الشرق الأوسطتقارير استراتيجيةعاجل

جمهورية شمـــال قــــبـــرص التركية والكــيان الــصـــهـــيــوني

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر

 

إنتقدت صحيفة ميلي جازيت الأكثر شعبية في تركيا في صفحتها الأولي في 30 مارس 2024 إرسين تتار رئيس جمهورية شمال قبرص التركية (المعلنة في 15 نوفمبر 1983 والتي لا تعترف بها إلا دولة واحدة هي تركيا) لإدلائه بتصريح لإذاعة صوت أمريكا التركية التي تم حظر وصولها إلى تركيا قبل ذلك بأيام قال فيه “إن إسرائيل ليست عدونا , لكنها تهديد فهي تأتي للإستثمار في شمال قبرص التركية بينما اليونانيين هم أعداؤنا ” , وأضاف أن “مجيء أشخاص من جنسيات مختلفة يمثل فرصة للاعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية” وقال : “هناك 50 ألف روسي في جنوب قبرص، وهناك أشخاص من جميع الجنسيات في جنوب قبرص” , فالعداء تاريخي بين اليونان وتركيا وهذا العداء التاريخي يبدو بكل وضوح في قبرص حيث تعتبر تركيا تواجدها العسكري في الجزء التركي منها قضية أمن قومي تركي كما تردد وسائل الإعلام التركية بأن 152 جزيرة من جزربحر إيجه تابعة لتركيا فقد كانت تلك الجزر تحت الحكم العثماني لمدة 500 بينما تدعي اليونان أنها تاريخيًا وقانونيًا جزر تتبع اليونان وفقاً لمعاهدة لوزان عام 1924والاتفاقيات التركية الإيطالية عام 1932ومعاهدة باريس عام 1947.

أثار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان هذا الموضوع في تصريح له نشره موقع POLITICS TODAY في24 نوفمبر2023 وأعرب فيه عن مخاوفه بشأن قيام المواطنين الإسرائيليين بشراء عقارات في جمهورية شمال قبرص التركية وقال إنه أمر ينوي مناقشته مع السلطات القبرصية التركية وفي كلمته أمام لجنة الميزانية البرلمانية التركية وأقر فيدان بالتحقيق في مزاعم استحواذ إسرائيليين ووسطاء مرتبطين بإسرائيل على مساحات كبيرة من الأراضي وأشار فيدان إلى أن منظمة الاستخبارات الوطنية التركية (MIT) تراقب الوضع .

خــــــلــــفـــية الــــمــــوضــــوع :

خلفية تصريح إرسين تتار رئيس جمهورية شمال قبرص التركية هي أن مسألة بيع العقارات والأراضي في شمال قبرص التركية أصبح مثاراً لجدل واسع هناك وفي دوائر الأمن والمخابرات التركية منذأغسطس2023 فهناك منظمة أو جمعية مكونة من مجموعة شباب صهاينة تتولي شراء أراض وعقارات في جمهورية شمال قبرص التركية وتفيد مصادر صحفية تركية إلي أن الصهاينة يشترون العقارات والأراضي القريبة من القواعد والمناطق العسكرية التابعة للجمهورية التركية في شمال قبرص , وأن هذا الإتجاه من الصهاينة مرده إعتقاد الصهاينة بأن تركيا وشمال قبرص تحديداً مصدر من مصادر الخطر المؤجلة والآتية نحو الأمن الصهيوني القومي وأنه من الضروري التواجد الإستباقي قريباً من مصدر هذا الخطر المحتمل وتفيد هذه المصادر أيضاً أن الكيان الصهيوني يتبادل المعلومات بشأن مجمل التواجد التركي العسكري وغير العسكري مع خصوم تركيا وشمال قبرص التركية أي مع الولايات المتحدة واليونان وجمهورية قبرص اليونانية أو الرومية وهذه الأخيرة تعتبر مجالاً حراً لعمل الموساد الصهيوني علي أراضيها لدرجة أنه عام 1999عندما كنت أعمل في نيقوسيا قبضت سلطات نيقوسيا علي فريق من الموساد متلبساً بالعمل في صناديق الإتصالات الهاتفية في العاصمة نيقوسيا وجري إطلاق سراحه بعد وقت قصير , ومع ذلك فهناك تعاون مابين جهازي المخابرات الصهيوني والقبرصي فقبرص بالنسبة للموساد واجهة متقدمة أو سور لحماية أمن الكيان الصهيوني فمثلاً في يناير2023 نشرت وكالة ألنباء المتحدة AP أن عملية مشتركة بين قبرص والموساد أحبطت مؤامرة إيرانية مشتبه بها لاستهداف وقتل رجال أعمال إسرائيليين من خلال اعتقال اثنين من طالبي اللجوء الإيرانيين الذين كانوا على اتصال مع إيراني آخر مرتبط بالحرس الثوري حسبما قال مسؤول قبرصي  وقال المسؤول لوكالة APأن الرجلين الإيرانيين محتجزان لدى الشرطة منذ 3 نوفمبر 2023 وتجري الإجراءات لترحيلهما وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مسموح له بالتحدث علنا عن مسائل الأمن القومي إن اعتقال المشتبه بهم كان تتويجا لعملية مشتركة مع جهاز الأمن الإسرائيلي الموساد وإن أجهزة الأمن القبرصية كانت تراقب الرجلين الإيرانيين لعدة أسابيع واحتجزتهما قبل وصول فرقة تعتقد السلطات أنها كانت ستنفذ عمليات القتل وأن الأفراد المستهدفين كانوا في المقام الأول رجال أعمال إسرائيليين وقالت السلطات القبرصية إن المشتبه بهم الإيرانيين تحركوا داخل وخارج قبرص عبر شمال قبرص التركية الانفصالي وسيعبرون المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة إلى الجنوب المعترف به دوليا لإقامة اتصالات مع الاثنين الآخرين ولم يتم الكشف عن هويته ومكان وجوده لكن المسؤول قال إنه يعمل لصالح الحرس الثوري الإيراني  وفي يناير2024ذكر إعلان صادر عن مكتب رئيس الوزراء  الصهيوني نيابة عن الموساد أن استخدام إيران للشمال الانفصالي لقبرص “لأغراض إرهابية”و”كمنطقة نشاط وعبور لمهاجمة أهداف صهيونية ويهودية يشكل قضية مثيرة للقلق”ويقول المسؤولون القبارصة لوكالة الأنباء أن التعاون مع وكالات الأمن والمخابرات في دول المنطقة وأوروبا وخارجها مكّن السلطات القبرصية من تحديد هذه التهديدات ومواجهتها بشكل فعال وفي الوقت نفسه قال المسؤول القبرصي إن قبرص تريد الحفاظ على علاقات ودية مع جميع الدول المجاورة ولا تسعى إلى التورط في أي صراعات إقليمية وأدانت السلطات القبرصية التركية في بيان لها الإعلان الصهيوني ووصفته بأنه “ادعاء لا أساس له من الصحة” يهدف إلى صرف انتباه المجتمع الدولي عن “الهجمات اللاإنسانية” التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد المدنيين الفلسطينيين وغزة والضفة الغربية ولم ترد الحكومة الإيرانية على الفور على اتصالات وكالة أسوشييتد برس للتعليق , وعلقت وكالة AP علي هذا الخبر الذي نشرته فقالت أن “هذه هي المؤامرة الإيرانية الثالثة المزعومة لاستهداف  صهاينة في قبرص منذ أكثر من عام وفي يوليو2023 أحبطت السلطات القبرصية مؤامرة مزعومة ضمت فرقة اغتيال مدعومة من إيران خططت لقتل  صهاينة ويهود آخرين كما أن هناك رجل أذربيجاني يحمل جواز سفر روسي في قبرص الحليف الوثيق  للكيان الصهيوني للاشتباه في أنه خطط لتنفيذ عمليات قتل مأجورة  لصهاينة يعيشون في قبرص .

من الطبيعي أن يحظي هذا الموضوع بإهتمام في جمهورية قبرص (اليونانية) نظراً للعداء الدائم لتركيا ولجمهورية شمال قبرص التركية وللصداقة المتينة بين قبرص اليونانية والكيان الصهيوني فقد غطت صحيفة Cyprus Mail في 17 ديسمبرهذا الموضوع مبكراً أي قبل تصريح رئيس جمهورية شمال قبرص التركية إرسين تاتار فأوردت ما نصه : ” منذ هجوم حماس على إسرائيل في أوائل شهر أكتوبر2023 وما تلا ذلك من قصف إسرائيل لغزة أصبح اليهود الذين يعيشون في الجزء الشمالي من قبرص هدفاً على نحو متزايد وخاصة من قِبَل الدوائر القومية (التركية) وغالبًا ما يتضمن العدوان الكشف عن هويات وفي بعض الحالات، صور لليهود الذين يعيشون بين الطائفة القبرصية التركية على وسائل التواصل الاجتماعي ويتم تداول المشاركات على نطاق واسع , وفي الآونة الأخيرة نظمت مجموعة يقودها ياسمى أوزتورك عضو الجمعية القبرصية التركية من حزب الوحدة الوطنية اليميني الشريك في الأغلبية مظاهرة أمام المركز اليهودي تشاباد في كيرينيا (مدينة ساحلية سياحية في قبرص التركية) ووصفته بأنه ” خطوة ملموسة نحو بناء هيكل صهيوني في [الجزء الشمالي من] قبرص”و في شهر نوفمبر 2023 تم إغلاق مبنى حاباد من قبل السلطات المحلية تحت ضغط من نفس المجموعة القومية على أساس أنه لا يملك الوثائق اللازمة وفي أواخر سبتمبر2023 قالت خمس منظمات أعمال بما في ذلك جمعية رجال الأعمال الأتراك القبرصيين في بيان أدان الهجوم الإسرائيلي على غزة ودعا إلى وقف إطلاق النار وورد في هذا البيان أنه: “يجب السيطرة على المستعمرة اليهودية المستوطنة في بلادنا ويجب اتخاذ التدابير اللازمة بشأنها”. إقامتهم هنا” . يقول البروفيسور نور كوبرولو الخبير في شؤون الشرق الأوسط : “هناك اتجاه خطير للغاية ومثير للقلق” “إن تجريم اليهود الأفراد أو المجتمع اليهودي بأكمله هو معاداة السامية وخطاب الكراهية والتمييز … ما لا يمكننا أن نفرقه هنا هو التمييز بين المجتمع اليهودي والدولة الإسرائيلية … والقوالب النمطية عن اليهود التي لا تزال حاضرة للغاية في المجتمع فهي تنتعش مع تطورات سلبية مثل الحرب” , يركز العدوان على اليهود بشكل رئيسي على ملكيتهم للأراضي والممتلكات وسط مزاعم بأنهم يريدون إقامة دولة إسرائيلية في شمال قبرص كجزء من “مشروع إسرائيل الكبرى”.

“في شهر  نوفمبر2023 كشف صحفي قومي قبرصي تركي عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن أسماء مئات شركات التطوير العقاري المملوكة لليهود مع هوياتهم وكذلك شركائهم القبارصة الأتراك تحت عنوان “الصهاينة بيننا”وكان معظم اليهود الذين تم تحديدهم في المنشور – الذي انتشر على نطاق واسع في تركيا أيضًا – من مواطني الدولة القبرصية التركية غير المعترف بها وهو ما يمنحهم الحق في الإقامة وشراء العقارات والعمل بحرية في الشمال وتفاقمت المشاعر المعادية للسامية بسبب قيام عدد من وسائل الإعلام التركية بنشر المنشور وإعداد تقاريرها الخاصة حول هذه القضية وزعمت صحيفة صباح التي تعد من أكبر الصحف اليومية في تركيا أن هناك 35 ألف يهودي يعيشون في شمال قبرص وقد اشتروا 25 ألف دونم من الأراضي وأضافت الصحيفة أن هناك حوالي 2000 شركة بناء مملوكة لليهود تقوم ببناء العقارات وبيعها لليهود فقط في الشمال وقالت صحيفة صباح: “إن إسرائيل تغزو جمهورية شمال قبرص التركية [جمهورية شمال قبرص التركية]” , وزعمت صحيفة تركية يومية أخرى هي صحيفة ميلي جازيت الإسلامية أن “الصهاينة يجمعون الأراضي في قبرص خاصة في المناطق المواجهة لتل أبيب” وقالت إن “غزوًا غير مسلح” يحدث , وتحذر الأستاذة المشاركة في العلاقات الدولية يونكا أوزديمير من هذه العقلية وتقول: “إذا كان هناك أي قلق بشأن العواقب البيئية والاجتماعية أو أي عواقب أخرى لبيع الأراضي فيجب عليهم النظر في جميع المبيعات” “لا ينبغي أن يهم من يشتري الأرض وإلا فهذه معاداة للسامية” , “من سيكون مسؤولا عن العواقب المروعة لاستهداف اليهود الذين يعيشون ويستثمرون في الجزء الشمالي من قبرص منذ عقود؟ ” سأل الصحفي بينار باروت في صحيفة أوزجور جازيت الإلكترونية “لقد تحولت معارضة تصرفات إسرائيل ضد الفلسطينيين إلى هجوم غير واعي على جميع الإسرائيليين واليهود … ألا يزعج هذا الحكومة وسلطات إنفاذ القانون؟” , دفعت الضجة حول ملكية الأراضي اليهودية أحد السياسيين الأتراك اليمينيين إلى سؤال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان حول “المزاعم القائلة بأن عشرات الآلاف من الدونمات من الأراضي في الشمال قد تم شراؤها من قبل وسطاء مرتبطين بإسرائيل” في البرلمان التركي , وقلل فيدان من أهمية ملكية العقارات الإسرائيلية لكنه قال إن شراء الأراضي من قبل الأجانب يخضع للمراقبة منذ أن كان رئيسًا لوكالة الاستخبارات التركية MIT وقال فيدان: “إننا ننقل مخاوفنا إلى السلطات القبرصية [التركية]” , وبعد فترة وجيزة من تصريحات فيدان أعلنت الإدارة المسؤولةعن الشؤون الداخلية الأسبوع الماضي أنها تقوم بإعداد تعديلات قانونية من شأنها فرض قيود على مبيعات العقارات للأجانب وقال فكري أتاوغلو المسؤول عن ملف السياحة في شمال قبرص التركية : “من المهم حماية الأراضي في جمهورية شمال قبرص التركية وعدم تسليمها للأجانب” “لا أريد أن يتم بيع أراضي جمهورية شمال قبرص التركية لأي شخص آخر غير الأتراك” ولن تؤثر التعديلات على الأجانب الذين حصلوا على الجنسية القبرصية التركية وكتب الصحفي سيرهات إنجيرلي في صحيفة ينيدوزين اليومية بعد الإعلان : “تم الاستيلاء على أراضي جمهورية شمال قبرص التركية … بالبنادق” والآن يشتري الأجانب هذه الأراضي فالضجة تتعلق بشكل خاص ببعض الأفراد أو الشركات الإسرائيلية فهل هناك مشكلة إذا تم شراء الأراضي المنهوبة من قبل الشركات التركية وليس الإسرائيلية ؟ لا… نحن عنصريون… ألم نسرق الأرض التي نقاتل عليها معاديين للسامية إن جوهر القضية بسيط للغاية : “الأتراك الفاشيون لا يستطيعون تحمل حقيقة أن الأراضي المسروقة تباع الآن لبعض الشركات الإسرائيلية” , لقد كانت هناك زيادة حادة في مبيعات البناء والعقارات في شمال قبرص في السنوات الأخيرة وتم منح الإذن لنحو 4600 أجنبي بشراء العقارات في الأشهر العشرة الأولى من عام 2023ومع ذلك يتم شراء المزيد من العقارات في الشمال من قبل الأجانب الذين حصلوا على الجنسية القبرصية التركية بواسطة محامين نيابة عن الأجانب أو الشركات القبرصية التركية مع “شركاء أجانب صامتين” لتجنب القيود المفروضة على الأجانب ولا تظهر السجلات الرسمية مثل هذه المعاملات وتشير التقديرات إلى أن حوالي 50% من المعاملات لا يتم تسجيلها”.

مضت صحيفة Cyprus Mail القبرصية اليونانية فقالت : “في غضون ذلك، قالت إسرائيل يوم الأحد الماضي إنها “منزعجة” من استخدام الجزء الشمالي من قبرص “سواء لأهداف إرهابية أو كمنطقة عمليات وعبور” ووصف البيان الشمال بأنه “منطقة نشاط وعبور لمهاجمة أهداف إسرائيلية ويهودية و[هذا] يشكل قضية مثيرة للقلق وجاء البيان بعد أن ساعدت إسرائيل جمهورية قبرص في إحباط هجوم بأمر إيراني ضد الإسرائيليين واليهود في الجزيرة وأسرت مواطنين إيرانيين ويعتقد أنهم قدموا إلى الجمهورية من

في تقديري أنه نظراً للعلاقة الوثيقة بين الكيان الصهيوني وقبرص اليونانية وخاصة في المجال المخابراتي فإنها بذلك تعتبر أو يجب أن تعتبرأكبر خطر علي الدول العربية المتوسطية وأهمها مصر ومع ذلك موقها السياسي في شأن القضية القبرصية مؤيد بل داعم لوجهة نظر القبارصة اليونانيين في صراعهم مع القبارصة الأتراك الذي إستذلوا منذ أعلان إستقلال قبرص بضمان 3 دول هي المملكة المتحدة وتركيا وقبرص وعمل رئيس القبارصة اليونانيين علي التنكيل بالقبارصة الأتراك ومعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية بل ودفنهم أحياء إلي أن إنقلب العسكريين اليونانيين علي الأسقف مكاريوس لأنه لا يجيد التنكيل بالقبارصة الأتراك وهو الذي قال في تصريح لصحيفة أبويفماتيني في 9 سبتمبر 1964: “هدفي الأسمى هو إينوسيس… إنه إينوسيس وسيبقى إينوسيس Enosis (باليونانية أي الإندماج مع اليونان) إذا كان لدي هدف واحد فقط فهو أن يظل اسمي مرتبطاً بذلك” , ومع ذلك إنقلب العسكريين اليونانيين عليه وأطاحوا به في صباح يوم 15 يوليو 1974 وتم اختطاف مكاريوس إلى جزيرة مالطا وتوجهوا للشروع في غزو قبرص فسارعت تركيا إبان حكم سليمان ديميريل فقامت بغزو قبرص إنقاذا للقبارصة الأتراك من إبادتهم بواسطة اليونانيين في يوليو/ أغسطس 1974 حيث نكل القبارصة اليونانيون بهم ففي كشف لهذه الأحداث الدامية التي شهدها القبارصة الأتراك نشرته صحيفة فيليفثيروس في عام 2010 قال كليريدس وهو رئيس أسبق لقبرص اليونانية : “لقد حبسنا القبارصة الأتراك في الأحياء اليهودية لإجبارهم على الاستسلام والركوع”. وتدخل الجيش التركي سريعا فسيطرت تركيا على رأس الجسر في كيرينيا بالجزيرة بعد 120 ساعة من الانقلاب ومنه سيطرت علي كل أراضي الجزيرة القبرصية إلي أن تدخلت الولايات المتحدة فطلبت من الأتراك عن طريف هنري كيسينجر وزير الخارجية الأمريكي أن تكتفي تركيا بالتواجد والسيطرة علي أراضي تواجد القبارصة الأتراك فكان ذلك ويخضع حالياً 36% من أراضي الجزيرة و52% من سواحلها للسيادة التركية , وظلت قبرص مُقسمة إلي وقتنا هذا وفشلت كل جولات التفاوض حول إعادة توحيد الجزيرة والحديث التركي الآن يتمحور حول حل الدولتين . ومواقف الدول العربية في شأن القضية القبرصية هذه بين مواقف غير مكترثة ومواقف غير واعية بأن اليونان كانت ومعها معظم القبارصة اليونانيين تتجه إلي جعل قبرص كما فعل فيها الصهاينة عندما إستولوا عليها ولهذا سارعت تركيا في التدخل العسكري فهذه اللغة هي الوحيدة التي فهمها اليونانيين فلولا العملية العسكرية التركية ما أمكن لتركيا إنقاذ القبارصة الأتراك أبداً من براثن القبارصة اليونانيين واليونان أبداً الذين يدعمهم الغرب كله خاصة الولايات المتحدة الأمريكية واليونان وإنجلترا وفرنسا الذين يقفون خلف القبارصة اليونانيين حتي في المفاوضات الحالية والدرس المستفاد من الحالة القبرصية هو أنك لابد أن تأخذ حقك بالقوة أولاً ثم فاوض إن كانت المفاوضات ستؤكد حقك وهذا الدرس تطبقه حماس الآن في غزة رغم خيانة وغدر الأخوة أو الذين كان يُعتقد خطأ أنهم كذلك .

رد الفـــعل علي تصريح رئيس جمهورية شمال قبرص التركية :

جاء أول رد فعل علي تصريح رئيس جمهورية شمال قبرص التركية إرسين تتار من صباح الدين إسماعيل (حالياً صحفي في الجزيرة) المستشار السابق لرئيس جمهورية شمال قبرص التركية الأسبق رؤوف دنكتاش فقال : ” إن  الكيان الصهيوني لا يعترف بجمهورية شمال قبرص التركية وتقدم جميع أنواع الدعم العسكري للإدارة القبرصية اليونانية ويُجري مناورات مشتركة مع الجيش اليوناني والطائرات الحربية  الصهيونية تستخدم المطارات اليونانية وتستبعد تركيا من شرق البحر المتوسط

إنه لا يجد كلمات يقولها ضد تصريحات رئيس جمهورية شمال قبرص التركية إرسين تتار “فقد نشرت لعدة أيام قوائم بأسماء العشرات من شركات البناء االصهيونية وأصحابها وآلاف الأفدنة من الأراضي التي اشتروها في الجمهورية التركية لشمال قبرص فهناك منزل تشاباد الذي افتتحوه في جمهورية شمال قبرص التركية وقاموا ببناء حوالي 20 ألف منزل كتبت بالوثائق والعديد منهم أصبحوا مواطنين في جمهورية شمال قبرص التركية واستقروا في الجزيرة كيف لا يعتبرون أعداؤنا وهم يقومون بالإبادة الجماعية في غزة أمام أعيننا ومع ذلك كيف نقول أن الصهاينة  مستثمرون ؟ أن الكيان الصهيوني لا يعترف بجمهورية شمال قبرص التركية ويقدم جميع أنواع الدعم العسكري للإدارة اليونانية التي نحن في حالة وقف إطلاق نار معها ويقوم بتدريبات مشتركة مع الجيش اليوناني وتستخدم الطائرات الحربية الصهيونية المطارات اليونانية وتساءل ألا يدعونا ذلك للقلق  ؟  .

تعليقاً علي ما تقدم كتب يوسف كانلي في 1 أبريل 2024 مقالاً في صحيفة كيبرس ستار التي تصدر في شمال قبرص تحت عنوان “قـــبــرص الــهـــوديــة “وبدأه بتساؤل  نصه : ” ما مدى صحة الافتراض بأن دولة الكيان الصهيوني قد ولدت نتيجة لتغير ملكية الأراضي العربية الفلسطينية من خلال بيعها لليهود مع مرور الوقت؟ ” ولكنه قال “إن اليمين المتطرف المنحرف والمهووس وعناصر أخري يحاولون نشر أوهام معادية للسامية بسبب المنازل التي تم شراؤها وعندما تضاف إلي هؤلاء عناصر المصلحة الذاتية ينشأ عدو وهمي وقضية ويستفيد من ذلك بعض الأصدقاء” ومضي إلي القول ” القوانين المنظمة للقطاع العقاري في شمال قبرص مستمدة من عدة مصادرمنها القانونين العثماني والبريطاني القديم حيث كانت جميع الممتلكات تقريبًا مملوكة للدولة أو النظام الملكي وهناك أيضاً قوانين جمهورية قبرص وأخيراً يتعلق بهذا اللأمر أيضاً فترة الإدارة القبرصية التركية بما في ذلك مراحل الحكم الذاتي والاتحادي وجمهورية شمال قبرص التركية “وواصل فقال  “تجري إدارة جمهورية شمال قبرص التركية حاليًا عملية تنظيم قانوني بشأن هذه المسألة وبناء على ذلك فإن المبيعات التعاقدية ستتضمن بالتأكيد تاريخا وسيتم نقل سند الملكية خلال فترة زمنية معينة مثل 45 يوما وإذا لم يتم تسجيل العقود المحفوظة في الخزائن في السجل العقاري خلال سنة واحدة فإنها تصبح باطلة وبينما يمكن للأجانب شراء شقة أو فدان من الأراضي يمكن أيضاً للمواطنين الأتراك تملك ثلاثة أضعاف هذا المبلغ والموقف الثاني المثير للجدل هو إنشاء شركة مملوكة للقبارصة الأتراك بنسبة 51%، وشراء البضائع ثم نقل ملكية الشركة إلى مستثمر أجنبي وفي هذه الحالة تنتقل جميع أصول الشركة إلى المستثمر الأجنبي دون أي حدود” .

“على الرغم من أنه من الممكن النظر إلى القضية بعنوان مثير هو أن “اليهود يشترون الجزيرة” إلا أنه ينبغي أيضًا أن نرى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في بيع الممتلكات فحسب بل أيضًا في عملية غسيل أموال خطيرة يقوم بها بارونات غسيل أموال الروس   وفي حين قال السيد تتار إن اليهود ليسوا أعداء فقد امتنع عن الإدلاء بتصريحات معادية للسامية بجدية رجل دولة وشدد على أن العمليات الشرطية والقضائية مستمرة وأنه من الضروري التعامل مع المشكلة ضمن الإطار القانوني من خلال وضع لوائح قانونية جديدة” .

“إن التركيز الأساسي لجمهورية شمال قبرص التركية يجب أن ينصب على وضع اليونانيين فيما يتعلق بالتغيرات العقارية ومع ذلك فإن التصميم الأكبر سينصب على تطويرالإجراءات القانونية ضد أدوات غسيل الأموال بإجماع جميع السياسيين تقريبًا وبدعم وتشجيع من الجمهورية التركية وهذا لا ينبغي اختزاله في بساطة في عبارة :”أنهم يبيعون البضائع لليهود” فلا ينبغي أن ننسى أن حقيقة أن سند الملكية ينتمي إلى أجنبي لا يشير إلى أن السيادة على الأرض فهذا الأجنبي لا ينتمي إلى جمهورية شمال قبرص التركية ولا يمكن للشعب القبرصي التركي أن يكون يهوديًا أو محبًا لفلسطين وبينما أرسلت منظمة التحرير الفلسطينية ممثلين واحداً تلو الآخر إلى أنقرة ورئيسنا المؤسس الراحل رؤوف ر. دنكتاش لإنشاء دار للأيتام للفلسطينيين في الجزيرة خلال الفترة الأكثر صعوبة فإن الإجابة المقدمة كانت واضحة للغاية , وقد نقل لي الرئيس الراحل رحمه الله هذا الوضع في أحد أحاديثنا بقوله: “نحن ندعم كافة الحقوق الأصيلة للفلسطينيين في وطنهم بما في ذلك حقهم في إقامة دولة تكون القدس عاصمة لها” لكن القبارصة الأتراك لديهم ما يكفي من المشاكل فلا داعي لاستيراد المشكلة الفلسطينية / الصهيونية إلى الجزيرة”  .

بصفة عامة تنبغي الإشارة إلي أن عبارة : “إن إسرائيل ليست عدونا لكنها تهديد , فهي تأتي للإستثمار في شمال قبرص التركية بينما اليونانيين هم أعداؤنا ” عـــبـــارة تـــعبر عن مكنون السياسة التركية في أنقرة أيضاً فرئيس جمهورية قبرص التركية إن هو إلا رجع الصدي لكل سياسات تركيا في مختلف القضايا وليست القضية الفلسطينية فقط وتأكيداً لذلك أسوق تصريحاً أخيراً له أدلي به في السفارة التركية في برلين نُشر علي موقع SonDakika.com في6 مارس 2024 قال فيه : “إن قبرص والشعب القبرصي التركي جزء لا يتجزأ من الأناضول وتركيا” .

علي أية حال فقد أوردت إذاعة صوت أمريكا باللغة التركية في 27 مارس2024 أنه من المتوقع أن تظهر اللوائح القانونية التقييدية إلى الواجهة في المستقبل القريب فيما يتعلق بمسألة تملك الأجانب للعقارات في شمال قبرص والتي تتبعها تركيا ففي السنوات الأخيرة تم طرح الأساليب المستخدمة في تداول “الأموال السوداء”من قبل أشخاص ذوي مصادر دخل غير معروفة والمعروفين باسم “الأوليجارشية” في روسيا وأوكرانيا على جدول الأعمال ومن المدرج على جدول الأعمال فرض قيود على مبيعات العقارات في جمهورية شمال قبرص التركية في المستقبل القريب من خلال اللوائح القانونية , كما أعلن وزير الخارجية هاكان فيدان خلال اجتماع الميزانية أنه تابع عن كثب مبيعات العقارات للأجانب في جمهورية شمال قبرص التركية عندما كان مديرًا لمنظمة الاستخبارات الوطنية وقال فيدان: “في السنوات الخمس الأخيرة وحدها وتم تقديم ما مجموعه 15 ألف طلب لشراء عقارات في جمهورية شمال قبرص التركية أي ليس من الكيان الصهيوني وحده بل من دول أخرى واحتلت إنجلترا المركز الأول منذ عام 2000واحتلت إيران المركز الأول في السنوات الخمس الماضية وأضاف الوزير فيدان : “كما تعلمون يمكن إجراء مبيعات العقارات لمواطني الدول الثالثة في جمهورية شمال قبرص التركية بموافقة مجلس الوزراء وإننا نثير هذه المخاوف مع السلطات القبرصية لأننا نعترف بقبرص كدولة مستقلة ودولة ذات سيادة”, كما أشارت إذاعة صوت أمريكاVOA  أنه وفقًا للتشريع القانوني في جمهورية شمال قبرص التركية هناك في الواقع قيود على بيع العقارات للأجانب فالشراء يكون بواقع منزل واحد و1 دونم من الأرض وإذا تم تسجيل سند الملكية بعد البيع فيتم ذلك بقرار موافقة مجلس الوزراء وفي السنوات الأخيرة ذُكر أنه بسبب “الفجوة القانونية” فقد تم شراء المزيد والمزيد من العقارات وتم إجراء مبيعات جماعية للمساكن من قبل الأجانب من خلال المحامين المواطنين في جمهورية شمال قبرص التركية وعلى سبيل المثال تم شراء عشرات الأفدنة من الأراضي في منطقة إيسكيلي في فاماجوستا وتم بناء العشرات من المساكن الفاخرة هناك فضلا عن بيع العقارات للأجانب وعلى الرغم من حدوث هذه المبيعات فقد لوحظ أنه لا توجد أرقام رسمية دقيقة نظرًا لعدم بدء مرحلة تسجيل سند الملكية وبالتالي فإن الرقم الذي أعلنه هاكان فيدان بـ 15 ألفًا كان في الواقع أعلى بكثير من العدد الذي تم تداوله , علي كل حال تضيف إذاعةVOA  فإن هناك قلق مشترك من تراكم الممتلكات في أيدي الأجانب بسبب الفجوة القانونية في جمهورية شمال قبرص التركية حيث لا يوجد شرط بيع في نقطة مركزية ومفردة أي في سند الملكية كما هو الحال في تركيا وأن هناك غسيل “أموال سوداء” وراء هذا التراكم للممتلكات .

قال فايز سوجوجلو عضو البرلمان عن حزب الوحدة الوطنية الحاكم في جمهورية شمال قبرص التركية ورئيس الوزراء السابقلإذاعة صوت أمريكا VOA إنه على عكس الرئيس تتار كان قلقًا بشأن مبيعات العقارات للـــصــهـــايـــنــة  فالعقارات التي يشترونها تقع في ما يسمى بالأرض الموعودة لإسرائيل فهم يشترون البضائع في الشمال والجنوب وأعلى المبيعات موجودة في منطقة Iskele في Famagusta وقرية Gaziveren بينما أسعار الأراضي هنا 20 ألف جنيه فهي تقدم أسعارًا مرتفعة جدًا مثل 70 ألف جنيه والناس يبيعونها كما يقومون بشراء الأراضي وبناء شقق من 8 إلى 10 طوابق ثم بيعها وأوضح أنه  “عندما تنظر إلى الرعايا الأجانب من دول مثل روسيا وأوكرانيا وبولندا يمكننا أن نرى أنهم من أصل يهودي” وأشار فايز سوجوجلوأنه على الرغم من أن الأمر قد يبدو موجهًا نحو الربح للوهلة الأولى إلا أن هناك خطر التغيير الديموجرافي في مبيعات العقارات وهناك أيضًا شكوك حول قضية الأموال السوداء مضيفًا: “يجب ألا ننسى أن خطط إسرائيل وجيراننا في الجنوب اليونانيون

أوردت إذاعة صوت أمريكا باللغة التركيةVOA  قول توفان إرهورمان زعيم الحزب الجمهوري التركي وهو حزب المعارضة الرئيسي في جمهورية شمال قبرص التركية بإنه يشعر بالقلق إزاء هذه العملية وأن هناك حصة ملكية أجنبية بنسبة 8 % أو 10 % في منطقة إسكيلي ويُلاحظ أن التسعير هو أيضا مشكلة فقد ارتفعت أسعار المساكن بشكل كبير حتى الإيجار ويتم تحديد أسعار العقارات من خلال القوة الشرائية للروس والصهـــايـــنـــة وقد أصبحنا أكثر فقرا ونعاني من الانقراض وعمـــومـــاً فهذه العملية فيها خطر على سلامة الحياة والممتلكات في الجزيرة”.

متابعة لرد الفعل الإعلامي بشأن المسألة,كتب الأدميرال   Gem Gurdenizفي موقعVERYANSIN TV  بتاريخ 31مارس2024 : ” أثارت الأخبار التي بثتها إذاعة صوت أمريكا التركية خلال الأسبوع مخاوفنا بشأن هذه القضية وبحسب الأخبار فإن الرئيس إرسين تتار ورئيس الوزراء السابق على خلاف بشأن ملكية الأجانب فالرئيس قال: “جاء الأجانب واحتلوا قبرص” لا أصدق هذا وأضاف : “إسرائيل ليست عدوًا لنا لكنها يمكن أن تشكل تهديدًا”وقال رئيس الوزراء السابق سوكو أوغلو: “إنهم (أي الصهاينة) يشترون البضائع في كل من الشمال والجنوب “أعلى المبيعات موجودة في منطقة إيسكيلي في فاماجوستا وقرية غازيفيرين.. عندما تنظر إلى الرعايا الأجانب من دول مثل روسيا وأوكرانيا وبولندا يمكننا أن نرى أنهم من أصل يهودي”وقد لا تكون إسرائيل عدواً مباشراً لجمهورية شمال قبرص التركية ومع ذلك فإن الإبادة الجماعية التي تجري حاليًا في غزة وحقيقة أن إسرائيل لا تمتثل للقانون الدولي والمعايير الأخلاقية بأي شكل من الأشكال تضعهم في مواجهة العالم أجمع ومن ناحية أخرى دعونا نذكركم أن المواطنين الإسرائيليين لديهم اليوم 20ألف مسكن في الجزيرة وأنهم يبذلون جهوداً كبيرة لتنفيذ تدريبات مشتركة وبرامج تسليح لتدريب وتطوير الجيش القبرصي الجنوبي العدو اللدود لتركيا والهوية التركية وأن جنوب وشمال جزيرة قبرص والجغرافيا السياسية الإسرائيلية جزء لا يتجزأ هل هناك ضمان بأن المواطنين الإسرائيليين الذين يشترون عقارات في جمهورية شمال قبرص التركية لن يقفوا ضد جمهورية شمال قبرص التركية وتركيا في سلسلة الأخطاء والاستفزازات التي قد تحدث في الجزيرة في المستقبل وأن إسرائيل لن تستخدم حقها في حمايتهم لأسباب استراتيجية؟ ” .

إن دولة الكيان الصهيوني لا تعترف بجمهورية شمال قبرص التركية لكن الجمهورية الركية تعترف بدولة الكيان الصهيوني وتتبادل معها التمثيل الدبلوماسي , لكن السياسية التركية إزاء الكيان الصهيوني غشيها تغيير ملحوظ منذ بداية تولي حزب العدالة والتنمية السلطة في تركيا في أغسطس عام 2001 , لكن هذا الحزب الإسلامي مازال كغيره من الأحزاب الليبرالية أو القومية أو الإشتراكية مرتبط بثوابت وضعها كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة التي أطاحت بالخلافة العثمانية القائمة علي ثوابت إسلامية محضة  ومن بين هذه الثوابت علاقة تركيا بالغرب والشرق والتي تفرع عنها عضوية تركيا بحلف شمال الأطلنطي وكذا إعتراف تركيا بدولة الكيان الصهيوني ولذلك نجد تركيا تحت قيادة حزب العدالة والتنمية تتخذ بعض السياسات التي تبدو وكأنها صفقة مثل موافقة الحكومة الأمريكية في 27 يناير2024على بيع 40 طائرة مقاتلة جديدة من طراز F-16 لتركيا بقيمة 23 مليار دولارمقابل   تصديق أنقرة على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتأكدت هذه الصفقة عندما رفض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي  منع عملية البيع في الأول من مارس2024على الرغم من المعارضة القوية التي أعربت عن ازدراء عميق لسلوك تركيا كحليف فالسياسة التركية في عهد حزب العدالة والتنمية سياسة عملية وبراجماتية وليست كما يعتقد البعض أنها أخلاقية 100% لأنها تتحرك وفق ثوابت إستجدت علي تركيا بعدما أطيح بالخلافة الإسلامية التركية وهذه الثوابت يتحرك بناء عليها الجميع سواء أقنعته أم لم تقنعه فقد أسسها كمال أتاتورك وهو شخصية خلافية تماماً .

نــــظـــرة عـــامــــة علي الــعلاقــات الــتركـــية / الصــهــيونيـة :

لا يُعتقد بالمرة أن جمهورية شمال قبرص التركية تنتهج سياسة مختلفة عن السياسة التركية مع أي من دول العالم وخاصة دولة الكيان الصهيوني المرتبطة بحلف طاقوي في شرق المتوسط مع اليونان خصم تركيا التاريخي والطبيعي ومعها قبرص اليونانية وكلاهما لديه تعاون إستخباراتي وثيق مع الموساد الصهيوني , وبالتالي فسياسة شمال قبرص التركية لأسباب مختلفة مطابقة لسياسة تركيا إزاء الكيان الصهيوني الذي يعمل أساساً إستخبارتياً في أراضي شمال قبرص لعلمه أنها تمثل نطاقاً إستراتيجياً لأمن تركيا القومي وإمتداد متوسطي له ولابد من تخريبه والتأثير فيه , ومع ذلك وبالرغم من أن حزب العدالة والتنمية التركية وهو حزب يُصنف غالباً علي أنه إسلامي محافظ إلا أن ثوابت السياسة التركية كما سبق وأشرت تُلزم أي حزب تركي أيا كانت وجهته بالعمل بناء عليها , فالعلاقات مع دولة الكيان الصهيونية وفقاً لهذه الثوابت مؤسسة في مارس عام 1949 أي ماقبل ولادة أي حزب إسلامي (الرفاه والعدالة والتنمية مؤخراً) والكيان الصهيوني يدرك طبيعة السياسة التركية وثوابتها ويدرك بنفس القدر أن الأحزاب الإسلامية أو التي لها ميول إسلامية تأنف من العلاقات مع الكيان الصهيوني بسبب تناقضات قيمه وأسسه مع القيم والأسس الإسلامية التي تبلغ حد العداء التاريخي ومع ذلك فلم تكن العلاقات التركية /الصهيونية بمنأي عن الوزن العربي في السياسة التركية حتي إبان فترات الحكم العسكري في تركيا ففي عام 1966خفضت أنقرة علاقاتها مع الكيان الصهيوني إلى أدنى مستوي واتبعتتركيا آنئذ سياسة خارجية أكثر تأييدًا للفلسطينيين وبلغ هذا الإتجاه ذروته باعتراف تركيا بمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1974 والتصويت لدعم قرار الأمم المتحدة الذي يساوي الصهيونية بالعنصرية في العام التالي , ومع هذا التغير النسبي لوزن الكيان الصهيوني في السياسة التركية بدأ الكيان الصهيوني يتجه للتلاؤم مع العسكريين الأتراك فعاد الكيان الصهيوني ليؤسس رسمياً لتبادل السفارات في عام 1991 , فوفقاً للأرقام الصهيونية هناك 75 ألف مواطن صهيوني من أصول يهودية تركية أي من السفارديم .

ولأن الكيان الصهيوني يدرك كل ذلك فهو يعلم تمام العلم أن علاقات حزب التنمية والعدالة التركي خاصة تحت قيادة طيب أردوغان علاقات قائمة علي سبيل الموائمة والمداراة وليس علاقات موضوعية فهي في حدها الأقصي شكلية ولا يؤسس عليها شيئ موضوعي أو ذا قيمة بالرغم من أن دولة الكيان الصهيوني تحاول أن تفتعل ما يؤكد أنها علاقات طبيعية أو يؤُسس عليها فمثلاً في أثناء زيارته لأثينا في 6أبريل 2022تحدث وزير الخارجية الصهيوني يائير لابيد عن “دفء العلاقات” بين كيان الصهاينة وتركيا مضيفا أنها “فرصة مباركة حان وقتها وأن تعزيز العلاقات بين الصهاينة وتركيا سيزيد الاستقرار في المنطقة , لكنه لم ينس أن يشير إلي أن”اليونان والكيان الصهيوني جزء من تحالف استراتيجي إقليمي مهم”وأضاف : “اتفقنا على تعميق وتعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية بين بلدينا ومواصلة العمل بتعاون وثيق” كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في مارس2022 إن زيارة الرئيس الصهيوني إسحاق هرتسوج إلى تركيا كانت “نقطة تحول جديدة”وأن العلاقة بين بلاده والكيان الصهيوني ضرورية للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة وأن تركيا والكيان الصهيوني ستتعاونان في خطط “الطاقة وأمن الطاقة”, ويأتي تصريح وزير الخارجية الصهيوني لابيد قبل الإعلان في 17 أغسطس2022بأن الكيان الصهيوني وتركيا ستقومان بتطبيع العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء وبالفعل فقد قدمت السفيرة الصهيونية الجديدة Irit Lillian أوراق إعتمادها للرئيس التركي أردوغان في ديسمبر وعُين السفير التركي Şakir Özkan Torunlar كقنصل عام لتركيا بعد قطع العلاقات بين تركيا والكيان الصهيوني لأربع سنوات 2022 وكانت العلاقات التركية الصهيونية متوترة على مدى السنوات الـ 12 الماضية قبل هذا الإعلان فالعلاقات كانت مشحونة وكانت القضية الأساسية وراء هذا هي النهج الذي أتبعه الصهاينة تجاه الأراضي الفلسطينية وعلى وجه التحديد سياسته تجاه قطاع غزة والتي تشمل الحصار الصهيوني/ المصري طويل الأمد للمنطقة والتدخلات العسكرية  الصهيونية الدورية ومنذ أوائل العقد الأول من القرن 21 كان حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا راعيًا لحركة حماس التي تحكم غزة وفي عام 2018 خفضت تركيا علاقاتها مع الكيان الصهيوني وطردت السفير االصهيوني من أنقرة بعد أن قتلت القوات الصهيونية 60 فلسطينيًا على حدود غزة خلال احتجاج على نقل إدارة دونالد ترامب السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وردا على ذلك طرد الصهاينة السفير التركي وهو أمر لا تجرؤ أن تفعله أي دولة عربية , ومع ذلك لابد من الإشارة إلي أن أهم سبب لعودة العلاقات التركية/الصهيونية في أغسطس 2022 هوالغاز الطبيعي الذي اكتشفه الصهاينة قبالة سواحل فلسطين المُحتلة في عام 2010ومن بين الأماكن التي يرغب الصهاينة في بيع هذا الغاز فيها هي أوروبا والطريق الأكثر جدوى اقتصاديًا لإيصال الغاز الصهيوني إلى أوروبا هو عبر تركيا وسيحقق البلدان مكاسب اقتصادية ودبلوماسية إذا لعبا دوراً في الحد من اعتماد أوروبا على روسيا في الحصول على الطاقة , ومما يثبت أن المنصة التي تقف فوقها العلاقات التركية / الصهيونية آنية هو ذلك التصريح الذي أدلي به رئيس الكيان الصهيوني إسحاق هرتزوج خلال زيارته لقبرص اليونانية في 2 مارس2022 إذ قال موجهاً كلامه لنظيره القبرصي : ” إن أي محاولة من جانب إسرائيل لتحسين العلاقات المتوترة مع تركيا لن تأتي على حساب “علاقتها الاستراتيجية” مع قبرص المجاورة وأنا أدرك أن الزيارة المقررة الأسبوع المقبل إلى تركيا قد مست وتراً حساساً في قبرص المنقسمة عرقياً والتي تتهم أنقرة بمحاولة وضع الجزيرة بأكملها تحت سيطرتها ولا شيء في زيارتي وما سيترتب على ذلك سيكون على حساب هذه العلاقة الاستراتيجية مع بلدكم”وقال “إن الكيان الصهيوني يسعى إلى تعزيز العلاقات ومتابعة الحوار مع جميع الدول وجميع الأديان بما في ذلك تركيا ” التي وصفها بأنها “جارة مهمة للغاية لنا والتي لها “تأثير كبير على حياتنا في العديد من المجالات” و”علينا… خفض التوتر إن أمكن والمضي قدماً في حوار حقيقي سيشمل بالتأكيد قضايا المناخ والاقتصاد” , قد أعاد رئيس الكيان الصهيوني نفس هذا المعني في زيارة أحري لقبرص في 4 يناير2024 عندما قال في نيقوسيا قبل زيارته لتركيا : ” “إن العلاقة القبرصية / الإسرائيلية هي ركيزة لاستقرار البحر الأبيض المتوسط في الوقت الحاضر ومفتاح لمنطقة مستدامة وصحية ومزدهرة في المستقبل”  .

لم تمنع المصالح القائمة بين تركيا ودولة الكيان الصهيوني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من توجيه تصريحات هجومية لاذعة للكيان الصهيوني بسبب حرب الإبادة الجماعية التي يشنها هذا الكيان علي الشعب الفلسطيني في غــــزة ففي تصريحه هذا في 27 ديسمبر2023قال أردوغان موجها إياه لرئيس وزراء الكيان الصهيوني : “إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يختلف عن أدولف هتلر وشبه الهجمات الإسرائيلية على غزة بمعاملة النازيين للشعب اليهودي وفي حديثه خلال فعالية في أنقرة كرر أردوغان أيضًا انتقاداته للدعم الغربي لإسرائيل مضيفًا أن تركيا مستعدة للترحيب بالأكاديميين والعلماء الذين يواجهون الاضطهاد بسبب آرائهم بشأن الصراع في غزة , وهي تصريحات قوية جداً لم ينطق بها مسؤل عربي البتة .

في تقديري أنه حتي لو إستطاعت تل أبيب بمفردها أو ومعها تركيا في ظل حزب العدالة والتنمية أو أي حزب قومي أو مع الحزب الجمهوري الأتاتوركي فإنها ستكون علاقات محكوم عليها بأن تصل في نهايتها لسقف نهائي إرتفاعه أدني من ذي قبل لا تتجاوزه لأسباب رئيسية أهمها ذلك التحالف الطاقوي مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط فهناك شراكة استراتيجية رئيسية بين الكيان الصهيوني واليونان وقبرص اليونانية وكذلك العبث الإستخباراتي الذي يمارسه الكيان الصهيوني في جمهورية شمال قبرص التركية بشراء الأراضي والعقارات التي بقرب أو جوار المناطق والقواعد العسكرية التركية وما يعنيه ذلك من معان وتوجهات صهيونية عدائية وتخريبية معاً وأخيراً ذلك التمدد الجيوسياسي الذي إستطاعت تركيا تحقيقة والذي أعان تركيا علي فتح أسواق وإختراق مصلحي لصالح إقتصادها وصل حتي قطر علي الخليج العربي والصومال علي المحيط الهندي وخليج عدن والتأثير في في مجالات جيوسياسية من نطاقاتها روسيا وأوكرانيا والدول المتحدثة بالتركية كل ذلك وغيره كثير منح تركيا وزنا جيوسياسي غير مسبوق جعلها في غير حاجة لدولة كالكيان الصهيوني أخترق دفاعاتها بكل يسر مجموعة من المقاتلين الأشداء البواسل في 7 أكتوبر 2023 وأحالوا جيشها الذي ضخمته آلة دعائية منذ تأسيس هذا الكيان في15 مايو1948 إلي جيش من جيوش جمهوريات الموز بل أدني, وبالتالي فإن تركيا اليوم ليست تماماً تركيا الأمس بالحسابات الجيوسياسية ناهيك عن القوة العسكرية والإنتاج العسكري والقوة الديموجغرافية فحزب العدالة والتنمية ساعد علي رأب كثير من الفجوات الديموجرافية بين الأتراك وبالتالي قلل من الإهتزازات المجتمعية نسبياً وكانت تلك من أوجه ضعف تركيا , فالصهاينة لا يعملون بقوة إلا في مجتمعات مريضة أو هـــشــة , ولهذا فهم تواقون للخلاص من حكومة قوية كالتي في تركيا تحت قيادة حزب التمية والعدالة والصهاينة يعملون علي إضعاف تركيا سواء بحزب العدالة والتنمية أو بدونه ويعمل ممولاً لأداء هذا الغرض دويلة كالإمارات لا تجيد إلا التعامل التمويلي فقط فقد سبق لها ومولت الأحزاب المعارضة لحزب العدالة والتنمية في الإنتخابات لإخراجه ولم تفلح وهي تعيد ما فعلت علها تنجح فيسعد الكيان الصهيوني .

رئيس جمهورية شمال قبرص التركية يصوب تصريحه :

لما تقدم عرضه بشأن العلاقات التركية الصهيونية تنبغي الإشارة إلي أن الرئيس التركي لم يتماه مع السلوك السياسي للكيان الصهيوني خاصة فيما بعد عملية طوفان الأقصي في 7 أكتوبر2023 وما تلاه من إعلان الكيان الصهيوني الحرب علي غزة علي لسان رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو , فقد صرح الرئيس التركي ونقلت وكالة رويترز تصريحه في 10 أكتوبر2023 فقال ” إن أمريكا أرسلت حاملة طائرات أقرب إلى الكيان الصهيوني لارتكاب مذبحة في غزة وانتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  الولايات المتحدة لنقلها مجموعة حاملة طائرات هجومية إلى مكان أقرب إلى إسرائيل قائلا إنها سترتكب “مجازر خطيرة” في غزة وعلقت وكالة رويترز فقالت أن الصراع في غـزة يأتي في الوقت تعمل فيه تركيا التي دعمت الفلسطينيين في الماضي واستضافت أعضاء من حماس ودعمت حل الدولتين للصراع على إصلاح العلاقات مع الكيان الصهيوني بعد سنوات من العداء .

كذلك فعل رئيس جمهورية شمال قبرص التركية الذي لابد أيضاً من الإشارة إلي أن العبارة التي صرح بها وقال فيها : “إن إسرائيل ليست عدونا , لكنها تهديد فهي تأتي للإستثمار في شمال قبرص التركية بينما اليونانيين هم أعداؤنا ” اُخرجت من سياقها أنه كان يتحدث عن عمليات مشبوهة لبيع ولشراء الأراضي في شمال قبرص التركي وقوله أن الخوف لو كان المشترين من اليونانيين أعداء الأتراك الألداء مع أن الصهاينة هم الآخرين يمثلون خطراً لا يقل عن خطر اليونانيين لأنهم سبق لهم بعمليات شراء معظمها مشبوهة إستولو علي فلسطين من أهلها وهاهم يقومون وفقاً لما أثير وتردد في صحافة تركيا وشمال قبرص بعمليات شراء مماثلة بالقرب من قواعد عسكرية تركية وهو ما يشكل خطر علي جمهورية شمال قبرص التركية وتركيا معاً فحلفاء الصهاينة هم اليونان والقبارصة اليونانيين وكلاهما مرتبط بتعاون إستخباري مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة خصوم تركيا , ولذلك إستغل رئيس جمهورية شمال قبرص التركية إرسين تتار فرصة إنعقاد منتدي أنطاليا الدبلوماسي ADF في 3 مارس 2023 فأدلي بتصريح لوكالة الأناضول للأنباء قال فيه  : “بصراحة أنا قلق بشأن مستقبل العالم بسبب هذا الوضع” ثم إنتقد الحرب الصهيونية على قطاع غزة واتهم القوى العالمية الكبرى وخاصة الغرب بـ “المعايير المزدوجة” في الفشل في وقف “المذبحة” التي يرتكبها الصهاينة ضدالفلسطينيين وقال ما نصه :”عندما نفكر في مجزرة غزة، نرى كيف أن بعض القوى الكبرى في العالم لديها معايير مزدوجة ونفاق وكيف يمكنها أن تفعل أي شيء لإبادة جيل من خلال الإبادة الجماعية دون إظهار أي رحمة من أجل المصالح التي تتصورها” وأدان الهجوم الصهيوني على حشد مدني ينتظر المساعدات في القطاع المحاصر قائلا إن مقتل أكثر من 30 ألف شخص في غزة منذ 7 أكتوبر “غير مقبول” وأشار إلى أن مجازر مماثلة لتلك التي ارتكبها الكيان الصهيوني في غزة ارتكبها اليونانيون ضد الأتراك في قبرص منذ الستينيات مما يدل على التجارب المماثلة التي واجهها الشعب القبرصي التركي في الماضي ثم قال : “إن النهج القائل بأن المجازرلا تحدث في العالم الحديث تم فضحه من خلال مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص في غزة، حتى بعد مرور 100 عام على الحرب العالمية الثانية ” .

تـــــقــــديـــــر مـــــوقـــــف :

أعتقد أن حكومة جمهورية شمال قبرص التركية ماضية في إتخاذ موقف تصحيحي لمسألة الملكيات العقارية في نطاق جمهورية شمال قبرص التركية من منظور حماية الأمن القومي خاصة وأن هذه الجمهورية الوليدة تقوم القوات المسلحة التركية بحمايتها منذ الغزو التركي للجزيرة في يوليو/ أغسطس 1974 فقواتها المسلحة مازالت بعد ناشئة والأراضي و /أو العقارات التي يشتريها الصهاينة وفقاً للمعلومات المتوافرة مجاورة أو بقرب القواعد والمناطق العسكرية للجيش التركي الذي يعد لقوته البشرية والتسليحية أقوي جيوش الشرق الأوسط خاصة مع تقدم تركيا في التصنيع العسكري ولهذا فهو هــدف إستراتيجي للمخابرات الصهيونية والأمريكية واليونانية معاً , وأعتقد أنه علي التوازي ستقوم الحكومة التركية في أنقرة بنفس هذا الموقف التصحيحي من زاوية صيانة الأمن القومي التركي , فالحكومة التركية تعلم تمام العلم أن الأمن القومي التركي في مختلف القضايا (الأراضي / الأحزاب / التعليم / الإعلام / المجتمع / الدين ألخ ) متُستهدف من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة .

لــنا أن نستفيد في بلادنا العربية من هذا الحدث الخطير والمؤثر علي أمن بلادنا القومي فالصهاينة يستهدفوننا أيضاً وللاسف لهم أذرع حرة في دولة الإمــــارات يمكنها بسهولة أن تخترق إقتصادياتنا من قناة الإستثمار وتملك الأراضي والعقارات خدمة للصهاينة فلا إختلاف أبداً بين صهاينة العرب وصهاينة الكيان الصهيوني في تل أبيب مع خطورة الصهيوني العربي وعموماً فالمفاضلة بينهما تكاد أن تكون معدومة بفضل إتفاقيات إبراهام وإتفاقيات التطبيع الثلاث الرئيسية : كامب ديفيد / وادي عـربة / أوسلو فالختراق السياسي تم بقي الإختراق الأمني والمجتمعي وكلاهما شــــر مُســـتـطـــيــر .

إن حرية التشريع غير الخاضع للمعايير المهنية الأصـــيــلة التي تواضع عليها فقهاء القانون القدامي , هذه الحرية التي يتشدق بها ويرغب فيها القادة السياسيين الذين يقبضون علي السلطة في منطقة الشرق الأوسط لغرض ما في نفس يــعــقــوب بالإضافة لمحدودية تعــليــمهم تعد العامل الرئيسي في الإختراق المتوقع لإقتصاد دول المنطقة والذي يستهدف هؤلاء المخترقون منه أولاً الإستحواذ علي أو تملك الأراضي والعقارات أو الأصول الثابتة تــمــهـيــداً لتكرار متوحش لـــعـــهــد إســـتـعـــمـــاري لدول وشعوب  تدعي أنها مـــســــقـــلة وذات ســــيــــادة .

الـــــــســـــــفـــــيــــر : بـــــلال الــــمــــصــــري –

حصريا المركز الديمقراطي العربي – الـــقـــاهــــرة تــحـــريـــراً في 4 أبريل 2024

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى