الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

متغيرات و تداعيات في اتفاق التعاون الاستراتيجي بين السعودية وباكستان

بقلم : ا. د.هاني الحديثي – متخصص في شؤون باكستان واسيا

  • المركز الديمقراطي العربي

 

تقديم :

وقعت المملكة العربية السعودية و دولة باكستان اتفاقا للتعاون الاستراتيجي اثر لقاء قمة بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان و رئيس وزراء باكستان شريف بعد انتهاء قمة قطر للبلدان العربية والإسلامية الذي انتهى بتوصيات غير ملزمة ، وياتي هذا المقال ج 2 مكملا للمقال ج 1 المنشور على عدد من المنصات يمكن الاطلاع عليه من الرابط ذيل المقال رقم (1) .

السؤال الذي يفرض نفسه هنا :

ماهي تداعيات هذا التحالف الاستراتيجي اقليميا و دوليا ؟ بدءا اجد من الأهمية الإشارة إلى تصريح وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف يوم 19.09.2025 اي بعد توقيع الاتفاقية بيومين ان اتفاقية الدفاع المشترك التي وقعت بين البلدين تجعل السعودية تحت مظلة الاستخدام المشترك للقدرات النووية الباكستانية ، وان ذلك يمكن ان يتوسع ليشمل بلدان إسلامية اخرى ليحقق دفاعا مشتركا للدول الاسلامية .

هذا يعني ان السعودية صارت تستظل بالقدرات النووية الباكستانية التي هي قدرة ردع نووي، و هذا الحال يعفي السعودية من ضرورات العمل لامتلاك قدرات نووية تضعها تحت طائلة قوانين حضر الانتشار النووي .

أثارت الاتفاقية تعقيبات وتعليقات وردود فعل واسعة لدى الصحافة الغربية و الاسرائيلية وفق الرابط الملحق بهذا المقال رقم (2) ماتقدم يثير تساؤلا موضوعيا عن موقف السعودية في حال تكرار نزاعات عسكرية مستقبلا بين باكستان والهند في وقت تتمتع فيه السعودية بعلاقات واسعة وايجابية مع الهند ؟

نحاول هنا بإيجاز قراءة تحليلية للموقف . سبق للمملكة السعودية ووقعت على اتفاق انشاء طريق مرور تجاري استراتيجي مع الهند (الممر الاقتصادي )موازي لطريق الصين الاستراتيجي من اسيا عبر الخليج ووسط اسيا برا وبحرا (الطوق والطريق)نحو العالم .

الممر الاقتصادي يبدأ من ميناء موندرا في الهند ليذهب بحرا نحو دولة الإمارات وعبر البر السعودي إلى ميناء إيلات الاسرا ئيلي من خلال الأردن ثم نحو أوروبا و العالم . مشروع الممر الاقتصادي تم بتشجيع ومبادرة أمريكية خلال اجتماع قمة الدول العشرين الذي انعقد في دلهي بحضور جميع الدول المعنية في العاشر من سبتمبر 2023 بحضور المفوضية الأوروبية والإدارة الأمريكية . هذا الممر حينها عد سياسة استفزازية للصين بقدر ماهو استفزاز للعالم العربي في ضل اشتعال حرب غزة .

مجىء ترامب على راس الإدارة الأمريكية وزيارته التاريخية للسعودية وبلدان الخليج ومنها دولة الإمارات الموقعة على الممر الاقتصادي للطاقة والتجارة فضلا عن قطر شكلت مرحلة فاصلة للعلاقات الخليجية مع الولايات المتحدة تتضمن ضمانات أمنية أمريكية لها ودعما للمشروع الأمريكي بمساعي تطويق المشروع الصيني فضلا عن دفع للسعودية نحو مساعي التطبيع مع اسرائيل. العدوان الاسرائيلي على قطر بموافقة ترامب رغم نفيه بعلمه( وهو نفي لايصدقه العقل والمنطق ) وضعت حدا فاصلا بين اليقين والشك بمدى مصداقية إدارة ترامب في تعهداتها لبلدان الخليج توفير مظلة أمنية استهدفت بالدرجة الأساسية التهديدات الإيرانية التي سبق وانتجت عدوانا ايرانيا على قاعدة عيديد الأمريكية لتشكل خرقا واعتداءا على سيادة دولة قطر رغم العلاقات المتطورة بين البلدين ، الأمر الذي جعل المعادلات الاقليمية والدولية تبدأ بالتغير .

السعودية شهدت تطورات واسعة في العلاقات مع الصين منذ انشاء العلاقات الدبلوماسية بينهم في يوليو /تموز 1990م لتاخذ تدريجيا تطورات شملت جميع الميادين الاقتصادية والعسكرية والثقافية حتى وصل الأمر بهما للتوقيع على اتفاقيات استراتيجية عام 2022 في إطار زيارة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ للسعودية في 7 ديسمبر منه حيث وقعت شركات سعودية وصينية 34 اتفاقية استثمارية، وشملت الاتفاقيات قطاعات في مجالات: الطاقة الخضراء والهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية الكهروضوئية وتقنية المعلومات والخدمات السحابية والنقل والخدمات اللوجستية والصناعات الطبية والإسكان ومصانع البناء بل وتشير المعلومات الى اتفاق بينهما لاستثمار المناطق الشمالية من المملكة التي تتوافر على كميات ضخمة من اليورانيوم . . في 20 نوفمبر 2023 وقع البنك المركزي السعودي ونظيره الصيني (بنك الشعب الصيني)، اتفاقية ثنائية لتبادل العملات لمدة 3 سنوات، وبقيمة تصل إلى 50 مليار يوان صيني (بما يعادل تقريباً 7 مليارات من الدولارات .

ان هذا المستوى من تطوير العلاقات بين البلدين و الموازية لتوقيع اتفاقيات مماثلة بين الصين وكل من الإمارات العربية وايران والكويت للسنوات ال 25 المقبلة بذات الفترة ، فتح المجال للصين لتشمل هذه الدول مجتمعة بخارطة الطوق والطريق الاستراتيجي نحو العالم .

هذا الأمر جعل الولايات المتحدة تخشى من تراجع هيمنتها في بلدان الخليج العربي في وقت ازداد اهتمامها بتطويق الدور الصيني وهو الأمر الذي قادها لإقامة شبكة من العلاقات وتوقيع اتفاقية أمنية مع بلدان حليفة مثل بريطانيا و استراليا لتشمل نيوزيلاند في حلف أوكوس (AUKUS) ، ثم توسعت لتشمل الفلبين واليابان والهند عبر منظمة كواد( Quad) والتي تعني (الحوار الأمني الرباعي بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند) والذي تم احيائه في مانيلا عام 2017 و سعت الولايات المتحدة من خلاله لتطويق الدور الصيني في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادي ضمن مساعيها لتعزيز الخلافات التقليدية بين الهند والصين .

لذلك كانت الاستدارة الأمريكية نحو الشرق الأوسط والخليج العربي لتلافي نتائج ماتقدم من سياسات تخل باستراتيجياتها في المناطق الشرق اوسطية . لقد نجحت الإدارة الأمريكية في استعادة الدور السعودي والخليجي عبر الممر الاقتصادي انف الذكر ثم التوقيع على العديد من الاتفاقيات مع بلدان الخليج العربي في زيارة ترامب لبلدان الخليج العربي لتؤكد سعيها لمنع اي نفوذ صيني جيوسياسي في هذه العقدة الاستراتيجية والعمل على ان تكون خالصة تحت النفوذ الأمريكي دون منافس وهو النفوذ المدعوم بشبكة من القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في عموم منطقة الشرق الأوسط ومحيطها الاقليمي . بيد ان ماحدث مؤخرا من سلوك أمريكي انتهازي مطابق تماما للمنهج الاسرائيلي عبر العدوان الاسرائيلي على قطر عدا مااعلنه ترامب عن موافقته او علمه المسبق بالضربة الصاروخية التي شنتها ايران على قاعدة عيديد لتحقق خرقا لسيادة دولة قطر و ليشكل ذلك منهجا امريكياً في التفريط بسيادة وأمن اصدقائها الخليجيين مقابل تحقيق مقاصد أمريكية في الصراع على النفوذ الاقليمي بين ايران واسرائيل وتداعياته عربيا وعالميا ، مما أدى الى زرع الشك في أهداف الإدارة الأمريكية أتجاه برنامج الطريق الاقتصادي بين الهند و حيفا من جهة ، و تراجع سعودي عن فكرة التطبيع مع اسرائيل بعد ان أبدت استعدادها سابقا لمناقشة الأمر شرط موافقات وضمانات اسرائيلية بإقامة الدولة الفلسطينية على كامل الضفة الغربية وغزة بعاصمتها القدس الشرقية وفق القرارات الدولية ذات الصلة ، والناتج عما أظهره نتنياهو امام الجمعية العامة للأمم المتحدة من خريطة تشكل دون ريب مساعي الكيان الاسرائيلي في إقامة اسرائيل الكبرى التي تشمل ثلث الأراضي السعودية فضلا عن الأردن وسوريا والعراق ولبنان .

في ضوء ماتقدم فأن طبيعة التحالفات الصينية مع الباكستان لاعتبارات استراتيجية تعزز موقف باكستان في التوقيع على اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع السعودية ضمن إطار التغلغل الناعم للصين في الخليج العربي ،بيد ان ذلك يثير من جهة اخرى مسائل اخرى ذات صلة تتعلق بالعلاقات السعودية مع كل من ايران والهند . قدر تعلق الأمر بالهند فان حضورها الفاعل في قمة شنغهاي الأخيرة واستعدادها لتعميق وتطوير العلاقات مع الصين وروسيا خلاف الإرادة الأمريكية ، يمكن ان يطرح سيناريو تلعب فيه السعودية دورا في الوساطة لتهدأة الموقف بين الهند وباكستان وربما كذلك بين الصين والهند فتكون بذلك منسجمة مع ماتم التوقيع عليه من اتفاقية استراتيجية مع باكستان من جهة، وتستمر بعلاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الهند من جهة اخرى .ان ذلك يمكن ان يعطي السعودية دورا اقليميا اكبر في جنوب اسيا وشرقها دون إغفال واقع العلاقات المتطورة بين الهند واسرائيل فضلا عن العلاقات المتطورة بين الصين واسرائيل لكنها لن ترتقي باي حال الى مستوى ادنى من العلاقات المصيرية بين اسرائيل والولايات المتحدة .

بعبارة اخرى فإنها شبكة علاقات تبادل منافع ومصالح اعتمادية متبادلة . اما مايتعلق بايران فان كلا الدولتين السعودية والباكستان لهما علاقات إيجابية( غير متوازية ) مع ايران بسبب الحساسيات الناتجة عن الدور الإيراني اتجاه كلا الدولتين رغم مايبدو من مساعي لتطوير العلاقات بينهم ،ومستقبل العلاقات مع ايران يتوقف على مسالتين مهمتين:

الاولى :مستقبل التعاون الايراني مع المنظومة الغربية والولايات المتحدة سلبا او ايجابا .

الثانية:مصداقية التوجه الايراني في تخفيض عناوين التوتر والتدخل بالشأن الداخلي مع كلا البلدين سواءا لدى مساحات النفوذ السعودي في الخليج العربي وسوريا ولبنان واليمن ،أو مساحات التنافس بين باكستان وايران في افغانستان وإقليم بلوجستان التي تشهد عناصر توتر مستمرة وإيواء او دعم جماعات مسلحة بالضد من الطرف الاخر رغم العلاقات الثنائية التي شهدت التوقيع على اتفاقيات عديدة بين البلدين خلال زيارة الرئيس الايراني مسعود بازشكيان لإسلام آباد قبل شهر واحد من الان ، فضلا عن الحساسية الباكستانية من ترجيح ايران لعلاقاتها مع الهند وموقفها المتذبذب من النزاع الهندي -الباكستاني في اقليم كشمير . كلا من الاحتمالين معرض للتغير تبعا لطبيعة المتغيرات الاقليمية والدولية خاصة ان ايران تعتمد سياسة ذرائعية غير مأمونة ولا تستند على حد مقبول من الثوابت في علاقاتها الخارجية . لكن في حالة استقرار ايران عند سيناريو وقف التدخل بالشأن الداخلي لبلدان الجوار انطلاقا من موقف عقائدي (مبدأ تصدير الثورة الإسلامية ) واعتمادها منهج مختلف يفضي الى تعزيز العلاقات مع الشرق (روسيا والصين) فان آفاق التعاون معها من قبل السعودية والباكستان يمكن ان تشهد آفاق اوسع في حال استمرار السعودية بسياسة الأمر الواقع والذهاب نحو تطوير وتعزيز العلاقات مع الشرق خلافا لإرادة إدارة ترامب المتذبذبة او كحد معقول وفق مانتوقع من توازن في العلاقات بين الشرق والغرب وهو المنهج الأقرب للقيادة السعودية وهي تسعى بجد للعب دور إقليمي كقوة اقليمية فاعلة في الوسط الاقليمي و الدولي بذات القدر الذي سيمكن باكستان من لعب دور اكثر فاعلية كقوة اقليمية و نووية كبرى في بلدان جنوب غرب اسيا .

ان هذه السيناريو يتوقف على مجموعة متغيرات أهمها:

اولا: المتغير في السياسة الأمريكية اتجاه قضايا الشرق الأوسط وإعادة جسور الثقة مع اصدقائها وحلفاؤها وهو من وجهة نظري امر غير مستقر وغير موثوق به كونه يخضع لسياسات تظهر شي وتخفي ماهو اخطر بدليل حقيقة الموقف الأمريكي من الاعتداء على قطر ، و الكذب الذي يمارسه ترامب اتجاه حرب الإبادة الجماعية لاسرائيل في غزة وموقفه من حل الدولتين وفق القرارات الدولية وإسناده للتوسع الإسرائيلي في الضفة الغربية ، وتكرار الحديث المتناسق مع نتنياهو في السيطرة على غزة وتحويل القطاع الى مجال واسع لاستثمارات الشركات الأمريكية بهدف السيطرة على بحر الغاز الممتد من سواحل غزة شمالا نحو سواحل لبنان وسوريا ، وهو وفق مايبدو مسعى مشترك أمريكي -اسرائيلي يبرر دعم ترامب لاستمرار حرب اسرائيل في قطاع غزة وإلغاء دور السلطة الوطنية الفلسطينية او تهميشه .

ثانيا:المتغيرات التي يمكن ان تطرأ على سلوك ومواقف القوى الآسيوية وهنا اركز على مدى وطبيعة الفرص لاستمرار الهند في تطوير علاقاتها مع الصين وروسيا من جهة، وابتعادها عن المنهج الأمريكي نسبيا في مساعي تطويق الصين في المحيط الباسفيكي وجنوب اسيا . من المهم هنا ايضا التطرق الى الدور التركي . تركيا الدولة المهمة جيوبولتيكيا في حلف الأطلسي ولديها علاقات دبلوماسية مع اسرائيل لكنها تمر بحالة أزمات مستمرة معها لأسباب عديدة منها مشكلة غزة وأيوائها لمقرات عدد من قيادات وعناصر من حماس، وهي تشعر أيضا بمخاطر جدية تهدد وحدتها السياسية بسبب المشروع الإسرائيلي الشرق أوسطي الذي يشمل تركيا ، الأمر الذي يجعلها تشعر بالتهديد لأمنها القومي ووحدة الأراضي التركية .

من جانب آخر فان تركيا حليف استراتيجي مع باكستان ولديهما العديد من الاتفاقيات في مجالات الامن والتصنيع العسكري والاهتمامات المشتركة في وسط وجنوب اسيا تجلى ذلك في موقف تركيا الداعم بشكل مطلق للباكستان في جولة المعارك الأخيرة بين الهند والباكستان والتي اندلعت في 24 ابريل /نيسان 2025 . نجد من الأهمية في هذا الاطار الإشارة إلى ان البلدين ارتبطا بمجموعة من الاتفاقيات والشراكات في مختلف المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية حيث وقع البلدين على 24 اتفاقية تعاون ثنائية ضمنها اتفاقية لتأسيس مصنع مشترك لإنتاج مقاتلة الجيل الخامس (فان) التركية لتعزيز القدرات الدفاعية المشتركة .

لقد تم التاكيد على الشراكة الاستراتيجية بينهما خلال زيارة رئيس الوزراء الباكستاني شريف إلى تركيا في الخامس والعشرين من مايس 2025 في ضل الاتفاقيات على التعاون المشترك في مجالات الدفاع والامن ومختلف المجالات الأخرى . كذلك فان تركيا دولة عضو في منظمة شانغهاي ودعمت باستمرار دولة أذربيجان ذات العلاقات المتوترة مع ايران في صراعها مع ارمينيا ذات العلاقات الإيجابية مع ايران . أن تركيا من جانب آخر تسعى لتطوير علاقاتها مع محيطها العربي خاصة سوريا وبلدان الخليج العربي وليبيا لتتنافس مع ايران في صراع النفوذ ، وهي (ايران)لديها مواقف داعمة لحزب (آلبي كه كه ) قبل حل جناحه العسكري مؤخرا في شمال العراق وعلى الحدود التركية .

لذلك فأن تفاعل هذه العوامل مجتمعة ينتج لنا شعورا تركيا بأهمية التنسيق والتعاون مع السعودية وقطر فضلا عن مصر الأمر الذي يمكن ان ينتج عنه مشتركات اتجاه التهديدات الأمريكية-الاسرائيلية لبلدان المشرق العربي وهو الأمر الذي يمكن ان ينتج عنه توافقات عربية-تركية -باكستانية اتجاه المشاريع المطروحة في الشرق الأوسط تستطيع الصين عبرها ان تجد لها طريقا نحو المشرق العربي ، وعبره نحو العالم ضمن مشروع الطوق والطريق الاستراتيجي .

ان ماتقدم من متغيرات ومواقف متفاعلة يمكن ان تنتج موقفا مشتركا يصب بالنتيجة لصالح التغيير في النظام الدولي نحو تعددية مراكز الاستقطاب كخيار مطروح على ارض الواقع . في ضوء ماتقدم نستطيع بناء المشاهد التالية:

اولا: مشهد قيام تكتل عربي -إسلامي أقطابه كل من الباكستان النووية والسعودية وتركيا وهو مشهد يذهب لصالح المشروع الصيني و الروسي في اعادة النظر بمناطق النفوذ لصالح نظام دولي متعدد في مراكز الاستقطاب .

العقبات امام هذا المشروع تتمثل في الاعتراضات الأمريكية و المشكلات القائمة في العلاقات الهندية-الباكستانية ، ومساعي ايران لتقويض اي اتفاق ينال من حضورها في الشرق الاوسط .

ثانيا :المشهد الثاني يتمثل في نجاح كل من السعودية وتركيا وباكستان في الحفاظ على علاقات متوازنة بين الشرق والغرب دون المساس بجوهر وواقع المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة ولكن دون التفريط بالمصالح الاستراتيجية مع الصين وروسيا .

هذا المشهد يمكن ان يحضى برضى نسبي امريكي-غربي في حال التوافق معهم اتجاه مستقبل ايران وسياساتها التدخلية في المشرق العربي ووسط اسيا ،وتحقيق السلام مع اسرائيل وفق القرارات الدولية، وهنا يمكن لمصر ان تلعب دورها الداعم بحكم قدراتها وتاثيرها الاقليمي في حين تبقى الدول والأنظمة العربية الأخرى في المشرق العربيد هامشية التأثير بسبب غياب الاستقرار الداخلي لديها وتداخل قراراتها وسلوكها السياسي مع سياسات خارجية اقليمية رغم أهمية موقعها الجيواستراتيجي (العراق نموذجا) .

وهو المشهد المرجح لدينا .

المشهد الثالث:انفراط التوجهات نحو إقامة تكتل عربي-إسلامي لصالح الولايات المتحدة الراغبة لان تكون القوة المهيمنة الوحيدة على عموم الشرق الأوسط . هذا المشهد وفق رؤيتنا يتعارض ومعطيات الواقع على الارض وتطور الدور الصيني والروسي دون ثمن على الولايات المتحدة ان تدفعه في أوكرانيا و تايوان وبحر الصين الجنوبي . لذلك ارى ان السلوك الأمريكي متعدد المعايير والذي يكاد يفقد مصداقيته اتجاه الاصدقاء في الخليج العربي والعالم من خلال الاندفاع المتهور لصالح اسرائيل وفق ماحدث حتى الان يجد فرصته ضعيفة .

استنتاج أساسي :المملكة العربية السعودية يبدو انها صارت تحت مظلة الردع النووية الباكستانية وفق مقاسات الردع المتوازن ، و التي من جانبها تجد في السعودية و تركيا اجنحة جيوسياسية و بشرية حيوية لأمنها القومي في مواجهة التفوق الجغرافي والبشري الهندي، يعزز من ذلك تحالفها مع الصين مما يمنحها دورا اقليميا فاعلا اكبر في محيطها الاقليمي دائم التوتر فضلا عن امتداد دورها إلى منطقة جنوب غرب اسيا ووسطها ، بذات الوقت الذي تجد السعودية فضلا عن تركيا تتفاعلان بايجابية تحت المظلة النووية الباكستانية كعنصر ردع متوازن و الذي هما بأمس الحاجة له دون القدرة على امتلاكه لأسباب تتعلق بالموقف الدولي من حضر الانتشار النووي وفق مقاسات ومعايير المنظمة الدولية لحضر الانتشار النووي ،و في ضل تهديدات نووية من قبل اسرائيل وكذلك ايران الساعية للحفاظ على برنامجها النووي .

ان هذه المظلة النووية تحقق قدرا من الردع النووي دون ان يعني بالضرورة استخدامه فعليا للصعوبات المعروفة على صعيد الامن والسلم الدوليين .

وبناءا على ماتقدم فان جميع الاحتمالات نحو فرص التغيير في التوازنات الاقليمية والدولية تصبح متاحة و ممكنة .

1-https://iraqi-forum2014.com/committees-ar/political-science/p1992025/ 2-http://nabdapp.com/t/161079522

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطي العربي

مؤسسة بحثية مستقلة تعمل فى إطار البحث العلمي الأكاديمي، وتعنى بنشر البحوث والدراسات في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية والعلوم التطبيقية، وذلك من خلال منافذ رصينة كالمجلات المحكمة والمؤتمرات العلمية ومشاريع الكتب الجماعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى