الشرق الأوسطتقدير الموقفعاجل

كيفية استثمار أموال الزكاة في تحقيق الأمن المجتمعي

إعداد :أ.د. محمد حامد محمد سعيد – الأستاذ المساعد بكلية أصول الدين وعلوم القرآن – جامعة السلطان عبدالحليم معظم شاه الإسلامية العالمية  (UNISHAMS)  – ماليزيا

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا يا رب العالمين.

أما بعد ،،،،

فإن القرآن الكريم كتاب الله -تعالى- تعبدنا بتلاوته، وأعطانا الأجر والثواب على قراءته، بعث رسولنا r– ليخرجنا به من الظلمات إلى النور، وأنزله إلينا لتدبره وتأمله، قال-تعالى-:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ}، والباحث في القرآن الكريم يرى أنه قد تحدث كثيرًا في آياته وسوره عن الزكاة وأهميتها للفرد وللمجتمع، وكثيرًا ما قرن بينها وبين الصلاة في آية واحدة، وذلك نظرًا للعلاقة الوطيدة بين الشرائع التي تعبدنا بها ربنا عز وجل.

ونظرًا للأهمية القصوى لفريضة الزكاة وما تحققه من نماء ورخاء اقتصادي في تحقيق الأمن المجتمعي بكافة صوره وأشكاله، وكيفية استثمارها في تحقيقه،-نحن في واقعنا المعاصر في أمس الحاجة إليه-، بادرت بورقة بحثية جاءت تحت عنوان (استثمار أموال الزكاة في تحقيق الأمن المجتمعي)، ومن نِعم الله تعالى أن جعل أمن المجتمع أحد الأهداف التي شُرعت من أجلها فريضة الزكاة، فالغني في حاجة إلى تحقيق الأمن المجتمعي، والفقير كذلك في حاجة إلى تحقيق الأمن المجتمعي، والمجتمع بأسره وما فيه من طبقات وطوائف متعددة  في حاجة إلي تحقيق الأمن المجتمعي، وهذا يتحقق من خلال التطبيق العملي لفريضة الزكاة واستثمار أموالها.

وقد قسمت هذا الورقة إلى مقدمة، وتمهيد، وثلاثة مطالب، وخاتمة.

التمهيد:

فيتضمن التعريف بأهم مفردات عنوان البحث، والممثل في الكلمات الأتية: استثمار – أموال – الزكاة – الأمن المجتمعي.

& الاستثمار: أصل اللفظ (ثمر) الثاء والميم والراء أصل واحد، وهو شيء يتولّد عن شيء متجمّعًا، ثم يُحمل عليه غيره استعارة، ويُعرف بأنه:”استخدام الأموال في الإنتاج إما مباشرة بشراء الآلات والمواد الأولية، وإما بطريق غير مباشر كشراء الأسهم والسندات”، وثمرة هذه العملية هي النماء والزيادة في رأس المال من خلال تدويره في الاستثمار.

& أموال: جمع مفرده (مال) المال: معروفٌ وجمعُهُ: أموال، وكانت أموال العرب: أنعامهم، المال: كل ما يملكه الفرد، أو تملكه الجماعة من متاع، أو عروض تجارة، أو عقار، أو نقود، أو حيوان، وهو يذكر ويؤنث، وقد أُطلق في الجاهلية على الإبل، قال ثعلب: إن أقل المال عند العرب ما تجب فيه الزكاة، وما نقص عن ذلك لا يقع عليه اسم مال، وعند الحنفية: ما يميل إليه الطبع ويجري فيه البذل والمنع، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة، المال ما ملكته من جميع الأشياء”، وعلى هذا فالمقصود الأموال التي تكون في أيدي الأشخاص، أو الجمعيات، أو الحكومات والتي يخرجها أصحابها بنية أداء فريضة الزكاة.

  & الزكاة: لكلمة الزكاة عدة معاني في اللغة، فهي تعني: الطهارة، والنماء، والزيادة، والصلاح، والمدح، والتنمية، والبركة …. وخلاف ذلك من المعاني اللغوية.

حيث ورد: “زكى الشئ: أزكاه، أصلحه، طهره، زكى نفسه: مدحها، وفي الكتاب العزيز:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا}أي: يمدحونها بالبراءة من الذنوب، وزكى ماله: أدى زكاته، التزكية: التنمية، التطهر، والزكاة: الصلاح، تقول: رجل زكيّ تقيّ، ورجال أزكياء أتقياء، وزكا الزرع يزكو زكاء: ازداد ونما، وكل شيء ازداد ونما فهو يزكو زكاء”، والزكاة في الشرع: اسم لمخرج مخصوص بأوصاف مخصوصة، من مال مخصوص، لطائفة مخصوصية”، وفي نيل الأوطار مانصه: “إعطاء جزء من النصاب إلى فقير ونحوه غير متصف بمانع شرعي يمنع من الصرف إليه”.

& الأمن المجتمعي: مفهوم الأمن المجتمعي يعني: الحرص على استغلال كل الطرق والوسائل والسُبل الممكنة للمجتمع من أجل تأمين الاستقرار في المجتمع، وبهدف حماية مكتسباته المادية والمعنوية”، ويُعرف كـذلك بأنه:” يستوعب كل شيء مادي ومعنوي، فهو حق للجميع أفرادًا وجماعات، مسلمين وغير مسلمين، محتويًا على مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعرض، المطلوب شرعًا المحافظة عليها”.

في ضوء التعريفات سالفة الذكر يبدو واضحًا أن معنى عنوان البحث يعني: الطرق والوسائل التي من خلالها يتم تنمية الأموال الزكوية بهدف تحقيق الأمن لدى أنباء المجتمع بأسره مسلمه وغير مسلمه.

المطلب الأول: الأهداف التنموية لأموال الزكاة وآثارها في تحقيق الأمن المجتمعي.

الزكاة فريضة من فرائض الإسلام، وشعيرة من أهم شعائره، حرص عليها  كحرصه على أبنائه، حيث رغب فيها القرآن الكريم كثيرًا من خلال آياته وسوره، فمن هذه الآيات ما نقرأه من كونها صفة من صفات المؤمنين في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ}، وجعلها الله كذلك صفة من صفات المتقين المستحقين للجنات والعيون، وهذا من خلال قوله تعالى:{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}، من أجل هذا وغيره نرى أن هذه الفريضة لما فرضها الله تعالى على عباده فرضها لحكمة وغاية وهدف كريم، لحظة تحقق هذا الهدف تكون فريضة الزكاة قد أثمرت في الواقع المعاصر، أما في حالة عدم تحقق هذا الهدف وتلكم الغاية فلا حياة لمن تنادى، وما على الأمة في هذه اللحظة إلا أن تراجع علاقتها بربها عز وجل، فبقدر وجود الأغنياء يوجد الفقراء.

ففريضة الزكاة لها قدرة عجيبة على تحقق ما لم يحققه ملايين القادة من القدامى والمعاصريين، ولعل السبب في ذلك كونها من تشريعات رب العباد عز وجل، وبها تتحقق مصالح البلاد والعباد، حيث جعلها الله -تعالى- عمودًا من أعمدة بناء الإسلام، يُضاء بها الطريق لأتباعه، ومن خلالها يأمن الأغنياء على أموالهم من حقد وحسد الفقراء من أقوامهم، ويعيش المجتمع في أمن وأمان بسبب  تشريع هذه الفريضة.

ونظرًا للدور الحيوي الذي يقدمه مورد الزكاة في المجتمع الإنساني وما يحققه من أمن ورخاء اجتماعي، واقتصادي، وسياسي، وثقافي …. وغيره، نرى من يستحق مصرف الزكاة هم من أصحاب الأعذار كالفقير، والمسكين، والذين لا يقدرون على العمل وغيرهم، حيث إن الزكاة فريضة يُقصد من تشريعها معالجة القصور والإهمال في شتى جوانب المجتمع الإنساني عامة، والمجتمع المسلم خاصة، فبخروج الزكاة لمستحقيها يُسد باب كبير من أبواب الشر يمكنه في يوم وليلة القضاء على أرجاء المجتمع، فهؤلاء إذا لم يجدوا الوعاء الاقتصادي لفريضة الزكاة الذي يحتوهم فلا شك في أنهم سوف يصبحون أداة من أدوات هدم المجتمع بأسره، وأوقات الهدم لا تفرق بين غني وفقير، ففي بعض الأحيان يكون ضرر الغني أكثر وأكبر من ضرر الفقير، فمن أجل هذا وضح الرسول الكريم-r- أن الزكاة فرض في مال الغني يخرجه ليس مِنة ولا تفضلًا منه على الفقير؛ وإنما تنفيذًا لأمر الله -تعالى- القائل فيه لرسوله الكريم-r-{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، والأمر للرسول أمر لأمته ما لم يرد خلاف ذلك في تخصصيه-r- بالأمر، وثبت عن سيدنا علي بن أبى طالب قوله:”إن الله -تعالى- فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم, فإن جاعوا أو عروا أو جهدوا فبمنع الأغنياء, وحق على الله -تعالى- أن يحاسبهم يوم القيامة”.

ويتحدث د/شوقي الفنجري عن الأهداف التنموية للزكاة ومقومات الأمن المجتمعي من خلالها، فيذكر عدة مجالات للأمن المجتمعي منها: الأمن الإيماني، والأمن العسكري، والأمن السياسي، والأمن الاجتماعي، ونراه في مجال الأمن الاقتصادي يذكر ما نصه:” إن قوام الأمن الاقتصادي في الإسلام ضمان حد الكفاية لكل فرد أي المستوى اللائق للمعيشة، وليس مجرد حد الكفاف أي المستوى الأدنى للمعيشة …. فحيازة البعض للمال في الإسلام ليس امتلاكًا؛ وإنما هو أمانة ومسئولية بقوله -تعالى-:}وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ{….ثم يذكر قول الإمام الماوردي فيقول:” يُدفع إلى كل من الفقير والمسكين إذا اتسعت الزكاة ما يخرج به من اسم الفقر والمسكنة إلى أدنى مراتب الغنى، وذلك معتبر بحسب حالهم، فمنهم من يصير بالدينار الواحد غنيًا إذا كان من أهل الأسواق يربح فيه قدر كفايته، فلا يجوز أن يزاد عليه، ومنهم من لا يستغني إلا بمائة دينار فيجوز أن يدفع إليه أكثر منه، ومنهم من يكون ذا جلد يكتسب بصناعته قدر كفايته، فلا يجوز أن يُعطى، وإن كان لا يملك درهمًا”.

وبنظرة فاحصة لفريضة الزكاة نلاحظ كيف لها أن تنمو وتزدهر من خلال أهدافها المشروعة، وآثارها في تحقيق الأمن المجتمعي، والممثل في عدة أساليب منها:

أولاً: عدم السماح بالثروة والغنى إلا بعد ضمان حد الكفاية لا الكفاف لكل فرد من أفراد الأمة، فضلاً عن عدم السماح كلية بكنز المال أو حبسه عن التداول، أو إنفاقه في سفه أو ترف زائد عن حد المعقول، وأنه يأثم كل من الراعي وولي الأمر إذا وجد في المجتمع جائع أو محتاج.

ثانيًا: عدم السماح لأقلية باستئثار خيرات المجتمع لما يؤدى ذلك إلى الجور وتحكم الأقلية واستبدادها، كما يولد الكراهية والحسد في نفوس الأغلبية الكادحة، ويخلق الطبقية والصراع، مما يقضى على الانسجام بين أفراد المجتمع على المستوى المحلى وبين الدول على المستوى العالمي.

ثالثًا: إعادة التوزيع عند افتقاد التوازن حيث يتعين على ولي الأمر التدخل من وقت لآخر لإعادة التوازن بين طبقات المجتمع عند افتقاده، ودليل هذا ما فعله النبي -r- حين قصر توزيع فيء بنى النضير على المهاجرين وبعض الأنصار كانوا فقراء وتوافرت فيهم نفس الحكمة التي أوحت بتخصيص هذا الفيء للمهاجرين وهو إعادة التوازن بين طبقات المجتمع.

رابعًا: الزكاة سبب لإنماء الأمن المجتمعي بين أفراد المجتمع.

إن المتعقل لفريضة الزكاة يلحظ أن دافعها يشعر بوجوده الكامل في محيط مجتمعه الكائن فيه، وتفاعله معه، ومشاركته في تحقيق مصالحه، وحل مشاكله، والنهوض به، فتنمو شخصيته، وتزكو نفسه، وينشرح صدره، ويرتفع كيانه المعنوي، ويشعر بسعادة غامرة وهو يواسي إخوانه، ويقوم بواجبه تجاه مجتمعه، لأنه يؤدي واجبًا مكلف به من قِبل الشارع الحكيم، كما يشعر آخذ الزكاة، بقيمته وقدره، وأنه ليس شيئًا ضائعًا، ولا كمًا مهملًا، وإنما هو في مجتمع كريم يعنى به ويرعاه، ويأخذ بيده، ويعينه على نوائب الدهر، فيحمله ذلك على محبة مجتمعه، والتفاعل معه، ويبقى قلبه سليمًا خاليًا من الحقد والحسد، مقدرًا لإخوانه الأغنياء، معترفًا بفضلهم، مقرًا لهم بوجودهم، داعياً لهم بالبركة والتوفيق وسعة الرزق، فالزكاة تستل سخائم الفقراء، وتزكي نفوسهم من الضغينة والبغضاء، والحسد لأهل المال والثراء، بل تجعل الفقير يدعو لهم بالبركة والزيادة والنماء، وبهذا يتحول المجتمع إلى أسرة واحدة، تجللها المحبة والوفاء، ويسودها التعاون والإخاء”.

خامسًا: نجد للزكاة دورًا ملموسًا في تحقيق الأمن المجتمعي بين طبقات المجتمع بأسره من حيث كونها أمنًا وأمانًا للفرد والمجتمع والتي تهدف من خلال عدة نقاط:

1-أمن وأمان للفرد في تحقيق الأمن المجتمعي من حيث كونها أمن للآخذ وأمن للمعطي، وذلك حينما يأخذ من الزكاة ما هو في حاجة إليه ويعتمد بعد ذلك علي نفسه ويعمل بجد واجتهاد، فإن هذا الفرد سوف يثمر في المجتمع الذي يعيش فيه، وذلك باعتبار أن المساعد الأول له إنما هي الدولة التي يعيش فيها، وهذا ما فعله سيدنا أبو بكر-t- حينما كان يعطي من بيت المال ولا يترك فيه شيئًا، وأوضح دليل علي ذلك عقب وفاته حينما حضر عمر-t- وجمع من الصحابة لفتح خزانة بيت المال لم يجدوا فيه شيئًا.

2- أمن وأمان للمجتمع في تحقيق الأمن المجتمعي وذلك حينما يخلص في إخراج زكاة ماله، فإن هذه الزكاة سوف تعود علي المجتمع بالخير والنماء الوفير، وسوف يقوي المجتمع كله، لماذا؟ لأنه ليس فيه محتاج، المحتاج يأخذ بقدر حاجته ويعتمد علي نفسه ويومًا فيومًا يثمر ويكون أداة من أدوات الإنتاج في المجتمع المسلم، لذا كان للزكاة دور عظيم في تحقيق الأمن المجتمعي للفرد والمجتمع لو وُزِّعت كما أمر الله -I-.

سادسًا: الزكاة مظلة للمساهمة في تغطية حاجات شرائح واسعة من طبقات المجتمع، مما يشكل في مجمله تحقق الأمن المجتمعي للدولة مساهمة مع أنواع البر الأخرى كالوقف والصدقات بكافة أشكالها.

سابعًا: تساهم فريضة الزكاة في تحقيق الأمن المجتمعي من خلال تخفيف البطالة وذلك بما تقدمه من فرص العمل في المشاريع المجتمعية المختلفة، وكذلك تدعم الزكاة روح العمل المؤسسي من خلال الجمعيات التي تشرف عليه بما يجسد روح التعاون وأواصر المحبة والمودة بين أبناء المجتمع الواحد.

ثامنًا: تساهم الزكاة في مساعدة الشباب الراغبين في الزواج، وذلك بتقديم ما يتناسب معهم من مهور وشقق وأثاث وخلافه، وإنشاء أسرة مسلمة متمسكة بكتاب ربها وسنة نبيها-صلى الله عليه وسلم-، وبهذا يكون المجتمع شريفًا عفيفًا نظيفًا متمسكًا بالأخلاق محافظًا عليها، فمما لا شك فيه أن المحافظة على مثل هذه الأمور فيها تحقيق لأمن المجتمع كله، ودليل ذلك ما فعله أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز-t- حينما ذكر عنه العلامة ابن كثير ما نصه: “وقد اجتهد رحمه الله في مدة ولايته -مع قصرها- حتى رد المظالم، وصرف إلى كل ذي حق حقه، وكان مناديه في كل يوم ينادي: أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟ حتى أغنى كلًا من هؤلاء”، تأمل اللفظة حتى أغنى كلا من هؤلاء، وهؤلاء منهم الغارمون، ومنهم من يريد الزواج، ومنهم الفقراء والمساكين الذين لا يجيدون ما يكفيهم، ومنهم اليتامى كل هؤلاء وغيرهم أغناهم عمر بن عبد العزيز بسبب ما أفاء الله تعالى عليه به من مال الزكاة، والغنيمة، والفئ وخلافه الكثير والكثير.

تاسعًا: من أهداف فريضة الزكاة التنموية أنها تساهم وتشجيع على نشر العلم التعلم، وذلك بفتح المجالات للشباب أن يرتقوا ويتميزوا في السلم الاجتماعي، وفي التأثير والنفوذ حتى لو كانت أصولهم الاقتصادية ضعيفة نتيجة ما أتاحه لهم أموال الزكاة  المخصصة للتعليم من مجالات، لأن الزكاة تُعطى لمن ليس عنده حتى يصبح عنده فيعطى من ليس عنده وهذا دورها المساعدة والتشجيع.

هذه هي أهم الأهداف التنموية لفريضة الزكاة التي من خلالها يتم تحقيق الأمن المجتمعي، والتي لو وُضعت نُصب أعين وليّ أمر المسلمين ورعيته لأتت أكلها المرجوة، ولحققت تقدمًا ورخاء ونموًا اقتصاديًا واجتماعًا في أرجاء البلاد الإسلامية خاصة، ولعمّ خيرها العالم كافة.

وللحديث بقية مع باقي مطالب الورقة البحثية وسوف تُنشر تباعاً –إن شاء الله تعالى-

أهم المراجع والمصادر

(1) معجم مقاييس اللغة لابن فارس مادة (ثمر) 1/388، المعجم الوسيط (ثمر)1/100.

(2) العين للخليل الفراهيدي 8/344، القاموس الفقهي لغة واصطلاحًا المؤلف: الدكتور سعدي أبو حبيب 1/344، المخصص لابن سيده 3/446.

(4) كتاب العين مادة (زكو) 5/394، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا (زكا) 1/159، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي مادة (ز ك و) 1/254، تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري مادة (زكا)10/175، لسان العرب لابن منظور مادة (زكا)14/358.

(5) المطلع على ألفاظ المقنع لمحمد بن أبي الفتح البعلي 1/170.

(6) نيل الأوطار للشوكاني 6/304.

(7) مقال في موقع ثرواتنا للأستاذ/دنى سليم

(8) موقع الملتقى الفقهي مقال بعنوان التأصيل الشرعي للأمن الاجتماعي في القرآن الكريم والسنة النبوية والفقه الإسلامي د/جيهان الطاهر محمد عبد الحليم بتاريخ 2/8/2012م.

(9) هذا على رأي من يقول بجواز دفع الزكاة الواجبة لمستحقيها من غير المسلمين، وتجزئ مَن أخرجها على هذا الوجه، وهو مذهب الزهري، وابن سيرين، وزفر من الحنفية.

(10) وما أحداث الفوضى وانتشار السرقة والبلطجة وانعدام الأمن والأمان في بعض البلاد العربية ببعيدة عن أذهاننا مثل مصر وليبيا وسوريا واليمن –نسأل الله تعالى تحقق الأمن والأمان في سائر البلاد-.

(11) المحلى لابن حزم 6/158.

(12) العدل الاجتماعي ودور الوقف في تحقيق الأمن المجتمعي د/محمد شوقي الفنجري ص:511، الأحكام السلطانية للماوردي 1/195.

(13) المرجع السابق ص:511 (بتصرف).

(14) موقع رسالة الإسلام من مقال بعنوان: أثر الزكاة في تحقيق التكافل الاجتماعي للدكتور/عبدالعزيز بن فوزان الفوزان بتاريخ20/9/1433هـ، 8/8/2012م، (بتصرف).

(15) البداية والنهاية لابن كثير9/225.

(16)يراجع الوقف ودوره في تحقيق الأمن المجتمعي د/عبدالله بن سعود المحيلبي566وما بعدها، الوقف ودوره في تحقيق الأمن المجتمعي د/فريد بن يعقوب المفتاح ص:586وما بعدها، الأوقاف الإسلامية ودورها في التنمية د/معبد سعيد الجارحي ص:119وما بعدها، الوقف ودوره في تحقيق الأمن المجتمعي د/عكرمة صبري ص: 595(بتصرف).

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى