مقالات

التحولات السياسية في الخارجية السعودية

 كتب : ياسر بن متروك – المركز الديمقراطي العربي

منذ وصول ملك الحزم الملك سلمان للحكم في السعودية تغيرت الكثير من أسس السياسة السعودية التي تعود عليها الساسه والمحللين بالعالم فلقد كانت تنتهج السعودية مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير حتى وأن كانت دولة مجاورة حيث أن هذه السياسة كانت سياسة حكمية في زمن ماضي حفظت للسعودية إستقرارها ومكانتها بين الدول والشعوب.

لكن المتغيرات العالمية وتدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول وخاصة في منطقة الشرق الأوسط جعلت سياسة عدم التدخل خطأ إستراتيجي فادح لأن عدم التدخل يعني فتح المجال لمن هو أبعد منك ليجد فرصة في رسم سياسة الدول حسب منافعه ورغباته من هنا بدأت السياسة الخارجية السعودية تأخذ أسلوب جديد تفرضه عليها مكانتها الدولية والدينية والإجتماعية.

ومن عاصفة الحزم بدأ التغير السياسي يظهر عبر تكوين تحالف عربي فاجأ العالم ولخبط أوراقهم السياسية ومخططاتهم ووجه لدول كإيران صفعه قوية لم تفق من هول الصدمة إلى يومنا الحالي وجعل الشعوب العربية التي أصابها الإحباط تنتعش لأمل جديد وعهد جديد يعيد للعرب أمجادها وقوتها المفقوده أمام العالم بأسره وكذلك المسلمين السنة الذين أحسوا يوماً أنهم أصبحوا أداه في أيدي تجاذبات السياسة الدولية.

التحول السياسي في الخارجية السعودية بدأ بتعين رجل دبلوماسي من الطراز الأول الذي قد سبق أن حاولت إيران إغتياله عندما كان سفيراً للسعودية في أمريكا لكن أمر الله أراد أن تنكشف مخططات إيران ويسلم هذا الرجل ليتولى زمام الخارجية السعودية ويسدد للعالم تصريحات قوية ونشاط دبلوماسي ممتاز وإدارة للحوار السياسي بمهاره عالية شكل حربه خارجية لسياسة السعودية الجديدة تتميز بكثير من الهدوء والحنكة أمام العالم مما أكسبها قوة جديدة.

السعودية بدأت بمحيطها الخليجي لتجمع وحدة صفه وتقرب وجهات النظر لتنطق لمحيط أوسع من دول الخليج لتبدأ بكبح تدخلات إيران بالمنطقة بداً من مجلس التعاون الخليجي مروراً بجامعة الدول العربية وأخيراً بمؤتمر التعاون الإسلامي لتندد بتدخلات إيران بالمنطقة ولتصدر بيانتا قوية لم تجتمع عليها الدول العربية والإسلامية من قبل وكذلك إعتبار الذراع العسكري لإيران في لبنان جماعة إرهابية مع تحركات دبلوماسية خليجية ضد جزب الله والضغط عليه عبر تجفيف مصادر تمويله وفرض عقوبات إقتصادية على أعضاءه.

كل هذه التحركات السياسية كانت الرياض مركزاً لها إذ أن الرياض كانت مقصداً لرؤساء الدول ووزراء خارجيتها بدعوى من السعودية لعقد إجتماعات وتفاهمات سياسية معمقه وكانت للدول الأفريقية النصيب الأكبر حيث زار أغلب رؤسائها الرياض وعقدوا جلست مباحثات مع الملك سلمان إذ أعتمدت السياسة السعودية الجديدة على الإعتماد على الدول التي تم تهميشها إما بسبب ضعفها العسكري أو الإقتصادي أو السياسي ولم تعتمد على الدول الكبرى التي هي أساساً السبب في أزمات المنطقة والعالم.

أتسمت السياسة السعودية الجديدة بجزأين أساسيين تركزت عليهم وهو التعاون السياسي والإقتصادي ولثقة صناع القرار أن الإقتصاد لا يمكن أن ينفصل عن السياسة فلقد كانت مباحثاتها تشتمل على تعاون إقتصادي سياسي فالعلاقات الإستراتيجية دائماً ما تكون ثابته وليست بمتغيره لأن الروابط الإقتصادية دائماً تطغى على أي تحولات سياسية أخرى.

عولت السياسة السعودية كذلك على محيطها العربي والإسلامي فبدأت في بناء تحالفات أوسع من التحالف العربي فخرج علينا التحالف الإسلامي الذي كان صدمة للدول الكبرى ولم تتوقع أن يتم بناء هذا التحالف بسرية عالية حيث من الصعب بناء مثل هذا التحالف بهذه السرعة لكن ذلك يدل على نفاذ صبر الدول العربية والإسلامية من السياسة الدولية وتخاذل المجتمع الدولي ومجلس الأمن تجاه مشكلات العالم.

التحالف الإسلامي كان يتوقع له العالم أنه مجرد فقاعه إعلامية لا يمكن ترجمتها على الواقع فجاءة المناورات رسالة أخرى قوية للعالم مما دعى الدول العظمي لإعادة التفكير في ما تقوم فيه من سياسات فبدأت السعودية في إعادة ترتيب إقتصادها بعيداً عن النفط كمصدر إساسي للدخل وعقدت تحالفات إقتصادية كانت مصر أولى خطواتها الإقتصادية فدخلت معها في تحالف إقتصادي قوي مع إعلان السعودية ومصر بناء جسر الملك سلمان الذي سوف يكون له مكاسب سياسية وعسكرية وإقتصادية يربط الخليج بالقارة الأفريقية مما يعود على البلدين بدخل إقتصادي كبير ولن يتوقف التعاون الإقتصادي عند هذا الحد فهنالك تحالفات إقتصادية جديدة تلوح في الأفق.

كل هذه المتغيرات الجديدة للسياسة السعودية كانت محل فخر للمواطن السعودية والعربي وكذلك المسلم بشكل أشمل وبدأت الشعوب تعول عليها أن تأخذ زمام القيادة لحل مشكلات المنطقة والعالم في وقت قد تتحول فيه الأقطاب السياسية الفاعلة بالمنطقة لتتخلى السعودية عن سياسة عدم التدخل إلى سياسة الدفاع عن المنطقة وإطفاء النيران المشتعلة بفضل سياستها الحكيمة التي تعود على الجميع بالخير والإستقرار.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى