مقالات

هل سيُعزل الرئيس الامريكي حقاً؟

بقلم الباحث السياسي: محمد كريم جبار الخاقاني. ماجستير دراسات دولية. جامعة بغداد.

  • المركز الديمقراطي العربي

 

يبدو من الناحية النظرية ذلك الامر ممكن , اي عزل الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب عن موقعه في سابقة تأريخية لم تحدث مع الرؤوساء الاربعة والاربعين الذين سبقوه في حكم الولايات المتحدة الامريكية, إذ لم يحدث ان استخدم العزل ولو بشكله النظري المؤطر دستورياً إلا في حالتين سابقتين, مع بيل كلنتون  بسبب فضيحة مونيكا لوينسكي وكذلك مع الديمقراطي اندرو جونسون بعد مخالفة صريحة للقانون الامريكي واصراره على عزل وزير الحرب الاهلية الجمهوري إدوين ستانتون من دون الحصول على موافقة الكونكرس الامريكي وهو ما عُد انتهاكاً للقانون الفيدرالي, والملاحظ في كلتا الحالتين فشلت عملية عزل الرئيس الامريكي وذلك لأن الدستور الامريكي قد صًمم بطريقة يجعل من الصعوبة بمكان الإطاحة بالرئيس حفاظاً على استقرارية النظام السياسي في الولايات المتحدة الامريكية.

ان عملية عزل الرئيس ترامب اخذت تًطرح بشكل متداول في وسائل الإعلام المختلفة بعد إدانة المحكمة لأحد محامي الرئيس مايكل كوهين ومدير حملته الإنتخابية السابق بول مانفورت الذي تُحقق فرق التحقيق الخاصة بمسألة التدخل الروسي في نتيجة الإنتخابات الامريكية الأخيرة فيما يخص التواطؤ بين تلك الحملة والروس , ولم يخرج التحقيق لغاية الان بأي نتائج تدين الرئيس بتلك القضية, بل تمت إدانة مانفورت بتهم اخرى تتعلق بالتهرب الضريبي والأحتيال المصرفي في إجمالي قضايا متهم بها تصل لثمانية قضايا, اما فيما يخص محامي الرئيس ترامب فهو كذلك متهم بقضايا تتعلق بالتهرب الضريبي والاحتيال المصرفي وخرق قوانين التمويل الخاصة بالحملات الإنتخابية , ولكن المحامي قد ورط الرئيس ترامب معه في قضايا اخرى تتعلق بإقامة علاقات مع امرأتين وهما ستورمي دانيلز و كارين ماكدوغال مقابل دفع اموال لهما تتراوح بين 130,000$ و150,000$ لشراء سكوتهما وبالتالي تلك القضية لا ترقى الى مستوى عزل ترامب عن منصبه .

وتتزامن تلك القضايا الخاصة بتهم تستهدف الرئيس ترامب مع الإنتخابات التجديدية المقبلة والتي ينتظرها الديمقراطيين بأحر من الجمر للانقضاض على خصومهم الجمهوريين الذين يشكلون الاغلبية التي تحول دون إتخاذ اي اجراء بحق الرئيس ترامب بسبب احتياج الديمقراطيين لثلثي اصوات مجلس الشيوخ لتحقيق الهدف المنشود , وحتى لو حدث ذلك, فإن القضية التي يسوق لها الإعلام من انها قد تطيح بعرش الرئيس الامريكي , ليست بتلك الخطورة لكون التهمة كانت بوقت سابق على حكم الرئيس فعلياً وتتعلق بالدفع فقط دون إقامة العلاقات مع تلك الأمراتين فضلاً عن كون الاموال قد دُفعت من جيب ترامب الخاص وليس في إطار الحملة الإنتخابية وبالتالي تُشكل تلك التهمة خرقاً لقوانين الحملات الإنتخابية وقد تطيح بالمحامي كوهين وليس الرئيس ترامب.

ولذلك نرى بإن ترامب قد استغل تلك القضية لتحشيد الرأي العام المناصر له من خلال حديثه لقناة”فوكس نيوز” والدعوة الى جعل تلك القضية مدعاة لتوحيد الشعب خلف قيادته التي تحقق انتصارات اقتصادية كبرى للولايات المتحدة الامريكية وان عزله عن منصبه تؤدي الى انهيار الاسواق وعودة الركود الاقتصادي وتفشي الفقر من جديد في عودة لأجواء الازمة المالية التي ضربت البلاد في عام 2008.

 

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى