الدراسات البحثيةالمتخصصة

التضامن الاجتماعي في المجتمع المغربي، من الأشكال التضامنية التقليدية إلى الأشكال التضامنية الحديثة: قراءة سوسيولوجية في أبعاد المبادرات المدنية مع ضحايا زلزال الحوز

اعداد :  الباحثين المشاركين في هذا العمل ضمن “مختبر البيئة والتراب والتنمية” بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالقنيطرة: مصطفى مرتبط، إسماعيل الراجي، سعيد السلماني

  • المركز الديمقراطي العربي

 

ملخص :

رسم المجتمع المغربي عبر حملة التضامن مع ساكنة المناطق المنكوبة بزلزال الحوز الذي ضرب المغرب خلال سنة 2023، لوحة إبداعية متعددة الدلالات الإنسانية والمجتمعية. شكلت موضوع الساعة في وسائل الاعلام والتواصل، فبالتوازي مع عظيم الخسائر البشرية والمادية التي تناقلتها وكالات الانباء المحلية والدولية، رافقت تلك الصور المثخنة بالألم والمصاب، صور الأمل والتعاون والتضامن؛ والتي، أبان فيها المجتمع المغربي عن كينونة ثقافة التضامن وموروثه التلاحمي في الأوقات العسيرة.

في هذه المقالة سنحاول أنستقصي جوانب سوسيولوجية التضامن في المجتمع المغربي، بين الماضي والحاضر عبر تقديم اضاءات عن مفهوم التضامن وأنواعه في المجتمع من خلال حقل العلوم الإنسانية والاجتماعية، والبحث في جذور ثقافة التضامن كرافد من روافد الفعل المجتمعي في المجتمع المغربي المتوارث جيلا عن جيل، ثم نقف عند مشاهد هبة التضامن مع المناطق المنكوبة بزلزال وتحليها من مداخل القيم والثقافة.

Résumé

 Du dessin de la société marocaine à travers la campagne de solidarité avec la population des zones touchées par le tremblement de terre du Haouz qui a frappé le Maroc au cours de l’année 2023, une peinture créative aux multiples connotations humaines et sociétales. Parallèlement aux grandes pertes humaines et matérielles rapportées par les agences de presse locales et internationales, ces images de douleur et de blessure ont été accompagnées d’images d’espoir, de coopération et de solidarité, dans lesquelles la société marocaine a montré la culture de la solidarité et son héritage cohésif dans les moments difficiles. Dans cet article, nous tenterons d’étudier les aspects de la sociologie de la solidarité dans la société marocaine, entre le passé et le présent en apportant des éclairages sur le concept de solidarité et ses types dans la société à travers le champ des sciences humaines et sociales, et des recherches sur les racines de la culture de la solidarité en tant qu’affluent de l’action communautaire dans la société marocaine héritée de génération en génération, puis nous nous tiendrons sur les lieux du don de la solidarité avec les zones sinistrées et de leur décomposition des entrées des valeurs et de la culture.

مقدمة:

عملت التحولات والأزمات والحروب والكوارث الطبيعية التي شهدها العالم إبان الثورتين الصناعية والثقافية بأوربا على بروز أشكال تضامنية وتعاونية خلخلت التركيبية الاجتماعية للمؤسسات التقليدية، حيث  تم الانتقال من إنتاج زراعي إقطاعي إلى إنتاج صناعي رأسمالي، مما ترتب عنه ظهور طبقة اجتماعية “البروليتاريا”، التي وجدت نفسها في مواجهة أوضاع هشة نتيجة الاستغلال الفاحش لقوة عملها، مرتبطة بتنامي هيمنة النظام الرأسمالي, فخرج مفكرون من مشارب علمية مختلفة (السوسيولوجيا، القانون، الاقتصاد، …) يفككون ويبحون ويقترحون حلولا لتجاوز تداعيات النظام الرأسمالي، وهناك من وجد الحل في الصيغ التضامنية والتعاونية بين الفئات المهمشة والفقيرة. لتنطلق بعد ذلك، الاجتهاد الفكرية والنظريات والمقاربات التي تجعل من مفهوم التضامن المخرج الأمثل، باعتباره صيغة تحيل على التماسك المجتمعي الناتج عن التآزر والتعاون والتعاضد بين أفراد المجتمع.

وللتضامن عدة صور وأشكال، وتسعى جميعها إلى الارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والنفسي للأفراد والمجتمعات، وتحقيق التقدم والتنمية والرفاه الاجتماعي للجميع، ومن أهم هذه الأشكال هناك: التضامن الاقتصادي، الذي يجعل من أهدافه تحقيق الاكتفاء الذاتي، ومحاربة الفقر والبطالة، ومساعدة الآخر كيف ما كان، وتقديم العون له، مما يرفع من مؤشرات التنمية الاقتصادية، ويزيد من دخل الأفراد. والتضامن السياسي القائم على الذود عن الهوية الوطنية والوقوف أمام مظاهر العدوان السياسي أو الاعتداء من طرف جماعات منظمة، والاتحاد ضد أي تهديد خارجي. والتضامن النفسي الذي يوفر الدعم والأمن الداخلي للأفراد، بما يحسن من حالتهم العاطفية والوجدانية. والتضامن المادي، الذي يتمثل في تنظيم ومساندة ودعم حملات التبرع والمساعدة المالية والعينية للمحتاجين والفقراء. ثم التضامن المعنوي القائم على مشاركة الآخر في الشعور العاطفي، أي التعبير عن الإحساس الإيجابي الداخلي بأفراح وأتراح الآخر عند حدوث طارئ صحي أو مصاب جلل.

وضمن هذا السياق تم طرح مجموعة من الأسئلة حول الحملة الشعبية للتضامن التي تجند لها المجتمع المغربي بكل أطيافه ومكوناته والتي أثارت الإعجاب والإشادة من قبل العديد من المجتمعات، والهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية في داخل المغرب وخارجه.

وإذا كانت الظاهرة الاجتماعية تفرض نفسها على الباحث وتستفزه لمساءلتها، فإننا كباحثين في الميدان السوسيولوجي وجدنا أنفسنا نتساءل عن أهمية التضامن ودوره في التماسك الاجتماعي؟ وما الذي يجعل المجتمع الغربي متضامناً بهذا الشكل الملحمي رغم التغيرات التي طرأت عليه؟

للإجابة عن هذا الاشكال حاولنا في هذا العمل تقديم قراءة سوسيولوجيا لملحمة التضامن الشعبي المغربي، مع ضحايا زلزال الحوز، وفق الخطة الآتية:

المحور الأول، رصد فيه الباحث مصطفى مرتبط جينيالوجية مفهوم التضامن ومفهوم المجتمع المدني، من خلال مقاربة سوسيو تاريخية، ركز من خلالها على طبيعة العلاقة بينهما وجذورهما الفلسفية والثقافية وأهمية التضامن والتعاون في تعزيز المكاسب الاجتماعية والثقافية للمجتمعات الإنسانية.

المحور الثاني، قدم من خلاله الباحث إسماعيل الراجي نبذة عن مؤسسات التضامن والعمل التطوعي العرفي في الثقافية الاجتماعية التقليدية المغربية، ومحطات تحول أشكال التضامن من الصيغة التقليدية نحو المجتمع المدني والعمل الجمعوي المؤطر بالوثائق والقوانين والاستراتيجيات التنموية.

وفي المحور الثالث، وقف من خلاله الباحث سعيد السلماني على خلفيات الهبة التضامنية ومبادرات المساعدة المدنية الواسعة مع ضحايا زلزال الحوز والمناطق المنكوبة من خلال رصد قيم التضامن التي تجلت في صفوف المغاربة بكل أطيافهم.

أولا: التضامن في المجتمع المغربي أهميته ودوره في تعزيز المكاسب الاجتماعية

  • تحديد المفاهيم

مفهوم التضامن

يشير مفهوم التضامن إلى الوحدة والتكامل بين الأفراد أو الجماعات، وإلى تقديم أشكال الدعم والمساعدة للذين يعيشون صعوبات مالية أو اجتماعية، أو يواجهون تداعيات ناجمة عن بعض الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والجوائح، ويستهدف التضامن تعزيز سمات وتجليات الروابط الاجتماعية.

نجد في التشريع الروماني ما يشير إلى تضامن الفرد مع باقي أفراد جماعته، وقد وظفه أوغيست كونت للدلالة على الاعتماد المتبادل بين الأفراد، حيث ميز بين التضامن الاجتماعي الذي ينشأن بين أفراد جيل واحد، والتضامن الاستمراري البين جيلي[1]، ويعرفه كذلك على أنه حالة أو ظرف تتميز به الجماعة، ويسود فيه الالتحام الاجتماعي، والتعاون والعمل الجمعي الموجه نحو إنجاز أهداف الجماعة[2].

يرى دوركايم أن التضامن يشكل أساس المجتمع، بالرغم من أنه ليس الشرط الوحيد للوجود الاجتماعي، حيث يعتبره من عوامل تماسك وتلاحم أجزاء المجتمع، إلى جانب الأخلاق والدين والقانون وأساليب الضبط الاجتماعي، وفي هذا الصدد ميز بين صنفين من التضامن: التضامن الآلي والتضامن العضوي، فيقصد بالأول، تضامن جمعي ينتشر في المجتمعات البدائية البسيطة والصغيرة التي تتميز بتقسيم العمل والأدوار الاجتماعية المحدودية،  ويتأسس على تجانس السلوكات والقيم للأفراد، الخاضعة في نفس الوقت إلى قواعد الضبط الاجتماعي، وقوى القرابة، والعواطف المشتركة، والشعور الجمعي، وهو ما يسمه بالتضامن الاجتماعي الميكانيكي، أما الثاني، فيقصد به التضامن المميز للمجتمع الصناعي الحديث المركب، القائم على تقسيم العمل المعقد والأدوار المتخصصة، والفردانية والحرية، بمعنى أن منطلقاته بعيدة عن العواطف المشتركة واستقلال ذاتية الفرد عن الجماعة[3]. فكلما تشابك وتعقد نظام تقسيم العمل الاجتماعي كلما توسع وتكامل التضامن العضوي، الذي يحتاج فيه الفرد إلى جهود الآخرين.

في مستوى آخر، يمكن التمييز بين التضامن الرسمي الذي يعد من أشكال تدخل الدولة، وتقوم به المؤسسات الرسمية والهيئات الحكومية، حيث يمتاز بالتنظيم المحكم والعالي والسريع والفعال، والتضامن غير الرسمي الذي يكون على شكل مبادرات حرة، وتدخلات ذات طبيعة إنسانية، يكون في الغالب من طرف فعاليات المجتمع المدني والأفراد والخواص.

بناء على ما سبق، يمثل التضامن الاجتماعي، أحد القيم الأساسية في المجتمعات، ويعتبر من الأهداف التي تسعى المنظومة الاجتماعية المعاصرة إلى تحقيقها، على اعتبار أنه عمل أخلاقي وإنساني، يقدمه أفراد إلى أفراد آخرين أو فئات أخرى في حاجة إلى المساعدة المادية أو المعنوية أو النفسية، أو في وضعيات صعبة: كالحروب والكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية، تعبيرا عن التفاعل الإيجابي داخل المجتمع الإنساني.

  • مفهوم المجتمع المدني

يقصد بالمجتمع المدني الجمعيات والمنضمات والهيئات النقابية التي تشتغل بشكل مستقل عن الدولة، ذات الطابع غير الحكومي وغير الربحي، إضافة إلى الفاعلين المؤثرين في الحياة السياسية، والتي تستهدف تحقيق جملة من الأهداف المشتركة بين الأفراد المنخرطين في هذه التنظيمات والتجمعات، فمنها من يشتغل في الجانب الإنساني والخيري الإحساني، ومنها من يمارس أنشطة سياسية تركز على تتبع ومرافقة وإعداد وتنزيل البرامج والمخططات وتفعيل السياسات الحكومية، لتعزيز الشفافية، والمحافظة على الحقوق المكتسبة وحقوق الإنسان. ويعد المجتمع المدني فاعلا أساسيا في التضامن الاجتماعي.

وفي هذا السياق ينبغي التمييز بين المجتمع المدني والمجتمع في عموميته، فالقاموس السياسي الفرنسي وضع حدا فاصلا وواضحا بينهما، حيث يقصد بالأول: الجمعيات والمنظمات التي تستمد شرعيتها من إرادة المواطنين، أما المجتمع فهو يمثل مجموع المواطنين المستقرين على تراب دولة ما باختلاف جنسهم توجههم وانتمائهم السياسي والفكري والعقدي. ما يميز المجتمع المدني هو هدفه غير الربحي، وطبيعته السلمية، وتعدد القضايا التي ينفرد بها، من خلال وضع تصور واضح المعالم حولها، كما أنها لا تخرج عن المحددات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع، وتتداخل فيها أنماط ثقافية وعقائدية وعلاقات مجالية بشكل مركب وبنيوي[4]، وإن كانت لا تمثل، بالطبع، جميع اهتمامات وتوجهات أفراد المجتمع.

يندرج ضمن تنظيمات المجتمع المدني، كذلك، العديد من المؤسسات منها: المؤسسات الدينية كالكنائس والمساجد والمنظمات والجمعيات الدينية، ومجتمعات وسائط الأنترنيت والتواصل الاجتماعي، ومنظمات حقوق المرأة والطفل، والنقابات والتعاونيات والجمعيات، والمنظمات الشعبية والاتحادات كاتحاد الفلاحين، والمحامين. ومن أمثلة منظمات المجتمع المدني الذائعة الصيت والتي لها باع طويل في القضايا الاجتماعية والسياسية، نخص بالذكر: منظمة العفو الدولية، الاتحاد الدولي لنقابات العمال، منظمة السلام الأخضر، … أما عن خصائص المجتمع المدني فيمكن إجمالها في: المعاملة بالمثل والمساواة بين أفراده، الذين ينشطون في حل النزاعات والقضايا بالطرق السلمية، والاتحاد والجماعية: أي العمل الجماعي المنظم مما يمكن من تكوين وتقوية الروابط الاجتماعية وتوسيع قاعدة شبكات المجتمع المدني، والتشاركية: حيث القرارات تتخذ بعد إشراك جميع الأعضاء، خدمة للصالح العام، بما يقرب أفراد المجتمع من بعضهم البعض، فأعضاء المجتمع المدني يعدون كسائر أفراد المجتمع يخضعون لسلطة القانون، ويدافعون عن حقوقهم وحقوق الآخرين.

وقد برز دور المجتمع المدني بشكل واضح في السنوات الأخيرة، حيث تولى قيادة حركات التغيير في مجموعة من الدول التي توصف بـ”الربيعية”، وطالب بتغيير الحكومات والقيادات، ورفع الوعي بالقضايا الاجتماعية، وتمكن بالفعل من تطوير برامج جديدة تلبي احتياجات أفراد المجتمع، وقام بتوعيتهم بالحقوق الصحية والبيئية والاقتصادية، وبمخاطر الجهل والأمية، والعنف السياسي والأسري وعواقبه على أمن المجتمع والأشخاص، كما برز بشكل واضح عندما قدم خدمات جليلة للمجتمع وتلبية احتياجاته في فترات الكوارث الطبيعية والأزمات والجوائح، واستعداده وتأهبه المستمر للاستجابة لحالات الطوارئ كالفيضانات والزلازل والحرائق، مستفيدا مما راكمه من خبرات ميدانية ومعرفية، ومن شبكات العلاقات على المستوى الدولي.

ومن بين أدوار المجتمع المدني: المساهمة في إعداد البرامج وتتبع إنجاز المشاريع من أجل الصالح العام، ومراقبة الموارد المادية والطبيعية والبشرية الموجودة في المجتمع. أما فيما يخص السيادة التي يطمع المجتمع المدني إلى تحقيقها، فتتمثل بالخصوص في حق المشاركة في إعداد السياسات العمومية، واتخاذ القرارات، وتنفيذ الإجراءات والممارسات التي تؤثر على أصحاب القرار، ومساعدة الجهات السياسية والاقتصادية أثناء مزاولة مهامها، كالحرص على إجراء الانتخابات الشفافة والنزيهة، وضمان حرية التعبير، وحرية التجمهر والتعبئة في مجموعات ضاغطة.

  • وظيفة المجتمع المدني

يمثل المجتمع المدني بمختلف مؤسساته وتنظيماته وهياكله الوسيط بين الدولة كمؤسسة سلطوية وقاعدة الدولة من المواطنين، فهو في علاقة دائمة مع الدولة تتسم بالشد والجذب، وفي علاقة مع قاعدة المجتمع تتراوح بين الأخذ والعطاء، فوظيفة كل من الدولة والمجتمع المدني تظهر من خلال الهيمنة السياسية والثقافية[5]، فالدولة -وبحكم هيمنتها على السلطة- تنظم علاقات السلطة في المجتمع من جهة، وتنظم من جهة ثانية علاقات المواطنة (التضامن، التعاون، الحراك، الاحتجاج، الدعم، …)، أي حسب التحديد الذي يعطيه غرامشي، فهما معا -السلطة والمجتمع المدني- فضاء تكون وانتشار الأيديولوجيات المختلفة التي تشد الجسد الاجتماعي بعضه إلى بعض.

ليس المقام هنا للحديث عن الدولة في علاقتها بالمجتمع المدني وأشكال الصراعات والتوافقات بينهما، وإنما سعينا من خلال التوضيح أعلاه الإشارة إلى الارتباط الواضح بينهما، وأن المجتمع المدني لا يستطيع الانفلات من وصاية الدولة. وبالرغم من ذلك فقد تمكن -فعلا- من بناء ثقافة المبادرة والتضامن الاجتماعي والتطوع، وبهذا المعنى شكل ثقافة تتأسس على قيم الجماعة التي أفرادها يتمثلون قيما اجتماعية إنسانية (التعاون، التضامن، التكافل، والتآزر، الخير والإحسان، …)، خصوصا فئة الشباب، التي تعتبر قوة أساسية في التغيير وفي بناء المستقبل، لذلك نجد بيير بورديو يركز في أبحاثه على أهمية هذه الفئة الاجتماعية، ويعتبرها مرتبطة أيما ارتباط بتطورات التاريخ والأوضاع والقيم الاجتماعية والدينية[6]، وبأسئلة مسارات ومآلات التحولات السوسيولوجية، أي أن قوة العمل التضامني رهين بقوة الشباب ومرجعياته الثقافية والاجتماعية، وبميولاته وحاجاته وسلوكاته في المساهمة وفي التغيير سواء بطرق واعية منظمة أو عفوية لاشعورية.

وفي نفس السياق، يربط دوركايم بين التضامن والأخلاق داخل المجتمع، فالمجتمع يتأسس في جانب كبير منه على مجموعة من القيم والمثل العليا، التي تشكل روابط تشد أفراد المجتمع، فالأخلاق هي التي تنظم المعاملات بين الناس وتجعلهم متآلفين ومترابطين، وهو ما نقصده بالأخلاق الاجتماعية التي تحفظ الأمن والنظام وتشيع التعاون والتضامن بين الأفراد والمجتمعات.

ويندرج ضمن الأخلاق الاجتماعية حسب التحديد الدوركايمي مبدأ التطوع، والذي عليه يتأسس مفهوم التضامن، على اعتبار أن التطوع هو الإقبال على الشيء دون انتظار المقابل، فالمتطوع يجعل نفسه رهن إشارة الجماعة والاستعداد المتبادل بين الأفراد بشكل غير مشروط للتعاون والتضامن، والحافز هو خدمة أهداف إنسانية نبيلة، وتحقيق الذات الفردية والجماعية وإشباع الطموحات الاجتماعية والنفسية والفكرية[7]. المثير هنا أن المتطوع يختار بمحض إرادته ما هو متطوع من أجله، بعيدا عن أشكال التسليع وربط التضامن والتطوع بتحصيل المنح والتعويضات والمكافآت المادية والعينية، أو الرغبة في بعض الامتيازات.

  • التضامن وتعزيز المكاسب الاجتماعية

إن مبدأ التضامن يشكل سلوكا نابعا من الطبيعة الاجتماعية للإنسان، وله عدة أوجه وتجليات، وتظهر أهميته بشكل بارز في تعزيز جملة من المكاسب الاجتماعية، فهو من جهة يهدف إلى تحقيق التكافل والتعاون، لأن التضامن بشكل عام هو الفعل أو التنظيم الذي يلجأ إليه أفراد المجتمع في ظروف عصيبة وإبان الأزمات، بحيث يساهم في تقليص الفوارق بين طبقات المجتمع للوصول إلى تماسك اجتماعي متين، كما يستهدف تحقيق العدالة الاجتماعية انطلاقا من صون كرامة الإنسان وحفظ حقوقه بأكملها، ثم تحقيق المساواة بين جميع الأفراد، ومحاربة أشكال التمييز والظلم.

ومن جهة أخرى، يعمل التضامن على الحد من تفشي المظاهر الاجتماعية السلبية، مثل الجوع والفقر والبطالة والأمراض الفتاكة، وذلك من خلال إقامة بعض التنظيمات المدنية والجمعيات التعاونية والمشافي، ومساعدة القوي للضعيف والغني للفقير، كما أن مبدأ التضامن يسعى إلى الحد أو التخفيف من انتشار بعض المظاهر الاجتماعية ذات التأثير السلبي على الإنسان وعلى الفرد والمجتمع.

كما يهدف التضامن إلى تعزيز التواصل الاجتماعي بين الأفراد، على اعتبار أن مبدأ التضامن هو مبدأ إنساني، وباستحضاره يتعزز الشعور بالتآزر والاتحاد بعيدا عن التنابذ والتشرذم والاختلاف، ويعتبر مشروعا ناجحا كونه عملا جماعيا، ينطلق من فرادة تقديم المساعدات والدعم النفسي والمعنوي والمادي، ويوحد الشعور والعاطفية، والإحساس بمعاناة الآخرين، وبذلك، يتحقق التواصل الجيد من خلال مشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم.

من مزايا التضامن على المستوى الاجتماعي، توفير الجهد والوقت، لأن طبيعة هذا العمل جماعية بالدرجة الأولى، كما أنها قاعدة هامة جدا، لما يرتبط به (التضامن) من تنظيم وتوزيع للمهام والأدوار أثناء عمليات التدخل، ومن تم فهو يقلل الزمن اللازم للإنجاز، وفي استثمار وتوفير الجهد المبذول، وبالتالي، يساهم في زيادة المردودية وينمي الإنتاجية، لذلك، يصل بسهولة إلى الأهداف الاجتماعية والغايات التضامنية.

يمكن القول أن التضامن الاجتماعي يعد من روافد النضال الجماعي المنظم والجماهيري ذي الخصوصيات والأبعاد السياسية والفكرية والتاريخية، ويستلزم مجموعة من المرتكزات، أهمها الحرية في التعبير والفعل، والاستعداد المعرفي لتحرير الأفكار من الذاتية والنزعة الفردانية، والسعي إلى العمل مع وللجماعة بشكل بعيد عن المصالح الشخصية والنفعية المرتبطة بالزمان والمكان.

ثانيا: شذرات تاريخية عن التكافل الاجتماعي في زمن الكوارث الطبيعية

1-   لمحة عن الكوارث الطبيعية في المجال المغربي

في تاريخ المغرب وبالتحديد حسب ما كتب في سياق الكوارث الطبيعية؛ المتعلقة مثلا بمحطات من الخط الزمني المرتبط بالألفية الثانية التي جعلت تاريخ الكوارث مبحثا لها؛ كانت الكوارث الطبيعية الناجمة عن مثلث التطرفات المناخية(قلة التساقطات وكثرتها) أو النوائب الوبائية(الجوائح الصحية أو انشار الامراض الفتاكة المعدية) أو الهزات من أعماق الأرض (كالزلازل)، هي مصدر الكوارث الطبيعية الرئيسة التي أثخنت في تكبيد المجال المغربي خسائر بشرية ومادية بين الفترة والفترة، حتى قيل عن بعض الكوارث الناجمة عن الظروف المناخية هي دورية. وبصيغة أخرى، شكلت كل من موجات الجفاف والقحط، والمجاعات، والفيضانات، والامراض والاوبئة والجوائح الصحية، والزلازل جملة من الكوارث التي استمرت في تعاقب على المجال المغربي، وأدخلت المجتمع في مسغبات جد حادة، وشمت ذاكرة المغاربة، جيلا بعد جيل، ومما خلدته الذاكرة الجماعية في الثقافة الشعبية؛ أعوام المسغبات المثخنة بالفقد والخسائر والجوع والمرض والوهن، ففي الماضي القريب، لم تكن الأعوام التي أطلق عليه المغاربة؛ “عام الجوع”، و”عام يرني”، “عام الخبيزة” إلا تأريخا اجتماعيا ليوميات بعض الكوارث الطبيعية[8] المتعلقة بمحطات خلال ثلاثة القرون السابقة، وهذا ما كان حتى في القرن 13م،  حيث صك المجتمع اصطلاح “سنة وقليل”، والذي هو مصطلح من قاموس التأريخ الشعبي المغربي، يحيل إلى “المجاعة العظمى” التي بدأت من سنة 1217 ووصلت حدتها ابان 1219م[9]. ولو أخذنا نظرة خاطفة لخريطة الكوارث الطبيعية من قبيل الزلازل، والفيضانات، خلال منتصف القرن 20 لليوم، لوجدنا مجموعة منها  شكلت أكثر الكوارث تسببا في الخسائر البشرية والمادية، وهذه بعض الكوارث الطبيعية من سنة 1960 إلى سنة 2019 التي ترتب عنها خسائر بشرية أو مادية جسيمة أو هما معا، حسب كل حالة[10]: 1960: زلزال اكادير؛ 1995: فيضانات واد أريكة؛ 2002: فيضانات المحمدية؛ 2004: زلزال الحسيمة؛ 2010: فيضانات الغرب؛ 2014/ 2016: فيضانات الجنوب؛ 2019: فيضانات تارودانت؛ 2023: زلزال الحوز.

2-   تشكيل رابطة التكافل الاجتماعي في المجتمع المغربي

سؤال التضامن في المجتمع المغربي شغل العديد من الحقول الأكاديمية في الجامعة المغربية، من بين من أولوا أهمية لهذا المبحث في التاريخ الاجتماعي نجد الدراسات التاريخية وبالخصوص تلك التي تؤرخ للحياة الاجتماعية والاقتصادية. بالعودة إلى ما كتبه الباحث عبد الهادي البياض في مؤلفه “الكوارث الطبيعية وأثرها في سلوك وذهنيات الإنسان في المغرب والأندلس (ق 6-8هـ/ 12-14م)”، نجد مادة دسمة من المعطيات التاريخية والاجتماعية والثقافية عن الكوارث الطبيعية المتعلقة بالحقبة المدروسة، علاوة على ما يتضمن من متون نصوص من كتب المناقب، والمصادر التاريخية التي استنطقها الباحث في تفكيك أثر الكوارث الطبيعية على الذهنيات المجتمعية. ومما توقف عنده الباحث نجد مبحث يتعلق بالتكافل الاجتماعي، الذي قدم فيها قراءة تحليلية ونقدية تجيب عن سؤال التضامن في المجتمع المغربي، فمن متن هذا المرجع المهم في تاريخ الكوارث الطبيعية، نستخرج جملة من الاستنتاجات ذات الصلة بعلاقة الكوارث بتأسيس “المجتمع المتضامن”[11]، الذي تشكل على ثلاث جماعات إن جاز القول؛ جماعة المخزن، وجماعة الأولياء والصلحاء، وجماعة الأطباء وذوي الكرامات. كل جهة قامت بدورها في تأسيس رابطة التكافل الاجتماعي. وفي هذا السياق، تعد أعطيات المخزن، جزء من استراتيجيات الأساسية في التضامن لرعاياه لمواجهة لحدة الكوارث الطبيعية وتبعاتها على المجتمع المنكوب، حيث كان المخزن يرعى الضحايا من خلال تمكينهم من الاطعام لنا يستجيب لقدراتهم عبر تحرير الأسواق من الاحتكار والغلاء علاوة على التكافل[12]، وحضر الأولياء في زمن المسغبات؛ إذ أن الاولياء والاصفياء والصلحاء ممن استعانت بهم السلط الحاكمة في تاريخ المغرب من أجل القيام بأعمال البر والاحسان[13]. ولقد استعانة المخزن بالاولياء في الحملات التكافلية إبان الكوارث الطبيعية[14] . وهنا يمكن القول أن نخبة من المجتمع كانت في أوج المشهد التضامني والتكافلي؛ ومن أبرز النخبة الفاعلة في المجتمع المغربي العلماء والأولياء[15]؛ حيث كانت هذه النخبة تعيش على الزهد ومد يد المساعدة كلما نزلت نازلة من نوازل الكوارث الطبيعية للمحتاجين سواء ماديا أو معنويا، حتى قيل أن “الأعمال التضامنية بالنسبة إليهم في أوقات الضنك، عبارة عن مراقي  في سلم الولاية”[16]. ولقد كان بين العلماء والأولياء تنافسا في فعل الخير كاطعام الطعام واستقبال المحتاجين[17]؛ و”يبدو أن اطعام المعدومين والمحرومين، في الظروف الاستثنائية علة سبيل البر والإحسان والمواساة، أهم ما كان يطمح إليه رجال الولاية والصلاح”[18]؛ ومن الرجالات الذين يعزى لهم دورا كبيرا خلال القرن 12م، في ريادة في اشعاع ثقافة التكافل الاجتماعي؛ نجد أبو العباس السبتي(ت1204) الذي يعد قطبا من رجال التكافل الروحي”[19] وأبو يعزى(ت1176م) الذي تذكره كتب المناقب بأنه رفعه اطعام الطعام إلى مصافي القطبانية في الصوفية[20]؛

لقد كانت رباطات التصوف ملجأ الناس خلال الكوارث الطبيعية، برغم من عدم قدرتها على تلبية كل احتياجات المشردين والجوعى والمنكوبين، لكن اعتمل فيه تجاوز الندرة وبالخصوص في اطعام الطعام مسألة “البركة”[21] التي كانت “تسحر” الناس وتزيد من سر كرامات الصلحاء والأولياء والتي تستمد من فعل الخير الذي يجعل البركة تتراكم، بل ولا تنفذ مهما بدا مواد الإنفاق والطعام قليلة[22] لقد شكل التكافل الصوفي في المغرب خلال محطات الأزمة الصعبة على المجتمع التي كانت نتيجة كوارث طبيعية وذلك عبر الايواء والاطعام في زمن الكوارث ” واجهة تكافلية فعالة [23]، وبما أن التكافل أحد أوجه التضامن الرئيسة، فالمغرب تتعدد في مجتمعه أنواع التضامن، وهنا من رصد ستة أنواع في تاريخ المجتمع المغربي؛ وهي التضامن القرابي؛ التضامن التكافلي؛ التضامن الاقتصادي؛ التضامن الجبائي؛ التضامن لأسباب دينية؛ التضامن لأسباب مورفولوجية[24].

3-   نماذج من مؤسسات التكافل في المجتمع المغربي

يحيل مفهوم “اجماعة” في الحقل الاجتماعي المغربي، كما أشرنا إلى مؤسسة اجتماعية-تقليدية وتاريخية، بل تعد هذه المؤسسة في التاريخ التنظيمي للمجتمع القبلي المغربي؛ أهم جهاز ينظم ويسوس أمر القبيلة[25]. فمفهوم اجماعة التاريخي كان يحيل لدلالة بشرية تفيد على “علاقة القرابة والتاريخ المشترك والقيم المتقاسمة” بين مجموعة من الناس، ودلالة أخرى تفيد سياقا جغرافي محض أي هي “لإطار جغرافي محدد بقانون ويصلح كحقل لتدبير الشأن العام على المستوى المحلي”[26]. وتعرف أجماعة /آجماعة / الجْماعة/ حسب نطق اللسان الدارج المغربي، على كونها عبارة عن “مؤسسة” محلية منتدبة في العرف المحلي بتدبير بعض مجموعة من المسائل والقضايا التي تخص وحدة ترابية، كحالة دوار(قرية)، تقوم مجموعة من الرجال من خلال انتدابها بالعرف الاجتماعي، بمجموعة من الوظائف والأدوار التي تساهم في تدبير شؤون الساكنة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي المحلي، ويكون على رأس اجماعة أمغار أي الشيخ[27]. ومن خصائص اجماعة، في العرف الاجتماعي المحلي، تكونها من مجموعة من الرجال، ومتزوجين، ولهم نفوذ في وسطهم الاجتماعي، كما لهم سلطة الجاه الاجتماعي في المجتمع (الأرض، العائلة الممتدة، العلاقات الاجتماعية، مكانة علمية…إلخ). وفي تاريخ المجتمع المغربي كانت اجماعة تضم الأشخاص القادرين على حمل السلاح، وتكون تحت نفوذ الأعيان الذين يشكلون قرارها ويترأسونها[28]. لقد كانت اجماعة حسب الثقافة الاجتماعية سلطة يخول لها العرف الاجتماعي، تدخل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالقبيلة، ومن هذا الدور، شكلت اجماعة في المجال القروي المغربي تاريخيا، وإلى حد ما اليوم، مرجعا في تنظيم الشؤون المشتركة بين ساكنة الدوار، كتدبير الأراضي اجماعة، وشرط الفقيه، والأراضي الموهوبة للمسجد، والتوسط للصلح وفي المنازعات المحلية، والدفاع عن التراب الخاص بدوار ومصالحه، والتعاون مع الفقراء، وواجب العزاء…ونحوها من واجبات التعاون في أعمال الحرث والزراع ونحوها من الأمور التي تتطلب التضامن والتعاون والتكافل..إلخ. وهذه المؤسسة بصيغتها في حدود وحدو قرية/دوار، هي من كانت حارس قيم التضامن والتكافل والتعاون والتآزر في المجتمع القروي المغربي. سلطة تقريرية وتنفيذية. وتستمد قوتها من قوة التزامها بالعرف والعادات أو كما بالمعنى الاجتماعي “كما تقول القاعدة”، وبالتضامن. وترتفع أسهم مكانة الافراد داخل اجماعة كلما أعطى وبذل من واجب التضامن والاكرام والانفاق. أي أن المكانة داخل نسق اجماعة في الماضي القريب تأتي وتستمد من مدى إلتزام أفراد هذه المؤسسة على العطاء، والبذل وكل أشكال التضامن والتكافل. هذا في سياقات التاريخية. أما اليوم فحديث أخر.

تعد أجماعة الاطار الأكبر التقليدي للتضامن والتكافل وهي الرأس المدبر؛ للتويزة، وأكادير، ونحوها من الاصطلاحات الدالة في الحقل الاجتماعي المغربي على أشكال وممارسات التضامن بالمجتمع المغربي. ومن بينها[29]:

-التويزة: التي تمثّل الصيغة الأكثر انتشاراً من بين صيغ التعاون والتعاضد، وأكثرها شيوعا في عمليات الحرث والحصاد والجني، وحفر الآبار، وتهيئة المسالك، وبناء المساكن القروية. وتستند هذه الممارسة التضامنيّة على مبدأ التبادل وتقاسم الخدمات بين أفراد الجماعة.

-أكادير: وهي شكلٌ من أشكال التخْزين الجماعيّ للمواد الغذائية، ولا سيّما ما يتعلّق بالحبوب والفواكه الجافّة. وهو يقوم على بناء أماكن ذات شكل تقليدي لحفظ المواد، يتناوب على مراقبتها أفراد الجماعة.

-الخطّارات: هي شكْل من أشكال تخزين المياه الجوْفية بهدف الاستغلال الجماعي.

-الوزيعة: هي ممارسة تسمح بالاستفادة من استهلاك اللحوم، عن طريق عمليّة شراء مشتركة لدابّة يتمّ نحرها وتوزيعها بشكل جماعي وعادل. ونحوها من التقاليد التي هي ممارسات دالة على قوة التضامن والتكافل في المجتمع المغربي، والتي بالمناسبة عرفت تخشت بفعل عوامل الاستعمار والتغيرات والتحولات التي أصابت الانساق الاجتماعية والثقافية للمجتمع المغربي.

لقد كانت “آجْماعة (=جْماعة/الجْماعة)” أهم مؤسسة اجتماعية التي تتمركز فيها سلطة المجتمعات المحلية، والتي تمثل سلطة لمجتمع المحلي المخول بالعلاقات وتدبير المجال العام والمشترك، حيث خول لها العرف السلطة السياسية والأخلاقية والشرعية في تدبير مجالها المحلي. لليوم، قد يستغرب من يعيش في الأوساط الحضرية المغربية، على استمرارية “أجماعة” في العديد من المجتمعات القروية المغربية، برغم ما عرفه المجتمع المغربي عامة والمجتمع القروي خاصة من عمليات التحديث التي شملت منظومة الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، ما يزال في المجتمع المغربي تردد استخدام مفهوم اجماعة بحمولته التاريخية والثقافية التي ترتبط بالماضي لا بالحاضر، حيث تسمع: “نائب اجماعة”، “جماعة السلالية”ّ، “أراضي جموع”، “لي قالت اجماعة هو لكين”…وهلم ما جرا من التعبير المحلية القروية التي تتردد على لسان الساكنة؛ التي تحيلك مباشرة إلى وضع علامة استفهام كبيرة على “اجماعة” هاته، التي يبدو أنها ما تزال لها قدم وساق في المجتمع المغربي، في حين أصبح التنظيم الترابي تحت منظومة كاملة من التدبير والتسيير هي حديثة: الجماعات الترابية، المصالح الإدارية، المؤسسات الاقتصادية، الفعاليات المدنية والجمعوية..؟

ثالثا: ملحمة التضامن الشعبي مع ضحايا زلزال الحوز: قراءة سوسيولوجية   

  • مدخل القيم ودوره في خلق مجتمع متضامن

يشير مفهوم التضامن الاجتماعي إلى العلاقات والروابط الاجتماعية التي تنشأ بين الأفراد والمجتمعات، بهدف تحقيق المصلحة المشتركة والمنفعة العامة، وتعزيز التعاون المفضي إلى العدالة والمساواة. ويعد من الركائز الأساسية التي يقوم عليها المجتمع البشري، فالتضامن الاجتماعي ينبذ التحيز أو التمييز بين الأشخاص المتعاونين على أساس الجنس أو العرق أو الأصل أو الفكر أو اللغة، بالإضافة إلى هذا، فإن التضامن الاجتماعي سلوك إنساني نبيل حثت عليه جميع الديانات، ودعت إلى تمثله داخل المجتمع وبين الأفراد في سبيل الوصول إلى مجتمع متماسك ومترابط[30]. وعليه، يمثل التضامن الاجتماعي، أحد القيم الأساسية في المجتمعات، ويعتبر من الأهداف التي تسعى المنظومة الاجتماعية المعاصرة إلى تحقيقها، على اعتبار أنه عمل أخلاقي وإنساني، يقدمه أفراد إلى أفراد آخرين أو فئات أخرى في حاجة إلى المساعدة المادية أو المعنوية أو النفسية، أو في وضعيات صعبة: كالحروب والكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية، تعبيرا عن التفاعل الإيجابي داخل المجتمع الإنساني. ومن أبرز صور التفاعل الإيجابي تلك الملحمة التضامنية التي عبر عنها الشعب المغربي، أثناء تفاعله مع كارثة الزلزال التي ضربت البلاد.

ولفهم هذا التفاعل المجتمعي وقراءته ثقافيا انطلاقاً من مدخل القيم يمكن الوقوف على أربع مداخل مؤطرة لهذا العمل الإنساني النبيل نجملها في الآتي[31]:

المدخل الذاتي: وفيه يتم التركيز على المعتقدات والاتجاهات والآراء والقيم التي يعتنقها أفراد المجتمع، وهي تمثل تأويل الفرد للواقع، وتعطي الفرد المعنى الذي يضمن له الاتساق في إدراك الواقع وفهمه.

المدخل البنيوي: يركز على الأنماط والعلاقات بين عناصر الثقافة ذاتها. ويؤكد هذا المدخل على الحدود الرمزية للثقافة، وفئات الخطاب التي تعرف هذه الحدود، والآليات التي من خلالها يحافظ على الحدود أو يتم تغييرها. ولو طبقنا هذا المدخل على الثقافة المغربية سنكون أمام قيم لها ارتباط وثيق بالتاريخ التضامني للشعب المغربي ومتجذرة في “اللاشعور الجمعي”[32]  أو “اللاشعور الثقافي”[33] للمغاربة بتعبير السوسيولوجي المغربي أحمد شراك. وقد انبثق هذا اللاشعور في غمرة التضامن مع عائلات الموتى والمفقودين جراء الزلزال، فالتضامن مع المتضررين بعد الزلزال مهم لأن هذه المرحلة هي الأصعب. فهذه الملحمة تختزل مجموعة من القيم، وعلى رأسها فضيلة التضامن التي انبثقت وعبرت عن نفسها بوضوح وبدون التباس وبدون طمع، وبدون مكاسب شخصية، في هذا الزلزال وقبله في زلزال الحسيمة سنة 2004، وزلزال أكادير سنة 1960[34].

المدخل التعبيري: يركز على السمات التعبيرية أو الاتصالية للثقافة. وبدلا من إدراكها باعتبارها مجرد وحدة مستقلة، فهي تدرك من زاوية تفاعلها مع البناء الاجتماعي، ليس كمظهر من مظاهر المشاعر والتجارب الفردية، كما هو الحال في المدخل الذاتي، وإنما كبعد تعبيري عن العلاقات الاجتماعية. ونحن نعتقد بأن فهم “الهبة التضامنية في المجتمع المغربي لا تأتي من فراغ فهي متجذرة في أعماق الشعب المغربي “[35] ومتفاعلة في البناء الاجتماعي تنقل بالمعايشة والتلقي. على اعتبار أن التطوع الحاضن للتضامن ليس درسا يتم تلقينه في المدارس، أو قيمة معرفية ثقافية ينفرد بها شخص دون آخر[36]، بمعنى أنها قيمة أخلاقية نابعة من النمط الثقافي والمحيط الأسري والسلوك البيئي الذي يتنشأ فيه الفرد، وبالتالي تكون مساهمته فكرية، كما في حالة الأطباء والمهندسين والمدرسين والمفكرين ورجال الدين وغيرهم.

إن المدخل التعبيري لا يركز على المعلومات التي يتم نقلها للأفراد مباشرة، بقدر تركيزه على الرسائل messages التي قد تكون متضمنة في الطرق التي تنظم بها الحياة الاجتماعية.

المدخل المؤسسي: وينظر هذا المدخل للثقافة باعتبارها تتشكل من فاعلين (octors) ومنظمات تتطلب موارد، وتؤثر بالتالي في توزيع هذه الموارد ويتم التركيز هنا على الحقيقة التي مؤداها أن الثقافة لا يتم إنتاجها فقط، أو يتم تدعيمها ببساطة من خلال إضفاء التعبيرية أو الدرامية على الالتزامات الأخلاقية، ولكنها بدلا من ذلك تنتج بواسطة فاعلين لهم قدرات خاصة، ويتم استمرارها من خلال منظمات تعبئ الموارد من أجل طقوسية وتقنين ونقل المنتجات الثقافية.  وفي سياق المغرب نتحدث عن مؤسسات الدولة العاملة في هذا المجال كمؤسسة محمد الخامس للتضامن، بالإضافة إلى المجتمع المدني والمؤسسة التعليمية. كما تلعب مؤسسة الأسرة دورا محوريا في نقل قيم التضامن بين أبنائها فما زلنا نعيش صور التضامن القديم بأشكال حديثة الذي كان يتجلى في الكبير يخدم الصغير وهذا الأخير يخدم الكبير، ما زال الأخ العامل يتضامن مع إخوانه غير العاملين ويتكفل بالآباء.

فإذا حاولنا قراءة واقع الملحمة التضامنية الكبرى التي برزت أثناء زلزال الحوز يظهر لنا كباحثين في المجال السوسيولوجي أن فعل التضامن يمر عبر هذه المداخل الأربعة، فالفرد المغربي تشبع بروح التضامن منذ نعومة أظافره، يعيشها كفرد ويتفاعل بها ومعها في المجتمع، ويتواصل من خلالها مع الغير البعيد والقريب.

  • تجليات قيم التضامن في المجتمع المغربي المعاصر

إن هذه الهبة التضامنية لا تأتي من فراغ فهي متجذرة في أعماق الشعب المغربي، فقيمة التضامن سمة من سماته البارزة، ويكفي الإشارة إلى أزمة الاستعمار وكيف واجهها الشعب المغربي بالتضامن والتلاحم القوي بين العرش والشعب في دحر كل دخيل دون اذن مسبق وبتنسيق تام مع إرادة الشعب. ويكفي أن نذكر بـ”عام الجوع” وكيف واجهه المغاربة بالتضامن الفائق، وكم من قصص رويت إلينا وقرأناها في كتب التاريخ حول ملحمة التضامن في عام الجوع، وكيف أن الجيران كانوا يتقاسمون ما يملكونه من مؤونة، وقد يأتي شخص من بعيد يحمل كيساً من الحنطة أو الزبيب يقدمه لصديق أو قريب، وهل يمكن للمغربي أن لا يتضامن وقد تربي على يد الفقهاء والمشايخ في الزوايا وفي الرباطات وكلها قائمة على فلسفة التضامن والخير للغير. فالمغربِي “يقدم كل شيء ولا ينتظر شيئا. وهذه خلاصة تربية روحية أسسها أبو العباس السبتي منذ قرون حين قال عنه ابن رشد: هذا رجل مذهبه “الوجود ينفعل بالجود «وقد بقيت العباسية شائعة في ثقافتنا، الإهداء من أول وأحب شيء إليك”[37].  لقد تربينا على الصدقة تجلب الخير وتبعد الشر، وما سمعناه من تفسيرات وتعليقات في زلزال الحوز حول قبلية تنجو من الزلزال بسبب اجتماعها في صدقة لله يؤكد منحى رسوخ هذه القيم. وفي هذا الصدد أكد علي الشعباني، وهو أستاذ باحث في علم الاجتماع، بأن “الحملات التبرعية التي نظمها المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي قد أثارت انتباه العديد من المتابعين؛ ولكن بالنسبة لمن يعرف المغرب وعادات أبنائه في مثل هذه الظروف قد لا يتفاجأ، لأن الإنسان المغربي منذ طفولته يتشرب هذه القيم داخل أسرته وفي حيه وفي المدرسة وفي كل الأماكن التي يرتادها”[38]. وقد فسر الباحث سعيد بنيس التوافد الكبير من طرف المغاربة على الأماكن المتضررة بالقيم التي تربط المغاربة، وهي قيم التضامن، والتي يمكن اختزالها في وعاء قيمي وهو وعاء “تمغربيت” الذي يجمع المغاربة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب[39].

ولن يخطئ اليوم مبصر تجلي هذه القيم على شكل ملحمة تضامنية شعبية تستحق التنويه والإكبار، ألم تروا ذلكم الشيخ يحمل كيساً من الحنطة على دراجته النارية ويقدمه تبرعاً لأهله المنكوبين في إقليم الحوز وينصرف دون ضجيج؟ أم لم تروا تلكم المرأة العجوز المتكئة على عصاها تحمل في يدها زيتاً طرياً تضامناً مع الضحايا وتنصرف بهدوء؟ ألم تروا ذلك الشاب الذي يسهر على جمع التبرعات كيف استقبلها مطأطئا رأسه ومقبلا يدها في خشوع كما يستقبل جدته وهي تقدم له الحلوى؟ فكيف للشعب المغربي أن لا يتضامن وهو يرى هذه القدوات أمام عينيه صباح مساء؟ فما دامت الأسرة متضامنة فالشعب المغربي سيبقى متضامنا متماسكاً، هذا غيض من فيض وقس على هذه الأمثلة الكثير من قصص الاعجاب والتفاخر.

  • قياس مؤشر قيم التضامن عند الناشئة في المجتمع المغربي

في سؤال وجهناه لتلاميذ الثانوي التأهيلي حول الملحمة التضامنية للشعب المغربي مع ضحايا الزلزال الذي ضرب المغرب؟ [40]

كانت إجابتهم معبرة حقاً تقطر ألماً من هول الفاجعة، يقول أحدهم بالأمس هب الشعب المغربي لإنقاذ ريان وقدمنا درساً أخلاقيا بليغاً حول ملحمة التضامن الشعبي، وها نحن اليوم نفجع مرة أخرى ويلتحم الشعب معبراً عن قيمه التضامنية الرفيعة.

وعبر أحدهم بالقول إن هذا التضامن الشعبي الواسع لن ينسيهم ألم فراق الأهل والأحباب، لكنه سيجعلهم يحسون أن كل المغاربة يحزنون لحزنهم ويتألمون لألمهم، فالمغرب أسرة واحدة متضامن في السراء والضراء.

وتقول احدى التلميذات لقد تشربنا حب الخير والتضامن من شعار “الله الوطن الملك”، وفي هذا الزلزال ظهر هذا التلاحم القوي بين قائد البلاد وشعبه.  ويظهر جلياً من خلال هذه الإجابة وغيرها البعد المؤسساتي في ترسيخ قيم التضامن: الأسرة، المدرسة، المؤسسة الملكية، وتحضر هذه الأخيرة بشكل جلي نظرا لما تقوم به من أدوار خيرية عبر التاريخ المغربي سواء في شخص الملك أو مؤسسات تحت رعايته.

يسجل أحد التلاميذ في خاتمة قوله: أكدت هذه الملحمة التضامنية أن المغاربة لا يستسلمون بل يقاتلون من أجل البقاء، وأن الشعب هو من يفرض الاحترام على الآخرين ويجبرهم على التحية والسلام. ولقد تعلمنا من هذه الفاجعة أهمية التضامن والتعاون الشعبي ومدى الحب الذي يكمن بين المغاربة رغم البعد الجغرافي، فحب الوطن يجمعنا. تختم تلميذة بالقول شكرا للشعب المغربي على هذا التضامن الكبير مع ساكنة إقليم الحور، ففي لحظة الأزمات الكبرى تظهر القيم الثمينة عند الانسان.

وبناء عليه يمكن القول بأن قيم التضامن تمر عادة في سياق التحولات المجتمعية البنيوية، باختبارات عسيرة فيها تمتحن القيم والمؤسسات والأطر الاجتماعية من أجل تحديد قدرتها على الحفاظ على لحمة المجموعة وحفظ تماسكها ووحدتها، وتجسيد ذلك في سلوكات وممارسات، علاوة على تجديد معاني التآزر والتكاتف والتعاون. ففي حالة الأزمات الحادة مثل الكوارث الطبيعية تبتكر المجتمعات إعادة أشكال وتعابير تدعم تضامنها وتماسكها.

وما يمكن الإشارة إليه بأن الملحمة التضامنية – التي قادها الشعب المغربي في الداخل والخارج مع إخوانهم في الأقاليم المتضررة بفعل الزلزال – تخفي وراءها مآسي اجتماعية نختصرها في مفهوم “الهشاشة الاجتماعية”. ونذكر في هذا السياق بالعديد من الدراسات والتقارير السوسيولوجيا التي أنجزت حول اقليم الحوز قديما وحديثاً، وضرورة الإسراع بتطبيق التوصيات والخلاصات التنموية التي لم يتم أجرأتها على ارض الواقع. فزلزال الحوز فتح النقاش حول المشاريع التنموية في علاقتها بالجبل، فهذا الزلزال “يجب أن يكون حافزا لتعميم المشاريع التنموية على جميع المناطق الجبلية والأرياف، فهناك مناطق شاسعة لا تزال بعيدة عما نتمناه لسكانها ولبلدنا”[41].

من هذا المنطلق نسجل بعض الخلاصات السوسيولوجية ونحن نبحث في هذ الموضوع أبرزها:

-يلعب التضامن داخل المجتمع دور الحلقة المركزية في بناء الوحدة واللحمة الاجتماعية على أسس تشاركية، انطلاقا من أن الجميع للفرد الواحد والفرد في خدمة الجميع.

-أن تقديم المساعدة ومساندة الآخر الفقير أو المحتاج أو ذوي الاحتياجات الخاصّة أو المأزوم، يساعد على انتشار قيم التضامن وتثبيتها في الذهن والنفس.

-المشاركة التضامنية ضمن تنظيم من تنظيمات المجتمع المدني يمكن المتطوع من نقل رسالة نبيلة إلى غيره، وتجعل منه قدوة يحفز الآخرين على المشاركة والتعاضد لبناء مجتمع متماسك.

-التضامن يفيد المجتمع المدني في دعم القضايا الإنسانية، من خلال الوقوف إلى جانب المظلومين والمضطهدين ومساعدتهم على التحرر ومواجهة مشاكلهم بحزم. ودعم القضايا الوطنية.

-بالتضامن بين أفراد المجتمع المدني تتقوى الثقة بين أفراد المجتمع، حيث ينشأ التعاون بين الأشخاص مما يرفع من مستواهم الثقافي والفكري والإنساني. صحيح أن المجتمع المدني يقوم بمبادرات هامة، ويؤدي أدوارا طلائعية كبيرة، لكنه -بعد متابعة العديد من تدخلاته وأعماله- يبدو أنه لازال عاجزا عن تحقيق تراكمات واضحة لا من حيث الانخراط الفعلي المستمر للشباب، ولا من حيث مساهمته النفعية في الحياة الاجتماعية، قد يعزى ذلك إلى التضييق الحاصل على الحريات في أبعادها الثقافية والمؤسساتية، لذلك كان علينا أن نتلمس خيوط المكاسب الاجتماعية والثقافية من الشكل التضامني المميز لنشاط المجتمع المدني في عموميته.

-إن زلزال الحوز أعاد إلى أذهان المغاربة الكوارث التي مر بها المغرب عبر تاريخه القديم والحديث، وبالتالي فتح نقاش أكاديمي يجيب عن إشكالات سوسيولوجية عميقة صاحبت الزلزال.

-زلزال الحوز عمل على تحيين الرابطة الاجتماعية للمغاربة.

-شكل زلزال الحوز فرصة لاختبار القيم المرجعية التي يستند إليها المجتمع المغربي.

-سؤال التراث الثقافي المادي واللامادي وعلاقته بالهوية كان حاضرا بقوة.

-طرح اشكال الهامش والحضر وعلاقة ذلك بالحفاظ على الهوية المغربية، فالمغربي المتحضر عندما يريد أن يشتم رائحة هويته يعود بجسده وذاكرته إلى الهامش، فهذا الأخير خزان القيم المغربية. ونحن أشرنا في متن هذا البحث إلى الكثير من صور القيم المشكّلة للهوية المغربية.

-كما طرح الزلزال إشكال الاعمار وسؤال الانسان من جديد، فأي إعمار نريد؟ هل يمكن فصل الانسان عن محيطه ببناء تجمعات سكانية ينزح إليها الأهالي؟ وهو ما يعيد إلى الأذهان ذاكرة الأطلس وبنيتها السوسيولوجية المعقدة، وهنا يمكن الإشارة إلى النموذج التنموي التي تنبّه إلى هذه النقطة عندما أكد على أهمية رد الاعتبار للدوار كوحدة سوسيومجالية.

-كذلك، فهذا الزلزال طرح سؤال الفاعل السياسي ودوره في التنمية. كما أبان عن فطنة الانسان المغربي وتتبعه لقضاياه السياسية والاجتماعية والرهانات الدولية.

لائحة المراجع

  • عدنان أبو مصلح، “معجم علم الاجتماع“، دار أسامة للنشر والتوزيع، دار المشرق الثقافي، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2006، ص 132
  • محمد عاطف غيث، ” قاموس علم الاجتماع“، دار المعرفة الجامعية، 2006.
  • إميل دوركايم، “قواعد المنهج في علم الاجتماع“، ترجمة قاسم محمود والسيد بدوي محمد، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية.
  • أحمد عارف، “الممارسة الثقافية والجمعوية بالمغرب”، الطبعة الأولى، 2018، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، المغرب.
  • أماني قنديل، “الموسوعة العربية للمجتمع المدني”، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2008.
  • عبد الهادي البياض، الكوارث الطبيعية وأثرها في سلوك وذهنيات الإنسان في المغرب والأندلس (ق 6-8هـ/ 12-14م)، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، ط1(2008).
  • وزارة الداخلية-المملكة المغربية: STRATÉGIE NATIONALE DE GESTION DES RISQUES DES CATASTROPHES NATURELLES 2020-2030
  • أحمد التوفيق، المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر-اينولنتان 1850-1912.
  • عبد الله هرهار، مراجعة كتاب ” زمن القبيلة واشكالية السلطة والعنف في المجتمع الصحراوي” لمؤلفه رحال بوبريك. مجلة عمران، العدد 4 ، المجلد الأول- ربيع 2013.
  • بودواح محمد، عبد السلام بوهلال، المؤسسات الجماعية و التنمية المحلية في المغرب. مختبر الدراسات و الأبحاث في التنمية الترابية_ كلية الآداب و العلوم الإنسانية- لقنيطرة.
  • عبد الرحمن البكريوي، الجماعات الحضرية والقروية. معلمة المغرب، ج 9 .
  • عبد الجليل حليم، الدوار، معلمة المغرب، ج 12.
  • تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الاقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة لنمو مُدمِج، إحالة ذاتية رقم 19/2015.
  • أحمد كوال، “التحضر، التحديث، الحداثة في المجتمع المغربي الحديث”، أفريقيا الشرق، 2012، الدار البيضاء، المغرب.
  • السيد يسين، التحليل الثقافي نحو سياسة ثقافية جماهيرية، دار نهضة مصر، ط1، 2014.
  • يونغ كارل، جدلية الأنا واللاوعي، ترجمة نبيل محسن، دار الحوار للنشر والتوزيع سوريا، ط1، 1997.
  • الطويل الطاهري، “مسالك القراءة” لأحمد شراك: الثقافة المغربية تمثلات فردية في غياب أي منظور مؤسسي، جريدة القدس، 3 أبريل 2020.
  • السلماني سعيد، ملحمة التضامن الشعبي، نشر على موقع هسبريس بتاريخ 21 شتنبر 2023.
  • بن رحال منير، زلزال المغرب ومعنى التمغربيت، مجلة شهرية محكمة تهتم بالشأن الثقافي – العدد الواحد والأربعون – شتنبر 2023.
  • عرب شيماء، مسيرات تضامنية وتطوعية ترسي أواصر التضامن مع ضحايا “زلزال الحوز”، صحيفة هيسبريس الالكترونية.
  • العلوي إسماعيل، “الثقافة الأمازيغية وتداعيات زلزال الأطلس“، مداخلة في ندوة نظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يوم 18 أكتوبر، 2023.

[1] عدنان أبو مصلح، “معجم علم الاجتماع”، دار أسامة للنشر والتوزيع، دار المشرق الثقافي، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2006، ص 132

[2] محمد عاطف غيث، ” قاموس علم الاجتماع”، دار المعرفة الجامعية، 2006، ص 340.

[3] للتوسع راجع: “قواعد المنهج في علم الاجتماع”، تأليف إميل دوركايم، ترجمة قاسم محمود والسيد بدوي محمد، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية.

[4] أحمد عارف، “الممارسة الثقافية والجمعوية بالمغرب”، الطبعة الأولى، 2018، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، المغرب، ص 15.

[5]  أماني قنديل، “الموسوعة العربية للمجتمع المدني”، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2008، ص 52

[6] أحمد عارف، المرجع السابق، ص 46.

[7] نفس المرجع، ص 75.

[8] .من بين ما تحتفظ به الذاكرة الجماعية المغربية، محطات سنوات بعينها أطلق عليها تسميات معينة؛ منها سنوات مسغبات وسنوات خير، وتأتي هندسة التأريخ الشعبي على منوال المعادلة التالية؛ فترة زمنية زائد ظاهرة (مثلا :عام + ظاهرة/ عام الجوع، عام الحرث…) ويتصدر هذا الشكل من التاريخ في الثقافة الشعبية. وهذا النوع الثقافي شكل مادة غنية بالمعطيات التاريخية الشفوية والسوسيولوجية والانثربولوجية وللتدوين، واحتل أهمية أكاديمية ضمن تخصص التاريخ والسوسيولوجيا والانثربولوجيا..ومن بين أهم المؤلفات في هذا الصدد يمكن الإحالة إلى الإصدار للدكتور عبد الأحد السبتي، من عام الفيل إلى عام المارِيكان: الذاكرة الشفوية والتدوين التاريخي، منشورات المتوسط-إيطاليا، الطبعة الأولى، 2022.

[9] عبد الهادي البياض، الكوارث الطبيعية وأثرها في سلوك وذهنيات الإنسان في المغرب والأندلس (ق 6-8هـ/ 12-14م)، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، ط1(2008)، ص 256

[10] وزارة الداخلية-المملكة المغربية: STRATÉGIE NATIONALE DE GESTION DES RISQUES DES CATASTROPHES NATURELLES 2020-2030

[11] حول هذا الموضوع، خصص  عبد الهادي البياض، الفصل الأخير من كتاب “الكوارث الطبيعية وأثرها في سلوك وذهنيات الإنسان في المغرب والأندلس (ق 6-8هـ/ 12-14م)، وفيه تحدث عن ثلاثة مباحث: الأول يتعلق بالمساعدات الرسمية؛ والمبحث الثاني خصصه لرصد التكافل الشعبي؛ بينما المبحث الثالث والأخير خصص لتناول تضامن الأطباء وتكافل الألياء.

[12] عبد الهادي البياض، الكوارث الطبيعية وأثرها في سلوك وذهنيات الإنسان في المغرب والأندلس (ق 6-8هـ/ 12-14م)، المرجع السابق، ص 253.

[13] عبد الهادي البياض، الكوارث الطبيعية وأثرها في سلوك وذهنيات الإنسان في المغرب والأندلس (ق 6-8هـ/ 12-14م)، المرجع السابق، ص 256

[14] عبد الهادي البياض، المرجع السابق، ص 261.

[15] حث رجال التصوف(الأولياء) الأغنياء على البذل والعطاء لموجهة تبيعات الكوارث الطبيعية، للمزيد أنظر: عبد الهادي البياض، المرجع السابق، ص 271.

[16] عبد الهادي البياض، المرجع السابق، ص 266.

[17] عبد الهادي البياض ، ص 268.

[18] عبد الهادي البياض، ص 269.

[19] عبد الهادي البياض، المرجع السابق،ص 263.

[20] عبد الهادي البياض، المرجع السابق، ص 269-270.

[21] عبد الهادي البياض، المرجع السابق، ص 273.

[22] عبد الهادي البياض، المرجع السابق، ص 274.

[23] عبد الهادي البياض، المرجع السابق، ص 275.

[24] أحمد التوفيق، المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر-اينولنتان1850-1912، المرجع السابق، ص 381- 388.

[25] عبد الله هرهار ، مراجعة كتاب ” زمن القبيلة و اشكالية السلطة و العنف في المجتمع الصحراوي” لمؤلفه رحال بوبريك . مجلة عمران، العدد 4 ، المجلد الأول- ربيع 2013، ص 238 .

[26] أنظر، بودواح محمد ، عبد السلام بوهلال ، المؤسسات الجماعية و التنمية المحلية في المغرب . مختبر الدراسات و الأبحاث في التنمية الترابية_ كلية الآداب و العلوم الإنسانية- لقنيطرة- ص203 .

[27] عبد الرحمن البكريوي، الجماعات الحضرية و القروية . معلمة المغرب ، ج 9 . ص 3080.

[28]  عبد الجليل حليم ، الدوار ، معلمة المغرب ، ج 12 ، ص من 4117 – 4118 .

[29] للمزيد أنظر: تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الاقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة لنمو مُدمِج، إحالة ذاتية رقم 19/2015، ص 37.

[30] أحمد كوال، “التحضر، التحديث، الحداثة في المجتمع المغربي الحديث”، أفريقيا الشرق، 2012، الدار البيضاء، المغرب، ص 110.

[31]  السيد يسين، التحليل الثقافي نحو سياسة ثقافية جماهيرية، دار نهضة مصر، ط1، 2014، ص، 18-20

[32]  يونغ كارل، جدلية الأنا واللاوعي، ترجمة نبيل محسن، دار الحوار للنشر والتوزيع سوريا، ط1، 1997.

[33]  الطويل الطاهري، “مسالك القراءة” لأحمد شراك: الثقافة المغربية تمثلات فردية في غياب أي منظور مؤسسي، جريدة القدس، 3 أبريل 2020، وقد أكد على هذا مسلك التحليل هذا، في الحوار الذي أجراه معه الصحفي عبد الله التجاني بتاريخ 21 شتنبير 2023 حول زلزال الحوز،  ونشر على موقع هسبريس بعنوان “سوسيولوجي: هذه رسائل تضامن المغاربة”.

[34]  نفسه.

[35] السلماني سعيد، ملحمة التضامن الشعبي، نشر على موقع هسبريس بتاريخ 21 شتنبر 2023.

[36] أحمد غارف، المرجع السابق، ص 75

[37]  بن رحال منير، زلزال المغرب ومعنى التمغربيت، مجلة شهرية محكمة تهتم بالشأن الثقافي – العدد الواحد و الأربعون – شتنبر 2023، ص، 9.

[38]  عرب شيماء، مسيرات تضامنية وتطوعية ترسي أواصر التضامن مع ضحايا “زلزال الحوز”، صحيفة هيسبريس الالكترونية.

[39]  نفسه.

[40]  طرحنا هذا السؤال على تلاميذ الجذوع المشتركة قصد قياس مؤشر قيم التضامن عند التلاميذ بتاريخ: 20/9/2023.

[41] العلوي إسماعيل، مداخلة في ندوة نظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حول موضوع “الثقافة الأمازيغية وتداعيات زلزال الأطلس“، يوم 18 أكتوبر، 2023.

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى