احدث الاخبارعاجل

المملكة العربية السعودية والأزمة اليمنية والحلول الموجعة

إعداد : أ. حسام السيد ذكى – المركز الديمقراطي العربي

 

تواجه المملكة العربية السعودية أزمة حقيقية فى اليمن بعد أن انفرط عقد التحالف العربي الذي أسسته المملكة لمواجهة الحوثيين، فلم يتبقى من هذا التحالف قوي فعاله سوي المملكة والإمارات العربية المتحدة، وقد بدأت الأخيرة فى الانسحاب تدريجياً من هذا التحالف بعد أن تمكنت من إحكام سيطرتها على معظم المناطق الساحلية المطلة على باب المندب، عبر إقامة قواعد عسكرية ودعم قوي محلية موالية لها، وهذا ما كانت تتطلع له الإمارات منذ بداية الأزمة لتأمين مصالحها التجارية فى المنطقة، ولم يعد يشغلها الداخل اليمني ولا حدود المملكة التى أصبحت عرضة للصواريخ الإيرانية، وكل ما يمكن أن تقدمه الإمارات الآن هو الدعم الجوي الغير فعال.

أما المملكة فقد أصبحت وحيده فى مواجهة الحوثيين ومن خلفهم إيران، وأصبحت فى مواجهة قوي قادرة على استنزاف قدرتها العسكرية والاقتصادية على المدي البعيد، حتي وإن تمكنت السعودية من الوصول إلى صنعاء وإخراج الحوثيين منها، فإن الفكر الشيعي للحوثيين وتحركاتهم الفردية والجماعية داخل اليمن لتغيير التركيب الديني لليمن سيظل متواجداً بقوة فى ظل الدعم الإيراني، وقد تجد المملكة نفسها فى وقتاً ما فى مواجهة دولة شعيه موالية لإيران.

ولمواجهة هذه المعضلة فإن المملكة عليها أن تتبع نهجاً مغايراً تجاه اليمن للخروج من هذه الأزمة، ويبدو للباحث أن الحلول الأكثر فاعلية لمواجهة هذه المعضلة، هي:

الحل الأول (على المدي البعيد): أن تدعم المملكة حركة الإخوان المسلمين فى اليمن والمتمثلة فى حزب ” التجمع اليمني للإصلاح”، فدعم الإخوان فى اليمن سيمكن السعودية من اكتساح الحوثيين على الصعيد السياسي والعسكري والفكري، وسيمكن السعودية على المدي البعيد من القضاء على الوجود الشيعي فى اليمن، وإذ كانت المملكة تخشي من أن يحل فكر الإخوان محل الحوثيين، ويسيطر الإخوان على اليمن، فإن القضاء على الإخوان سيكون أسهل بكثير من الحوثيين، فالإخوان لديهم قابلية لتقبل الأخر ويمكن إقصائهم من المشهد السياسي عبر دعم الحركات السياسية الأخرى فى اليمن، وإذا تعذر ذلك فإن القضاء عليهم عسكريين لن يكلف المملكة الكثير فى ظل وجود قوي إقليمية ترفض وجود الإخوان على الساحة السياسية، ومجتمع غربي لديه حساسية تجاه وصول الإخوان إلى الحكم، ومن ثم سيكون بإمكان المملكة إذا تعذر عليها القضاء على الإخوان تشكيل تحالف دولي واسع على رأسه الولايات المتحدة لمواجهتهم، ويري الباحث أن مواجهة الإخوان للحوثيين ستوفر على المملكة الكثير على الصعيد العسكري والاقتصادي، وستعادل موازين القوي على الصعيد الديني فى اليمن، وعلى المدي البعيد فإن المملكة يمكنها استنزاف قوة الإخوان فى اليمن بأقل التكاليف.

الحل الثاني (على المدي القريب): أن تفسح المملكة المجال لتنظيم القاعدة للتحرك فى اليمن، فدخول تنظيم القاعدة طرفاً فى أزمة اليمن سيستنزف الحوثيين، كما أن دخول تنظيم القاعدة طرفاً فى المعادلة السياسية سيحرك الأزمة اليمنية بشكل سريع على الصعيد الدولي، خاصة وأن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تري فى تنظيم القاعدة عدواً يجب القضاء عليه بأي شكل من الأشكال، ومن ثم ستتمكن المملكة من استغلال هذه الورقة لتقوية التحالف بجذب الدول الغربية إلى جانبها فى مواجهة الحوثيين من ناحية، ويمكن للمملكة أن تستخدم تنظيم القاعدة كورقة رابحة لكسب الدول الغربية إلى جانبها؛ فالقضاء على الحوثيين مقابل القضاء على تنظيم القاعدة، كما أن الصراع الفكري والعقائدي بين تنظيم القاعدة والحوثيين سيدفع الطرفيين إلى الدخول فى مواجهة تستنزف قوة الطرفيين دون أن تبذل المملكة أي مجهود يذكر مقارنة بالمجهود الحالي.

أما الحلول الأخرى سواء أكانت سياسية أو عسكرية فإن هذه الحلول غير مجدية على المدي البعيد، حتي وإن تمكنت المملكة من توسيع التحالف ليشمل الولايات المتحدة الأمريكية فإن المواجهة العسكرية ستكون محدودة، وسينتظر الحوثيين الفرصة تلوي الفرصة للعودة من جديد.

وفي النهاية، فإن الباحث يري أن الحل الأول هو الأمثل على المدي البعيد ولن يكلف المملكة الكثير مقارنة بالتكاليف الحالية، وفي نفس الوقت سيقصي القوي الإقليمية ( إيران أو غيرها) بعيداً عن الساحة اليمنية.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى