الدراسات البحثيةالمتخصصة

التنافس الأمريكي- الصيني في منطقة القرن الأفريقي منذ عام 2013: دراسة في الأهداف والآليات

American-Chinese Rivalry in the Horn of Africa Since 2013: A Study of Objectives and Mechanisms

اعداد : إسلام سعيد عواد سالم , أسماء سليمان مصطفى جندي , فاطمة محمد عبدالشافي محمد , مريم إبراهيم أحمد محمد , منى شريف المداح تاج الدين  – إشــــراف : أ.د. عادل عنتر زعلوك – كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية- جامعة الإسكندرية – مصر 

  • المركز الديمقراطي العربي

 

مُستخلص:

تتناول هذه الدراسة التنافس الأمريكي الصيني في منطقة القرن الأفريقي من خلال منهج استقرائي يقوم على أساس استخلاص الأنماط والتوجهات الحاكمة لهذا التنافس في منطقة القرن الأفريقي بمفهومها الضيق -التي تضم به أربع دول وهي(إثيوبيا، جيبوتي، إريتريا، الصومال) وبدأت الدراسة بتعريف مفهوم التنافس الدولي ومحدداته، بما يتناوله من معرفة (الصراع الدولي، النزاع الدولي، التنافسية الدولية) كمفاهيم متداخلة مع مفهوم التنافس الدولي، والتعرف على منطقة القرن الأفريقي وأهميتها الاستراتيجية النابعة من: موقعها الجغرافي بين ثلاث قارات: آسيا وأفريقيا وأوروبا، تواجدها على خليج عدن والمحيط الهندي، وإشرافها على ممرات دولية كما تمتع المنطقة بثروات معدنية وموارد طبيعية متنوعه.

تناقش الدراسة الأهداف والمصالح القومية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية في المنطقة وذلك بالتركيز على أبعاد ثلاثة للأهداف والمصالح وهي: السياسي الاستراتيجي والاقتصادي والعسكري، حيث تهدف الولايات المتحدة الأمريكية  من وراء تواجدها في المنطقة إلى استعادة دورها القيادي العالمي وتأمين خطوط التجارة الدولية والتواجد العسكري لمراقبة التهديدات الأمنية في المنطقة باعتبارها جزء من الأمن القومي الأمريكي، بينما تسعى الصين وراء تواجدها في المنطقة إلى تعزيز سياسة ( صين واحدة) كاستراتيجية لتهميش تايوان في المحافل الدولية، كما تسعى إلى تعزيز وجودها الاقتصادي في المنطقة من خلال مبادرة ( الحزام والطريق) وتعزيز وجودها الأمني في المنطقة من خلال تواجدها العسكري، ونظرًا لأن التنافس لا يقتصر على هذه الأبعاد فقط بل يتضمن في جوفه مظاهر لهذا التنافس وتُركز الدراسة على الحروب التجارية كمظهر من مظاهر التنافس الاقتصادي بين القوتين في المنطقة، والقواعد العسكرية كمظهر من مظاهر التنافس العسكري في المنطقة.

مُـقدمة الـدراسـة :

يمثل التنافس الأمريكي- الصيني  أحد أهم القضايا التي تشغل المتخصصين في حقل العلاقات الدولية؛ إذ حرص الباحثون بالتزامن مع بدايات الصعود الصيني على تناول هذا التنافس  بالدارسة والتحليل من أجل بيان دوافعه والتنبؤ بمآلاته المستقبلية، لاسيما في ظل التصاعد غير المسبوق في حدة التنافس بين القوتين وتشعبه ليشمل مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والتقنية، ذلك فضلًا عن اتساع نطاقه  الجغرافي الذي بات يمتد من آسيا شرقًا إلى أمريكا اللاتينية غربًا، وجدير بالذكر أن عودة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” إلى البيت الأبيض يمكن أن تمثل تحولًا فارقًا في مستقبل التنافس بين واشنطن  وبكين لما لترتيب الصين على قائمة أولويات صانع القرار الأمريكي من انعكاس مباشر على تطور هذا الملف؛ إذ تشكل الصين في تصور الإدارة الأمريكية الحالية الخصم الأول الذي ينبغي التصدي له وتطويق نفوذه في المناطق المختلفة حول العالم من أجل ترسيخ الهيمنة الأمريكية العالمية، وهو الأمر الذي يتنافى مع تصور بكين التي تسعى إلى صياغة نسق دولي متعدد الأقطاب يفسح لها المجال لمزيد من التمدد الاقتصادي والسياسي.

تحظى منطقة القرن الأفريقي بأهمية جيوسياسية وجيواقتصادية بالغة، وذلك لما لموقعها الاستراتيجي من تأثير مباشر على المصالح الحيوية للقوى الكبرى؛ حيث تتحكم دول القرن الأفريقي في عدد من المنافذ البحرية التي تمثل شرايين للتجارة العالمية كالبحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، ذلك فضلًا عن إشرافها على مضيق باب المندب الذي يُعد المحطة الأولى لمرور النفط من الجزيرة العربية إلى دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وهي بذلك  تُعد نقطة اتصال بين شرق العالم وغربه من ناحية، وشمال العالم  وجنوبه من ناحية أخرى.

كما تتجلى الأهمية الجيواقتصادية للقرن الأفريقي فيما يحويه من ثروات نفطية ومعدنية جعلته موضع اهتمام من جانب القوى الكبرى؛ حيث تكتسب الرقعة الجغرافية الممتدة في الصومال وإثيوبيا وجيبوتي وإريتريا أهميتها من أهمية أفريقيا، على الاعتبار أن الدول الأربعة آنفة الذكر تمثل مدخلًا للقارة الأفريقية التي طالما سعت دول العالم عبر التاريخ لإيجاد موطئ قدم فيها، وهي لم تتوان في ذلك عن التكالب على ثرواتها  والاستفادة منها لخدمة مصالحها.

تسعى هذه الدراسة بشكل أساسي إلى الوقوف على أسباب التنافس الأمريكي-الصيني في القرن الأفريقي وبيان أهم ملامحه، وهذا في ضوء التعريف بمفهوم ومحددات التنافس في العلاقات الدولية، وكذلك توضيح المقصود بمنطقة القرن الأفريقي بما تحظى به من أهمية اقتصادية وجيوسياسية بالنسبة للقوتين المتنافستين، بالإضافة إلى التعرض لأهم المصالح القومية الأمريكية والصينية في المنطقة، وما لها من انعكاس على صياغة مظاهر التنافس بين الدولتين بطبيعتيها الاقتصادية والعسكرية، انتهاءً باستعراض أهم النتائج التي توصلت إليها الدارسة.

أولًا: مشكلة البحث:

تُمثل منطقة القرن الأفريقي إحدى أبرز ساحات التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارها القوة الكبرى عالميًا، والصين، باعتبارها القوة الصاعدة الساعية إلى إعادة تشكيل النسق الدولي. ويأتي هذا التنافس في ظل تقاطع الطموحات والمصالح الأمريكية مع الاستراتيجية الصينية في المنطقة، مما يثير تساؤلات حول أسبابه ومظاهره والهدف المرجو منه.

ومن هنا، تتمحور المشكلة البحثية حول تساؤل رئيسي هو: ما أهداف وآليات التنافس الأمريكي-الصيني في منطقة القرن الأفريقي؟

ويندرج تحت هذا التساؤل مجموعة من التساؤلات الفرعية تتمثل في:

  1. ما المقصود بالتنافس الدولي؟ وما أبرز محدداته؟
  2. ما المقصود بمنطقة القرن الأفريقي؟ وما أهمية المنطقة بالنسبة للولايات المتحدة والصين؟
  3. ما الأهداف القومية التي تسعى كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين لتحقيقها في منطقة القرن الأفريقي؟

٤. ⁠ما الآليات التي تستخدمها كل من الولايات المتحدة والصين لتعزيز نفوذها في المنطقة؟

٥. ⁠ما أهم مظاهر التنافس الأمريكي الصيني في منطقة القرن الأفريقي؟

ثانيًا: هدف الدراسة:

يهدف هذا البحث إلى تقديم فهم نظري لمفهوم التنافس الدولي من خلال تحليل محدداته وأبعاده في السياق المعاصر، وذلك تمهيدًا لدراسة حالة التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين في منطقة القرن الأفريقي.

كما يسعى إلى:

  • توضيح المقصود بمنطقة القرن الأفريقي، وتسليط الضوء على أهميتها الاستراتيجية والجيوسياسية بالنسبة لكل من الولايات المتحدة والصين.
  • تحديد الأهداف القومية التي تسعى القوتان لتحقيقها في هذه المنطقة.
  • استعراض أبرز الآليات التي تستخدمها كل من الولايات المتحدة والصين لتعزيز وجودها في المنطقة.
  • تحليل مظاهر التنافس بين الطرفين.

ثالثًا: أهمية الدراسة:

الأهمية العلمية:

تُمثل الدراسة محاولة للإضافة إلى المكتبة العربية ومكتبات العلاقات الدولية والعلوم السياسية فيما يتصل بموضوعها المتعلق التنافس الأمريكي الصيني في منطقة القرن الأفريقي وذلك من خلال توسيع الفهم النظري لمفهوم التنافس الدولي ومحدداته، ودراسة حالة التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية والتعرف على أهداف ومصالح كل منهما في منطقة القرن الأفريقي، و تسعى الدراسة إلى تحليل مظاهر التنافس السياسي والاقتصادي والعسكري بين القوتين، ويُعد هذا التحليل ضروريًا لفهم طبيعة العلاقات الدولية المعاصرة وتفاعلات القوى الكبرى في مناطق النفوذ غير التقليدية.

الأهمية العملية:

تكمن الأهمية العملية للدراسة في تقديم مجموعة من التوصيات الموجهة لصانع القرار العربي والمصري- بشكل خاص -مما تساعدهم في بلورة سياسات خارجية متوازنة تحقق المصالح الوطنية وتجنب الوقوع في دائرة الاستقطاب السياسي أو الاقتصادي بين القوتين المتنافستين، نظرًا للارتباط العربي والمصري الجغرافي والتاريخي بالقاره الأفريقية، ومن ثم أن التنافس من شأنه أن يؤثر على المصالح المصرية وأي اختلال في التوازنات الإقليمية من شأنه أن يؤثر على الأمن القومي المصري.

رابعًا: منهج البحث:

تعتمد هذه الدراسة على المنهج الاستقرائي كأساس لوصف واقع التنافس الأمريكي-الصيني في منطقة القرن الأفريقي، يقوم هذا المنهج على ملاحظة الواقع كما هو قائم دون أي تأويل، من خلال وصف التطورات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تعكس طبيعة العلاقات بين القوى الكبرى في المنطقة، ويساعد هذا المنهج في استخلاص الأنماط  والتوجهات الحاكمة لهذا التنافس، من خلال تتبع السياسات والمواقف التي تتبناها كل من الولايات المتحدة والصين.

كما تستند الدراسة إلى مدخل المصلحة القومية الذي يركز على تحليل استراتيجيات كل من الولايات المتحدة والصين في المنطقة من منظور مصالحهما القومية، ووفقًا لهذا المدخل، سيتم تحليل السياسات الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية التي تتبناها كل من واشنطن وبكين، بالإضافة إلى التأثيرات التي تترتب على مبادرات مثل “الحزام والطريق” في تعزيز التوجهات الصينية.

بالإضافة إلى ذلك، يعتمد الباحثين على المدخل الجيوبولتيكي لتحليل التنافس، حيث يركز على تأثير الموقع الجغرافي الاستراتيجي للقرن الأفريقي على السياسات الدولية،  سيتم دراسة أهمية المنطقة بالنسبة للولايات المتحدة والصين من منظور التحكم في الممرات البحرية، والموارد الطبيعية، والأمن الإقليمي، مما يعزز فهمنا لأسباب التنافس بين القوى الكبرى في هذه المنطقة.

خامسًا: حدود الدراسة

النطاق الزمني للدراسة:

تغطي الدراسة الفترة من 2013 إلى 2025، إذ تعكس هذه الفترة تطور التنافس الأمريكي الصيني في منطقة القرن الأفريقي، مع تزايد الاهتمام الاستراتيجي للبلدين بالمنطقة.

تم اختيار عام 2013 كبداية للدراسة لأنه يمثل نقطة تحول في السياسة الصينية تجاه المنطقة، حيث أطلقت الصين في ذلك العام مبادرة الحزام والطريق، التي عززت من نفوذها الاقتصادي والاستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي، كما بدأت الصين من تعزيز تواجدها العسكري، مما دفع الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم دورها في المنطقة.

وتنتهي الدراسة عند عام 2025، حيث يمثل هذا العام النطاق الزمني الذي يتم فيه إعداد الدراسة، كما أن هذه الفترة تشهد استمرار التنافس بين القوتين على النفوذ الاقتصادي والعسكري في المنطقة.

النطاق المكاني للدراسة:

يتحدد النطاق الجغرافي لهذه الدراسة في منطقة القرن الأفريقي، التي تشمل الدول الأربع الأساسية في هذه المنطقة: إثيوبيا، الصومال، إرتيريا، وجيبوتي؛ هذه الدول تمثل نقاط التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين، سواء على مستوى النفوذ الاقتصادي أو العسكري، وتقع هذه الدول في الركن الشرقي من قارة أفريقيا، وتشترك في الحدود مع البحر الأحمر والمحيط الهندي، وخليج عدن.

خريطة رقم (1) توضح النطاق الجغرافي لمنطقة القرن الأفريقي المعتمد في الدراسة


Source: https://www.civilsdaily.com/news/horn-of-africa

سادسًا: دراسات سابقة:

شهد موضوع التنافس الأمريكي-الصيني لا سيما في منطقة القرن الأفريقي اهتمامًا واسعًا في الأوساط البحثية، وفي إطار إعداد هذه الدراسة تم الاطلاع على مجموعة من الدراسات السابقة والمراجع ذات الصلة والاستفادة منها وبيان كيفية توظيفها في دعم هذه الدراسة.

الدراسات باللغة العربية:

  • أحمد السيد السرساوي: “مظاهر التنافس الأمريكي-الصيني في القرن الأفريقي منذ عام 2015″، مجلة الدراسات الأفريقية، العدد 3، مجلد 46، يوليو 2024، ص 167-213.

تتناول هذه الدراسة مظاهر التنافس السياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية في منطقة القرن الأفريقي منذ عام 2015، مركزةً على الجوانب السياسية والدبلوماسية لهذا التنافس وأثره على استقرار المنطقة، وتهدف هذه الدراسة إلى تحليل مصالح كل من واشنطن وبكين في الإقليم، وتوضيح أطر العلاقات التي تربطهما بدول المنطقة، مع إبراز الاختلاف في النهج بين السياسة الأمريكية التي ترتكز على المشروطية الليبرالية والسياسة الصينية القائمة على الحياد وعدم التدخل، وتنقسم الدراسة إلى محاور تشمل: أهمية المنطقة الجيوسياسية، المصالح السياسية للطرفين، أطر العلاقات الدبلوماسية، ومواقف الدولتين من القضايا الإقليمية ويمكن الإفادة من هذه الدراسة بصورة مباشرة في تحليل مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والصين مع التركيز على الجانب السياسي والدبلوماسي لمظاهر هذا التنافس.

  • جيهان عبد السلام عباس: “العلاقات الاقتصادية الصينية الأفريقية (دراسة تحليلية)”، مجلة كلية السياسية والاقتصاد، عدد 15، مجلد 16، يوليو 2022.

تهدف هذه الدراسة إلى تحليل طبيعة العلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا من حيث التبادل التجاري و الاستثمارات و والمساعدات والقروض مع التركيز على فرص التعاون المستقبلية والتحديات المحتملة وتناولت هذه  الدراسة تطور العلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا وأهداف الصين الاقتصادية من التواجد في القارة وتحليل هيكل التجارة الصينية الأفريقية وطبيعة الاستثمارات الصينية وتوزيعها القطاعي والجغرافية وحجم وأثر المساعدات والقروض الصينية وفرص وتحديات التواجد الصيني في أفريقيا، وقد قُسّمت الدراسة إلى ستة محاور رئيسية وهي تطور العلاقات الصينية الأفريقية من التواجد الصيني في أفريقيا وتحليل العلاقات التجارية بين الصين وأفريقيا وطبيعة الاستثمارات الصينية في القارة والمساعدات والمنح والقروض الصينية وفرص وتحديات التواجد الصيني في أفريقيا، ويمكن الإفادة من تلك الدراسة في الجزء المتعلق بالمصالح والاستراتيجية الصينية في أفريقيا مع التركيز على منطقة القرن الأفريقي، وهكذا في باقي الدراسات العربية والأجنبية.

الدراسات باللغة الانجليزية:

  • Gashaw Ayferam, Zelalem Muchie: “The Advent of Competing Foreign Powers in the Geostrategic Horn of Africa: Analysis of Opportunity Security Risk for Ethiopia”, International Relations and Diplomacy, December 2016, Addis Ababa University, Addis Ababa, Ethiopia.

تناولت هذه الدراسة الفرص والمخاطر الأمنية الناتجة عن التنافس الدولي في القرن الأفريقي، مع التركيز على إثيوبيا باعتبارها دولة محورية في المنطقة، وهدفت إلى تحليل الآثار المترتبة على الوجود العسكري المتزايد للقوى العالمية مثل الولايات المتحدة وفرنسا والصين في جيبوتي، وتقييم كيفية استفادة إثيوبيا من هذا الواقع أو تعرضها للمخاطر، وقد قسمت الدراسة إلى عدة أقسام بدأت بتوضيح الأهمية الجيوستراتيجية للمنطقة بسبب موقعها الحيوي قرب البحر الأحمر ومضيق باب المندب وموارد النفط، ثم ناقشت تاريخ التنافس الدولي في القرن الأفريقي وتحول المنطقة إلى “ثكنة عسكرية” للقوى الكبرى، وبعد ذلك استعرضت الفرص المتاحة لإثيوبيا مثل التعاون الأمني والاستقرار الإقليمي والاستثمارات الاقتصادية في مقابل المخاطر المحتملة على أمنها الوطني واقتصادها، ويمكن الاستفادة من هذه الدراسة في الجزء المتعلق بالوجود العسكري الناتجة عن التنافس الدولي مع التركيز على حالة جيبوتي.

  • Kaan DEVECİOĞLU:” The Competition of Dominant Power In the International System and the US-China Encounter In the Horn of Africa (2012-2022)”, War and International System Special Issue, Ankara,Türkiye.

تتناول هذه الدراسة موضوع التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين في منطقة القرن الأفريقي خلال الفترة من 2012 إلى 2022، وذلك في إطار “نظرية انتقال القوة”، وتهدف الدراسة إلى اختبار ثلاثة افتراضات رئيسية تتعلق بمستوى رضا القوتين العظميين عن النظام الدولي الحالي وهي أن الولايات المتحدة قوة مهيمنة راضية بينما الصين قوة صاعدة غير راضية ًأو أن الولايات المتحدة غير راضية بينما الصين راضية، أو أن كلا القوتين راضيتان عن النظام القائم، وقد قسمت هذه الدراسة إلى قسمين رئيسيين: الأول يتناول الإطار النظري والتحليلي لمفهوم عدم الرضا في نظرية انتقال القوة، ويحلل من خلاله التنافس الأمريكي-الصيني في النظام الدولي، أما القسم الثاني فيركّز على تجليات هذا التنافس في النظام  الإقليمي لمنطقة القرن الأفريقي من خلال دراسة قضايا مثل الوجود العسكري، البنية التحتية التكنولوجية، واستثمارات الصين في المنطقة، ويمكن الإفادة من هذه الدراسة بصورة مباشرة في تحليل مظاهر التنافس الأمريكي-الصيني في القرن الأفريقي.

تعليق على الدراسات السابقة:

فيما يخص الدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع البحث، تجدر الإشارة إلى أن الدراسة الحالية قد استفادت بشكل كبير من الجهود الأكاديمية السابقة، حيث وظفت العديد من هذه الدراسات في محاولة للإجابة عن التساؤل الرئيسي الذي يشكل جوهر البحث، ومن خلال تحليل أوجه الاتفاق والاختلاف بين هذه الدراسة والدراسات السابقة يتضح أن البحث الحالي يتفق مع هذه الدراسات في الموضوع العام والأهداف الكبرى التي تتجلى في التنافس الأمريكي-الصيني في القرن الأفريقي، وتتمثل أوجه الاتفاق في إدراك أهمية المنطقة كأحد أبرز ساحات التنافس بين القوى الكبرى في النظام الدولي المعاصر، وتوضيح الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية للمنطقة، وتتمثل أوجه الاختلاف في إبراز الدور الحيوي للاستثمارات في البنية التحتية والحروب التجارية بين كل من الصين والولايات المتحدة وذلك في سعيهما لتوسيع نفوذهما في القارة، ومن هنا تسعى هذه الدراسة على التركيز على هذه الجوانب المهمَلة وتحليل تأثيرها في تشكيل موازين القوى داخل المنطقة.

سابعًا: تقسيم الدراسة:

تنقسم هذه الدراسة إلى ثلاثة مباحث رئيسية، يتناول كل منها جانبًا محددًا من موضوع التنافس الأمريكي-الصيني في منطقة القرن الأفريقي، ويتفرع من هذه المباحث عدد من المطالب، على النحو التالي:

المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للدراسة

المطلب الأول: مفهوم التنافس الدولي ومحدداته

المطلب الثاني: التعريف بمنطقة القرن الأفريقي

المبحث الثاني: أهداف ومصالح الولايات المتحدة والصين في منطقة القرن الأفريقي

المطلب الأول: الأهداف والمصالح القومية للولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي

المطلب الثاني: الأهداف والمصالح القومية للصين في منطقة القرن الأفريقي

المبحث الثالث: مظاهر التنافس الأمريكي-الصيني في منطقة القرن الأفريقي(حالات مختارة)

المطلب الأول: الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في منطقة القرن الأفريقي

المطلب الثاني: القواعد العسكرية لكل من الولايات المتحدة والصين في منطقة القرن الأفريقي

المبحث الأول:

الإطار المفاهيمي للدراسة

يشهد النسق الدولي الحالي، في عالم ما بعد الحرب الباردة، تحولًا كبيرًا في شكل العلاقات الدولية. ويسعى الباحثون إلى فهم طبيعة هذا النسق، الذي كان يُنظر إليه وإلى العلاقات الدولية لفترة طويلة باعتبارها محصورة في حالة الصراع. وقد اعتبر العديد من الباحثين، مثل كينيث والتز، أن الصراع هو الحالة الطبيعية في ظل غياب سلطة عليا تحكم العلاقات بين الدول، فيما يُعرف بالفوضى الدولية. إلا أنه، وبالنظر إلى طبيعة العلاقات الدولية اليوم، يمكن القول إن العلاقات الدولية لم تعد تقتصر على الصراع فقط، بل ظهر التنافس ليمثل الشكل الأوضح في بنية العلاقات الدولية.[1]

في هذا السياق، يتفق العديد من الباحثين على أن العالم قد دخل مرحلة جديدة من تنافس القوى العظمى، خاصة بعد فترة الهيمنة الأمريكية الأحادية التي أعقبت الحرب الباردة واستمرت لفترة وجيزة. وقد بدأت العديد من الدول في الظهور كمنافس قوي للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن التنافس بين الولايات المتحدة والصين يُعد المحور الأساسي للتنافس الدولي حاليًا. وقد أخذ هذا التنافس أشكالًا متعددة، من تنافس اقتصادي وسياسي إلى تنافس تكنولوجي. وتُعد منطقة القرن الأفريقي نموذجًا بارزًا لهذا التنافس بين الدولتين، لما تتمتع به من موارد طبيعية وموقع استراتيجي مهم، إضافة إلى احتوائها على ممرات بحرية حيوية، وهو ما يجعلها هدفًا رئيسيًا في سباق التنافس العالمي.[2]

وعليه، يتناول هذا المبحث مطلبين رئيسيين: يتناول المطلب الأول مفهوم التنافس الدولي، وأبرز المفاهيم المتداخلة معه مثل الصراع الدولي والنزاع الدولي، بالإضافة إلى أهم محددات هذا التنافس، كطبيعة الفاعلين المتنافسين وخصائصهم، أهدافهم، ووسائل التنافس. أما المطلب الثاني، فيتطرق إلى التعريف بمنطقة القرن الأفريقي – محل الدراسة – من حيث التحديد الجغرافي والسياسي، وأهميتها، والعوامل التي أكسبتها هذه الأهمية المتزايدة في خريطة التنافس الدولي.

المطلب الأول:

مفهوم التنافس الدولي ومحدداته

أولًا: مفهوم التنافس الدولي:

ينقسم مفهوم التنافس إلى مفهوم لغوي ومفهوم اصطلاحي. أما المفهوم اللغوي، فيعود في اللغة العربية إلى الفعل “تَنافَسَ” بمعنى تسابق أو تزاحم على الفوز أو الكسب. ويُقال: تنافس القوم في أمر، أي تسابقوا فيه وتباروا. قال تعالى: {ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} [المطففين: 26]. وقد تكون أطراف هذا التنافس أفرادًا أو جماعات، وقد يكون التنافس من أجل بقعة جغرافية، أو مكان، أو مورد. أما كلمة “دولي” فهي مأخوذة من ارتباط هذا التنافس بالدول كوحدات سياسية.[3]

أما المفهوم الاصطلاحي، فيُعرف التنافس الدولي على أنه مفهوم سياسي يشير إلى حالة من الاختلاف بين الدول لا تصل إلى مرحلة الصراع، وتأخذ أبعادًا متعددة كالبعد الاقتصادي أو السياسي أو العسكري، وتسعى من خلالها الدول إلى تحقيق مصالحها وأهدافها ضمن إطار دولي أو إقليمي. وفي عالم ما بعد الحرب الباردة، تسعى الدول إلى بلوغ أهدافها عبر هذا النمط من التنافس، دون التصعيد إلى مستوى الصراع المسلح.[4]

كما يُعرف التنافس أيضًا على أنه وضع أو حالة تجمع بين طرفين دوليين أو أكثر يقرران خوض التنافس وفق حسابات عقلانية مع تركيز كل إمكانياتهم نحو تحقيق المصلحة، دون اللجوء لاستخدام القوة العسكرية لتحقيق هذه الأهداف.[5]

كذلك يُعرف التنافس على أنه “أحد العمليات الدولية السلمية التي تقع بين الفاعلين المختلفين في العلاقات الدولية، سعيًا للحصول على موارد محدودة، أو تحقيقًا لأهداف سياسية، اقتصادية، وثقافية، سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي، وذلك عن طريق التسابق مع أطراف أخرى تشترك معها في نفس الهدف، وتختلف معها في الغاية، وفقًا لقواعد منظمة تتضمن احتمالات الربح المشترك للطرفين، وعدم استخدام العنف في مواجهة الجانب الآخر، مع احتمال استخدام كل طرف لكافة أدواته لتحقيق الفوز على الطرف الآخر ومنافسته في الميادين المتنافس عليها”.[6]

وتتبنى الدراسة هذا التعريف للتنافس الدولي لأنه يعتبر الأكثر شمولاً، فيركز على الأهداف والوسائل المستخدمة في التنافس، كما يوضح كيفية حدوث التنافس بين الدول في مجالات متعددة في سبيل تحقيق الهدف.

وبالتالي، تكمن أهمية فهم التنافس الدولي في كونه أحد أبرز أشكال التفاعل بين الوحدات الدولية في النسق الدولي الحالي، ما يفرض ضرورة التمييز بينه وبين غيره من المفاهيم المتداخلة كالصراع والنزاع، لفهم طبيعة العلاقات الدولية. وهذا ما سنتناوله فيما يلي:

ثانيًا: أبرز المفاهيم المتداخلة مع مفهوم التنافس الدولي:

يتداخل مفهوم التنافس الدولي مع العديد من المفاهيم المختلفة، والتي تُستخدم أحيانًا كبدائل له رغم اختلافها عنه من حيث الجوهر. ويعود هذا التداخل إلى ارتباط هذه المفاهيم بحالة من التفاعل السلبي بين الفاعلين الدوليين، سواء على مستوى الأهداف أو الوسائل. لذلك، نستعرض فيما يلي أبرز المفاهيم المتداخلة مع مفهوم التنافس الدولي، مثل الصراع الدولي والنزاع الدولي والتنافسية الدولية، مع توضيح أوجه التشابه والاختلاف بينها.

– الصراع الدولي (International Conflict): تعددت التعريفات التي تناولت مفهوم الصراع الدولي، ولم يتفق الباحثون على تعريف محدد له. ويعرّف إسماعيل صبري مقلد الصراع بأنه ظاهرة تنفرد عن غيرها من ظواهر العلاقات الدولية بكونها متناهية التعقيد، إذ تتعدد أبعادها، وتتداخل مسبباتها ومصادرها، وتتشابك تفاعلاتها وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، كما تتفاوت المستويات التي تحدث عندها من حيث المدى، والكثافة، والعنف.[7]

كما يُعرّف الصراع الدولي بأنه “تنازع إرادات الدول الناتج عن تباين مصالحها”.[8] ووفقًا لـ Mitchell، فإن هيكل الصراع يتكون من ثلاثة عناصر: المواقف، والسلوك، والتفاعل، وهي العناصر التي تخلق الصراعات بين الجهات الفاعلة. بذلك، يحاول Mitchell أن يبسّط بنية الصراع بطريقة مفهومة.[9]

– النزاع الدولي (international dispute): يُعرف النزاع بأنه “جدال أو شجار يكون بصفة خاصة ذا طبيعة رسمية بين جماعة أو منظمة، وبين جماعة أو منظمة أخرى”. أما في الأدبيات المتخصصة، فيُعرّف بأنه تعارض في الحقوق القانونية قد تتم تسويته بالتوصل إلى حلول قانونية وسياسية. [10]

– التنافسية الدولية ((international competitiveness: هي “قدرة الدولة على إنتاج سلع وخدمات تنافس في الأسواق العالمية”.[11] وتعتمد الدول على مؤشر التنافسية في قياس قدراتها على المنافسة الاقتصادية العالمية. من خلال ذلك، يتضح أن التنافسية الدولية تمثل الجانب الاقتصادي للتنافس الدولي، ويبرز الاختلاف بينهما في أن التنافس الدولي، كما سبق وأشرنا، يشمل أبعاداً أخرى كالعسكرية والسياسية والثقافية.

من خلال ما سبق، يتضح أن التنافس يدور حول سعي الدول لتحقيق مصالحها بوسائل سلمية ومتعددة، دون أن يصل إلى مرحلة الصراع المباشر. أما النزاع، فيتعلق أكثر بالخلافات ذات الطابع القانوني وإمكانيات تسويتها، بينما تركز التنافسية على البعد الاقتصادي. ومن هنا، فإن إدراك الفروق بين هذه المفاهيم يساهم في فهم أعمق لطبيعة التفاعلات داخل النسق الدولي.

ثالثًا: محددات التنافس الدولي:

يُقصد بمحددات التنافس الدولي العوامل التي تؤثر في اتجاهاته والبيئة المحددة لطبيعة هذا التنافس. فالتنافس بين الدول لا ينشأ أو يستمر في فراغ، وإنما تحكمه مجموعة من العوامل والمحددات مثل طبيعة الفواعل المتنافسة، والأهداف التي يسعون إلى تحقيقها من خلال هذا التنافس، والوسائل المستخدمة لتحقيق هذه الأهداف. وهو ما سنتناوله فيما يلي بشيء من التفصيل[12]:

  • طبيعة الفاعلين المتنافسين:

تتشكل طبيعة الفاعلين المتنافسين حسب عدة عوامل، مثل طبيعة النظام السياسي في الدولة، ودرجة الديمقراطية التي يتمتع بها، ومدى مشاركة الجماهير في عملية صنع السياسة الخارجية، بالإضافة إلى مصالح القوى الداخلية مثل جماعات الضغط وأصحاب المصالح، ورؤيتهم لموضع الدولة في النسق العالمي ورغبتهم في تغييره. كما تؤثر طبيعة القادة، سواء كانوا عدوانيين أو مسالمين، بمعنى أن الخصائص النفسية والسمات الشخصية للقادة تلعب دورًا في حركة الدولة في المجال الخارجي، فهم المعبّرون عن إرادة الدولة.[13]

كذلك تؤثر هوية هؤلاء الفاعلين في تحديد طبيعة التفاعل وشكل التنافس، إذ تلعب نظرة الطرف المنافس لنفسه وللطرف الآخر دورًا كبيرًا في تشكيل سلوكه وتحديد مصالحه، إلى جانب تصوّر الدولة لدورها على الساحة الدولية وتطلعاتها، فالصين، على سبيل المثال، ترى نفسها مهيمنًا طبيعيًا في إقليمها، ولديها من القدرات المادية والأيديولوجية ما يؤهلها لذلك، وهو ما يعزز من تطلعاتها للظهور كمنافس قوي على المستوى الدولي. وعلى الرغم من تركيز الخطاب الصيني دائمًا على مفاهيم مثل الصعود السلمي، والتعاون، وتحقيق المكاسب المشتركة، إلا أن التقارير والواقع الدولي يضعانها في موقع الند المنافس للولايات المتحدة، الساعي لتحقيق الهيمنة.[14]

  • أهداف المتنافسين في الساحة الدولية:

تتعدد الأهداف التي تسعى الدول لتحقيقها، وتختلف من دولة لأخرى، إلا أنها تتقاطع في كثير من جوانبها، وهو ما قد يخلق الصدام بينها. ويمثل السعي إلى القوة والأمن أبرز هذه الأهداف، فبحسب الواقعيين الكلاسيكيين يُعد الأمن والقوة هدفين نهائيين للدولة في ظل نسق دولي فوضوي، بينما ركزت الواقعية البنيوية على أن الأمن هو الهدف النهائي، وأن القوة ليست سوى وسيلة لتحقيقه.[15] كما قد تتمثل هذه الأهداف أيضًا في تحقيق الرخاء أو الازدهار الاقتصادي، والسيطرة على الموارد الطبيعية، والوصول إلى مكانة دولية مرموقة.[16]

  • وسائل التنافس الدولي:

توضح وسائل التنافس الدولي الكيفية التي تتنافس بها الدول، وأهم الأدوات التي تستخدمها في سعيها لتحقيق أهدافها. ويميز الباحثون بين مستويين للتنافس: مستوى يُمثّل الاستراتيجيات الكبرى، وآخر يتناول الاستراتيجيات الصغرى ويتعلق بأدوات وأشكال محددة. أما الاستراتيجيات الكبرى فتعتمد على وسائل مثل الهيمنة، والتفوق العسكري، أو التحالف وسياسات توازن القوى. في حين تعتمد الاستراتيجيات الصغرى على سياسات التجارة والاستثمار، أي استخدام الأدوات الاقتصادية للتأثير في التنافس، إلى جانب سياسات العقوبات الاقتصادية. كما تعتمد أيضًا على التحالفات الرسمية، سواء بالانضمام إلى أحلاف دفاعية جماعية أو توقيع معاهدات دفاعية ثنائية. وتُعدّ الدبلوماسية كذلك أداة رئيسية، من خلال السعي إلى كسب الحلفاء وتوسيع شبكة النفوذ.[17]

ختامًا، يتضح أن فهم طبيعة التنافس الدولي يتطلب الوقوف على محدداته الأساسية المتمثلة في طبيعة الفاعلين، والأهداف التي يسعون لتحقيقها، والوسائل التي يستخدمونها في هذا التنافس. فالدول لا تتحرك في فراغ، بل تتأثر باعتبارات داخلية وخارجية توجه سلوكها على الساحة الدولية. كما أن ترابط هذه المحددات هو ما يُنتج لنا في النهاية أنماطًا مختلفة من التنافس تتفاوت حدتها وطبيعتها من حالة لأخرى. ولذلك، فإن إدراك هذه المحددات يساعدنا في تحليل سلوك الدول وفهم طبيعة التنافس بينها.

المطلب الثاني:

التعريف بمنطقة القرن الأفريقي

تُمثل منطقة القرن الأفريقي إحدى أهم ساحات التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، لما تتمتع به من أهمية جيوسياسية واقتصادية. وتحكمه بممرات مهمة كمضيق باب المندب، وعليه،  يتناول هذا المطلب التعريفات المختلفة لمنطقة القرن الأفريقي، إلى جانب أهميتها الاستراتيجية بوجه عام.

أولًا: مفهوم القرن الأفريقي:

تتعدد التعريفات التي تناولت مفهوم منطقة القرن الأفريقي؛ فمن الناحية الجغرافية، يُقصد بها ذلك النتوء في شرق إفريقيا الذي يضم جيبوتي، والصومال، وإريتريا، وإثيوبيا. أما من الناحية السياسية، فيختلف التعريف تبعًا لمصالح الدول أو الفاعلين الدوليين؛ فعلى سبيل المثال، تعرف الولايات المتحدة الأمريكية منطقة القرن الأفريقي بأنها تضم عشر دول تحت مسمى “القرن الأفريقي الكبير”، وهي الدول الأربع السابقة بالإضافة إلى كينيا، وتنزانيا، والسودان، وأوغندا، ورواندا، وبوروندي.[18]

ويُعرّف القرن الأفريقي وفقًا لقاموس ويبستر (Webster) بأنه المنطقة الواقعة في أقصى شرق إفريقيا، وتشمل الصومال وأجزاء من إثيوبيا أو كاملها، وغالبًا ما تضم جيبوتي، وأحيانًا إريتريا، السودان، وكينيا.[19]

وعليه، فإن التعريف السياسي يمتد وينكمش حسب مصالح وأهداف القوى الكبرى. أما التعريف الأشهر الذي يتناوله المؤرخون فهو أن المقصود بمنطقة القرن الأفريقي هو المنطقة الواقعة في شرق أفريقيا: إثيوبيا، الصومال، جيبوتي، وإريتريا. ويردون سبب تسميتها بهذا الاسم إلى أنها تشبه قرن وحيد القرن.[20]

وفي إطار هذه الدراسة، سيتم تبنّي مفهوم القرن الأفريقي الذي يضم إثيوبيا، الصومال، إريتريا، وجيبوتي، باعتباره الأكثر استخدامًا، والأكثر تماشيًا مع طبيعة الدراسة، وتحليل التنافس بين الولايات المتحدة والصين في هذه الدول الأربع.

ثانيًا: الأهمية الاستراتيجية للقرن الأفريقي:

تستمد منطقة القرن الأفريقي أهميتها الاستراتيجية من عدد من العوامل المتداخلة، في مقدمتها الموقع الجغرافي الذي يتيح لها التحكم في أهم الممرات البحرية، وبالتالي التأثير المباشر على طرق التجارة العالمية، بالإضافة إلى ما تتمتع به من ثروات وموارد طبيعية، مما يجعلها ساحة مفتوحة للتنافس بين القوى الدولية. وسنتناول فيما يلي أبرز هذه العوامل:

  • الموقع الجغرافي:

يمثل الموقع الجغرافي لمنطقة القرن الأفريقي مصدرًا رئيسيًا لأهميتها الجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية؛ إذ تربط بين ثلاث قارات: آسيا وإفريقيا وأوروبا، وتطل على خليج عدن والمحيط الهندي، وتشرف على مضيق باب المندب، مما يجعلها بوابة حيوية إلى البحر الأحمر. ويُمثل الموقع الجغرافي عنصر القوة الأبرز للمنطقة، حيث يؤثر على بعدين رئيسيين: البعد العسكري والبعد الاقتصادي، من خلال السيطرة على أهم الممرات البحرية والتحكم في حركة التجارة العالمية.[21]

فتمر عبره طرق تجارية حيوية تبدأ من أوروبا الغربية عبر مضيق جبل طارق، إلى البحر الأبيض المتوسط، ثم قناة السويس، وصولًا إلى البحر الأحمر، ومنه إلى خليج عدن فالمحيط الهندي، وصولًا إلى الهند، فالصين، ثم اليابان، كما هو موضح بالخريطة رقم (2). بالإضافة لتجارة النفط القادمة من دول الخليج والمتوجهة إلى أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، وتُعد هذه العوامل مجتمعة سببًا رئيسيًا في جذب اهتمام القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين، والتي تسعى لحماية مصالحها وتعزيز وجودها عبر وسائل متعددة، من أبرزها إنشاء القواعد العسكرية، وهو ما سيتم تناوله لاحقًا في هذه الدراسة.[22]

خريطة رقم (٢) توضح الطريق التجاري المار بمضيق باب المندب

Source:https://www.thinkchina.sg/economy/”ed-sea-shipping-chaos-puts-strain-chinese-exports

 

  • الموارد الطبيعية:

فضلاً عن الموقع الجغرافي، تتمتع منطقة القرن الأفريقي بثروات وموارد طبيعية متعددة ومتنوعة، كما تمثل سوقًا واسعًا لمنتجات الدول الكبرى. وتغطي الغابات مساحات واسعة من أراضي المنطقة، مما يجعلها مصدرًا مهمًا للأخشاب. بالإضافة إلى ذلك، تزخر المنطقة بالمعادن الهامة التي تدخل في الصناعات الكبرى، مثل: الذهب، والنحاس، واليورانيوم، والقصدير، والمنغنيز.[23]

وبناءً على ما سبق، تحتل منطقة القرن الأفريقي أهمية بالغة لدى الدول العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ليس فقط بسبب المصالح الاقتصادية المتعلقة بالمواد الخام والأسواق، واعتبارات الموقع الجغرافي، بل أيضًا بفعل الاعتبارات الأمنية والعسكرية.

ختامًا، تناول هذا المبحث الإطار النظري للتنافس الدولي من خلال الوقوف على مفهوم التنافس الدولي، وتمييزه عن أهم المفاهيم المتداخلة مثل الصراع والنزاع والتنافسية، مع استعراض أبرز المحددات التي تؤثر في طبيعة هذا التنافس، سواء فيما يتعلق بالفاعلين، أو الأهداف، أو الوسائل المستخدمة. كما تم التطرق إلى التعريف بمنطقة القرن الأفريقي، واستعراض أهميتها الاستراتيجية بوصفها ساحة رئيسية للتنافس الدولي في النسق الدولي الحالي، وهو ما يمهد للانتقال إلى دراسة أهداف ومظاهر تنافس كل من الولايات المتحدة والصين في هذه المنطقة الحيوية.

المبحث الثاني:

أهداف ومصالح الولايات المتحدة والصين في منطقة القرن الأفريقي

تُعد منطقة القرن الأفريقي من أكثر المناطق الجغرافية أهمية على الصعيدين الإقليمي والدولي، نظرًا لما تتمتع به من موقع استراتيجي بالغ الحساسية، فهي تحتضن عددًا من الموانئ الاستراتيجية ما يعزز من مكانتها الجيوسياسية. في هذا الإطار،  تحوّل القرن الأفريقي إلى ساحة تداخل وتنافس  للمصالح الدولية، لاسيما بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية، فعلى الرغم من وجود بعض أوجه التشابه في الأهداف والمصالح بين الجانبين، إلا أن التنافس الاستراتيجي هو السمة الطاغية في ظل سعي كل طرف لتعزيز نفوذه السياسي والاقتصادي والعسكري في المنطقة، من خلال استراتيجيات تختلف وفقاً لنمط كل دولة وأيديولوجيتها.

وتكمُن أهمية هذا المبحث في فهم منطق التنافس بين القوتين، من خلال التعرف على الأهداف والمصالح القومية التي تسعى كل منهما لتحقيقها في المنطقة لضمان استمرار نفوذها ووجودها الدولي هناك، كما يوضح هذا المبحث كيفية استخدام القوتين لاستراتيجيتهما في سبيل تحقيق المصالح الكامنة في أجندتها السياسية، ويترابط كل هذا مكونًا الصورة الكلية للتنافس الأمريكي الصيني في منطقة القرن الأفريقي.

ومن هذا المنطلق، يسعى هذا المبحث إلى تحليل الأهداف والمصالح القومية لكل من الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية في منطقة القرن الأفريقي، من خلال التطرق إلى الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية للأهداف والمصالح لكلا من القوتين.

المطلب الأول:

الأهداف والمصالح القومية الأمريكية في منطقة القرن الأفريقي

دفع الاهتمام الأمريكي المتزايد بمنطقة القرن الأفريقي إلى إعادة صياغة واشنطن لسياستها الخارجية تجاه المنطقة بما ينسجم مع أولويتها العالمية، ويستند هذا الاهتمام إلى مجموعة من الأهداف المرتبطة بتعزيز النفوذ السياسي، وتأمين المصالح الاقتصادية، وترسيخ الوجود العسكري في واحدة من أكثر المناطق حساسية على مستوى العالم.

وفي هذا الإطار، يتناول هذا المطلب تحليل الأهداف والمصالح الأمريكية في منطقة القرن الأفريقي، من خلال تقسيمها إلى ثلاثة أبعاد رئيسية: سياسية، واقتصادية، وعسكرية.

أولًا: الأهداف والمصالح السياسية والاستراتيجية:

منذ حقبة الحرب الباردة وحتى الوقت الراهن، انصبت المصالح السياسية المعلنة للولايات المتحدة الأمريكية في القرن الأفريقي على عدة أهداف، أبرزها:

  • حماية المصالح الأمريكية في المناطق غير المستقرة مثل منطقة الساحل وشرق أفريقيا:

تسعى الولايات المتحدة إلى موازنة دعم القيم الديمقراطية مع الاعتبارات الأمنية، وذلك لحماية مصالحها في المنطقة المتمثلة في:( تأمين طرق التجارة الدولية في منطقة غنية بالموارد الطبيعية وحماية أمنها القومي من خلال التواجد العسكري في المنطقة لمكافحة الإرهاب)، وقد أدى تصاعد العنف المسلح والانقلابات المتكررة في القرن الأفريقي إلي سعي الرئيس جو بايدن في 2021 إلى تحويل نهج بلاده في أفريقيا بعيدًا عن الطابع الأمني التقليدي نحو التركيز على دعم القيم الديمقراطية، ومع ذلك قُيدت هذه التحولات بوجود قوى دولية وإقليمية مؤثرة في المنطقة.[24]

تبنت الولايات المتحدة الأمريكية في هذا السياق سياسة تقوم على دعم التحول الديمقراطي وربط المساعدات المقدمة لدول القارة بشروط سياسية تقتضي الالتزام بالمعايير الليبرالية علي سبيل المثال دعمها للجبهة الديموقراطية الثورية للشعب الإثيوبي (EPRDF)، ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان مثل مشروع (إطعام المستقبل) الذي قدمته للحد من الأمن الغذائي في القرن الإفريقي خاصة في الصومال وإثيوبيا وكينيا[25]، وتم ذلك عبر المزج بين الحوافز الإيجابية والتدابير الرقابية، مع ضرورة التعامل مع مظاهر الاستبداد العسكري والتراجع الديمقراطي، من خلال تعزيز المشاركة السياسية، ومواجهة الضغوط الشعبية التي تؤثر على أداء الثقافة السياسية.[26]

  • استعادة دورها القيادي العالمي:

شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا في التوجهات القيادية العالمية تجاه القاره الأفريقية، حيث عبرت الولايات المتحدة الأمريكية عن رؤيتها حيال القاره من خلال تنظيم القمم الأمريكية الأفريقية، مثل القمة التي عُقدت في واشنطن عام 2022، بعد ثماني سنوات من انعقاد قمة عام2014 . ويعكس هذا التوجه رغبة الإدارة الأمريكية في توظيف هذه اللقاءات لخدمة أجنداتها السياسية الداخلية، وهو ما يبرز تداخل المصالح الخارجية مع التحولات الداخلية في السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا.[27]

يؤكد تعامل الولايات المتحدة الأمريكية وفقًا لأجندتها السياسية هو تدهور علاقتها مع إريتريا التي كانت تعد شريكًا محتملًا في ( الحرب على الإرهاب) بعد اتفاقية الجزائر وقرار لجنة الحدود الدولية بمنح بادمي لإريتريا، إثيوبيا حصلت على دعم أمريكي مستمر لأنها حليف استراتيجي في محاربة الإرهاب.[28]

وعليه، فإن الاهداف والمصالح السياسية الأمريكية في أفريقيا _منطقة القرن الأفريقي تحديدًا_ تتسم بتشابك أبعادها الاستراتيجية مع تأثيرات التفاعلات السياسية الداخلية والوضع الدولي.

ثانيًا: الأهداف والمصالح الاقتصادية:

تُشكّل العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة القرن الأفريقي جزءًا حيويًا من السياسة الأمريكية.

  • تعزيز العلاقات الاقتصادية مع المنطقة:

تسعى واشنطن إلى تعميق هذه العلاقات عبر توسيع مبادرات مثل قانون النمو والفرص الأفريقي      ( AGOA)، الذي يهدف إلى دعم التجارة والاستثمار مع القاره بصفة عامة، وقد أعقب ذلك إطلاق مبادرة “ازدهار أفريقيا” خلال إدارة الرئيس ترامب، حيث سعت المبادرة إلى تعزيز الاستثمارات الأمريكية في القطاعات الحيوية داخل القارة، وفي هذا الإطار قامت إدارة الرئيس بايدن بإعادة تنشيط هذه المبادرة، من خلال تخصيص أكثر من  80مليون دولار للاستثمار في مجالات البنية التحتية، والطاقة النظيفة، والرعاية الصحية.[29]

كما دعمت الولايات المتحدة إطلاق” منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية AFCFTA “عام 2019، باعتبارها مبادرة استراتيجية لتسهيل دخول الشركات الأمريكية في شراكات موسعة بين القطاعين العام والخاص داخل أفريقيا. ويُضاف إلى ذلك اهتمام متزايد من جانب الولايات المتحدة بقضايا الحفاظ على البيئة ودعم عمليات تحول الطاقة، بما ينسجم مع توجهاتها الاستراتيجية الأوسع لمواجهة التغير المناخي وتعزيز التنمية المستدامة في القارة.[30]

  • الحفاظ على البيئة وتأمين الطاقة:

على الرغم من أن منطقة القرن الأفريقي تُعد من أقل المناطق إسهامًا في الانبعاثات الكربونية على الصعيد العالمي، بالنظر إلى عدد سكانها، فإنها تُعد من أكثر المناطق تضررًا من الآثار غير المباشرة لتغير المناخ. وتبعًا لذلك، تزايد اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بدعم الدول الأفريقية وبالأخص منطقة القرن الأفريقي في برامج الطاقة المستدامة، بوصفها أحد السبل الضرورية لمواجهة التحديات البيئية المتنامية، وتلبية الطلب المتصاعد على مصادر الطاقة في القارة.[31]

يُعد تأمين موارد الطاقة أحد أبرز الدوافع الاقتصادية التي تفسر الانخراط الأمريكي المتزايد في منطقة القرن الإفريقي، بما في ذلك الصومال، إذ تتمتع الصومال بوفرة في موارد الطاقة غير المستغلة، لا سيما احتياطيات النفط الخام والغاز الطبيعي، إلى جانب الإمكانات الهائلة للطاقة المتجددة، وتأتي هذه المميزات ضمن سياق أوسع يشمل دولًا أخرى في المنطقة مثل كينيا وإثيوبيا والتي تمتلك بدورها احتياطيات طاقية معتبرة لم تُستغل بالكامل بعد، تكتسب هذه الموارد أهمية متزايدة في الاستراتيجية الأمريكية التي تهدف إلى ضمان تدفق مستقر ومنخفض التكلفة للطاقة.[32]

  • تأمين خطوط التجارة الدولية:

يندرج الحضور الأمريكي في منطقة القرن الأفريقي ضمن إطار تحقيق جملة من المصالح الاقتصادية الاستراتيجية، يأتي في مقدمتها تأمين خطوط التجارة الدولية التي تمر عبر الممرات الملاحية الحيوية، وعلى رأسها مضيق باب المندب ، وتُشكّل هذه الممرات نقاطًا محورية في تدفق السلع ومصادر الطاقة إلى الأسواق العالمية، ما يضمن استمرارية حركة التجارة الدولية دون انقطاع. ومن ثم، فإن الحفاظ على استقرار هذه المعابر يُسهم بصورة مباشرة في دعم الاقتصاد الأمريكي، ويعزز من موقع الولايات المتحدة ضمن منظومة الاقتصاد العالمي.[33]

ثالثًا: الأهداف والمصالح الأمنية والعسكرية:

تلعب المصالح العسكرية دورًا مركزيًا في توجيه السياسة الدولية للولايات المتحدة، حيث يُعد استخدام القوة العسكرية وسيلة فعّالة لضمان الوصول إلى الموارد الحيوية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. ويأتي تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في منطقة القرن الأفريقي كأحد المحاور الثلاثة الأساسية للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، لاسيما في ما يتعلق بتأمين حركة مصادر الطاقة وطرق إمدادها، باعتبار أن هذه المنطقة تمثل نقطة انطلاق حيوية للموارد القادمة من القارة الأفريقية.[34]

ويكمن التواجد العسكري الفعال في مراقبة التهديدات الأمنية والبحرية، ومواجهة الأنشطة غير المشروعة مثل القرصنة وتهريب السلاح، فضلًا عن توفير غطاء أمني لخطوط الإمداد الدولية، بما يخدم المصالح الجيوسياسية والاقتصادية الأمريكية على المدى الطويل.

تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية شبكة واسعة من القواعد العسكرية المنتشرة في مختلف أنحاء العالم، وتوظف كل قاعدة منها لتحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية المرتبطة بالأمن القومي والسياسة الخارجية، وتُعد قاعدة “كامب ليمونيير” في جيبوتي واحدة من أبرز هذه القواعد، إذ تمثل موقعًا جيوستراتيجيًا بالغ الأهمية، وتؤكد التصريحات الرسمية أن الهدف من هذه القاعدة هو مكافحة التنظيمات الإرهابية في مناطق مثل الصومال والسودان واليمن، لكن موقعها يعكس أبعادًا أوسع ترتبط بالتحكم في خطوط الملاحة البحرية وضمان تدفق الموارد الحيوية إلى الأسواق الدولية.[35]

وتتولى القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) الإشراف على جزء من القارة الأفريقية، التي تضم دولًا مثل مصر، السودان، إريتريا، إثيوبيا، جيبوتي، الصومال، كينيا، وسيشيل، وهي منطقة تشهد تصاعدًا ملحوظًا في التهديدات الأمنية، لاسيما تلك المرتبطة بتمدد الشبكات الإرهابية. ويعكس هذا التوسع في التغطية الجغرافية للقيادة العسكرية الأمريكية إدراكًا استراتيجيًا متزايدًا لحجم التحديات الأمنية في منطقة القرن الأفريقي، وضرورة الاستجابة لها من خلال تواجد عسكري مباشر ومستدام.[36]

ختامًا، تُعتبر منطقة القرن الأفريقي ذات أهمية محورية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتعدد الأبعاد الاستراتيجية المرتبطة بها، و تسعى واشنطن لتحقيق مصالحها السياسية عبر دعم الاستقرار وتعزيز التحولات الديمقراطية في دول المنطقة، بينما تركز على تأمين المصالح الاقتصادية من خلال تعزيز الشراكات التجارية والاستثمارية، بما في ذلك المبادرات التي تهدف إلى تعزيز النمو والاستدامة في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، تواصل الولايات المتحدة الاهتمام بقطاع الطاقة، لا سيما من خلال دعم التحولات نحو الطاقة المستدامة في إطار مواجهة التحديات البيئية التي تؤثر على المنطقة. كما أن المصالح العسكرية تلعب دورًا أساسيًا في تحقيق الاهداف الأمريكية.

المطلب الثاني:

الأهداف والمصالح القومية الصينية في منطقة القرن الأفريقي

تُعدّ منطقة القرن الأفريقي من أبرز المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية في السياسة الخارجية الصينية، لا سيّما في ظل التحولات البنيوية التي يشهدها النسق الدولي المعاصر. وتسعى الصين، من خلال هذه التحولات، إلى تعزيز نفوذها العالمي وتثبيت مكانتها كقوة فاعلة على الساحة الدولية. وفي هذا الإطار، تُمثل منطقة القرن الأفريقي محورًا أساسيًا في رؤية الصين الرامية إلى تأمين مصالحها القومية وتوسيع حضورها الاستراتيجي في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وقد برزت أهمية هذه المنطقة بوضوح مع إطلاق الصين لمبادرة “الحزام والطريق”، التي تستهدف من خلالها مواجهة تصاعد التنافس الدولي وتكريس نفوذها في النظام العالمي.

وعليه، يتناول هذا المطلب تحليل أبرز الأهداف والمصالح القومية التي تسعى الصين إلى تحقيقها في منطقة القرن الأفريقي، والتي تتوزع على ثلاثة محاور رئيسية: السياسية والاستراتيجية، الاقتصادية، والعسكرية.

أولًا: الأهداف والمصالح السياسية الاستراتيجية:

إن تنامي النفوذ الصيني في منطقة القرن الأفريقي يعكس رغبة الحكومة الصينية وجهودها الرامية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف والمصالح السياسية التي تُشكل أولويةً في صلب السياسة الخارجية الصينية.

إذ تسعى الصين لتحقيق أهداف ومصالح رئيسية تتمثل في:

  • تعزيز سياسة “صين واحدة”:

تسعى الصين إلى تأمين استمرار الاعتراف بسياسة “صين واحدة” ونزع الشرعية عن حكومة تايوان؛ فمنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، لم تفرض بكين أي مشروطيات سياسية في التعامل مع دول المنطقة والقارة، باستثناء شرط أساسي يتمثل في الاعتراف بمبدأ “صين واحدة” وسحب الاعتراف الرسمي بتايوان.[37] وتُعدّ الدول الأفريقية، بما فيها دول القرن الأفريقي، ضرورية لتحقيق هذا الهدف، في ظل سعي الصين إلى عزل تايوان دوليًا وتعديل ميزان المصالح لصالحها. وفي هذا السياق، تعتمد الاستراتيجية الصينية على بذل كل المساعي الممكنة لتهميش تايوان في المحافل الدولية، مع استغلال الساحة الأفريقية كمنصة لتعزيز هذا المسعى، وقد نجحت الصين بالفعل في تقليص الوجود التايواني في عدد من الدول الأفريقية، من خلال توسيع الوجود الصيني على جميع المستويات، ما دفع غالبية هذه الدول إلى الانحياز لبكين، وتغليب مصالحها الحيوية معها على حساب علاقاتها مع تايوان.[38]

  • كسب دعم دول المنطقة في المحافل الدولية:

تسعى الصين إلى الحصول على مساندة دول القرن الأفريقي، والدول الأفريقية عامةً في المحافل الدولية لخدمة مصالحها الاستراتيجية، من خلال اجتذاب تأييدها في الجمعية العامة ومجلس الأمن التابعين للأمم المتحدة، حيث تُعتبر هذه الدول جزءًا من الكتلة التصويتية الأفريقية التي تمتلك حضورًا كبيرًا داخل الهيئة الأممية، ما يجعلها حليفًا حيويًا للصين، خاصةً في قضايا شائكة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي غالبًا ما تواجه الصين بسببها محاولات متكررة للإدانة داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتسعى بكين إلى تكوين جبهة تضامن مع دول القرن الأفريقي لصد هذه المحاولات أو تقليل آثارها، لاسيما في ظل تقاطع المصالح بينها وبين بعض هذه الدول بشأن قضايا مماثلة.[39]

إلى جانب ذلك، تعوّل الصين على هذه الدول في حشد الدعم لتعديل بعض الاتفاقيات الدولية، أبرزها اتفاقية حماية الملكية الفكرية، التي تُعد نقطة خلاف رئيسية بينها وبين الولايات المتحدة؛ إذ تتهم الأخيرة الصين بسرقة البرمجيات الأمريكية والأقراص المدمجة، بينما ترى الصين أن هذه الاتفاقيات تخدم مصالح الدول المتقدمة وتُكرّس منطق “القانون للأقوى”. ومن هذا  المنطلق، تسعى الصين إلى استغلال حضورها داخل المنطقة لضمان كسب تأييد هذه الدول بما يخدم مصالحها.[40]

تعتمد الصين أيضًا على هذا الدعم في مواجهة محاولات إصلاح مجلس الأمن، خاصةً المساعي اليابانية للانضمام كعضو دائم، وهو ماتعتبره الصين تهديدًا مباشرًا لمصالحها الاستراتيجية. وعليه تسعى بكين إلى توطيد علاقاتها بدول القرن الأفريقي، لضمان تصويت داعم أو على الأقل محايد من قِبل هذه الدول إذا طُرحت مثل هذه القضايا للتصويت.[41]

ثانيًا: الأهداف والمصالح الاقتصادية:

تتعدّد الأهداف والمصالح الاقتصادية التي تسعى الصين إلى تحقيقها في منطقة القرن الأفريقي، حيث تُعدّ هذه المنطقة نقطة محورية في استراتيجيتها الرامية إلى تعزيز حضورها الاقتصادي على الصعيد الدولي.

وفيما يلي أبرز الأهداف والمصالح التي يمكن رصدها في هذا المقام:

  • السعي نحو تأمين الوصول إلى الموارد الطبيعية والمعادن النادرة:

تُعدّ منطقة القرن الأفريقي من المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، ما جعلها محط اهتمام القوى الاقتصادية الكبرى، وعلى رأسها الصين، التي تسعى باستمرار لتأمين احتياجاتها من هذه الثروات. إذ تتمتع المنطقة بكميات ضخمة من الموارد مثل المعادن النادرة والنفيسة، النفط، والأخشاب، فضلًا عن الثروة الحيوانية والموارد الرعوية، والتي تُعدّ بالغة الأهمية لدعم الاقتصاد الصيني الضخم. وبالنسبة للصين، تمثل هذه المنطقة مستودعًا استراتيجيًا للموارد التي تُسهم في تلبية احتياجاتها المتزايدة، وخاصة فيما يتعلق بالطاقة.[42]

لذلك حرصت الصين على تعزيز وجودها الاقتصادي في دول القرن الأفريقي، ولا سيّما في الصومال وإثيوبيا، حيث تم الكشف خلال العقدين الماضيين عن احتياطيات نفطية واعدة، وقد بدأت الشركات الصينية عمليات التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة؛ حيث أُعلن في إثيوبيا اكتشاف نحو 6.1 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في الإقليم الصومالي للبلاد،[43] بما يسهم في تلبية جزء من الطلب الصيني المتزايد على الطاقة، ويدعم النمو الصناعي والاقتصادي داخل الصين، كما يُعدّ هذا التوجه جزءًا من استراتيجية صينية أوسع تهدف إلى تنوع مصادر الطاقة.

  • ضمان النفاذ إلى أسواق دول المنطقة:

تعتبر دول القرن الأفريقي سوقًا استراتيجيًا مهمًا للصادرات الصينية، إذ تتزايد فرص التعاون التجاري والاستثماري بين الصين وهذه الدول بفضل تزايد انفتاحها على الأسواق العالمية. الصين، بما تمتلكه من قدرة على تقديم سلع وخدمات ذات جودة مقبولة بأسعار تنافسية، استطاعت أن تلبّي احتياجات أسواق دول القرن الأفريقي، التي تتسم بارتفاع معدل الفقر وتطلب سلعًا وخدمات بأسعار معقولة، هذه الميزة جعلت دول القرن تُفضّل التبادل التجاري مع الصين، خاصةً في ظل المنافسة القوية من القوى الاقتصادية الأخرى[44]. علاوة على ذلك، قامت الصين باتخاذ خطوات جادة لتسهيل نفاذ منتجاتها إلى هذه الأسواق، حيث أبرمت اتفاقيات ثنائية مع عدد من دول المنطقة لإزالة العقبات الجمركية، مثلما حدث مع إريتريا، ومن خلال هذه العلاقات التجارية المتزايدة، أصبحت بكين الشريك التجاري الأكبر والمستثمر الأول في المنطقة، وذلك من خلال توجيه الاستثمارات وإقامة المشروعات، بالإضافة إلى تقديم المساعدات والقروض إلى دول المنطقة والقارة، ما يعكس النجاح الكبير الذي حققته الصين في تعزيز وجودها الاقتصادي في هذه المنطقة.[45]

فضلًا عن ذلك، يتّسم التبادل التجاري بين الطرفين بنوع من التكامل؛ فبينما تستورد الصين من دول القرن الأفريقي البن، الجلود، والحبوب الزيتية، بالإضافة إلى النفط، فإنها تُزوّد هذه الدول بآليات ومعدات متطورة، ولا سيّما في مجالات المنتجات الطبية ومعدات البناء، بما يعزّز من علاقات الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الطرفين.[46]

  • القرن الأفريقي ودوره الحيوي في مبادرة الحزام والطريق الصينية:

 تُعدّ منطقة القرن الأفريقي من أبرز المناطق التي تسعى الصين إلى تعزيز وجودها الاقتصادي فيها، وذلك في إطار تحقيق أحد أهم أهدافها الاستراتيجية المتمثلة في مبادرة “الحزام والطريق”، التي أطلقها الرئيس تشي جين بينغ في عام 2013. وتستهدف هذه المبادرة ربط الصين بالعالم الخارجي من خلال شبكات متكاملة من الممرات البحرية والبرية، تسهم في توسيع تجارتها وزيادة استثماراتها الخارجية. وتحتل منطقة القرن الأفريقي موقعًا محوريًا ضمن المكوّن البحري لطريق الحرير، حيث تشرف على ممرات بحرية استراتيجية مثل مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وهي ممرات ضرورية لعبور السلع الصينية باتجاه أوروبا عبر قناة السويس، أو باتجاه جنوب القارة الأفريقية عبر المحيط الهندي.[47]

وقد أولت الصين اهتمامًا خاصًا بالاستثمار في البنية التحتية لدول المنطقة، من موانئ وسكك حديدية ومناطق صناعية، بهدف تعزيز حركة التبادل التجاري، ودعم مشاريع النقل واللوجستيات، مما يجعل من القرن الأفريقي نقطة ارتكاز مهمة في شبكة المبادرة. كما أن تسهيل حركة البضائع الصينية من خلال هذا المحور يسهم في تقليص مدة وكلفة النقل التجاري مقارنة بالطرق التقليدية، وهو ما يعزز من تنافسية الصين في التجارة العالمية، ويُرسّخ نفوذها الاقتصادي في القارة الأفريقية على المدى الطويل.[48]

ثالثًا: الأهداف والمصالح العسكرية:

شهد الحضور الصيني في منطقة القرن الأفريقي توسعًا ليتجاوز الأبعاد السياسية والاقتصادية، ويمتد نحو تحقيق أهداف عسكرية. ومع ازدياد التدافع الدولي على المنطقة ومواردها الطبيعية والمعدنية، سارعت القوى العظمى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية الكبرى، إلى تدشين قواعد عسكرية وانتزاع تسهيلات لوجستية وأمنية من حكومات المنطقة. ولم تجد الصين، باعتبارها قوة صاعدة، بدًّا من الانخراط في هذا المضمار، سعيًا إلى تعظيم مكاسبها الاستراتيجية وموازنة النفوذ الغربي المتزايد في المنطقة.[49] بدأت الصين خطواتها العسكرية الأولى في منطقة القرن الأفريقي عام 2008 عبر إرسال قوات بحرية إلى سواحل الصومال، تنفيذًا لقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن مكافحة القرصنة في خليج عدن، وقد زاد تدفق الأساطيل الحربية الصينية إلى خليج عدن خلال الفترة 2020-2022، واستكمالًا لهذه الجهود، وقعت الصين اتفاقًا مع حكومة جيبوتي لإنشاء أول قاعدة بحرية دائمة لها خارج حدودها، افتُتحت رسميًا عام 2017، وهو اتفاق يضمن استمرار الوجود العسكري الصيني في جيبوتي حتى عام 2026، وذلك بهدف دعم عمليات حفظ السلام، وتأمين الممرات البحرية الاستراتيجية، وحماية المصالح الصينية الحيوية في الخارج[50]. ويعكس هذا التواجد التحول في عقيدة الصين العسكرية التي كانت تاريخيًا ترفض التواجد العسكري خارج حدودها، مما يعكس التغيرات الجوهرية في السياسة الصينية.

كما تسعى الصين إلى تعزيز وجودها الأمني في المنطقة عبر توفير الدعم العسكري لبعض دول القرن الأفريقي، بما في ذلك توريد الأسلحة بأسعار تنافسية، ما يعزز نفوذها في أسواق السلاح في هذه المنطقة. وتشير بعض التقارير أن حكومة جيبوتي قامت بشراء الأسلحة الصينية لدعم جماعات مسلحة متحالفة معها في شمال الصومال، في حين برز الجيش الإثيوبي كأحد أبرز زبائن الأنظمة الصاروخية الصينية، لاسيما منظومات HQ-64 وصواريخ PL-11/FC-60  ذات القدرات المتقدمة.[51]

هذه السياسة العسكرية تهدف إلى تعزيز مكانة الصين كشريك أمني موثوق به في المنطقة، وتتناسب مع استراتيجيتها في التنافس مع القوى الغربية على النفوذ العسكري في القرن الأفريقي. من خلال هذه الخطوات، تحاول الصين ضمان حصة ثابتة لها في أسواق السلاح الإقليمية وحماية مصالحها الأمنية في مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة.[52]

ختامًا، يتّضح مما سبق أن منطقة القرن الأفريقي تُعد إحدى أبرز المناطق التي تجذب اهتمام كل من الولايات المتحدة والصين، لما تتمتع به من موقع جغرافي استراتيجي وموارد طبيعية وفرص اقتصادية واعدة. وقد تركزت الأهداف والمصالح القومية للطرفين حول تعزيز النفوذ، وتأمين المصالح الحيوية، وتوسيع مجالات الحضور والتأثير في المنطقة، لكن كل طرف ينطلق من اعتبارات وتوجهات خاصة تعكس أولوياته في السياسة الخارجية.

كما يتبيّن أن تعدد وتداخل المصالح في هذه المنطقة قد أسهم في خلق حالة من التنافس المتزايد من الجانبين، الأمر الذي يظهر في السياسات والمبادرات التي يتبناها كل طرف تجاه دول القرن الأفريقي. وهذا ما يدفع إلى التوسع في دراسة أبعاد هذا الحضور، من خلال التطرق إلى المظاهر التي تعكس التنافس القائم بينهما، وهو ما سيتم تناوله في المبحث التالي.

المبحث الثالث:

 مظاهر التنافس الأمريكي-الصيني في منطقة القرن الأفريقي(حالات مختارة)

يمثل التنافس الأمريكي-الصيني في القرن الأفريقي أحد أبرز ملامح الصراع الجيوستراتيجي في القارة الأفريقية، ولا يقتصر هذا التنافس على البعد العسكري فقط بل امتدّ ليشمل الأبعاد الاقتصادية أيضًا، حيث أدركت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين أن التأثير طويل الأمد في المنطقة لا يتحقق فقط من خلال القواعد العسكرية أو التعاون الأمني فقط  وإنما أيضًا عبر ترسيخ النفوذ الاقتصادي والتمدد داخل الهياكل التنموية للدول، لذلك تسعى الصين إلى تكريس حضورها في المنطقة من خلال مبادرة الحزام والطريق وتمويل مشاريع ضخمة للبنية التحتية في دول مثل جيبوتي وإثيوبيا، بينما توظف الولايات المتحدة أدواتها المتمثلة في المساعدات التنموية، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.

وبرزت الحروب التجارية والتواجد العسكري في المنطقة كأداتين مركزيتين في صراع النفوذ بين الدولتين نظرًا لموقعها الجغرافي المتميز على مضيق باب المندب، وغناها النسبي بالموارد، وقربها من أسواق شرق أفريقيا.

ويكشف هذا التداخل بين الأدوات الاقتصادية والعسكرية في سلوك كلٍّ من والولايات المتحدة والصين عن طبيعة المرحلة الجديدة من التنافس العالمي التي تتسم بدمج متزايد بين المصالح التجارية والمصالح لعسكرية والأمنية، كما يضع دول القرن الأفريقي أمام تحدٍّ مركّب وهو كيف يمكنها الاستفادة من هذا التنافس لتعزيز التنمية والبنية التحتية دون أن تتحول إلى مسرح لصراع القوى أو رهينة لاستقطابات دولية تهدد استقرارها الداخلي.

وعليه يتناول هذا المبحث مطلبين رئيسين: المطلب الأول وهو الحروب التجارية في منطقة القرن الأفريقي، ويتناول المطلب الثاني القواعد العسكرية في المنطقة.

المطلب الأول:

الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في منطقة القرن الأفريقي

تُعد الحروب التجارية واحدة من أبرز مظاهر الصراع الاقتصادي في العالم المعاصر حيث تشكل أداة تستخدمها الدول الكبرى لحماية مصالحها الاستراتيجية وتعزيز نفوذها العالمي، وبرزت الحروب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية فقد دخل الطرفان في سلسلة من الإجراءات الحمائية، وفرض الرسوم الجمركية المتبادلة منذ عام 2018، في محاولة من الولايات المتحدة لكبح الصعود الاقتصادي الصيني الذي بات يُنظر إليه باعتباره تهديدًا لمكانتها العالمية، وفي المقابل سعت الصين إلى تحصين مكتسباتها الاقتصادية وتوسيع نطاق نفوذها عبر مبادرات أبرزها مبادرة الحزام والطريق، وامتدت آثار الحروب التجارية بين الصين والولايات المتحدة إلى دول القرن الأفريقي التي أصبحت محورًا للتنافس الاقتصادي بين القوتين، وقد أثرت هذه الحروب على حركة التجارة والاستثمارات وأسعار السلع في المنطقة.

وبناءً على ذلك، يتناول هذا المطلب الحروب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية في منطقة القرن الأفريقي.

أولًا: تعريف الحرب التجارية:

هي صراع اقتصادي ناتج عن الحمائية المتطرفة في الدول التي تـصعد أو تـنشئ التعريفات أو غيرها من الحواجز التجارية ضد بعضها البعض ردًا على الحواجز التجارية التي أنشأها الطرف الآخر، أو هي مجموع الإجراءات والأساليب والحواجز التي يتخذها طرف ما في التجارة الخارجية ضد طرف آخر تؤدي في الأخير إلى ردود فعل بنفس الإجراءات المتخذة من الطرف الأول وتصاعد هذه الإجراءات مع الوقت.[53]

ويعرفها أخرون بأنها تعبير مركز لسياسة الحمائية التجارية وإحدى آثارها حيث تقوم بها بعض الدول لتحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والسياسية، تستخدم في هذه الحروب الرسوم الجمركية إضافة إلى الإجراءات الأخرى غير الجمركية مثل: حصص الاستيراد والشروط الإدارية وغيرها بهدف إعاقة أو تعطيل حركة بضائع الشركاء التجاريين، أو الضغط على هؤلاء للسماح بمزيد من صادرات الدولة للنفاذ إلى أسواقهم.[54]

وتتعدد دوافع وأدوات الحرب التجارية كباقي الحروب الأخرى والتي لديها أهداف وغايات سواء معلنة أو غير معلنة وهي: تقليل حدة العجز في الميزان التجاري، توسيع الحصة السوقية وازاحة المنافسين، الرد على ممارسات تجارية غير عادلة، حماية المنتج المحلي، زيادة إيرادات الرسوم الجمركية.

وتتمثل أدوات الحروب التجارية في أدوات مباشرة وأدوات غير مباشرة:

  • الأدوات المباشرة:
  • التعريفة الجمركية: هي رفع الرسوم الجمركية على الواردات بهدف زيادة إيرادات الدولة وحماية صناعاتها المحلية، مما يؤدي عادةً إلى ردود فعل مقابلة وتصاعد في الحرب التجارية.
  • الإغراق: هو تصدير السلع بأسعار أقل من أسعارها المحلية بهدف السيطرة على الأسواق الأجنبية، ويصعب إثباته مقارنة بالتعريفة الجمركية، وتُتهم الصين كثيرًا باستخدامه.
  • حصص الاستيراد: هي فرض حدود كمية على واردات بعض السلع للتحكم في السوق المحلي، رغم اعتباره ممارسة غير عادلة لأنه يعطل آلية العرض والطلب.

 

  • الأدوات الغير مباشرة:
  • إعانات التصدير: هي تقديم دعم مالي للمنتجين المحليين لخفض تكاليف الإنتاج.
  • تقليد السلع والعلامات التجارية: هي إنتاج سلع مقلدة تنتهك حقوق الملكية الفكرية، مما يضر بالمنتجات الأصلية والعلامات التجارية، ويشمل تقليد براءات الاختراع والأعمال الفنية.
  • الشائعات والأخبار الزائفة: هي استخدام الشائعات لتشويه سمعة الشركات المنافسة، مع استغلال وسائل الإعلام الحديثة لنشرها بسرعة مثل الاتهامات المتكررة ضد شركة “هواوي” بالتجسس لصالح الصين.[55]

ثانيًا: الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة في المنطقة:

يشكل القرن الأفريقي ساحة استراتيجية بارزة للحروب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، حيث تسعى كل من القوتين إلى تعزيز نفوذهما الاقتصادي في المنطقة، وتأتي أهمية القرن الأفريقي من موقعه الجغرافي المتميز المطل على مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية العالمية، بالإضافة إلى كونه بوابة نحو الأسواق الأفريقية الغنية بالموارد.[56]

وعلى مدى العقدين الماضيين تزايدت حدة المنافسة بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ في القرن الأفريقي لا سيما مع تعزيز الصين لوجودها منذ تسعينيات القرن الماضي عبر أنشطة التنقيب واستكشاف النفط، والاستثمار في مشاريع البنية التحتية، وقد تعزز هذا التوجه مع الإعلان عن مبادرة الحزام والطريق عام 2013 والتي هدفت إلى إحياء طريق الحرير القديم عبر الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري وطريق الحرير البحري، لربط الصين بشرق أفريقيا والمناطق الاخرى، وفتح مجالات واسعة للتنمية والاستثمار، وإرسال المساعدات التنموية.[57]

وجاء هذا التوسع الصيني في أفريقيا في وقت كانت الولايات المتحدة تتجه فيه جزئيًا نحو تقليص وجودها في القارة، مركزّة جهودها على منافسة الصين في محور شرق ووسط آسيا، إلا أن واشنطن عادت مؤخرًا لإبداء اهتمام متزايد بأفريقيا، بعد أن أصبحت القارة بؤرة رئيسية للتنافس بين القوتين، وزادت حدة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بسبب بفرض الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات الصينية وعودة التعريفات الجمركية في 2018 بقرار من الرئيس الامريكي (ترامب).

وتركز الاستراتيجية الأمريكية على تعزيز القطاع الخاص وفتح الأسواق الأفريقية أمام الشركات الأمريكية والتنافس مع مبادرة الحزام والطريق في محاولة موازنة النفوذ الصيني عبر تعزيز الاستثمارات الدبلوماسية والتجارية ودعم مشاريع البنية التحتية البديلة، وبرز ذلك عندما دعمت الولايات المتحدة إطلاق منطقة التجارة الحرة الأفريقية AFCFTA  عام 2019  باعتبارها مبادرة استراتيجية لتسهيل دخول الشركات الأمريكية في شركات موسعة بين القطاعين العام والخاص داخل أفريقيا، و إطلاق مبادرة ازدهار أفريقيا في عام 20 فبراير 2020 خلال إدارة ترامب حيث سعت المبادرة إلى تعزيز الاستثمارات الأمريكية في القطاعات الحيوية داخل أفريقيا وفي هذا الاطار قامت إدارة  بايدن بإعادة تنشيط هذه المبادرة من خلال تخصيص أكثر من 80 مليون دولار للاستثمار في مجالات البنية التحتية والطاقة النظيفة والرعاية الصحية.

وبالإضافة إلى ذلك الاهتمام المتزايد من جانب الولايات المتحدة بقضايا الحفاظ على البيئة ودعم عمليات تحول الطاقة بما ينسجم مع توجهاتها الاستراتيجية لمواجهة التغير المناخي وتعزيز التنمية المستدامة في القرن الأفريقي، وتأمين خطوط التجارة الدولية التي تمر عبر الممرات الحيوية على رأسها مضيق باب المندب في جيبوتي وتشكل هذه الممرات نقاطًا محورية في تدفق السلع ومصادر الطاقة للأسواق العالمية مما يضمن استمراريه حركه التجارة الدولية دون انقطاع ومن ثم الحفاظ على استقرار هذه المعابر يسهم بصوره مباشرة في دعم الاقتصاد الأمريكي ويعزز من موقع الولايات المتحدة ضمن منظومة الاقتصاد العالمي.[58]

وتركز الاستراتيجية الصينية على الاستثمار في البنية التحتية مثل مشاريع البنية التحتية الضخمة كجزء من مبادرة الحزام والطريق، حيث تشغل الشركات الصينية حوالي 50% من سوق العقود الإنشائية في إفريقيا، والتمويل الميسر فتقدم الصين قروض بأسعار فائدة منخفضة وفترات سداد طويلة، مع إعفاء بعض الديون للدول الأقل نمو، وبرز ذلك في تمويل الصين مشاريع كبرى في الموانئ مثل ميناء دوراليه في جيبوتي في عام 2017، والطرق والسكك الحديدية، مثل (مشروع سكة حديد أديس أبابا-جيبوتي) الذي تم تمويله من الصين في عام 2011 وتم الانتهاء منه في عام 2016.[59]

بينما على الجانب الأمريكي، ركزت الاستثمارات بشكل رئيسي على قطاعات مثل الكهرباء، وتصنيع النقل، والتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، إلى جانب التجارة والسياحة، وعلى الرغم من أن حجم الاستثمارات الأمريكية في القارة بلغ 33.3 مليار دولار في 2020 بزيادة طفيفة عن 2018، فإن وجودها في القرن الأفريقي ظل يعتمد بصورة رئيسية على الشراكات الأمنية ومكافحة الإرهاب خاصة في دول مثل جيبوتي وكينيا.[60]

وفي المقابل، توسعت الصين بقوة في المنطقة، وأصبحت الشريك التجاري الأكبر منذ أكثر من عقد، إذ بلغت التجارة بين الجانبين مستوى قياسيًا قدره 254.2 مليار دولار في 2020، خصوصًا عبر مبادرة “الحزام والطريق”.[61]

ختامًا، يتضح أن منطقة القرن الأفريقي أصبحت ميدانًا محوريًا للتنافس الاقتصادي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، حيث تُستخدم الحروب التجارية كأداة استراتيجية لبسط النفوذ وتعزيز المصالح الجيوسياسية في المنطقة، وقد انعكس هذا الصراع من خلال تأثيره على الاستثمارات والتجارة والبنية التحتية، حيث تقدم كل من الولايات المتحدة والصين نماذج مختلفة للتعاون والشراكة، إذ تروج الولايات المتحدة لنموذج قائم على الشفافية والديمقراطية والتمويل الخاص، بينما تقدم الصين تمويلات مرنة وسريعة التنفيذ غالبًا بدون شروط سياسية، مما يجعلها شريكًا جذابًا لكثير من دول المنطقة التي تسعى لتنمية بنيتها التحتية بسرعة.

المطلب الثاني:

 القواعد العسكرية لكل من الولايات المتحدة والصين في منطقة القرن الأفريقي

تمثل الآلية العسكرية أحد أبرز آليات السياسة الخارجية وأكثرها فاعليةً وحسمًا، خاصةً  إذا ما استهدفت المناطق التي تشهد تشابكًا في المصالح الإقليمية والدولية، وتزايدًا للتهديدات الأمنية غير المتماثلة. وتبرز القواعد العسكرية في هذا الصدد  كأحد الأدوات التي تستخدمها الدول الكبرى في سعيها إلى الهيمنة الإقليمية، وعادةً ما يكون ذلك جنبًا إلى جنب مع استخدام أدوات أخرى ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية أو دبلوماسية.

تعرف القاعدة العسكرية بأنها منشأة تأوي قوات مسلحة لدولة ما، وتستخدم كملجأ للمعدات  والأفراد، أو كمركز للقيادة، كما يمكن أن تستخدم للتدريب أو كميدان للاختبار.[62]

وتجدر الإشارة إلى أن القواعد العسكرية باتت تتصدر المشهد التنافسي بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين في القرن الأفريقي، وذلك في إطار سعي كلتا الدولتين لموازنة الوجود العسكري للأخرى، خاصةً في ظل تمتع كل من واشنطن وبكين بمصالح اقتصادية وجيوسياسية كبيرة في المنطقة، فضلًا عن رغبة كل منهما في تأمين الوصول للموارد الطبيعية التي تزخر بها دول الإقليم.

وفي هذا السياق، يستعرض هذا المطلب أهم القواعد العسكرية الأمريكية والصينية في منطقة القرن الأفريقي، وأسباب نشأة كل منها، وكذلك أثرها على زيادة حدة التنافس بين القوتين.

أولًا: القواعد العسكرية الأمريكية في القرن الأفريقي:

تعود أصول الوجود العسكري الأمريكي في شرق أفريقيا إلى سنوات الحرب الباردة،  وذلك من خلال القاعدة العسكرية الأمريكية التي أنشئت في إثيوبيا عام 1953 في إطار اتفاقيات المقايضة بين الإدارة الأمريكية والإمبراطور الإثيوبي “هيل سلاسي”.[63]

ولقد احتل القرن الأفريقي مكانة خاصة في الفكر الاستراتيجي للولايات المتحدة مع بداية الألفية الجديدة، وذلك بعد تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998، وتفجير السفينة “كول” بالقرب من السواحل اليمنية عام 2000، ثم أحداث 11 سبتمبر عام 2001 والتي أعادت تشكيل الأجندة الأمنية لواشنطن بشكل جذري، لتدخل منطقة القرن الأفريقي منذ ذلك الحين في إطار الاستراتيجيتين الأمريكية والدولية لمكافحة الإرهاب.[64]

بدأت الولايات المتحدة الأمريكية  في انتهاج أساليب شتى هدفت بشكل أساسي إلى حماية أمن ومصالح دول العالم الأول مما يعتمل من اضطرابات في “الدول الفاشلة”؛ حيث الفقر والفساد وضعف المؤسسات الذي يسمح بقيام الشبكات الإرهابية العابرة للحدود وجماعات الجريمة المنظمة، وقد كان إنشاء القواعد العسكرية في دول القرن الأفريقي أحد أهم الاجراءات المتخذة في هذا الصدد، وذلك بمباركة ودعم الشركاء المحليين الذين يهدفون لترسيخ الأمن في بلادهم من خلال الوجود العسكري الأجنبي.[65]

وقد شرعت واشنطن في توطيد نفوذها العسكري في القرن الأفريقي عام 2003، وهو العام الذي أنشئت فيه القاعدة العسكرية “كامب ليمونير” في جيبوتي[66] باعتبارها موقعًا مثاليًا للمراقبة والوصول إلى الشرق الأوسط وشرق أفريقيا وآسيا الوسطى، وجدير بالذكر أن جيبوتي تحوي أكبر عدد من القواعد العسكرية في العالم بواقع 9 قواعد أجنبية، كما يمثل تأجير المواقع العسكرية أحد أبرز الأساليب التي تنتهجها الحكومة الجيبوتية  في سعيها للبحث عن مصادر للدخل.[67]

ويبلغ تعداد قوات القاعدة الأمريكية في جيبوتي ما يقرب من 4000 جندي، والقاعدة مسؤولة بشكل أساسي عن العلاقات العسكرية وتنسيق العمليات مع دول المنطقة،  وقد أصبحت “كامب ليمونير” بعد ذلك مق ار للقيادة العسكرية الأمريكية في  أفريقيا( USAFRICOM ) التي تم تأسيسها عام 2007 بإعلان الرئيس الأمريكي “جورج بوش الابن، “وبتأكيد من خلفه “باراك أوباما” على دورها المكمل للسفارات الأمريكية في المنطقة.[68]

هذا وقد تم تدعيم النفوذ العسكري الأمريكي من خلال القاعدة الجوية للطائرات بدون طيار في منطقة “غرب مينش” جنوب إثيوبيا منذ عام 2011، وذلك بهدف الاستطلاع والتجسس على شرق أفريقيا، كما تستخدم الولايات المتحدة مطار”بليدوجل” بالصومال كقاعدة جوية للمراقبة والاستطلاع، وقد قام الرئيس الأمريكي السابق “جو بايدن” بتعزيز هذه القاعدة ب 500 جندي أمريكي بهدف دعم جهود الحرب على الإرهاب،[69] ويتوقع الخبراء في الآونة الأخيرة إقدام واشنطن على تأسيس قاعدة عسكرية في جمهورية أرض الصومال في مقابل الاعتراف الأمريكي بالدولة الناشئة، كما أذاعت صحيفة “فاينانشال تايمز” عن بدء المفاوضات بين إدارة الرئيس الأمريكي” دونالد ترامب” وقيادة أرض الصومال بشأن الاعتراف الرسمي بالجمهورية.[70]

ويمكن إجمال أهداف التمركز العسكري الأمريكي في المنطقة في التعاون الأمني مع دول القرن الأفريقي من أجل مواجهة التهديدات غير التقليدية ممثلةً في التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها “حركة شباب المجاهدين” في الصومال، وتصاعد نشاط القرصنة في البحر الأحمر منذ عام 2008،[71] فضلًا عن التصدي لتهديدات إيران عن طريق وكلائها من الحوثيين في اليمن، لاسيما خلال حالة الطواريء الإقليمية التي فرضتها الحرب في غزة منذ أكتوبر 2023، علاوة على موازنة التواجد الصيني في المنطقة، بما يمثله من محاولة للهيمنة الإقليمية وتطويق للوجود الأمريكي بسياج أمني.[72]

فمن الجدير بالذكر أنه منذ إطلاق مبادرة الح ازم والطريق في سبتمبر 2013، قد أصبحت منطقة القرن الأفريقي جزئًا من الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وهو ما قاد الصين نحو حماية مصالحها الاقتصادية في الإقليم من خلال تأكيد تواجدها العسكري منذ عام 2017، الأمر الذي مثل نقطة تحول في مسلسل التنافس الصيني الأمريكي في المنطقة، ومن ثم دفع بالولايات المتحدة نحو تنويع سبل وجودها العسكري بدول القرن  من أجل احتواء المد الصيني.

ثانيًا: القواعد العسكرية الصينية في القرن الأفريقي: 

لقد تأثر الوجود العسكري في منطقة القرن الأفريقي بشكل عميق بالمتغيرات التي طرأت على النظام الدولي خلال العقدين الأخيرين، شأنها في ذلك شأن المناطق المختلفة حول العالم التي تشهد حالة من العسكرة  الناتجة عن التنافس الدولي بين القوى الكبرى، وفي هذا السياق يمكن القول أن الصعود الصيني مع بدايات القرن الحادي والعشرين قد مثل نقطة تحول في المعادلة الأمنية والاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ إذ تراجع الدور الأوروبي في المنطقة أمام تصاعد الدور الأمريكي- الصيني.[73]

طالما اتخذت السياسة الخارجية الصينية خارج إقليم شرق آسيا والمحيط الهادي منحى سياسًا واقتصاديًا، فيما عُرف بسياسة “عدم التدخل”، وهو ما يشير إلى تحفظ بكين الشديد إزاء التورط العسكري خارج حدود إقليمها، وعلى المنوال نفسه سارت علاقة الصين مع دول القرن الأفريقي، إذ اقتصرت العلاقات الصينية مع دول المنطقة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين على مجموعة من المشروعات الاقتصادية والاستثمارية.[74]

ظهر تحول بكين عن فلسفة عدم عسكرة السياسة الخارجية مع تدفق الأساطيل الحربية الصينية إلى خليج عدن منذ عام 2008، ويحاجج فريق من الباحثين أن التحرك العسكري الصيني صوب شرق أفريقيا قد أعقب استهداف القراصنة 6 سفن صينية في الفترة ما بين 2000 إلى 2006، وذلك في إطار مبدأ “مساعدة الذات”.[75]

وقد استهدف التواجد العسكري الصيني في القرن الأفريقي من ناحية أخرى حماية مصالح بكين الاقتصادية،  وتأمين وصولها للموارد الطبيعية التي يأتي على رأسها الهيدروكربون في إثيوبيا والصومال، خاصةً في الفترة التي أعقبت تدشين مبادرة الحزام والطريق، وتجدر الإشارة إلى أن إخلاء المناطق التي يقطن فيها المواطنون الصينيون خلال الأزمة الليبية عام 2011 قد أسهم بشكل كبير في إعادة تشكيل موقف بكين الرافض للتمركز العسكري في القارة الأفريقية، ذلك بالإضافة إلى رغبة الصين في ترسيخ صورتها كقوة كبرى لا قوة صاعدة مع بدايات العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وذلك عن طريق المشاركة في النشاط الأمني في إقليم شرق أفريقيا.[76]

وقد تضافرت العوامل السابقة مجتمعةً وأسهمت في بلورة التواجد العسكري الصيني الأبرز في شرق أفريقيا، ممثلًا في القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي التي تم تأسيسها عام 2017، هذا وتحرص الصين على تقديم قاعدتها العسكرية على أنها ذات وظيفة دفاعية لا هجومية، وقد تجلى ذلك في تغيير اسم القاعدة من “الدعم اللوجستي العسكري” إلى “القاعدة الوقائية”، وصرحت الصين في أعقاب تأسيس القاعدة بأن الهدف منها تأمين الاستثمارات الصينية في المنطقة والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وحماية تدفقات مواردها النفطية عبر مضيق باب المندب، وكذلك الاستجابة للتهديدات الإقليمية الطارئة.[77]

ومن المُلاحظ أن القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي قد أُنشئت على بعد بضعة أميال من القاعدة الأمريكية، وهو ما يعكس رغبة الصين في تأكيد تواجدها العسكري في المنطقة في مواجهة الوجود الأمريكي، وهو ما أثار بدوره حفيظة واشنطن ودفع بالأوساط الرسمية الأمريكية لإدانة النفوذ العسكري المستحدث للصين في القرن الأفريقي باعتباره منطقة نفوذ غربي أمريكي، لاسيما مع تصاعد الاتهامات الموجهة لعناصر القاعدة الصينية باستخدام أجهزة الليزر لإعاقة رؤية الطيارين الأمريكيين،  وتردد التكهنات حول احتمالية مغادرة الجنود الأمريكيين من قاعدة الولايات المتحدة في جيبوتي إذا ما سيطرت الصين على ميناء “دوارليه”.[78]

هذا وقد أحاطت الشكوك بالقاعدة الصينية في جيبوتي مع تفاقم الصراع بين جماعة الحوثي والقوات الغربية في البحر الأحمر على خلفية الحرب في غزة منذ أكتوبر 2023، الأمر الذي دفع بالقائم بأعمال السفير الصيني لدى اليمن “شاو شينج”  للتأكيد على عدم تورط القاعدة أو قوات البحرية الصينية المتمركزة في خليج عدن في الصراع القائم، خاصةً في ظل الاتهامات الموجهة من جانب واشنطن للشركات الصينية بتصدير الأسلحة للحوثيين.[79]

وعليه، فإن الصين تعّد قاعدتها العسكرية في جيبوتي كي تكون جبهة مواجهة محتملة مع الولايات المتحدة الأمريكية،[80] وهو ما يعكس اتجاه بكين المتزايد نحو أمننة وجودها في القرن الأفريقي من أجل دحر الوجود الأمريكي من ناحية، وحماية مصالحها الحيوية من ناحية أخرى.

يمكن إجمال القول في شأن مظاهر التنافس الأمريكي-الصيني في المنطقة، بأن التنافس بصيغتيه الاقتصادية والعسكرية قد جاء كانعكاس لحرص القوتين على حماية مصالحهما الحيوية في الإقليم، ومن ثم أمست دول القرن الأفريقي ساحة استراتيجية تتجلى فيها ملامح هذا التنافس بوضوح، ومن الملاحظ أن الدولتين قد اتجهتا نحو ادخال تعديلات جذرية فيما يتعلق بتوجهات السياسة الخارجية لكل منهما؛ إذ سارعت واشنطن نحو تكثيف تواجدها الاقتصادي والعسكري بدول القرن نظرًا لاتساع مجال المواجهة الأمريكية الصينية ليضم الدول الأفريقية المتاخمة للبحر الأحمر بعدما كان مقتصرًا على محور شرق ووسط آسيا، بينما انصرفت بكين عن عقيدة “عدم التدخل العسكري” وأقدمت على بناء أول قاعدة عسكرية خارج حدود إقليمها وهي القاعدة الواقعة في جيبوتي، كما يمكن رصد حالة من الاستقطاب الاقتصادي لدول الإقليم من جانب كل من الولايات المتحدة والصين؛ ويظهر ذلك من خلال سعي كلتا الدولتين نحو اجتذاب دول القرن ذات الاقتصادات الهشة عن طريق المساعدات والقروض الميسرة أو تدعيم الاستثمار والقطاع الخاص، وكذلك استغلال الهشاشة الأمنية لدول الإقليم من أجل تأسيس شراكات ذات طابع أمني واستراتيجي تهدف في المقام الأول لحماية المصالح الأجنبية وتصب في صالح المساعي المتبادلة للدولتين من أجل الهيمنة.

خاتمة الدراسة

لقد استهدفت هذه الدراسة بيان أهم أسباب وملامح التنافس الأمريكي الصيني في منطقة القرن الأفريقي، وذلك باستخدام كل من المنهج الاستقرائي والمدخل الجيوبولتيكي ومدخل المصلحة القومية، وتم تقسيم الدراسة إلى ثلاثة مباحث؛ إذ تناول المبحث الأول مفهوم ومحددات التنافس الدولي، والمقصود بمنطقة القرن الأفريقي وتحديد نطاقها الجغرافي، بينما تناول المبحث الثاني الأهداف والمصالح القومية لكل من الولايات المتحدة والصين في دول القرن، وتناول المبحث الثالث أهم مظاهر التنافس بين الدولتين  بالتركيز على أسلوبي الحرب التجارية، والقواعد العسكرية.

هذا وقد توصلت الدارسة لعدد من النتائج؛ حيث يمكن إجمال أهم النتائج التي انتهى إليها المبحث الأول في تعدد تعريفات وأشكال التنافس الدولي وإن كان تعريف التنافس باعتباره أحد العمليات السلمية التي يسعى كل طرف فيها للفوز على الطرف الآخر باستخدام الأدوات السلمية هو التعريف الأكثر شمولًا وإلمامًا بمختلف جوانب الظاهرة، كما إنتهى المبحث إلى تحديد الرقعة الجغرافية لمنطقة القرن الأفريقي في أربعة دول هم إريتريا وجيبوتي والصومال وإثيوبيا، وبيان عوامل أهمية المنطقة والتي تتلخص في الموقع الجغرافي المتميز والموارد الطبيعية من ثروات نفطية ومعادن استراتيجية.

وقد انتهى المبحث الثاني إلى تشعب المصالح القومية لكل من الولايات المتحدة والصين في دول القرن؛ إذ تتعامل الولايات المتحدة مع المنطقة باعتبارها أحد بؤر الصراع الساخنة حول العالم والتي ينبغي إعمال النفوذ الأمريكي فيها من أجل حماية مصالح دول العالم الأول وتأمين حركة التجارة العالمية، ذلك فضلًا عن كونها إحدى ساحات التنافس مع بكين من أجل استعادة الهيمنة الأمريكية العالمية، بينما تضع الصين نصب أعينها الدور الحيوي الذي تلعبه منطقة القرن الأفريقي في مبادرة الحزام والطريق، بالإضافة إلى ما تمثله دول القرن -شأنها في ذلك شأن جميع دول أفريقيا- من كتلة تصويتية في المحافل الدولية  عندما يتعلق الأمر بقضية تايوان، إذ تسعى بكين لدعم سياسة “الصين الواحدة” بمختلف سبل الدعم خاصةً من خلال عزل تايوان دوليًا، ذلك فضلًا عن المساعي الصينية الرامية لتطويق نفوذ الولايات المتحدة في المناطق المختلفة حول العالم، خاصةً في مناطق النفوذ الغربي والأمريكي التقليدي مثل القارة الأفريقية.

بينما انتهى المبحث الثالث والأخير إلى انعكاس المصالح القومية للدولتين على تعدد ميادين التنافس الأمريكي الصيني في المنطقة، وبلوغه مراحل غير مسبوقة، لاسيما في ظل تعدد المبادارت الصينية الهادفة للتمدد الاقتصادي والجيوسياسي، والتوجهات اليمينية للإدارة الأمريكية الحالية التي تسعى لاستعادة الدور القيادي للولايات المتحدة من خلال مجابهة النفوذ الصيني في الأقاليم المختلفة حول العالم نظرًا للمكانة العالمية الكبيرة التي تبوأتها بكين بفضل صعودها الاقتصادي وتغلغلها المتسارع في الأسواق العالمية خلال العقدين الأخيرين، فضلًا عن إدخال تعديلات جذرية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الصينية تجلى أبرزها في التخلي عن مبدأ “عدم التدخل العسكري”، وهو ما ألقى بظلاله على تنوع  مظاهر وأدوات التنافس المستخدمة من جانب القوتين في سعيهما للهيمنة على مقدرات دول القرن، بدءًا بالأساليب السياسية والدبلوماسية، ومرورًا باستخدام الأداة الاقتصادية والتي ظهرت في أسلوب الحرب التجارية والاستقطاب الاقتصادي لدول المنطقة من خلال الشراكات الاقتصادية في مشروعات البنية الأساسية والإنشاءات وتقديم المنح والمساعدات المالية، وانتهاءًا باللجوء إلى وسائل القوة الخشنة ممثلة في القواعد العكسرية بمختلف أشكالها، وأبرزها القواعد الأمريكية البحرية والجوية في كل من جيبوتي والصومال وإثيوبيا، والقاعدة البحرية الصينية في جيبوتي.

ويمكن القول في ضوء ما سبق أن أسباب التنافس  الأمريكي الصيني في القرن الأفريقي قد تجلت في سعي الدولتين لحماية مصالحهما الحيوية في المنطقة، من خلال مواجهة التهديدات الأمنية غير التقليدية التي تعيق حركة التجارة الدولية ممثلة في الجماعات الإرهابية ونشاط القرصنة في البحر الأحمر، بالإضافة إلى الحفاظ على  الشراكات الاقتصادية والاستراتيجية مع دول المنطقة لما تمثله الأسواق المحلية لهذه الدول من أهمية للاقتصاد الأمريكي والصيني، وتأمين الوصول للموارد الطبيعية في المنطقة وعلى رأسها النفط، فضلًا عن استغلال الموقع الاستراتيجي للقرن الأفريقي في التمركز العسكري من أجل التصدي للخصوم الإقليميين والدوليين.

أما عن أبرز ملامح التنافس، فقد ظهرت في الاستقطاب الاقتصادي والعسكري لدول المنطقة، وذلك من خلال دعم المشروعات الاستثمارية والقطاع الخاص من جانب واشنطن، أو تقديم المساعدات المالية  الميسرة ودعم مشروعات البنية الأساسية من جانب بكين، ومن ناحية أخرى، استغلال العجز المالي لدول القرن بتأجير المواقع العسكرية الجوية والبحرية نظير الإنعاش المؤقت لاقتصاد هذه الدول.

قائمة المراجع:

) أ) المراجع باللغة العربية:

أولًا: الكتب العلمية:

  • أحمد، سامي السيد، السياسة الأمريكية تجاه صراعات القرن الأفريقي ما بعد الحرب الباردة ” الدور والاستجابة”.( مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2010).
  • محرز، أحمد محمد، الحق في المنافسة المشروعة في مجالات النشاط الاقتصادي. (الإسكندرية: منشأة المعارف، 1994).
  • مسلم، طلعت، القواعد العسكرية الأجنبية في الوطن العربي. (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2011).
  • مقلد، إسماعيل صبري، العلاقات السياسية الدولية: دراسة في الأصول والنظريات، (القاهرة: المكتبة الأكاديمية، 1991).
  • وهبان، أحمد، مقرر إدارة الصراع الدولي. (كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسكندرية، 2022-2023).

        ثانيًا: الدوريات والمجلات العلمية:

  • بدوي، سمير، تأثيرات الصراعات الحدودية في القرن الأفريقي: إريتريا نموذجا، مجلة السياسة الدولية. العدد 212، (أبريل 2018)، ص 102- 103.
  • بدوي، منير محمود، مفهوم الصراع دراسة في الاصول النظرية للأسباب والانواع، مجلة الدراسات المستقبلية، جامعة أسيوط، العدد 3، (1997)، ص 100-104.
  • بوقاعدة، التوفيق، ” الاستراتيجية الأمريكية الجديدة اتجاه إفريقيا: دراسة في الدوافع والتحديات”، مجلة مدارات. العدد 1، المجلد7، (2023)، ص 49-71.
  • الحسناوي، الحسن، “استراتيجية الوجود الصيني في أفريقيا: الدينامات والانعكاسات”، مجلة المستقبل العربي. العدد 466، المجلد 40، (2017)، ص102-124.
  • الحسناوي، الحسن ، “التنافس الدولي في إفريقيا: الأهداف والوسائل”، المجلة العربية للعلوم السياسية. العدد 29، (2011)، ص 106-125.
  • خليفة، أحمد عبدالرحمن، مراجعة تقرير فهم عصر التنافس الدولي القادم: اتجاهات تاريخية ونظرية، مركز أركان للدراسات والأبحاث والنشر. (أبريل 2022)، ص 13-18.
  • سالم، مروة، معادلة الصراعات الإقليمية والداخلية في القرن الأفريقي، مجلة السياسة والاقتصاد. جامعة بني سويف، العدد 21، المجلد 22، (2024)، ص 154-158
  • السرساوي، أحمد السيد، “مظاهر التنافس السياسي الأمريكي الصيني في القرن الأفريقي منذ عام 2015″، مجلة الدراسات الأفريقية. العدد 3، مجلد 46، (يوليو 2024)، ص167-213.
  • عبد الحليم، حسن وأبو العنين، محمود،” الاستراتيجية الأمريكية في أفريقيا بعد الحرب الباردة بالتركيز على القرن الأفريقي”، مجلة الدراسات الأفريقية. العدد 2، المجلد 45، (2023)، ص 517-547.
  • عثمان، عبد الرازق علي، القرن الأفريقي: 1 – التاريخ والجيوبوليتيك، مجلة مركز الوثائق والدراسات الإنسانية، جامعة قطر، العدد 4، المجلد 4، (1992) ص 365-402.
  • عطا الله، بن مسعود، “أثر الحروب التجارية على المتغيرات الاقتصادية الدولية”، مجلة البحوث والدراسات التجارية. العدد 2، المجلد 4، (سبتمبر 2020)، ص 9-33.
  • عطية، حليمة، وأخرون، “دراسة تحليلية لأثر الحروب التجارية بين الاقتصاديات الكبرى على الاقتصاد العالمي الصين والولايات المتحدة الأمريكية نموذجًا”، مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والانسانية. العدد1، المجلد 16، (2024)، ص 329-342.
  • عياد، إيهاب، “الأمن الجيوسياسي للقرن الأفريقي وديناميات القوى الفاعلة: الآفاق المستقبلية لإعادة الصياغة الجيوسياسية”، مجلة السياسة والاقتصاد، جامعة بني سويف، المجلد 12، العدد 11 (يوليو 2021)، ص 1-41.
  • عيسى، محمد، مفهوم القرن الأفريقي وأهميته الاستراتيجية، مجلة دراسات حوض النيل، العدد 13، المجلد 9، (2016)، ص 382-387.
  • محروس، هند، “الوجود العسكري الأجنبي و تأثيره على الأمن الإقليمي”، مجلة الدراسات الأفريقية، المجلد 43، العدد 1(يناير 2021)، ص 167-206.
  • محيي الدين، شيماء، “دوافع وتداعيات التوسع الصيني في القرن الإفريقي”، مجلة السياسة الدولية. العدد 214، المجلد 53، (أكتوبر 2018)، ص 14-29.
  • مرعي، نجلاء، “النفوذ العسكري الأمريكي في أفريقيا في ظل التدافع الدولي”، مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية. تقرير تحليلي، (أبريل 2024)، ص4-26.
  • مسعد، فؤاد، “من تأسيس المشاريع الاقتصادية إلي بناء القواعد العسكرية: النفوذ الصيني في القرن الأفريقي”، مركز أبعاد للدراسات والبحوث. (ديسمبر 2023)، ص1-18.
  • وهبان، أحمد، النظرية الواقعية وتحليل السياسة الدولية من مورجنثاو إلى ميرشايمر”دراسة تقويمية”، مجلة كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية. جامعة الإسكندرية، العدد 2، (يوليو2016)، ص 20-31.

        ثالثًا: الرسائل العلمية:

  • خليفة، أحمد عبدالرحمن، التنافس الأمريكي-الصيني في غرب أفريقيا خلال الفترة 2009-2020، (رسالة ماجيستير في العلاقات الدولية، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسكندرية، 2022).

        رابعًا: المواقع الإلكترونية:

  • أحمد، هشام قدري، “توظيف القوة الناعمة في سياسة الصين الخارجية تجاه القرن الإفريقي”، قراءات إفريقية. ديسمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 25 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://qiraatafrican.com/25471/.
  • أشرف، نسيبة، الحرب التجارية الامريكية الصينية والتنافس على الهيمنة الاقتصادية، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 14 أغسطس 2023، تاريخ الاطلاع: 26 ابريل 2025، متاح على الرابط: https://surl.li/fbzkdf،
  • تعريف ومعني كلمة “تنافس” في معجم العربية الكلاسيكية والمعاصرة (عربي/عربي)، تاريخ الاطلاع: 19 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://mou3jam.online/dictionaries/get_dictionary_words/113/
  • الجلداوي، هند محروس، “الدور العسكري الصيني في القرن الإفريقي: الأنماط والتحديات”، قراءات إفريقية. فبراير 2023، تاريخ الاطلاع: 26 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://qiraatafrican.com/4196/.
  • حبتور، عبدالهادي، “الصين تدعم الشرعية وتتحدث مع الحوثيين وترفض هجماتهم البحرية”، الشرق الأوسط. 13 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع: 29 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/العالم-العربي/5037888-الصين-تدعم-الشرعية-وتتحدث-مع-الحوثيين-وترفض-هجماتهم-البحرية
  • خريض، أحمد، التنافس الصيني الأمريكي على القارة الأفريقية، المعهد المصري للدراسات، 12 مايو 2020، تاريخ الاطلاع: 26 ابريل 2025، متاح على الرابط: .https://surl.li/ousalw
  • الزبير، محمد عزام، “صعود الدور الصيني في منطقة القرن الإفريقي: الدوافع والتداعيات”، قراءات إفريقية. ديسمبر 2020، تاريخ الاطلاع: 25 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://qiraatafrican.com/4062/.
  • زكريا، محمود، “القواعد العسكرية في جيبوتي: الواقع والأسباب”، مركز فارس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية. 28 أكتوبر 2020، تاريخ الاطلاع: 28، أبريل 2025، متاح على الرابط: https://pharostudies.com/القواعد-العسكرية-في-جيبوتي-الواقع-وال/.
  • سلطان، أحمد، ” الطاقة مفتاح التنمية: القرن الأفريقي وجهة استثمارية مستقبلية واعدة”، المرصد المصري. تاريخ الاطلاع: 30 أبريل 2025، متاح على الرابط:  https://marsad.ecss.com.eg/81993 .
  • الشعراوي، إيمان، “القواعد العسكرية في منطقة القرن الأفريقي وأثرها على الأمن القومي المصري”، مركز الدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم، تاريخ النشر: 23 سبتمبر 2021، تاريخ الاطلاع : 27 ابريل 2025، متاح على الرابط : https://nvdeg.org/القواعد-العسكرية-فى-منطقة-القرن-الأفر/
  • عبد السلام، جيهان، “ثلاثية التنافس الاقتصادي العالمي في إفريقيا”، قراءات إفريقية. يناير 2025، تاريخ الاطلاع : 29 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://qiraatafrican.com .
  • عبد النبي، نشوى، الاستثمارات الصينية والبنية التحتية في افريقيا هل هي استثمارات في المستقبل ام عبء على الأجيال القادمة، منصة الدراسات الأمنية وأبحاث السلام، 7 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 26 ابريل 2025، متاح على الرابط: .https://bit.ly/3Yk0HZ4
  • عبدالحليم، أميرة، “القواعد العسكرية في البحر الأحمر وتغير موازيين القوى”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. 30 يناير 2018، تاريخ الاطلاع: 27 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/16525.aspx .
  • عبدالرحمن، حمدي، “أبعاد أمننة الوجود الصيني في القرن الأفريقي”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة. 18 يوليو 2022، تاريخ الاطلاع: 29 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/7445/ .
  • فهمي، أسماء، أمريكا والصين تنافس على التواجد في أفريقيا، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 12 مارس 2023، تاريخ الاطلاع: 26 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://surl.li/bxhukh.
  • نذير، حمدي محمد، ظاهرة التنافس الدولي في العلاقات الدولية، المركز الديموقراطي العربي. يونيو 2014، تاريخ الاطلاع: 19 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://democraticac.de/?p=1775 .
  • “مقترح قاعدة أمريكية بأرض الصومال يعيد الجدل حوّل الإقليم الانفصالي”، الشرق الأوسط. 16 مارس 2025، تاريخ الاطلاع: 29 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/العالم-العربي/شمال-افريقيا/5122577-مقترح-قاعدة-أميركية-بـأرض-الصومال-يعيد-الجدل-حول-الإقليم.

(ب) المراجع باللغة الإنجليزية:

A- Books:

  • Mitchell, C.R., the Structure of International Conflict. (Macmillan Press, London, 1981). 

B- Periodicals:

  • Bereketeab, Redie, “External Interventios and consequences In Horn of Africa”, International journal of US and African studies, Vol.1, No.1(6 October 2021), P.78.
  • Burgess, Stephen, “The United States In The Horn of Africa: The role of ”he military”, Air University, (2015), P.32
  • Dessie Tegenge. Yalemzewd, “Neo-colonialism: A Discussion of USA Activities in the Horn of Africa” Cogent Arts & Humanities,Vol 11, No. 1, (2024) :P.3
  • Gaens, Bart, Ville Sinkkonen. Great-Power Competition and the Rising US-China Rivalry. Finnish Institute of International Affairs, Helsinki، (Sept. 2020).
  • Gnanguênon. Amandine, “US Interests and African Agendas: Africa Policy After the 2024 Elections”, Washington, DC: GMF Geostrategy.( September 27, 2024).
  • Magara, Ibrahim, Kinkoh, Hubert, “China’s military positioning In The Horn of Africa and It’s implications for regional and global security”, The Zambakari Advisory, (2020), P.50
  • Melese, Abebe, “The Chinese and American military Installations in Djibouti and regional security Implications”, China Quarterly of International strategic studies, Vol.8, No.4, (2022), P.24.
  • Watts, Stephen, Nathan Beauchamp-Mustafaga, Benjamin N. Harris, and Clint Reach., Alternative World-views: Understanding Potential Trajectories of Great-Power Ideological Competition. CA: RAND Corporation, Santa Monica, (2020). 

C- Online resources:

Abstract: This study addresses the U.S.-China rivalry in the Horn of Africa using an inductive approach that aims to identify the dominant patterns and orientations of this competition within the narrowly defined Horn of Africa, which includes four countries: Ethiopia, Djibouti, Eritrea, and Somalia. The study begins by defining the concept of international rivalry and its determinants, including related and overlapping concepts such as international conflict, international dispute, and international competitiveness. It also introduces the Horn of Africa and its strategic importance, which stems from its geographical location at the intersection of three continents—Asia, Africa, and Europe—its access to the Gulf of Aden and the Indian Ocean, its oversight of international maritime routes, and its wealth of diverse natural and mineral resources.

The study examines the national goals and interests of both the United States of America and the People’s Republic of China in the region, focusing on three main dimensions: political-strategic, economic, and military. The United States seeks to restore its global leadership role, secure international trade routes, and maintain a military presence to monitor security threats in the region, viewing it as part of its national security strate

American-Chinese Rivalry in the Horn of Africa Since 2013: A Study of Objectives and Mechanisms

(research is submitted as a main requirement for the graduation project course)

 

Preparation:

 

Eslam Said Awad Salem
Asmaa Suleiman Mustafa Gendy
Fatma Mohamed Abdelshafy Mohamed
Mariam Ibrahim Ahmed Mohamed
Mona Sherif El maddah Tag Eldin

 

Supervision

Dr. Adel Antar

Assistant Professor of Political Science

2025

[1] أحمد وهبان، “النظرية الواقعية وتحليل السياسة الدولية من مورجنثاو إلى ميرشايمر”دراسة تقويمية”، مجلة كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية. جامعة الإسكندرية، العدد 2، (يوليو 2016)، ص29.

[2] Gaens Bart, Ville Sinkkonen, Great-Power Competition and the Rising US-China Rivalry. Finnish Institute of International Affairs, Helsinki, Sept. (2020), p 11.

[3] تعريف ومعني كلمة  “تنافس” في معجم العربية الكلاسيكية والمعاصرة (عربي/عربي)، تاريخ الاطلاع: 19 أبريل 2025،متاح على الرابط:https://mou3jam.online/dictionaries/get_dictionary_words/113/.

 [4] منير محمود بدوي، “مفهوم الصراع دراسة في الاصول النظرية للأسباب والانواع”، مجلة الدراسات المستقبلية. جامعة أسيوط، العدد 3، (1997)، ص 36.

[5] حمدي محمد نذير، “ظاهرة التنافس الدولي في العلاقات الدولية”، المركز الديموقراطي العربي.  يونيو 2014، تاريخ الاطلاع: 19 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://democraticac.de/?p=1775.

[6]  أحمد عبدالرحمن خليفة، التنافس الأمريكي-الصيني في غرب أفريقيا خلال الفترة 2009-2020. (رسالة ماجستير في العلاقات الدولية، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسكندرية، 2022)، ص 30.

[7] إسماعيل صبري مقلد، العلاقات السياسية الدولية: دراسة في الأصول والنظريات. (القاهرة: المكتبة الأكاديمية، 1991)، ص 223.

[8]  أحمد وهبان، مقرر إدارة الصراع الدولي. (كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسكندرية، 2022-2023)، ص 7.

[9] Mitchell, C.R., The Structure of International Conflict. )Macmillan Press, London, 1981(, p. 16.

[10] أحمد وهبان، مقرر إدارة الصراع الدولي، مرجع سبق ذكره. ص 33.

[11] أحمد محمد محرز، الحق في المنافسة المشروعة في مجالات النشاط الاقتصادي. (الإسكندرية: منشأة المعارف، 1994)، ص56.

[12]أحمد عبدالرحمن خليفة، “مراجعة تقرير فهم عصر التنافس الدولي القادم: اتجاهات تاريخية ونظرية“، مركز أركان للدراسات والأبحاث والنشر. (أبريل 2022)، ص 13.

[13]  المرجع السابق. ص 14

[14] Watts, Stephen, Nathan Beauchamp-Mustafaga, Benjamin N. Harris, and Clint Reach., Alternative World-views: Understanding Potential Trajectories of Great-Power Ideological Competition. CA: RAND Corporation, Santa Monica, (2020), p. 4-7.

[15]  أحمد وهبان، النظرية الواقعية وتحليل السياسة الدولية من مورجنثاو إلى ميرشايمر “دراسة تقويمية”، مرجع سبق ذكره، ص 20-24.

[16]  أحمد عبدالرحمن خليفة، مراجعة تقرير فهم عصر التنافس الدولي القادم: اتجاهات تاريخية ونظرية، مرجع سبق ذكره، ص 17-18.

[17]  المرجع السابق. ص 20.

[18]  سامي السيد أحمد، السياسة الأمريكية تجاه صراعات القرن الأفريقي ما بعد الحرب الباردة ” الدور والاستجابة”. (مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2010)، ص 7.

[19] Merriam-Webster dictionary, “Horn of Africa”, accessed April 26, 2025, https://www.merriam-webster.com/dictionary/Horn%20of%20Africa.

[20] عبدالرازق علي عثمان، “القرن الأفريقي: 1 – التاريخ والجيوبوليتيك”، مجلة مركز الوثائق والدراسات الإنسانية. جامعة قطر، العدد 4، المجلد 4، (1992).

[21]  مروة سالم، “معادلة الصراعات الإقليمية والداخلية في القرن الأفريقي”، مجلة كلية السياسة والاقتصاد. بني سويف، العدد 21، المجلد 22، (2024)، ص 157.

[22]  محمد عيسى، “مفهوم القرن الأفريقي وأهميته الاستراتيجية”، مجلة دراسات حوض النيل. العدد 13، المجلد 9، (2016)، ص 385.

[23]  سمير بدوي، “تأثيرات الصراعات الحدودية في القرن الأفريقي: إريتريا نموذجا”، مجلة السياسة الدولية. العدد 212، (أبريل 2018)، ص 102.

[24] جيهان عبد السلام، “ثلاثية التنافس الاقتصادي العالمي في إفريقيا”، قراءات إفريقية. يناير 2025، تاريخ الاطلاع: 29 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://qiraatafrican.com

[25] Yalemzewd Dessie Tegenge, “Neo-colonialism: A Discussion of USA Activities in the Horn of Africa” Cogent Arts & Humanities,Vol 11, No. 1, (2024) :P.3.

[26] أحمد السيد السرساوي، “مظاهر التنافس السياسي الأمريكي الصينى في القرن الأفريقي منذ عام2015″، مجلة الدراسات الأفريقية. العدد 3، المجلد 46، (2024)، ص171،172.

[27] المرجع السابق، ص172.

[28]   Yalemzewd Dessie Tegenge, OP. Cit,P.4_7.

[29] جيهان عبد السلام، مرجع سبق ذكره.

[30] Amandine Gnanguênon, “US Interests and African Agendas: Africa Policy After the 2024 Elections”, Washington, DC: GMF Geostrategy.( September 27, 2024).

[31] التوفيق بوقاعدة، “الاستراتيجية الأمريكية الجديدة اتجاه إفريقيا: دراسة في الدوافع والتحديات”، مجلة مدارات. العدد1، المجلد 7، 2023))، ص59.

[32] أحمد سلطان، ” الطاقة مفتاح التنمية: القرن الأفريقي وجهة استثمارية مستقبلية واعدة”، المرصد المصري. تاريخ الاطلاع: 30 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://marsad.ecss.com.eg/81993.

[33] حسن عبد الحليم ومحمود أبو العنين،” الاستراتيجية الأمريكية في أفريقيا بعد الحرب الباردة بالتركيز على القرن الأفريقي”، مجلة الدراسات الأفريقية. العدد 2، المجلد 45، (2023)، ص528،529.

[34] الحسن الحسناوي، “التنافس الدولي في إفريقيا: الأهداف والوسائل”، المجلة العربية للعلوم السياسية. العدد 29، (2011)، ص111.

[35] محمد فؤاد، “التنافس على بناء القوات العسكرية في القارة الإفريقية وتأثيره على الأمن القومي المصري والإثيوبي”، قراءات إفريقية. (نوفمبر 2017)، تاريخ الاطلاع: 29 أبريل2025، متاح على الرابط:https://qiraatafrican.com .

[36] نجلاء مرعي، “النفوذ العسكري الأمريكي في أفريقيا في ظل التدافع الدولي”، مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية. تقرير تحليلي، (أبريل 2024)، ص5.

[37] أحمد السيد السرساوي، مرجع سبق ذكره. ص 172.

[38] شيماء مصطفى محيي الدين، “دوافع وتداعيات التوسع الصيني في القرن الإفريقي”، مجلة السياسة الدولية. العدد 214، المجلد 53، (أكتوبر 2018)، ص17،18.

[39] أحمد السيد السرساوي، مرجع سبق ذكره. ص 172.

[40] لحسن الحسناوي، “استراتيجية الوجود الصيني في أفريقيا: الدينامات والانعكاسات”، مجلة المستقبل العربي. العدد 466، المجلد 40، (2017)، ص 108.

[41]  شيماء محيي الدين، مرجع سبق ذكره. ص18.

[42] محمد عزام الزبير، “صعود الدور الصيني في منطقة القرن الإفريقي: الدوافع والتداعيات”، قراءات إفريقية. ديسمبر 2020، تاريخ الاطلاع: 25 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://qiraatafrican.com/4062/.

[43] هند محروس الجلداوي، “الدور العسكري الصيني في القرن الإفريقي: الأنماط والتحديات”، قراءات إفريقية. فبراير 2023، تاريخ الاطلاع: 26 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://qiraatafrican.com/4196/.

[44] محمد عزام، مرجع سبق ذكره.

[45] شيماء محيي الدين، مرجع سبق ذكره. ص 16.

[46] محمد عزام، مرجع سبق ذكره.

[47] هشام قدري أحمد، “توظيف القوة الناعمة في سياسة الصين الخارجية تجاه القرن الإفريقي”، قراءات إفريقية. ديسمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 25 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://qiraatafrican.com/25471/.

[48] شيماء محيي الدين، مرجع سبق ذكره. ص 16.

[49] هشام قدري، مرجع سبق ذكره.

[50] فؤاد مسعد، “من تأسيس المشاريع الاقتصادية إلي بناء القواعد العسكرية: النفوذ الصيني في القرن الأفريقي”، مركز أبعاد للدراسات والبحوث. (ديسمبر 2023)، ص 11.

[51] هشام قدري، مرجع سبق ذكره.

[52] محمد عزام، مرجع سبق ذكره.

ا بن مسعود عطا الله، “أثر الحروب التجارية على المتغيرات الاقتصادية الدولية”، مجلة البحوث والدراسات التجارية. العدد 2، المجلد 4، (سبتمبر 2020)، ص10.

[54] حليمة عطية، وأخرون، “دراسة تحليلية لأثر الحروب التجارية بين الاقتصاديات الكبرى على الاقتصاد العالمي الصين والولايات المتحدة الأمريكية نموذجًا”، مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والانسانية. العدد1، المجلد 16، (2024)، ص331.

[55] بن مسعد عطا الله، مرجع سبق ذكره. ص11، 12.

[56] أحمد بو خريض، التنافس الصيني الأمريكي على القارة الافريقية، المعهد المصري للدراسات. مايو 2020، تاريخ الاطلاع: 26 أبريل 2025،  متاح على الرابط: https://surl.li/ousalw .

[57] نسيبة أشرف، الحرب التجارية الامريكية الصينية والتنافس على الهيمنة الاقتصادية، مركز الحضارة للدراسات والبحوث. أغسطس 2023، تاريخ الاطلاع: 26 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://surl.li/fbzkdf .

[58] جيهان عبد السلام، مرجع سبق ذكره.

[59] نشوى عبد النبي، الاستثمارات الصينية والبنية التحتية في افريقيا هل هي استثمارات في المستقبل ام عبء على الأجيال القادمة، منصة الدراسات الأمنية وأبحاث السلام. 7أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 26 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://bit.ly/3Yk0HZ4 .

[60] أحمد بو خريض، مرجع سبق ذكره.

[61] أسماء فهمي، أمريكا والصين تنافس على التواجد في افريقيا، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية. 12 مارس 2023، تاريخ الاطلاع: 26 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://surl.li/bxhukh .

[62] طلعت أحمد مسلم، القواعد العسكرية الأجنبية في الوطن العربي، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،2011)، ص7.

[63] Redie Bereketeab,”External Interventions and concequences in Horn of Africa”,International journal of US and African studies. Vol.1, No.1(6 October 2021), P.78.

[64] أميرة محمد عبدالحليم، “القواعد العسكرية في البحر الأحمر وتغير موازيين القوى، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. 30 يناير2018، تاريخ الاطلاع:27 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/16525.aspx

[65] حسن عبدالحليم، محمد أبو العينين، مرجع سبق ذكره. ص524 .

[66]  المرجع السابق. ص538 .

[67] إيمان الشعراوي، “القواعد العسكرية في منطقة القرن الافريقي وأثرها على الأمن القومي المصري”، مركز الدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم. سبتمبر2021، تاريخ الاطلاع:27 إبريل 2025، متاح على الرابط: https://nvdeg.org/القواعد-العسكرية .

[68] Stephen Burgress, “The United States in The Horn Of Africa:The role of the military”, Air University. (2015), p.32.

[69] فؤاد مسعد، مرجع سبق ذكره. ص14،13.

[70] مقترح قاعدة أمريكية بأرض الصومال يعيد الجدل حول الإقليم الانفصالي”، الشرق الأوسط. 16 مارس 2025، تاريخ الاطلاع: 29 إبريل 2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/العالم-العربي/شمال-افريقيا/5122577-مقترح-قاعدة-أميركية-بـأرض-الصومال-يعيد-الجدل-حول-الإقليم.

[71] أميرة عبدالحميد، مرجع سبق ذكره.

 [72]إيهاب عياد، “الأمن الجيوسياسي للقرن الأفريقي وديناميات القوى الفاعلة: الآفاق المستقبلية لإعادة الصياغة الجيوسياسية”، مجلة السياسة والاقتصاد. جامعة بني سويف، العدد 11، المجلد 12، ( يوليو 2021)، ص19.

 [73]هند محروس، “الوجود العسكري الأجنبي وتأثيره على الأمن الإقليمي”، مجلة الدراسات الأفريقية. العدد 1، المجلد 43، (يناير2021)، ص169.

[74] فؤاد مسعد ،مرجع سبق ذكره، ص12.

[75]Magara ,Ibrahim Sakawa, Hubert Kinkoh,” China’s military positioning in the Horn of Africa and it’s implications for regional and global security”, The Zambakari Advisory, (2020), p.50.

[76] Melese,Abebe Alemu, “The Chinese and American military installations in Djibouti and regional security implications”, China Quarterly of international strategic studies, vol.8, No.4, (2022), p.245.

[77] فؤاد مسعد ،مرجع سبق ذكره، ص13

[78] محمود زكريا، “القواعد العسكرية في جيبوتي: الواقع و الأسباب”، مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية. أكتوبر2020، تاريخ الاطلاع: 28 أبريل 2025، متاح على الرابط:  https://pharostudies.com/القواعد-العسكرية-في-جيبوتي.

[79] عبدالهادي حبتور، “الصين تدعم الشرعية وتتحدث مع الحوثيين وترفض هجماتهم البحرية”، الشرق الأوسط. 13 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع: 29 أبريل 2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/العالم-العربي/5037888-الصين-تدعم-الشرعية-وتتحدث-مع-الحوثيين-وترفض-هجماتهم-البحرية .

[80] حمدي عبدالرحمن، ” أبعاد أمننة الوجود الصيني في القرن الأفريقي”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة. 18 يوليو 2022 تاريخ الاطلاع: 29 أبريل 2025، متاح على الرابط:  https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/7445/.

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطي العربي

مؤسسة بحثية مستقلة تعمل فى إطار البحث العلمي الأكاديمي، وتعنى بنشر البحوث والدراسات في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية والعلوم التطبيقية، وذلك من خلال منافذ رصينة كالمجلات المحكمة والمؤتمرات العلمية ومشاريع الكتب الجماعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى