احتراما لشهداء غزة مالم يكن بالإمكان قوله قبل الان

بقلم : الدكتور هاني الحديثي – المركز الديمقراطي العربي
طيلة الفترة الماضية ومنذ انطلاق (طوفان الأقصى) يوم السابع من اكتوبر قبل اكثر من سنتين ونحن نتابع ونتفاعل ولانجد أمامنا إلا التفاعل مع طبيعة مجريات المشهد دون ان نذهب صراحة إلى نقد المشهد لحساسية القضية الفلسطينية واهميتها الحيوية ،بل وجهنا اهتمامنا نحو نقد الموقف العربي أنظمة وشعوب لما وجدناه من تهاون واحيانا مايمكن عده مشاركة للكيان الاسرائيلي عن قصد او بدونه في ارتكابه لجرائم الإبادة الجماعية بحق شعب غزة وعموم فلسطين الصابر على البلاء . الان والبنادق تكاد تتوقف (ولو مؤقتا ) رغم تأكيدات ترامب بانه وقف دائم للحرب وإحلال للسلام ، نجد ان هناك العديد من المؤشرات لابد من التركيز عليها في ضوء المواقف والتصريحات المتتالية لامين عام حركة حماس السيد خليل الحية التي أثارت وتثير العديد من الاستفهامات عن حقيقة ومبررات ماجرى .
يصر خليل الحية الأمين العام لحركة حماس في كل ظهور له على تاكيد ارتباطه بعجلة الولي الفقيه ومن خلاله حركة حماس الإسلامية بحكم الارتباط العقائدي بين حركة الإخوان المسلمين و سلطة ولاية الفقيه الإيرانية وهو يكرر تقديم الشكر والثناء لايران والمقاومة (الإسلامية) في لبنان والعراق واليمن ، ونتذكر كيف انه سارع بدون انتظار اثر الهدنة الاولى إلى الطيران نحو ايران ليعلن هناك تقديم مااطلق عليه (النصر العظيم ) هدية للقيادة الإيرانية دون تحسب منه انها هدنة مؤقتة سياتي بعدها دمار شامل يتحمل وحركته ومن يدعمه نتائجها ، ودون تقدير منه لدماء الشهداء ونواح الثكالى والأيتام وهي ماتزال حارة تنبض على ارض غزة وتحت ركام الدمار لم يسع انتشالها بعد . السيد خليل الحية يتجاهل حقيقتين تفرضان نفسهما فرضا على الواقع الفلسطيني والعربي :
الاولى : يتجاهل خليل الحية في تقديمه الثناء للفصائل الولائية لايران في بلدان المشرق العربي ملايين المهجرين والنازحين من السوريين والعراقيين و اللبنانيين واليمنين بسبب تلك الفصائل الموالية لايران في البلدان العربية ذات الصلة و التي ارتكبت ابشع جرائم الإبادة الجماعية بحق شعوب سوريا والعراق ، بذات الوقت يتجاهل دماء ثلاثة مليون شهيد عراقي وسوري ذبحوا على يد هذه الفصائل عدا تدمير مدنهم الكبرى مثل حلب و نينوى والأنبار والقصير وحماه وصلاح الدين ، وكل منها اكبر مساحة وسكانا من قطاع غزة شهدت من الدمار على يد هذه الفصائل ماشهدته غزة على يد الكيان الصهيوني .
الثانية :يتجاهل خليل الحية ان البلدان التي تعيد إعمار غزة كلما تم تدميرها بسبب قرارات ارتجالية من قبل حماس ومنظمات رديفة لها كالجهاد الإسلامي هي البلدان العربية وتحديدا البلدان الخليجية وليست ايران التي يكيل لها المديح مرة تلو الأخرى. بذات الوقت الذي يتجاهل انه والقيادة السياسية معه لحماس يقيمون في فنادق دولة عربية توفر لهم الدعم والحماية والمال وانه حركة حماس وقيادتها كانت تستلم تلك المساعدات الضخمة من تلك الدولة الخليجية عبر ضابط ارتباط اسرائيلي .
رغم تقديرنا وتعاطفنا ووقوفنا إلى جانب قضيتنا الأساسية وهي القضية الفلسطينية إلا اني اجد من الإنصاف المرور على مسائل مهمة تعصف ذهن كل عربي وفي المقدمة منها : اولا :إذا كان خليل الحية ومعه حماس يعتقدون انهم قد أحيوا القضية الفلسطينية امام الرأي العام العالمي (وهي حقيقة دون ادنى شك ) مما دفعه تحت دواعي حقوقية و إنسانية للضغط على حكوماته لاقرار الاعتراف بحق الدولتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة فاني اذكره ان حل الدولتين ليس ابن اليوم وهو بالتالي ليس نتاج القرار الخاطىء يوم السابع من تشرين /اكتوبر 2023 تحت شعار طوفان الأقصى ، انما هو ابن القرار 181 لعام 1947 في إقامة دولتين عربية و اسرائيلية ، كما ان القرار 242 لعام 1967 اثر حرب الخامس من حزيران دعى إلى انسحاب اسرائيلي من الضفة الغربية وسيناء والجولان لتبقى الضفة الغربية وقطاع غزة تحت ادارة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وهو المشروع العملي الذي طالما رفضته حماس تحت شعار التحرير الكامل لفلسطين من النهر إلى البحر ضاربة عرض الحائط بكل الوقائع والمعطيات والمتغيرات في المحيط العربي والدولي .
ثانيا :ان هجمات حماس تحت شعار طوفان الأقصى أدى إلى تعاطف دولي واسع مع حقوق الشعب العربي الفلسطيني دون ادنى شك كما اسلفنا ، ولكن استثمار نتائجه لصالح الاعتراف الدولي الاخلاقي في الجمعية العامة للأمم المتحدة انما جاء نتيجة جهود حثيثة قادتها المملكة العربية السعودية وفرنسا وتكللت باعتراف 160 دولة في الجمعية العامة بحق إقامة الدولتين .
ثالثا : ان طوفان الأقصى كلف الشعب العربي الفلسطيني ربع مليون شهيد وجريح فضلا عن دمار 90./.
يحتاج كحد ادنى 90 مليار دولار لإعادة بناءها ستتحمل البلدان الخليجية بشكل خاص كلفها دون ان تتحمل ايران دينارا واحدا فيها الأمر الذي ادى عبر جهود عربية وإسلامية الى جانب ترامب في اجتماع شرم الشيخ إلى وقف مؤقت لإطلاق النار على ان تليه خطوات يؤدي تطبيقها إلى نزع سلاح حماس وحرمانها من ادارة قطاع غزة الذي سيكون تحت ادارة عربية ودولية ايران ليست ضمنها كونها السبب في تشجيع حماس على ذلك الطوفان الذي خدمها في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة تحقيقا لمقاصدها القومية .
رابعا: ان طوفان الأقصى أدى إلى طوفان إيراني – اسرائيلي وقوى اقليمية اخرى مثل تركيا و إثيوبيا على مجمل الشرق الأوسط وخاصة المشرق العربي ضمن جهودهما لتقاسم النفوذ على المشرق العربي والشرق الأوسط وبالتالي فان خليل الحية هو شريك في هذا الطوفان الذي كان من تداعياته تدمير للنسيج العربي ومنظومته القومية . النتيجة الطبيعية التي نصل لها من ارض الواقع وليس من الشعارات و العنتريات الخطابية ان حماس اتخذت قرارها الذي نعتقده أساء التقدير شأنه شأن القرار الخاطىء بقرار غزو الكويت عام 1990 مع اختلاف الأطراف من حيث الطبيعة ، لتقدم خدمات كبيرة لكل من الكيان الاسرائيلي و ايران في مساعيهما لتحقيق مشروعيهما الإقليميين على حساب المشروع القومي العربي ، وان الضحية لهذا القرار هو الشعب الفلسطيني والوطن العربي وان حماس بنت لنفسها انفاق استراتيجية حمت بها نفسها وتركت مليوني فلسطيني فوق الارض يتعرضون لدمار هائل وإبادات جماعية. هنا نتسائل ؛ ماذا لو انها سخرت تلك الإمكانيات الضخمة لبناء غزة بدلا من الإنفاق التي صارت على جدول التدمير الذي وافقت عليه حماس ضمن مشروع ترامب مقابل تأمين حياة قادتها ومقاتليها بعد الاتفاق على سلام دائم للقطاع الذي مايزال بالانتظار ؟؟؟.
السؤال للسيد خليل الحية ومن يشاركه الرأي من الكتاب وغيرهم : مالذي حققته قيادتكم لحركة حماس وفصا ئل الجهاد الإسلامي من منجزات بعد موافقتكم على كل ماتم طلبه منكم ترامب ووافق عليه نتنياهو من شروط غير ماتم ذكره انفا ؟
اليس الوقت والموقف قد حان لاتخاذ قرار بإعادة توحيد فصائل الوحدة الفلسطينية بعد ان تم توظيفكم لشق صفوفها. وتدمير وحدتها منذ عام 2005 حتى الان ؟
أم انكم تصرّون على ان تكونوا ضمن الأجندة الإيرانية لتقييم الموقف في المفاوضات الإيرانية -الأمريكية ؟؟؟
كان الله في عون مليوني فلسطيني يهيمون على وجوههم طلبا للماء والخبز بعد ان دمرت مدنهم . الرحمة والخلود لشهداء غزة وفلسطين .