عاجلمقالات

التعددية الدينية والتسامح..البحرين نموذجا

 

بقلم:  العلامة السيد محمد علي الحسيني

الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان

هناك مساعي محمومة ومشبوهة من ألفها إلى يائها تهدف للإيحاء بأن الإسلام يعادي التعددية الدينية والتسامح و يرفضها، حيث أنها تبني على أساس المواقف والممارسات والنهج المتطرف و الذي فيه الکثير من الاشکال الشرعي من جانب التنظيمات الإرهابية وهذا بحد ذاته يعتبر خدمة مجانية کبيرة يقدمه هذا البعض لهٶلاء المعادين للإسلام و المسيئين له بالأفكار والآراء المتطرفة التي ليست من الإسلام في شيئ.

عند مراجعة النصوص الشرعية من القرآن الکريم والأحاديث النبوية الشريفة و کذلك عند إلقاء نظرة على تاريخ العالم الإسلامي، يٶکد حقيقة ثابتة لامجال لإنکارها أبدا وهي أن الإسلام کان وسيبقى مهدا وأيکا للتسامح والتعددية الدينية، وأن تصدي العديد من العواصم و الاوساط والشخصيات الإسلامية لهذا الأمر، ينبع من يقينها بأن الإسلام کان حاضنا وحافظا وراعيا للتعددية الدينية کما کان آجما ونبعا للتسامح الديني بأرقى وأجلى صوره.

الآية  القرآنية الکريمة المشهورة والمعروفة للعالم کله:” ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن.”، هي آية محکمة والآية المحکمة کما يصفها الله سبحانه وتعالى في محکم کتابه الکريم:”فيهن آيات محکمات هن أم الکتاب”، أي أن أساس القرآن مبني على هکذا آيات، ولهذا فإننا نرى من حقنا الشرعي الکامل اعتبار أي تشکيك في التسامح الديني في الإسلام بأنه دس وتدليس وتشويه وتحريف مرفوض من وجهة  النظر الإسلامية بهذا الخصوص، بل وإن هناك آية أخرى تذهب بعيدا في روح الصفح والتسامح في الإسلام حيث تقول:” ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم”، ولانعتقد بأن الآية الکريمة تحتاج إلى ثمة شرح أو إضافة.

هذه المقدمة ذکرناها ونحن تشرفنا بالمشارکة في المٶتمر الذي عقد في العاصمة البلجيکية بروکسل في الاول من حزيران  حيث حظي برعاية مملكة البحرين و عاهلها المخلص الأمين لشعبه ولدينه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وبحضور وإشراف الدكتور الشيخ عبدالله بن احمد ال خليفة ، وقد يتساءل البعض عن سبب وسر رعاية مملكة البحرين وملکها الحريص على شعبه لهکذا مٶتمر، فإننا ندعوا العالم کله ليطلع على کيفية التعايش السلمي بين الأديان في هذا البلد حيث نجد الکنائس المسيحية والمعابد اليهودية إلى جانب المساجد والحسينيات بما تشکل معا زخرفة وقوس قزح ديني إنساني رائع لا يبعث على الأمل والتفاٶل فحسب  وانما يرسخه في النفوس ويجعل منه أمرا واقعا، خصوصا وأن جلالة الملك هو بنفسه يرعى وبصورة مباشرة وبشکل مستمر لقضية التعددية الدينية و روح التسامح الإسلامي في مملكة البحرين مٶکدا بذلك على أصالة هذا النهج وکونه نفس النهج والأسلوب الذي مارسه آباؤنا و أجدادنا منذ أکثر من 14 قرنا.

هذا المٶتمر قامت مملكة البحرين برعايته لتثبت وتٶکد کذب وزيف کل تلك الدعاوي المشبوهة والمزاعم الضالة المضلة التي تسعى للنيل من إسلامنا الحنيف ومن الحکومات الوطنية في بلدان المنطقة بالادعاء أنها تقف ضد التعددية الدينية و التسامح وهو کذب مفضوح لا غبار عليه، ذلك أن آباءنا وأجدادنا قد عاشوا في ود و محبة وتآلف وتسامح مع اخوانهم من الديانات والمذاهب المختلفة دونما أي تبعيض أو تفريق.

مٶتمر الأول من حزيران، في الحقيقة و الواقع هو تجسيد وانعکاس لما هو موجود على الأرض، بل هو محاکاة الواقع البحريني وإستنطاقه کي يصبح أکثر من دليل ومستمسك عملي حي بوجه الذين يزرعون الخبث والحقد والکراهية حتى هدوا هذه الفسيفساء الإجتماعية النموذجية، لکن وکما کانت على مر الزمان نموذجا مثاليا وحيويا للتعايش السلمي بين الأديان والطوائف فإنه بعون الله وفضله و رعاية البحرين ملکا وحکومة وشعبا ستبقى على مر الأجيال کالطود الشامخ الذي تتهاوى أمامه کل الدعوات و المخططات المشبوهة.

 

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى