الدراسات البحثيةالمتخصصة

نظرية الصراع الدولي “غزة 2014”

اعداد : خليل أبو كرش – باحث دكتوراة في العلوم السياسية – معهد البحوث والدراسات العربية – فلسطين 

  • المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة:

تعد ظاهرة الصراع من بين الحقائق الثابتة في واقع الإنسان والجماعة علي كافة مستويات الوجود البشري[1]فهو يحدث داخل الفرد نفسه عندما يجد نفسه ممزقاً بين رغبته لتحقيق هدفين غير متلائمين مما يقود إلي الشعور بالتوتر والحيرة . كما أن الصراع يتخلل الممارسات الاجتماعية أيضا ويحدث بين أفرادوحتى بين المجتمعات والثقافات[2]

إذ نجد الصراع في كافة العلوم ، ففي علم البيولوجيا نجد الصراع بين الأفراد وبين الأجناس ، أما في علم النفس فيتناول الصراع داخل الفرد ، وعلم الأنثوبولوجيا يدرس الصراعات بين الثقافات ، وعلم الاجتماع يدرس الصراعات الناشئة بين الجماعات مثل الصراع في إطار النظام السياسي وعلاقته بالأنظمة السياسية الأخرى[3] وعليه يعد الصراع جزءاً مهماً من أية دراسة متخصصة لأي نوع من العلاقات.[4]

فظاهرة الصراع تنشأ نتيجة التعارض بين أطراف الصراع حول القيم الأساسية أو المصالح وهي علي معرفة كاملة بماهية هذا التناقض ، إلا أن الرغبة الاستحواذية لكل منهما هي الدافع إلي التصادم والتصارع مع رغبات الآخرين ، وهذا الاختلاف يؤدي في النهاية إما إلي التصادم بين أطراف الصراع أو إلي اللجوء إلي إدارة الصراع ثم حله .[5]

ولقد أصبح الصراع صفة أساسية من سمات النظام الدولي الناشئ علي فكرة السيادات القومية المتعددة ، ونظراً لعدم وجود سلطة إلزامية عليا تحكم كافة الوحدات الدولية المتنافسة والمختلفة ، تصبح بذلك الدولة هي المتحكمة بسلوكياتها تجاه الدول الأخرى . لكي تحافظ علي أمنها ووجودها القومي، وهي بذلك تكون في وضع تصارعي مستمر من أجل الحفاظ علي كينونتها. هذه الوضعية تفرض علي الدولة اللجوء إلي القوة من أجل استمراريتها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية العليا. [6]

ظاهرة الصراع:

تختلف ظاهرة الصراع الدولي عن غيرها من ظواهر العلاقات الدولية، إذ تتسم بصفة التعقيد والتشابك وبتعدد أبعادها وتداخل مسبباتها ومصادرها، وتشابك تفاعلاتها وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، بالإضافة إلي تفاوت المستويات التي تحدث عندها من حيث المدى أو من حيث الكثافة والعنف.[7]

حيث أن هذه السمة دفعت إلي ضرورة حصر مجموعة من المقتربات المنهجية الصحيحة لمحاولة تفسير ظاهرة الصراع الدولي ، ولكي توفر لها إطار مفاهيمي يمكن من خلاله فهم أبعاد وأسباب ظاهرة الصراع في شقها الدولي ، إن هذا الإطار ما هو إلا مجموعة من الكليات الفكرية التي تمثل المرجع الأساسي التفسيري للعديد من المفاهيم المرتبطة والمصاحبة لظاهرة الصراع الدولي[8]

وتتأثر ظاهرة الصراع الدولي في شكلها ومضمونها بتأثير التغير الذي يحدث في النظام الدولي، والذي من شأنه أن يقود إلي حدوث تغير في طبيعة القوة،ونمط توزيعها علي المستوي العالمي، وهو ما يؤثر في الأنماط السلوكية للقوي الفاعلة في النظام الدولي .

التعريف بمفهوم الصراع:

تشير الكتابات المتعلقة بموضوع الصراع إلي أنه لا يوجد ثمة إجماع علي تعريف محدد للصراع . وردت العديد من التعريفات لظاهرة الصراع وقد عرف الصراع وفقاًلدائرة المعارف الأمريكية بأنه عادة ما يشير إلى “حالة من عدم الارتياح أو الضغط النفسي الناتج عن التعارض أو عدم التوافق بين رغبتين أو حاجتين أو أكثر من رغبات الفرد أو حاجاته “[9]

ويشير مصطلح الصراع إلي حالة أو وضع تقوم به جماعة بالاشتباك مع جماعة أخري كنوع من المعارضة ، علي أساس  أن الجماعات المناوئة تبدو لها أنها تسعي إلي تحقيق أهداف وبرامج لا تقبلها . فالصراع هو تنازع علي الموارد والسلطة، وقد ينطبق الصراع علي التفاعل الذي يقع بين البشر مع بعضهم البعض ويمكن اعتباره أكثر من التنافس الذي يعتبر من ابسط صور الصراع المعقدة كالأزمة والتوتر والنزاع.[10]

ويعرفه Bouldingبأنه موقف تنافسي تكون فيه الأطراف المعنية واعية عن الاحتمالات المستقبلية المتوقعة ويرغب كل طرف بإشغال وضع غير متوافق مع رغبات الطرف الأخر.

فجوهر الصراع ما هو إلا تنازع الإرادات ، هذا التنازع يرجع إلي التباين والاختلاف في دوافع الدول ، وتصوراتها لأهدافها وتطلعاتها ، وكذلك الاختلاف في مواردها وإمكانياتها.[11]

بأنها ” تصادم إرادات وقوى خصمين أو أكثر ، حيث يكون هدف كل طرف من الأطراف تحطيم الآخر كليا أو جزئيا ، بحيث تتحكم إرادته في إرادة الخصم – ومن ثم يمكنه أن ينهي الصراع بما يحقق أهدافه وأغراضه.[12]

وقد عرفه الدكتور ” عباس العماري ” علي أنه ” ذلك التفاعل الناجم عن المواجهة والصدام بين المصالح والمعتقدات السياسية والبرامج وغير ذلك من الكيانات المتنازعة ” ، وهو الشق الأكثر بروزا وديناميكية في العلاقات الدولية في مقابل شقها الآخر المتمثل في التعاون الدولي.[13]

ويمكن من خلال التعريفات لظاهرة الصراع استخلاص مجموعة من الخصائص[14]:

أولاً : أن الصراع لابد وأن يتوافر لوجوده طرفان علي الأقل يشتبكان أو يشتركان في هذا التفاعل.

ثانياً : أن هذين الطرفين لابد وأن يشتركا في أفعال وتصرفات متعارضة مع بعضها البعض.

ثالثاً : أن هذين الطرفين أو الأطراف المتصارعة لابد وأن تكون تصرفاتهم أو سلوكهم إرغامي أي أن يستهدف إلحاق الضرر أو تدمير أو إيقاع الأطراف الأخرى أو بصورة عامة ، السيطرة أو تحقيق السيطرة عل الأطراف الأخرى واكتساب وضع أفضل بكثير مما كان عليه الأمر في بداية الصراع . وكل هذا لابد وأن يكون موجها ضد الخصوم في عملية الصراع.

رابعاً : الصراحة أو الوضوح أي أن تكون التفاعلات المضادة أو المتصارعة علنية ومن ثم يكون من السهل علي الملاحظين المحايدين اكتشاف هذه التفاعلات .

خامساً : إن الهدف الأساسي ، من وراء دخول الدولة في صراعها مع الآخر هو تحطيم الخصم والتفوق عليه مع الاستفادة من الموارد النادرة إذا وجدت من أجل دعم قوتها والحصول علي المكانة المرموقة في النسق الدولي.[15]

سادساً : سلوكيات ظاهرية تعبر عن المواقف والادراكات المتصارعة . ومواقف مولدة للاختلافات ، مثل الموارد أو تباين المصالح والقيم . والادراكات والمشاعر المؤدية للصراع ، مثل العدوانية والتنافر. [16] ونزوع هذه الظاهرة نحو العنف والنزاع[17]

ومن المفاهيم المرتبطة بالصراع والمعبر عنها بالخصومة وتصارع الإرادات وذلك وفق خطورتها مفهوم التوتر ، الأزمة ، النزاع ، والحرب.

  1. التوتر :يعود التوتر إلي مجموعة من المواقف والميول نتيجة الشك وعدم الثقة[18] . والتوتر بحسب ما ذهب ميرل هو ” مواقف صراعية لا تؤدي محلياً علي الأقل إلي اللجوء إلي القوات المسلحة ” . “فالتوتر ليس كالنزاع، لأن هذا الأخير يشير إلي تعارض فعلي وصريح وجهود متبادلة بين الأطراف للتأثير علي بعضهم البعض ، في حين لا يعدو التوتر أن يكون حالة عداء وتخوف وشكوك وتصور بتباين المصالح ، وعلي هذا يعد التوتر مرحلة سابقة علي النزاع”.
  2. الأزمة :تعني مجموعة الظروف والأحداث المفاجئة التي تنطوي علي تهديد واضح للوضع الراهن المستقر في طبيعة الأشياء ، وهي النقطة الحرجة ، واللحظة الحاسمة التي يتحدد عندها مصير تطور ما ، أما إلي الأفضل ، أو إلي الأسوأ مثل الحياة أو الموت ، الحرب أو السلم وذلك لإيجاد حل لمشكلة ما أو انفجارها. [19]

ويشير روبرت نورث إلي أن الأزمة الدولية عبارة عن تصعيد حاد للفعل ورد الفعل ، أي هي عملية انشقاق تحدث تغييرات في مستوي الفعالية بين الدول ، وتؤدي إلي إذكاء درجة التهديد والإكراه. ولكن لا تؤدي كلها إلي الحروب إذ تسوّى سلمياً أو تجمد أو تهدأ. وتزداد خصوصية مفهوم الأزمة صعوبة إذا أخذ في الاعتبار حقيقة أن المفهوم يكثر استخدامه من العديد من المتخصصين في علوم النفس والاجتماع والسياسية والتاريخ، وفي غيرها من مجالات العلوم الاجتماعية وعلي ما سبق يرى روبنسون أن هناك اتجاها عاما نحو استخدام المفهوم للتدليل علي نقطة تحول تميز ناتج حدث ما بشكل مرغوب أو غير مرغوب فيه ، بين الحياة والموت ، العنف أو اللاعنف ، الحل أو الصراع الممتد .[20]

وعادة ما تتم مواجهة الأزمة بإدارتها، أو التلاعب بعناصرها المكونة لها، وبأطرافها بهدف تعظيم الاستفادة من ورائها لصالح الأمن القومي[21]

  1. النزاع : جاء في المنازعات الدولية مقدمة للنظرية والتاريخ لجوزيف ناي أن المنازعات الدولية ينبغي أن تكون جزء أساسي يدرس سبب تعقيد النزاعات الدولية ضمن تعقيدات السياسة الدولية حتي يمكن الوقوف وفهم الظاهرة التنازعية.[22] هذا ويري ريمون أرون بأن النزاع الدولي ” ليس وليد الوقت الحالي بل هو موجود منذ العصور القديمة وهو نتيجة لتضاد المصالح ” والمقصود بالنزاع الدولي أنه “خلاف بين دولتين علي مسألة قانونية أو حادث معين أو يسبب تعارض وجهات نظرهما القانونية أو مصالحهما”.[23]

وقد حددت بعض الدراسات العناصر المتنازعة عليها وهي كالآتي:

  • الموارد أو الثروة، مثل: الأقاليم والمال ومصادر الطاقة والغذاء، وكيفية توزيع تلك الموارد.
  • السلطة إذ يتم التنازع بشأن كيفية تقسيم آليات الحكم والمشاركة السياسية في عملية صناعة القرار.
  • الهوية وتتعلق بالمجموعات الثقافية والاجتماعية والسياسية.
  • الأوضاع الاجتماعية والسياسية، ومنها مدى شعور الناس بأنهم يعاملون باحترام وتقدير وأن حكومتهم تحافظ على تقاليدهم الاجتماعية.
  • القيم وخاصة تلك المتمثلة في أنظمة الحكومة والدين والأيديولوجية.
  1. الحرب : أما الحرب فلا يمكن أن تتم إلا علي صورة واحدة وبأسلوب واحد وهو الالتحام المباشر بين الدول ، أي التصادم الفعلي بوسيلة العنف المسلح حسما للتناقضات الجذرية التي لم يعد يجدي معها استخدام الوسائل الأخرى ، أو الأقل تطرفا ، فالحرب تمثل نقطة النهاية في بعض الصراعات الدولية. [24] وليس ثمة تعريف متق عليه للحرب فقد عرفها دوكاكي من وجهة قانونية ” بأنها حالة قانونية تسمح وبصورة متساوية لعدوين أو أكثر بالاستمرار في صرعهما باستخدام القوة المسلحة “.[25]

وعرفها كلاوزفيج ” بأنها إحدى وسائل السياسة للحصول علي بعض المطالب “. ويري ريمون أرون أن ” الحرب هي الأساليب العنيفة للتنافس بين الوحدات السياسية ” . فالحرب إذا تندلع لأجل مكاسب سياسية عادة ما تكون عن طريق استخدام القوة العسكرية

المقتربات النظرية لظاهرة الصراع

ثمة مقولة مفادها ” أنه عندما يوجد فرد يسود السلام وعند وجود اثنين ينشأ الصراع ” إن ظاهرة الصراع في العلاقات الدولية يقصد بها فرض الإرادة السياسية علي الطرف الآخر من الصراع والتأثير في سلوكه. هذه الخاصية وهي ” تنازع الإرادات ” لازمت الوجود الإنساني منذ القدم ورافقت تطوره سواء كانت علي مستوى الأفراد أو التجمعات الإنسانية الأكثر تطورا التي تشكل الدولة الوحدة الأسمى فيها.[26]وقد بحثت الدراسات المعاصرة عن أسباب الصراع الدولي سواء من الناحية العسكرية أو من الناحية السياسية أو الفردية أو الجماعات . ويذهب بعض الباحثين في مجال ظاهرة الصراع البشري أن البحث العلمي ليس هدفه القضاء علي الظاهرة في الحياة لبشرية بقدر ما يمكن أن يقلل من الآثار السلبية المدمرة للكيان البشري ، لأن القضاء النهائي علي الصراع في المواقف الإنسانية ليس بغير الممكن ولكن غير مستحب أيضاً .[27]

أولاً:المدخل السيكولوجي

يكاد الصراع أن يكون موضوعاً محورياً وأساسياً علي مستوي الفرد وعلي مستوي المجتمع وعلي مستوي العالم ككل.[28] وقد سعت الكثير من التفسيرات معرفة الأسباب الكامنة وراء ظاهرة الصراع. الأمر الذي دفع برواد مدرسة التحليل السيكولوجي إلي التركيز علي دور العوامل النفسية والدوافع الغريزية العدوانية لدي الفرد في نشوء الظاهرة علي المستوي الدولي.[29] ويرى سيجموند فرويد أنه يمكن إرجاع أفعال الإنسان إلي غريزتين هما : غريزة الحياة وغريزة الموت[30]والغالب في الدراسة أنه ثمة معياريين أساسيين من أجل دراسة الظاهرة الصراع وأسبابها من ناحية نفسية.

يركز المنهج الأول وهو ” كلي ” في أصل الظاهرة الصراعية انطلاقاً من تحليلها للأبعاد الفردية للشخصية البشرية والدوافع الذاتية وتأثيرها علي مسار الظاهرة الصراعية ، ويرتكزون في تحليلهم علي مبدأ أساسي يتمثل في أن السلوك الدولي ما هو إلا انعكاس للسلوك الفردي في حالته الصراعية.[31]

أما المنهج الثاني وهو ” جزئي ” فإنه يركز علي الأسباب، من خلال طبيعة وآليات المؤسسات الاجتماعية الأوسع من مجرد التأثير الفردي. وعلي الرغم من السهولة التي يطبعها هذا التصنيف في بعض الدراسات سواء علي الصعيد المكروكوزمي ( السلوك الفردي ) أو علي الصعيد المكروكوزمي ( النظام الدولي ) ، إلي أن هناك دراسات أخري حاولت أن تجمع بين هاذين الأسلوبين بدرجات متباينة[32]

ثانياً : المدخل الجيبوليتيكي

تضم الجغرافيا بمعناها الواسع ، مجموعة العوامل الطبيعية : دور المناخ ، طبيعة الأرض ، أهمية العوامل الموارد المعدنية وموارد الطاقة ، إضافة إلي الموقع الجغرافي للدولة.[33]ويرجع رواد المدرسة الجيوبوليتيكية في تفسيرهم للصراع إلي العوامل والضغوطات التي تولدها ظروف المكان ، إذ تمثل حركة الدول علي الصعيد الخارجي استجابة لضغوطات البيئة المكانية ( الموقع الجغرافي ، وفرة المياه ، تزايد السكان ) وتلك العوامل تدفع الدولة إلي تبني سياسية توسعية تصارعيه مع الدول الأخرى.[34]ولقد ظهرت في الجغرافيا السياسية عدة نظريات تهتم بدراسة الدولة وكانت تؤكد علي أهمية نموها وتطورها وازدهارها ، ومن هذه النظريات ” نظرية المجال الحيوي ” لفردريك راتزل والتي تنطلق من أن الدولة أشبه بالكائن الحي ، حيث تبدأ الدولة بشكل زايكوتي تتسع وتكبر بشكل أخطبوطي.[35] وقد طرح راتزل فكرة إمكانية حدوث صراعات وحروب دولية بسبب الحدود ، لكون الحدود الثابتة غير قابلة للإزاحة والدائمة قد تكون عائق أمام تقدم الدولة وتطورها وهذا ما يدفعها إلي اتخاذ خطوات توسعية لزيادة حدودها.[36] وتعد التقسيمات القائمة للحدود ، النتيجة المادية لصراعات القوى علي المستوي الدولي. [37]

ثالثاً : المدخل الاقتصادي

من أكثر القضايا العلمية انتشارا في الدراسات التي تعني بظاهرة الحروب هي قضية العلاقة بين السياسات العدوانية للدول وبين الحالة التي عليها اقتصادياتها.[38] وقد أكد رواد المنهج الاقتصادي ، والماركسيون بطبيعة الحال علي دور العامل الاقتصادي في الكشف عن مسببات الصراع الدولي ، وينشأ الصراع وفقاً لتصورهم نتيجة عدم القدرة علي تلبية وإشباع الحاجات الأساسية اللازمة للإنسان ، وعليه يمكن معرفة درجة الصراع الاقتصادي عن طريق احتساب الزيادة أو النقصان في الدخل الفردي الحقيقي.[39] وفي ظل حرية التجارة الدولية وتحررها من القيود والعوائق. والبعد الاقتصادي للعولمة هو البعد الأكثر وضوحا واكتمالا وأهمية ، وهو يؤثر في الأبعاد الأخرى ( السياسي ، الاجتماعي والثقافي ) الذين يرتكزون إليه بصورة كبيرة أما العولمة الاقتصادية فهي تعني بروز عالم بلا حدود اقتصادية واندماج غالبية سكان العالم في الاقتصاد الرأسمالي.[40] إلا أن السياسات الاقتصادية المختلفة بين دول العالم تؤدي إلي المنافسة التجارية وخلق جو من العداء بين الدول ، مما سينعكس سلبا علي القرارات المتخذة من قبل هذه الدول وقد تصل بدورها إلي المواجهة بالعنف المسلح. [41] فالتاريخ يقدم لنا أمثلة عديدة علي النزاعات الناجمة عن منافسات اقتصادية: صراع من أجل السيطرة علي الموارد الأولية، صراع من أجل الحصول علي منافذ تجارية، صراع من أجل السيطرة علي الأسواق.[42]

رابعاً:مدخل سباق التسلح

حمى سباق التسلح الدولي بكل أشكاله التي تجتاح المجتمع الدولي هي المصدر الرئيسي للصراع الدولي بتنوع مظاهره سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو دعائيا وربما حضاريا، كما أن أدوات الصراع قد تتخذ نماذج له كالضغط والحصار والتهديد والمساومة والإغراء والتنازل والتحالف والتحريض والتآمر، لتبقى الحرب في نهاية المطاف نقطة النهاية في تطور بعض الصراعات الدولية.[43]حيث يؤدي ازدياد رصيد الدولة من الأسلحة إلي مزيد من الشك في نواياها ، وبالتالي حدوث توترات قد تؤدي إلي صراع[44]

خامساً:مدخل النظام السياسي

تؤثر العوامل السياسية علي احتمال الحرب أو السلام . ولعل أهم هذه العوامل هي طبيعة النظام السياسي ، استقرار الحكومة ، ووجود صراعات سياسية داخلية.[45]وعليه تعتبر طبيعة النظام السياسي مصدراً مهماً للاستقرار أو عدم الاستقرار في العلاقات الدولية وفي السياق ذاته أعتبر أغلب الباحثين أن النظم السلطوية هي سبب النزاعات ، ذلك أنها نظم تفتقد للشرعية السياسية التي تعد من أهم أسباب الاستقرار وتفادي الصراعات والانشقاقات الداخلية في المجتمعات البشرية . فالشرعية السياسية هي الضامن لما وصفة هيغل بالدولة ” المنسجمة ” ، أي تلك الدولة التي يسود فيها الاعتراف بحق الاختلاف واحترام خيار الناس في شكل القيادة التي تسوسهم ، ويتم حل الخلافات فيها بقوة الإقناع لا بقوة السلاح . إضافة إلي أن الشرعية هي شكل من أشكال القوة لأنها تكسب المجتمع تلاحما ومنعة ضد الأعداء. فعلي حد تعبير فاكلافهافيل فإن الشرعية تمثل قوة الضعفاء ، ولذا فان المجتمعات التي تحكمها سلطة استبدادية ، فان الصراع الدائر بين الطامحين إلي السلطة يضعفها فتكون أكثر عرضة للنزاعات.[46]

نظرية الصراع عند المفكرين

  1. توماس هوبز

أكد علي الطبيعة الشريرة للأفراد وأن هؤلاء الأفراد في حالة صراع دائم من أجل الحصول علي القوة وتعظيمها كذلك أعطي اهتمام كبير للقوة في العلاقات الدولية فضلاً عن التأكيد علي أهمية المؤسسات ودورها في منع الصراعات بين الدول[47]

إن كل إنسان يعمل ، في نظر هوبز ، حسب مصلحته الخاصة . إن المصلحة هي دليل الأعمال الإنسانية والإنسان يبحث عما يسره، عما يجلب له فائدة ما، مسرة ما أو مكسباً ما.

كما أن الأعمال الإنسانية ليست خالصة من المصلحة أبدا ، والغايات العليا أو القصوى ليست إلا أوهاماً . الإنسان كائن ” الرغبة ” ، وهذه الرغبة ليست سوى حركة لا تتوقف تشدنا نحو ما ” يعجبنا ” أو نحو ما ” يسرنا ” . فليس هناك أمر جيد أو صالح في ذاته : ” كل إنسان ، فيما يخصه ، يطلق علي ما يعجبه وما يسره شخصياً الخير . ليس هناك رغبة بلا موضوع . ومن ثم تقوم دراسة السلوك الإنساني علي البحث عن غايات الأعمال الإنسانية .

يتميز الإنسان بنزوعه نحو المستقبل وهو يبحث دون توقف عن مسرة جديدة . فالسعادة ليست إذا إلا وهماً. فالإنسان دوماً غير راضٍ، في بحث عن وجود أفضل.

انه يبحث عما يجلب له فائدة مباشرة. لكن ما يجلب للإنسان أكبر المسرات وأهم المكاسب، إنما هو السلطة: فالواقع أن السلطة هي ما يسمح للإنسان بضمان كسبه ومصلحته والسلطة ليست إلا ” وسيلة ” تسمح بالتمتع في أمان المكاسب. فإذا كانت مصلحة الإنسان تقوم علي البحث عما هو مفيد له ومن هنا تنتج الخصومة وحرب الجميع ضد الجميع.[48]

ويري جون ديوى في تعليقه علي الطبيعة البشرية عند هوبز. فإذا ما نظرنا مثلاً إلي القوة السببية التي يضفها Hobbes علي استجابة الخوف ، نجد أن الشخص الذي يعيش في طمأنينة وراحة في الوقت الحاضر ينظر إلي انتشار الشعور بالخوف عند هوبز علي أنه سجية مزاج جبان يصل إلي حد الشذوذ . ولكن البحث في ظروف ذلك الوقت وما ساد فيه من الاضطراب والفساد مما أدي إلي عدم الثقة والعدوان بصفة عامة ، مما أدي بدوره إلي القتال الوحشي والمؤامرات الهدامة ، هذا كله يعطي الموضوع طابعاً أخر . فالموقف الاجتماعي كان يبعث علي الخوف، وتبدو هذه النظرية غير صحيحة كتقرير لسيكولوجية الإنسان الطبيعي، ولكنها كتقرير للظروف الاجتماعية المعاصرة هناك الكثير مما يمكن أن يقال في جانبها.[49]

  1. نيكولا مكيافيللي

تؤسس الواقعية السياسية عند مكيافيللي علي نظرة ساخرة إلي الطبيعة البشرية فالبشر عند مكيافيللي خبثاء يتمسكون بالمصالح المادية أكثر من تمسكهم بحياتهم الخاصة[50] وهؤلاء علي استعداد لتغيير أهوائهم وعواطفهم وهم ناكرون للجميل ومتقلبون ، مراءون ، ميالون إلي تجنب الأخطار ، شديدو الطمع وهم إلي جانبك طالما أنك تفيدهم ، فيبذلون لك دماءهم وحياتهم وأطفالهم وكل ما يملكون ، ولا يترددون في الإساءةإلي ذلك الذي يجعل نفسه محبوبا بقدر ترددهم في الإساءة إلي من يخافونه ، إذ أن الحب يرتبط بسلسلة من الالتزام التي قد تتحطم بالنظر إلي أنانية الناس عندما يخدم تحطيمها مصالحهم ، بينما يرتكز الخوف علي الخشية من العقاب ، وهي خشية قلما تمني بالفشل. [51]

وقد عبر في كتابه المطارحات بقوله ” أشار جميع كتاب السياسة عبر التاريخ الطويل ، إلي أن هناك عدداً ضخماً من الأمثلة التي تقيم الدليل علي أن الواجب يدعو عند تأليف الدول والتشريع لها ، إلي اعتبار الناس جميعاً من الأشرار ، وإلي أنهم ينفسون دائماً عما في ضمائرهم من الشر ، عندما تتاح لهم الفرصة للتنفيس عنه ، بل أنه يرى أن الناس لا يفعلون الخير إلا إذ اضطروا إلي فعله بدافع الحاجة ، وإنهم عندما تتاح لهم فرصة العمل كما يشاءون وتتاح لهم الحرية في الاختيار ، فإن الاضطراب والفوضى يصبحان المسيطرين[52]

هذا وقد جعل ميكيافلي من الصراع مفهوماً أساسياً في الفكر السياسي الغربي الحديث ، وقد كان الهدف الأساسي لكتاباته هو توحيد ايطاليا ، وقد بين ميكيافليي وجود دافعين رئيسيين يحددان طبيعة الصراع في المجتمع وهما : رغبة الجماهير في تحقيق الأمن ، ورغبة الحكام في الحصول علي مزيد من القوة.[53]

الافتراضات الأساسية في نظرية الصراع

  • الصراع ينشأ بين طرفين أو أكثر نتيجة للتعارض في الأهداف ، والمصالح ، والمعتقدات ، والقيم بين الأطراف المتصارعة ويسعي كل طرف عادة إلي تحقيقها من خلال سعي أحد الأطراف القيام بعمل سلبي ضد الآخر لأجل تحطيم قدراته جزئياً أو كلياً.
  • الصراع ناجم عن التعارض بين إرادتين أو طرفين أو عدة أطراف ، هذه الأطراف تسعي لأجل تحقيق أهداف ومصالح يغلب عليها طابع التناقض مع الأطراف الأخرى والتي يعبر عنها في غالب الأحيان بأسلوب الفعل ورد الفعل.
  • التشابك والتعقيد الذي يتصف به النظام الدولي يدفع بوحداته إلي الصراع لتحيق الأهداف الدول الحيوية.

تقييم نظرية الصراع

نظرت إلي العالم علي أنه حالة شديدة التشابك والتعقيد والتناقض وأن عملية خلق تجانس أو إنسجام ضرب من ضروب الخيال أو المستحيل وعليه لابد من اعتماد كل دولة علي القوة الذاتية للمحافظة علي بقاءها واستمرارية وجودها في هذا النظام الدولي اللاعقلاني الذي لا يتصف إلا بالصراع ولا شيء أخر سوى الصراع هذه النظرة السوداوية للنظام الدولي دفعت باتجاه ظهور مدرسة نظرية التكامل الدولي والتي جاءت بأفكار أكثر تفاؤلا في تناول الواقع الدولي وقد ارتأت هذه النظرية التي جاءت كرد فعل علي نظرية الصراع الدولي بأن السلم والاستقرار الدولي يمكن تحقيقهما من خلال التكامل وليس الصراع.

اسقاط نظرية الصراع “الحرب الاسرائيلية على غزة 2014

مقدمة

نفذت إسرائيل في أواخر عام 2005 انسحاباً أحادي الجانب من قطاع غزة، متوجة بذلك سياسات هادفة للفصل بني قطاع غزة والضفة الغربية سياسيا وعسكريا واجتماعيا وجغرافيا

وفي هذا السياق جاءت عمليات القصف الاسرائيلي المتكرر لقطاع غزة منذ عام 2007 حيث شنت اسرائيل ثلاث عمليات عسكرية هي الرصاص المصبوب (2008) وعامود السحاب (2012) والجرف الصامد (2014) اوقعت خلالها عشرات ألاف الجرحى وتدمير للبنية التحتية وتخريب اقتصاد قطاع غزة مرة كل عامين تقريبا.

وفي إطار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية كان يفترض أن تفرج إسرائيل عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين التي تضم 26 من قدامى الأسرى الفلسطينيين، مقابل عدم توجه الفلسطينيين إلى المؤسسات الدولية واستئناف المفاوضات، ولكن إسرائيل طالبت بتمديد المفاوضات إلى ما بعد 29 نيسان/أبريل. إلا أن الفلسطينيين رفضوا هذا الشرط المسبق مما أدى إلى رفض إسرائيل تنفيذ الإفراج عن الدفعة الرابعة.

في مطلع أبريل/نيسان 2014 وقعت السلطة الفلسطينية على طلب الانضمام إلى 15 منظمة ومعاهدة دولية في الأمم المتحدة كرد على عدم وفاء إسرائيل بإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى وفي 23 أبرايل/نيسان 2014 أبرمت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس اتفاقاً للمصالحة وكان من بين نقاطه تشكيل حكومة الوفاق الوطني خلال خمسة أسابيع  وهو ما حصل فعلياً في 2 يونيو/حزيران 2014.

أولاً : بداية التوتر:-

دخلت المواجهة الاسرائيلية – الفلسطينية مرحلةً جديدة من التصعيد، وصلت إلى حد شن عدوان  شامل على قطاع غزة 2014، وذلك بعد أن استغلت إسرائيل مقتل ثالثة من مستوطنيها في منطقة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة لتحقيق أهداف سياسيةففي 12 حزيران (يونيو) عام 2014اختتطفت عناصر من حركة حماس ثلاثة مستوطنين اسرائيليين جنوب الضفة الغربية وقتلتهم ،حيث شنت قوات الاحتلال الاسرائيلي حملة اعتقالات واسعة في صفوف الفلسطينيين شملت عناصر من كل التنظيمات الفلسطينية ،وخلال العملية التي اسمتها “اعادة الابناء” اعتقلت اسرائيل اكثر من 500 فلسطيني وقتلت اكثر من 15 اخرين. وشن الطيران الاسرائيلي عمليات قصف انتقامية على قطاع غزة وصل عددها حتى 6/7/2014 ثماني عشر غارة. وذكرت تقارير إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي تدرب على العملية الحالية منذ 18 شهرا أي منذ انتهاء عملية عامود السحاب، ما يشير إلى النية المبيتة تجاه قطاع غزة([54])

ثانياً : الأهداف الإسرائيلية:-

يمكن التعرف على أهداف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من القرار المكتوب الذي صاغه قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي وأقرته الحكومة، وينص على: ضرب قدرات حماس العسكرية والوصول الى مرحلة هدوء طويلة المدى في كل الساحة الفلسطينية ومن ضمنها الضفة الغربية([55])

ثالثاً: نظرية العدوان على قطاع غزة

طبقت على قطاع غزة نظريتا قتال إسرائيليتان، الأولى: نظرية الوعي والكيالتي وضعت بعد انتفاضة النفق عام 1996 في عهد رئيس الأركان الإسرائيلي السابق أمنون ليبكن شاحك وشارك فيها وزير الدفاع موشيه يعلونوتقول النظرية إن الفلسطينيين وبعد تجرؤهم على الجيش الإسرائيلي وقتلهم 18 جنديا في يوم واحد، سيدفعون ثمنا غاليا بواسطة ضربهم بقوة شديدة جدا من دون دفعهم إلى الهزيمة لأنهم لا يملكون شيئا يقدمونه مقابل هزيمتهم. ويتم الضرب بواسطة هجمات محدودة وغير شاملة هدفها إحداث تغيير استراتيجي على الأرض، وإيقاع خسائر فادحة في صفوفهم تردعهم حتى عن مجرد التفكير بمهاجمة إسرائيل مستقبلا. وطبقت هذه النظرة في قطاع غزة بواسطة القصف والقتل الشامل لسكان القطاع خاصة الإبادة الجماعية للعائلات. وفي الوقت نفسه، تبنى الائتلاف الحاكم في إسرائيل النظرية الثانية  جز العشب التي وضعها بن غوريون عام 1950 ،التي تقول إن إسرائيل دولة صغيرة محاطة بعدد كبير من الأعداء سيواصلون عداءهم لها في العقود القادمة، ولأن إسرائيل دولة صغيرة من حيث المساحة والسكان، فإنها لن تستطيع فرض السلام على العرب أو حسم المعركة معهم مرة واحدة، وبالتالي فإن أفضل طريقة للبقاء هي المحافظة على قدرة الردع أمام العرب بواسطة إلحاق الأذى الكبير في صفوفهم، بهدف تثبيط معنوياتهم كي تطول فترة الهدوء القادمةولتطبيق النظريات المذكورة جندت إسرائيل 82 ألف جندي خاصة من أسلحة المشاة مثل: ألوية الناحل وغولاني وغفعاتي والوحدات الخاصة مثل دورية الأركان ومجيلانوشييطت التابعة لسلاح البحرية الاسرائيليةوفي المقابل لم يملك الفلسطينيون نظرية قتالية محددة وتركز جهدهم الأساسي في الأنفاق الهجومية التي دمر الجيش الإسرائيلي 34 منها، والتي أوقعت ما يقارب 20 %من القتلى الإسرائيليين وعلى الكمائن وبعض المواجهات المباشرة. ولم تقتصر المواجهة على حركتي حماس والجهاد الإسلامي فقط، بل شاركت فيها كل الفصائل الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية([56]) أسلحة وأساليب قتالية كانت الصواريخ هي سلاح المقاومة الفلسطينية الرئيسي، في قصف العمق الإسرائيلي، في تصديه للعدوان على قطاع غزة مثل: صواريخ فجر 5 ،وآر بي جي وصواريخ البراق والقسام وغيرها من الصواريخ التي لم تحدث دمارا في إسرائيل، بل شوشت الحياة العامة على مدار فترة الحرب. وفيما يتعلق بأساليب القتال، استخدمت المقاومة الفلسطينية عدة أساليب هجومية مثل القصف بالصواريخ والقذائف، واستخدام الكمائن البشرية وتلغيم منازل ومواقع وعمليات استشهادية(، وهي نفس الأساليب التي اتبعها حزب الله في حرب لبنان الثانية. كما استخدمت الأنفاق الهجومية التي كانت مفاجأة هذه الحرب التي أوقعت 20 %من قتلى الجيش الإسرائيلي، وهي أنفاق تبدأ في الجانب الفلسطيني وتنتهي في الجانب الإسرائيلي. واستخدم أسلوب حرب الشوارع بصورة قليلة جدا، حيث كان الهدف منها اختطاف جنود من أجل استبدالهم بأسرى فلسطينيين. واستخدمت حماس أساليب إعلامية ونفسية، لكنها لم تترك أثرا كبيرا في المجتمع والجيش الإسرائيلي نظرا لحالة التجييش والعسكرة التي تمر بها إسرائيل منذ نشأتها حتى هذا اليوم. وفي المقابل استخدمت إسرائيل أسلحة الجو والبحر والمشاة والمدرعات والهندسة والجرافات والحفارات وغيرها من الأسلحة في قصفها وتدميرهاالممنهج  لقطاع غزة، وركزت على الأسلحة الدفاعية والمضادة للصواريخ بهدف تقليل الأضرار في صفوف جنودها وجمهورها بشكل كبير مثل البطاريات المضادة للصواريخ »القبة الحديدية« وطائرات من دون طيار سكاي هوك والرادار المتحرك » والقمر الصناعي أوفك 10 والدبابة مركفاة 4 التي تزن60 طناً وهي دبابة محصنة ضد العبوات الناسفة والصواريخ المضادة للدبابات وصواريخ براك وفلينكسوكورنيتوهليفرومتوز التي تطلق من طائرات الأباتشي وعلى الصعيد الشخصي زود الجنود بواقيات 1M المضادة للرصاص ووضع في أجساد الجنود عالمات تعقب إليكتروني تحدد مكانهم في حالة الاختفاء أو الخطف. كما زود الجنود ببنادق من نوع عوزي وتبور الهجومية وبندقية القنص النهار والليل شتير 50-HS وبندقية كليبر 5.0 إنش وخلال العدوان، شنت القوات الإسرائيلية 6231 هجوماً حيث توزعت الهجمات كالتالي: 1678 صاروخاً من القبة الحديدية و977 غارة جوية على قيادات ومقرات رسمية و939 هجوماً على أهداف مساعدة و548 هجوماً على »بنى تحتية مهددة«. وقصف 237 مقراً حكومياً و191 ، وشنت 96 هجوماً جوياً وبحرياً. واستخدمت في ذلك القصف 43 ألف قذيفة مدفعية )استهلك منها 30 ألف قذيفة خلال أول 30 يوماً من الحرب( و39 ألف قذيفة دبابة )استهلك منها 14 ألف قذيفة خلال الفترة نفسها ومئات الصواريخ والقنابل الخارقة للتحصينات وزود الجنود بـ8.4 مليون طلقة )استهلك نصفها.أن كمية المتفجرات التي أطلقت على القطاع تساوي 20 ألف طن انفجر منها 5000 وخلال العدوان طبقت إسرائيل أسلوب الضاحية (نسبه الى الدمار و القصف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية في حرب لبنان الثانية)  في خمس مناطق هي: الشجاعية )شن عليها خلال ساعة 120 غارة حملت كل طائرة في هذه الغارات قنابل تزن طناً واحداً وأطلقت الدبابات 600 قذيفة( وبيت حانون وعبسان وخزاعة ورفح الشرقية، وفي مدينة غزة التي بدأت إسرائيل فيها بهدم الأبراج السكنية.[57]كما طبقت إسرائيل أسلوب الطرق على الأبواب، الذي تدعي أنها استخلصته من عملية الرصاص المنصهر الذي يدعو إلى إلقاء قنابل إسرائيلية صوتية تحمل كمية قليلة من المتفجرات تحذر فيها أصحاب البيوت المنوي تدميرها بالخروج من المنزل خلال دقائق معدودة. لكن هذا الأسلوب لم يتبع نظرا لسرعة القصف الإسرائيلي للمنازل التي دمرت على رؤوس أصحابها.واتُبع من قبل إسرائيل إجراء حينبعل الذي وضع في صيف عام 1986 من قبل كبار ضباط المنطقة الشمالية الجنرال حينها يوسي بيلد قائد المنطقة الشمالية ورئيس الأركان السابق غابي إشكنازي والجنرال احتياط يعقوب عميدرور الذي ينص على إطلاق النار على الخاطفين بهدف قتلهم وإنقاذ الجنود المختطفين، وفي حال الفشل بإنقاذهم تطلق النار على الخاطفين والمختطفين. واتبع هذا الأسلوب في الحرب على لبنان وفي العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة خاصة العملية التي تسببت بمقتل اثنني من الجنود .ويعود السبب في ذلك إلى الثمن الباهظ الذي تدفعه إسرائيل مقابل كل جندي أسير. وكان أسلوب القصف العشوائي والتدمير للمباني السكنية والبنية التحتية هو أحد الأساليب التي اتبعها الجيش الإسرائيلي بهدف خلق حالة تهجير جماعي داخل القطاع، ودفع هذه الجماهير للضغط على المقاومة من أجل وقف إطلاق النار. وسبق أن اتبع هذا الأسلوب في الحروب الإسرائيلية التي شنتها على جنوب لبنان وضد حزب الله. ونتيجة للقصف الذي تعرض له مستوطنات غلاف غزة  وفي سياق وسائلها لتقليل الخسائر البشرية اتبعت اسرائيل قانون »فندق الضيافة« الذي ينص على دفع تكاليف الضيافة وغيرها من المصروفات لكل عائلة تستضيف عائلة يهودية من المستوطنات المحيطة بقطاع غزة. وفي هذا الإطار تسابقت العائلات اليهودية وبعض القرى الدرزية من أجل الاستفادة من هذه المصاريف.[58]

رابعاً : وقف إطلاق النار

بعدجهودمضنيةوجولاتعديدةقامبهاالرئيسالفلسطينيمحمودعباس،وتدخلأمريكيوسعوديفاعل،صدربيانعنوزارةالخارجيةالمصريةتقولفيه:

” حفاظاًعلىأرواحالأبرياءوحقناًللدماءواستناداًإلىالمبادرةالمصرية 2014وتفاهماتالقاهرة 2012  ،دعتمصرالطرفينالإسرائيليوالفلسطينيإلىوقفإطلاقالنارالشاملوالمتبادلبالتزامنمعفتحالمعابربينقطاعغزةوإسرائيلبما يحققسرعةإدخالالمساعداتالإنسانيةوالإغاثيةومستلزماتإعادةالإعماروالصيدالبحريانطلاقامن 6 أميالبحرية،واستمرارالمفاوضاتغيرالمباشرةبينالطرفينبشأنالموضوعاتالأخرىخلالشهرمنبدءتثبيتوقفإطلاقالنار”.“[59]

وأضافالبيان: ”وفيضوءقبولالطرفينالفلسطينيوالإسرائيليبماوردبالدعوةالمصرية،فقدتحددتساعةالسابعةبتوقيتالقاهرةيوم 26/8/2014 لبدءسريانوقفإطلاقالنار.وتابعالبيانإن: ”مصرتؤكدمجدداًالتزامهاالثابتبدورهاالذيتمليهحقائقالتاريخوالجغرافياومسؤولياتهاالوطنيةوالعربيةوالإقليمية ،وبماينبثقعنذلكمنالعملعلىتحقيقتطلعاتالشعبالفلسطينيودعمقيادته،والحرص علىتعزيزالسلاموالاستقرارفيالمنطقةمنخلالإقامةالدولةالفلسطينيةالمستقلةلتحقيقالسلاموالأمنفيالمنطقةوبمايسهمفيازدهارورخاءكافةدولهاوشعوبها. وتُثمنمصرالجهودالتيتبذلهاالولاياتالمتحدةالأمريكيةوالدورالذيتضطلعبهفيهذاالسياق.منجهتهاذكرتصحيفةالشرقالأوسطأناتفاقيةوقفإطلاقالنارتضمنت:

  1. وقفإطلاقالنارشاملومتبادل،ووقفالاغتيالاتوالإستهدافات

2 .فتحالمعابربنيقطاعغزةوإسرائيل،بمايتحققسرعةإدخالالمساعداتالإنسانيةوالإغاثيةومستلزماتإعادةالإعمار.

3 .حريةالصيدحتى 6 أميالبحريةعلىأنتصلإلى 12 ميالفيالمرحلةالثانية.

4 .فتحمعبررفحبوجودقواتالرئاسةالفلسطينيةعلىالمعبروعلىطولالحدود.

5 .رفعالحظرعنتحويلالأمواللموظفيحركةحماسفيالقطاع.

6 .إلغاءالمنطقةالعازلةالممتدةلـ300 متروقصرهاعلى 100 مترفقط.

7 .العودةللمفاوضاتغيرالمباشرةبينالطرفينبعدشهرمنبدءتثبيتوقفإطلاقالنارمنأجلإعادةبناءالمطارالذيهدمتهإسرائيلعام 2001 فيرفح،وإقامةميناءبحري. والبحثفيالطلبالإسرائيليباستعادةجثثجنودهالدىحماس،ونزعأسلحةالفصائلالفلسطينية

خامساً : فيما يتعلق بالخسائر الإسرائيلية:-

فقد ذكرت مصادر إسرائيلية أنه قتل خلال العدوان على قطاع غزة 84 إسرائيليا، منهم 67 جنديا في المعارك و6 مدنيين وأصيب 2462 إسرائيلياً منهم 1620 جندياً وأشارت نجمة داوود الحمراء “هيئة الاسعاف الاسرائيلية” أنها نقلت 824 جريحا منهم128  نتيجة حادث طرق بعد سماع صفارة الإنذار. وفي السياق نفسه، ونتيجة لقصف المقاومة الفلسطينية للمستوطنات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة، فر بالمتوسط أكثر من 70-90( %44 ألف نسمة عدد سكان المنطقة المسماة غلاف غزة وتضم 49 مستوطنة)، فيما هجر من10-30 %من سكان المنطقة الأبعد قليلا من غلاف غزة. وتوزع سكان المناطق المذكورة إلى مناطق أكثر أمنا في الشمال والوسط، وتم إسكانهم في إطار قانون فندق الضيافة .وتعد هذه النسبة 5 %من عدد من هجروا من بيوتهم من الفلسطينيين. وبعد انتهاء الحرب عاد معظم الإسرائيليين إلى بيوتهم، فيما لم يعد أكثر من 150 ألف فلسطيني إلى منازلهم. نتيجة العدوان على القطاع وقصف المدن الإسرائيلية بالصواريخ والقذائف تعرض الاقتصاد الإسرائيلي لخسائر مباشرة توقف جزئي للعمل والسياحة والصناعة، وغيرها من المرافق الإنتاجية( تصل إلى أربعة مليارات شيكل أي ما يعادل 1.1 مليار دولار. ويتوقع أن تزداد الخسائر غير المباشرة إلى عدة مليارات دولار حلني عودة الأمور إلى طبيعتها. وتوزعت الخسائر إلى: 350 مليون شيكل بعد ان قدم 14 ألف طلب تعويض عالجت الحكومة 75% منها إضافة إلى ذلك بلغت تكاليف العملية العسكرية ما يقارب من 200-250 مليون شيكل يومياً. الأمر الذي يعني أن إسرائيل خسرت ما يقارب 9مليارات شيكل ثمن قذائف وصواريخ وطلعات جوية ومحروقات وغير ذلك من المصاريف وفي سياقمختلف جاءت نسبة الشهداء مقارنة مع القتلى الإسرائيليين إلى 38:1 لصالح إسرائيل. وهي نسبة عالية جدا مقارنة مع الانتفاضة الثانية التي كانت نسبتها 5:1 لصالح إسرائيل، ما أجبرها البحث عن طرق أخرى غير عسكرية للحل مثل الانفصال عن غزة وبناء جدران عازلة في الضفة. غير أن وفيما يتعلق بنسب الجرحى فقد كانت هذه النسب كبيرة جدا ولا تقارن من حيث الإصابات، حيث اعتبرت الجهات الإسرائيلية الخوف إصابة تستحق العالج الذي كانت نسبته ما تقارب 20 %من عدد الجرحى الإسرائيلي (عسكريين ومدنيين)، كما لم تسجل إصابات خطيرة جدا في صفوف الإسرائيليين، حيث كانت بين بسيطة ومتوسطة، أما من حيث الخسائر الفلسطينية فقد وقعت في معظمها في البنية البشرية والتحتية، ما يخلف انعكاسات مستقبلية خطيرة في مجالات مختلفة. بينما تركزت الخسائر الإسرائيلية على ثمن القذائف التي سقطت على القطاع ودفع تعويضات لجنود الاحتياط ولوسائل الإنتاج التي تعطلت مثل قطاع السياحة والصناعة، وغير ذلك، ما يساعد الاقتصاد الإسرائيلي على استعادة عافيته بالسرعة الممكنة.[60]

سادساً : خسائر الاقتصاد الإسرائيلي:-

جاءت الحرب على غزة في الوقت الذي كانت إسرائيل تعاني مظاهربدايات أزمة اقتصادية. ففي النصف الأول من عام 2014 تباطأ نمو الاقتصادالإسرائيل وتراجع معدل نمو الناتج المحلي إلى أقل من 3في المئة، وانخفض الاستهلاك الفردي 2 في المئة. وقد أظهرتالتقديرات الإسرائيليةالأولية أن الاقتصاد قد خسر في أول 25 يوًما للحرب أكثر من 15 مليار شيكلوتشمل هذه الخسائر التكاليف العسكريةللحرب التي كانت تقدر حينئذ بسبعة مليارات دولار ويأتي منضمنها تكاليف استدعاء أكرث من 80 ألفًا من قوات الاحتياط للخدمةفي الجيش الإسرائيلي، وكذلك تشمل الأضرارالاقتصاديةالمباشرة وغير المباشرة التي لحقت بقطاعات الاقتصادالإسرائيليالمختلفة مثل: السياحة والصناعة والزراعة والبناء والمواصلات والبنى التحتيةاضافة الى ذلك هناك خسائر ستلحق بالاقتصاد الإسرائيلي على المدى البعيد مثل: تراجع الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل، وتراجع مكانة إسرائيل في الأسواق العالمية، وتراجع تصديرها، وتراجع حجم جباية الضرائب إلى جانب ذلك، ستزيد نتائج الحرب ودروس المؤسسة العسكرية منها الأعباء على الموازنة العامة في إسرائيل في السنوات المقبلة. فقد طالبت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بزيادة 11 مليار دولار إلى ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية لعام 2015 لتبلغ هذه الميزانية 70 مليار شيكل وهو ما يعادل 17 في المئة من موازنة إسرائيل العامة لعام 2015 ويدور صراع في الحكومة الإسرائيلية بشأن كيفية تغطية خسائر الحرب، ومن سيتكفل بتغطيتها، في أجـواء الخشية السائدة في صفوف النخب السياسية والاقتصادية من مغبة استمرار تعمق الأزمة الاقتصادية التي تعانينها إسرائيل، واحتمالات حدوث تباطؤ وركود عميق في الاقتصاد الإسرائيلي([61])

سابعاً : الأهداف الفلسطينية:-

انقسمت الأهداف الفلسطينية إلى شقين، الأول: مثله الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومنظمة التحرير، الذي اعتبر أن هدفه الأول هو وقف إطلاق النار فورا والمحافظة على أرواح الفلسطينيين، والتفاوض بعد ذلك على فك الحصار.

والثاني، قدمته حركة حماس التي طالبت بسحب الدبابات الإسرائيلية إلى منطقة الحدود مع غزة، وإطلاق سراح جميع الأسرى المفرج عنهم من صفقة شاليط، ورفع الحصار المفروض على القطاع، وفتح المعابر لحركة الأشخاص والتجارة، وإقامة ميناء بحري ومطار جوي دولي يتم تشغيله بواسطة الأمم المتحدة، وتوسيع مساحة الصيد المسموح بها قبالة ساحل غزة لمسافة 12ميلاً بحرياً، وتحويل معبر رفح إلى معبر دولي تحت إشراف الأمم المتحدة ودول عربية صديقة، وإشراف مراقبين دوليين على الحدود مع مصر.

ثامناً : الخسائر التي خلفها العدوان على غزة

ألحق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خسائر بشرية فادحة في صفوفالفلسطينيين وتشير معطيات وزارة الصحة الفلسطينية أن عدد الشهداء هو: 2175 شهيداً منهم: 521 طفالً و296 سيدة و80 مسن ومن بين الشهداء 72 عائلة أبيدت بالكامل بلغ عدد أفرادها 540نسمة، ما دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى القول إنه لم يجد من يعزيه من أبناء هذه العائلات. ومن بني الشهداء 21 شهيداً من الطواقم الطبية و13 شهيدا صحافيا12 وبالإضافة لذلك استشهد في الضفة الغربية منذ اختطاف المستوطنين الثالثة 25 مواطناً وجرح العشرات. وحسب نفس التقرير بلغ عدد الجرحى: 11200 منهم 2890 طفالً و1863 سيدة وذكر التقرير أن مؤسسات الأمم المتحدة العاملة في القطاع أحصت 373 ألف نسمة معظمهم من الأطفال، يحتاجون إلى رعاية نفسية بعد الحرب. وهي نسبة هائلة جدا إذا ما قورنت بالمعطيات الإسرائيلية التي تحدثت عن أقل بقليل من 3300 جرحى وأمراض نفسية نتيجة الحرب.وحسب التقرير هناك 10آلاف وحدة سكنية دمرت تدميراً كاملاً، و40 ألفاً بحاجة إلى ترميم ونتيجة ذلك ظل 110 آلاف مهجر تهجيرا داخليا من دون مأوى للسكن، هذا وقصفت محطة الطاقة الوحيدة في قطاع غزة التي حلقتها أضرار هائلة.واضاف التقرير أن الخسائر الاقتصادية التي أصابت القطاع الزراعي وصلت إلى تخريب 30 %من الأراضي الزراعية وتضررت 990 منشأة اقتصادية منها، 297 تدميراً كاملا،  وخلص التقرير إلى القول إن أكثر من 73 %من شباب قطاع غزة أصبح عاطلا عن العمل نتيجة الحصار والحرب

تاسعاً : ماذا أرادت إسرائيل وماذا حققت وماذا خسرت:-

إسرائيل تصر على أن عدوانها على غزة ليس حربا وإمنا »عملية عسكرية« وهيتتذرع ربما بحقيقة أن قطاع غزة لا زال أرضا محتلة، علما أن الدولة الوحيدة التيتعامل قطاع غزة بوصفه»كيانا« هي إسرائيل ذاتها مدعية أنها انسحبت منهبموجب خطة الفصل أحادي الجانب.إسرائيل تتقن التلاعب بالقوانين والاتفاقياتوتوظفه جيداً بما يخدم أهدافها أو يغطي جرائمها. ولا زالت إسرائيل تقدمذاتها أمام المجتمع الدولي بوصفها ضحية تتعرض للاعتداء، وللأسف تجد من بينسلوكنا وخطابنا الانفعالي ما يعينها على ذلك.يرى مراقبون أن نتنياهو أقدم على شن عدوانه مقدراً أنه لن يتجاوز بضعة أياميتمكن خلالها من: توجيه صفعة قوية حركة حماس، يحرج الرئيس الفلسطيني يتخلص من الضغوط الداخلية والخارجية عليه، يجهز على الهبة الجماهيرية فيالضفة الغربية وبين صفوف فلسطينيي 48 ،وإذا به يصطدم بموقفين، اضطر

معهما لاستخدام مبدأ ”ما لا يأتي بقوة، يأتي بقوة أكبر“؛ الموقف الأول موقففصائل المقاومة التي رفضت وقف إطلاق النار على أساس ”تهدئة مقابل تهدئة“،والموقف الثاني، إصرار القيادة المصرية على وجود وفد فلسطيني موحد يمثلالشرعية الفلسطينية وهو ما لا ترغب به إسرائيل.

ويرى آخرون أن هذا العدوان هو محاولة جديدة، مخططة، للتعامل مع معضلةغزة في نتيجته تسعى إسرائيل إلى خلق واقع جديد في القطاع عبر سيطرتهاالعسكرية غير المباشرة على منطقة عازلة بعمق لا يقل عن كيلو متر خال من السكان، وعلى طول الحدود معها، حيث الاكتظاظ السكاني وتدمير البنية التحية والمرافق وقلة الموارد واقع إنساني لا يطاق فيما تبقى من مساحةالقطاع وهي تراهن على اندلاع حالة من الفوضى العارمة تستدعي تدخل المجتمع الدوليبقرار أو غطاء عربي.

تبدو إسرائيل غير راغبة في التفاوض مع وفد فلسطيني موحد حول مستقبلغزة من المتوقع أن تتذرع بأي حجة ميدانية أو سياسية تدفعها للانسحاب منالتفاوض أو ستكتفي بمناقشة القضايا الإنسانية وبعض التسهيلات. إذ تفضلإسرائيل: التفاوض مع مصر نيابة عن غزة وباسمها، أو التفاوض مع المجتمعالدولي حول الوضع الإنساني في القطاع، وتوقف عملياتها من طرف واحد لتعفيذاتها من أي مسؤولية وتترك قطاع غزة في فوضى عارمة وفي مرمى نيرانها، وفي حال مارست الولايات المتحدة الامريكية ضغوطا عليها يمكن ان تقبل التفاوض مع السلطة الفلسطينية

دون أن تقبل مطالبها ذات الطابع السياسي ، أو أن تطرح شروطاتعجيزية كأن تطلب سحب سلاح المقاومة أو الموافقة على منطقة عازلة بعمقكيلو متر أو نحو ذلك في المناطق الشرقية المحروقة، وتظل تراوغ وهي مستمرة فيخلق وقائع جديدة على الأرض بحيث توافق فقط على تهدئة طويلة وما عداذلك يترك آليات متابعة لاحقاً.

بالتأكيد إسرائيل تخطئ وترتبك بالرغم من جبروتها، وهي قابلة للهزيمةبالمعنى التاريخي، وقد تفشل في تحقيق أهدافها أو بعضها، لكنها لا زالت قويةبما يكفي لإيلامنا وتغيير وجه المنطقة، فحذار من المس بنرجسيتها في زمن غيرموات،فإسرائيل قادرة أن تتعلم من أخطائها، لديها من الحلفاء ما يعوضها، ولديهامن الإمكانات ما يدمي عدوانها فقد كتب ناحوم برنياع أن أفدح خسائر إسرائيل هواحتمال زعزعة مكانتها وتغير صورتها في أوروبا وأمريكا بتأثير الصور الفظيعةمن غزة[62].

عاشاً : ماذا أراد الفلسطينيون، ماذا حققوا وماذا خسروا:-

– فور تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطيني، كان  المضمون الأساسي للمصالحة هو كيفية إعادة دمج قطاع غزة في النظام / المشروع الفلسطيني  بضمان تأييد أوسع جمهور ممكن في قطاع غزة عبر شعوره بالمنفعة المباشرة، وتحييد أي جهة قادرة أو راغبة في تخريب العملية بما في ذلك داخل طرفي الخلاف، واتباع سياسة حذرة لا توفر لإسرائيل أي ذريع ة للانقضاض على هذا المنجز وربما أبعد منه الانقضاض على ما تبقى من مشروع وطني ”وخصوصاً في الضفة الغربية“.

لا داعي أبدا للتقليل من  أن خسارتنا كالقول أن غزة ولاّدة، فالشهداء ليسوا مجرد أرقام في حسابات البعض الفئوية والشخصية، ولا تكون التضحيات إكراهية ولا يكون التدمير الهائل للقرى والأحياء والمناطق مجرد خسارة معركة.  مرة أخرى أثبت الفلسطينيون أنه لا تنقصهم البطولة ولا التضحية ولا الإبداع ولا القدرة على التحمل ولا التوق الشديد للحرية والاستقلال. لكنهم مرة أخرى يعانون من ضعف الإدارة السياسية ومن غياب الرؤية الاستراتيجية ومن عدم القدرة على المطابقة بين العقل والكون. يضخمون الإنجازات ويعزفون عن صورة الضحية، ويغلبون المصالح الفئوية، ويغضون الطرف عن أمراض اجتماعية أخرى لها علاقة بمدى منعة الجبهة الداخلية وتضميد جراح الناس وتعزيز صمودهم.

صحيح أن ما لا تحققه في ميدان الحرب يصعب تحقيقه على طاولة المفاوضات غير أنه يمكن القول أن غزة انتصرت على النوايا المضمرة للعدوان. صمدت المقاومة وفاجأت الجميع بقدراتها، يقول قائد سالح البحرية الإسرائيلي السابق “لم نحقق قوة الردع الإسرائيلية” ويقول عوزي لاندو، وزير السياحة الإسرائيلي “خسرنا معركة استراتيجية أمام قطاع غزة ” حيث عمدت غزة بدماء أبنائها وتضحياتهم الوطنية، وعلى خلاف ما حدث في الحربين السابقتين، تشكل وفد فلسطيني موحد ليفاوض وهو يحمل مطالب الشعب الفلسطيني. وعند الإجابة على سؤال هل انتصرنا أم هزمنا؟ يمكن القول هل حقق العدوان أهدافه، وفي المقابل هل حقق الفلسطينيون أهدافهم؟ وربما يكون المعيار الاهم هو إلى أي مدى قطعنا الطريق على المخططات الإسرائيلية. حيث تركزت الجهود الفلسطينية في ضرورة وقف العدوان بشكل فوري حيث كان استمرار العدوان يعني مزيدا من القتلى و الجرحى في صفوف الفلسطينيين ومزيدا من الدمار و الخراب. [63]

النتائج:-

1 -في صراعها مع الفلسطينيين لم تعد إسرائيل تبحث عن نصر، فمهمتها الأساسية هي دفعهم إلى صراع مسلح خاصة في قطاع غزة مرة كل عدة سنوات، كلما اعتقدت أن الفلسطينيين تجرأوا على تحديها بواسطة إطلاق الصواريخ. باحثة في ذلك عن وضع تردع فيه الفلسطينيين بواسطة القتل والتدمير الهائلين. وعلى الفلسطينيين وضع برامج وسياسات نضالية تأخذ بعني الاعتبار تقليل خسائر الشعب الفلسطيني قدر الإمكان استعدادا للمواجهة المقبلة، بما في ذلك استغلال مبادرات وقف إطلاق النار، مثل المبادرة المصرية التي رفضت في بداية العدوان، وتمت الموافقة عليها في نهاية العدوان بعد أن تكبد الشعب الفلسطيني خسائر فادحة في الأنفس والممتلكات.

2 -تعزيزسياستينإسرائيليتينفيالصراعمعالشعبالفلسطيني. وبالتاليحلينمختلفينللقضيةالفلسطينيةفيمنطقتيالضفةالغربيةوقطاعغزة.ومنالواضحأنالعدوانأبقىعلىحالةالانقسامبينالفلسطينيين،خاصةأنطموححماسيسيرباتجاهمشروعاستقلاللقطاعغزة،وهذاكانمغزىالطلبالقطريوالتركيوفتحقطاعغزةبراًوجواًوبحراًمندونوحدةوطنيةحقيقيةوعليه،علىالسلطةالوطنيةالفلسطينيةالإصرارعلىأنتكونجزءاًأساسياًمنالحلوليسمجردشاهد،والإصرارعلىأنوحدةالموقفالفلسطينيهيالتيستؤديفينهايةالمطافإلىتنفيذماسيتمالاتفاقعليه من أجلتفويتالفرصةعلىالمخططاتالإسرائيلية.

3 -دفعهذاالعدوانإسرائيلإلىمزيدمنالعزلةالدولية،خاصةفيالدولالتيتعتبرحليفةلهافيأوروباوالولاياتالمتحدة،التيانتشرتفيهامظاهراتدعموتأييدللفلسطينيين. واستمرارالصراعوعدمإيجادحلنهائيللقضيةالفلسطينيةيسهمانفيالمزيدمنحملاتعدمشرعيةوجودإسرائيلكدولةغاشمةومعتدية.

الحرب الاسرائيلية علي قطاع غزة 2014 وموقف القانون الدولي

 أولاً: الوضع القانوني لقطاع غزة:-

لكي نستطيع أن نعالج الكثير من الأمور القانونية دون أن نحدد الوضع القانوني للقطاع: هل هو ما زال إقليماً محتلاً أم أنه «كيان مستقل معاد» كما زعمت إسرائيل عام   2007؟

في هذا السياق تباينت الآراء حول الوضع القانوني للقطاع، حيث إن إسرائيل تنكر أنه ما زال يعتبر أرضاً محتلة ويناصرها في ذلك الكثير من أنصارها ومن ضمنهم فقهاء وأساتذة قانون دولي .لذلك لا بد لنا من تحديد هذا الوضع كي تكون تحليلاتنا في هذه الدراسة مستندة إلى العلم وقواعد القانون الدولي وخاصة القانون الدولي الإنساني.

زعمت إسرائيل في عدوانها الأخير كانت في حالة دفاع عن النفس، أي أن هذا الكيان المعادي المزعوم هو الذي بدأ عدوانه، وهي كانت ترد عليه، أي أنها كانت في حالة دفاع شرعي عن النفس بموجب قواعد القانون الدولي العام .

ولبحث هذا الأمر لا بد لنا من تحديد الوضع القانوني الصحيح لقطاع غزة .

فإذا اعتبر أنه ما زال أرضاً محتلة، فإن ذلك يتناقض قطعاً مع حق الدفاع الشرعي، بل سيكون القطاع وجميع سكانه محميين بموجب قواعد القانون الدولي ونصوص بعض المواثيق والمعاهدات الدولية وعلى رأسها معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 التي تلزم سلطة الاحتلال بحماية الأشخاص المحميين ورعايتهم والاعتناء بأمنهم وكرامتهم وممتلكاتهم.

تجدر هنا الإشارة السريعة إلى أن إسرائيل ومنذ الأيام الأولى لاحتلالها لم تعترف بأنها سلطة احتلال كما رفضت تطبيق معاهدة جنيف الرابعة تطبيقاً قانونياً  .

أي أنها لم تعترف بأن قطاع غزة كان في وضع إقليم محتل ،على الرغم من أن كافة أعضاء الجماعة الدولية ومنظمة الأمم المتحدة وهيئة الصليب الأحمر وغيرها من المنظمات الدولية كلها أجمعت على أن إسرائيل تعتبر سلطة احتلال للأقاليم الفلسطينية المحتلة في يونيو 1967.

انسحبت القوات الإسرائيلية من القطاع في الخامس من أيلول 2005 في خطوة أحادية الجانب، إلا أنها أعادت تموضعها وانتشارها حول القطاع مطوقة إياه من البر كما سيطرت كذلك على البحر الإقليمي للقطاع وعلى الجو فوقه ، وبذلك تكون إسرائيل قد سيطرت سيطرة شبه كاملة على معظم عناصر السيادة للإقليم خاصة بعد سيطرتها على جميع المعابر المؤدية إليه.

ونشير في هذا الصدد إلــى نص المادة السادســة من معاهدة جنيف الرابعة التي نصت على أن « تلتزم دولة الاحتلال بأحكام المواد الآتية (ذكرت ما مجموعه 43 مادة من المعاهدة ذات علاقة وثيقة بحماية المدنيين وتأمين حياتهم وأملاكهم في الإقليم المحتل) سارية المفعول بعد توقف العمليات الحربية بعام واحد، وذلك طوال مدة الاحتلال ما دامت هذه الدولة تمارس وظائف الحكومة في الأراضي المحتلة .

ويجب أن نلاحظ هنا أن هذه المعاهدة وضعت لاحتلال قصير الأمد وليس لاحتلال كالاحتلال الإسرائيلي اقترب من مرور خمسين عاماً على وقوعه، وقد استثنت المادة السادسة من المعاهدة المواد التي أصرت على تطبيقها ومن ضمنها المواد من 12-1 من تلك المعاهدة، وهي من أهم مواد المعاهدة خاصة في مجال حماية المدنيين ،وبشكل خاص المادة (2) التي تنص على: «تنطبق المعاهدة على جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف المتعاقدة » وتستطرد المادة الثانية في النص على: «إذا لم تكن إحدى دول النزاع طرفاً في هذه الاتفاقية ،فإن دول النزاع الأطراف فيها تبقى مع ذلك ملتزمة بها في علاقاتها المتبادلة.[64]

لكل ذلك يجدر بنا أن نلاحظ الأمور الآتية في هذا الخصوص:

  1. أن إسرائيل طرف في معاهدات جنيف الأربع لعام 1949 بما فيها المعاهدة الرابعة وذلك منذ 15/7/1951.
  2. إن كافة أعضاء المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية وعلى رأسها الصليب الأحمر الدولي، ومجلس الأمن والجمعية العامة أكدت انطباق المعاهدة الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة ومنها قطاع غزة وأن إسرائيل ملزمة في جميع أعمالها وتصرفاتها في الأراضي المحتلة بمراعاة نصوص المعاهدة .
  3. أن إسرائيل لم تنسحب من القطاع انسحاباً حقيقياً بل استبدلت احتلال القطاع من الداخل بالسيطرة عليه وعلى مداخله ومعابره وحدوده من الخارج، أي حصاره حصاراً قد يكون أشد أثراً من الاحتلال الداخلي.

أن إسرائيل ما زالت تمارس وظيفة الحكومة في قطاع غزة، أو على الأقل تسيطر على بعض هذه الوظائف بحكم الأمر الواقع  إذ إنها بسيطرتها المشار إليها تمارس معظم عناصر السيادة الداخلية، وهي أهم وظائف الحكومة في أي دولة، أو إقليم له بعض الاستقلال الذاتي.

وبذلك تنطبق نصوص المادتين الثانية والسادسة من معاهدة جنيف الرابعة، وبشكل عام معظم المواد ال (43) التي ذكرتها المادة السادسة من تلك المعاهدة .

لذلك يمكن اعتبار أن الوضع في قطاع غزة يشبه إلى حد ما الوضع في الضفة الغربية وكلاهما ما زال يخضع للسيطرة الفعلية للاحتلال ،إذ إن إسرائيل تمارس في الحالتين معظم عناصر السيادة وإن بأسلوب ماكر فيه تفنن في خداع الرأي العام الدولي وأساليب مبتكرة للتحايل على قواعد القانون الدولي. فالسلطة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة لا تسيطر سيطرة فعلية على الأرض والمياه والأمن والاقتصاد والمعابر والفضاء الجوي وجميعها من عناصرالسيادة. أي أن كلا الإقليمين ما زال فعلياً تحت الاحتلال الإسرائيلي ،وبالتالي تنطبق على أحوال المدنيين فيهما قواعد القانون الدولي الإنساني وبخاصة ما ورد من نصوص مهمة في معاهدة جنيف الرابعة . كما أن المادة السادسة من معاهدة جنيف الرابعة نصت على وجوب الإبقاء على المواد 72 والمواد من 34-29 كي تنفذها سلطات الاحتلال وجميعها قواعد أساسية لإلزام هذه السلطة بمعاملة المدنيين، أي الأشخاص المحميين، معاملة إنسانية .[65]

بالإضافة لكل ذلك، تعتبر إسرائيل ملزمة أيضاً بتطبيق قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان المتعلقة بالمعاملة الإنسانية الواردة في الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها وأصبحت طرفاً فيها.

حتى لو افترضنا جدلاً أن قطاع غزة بأكمله يعتبر إقليماً مستقلاً ولا يخضع للاحتلال والسيطرة الإسرائيلية، فإن إسرائيل تعتبر ملزمة بتطبيق كافة القواعد العرفية والاتفاقية للقانون الدولي العام والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي صادقت إسرائيل عليها وانضمت إليها وأصبحت ملزمة قانونياً بها وباحترامها. ويشمل ذلك ميثاق الأمم المتحدة، وجميع مواثيق حقوق الإنسان الدولية مثل العهدين الدوليين لسنة 1966 واتفاقية حقوق الطفل والاتفاقية الدولية لمنع التعذيب لسنة 1948 وغيرها من الاتفاقيات الملزمة.

ثانياً  : العدوان الإسرائيلي على القطاع في نظر القانون الدولي :-

منذ احتلال إسرائيل لقطاع غزة في 7/6/ 1967 وإسرائيل تعامل سكانه المدنيين معاملة لا إنسانية من اعتقال وقتل وتدمير ممتلكات والاستيلاء عليها وبخاصة استيلاء المستوطنين قبل العام 2005 على المياه الجوفية لري حدائقهم ومزروعاتهم كما قاموا بتلويث البيئة وغير ذلك من المخالفات الجسيمة التي اعتبرتها المواثيق الدولية بمثابة جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، بل نستطيع أن نعود إلى العام 1948 حينما قامت القوات المسلحة الإسرائيلية بطرد عشرات الألوف من السكان الفلسطينيين من كافة مدن جنوب فلسطين إلى منطقة القطاع والاستيلاء على أملاكهم وهدم معظم القرى لمنعهم من الرجوع إلى بيوتهم بحيث أصبح أكثر من 75% من سكان القطاع من اللاجئين.[66]

لذلك يمكننا أن نعتبر الاعتداء الأخير على القطاع في يوليو 2014 عدواناً متواصلاً منذ العام 1948، خاصة أن إسرائيل ترفض إعادة هؤلاء اللاجئين وفقاً للقرارات العديدة التي أقرتها الجمعية العامة وفي مقدمتها القرار رقم  (194) لسنة 1948.

بدأت إسرائيل عدوانها على القطاع في 8/7/2014 إلا أن حقيقة الأمر أنها بدأت استفزازاتها لحماس قبل ذلك حينما اتهمتها ،دون أي دليل، بأنها وراء عملية خطف طلاب المدرسة الدينية الثلاث في شهر يونيو السابق لبدء العدوان على القطاع. وبناء عليه قامت القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية بالاعتداء على آلاف المواطنين حيث اكتسحت مدن الخليل وحلحول ورام الله ونابلس والعديد من المدن والقرى معتقلة المئات من النشطاء السياسيين وأعادت اعتقال عدد كبير ممن كانت قد أفرجت عنهم قبل ذلك في صفقة شاليط وغيرها. وقد ارتكبت إسرائيل من الاستفزازات والاعتداءات ضد كافة القوى الوطنية والإسلامية خاصة ضد نشطاء محسوبين على حماس وقتلت 9 من الشباب دون أي ذنب بل لمجرد إرهاب المواطنين ومنعهم من الاحتجاج ،وفي مثل هذا الجو بدأ العدوان على القطاع .[67]

فهل يعتبر ذلك العدوان دفاعاً شرعياً عن النفس كما زعمت إسرائيل ووسائل إعلامها وبعض زعماء الدول الغربية، دون أن يتأكدوا لمعرفة حقيقة الأمر.

ورد على هؤلاء الزعماء الغربيين الصحافي الإسرائيلي المخضرم أوري أفنيري حيث كتب في مقال له: «هذه الحرب التي تشنها إسرائيل ليست حرباً ضد الإرهاب إذ إن الحرب نفسها هي عمل من أعمال الإرهاب .»

يضيف أفنيري إلى ما قاله أموراً في غاية الخطورة والأهمية لهذه الدراسة حيث قال: «إن العدوان على غزة إنما يأتي انعكاساً لما هو سائد في المجتمع الإسرائيلي من تطرف غالبية أعضاء المجتمع وتوجههم المتواصل نحو الفاشية، كما أن حكومة نتنياهو إنما تمثل هذا التوجه الجديد في المجتمع الإسرائيلي». ويضيف أفنيري قائلاً:

« يسود إسرائيل جو سياسي خانق وصحافة وإعلام يتماهيان مع توجهات الحكومة باستثناء نور وحيد يتمثل في (هآرتس). إن من شأن هذا الجو أن يحمل العديد من الشباب المثقف بأن يحلم في العيش في مكان هادئ ومريح مثل لوس أنجلوس أو برلين.»

إذن، عطفاً على ما ذكرناه أعلاه من تواصل اعتداءات إسرائيل في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة طيلة زمن الاحتلال وارتكابها الكثير من المخالفات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، فإن هذه الدولة لا يمكنها الادعاء الزائف بحقها في الدفاع عن النفس.

لذلك سوف نتناول باختصار موضوعين هما: حق الدفاع الشرعي، وحق الشعوب في مقاومة الاحتلال.

1- حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي:

لعل من أهم ما أورده ميثاق الأمم المتحدة من نصوص هو ما ورد في المادة الثانية منه من أنه «على أعضاء الهيئة أن يمتنعوا جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة.»19 إلا أن الميثاق سمح للدول باستخدام القوة فقط في حالة الدفاع الشرعي عن النفس ولكن بشروط مشددة حددتها المادة (15) من الميثاق ويمكن تلخيصها بالشروط الآتية:

أ‌.  أن تعتدي قوة مسلحة على دولة عضو في المنظمة الدولية.

ب‌. وجوب قيام الدولة المعتدى عليها بإبلاغ مجلس الأمن فوراً بما تم من تدابير اتخذتها الدولة المعتدى عليها.

ت‌. فإذا اتخذ المجلس أي تدابير لحفظ السلم والأمن الدوليين ينتهي رد فعل تلك الدولة المعتدى عليها.

لو صدقنا فعلاً ما زعمته إسرائيل من اعتداء حماس عليها بالصواريخ وأنها استخدمت حقها في الرد على ذلك العدوان بموجب المادة (15) من الميثاق، فهل تقيدت إسرائيل بالقيود والشروط التي وضعتها تلك المادة كي تعتبر فعلاً في حالة دفاع شرعي عن النفس؟ وهل تقدمت إسرائيل بشكوى إلى مجلس الأمن؟ أي هل أبلغته بذلك العدوان المزعوم؟

زيادة على ذلك، فإن قواعد القانون الدولي العرفي والاتفاقي تشترط التناسب بين فعل العدوان والرد عليه كي تكون الدولة المعتدى عليها في موقف سليم يتسق مع نصوص القانون الدولي وقواعده، فهل قصف المدن والقرى والمخيمات والمنشآت المدنية والبيوت السكنية والعمارات والمصانع والجوامع ومخيمات اللاجئين ومدارس وكالة الغوث الدولية حالة دفاع شرعي وفيها تناسب في الرد. لعل ما ارتكبته إسرائيل من أعمال تقع تحت بند الجرائم الخطيرة والبشاعات  ضد المدنيين وأملاكهم هو الذي حمل معظم الزعماء الغربيين بأن يلتزموا الصمت فيما بعد أو يرشقوا إسرائيل بنقد رقيق وخجول.

بالإضافة إلى ذلك، هل يعقل أن تعتبر إسرائيل المحتلة لإقليم القطاع في حالة دفاع شرعي ضد أعمال مقاومة صادرة عن عدد من المنظمات والقوى السياسية في القطاع كان من المفروض أن تقوم إسرائيل بحمايتها والاعتناء بها وليس الاعتداء عليها وعلى أملاكها وكافة مكونات مجتمعها بالصواريخ والمدافع براً وجواً وبحرا؟ وهل قتل ما يزيد على 2000 مواطن معظمهم مدنيون، وربعهم أطفال وجرح حوالى عشرة آلاف شخص في مجازر بشعة ومتكررة صباح مساء بكافة أنواع الأسلحة المتطورة والتكنولوجيا التي لا تمتلكها الكثير من الدول، يعتبر دفاعاً عن النفس خاصة إذا قارنا بين الخسائر البشرية للطرفين من المدنيين، حيث إن إسرائيل خسرت ثلاث ضحايا من المدنيين فقط بينهم أحد المواطنين العرب من بئر السبع، إذ إن المواطنين العرب في إسرائيل معرضون لأخطار الحرب أكثر بكثير مما يتعرض له المواطنون اليهود لانعدام المخابئ في مناطق سكناهم.

بالإضافة لذلك، فإن خسائر الإسرائيليين من الجنود بلغت حوالى  67 مقاتلاً، حسب ما هو معلن رسمياً من إسرائيل، الأمر الذي يعتبر ذا أهمية كبيرة في التدليل على من كان يركز في حربه وآلاته العسكرية على المدنيين ومن كان يقاتل ضد الجنود فقط.

تعتبر هذه الأرقام من ضحايا الطرفين مؤشراً أولياً على من كان فعلاً في حالة دفاع عن النفس ، وهل ضرب المولد الوحيد للكهرباء في القطاع ومحطات المياه ومرافق الصرف الصحي والبنية التحتية لإقليم محاصر لسنوات عديدة وفي حالة إرهاق وفقر وحاجة للعديد من ضروريات الحياة يعتبر ضمن نطاق الدفاع الشرعي عن النفس؟ حقيقة الأمر أن القوات الإسرائيلية شنت عدوانها للقضاء على قوة المقاومة، وليس حماس وحدها، من أجل كسر شوكتها ومحاولة فرض الأمر الواقع عليها وإضعافها كمقدمة لفرض حل سلمي إسرائيلي  ، وإنهاء القضية الفلسطينية مستغلة زمن الضعف والهزال العربي والانقسام والتفكك في عدة دول عربية والموافقة على أعمالها – وإن يكن بالصمت من قبل بعض الدول العربية – إلا أنها فوجئت برد المقاومة العنيف والمتصاعد، فاستخدمت كل ما تستطيع استخدامه من قوة للقضاء على عنفوان المقاومة، لذلك صبت معظم نارها على المدنيين والمواقع والمنشآت المدنية، كما فقدت صوابها خلال الأيام الأخيرة ما بين 1- 10 أغسطس بحيث ارتكبت الكثير من الحماقات خاصة عند قصفها مدارس وكالة الغوث الدولية ثلاث مرات على الأقل مرتكبة أكثر من مجزرة فيها وفي مناطق أخرى بحيث أجبرت الأمين العام للأمم المتحدة على استنكار أعمالها وكذلك البيت الأبيض الأميركي.

2- حق الشعوب في مقاومة الاحتلال:

كان استخدام القوة قبل الحرب العالمية الثانية مباحاً ويكاد يكون مقصوراً على الدول الاستعمارية الرئيسة، حيث كانت القوة المسلحة إحدى ركائز السياسة الخارجية للدول للاستيلاء على أقاليم جديدة وأجزاء من دول أخرى وضمها إليها. إلا أن الوضع تغير بعد الحرب العالمية الثانية كنتيجة طبيعية لهزيمة النازية وضعف الدولتين الاستعماريتين الرئيستين إنجلترا وفرنسا وظهور قوى أخرى في العلاقات الدولية كالاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي وعشرات الدول حديثة الاستقلال التي قاومت المستعمرين بكافة الوسائل الممكنة نتيجة الظروف الدولية الجديدة بحيث ازداد عدد الدول المستقلة زيادة هائلة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

انعكست هذه التطورات السياسية الدولية على القواعد القانونية الدولية، حيث لعبت الجمعية العامة للأمم المتحدة دوراً مهماً كحاضنة للكثير من المواثيق الدولية التي احتوت على قواعد قانونية جديدة منها: التأكيد على حق الشعوب في تقرير مصيرها والسيطرة على ثرواتها الطبيعية.

وكان هذا التطور نتيجة حتمية لازدهار حركات التحرر الوطني ونشوب عشرات الثورات ضد المستعمرين، لذلك ظهرت دول جديدة بعضها ذو حكومات تقدمية وقفت إلى جانب الشعوب المستعمرة ودعمت حقها في تقرير مصيرها؛ الأمر الذي أضفى الكثير من الحيوية والتطور على قواعد جديدة في القانون الدولي المعاصر عن طريق صدور معاهدات شارعة جديدة على رأسها ميثاق الأمم المتحدة ومعاهدات جنيف الأربع لعام 1949 والعهدين الدوليين لعام 1966 وغيرها.25وفقاً لهذه القواعد القانونية الجديدة لم يعد حق الدفاع الشرعي عن النفس مقتصراً على الدول بل أصبح يشمل ثلاثة أنواع من الشعوب التي ما زالت لم تحصل على تقرير مصيرها.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن معظم الدول الغربية الرئيسة وبعض فقهاء القانون الدولي من تلك الدول ظلوا يتمسكون بالقواعد التقليدية رافضين الاعتراف بهذا الحق الجديد للشعوب. إلا أن عدداً من فقهاء القانون الدولي المعاصر، من أمثال البروفسور المصري جورج أبي صعب والبروفسور الإيطالي أنطونيو كسيسي اعتبروا «حق الشعوب في الدفاع عن نفسها» ضد مستعمريها ومضطهديها حقاً ثابتاً بموجب قواعد القانون الدولي المعاصر .

كما اعتبروا أن هناك التزاماً على كافة أعضاء الجماعة الدولية، بتقديم المساعدة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والقانونية لهذه الشعوب المضطهدة ولحركات المقاومة.

بالنسبة للشعب الفلسطيني، فإن حقه في تقرير مصيره وإنشاء دولته المستقلة ثابت منذ العام 1969 بموجب قرار الجمعـية العامـة للأمم المتحدة رقم (2535) الـذي كـان فاتحة للكثير من القرارات ثم تكرر صدورها منذ ذلك الوقت عن الجمعية العامة عشرات المرات.

وبناء على هذا الحق أضفت الجمعية العامة على منظمة التحرير الفلسطينية صفة مراقب في الأمم المتحدة عام 1974 بقراريها رقم (3236)  و رقم (  3237) حيث اعترفت في الأول بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفي الثاني منح المنظمة صفة مراقب في الأمم المتحدة تأكيداً على حقه المذكور.

لا شك في أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 29 أكتوبر 2012 رفع مكانة منظمة التحرير إلى مستوى الاعتراف بدولة فلسطين دولة تحت الاحتلال وبحدودها في حدودما قبل 1967/6/7- وكون هذا القرار صدر باعتراف( 138 ) دولة ضد (8) دول هي إسرائيل وأميركا وكندا ومعها خمس دول تكاد لا ترى بالعين المجردة على خارطة العالم، أي أنه صدر بأغلبية 92% من الدول الأعضاء – يضفي أهمية تاريخية جديدة على النضال الفلسطيني ضد الاحتلال.

ثالثاً  : خرق إسرائيل معظم قواعد قوانين الحرب العرفية والاتفاقية:

نبدأ بالإشارة إلى أن إسرائيل خرقت في عدوانها على قطاع غزة قاعدتين عرفيتين من قواعد القانون الدولي الإنساني الأساسية الثابتة أيضاً في نصوص واردة في اتفاقيات دولية وهما:

  1. قاعدة التمييز، أي تمييز المدنيين عن المقاتلين وعدم المس بهم.
  2. قاعدة التناسبProportionality ، أي وجوب مراعاة المتحاربين للرد المتناسب في عنفه على العدو.

وقد اعتبرت قواعد القانون الدولي الإنساني خرق أي من هاتين القاعدتين بمثابة مخالفة جسيمة.

خرقت إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة في يوليو 2014 القاعدتين مرات متكررة بل نحتاج إلى مجلد لكثرة تلك الخروق؛ لذلك فإن هذه الدراسة سوف تقتصر على ذكر أمثلة على الخروق الخطيرة الأساسية وعلى العقوبات التي تجرمها.[68]

  • حصار غزة – انتهاك حظر تجويع السكان المدنيين :

ينص البروتوكول الإضافي الأول للعام 1977 في مادته (54/1/2) على حظر تجويع السكان المدنيين بوصفه أحد أساليب الحرب، وما إغلاق المعابر ومنع وصول المواد الغذائية الضرورية لحياة السكان إلا شكل من أشكال ممارسة هذه السياسة، التي أضحى تجريمها قاعدة ذات طابع عرفي من قواعـد القانون الدولي الإنساني .

  • العقوبات الجماعية :

لعل أبرز السمات التي تميز هجمات إسرائيل بكافة الأسلحة على السكان والأعيان والمؤسسات المدنية في القطاع هي تلك الهجمات التي لا توجه ضد المقاتلين بل ضد كافة السكان وكافة الأملاك ابتداء من البيوت السكنية وانتهاء بالمستشفيات والجوامع والمدارس والمصانع والبنية التحتية كالكهرباء والماء والمياه العادمة. وجميع هذه الإجراءات تعتبر ضمن العقوبات الجماعية، كونها موجهة ضد مجمل السكان دون تمييز وليست محصورة بالمقاتلين كما تنص قواعد قانون الحرب.

نصت الكثير من قواعد القانون الدولي الإنساني (قانون الحرب) على منع عقوبات جماعية كهذه واعتبرت في بعض المواثيق بمثابة مخالفات جسيمة )Grave Breaches(، أي بمثابة جرائم حرب. فقد نصت المادة (50) من أنظمة لاهاي الملحقة بمعاهدة لاهاي الرابعة عام 1907 على أنه: «لا يجوز إنزال عقوبات جماعية ضد السكان بسبب أعمال ارتكبها أفراد لا يمكن أن يكون هؤلاء السكان مسؤولين عنها بصفة جماعية.»

ونصت المادة 33 معاهدة جنيف الرابعة على حظر العقوبات الجماعية وذلك بمخالفة شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها شخصياً، وكذلك حظرت جميع تدابير التهديد والإرهاب.

لا شك في أن قتل عشرات بل مئات المدنيين الأبرياء وبينهم نسبة كبيرة من الأطفال . تعتبرعقوبات جماعية زيادة على كونها جرائم قتل عشوائي للمدنيين دون تمييز. وهي بلا شك تقعضمن جرائم الحرب، فإذا كانت ممنهجة وعلى نطاق واسع ولمدة زمنية طويلة فإنها ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.[69]

  • خرق الحصار للالتزامات الناجمة عن اتفاقية حقوق الطفل للعام 1990:

أطفال قطاع غزة من أكثر الفئات التي عانت من آثار الحصار، ومع أن إسرائيل قد صادقت على هذه الاتفاقية، إلا أن ذلك لم يثنها عن ارتكاب أفعالٍ متكررةٍ بحق أطفال فلسـطين تشكل انتهاكـا  لهـذه الاتفاقية،  وقد شكل الحصار الإسرائيلي للقطاع إطارا ارتكبت ضمنه العديد من هذه الانتهاكات، خاصة فيها يتعلق بالمادة السادسة التي تكفل للطفل حقه بالحياة وتوفير الظروف الملاءمة لنموه، والمـادة الرابعة والعشرين التي تضمنت تمتع الطفل بمستوى من الرعاية الصحية، وهو الأمر الـذي افتقـده أطفال القطاع  في ظل الحصار الإسرائيلي.[70]

  • عمليات الإبادة :

هناك نوعان من أعمال الإبادة الوارد النص عليها في النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية وهي:

أ‌. عمليات إبادة الجنس البشري

وقد نصت عليها المادة (6) من النظام الأساسي وهي أخطر الجرائم الدولية في المنازعات  المسلحة.

ب‌. عمليات الإبادة  (Extermination) المنصوص عليها في المادة (7) من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية وتعتبر من ضمن الجرائم ضد الإنسانية.

وكلا النوعين من الجرائم يشترط فيها توافر ( عنصر النية الجنائية الخاصة ،  أي نية خاصة لارتكاب الجريمة بذاتها لكي يعاقب المتهمون عليها) .

وخير مثال يمكن إيراده على جريمة إبادة الجنس البشري  (Genocide)هو :

ما حكمت به المحكمة الجنائية الخاصة بيوغسلافيا سابقاً في لاهاي، حيث حكمت في قضية تاديتش  الصربي المتهم بالإشراف على مجزرة سيربنيتشا  في البوسنة والهرسك عام 1992

التي راح ضحيتها حوالي  8000  رجل من البوسنيين  بأن عناصر ) جـريمة إبـادة الجنس البشري ( متوافرة بما في ذلك توافر النية الجرمية الخاصة بارتكاب الجريمة وكان دليلها على ذلك هو أن قتل حوالى ثمانية آلاف مواطن كلهم من الرجال يمكن أن تستخلص منه المحكمة توافر نية مرتكبي الجريمة في إبادة العرق البوسني وفقاً لنص المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية التي تعتبر  أن إحدى وسائل ارتكاب الجريمة تتوافر عن طريق « فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة.»32 فقتل هذا العدد الكبير من الذكور جعل المحكمة تستخلص من وقائع الجريمة أن هدف اقترافها لا شك يدل بوضوح على النية الجرمية الخاصة في إبادة العرق البوسني.

أما في حالة عمليات إبادة مئات المدنيين من قبل الجيش الإسرائيلي في أعمال قصف عشوائي من البحر والجو والبر بصواريخ البوارج والطائرات الضخمة مثل F16 وبمدافع الدبابات وخاصة ما نتج عن ذلك من إبادة عائلات بكاملها حيث ذكرت الأنباء أن هناك أكثر من (60) عائلة أبيدت بكاملها ومن ضمنها عائلة (أبو جامع) التي قتل منها   25فرداً هم الأبوان والأولاد وزوجاتهم وأولادهم والبنات وأبناؤهن وأزواجهن.

يمكن لبعض الخبراء والمحللين السياسيين أن يعتبروا هذا القتل المكثف والعشوائي عمليات إبادة الجنس البشري إلا أنني أعتقد أن من الصعب إثبات توافر النية الجرمية الخاصة الواجب توافرها في هذه الجريمة، لذلك فإنه من الممكن اعتبار هذا القتل البشع لمئات المدنيين بشكل عشوائي وإبادة عشرات العائلات إبادة كاملة عملية إبادة  Extermination )) والمنصوص عليها في المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة.34 وهي من ضمن الجرائم ضد البشرية .

ولا شك في أن النية الجرمية في إنزال هذا العدد الكبير من الخسائر البشرية متوافرة لكون الأفعال كانت مستمرة لفترة تزيد على الشهر وعلى نطاق واسع وممنهجة، إذ إنها لم تكن ضمن حادث أو حادثين قد يرتكبان خطأً بل كافة مجريات القصف تدل على أنها بأوامر عليا من أعلى المستويات وإلا لما استمرت كل هذا الوقت على الرغم من نشر صورها في أنحاء العالم والضجة التي أثارتها لدى الرأي العام العالمي.

كل هذه الأمور تعتبر مؤشراً واضحاً على نية ارتكابها بهذه الكثافة وبهذا العنف بهدف كسر شوكة المقاومة المسلحة والضغط المكثف على المدنيين لعلهم يثورون ضد المقاومة ويريحوا إسرائيل من مهمة القضاء عليها، أو التسبب في فرقتها وإضعافها، خاصة أن معظم السكان المدنيين كانوا يعيشون ظروفاً مادية صعبة للغاية لعدم توافر الكهرباء والماء النظيف والغذاء والدواء ولاختلاط المياه بالمجاري والمياه العادمة، ما قد يتسبب بكوارث صحية وهذا ما حذرت منه منظمة الصحة العالمية في بيان صدر في أوائل أغسطس 2014 .

أما بخصوص الحجة الإسرائيلية التي كان المسؤولون الإسرائيليون يزعمونها – وهي أن هذه العائلات تعتبر (دروعاً بشريةً) تتخذها عناصر المقاومة لكي تحمي المقاتلين أو أن هؤلاء المدنيين وجدوا في أماكن فيها أسلحة مخزنة أو أن عمليات مسلحة انطلقت من البيوت أو المدارس التي قصفت وأصابت العديد من المدنيين. فلا يمكن أن تكون منطقية، إذ لا يعقل أن يوجد في مئات المنازل وعشرات المدارس وعشرات الجوامع والمصانع مسلحون مقاومون بالآلاف، بينما كافة البينات تدل على أن غالبية المسلحين المقاومين كانوا في الأنفاق.

  1. جرائم القتل العمد :

أشارت الكثير من الأخبار الصادرة عن وكالات الأنباء والفضائيات إلى أنه كانت هناك عمليات قتل عمد للمدنيين خاصة في خزاعة ورفح والشجاعية وسوق الشجاعية ومدارس الوكالة في جباليا وبيت لاهيا وجميعها وقعت فيها مجازر قتل بالجملة ضد المدنيين خارج نطاق القانون.

ولا شك في أن هذه الجرائم تعتبر من ضمن المخالفات الجسيمة كما نصت عليها المادة (147) من معاهدة جنيف الرابعة، وقد اعتبرها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جرائم حرب، إذ اعتبر النظام كافة المخالفات الجسيمة المنصوص عليها في المادة 147 المذكورة بأنها تشكل جرائم حرب.

ويجب ملاحظة أن جرائم «القتل العمد» تعتبر «جرائم ضد الإنسانية» إذا «ارتكبت في إطار واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم» وهذا مانصت عليه الفقرة الأولى (أ) من المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة.

ومن وسائل وطرق الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، خاصة من خلال المجازر التي ارتكبت في عدة مواقع أشرنا إلى بعضها، فإن مثل هذا القتل المكثف والمنهجي والمستمر لعدة أسابيع لا يمكن إلا أن يعتبر قتلاً عمداً وعشوائياً وفقاً لنص المادة السابعة (أ) من النظام الأساسي المشار إليه أعلاه.

لنفرض أن ادعاء إسرائيل بأن القتل المكثف للمدنيين أسبابه وجود مسلحين بين المدنيين أو أسلحة مخزنة في تلك الأماكن فإنه في هذه الحالات كان يتوجب على إسرائيل اتباع الإجراءات الآتية وفقاً لما نصت عليه القواعد العرفية للحرب البرية وهي[71] :-

  1. وجوب إنذار المدنيين بطرق مناسبة قبل القصف بمدة معقولة، وليس دقائق قليلة كما فعلت إسرائيل، كي يستطيع هؤلاء المدنيون الهرب. إلا أن القوات الإسرائيلية كانت تتبع أساليب من شأنها عدم إعطاء الفرصة المناسبة للمدنيين بإيجاد ملجأ آمن إذ لم يكن لديهم الوقت الكافي لذلك ولا المكان الآمن. وهذا ما حدث في قصفها ثلاث مرات مدارس وكالة غوث اللاجئين وهي تعلم أن المدارس فيها مئات المدنيين الهاربين من جحيم القصف الإسرائيلي ويصعب على هذا العدد الكبير إيجاد أماكن بديلة خلال دقائق، لذلك كانت تقصفها وهي تعلم أن الخسائر بين المدنيين ستكون كبيرة، وقد أدانت الأمم المتحدة تلك الأعمال بشدة.
  2. تشترط معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 قيام السلطات الإسرائيلية بوجوب إيجاد ملجأ آمن للمدنيين بحيث تقوم بنقلهم إليه وتأمين حياتهم مع تزويدهم بالسكن والمياه والغذاء ثم إعادتهم إلى بيوتهم بعد انتهاء العمليات المسلحة . وهذا ما لم تقم به إسرائيل ولو لمرة واحدة. بل جل ما كانت تقوم به هو توجيه إنذار سريع بإخلاء المكان إما بالهاتف أو بإلقاء نشرات من الجو، قد لا تصل إلى المدنيين المختبئين، أو بإطلاق صاروخ كإنذار وإتباعه بعد فترة وجيزة بصاروخ هادر يهدم أكبر العمارات على رؤوس المئات من السكان المدنيين.
  3. تشترط قواعد قانون الحرب وجود تناسب بين الخطر الذي يشكله الموقع المراد قصفه وبين ما يوجه ضده من قصف ودمار؛ لذلك لا يجوز قصف موقع مدني أو مكان فيه تجمع للسكان المدنيين «إذا تعمدت القوات المسلحة شن هجوم مع علمها أن هذا الهجوم سوف يسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو إصابات بين المدنيين أو إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحاً بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة.» وفي هذا الصدد، فإن تاريخ الجيش الإسرائيلي في هجمات سابقة يشير إلى ارتكابه مخالفات جسيمة في هذا المجال، إذ كان لا يتوانى عن إسقاط صاروخ أو قنبلة ضخمة على منطقة سكنية بهدف قتل أحد قيادات حماس أو أحد النشطاء، دون أن يبالي بما سوف يسببه ذلك من قتل عشرات المدنيين الأبرياء. والأمثلة كثيرة لعل أهمها إسقاط قنبلة وزنها طن على منزل صلاح شحادة عام 2002 أدت إلى مقتله وجميع أفراد عائلته، وقد قتل في هذه الحادثة 51 مدنياً بينهم ستة أطفال.

لذلك فإن إسرائيل، ارتكبت عدداً من هذه العمليات المماثلة خلافاً لنص المادة 8 فقرة 4 من النظام الأساسي؛ الأمر الذي يدل على العدد الكبير من الضحايا المدنيين الجرحى والقتلى. وقد اعتبر هذا التصرف جريمة حرب بمقتضى نص المادة الثامنة المشار إليها.

  1. إن ضخامة عدد الشهداء المدنيين وارتفاع نسبة الأطفال والنساء والشيوخ إلى حوالى 80% منهم إنما يدل على أن القصف الإسرائيلي كان عشوائياً بهدف إنزال أكبر عدد من القتلى بين المدنيين،بهدف الضغط على المقاومة كما أنه لا يستبعد رغبة المسؤولين الإسرائيليين في إرضاء الشارع الإسرائيلي المتطرف والمتجه نحو الفاشية، كما ذكر أوري أفنيري في مقاله المشار إليه أعلاه. ولعل هذه الأسباب تفسر التدمير المكثف للبيوت والعمارات والمنشآت الاقتصادية والجوامع والمدارس وغيرها خاصة في الأحياء الشعبية التي ارتكبت فيها مجازر كحي الشجاعية وبلدة خزاعة ومدرسة الوكالة في بيت حانون ومدرستها في جباليا وغيرها من المناطق التي دمرت أجزاء واسعة منها.

كما ارتكبت القوات الإسرائيلية عمليات قتل لعدد كبير من الشباب بإطلاق النار على رؤوسهم بعد تجميعهم وإدخالهم إلى أحد البيوت، وعدم السماح للصليب الأحمر والهلال الأحمر بأخذ جثثهم أو نقل الجرحى منهم. وقد شاهدنا خلال الهدنة الثانية، العديد من الجثث المتعفنة مكومة فوق بعضها في أحد المنازل.

6.التدمير المتعمد والمكثف للممتلكات وخاصة مساكن المدنيين ومنشآت أخرى محمية:

تعمدت إسرائيل القصف المكثف من البحر والبر والجو لآلاف المساكن المدنية ولمئات المدارس والجامعات والجوامع والمستشفيات ومقرات الدفاع المدني ومكاتب الصحافة والإعلام وغيرها من الأماكن المدنية المحرم قصفها أو الاعتداء عليها خلال الحرب من قبل أي من المتحاربين ، والأهم من ذلك تدمير واسع للبنية التحتية ومصادر المياه والبيئة.

وتعتبر قواعد القانون الدولي الإنساني أن هذا الدمار الشامل دونما ضرورات حربية ملحة يشكل جرائم حرب، إذ إن معظم هذه الممتلكات والمنشآت محمية خلال الحرب لا يجوز تدميرها على نطاق واسع وبطريقة تعسفية إلا في حالات تطلبها الضرورات الحربية فقط وبشكل محدود وبلا توسع.

وفي هذا الصدد، ذكرت جريدة الغارديان اللندنية أنه «يبدو أن إسرائيل لم تستطع تدمير كافة عناصر البنية التحتية والأنفاق العديدة ،لذلك عمدت إلى قصف منشآت مدنية مائة بالمائة عمداً مثل محطة توليد الكهرباء الوحيدة والعديد من المنشآت المدنية والمساكن والعمارات وذلك يعتبر مخالفات خطيرة للقانون الدولي، خاصة أن إسرائيل تستخدم قوة حربية غير متناسبة».[72]

  1. استخدام أسلحة محرمة دولياً:

تحرم قواعد الحرب العرفية والاتفاقية استخدام عدد من الأسلحة الفتاكة وشديدة الفتك بالأشخاص أو التي تتسبب بآلام كبيرة للإنسان، وسبب ذلك المنع هو كون هكذا أسلحة كالغازات السامة أو متفجرات الدمدم أو القنابل العنقودية أو القنابل الحارقة وغيرها من الأسلحة مصنفة دولياً من ضمن الأسلحة الفتاكة التي تتسبب بأذى كبير للإنسان بطريقة تتنافى مع أهداف الحرب ومع الجوانب الإنسانية.

استخدمت إسرائيل بعض هذه الأسلحة المحرمة دولياً مثل الفسفور الأبيض الذي يمنع استخدامه داخل المدن وبين السكان المدنيين، وكذلك سلاح جديد اسمه (Dime) استخدم أيضاً في عدوان إسرائيل على القطاع في 2008/2009.

كما استخدمت إسرائيل بعض القنابل الحارقة. وشهد بعض الأطباء أنهم لاحظوا وهم يعالجون بعض الجرحى أن هناك بعض الشظايا الصغيرة التي اخترقت عظام الجرحى وأنه يصعب كشفها بالأشعة ويصعب علاجها.

واستخدام إسرائيل هذه الأسلحة المحرمة يتكرر عدة مرات، حيث إنها استخدمت في حالات أخرى في الضفة الغربية اليورانيوم المنضب وغيره من الغازات السامة التي تتسبب في وفاة بعض المتظاهرين السلميين في السابق.

وبالنسبة للأسانيد القانونية الدولية المجرمة لاستعمال هذا النوع من الأسلحة المحرمة دولياً فقد نصت المادة (23) من أنظمة لاهاي لعام 1907 على وجوب احترام المتحاربين للمحظورات الوارد النص عليها في اتفاقيات خاصة وعلى الخصوص «استخدام الأسلحة السامة» وكذلك «استخدام الأسلحة والقذائف التي من شأنها إحداث أضرار وآلام لا مبرر لها » كذلك اعتبرت المادة  (130) من معاهدة جنيف الثالثة المتعلقة بأسرى الحرب أنه «يمنع تعمد إحداث آلام شديدة أو الأضرار الخطيرة بالسلامة البدنية أو بالصحة» كما نصت معاهدة جنيف الرابعة أيضاً على هذا المنع الوارد أعلاه واعتبرت استخدام مثل هذه الأسلحة من المخالفات الجسيمة )أي جرائم حرب.( كذلك نصت المادة (36) من البروتوكول الدولي الأول على حظر استخدام وسائل وأساليب القتال الممنوعة بموجب أي وثيقة أو أي قاعدة من قواعد القانون الدولي.

واعتبر النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن استخدام السموم والأسلحة السامة من ضمن جرائم الحرب، وكذلك استخدام الغازات الخانقة والسامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من الوسائل أو المواد أو الأجهزة» بأنها تعتبر من جرائم الحرب». كما نصت المادة الثامنة أيضاً على «منع استخدام الرصاصات التي تتمدد أو تتسطح بسهولة في الجسم البشري.» كما اعتبرت أيضاً أن من ضمن جرائم الحرب «استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد وأساليب حربية تتسبب بطبيعتها بأضرار زائدة وآلام لا لزوم لها .»…

من هذه النصوص نستطيع أن نستخلص أن القوات الإسرائيلية المسلحة ارتكبت العديد من جرائم الحرب باستخدام عدد من الأسلحة والوسائل القتالية المحرمة دولياً والمعاقب عليها في عدة نصوص قانونية دولية. كل ذلك وتدعي الدعاية الإسرائيلية ودعايات أنصار إسرائيل أن الجيش الإسرائيلي هو أكثر الجيوش عدالة وأفضلها في الأساليب والوسائل والأخلاق الإنسانية في حروبه.

  1. التعذيب أو المعاملة اللا إنسانية:

وسوف نختصر عمليات تعذيب المدنيين لانتزاع بيانات ومعلومات منهم ومعاملتهم بطريقة وحشية خلال ذلك، بإيراد ما شهد به عدد من السكان المدنيين من قرية خزاعة بعد المجزرة الرهيبة في القرية وبعد أن أطلق سراحهم.

حيث عصبت عيونهم وأخذوا إلى مكان وجود أعضاء في المخابرات الإسرائيلية وعذبوا وضربوا ضرباً شديداً بعد تجريدهم من ملابسهم – أي وهم عراة- كما وتم نشر صورهم مقيدين ومعصوبي العيون وعراة حقاً في وسائل الإعلام الإسرائيلية، بهدف زيادة الإذلال ورفع معنويات الجمهور الإسرائيلي الذي أصيب بالإحباط بسبب الصمود الأسطوري للمقاومة وإيهام الإسرائيليين بأن رجال المقاومة يستسلمون بالعشرات، بينما المعتقلون كانوا مدنيين عاديين.

وهنا نشير إلى أن معاهدة جنيف الرابعة اعتبرت أن التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية يقعان ضمن المخالفات الخطيرة للمعاهدة، أي جرائم حرب.

كذلك نص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة تعتبر جريمة حرب.

رابعاً : تقرير اللجنة الأممية لحقوق الإنسان :

شكل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في شهر سبتمبر 2014 لجنة للتحقيق في كل خروقات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان الدولي في سياق العمليات العسكرية التي أجريت صيف 2014، وتتكون اللجنة من القاضية ماري ماكغوان ديفيس ودكتور دودوديِين. ونشرت لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة نتائج تحقيقها الذي دام عاماً في جنيف في 22 يونيو 2015.  خلصت اللجنة إلى  أن كلا الطرفين يرجح أنهما ارتكبا أعمالاً ترقى إلى مستوى جرائم حرب.  وجمعت اللجنة معلومات كثيرة تشير إلى ذلك. وقالت القاضية ديفيس “إن مدى الدمار والمعاناة الإنسانية في قطاع غزة غير مسبوقين وسيؤثران على الأجيال القادمة”،  وأضافت أن “هناك أيضاً خوف مستمر في إسرائيل بين المجتمعات التي تتعرض لتهديد منتظم”.

أهم ما ورد في التقرير الأممي  -:

  • أن إسرائيل لم تعدل ممارستها للضربات الجوية  حتى بعد ما اتضحت آثارها الوخيمة على المدنيين – تثير التساؤل عمّا إذا كان هذا جزءاً من سياسة أوسع وافق عليها ضمنياً على الأقل أكبر المسئولين في الحكومة. تعبر لجنة التحقيق عن قلقها إزاء استخدام إسرائيل على نطاق واسع لأسلحة تقتل وتصيب في منطقة كبيرة، وعلى الرغم من أن هذه الأسلحة ليست ممنوعة قانوناً إلاّ أن استخدامها في مناطق مكتظة بالسكان سيؤدي على الأرجح إلى قتل مقاتلين ومدنيين دون تمييز.
  • أكثر من ستة آلاف غارة جوية إسرائيلية، حوالي 50 ألف قذيفة مدفعية خلال العملية التي استمرت 51 يوما.  النتيجة: 2251 ضحية فلسطينية، من ضمنهم 1462 مدني (ثلثهم من الأطفال)،  و299 امرأة، وتدمير 1/3 من منازل غزة. جرح 11231. أما من الجانب الإسرائيلي 6 قتلى من المدنيين، 67 جندي عسكري.
  • أصابت الأعمال العدائية أيضاً المدنيين في إسرائيل بقلق بالغ وعطلت حياتهم، وتحدث الشهود الذين يسكنون بالقرب من قطاع غزة عن اضطرابهم لرؤيتهم القصف من نوافذ غرفة جلوسهم ولكنهم عانوا أيضاً في الوصول إلى ملاجئ الأمان مع أطفالهم في الوقت المناسب عند إطلاق صفارات الإنذار لتحذرهم من الهجمات القادمة. ويبدو أن الغرض من وراء إطلاق آلاف الصواريخ وقذائف الهاون العشوائي على إسرائيل هو نشر الرعب بين المدنيين هناك. وبالإضافة إلى ذلك اكتشف الجيش الإسرائيلي 14 نفقاً تمتد من غزة الى اسرائيل استخدمت للهجوم على جنوده خلال تلك الفترة. ولقد سببت فكرة الأنفاق صدمة نفسية للمدنيين الإسرائيليين الذين خشوا من الهجوم عليهم في أي لحظة من قِبل مسلحين يخرجون من تحت الأرض.
  • لم تستجب السلطات الإسرائيلية لطلبات اللجنة المتكررة للحصول على معلومات والإذن بدخول إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة المباشر إلا أن اللجنة حصلت على شهادات مباشرة عن طريق سكايب ومؤتمرات الفيديو عن بعد والمقابلات الهاتفية، كما قامت بإجراء مقابلات وجهاً لوجه مع ضحايا وشهود من الضفة الغربية خلال زيارتين إلى الأردن، واستمعت إلى شهادات ذوي الضحايا وشهود من دولة الاحتلال سافروا الى جنيف، وقد أجرت لجنة التحقيق أكثر من 280 مقابلة سرية وتلقت نحو 500 شهادة مكتوبة.
  • القاضية ماري ماكغوان ديفيس ودكتور دودوديِين قالا: “لقد تأثرنا كثيراً بمعاناة الضحايا الهائلة وقدرتهم على التحمل”، وأضافا: “نأمل فقط أن يسهم تقريرنا حتى ولو بقدر صغير في إنهاء دورة العنف.”وقدمت لجنة التحقيق تقريرها رسمياً إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 29يونيو 2015 في جنيف .

المواقف حول تقرير اللجنة الأممية حول حقوق الانسان:-

  • أكّد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مصطفى البرغوثي أن ما تضمنه تقرير الأمم المتحدة سيعزز المسعى الفلسطيني في محكمة الجنايات الدولية. وقال البرغوثي “ما تضمنه التقرير بشأن ارتكاب إسرائيل جرائم حرب في غزة يعزز موقفنا من التوجه الى المحكمة الجنائية الدولية”. وأضاف “فيما يخص الشق المتعلق باتهام الفلسطينيين بارتكاب جرائم حرب نحن جاهزون لذلك ايضا.
  • رحبت حركة حماس في قطاع غزة بنشر التقرير الأممي حول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة صيف 2014، معتبرة أنه “إدانة” للدولة العبرية، دون التطرق الى اتهامات التقرير للحركة بارتكاب جرائم حرب. وقال فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة “ترحب حركة حماس بإدانة تقرير الأمم المتحدة للاحتلال الصهيوني في عدوانه الأخير على غزة وارتكابه جرائم حرب”. وأضاف برهوم “هذا يستلزم جلب قادته لمحكمة الجنايات الدولية ويجب أيضاً وضع حد لجرائمه على شعبنا وعلى غزة.
  • وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي التقرير الأممي  بالمتحيز وقال إن إسرائيل تدافع عن نفسها ضدّ ما أسماه “منظمة إرهابية” في إشارة الى حركة حماس. يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “اللجنة التي صاغت التقرير المنحاز عُيِّنت من قبل مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. إنه يطلق على نفسه اسم مجلس حقوق الإنسان، لكن في الواقع إنه يقوم بكل شيء إلا الاهتمام بحقوق الإنسان. اللجنة تدين إسرائيل أكثر من إدانة إيران وسوريا وكوريا الشمالية مجتمعة

خامساً : آليات المساءلة القانونية لدولة إسرائيل والمسؤولين فيها عن المخالفات الجسيمة المرتكبة خلال الحرب:

تجدر الإشارة هنا إلى ثلاثة أمور مهمة، قبل الدخول في الموضوع وهي[73]:

1-        أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يتعلق بمحاكمة الأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون الجرائم الدولية الأشد خطورة وهي «جرائم العدوان، وجرائم إبادة الجنس البشري )Genocide( والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب»، لذلك فإن نصوص النظام الأساسي للمحكمة لا علاقة لها بمعاقبة الدول أو المنظمات المدنية جنائياً بل بمعاقبة أفراد من تلك الدول أو المنظمات المدنية.

2- أن النظام الأساسي للمحكمة نص في كل من الديباجة أو المادة الأولى على مبدأ تكاملية )Complementarity( اختصاص المحكمة، أي أنها مكملة للاختصاصات القضائية الجنائية الوطنية». وهذا يعني أنه إذا تمت محاكمة متهم، بإحدى التهم الجنائية الدولية المشار إليها أعلاه محاكمة عادلة وجدية أمام محكمة مختصة في دولته مثلاً، فإن المحكمة الدولية ليس لها بعد ذلك ولاية على ذلك المتهم لمحاكمته أمامها باستثناء الحالة التي تكون فيها المحاكمة أمام المحكمة الوطنية صورية وليست جدية ،ما يؤشر على عدم رغبة تلك المحكمة الوطنية في تجريم المتهم تجريماً حقيقياً عادلاً.

3- إن آليات تنفيذ نصوص القانون الدولي وقواعده بشقيه، تواجه الكثير من الصعوبات والعقبات، سواء فيما يتعلق بالقضايا الجنائية ضد الأفراد أو بالقضايا المدنية ضد الدول. وفي هذا الصدد يجب التذكير بأن مجلس الأمن الدولي هو السلطة الدولية الوحيدة التي تمتلك آليات تنفيذية بموجب نصوص الفصل السابع من الميثاق، إلا أن هذا المجلس تسيطر عليه الدول الكبرى الدائمة العضوية التي تستطيع استخدام الفيتو لحماية دولة أو دول موالية أو صديقة وبالتالي تعطل آلية تنفيذ قراراته التي هي قرارات ذات طابع سياسي وليست ذات طابع قانوني.

لذلك لم نرى عدالة ناجزة ومثالية من القضاء الدولي الجنائي بعد ادانته الطرفين الفلسطيني و الإسرائيلي متغاضين عن الخسائر الضخمة لدى الطرف الفلسطيني مقارنة بالإسرائيلي و المواجهة الغير عادلة، وذلك أن الدول الغربية الاستعمارية ما زالت تتمتع بنفوذ كبير في المجتمع الدولي ومؤسساته الرئيسة. وللدلالة على ذلك نقول إن محكمة يوغوسلافيا السابقة حاكمت العديد من الصرب وبينهم الرئيس الصربي ميلوزوفتش لأسباب سياسية أكثر من كونها أسباباً قانونية، وذلك بهدف التخلص من آخر الأنظمة المعادية للغرب في شرق وجنوب شرقي أوروبا بينما لم تطلب أي من تلك الدول محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها في عدة دول مثل أفغانستان والعراق )تفكيك الدولة والتسبب بموت أكثر من مليون مدني وإن يكن بشكل غير مباشر في معظم الأحوال( والصومال واليمن، خاصة قتل مئات المدنيين بالطائرات دون طيار وفي الوقت نفسه نجد هذه الدول تدافع عن عدوان إسرائيل المتكرر والحافل بالمجازر والبشاعات، وعندما ترتكب إسرائيل جرائم واضحة، فإنها تنتقدها برقة وخجل بينما هي تتسابق في إيقاع عقوبات على روسيا لأسباب أقل خطورة مما ترتكبه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني .

قائمة المراجع :-

بالغة العربية :-

أولاً : الكتب

  1. أحمدرسلان،نظريةالصراعالدولي – دراسةفيتطورالأسرةالدوليةالمعاصرة،القاهرة،الهيئةالمصريةالعامةللكتاب، 1986.
  2. إسماعيلمقلد،العلاقاتالسياسيةالدولية – دراسةفيالأصولوالنظريات،القاهرة،المكتبةالأكاديمية، 1991.
  3. إسماعيلعبدالفتاح،إدارةالصراعاتوالأزماتالدولية – نظريةمقارنةلإدارةالصراعالعربيالإسرائيليفيمراحلهالمختلفة،العربيللنشروالتوزيع، 2001.
  4. إسماعيلمقلد،العلاقاتالسياسيةالدولية – دراسةفيالأصولوالنظريات،القاهرة،المكتبةالأكاديمية، 1991
  5. أمينهويدي،الصراعالعربيالإسرائيليبنالرادعالنووي،بيروت،مركزدراساتالوحدةالعربية، 1987.
  6. رشديالعمارى : ” إدارةالأزماتفيعالممتغير” ،القاهرة: مركزالأهرامللترجمةوالنشر، 1993.
  7. طهالمستكاوي،صورةالذاتبينالعربوالإسرائيليين،القاهرة،عينللدراساتوالبحوثالإنسانيةوالاجتماعية، 2007.
  8. عدنانالسيدحسين (منسق) وأخرون،النزاعاتالأهليةالعربية: العواملالداخليةوالخارجية،مركزدراساتالوحدةالعربية،بيروت 1997.
  9. ميرلمارسيل،سوسيولوجياالعلاقاتالدولية،ترجمة : حسننافعة،المستقبلالعربي،القاهرة،الطبعةالأولي، 1986.

10.جوزيفناي،المنازعاتالدوليةمقدمةللنظريةوالتاريخ، ( ترجمة : أحمد الجملومجديكامل  ) ،مصر : الجمعيةالمصرية، 1997.

11.كمالحداد،النزاعاتالدولية،لبنان : الدارالوطنيةللدراساتوالنشر، 1997 .

12.خالدألمعيني،الصراعالدوليبعدالحربالباردة،دمشق،داركيوانللطباعةوالنشروالتوزيع، 2009 ،الطبعةالأولي.

13.كولاردانيال،العلاقاتالدولية،ترجمة : خضرخضر،دارالطليعةللطباعةوالنشر،بيروت، 1980

14.إسماعيلمقلد،الاستراتيجيةوالسياسةالدولية،مؤسسةالأبحاثالعربية،بيروت، 1979

15.بدويطه،مدخلإليعلمالعلاقاتالدولية،الدارالمصريةللطباعةوالنشر،بيروت، 1971

16.خليلحسن،قضايادوليةمعاصرة – دراسةموضوعاتفيالنظامالعالميالجديد،بيروت،دارالمنهلاللبناني،الطبعةالأولي، 2007.

17.جونديوى،الطبيعةالبشريةوالسلوكالإنساني،ترجمة : محمدلبيبالنجيحي،القاهرة،المركزالقوميللترجمة، 2015.

18.جونباول،الفكرالسياسيالغربي،ترجمة : محمدخميس،الهيئةالمصريةالعامةللكتاب،القاهرة، 1985.

19.بنيتوموسيليني،تعليقعليكتابالأمير،ترجمة : خيريحمادمعترجمةلكتبالأمير،دارالآفاق،بيروت،الطبعةالتاسعة.

20.نيكولامكيافيللي،المطارحات،تعريب : خيريحماد،منشوراتالمكتبالتجاري،الطبعةالأولي،بيروت، 1962.

21.نيكولامكيافيللي،الأمير،مكتبةالسباعيللنشروالتوزيع، 2004.

22.جونماريهنكرس،دراسةحولالقانونالدوليالإنسانيالعرفيإسهامفيفهمواحترامالقانونفيالنزاعالمسلح،اللجنةالدوليةللصليبالأحمر،القاهرة،2007 .

23.عنبرإفرايم،جزالعشب: استراتيجيةإسرائيلفيمواجهةالصراعاتغيرالقابلةللحل،مركزبيغن-الساداتللدراساتالاستراتيجية،جامعةتل-أبيب، 2013.

24.دانجلعادي،الاقتصادالاسرائيليمميزاتوتطوراتسياسية،ترجمة : أنطوانشلحت،تلأبيب،وزارةالتربيةلخدماتالنشر.

ثانيا:- باللغة الانجليزية

  1. Boulding , K , E , Conflict and Defense , a General Theory , Harper and Brother , N , Y , 1962 .
  2. Butler (M), International Conflict Management, Routledge, USA And Canada, 2009.
  3. The Encyclopedia Americana International Edition , Danbury , Connecticut : Gerolier Incorporated , 1992.
  4. Duchacke (ed.),”Conflict and Cooperation among Nations, “ New York: Holt, Rinehart, and Winston, 1963
  5. Judd Harmon, Political Thought from Plato to the Present, McGraw-Hill, 1994.

ثالثا:- المجلات العلمية

  1. ساميالخزندار، ” المنعالوقائيللصراعاتالأهليةوالدولية : إطارنظري ” ،المجلةالعربيةللعلومالسياسية،عدد 32 ،خريف 2001.
  2. محمودإسماعيل، ” ظاهرةالصراعالدولي ” ،مجلةمصرالمعاصرة- مصر،مجلد 73 ،عدد 388 ،يناير 1982.
  3. حسينبهاز،مقاربةنظريةلظاهرةالصراعالدولي،دفاترالسياسةوالقانون – الجزائر،العدد 3،يناير، 2010 .
  4. منيرالسيد،مفهومالصراعدراسةفيالأصولالنظريةللأسبابوالأنواع،مجلة : دراساتمستقبلية – مصر،العدد 3 ،يوليو، 1997.
  5. سعدالمغربي، ” الصراعفيالمجتمعوطرقفضهوتسويته ” ،علمالنفس – مصر،عدد 34 ،يونيه 1995.
  6. سعدونظاهر،التطبيقالعنصريلنظريةالمجالالحيويدراسةفيالجغرافياالسياسية،مجلةالبحوثالجغرافية ( كليةالتربيةللبنات – جامعةالكوفة ) – العراق،العدد 5، 2004.
  7. سعدالعتيبى، ” المظاهرالصراعيةفيالعلاقاتالدولية : دراسةتحليليةلأسبابنشؤوتطورالعلاقاتالصراعيةبينالمجتمعات،الحلقةالثانية ” ،مجلةالقواتالمسلحةالسعودية،مجلد 36 ،عدد 108 ،سبتمبر 1997.
  8. فرانسوارانجون،السلطةوالعنف : بواكيرالنظريةالمؤسسيةعندهوبز،ترجمة : بدرالدينعردوكي،مجلةالفكرالعربيالمعاصر – مركزالإنماءالقومي – لبنان،العدد 27 – 28 ، 1983 .
  9. تيسيرمحيسن،العدوانعليغزة : العدوانالاسرائيليعليغزة 2014 ،قراءةأولية،شئونفلسطينية – فلسطين،العدد 257،صيف، 2014.

10.أبوعيد،عبدالله،العدوانعلىغزةفيضوءالقانونالدولي،مجلةسياسات،عدد (8 ) ،ربيع 2009

رابعا:- رسائل الماجستير

  1. زوزيتزكريان،الأنماطالقياديةوعلاقتهابدرجةتطبيقالأسسالنظريةلاستراتيجياتإدارةالصراعفيالمدارسالأساسيةالحكوميةوالخاصةفيمنطقةعمانالكبرى،رسالةماجستير،الجامعةالأردنية،الأردن، 1994.

2.ميمونألطاهري،عولمةالاقتصاد – عولمةالأزمات : الوجهالحقيقيللقريةالكونية،جامعةجرشالأهلية،الأردن،المؤتمرالعلميالحاديعشرلكليةالشريعةبجامعةجرش،الأزماتالاقتصاديةالمعاصرة : أسبابهاوتداعياتها،وعلاجها،PDF ،2010 .

خامسا:- مواقع الكترونية

  1. الشنقيطيبنمختار، ” الدولةوالصراع،الجزيرةنت،عليالرابطالتالي : http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/A3BEBB90-A618-4E1D-8215-30A0A8CD7443

2.سكينةبوشلوح،سباقالتسلحالدولي،الجزيرةنت،عليالرابطالتالي : http://www.aljazeera.net/knowledgegate/books/2011/4/10/%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B3%D9%84%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A

3.نظاراتوخوذاتدفاعية . الموقعالالكترونيللجيشالاسرائيليعليالرابطالتالي : https://www.idf.il /  11/ 8 / 2014

4.بيانوزارةالخارجيةالمصرية،عليالرابطالالكترونيالتالي :  . http://www.mfa.gov.eg/arabic/Pages/default.aspx

5.اقتصادمابعدالحرب،هلسننتعشبسرعةبعدالحربعلىغزة”،موقعجريدةذيماركرالاقتصادية،عليالرابطالالكترونيالتالي:  www.themarker.com/news/1.2395110

6.جريدةالقدس،عليالرابطالتالي : http://www.alquds.com/  .

7.تقريراللجنةالمستقلةلتقصيالحقائقالتابعةللأممالمتحدةحولحربغزة 2014،انظرالتقريركاملاًفيموقعفيمركزالدراساتالسياسيةوالتنموية،http://cpds.ps/ar/home  ،يونيو 2015.

8.-http://icrc.org/ara/resources/documents/misc/5nsla8.html

9-http://icrc.org/ara/resources/documents/misc/5nsla8.html

[1]سامي الخزندار ، ” المنع الوقائي للصراعات الأهلية والدولية : إطار نظري ” ، المجلة العربية للعلوم السياسية ، عدد 32 ، خريف 2001 ، ص 26 .

[2]زوزيتزكريان ، الأنماط القيادية وعلاقتها بدرجة تطبيق الأسس النظرية لاستراتيجيات إدارة الصراع في المدارس الأساسية الحكومية والخاصة في منطقة عمان الكبرى ، رسالة ماجستير ، الجامعة الأردنية ، الأردن ، 1994 ، ص 27 .

[3]أحمد رسلان ، نظرية الصراع الدولي – دراسة في تطور الأسرة الدولية المعاصرة ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1986 ، ص 7 .

[4]Boulding , K , E , Conflict and Defense , a General Theory , Harper and Brother , N , Y , 1962 .

[5]Butler (M), International Conflict Management, Routledge, USA And Canada, 2009,p : 13

[6]إسماعيل مقلد، العلاقات السياسية الدولية – دراسة في الأصول والنظريات، القاهرة، المكتبة الأكاديمية، 1991، ص 229 .

[7]أحمد رسلان ، نظرية الصراع الدولي – دراسة في تطور الأسرة الدولية المعاصرة ، مرجع سبق ذكره ، ص 175 .

[8]المرجع السابق، ص 89.

[9]The Encyclopedia Americana International Edition , Danbury , Connecticut : Gerolier Incorporated , 1992 , p 537 .

[10]إسماعيل عبد الفتاح ، إدارة الصراعات والأزمات الدولية – نظرية مقارنة لإدارة الصراع العربي الإسرائيلي في مراحله المختلفة ، العربي للنشر والتوزيع ، 2001 ، ص 15 .

[11]إسماعيل مقلد ، العلاقات السياسية الدولية – دراسة في الأصول والنظريات ، القاهرة ، المكتبة الأكاديمية ، 1991 ، ص 223

[12]أمين هويدي ، الصراع العربي الإسرائيلي بن الرادع النووي ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 1987 ، ط 2 ، ص 14 .

[13]رشديالعمارى : ” إدارة الأزمات في عالم متغير” ، القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشر ، 1993 ،  ص 16 .

[14]محمود إسماعيل ، ” ظاهرة الصراع الدولي ” ، مجلة مصر المعاصرة- مصر ،  مجلد 73 ، عدد 388 ، يناير 1982 ، ص 165 .

[15]طه المستكاوي ، صورة الذات بين العرب والإسرائيليين ، القاهرة ، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية ، 2007 ، ط 1 ، ص 43 .

[16]زوزيتزكريان ، الأنماط القيادية وعلاقتها بدرجة تطبيق الأسس النظرية لاستراتيجيات إدارة الصراع في المدارس الأساسية الحكومية والخاصة في منطقة عمان الكبرى ، مرجع سبق ذكره ، ص 29 .

[17]عدنان السيد حسين (منسق) وأخرون، النزاعات الأهلية العربية: العوامل الداخلية والخارجية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1997 ، ص 193.

[18]ميرل مارسيل ، سوسيولوجيا العلاقات الدولية ،ترجمة : حسن نافعة ، المستقبل العربي ، القاهرة ، الطبعة الأولي ، 1986

[19]حسين بهاز، مقاربة نظرية لظاهرة الصراع الدولي، دفاتر السياسة والقانون – الجزائر، العدد 3، يناير،2010 .

[20]منير السيد ، مفهوم الصراع دراسة في الأصول النظرية للأسباب والأنواع ، مجلة : دراسات مستقبلية – مصر ، العدد 3 ، يوليو ، 1997 ، ص 44 .

[21]عباس رشديالعمارى : ” إدارة الأزمات في عالم متغير” ، مرجع سبق ذكره ، ص 19 .

[22]جوزيف ناي ، المنازعات الدولية مقدمة للنظرية والتاريخ ، ( ترجمة : أحمد الجمل و مجدي كامل  ) ، مصر : الجمعية المصرية ، 1997 ، ص 15 .

[23]كمال حداد ، النزاعات الدولية ، لبنان : الدار الوطنية للدراسات والنشر ، 1997 ، ص 17

[24]إسماعيل مقلد ، العلاقات السياسية الدولية – دراسة في الأصول والنظريات ، مرجع سبق ذكره ، ص 224

[25]  D. Duchacke (ed.),”Conflict and Cooperation among Nations, “ New York: Holt, Rinehart, and Winston,1963, P: 442

[26]خالد ألمعيني ، الصراع الدولي بعد الحرب الباردة ، دمشق ، دار كيوان للطباعة والنشر والتوزيع ، 2009 ، الطبعة الأولي ، ص 13 .

[27]أحمد رسلان ، نظرية الصراع الدولي – دراسة في تطور الأسرة الدولية المعاصرة ، مرجع سبق ذكره ، ص 180 .

[28]سعد المغربي ، ” الصراع في المجتمع وطرق فضه وتسويته ” ، علم النفس – مصر ، عدد 34 ، يونيه 1995 ، ص 6 .

[29]أحمد رسلان ، نظرية الصراع الدولي – دراسة في تطور الأسرة الدولية المعاصرة ، مرجع سبق ذكره ، ص 51 .

[30]طه المستكاوي ، صورة الذات والآخر بين العرب والإسرائيليين ، مرجع سبق ذكره ، ص 39 .

[31]أحمد رسلان ، نظرية الصراع الدولي – دراسة في تطور الأسرة الدولية المعاصرة ، مرجع سبق ذكره ، ص 182 .

[32]خالد ألمعيني، الصراع الدولي بعد الحرب الباردة، مرجع سبق ذكره، ص ص 26 – 27 .

[33]كولار دانيال ، العلاقات الدولية ، ترجمة : خضر خضر ، دار الطليعة للطباعة والنشر ، بيروت ، 1980 ، ص30

[34]إسماعيل مقلد ، العلاقات السياسية الدولية – دراسة في الأصول والنظريات ، مرجع سبق ذكره ، ص 234

[35]سعدون ظاهر، التطبيق العنصري لنظرية المجال الحيوي دراسة في الجغرافيا السياسية، مجلة البحوث الجغرافية ( كلية التربية للبنات – جامعة الكوفة ) – العراق ، العدد 5، 2004 ، ص 97 .

[36]إسماعيل مقلد ، العلاقات السياسية الدولية – دراسة في الأصول والنظريات ، مرجع سبق ذكره ، ص 235

[37]إسماعيل مقلد ، الإستراتيجية والسياسة الدولية ، مؤسسة الأبحاث العربية ، بيروت ، 1979 ، ص 51 .

[38]بدوي طه ، مدخل إلي علم العلاقات الدولية ، الدار المصرية للطباعة والنشر ، بيروت ، 1971 ، ص 156

[39]أحمد رسلان ، نظرية الصراع الدولي – دراسة في تطور الأسرة الدولية المعاصرة ، مرجع سبق ذكره ، ص 63 .

[40]ميمون ألطاهري ، عولمة الاقتصاد – عولمة الأزمات : الوجه الحقيقي للقرية الكونية ، جامعة جرش الأهلية ، الأردن ، المؤتمر العلمي الحادي عشر لكلية الشريعة بجامعة جرش ( الأزمات الاقتصادية المعاصرة : أسبابها وتداعياتها ، وعلاجها ) ، PDF ، 2010 ، ص 520.

[41]خليل حسن، قضايا دولية معاصرة – دراسة موضوعات في النظام العالمي الجديد، بيروت ، دار المنهل اللبناني ، الطبعة الأولي ، 2007 ، ص 85 .

[42]كولار دانيال ، العلاقات الدولية ، مرجع سابق الذكر ، ص37 .

[43]سكينة بوشلوح ، سباق التسلح الدولي ، الجزيرة نت ، علي الرابط التالي :http://www.aljazeera.net/knowledgegate/books/2011/4/10/%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B3%D9%84%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A

[44]سعد العتيبى ، ” المظاهر الصراعية في العلاقات الدولية : دراسة تحليلية لأسباب نشؤ وتطور العلاقات الصراعية بين المجتمعات ، الحلقة الثانية ” ، مجلة القوات المسلحة السعودية ،  مجلد 36 ، عدد 108 ، سبتمبر 1997.

[45] Hoffmann Stanley, contemporary theory in international relations, fifth edition. United States of America:

prentice-hall, Inc, June 1965.P 211.

[46]الشنقيطي بن مختار ، ” الدولة والصراع ، الجزيرة نت ، علي الرابط التالي :http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/A3BEBB90-A618-4E1D-8215-30A0A8CD7443

[47]M.Judd Harmon, Political Thought from Plato to the Present, McGraw-Hill, 1994,p.224.

[48]فرانسوا رانجون ، السلطة والعنف : بواكير النظرية المؤسسية عند هوبز ، ترجمة : بدر الدين عردوكي ، مجلة الفكر العربي المعاصر – مركز الإنماء القومي – لبنان ، العدد 27 – 28 ، 1983 ، ص 88 .

[49]جون ديوى ، الطبيعة البشرية والسلوك الإنساني ، ترجمة : محمد لبيب النجيحي ، القاهرة ، المركز القومي للترجمة ، 2015 ، ص 155.

[50]جون باول ، الفكر السياسي الغربي ، ترجمة : محمد خميس ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1985 ، ص 246 .

[51]بنيتوموسيليني ، تعليق علي كتاب الأمير ، ترجمة : خيري حماد مع ترجمة لكتب الأمير ، دار الآفاق ، بيروت ، الطبعة التاسعة ، 1988 ، ص 7 .

[52]نيكولا مكيافيللي ، المطارحات ، تعريب : خيري حماد ، منشورات المكتب التجاري ، الطبعة الأولي ، بيروت ، 1962 ، ص 224 .

[53]نيكولا مكيافيللي، الأمير، مكتبة السباعي للنشر والتوزيع، 2004، ص117.

[54]عنبر إفرايم، جز العشب: استراتيجية إسرائيل في مواجهة الصراعات غير القابلة للحل،مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية، جامعة تل-أبيب، 2013 ، ص 8 .

[55]بن يشاي رون، من الفشل إلى فرصة لا مثيل لها، الموقع الالكتروني ليديعوت أحرنوت

www.ynet.il.com،27/9/2014.

[56]عنبرإفرايم، استراتيجيةإسرائيلفيمواجهةالصراعاتغيرالقابلةللحل ،  مصدر سبق ذكره ، ص 13 .

[57]نظارات و خوذات دفاعية . الموقع الالكتروني للجيش الاسرائيلي علي الرابط التالي :https://www.idf.il/  11/ 8 / 2014

[58]عنبر فرايم ، جز العشب استراتيجية إسرائيل في مواجهة الصراعات غير القابلة للحل ، مرجع سبق ذكره ، ص 16 .

[59]بيان وزارة الخارجية المصرية ، علي الرابط الالكتروني التالي :  .http://www.mfa.gov.eg/arabic/Pages/default.aspx

[60]دان جلعادي ، الاقتصاد الاسرائيلي مميزات وتطورات سياسية ، ترجمة : أنطوان شلحت ، تل أبيب ، وزارة التربية لخدمات النشر ، ص 240.

[61]اقتصاد ما بعد الحرب، هل سننتعش بسرعة بعد الحرب على غزة”، موقع جريدة ذي ماركر الاقتصادية ، علي الرابط الالكتروني التالي: www.themarker.com/news/1.2395110

[62]تيسير محيسن ،العدوان علي غزة : العدوان الاسرائيلي علي غزة 2014 ، قراءة أولية ،شئون فلسطينية  – فلسطين ،العدد257، صيف ،2014 ، ص ص 190- 196 .

[63]المرجع السابق

[64]جونماريهنكرس،دراسةحولالقانونالدوليالإنسانيالعرفيإسهامفيفهمواحترامالقانونفيالنزاعالمسلح،اللجنةالدوليةللصليبالأحمر،القاهرة،2007 .

[65]أبو عيد، عبد الله، العدوان على غزة في ضوء القانون الدولي، مجلة سياسات ، عدد (8 ) ، ربيع 2009

[66]المصدر السابق

[67]جريدةالقدس ، علي الرابط التالي :http://www.alquds.com/ .

[68]تقريراللجنةالمستقلةلتقصيالحقائقالتابعةللأممالمتحدةحولحربغزة 2014،انظرالتقريركاملاًفيموقعفيمركزالدراساتالسياسيةوالتنموية،http://cpds.ps/ar/home  ، يونيو 2015.

[69]-http://icrc.org/ara/resources/documents/misc/5nsla8.html

[70]موقعالأممالمتحدةالمفوضيةالساميةلحقوقالإنسان،  22يونيو 2015

[71]-http://icrc.org/ara/resources/documents/misc/5nsla8.html (اتفاقيةجنيفالرابعة)

[72]جون ماري هنكرس ، دراسة حول القانون الدولي الإنساني العرفي إسهام في فهم و احترام القانون في النزاع المسلح ، مصدر سابق ، ص 150 .

[73]بسيوني،محمودشريف،المحكمةالجنائيةالدولية،نشأتهاونظامها،شيكاغو،بدونذكرالناشر،  2002 ، ص 70 .

  • تحريرا في 28-12-2017
2/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى