عاجلمقالات

كاتالونيا وحلم الاستقلال : هل تراجعت الديمقراطية في اسبانيا ؟

 

 بقلم : سامية بن يحي  – ماستر إدارة دولية / الجزائر

  • المركز الديمقراطي العربي

 

تشهد اسبانيا اليوم أكبر أزمة سياسية قد تعصف بمصير وحدتها منذ عودة الديمقراطية  فيها على اثر التوتر الحاصل بين الحكومة الإسبانية المركزية ، والحكومة الكاتالونية المؤيدة للإنفصال خاصة بعد تأكيدها لضرورة استقلال إقليم  كاتالونيا عن اسبانيا ، وإجراء استفتاء تقرير المصير الذي شهد يوم الأحد 1 /10/ 2017  اشتباكات ، وأعمال شغب استخدمت بموجبه الشرطة الاسبانية الرصاص المطاطي  أدى إلى  إصابة  مايقارب 100  شخص ، وقد وصفت الأحداث بالكارثة السياسية التي ستؤثر على سمعة اسبانيا الديمقراطية على أنها دولة ترفض الديمقراطية ،

  • فهل يؤدي استقلال كاتالونيا فعلا إلى تراجع الديمقراطية في اسبانيا ؟

تعود جذور رغبة الكاتالونيين في الانفصال عن اسبانيا إلى  600 عام ، وتصاعدت حدة الأزمة بعد الانتخابات التي أجريت عام 2015 ، التي حصلت بموجبها الأحزاب الانفصالية في منطقة كاتالونيا على 23 % من الأصوات مقابل 47.8 % لحركة الاستقلال .

منذ ذلك  الحين جاء إصرار حكومة كاتالونيا على إجراء الاستفتاء ، والتأكيد عليه  رغم رفضه من قبل حكومة مدريد ، والقضاء الاسباني الذي اعتبره  استفتاء غير شرعي ، وحذر من دخول اسبانيا في أزمة سياسية قد تعصف بوحدة البلد مستقبلا مؤكدا أن الدستور الاسباني ينص على الوحدة.

أهمية كاتالونيا وتأثير قرار الانفصال على اسبانيا

تقع كاتالونيا شمال شرق اسبانيا ، وهي من بين المناطق 17  التي تتمتع بحكم ذاتي في اسبانيا عاصمتها برشلونة ، وتضم أربع مقاطعات برشلونة ، جرونا ، لاردة ، طراغونة ، تبلغ مساحتها حوالي 32.106 كيلو متر مربع ، وتحتل المرتبة السادسة في اسبانيا من حيث المساحة ، كما تتمتع بسلطة تشريعية تتجسد في برلمان كاتالونيا ، والذي يتكون من 135 نائب يمثلون المقاطعات الأربع ، ويقطنها 7.5 مليون من السكان .

وتعتبر كاتالونيا إحدى ركائز الاقتصاد الاسباني من حيث الصناعة ، والسياحة، إذ تساهم  بـ : 20% من الناتج الداخلي  الخام  لإسبانيا  مايعادل خمس الاقتصاد الاسباني ، فهي غنية بالثروات ، كما تعتبر منطقة عبور لذلك ترفض الحكومة المركزية وآلاف الاسبانيين انفصالها .

كما أن انفصال كاتالونيا عن اسبانيا يعزز رغبة الحركات الانفصالية التي قد تمتد إلى باقي دول أوروبا .

الدوافع الحقيقية للانفصال

يمكن حصر أسباب إصرار كاتالونيا على الانفصال في  مجموعة من الدوافع الاقتصادية ، والسياسية

1 –الدوافع  الاقتصادية : تتمثل في اتهام الانفصاليين بتزايد فضائح الفساد ، وفشل الحكومة في إدارة الاقتصاد خاصة بعد الأزمة الاقتصادية الأخيرة هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى غياب العدل في التنمية ، وتوزيع الثروة خاصة وأن إقليم كاتالونيا يمثل خمس الاقتصاد الإسباني .

2 – الدوافع السياسية : حسب تصريحات أحزاب الانفصال معاناة الإقليم من غياب المساواة ، والعدل في تقاسم السلطة

لذلك أكدوا على ضمان التعددية ، وتعزيز الديمقراطية . تنامي عامل الهوية الكتالانية وشعورهم بالاحتلال و القمع خاصة في فترة حكم فرانكو.

ردود داخلية ودولية بعد الاستفتاء

أدى رفض  الحكومة الاسبانية المركزية لقرار الانفصال  إلى إرسالها تعزيزات أمنية في  المنطقة لمنع إجراء الاستفتاء ، ومصادرة الشرطة ، وقوات الحرس المدني نحو 10 ملايين بطاقة اقتراع  في المقابل قامت  سلطات كاتالونيا  بإقامة نحو   2300 مركزا للاقتراع ، وأكدت أن الكثير من الكاتالونيين يرغبون في إجراء الاستفتاء ، وقد صرح كارلوس بيغديمونت الذي يترأس الإقليم حاليا  قبل الاستفتاء  يجب أن نتحاور ، يجب أن نبدأ مفاوضات غير مشروطة ، إنها أمنية جميع الكاتالونيين ، الذين يريدون التصويت ، والقيام بذلك في إطار حوار ، وبموجب اتفاق ” في حين يرغب الكثير من الكاتالونيين في إجراء استفتاء قانوني بموافقة الدولة الإسبانية حول حق تقرير المصير خاصة وأن  المنطقة تمثل 16 % من سكان اسبانيا.

وبعد الأحداث العنيفة التي واكبت  يوم الاستفتاء ، ومصادرة الشرطة لصناديق الاقتراع ،من جهة استخدام العنف لمنع الاستفتاء بحجة تطبيق القانون  تزايد الغضب الكاتالوني ، حيث اتهم رئيس إقليم كاتالونيا حكومة مدريد بالاستبداد وما قامت به من عنف مناهض للديمقراطية  وأصر في تحد جديد للحكومة المركزية على إعلان نتائج الاستفتاء مؤكدا مشاركة 90 % لصالح الاستفتاء ، و2.26 مليون شخص صوتوا من بين 42 % من ناخبي الإقليم ، وأنه ماض قدما لإعلان الاستقلال في غضون أيام أقصاها أسبوع .

في المقابل أكد الملك الإسباني ، والحكومة المركزية على رفضها للاستقلال ، واعتباره غير قانوني ، والتأكيد على وحدة اسبانيا .

وقد صرح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جونكير في حديث سابق بثه عبر موقع اليوتيب ” إذا تم التصويت بنعم في استفتاء استقلال كاتالونيا ، فسوف نحترم هذا الرأي ، لكن كاتالونيا لن تتمكن في هذه الحالة من الانضمام لعضوية الإتحاد بعد يوم واحد من انتهاء الاستفتاء . غير أن هذا التصريح  لم يلبث طويلا فسرعان أبدى الاتحاد الأوروبي تراجعه عن دعم الانفصال ، ودعى بضرورة الحوار لحل الأزمة ، والابتعاد عن العنف .

في حين أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بدوره على ضرورة  إبقاء وحدة اسبانيا .

أمام هذا الوضع المتأزم  وإصرار  سلطات كاتالونيا على إعلان الاستقلال مما يضع وحدة اسبانيا على المحك هل تستطيع الحكومة الاسبانية إدارة هذه  الأزمة بذكاء  ، ومنع استقلال كاتالونيا ؟ .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى