الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثية

الحرب الأهلية في جمهورية إفريقيا الوسطي خلال الفترة ٢٠١٣-٢٠٢٢

إعداد : محمد عبد الجيد عبد الجيد – اشراف :  د . ياسمين أحمد – كلية السياسة والاقتصاد جامعة بني سويف – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة

تعاني القارة السمراء من العديد من الأزمات منها الحروب الأهلية الفقر انخفاض مستوى المعيشة وانخفاض معدل التنمية بجانب قضايا النزاع الحدودي بين دولها.

وتعتبر الحرب الأهلية من أبرز الظواهر التي تميز المشهد السياسي الافريقي خلال الربع الاخير من القرن العشرين، فهي نزاع مسلح بين جماعتين داخل دولة واحدة أو نزاع مسلح بين الحكومة وحركه معارضه لها داخل الدولة.

وتتعد أسباب قيام هذا النوع من الحروب، فقد تكون بسبب اختلاف التركيب العرقي، او بسبب الخلاف علي الثروات، او الشعور بالتهميش والمطالبة بالانفصال.

وبالنظر الى الدول الأفريقية نجد ان معظمها قد عانت من الحروب الأهلية الطاحنة منها السودان التي أدت الحرب فيها الى انفصال الجنوب عنها عام 2011، تشاد، نيجيريا، موزمبيق، رواندا التي شهدت أحد أبشع جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ عام 1994، وقد تبنت الدراسة الحرب الأهلية في جمهورية إفريقيا الوسطى التي وقع فيها التمرد في اواخر عام 2012 ليتم بعد ذلك الانقلاب على حكم الرئيس بوزيزي لتدخل الدولة بعدها حالة من الحرب الأهلية الطاحنة بين ميليشيا السيليكا المسلمة، وميليشيا أنتي بلاكا المسيحية

المشكلة البحثية

تعتبر الحرب الأهلية نقطة سوداء في التاريخ الافريقي عمومًا وخاصة في تاريخ دولة جمهورية إفريقيا الوسطى، ولذلك فان التساؤل الرئيسي للدراسة هو كيف أدت الاختلافات العرقية والدينية الى حرب اهليه في جمهوريه افريقيا الوسطى؟

 ويتفرع عن هذا التساؤل الرئيسي عده أسئلة فرعية وهي

  • ما هو مفهوم الحرب الأهلية وانواعها؟
  • ما هي أسباب ونتائج الحرب الأهلية في افريقيا؟
  • ما هي أسباب ونتائج الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى؟
  • ما دور الاتحاد الافريقي والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى؟

أهداف الدراسة

  • التعرف على أنواع الحروب الأهلية في افريقيا واسبابها ونتائجها.
  • التعرف على التاريخ السياسي لجمهوريه افريقيا الوسطى.
  • التعرف على اسباب الحروب الأهلية في جمهورية افريقيا الوسطى ونتائجها.
  • معرفه الجهود المبذولة من الاتحاد الافريقي والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في تلك الحرب.

أهمية الدراسة

تنبع أهمية الدراسة من خلال تقديم الاسباب التي ادت الى اندلاع الحرب الأهلية في جمهورية افريقيا الوسطى والتي كانت ذات طابع سياسي اثني ثم اخذت طابعًا دينيًا بعد 2013، بالإضافة الى تقديم عرض لأحداث الازمه التي ما زالت موجودة الى يومنا هذا وما زالت الجهود تبذل لوقفها.

حدود الدراسة

تتمثل حدود الدراسة في

الإطار الموضوعي: الذي يتناول الحرب الأهلية في افريقيا بالتركيز على الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى.

الإطار المكاني: جمهورية إفريقيا الوسطي.

الإطار الزماني: هي الفترة الممتدة مني 2013 الى 2022 حيث ان تلك الفترة شهدت انقلاب ميليشيا السيليكا المسلمة على الرئيس بوزيزي عام 2013،ومنذ ذلك اليوم دخلت البلاد في حالة من الحرب الأهلية بين المسلمين والمسيحيين وما زالت موجوده الى يومنا هذا.

أسباب اختيار الموضوع

ترجع اسباب اختيار الموضوع الى ان ظاهره الحرب الأهلية هي ظاهره منتشرة في القاره الأفريقية ولذلك تحتاج هذه الظاهرة الى معرفه أسبابها والعوامل التي تؤدي الى قيامها ونتائجه وهذا ما ستتناوله الدراسة، ويرجع اختيار دوله افريقيا الوسطى كدراسة حالة نظرًا لاستمرار الصراع بها حتى الان بجانب ان هذا الصراع في تلك الدولة اخذ بعداً جديدًا عن بقيه الحروب الأهلية المنتشرة في القاره حيث اصطبغ بصبغة دينية.

منهج الدراسة

اعتمدت الدراسة علي منهجين هما

  • المنهج التاريخي: وتم الاعتماد عليه لأنه يسمع باستعراض الاحداث التي مرت بها الدول الأفريقية خاصه فيما يخص الحروب الأهلية في دول افريقيا بصفه عامة وفي افريقيا الوسطى بصفه خاصة.
  • منهج دراسة الحالة: وهو منهج يقوم على دراسة التحليل المتعمق لحاله واحدة محددة او عدد قليل من الحالات من حيث الزمان والمكان والموضوع وتم الاعتماد عليه لمعرفه أسباب الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى ونتائجها وجهود ايقافها.

تقسيم الدراسة

تتكون الدراسة من فصلين.

الفصل الأول: الحرب الأهلية في افريقيا (المفهوم والانواع – الاسباب والنتائج(

  • المبحث الاول: مفهوم وانواع الحروب الأهلية في افريقيا.
  • المبحث الثاني: اسباب ونتائج الحروب الأهلية في افريقيا.

 

الفصل الثاني: الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى من 2013 الى 2022.

  • المبحث الأول: نبذة عامة عن التعددية الأثنية والدينية في جمهوريه افريقيا الوسطى وتاريخها السياسي.
  • المبحث الثاني: اسباب الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى ونتائجها.
  • المبحث الثالث: دور كلا من الاتحاد الافريقي والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى.

الفصل الاول : الحرب الاهلية في افريقيا   (المفهوم والانواع- الاسباب والنتائج )

مقدمة:

الحرب هي صراع مسلح بين دولتين او أكثر تقوم نظرًا لمجموعة من الاسباب المختلفة منها الخلاف علي الحدود البرية أو البحرية مثلا أو استرداد بقعة من أرض الدولة أو الخلاف علي مصادر الطاقة وغيرها من الأسباب التي تدفع الدول الي الدخول في نزاع مسلح تفقد من خلاله العديد من القوة المادية والبشرية.

إلا ان الحرب الاهلية لا تكن دولة ودولة أخري، بل تكن بين شعب الدولة الواحدة ،نظرًا للاختلافات العرقية او رغبة جماعة معينة في الدولة السيطرة علي ثروات تلك الدولة دون غيرها من الجماعات، كما من الممكن ان تكون بين حكومة الدولة واحد الجماعات المعارضة.

شهدت افريقيا العديد من الحروب الاهلية التي عانت منها الدول الافريقية كالحرب الاهلية في السودان ،الصومال ،الحرب الاهلية في نيجيريا وغيرها من الحروب الاهلية التي فقدت فيها الدول الافريقية ثرواتها الطبيعية وقواتها المادية والبشرية

ولذلك تتناول الدراسة في هذا الفصل مفهوم الحرب الاهلية  والاسباب التي تؤدي الي قيامها والنتائج المترتبة علي تلك الحرب.

فقد تم تقسيم الفصل الي مبحثين وهم :

  • المبحث الاول:  مفهوم الحرب الاهلية في افريقيا
  • المبحث الثاني: نتائج الحرب الاهلية في افريقيا

المبحث الاول : مفهوم  وأنواع الحرب الاهلية في إفريقيا

تمهيد:

معظم الدول الأفريقية دول متعددة القوميات، مما يزيد من احتمالية حدوث الحرب والانقسام بين كل طائفة من طوائف الدولة الواحدة، فدولة مثل السودان  فيها تعدد عرقي ما بين القبائل العرقية في الشمال ،والقبائل الافريقية في الجنوب مما ساهم في انقسام السودان الي دولتين، وترجع التعددية الاثنية والعرقية في دول افريقيا الي سياسات التقسيم العشوائي ورسم الحدود من قبل المستعمرين دون مراعاة لتوزيع القبائل الافريقية.

وتعتبر الاختلافات العرقية في افريقيا قنابل موقوتة تم تفجيرها في عدة مناطق من اجزاء في القارة الافريقية فكانت المجازر البشرية كما هو الحال في رواندا او الصومال وغيرها [1]

اولاً:  مفهوم الحرب الاهلية

أصبحت ظاهره الحرب الاهلية من أبرز ملامح المسرح الافريقي خلال الربع الاخير من القرن العشرين، فقد ادت تلك الحرب الي ابادة كاملة لعدد كبير من السكان مثل حالة الابادة الجماعية للتوتسي في رواندا عام 1994.

كما ان ظاهرة الحرب الاهلية من أهم الظواهر السياسية في القاره الافريقية ،فقد شهدت معظم الدول الافريقية حروبًا أهلية مثل تشاد ورواندا والصومال وغيرها من الدول الافريقية.

وتعتبر الحروب الاهلية شكل من اشكال الصراع الداخلي في المجتمع وتقوم به  جماعات علي اسس اثنية او ايدولوجية  من أجل الانفصال عن الدولة او الحصول علي الحكم الذاتي لمنطقة معينة او الاطاحة بنظام الحكم[2].

ويعرفها الدكتور محمد محمود منطاوي في كتابه الحروب الأهلية واليات التعامل معها وفق القانون الدولي بانها  “خلاف مسلح بين مجموعات متنازعة ضمن بلد واحد، وتمثل ثلثي الحروب التي قامت بعد عام1945”[3].

كما أن البعض يعرفها بانها” صراع مسلح بين مجموعتين أو اكثر داخل دولة واحدة أو بين حكومة دولة ما وبين طائفه معينه داخل الدولة “.

والجدير بالذكر بان تلك الحروب الأهلية في افريقيا مثلت تهديد واستنزاف لثروات الدول الأفريقية و أدت الى ظهور مشكلات سياسيه انسانية مثل مشكلة اللاجئين، كما انها أدت الى ضعف سياده الدولة المعنية على أرضها نظرًا لان الحروب الأهلية بداخلها أدت الى تدخل دول الجوار والمنظمات الدولية والإقليمية لمعالجة تلك الحروب.

ثانيا: أنواع الحروب الأهلية في إفريقيا

تتعدد أنواع الحروب الأهلية في افريقيا ما بين حرب أهلية اثنيه انفصالية، حرب اهلية اثنية غير انفصالية، حرب اهلية غير اثنيه انفصالية، حرب أهلية غير اثنيه وغير انفصالية حيث

١– حالة الحروب الأهلية الانفصالية

وفي هذه الحالة تهدف الجماعات الانفصال عن الدولة الام وتكوين كيان سياسي خاص بها، وتدور الحرب الانفصالية عادة ما بين الحكومة وما بين قوات منطقة أو جماعة معينة[4] .

   ومن أمثلة الحروب الأهلية الانفصالية في إفريقيا ما يلي:-

  • الحرب الأهلية في السودان، حيث نجح جنوب السودان في الانفصال عن الدولة الام في 2011.
  • محاوله قبائل الاسحاق عام 1991 فصل شمال الصومال عن الدولة[5].
  • محاوله اقليم البيافرا في نيجيريا الانفصال على يد جماعه الايبو في مايو، 1967 ولكن محاولتهم باءت بالفشل حيث أخمدت المحاولة عام 1970[6] .

2– حالة الحروب الأهلية الغير انفصالية

وفي هذه الحالة لا تهدف الجماعات المتصارعة الى الانفصال عن الدولة، بل إن الحرب تنشب بسبب مشاكل التوزيع والمشاركة السياسية وغيرها، وقد وتستمر الحرب بعد الإطاحة بالنظام الحاكم.

    ومن أمثلة الحروب الأهلية الغير انفصالية في أفريقيا ما يلي:-

  • الحرب الأهلية الأوغندية، والتي بدأت منذ عام 1979 في اوأخر عهد الرئيس الاوغندي عيدي أمين بسبب سياساته المتحيزة لصالح قبيلته (قبيله الكاكوا)[7]
  • الحرب الأهلية الأثيوبية، التي بدأت في منتصف السبعينيات حيث سار الخلافات بين الجماعات الأثنية (التيجراي،الامهره،الاورمو) [8]
  • الحرب الأهلية الأنجولية، وهي حرب بين ثلاث جماعات، هم الحركة الشعبية لتحرير انجولا، والجمعية الوطنية لتحرير انجولا، وحركه يونيتا ،  وهذه الحرب كانت في البداية بين هذه الجماعات ضد الاستعمار البرتغالي ولكن بعد جلاء الاستعمار صارت  الحرب بين الجماعات الثلاثة وبعضهم البعض حتى أن الامم المتحدة عام 1999 اعترافت بان عمليه السلام في انجولا قد انهارت تمامًا[9].

المبحث الثاني : أسباب ونتائج الحروب الأهلية في إفريقيا

تمهيد:

لم تكن الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى وليدة عام 2013، بل كانت هناك عدة عوامل وأسباب أدت الى إنفجار الأزمة في عام 2013 وهذه العوامل منها ما يتعلق بالشأن الداخلي للدولة ومنها ما يتعلق بالخارج، فقد ادت تلك العوامل الى وقوع الأزمة التي طالت نتائجها حتى دول الجوار الجغرافي.

أولًا: أسباب الحروب الأهلية في إفريقيا

تتعدد أسباب اندلاع الحروب الأهلية داخل الدول الأفريقية ما بين أسباب داخلية وأسباب خارجية

١– الاسباب الداخلية

يوجد العديد من الاسباب الداخلية لاندلاع الحروب الأهلية داخل افريقيا ومنها

  • النظام الحاكم

إذا كان النظام الحاكم ينتهي او ينتمي الى جماعه عرقية معينة في الدولة فانه يكون ذات ميل الى تلك الجماعة وتهميش الجامعات الاخرى، مما يسبب الغضب الشعبي و اندلاع الثورات التي تؤدي الى قيام الحروب الأهلية كما ان شعور فئة او إقليم معين بأن الدولة او النظام الحاكم لا تهتم بهم قد يجعلهم يطالبون بالانفصال عن تلك الدولة مما يسبب الازمات الطاحنة ومن امثلتة ذلك اقليم دارفور

  • التعدد العرقي او الاثني

فمعظم الدول الأفريقية ذات تعدية عرقية، فهذه الدول تتكون من جماعات مختلفة وبالتالي هذه الدول أكثر عرضه لقيام حرب طاحنه بين الجماعات المختلفة مثل ما حدث بين الهوتو والتوتسي في رواندا حيث أدت الحرب بينهم الى مذبحة “ابادة جماعية لقبائل والتوتسي” وصلت ضحاياها الى ما يقرب من مليون قتيل.[10]

  • لسياسات الداخلية

فالسياسات الداخلية هي السبب المباشر الاكثر بروزاً للحرب الأهلية في افريقيا، ففشل النظام السياسي في معالجه مشكلات التوزيع والمشاركة السياسية والاندماج الوطني تؤدي الى اندلاع الصراعات المسلحة داخل الدولة الأفريقية، فمثلًا سياسات التمييز الاقتصادي لفئة داخل الدولة على حساب فئات أخرى تكون أحد الأسباب التي تمهد الى دخول الدولة في حرب أهلية[11]

2– الأسباب الخارجية

كان للعوامل والمتغيرات الخارجية دورًا في نشوب وتحريك الحرب الأهلية في افريقيا، وتتمثل هذه الأسباب الخارجية في

  • الاستعمار

فمعظم الدول الأفريقية خضعت للاستعمار الاوروبي الذي كان يسعى للتسابق على الدول الأفريقية، ففي مؤتمر برلين عام 1884 – 1885 قام الاستعمار برسم حدود مصطنعة بين دول القارة، ولم يراعوا من خلالها التوزيع الجغرافي للقبائل الموجودة على الحدود بين الدول الأفريقية مما ساهم في ما بعد بالمطالبة بالانفصال ووقوع الدول الأفريقية في حاله فوضى بسبب الصدام بين اقليم معين بداخلها وبين حكومة تلك الدولة.

كمان الاستعمار الاوروبي كان يسعى الى إثارة التفرقة بين ابناء البلد الواحد حتى يضمن استمرار سيطرته على البلاد، مثل ما فعلت بريطانيا في في مستعمراتها في السودان واهتمامها بالشمال السوداني دون الجنوب، الأمر الذي عمق الازمة وادي الى انقسام السودان فيما بعد.

أيضا لعب الاستعمار الالماني ومن بعده الاستعمار البلجيكي دورًا في المجازر البشرية التي وقعت في رواندا في عقد التسعينيات نظرًا لان الاستعمار الالماني ومن بعده البلجيكي، إتبع سياسة فرق تسد، حيث كانت سياساتهم قائمه على الاعتماد على قبائل والتوتسي “الأقلية المالكة للأرضي” واستعباد قبائل الهوتو”الأغلبية” الأمر الذي سبب حدوث  واحدة من أسوء الحوادث التي شهدتها القاره السمراء وهي الإبادة الجماعية لقبائل التوتسي في رواندا عام [12]1994.

ب – تدخل الاطراف الخارجية في هذه الحروب لتحقيق مصالحها

تتمثل هذه الاطراف الخارجية اما في دول كبرى من خارج القارة السمراء أو دول الجوار الجغرافي للدولة الواقع فيها الحرب الأهلية، وهذه الاطراف تسعى لتحقيق عدد مصالح منها دعم جماعة معارضها صديقة أو مساندة نظام موال،أو محاولة الحصول على مواقع استراتيجية او الحفاظ عليها

ويأخذ التدخلات الخارجية في الحروب الأهلية الأفريقية ثلاثة أشكال هم

  • التدخل الخارجي العسكري المباشر في الحرب الأهلية

فقد شهدت الحروب الأهلية الافريقية هذا النوع من التدخل سواء من قوي دولية أو إقليميه تسعي للحفاظ على مصالحها، فشهدت الحرب الأهلية الأنجولية والأوغندية والتشادية تدخل عسكري خارج، ايضًا شهدت الاحداث الليبية بعد مقتل القذافي تدخل عسكري من حلف الناتو.

  • تدخل من خلال الدعم التسليحي والاقتصادي

معظم الحروب الأهلية في افريقيا شهدت هذا النوع من التدخل، ففي الحرب التي دارت بين الحكومة الأنجولية وحركة يونيتا المعارضة، تلقت الحكومة الأنجولية دعم تسليحي واقتصادي من الاتحاد السوفيتي، وتلقت تحركت يونيتا المعارضة دعم تسليحي و اقتصادي من الولايات المتحدة الأمريكية.

و في اثيوبيا حصلت حركه تحرير شعب التيجراي على الدعم في البداية من المقاومة الإريترية  التي تشترك معها في الاصل الاثيني ثم حصلت على الدعم بعد ذلك من الولايات المتحدة الأمريكية.

  • تدخل لأغراض حفظ السلام

وهذا الشكل من أشكال التدخل يهدف الى وقف الصراع المسلح وحماية المدنيين المتضررين في مناطق القتال ومثال لذلك تدخل الامم المتحدة في الكونغو والصومال ورواندا وموزمبيق.

ثانيًا: نتائج الحروب الأهلية في افريقيا

تعتبر الحروب الأهلية كارثة بكل المقاييس، فقد اتت هذه الظاهرة على دول افريقيا بالخراب والدمار لما لها من اثار سلبيه خطيرة سواء على المستوى الداخلي للدولة او على المستويين الاقليمي والدولي

١- نتائج الحروب الأهلية على المستوى الداخلي للدول الأفريقية

عانت الدول الأفريقية التي وقع بها حروب أهلية من نتائج سلبية في جميع جوانب الحياة حيث أدت الحروب الأهلية إلي

أ- انتشار المجاعات: فالحروب الأهلية تؤدي الى تردي الانتاج الزراعي نظرًا لتشريد المزارعين من اماكن اقامتهم الأصلية

ب- الانهيار اقتصادي: فالحروب الأهلية تؤدي الى توجيه كافة الموارد والامكانيات الدولة لأغراض الصراع والحرب مما يؤثر على اقتصاد الدولة بالسلب، كما ان الحروب الأهلية تؤدي الى هجرة السكان الى دول الجوار هروبًا من مناطق النزاع في دولتهم مما يؤثر على قوه العمالة مثلما حدث في اوغندا عام 1984 في عهد الرئيس( تيتواوكيللو )من انهيار كامل للاقتصاد الاوغندي

فالحروب الأهلية تؤدي الى امتصاص نسبة كبيرة من الانفاق في الدولة كما انها تؤدي الى عسكرة اقتصاد الدولة، اي ان اقتصاد الدولة يتجه نحو الاغراض العسكرية لشراء الأسلحة والمعدات.

ج- انتهاكات حقوق الانسان: تعتبر انتهاكات حقوق الانسان سبب ونتيجة في نفس الوقت للحروب الأهلية، فالانتهاكات التي تتعرض لها الجماعات الاثينية من الحكومة او من جماعات اخرى تدفعها الى الدخول في نزاع مسلح معها[13].

وتزداد هذه الانتهاكات بعد اندلاع الحروب الأهلية بشكل كبير ومن اشكال انتهاكات حقوق الانسان في الحروب الأهلية الافريقية

  • انتهاكات حقوق الانسان الأساسية

حيث يتم في الحروب الأهلية عمليات تعذيب والاختطاف والاغتصاب واستخدام المذابح الجماعية للفت انتباه المجتمع الدولي للصراع الجاري.

  • الإبادة الجماعية

وهي عباره عن عملية قتل جماعية لجماعه أثنية معينة، وقد عرفت موسوعة الامم المتحدة الإبادة الجماعية بانها “اعمال ترتكب بهدف تدمير جماعة قومية او أثنية او عرقية او دينية كليًا او جزئيًا، وتعتبر الإبادة الجماعية التي تعرض لها التونسي في رواندا عام 1994 من أبشع جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ.

  • انتهاك الحرمات المدنية

الحريات المدنية هي الحريات المتعلقة بحق الأفراد في التعبير والنشر والاعتقاد الديني والتجمع السلمي وحريه السفر والهجرة وغيرها، وفي ظل وجود حروب أهليه في احدى الدول الأفريقية تتعرض تلك الحقوق والحريات للمخاطر.

د – انهيار الدولة

تبقى أهم مخاطر الحرب الأهلية هي احتماليه انهيار الدولة، فقد تؤدي الحرب الأهلية الى انهيار شامل للدولة، اي سقوط نظام الحكم، أو استمرار النزاع والصراع بين الجماعات دون ان تسيطر اي منهما على السلطة مثل ليبيريا والصومال.

وقد تؤدي الى انهيار جزئي اي  سقوط النظام القائم على يد جماعه معينه ولا تستطيع تلك الجماعة اعاده الامن والنظام مره اخرى مثل حاله اثيوبيا.

٢- نتائج الحرب الأهلية على المستويين الاقليمي والدولي

تؤدي الحرب الأهلية الى نتائج سلبيه للدول الأفريقية على المستوى الاقليمي والدولي منها

  • امتداد الحرب الى دول الجوار

فالحروب الأهلية لا تقتصر على الجماعات داخل الدولة فقط،  فقد تمتد الى دول الجوار الجغرافي التي قد تورط في هذه الحرب بحكم الدفاع عن جماعه أثنية  تابعه لها في الدولة التي بداخلها الحرب الأهلية.

ب-مشكله اللاجئين الأفارقة

تؤدي الحرب الأهلية في إفريقيا الى فرار الملايين هروبًا من الصراع المسلح في دولتهم مثلما حدث في رواندا 1994 من فرار جزء كبير من قبائل الهوتو خوفا من انتقام التونسي منهم بعد الإبادة الجماعية التي تعرض لها التوتسي عام 1994.

فاللاجئون يشكلون خطرًا على الدول المرسلة والمستقبلة لهم حيث ان الوعاء السكاني سواء للدولة المرسلة والمستقبل يتأثر سلبًا.

خاتمة :

الحرب الأهلية هي نزاع مسلح بين جماعتين أو أكثر داخل دولة واحدة او بين الحكومة وبين جماعة معارضة، وقد تكون هذه الحرب بهدف الانفصال مثل الحرب الأهلية في السودان والتي ادت الى انفصال السودان عام 2011،وقد تكون غير انفصاليه مثل الحرب الأهلية الأنجولية بعد جلاء الاستعمار البرتغالي.

للحرب الأهلية العديد من الأسباب التي تؤدي الى قيامها ما بين الاستعمار الاوروبي والتعددية العرقية الاثنية، وسياسات رسم الحدود بشكل عشوائي دون مراعاه لتوزيع القبائل وغير ذلك، وهذه الحرب تؤدي الى نتائج سلبية سواء داخل الدولة فقد تؤدي الى انهيارها مثل الصومال او نتائج سلبية على المستوى الدولي والاقليمي كمشكلة اللاجئين.

الفصل الثاني : الحرب الأهلية في جمهورية إفريقيا الوسطي

مقدمة:

عانت معظم الدول الإفريقية من تفشي ظاهرة الحرب الأهلية الا ان الحرب الأهلية في جمهورية افريقيا الوسطى تختلف عن الحروب الأهلية في باقي دول القارة وذلك لأنها ذات صبغه دينية في الاساس وليست حرب اهلية على أساس عرقي او اثني، فلقد كانت هذه الحرب نتيجة لتراكمات سياسية ودينية عبر فترات زمنية طويلة وليست وليدة عام 2013.

ولذلك سوف تتناول الدراسة في هذا الفصل التعدد العرقي والاثني والديني، والتاريخ السياسي لجمهوريه افريقيا الوسطى وأسباب الحرب الأهلية بها وتداعيات تلك الحرب والموقف الدولي منها فقد تم تقسيم الفصل الى ثلاث مباحث:-

المبحث الاول: نبذة عن التعددية الأثنية والدينية في جمهوريه افريقيا الوسطى وتاريخها السياسي. المبحث الثاني: أسباب الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى ونتائجها.

المبحث الثالث: دور كلاً من الاتحاد الافريقي والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى.

المبحث الاول

 نبذة عن التعددية الأثنية والدينية في جمهوريه افريقيا الوسطى وتاريخهما السياسي

تمهيد:

لكي يتم معرفة الأسباب التي أدت الى اندلاع الحرب الأهلية في دوله افريقيا الوسطى لابد اولًا من معرفه التركيبة العرقية والاثنية لسكان الدولة وكيفية مساهمة تلك التركيبة في اندلاع الحرب الأهلية، ايضًا لابد من معرفه التاريخ السياسي في جمهوريه افريقيا الوسطى منذ استقلالها عن فرنسا وكيف ساهمت الاحداث السياسية في اندلاع الحرب الأهلية

اولاً: التركيب الاثني والديني في جمهوريه افريقيا الوسطى

تعتبر جمهوريه افريقيا الوسطى من الدول الحبيسة الواقعة وسط قارة إفريقيا ويحدها من الشمال دوله تشاد ومن الجنوب الشرقي جمهوريه الكونغو الديمقراطية ومن الجنوب الغربي الكونغو برازفيل ومن الشرق دولة السودان وجنوب السودان[14]، ويعمل الغالبية العظمى من سكان جمهوريه افريقيا الوسطى في الزراعة ويتكون شعبها من طوائف متعددة تتميز كل طائفة أو جماعة عن الأخرى بالخصائص اللغوية والدينية والقبلية[15]

    وتعدد الجماعات الاثنية في جمهوريه افريقيا الوسطى حيث[16]:-

  • جماعة غبايا: الموجودين في الشمال الشرقي للبلاد ويعتنقون المذهب الكاثوليكي
  • جماعه باندا: ويتركزون في وسط وغرب البلاد و يشكلون حوالي 27 %من اجمالي السكان
  • جماعه البانتو: والذين يعيشون في الجنوب الغربي للبلاد.
  • جماعة النزكارا-زاندي: ويقيمون في شرق البلاد
  • جماعة ساراومبوم : وهؤلاء يعيشون في شمال البلاد ويعتنقون الاسلام ويتحدثون اللغة العربية
  • جماعات نيغاندي :والذين يعيشون علي ضفاف نهر اوبانغي

ويعتبر جماعات غبايا وجماعة الباندا هم أكثر الجماعات انتشارًا في جمهوريه افريقيا الوسطى حيث يشكلون حوالي 60 % من السكان، اما بالنسبة للديانة تعتبر جمهوريه افريقيا الوسطى دوله ذات تعددية دينية ومذهبية فطبقا لتقرير الحرية الدينية الدولية لعام 2020 الصادر عن وزاره الخارجية الأمريكية فان غالبية سكان جمهوريه افريقيا الوسطى يعتنقون المسيحية( 61% بروتستانت،28% كاثوليك ) وما يقرب من 9 %من المسلمين و حوالي 2 % ديانات وثنية اوليه، ليس لهم دين محدد، ويتركز المسلمون في الشمال وهناك بعض التقارير التي توضح ان نسبتهم تصل إلي 15٪، ويتركز المسيحيون في الوسط والجنوب[17].

 ثانيًا: التاريخ السياسي في جمهوريه افريقيا الوسطى

كانت جمهوريه افريقيا الوسطى واقعة تحت الاحتلال الفرنسي حتى عام 1960 وفي تلك العام حصلت على استقلالها، وفي عام 1962 استطاع “دافيد داكو” أن يصل الى الحكم في جمهورية إفريقيا الوسطى، ولكنه تعرض لانقلاب عسكري من قبل العقيد جان بوكاسا عام 1965 وقام بوكاسا بتشكيل حكومة جديدة وحل البرلمان و استطاع ان يصل الى الحكم عام 1972 وقام بوكاسا عام 1976 بإعادة جمهوريه افريقيا الوسطى الى النظام الملكي حيث نصب نفسه امبراطور على افريقيا الوسطى[18]، وقام بتعيين الرئيس السابق البلاد دافيد داكو مستشار له، وفي عام 1979 قام داكو بالانقلاب على بوكاسا ليصبح بعد ذلك رئيسا لدولة إفريقيا الوسطي  للمرة الثانية عبر الانتخابات في عام 1981 بعد اعادة البلاد الي النظام الجمهوري، لكنه تم خلعه عن طريق قوة السلاح من قبل الجنرال “اندري كولينا” في سبتمبر عام 1981 والذي انتخب رئيسا للبلاد عام 1986 ثم تعرض لاحتجاجات شعبية انتهت بفوز المرشح “انجي فليكس باتاسي “بالانتخابات الرئاسية والذي ظل  يحكم حتى تعرض لانقلاب عسكري من قبل الجنرال” فرانسوا بوزيزي” عام 2003 تولى على إثره رئاسة جمهوريه افريقيا الوسطى عن طريق الانتخابات في مايو 2005 وظل في الحكم حتى قامت حركه سيليكا المسلمة بالانقلاب عليه في 2013 مما أشعل فتيل الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى بين حركه سيليكا وبين حركة انتي بلاكا المسيحية التي تضم العناصر المؤيد للرئيس بوزيزي[19].

وبالتالي يتضح ان جمهوريه افريقيا الوسطى عانت منذ استقلالها من عدم الاستقرار السياسي نتيجة الانقلابات العسكري، فخلال الفترة من 2005 الى 2015 شهدت البلاد ما يقرب من 10 محاولات انقلاب عسكري كل ذلك ساهم في الانعكاس سلبًا على الاوضاع السياسية والأمنية في البلاد[20].

المبحث الثاني

أسباب الحرب الاهلية في جمهورية إفريقيا الوسطي ونتائجها

تمهيد

عانت جمهورية إفريقيا الوسطي من حرب أهلية في عام 2013 بين حركة سيليكا ذات الديانة المسلمة، والتي قامت بالانقلاب على الرئيس بوزيزي عام 2013، حيث كانت الحرب في بدايتها ذات طابع سياسي، ولكنها بعد ذلك أخذت الطابع الديني بين حركة السيليكا المسلمة، وحركة أنتي بلاكا المسيحية.

أولًا: أسباب الحرب الأهلية في جمهورية إفريقيا الوسطي

تعددت أسباب الحرب الأهلية في جمهورية إفريقيا الوسطي، منها: –

  • الانقسام الديني والاثني

فجمهورية إفريقيا الوسطي دولة متعددة القوميات والأديان، حيث تضم أكثر من 8 مجموعات إثنية، مما ساهم في اندلاع الحرب الأهلية بين المسلمين والمسحيين في عام 2013.

  • عدم الاستقرار السياسي

   وذلك بسبب كثرة الانقلابات وشيوع التمرد، وكثرة الميليشيات المسلحة فيها، بجانب وقوعها بجوار دول تعاني من اضطرابات سياسية مثل الكاميرون وتشاد ونيچيريا، فجماعات التمرد في هذه الدول استخدمت المناطق الريفية والنائية في جمهورية إفريقيا الوسطي كمناطق لتخزين أسلحتها، واعتبر البعض جمهورية إفريقيا الوسطي دولة وهمية نظراً لانهيار المؤسسات بها، فقد أوضح مؤشر الدول الهشة لعام 2021 أن جمهورية إفريقيا الوسطي أقل الدول استقراراً في العالم، كما أن  مؤشر السلام العالمي لعام 2021 وضعها في المرتبة 155 من ضمن 163 دولة شملها المؤشر[21].

  • الصراعات على الموارد الطبيعية

    فجمهورية إفريقيا الوسطي دولة غنية بالماس والنفط، واليورانيوم الذي يتركز في الجنوب، ولقد كانت تلك الموارد الطبيعة أحد أسباب الحرب الأهلية في إفريقيا الوسطي، فقد قام الرئيس يوزيزي في عام 2007 بالعفو عن أحد زعماء المعارضة، وهو زكريا …. وإبقاء سيطرته على مواقع الألماس، مما تسبب في ظهور معارضين جدد يطالبون بنفس المزايا، كما أن ميليشيات السيليكا في عام 2014 أصبحوا يتصرفون كدولة من خلال فرض ضرائب على الأنشطة الاقتصادية في مواقع التعدين والذهب والماس الواقعة تحت سيطرتهم.

  • نظام الحكم القائم

   كل رؤساء جمهورية إفريقيا الوسطي منذ استقلالهما وحتي الانقلاب العسكري على الرئيس بوزيزي كانوا من المسحيين، وقد عملوا على حرمان المسلمين من المشاركة السياسية، وحرمانهم من التوزيع العادل للثروات، ولكن الرئيس بوزيزي هو من تسبب في إشعال تلك الفتنة الطائفية من خلال سياساته، حيث أنه رفض أن يكون للإسلام مكانة حقيقة بين الأديان الموجودة في الدولة، بجانب إثارته للنعرات الإثنية والعرقية.

 

   كل تلك الأسباب مهدت لإطلاق حرب أهلية بدأت سياسيًا ثم أخذت الطابع الديني من بعد 2013، حيث قامت ميليشيا السيليكا المسلمة بالإنقلاب على الرئيس بوزيزي في عام 2013،  وقامت بتعيين رئيسها “ميشيل جوتوديا ” بدلاً منه، وفي ديسمبر من عام 2013 قامت ميليشيا أنتي بلاكا المسيحية بالهجوم على ميلشيا السيليكافي العاصمة، في البداية كانت أنتي بلاسكا تستهدف السيليكا فقط إلا أنه سرعان ما استهدفت كل المسلمين الموجودين في العاصمة، فوقعت المجازر والانتهاكات ضد المسلمين الأمر الذي جعل ميلشيا  السيليكا تنسحب في عام 2014 إلي الشمال مطالبين بتقسيم الدولة إلي دولتين احداهما مسلمة والأخرى مسيحية.

والجدير بالذكر أن ميلشيا السيليكا في البداية كانت داعمة للرئيس بوزيزي وساندته في انقلابه في عام 2003 ووصوله للحكم، ولكنهم سرعان ما انقلبوا ضده، وذلك بسبب عدم وفاء بوزيزي بتعهداته السياسية والاقتصادية لهم، كما أن بوزيزي ساهم في تعميق النزاع المسلح بين قبيلتين ( قولا، رونجا) المسلمتين في الشمال، وأهمل مطالبهم في التنمية والمشاركة السياسية، فقاموا بالاتحاد ضده وانضموا إلي مليشيا السيليكا[22].

ثانيًا: نتائج الحرب الأهلية في إفريقيا الوسطي

لم تكن الحرب الأهلية في إفريقيا الوسطي وليدة التمرد الذي قادته جماعة سيليكا في عام 2012، وانقلابها على الرئيس بوزيزي عام 2013، ولكنه كان نتيجة لتراكمات سلبية ظلت تنمو بفعل العوامل السياسية والأمنية والدينية إلي أن وصلت إلي حد الانفجار، فقد تسببت الحرب في[23]:-

  • دمار القطاع الزراعي والحيواني في جمهورية إفريقيا الوسطي.
  • انعدام الامن الإنساني والمجتمعي، ووصولها إلي الانهيار التام، وهذا ما أكد عليه الأمين العام السابق للأمم المتحدة ” بأن كي مون بقوله “إن إفريقيا الوسطي عانت من الانهيار التام في القانون والنظام”.
  • وصول عدد القتلى حتي 2017 إلي أكثر من 6300 شخص، بجانب 270 ألف لاجئ من المسلمين فروا هاربين إلي دول الجوار.
  • التدهور الامني في جميع أنحاء البلاد، وارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي.
  • تدمير دور العباد كالمساجد والكنائس والمنشآت التعليمية والمستشفيات.

وقد حاول طرفي الصراع الوصول إلي حل، حيث أن فرانسوا بوزيزي و ميشيل جوتوديا قاموا بالتوقيع على اتفاق سلام في كينيا عام 2015، يضمن تشكيل حكومة وطنية مؤقتة تضمن محاسبة المجرمين، ولم يتمكنوا الزعماء من السيطرة على الفصائل المسلحة الواقعة تحت قيادتهما.

على الرغم من الهدوء النسبي الذي تمتعت به إفريقيا الوسطي في 2015- 2016،إلا انه سرعان ما دخلت البلاد حيالة من الصراع العنيف في أواخر 2016، مازالت مستمرة، حيث وقع رئيس جمهورية إفريقيا الوسطي ” فوستين أرثانج تواديرا” إتفاقية الخرطوم عام 2019 مع 14 فصيل مسلح يسيطرون على حوالي من 70 إلي 80 % من البلاد، وفي 2020 جرت انتخابات الرئاسة، والتي نتج عنها تواديرا بولاية رئاسية ثانية وسط معارضة من حركة تسمي تحالف الوطنيين من أجل التغير والتي مازالت حتي الأن(٢٠٢٢) تشن عمليات مسلحة.

المبحث الثالث  :دور كل من الاتحاد الافريقي والولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا في الحرب الأهلية في جمهورية إفريقيا الوسطي

تمهيد:

لم تكن المنظمات الدولية الاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة أو الدول الكبرى بعيدة عن الصراع في جمهوريه افريقيا الوسطى، فهذه المنظمات والدول حاولت التدخل في هذه الازمه السائرة في جمهورية إفريقيا الوسطي وسوف نتترك الي جهود الاتحاد الافريقي و موقف الولايات المتحدة وفرنسا من هذه الحرب.

 اولاً: جهود الاتحاد الافريقي في الحرب الأهلية بجمهوريه افريقيا الوسطى[24]

لم يكن الاتحاد الافريقي بعيدًا عن الصراع  في جمهوريه افريقيا الوسطى فقد تدخل في محاوله منه لحل الازمة، وتمثلت أهم جهوده في

  • قيام مجلس الامن التابع للاتحاد الافريقي بإنشاء بعثة دوليه بقياده المجموعة الاقتصادية لدول وسط افريقيا عرفت باسم بعثة توطيد السلام ومن اهم مهامها تحقيق الامن والاستقرار وحماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية
  • قيام الاتحاد الافريقي بتقديم “المبادرة الأفريقية للسلام والمصالحة في جمهورية افريقيا الوسطى” والتي تم اعتمادها في المؤتمر الوزاري في ” ليبرفيل” عاصمة دولة الجابون وساهمت المبادرة في عقد اتفاقيه الخرطوم 2019 بين حكومة جمهوريه افريقيا الوسطى و 14 فصيل مسلح.

 ثانيًا: دور الولايات المتحدة في الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى

قامت الولايات المتحدة بتعليق عملها الدبلوماسي في جمهوريه افريقيا الوسطى في 2012 واستأنفته في عام 2014، وقامت بتقديم مساعدات الى جمهوريه افريقيا الوسطى بلغت 800 مليون دولار بهدف دعم السلام والاستقرار[25].

ايضا دعا  الرئيس الامريكي الاسبق باراك اوباما في 2014 الى نبذ العنف، فقد ارسلت الإدارة الأمريكية وفدًا مكون من مسلمين ومسيحيين الى افريقيا الوسطى والتقوا  ببعض زعماء التمرد وتم توقيع على وثيقه لنبذ العنف

كمان الولايات المتحدة حاولت نشر التسامح الديني بين المسلمين والمسيحيين في جمهوريه افريقيا الوسطى حيث قامت السفارة الأمريكية في دولة افريقيا الوسطى بعمل  مائدة افطار شملت 60 ضيفا من المسلمين والمسيحيين ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلي أن السفارة الأمريكية في جمهوريه افريقيا الوسطى اعربت عن قلقها  بسبب خطاب الكراهية التي تبثه وسائل الاعلام كما رعت السفارة الأمريكية برنامج يهدف الى مواجهة خطاب الكراهية.

ثالثاً: دور فرنسا في الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى

بعد أن وقع الانقلاب في 2013 ضد الرئيس بوزيزي، أصدر مجلس الامن قراره رقم 2127 لعام 2013 والذي سمح لفرنسا بنشر قوات عسكريه لها في افريقيا الوسطى وقد دعا القرار الى ضرورة التنسيق بين القوات الفرنسية وقوات بعثة الدعم الدولية بقياده الاتحاد الإفريقي، وبالفعل  استجابت فرنسا لقرار مجلس الامن، وقامت بنشر قواتها في مناطق التوتر في العاصمة( بانغي) فيما يعرف باسم عمليه “سانغاريس” وقد انتهت هذه العملية في 2016 بعد ان نشرت فرنسا 2400 مقاتل في جمهوريه افريقيا الوسطى ولازال لها بعثة عسكرية محدودة موجوده في افريقيا الوسطى

والجدير بالذكر ان استجابة فرنسا وتدخلها في الحرب الأهلية بجمهورية إفريقيا الوسطي يحقق مصالحها المتمثلة في الحصول على اليورانيوم.

ورغم كل تلك المحاولات لتهدئه الحرب الأهلية الا انه مازال هناك عنف ضد المدنيين على اساس الهوية الدينية، وهذا ما عبرت عنه المفوضية الأمريكية للحرية الدينية في تقريرها الصادر عام 2021،انه مازال هناك تمييز من قبل المسؤولين بجمهورية إفريقيا الوسطي ضد المسلمين

خاتمة

لم يكن النزاع المسلح والحرب الأهلية بين المسلمين والمسيحيين في جمهوريه افريقيا الوسطى في 2013 وليدة تلك السنة، ولكن كانت بسبب عوامل وتراكمات سياسيه ودينيه وأثنية عبر فترات  زمنية طويلة انتهت بوقوع حرب اهليه دينيه بين مليشيات السيلكا ومليشيات انتي بلاكا والتي ما زالت اثارها مستمرة الى وقتنا الحالي رغم كل الجهود الدولية لكي يتم ايقافها.

الخاتمة

الحروب الأهلية داخل القارة السمراء هي أحد السلبيات التي تعاني منها القارة، بالإضافة الى الفساد وتدني الاحوال المعيشية وغيرها، وتعتبر الحرب الأهلية هي حرب بين الحكومة او وبين جماعه معارضة أو بين جماعتين داخل الدولة، وقد تكون الحرب الأهلية بغرض الانفصال عن الدولة كحاله السودان أو قد تكون غير انفصاليه كحالة إثيوبيا واوغندا.

وترجع أسباب الحرب الأهلية في افريقيا لعدة عوامل منها عوامل داخليه كالنظام الحاكم وسياساته المنحازة الى جماعة على حساب جماعه اخرى، والتعدد العرقي والاثني داخل الدولة، بجانب فشل النظام في معالجه مشكلات التوزيع والمشاركة السياسية، بينما تأتي العوامل الخارجية والمتمثلة في الاستعمار الذي قام برسم الحدود بين الدول الأفريقية دون مراعاه لتوزيع القبائل فضلًا عن سياساته القائمة على مبدا فرق تسد مما ساهم في وجود الخلاف والكراهية بين ابناء البلد الواحد هذا بجانب تدخل الدول الخارجية في تلك الحروب لتحقيق مصالحها.

وتعتبر الحروب الأهلية نقطه سوداء في تاريخ افريقيا فتؤدي الى انتشار المجاعات والانهيار الاقتصادي وانتهاكات حقوق الانسان ويعتبر خطرها الاكبر هو احتمالية انهيار الدولة كما انها تؤدي الى فرار الافراد من مناطق النزاع مما يسبب مشكلة اللاجئين الافارقة.

وبالنظر الى الدولة محل الدراسة وهي دولة افريقيا الوسطى، نجد انها دولة ذات تعددية عرقية ودينية، فأغلبية سكانها يعملون في الزراعة وأغلبيتهم من المسيحيين، وعلى مدار تاريخها منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 شهدت تلك الدولة حالة من عدم الاستقرار نظرًا لكثرة الانقلابات العسكرية آخرها الانقلاب الذي قادته ميليشيا السيليكا المسلمة ضد الرئيس فرنسوا بوزيزي عام 2013،فعدم الاستقرار السياسي ووجود التعددية العرقية والأثنية والدينية فضلا عن النظم القائمة على تهميش المسلمين ادى الى وقوع حرب اهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى بدأت عام 2013 بين ميليشيا السيليكا والتي عزلت الرئيس بوزيزي وعينت مكانه ميشيل جودوديا وبين حركة انتي بلاكا المسيحية الداعمة للرئيس بوزيزي.

وأمام هذا الموقف، تدخل الاتحاد الافريقي عن طريق انشاء بعثه دوليه بقياده المجموعة الاقتصادية لدول وسط افريقيا عرفت باسم بعثة توطيد السلام، كما ان الولايات المتحدة الأمريكية، عملت على تهدئة الاوضاع بين المسلمين والمسيحيين عن طريق ارسالها وفدًا الى جمهوريه افريقيا الوسطى مكون من المسلمين والمسيحيين لمقابلة العناصر المتمردة، ايضا فرنسا كان لها دورا في الحرب الأهلية في افريقيا الوسطى حيث نشرت قواتها في العاصمة بانغي طبقا لقرار مجلس الامن رقم 2127 والذي عرفت باسم عمليه سانغاريس والتي انتهت في 2016 وما زالت تحتفظ ببعثة عسكريه صغيره هناك.

ولكن برغم تلك المحاولات لوقف الصراع ما زال الصراع قائما حتى الان(٢٠٢٢) حيث تتعرض الأقلية المسلمة للانتهاكات من قبل الأغلبية المسيحية.

النتائج

  • السمة المميزة للمشهد الافريقي خلال الربع الاخير من القرن العشرين هي شيوع ظاهره الحرب الأهلية.
  • الحرب الأهلية هي نزاع مسلح بين الحكومة وبين حركه معارضة او متمردة أو بين حركتين متعارضتين) ميليشيات).
  • الحرب الأهلية قد تكون انفصاليه كحاله السودان وقد تكون غير انفصاليه كحاله اثيوبيا وأوغندا.
  • الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى كانت نتيجة لعوامل سياسية ولكنها تحولت إلي حرب علي أساس ديني بدءًا من 2013.
  • سياسات الرؤساء المسيحيين لجمهوريه افريقيا الوسطى هي التي ادت إلي وجود فجوة وعداء بين المسلمين والمسيحيين في جمهوريه افريقيا الوسطى.
  • تدخل فرنسا في الحرب الأهلية بجمهوريه افريقيا الوسطى لم يكن بهدف وقف الحرب بقدر ما كان بهدف الحصول على اليورانيوم.

التوصيات

توصي الدراسة بالاتي:-

  • نزع السلاح من القوات المتحاربة تحت اشراف دولي.
  • عقد اتفاقيه صلح تحت رعاية أممية وأفريقية لتسويه الخلاف بين المسلمين والمسيحيين.
  • اغلاق القنوات الفضائية التي تبث خطاب الكراهية وتحث على العداء.
  • تشكيل حكومة جديدة تتكون من المسلمين والمسيحيين على حد السواء.

المراجع

1-  مدحت مبارك العمامي،  الحروب الأهلية في افريقيا دراسة حاله اقليم دارفور، رساله ماجستير، كليه الاقتصاد، جامعه بني غازي 2010.

 

2- محمد محمود منطاوي، الحروب الأهلية واليات التعامل معها وفق القانون الدولي، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الاولى 2015.

  • نجوى الفوال، اثيوبيا: تجربه العقد الاول من الثورة، مجله السياسة الدولية، العدد 76 ابريل 1984.
  • اشرف راضي، القرن الافريقي من النزاع الاقليمي الى المنازعات الأهلية، مجله السياسة الدولية.

5-عبد الملك عوده، هزيمه الانفصاليين في نيجيريا، مجله السياسة الدولية، العدد 20 ابريل 1970.

6- نجوى الفوال، اويوتي والجمهورية الثالثة في اوغندا، السياسة الدولية العدد 66 اكتوبر، 1981.

7- أحمد فارس عبد المنعم، الحرب الأهلية في انجولا عوامل الصراع ومحاولات التسوية، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعه القاهرة 1999.

8- هبه الله سمير حسن، الصراع الدولي دراسة حالتي رواندا وبروندي، كليه الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسكندرية 2020.

9- ابكر عبد البنات ادم، الصراعات الدينية واثرها على الازمه في افريقيا الوسطى، مجله دراسات إفريقية، العدد، 51 الخرطوم 2005.

10- وليد دوزي، الصراع السياسي والديني وتأثيره على ازمه الهوية في جمهوريه افريقيا الوسطى، مجله التكريت للعلوم السياسية العدد 24،العراق 2021.

11- مصطفى ابراهيم سلمان الشمري، الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى وابعادها الدولية، مجله الكوفة للعلوم القانونية والسياسية، المجلد 15 ، العدد 51، 2022.

12- بدر حسن شافعي، مستقبل الصراع في افريقيا الوسطى، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة 2014.

[1] – مدحت مبارك العمامي،  الحروب الأهلية في افريقيا دراسة حاله اقليم دارفور، رساله ماجستير، كليه الاقتصاد، جامعه بني غازي 2010 ص 43.

[2] – المرجع السابق،  ص47.

[3] – محمد محمود منطاوي، الحروب الأهلية واليات التعامل معها وفق القانون الدولي، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الاولى 2015،ص 8.

[4] – نجوى الفوال، اثيوبيا: تجربه العقد الاول من الثورة، مجله السياسة الدولية، العدد 76 ابريل 1984،ص 40.

[5] – اشرف راضي،  القرن الافريقي من النزاع الاقليمي الى المنازعات الأهلية، مجله السياسة الدولية، العدد 105 يوليو 1991، ص 171

[6] – عبد الملك عوده، هزيمه الانفصاليين في نيجيريا، مجله السياسة الدولية، العدد 20 ابريل 1970،ص 106

[7] – نجوى الفوال، اويوتي والجمهورية الثالثة في اوغندا، السياسة الدولية العدد 66 اكتوبر، 1981 ص 49 الى 54.

[8] – نجوى الفوال، اثيوبيا: تجربه العقد الاول بعد الثورة، مرجع سابق، ص 32 الى 33

[9] – احمد فارس عبد المنعم، الحرب الأهلية في انجولا عوامل الصراع ومحاولات التسوية، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعه القاهرة 1999،ص7-13.

[10] – هبه الله سمير حسن، الصراع الدولي دراسة حالتي رواندا وبروندي، كليه الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسكندرية 2020، ص 8

[11] – مدحت مبارك العمامي، مرجع سابق، ص 51

[12] – المرجع السابق،  ص10

[13] – مدحت مبارك العمامي، مرجع سابق، ص 61

[14] – ابكر عبد البنات ادم، الصراعات الدينية واثرها على الازمه في افريقيا الوسطى، مجله دراسات إفريقية، العدد، 51 الخرطوم 2005،ص 55.

[15] – وليد دوزي، الصراع السياسي والديني وتأثيره على ازمه الهوية في جمهوريه افريقيا الوسطى، مجله التكريت للعلوم السياسية العدد 24،العراق 2021، ص 172

[16] – المرجع السابق، ص173.

[17] – مصطفى ابراهيم سلمان الشمري، الحرب الأهلية في جمهوريه افريقيا الوسطى وابعادها الدولية، مجله الكوفة للعلوم القانونية والسياسية، المجلد 15 ، العدد 51، 2022، ص 205

[18] – وليد دزوي،  مرجع سابق، ص174.

[19] – المرجع السابق، ص 174.

[20] – ابكر عبد البنات آدم،  مرجع سابق،  ص205.

[21] – المرجع السابق، ص205.

[22] – بدر حسن شافعي، مستقبل الصراع في افريقيا الوسطى، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة 2014،ص6

[23] – مصطفى ابراهيم سلمان الشمري، مرجع سابق، ص210

[24] – المرجح سابق، ص 217

[25] – المرجع السابق،  ص 218.

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى