روسيا أصبحت حاضرة في جمهورية شمال قبرص التركية: تغير مُحتمل في بنيان القضية القبرصية
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر
في مستهل شهر أغسطس 2023 أعلن مسؤل بسفارة روسيا في نيقوسيا بجمهورية قبرص(اليونانية) أن “روسيا الإتحادية ستقوم بإنشاء مكتب لمساعدة المواطنين الروس المقيمين في KKTC وسيعمل هذا المكتب تحت الولاية القضائية للسفارة الروسية في جمهورية قبرص (اليونانية) وسيسافر الدبلوماسيون المعينون من السفارة إلى الجزء الشمالي من الجزيرة في أيام محددة لتسهيل الخدمات للمواطنين الروس وقال المسؤول : “سنبدأ قريبًا في تقديم الخدمات القنصلية في شمال مدينة نيقوسيا. وسيتم تنفيذ هذا العمل بشكل منتظم وأن نهج روسيا ليس جديدا فقد نفذت المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا بالفعل ممارسات مماثلة لتقديم المساعدة القنصلية للمواطنين الذين يعيشون في المنطقة الشمالية للجزيرة” .
أعلنت وكالة الأنباء الروسية الرسمية تاس في 10 أغسطس 2023قراره روسيا بفتح قنصلية في جمهورية شمال قبرص التركية وأشارت “….ندعو جمهورية شمال قبرص التركية للاعتراف بها رسميا ” وأضافت :”…. أن السفارة الروسية في جنوب قبرص ستبدأ في تقديم الخدمات القنصلية في جمهورية شمال قبرص التركية في المستقبل القريب ” وأوضحت وكالة الأنباء أيضا أنه يقدر أن أكثر من 50 ألف مواطن روسي يعيشون حاليا في جمهورية شمال قبرص التركية وقد استند مراسل تاس في الخبر إلى ممثل في السفارة .
السفير الروسي في نيقوسيا مراد زيازيكوف بدوره قال إن”الظروف لمثل هذا العمل قد نضجت منذ فترة طويلة” وأوضح أنه “لا توجد خلفية سياسية لهذه الخطوة “, وقال في تصريحات لوكالة تاس في 10 أغسطس 2023 :”إن القرار “طال انتظاره وليس له مغزى سياسي “وكان” مدفوعًا فقط باعتبارات إنسانية ” وأن مقاربة روسيا للقضية القبرصية ” لم تتغير” وأوضح أن روسيا “تواصل التمسك بموقف أساسي وتدعو باستمرار إلى تسوية شاملة وقابلة للحياة وعادلة ضمن الإطار القانوني الدولي المعروف والمكرس في [قرارات مجلس الأمن ذات الصلة]”.
حقيقة أن روسيا تفتح مكتبًا لتقديم الخدمات القنصلية لا يعني أنها تعترف رسميًا بـ KKTC فوفقاً لبيان صادر في ٢٨ أغسطس 2023من قبل السفارة الروسية في جمهورية قبرص أوضح أنه سيتم إنشاء مكتب في الجزء الشمالي من الجزيرة لمساعدة الروس في الأمور القنصلية وأكد البيان أن هذه مسألة فنية بحتة ولا تغير موقف روسيا من تسوية القضية القبرصية وأكدت روسيا أهمية علاقاتها الثنائية مع جمهورية قبرص وأكدت من جديد نهجها الثابت في حل مشكلة قبرص على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة ، بما في ذلك القراران 541 و 550 فقرار مجلس الأمن الدولي رقم 541 ينص على أن “إعلان الجمهورية التركية لشمال قبرص كدولة مستقلة يتعارض مع معاهدة 1960 المتعلقة بإنشاء جمهورية قبرص ومعاهدة الضمان لعام 1960. لذلك ، فإن محاولة إنشاء جمهورية تركية لشمال قبرص باطلة وستساهم في تفاقم الوضع في قبرص “.
والجزء ذي الصلة من قرار مجلس الأمن الدولي 550 نصه :
“إن مجلس الأمن ،
– “شديد القلق إزاء الأعمال الانفصالية الأخرى في الجزء المحتل من جمهورية قبرص والتي تنتهك القرار 541 (1983) أي التبادل المزعوم للسفراء بين تركيا و’الجمهورية التركية لشمال قبرص ‘غير الصالحة قانونا إجراء “استفتاء دستوري” و “انتخابات” فضلاً عن الإجراءات أو التهديدات الأخرى بالإجراءات التي تهدف إلى زيادة توطيد الدولة المستقلة المزعومة وتقسيم قبرص ،
– “يدين جميع الأعمال الانفصالية بما في ذلك التبادل المزعوم للسفراء بين تركيا وقيادة القبارصة الأتراك ويعلن أنها غير قانونية وباطلة ويدعو إلى انسحابها الفوري ؛
– “يكرر الدعوة إلى جميع الدول بعدم الاعتراف بالدولة المزعومة” الجمهورية التركية لشمال قبرص “التي أقامتها أعمال انفصالية ويدعوها إلى عدم تسهيل أو مساعدة الكيان الانفصالي المذكور بأي شكل من الأشكال
– “يدعو جميع الدول إلى احترام سيادة جمهورية قبرص واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها وعدم انحيازها ؛
وبموجب قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة لم تعترف أي دولة بمجلس كوسوفو الانتقالي حتى الآن , وتماشياً مع قرارات مجلس الأمن الدولي فلا تعترف روسيا بـ KKTC كدولة مستقلة فيما يتعلق بالقانون الدولي تتم الأنشطة القنصلية بموجب “اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية” التي تم توقيعها في 24 أبريل 1963 ودخلت حيز التنفيذ في 19 مارس 1967 والاتحاد الروسي طرف في الاتفاقية , أم KKTC فليست طرفًا لأنها غير معترف بها كدولة ذات سيادة من قبل الأمم المتحدة وفقًا للاتفاقية ومن أجل أن تفتح روسيا قنصلية في KKTC فيجب أولاً إنشاء علاقة بين روسيا و KKTC كدولتين ذات سيادة إن إقامة مثل هذه العلاقة بين روسيا و KKTC أمر مستحيل دون اعتراف روسيا رسميًا بـ KKTC كدولة مستقلة كما هو مبين بوضوح في بيان صادر عن السفارة الروسية في قبرص فروسيا أعادت تأكيد اعتمادها على مجلس الأمن الدولي رقم 541 و 550 وذكرت أنها لن تعترف بمجلس كوسوفو الانتقالي في أي وقت قريب .
نتيجة لذلك لن تفتح روسيا قنصلية في KKTC كما يدعي الأوروآسيويون ولا تدعم روسيا سياسة تركيا في الاعتراف بـ KKTC كدولة مستقلة ولن تفعل ذلك في المستقبل القريب لذا فمن المستحيل الحصول على دعم روسيا بشأن القضية القبرصية كما يزعم الأوروآسيويون وحتى لو تم الحصول على مثل هذا الدعم فإنه سيجعل مشكلة قبرص أكثر صعوبة .
صرح رئيس جمهورية شمال قبرص التركية إرسين تتار في 11 أغسطس 2023أنه لم يكن هناك طلب من جمهورية شمال قبرص التركية لتشغيل المكتب لكن من الواضح أن السفارة الروسية قامت بترتيبات مع جمهورية شمال قبرص وتمت مناقشة هذه القضية لفترة طويلة على مدى عام وأشارتتارواكد وزير خارجية جمهورية شمال قبرص التركية إلى أن فتح مكتب لا يعني أن روسيا تعترف بـ “جمهورية شمال قبرص التركية ” فقد أوضح رئيس جمهورية شمال قبرص التركية : “لقد اتخذوا مثل هذه الخطوة لتسوية التأشيرات والإجراءات الأخرى للمواطنين الروس في جمهورية شمال قبرص التركية وقد كانت هذه القضية على جدول أعمال روسيا لفترة طويلة علاوة على ذلك كان للولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا مكاتب هنا لفترة طويلة ومع ذلك هذه لا تعني الاعتراف ومع ذلك فإن تطور العلاقات الثنائية إيجابي “وعلق الرئيس إرسين تاتار أنه قبل الخطوة القنصلية لروسيا علق النائب البريطاني سامي ويلسون بدعمه لاعتراف العالم بجمهورية شمال قبرص التركية وبيت سيشنزعضو الكونجرس الأمريكي والرئيس السابق للجنة الكونجرس الوطني للجمهورية وقال تاتار: “كل هذه انعكاسات لسياسة” حل الدولتين “التي نتبعها مع وطننا الأم تركيا وهي تطورات مهمة بالنسبة لجمهورية شمال قبرص التركية ومع ذلك أكد الرئيس تتار أن هذه التطورات ما زالت لا تعني “الاعتراف” , من جهة أخري وفي نفس الموضوع أكد زعيم القبارصة الأتراك إرسين تتار أن روسيا “بدأت في اتخاذ خطوات لفتح مكتب وأن بريطانيا لديها بالفعل مكتب وإنها ليست مشكلة بالنسبة لنا إذا فعلت روسيا الشيء نفسه “وقال تتار لصحيفة جوندم كيبريس: “هناك الكثير من الروس هنا لذا فمن الطبيعي أن يفتحوا مكتبا”.
صرح وزير الخارجية القبرصي التركي تحسي إرتوجرول أوجلو لمحطة تلفزيون تي آر تي هابر TRT Haber الموالية للحكومة في 10 أغسطس2023 بأن هذا لا ينبغي أن يُفسر على أنه اعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية , أما السفير الروسي في نيقوسيا (قبرص اليونانية) فقد قال إن روسيا قررت تقديم خدمات قنصلية في شمال قبرص التركية وكما ادعى السفير الروسي في نيقوسيا فإن “الظروف لمثل هذا العمل قد نضجت منذ فترة طويلة” ، في حين أوضح أنه “لا توجد خلفية سياسية” ومع هذا البيان ربما يعني السفير أن هذا التطور لا ينبغي أن يؤخذ على أنه مقدمة للاعتراف ب’الجمهورية التركية لشمال قبرص ولكن على الرغم من تصريح السفير المطمئن فيمكن لموسكو استخدام قضية قبرص الحساسة لدق إسفين بين شركاء الناتو في حرب أوكرانيا .
في منشور أرسلته سفارة روسيا في قبرص على صفحتها الرسمية على Facebook في 11 أغسطس2023 وردما يلي :
رد سفارة الاتحاد الروسي في جمهورية قبرص على سؤال حول المواطنين الروس في شمال قبرص :
سؤال : ما هو الوضع مع الخدمة القنصلية للروس الموجودين في الجزء الشمالي من قبرص؟
الجواب : ليس سراً أن عدداً كبيراً من الروس يعيشون في شمال الجزيرة ووفقاً لتقديرات مختلفة يصل عددهم إلى عدة عشرات الآلاف من الناس ولن نتعمق في ملابسات كيفية وصولهم إلى هناك لكن هذه حقيقة موضوعية لا جدال فيها فبالطبع يحتاج شعبنا إلى رعاية قنصلية ومساعدة في عدد من القضايا اليومية وحماية مصالحهم المشروعة وتتميز آلية تقديم الخدمات القنصلية بخصائصها الخاصة مع مراعاة خصوصيات هذه المنطقة (شمال قبرص التركية) لأنها غير معترف بها في العالم تسمى “الجمهورية التركية لشمال قبرص”وهذا يتطلب نهجًا خاصًا حتى يتم العثور على أفضل السبل وبالطبع في اتصال وثيق مع الزملاء في جمهورية قبرص واليوم كما في التاريخ الحديث للعلاقات الثنائية لا يزال البعد القنصلي لهذه العلاقات يشغل أحد المواقع المركزية في الحوار السياسي بين بلدينا , في الوقت نفسه تجدر الإشارة إلى أن مسألة الحماية القنصلية والرعاية المادية للروس هي مسألة إدارية وتقنية بحتة بطبيعتها على الرغم من وجود عنصر إنساني قوي وعلاوة على ذلك فهو لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على موقف روسيا المبدئي بشأن تسوية قضية قبرص ونهجنا سيبقى دون تغيير فهوعلى أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والتخمينات غير الصحيحة حول هذا الموضوع ومحاولات اكتشاف علاقة مصطنعة بين هذه الموضوعات تظل محيرة.
كان أول رد فعل قبرصي يوناني هو صدور بيان من الخارجية القبرصية (اليونانية) إستمدت مادته من إعلان السفارة الروسية ، عن القرار الروسي بفتح مكتب قنصلي في شمال قبرص تابع للسفارة الروسية في نيقوسيا ت وكان نصه :
“إن وزارة الخارجية على علم بالمنشورات المتعلقة باحتمال وجود روسي في شكل ترتيبات مؤقتة لتسهيل المساعدة القنصلية للمواطنين الروس المقيمين بشكل غير قانوني في الأراضي المحتلة في حالات الطوارئ وتلاحظ الوزارة أن جمهورية قبرص كانت ولا تزال تتشاور مع الاتحاد الروسي لإيجاد سبل للتعامل مع هذا الاحتمال بطريقة تتفق مع مبادئ الشرعية الدولية والقرارات ذات الصلة. مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة , وفي هذا السياق تشير وزارة الخارجية أيضًا إلى الإعلان التوضيحي الصادر اليوم عن السفارة الروسية في نيقوسيا ” .
مع ذلك أورد موقع naftemporiki اليوناني في 12 أغسطس 2023 أن السلطات المعنية في قبرص اليونانية تجري مشاورات مستمرة مع روسيا لإلغاء قرار فتح مكتب مساعدة قنصلية للمواطنين الروس المقيمين في الأراضي المحتلة وذلك على الرغم من حقيقة أن نيقوسيا تبدو راضية عن إعلان السفارة الروسية في قبرص والذي بموجبه قالت السفارة الروسية في نيقوسيا أن مسألة الحماية القنصلية للروس الذين يعيشون في الشمال لا تغير موقف موسكو المبدئي بشأن القضية القبرصية إلا أنه يتم بذل جهود لإلغاء القرار و لأسباب تتجاوز السياسةعلى وجه الخصوص فالحكومة القبرصية تدرك أن تقديم الخدمات المعنية حتى بدون عباءة الاعتراف سيصبح – ربما مع الوقت لو إستجدت حوادث غير مواتية للجانب اليوناني – نقطة جذب لجذب المزيد من الروس إلى الجزء الشمالي المحتل من الجزيرة ليس فقط للأغراض السكنية ولكن أيضًا للاستثمار خاصة وأن قرار فتح مكتب قنصلي روسي في الأراضي المحتلة (شمال قبرص التركية) أعاد إلى الواجهة النقاش حول إمكانية رحلات جوية مباشرة من روسيا إلى شمال قبرص التركية وكشفت وسائل الإعلام التركية عن اتصالات مع وزير النقل التركي بهدف القيام برحلات جوية روسية لخدمة المواطنين الروس وكشف الوزير عن إنه ومنذ حوالي 8 أشهرطلبت شركتان روسيتان الإذن بالطيران مباشرة لشمال قبرص التركية وقد مُنحتا هذه الأذونات للطيران من موسكو إلى مطار إركان بقبرص التركية وهناك إحتمال بإنشاء شركة طيران جديدة لغرض وحيد هو نقل الركاب من روسيا إلى تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية غير المعترف بها . (لدي روسيا مشكلة أبخازيا وبالمثل وروسيا لديها قضية القرم ومشكلة أوسيتيا )
إن النظر لهذا التطور المفاجئ وأثره الُحتمل علي الأمن في شرق البحر المتوسط وعلي بنيان القضية القبرصية المُتراكم منذ الغزو التركي للجزيرة وتقسيمها في يوليو/ اغسطس 1974 يُفضل أن يكون في ضوء العناصر التالية :
1- أن تركيا هي الدولة الوحيدة في الناتو التي لم تصنفها روسيا على أنها “دولة غير صديقة”على العكس من ذلك فإن كل من قبرص واليونان تؤيدان كييف فيما أنقرة – التي تعتبر بموقفها من الحرب حالة خاصة بين أعضاء الناتو – بل من المرجح أن تكون شوكة في جانب تمرير قانون في الكونجرس الأمريكي من شأنه أن يمهد الطريق لإنشاء المزيد من الولايات المتحدة القواعد العسكرية في الجزر اليونانية ,بالإضافة إلى ذلك فلا تزال المفاوضات الثنائية بين أثينا وأنقرة بشأن قضايا شرق البحر المتوسط معلقة ووفقًا للمعلومات تريد حكومة ميتسوتاكيس عمداً استبعاد قضية قبرص ولكن إذا كانت علاقة أردوجان المتوترة بشكل مزمن مع الولايات المتحدة إذا خرج عن مساره فقد يسحب بوتين أردوجان إلى جانبه بخطوة مذهلة في قبرص وبذلك ستضفي موسكو الشرعية على الغزو التركي لقبرص .
2- لأمن إسرائيل لأسباب دينية بحتة أهمية خاصة في مصفوفة الأمن القومي للولايات المتحدة وتترجم ذلك وثائق الأمن القومي الأمريكي ولذلك تولي الولايات المتحدةأهمية قصوي اـمن إسرائيل تلتقي قبرص واليونان وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية قريبًا في إطار تعاون “3 + 1” فقد ذكرت الإذاعة الرسمية القبرصية في 11 أغسطس2023 نقلا عن مصادر مطلعة أن الاجتماع المقبل بين قبرص واليونان وإسرائيل والولايات المتحدة في إطار التعاون “3 + 1” سيعقد قريبا وقالت إذاعة سي بي سي إنه تم الاتفاق عليه وسيعقد قريبًا ، مضيفًا أنه سيتم مناقشة مجموعة من القضايا – بما في ذلك مسألة الطاقة الحرجة , وتأتي هذه الأنباء في أعقاب تأجيل اجتماع ثلاثي سابق في نيقوسيا ، كان من المقرر عقده في 23 يوليو ، بعد أن عانى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من مشاكل صحية خطيرة , وقد ناقش وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكين مؤخرًا عبر الهاتف استمرار التعاون ضمن صيغة “3 + 1” وستشمل المناقشات بين قبرص واليونان وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أيضًا التركيز على قضايا الأمن السيبراني والاقتصاد الأزرق .
3- لا تزال المفاوضات الثنائية بين أثينا وأنقرة بشأن قضايا شرق البحر المتوسط معلقة ووفقًا للمعلومات تريد حكومة رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس عمداً استبعاد قضية قبرص من هذه المفاوضات فيما لا تريد تركيا ذلك , ففي الآونة الأخيرة كما صرح بذلك في11 أغسطس 2023 وزير الخارجية اليوناني جيورجوس جيرابيتريتيس وقال أنه كان هناك تصعيد في الخطاب من جانب تركيا حول تقسيم قبرص وإنشاء دولتين وهذا شيء لن تتسامح معه السياسة الخارجية اليونانية , وأضاف وزير الخارجية اليوناني أنه “لن يتسامح مع ذلك لأن الموقف التركي يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تشير إلى اتحاد فيدرالي ثنائي المناطق والطائفتين”, ويُذكر في هذا الصدد أن تركيا تتمركز في شمال قبرص بأكثر من 35000 جندي وهو ما يعارض هدف الرئيس اليوناني نيكوس كريستودوليدس الذي يدعم اتحادًا ثنائي المناطق وثنائي الطائفتين بما يتماشى مع إطار عمل الأمم المتحدة .
4- بالرغم من أن القرار الروسي بفتح مكتب لمساعدة المواطنين الروس المقيمين في KKTC أي مكتب قنصلي وليس قنصلية أو قنصلية عامة قرار مفاجئ إلا أنه قرارجديد كل الجدة إذ أنه لم يُتخذ منذ تقسيم الجزيرة منذ نحو 50 عاماً وبالتالي فإن توقيت إتخاذه لاشك له مغزي وهادف ففتحه يتم في ضوء إستقطاب أحدثته الحرب الروسية / الأوكرانية في العالم مما قد ينبئ بتحريك الموقف الروسي المواتي من وجهة النظر اليونانية في إتجاه الموقف التركي ولو لمسافة سياسية محدودة وخصوصاً أن تركيا قد وصلت الآن إلى النقطة التي ستتواصل فيها هذه العملية التفاوضية من وجهة نظرها نحو حل دولتين متساويتين لا طائفئتين مُتساويتين .
5- إن جمهورية شمال قبرص التركية تمثل ذروة نظرية الأمن القومي لتركيا خاصة مع تنامي ‘حتمالات الطاقة الغازية في وحول منطقة شرق المتوسط وخسارة تركيا لأغلب جزر بحر إيجة فقد قال ممثل وزارة الدفاع التركية الكابتن زكي أكتورك في 10 أغسطس :”2023إن القوات المسلحة التركية تواصل حماية حقوق ومصالح بلدنا وجمهورية شمال قبرص التركية في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط دون تسوية “وأضاف ” إن بلادنا تؤيد حل جميع المشاكل بالطرق السلمية والاحترام المتبادل والحوار وفقا للقانون الدولي وعلاقات حسن الجوار وروح التحالف وهي تبذل جهودا كبيرة لهذا الغرض , وتتواصل جهودنا المشتركة للحفاظ على المناخ الإيجابي الذي نشأ مؤخرًا مع جارتنا اليونان وتطويره “وأضاف زكي أكتورك ” نأمل أن تظل قنوات الحوار مفتوحة وأن تستمر الأجندة الإيجابية الموجودة في علاقاتنا الثنائية وأن يصبح بحر إيجة بحر صداقة ” ومازال بحر إيجة يمثل عقبة من بين عقبات أخري بين اليونان وتركيا ما دفع بتركيا إلي عدم التوقيع علي إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في مونتيجوبي 1982 وبالتالي فشمال قبرص التركية قد يمثل تعويض جزئي لهذه الخسارة الفادحة بإعتبار شمال قبرص التركية إكلالة جديدة علي مياه شرق المتوسط , ويعبر عن أهمية شمال قبرص التركية في نظرية أمن تركيا القومي الزيارة التي قام بها وفد مع وزير الاقتصاد والطاقة لجمهورية شمال قبرص التركية (TRNC) أولجون أمكا أوجلو إلى غرفة أنقرة التجارية (ATO) ومع مع وكيل وزارة الاقتصاد والطاقة شاهب أشيك أوجلو حيث تمت مناقشة العمل الذي يتعين القيام به بين البلدين لتلبية احتياجات المياه والطاقة , وفي حديثه خلال الزيارة قدم الوزير أمكا أوجلو معلومات حول اتصالاته في تركيا وأوضح أمكا أوجلو دعم تركيا في تلبية احتياجات المياه والطاقة لجمهورية شمال قبرص التركية وقال إنه بعد نقل المياه من تركيا سيتم نقل 400 ميجاوات من الطاقة مع النظام المترابط الذي سيتم إنشاؤه مع الكابلات التي سيتم وضعها بين البلدين وقال الوزير أمكا أوجلو الذي قدم أيضًا معلومات حول منطقة Güvercinlik الصناعية التي هي قيد الإنشاء في فاماجوستا بشمال قبرص التركية :”ستكون منطقة Güvercinlikالصناعية المنظمة حيث يمكن لرجال الأعمال من كل من تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية الاستثمار كخطوة مهمة للوصول إلى أهدافنا في الانتاج ومن المهم جدًا استكمال النظام المترابط الذي سنحصل عليه من الكهرباء التي نحتاجها من تركيا بعد مشاريع الري ” ” إننا نريد أن ننتج فنحن نبني البنية التحتية لكننا نحتاج إلى الطاقة ويجب أن تكون الطاقة مستمرة واقتصادية ومستدامة نحن هنا عشية فترة مهمة مع المشروع الرائد من قبل جمهورية تركيا فقد وصلت المياه إلى جمهورية شمال قبرص التركية وجاءت الطاقة وافتتح المطار فلا يوجد مطار كبير ومؤهل في جنوب قبرص أو شمال قبرص , لم يعد لدينا فرصة للفشل بعد الآن ” , وفي حديثه عن احتياجات الطاقة في جنوب قبرص قال أمكا أوجلو :” إن الخيار الأكثر منطقية لتلبية ذلك سيكون شمال قبرص “وقال أمكا أوجلو :” إن البلدين سيلتقيان في النهاية بالعقل الاقتصادي” , ولذلك فإن تركيا ولا القبارصة الأتراك مع إعادة توحيد الجزيرة فهناك من يدعو وبقوة إلي تغيير اسم جمهورية شمال قبرص التركية ليكون جمهورية قبرص التركية (KTC) من أجل تجنب أي دلالة على الاتحاد , فالقبارصة الأتراك مقتنعون في غالبيتهم إلي أن المشكلة القبرصية بدأ حلها عام 1974 وانتهي الحل عام 1983بإعلان قيام جمهورية شمال قبرص التركية فلايمكن أن تكون هناك دولة مشتركة من مجتمعات لا تشبه بعضها البعض من حيث العرق أو اللغة أو الدين أو الثقافة أو البنية الاجتماعية أو التاريخ أو حتى أي شيء لا زواج قسري .
6- الجانبين اليوناني والقبرصي اليوناني يحاولان التهوين من القرار الروسي بفتح مكتب قنصلي في شمال قبرص التركية فيقولون مثلاً أن هناك بالفعل مكاتب مماثلة في “جمهورية شمال قبرص التركية” من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وأستراليا وأن هذه خطوة طال انتظارها وكان يجب أن تتم منذ زمن طويل إلى جانب ذلك فهناك عدد كبير من الروس يعيشون في “جمهورية شمال قبرص التركية”وهناك أيضًا أشخاص من روسيا يتاجرون ويأتيون للدراسة وبالنظر إلى كل هذا كان من الضروري لروسيا أن تفتح مكتبًا في شمال قبرص التركية لتقديم الخدمات القنصلية في ظل الظروف المتغيرة وأن هذه خطوة متأخرة بقدر ما هي ضرورية , هذا التهوين غير موضوعي تماماً فهو يتزامن مه ثلاث تطورات ذات علاقة بوضعية شمال قبرص التركية حدثت في يوليو 2023 وهي : (1) زيارة بيت سيشنز Pete Sessions عضو الكونجرس عن الحزب الجمهوري بولاية تكساس الأمريكية لشمال قبرص التركية ولقاءه برئيسها ورئيس الغرفة التجارية لجمهورية شمال قبرص التركية و(2) فتح مكتب تجاري لجمهورية قبرص التركية في ماليزيا و(3) التصريح المواتي الذي أدلي به عضو مجلس العموم البريطاني عن آيرلندا وقال فيه :” إن قرار محكمة العدل الدولية بشأن استقلال كوسوفو في عام 2010 سيعطي مزيدًا من الشرعية لطلب جمهورية شمال قبرص التركية قبرص وانه لا يوجد سبب لعدم اعتراف الأمم المتحدة بجمهورية شمال قبرص التركية , هذه التطورات الثلاث حدثت في تزامن عجيب وربما أشارت إلي مستقبل مختلف بشأن الوضعية الدولية لجمهورية شمال قبرص التركية , فليست مصادفة أن يزور عضو الكونجرس Pete Sessions جمهورية شمال قبرص فهو يعلم مُسبقاً أنه كعضو كونجرس لابد وأن زيارته تلك ترمز إلي مايشبه الإعتراف الأمريكي بجمهورية شمال قبرص التركية فزيارته تلك تتطابق مع الزيارة التي قامت بها في 3 أغسطس 2022 السيدة / نانسي بيلوسي إلي تايوان , لذلك فالتهوين القبرصي اليوناني في غير موضعه وله تبعات سلبية علي مجمل الجهد التفاوضي القبرصي اليوناني واليوناني مُستقبلاً .
7- بعد عدة سنوات من العلاقات غير الموجودة تقريبًا تحدث وزير الخارجية اليوناني جورج جيرابيتريتس عبر الهاتف في 9 أغسطس2023 مع نظيرته الليبية نجلاء منجوش مشيرًا إلى أن الاتصالات بين أثينا وطرابلس عند نقطة تحول في الجهود المبذولة لبناء قنوات اتصال وظيفية , وبحسب مصادر دبلوماسية شدد جيرابيتريتيس على ضرورة إعادة إطلاق العلاقات بين أثينا وطرابلس وفتح قنوات اتصال مباشرة في حين ذكّر محاوره بقرار اليونان رفع مستوى تمثيلها الدبلوماسي في ليبيا من خلال اعتماد سفير يوناني في طرابلس بعد ما يقرب من عقد من الزمان , يُذكر أنه عندما أعيد فتح السفارة في عام 2018تم تعيين رئيس الأركان في ضوء تحسن لم يحدث أبدًا وقد اتفق وزير الخارجية اليوناني ونظيرته الليبية على الاجتماع شخصيًا في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة , ويأتي استعداد أثينا لاستئناف العلاقات في وقت تتخذ فيه أنقرة أيضًا خطوات نحو التقارب مع خليفة حفتر في شرق ليبيا , تردد اليونان أنه لا علاقة لهذا التطور بتطبيع العلاقات اليونانية التركية في الأشهر الأخيرة مع أن المعروف أن المذكرة التركية الليبية لعام 2019 تمثل حجر العثرة الرئيسي في العلاقات بين أثينا وطرابلس , وجدير بالإشارة إلي أنه وبصفته السابقة كرئيس لأجهزة المخابرات التركية (MIT) كان وزير الخارجية التركي الحالي هاكان فيدان لاعبًا رئيسيًا في المفاوضات مع حكومة طرابلس التي أدت إلى توقيع مذكرتي التفاهم التركي الليبي بشأن المناطق البحرية وتركيا وبشأن الحق في إقامة قواعد على أراضي غرب ليبيا .
8- إن قبول الجمهورية التركية لشمال قبرص كعضو مراقب في القمة التاسعة لمنظمة الدول التركية (TDK) خطوة مهمة نحو الاعتراف وسيكون من المفيد عرض القضية على منظمة شنغهاي للتعاون وبعضها أعضاء في TDK وتركيا هي أيضًا شريك في الحوار , فعودة الحرب الباردة بأقطابها الثلاث : الولايات المتحدة وروسيا والصين أفضل مناخ سياسي لإكتساب نقاط إيجابية لصالح الإعتراف الدولي علي مستوي ثنائي بجمهورية شمال قبرص التركية ومن الواضح أن السياسة التركية تعمل بكل عزم علي تسجيل نقاط إيجابية لمصلحة قضية شمال قبرص التركية ومن الواضح أيضاً أنها سجلت مؤخراً إختراقاً في هذا المضمار , ويعتقد فريق من المراقبين السياسيين الأتراك أنه ينبغي بذل الجهود لإقناع روسيا بأن الاعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية هو صمام أمان لروسيا في شرق البحر المتوسط وأنه سيمنع الجزيرة من أن تصبح عضوًا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي أو حتى حلف شمال الأطلسي وأن هذا الوضع أيضًا يتسق مع رغبة تركية في أنه يجب أيضًا التعاون مع روسيا في منع أن يصبح البحر الأسود بحيرة تابعة لحلف شمال الأطلسي فهذا من مصلحة تركيا كما أنه رغبة روسية .
في 12 أغسطس2023 أورد موقع ECONOMY TODAY مايلي بشأن تصريحات عن هذا الموضوع أدلي بها وزير النقل التركي إرهان أريكلي لوسائل إعلام تركية قال فيها : ” طلبت شركتان روسيتان تصريح رحلات جوية مباشرة من النظام المحتل وادعى وزير الأشغال العامة والنقل في الدولة الزائفة (جمهورية شمال قبرص التركية) إرهان أركلي وقال “أعطينا هذه التصاريح من موسكو إلى مطار تيمبو” مضيفا أنهم أوقفوا الإجراءات بعد ذلك وأبقوها معلقة كما قال “قُدم الطلب قبل ثمانية أشهر بعد أن فرضت الدول الأوروبية “حظرًا جويًا” على موسكو بعد أن غزت الأخيرة أوكرانيا , كما ذكرت مراسلة سيجما ماريا زهراكي من اسطنبول وأكد أريكلي أن “المواطنين الروس في الجنوب والشمال لا يمكنهم الذهاب إلى موسكو بلدهم ومقابلة عائلاتهم بسبب الحظر الجوي إنهم مجبرون على الذهاب بطريقة غير مباشرة , لذلك في هذه الحالة تم تقديم طلب بيننا منذ حوالي 8 أشهر طلبت منا شركتان روسيتان الإذن برحلات مباشرة ولقد منحنا هذه التصاريح من موسكو إلى مطار تيمبو “وبعد أن منحنا الإذن أوقفنا الإجراءات وأبقيناها معلقةثم قلنا “يجب على روسيا اعتبار” شمال قبرص “كمحاور عاجلاً أم آجلاً لأن عشرات الآلاف من مواطنيها يعيشون هنا وفي الجنوب ومن أولى الخطوات فتح قنصلي مكتب في الشمال حيث يعيش “20 ألف مواطن روسي” في الأراضي المحتلة (شمال قبرص التركية) وقال”إنهم يعملون ويعيشون هنا ويذهب أطفالهم إلى المدرس ولا يمكن لهؤلاء المواطنين الروس العبور إلى الجنوب لأن” جنوب قبرص “يتطلب من المواطنين الروس الدخول عبر المطارات أو الموانئ البحرية القانونية. فإذا دخلت من إركان (بشمال قبرص) في المطار أو ميناء كيرينيا(قرنة) أو فاماجوستا لا يقبلهم أن يقولوا “لقد دخلت من ميناء غير شرعي” لذلك لا يمكنهم الخضوع لإجراء قنصلي هناك في “جنوب قبرص”. إنهم يواجهون مشاكل خطيرة “وفي إشارة إلى تحرك روسيا للمضي قدمًا في افتتاح مكتب لتقديم المساعدة القنصلية قال أريكلي إنه يعتبر ذلك “الخطوة الأولى نحو الاعتراف”وقال أيضا “اليوم بدأ الوضع يتغير تماما لصالحنا فلقد قلت إنه بعد الحرب الروسية الأوكرانية ستظهر لنا آفاق جديدة والحرب بالطبع شيء سيء لكن كل حرب لها آثار إيجابية وسلبية “، مضيفاً قوله “أنه وبسبب الحرب الروسية الأوكرانية فرض الاتحاد الأوروبي حظراً على روسيا وبحسب هذا القراراضطرت ‘جنوب قبرص’ وهي جزء من الاتحاد الأوروبي إلى فرض حظر على الاتحاد الروسي وهو أفضل شريك له في الواقع ولقد فُرض هذا الحظر بشدة لدرجة أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية هنأ “إدارة جنوب قبرص” وكافأها , وفي حديثه عن الموانئ الواقعة في الأراضي المحتلة (بشمال قبرص التركية) قال أريكلي إن “موانئ ‘الجمهورية التركية لشمال قبرص’ لا تخضع لأي حظر دولي” مضيفًا أنها “مفتوحة أمام حركة المرور الدولية لكن لأسباب سياسية فضلت الدول عدم استخدام هذه الموانئ حيث قال: “تقدمت بطلب إلى منظمة الدول التركية منذ حوالي شهر” ، قائلاً إن الموانئ في الأراضي المحتلة لديها وضعية “الميناء الشقيق” ولقد طلبنا إدراج موانئ مرسينا وسامسوندا وباكو وأكتاو في إطار” الموانئ الشقيقة “مع ميناء فاماجوستا وقد اسُتقبل هذا الطلب بشكل إيجابي الآن وسيتم فتح كل هذه للاستخدام المشترك من قبل منظمة الدول التركية ” , وقال “يمكننا تقديم نفس العرض في روسيا” و”يمكن للسفن الروسية استخدام موانئنا فنحن نعمل أيضًا في مطار Tymbu , فالقضية هنا أيضًا سياسية واقتصادية ولمواصلة الرحلات الجوية مع باكو يجب أن تكون هناك إمكانية للمسافرين وبالمثل كنا سنبدأ الرحلات مع” Bishkek ولكن لا يمكن لهذه الطائرات أن تطير بدون ركاب ومع ذلك فإن الرحلات المباشرة من موسكو إلى تيمبو ستجلب لنا العديد من الفوائد الاقتصادية والسياسية ” , وتابع بنفس اللهجة أن علاقات “جمهورية شمال قبرص التركية” مع دول غرب آسيا قد تطورت وأوضح ما يلي :“أولاً إنها تتطور تدريجياً في الواقع وعلاقاتنا مع جميع دول المنطقة تتطور فتحسين علاقات الجمهورية التركية مع دول شرق المتوسط يقوي أيدينا لأنه عندما تدهورت علاقات تركيا مع سوريا ومصر وإسرائيل استغل “جنوب قبرص” الفراغ ووقع اتفاقيات استراتيجية مع هذه الدول , لكن الآن رسمت تركيا مسارًا جديدًا وبدأت في إعادة بناء جسور الصداقة مع البلدان التي كانت لديها مشاكل معها في شرق البحر الأبيض المتوسط ونفس الشيء يحدث مع إيران فإيران لديها مواطنون يعيشون هنا ونرى أن علاقات إيران مع “جمهورية شمال قبرص التركية” تتطور أيضًا خلال هذه الفترة ومن الضروري تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية وليس العلاقات التي قد تعني الاعتراف الفوري على المدى القصيرهذا ما سنفعله “, ثم أشار إلى نموذج تايوان قائلا إنه رغم عدم اعتراف أي دولة بها إلا أنها تستطيع إقامة هذه العلاقات مع جميع دول العالم من خلال مكاتبها التجارية فلا توجد دولة تعترف بتايوان لكن جمهورية تركيا تعترف بالبعثة التجارية لتايوان كسفارة وهي تتعامل مع جميع علاقاتها من خلال هذه المهمة الصين لا تزعجها لذلك علينا أن نتبنى هذا النموذج وسوف نعتمده ” .
في الوقت نفسه يتحدث الأكاديمي التركي حسين إيشكلال أيضًا في مقابلة مع صحيفة أيدينليك القومية عن قضية قبرص ويقول “إن حل الدولتين هو في مصلحة روسيا وسينتج عن نموذج الحل مع الاتحاد الفيدرالي انضمام الجزيرة إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي وهذا سيناريو سيكون بمثابة كابوس بالنسبة لروسيا “.
الــــــتقــــــديـــــر :
يُسارع الروس إلى تخفيف الانطباع إلى حد ما – ولكن ربما كان ذلك عبثًا – لأنه من الواضح ما تعنيه هذه الخطوة خاصة في هذا الوقت الذي يشتد فيه أوار الحرب الروسية / الأوكرانية وما تداعي عنها من إستقطاب دولي طال أركان المعمورة الأربعة متوازياً مع الموجة الثانية وهي الأشد للحرب الباردة , وقد صرح سفير روسيا في قبرص مراد زيازيكوف محاولًا تهدئة المخاوف لدي الجانب اليوناني والقبرصي اليوناني ومع ذلك يجب التأكيد على أن النص الذي بثته وكالة تاس الروسية لا يشير إلى جزء محتل من قبرص ، بل يشير إلى “الشمال” وهذا ميل للجانب التركي , فالجانب القبرصي اليوناني دأب علي وصفه بالجزء المُحتل من قبرص , ورغم أن الجانب التركي علي علم بالخطوة الروسية بفتح مكتب قنصلي في جمهورية شمال قبرص إلا أن بيان الخارجية القبرصية(اليونانية) أشار إلي:” لقد كانت جمهورية قبرص ولا تزال تتشاور مع الاتحاد الروسي لإيجاد سبل للتعامل مع هذا الاحتمال بطريقة تتفق مع مبادئ الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة ” أي أن الجانب القبرصي اليوناني والذي من الواضح أنه فُوجئ بالخطوة الروسية يحاول إثناء الروس عن مساعهم خاصة وأن فتح المكتب القنصلي الروسي في جمهورية شمال قبرص التركية يأتي في أعقاب تطورات إيجابية ثلاث أتت في صالح الأتراك وهي : (1) زيارة بيت سيشنز Pete Sessions عضو الكونجرس عن الحزب الجمهوري بولاية تكساس الأمريكية لشمال قبرص التركية ولقاءه برئيسها ورئيس الغرفة التجارية لجمهورية شمال قبرص التركية و(2) فتح مكتب تجاري لجمهورية قبرص التركية في ماليزيا و(3) التصريح المواتي الذي أدلي به عضو مجلس العموم البريطاني عن آيرلندا وقال فيه :” إن قرار محكمة العدل الدولية بشأن استقلال كوسوفو في عام 2010 سيعطي مزيدًا من الشرعية لطلب جمهورية شمال قبرص التركية قبرص وانه لا يوجد سبب لعدم اعتراف الأمم المتحدة بجمهورية شمال قبرص التركية هذه التطورات الإيجابية الثلاث لا شك أنها نتاج للحرب الروسية /الأوكرانية ةإقتراب أمريكي من منطقة شرق المتوسط والخطوة الروسية جاءت في الترتيب الزمني بعد وليس قبل زيارة بيت سيشنز Pete Sessions عضو الكونجرس عن الحزب الجمهوري بولاية تكساس الأمريكية لجمهورية شمال قبرص التركية ولقاءه برئيسها أي أن الروس يتعقبون خطي الأمريكيين للإقتراب وتهديدهم في البحر الأسود والذي أيضاً هدد الرئيس الأوكراني مؤخراً بإقفاله في وجه البحرية الروسية وهو منفذ رئيسي للروس للبحار الدفيئة , وجمهورية شمال قبرص التركية في أقرب نقطة في شرق المتوسط للبحر الأسود ومضيقي البوسفور والدردنيل وفيهما مقتل البحرية الروسية فهما نقطتي إختناق , ولاشك أن القرار الروسي بفتح مكتب قنصلي في شمال قبرص التركية تطور سلبي لكلا القبارصة اليونانييين ولليونان لأنه إن كان قرار فني وإنساني فقط لأتخذ القرار من عشؤر أو عشرين سنة فالروس في جمهوريتي شمال وجنوب قبرص التركية واليونانية متواجدين من عشرات السنين فهو قرار إنساني وسياسي في آن واحد ومن أسبابه الرئيسية أن كلا من اليونان عضو حلف شمال الأطلنطي NATO وأكبر داعم للقبارصة اليونانيين وكذا القبارصة اليونانيين أنفسم يدعمون أوكرانيا في حربها ضد روسيا ويشتركان في فرض العقوبات ضد موسكو تلك التي لا تشارك فيها تركيا بنفس الهمة والإنضباط لذلك ولأسباب متنوعة مال الروس قليلاً نحو جمهورية شمال قبرص التركية وداعمها الوحيد تركيا , ومن المُحتمل جدا أن يكتفي الروس بهذا القدر من المسافة الطويلة للإعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية لكن قد تتعدد المصالح الروسية في شمال قبرص التركية فلا تقتصر علي الطيران من موسكوإلي شمال قبرص فيُضاف إلي ذلك الموانئ البحرية والتجارة السلعية والسياحة ألخ .
من الواضح أن هناك تنافس قد يحتدم بين الأمريكيين والروس في شمال قبرص التركية وكلمة السر هنا هي الهدف النهائي وهو البحر الأسود منفذ الروس الدافئ الوحيد , والذي يُعد تأمينه من وجهة نظر الروس هدف تهون دونه القضية القبرصية التي دعم كلا من اليونانيين والقبارصة اليونانيين أعداء روسيا التي إتخذت موقفاً منطقياً في البحث عن مصالحها العليا ودعم تركيا قليلاً في نفس الوقت خاصة وأنها طرف في إتفاق الحبوب والذي يمثل – جدلاً – في النهاية منفذاً مالياً لروسيا تتخلص به من محاولة الخنق لروسيا , المهم في الأمر كله أن تركيا ظفرت بتحريك ما لموقف روسيا الهام جداً وكان ثابتاً كالطود إزاء القضية القبرصية وهذا ما يحسب لسياسة الرئيس أردوجان الخارجية التي تتميز بالكثير من الحركية والقليل من المثالية كمزيج مُقدر حسب الحالة في القضايا والأزمات السياسية والإقتصادية التي تواجه دولة ذات مكانة كتركيا وهو ما تفتقده دول أخري كانت لها مكانة لكن سلمتها طواعية لدهماء .
الــــــســــــفـــــيـــــر : بـــــــلال الــــمـــــصــــــري –
حصريا المركز الديمقراطي العربي – الــــقــــاهــــرة تــحـــريــــراً في 13 / 8/ 2023