الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

تحديات الأمن النووي فى دول الإتحاد الأوروبى

بقلم  الباحث : محمود محمد المصرى – المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة:

يعد الإتحاد الأوروبى أكبر مستورد للطاقة فى العالم ، حيث يستورد 53% من طاقته ، بتكلفة سنوية تبلغ 400 مليار يورو.

كما أن هناك مجموعة من التدابير الهامة لمساعدة الاتحاد الاوروبى لتحقيق أهدافه من خلال توجية كفاءة استخدام الطاقة بنسبة 20% بحلول عام 2020.

وضعت المفوضية الأوروبية سياسة مشتركة للطاقة فى الاتحاد الاوروبى حيث تولت منصبها فى نوفمبر 2014 ، منصبا جديدا لنائب رئيس اتحاد الطاقة الأوروبى.

يهدف اتحاد الطاقة الأوروبى إلى دمج و تعزيز سوق الطاقة الداخلية للإتحاد الأوروبى  ، حيث تم بناء خمس أولويات لبناء الإقتصاد : تعزيز أمن إمدادات الطاقة ، بناء سوق طاقة متكامل واحد ، زيادة كفاءة الطاقة ، البحث و الإبتكار.

أمن الطاقة النووي:

تعرف وكالة الطاقة الدولية أمن الطاقة بأنه “توافر مصادر الطاقة دون إنقطاع و بسعر فى المتناول” .

فقد تعهد رؤساء دول الإتحاد الأوروبى فى عام 2014 ، بالتركيز على أمن الطاقة و الاتفاق على إطارللمناخ و الطاقة. تم تقسيمهم بناء على تأثير الأزمة الأوكرانية ( السيطرة الروسية فى القرم ، و بعد ذلك أجزاء من شرق أوكرانيا ) ، كما توفر روسيا أكثر من 30% من الغاز الأوروبى .

و مع ذلك ترغب بولندا و غيرها من بلدان أوروبا الشرقية الحفاظ على موارد الطاقة المحلية مثل الفحم و الغاز الطبيعى ، و يعد الاعتماد على الغاز الروسى هو مصدر قلق كبير.

و فى مايو 2014 ، اقترحت المفوضية الأوروبية استراتيجية أوروبية جديدة لأمن الطاقة ، فى سياق اعتمادها على استيراد الطاقة لأكثر من 50% ، كما أن 35% من واردات الإتحاد الأوروبى من الغاز فى عام 2013 قادمة من روسيا. و من بين النقاط الرئيسية للإستراتيجية الأوروبية : تنويع مصادر الطاقة الخارجية ، و تحديث البنية التحتية للطاقة ، و استكمال سوق الطاقة الداخلية للاتحاد الأوروبى و توفير الطاقة.

محطة الطاقة النووية فى بلغاريا (Belene):

للطاقة النووية فى بلغاريا تاريخا متطورا ، يمتد لأكثر من 30 عاما ،  وضعت الأساسات لمرافق محطة الطاقة النووية البلغارية الأولى بطاقة 2000 ميغاواط  وذلك فى عام 1987 ، ولكن تم وقف البناء بعد ثلاث سنوات فى أعقاب التحقيق فى المخاطر البيئية.

و تمت المحافظة على الإطار و الجدران الخراسانية و أوعية ضغط المفاعل و قررت الحكومة البلغارية إعادة تشغيل المشروع عام 2002.

فى عام 2013 ، ألغت بلغاريا المشروع للمرة الثانية بعد أن فشلت فى العثور على المستثمرين الأجانب و المخاوف بشأن إعتماد البلاد على الطاقة النووية على روسيا.

و فى أوائل يونيو 2018 ، وافقت الحكومة البلغارية على مقترحات لاعادة تشغيل مشروع الطاقة. و مع ذلك ، فإن ما آثار الإعتراض الأكبر هو مخاطر حصول هزات أرضية ، مع إحتمال وقوع حادث نووى كبير فى حالة وقوع زلزال.

وأعربت المؤسسة الوطنية الصينية النووية بالإستثمار فى مشروع محطة الطاقة بإستخدام التكنولوجيا الصينية فى دول الإتحاد الأوروبى. كما أفاد رئيس منتدى الطاقة و التعدين البلغارى إيفان هينوفسكى أن الصين تخطط لتوسيع بيع الكهرباء الى دول الاتحاد الأوروبي بإستخدام مفاعلاتها الارخص.

محطة الطاقة النووية فى فنلندا (olkilouto-3):

بدأ بناء محطة الطاقة النووية و الذى تبلغ تكلفته 8.5 مليار يورو فى عام 2005 ، فى حين كان من المتوقع أن يبدأ تشغيلة بحلول عام 2009 . و مع ذلك ، فقد تسببت شركة سيمنز فى إبطال صفقة المشروع المشترك مع شركة أريفا.

كما تعرض المشروع لعدة تأجيلات أخرى تمتد على مدى عقد من الزمان ، فضلا عن إرتفاع التكاليف من 3.2 مليار يورو إلى 8.7 مليار يورو. و من المتوقع الأن الإنتهاء من المشروع فى سبتمبر 2019 .

محطة الطاقة النووية فى أوكرانيا (Chernobyl):

تألفت محطة الطاقة النووية الأوكرانية تشينوبيل ، من أربعة مفاعلات عامى 1970 – 1983.

فى 26 إبريل 1986 ، أدي عدم إتخاذ إجراءات السلامة و بروز العيوب فى تصميم المفاعل ، إلى زيادة مفاجئة فى القدرة الحرارية للمفاعل  ، و تسبب الجمع بين مصدر طاقة شديد السخونة و مياة التبريد فى تفتيت الوقود ، و إنفجارت إشعاعية واسعة النطاق ، مما أسفر عن مقتل 30 من العاملين بالمفاعل  و رجال الإطفاء فى غضون ثلاثة أشهر.

تم تأكيد متلازمة الإشعاع الحاد فى 134 حالة ، مع وفاة 28 من هؤلاء فى غضون بضعة أسابيع ، و أفادت التقارير أن 19 من العاملين بالمفاعل توفوا بين عامى 1987 و 2004 ، فى حين يقدر المسؤولون أن العدد النهائى يصل إلى نحو 4000 شخص سيموتون بسبب الكارثة.

يعتبر حادث تشيرنوبيل أسوء حادث نووى فى العالم ، و قد شمل حوالى 226000 شخص قم نقلهم الى أماكن أمنه ، بالإضافة إلى خطة طويلة الأجل لحصر المواد المشعة.

و حتى اليوم ، فإن مستويات الإشعاع مرتفعة بشكل كبير ، و ليس من المتوقع أن تكون المنطقة آمنه بما فية الكفاية ليعيش البشر فيها لما يقرب من 20000 عام.

تحديات إنشاء مفاعل نووى فى إيطاليا عقب أحداث إنفجار محطة فوكوشيما اليابانية.

فى عام 2008 ، تبنت حكومة برلسكونى خطة طموحة لبناء عشر محطات طاقة نووية توفر 25% من إحتياجات الكهرباء فى إيطاليا ، و شهدت الخطة معارضة قوية من أحزاب المعارضة و بعض الإدارات الإقليمية  فى أبريل 2010 ، كما تم إستفتاء يطالب الناخبين بإسقاط الخطط النووية الإيطالية فى يونيو 2011.

فى 11 مارس 2011، تعرضت محطة فوكوشيما دايتشى للطاقة النووية فى اليابان لضربة تسونامى بسبب زلزال توهوكو. تسبب الضرر الناجم عن تسونامى فى انهيار ثلاثة مفاعلات مما اسفر عن اطلاق المواد المشعة فى المحيط الهادى و فى الغلاف الجوى.

كان للحادث النووى تأثير هائل على الرأى العام الإيطالى بعد ثلاثة أشهر ، فقد شهد الإقتراع على  إمتلاك الأسلحة النووية مشاركة مرتفعة بشكل كبير بلغت 57% ، بينما رفض 94.7% من الناخبين الخطط النووية للحكومة، مما أدى إلى إغلاق البرنامج النووي الإيطالى بفاعلية.

اعتبارا من عام 2016 ، لا تزال علاقة إيطاليا بالطاقة النووية فاترة ، لقد رفض الناخبين فكرة توليد الطاقة النووية  و بالتالى  فمن الصعب لإيطاليا الإستثمار فى محطات الطاقة النووية فى المستقبل القريب . من ناحية أخرى ، تعتمد إيطاليا إعتمادا كبيراعلى واردات الطاقة ، إما على شكل وقود ( فيما يتعلق بإنتاج الطاقة الكهربائية ، أو الغاز الطبيعى من شمال أفريقيا و روسيا ) أو بشكل مباشر كالكهرباء (من فرنسا و سويسرا و سلوفينيا ).

خاتمة:

إن التحديات التى تواجه دول الإتحاد الأوروبى فى قضية بناء المفاعلات النووية ، على أراضيها و إتخاذ التدابير اللأزمة لأمن الطاقة النووى و خاصة فى أعقاب إنفجار مفاعلين نوويين ، محطة الطاقة النووية الأوكرانية “تشيرنوبيل” فى عام 1986 ، و محطة الطاقة النووية فوكوشيما اليابانية عام 2011 ، و أدى هذا إلى إثارة المخاوف لدى بعض الدول الأوروبية من إمتلاك تكنولوجيا الطاقة النووية مخافة عدم الأمن الكافى لإدارة المفاعل من الإنصهار أو الإنفجار و بالتالى البحث عن بدائل الطاقة الأخرى فيما يتعلق بإنتاج الطاقة الكهربائية من الغاز الطبيعى و البترول و الفحم و بعض مصادر الطاقة الأخرى كطاقة الرياح و الطاقة الشمسية.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى