الحفاظ عليها دائما ولا يمكن فقدانها أبدا” وفي ترديد لتعاليم الكنيسة الراسخة أدانت الوثيقة الإجهاض ووصفته بأنه “قتل متعمد ومباشر”وبشأن هذه القضايا قال عميد الأبرشية الكاردينال فيكتور مانويل فرنانديز الذي شغل منصب رئيس الفاتيكان العقائدي لمدة 9 أشهر: “نحن نعد وثيقة الكرامة اللانهائية Dignitas Infinita وثيقة مهمة للغاية حول الكرامة الإنسانية والتي لا تشمل القضايا الاجتماعية فحسب بل تتضمن أيضًا نقدًا قويًا للقضايا الأخلاقية مثل تغيير الجنس وتأجير الأرحام والجنس” الأيديولوجيات وما إلى ذلك” ,

تخلص وثيقة الكرامة اللانهائية إلى أن”أي تدخل لتغيير الجنس كقاعدة عامة يهدد الكرامة الفريدة التي اكتسبها الشخص منذ لحظة الحمل”ومع ذلك لا ترى الكنيسة أي خطأ في أن يسعى “الأشخاص المولودون بتشوهات في الأعضاء التناسلية” إلى العلاج الطبي وفي الأشهر الأخيرة أكد البابا فرانسيس أنه يمكن تعميد الأشخاص المتحولين جنسيًا ويكونوا بمثابة عرابين ووافق على بركات المثليين وغيرهم من الأزواج غير المتزوجين كما أخبر البابا فرانسيس بذلك  شابًا إيطاليًا متحولًا جنسيًا العام الماضي فقال له أن “الرب يحبنا كما نحن”وقد استقبل بحرارة الأشخاص المتحولين جنسيًا في اللقاءات البابوية وقد أثارت هذه اللفتات وغيرها رد فعل عنيف من المحافظين مما أدى إلى انتقاد البابا فرانسيس بعبارات قاسية بشكل ملحوظ في كثير من الأحيان ورفض كبار رجال الدين في أفريقيا وأوروبا الشرقية وآسيا الإرشادات الخاصة بالبركات المقدمة للأزواج المثليين على الرغم من تحذيرات الفاتيكان الصريحة بأن مثل هذه البركات لا تحمل أي تشابه مع سر الزواج , فالوثيقة الجديدة التي وافق عليها البابا في 25 مارس2024 لا تلغي تلك التدابير ولا تغير بشكل جذري موقف  البابا الشامل فقد أكد على سبيل المثال أن الكنيسة الكاثوليكية “ترغب أولا وقبل كل شيء في إعادة التأكيد على أن كل شخص بغض النظر عن ميوله الجنسية يجب أن يحظى باحترام كرامته ومعاملته باحترام في حين أن كل علامة على التمييز غير العادل يجب أن تُعاقب ويجب تجنبها بعناية” , لكن البابا قال أنه يفصل بين الحاجة إلى خدمة الأشخاص المتحولين جنسيًا وبين إجراء عملية جراحية لتأكيد الجنس ونُقل عنه قوله إن “الخليقة هي الأولوية بالنسبة لنا ويجب قبولها كهدية وفي الوقت نفسه نحن مدعوون لحماية إنسانيتنا وهذا يعني في المقام الأول قبولها واحترامها كما خلقت” .

شددت وثيقة Dignitas Infinita الكرامة اللانهائية على معارضة نظرية النوع الاجتماعي التي تهدف إلى إنكار أكبر اختلاف ممكن موجود بين الكائنات الحية : الاختلاف الجنسي”.

كما ثمنت الوثيقة عــالــيــاً العلاقة بين الجنسين فأشارت إلي أنه : “في الزوجين الذكور والإناث يحقق هذا الاختلاف أروع أنواع المعاملة بالمثل وهكذا تصبح مصدر تلك المعجزة التي لا تتوقف عن مفاجئتنا بوصول كائنات بشرية جديدة إلى العالم  .

وفقاً لمتابعة وسائل الإعلام الغربية المعنية بالشأن الديني والروحي للمسيحيين الكاثوليك فقد تبين أن الإتجاه الغالب لها بالنسبة لرؤيتها لوثيقة الكرامة اللانهائية Dignitas Infinita هجومي بل أحيانا يعتبر عدائي فقد أشار VOX في 10 أبريل 2024 ‘اي : ” “في حين أن البابا فرانسيس قد خطى خطوات أكبر في تأكيد المثليين والكاثوليك أكثر من أي من أسلافه، فإن تأييده لـ “Dignitas Infinita”سيُنظر إليه على أنه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء من قبل الأفراد المتحولين جنسياً سواء داخل الكنيسة أو خارجها”وقال كرسي الأسقف سوليفان للدراسات الكاثوليكية في جامعة فرجينيا كومنولث لـ Vox : “يأتي إطلاق فيلم “Dignitas Infinita” وسط خطاب سياسي وثقافي واجتماعي أكبر حول حقوق المتحولين جنسيًا والرعاية الطبية بما في ذلك تقرير المملكة المتحدة الأخير حول هذا الموضوع ويخشى الكاثوليك والمدافعون عن مجتمع LGBTQ أيضًا من أن يؤدي ذلك إلى تفاقم المناخ الذي سنت فيه بعض الحكومات قوانين تهاجم الأشخاص المتحولين جنسيًا – بما في ذلك العديد من الحظر الذي فرضه الحزب الجمهوري على رعاية تأكيد النوع الاجتماعي للأطفال في الولايات المتحدة واستخدامها لتغذية المزيد من التمييز.

وتابع موقع  فأشار إلي : “تعرضت تصريحات الفاتيكان لانتقادات واسعة النطاق من قبل أعضاء الكنيسة الكاثوليكية المتحولين جنسياً الذين ينظرون إليها على أنها تقوض تجاربهم ومكانتهم في الكنيسة وقال مايكل سينيت وهو رجل متحول جنسيًا وكاثوليكي ممارس في ماساتشوستس لوكالة أسوشيتد برس: “إن المتحولين جنسيًا محبوبون وهم خلق الله المتعمد مثلهم مثل الرجال والنساء المتوافقين جنسيًا” ومع ذلك يرى ستيدل وآخرون أن العقيدة ترضي الذراع الأكثر تحفظًا للكنيسة الكاثوليكية فعلى سبيل المثال أثار إعلان البابا في أواخر عام 2023 أن الفاتيكان سيدعم الكهنة الذين يباركون الأزواج المثليين في سياقات معينة غضب العديد من رجال الدين على مستوى العالم وكان من بين المعارضين لتصرفات فرانسيس الأكثر تقدمية البعض في أفريقيا وهي واحدة من الأماكن التي شهدت فيها الكنيسة الكاثوليكية نمواً مرتفعاً في السنوات الأخيرة والذين وصفوها بأنها “تتعارض مع إرادة الله” وفقًا لستيدل وهو أيضًا مؤلف كتاب LGBTQ Catholic Ministry فإن الأحكام التي تلاحق الأشخاص المتحولين جنسيًا في وثيقة الفاتيكان كانت على الأرجح محاولة لاسترضاء هذه الشريحة من الكنيسة وقال ستيدل لـVox: “قال الكاردينال فرنانديز رئيس دائرة عقيدة الإيمان إنهم سيرمون التقليديين بعظمة” , وعموماً يشعر المدافعون عن مجتمع المثليين بالقلق من أن وثيقة الفاتيكان لن تكون سوى ذخيرة إضافية للمحافظين في المجالين السياسي والاجتماعي بينما يروجون لسياسات تمييزية لا سيما مع تصاعد الهجمات السياسية على الأشخاص المتحولين جنسيًا في السنوات الأخيرة  .

– يُذكر أن ما لا يقل عن 19 مجلسًا تشريعيًا في الولايات المتحدة بقيادة الحزب الجمهوري أصدروا قوانين إما تقيد أو تحظر تمامًا الوصول إلى الرعاية التي تؤكد النوع الاجتماعي على الرغم من أن منظمات الأطباء الكبرى اعتبرت مثل هذه الرعاية ضرورية من الناحية الطبية مع ارتفاع عدد القوانين المناهضة للمتحولين جنسيًا وقد وثق تقرير صادر عن المركز الوطني للمساواة بين المتحولين جنسيًا زيادة في جرائم قتل المتحولين جنسيًا في الولايات المتحدة بين نوفمبر 2022 ونوفمبر 2023 كذلك تتخذ الدول الأوروبية أيضًا نهجًا أكثر تقييدًا فيما يتعلق بالرعاية الصحية للأشخاص المتحولين جنسيًا – وخاصة للقصر- ففي الآونة الأخيرة شكك تقرير بتكليف من هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة في الممارسات الانتقالية الحالية في طب الأطفال وكرر التوصيات للحد من استخدام حاصرات البلوغ وهو العلاج الذي توقفت هيئة الخدمات الصحية الوطنية بالفعل عن تقديمه للقصر الذين يعانون من خلل الهوية الجنسية  .

– أشار موقع VOX إلي أن المدافعون عن LGBTQ يشعرون بالقلق من أن وثيقة الفاتيكان ستضيف فقط إلى الخطاب العالمي الذي يسعى إلى الحد من حقوق المتحولين جنسيًا وقال ستيدل لـ  Vox : “هذه الوثيقة تخبر الأشخاص المتحولين جنسيًا أنهم يشكلون تهديدًا للعالم وأنهم يشكلون تهديدًا للنظام وللأنظمة التي أنشأها الله وللأسف يساهم الفاتيكان في هذه الحركات التي تسعى إلى إيذاء الأشخاص المتحولين جنسياً والتي تسعى إلى القضاء عليهم  .

نشر موقع  arkansas-catholic.orgفي 15أبريل 2024 إن الإجهاض وتأجير الأرحام يمس بالكرامة الإنسانية , فقد كتب الكاردينال فيكتور مانويل فرنانديز رئيس دائرة عقيدة الإيمان في القسم الافتتاحي من وثيقة الكرامة اللانهائيةDignitas Infinita: “لا يمكننا فصل الإيمان عن الدفاع عن كرامة الإنسان والتبشير عن تعزيز الحياة الكريمة والروحانية عن الالتزام بكرامة كل إنسان وأن حماية الحياة تمتد إلى الانتهاكات والحرب والانتحار بمساعدة الأطباء والسجناء , وأكد الكاردينال فرنانديز في الجزء الإفتتاحي للوثيقة التقارير أن إعلانًا بشأن الكرامة الإنسانية وقضايا أخلاقيات علم الأحياء – مثل الإجهاض والقتل الرحيم وتأجير الأرحام – تمت الموافقة عليه من قبل أعضاء المحكمة في منتصف عام 2023 لكن البابا فرانسيس طلب من المحكمة إجراء إضافات “لتسليط الضوء على الموضوعات”التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بموضوع الكرامة مثل الفقر، ووضع المهاجرين والعنف ضد المرأة والاتجار بالبشر والحرب وغيرها من المواضيع وأشار الكاردينال فرنانديز إن الكرادلة والأساقفة الذين هم أعضاء في الدائرة وافقوا في فبراير2024على المسودة المحدثة للوثيقة وفي أواخر مارس2024 أعطى البابا فرانسيس موافقته وأمر بنشرها وكتب أنه بعد خمس سنوات من الإعداد “تعكس الوثيقة المعروضة علينا خطورة ومركزية موضوع الكرامة في الفكر المسيحي” وأشار إلي أن عنوان الوثيقة مأخوذ من خطاب التبشير الملائكي الذي ألقاه القديس يوحنا بولس الثاني في ألمانيا عام 1980 خلال لقاء مع الأشخاص ذوي الإعاقة إذ قال لهم : “لقد أظهر لنا الله مع يسوع المسيح بطريقة لا مثيل لها كيف يحب كل إنسان وبالتالي يمنحه كرامة لا متناهية” وتلك الوثيقة تحمل تاريخ 2أبريل2024الذكرى التاسعة عشرة لوفاة القديس يوحنا بولس الثاني , وقال الكاردينال فرنانديز في البداية إن المجمع سيطلق على الوثيقة اسم “ما وراء كل الظروف” وهو تأكيد من البابا فرانسيس على كيفية عدم التقليل من الكرامة الإنسانية من خلال حالة تطور الفرد أو مكان ولادته أو الموارد أو المواهب التي يمتلكها أو ما فعله المرء .

رأي الكنيسة والمدافعين عن الوثيقة :

– أشاد بعض المحافظين في الكنيسة بالوثيقة، مع التركيز على الفقرات المتعلقة بالجنس بدلاً من الطرح النقدي  .

– قال روبرتو دي ماتي رئيس مؤسسة ليبانتو الكاثوليكية المحافظة : “بالنسبة لي بعد 11 عامًا من بابوية [فرنسيس] فهذه هي الوثيقة الأولى التي أود أن أقتبس منها وأستفيد منها كما فعلت مع بنديكتوس السادس ويوحنا بولس الثاني”  “نعم لقد قالا هذه الأشياء من قبل ولكن … ليس بنفس القوة”  .

– تؤكد هذه الوثيقة وجهة نظر الكنيسة بشأن الكرامة المتأصلة في كل شخص وأنها طريق “الاستعمار الأيديولوجي” الضار الذي يلغي الاختلافات كما في حالة ما يسمى بالثقافة الجندرية أو يضع مفاهيم اختزالية للحرية قبل واقع الحياةعلى سبيل المثال التفاخر بـ “الحق في الإجهاض”الذي لا معنى له باعتباره إنجازًا وهو ما يمثل دائمًا هزيمة مأساوية , كذلك فالوثيقة تُعد بمثابة إعادة صياغة لمواقف الفاتيكان التي تم توضيحها سابقًا والتي يمكن قراءتها الآن من خلال منظور الكرامة الإنسانية فالفاتيكان يعيد التأكيد على العقيدة الكاثوليكية المعروفة التي تعارض الإجهاض والقتل الرحيم ويضيف إلى القائمة بعض اهتمامات البابا فرانسيس الرئيسية بصفته البابا وتتضمن التهديدات التي تتعرض لها الكرامة الإنسانية بسبب الفقر والحرب والاتجار بالبشر وعقوبة الإعدام والهجرة القسرية وفي موقف واضح حديثا تقول الوثيقة بأن تأجير الأرحام عمل ينتهك كرامة الأم البديلة والطفل فالأم البديلة فوفقاً لوثيقة الكرامة اللانهائية «تنفصل عن الطفل الذي ينمو وتصبح هذه الأم مجرد وسيلة خاضعة لمكاسب أو رغبات الآخرين التعسفية وهذا يتناقض بكل الطرق مع الكرامة الأساسية لكل إنسان ومع حق كل شخص في أن يُعترف به دائمًا كفرد وليس أبدًا كأداة في يد شخص آخر وبطبيعة الحال لا يمكن لأي مبلغ من المال أن يضمن ما قد تشعر به الأم البديلة عندما يولد الطفل الذي تحمله حتى لو كان طفلاً لا تشترك معه في أي صلة وراثية ندمت بعض النساء على الفور على جانبهن من عقد تأجير الأرحام وسعين إلى الاحتفاظ بالرضيع الذي أنجبنه حيث يتم مناقشة ادعاءات الوالدين المربكة في المحكمة , وقد اتهم منظمو إعلان الدار البيضاء – وهي حملة دولية مناهضة لتأجير الأرحام –  صناعة تأجير الأرحام بانتهاك اتفاقيات الأمم المتحدة التي تحمي حقوق الطفل والأم البديلة ولهذا أيد المونسنيور ميلوسلاو واتشوسكي وكيل وزارة الخارجية للعلاقات مع الدول في أمانة سر دولة الفاتيكان الحملة في 5 أبريل 2024, وعلي حين تركز الكثير من الاهتمام حول تأجير الأرحام على احتمال استغلال النساء الفقيرات كبديلات فقد أكدت وثيقة الفاتيكان الجديدة علي أن الطفل “له الحق في أن يكون له أصل بشري كامل (وليس مصطنعاً) وأن من حقه أن يحصل على هدية الحياة التي تظهر كلا من   كرامة المانح وكرامة المتلقي فوفقاً لهذه الوثيقة لا يمكن تحويل الرغبة المشروعة في إنجاب طفل إلى “حق في طفل” لا يحترم كرامة ذلك الطفل باعتباره متلقيًا لهبة الحياة” , كذلك ميزت الوثيقة بين العمليات الجراحية المؤكدة للجنس والتي رفضتها و”التشوهات التناسلية” التي توجد عند الولادة أو التي تتطور لاحقًا وقالت أن هذه التشوهات يمكن “حلها” بمساعدة متخصصي الرعاية الصحية .

– دافع المحافظين بقوة عن ما ورد بوثيقة الكرامة اللانهائية Dignitas Infinita في مسألة تأجير الأرحام علي حين  وُجه الليبراليون واللا دينيين إتهام للفاتيكان بشأن رأيه المبين بهذه الوثيقة الجديدة فالكنيسة لم تكن الجهة الفاعلة الوحيدة العابرة للحدود الوطنية التي أعربت عن قلقها بشأن الآثار المترتبة على تأجير الأرحام فووفقاً لليونيسيف فإن القانون الدولي الحالي لحقوق الإنسان “لا يوفر ضمانات تركز بشكل خاص على تأجير الأرحام المحلي والترتيبات الدولية لتأجير الأرحام مما يعرض الأطفال المولودين عن طريق تأجير الأرحام للخطر” , وعلى الرغم من شعبيتها المتزايدة فإن مؤسسة تأجير الأرحام العالمية موجودة في ظل ما أسماه مقرر الأمم المتحدة الخاص السابق المعني ببيع الأطفال واستغلالهم جنسياً “الفراغ التنظيمي الدولي” الذي “يترك الأطفال الذين يولدون بهذه الطريقة عرضة لانتهاكات حقوقهم” وحذرت يونيسيف من أن تأجير الأرحام “قد يصل في كثير من الأحيان إلى بيع الأطفال” وفي هذا قالت مود دي بوير بوكيتشيو المقررة الخاصة المعنية ببيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية في عام 2018 أثناء تقديمها تقريراً عن ظاهرة تأجير الأرحام إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف: “لا يوجد حق في إنجاب طفل بموجب القانون الدولي فالأطفال ليسوا سلعاً أو خدمات يمكن للدولة أن تضمنها أو تقدمها إنهم بشر ولهم حقوق” وقالت السيدة دي بوير بوكيتشيو: “إن تأجير الأرحام تجارياً كما يُمارس حالياً في بعض البلدان عادة ما يعادل بيع الأطفال”ويشير تحليل للترتيبات الدولية لتأجير الأرحام أجرته اليونيسف في فبراير 2022 إلى أن “الأطفال المولودين عن طريق تأجير الأرحام… معرضون لخطر انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان – لا سيما حقهم في الهوية بما في ذلك الاسم والجنسية والعلاقات الأسرية والوصول إلى الأصول والحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه والحق في عدم البيع , وحذرت اليونيسف من أن “القرارات قد يتخذها البالغون في حالات تأجير الأرحام وهي قرارات تمييزية على أساس إعاقة الطفل و/أو جنسه وتتعارض مع المصالح الفضلى للطفل باعتبارها الاعتبار الأسمى”.

– هناك قوى العلمانية تشكك في تأجير الأرحام النسويات المعاصرات القلقات بشأن الاستغلال المحتمل للنساء في المجتمعات الأقل ثراءً فهناك ناشطون نسويون يرين أن تحويل رحم المرأة إلى سلعة هو من صلاحيات المرأة مما يجعل تأجير الأرحام أثناء الحمل لا يختلف عن الأنواع الأخرى من عمل المرأة وخيارًا اقتصاديًا معقولًا للنساء في العالم النامي .

– كانت أوكرانيا هي المكان الأول للآباء الراغبين في العثور على نساء مستعدات لاستضافة حالات الحمل لكن الغزو الروسي أدى إلى اضطراب هذا السوق مما سلط الضوء على الطبيعة المحفوفة بالمخاطر لتأجير الأرحام الدولي حيث يتدافع الآباء المقصودون من المجتمعات الغنية لانتزاع “أمهاتهم” البديلات في اوكرانيا وهي منطقة حرب فمنذ فبراير عام 2022 وللآن وقد نقل العديد من الآباء الراغبين في الزواج أعمالهم إلى جمهورية التشيك أو جمهورية جورجيا السوفيتية السابقة حيث قوانين تأجير الأرحام مماثلة لتلك المعمول بها في أوكرانيا وهناك تشريع قيد المناقشة حاليًا في جورجيا لحظر تأجير الأرحام من أجل الربح  وتجري نقاشات جادة حالياً حول كيفية تنظيم صناعة تأجير الأرحام من دولة إلى أخرى ومن ولاية إلى أخرى داخل الولايات المتحدة  .

– هناك تقديرات تشير إلي أن التكلفة الإجمالية لتأجير الأرحام في كندا والولايات المتحدة يمكن أن تتراوح بين 120 ألف دولار إلى 250 ألف دولار إلا أن التكاليف يمكن أن تكون أقل بكثير في أماكن أخرى كالمكسيك وكولومبيا وغيرها من الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض حيث يمكن توفير تأجير الأرحام بحوالي نصف تكلفته في الولايات المتحدة مما يؤدي إلى تسريع التوسع في سياحة الخصوبة وتأجير الأرحام حيث يتسوق الآباء المحتملون من الدول الغنية حول العالم , ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن أكثر من 17% من الأشخاص في الدول ذات الدخل المرتفع يعانون الآن من العقم ويلقي الباحثين اللوم على التأخير في تكوين الأسرة بسبب الحياة المهنية أو نمط الحياة في بعض الصعوبات التي يواجهها الناس في الحمل وإنهاء الحمل كذلك من المتوقع أن يصل سوق تأجير الأرحام العالمي الذي تبلغ قيمته 14 مليار دولار في عام 2022 إلى 129 مليار دولار بحلول عام 2032 وفقًا لتقرير آخر صادرعن Global Market Insights  .

– في الولايات المتحدة قالت السكرتيرة الصحفية كارين جان بيير للبيت الأبيض الأمريكي أن الرئيس جو بايدن وهو كاثوليكي متدين “مسرور” لرؤية أن الإعلان “يعزز دعوة الفاتيكان لضمان حماية أفراد مجتمع المثليين من العنف والسجن في جميع أنحاء العالم”، وأنه فيما يتعلق بالتفاصيل المتعلقة بنظرية النوع الاجتماعي فليس من دور بايدن “التقاضي بشأن سياسة الكنيسة الداخلية” , فالإعتقاد الكنسي لدي الفاتيكان يؤكد أنه في حين ينبغي الترحيب بالأشخاص المتحولين جنسيًا في الكنيسة إلا أن ما يسمى بـ “أيديولوجيات النوع الاجتماعي” لا ينبغي أن يتم الترحيب بها ففي الوثيقة كرر الفاتيكان رفضه “لنظرية النوع الاجتماعي” أو فكرة أن جنس الفرد البيولوجي يمكن أن يتغير فالله سبحانه وتعالي خلق الرجل والمرأة ككائنات مختلفة ومنفصلة بيولوجيا ولذا يجب على الناس ألا يعبثوا بهذا أو يحاولوا أن “يجعلوا من أنفسهم إلها” فالوثيقة أشارت إلي أنه : “يترتب على ذلك أن أي تدخل لتغيير الجنس كقاعدة عامة يهدد الكرامة الفريدة التي اكتسبها الشخص منذ لحظة الحمل .

– علي مستوي الكنيسة الكاثوليكية الأمريكية أقر رئيس أساقفة واشنطن العاصمة  ويلتون جريجوري خلال زيارة إلى روما في 13 أبريل 2024 لحضور اجتماع مجلس إدارة المؤسسة البابوية والمشاركة في عشاء رئيس الجامعة في الكلية البابوية لأمريكا الشمالية حيث سيحصل على “جائزة رئيس الجامعة أقر وثيقة الكرامة اللانهائية Dignitas Infinita وقال ردًا على سؤال حول القضايا التي أثارتها منظمة DI : “أن الوثيقة تطرقت إلى عدد من القضايا “الساخنة” وأثارت جدلاً من مختلف الأطراف لكن إذا نظرت إلى الوثيقة ككل فإنها ليست وثيقة حول قضية محددة واحدة تتجاوز حقيقة أنها تعامل الأفراد البشريين على أنهم محترمون بطريقة لا يمكن استبدالها وأننا لا نفقد أبدًا كرامتنا تلك الكرامة التي أوكلها الله إلينا كما خلقنا وأن وثيقة الكرامة اللانهائية متواضعة في سياقها ولكنها أيضًا متجذرة بعمق جدًا في التعاليم الأخلاقية والأنثروبولوجية الكاثوليكية وأكد ثانية أن إعلان الفاتيكان الجديد بشأن الكرامة الإنسانية هو “على الأرجح الملخص الأكثر شمولاً” لتعاليم الكنيسة حول هذا الموضوع “الذي يمكن إصداره في هذا الوقت” , وباستخدام مثال لعقوبة الإعدام الواردة في وثيقة الكرامة اللانهائية أشار الكاردينال جريجوري إلى أن الكنيسة “تعزز باستمرار معارضتها لعقوبة الإعدام”وتتجه نحو موقف مفاده أن هذه العقوبة غير مبررة على الإطلاق فبالنسبة لعدد من الأشخاص ستكون هذه مشكلة” مع التأكيد على أن منظمة DI تصر على أنه حتى الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم بشعة “لم يفقدوا الكرامة التي كانوا يتمتعون بها منذ يوم ولادتهم”.

– وصف الكاردينال الأرجنتيني فيكتور مانويل فرنانديز الذي يرأس مكتب العقيدة بالفاتيكان وهو أحد المقربين من فرانسيس الوثيقة بأنها بمثابة إشارة إلى المحافظين بعد أن قام بتأليف وثيقة أكثر تفجرًا توافق على مباركة الأزواج المثليين ومع أنه أدلي يوم 12 أبريل 2024 بتصريحات تضمنت تعليقات إيجابية حول المثلية الجنسية إلا أنه شدد على الجوانب المناهضة للمتحولين جنسيًا في الوثيقة الجديدة أيضًا والتي أثارت انتقادات من الأساقفة المحافظين في جميع أنحاء العالم ، وخاصة في أفريقيا , وهو الذي ردد تأكيد البابا فرانسيس في مقابلة عام 2023 مع وكالة أسوشيتد برس قول البابا بأن “كونك مثليًا جنسيًا ليس جريمة” , ومع ذلك أثارت هذه الوثيقة الجديدة جدلاً في أوساط مجتمع الشواذ بالرغم من أنها تدين حقيقة أنه في بعض الأماكن يتعرض عدد غير قليل من الناس للسجن والتعذيب وحتى الحرمان من خيرات الحياة فقط بسبب ميولهم الجنسية باعتبارها تتعارض مع كرامة الإنسان”, وردا على سؤال حول كيفية توافق موقفه السلبي تجاه الأشخاص المتحولين جنسيا مع رسالة الترحيب التي وجهها البابا فرانسيس قال فرنانديز “إن الترحيب لا يزال قائما لكن البابا يعتقد بشدة أن فكرة أن الجنس مائع “بدلا من المساعدة في الاعتراف بالكرامة تضعف رؤية الرجل و امرأة تجتمع معًا لتخلق حياة جديدة ” , وشدد فرنانديز على إدانة وثيقة الكرامة اللانهائية Dignitas Infinita لنظرية النوع الاجتماعي والتحولات بين الجنسين حيث يري  أنها “تُفقر الرؤية الإنسانية” وبالتالي “لا تبدو فكرة زواج المثليين أو القضاء على الاختلافات مقبولة” وحول التحولات بين الجنسين قال الكاردينال : “[إنه ميل] إلى الرغبة في خلق الواقع” الذي يقود الإنسان إلى الشعور “بالقدرة المطلقة” والتفكير “بأنه بذكائه وإرادته قادر على بناء كل شيء كما لو لم يكن هناك شيء أمامه وخطورة القضية أنه عندما يتعلق الأمر بالأطفال الذين يخضعون لعلاجات جراحية أو هرمونية فإنه يجب أولاً “تنوير حريتهم” , وأشار إلى أن مناقشة هذه القضية قد تتطلب وثيقة خاصة بها تماما” , كما أشار الكاردينال فيرنانديز إلي مسألة إختلاف وجهات النظر فقال  في دفاع قوي عن سياسة الباب المفتوح التي إنتهجها البابا فرانسيس خاصة فيما يتعلق بالقرار الذي صاغه في ديسمبر2023 بدعم من البابا بالسماح بمباركة الأزواج المثليين وهو القرار أو السياسة التي تعرضت لانتقادات واسعة النطاق من قبل التقليديين بما في ذلك كبار رجال الدين في أفريقيا وأوروبا الشرقية لكن الكاردينال فرنانديز قال إنه لا ينبغي للكاثوليك أن يختاروا الأجزاء التي يجب أن يتبعوها من تعاليم البابا فرانسيس وتحدث الكاردينال البالغ من العمر 61 عامًا على وجه التحديد عن مجموعة كاثوليكية لم يذكر اسمها قال إنها دعمت الإجراءات القانونية القاسية الجديدة التي اتخذتها حكومة غير محددة ضد المثلية الجنسية وعندما سُئل مباشرة عن موقف الكنيسة الكاثوليكية من القوانين المناهضة للمثليين أجاب: “بالطبع نحن نؤيد إلغاء التجريم” , وفي سعي الكاردينال فرنانديز لمواجهة وجهة النظر التقليدية القائلة بأن البابا الحالي لا ينبغي أن يتعارض مع أسلافه أشار إلى أنه في القرن 15 عرض البابا نيكولاس الخامس صراحةً الإذن لملك البرتغال باستعباد الوثنيين وهو الموقف الذي تناقض مع البابا بولس الثالث بعد 80 عامًا .

– كذلك فيما يتعلق بمسألة تأجير الأرحام قال الكاردينال فيكتور مانويل فرنانديز أن البابا فرانسيس اتخذ موقفًا ضد ممارسة تأجير الأرحام فهو يري أنه من خلال ذلك يصبح الطفل ذو القيمة الكبيرة مجرد شيء فالطريق إلى السلام يتطلب احترام الحياة حياة كل إنسان بدءاً من حياة الجنين في بطن أمه والتي لا يمكن قمعها أو تحويلها إلى موضوع للاتجار وفي هذا الصدد قال الكاردينال فيرنانديز : “أرى أنه من المؤسف ممارسة ما يسمى بالأمومة البديلة التي تمثل انتهاكا خطيرا لكرامة المرأة والطفل على أساس استغلال حالات الأم لحاجاتها المادية الطفل دائمًا هو هدية وليس أساسًا لعقد تجاري أبدًا وبالتالي فإنني أعرب عن أملي في أن يبذل المجتمع الدولي جهداً لحظر هذه الممارسة عالمياً ” .

– قالت Abigail Favale وهي أستاذة وخبيرة في معهد ماكجراث للحياة الكنسية بجامعة نوتردام و مؤلفة كتاب نشأة النوع الاجتماعي ويقع عملها في نقطة تقاطع اللاهوت الكاثوليكي والأدب ودراسات المرأة واهتمامها الدائم ككاتبة وباحثة معنى بالمرأة وكرامتها ويستكشف عملها الاختلاف الجنسي والتجسيد في الخيال الكاثوليكي تصف وثيقة الكرامة اللانهائية Dignitas Infinita بقولها : أن “كل المحاولات لإخفاء الإشارة إلى الاختلافات الجنسية غير القابلة للإلغاء بين الرجل والمرأة يجب رفضها” باعتبارها “جملة صادمة” , وأشارت فافالي أيضًا إلى جملة مماثلة تؤكد أن “أي تدخل لتغيير الجنس” يهدد “الكرامة الفريدة التي اكتسبها الشخص منذ لحظة الحمل” باعتبارها حظرًا واضحًا ليس فقط للإجراءات الجراحية ولكن أيضًا للتدخلات الهرمونية التي تغير الخصائص الجنسية الثانوية وأضافت إلي أن “هذا خط واضح جدًا في الرمال أجده توضيحًا مرحبًا به من الفاتيكان لأنني أعتقد أن الممارسات الرعوية الفعالة لا يمكن أن تنشأ إلا من وضوح كهذا”  .

– أشادت جينيفر لال مؤسسة ورئيسة مركز الأخلاقيات الحيوية والثقافة بـ”البيان القوي” الذي كانت عليه وثيقة الكرامة اللانهائية  Dignitas Infinita في معارضة تأجير الأرحام وقالت إنها تأمل أن “يتبنى زعماء العالم الآخرون هذا الموقف”وأضافت أنها تقدر بشكل خاص الوثيقة التي تتناول النساء اللاتي يخترن أن يصبحن بديلات والتي “تعترف بأهمية رابطة الأم والطفل وأن المرأة لا ينبغي أن تكون أداة يستخدمها الآخرون بشكل إيثاري أو تجاري في الخلق وكرامة الإنسان الجديد.”

– فيما يتعلق بالإجهاض قال اللاهوتي الأخلاقي تشارلز كاموسي إن وثيقة Dignitas Infinita لم تقدم بالضرورة أي مبادئ جديدة لكنها ركزت على “تأكيدات جديدة تلك التي تعالج علامات جديدة لعصرنا” وعلى وجه الخصوص فإن استحضار الوثيقة لتحذير النبي إشعياء ضد أولئك الذين “يسمون الشر خيرًا والخير شرًا” هو استجابة مرحب بها “للحظة جديدة في تطرف الجدل حول الإجهاض” , وحث القراء “على إظهار الشجاعة في قول الحقيقة حول الإجهاض , لكنه قال إن معالجة الوثيقة للانتحار بمساعدة طبية والقتل الرحيم كانت “جيدة لكنها بصراحة ليست رائعة”وقال كاموسي “إن Dignitas Infinita كان يمكن أن تسلط الضوء على كيف أن الدفع من أجل “الموت بكرامة” لا يقتل الآن المرضى المصابين بأمراض خطيرة وميؤوس من شفائهم فحسب بل أيضًا أولئك الذين يعانون من أمراض خطيرة مع الخرف في المراحل المبكرة والمتوسطة , ثم أضاف قوله : “إن الوثيقة الكرامة اللانهائية التي تربط مبدأ الكرامة الإنسانية من خلال مجموعة من القضايا الاجتماعية التي عادة ما يراها المجتمع السائد على أنها غير ذات صلة فرصة للكاثوليك للتوقف عن الانتقاء والاختيار واحتضان التعاليم الاجتماعية للكنيسة” و “أعتقد أنها تدعو الأشخاص الذين دعموا البابا فرانسيس وتعليمه في بعض القضايا الأخرى المحورية في بابويته إلى إلقاء نظرة جديدة وأكثر صرامة على بعض القضايا التي قد يختلفون فيها ويواجهون تحديًا ولكن يبدو أن الجميع لم يقبل هذه الدعوة حيث وجهت المجموعات التقدمية توبيخًا حادًا للبابا بشأن قضية الكرامة الإلهية” .

– قالت مؤسسة التحرر من الدين الفاتيكان في 10 أبريل 2024 “إن هذه الوثيقة التي تم إصدارها في وقت تتعرض فيه حقوق المتحولين جنسياً والحقوق الإنجابية للهجوم بشكل متزايد تمثل تهديدًا سياسيًا هائلاً للديمقراطية العلمانية” وحذرت زميلة هذه المؤسسة والتي تعمل على تحقيق العدالة المتساوية كات جرانت قائلة “ليس هناك شك في أن مؤتمر الولايات المتحدة للأساقفة الكاثوليك سيستخدم هذه الوثيقة لزيادة هجماته السياسية على النساء ومجتمعات LGBTQIA plus” , وأوضحت هذه المؤسسة وجهة نظرها في الوثيقة فقالت : ” على الرغم من أن الوثيقة تدين ظاهريًا العنف ضد أفراد مجتمع المثليين إلا أنها تفشل في الاعتراف بالضرر والعنف الذي يواجهونه نتيجة لهذا النوع من الخطاب بالضبط. تضاعفت جرائم الكراهية ضد طلاب LGBTQIA plus في الولايات التي تم فيها إقرار قوانين مكافحة المتحولين جنسيًا أربع مرات في السنوات الأخيرة ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الخطاب العام الذي يشوه صورة الأشخاص المتحولين جنسيًا والذي يصل إلى الأطفال في سن المدرسة ويؤدي مثل هذا التشريع إلى خلق لاجئين جنسانيين ينتقلون إلى الولايات دون تشريعات عقابية تتدخل في عملية صنع القرار الأسري وبالفعل، تحظر 21 ولاية أمريكية رعاية الإجهاض أو تكاد تحظره – مما يخلق الفوضى والتوتر وعدم المساواة للعديد من الأمريكيين الذين يتعاملون مع حالات الحمل غير المرغوب فيه بل ويعرض صحتهم أو حياتهم للخطر – إن وصف التأكيد على النوع الاجتماعي والرعاية الإنجابية بأنه “انتهاكات جسيمة للكرامة الإنسانية” لا يؤدي إلا إلى زيادة خطر العنف للأشخاص الذين يبحثون عن هذه الرعاية، وأسرهم ومقدمي الخدمات الطبية لهم  .

– علقت صحيفة نيويورك تايمز بالقول : “أنه على الرغم من أن هذه خطوة واضحة إلى الوراء بالنسبة لمجتمع LGBTQ+ إلا أن محاولة الكنيسة الكاثوليكية تحقيق التوازن بين حماية الكرامة الإنسانية الشخصية وقيم الكنيسة المعلنة سابقًا باعتبارها حبلًا مشدودًا حاول البابا فرانسيس السير عليه خلال أكثر من 11 عامًا من توليه منصب البابا , فوثيقة الكرامة اللانهائية Dignitas Infinita تعبير عن أن تغيير الجنس هو تبرير للانتشار التعسفي للحقوق الجديدة وسوف يتصرف كما لو أن القدرة على التعبير عن وتحقيق كل تفضيل فردي أو رغبة ذاتية يجب ضمانها والإجماع هو أن القضاء على الفروق الجنسية يشكل تهديدا لبنية الأسرة النووية”  .

رأي منتقدي الوثيقة :

– رغم أن بابا الفاتيكان جعل من التواصل مع مجتمع LGBTQ+ سمة مميزة لبابويته  إلا أن المدافعين عن مجتمع الشواذ أو الـ LGBTQ + الكاثوليك إنتقدوا على الفور الوثيقة باعتبارها قديمة وضارة وتتعارض مع الهدف المعلن المتمثل في الاعتراف بـ “الكرامة اللامتناهية” لجميع أبناء الله. وحذروا من أنه قد يكون له آثار حقيقية على الأشخاص المتحولين جنسيًا، مما يؤدي إلى تأجيج العنف والتمييز ضد المتحولين جنسيًا , كما إنتقد المدافعون عن مجتمع LGBTQ+ الكاثوليك بشدة الوثيقة بسبب تقييماتها السلبية لـ “نظرية الجندر” و”تغيير الجنس” والتي تكشف عن فهم الفاتيكان المعيب للهوية الجنسية والفشل في إشراك الأشخاص المتحولين جنسيًا وغير ثنائيي الجنس في تطورها .

– انتقد المدافعون عن الشواذ LGBTQ + الكاثوليك على الفور الوثيقة باعتبارها قديمة وضارة وتتعارض مع الهدف المعلن المتمثل في الاعتراف بـ “الكرامة اللامتناهية” لجميع أبناء الله وحذروا من أنه قد يكون له آثار حقيقية على الأشخاص المتحولين جنسيًا مما قد يؤدي إلى تأجيج العنف والتمييز ضد المتحولين جنسيًا .

– تقدم الوثيقة “المفاجئة” تأكيدًا مقنعًا لتعاليم الكنيسة حول الجنس والنوع الاجتماعي وهو ما يصفه بعض الخبراء بأنه يغير قواعد اللعبة ففي الأسابيع التي سبقت نشر وثيقة الفاتيكان الجديدة حول الكرامة الإنسانية Dignitas Infinita تكهن البعض بأن النص من شأنه أن يرسل موجات من الصدمة في جميع أنحاء الكنيسة .

– يقول أحد المدافعين الكاثوليك البارزين عن مجتمع LGBTQ + في 12 أبريل 2024 إن إعلان الفاتيكان الأخير بشأن الهوية الجنسية يدعم الأفكار الرجعية التي تضر الأشخاص المتحولين جنسياً وغير الثنائيين , كما أنها في نظر أمثال هؤلاء تُعد في خضم الهجوم العالمي المثير للخلاف واللاإنسانية على هويات وتجارب المتحولين جنسياً  مؤيدة وداعمة لوجهة نظر ثنائية صارمة تجاه النوع الاجتماعي وكنتيجة ينظر إليها هؤلاء علي أنها خطوة إلى الوراء في رحلة الكنيسة لتصبح أكثر شمولاً وتأكيدًا للأشخاص من فئة LGBTQ+ .

– قال أندريا جريللو أستاذ اللاهوت المقدس في جامعة أنسيلميانوم وهي جامعة بابوية في روما : “إن الطريقة التي يتم بها تناول نظرية النوع الاجتماعي مردها مرجعية ذاتية ومتسرعة للغاية ولا تنقل تعقيد النظرية” , ومع أستاذ اللاهوت أعرب رجال الدين الكاثوليك الذين يخدمون مجتمع المتحولين جنسيًا عن استيائهم بشكل خاص من البيان بشأن “التدخل في تغيير الجنس”وقال بعض النشطاء إن مكتب الكاردينال فرنانديز كان يسعى إلى “استرضاء” منتقدي البابا المحافظين .

– قال فرانسيس ديبيرناردو من وزارة الطرق الجديدة New Ways Ministry ( وزارة الطرق الجديدة هي وزارة (هيئة) الدفاع والعدالة للكاثوليك من المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية التي أسستها عام 1977Jeannine Gramick ويقع مقر المنظمة الوطنية في المقام الأول في ولاية ماريلاند): “على الرغم من أن الوثيقة تقدم أساسًا منطقيًا رائعًا بشأن لماذا يجب احترام وتكريم ومحبة كل إنسان بغض النظر عن حالته في الحياة إلا أنه لا تطبق هذا المبدأ على الأشخاص المتنوعين جنسيًا” وعن LGBTQ + الكاثوليك وهو يري أن وثيقة الفاتيكان الجديدة Dignitas Infinita فشلت فشلاً ذريعاً من خلال تقديم كرامة إنسانية محدودة للأشخاص المتحولين جنسياً وغير الثنائيين وفي حين أنها قدمت مبررا رائعا لضرورة احترام وتكريم ومحبة كل إنسان بغض النظر عن حالته في الحياة لكنها لم تطبق هذا المبدأ على الأشخاص المتنوعين جنسيا ويبدو أن واضعي الوثيقة لم يستمعوا باهتمام إلى التجربة الحياتية للأشخاص الذين اكتشفوا غالبًا بعد رحلات مؤلمة ومعذبة أن الله خلقهم بشكل طبيعي بهوية جنسية تتجاوز التوقعات الاجتماعية وعادةً ما تعتمد على المظهر الجسدي , وأنه من خلال رفض هذا الوعي المتزايد بحقائق النوع الاجتماعي باعتباره “نظرية جنسانية” يتخلى واضعي هذه الوثيقة عن مسؤوليتهم في الحفاظ على كرامة الأشخاص المتحولين جنسيًا وغير ثنائيي الجنس من خلال التصنيف المتعجرف لإدماج LGBTQ+ كظاهرة غربية مفروضة بطريقة استعمارية على الثقافات الأخرى فهم يتجاهلون الحقيقة الأنثروبولوجية التي وثقها العديد من العلماء حتى قبل يومنا هذا وهي أن الثقافات في جميع أنحاء العالم وعلى مر التاريخ قد اعترفت بالهويات الجنسية واحتفلت بها بما يتجاوز التاريخ وادعاءات الكنيسة بوجود ثنائي بين الجنسين بين الذكر والأنثى , إن الفاتيكان مرة أخرى يدعم وينشر الأفكار التي تؤدي إلى ضرر جسدي حقيقي للمتحولين جنسيًا وغير ثنائيي الجنس وغيرهم من الأشخاص من مجتمع المثليين فهم يتضررون من العنف ذاته الذي تدينه هذه الوثيقة بأشكاله الاقتصادية والنفسية والروحية والاجتماعية والأكثر مأساوية الجسدية مما يؤدي إلى أضرار جسيمة تؤدي في كثير من الأحيان إلى الموت وفي حين أن مسؤولي الفاتيكان لا يفهمون بعد الكرامة المطلقة للأشخاص المتحولين جنسياً وغير الثنائيين فإن المؤمنين الكاثوليك قد فعلوا ذلك بالفعل فقد أصبح الكاثوليك وخاصة العلمانيين وحتى بعض الأساقفة يعرفون ويقبلون ويحبون الأشخاص ذوي الهويات الجنسية المتنوعة مثل العديد من الأمثلة في الماضي سيدعو المؤمنون الإيجابيون من مجتمع LGBTQ مسؤولي الكنيسة إلى تطبيق التعاليم الاجتماعية الكاثوليكية بشكل أفضل على حقائق النوع الاجتماعي والهويات الجنسية اليوم”.

– كما قالت نيكوليت بورباخ الخبيرة الرئيسية في العدالة الاجتماعية والبيئية في المركز اليسوعي بلندن إن الوثيقة أظهرت أن الفاتيكان يواصل فشله في التعامل مع المقاربات النسوية تجاه الجسد “ فهو بهذه الوثيقة يرفضها ببساطة كونها تُخضع الجسد والكرامة الإنسانية نفسها” لأهواء البشر” و “أعتقد أن الصعوبة الرئيسية التي تواجهها الوثيقة هي أنها تحاول تأكيد التزام الكنيسة الحقيقي بالكرامة الإنسانية في مواجهة تاريخ مثير للقلق من جانب الكنيسة نفسها حول الهجمات على تلك الكرامة”.

– قال ستيفن وايت المدير التنفيذي للمشروع الكاثوليكي في الجامعة الكاثوليكية الأمريكية حول النص الجديد: “إن أي شخص يبحث – بأمل أو خوف – عن بعض الثورة في عقيدة الكنيسة لن يجدها هنا”.

– قال إينوسينزو بونتيلو الناشط الكاثوليكي المثلي في فلورنسا والذي انضم إلى اتحاد مثلي: “لم يكن التقليديون راضين عن البركات [للمثليين] لذا استرضتهم الكنيسة بهذه الطريقة” “لا تزال الكنيسة متعثرة بشأن هذه المواضيع. … هذه هي الخصوصية في كنيسة فرانسيس أي نهجه الرعوي يستقبلك بشكل طيب ولا تلبث بعد ذلك فتقرأ أشياء مثل هذه الوثيقة فتشعر بالخجل  .

– أشارت صحيفة WSJوول ستريت جورنال الأمريكية بعد إعلان هذه الوثيقة فقالت : ” من المرجح أن يتبنى المحافظون هذه الوثيقة ويثيرون الذعر بين مجتمع المثليين المدافعون الذين يخشون أن يتم استخدامها كهراوة ضد المتحولين جنسياً ” .

– ركزت وثيقة الكرامة اللانهائية على موضوع انتقده البابا فرانسيس كثيرًا الفقر وقد أعلن زعماء العالم عن أرقام أظهرت انخفاضا في الفقر العالمي لكن منتقدي هذه الوثيقة يقولون أن الفاتيكان قال إن هذا لا يأخذ في الاعتباراتساع فجوة التفاوت واكتناز الثروة من قبل قلة من الناس تنتقد الوثيقة مرة أخرى ثقافة المستهلك والشركات – التي توصف بأنها “إمبراطورية المال” – التي تعمل على تقليص عدد الموظفين سعياً لتحقيق أرباح أعلى فالوثيقة ذكرت أن “الادعاء بأن العالم الحديث قد قلل من الفقر يتم من خلال قياس الفقر بمعايير من الماضي لا تتوافق مع حقائق الوقت الحاضر” “ونتيجة لذلك يمكن أن يتخذ الفقر مجموعة متنوعة من الأشكال مثل الهوس بخفض تكاليف العمالة دون الاهتمام بعواقبه الوخيمة” .

– قال جيمي مانسون من منظمة الكاثوليك من أجل الاختياروهي جماعة لا يعترف بها زعماء الكنيسة كاثوليكية : “نحن لا نصدق أن النساء اللاتي يخترن الإجهاض والكاثوليك الذين يدعمون حقوق الإجهاض هم “أشرار” كما تشير هذه الوثيقة” وأضاف “إذا أمضى البابا فرانسيس جزءًا من وقته في مقابلة الناس بشأن هذه القضية كما يفعل مع الآخرين فإننا نعتقد أنه سيبدأ أيضًا في رؤية التعقيدات”.

– قال فرانسيس ديبيرناردو مدير وزارة الطرق الجديدة (منظمة غير حكومية) أن منظمته تعرضت  لانتقادات من قبل المؤتمر الأمريكي للأساقفة الكاثوليك على الرغم من أن البابا فرانسيس التقى مؤخرًا بأحد الأشخاص وأوضح قوله “يدعم الفاتيكان وينشر مرة أخرى الأفكار التي تؤدي إلى ضرر جسدي حقيقي للمتحولين جنسيًا وغير ثنائيي الجنس وغيرهم من الأشخاص من مجتمع المثليين”.

– قال مايكل سينيت وهو رجل كاثوليكي متحول جنسيًا وعضو المجلس الاستشاري لوزارة الطرق الجديدة لوكالة أسوشيتد برس في 13 أبريل 2024:”إن تجنب كلمة “متحول جنسيًا” يشير إلى الحد من كرامة الأشخاص المتحولين جنسيًا فإذا كانت الكنيسة غير قادرة على تسميتها أو الاعتراف بذواتنا الحقيقية فلن تتمكن من إشراكنا رعويًا حتى لو كان هذا هو الهدف فالأشخاص المتحولون الذين يتناولون الهرمونات أو يقومون بعمليات جراحية لا يلعبون دور الله؛ نحن نحترم ونقبل ذواتنا الحقيقية لقد أثبتت الدراسات مرارًا وتكرارًا التأثير السلبي على الأشخاص المتحولين جنسيًا والشباب والبالغين الذين يُحرمون من الرعاية المؤكدة , إن التحول ليس أجندة طبية لتجنيد الأشخاص بل هو شريان الحياة , كذلك أفادت إمرأة وكالة أسوشيتد برس فقالت : باعتباري امرأة متحولة جنسيًا أخبرتني هذه الوثيقة أنني ألعب دور الرب وأسيء استخدام حريتي الأخلاقية وهذه ليست حقيقة حياتي إن اختياري للانتقال وتأكيد جنسي كان متجذرًا في بحثي عن الكرامة الوجودية والكرامة الاجتماعية وبالنسبة للوثيقة التي تدين عقوبة الإعدام فلا يسعني إلا أن أحزن على مفارقة قادة الكنيسة الذين يريدون أن يحكموا عليّ وعلى آخرين مثلي بحياة تتجه نحو أزمة خطيرة في الصحة العقلية بدلاً من إعطائي الكرامة الأخلاقية إنني أتمنى أن يرى الفاتيكان كرامتي غير القابلة للتصرف ويتحرك باحترام وحب لنا نحن المتحولين جنسيًا وغير ثنائيي الجنس”.

الـــــتقــــديــــر :

في الــــتقـــديــــر أنه :

– رغــم أن وثــــيـــقــة الــكـــرامـــة اللانــــهـــائية  Infinite Dignity خـطـوة مـحدودة في نظر المحافظين بالكنيسة الكاثوليكية إلا أنها كافية – علي الأقل في المدي المـــظــور – في وقف تآكل نمو الكنيسة الكاثوليكية في أفريقيا بسبب تمادي الفاتيكان في إتخاذ وتبني سياسات ووجهات نظر يشيع أنها تقدمية خاصة فيما يتعلق بـ الشواذ أو المثليين LGBTQ + وقضايا مهمة وحيوية فقد كرر الفاتيكان رفضه لنظرية النوع الاجتماعي أو فكرة أن الجنس البيولوجي للفرد يمكن أن يتغير فقال إن الله خلق الرجل والمرأة ككائنات مختلفة ومنفصلة بيولوجيا وأنه يجب على الناس ألا يعبثوا بهذا أو يحاولوا أن “يجعلوا من أنفسهم إلها” فقد جاء في وثيقة الكرامة اللانهائية  : “يترتب على ذلك أن أي تدخل لتغيير الجنس كقاعدة عامة يهدد الكرامة الفريدة التي اكتسبها الشخص منذ لحظة الحمل” وأعتقد أن ذلك يُعد أحد أشد الانتقادات حتى الآن للسلوكيات التي تعتبرها الكنيسة الكاثوليكية غير أخلاقية كذلك ميزت الوثيقة بين العمليات الجراحية المؤكدة للجنس والتي رفضتها الوثيقة و”التشوهات التناسلية” التي تكون موجودة عند الولادة أو تتطور لاحقًا وقالت إن هذه التشوهات يمكن “حلها” بمساعدة متخصصي الرعاية الصحية  .

– أن إصدار الـــفـــاتــيــكان وثــيــقــة الـــكرامــة اللانـــهـــائية Infinite Dignity بقدر ما هي محاولة لتوضيح موقف الكنيسة من القضايا الأخلاقية المثيرة للخلاف والجدل مع تزايد الاستقطاب بين الكاثوليك التقدميين والمحافظين بقدر ما تــعـــتبـر مـــحـــاولة مـــتدرجـــة في التقدم نحو العـــودة إلي المحافظة علي وحدة الكنيسة عالمياً وداخل الفاتيكان نفسه الذي بقدر ما تجرأ وأقتحم فضاء التقدمية والراديكلية وأتخذ قرارات وتبني سياسات غير معهودة لإرضاء والتماهي مع أصحاب الفكر الراديكالي التقدمي في كنيسة الفاتيكان مما أحدث شروخ وتصدعات في الكنيسة داخلياً وعالمياً خاصة في أفريقيا , وكنتيجة فإن إصدار وثيقة الكرامة النهائية Infinite Dignity في 8 أبريل 2024لا تمثل تراجعا بقدر ما تعد دفاعاً مشروعاً عن النفس لجأت إليه الكنيسة لإستعادة وحدتها وتماسكها .

– أن الإعلام الغربي – والذي يسيطر عليه اليهود – أصحاب ثأر قديم مع الكنيسة الكاثوليكية وهم ئأي اليهود عازمـــون علي الــمــضي في تحطيمها من الداخل والخارج بإتخاذ قرارات يصفها البعض ممن يصفون الباطل بأنه حق وهم ممن يستعملهم الصهاينة لتحطيم العقيدة المسيحية والدين الإسلامي في مواجهتهم السرمدية للأغـــيــار فمثلا في مايو1964 أتخذت لجنة الإتحاد العالمي اللوثري للإرساليات العالمية قراراً يقول أن اللاسامية” شكل شيطاني ضد إله إبراهــيــم وإسحاق ويـــعــقوب وأنها رفض للمسيح اليهودي موجه لشعبه ” وهكذا أصبح إنتقاد اليهود ثورة علي الله ورفضاً للمسيح موجهاً إلي شعبه اليهودي ( هذا الشعب الذي مازال ينكر المسيح ولا يعترف به ولكنه في الوقت ذاته يريد أن يستغله أكبرإستغلال علماً بأن الشعب اليهودي ليس هو شعب السيد المسيح فشعبه البشرية جمعاء التي حمل رسالته إليها .

معروف تاريخياً أن الحركة الصهيونية ومن شايعها نشطت في الفترة التي سبقت إنعقاد المجمع المسكوني عام 1963 وفي الفترة التي أنقضت بين إنعقاد دورات المجمع الأربع وكان هذا النشاط يرمي إلي :

* إثارة الرأي الـــعام ضد البابا بيوس الـ12 وبالتالي ضد الفاتيكان لموقفه المزعوم من إضطهاد النازي لليهود  والغاية كانت الحصول علي بيان من المجمع المسكوني يساعد الحركة الصهيونية في تحقيق أطماعها في فلسطين .

* الزج برجال الكنيسة الكاثوليكية في القضية الصهيونية والفوز بتأييبدهم أمام شعوبهم

* تفسير الكتاب المقدس أو تحريفه تفسيراً أو تحريفاًيؤدي إلي إعادة كتابة دور اليهود في إضطهاد المسيحيين الأوائل وخاصة فيما يتعلق بموضوع صلب السيد المسيح .

– رغم أن الفاتيكان أصدر وثيقة تبرئة اليهود من دم المسيح في 18 نوفمبر1964إلا أنه لا يجب أن نغفل أن بابا الفايكان في أوائل مارس 1965 ألقي موعظة في كنيسة سانتا ماريا في روما قال فيها ” إنها صفحة خطيرة ومحزنة . إنها تصف في الواقع الإصطدام بين المسيح والشعب اليهودي فذلك الشعب الذي كان مقدراً له أن يستقبل المسيح في الوقت المناسب عندما جاء المسيح وتكلم وعرض نفسه , ذلك الشعب لم يكتف بأنه لم يعترف به , بل وحاربه وأهانه وآذاه وفي النهاية قتله ” , وقد آلمت هذه العبارات اليهود وتراجع الفاتيكان بأن وصف هذه العبارات بأنها زلة لسان , ففي كل الأحوال يجب أن نقرر أن تراجع البابا عن ما ورد بموعظته بشأن اليهود أو إعلان تبرئة اليهود الذي صدر عن الفاتيكان عام1964 لا يلغي أو يمحو ما أورده التاريخ بشأن عدم صفاء سماء علاقة اليهود بالمسيحية عامة والفاتيكان خاصة , فالصهاينة ماضون في إختراق حاضرة الفاتيكان لأسبا عدة لا مقام لبيانها هنا ولكن الصاينة يشهرون في وجه كنيسة الفاتيكان سلاح الإعلام وهم دائماً علي أهبة الإستعداد لوأد أي إصلاح كنسي حقيقي أو العودة المبرأة لأصول العقيدة , ولهذا سرعان ما قوبلت وثيقة الكرامة اللانهائية  Dignitas Infinita بهذا الكم الهائل من الهجوم الفاجر المتغطرس .

– لم تكن وثيقة الكـرامــة اللانـــهــائية إنــقـــلاباً في إستراتيجية وسياسات الفاتيكان العقائدية وبالتالي فلم تكن كذلك ثورة بل بياناً وتصويباً جزئـــيــاً لبعض الجوانب الأخلاقية التي تتماس مع العقيدة المسيحية ومحاولة إحداث تجانس بين هذه الجوانب الأخلاقية ومجمل الرؤية العقائدية لعلاقة البشر مع الله سبحانه وتعالي إلا أن غالبية الإعلام الغربي المُــــدار لحساب بعض النخب سارع في شن حملة هجوم وإنتقاد يبدو أنها كانت علي أهبة الإستعداد بمجرد صدور وثيقة الكرامة اللانهائية يوم 8 أبريل 2024 .

السؤال الضروري الآن هو : هل يمضي الفاتيكان فيحول هذه الوثيقة التصويبية لبعض الجوانب الأخلاقية إلي ثورة رشيدة تعيد الصواب للفكر العقائدي المسيحي المُحافظ علي حرمة وإحترام العقيدة المسيحية وإيداعها ثانية في أرواح ونفوس معتنقيها أم سيكتفي الفاتيكان بذلك ويعود إدراجه لينسحب داخل أروقة الفاتيكان الحصينة ويتمترس فيها مرة أخري مكتفياً بهذا المــيل المحدود وكفي الله المؤمنين القتال وهو أمـــر في الــواقع لن يكون كـــافـــيــاً إذ يقول الله سبحانه وتعالي في مـحكـم آيات القرآن الكــريــم :

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا﴾ [النساء: 137]

صدق الله العظيم  .

الــــــســــفــــيــــر : بــــــــلال الــمـــصــــري –

حصريا المركز الديمقراطي العربي – الــــقــــاهــــرة / تـــحــــريــــراً في 16 أبريل 2024

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى