الشرق الأوسطعاجل

الكتلة الكبرى ومسارات تشكيل الحكومة المقبلة في العراق

الباحث السياسي: محمد كريم جبار الخاقاني. ماجستير دراسات دولية. جامعة بغداد.

  • المركز الديمقراطي العربي

 

منذ اعلان النتائج الخاصة بالإنتخابات التشريعية في 12-5-2018 وما تلاها من عملية طعن تقدمت بها بعض الكيانات السياسية التي لم تقبل بتلك النتائج التي تمخضت عنها الانتخابات,  انحصرت مسارات تشكيل الحكومة المقبلة بين كتلتين تسعى كل منهما لتكوين الكتلة الكبرى داخل البرلمان الجديد , وقبل الدخول في مسارات تشكيل الحكومة والتحالفات بين الكتل السياسية ,لا بد من توضيح لآلية تشكيل السلطة التشريعية في العراق.

إذ يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للإنعقاد وبموجب مرسوم جمهوري , خلال فترة خمسة عشر يوماً من تأريخ المصادقة على نتائج الإنتخابات العامة التي تنتهي مدتها القانونية في 3-9-2018, وتعقد جلسة مجلس النواب برئاسة اكبر الاعضاء سناً لغرض إنتخاب رئيس للمجلس ونائبيه, ولا يجوز التمديد لأكثر من المدة المذكورة[1], ويكون الإنتخاب بالاغلبية المطلقة وبالإنتخاب السري المباشر[2], وبعد \ذلك ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية وباغلبية ثلثي عدد اعضائه[3], وفي حالة عدم حصول اي من المرشحين على الاغلبية المطلوبة يتم التنافس مرة اخرى بين المرشحين الذين حصلوا على اعلى الاصوات في الجولة الاولى ويتم اعلان الرئيس ممن يحصل على اكثرية الاصوات في الاقتراع الثاني[4].

ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الكبرى الاكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء خلال مدة زمنية لا تتجاوز خمسة عشر يوماً من تأريخ إنتخاب رئيس الجمهورية[5], وبعدها يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف , تسمية اعضاء وزارته خلال فترة زمنية اقصاها ثلاثون يوماً من تأريخ تكليفه[6].

ولأن العملية السياسية يجب ان تمضي وفقاً لتلك الاعراف الدستورية , كان لا بد من تشكيل الكتلة الكبرى داخل قبة البرلمان الجديد وتكليف مرشحها لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة, وهنا تتجاذب الساحة العراقية تنافساً حاداً بين كتلتين كل منهما تسعى الى إعلان نفسها الكتلة الكبرى التي لها الحق بتشكيل الوزارة المقبلة.

هاتان الكتلتان بحقيقة الامر , انعكاساً للصراع الدولي والإقليمي في العراق, وبالتالي فهما تعبران عن تبني موقف دولي واقليمي لكل منهما, وفي هذه الورقة البحثية نقدم رؤية لما يجري في الداخل العراقي والتنافس بين الكتلتين لإعلان الحكومة الجديدة.

المحور الأول الساعي بقوة لتشكيل الوزارة القادمةيتألف من تحالف الفتح ودولة القانون والمحور الوطني وبعض اعضاء قائمة النصر مع ترجيح كبير لإنضمام التحالف الكردي اليه , ليمثل مكونات الشعب العراقي الرئيسة فيه وهي الشيعة والسنة والكرد.

من معطيات الامور يبدو هذا المحور مدعوماً من الدول الإقليمية وعلى رأسها ايران وتركيا وقطر وبالتالي فهو يمثل الدعم والإسناد الدولي من قبل روسيا والصين بسبب تنوع مكوناته وتعدد مذاهبه وبالتالي يمكن ان يكون هذا المحور انموذجاً لقيادة العراق في المرحلة المقبلة مع طرحه فكرة الأغلبية السياسية , ويضم هذا المحور ابرز القيادات الشيعية مثل زعيم دولة القانون نوري المالكي وهو رئيس وزراء سابق تولى الحكم لدورتين متتاليتين وكذلك يضم هادي العامري قائد بارز في الحشد الشعبي ووزير سابق ومرشح من قبل تحالفه لتولي رئاسة الوزراء ويضم ايضاً الشيخ قيس الخزعلي زعيم عصائب اهل الحق وهي احدى تشكيلا الحشد الشعبي وبعض اعضاء من تحالف النصر مثل فالح الفياض وزير الامن الوطني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ومرشح لتولي الوزارة, هذا من الجانب الشيعي وابرز قياداته , اما فيما يخخخص المكون السني , فيضم المحور عدد من قيادات السنة وابرزهم اسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية وخميس الخنجر والكربولي والجبوري , اما الجانب الكردي في حالة انضمامه الى المحور فيضم ابرز قيادات الكرد المتمثلة بالحزبين الرئيسن فيه وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الإتحاد الوطني الكردستاني وبعض القوى الكردية الأخرى, ومع وجود تلك الاسماء في القائمة , نجد بإن المحور قريبا من تشكيل الحكومة وتجاوز النسبة العددية المؤهلة لتشكيل الكتلة الكبرى داخل اسوار البرلمان الذي سوف يُعقد في مدة اقصاها يوم 3-9 مع دعوة الرئيس معصوم لإنعقاد جلسة مجلس النواب بعد تصديق النتائج من قبل المحكمة الإتحادية, وبالتالي ستتغلب التوجهات الإقليمية الداعمة لهذا التشكيل وبالخصوص من طرف ايران وتركيا على حساب المحور الامريكي .

المحور الثاني يضم كتلة سائرون بزعامة السيد مقتدى الصدر وهي الكتلة الفائزة بالإنتخابات التشريعية التي تم تنظيمها في 12-5 الفائت بمقاعدها 54 وكذلك تضم الكتلة تيار الحكمة بزعامة السيد عمار الحكيم بمقاعده 19 وقائمة النصر برئاسة السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء الحالي والطامح لتجديد ولايته لفترة اخرى,وكذلك تضم الكتلة السيد اياد علاوي زعيم تيار الوطنية وكذلك تضم بعض الاسماء السنية المؤثرة ومنها صالح المطلك .

لقد نجح هذا المحور الرباعي من عقد اجتماع في فندق بابل تمخض عن تشكيل نواة الكتلة الكبرى في البرلمان القادم مع امكانية انضمام قوى اخرى له ليكون بذلك الطرف المرشح لتشكيل الحكومة القادمة من وجهة نظر اعضاؤه , ‘ذ يؤمن المحور الرباعي بالفضاء الوطني وتشكيل الإلبية الوطنية لتمثل كل مكونات الشعب العراقي في الحكومة المقبلة,ويحظى المحور الرباعي بدعم دولي ولا سيما من قبل الولايات المتحدة الامريكية التي تقود حملة مكوكية لبحث امكانية تشكيل الحكومة لهذا المحور والتسويق له على إعتبار انه قد نزع عنه الدعم الايراني وبالتالي تتطابق التوجهات الامريكية في المنطقة الحالية مع فرض العقوبات الاقتصادية على كل من ايران وتركيا مع توجهات قادتها الذين يريدون الابتعاد عن منطقة النفوذ الايراني والتقرب اكثر من الدائرة العربية المتمثلة بالمملكة العربية السعودية والامارات.

ومع تلك الرؤى والتصورات لتشكيل الحكومة الجديدة في العراق, نجد بإننا امام صراع متجدد , دولي واقليمي وبالتالي قد تكون الكتلة الكبرى التي ستكون العنوان الابرز داخل اسوار البرلمان الجديد , إذ ستكون  الكلمة الفصل لتشكيل الحكومة عبر تحشيد العدد الاكبر من نواب الكتل  ليُعلن الطرف الفائز بتشكيل الوزارة المقبلة في العراق مع بدء العد التنازلي ليوم إنعقاد المجلس النيابي  الجديد في 3-9, هل ستكون لمشروع الإغلبية السياسية وفوز تحالف القانون والفتح ام سيكون تشكيل الحكومة من قبل مشروع الإغلبية الوطنية وفوز تيار سائرون والحكمة.

[1]ينظر في ذلك المادة (54) من الدستور العراقي لسنة 2005.

[2] ينظر في ذلك المادة (55) من الدستور العراقي لسنة 2005.

[3] المادة (70) اولاً من الدستور العراقي لسنة 2005.

[4] المادة (70) ثانياً من الدستور العراقي لسنة2005.

[5] المادة ( 76) اولاً من الدستور العراقي لسنة2005.

[6] المادة (76) ثانياً من الدستور العراقي لسنة 2005.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى