الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثية

ساوتومي وبرنسيب : طريقها الوعر نحو الثروة البترولية

اعداد السفير بلال المصري – ســفــيــر مصر الـسابق في أنجولا وساوتومي والنيجر – مدير المركز الديمقراطي العربي – مصر – القاهرة

  • المركز الديمقراطي العربي

 

شاركت في مؤتمر “المائدة المُستديرة” الذي دعت إليه حكومة ساوتومي وبرنسيب Sao Tome et Principe الدول المانحة لها ومنها مصر للمشاركة في أعماله وذلك في الفترة من 4 إلي 8 ديسمبر 2006 , وكنت قبل وصولي لساوتومي وبصفتي سفيراً مُعتمداً غير مُقيم بها , قد إتصلت هاتفياً من مكتبي بسفارة مصر بأنجولا بالرئاسة السانتومية لتحديد موعد للقاء رئيس جمهورية ساوتومي وبرنسيب Fradique de Menezes (من كبار الملاك لمزارع الكاكاو بساوتومي ومن أصل برتغالي وكان مُجنداً بجيش الإحتلال البرتغالي لساوتومي) لبحث وسائل تعزيز العلاقات الثنائية مع مصر في إطار تنفيذ مُقترح سبق وتقدمت به في مُستهل عام 2004 للسيد السفير أحمد أبو الغيط وزير الخارجية الأسبق للنظر في الموافقة علي الترخيص للسفراء المصريين المعتمدين لدي بعض الدول التي لا توجد لمصر بها سفارة مُقيمة لزيارتها للقيام بمهمات رسمية لمرتين علي الأقل سنوياً لهذه الدول حتي تتمكن مصر من الإستفادة بأقصي ما يمكن لسفراءها من علاقاتها الثنائية بهذه الدول التي لاشك تُعد مهمة علي الأقل من الوجهة التصويتية بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية الأخري وكان أمر علاقة مصر بهذه الدول لا يتجاوز زيارة واحدة يقوم بها السفير المصري لتقديم أوراق إعتماده لرئيس الجمهورية وقد يقوم أو لا يقوم بزيارة أخري في نهاية عمله بعد أربع سنوات لتوديع رئيس الجمهورية وكبار المسئوليين في زيارة قصيرة جداً وهو ما لا يمكن معه بالطبع جني أي ثمار من علاقات هذا هو حدها الزمني الأقصي من الإتصال , وبالفعل فقد وافق سيادته علي هذا المُقترح وتابع تنفيذه , وفي هذا الإطارإلتقيت رئيس جمهورية ساوتومي بعد مشاركتي في أعمال مؤتمر المائدة المُستديرة المُشار إليه والذي كان أول مؤتمر من نوعه تعقده حكومة بجمهورية ساوتومي وبرنسيب منذ إستقلالها عن البرتغال في 12 يوليو 1975 , وهي جمهورية أفريقية تبلغ مساحة جزيريتها ساوتومي وبرنسيب علي التوالي 859 كم مربع و142 كم مربع ومجموع سواحلها 209 كم ويبعد ساحلها عن الساحل الأفريقي بحوالي 350 كم , وهي مُقسمة إدارياً إلي 6 مناطق إضافة إلي جزيرة PRINCIPE المُتمتعة بنظام التسيير الذاتي , ويبلغ عدد سكان الجزيرتين وفقاً لتعداد 2001 نحو 137,599 ألف نسمة بمعدل نمو سنوي قدره 1,59%  (يبلغ تعداد هذا البلد حالياً حوالي 200,000نسمة) ويعيش في العاصمة ساوتومي 49,957 ألف نسمة أي 37% من مجموع سكانها *(كُتيب أصدرته حكومة ساوتومي بمناسبة عقد مؤتمر المائدة المُستديرة في ديسمبر 2006)  .

إلتقيت بعد أن شاركت في مؤتمر المائدة المُستديرة عصر 8 ديسمبر 2006 بالرئيسFradique de Menezes , وقد تناول سيادته أمر العلاقات الثنائية مع مصر ثم عرج إلي موضوع مؤتمر المائدة المُستديرة بمشاركة برنامج الأمم المتحدة للتنمية UNDP وشكر لمصر مشاركتها من خلالي في هذا المؤتمر وهي المرة الأولي التي تشارك مصر في حدث تنظمه الحكومة منذ إنشاء العلاقات الدبلوماسية معها عام 1975 , وقال أنه يهمه أن يوضح وجهة نظره في هذا المؤتمر وهو أنه ” لم يكن مُتحمساً لتنظيمه لتوقعه بعدم جدواه فمؤتمرات الموائد المُستديرة كانت مُثمرة في ثمانينات القرن الماضي , وبإعتباره سفير سابق لبلاده في بلجيكا يعلم أن الزمن الراهن وما طرأ عليه من مُتغيرات مُختلفة , لا يوفر فرصاً لنجاح مؤتمر كهذا , إذ أن المشاركين من السفراء ومع كامل الإحترام لهم فهم غير مُفوضين للإلتزام في جلساته بالمساهمة المالية دعماً لبلاده , هذا بالإضافة إلي أن كل سفير يُمثل دولة ما يعبر عن مصالح مختلفة عن مصالح سفراء الدول الأخري ” , ثم أعرب عن دهشته من طلب أنجولا عقد  مؤتمر للدول المانحة لإعادة إعمار أنجولا بالرغم من أن عوائد البترول التي تدخل خزانتها تتجاوز 26 مليار دولار هذا العام فكيف ببلاده التي لا تملك شيئاً ؟ , وأشار سيادته أنه يُفضل الإتصالات الثنائية بمعني أن يقوم وزير خارجية ساوتومي مثلاً بزيارات لبعض الدول ومنها مصر ومعه ملف بمشروع مُحدد التكلفة والعائد تُشارك مصر فيه , وأشرت لسيادته أنني كما يعلم سيادته أرتب بالفعل لزيارة لوزير خارجية ساوتومي هي الأولي منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا لمصر , ثم سألني رأيي وبصراحة عن المؤتمر المُشار إليه فقلت لسيادته أن الدول المانحة في أغلبها لا تعطي كما أشرتم إلا بمقابل , كذلك فالمانحون المُحتملون لساوتومي يضعون البترول السانتومي نصب أعينهم , ولأنه حتي الآن مورد مُؤجل إستغلاله حتي عام 2013 – كما أعلنت في هذه الآونة شركات البترول العاملة بساوتومي وفي مُقدمتها Chevron الأمريكية – لذلك فالمؤتمر لن يحقق عملياً ما عُلق عليه من آمال تحقيق الإزدهار  التي لطالما مني بها ساسة ساوتومي وبرنسيب شعب هذه الجمهورية الصغيرة الواقعة علي جزيرتين مساحتهما حوالي 1000 كم مربع فقط في حملاتهم الإنتخابية المُتتابعة علي الثروة البترولية المُحتملة  .

بعد مفاوضات بدأت عام 1999 بين ساوتومي ونيجيريا لتحديد المنطقة الإقتصادية المُشتركة بينهما في مياه خليج غينيا إنتهت بتوقيع إتفاقية فيAbuja  – مدتها 45 عاماً يمكن إعادة التفاوض بشأنها بعد 30 عاماً – في  21 فبراير 2001 وقضت هذه الإتفاقية فيما نصت عليه بإقامة منطقة إقتصادية مُشتركة بين البلدين ومجلس وزاري مُشترك يتولي المسئولية السياسية عن هذه المنطقة وكذلك نصت هذه الإتفاقية علي إقتسام الفوائد الناجمة عن إستغلال الموارد البترولية وغير البترولية بهذه المنطقة بنسبة 40% لساوتومي و60% لنيجيريا وذلك بواسطة سلطة تنمية المنطقة المُشتركةJDZ  ومقرها Abuja (هناك إتهامات بالفساد في مشروع بناء هذا المقر مما ألزم لجنة مُنبثقة عن المجلس الوزاري المُشترك بالتحقيق والتي خلصت إلي أن المقاول هو الذي لم يف بتعهداته) , لكن ظلت منطقة التنمية المُشتركة وهذه السلطة التي تُعني بإدارتها غير مُنتجتين لما يزيد عن 15 عاماً مُتصلة , وبالتالي فمازال امر ما يزيد عن 500 مليون برميل من الإحتياطي البترولي الخام لا سبيل لإستغلاله بعد حيث أن هذه المنطقة مُتوقفة عن الإنتاج خلال هذه الفترة الطويلة رغم ان شركات عديدة تزاحمت أمام حكومة ساوتومي لتظفر بإتفاق يجيز لها حقوق الإستكشاف والإستغلال البترولي لكن هذه الشركات نفسها ما لبثت وأن تراجعت بعد أن إكتشفت عدداً كبيراً من الآبار الجافة فعزفت بعدها عن العمل  بهذه المنطقة , ولقد أشارت وحدة المعلومات الإقتصادية الإستخباراتية Economist Intelligence Unit في نشرتها التي نشرت جزء منها وكالة الأنباء البرتغاليةLUSA  علي موقعها في 3 سبتمبر 2016   إلي أن كل من غينيا الإستوائية وساوتومي وبرنسيب ستواجهان في البيئة الحالية السائدة صعوبات في جذب المُستثمرين للعمل في مجال الإستكشاف البيرولي نتيجة تدني أسعار البترول لأن التوقعات بشأنها غير يقينية إذ أن السلطة المُشتركة المعنية بإستغلال الثروة البترولية الكامنة في قاع خليج غينيا بمنطقة التنمية المُشتركة بين نيجيريا وساوتومي البالغ مساحتها34,500 كم مربع والتي حتي عام 2010 كانت الشركات الأمريكية تحوز 75% من حقوق الإكتشاف والإستغلال البترولي بها , لكن هذه السلطة المُشتركة لم تفعل شيئاً كما أشرت , ومن فرط الحديث عن هذه الثروة المُحتملة توزعت هذه الآمال المُتسربة من توقعات السياسيين عن الثروة البترولية إلي العقل الجمعي للسكان الذين أعدوا أنفسهم لحياة تماثل حياة الشعب الأنجولي التي تحققت بالعوائد البترولية الناتجة عن إنتاج أنجولا لحوالي 2 مليون برميل / يوم , لكن حتي يومنا هذا لم تصل توقعات الثروة البترولية في ساوتومي رغم فرط الحديث عنها إلي حيز الواقع , ومازالت معظم عوائد الخزانة العامة لساوتومي مصدرها الرئيسي  المكافآت التي تتلقاها الحكومة نظير توقيعها علي إتفاقيات مع شركات الإستكشاف والإستغلال البترول أو ما يُعرف بـ  Signature bonuses , ومعظم هذه الإتفاقيات تتعلق بالعمل الإستكشافي في منطقة التنمية المُشتركة JDZ البحرية بخليج غينيا بين نيجيريا وساوتومي التي إُنشأت عام 2001 بعد تفاوض بدأ عام 2000 وذلك تسوية لنزاع إستمر بين البلدين بشأن حقوق الإستغلال المُحتمل بهذه المنطقة التي تديرها هيئة مُشتركة JDA تابعة ومُفوضة من حكومتي نيجيريا وساوتومي وهذه الهيئة بلغ مُجمل ميزانيتها فيما بين 2004 حتي 2013 مبلغ 117 مليون دولار تساهم ساوتومي بنحو 47 مليون دولار (أي 40% من مجملها) وتساهم نيجيريا بالباقي , ولقد دخل الخزانة العامة لساوتومي فيما بين 2003 حتي 2013 مبلغ 60 مليون دولار نظير التوقيع علي إتفاقيات الإستكشاف بالمنطقة البحرية المُشتركة وهو عائد لا يكفي إقالة عثرة إقتصاد هذا البلد الفقير الذي كان إبان عهد الإستعمار البرتغالي يعد من بين المنتجين الرئيسيين للبن والكاكاو وهما مصدران تناقصا بشكل ملحوظ وتدريجياً بعد حصول ساوتومي علي إستقلالها عن البرتغال عام 1975 , ولم تتلق ساوتومي منذ عام 2011سوي 9 مليون دولار مكافأة توقيع مع ثلاث شركات بترول للإستكشاف بالمنطقة الإقتصادية الخالصة لساوتومي Exclusive Economic Zone * (التقرير الأول الصادر عن مبادرة الشفافية للصناعات الإستخراجية EITI بساوتومي) كما أن هذه النوعية من العوائد وفقاً لتقرير أعده ونشره صندوق النقد الدولي عن الإقتصاد السانتومي وعن بعض المُؤشرات الإقتصادية ذات الصلة به عن الفترة ما بين عام 2015 وحتي 2020 أشار إلي أن هذه العوائد كانت علي الوجه التالي 10,3 إلي 11,5 مليون دولار عن عامي 2015 و2016, ووفقاً للعقود المُوقعة فإن شركات البترول العاملة بمنطقة التنمية المُشتركة قامت بتنفيذ بعض المشروعات الإجتماعية قيمتها 3,6 مليون دولار منها علي سبيل المثال إقامة مُستشفي بجزيرة Príncipe وغيرها , لكن وبالرغم من ذلك فلم يبد بعد ان شيئاً أكثر من العوائد المتواضعة الناتجة عن مكافآت التوقيع  قد تحقق , ومما يؤكد تناقص الآمال المعقودة علي البترول أن شركة Chevron أصدرت في 26 مايو 2006 بياناً صحفياً أعلنت من خلاله نتيجة حفرها للبئر الإستكشافي بالقطاع رقم (1) في  بئر Obo-1 وهو الأول لها بمنطقة التنمية المُشتركةJDZ  بين نيجيريا وساوتومي وكانت إيجابية فقد وُجد الهيدروكربون به علي عمق 5,640 قدم وعلي مسافة تبعد 190 ميل شمال ساوتومي و125 ميل عن ميناء Harcourt بنيجيريا ولشركةChevron 51% من الحقوق لهذا القطاع فيما لشركة ExxonMobil Corp 40% ولشركة Dangote Energy Equity Resources Ltd 9%, وقد وُجد الهيدروكربون بهذا البئر بطبقة لا يقل سمكها 150عن قدم وأشار البيان إلي أنه من المُبكر تحديد إذا ما كانت الكميات تجارية أم لا , فيما أشار مدير Chevron بساوتومي Tim Parsons أن البئر به مناطق قليلة حاملة للبترول وأن الأمر يستدعي نضالاً حتي تصل هذه الكميات إلي أن تكون تجارية  * ( برقية مُسربة صادرة عن السفارة الأمريكية بالجابون بتاريخ 14 يونيو 2006تحت رقم LIBREVILLE391 نشرها موقع  WikiLeaks وكان موضوعها البترول والغاز الطبيعي بالجابون وساوتومي) , لكن البرقية من جهة أخري أشارت إلي أن الشركة ستبحث – بناء علي النتائج – ما إذا كان هناك مُبرر كاف لحفر بئر ثان وأن ذلك الحفر من المُحتمل ألا يكون لن قبل منتصف عام 2007 , ونوه السيد Parsons إلي أن شركته لو قررت التخلي عن القطاع رقم (1) في المستقبل فسيكون من غير المُحتمل من الوجهة الإقتصادية أن تأتي أي شركة بترول أخري سواء أكانت صغيرة أم كبيرة للعمل به , من جهة أخري أشارت نفس هذه البرقية إلي أن شركة ERHC للبترول ثارت بشأنها إشاعات تدعمها وثائق نُشرت علي موقع هذه الشركة تفيد بأن ERHC تجري تحريات عنها نتيجة طلب المدعي العام لساوتومي بعد الجولة الثانية للمزادات المُتعلقة بالقطاعات الواقعة بمنطقة التنمية المُشتركة JDZ , وفي هذا أشار السيد Parsons إلي أن شركة ERHC حققت أرباح نتيجة عملية بيع ما تستحوذ عليه من أنصبة بمنطقة التنمية المُشتركة لشركات Addax و Sinopec و WALKLEY النيوزيلاندية للبترول  في القطاعات أرقام 2 و 3 و 4 , وقد صدق ما توقعه مدير Chevron في ساوتومي عام 206 بشأن عدم تجارية الإنتاج من القطاع رقم (1) مما حدا بشركته إلي بيع نصيبها فيه   لشركة Total الفرنسية التي أعلنت بدورها في 10 سبتمبر 2013عن تركها لهذا القطاع نفسه الواقع بمنطقة التنمية المُشتركة بين نيجيريا وساوتومي بعد توصلها – بعد حفرها لبئرين عام 2012 بالقطاع بتكلفة 200 مليون دولار الذي سبق لشركة Chevron Texaco  التخلي عنه – لخلاصة مفادها عدم توفر بترول بكميات تجارية بهذا القطاع * ( موقع Tela Non بتاريخ 10 سبتمبر 2013) , ومن الجدير بالذكر الإشارة إلي رسالة أرسلها لي في هذه الآونة أحد رجال المخابرات الغربيين وكانت رسالة مُختصرة جداً مُؤرخة في 7 مارس 2006 أشار فيها ما نصه “Just for your information: About two weeks ago Chevron finished the first drilling in STP and really found Oil and Gas , First shot  – first direct hit .  Now things will change completely in STP” , كذلك خطت Total خطوة عملية عندما إستدعت في 23 يوليو 2013 أعضاء السلطة المُشتركة لمنطقة التنمية المُشتركة إلي مقرها بباريس وهناك أعلمتهم بأنها تخلت عن عملية البحث عن البترول في هذا القطاع لعدم تجاريته وكذلك فإن البترول القليل الذي إكتشفته به يقع علي أعماق سحيقة مما يكلفها تكلفة باهظة , وعلي ذلك فقد ظلت شركة Dangote Energy Equity Resources النيجيرية هي الوحيدة المُهتمة بالعمل في هذا القطاع الذي عُلقت عليه آمال عريضة وقت أن طُرح في مزاد علني عام 2003 علي الشركات المُهتمة بالإستكشاف ورسي المزاد وقتذاك علي Chevron الأمريكية بمبلغ 123 مليون دولار قُسمت بنسبة 40% لساوتومي و60% لنيجيريا , ومع ذلك أعلنت السلطة المُشتركة لمنطقة التنمية المُشتركة في 9 يونيو 2015 توقيعها لإتفاق مُشاركة في الإنتاج بينها وبين مُستثمرين جدد هم شركة Equator Hydrocarbons Limited وذلك للعمل بصفة Operator في القطاع رقم (1) علي أن تكون نسبة حيازتها 56% من الحقوق بهذا القطاع , كذلك شركة PAPIS Energy Solutions ونسبة حيازتها 35% من الحقوق وأخيراً – كما سبق وأشرت – شركة Dangote Energy Equity Resources وتحوز 9% من الحقوق , ومن غير المُتيقن منه السبب الذي حدا بسلطة التنمية المُشتركة والشركات الثلاث الإصرار علي مواصلة العمل في القطاع رقم (1) الذي ثبت من خلال أعمال شركتي بترول عالميتين هما Chevron و Total أنه قطاع غير منتج تجارياً , وهو ما يكشف إلي حد بعيد طبيعة المناخ الذي يسود قطاع البترول في ساوتومي وكذلك في نيجيريا , إذ ليس من المعقول أن تنفق Chevron و Total مبالغ طائلة في هذا القطاع لمجرد إفتعال مناورة بترولية إستهلكت الفترة من 2003 حتي 2013 تاريخ إعلان  Total رسمياً عن تخليها عن هذا القطاع  .

في ضوء ما تقدم يمكن النظر في مُستجدات رئيسية تطرأ حالياً فيما يتعلق بقطاع البترول السانتومي , لكن مع الوضع في الإعتبار أن تأثير نيجيريا فيما يتعلق بإدارة مواردها البترولية وهي ضخمة لذا فقطاع البترول بالإضافة إلي قدمه فهو بداهة يتميز بخبرات جمة خاصة وأن نيجيريا مازالت هي المنتج الأول للبترول في أفريقيا جنوب الصحراء , هذا التأثير إنتقلت كثير من سلبياته المُتعلقة بعدم الشفافية والإلتواء , وعلي كل حال فقد إنتقلت معظم سلبيات السلوك النيجيري فيما يتعلق بإدارة موارد البترول لتُطبق في منطقة التنمية المُشتركة بين ساوتومي ونيجيريا ساوتومي تلك الدولة حديثة العهد بالشأن البترولي وما يتصل به وإنعكاسه علي سياستها الخارجية المحدودة النطاق  , ومن بين ما يُترجم هذه الحقيقة أن سفير الجزائر في أنجولا أفادني عام 2007 أن حكومة ساوتومي كانت تعقد الإتفاقات البترولية دون علم بأن من حقها تلقي مكافأة توقيع Signature bonuses مقابل ذلك وهو ما حدا بالجزائر إلي إمداد ساوتومي بمجموعة من الخبرات حتي لا تضيع عليها حقوق أو تُستغل نتيجة تواضع خبراتها في مجال البترول , علي أية حال فمن بين التطورات الرئيسية مؤخراً في قطاع البترول السانتومي ما يلي :

– أعلنت شركة Addax السويسرية للبترول في 26 ديسمبر 2008 عن أنها ستبدأ الحفر البترولي في القطاعات (2) و (3) و (4) في منطقة التنمية المُشتركة بين نيجيريا وساوتومي في نهاية عام 2009 , وفي بيانها بهذا الشأن بررت الشركة هذا التأخير بأنه نتيجة تجربة شركة Chevron الأمريكية في القطاع رقم (1) حيث إنسحبت Chevron منه لعدم تجارية الإنتاج منه  الأمر الذي تزامن مع هبوط أسعار البترول في الأشهر القليلة الماضية علي إعلانها الإنسحاب في مايو 2006 , ويُشار إلي أن شركة Sinopec الصينية شريك لشركة Addax في الأعمال الإستكشافية في القطاعات الثلاث المُشار إليها , وقد صرح Jeff Schrull ممثل الشركتين مؤخراً بأن العمل الإستكشافي سيستمر حتي عام 2013 . * (macauhub . 26 ديسمبر 2008)

– أعلنت الوكالة الوطنية للبترول بساوتومي في الأول من مارس 2010 عن أنها ستطرح في 2 مارس 2018 عدد سبعة قطاعات من 19مجموع  قطاع بترولي بالمنطقة الإقتصادية الخالصة EEZ وذلك علي هامش مؤتمر APPEX 2010 الذي يُعقد في لندن في الفترة من 2 إلي 4 مارس 2010 وتنظمه جمعية الجيولوجيين البتروليين  الأمريكية AAPG . * ( موقع macauhub في 1 مارس 2010)

– صرح Olegário Tiny مدير الموارد غير البترولية بمنطقة التنمية المُشتركة بين نيجيريا وساوتومي قبيل بدء إجتماع بين سلطة منطقة التنمية المُشتركة ووفد من شركة الفرنسية للبترول Total إبان حيازتها لإمتياز القطاع (1) بهذه المنطقة بأن ” البيانات المسحية بشأن القطاع رقم (1) تشير إلي وجود البترول بكميات تجارية وأنه علي مدي السنوات الثلاث القادمة ستحقق شركة Total إنتاجاً فعلياً ” , مُضيفاً قوله بأن الإجتماع مع شركة Total سيتطرق إلي وضع طرق عملية لإدارة القطاعات التي يُعدالقطاع رقم (1) من بينها واعداً بدرجة كبيرة في نظر نيجيريا وساوتومي معاً . ( كانت Total قد حازت إمتياز القطاع رقم (1) من شركة Chevron , ولقاء ذلك دفع Total للسلطات السانتومية 123 مليون دولار في المزاد علي هذا القطاع الذي عٌد بساوتومي  عام 2007 .* ( macauhub . 1 ديسمبر 2011)

– أصدرت الهيئة المُشتركة التي تتولي إدارة منطقة التنمية المُشتركة بين نيجيريا وساوتومي التي تبعد عن ساحلي نيجيريا وساوتومي بحوالي 200 كم وتبلغ مساحتها 34,548 كم مربع وأقصي عمق فيها يبلغ 3,500 متر في الجنوب الغربي ويبلغ 1,500 متر في الإتجاه الشمالي منها , أصدرت بياناً مُشتركاً في 7 أبريل 2014 أشار إلي أنه سيجري إستخدام تكنولوجيا غير تقليدية في مجال البترول لإستكشاف البترول بالمنطقة البحرية المُشتركة فقد أشار البيان إلي ” قرارات مهمة تم إتخاذها بشأن المنطقة المُشتركة والهيئة المُشتركة  مثل الموافقة علي إستخدام تكنولوجيا جديدة في مجالي إستكشاف البترول والغاز الطبيعي  وكذا الإنتاج من القطاع رقم (1) بواسطة طرق غير تقليدية ستتيح الإنتاج في مدي 18 شهر من الآن ” , وعلقت وكالة macauhub التي أوردت هذا الخبر علي موقعها بتاريخ 14 يناير 2014 أن ساوتومي ونيجيريا لم يعثرا بعد علي نفط في مياههما الإقليمية على الرغم من كون المنطقة المُشتركة بينهما  محاطة ببعض أكبر منتجي القارة .

– أشار بيان أصدرته الهيئة الوطنية لبترول ساوتومي نشرت مضمونه وكالة Reuters علي موقعها في 6 فبراير 2014 إلي أن حكومة ساوتومي وبرنسيب وضعت 4 شركات بترول منهم Galp Energia البرتغالية علي قائمة مُختصرة ضمتهم للتقدم لمزايدة طرحتها هذه الحكومة للإستكشاف والإستغلال البترولي في المنطقة الإقتصادية الخالصة لساوتومي , كما أشار البيان إلي أن خطط الحكومة لفتح جولة ترخيص جديدة بالقطاعين (1) و (6) وأن شركتي Galp Energia و AIM البريطانية تتنافسان علي هذين القطاعين وأن شركة Blue Skies World Group أيضاً قدمت عرضاً بشأن القطاع رقم (1)  بينما تسعي شركة Global Energy للحصول علي القطاع رقم (6) , وخلص البيان إلي نتيجة هذه العروض ستُعلن قريباً , وأشارت Reuters إلي أن شركة Sinoangol وهي شركة صينية / أنجولية حصلت علي حقوق الإستكشاف والإستغلال في القطاع (2) بالمنطقة الإقتصادية الخالصة لساوتومي عام 2013 ومن المُؤمل إستثمارها لمبلغ 145 مليون دولار لتنمية الإمتياز في هذا القطاع الذي تم الحصول عليه في أبريل 2013 بعد مفاوضات مباشرة مع السلطات السانتومية , وهو ما سبق وأعلنه Fernando Maquengo ممثل شركة Sinoangol ( المكونة من شركة Sonangol الحكومية الأنجولية و Sinopec الصينية ) في تصريح له لوكالة macauhub نُشر علي موقعها في 10 أكتوبر 2013 .

– نشرت وكالة أنباء ساوتومي ونقل عنها موقع macauhub في 14 فبراير 2014 أن ساوتومي وتيمور الشرقية شرعا في إعادة تقييم إتفاقتهما البترولية الثنائية ودراسة إقامة تكتل أو Consortium للإستكشاف البترول البري في إطار منظمة الدول المُتحدثة بالبرتغالية CPLP , وأوضحت الوكالة إلي أن سلطات تيمور الشرقية المُختصة تقدمت ستتقدم بإقتراح لإقامة هذا التكتل للإستكشاف البترولي في تيمور الشرقي يقوم علي شراكة إستراتيجية بين الدول أعضاء منظمة CPLP , وذلك إتساقاً مع ما ورد بمذكرة التفاهم المُوقعة عام 2011 بين تيمور الشرقية وساوتومي بشأن التعاون في مجالي البترول والغاز .

– أعلن رئيس وزراء ساوتومي Gabriel Costa عن أن حكومته مُهيئة لمراجعة الإتفاق الذي وقعته مع نيجيريا بشأن إقامة هيئة مُشتركة لمنطقة التنمية المُشتركة التي تتولي إدارة المياه المُشتركة بين ساوتومي ونيجيريا في خليج غينيا , وأوضح أن هناك ثمة صعوبات وأنه سينظر في إعادة التفاوض بشأن  الإتفاق المُنشئ للسلطة المُشتركة لمنطقة التنمية المُشتركة واصفاً إياه “بالمُخيب للآمال ” (Frustrating) وأنه ربما يجري التنصل منه , وانه علي أهبة الإستعداد لمناقشة كل ما هو ضروري فيما يتعلق بهذا الإتفاق الذي وُقع في فبراير من عام 2001مع حكومة نيجيريا بناء علي آمال وتقديرات مُتفائلة بأن منطقة التنمية المُشتركة تلك ستدر عوائد بترولية قد تصل إلي نحو 100 مليون دولار سنوياً تُقسم بنسبة 40% لساوتومي و60% لنيجيريا  وهي عوائد لم تتحقق   . * ( macauhub . 27 مارس 2014)

– أشار رئيس وزراء ساوتومي Patrice Emery Trovoada في كلمة ألقاها أمام ندوة نظمها في Abuja معهد Gusau Institute ومقره Kaduna بنيجيريا في الأول من سبتمبر 2015 تحت عنوان ” الأمن في خليج غينيا” , أشار إلي أن البترول ليس مهماً لموازنة بلاده وقلل من أهمية البترول بإعتبار البعض له عماداً لإقتصاد ساوتومي , وةلذلك وتأكيداً لمقولته تلك أشار إلي أن الزراعة والسياحة أهم وأن عوائد البترول يمكن إعتبارها مكافأة فحسب .

– أعلن Orlando Sousa Pontes رئيس الوكالة الوطنية للبترول في ساوتومي في 20 أكتوبر 2015 عن أن شركة Kosmos Energy الأمريكية إكتسبت 100% من الحقوق وكذا نسبة المُشاركة في الإنتاج التي كانت تحوزها شركة ERHC Energy الأمريكية في القطاع رقم (11) والذي يبلغ متوسط عمقه 2,900 متر ويغطي منطقة بحرية مساحتها 8,941 كم مربع  بالمنطقة الأقتصادية الخالصة لساوتومي  وبذلك أصبح لهذا الشركة 85% من كامل الأنصبة في هذا القطاع وللوكالة الوطنية السانتومية 15% , وكانت الحكومة السانتومية قد وقعت إتفاق مُشاركة مع شركة ERHC Energy في يوليو 2014 اُعفت الحكومة السانتومية هذه الشركة بموجبه من دفع مكافأة التوقيع بإعتبار أن لديها ما يُعرف في تعاقدات البترول بحق الرفض الأول The right of first refusal .

– نشرت وحدة الإستخبارات الإقتصادية Economist Intelligence Unit التابعة لمجلة Economist  البريطانية , ونقلت عنها وكالة الأنباء البرتغالية Lusa في 3 سبتمبر 2016 أن غينيا الإستوائية وساوتومي وبرنسيب ستواجههما صعوبات جمة في جذب الإستثمارات نظراً لمناخ عدم اليقين السائد وكذا إنخفاض أسعار البترول , وأشارت Economist Intelligence Unit ووكالة Lusa إلي أن رئيس وزراء ساوتومي قام في فبراير 2016 بزيارة إلي مالابو عاصمة غينيا الإستوائية لمناقشة مسألة عمل منطقة مُشتركة للإستكشاف البترولي وإمكانية إنشاء شركة عامة مُشتركة بين البلدين تدير العمليات المُشتركة , وذلك علي غرار السلطة المُشتركة التي أنشأتها نيجيريا وساوتومي عام 2001 , لكن المُشكلة التي قد تواجهها – حسب EIU – هي من سيدفع التكاليف , فتدني أسعار البترول ضرب إقتصاد غينيا الإستوائية مما دفعها إلي خفض إنتاجها البترولي نتيجة ذلك , كما أن ساوتومي بدورها مازالت موازنة دولتها قائمة علي المساعدات الخارجية بنسبة لا تقل عن 51% كما أشار إلي ذلك رئيس وزراءها أمام البرلمان بمناسبة مناقشته في 7 فبراير 2018للموازنة العامة للدولة التي يبلغ وعاءها 150 مليون دولار بزيادة قدرها 4% عن ماعون موازنة العام الماضي , وبالتالي فسوف لا يمكن لساوتومي أن تفي بتسديد نصيبها في تكاليف السلطة المُشتركة التي تريد إنشاءها مع غينيا الإستوائية , علماً بأن المنطقة البحرية المُشتركة بينهما هجرت العمل فيها الشركات البترولية منذ عام 2007 نظراً لعدم وضوح مردودية الإنتاج منها .

– أفادت وكالة أنباء ساوتومي في 22 يناير 2018 بأن Consortium مُكون من شركتي BP البريطانية وKosmos Energy الأمريكية ظفر بالقطاع رقم (10) والقطاع رقم (13) البحريين للبترول الواقعان بالمنطقة الإقتصادية الخالصة EEZ لساوتومي التي تبلغ مساحتها 129,000 كم مربع المُقسمة إلي 3 مناطق رئيسية بها 19 قطاع إستكشافي بترولي علي أن يبدأ العمل بهذين القطاعين إضافة إلي القطاعات (5) و (6) و(11) و (12) عام 2019, وذلك بالإضافة إلي آخر مُكون من شركتي  Galp Energia البرتغالية وTotal الفرنسية , ومن المهم ونحن نعرض لموضوع بترول ساوتومي أن نشير إلي أمر مهم للغاية في تطبيقات سياسات شركات البترول الدولية المختلفة , فبناء علي ذلك نُلاحظ مثلاً أن شركتي Chevron و Total  تناولت بترول ساوتومي بالمنطقة المُشتركة مع نيجيريا EJZ والمنطقة الإقتصادية الخالصة EEZ لساوتومي بطريقة ومنهج مختلفين إلي حد كبير عن منهج شركات مثل ERHC و British Petroleum و Kosmos Energy التي نشرت علي موقعها ما نصه ” إن استحواذ Kosmos Energy على المساحة الخارجية لساو تومي يعد بمثابة عودة استراتيجية إلى خليج غينيا ، وهي منطقة نعرفها جيدًا وتوفر فرصة لمتابعة موضوع العصر الطباشيري الأساسي الذي كان ناجحا بالنسبة لنا في غانا , لدينا فريق الاستكشاف لديه خبرة واسعة في العمل في الحوض  ” .

– أصدر صندوق النقد الدولي بياناً صحفياً بمناسبة إنهاء المجلس التنفيذي له مشاوراته – وفقاً وفي إطار تنفيذ المادة الرابعة – مع حكومة ساوتومي في 23 يوليو 2018 , نُشرت علي موقعه بتاريخ 27 يوليو 2018 أشار فيه فيما يتصل بموضوع البترول إلي إتساع عجز الحساب الجاري بالموازنة العامة ، يرجع إساساً إلي الواردات التي يمولها الاستثمار الأجنبي المتعلق بالتنقيب عن النفط في أعماق البحار , في الوقت الذي تم فيه رسملة البنوك وتوفيرها بشكل كافٍ مما أدي إلي قروض متعثرة مرتفعة قيدت من  نمو الإقراض البنكي والذي ظل بطيئًا عند نسبة 2.5٪  .

– أرسلت حكومة نيجيريا وفداً لزيارة ساوتومي في الفترة من 8 إلي 10 أغسطس 2018 برئاسة وزيرة الخارجية Khadija Bukar Abba Ibrahim لإعادة إطلاق تنفيذ الإتفاق الموقع بينهما عام 2001 بشأن إستغلال منطقة التنمية المُشتركة الواقعة بين المنطقتين الإقتصاديتين الخالصتين بين البلدين والذي بموجبه تؤول 60% من عوائد الإستغلال البترولي بهالمنطقة البحرية المُشتركة لنيجيريا و40% لساوتومي و, كذلك تناول الوفد النيجيري بحث تنشيط الهياكل التي أُنشأتها الدولتان لهذا الغرض بالسلطة المُشتركة لتنمية المنطقة المُشتركة بخليج غينيا ومقرها بعاصمة نيجيريا Abuja , وترمي هذه المفاوضات التي إنطلقت علي مدي يومين بالعاصمة ساوتومي إلي إستئناف إستكشاف البترول بمنطقة التنمية المُشتركة بمياه خليج غينيا , وكذلك إلي إثارة موضوع دين ساوتومي قبل نيجيريا , وفي هذا الصدد طرح وفد نيجيريا علي حكومة ساوتومي خلال هذه الزيارة مُقترح بشأن تسديد ساوتومي لهذا الدين , ومن المُتوقع وفقاً لما أُعلن أن يقدم الجانب السانتومي رده في الإجتماع القادم لسلطة تنمية المنطقة المُشتركة في سبتمبر 2018 في Abuja  , وقد صرح Urbino Botelho وزير خارجية ساوتومي في 10 أغسطس 2018 تعليقاً علي بدء هذه المفاوضات بقوله ” إن إقتراح ساوتومي يهدف إلي تأسيس لجنة ثنائية تجتمع بالتبادل في كل من البلدين لمناقشة والإشراف علي البرامج والأعمال المُشتركة” وأضاف قوله ” نحن نُرحب بإنعقاد المجلس الوزاري المُشترك ونقترح عقده في مدي منتصف سبتمبر 2018, فهذا يتيح مناقشات تفصيلية بشأن الموضوع , وستولي هذه المفاوضات عناية خاصة بمشكلة لجنة منطقة التنمية المُشتركة تلك التي ظلت بغير إنعقاد خلال السنوات الثلاث المُنصرمة , سبق هذا التطور في العلاقات البترولية المتوقفة  بين نيجيريا وساوتومي تصريح ذا صلة بتفسير جزئي لهذا التوقف أدلي به وزير البني الأساسية والموارد الطبيعية والبيئة لساوتومي Orlando Sousa Pontes  أشار فيه إلي أنه ” مُتفائل بشأن عمليات البترول في ساوتومي وأن الحكومة تنوي تحقيق أقصي فائدة من عمليات البترول الجارية بالبلاد بما في ذلك عمليات الإستغلال ” , وقد أوضح ذلك أيضاً تصريح آخر أدلي به المدير العام للوكالة الوطنية للبترول بساوتومي حيث قال أن ” لدي حكومة ساوتومي الرغبة في الوقت الحاضر في تنظيم أفضل لقطاع البترول , وأن شركات البترول جمعت البيانات السيزيمية بالمنطقة الإقتصادية الخالصة بساوتومي عام 2017 , ولقد واجهت هذه الشركات مصاعب جمة عند وصول معداتها ومغادرتها لساوتومي بسبب أوجه القصور والغموض وعدم دقة النظام الجمركي بالبلاد ” , وهذا يعني أن ثمة قوانين جديدة بشأن البترول تنوي حكومة ساوتومي إصدارها من أجل تحسين إجراءات التخليص الجمركي والضرائبي على عمليات النفط وقد نُشر ذلك عبر تقارير صحفية مؤخراً ، وقد يؤدي ذلك إلى قانون بترولي مبتكر يفيد كل من الحكومة وشركات الاستكشاف معاً ، وتتضمن الخطة تحديث النظام ليتم تطبيقه على الشركات المحلية وتلك الموجودة في المنطقة دون الإقليمية المهتمة بالاستكشاف .  * (موقع Téla Nón في 10 أغسطس 2018) و* ( موقعTHE MOZAMBIQUE RESOURCES POST . 14 أبريل 2018)

– نشرت إذاعة فرنسا الدولية علي موقعها في 8 أغسطس 2018 ما أعلنه Patrice Trovoada رئيس وزراء ساوتومي وبرنسيب من أن شركتي Kosmos Energy الأمريكية التي تعمل في القطاعات أرقام 5 و11 و12 بالمنطقة الإقتصادية الخالصة لساوتومي و British Petroleumالبريطانية التي تعمل بالقطاع 12 و13 بنفس هذه المنطقة سيقدمان مبلغ 17,4 مليون يورو أي ما يُعادل20 مليون دولار علي مدي السنوات الأربع التالية  لمشروعات الشباب في ساوتومي أو يُعرف بمشروعات ريادة أعمال الشباب youth entrepreneurship .

الوضع الحالي في مجالي الإستكشاف  والإنتاج   :

منذ عام 2015 إكتسبت شركة Galp البرتغالية بإعتبارها مُشغل أو Operator حصة بلغت نسبتها 45%  بالقطاع رقم 6 ومساحته 5,024 كم مربع بالمياه بالغة العمق به ( ما بين 2,300 إلي 2,800 متر) وهو قطاع واقع داخل نطاق المنطقة الإقتصادية البحرية الخالصة لساوتومي , فيما لشركة Kosmos Energy فيه نسبة 45% وللوكالة الوطنية السانتومية للبترول نسبة 10% , وفي عام 2016 توسعت هذه الشركة بإكتسابها نسبة 20% بالقطاعات رقم 5 (بمشاركة Kosmos Energy بنسبة 45%  وشركة Equator بنسبة 20% والوكالة الوطنية السانتومية بنسبة15%) وبالقطاع رقم 11 والذي تشاركها فيه شركة Kosmos Energy كمُشغل أو Operator بنسبة 65% والوكالة الوطنية السانتومية بنسبة 10% , وبالقطاع رقم 12 إحتفظت  Galp بنفس هذه النسبة أي 20% , فيما كان لشركة Kosmos Energy كمُشغل Operator نسبة 45%  وشركة Equator نسبة22,5% والوكالة الوطنية السانتومية نسبة 12,5% , وفي عام 2017 بدأت Galp حملة للإستحواذ بعمل مسح سيزيمي غطي مساحة 16 ألف كم مربع بكل القطاعات المُشار إليها  , لكن فيما يتعلق بالقطاع رقم (1) بمنطقة التنمية المُشتركة فبعد أن تركته Total الفرنسية لعدم جدوي إنتاجه تجارياً أعلنت السلطة المُشتركة لهذه المنطقة في يونيو 2015 عن توقيعها بتاريخ 9 يونيو 2015 علي إتفاق مُشاركة في الإنتاج بالقطاع رقم (1) مع مُستثمرين جدد هم شركةEquator Hydrocarbons Limited و تحوز 56% من الحقوق به و شركة  PAPIS Energy Solution ولها 35% من الحقوق وشركة Dangote Energy Equity وتحوز 9% من الحقوق , ووعدت الشركات الثلاث بتسريع العمل من أجل إستخراج البترول من القطاع رقم (1) الذي خلصت شركات Chevron  و Texaco  و Total  قبل ذلك في عام 2006إلي عدم جدوي الإنتاج منه بكميات تجارية , ورغم ذلك ورغم تواجد كثير من شركات البترول الأقل أهمية من Chevron  و Total تعمل بمنطقة التنمية المُشتركة JDZ بين ساوتومي ونيجيريا وكذا بالمنطقة الإقتصادية الخالصة لساوتومي EEZ في مياه خليج غينيا إلا أنه لا إنتاجاً بتروليا حتي يومنا هذا تقوم ساوتومي بتسويقه  .

بشكل عام يمكن إيجاز الوضع الراهن بالنسبة لموضوع بترول ساوتومي من خلال الإشارة إلي حقيقة تتردد كثيراً عند الحديث عن الثروة البترولية المُتوقعة في ساوتومي والتي توصف حتي الآن بأنها ضرب من الأحلام حتي الآن إذ أنها توقعات لم تتحقق بعد بصفة إنتاجية تجارية , فليس هناك ثمة إنتاج تجاري من البترول أو الغاز , ومن ثم فمازالت ساوتومي سادرة في فقر مدقع , فالشركات الكبري وتحديداً شركتي Chevron و Total إنسحبتا من العمل وتخلتا عن إمتيازهما بمنطقة التنمية المُشتركة بين نيجيريا وساوتومي الأولي فقد إنسحبت Chevron في مايو 2006 و Totalفي 10 سبتمبر 2013 بسبب ما أعتبرتاه إنخفاض في إقتصاديات المشروع لضآلة الإنتاج وربما يكون هذا الإنسحاب في تقديري إنسحاب تكتيكي أكثر منه إنسحاب مبدئي , لكنه علي كل حال أضاف صعوبة إلي الصعوبات التي تواجه الإستثمار الأجنبي في بترول ساوتومي ومن أهمها نصوص القانون رقم 8 لعام 2004 الذي وقعه رئيس ساوتومي Fradique de Menezes في 29 ديسمبر 2004 بعد أن أقره برلمان البلاد (وهو قانون وضعت مسودته جامعة Columbia University الأمريكية) وهو القانون الذي بموجبه أُنشئ الصندوق الوطني للبترول وبموجبه أيضاً وُضعت معايير لإنفتاح والشفافية في تسلم وإدارة موارد البترول , والقانون رقم رقم 11 لعام 2007 وكلاهما تتسم بعض نصوصهما بقدر ما من التزمت مما حدا بشركة  Petrobras البرازيلية إلي التراجع عن الإستثمار البترولي في ساوتومي عام 2005 , لكن هذا لا يعني أنه لا توجد شركات كبري أخري تُعني بالبترول السانتومي فهناك تحرك مبدئي من شركة B.P البريطانية , لكن من المبكر توقع تقدمها أو إنسحابها من هناك حيث من الملاحظ أن هناك حضوراً نشطاً لشركتي Kosmos الأمريكية و ERHC ومقرها الرئيسي في Houston , وهما شركتان مُصنفتان علي أنهما من الشركات الصغيرة في عالم البترول , أما  بالنسبة لشركة ERHC فقد أشارت نشرة AFRICA ENERGY INTELLIGENCE في عددها 822 بتاريخ 21 أغسطس 2018 إلي أن شركة Kosmos تحاول قطع التمويل عن ERHC لإنتزاع القطاع رقم 4 من تحت أنف Total الفرنسية وهو القطاع الذي سبق للوكالة الوطنية السانتومية للبترول أن وقعت مع  ERHC إتفاقاً في فبراير بشأنه وبشأن القطاع رقم 11 بالمنطقة الإقتصادية الخالصة لساوتومي بموجبه آلت 100% من الفوائد لهذه الشركة التي لها مصالح جمة في منطقة التنمية المُشتركة في القطاعات رقم 2 بنسبة 22% والقطاع رقم 3 بنسبة 10% والقطاع رقم 4 بنسبة 19,5% والقطاع رقم 5 ربنسبة 15% والقطاع رقم 6 بنسبة 15% والقطاع رقم 9 بنسبة 20% , ومما يُذكر على سبيل المثال أن William J. Jefferson عضو الكونجرس من الديموقراطيين عن ولاية Louisiana موجه إليه إتهام بأنه طلب رشوة من شركة بترول تعمل بساوتومي تسعى للحصول على مساعدته في نزاع يتعلق بالنفط هناك , كذلك فرئيس شركة ERHC السيد Emeka Offor الذي إشتري هذه الشركة عام 2001 بعد أيام قليلة من توقيع نيجيريا وساوتومي إتفاق إنشاء هيئة مُشتركة لإدارة موارد المنطقة البحرية بينهما وكانت هذه الشركة وقتها علي وشك الإفلاس – وهو من نيجيريا وهو وفقاً لتقرير أصدره المدعي العام في ساوتومي عام 2005 يُعد من أكبر الداعمين للحزب الحاكم بنيجيريا ومن المُقربين لرئيسها آنئذ السيد Olusegun Obasanjo – هؤلاء جميعاً كانوا قيد التحري عنهم والتقصي بسبب إتهام وُجه لشركة ERHC بدفع رشاو لمسئولين في ساوتومي لقاء تسهيل دخول الشركة سوق الإستكشاف البترولي بساوتومي وتمرير إمتيازاتها البترولية هناك , يُضاف إلي ذلك العلاقة المُتوترة بين Emeka Offor رئيس شركة ERHC المُثيرة للجدل والسيد Gregory B. Craig محام الرئيس الأمريكي الأسبق إبان قضيته الشهيرة المعروفة باسم قضية أو فضيحة Monica Lewinsky والذي من بين عباراته التي كان يرددها عن ساوتومي ” أنه علاقاتها بنيجيريا ليس علاقة بين داوود وجولياث كما يصف البعض لأن ساوتومي لا تعدو إلا أن تكون نملة ” , وعلي كل حال فهم ينكرون هذه التهمة , ومما يُوضح أجواء أعمال البترول في ساوتومي ما قاله Joseph C. Bell وهو محام من واشنطن سبق له القيام بزيارة عمل لساوتومي في مجال وضع وصياغة القوانين النفطية فهو يعتبر أن قانون إدارة موارد البترول رقم 8 لسنة 2004 الذي شارك في وضعه لم يؤد إلي زحزحة الفساد وعدم الوضوح من طريق الإدارة الرشيدة الشفافة لموارد البترول , كما يري أن المباراة مع الفساد وإن لم تنته بعد إلا أنه يجب الإعتراف بأنها شاقة , وأشار إلي  أنه ” في غرب أفريقيا قد تكون رائحة النفط وحدها كافية لانتاج الفساد ” , وهو ما أكده التقرير سالف الإشارة إليه الذي أصدره المدعي العام بساوتومي في أواخر عام 2005 وأشار إلي فيما أشار إليه إلي أنه وُجد أن بعض شركات البترول التي ظفرت بقطاعات بترولية بمنطقة التنمية المُشتركة يرأسها رجال أعمال من نيجيريا لهم إرتباطات سياسية لكن ليس لديهم خبرات بترولية , وخلص التقرير إلي أن عملية المناقصة  “كانت عرضة لنواقص إجرائية خطيرة وتلاعب سياسي” , وبالإضافة إلى ذلك  وجد التقرير أن بعض شركات النفط الكبرى متعددة الجنسيات كانت مشبوهة للغاية أكثر من شركة بالإضافة إلى ذلك ، وجد التقرير أن بعض شركات النفط الكبرى متعددة الجنسيات كانت مشبوهة للغاية في شركة ERHC وأن هذه الشركات قرررت عدم تقديم عطاءات كما أضاف التقرير أن شركة ERHC قد تكون قد دفعت مبالغ ليست نظيفة أو مُبرأة من الشبهات للمسؤولين الحكوميين ,وهو ما أنكرته بالطبع شركة ERHC قائلة أنها تلقت حقوقها البترولية بصفة مشروعة بل إنها حازت إمتيازات بترولية مُتعددة في ساوتومي , وقد عجل تقرير المدعي العام السانتومي بتدخل المباحث الفيدرالية الأمريكية F.B.I في هذه المسألة في صيف 2006 فأغارت F.B.I علي شركة ERHC وتسلم مندوبيها ملف William Jefferson ( والذي إلتقي برئيس ساوتومي آنئذ) والذي نفت شركة ERHC علاقاتها به وبالتحريات التي تُجري عنها بواسطة F.B.I , وعلي أي حال فقد ربحت شركة ERHC عشرات الملايين من الدولارات جراء عمليات بيع بعض من حقوقها التي ظفرت بها في ساوتومي * (nytimes بتاريخ 2 يوليو 2007) , أما بالنسبة لشركة Kosmos فهي مُتحمسة للعمل في ساوتومي بالرغم من سبق إنسحاب Chevron و Total , وقد إستفادت  Kosmos Energy بدءاً من عام 2015 إلى أوائل عام 2018من دورة الصناعة في بناء محفظة الاستكشاف الخاصة بها وهي تعتبر استحواذها على قطاع بمنطقة التنمية المُشتركة بمثابة عودة استراتيجية إلى خليج غينيا ، وهي منطقة تعرفها Kosmos Energy جيدًا إذ تعتبرها توفر فرصة لمتابعة وتكرار تجربة كانت ناجحة للشركة في غانا التي لديها فريق إستكشافي بها لديه خبرة واسعة في العمل في الحوض الطباشيري بخليج غينيا , وقد أشار موقع macauhub في الأول من سبتمبر 2017 أن مدير فرع Kosmos بساوتومي صرح بأن شركته أنفقت 36 مليون دولار لعمل بحوث زلزالية  Seismic للكشف عن الرواسب النفطية  وذلك في 4 قطاعات بالمنطقة الإقتصادية الخالصة لساوتومي , وذلك بناء علي نتائج البحث الزلزالي أو Seismic الذي بدأ في فبراير 2017 وسوف يستغرق تحليل بيانات هذا البحث 9 أشهر وبناء عليه سيترتب القيام بالخطوة التالية , فإذا ما كانت النتائج إيجابية فسوف تنتقل الشركة للمرحلة التالية وهي الحفر , و من المعروف أن شركة  Kosmos Energy هي Operator أو الشركة العاملة بالقطاعات أرقام 5 و11 و 12 بالمنطقة الإقتصادية الخالصة لساوتومي , ويعمل إلي جانب هاتين الشركتين  شركة Galp البرتغالية إضافة لشركات صغري أقل أهمية , ومما يثير الشك في نزاهة عقود وإتفقيات حكومة ساوتومي مع الشركات التي سُمح لبعضها بالعمل في المياه الإقليمية وبالمنطقة البحرية المُشتركة مع نيجيريا أن شركة ERHC التي قدمت للبحث عن أعمال بساوتومي في منتصف عقد التسعينات إعتقاداً منها بأن توفر إرسابات البترول في المحيط البحري لساوتومي يبرر الإعتقاد بوفرته في محيط أرخبيل ساوتومي أيضاً وبالتالي إعتقدت شركة ERHC في ذلك لفترة طويلة وأن ساوتومي ستكون مكافأة عظيمة لها وهي شركة يمكلها بعض المُنقبين منهم سيدة أعمال مُغامرة من ولاية Florida تدعي Noreen Wilson من بين ما تسعي لحيازته شركات قصيرة العمر لا يزيد ثمن أسهمها عن أرباع أو أنصاف الدولار مثالها مجموعة Pizza Group Inc , هذه السيدة وقعت مع عقداً مع السلطة المعنية بحكومة ساوتومي قيمته 5 مليون دولار عام 1997 وبموجبه أعطت شركة ERHC – التي كانت في ذلك الوقت  شركة معالجة بيئيةEnvironmental Remediation Holding Corporation – حقوق الإستكشاف في ساوتومي لمدة 25 عاماً وهو عقد وصفه خبراء في تعاقدات النفط بأنها غير مُتوازن تماماً , وقد إستقلت السيدة Noreen لاحقاً من شركة ERHC خشية من تحريات عن هذه الشركة قامت بها لجنة الاوراق المالية والبورصات , ومع ذلك فما لبثت هذه السيدة وأن ظهرت مُجدداً في ساوتومي بغرض البحث عن مصالح اخري ففي عام 2001 علي سبيل المثال نجدها تتصل بالسيد William J. Jefferson طلباً لمساعدته في أعمالها بساوتومي بسبب التهديد الذي صدر عن رئيس ساوتومي آنئذ بأنه سيلغي عدداً من الإتفاقات مع شركات بترول منها شركة ERHC , وظلت قضية Jefferson دائرة وكشفت عن تفاصيل مُخزية عن علاقته بشركة  ERHC .

لكن النتيجة العامة للوضع البترولي ما تزال كالعهد بها وهي : ” لاشيئ بعد ” وهو وضع يعد كارثياً قياساً علي فترة طويلة من الشحن الإعلامي لسكان ساوتومي الذين لا يتجاوز عددهم 200,000 مواطن معظمهم رازح تحت خط الفقر المُدقع والذين مزقتهم وعود يطلقها قادة وأحزاب 15 حزب  وهذا إفراط في تطبيق التعددية الحزبية في جمهورية شديدة الفقر مواردها التصديرية محدودة تتمثل في تصدير كميات محدودة تمثل كل محصول الكاكاو وإصدار طوابع بريد تذكارية منها ما صدر في ذكري مغني البوب الشهير Elvis Presley و ممثلة الإغراء الفرنسية  Brigitte Bardot .

بترول ساوتومي لعنة أم نعمة ؟

إن البترول يمثل الأمل المنشود لساوتومي هذا صحيح , لكن هل سيكون في حال إنبجاسة من قاع خليج غينيا سواء من المنطقة الإقتصادية الخالصة لساوتومي أو من منطقة التنمية المُشتركة بين ساوتومي ونيجيريا أو منهما معاً , هل سيكون نعمة أم نقمة ولعنة ؟ المستقبل وحده كفيل بإماطة اللثام عن الوجه الذي ستكون عليه الثروة البترولية , إن الإجابة يمكن قراءة جزء منها من خلال بيان مُوجز لنقطتين رئيسيتين هما :

أولاً – وضع الشفافية في قطاع البترول السانتومي :

تقدمت ساوتومي نحو “مبادرة الشفافية في الصناعات الإستخراجية ” أوExtractive Industries Transparency Initiative (EITI) – وهي مبادرة بريطانية لها سكرتارية مقرها لندن – كدولة عضو في فبراير 2008 , وهي أي ساوتومي تعلم أن الهدف الرئيسي الذي تتحراه هذه المبادرة هو تعزيز الحوكمة في قطاع إستخراج البترول السانتومي شأنها شأن كل الدول أعضاء هذه المبادرة , وذلك من خلال تحسين الشفافية والمٌساءلة بمراجعة النشر الكامل لمدفوعات وإيرادات هذا القطاع بساوتومي , لكن وكما أشار تقرير هذه المبادرة  تحت عنوان ” مستقبل غير مُتيقن منه – عقود النفط والإصلاح المُتوقف في ساوتومي – “علي موقعها لكن حكومة ساو تومي لم تكن قادرة على الإطلاق ولم تبذل جهداً حقيقياً للامتثال للمتطلبات الأساسية لعضوية مبادرة EITI وهي النشر الكامل لمدفوعات الشركة المسئولة عن البترول والإيرادات الحكومية من شركات النفط والغاز ، ولذا تم شطبها من المبادرة في أبريل 2010, وهو أمر يوضح مدي عجز ساوتومي عن التعامل بمسؤولية مع عائدات النفط المحتملة وهو ما يأتي في وقت ينذر بالخطر حيث تُري ساوتومي في منتصف جولة جديدة للترخيص لبيع حقوق الاستكشاف في 19 قطاع  نفطي بحري , لذا – كما يُشير التقرير – فإن معالجة الحكومة لهذا المزاد بالإضافة إلى جولة لاحقة متوقعة لعام 2011 للمناطق البحرية التي تدار بالاشتراك مع نيجيريا ، ستكون مؤشراً آخر حاسمًا في تحديد ما إذا كان هذا البلد يمكنه أن يكون نموذجًا لإدارة عائدات النفط , هذا فقد أسفرت الانتخابات في ساوتومي في عام 2010 عن تغيير في الحكومة مما جعل الوضع أكثر سيولة وبالتالي غير قابل للتنبؤ بما كان يمكن أن يكون عليه هذا الأمر , وواصل التقرير فأشار إلي أنه ” بالنسبة إلي بقية العالم ، بما في ذلك جيران ساوتومي حول خليج غينيا ، فهم لم يروا عادة سبباً كافياً للانخراط في ساوتومي , لكن هذا الوضع تغير بشكل عملي بين عشية وضحاها عندما تم التوقيع على اتفاقيات النفط لاستكشاف ساحل ساوتومي في عام 2003 , فلقد استقطبت احتياطيات ساوتومي التي تقدر وفقاً لأحد التقديرات بنحو 10 مليارات برميل من النفط والتي لم تكتشف بعد انتباه العديد من القوى الإقليمية والحكومات الغربية ومجموعات المجتمع المدني والنفط الرئيسيين وفي مُقدمتهم الشركات متعددة الجنسيات ، لا سيما خلال النصف الأول من عام 2000 ” , وكانت الإشارة الأهم في هذا التقرير عندما أشار إلي ما يثبت مخاوف معيار(مبادرة) الشفافية في الصناعات الإستخراجية  EITIبما نصه ” كما برزت ساوتومي أيضاً كدراسة حالة رئيسية للجهود الدولية لمنع الدول من الوقوع ضحية ” لعنة الموارد” التي عصفت بالكثير من البلدان المنتجة للنفط , فبسبب عدد سكان ساوتومي الصغير ، فإن عائدات النفط المستقبلية ستُمكن من تحويل البلد ، وتقليص معدلات الفقر والبطالة إلى حد كبير ، وتحسين المدارس ، والعيادات ، والخدمات الأخرى المُتهالكة, لكن العديد من جيران ساوتومي الأغنياء بالنفط مثل نيجيريا وأنجولا والجابون وغينيا الاستوائية قد توفرت لديهم جميعا عائدات ضخمة من الثروة النفطية ، لكننا  نري إقتصادهم مشوه رؤيتهم وإعتماديتهم الملحوظة   على النفط  وإساءة حكوماتهم إدارة تلك الثروة أو سرقتها , والأمل أنه بمساعدة ساوتومي نفسها لنفسها  يمكنها أن تتعلم الدروس من هذه التجارب  الماضية الفاشلة  وضمان أن يكون النفط دافعاً لهذا البلد الصغير للأمام بدلا من إعاقتها , وختم التقرير بالإشارة إلي الدروس المستفادة من إخفاقات صفقات ساوتومي النفطيةالمبكرة ، وكذلك جولات التراخيص السابقة للنفط التي نُظمت بالاشتراك مع نيجيريا في عامي 2003 و 2005 ، ويقيم توقعات ساوتومي للمضي بها قدمًا في ضوء فشل مبادرة EITI ترشيحها للعضوية بها , فشفافية عائدات النفط ضرورية لضمان إدارة الأموال بطريقة مسؤولة وبطريقة تكون أمام مساءلة شعب ساوتومي, وعليه يجب على حكومة ساوتومي إجراء جميع المعاملات المالية المتعلقة بترخيص النفط علناً , وبناء علي ذلك يكون التفاعل مع عملية مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية  , وذلك في ضوء العناصر التالية :

(1) ضمان احترام قانون إدارة عائدات النفط (القانون رقم 8/2004) للإدارة الشفافة للثروة النفطية ، بما في ذلك جعل جميع المعاملات المالية المتعلقة بترخيص النفط عامة وعلنية .

(2) تقديم الوثائق الكاملة لجميع المعاملات النفطية ، بما في ذلك دفعات مكافآت التوقيع إلى مكتب التسجيل والمعلومات العامة (Gabinete de Registo e Informação Pública ، GRIP) للكشف عن المعلومات العامة كما هو منصوص عليه في قانون ساوتومي (القانون رقم 11/2007 والقانون 8 /2004 ) .

(3) نشر تقارير مراجعة مستقلة عن جميع المعاملات المالية المرتبطة بترخيص النفط   .

(4) مُراجعة جميع عقود النفط وإعادة التفاوض بشأن تلك التي تعتبر أقل من أفضل الممارسات الدولية  .

(5) إعادة التعامل مع أمانة مبادرة EITI من خلال التأكد من أن لجنة مراقبة البترول (POC) تضع المبادرة موضع التنفيذ ، بما في ذلك من خلال لجنة أصحاب المصلحة المتعددين ومن خلال توفير خطة عمل .

(6) ضمان أن المسؤولين الحكوميين يعلنون أصولهم وذمتهم المالية , وأن هذه المعلومات يمكن التحقق منها (على الوجه المنصوص عليه في قانون ساوتومي) .

(7) التأكد من التشاور الكامل مع الحكومة الإقليمية في Príncipe (الجزيرة الثانية التي تشكل مع جزيرة ساوتومي أراضي الجمهورية)  في عملية صنع القرار بشأن المنطقة الاقتصادية الخالصة .

(8) مُراجعة ترتيبات منطقة التنمية المشتركة بين نيجيريا وساوتومي (JDZ) مع الحكومة النيجيرية من خلال تحقيق عام مستقل بعد الانتخابات النيجيرية في عام 2011.

(9) تعزيز الرقابة المستقلة على القطاع المصرفي بساوتومي لتجنب غسل الأموال .

* (https://www.hrw.org/report/2010/08/24/uncertain-future/oil-contracts-and-stalled-reform-sao-tome-e-principe )

ثانياً – الإقتصاد الهش :

يمكن القول إبتداء بأن الموقف الإقتصادي الصعب الذي تواجهه ساوتومي لسنين طويلة تبدأ منذ الإستقلال عن البرتغال عام 1975 كانت أكثرها وطأة تلك الفترة التي بدأت عام 1988 , هذا الموقف الصعب يوضح إلي أي مدي كانت الآمال المعقودة علي البترول تمثل عملية إنقاذ مزدوجة لهذه الجمهورية الأصغر في أفريقيا , فإقتصاد هذه الدولة يقوم بصفة رئيسية علي المساعدات الميسرة وعلي إعادة جدولة الديون فساوتومي مُصنفة لدي مؤسستي بريتون وودز علي أنها من بين الدول الأثقل ديناً في العالم ففي ديسمبر 200 إستفادت ساوتومي بتخفيف 200 مليون دولار من ديونها البالغة وقتها 300 مليون دولار في إطار برنامج الدول الأقل ديناً , ومن الواضح أن آمال ساوتومي في إنتاج تجاري للبترول مازالت مُعلقة في الهواء ولم تطأ أرض الواقع بعد وتشير هذه المعلومات غير المُوثقة أو المُسندة إلي أن إحتياطيات البترول السانتومي تتراوح ما بين 4 إلي 12 بليون برميل , لكن الحديث عنها وتكراره أصبح عائقاً أمام الفرص السانحة لهذا البلد الهش والمُعرض إقتصادياً سواء في تخفيف دينها الثقيل أو في تلقي المعونات الخارجية , ومن بين أوضح الأدلة علي ذلك ما تابعته شخصياً عام 2006 ووصفت فيه بترول ساوتومي بأنه “كعب أخيل” فقد تزامن مع إنعقاد مؤتمر المائدة المُستديرة الذي شاركت فيه مع سفراء الدول المانحة لهذا البلد في ساوتومي في الفترة من 4 إلي 8 ديسمبر 2006 , تزامن مع ذلك تداول معلومات مُتضاربة عن ثروة ساوتومي البترولية فقد أفادني السفير المغربي بالجابون والمعتمد في ساوتومي أن المعلومات المُتداولة في الجابون نقلاً عن مصدر بشركة Chevron الأمريكية تؤكد أن هذه الشركة ستوصد أبوابها في ساوتومي لعدم إقتصادية المخزون البترولي لساوتومي وأن شركات صغري ستبقي لفترة من الزمن بساوتومي لكن مآلها في النهاية إلي إغلاق , إلا أن هناك معلومات مُغايرة مؤكدة سمعتها أنا بنفسي في ساوتومي أثناء حضوري مؤتمر المائدة المُستديرة تشير إلي أن الرئيس السانتومي Fradique de Menezes – الذي كان مضمون حملاته الإنتخابية في فترتي رئآسته للجمهورية منذ عام 2001 حتي 2006 “أحلام البترول ” , إلتقي يوم الخميس 7 ديسمبر بممثل صندوق النقد الدولي المُشارك في هذا المؤتمر وطلب منه نفي ما يُشاع عن حيازة ساوتومي لمليارات من براميل البترول في مياهها الإقليمية , وبرر الرئيس طلبه هذا بأن مثل هذه المعلومات وحدها كفيلة بوأد آمال بلاده في إلغاء ديونها تنفيذاً لمبادرة الصندوق لإلغاء الديون من علي كاهل الدول الأثقل ديناً والأكثر فقراً أو ما يُعرف بـ HIPIC , كما أن تواتر مثل هذه المعلومات سيقنع المانحين بعدم جدوي إقالة عثرة ساتومي المالية ليسرها المالي المُتوقع والحالة هذه , وقد نجحت ساوتومي بالفعل في تحقيق تخفيف ملموس لدينها , إذ ورد في نشرة هيئة الإستعلامات السانتومية الصادرة باللغة البرتغالية بعددها رقم 12 بتاريخ 16 نوفمبر 2006 أن وفد مؤسستي بريتون وودز (الصندوق والنك الدوليين) برئاسة  Arendo Kouwennaar والذي مكث بساوتومي  لمدة 15 يوما في نوفمبر 2006 بغرض تقييم وضع الإقتصاد الكلي لساوتومي , أكد أثناء لقاء عمل بوزارة التخطيط والمالية السانتومية إلي أنهم يقتربون من خلاصة مفادها إعفاء ساوتومي من دينها الخارجي المُقدر آنئذ بأكثر من 350 مليون دولار بناء علي نتيجة توصل إليها وفد التقييم أشارت إلي أن حكومة رئيس الوزراء السانتومي Tome .V. Cruz عملت منذ يونيو 2006 علي تنفيذ تدابير تتعلق بمكافحة الفقر والإدارة المالية والسيطرة علي التضخم إنتهت إلي نتيجة إيجابية وهدفت إلي تمهيد السبيل للتوصل مع الصندوق إلي إلغاء / شطب الدين الخارجي لساوتومي , هذا مع العلم أن شركة Chevron قبل إعلانها التخلي عن أعمالها بساوتومي في مايو 2006 وقبل أن تعلن عن أن الإنتاج من القطاع رقم (1) بمنطقة التنمية المُشتركة غير تجاري , أعلنت أن إنتاجها التجاري منه سيبدأ عام 2013 ثم صدرت معلومات أخري عن Chevron أيضاً تشير إلي أنه سيبدأ عام 2014 وهي معلومات أكدتها دراسة منشورة لصندوق النقد الدولي , وقد حذت فرنسا في إطار تمهيد الأرض لدخول شركاتها البترولية إلي ساوتومي بجانب عملها بالقطاع البحري الأنجولي حذو النموذج الذي مارسته وتمارسه مع دول فرانكفونية عديدة خاصة تلك التي لديها موارد طاقة كالنيجر حيث تعمل الشركات الفرنسية التعدينية المُتخصصة في تعدين اليورانيوم هناك منذ أكثر من 45 عاماً مُتصلة لتعدين اليورانيوم وإستغلاله بأبخس الأسعار لتشغيل 47 مفاعل نووي بفرنسا وحالياً تعمل مجموعة AREVA المملوك معظمها للدولة الفرنسية علي تعدين يورانيوم النيجر , ففرنسا تتعطف علي النيجر بمنحها بعض المساعدات المالية والعينية خاصة الدعم الغذائي لتجاوز الأزمة الغذائية المُزمنة التي تواجهها دول الساحل ومنها النيجر ومالي , وفي مقابل ذلك ولأسباب أخري يغض المسئوليين بالنيجر الطرف عن عقود غير متوازنة بل وخاسرة لإستغلال فرنسا ليورانيوم النيجر وعندما حاول رئيس النيجر Mamadou Tandja تعديل عقود اليورانيوم خاصة الجديدة والتي كانت تتعلق بإمتياز منجم Imoraren ثاني أكبر منجم يورانيوم في العالم أطاح به إنقلاب مُشترك نُفذ في 18 فبراير 2010 دبره المكتب الثاني الفرنسي مع المخابرات الأمريكية ونفذته مجموعة من الملونيين يعملون بشركةBlack Water  , وفي هذا الإطار وقعت فرنسا مع ساوتومي في 16 نوفمبر 2006 علي إتفاق قضي بإعفاء ساوتومي من دين فرنسي يبلغ 3 مليون يورو وكان ذلك توطئة أو في سياق إتخاذ صندوق النقد الدولي لقراره بإلغاء دين ساوتومي الخارجي , كما سلم السفير الفرنسي المُعتمد غير المُقيم لدي ساوتومي دعوة لرئيس ساوتومي Fradique de Menezes من الرئيس الفرنسي جاك شيراك لزيارة رسمية لفرنسا خلال لقاءه  بالرئيس Fradique في 18 نوفمبر 2006 .

أشارت نشرة تلقيتها في مارس 2005من مكتب برنامج الأمم المُتحدة للتنمية PNUD عن شهر يناير 2005 , إلي بدء تحرك ساوتومي الفعلي صوب إستغلال ثروتها البترولية الكامنة في قاع خليج غينيا الذي تحيطها مياهه من كل جانب , وكان هذا التحرك علي إتجاهين مُتوازيين أولهما إقرارالبرلمان السانتومي قانون إدارة موارد البترول في ديسمبر 2004 وهو الأمر الذي أدي من بين نتائج اخري إلي الدخول الجدي في مفاوضات بين حكومة ساوتومي وصندوق النقد الدولي من أجل وضع برنامج جديد لمرفق الحد من الفقر ومن أجل النموFacilité pour la réduction de la pauvreté et pour la croissance           (PRGF) , أما الإتجاه الثاني فكان تنظيم وفتح باب تقديم عطاءات شركات البترول لحيازة القطاعات أرقام 2 و 3 و4 و 5 و6 بمنطقة التنمية المُشتركة التي بدأت عملها الفعلي عام 2002 , وقد تقدم الي هذه العطاءات 23 مشروع / شركة بترول للإستكشاف البترولي , وكان المبلغ الإجمالي المُقدم للقطاع الخمس المُشار إليها 433 مليون دولار وقد جذب القطاعان رقمي 2 و 4  العدد الأكبر من هذه الشركات فقد تقكت شركتان لأخذ القطاع رقم 2 هما شركة Continental Oil and Gas (عرضت 120 مليون دولار ) وشركة  Vintage International (عرضت 135 مليون دولار )  أما القطاع رقم 4 فقد عرضت له شركة ECL مبلغ 175 مليون دولار وشركة Conoil International Limited عرضت مبلغ 150 مليون دولار , وكان من المُقرر آنئذ أن تجري بالعاصمة ساوتومي إحتفالية التوقيع إتفاقات الأإنتاج والمشاركة بالنسبة للقطاع رقم (1) الذي مُنح لشركتي Chevron\ Texaco , وعقب هذه العطاءات ترددت معلومات عن أن الإستكشافات والحفر في المنطقة المُشتركة لتأكيد توفر البترول بها سيتم البدء فيه بين عامي 2007 و2008 وأنه في حالة توفر البترول والعثور عليه فإن إقامة المنصة البحرية سيكون بين عامي 2010 و2012 علي أن يبدأ الإنتاج الأولي بين عامي 2012 و2015 وينتهي الإنتاج من هذه المنطقة بين عامي 2025 – 2035 .

منذ الإعلان عن إقامة السلطة المُشتركة لمنطقة التنمية المُشتركة بين ساوتومي ونيجيريا عام 2001 وحتي عام 2013 لم تنتج ساوتومي للأغراض التجارية برميل بترول واحد وذلك وفقاً لبيانات إستعلامات الطاقة التابعة للإدارة الأمريكية United States Energy Information Administration التي أشارت في نفس نشرتها عن الإنتاج والإستهلاك السنوي من البترول الخام في ساوتومي في الفترة من 1980 حتي عام 2013  “Sao Tome and Principe Crude Oil Production and Consumption by Year  ” إلي أن الإستهلاك منه بلغ عام 2013 حوالي 90 ألف طن فيما كان 20 ألف طن عام 1980 , مما يمثل عبئاً ثقيلاً علي موازنة دولة مُصنفة علي أنها فقيرة  .

ظلت أحوال ساوتومي مُضطربة نظراً لكون الموازنة العامة للدولة قائمة بصفة أساسية علي المساعدات الخارجية التي كان موردها الرئيسي جمهورية الصين الوطنية (تايوان) فقد كانت حكومة تايبيه هي الداعم الرئيسي للموازنة العامة لحكومة ساوتومي منذ تبادل التمثيل الدبلوماسي بينهماعام 1997, ولتصور أوضح لسياسة ساوتومي الخارجية القائمة علي الإقتراب والإبتعاد بقدر ما تتلقي معونات مالية / إقتصادية من هذه الدولة أو تلك , لذا فمن المهم أن أشير إلي جزء من خلفية علاقة ساوتومي بتايوان والصين الشعبية , ذلك أن  التطورات الجذرية التي حدثت في البناء السياسي لساوتومي منذ عام 1989 مهدت السبيل لإتخاذ قرارات سياسية وإقتصادية مختلفة عن تلك القرارات السابقة التي إرتبطت بالنهج الإشتراكي , فعندما عقد المؤتمر القومي لحزب MLSTP/PSD الحاكم وقتذاك مؤتمراً قومياً أقرت لجنته المركزية في نهاية أعماله مبدأ التعددية الحزبية في البلاد وبالفعل وُضع دستور جديد يعكس هذا الإتجاه جري الإستفتاء عليه في أغسطس 1990 ومنذ ذلك التاريخ بدأت التوجهات الخارجية لساوتومي تختلف لتجد أمامها بدائل لدعم  إقتصاد البلاد شديد الضعف من خلال تولي أحزاب أخري لاتتبني النهج الإشتراكي السلطة وإدارة البلاد حتي أن حزب MLSTP/PSD  نفسه لم يعد مُلتزما بالنهج الإشتراكي وتحول إلي سياسات إقتصادية لا تتبني بالضرورة مبدأ الإقتصاد المُوجه مثلما كانت آنئذ حالة حزب الحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLA الذي تحول من تبني النهج الإشتراكي وخرج ليبحث عن نهج آخر , ومن ثم لم تعد ساوتومي  مُلتزمة بالأسس التي قامت عليها سياساتها الخارجية عندما كان يدير الحياة السياسية داخلياً وخارجياً حزب واحد مُحتكر للسلطة السياسية بالبلاد هو حزب MLSTP/PSD , وتدريجياً تعمقت التجربة التعدية الحزبية بالبلاد أكثر بعد سقوط الإتحاد السوفيتي عام 1991 وبعد الإصلاحات المنهجية في الإقتصاد الصيني بعد وفاة شواين لاي , وبالرغم من قطع الصين الشعبية لعلاقاتها الدبلوماسية مع ساوتومي في مايو عام 1997 بسبب تأسيس ساوتومي لعلاقات دبلوماسية مع تايوان , إلا أن جذور هذه العلاقة بقيت ولم تُستأصل فهاهي تنمو من جديد لكن في مناخ جديد , ففي 20 ديسمبر 2016 اصدرت حكومة ساوتومي بياناً تضمن قرارها بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع جمهورية الصين الوطنية (تايوان) التي تأسست منذ 19 عاماً (عام 1997) علي أنقاض علاقة دبلوماسية سابقة كانت قوية بينها وبين الصين الشعبية , وأشار البيان الذي وقعه وزيرا خارجية الصين وساوتومي إلي الإعتراف بمبدأ وجود صين واحدة , وقد بررت ساوتومي قرارها بأنه يأتي دفاعاً عن مصالحها الوطنية وإتساقاً مع الظرف الدولي في وقت تبحث فيه البلاد عن تنويع شركاؤها لمواجهة الموقف الصعب الذي أحد مظاهره الأزمة المالية , وأشار البيان كذلك إلي أن مجلس وزراء ساوتومي وجه وزير الخارجية لإتخاذ الإجراءات المناسبة دون إبطاء , فيما أشار وزير خارجية ساوتومي للصحافة بالصين عقب التوقيع علي إتفاق إستعادة العلاقات وإجراؤه مباحثات مع نظيره الصيني في 26 ديسمبر 2016 بأن بلاده ستعوض ” الأخطاء السابقة ” الناجمة عن قطع الصين الشعبية لعلاقاتها الدبلوماسية مع ساوتومي عام 1997 , ومما يُلاحظ هنا أن قرار قطع علاقات ساوتومي مع الصين الوطنية (تايوان) حدث في الفترة التي يتولي فيها Evaristo Carvalho موقع الرئاسة السانتومية ويتولي فيهاPatrice Trovoada موقع رئاسة الوزراء وهو من أكثر الموالين للولايات المتحدة وكلاهما ينتمي لحزب Independent Democratic Action وهو حزب يتبني نهج الوسط Centrist أسسه Miguel Trovoada رئيس ساوتومي الأسبق ووالدPatrice Émery Trovoada  رئيس الوزراء الحالي عام 1994, ولحزب ADI حالياً  أغلبية مريحة ببرلمان ساوتومي , إذ فاز بنحو 33 مقعد في الإنتخابات التشريعية التي أجريت في عام 2014 (مقاعد برلمان ساوتومي 55 مقعد) ومن ثم عُين Patrice Trovoada   منذ ذلك التاريخ وحتي الآن رئيساً لوزراء حكومة ساوتومي .

وخلافاً للوضع الراهن لعلاقات ساوتومي بالصين الشعبية نجد أنه من بين المواقف المُعلنة والتي تتسق مع تبادل بلاده للعلاقات الدبلوماسية مع تايوان وتطلعه لعلاقات قوية مع الولايات المتحدة تصريح أدلي به رئيس ساوتومي Menezes أثناء حملة حزبه في الإنتخابات التشريعية التي جرت في 26 مارس 2006 أكد فيه أنه مع تعميق التواجد الأمريكي بالمنطقة , مما دعي حزب MLSTP-PSD إلي الإنسحاب من الإئتلاف معه في إنتخابات الرئاسة التي كان خصم الرئيس Menezes فيها P.E Travoada وحزبه ADI (وهو رئيس الوزراء حالياً) , وقد طلب  Menezes تمويل خارجي لحملته الرئاسية من دول عدة منها مصر , ورغم تولي الرئيس Menezes الموالي للولايات المتحدة الرئاسة إلا أن ذلك لم يُوقف طموح الصين الشعبية في الإستثمار في المجال البترولي بساوتومي علي غرار إستثمارها الضخم في أنجولا حيث حازت حتي منتصف 2006 علي ثلاث أنصبة في حقول البترول البحرية بأنجولا تبلغ إحتياطياتها المُؤكدة 3 بليون و200,000 برميل وتبلغ نسبة هذه الأنصبة وفقاً للإتفاق الموقع بين مؤسسة Sinopec الصينية وSonangol الأنجولية 27,5% و40% و20% وبموجب هذا الإتفاق تقوم المؤسسة الصينية بإستكشاف البترول , وقد سددت Sinopec للجانب الأنجولي لقاء هذا الإتفاق مبلغ بليون و900,000 يورو إضافة لإستثمارها مبلغ 1,5 بليون دولار في تطوير نصيبها البالغ 50% من القطاع البحري رقم 18 مع شركة B.P البريطانية , ولهذا وجهت بكين الدعوة لحكومة ساوتومي للمشاركة في المنتدي الإقتصادي التجاري الثاني للصين وتجمع الدول الناطقة بالرتغالية CPLP الذي عُقد ببكين في أكتوبر / نوفمبر 2006 وهي دعوة لم توجهها الصين من قبل لساوتومي مما يعني أن إتصالات صينية كانت تجري مع حكومة ساوتومي بشأن هذا الموضوع وغيره , وقبل هذا المنتدي عُقد إجتماع تحضيري له بماكاو في الصين في الفترة من 17 إلي 18 أكتوبر 2005بحضور ممثلي تجمع الدول الناطقة بالرتغالية  CPLP وفيه أوضح نائب وزير التجارة الصيني Wei Jianguo أن بلاده إستثمرت في الأشهر الست الأولي من عام 2006 بدول هذا التجمع 137,9 مليون يورو وتلقت إستثمارات بمبلغ 452 مليون يورو من دول تجمع CPLP ولوُحظ أن ساوتومي لم تدع في هذا الإجتماع  .

عندما إلتقيت بسفير تايوان تايوان المُقيم بساوتومي بمناسبة إحتفال ساوتومي بإستقلالها في 12 يوليو 2006 , ذكر لي أن دعمهم لساوتومي متواصل في جميع مجالات التنمية بهذا البلد الفقير وأن مجموعه طيلة التسع سنوات الماضية (أي منذ تبادل العلاقات الدبلوماسية) بلغ 90 مليون دولار , وفي مايو 2006 مولت بلاده مشروعين من مشروعات البنية الأساسية أحدهما لتوسيع مطار ساوتومي بمبلغ 1,5 مليون دولار والآخر لإقامة ميناء في المياه العميقة بتكلفة 800,000 دولار وأنه سيجري البدء فيهما قبل نهاية 2006 وقامت شركة Wilbbur Smith الأمريكية بعمل دراسة الجدوي للمشروعين , وأن نائبة رئيس الوزراء السانتومي ووزير الخطة والمالية Maria Torres ووزير الخارجية الجديد Carlos Gustavo وسفير ساوتومي لدي الولايات المتحدة Ovidio Pequeno  إلتقوا في تايبيه في 13 يونيو 2006 برئيس تايوان الذي طلب منهم نقل تهنئته للرئيس Fradique de Menezes بمناسبة فوز حزبه في الإنتخابات التشريعية التي جرت في ساوتومي في 26 مارس 2006 , وأحاطهم بقرار تايوان بتقديم عون مالي عاجل لساوتومي قدره 100,000 دولار وإرسال وفد طبي لمواجهة وباء الملاريا في ساوتومي , مارست ساوتومي سياسة المساومة مع حكومة تايوان طوال فترة تبادل العلاقات الدبلوماسية بينهما والتي مثلت الثمن الوحيد الذي دفعته ساوتومي لتايوان مقابل الحصول علي دعمها والأمثلة عديدة فيما يتعلق بهذه المساومة منها مثلاً الزيارة التي قام بها الرئيس  FRADIQUE de Menezes لتايوان في 8 أكتوبر 2006 للمشاركة في إحتفالات العيد الوطني التايواني بدعوة من الرئيس Chen Shui – Bian وأستغرقت هذه الزيارة 8 أيام , وقبل قيامه بها إجتمع الرئيس Menezes في ساوتومي بسفراءه وقناصل ساوتومي بالخارج وصارحهم بقوله بأنه ” مُحبط من تمثيل بلاده الدبلوماسي ( لساوتومي حتي هذا الوقت 6 سفارات فقط بالخارج و20 قنصل فخري) وأنه لا يشعر إلا بالقليل من الرضي من البلاد المُرتبطة بعلاقات مع بلاده إذ لم تحصل بلاده علي شيئ من هذه العلاقات ” , ولهذا لم يكن غريباً أن تصدر حكومة ساوتومي وبرنسيب بياناً في 20 ديسمبر 2016 تضمن قرارها بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع جمهورية الصين الوطنية (تايوان) التي تأسست منذ 19 عاماً (عام 1997) علي أنقاض علاقة دبلوماسية سابقة كانت قوية مع الصين الشعبية , وأشار البيان الذي وقعه وزيرا خارجية الصين وساوتومي إلي الإعتراف بمبدأ وجود صين واحدة , وقد بررت ساوتومي قرارها بأنه يأتي دفاعاً عن مصالحها الوطنية وإتساقاً مع الظرف الدولي في وقت تبحث فيه البلاد عن تنويع شركاؤها لمواجهة الموقف الصعب الذي أحد مظاهره الأزمة المالية , وأشار البيان إلي أن مجلس وزراء ساوتومي وجه وزير الخارجية لإتخاذ الإجراءات المناسبة دون إبطاء , فيما أشار وزير خارجية ساوتومي للصحافة بالصين عقب التوقيع علي إتفاق إستعادة العلاقات وإجراؤه مباحثات مع نظيره الصيني في 26 ديسمبر 2016 بأن بلاده ستعوض ” الأخطاء السابقة ” الناجمة عن قطع الصين الشعبية لعلاقاتها الدبلوماسية مع ساوتومي في مايو من عام 1997 بسبب تأسيس ساوتومي لعلاقات دبلوماسية مع تايوان , وقال أن هذا القرار سيفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية , ومن المتوقع وفقاً لإذاعة فرنسا الدولية في 28 ديسمبر 2016 أن يغادر الفنيون التايوانيين جميعهم أراضي ساوتومي علي مدي آخر يناير 2017 , وفي تصريح أدلي به Evaristo Carvalho رئيس ساوتومي في 31 ديسمبر 2016 مُعلقاً علي إستعادة العلاقات مع الصين الشعبية قال    “إنه أحد أهم القرارات السياسية لساوتومي ” مُضيفاً ومبرراً ذلك بأنه ” لا يرجع فقط للدور الحاسم والمُتنامي للصين في السياسة الدولية , بل كذلك للتسهيلات التي تقدمها الصين للبلاد النامية ” , ولكن لابد من الإشارة إلي أن قرار قطع ساوتومي لعلاقاتها مع تايوان الداعم الرئيسي للموازنة العامة لهذه الدولة المنزوية في خليج غينيا كان من غير المتوقع إتخاذه في عهد يتولي فيه Evaristo Carvalho موقع الرئاسة ويتولي فيه   Patrice Trovoada(الذي كان مُستشاراً للرئيس السانتومي السابق Fradique de Menezes لشئون البترول والأمين العام لحزب ADI وقد طرده الرئيس السانتومي الأسبق من منصبه كمستشار لشؤن البترول بدعوي أنه كان يدير ملف البترول خدمة لمصالحه الشخصية) موقع رئاسة الوزراء وهو من أكثر الموالين للولايات المتحدة وكلاهما ينتمي لحزب Independent Democratic Action وهو حزب يتبني نهج الوسط Centrist أسسه عام 1994 Patrice Trovoada رئيس ساوتومي الأسبق ( والد رئيس الوزراء الحالي) وحزبهما يحوز أغلبية مريحة بالبرلمان , إذ فاز بنحو 33 مقعد في الإنتخابات التشريعية التي أجريت في عام 2014 (مقاعد برلمان ساوتومي 55 مقعد) ومن ثم عُين رئيساً للوزراء مذاك , وقد برر رئيس الوزراء الحالي Patrice Trovoada إتخاذ هذا القرار الحرج ضمن كلمته إلي “الأمة” في 20 ديسمبر 2016 والذي أشار فيه إلي  “أن الموقف الدولي الصعب والقدرات الإنتاجية الضعيفة للبلاد هما العاملان المسئولان عن الوضع الحالي الصعب الذي تمر به ساوتومي ” , وأضاف “إن شركاؤنا الرئيسيون هم أيضاً يمرون بأزمات ويعيشون في مناخ من عدم اليقين سياسياً وإقتصادياً لا يمكن إلا أن يقلقنا ويصدق هذا علي بنك التنمية الأفريقي , وعليه فإن علينا علي ضوء ذلك الإعتماد أكثر فأكثر علي أنفسنا فلا يمكننا الإستمرار في الإعتماد علي فائض الآخرين الذين يعملون ويضحون فيما نحن لا نحفل بذلك ” , وما يقوله رئيس الوزراء P.Trovoada مُطابق للواقع , فعلي سبيل المثال أورد تقرير صادر عن  indexmundiعن إقتصاد ساوتومي لعام 2018 أن التقلبات في حجم المعونات وتدفقات الاستثمار إلي ساوتومي أدت حتى مع نمو قطاع السياحة إلى معدل نمو معتدل عند حوالي 4٪ سنوياً فحسب وهي نسبة غير كافية للتخفيف من حدة الفقر , كما أشار هذا التقرير إلي أنه وفقاً لتقديرات عام 2009 فإن 66,2 % من عدد السكان يرزحون تحت خط الفقر , فيما بلغت نسبة البطالة وفقاً لتقديرات عام 2007 نحو 12,2% من السكان , كما أشار التقرير إلي أن  مجمل الناتج القومي مُقوماً بسعر الصرف الرسمي بلغ 372 مليون دولار وذلك , وأن توزيع هذا الناتج كما يلي : 11,8% من قطاع الزراعة و 14,8% من قطاع الصناعة ( وهو مكون من مجالات البناء والنسيج والصابونوالبيرة والأسماك والدخان) و 73,4 من القطاع الخدمي , وتشير بيانات 2017 إلي أن عوائد الدولة في الموازنة العامة بلغت 114,3 مليون دولار بينما بلغت الفقات 123,4 مليون دولار وأن عجز هذه الموازنة بلغ 2,5% من مجمل الناتج القومي , وأن نسبة الدين العام منسوبة إلي مجمل الناتج القومي بلغت تقديراتها 60,2% عام 2017 و58.8 % عام 2016 , وأشار التقرير كذلك إلي أن الإنتاج الزراعي مكون من الكاكاو وجوز الهند و حبات النخيل والفلفل والبن والموز والبابايا والفاصوليا والدواجن والأسماك , وبلغت صادرات ساوتومي 11,3 مليون دولار (تقديرات 2017)  80% منها كاكاكو وجوز الهند والبن وزيت النخيل وشركاؤها التجاريين الذين تصدر إليهم ساوتومي وفقاً لبيانات عام 2016هم : ألمانيا (23,3%) وهولندا (13,8%) والبرتغال (10%) وأنجولا (6,4%)وكورياالجنوبية(5,2) والبيرو(4,5%) والدومينيكان ( 4.1%) , أما إستيراد ساوتومي وفقاً لبيانات عام 2016 فكان توزيعه كما يلي : البرتغال بنسبة 58,8 وأنجولا بنسبة 15,2% والصين بنسبة 5,3% .

*( https://www.indexmundi.com/sao_tome_and_principe/economy_profile.html

إذن مع بقاء مسألة الإنتاج البترولي من مياه خليج غينيا المحيطة بجزيرتي ساوتومي وبرنسيب ساكنة , فقد تظل ساوتومي ولوقت أطول أسيرة الإعتماد علي دعم جمهورية الصين الشعبية التي لا تدخل بلداً إلا وتلونت بلونه مثلما تفعل الحرباء فهي في الحساب الختامي كباقي الدول المانحة أعضاء نادي المُستمعمرين القدامي والجدد وعلي رأسهم الولايات المتحدة , فالصين عينها مُسلطة علي ضرورة تحقيق هدفين في ساوتومي أولهما  تحقيق توازن مؤثر في ساوتومي لموقعها الجغرافي الحاكم في خليج غينيا مناط الإهتمام الرئيسي للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM فكما فعلت الصين من قبل ودخلت جيبوتي رأس حربة القرن الأفريقي وأقامت بها قاعدة عسكرية هي الأولي لها بالعالم وتتسع لنحو 10,000 جندي صيني في جيبوتي ولا تبعد عن القاعدة الأمريكية الواقعة هناك بمعسكرCamp Lemonnier سوي بضع كيلومترات , وبالتالي فالصين يهمها أن تتواجد عسكرياً في المستقبل بساوتومي التي تواجه 8 دول بترولية تطل علي ساحل خليج غينيا منهم نيجيريا وأنجولا والجابون  وتستورد الولايات المتحدة من هذه الدول حوالي 7% من مجمل وارداتها البترولية من الدول المنتجة للبترول بالعالم وميزة دول خليج غينيا البترولية أنها مواجهة للساحل الشرقي للولايات المتحدة حيث معظم مصافي البترول الأمريكية , ثانيهما حصار وتصفية تايوان دبلوماسياً وتجارياً وهو هدف تحقق وبثمن تلقاه سياسيو ساوتومي الرئيسيون , لكنه هدف يستحق خاصة وأنه يخدم في تحقيق إستراتيجية الصين في تنميط مواقف الدول الأفريقية بشأن سياسة ” صين واحدة ” , وقد تدفع ساوتومي في عهد الرئيس Trump ثمن ربما يكون فادحاً إن حققت إدارة الرئيس Trump وعيدها الذي تضمنه إقتراح قدمه نواب أمريكيون بإصدار تشريع لإنزال العقاب علي الدول التي إختارت عدم الإعتراف بجمهورية تايوان من إجل إرضاء جمهورية الصين الشعبية وهو تشريع أُطلق عليه قانون تايبيه TAIPEI Act قدمه هؤلاء النواب في الأسبوع الأأول من سبتمبر 2018 وقال النائب الجمهوري Cory Gardner وهو من المتبنين لهذا الإقتراح التشريعي ” إن الولايات المتحدة ستستخدم كل الأدوات المُتاحة لديها لدعم تايوان علي الساحة الدولية ” * ( NIKKEI . Asian Review .6 سبتمبر 2018) ويستهدف هذا القرار / التشريع 5 دول قطعت هلاقاتها الدبلوماسية ساحبة إعترافها بتايوان وهم بنما والسلفادور والدومينكان (أعلنت الخارجية الأمريكية في 7 سبتمبر 2018 عن إستدعاءها لسفراءها من هذه الدول الثلاث , وساوتومي (في ديسمبر 2016) وبوركينافاسو و تزامن قطعهم للعلاقات مع تايوان بعد تولي رئيسة  تايوان منصبها في مايو 2016بعد فوزها في الإنتخابات , ولم يُعلن عن الإجراءات التي يمكن للولايات المتحدة أن تتخذها ضد ساوتومي وبوركينافاسو لأكنها في جالة ساوتومي ستكون تدريجية وقد تبدأ في تقديري بإخراجها من لائحة الدول الأفريقية المُستفيدة من قانون الفرصة والنمو في أفريقيا AGOA وقد يلي ذلك إختيار الولايات المتحدة إتخاذ أحد إجراءين :-

أولهما: إجراء ناعم غطاءه العملية الديموقراطية والتي أحد مظاهرها الإنتخابات التشريعية التي ستجري في 7 أكتوبر 2018في ساوتومي والتي تضطرم المنافسة فيها بين حزب ADI حزب العمل الديموقراطي المُستقل)  الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الحالي P . Trovoada وسكرتيره العام Levy Nazaré  وحزب MLSTP-PSD ( حزب حركة تحرير ساوتومي وبرنسيب)  الحزب الأقدم في ساوتومي , وقد بدأت نذر تنبئ بإمكانية تدخل خارجي في هذه الإنتخابات إذ أعلن في ختام مؤتمر عام عٌقد بالعصمة ساوتومي في 12 أغسطس 2018 عن مولد حزب جديد تحت مُسمي União MDFM / UDD ( حزب الإتحاد من أجل الديموقراطية والتنمية وحزب الحركة الديموقراطية من أجل التغيير وكلاهما يتبني نفس التوجه الذي للآخر) ليعارض حزب رئيس الوزراء إذ أن حزب   MDFMأنشأه الرئيس السانتومي الأسبق  Fradique de Menezes وهو خصم Trovoada رئيس الوزراءالحالي , وقد أختار مؤتمر هذا الحزب في إجتماعه Carlos Neves  (سفير ساوتومي السابق لدي الولايات المتحدة وممثلها لدي الأمم المُتحدة) رئيساً له فيما إختار الرئيس الأسبق Menezes رئيساً شرفياً للحزب وقد وجه Menezes نقداً شديداً لرئيس الوزراء Trovoada خاصة فيما يتعلق بمركزه المالي *( Téla Nón . 13 أغسطس 2018) , وفي وقت سابق وفي إجتماع آخر عقده الحزبين المُتحالفين  MDFM و UDD في العاصمة ساوتومي في الأول من مايو 2018 وجها دعوة للحكومة القائمة برئاسة Patrice Trovoada بتجنب إرباك البلاد ,  وبناء علي هذا الصراع المُحتدم بين الأحزاب يمكن للولايات المتحدة دعم الحزب الجديد União MDFM / UDD مع أو بدون حزب MLSTP-PSD وذلك بالتنسيق مع نيجيريا الداعمة حالياً لحزب رئيس الوزراء الحالي ADI   للتخلص من الرجل (Patrice Trovoada) الذي أتي بالصين الشعبية لتتواجد في منطقة تعتبرها العسكرية الأمريكية ممُثلة في قيادتها الأفريقية AFRICOM حيوية بقدر حيوية جيبوتي بمنطقة القرن الأفريقي .

من الواضح أن هناك صراعاً مُحتدماً أكثر من أي مرة سابقة فيما يتعلق بالإنتخابات التشريعية في ساوتومي والتي ستبدأ في 7 أكتوبر 2018 بعد إنتهاء فترة الحملات الإنتخابية الدعائية التي تبدأ في 22 سبتمبر 2008, فأمام التحالف الذي نشأ بين3 أحزاب هي  MDFM و UDD و PCD والذي من بين أهم شخصياته السياسية القوية الرئيس الأسبق Menezes الذي سبق إبان فترته الرئاسية وأن طرد Patrice Trovoada كمستشار لشئون البترول مُتهماً إياه بإستغلال موقعه لصالحه الشخصي في الوقت الذي شات إتصالات الحكومة بشركات البترول أوجه مختلفة للفساد والتربح من قبل مسئولين كُثر , أما الشخصية الثانية فهو Carlos Agostinho das Neves سفير ساوتومي لدي الولايات المتحدة ومندوبها لدي الأمم المتحدة والذي إُنتخب في إجتماع هذين الحزبين رئيساً لتحالفهما المُعلن في 13 أغسطس 2018 , وكان عام 1994 حتي 2002أميناً عاما لحزب ADI الذي أنشأه   M . Trovoadوالد رئيس الوزراء الحالي P.Trovoada لكنه خرج من هذا الحزب ليُنشئ حزب الإتحاد من أجل الديموقراطية والتنمية UDD ( حاز مقعداً واحداً في البرلمان في الإنتخابات التشريعية عام 2014) الذي تحالف مؤخراً مع حزب الرئيس الأسبق  Fradique de Menezes , ومع أن معظم التقديرات تشير إلي ترجيح فوز حزب ADI وهو حزب رئيس الوزراء الحالي P.Trovoada إلا أن تحالف الحزبي بين أحزاب MDFM و UDD و PCD سيضيف مساحة أكبر من عدم اليقين بشأن فوز ADI خاصة وأن هناك إفتراض قريب من الواقع بناء علي تطورات مُعلنة في سياسة ساوتومي الخارجية  , هذا الإفتراض يُشير إلي أن للولايات المتحدة والصين مصلحة إستراتيجية في التدخل في الإنتخابات التشريعية في ساوتومي , ويدعم هذا الإفتراض القرار الذي إتخذته حكومة حزب ADI التي يرأسها Patrice Trovoada بالإعتراف بجمهورية الصين الشعبية وقطع العلاقات الدبلوماسية مع تايوان في 20 ديسمبر 2016 وهي العلاقات التي ظلت تدعم ساوتومي زمناً طويل , فالصين حققت نفاذاً في أحد أهم المواقع الإستراتيجية في أفريقيا , وهو نفاذ لا ترغب فيه أو تقبله الولايات المتحدة وبصفة خاصة قيادتها العسكرية لأفريقيا AFRICOM التي كانت بعض الأصوات في أروقتها ترشح ساوتومي لتكون مقراً لهذه القيادة بدلاً من مقرها الحالي في شتوتجارت بألمانيا  , إذن نحن أمام فترة حرجة قادمة لا محالة في ساوتومي فيها تداخل ما بين البترول والديموقراطية والحرب الباردة التي تصل حالياً لذروتها بين الصين والولايات المتحدة .

ثانيهما : إجراء خشن من خلال تدبير إنقلاب عسكري للإطاحة بحكومة Patrice Trovoada الذي كان في عهد الرئيس Menezes محسوباً علي الأمريكيين وزار مقر القيادة العسكرية الأمريكية لألإريقيا في شتوتجارت بألمانيا ثم إنقلب ليتيح للصين نفاذاً في هذه الجزيرة الإستراتيجية الموقع , ومن المعروف أن  هذا البلد الأفريقي الصغير لم يشهد خلال تاريخه السياسي من بعد الإستقلال عن البرتغال في 12 يوليو 1975سوي محاولة واحدة لإنقلاب عسكري في 16 يوليو2003 أثناء تواجد الرئيس Menezes في زيارة خاصة لنيجيريا قاده الرائد Fernando Pereira , وهي المحاولة الإنقلابية الفاشلة التي بررها قادتها بأنه تأتي للإطاحة بالحكومة بسبب حالة متفاقمة من عدم الرضي من أداءها الضعيف ولوقف تفشي الفقر في البلاد , وقد ساعدت نيجيريا علي إحباط هذه المحاولة وقد تردد وسمعت في أحد زياراتي لساوتومي أن نيجيريا كان وراء هذه المحاولة ووراء إحباطها من أجل الضغط علي الرئيس السانتومي Menezes في ملف البترول فقد كان هناك تململ من إتفاق منطقة التنمية المُشتركة البحرية بين ساوتومي ونيجيريا بسبب عدم عدالة نسبة توزيع الإنتاج وأرباح البترول بهذه المنطقة وهي 60% لنيجيريا و40% لساوتومي  , وليس ببعيد الإنقلاب العسكري الذي تم تدبيره بين المكتب الثاني الفرنسي والمخابرات الأمريكي ونفذته عناصر تابعة لشركة Black Water وأطاح في 18 فبراير 2010 برئيس النيجر Mamadou Tandja بسبب رغبته تعديل تعاقدات النيجر المُتعلقة بإستغلال اليورانيوم مع مجموعةAREVA  المملوك معظمها للدولة الفرنسية وهو ما وافقت عليه فرنسا / ساركوزي في مارس 2009 علي مضض خوفاً من تنفيذ الرئيس Mamadou Tandja وعيده بمنح إمتاز إستغلال منجم Oraraen للصين الشعبية وبعد ذلك تلكأت فرنسا – كما أخبرني بذلك الرئيس في لقاء لي معه – في ضخ الإستثمارات في ذلك المنجم الذي يعد ثاني أكبر منجم يورانيوم بالعالم , وكانت فرنسا تبيت النية مع الولايات المتحدة – وفقاً لإفادات من أكثر من شخصية سياسية بالنيجر – للإطاحة بالرئيس Tandjaوهو ما حدث بالفعل , فما الذي يمنع الولايات المتحدة من تكرار التجربة خاصة وأن حربها الباردة مع الصين دخلت مرحلة تنذر بمزيد من الخطر والتعقد .

نـــتيـــجـــة :

حتي وقتنا الحاضر ومنذ نحو 18 عاماً لم تتخل ساوتومي وسياسيها عن أحلام الثروة البترولية , وطيلة هذه الفترة الطويلة لم تُستطع ساوتومي أن تنضم لقائمة الدول الأفريقية المُنتجة للبترول بالرغم من أنها تواجه علي الساحل المواجه لها ثماني دول أفريقية مُنتجة للبترول منها نيجيريا والجابون تشاركهم ساوتومي عضوية لجنة خليج غينيا , إذ لم ينبثق البترول لا من المنطقة الإقتصادية الخالصة لساوتومي ولا منطقة التنمية المُشتركة بين ساوتومي ونيجيريا في خليج غينيا , ولذلك فستظل مُتلازمة الفقر لصيقة بساوتومي وشعبها لفترة قادمة لا يعلمها إلا الله تعالي , وستظل شركات البترول ومعظمها شركات صغيرة علي بعضها علامات إستفهام واضحة عن مبررات إصرارها علي الإستكشاف البترولي حول وفي مياه خليج غينيا المحيطة بساوتومي رغم أن إنسحاب شركتي Chevron و Total وهما شركتين لهما باع مُميز في الإستكشاف والإستغلال البترولي ويعملان علي الساحل المواجه لساوتومي في أنجولا (كابيندا ومياه الأطلنطي في المنطقة الإقتصادية الخالصة الأنجولية) , وكان يجدر بساوتومي التركيز علي النشاط الزراعي وخاصة إنتاج الكاكاو والبن للنهوض بالإقتصاد كما تفعل ساحل العاج التي قوام إقتصادها إنتاج الكاكاو والموز وغيرهما , فساوتومي إن ركزت علي الزراعة من الآن لكان ذلك إنقاذاً لوضعها الإقتصادي المُتدهور , فعلي سبيل المثال أورد تقرير صادر عن  indexmundiعن إقتصاد ساوتومي لعام 2018 أن التقلبات في حجم المعونات وتدفقات الاستثمار إلي ساوتومي أدت حتى مع نمو قطاع السياحة إلى معدل نمو معتدل عند حوالي 4٪ سنوياً فحسب وهي نسبة غير كافية للتخفيف من حدة الفقر , كما أشار هذا التقرير إلي أنه وفقاً لتقديرات عام 2009 فإن 66,2 % من عدد السكان يرزحون تحت خط الفقر , فيما بلغت نسبة البطالة وفقاً لتقديرات عام 2007 نحو 12,2% من السكان , كما أشار التقرير إلي أن  مجمل الناتج القومي مُقوماً بسعر الصرف الرسمي بلغ 372 مليون دولار وذلك , وأن توزيع هذا الناتج كما يلي : 11,8% من قطاع الزراعة و 14,8% من قطاع الصناعة ( وهو مكون من مجالات البناء والنسيج والصابونوالبيرة والأسماك والدخان) و 73,4 من القطاع الخدمي , وتشير بيانات 2017 إلي أن عوائد الدولة في الموازنة العامة بلغت 114,3 مليون دولار بينما بلغت الفقات 123,4 مليون دولار وأن عجز هذه الموازنة بلغ 2,5% من مجمل الناتج القومي , وأن نسبة الدين العام منسوبة إلي مجمل الناتج القومي بلغت تقديراتها 60,2% عام 2017 و58.8 % عام 2016 , وأشار التقرير كذلك إلي أن الإنتاج الزراعي مكون من الكاكاو وجوز الهند و حبات النخيل والفلفل والبن والموز والبابايا والفاصوليا والدواجن والأسماك , وبلغت صادرات ساوتومي 11,3 مليون دولار (تقديرات 2017) 80% منها كاكاكو وجوز الهند والبن وزيت النخيل وشركاؤها التجاريين وفقاً لبيانات عام 2016هم : ألمانيا (23,3% من الصادرات) وهولندا(13,8%) والبرتغال (10%)  وأنجولا (6,4%) وكوريا الجنوبية (5,2) والبيرو (4,5%) والدومينيكان ( 4.1%) , أما إستيراد ساوتومي وفقاً لبيانات عام 2016 فكان توزيعه كما يلي : البرتغال بنسبة 58,8 وأنجولا بنسبة 15,2% والصين بنسبة 5,3% .

*( https://www.indexmundi.com/sao_tome_and_principe/economy_profile.html , مأساةساوتومي وشعبها أن سياسيها صدقوا ويريدون من الشعب أن يصدق لفترة أطول تلك المٌبالغات التي دأبوا علي تكرارها في حملاتهم الإنتخابية  والتي من بينها أن ساوتومي ستصبح بفضل البترول المُتوقع   “كويت أفريقيا ” , ويُمكنني القول بأن البترول ولم تنتجه ساوتومي بعد بكميات تجارية إلا أنه مع هذا أصبح “لعنة” .

  • خاص – المركز الديمقراطي العربي -الـــســـفـــيـــر / بــــلال الــمــصـــري – ســفــيــر مصر الـسابق في أنجولا وساوتومي والنيجر

القاهرة : تحريراً في 15 سبتمبر 2018  

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى