الإســلام لـــيـــس ديـــناً وســـطــــياً بــل ديـــنـــاً كاملاً لا ســـابقة لــكـــمــالـه

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر
مــــــُـــــقدمــــة :
– لــــفهم حقيقة الترويج لمصطلح خاطئ ومُختلط هو”وسطية الدين الإسلامي” يلزم الرجوع القهقري قــلــيلا في الـزمن لنقف علي الظروف التي دفعت بعملية الترويج تلك لمصطلح الوسطية الذي ليس له علاقة بالإسلام كدين بل إن علاقته الوحيدة وفقاً للنص القرآني بالأمة الإسلامية – كما ســأعرض تـاليــاً – وتزامن الترويج لهذا التدليس الفقهي والعلمي الطوعي مع بداية الدعوة وتنظيم جولات ماراثونية غير منقطعة إلا قليلاً لما يُسمي بالحوار بين الأديان التي تضافرت مع دعوة مُشابهة للحوار بين الحضارات التي تبنتها الأمم المتحدة التي تفعل ولا تفعل أمـــراً ما إلا بموافقة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي الذي تعتقد الدول الأخري غير العضوة فيه وبمنتهي السذاجة السياسية أن عملية توسيعه بأي قدر ستؤدي إلي حياده عن تحقيق الأهداف الإستراتيجية للخمس الكبار ووفقاً لنفس هذه القاعدة قاعدة سيطرة الخمس الكبار في مجلس الأمن الدولي جاءت الدعوة للحوار بين الأديان من النصارى وليست من المسلمين وكأنها أي هذه الدعوة للحوارالمزعوم إمتداد طبيعي لسطوتهم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فلم لا تمتد إلي الفضاء الخارجي لهذه الهيئة الدولية التي مافعلت للعرب والمسلمين شيئاً من حماية أو مظلة أمان وهاهي حرب غـــزة خير شـــاهد علي هذه العلاقة الــخـــاسرة بين الكتلة الديموجرافية المسلمة ونظام الأمم المتحدة ككل وقد تطورت علاقة الأزهر بدعاة الــحــوار علي الضفة الأخري من النهر بتكوين لجنة الحوار بين الأديان في الأزهر بعد طلب من الفاتيكان للحوار أكثر من مرة هذه الدعوة التي قوبلت بالـــرفــض الــواضح في بداية الأمر من شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود الذي قَبِل المشاركة في هذا الـــحوار الــغــث الــعــقــيـم بعد ضغط من الرئيس المصري أنــورالسادات ثم تم تشكيل اللجنة مؤخراً عندما تكرر الطلب من الفاتيكان في الحوار وتم توقيع اتفاقية بين المؤسستين في مايو عام 1998م وهذه اللجنة وفكرتها لم تكن موضع ترحيب من علماء الأزهر ولهذا رفضتْ الكليات الدينية وخاصة كلية أصول الدين استقبال مؤتمر حوار الأديان الذي يُراد عقده في نوفمبر 2000م لأنها لا تناقش بيان الحق بالأدلة والبراهين المقبولة بل أعرضت عن ذلك قصداً وأصبح الحوار عبارة عن “تفاوض” لا حـــوار على القضايا المشتركة وهو تــفــاوض يكون في العادة بين الدول في المصالح الدنيوية المشتركة وهذا ما لا يوجد معناه في طبيعة الأديان التي جانبها الإيماني ومقصدها الأخروي هو الأصل مع ضرورة التنبيه إلى شمولية الإسلام دون غيره من الأديان لأمور الدنيا والآخرة وللأمور الإيمانية والعملية وجميع النشاط البشري .
– أدي قبض وتغول النظم الفردية ذات المنشأ العسكري أو المدني علي سلطة الشعوب في عالمنا العربي – علي الأقل – والتي من أهم خواص رؤوس هذه السلطة عدم أهليتها وتدني مستوياتها التربوية والمعرفية إضافة لخواص أخري لابد من توفرها فيمن يحكمون , أدي هذا بطبيعة الحال إلي تقزيم المؤسسات الإسلامية المعنية بتفقيه الشعوب بدينهم مقاصده وأهدافه وتحولت هذه المؤسسات إلي أداة طيعة جداً في يد الحكام المستبدين بشعوبهم الخاضعين في ذل للقوي الدولية وفي صدارتها الولايات المتحدة الأمريكية وتقلص التعليم الإسلامي سواء في المؤسسات التعليمية الحكومية أو الخاصة كما تراجعت الدعوة الإسلامية وأنحصرت في بعض الرعاع الذين يستسيغوا النفاق والتدليس بل وتعمد تفريخ بعض الدعاة الشباب غير المتخصصين أو محدودي الأفق العلمي ممن يتكلمون بلغة أجهزة أمن حكام هذا العصر وهي لغة تتسم بالتفاهة وتعمد تغييب وعي الشعوب وتعمد تجاوز ثوابت الدين وفتح جدال في قضايا إسلامية أثبتها القرآن الكريم والسنة المُطهرة لا لشيء إلا لتشكيك الشعوب في دينهم أو علي الأقل نزع الـهـيـبة من الدين , ولما تقزمت المؤسسات الإسلامية ومثالها الأزهر الشريف في مــصــر ونظيره في المؤسسات الإسلامية بكل البلاد العربية بدرجات تقزم مختلفة إلا أنها كافية كلها لجعل هذه المؤسسات الضرورية أكثر من ضرورة الحكام القابضين غيلة وغدراً في معظمهم علي السلطتين السياسية والأمنية جعلها تعمل داخل زنزانة إنفرادية ضيـــقـــة والنتيجة العامة أن هذه المؤسسات الإسلامية نفسها بداعي عدم تأهل رؤسائها نـفـسـيـاً وعــلــمــيــاً وخوفهم الشديد من بطش هؤلاء الحكام وأجهزتهم الأمنية التي أخترقها ويديرها عن بعد الصهاينة والقوي الكبري المُساندة لهم أصبحوا بمرور الزمن مــنــحـــرفــيـن عن جـــادة الـديـن الـحــق ولاقت مبادرة تحالف الحضارات التي أُعلن أنها تهدف إلى منع العنف ودعم الترابط الاجتماعي من خلال تشجيع الحوار الثقافي وحوار ما بين الأديان والتي إقترحها رئيس الوزراء الأسباني خوسيه لويس ثباتيرو بمناسبة إنعقاد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 59 عام 2005 وساهم في تمويله هذه المبادرة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وقد دافع البابا يوحنا بولس الثاني بشكل كبير عن فكرة الحوار بين الأديان ودعم الاجتماعات في أسيزي في ثمانينيات القرن العشرين كما كان البابا فرنسيس أول زعيم كاثوليكي يدعو إلى حوار صادق وصارم مع الملحدين في عام 2013 ورغم أن الهدف النهائي من الحوار بين الأديان يعتوره غـــمـــوض كـبـيـر إلا أن الأزهـــر ومؤسسات إسلامية أخري تأخذ هذا الحوار مأخذ الجد وكأنه أحد أركان الشريعة الإسلامية مع أن محطته النهائية terminus غير معلومة خاصة لو علمنا أن المبدأ الإسلامي المُقرر في القرآن الكريم هو : ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ سورة القصص 56 “ويَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَىٰ هُدَى اللَّهِ أَن يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ ۗ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) ۞ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)” من سورة آل عمران و﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا﴾ من سورة الكهف: 57 وهناك سور أخري تتضمن ما يعني الهدي فهذه الدعوة إلي الحوار نفسها وممارسة القوي الدولية الضغوط السياسية والإقتصادية المُستمرة علي نظم الحكم الشائهة الرخوة خارج الأوطان تدفعها تلقائياً إلي إصدار الأوامر والتعليمات والتوجيهات – أختر ماشئت – للمؤسسات الإسلامية بالتواصل مع المؤسسات العقيدية الغربية مسيحية ويهودية في إطار ما يُسمي “بحوار الأديان” ولعل شيخ الازهر الحالي الذي تلقي قدر من تعليمه في السوربون في فرنسا من أكثر المتحمسين لأسباب غامضة لما يُسمي بالحوار بين الأديان ففي مقالة في صحيفة الأهرام القاهرة في 31 أكتوبر2022 كتب الشيخ د. محمد الضوينى ما يلي : “….مع تولى فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر مَهامَ عملِه كشيخٍ للأزهر أعلن فى أول مؤتمر صحفى أجندة أفكاره وتطلعاته التى يسعى لتحقيقها ليعود الأزهر الشريف لمكانته الطبيعية وكان من أهم المحاور التى طرحها تطوير ملف الحوار بين الأديان فى الأزهر وتفعيل الأنشطة المتعلقة به وها نحن اليوم نجنى فى الأزهر الشريف تِلكَ الثمار ومِن أهمها: حوار «الشرق والغرب»، وهو المشروع الذى أطلقه فضيلة الإمام الأكبر ـ حفظه الله وسدد خطاه ليكون النواة الأساسية لمفهوم التعددية والتكامل بين الشرق والغرب ففى الاجتماع الأول لجولات حوارِ حُكماءِ الشرقِ والغربِ فى جمعية “سانت إيجيديو” (وهي جمعية تعني بحل الصراعات في دول العالم الثالث كما حدث في تدخلها في الأزمة الدستورية في النيجر عام2009 وفي الكونجو وجنوب السودان إلا أنها لم تقترب من الصراع في فلسطين) وأعربَ فضيلة الإمام الأكبر عن هذه الأمنية حيث قال: إنَّ هذا العملَ الذى نشهدُ اليومَ أُولى حلقاتِه ولا نَدرى شَيئًا عنْ بَقيَّةِ مَراحلِه كان فكرةً مُجرّدةً فى عَالم الأحلامِ والأمَاني حين زارنى فى منزلي بحى مصر الجديدة بالقاهرة أصدقاؤنا القدامى: الأب فيتوريوينارى والأستاذة بولا بيتزو والسيد أندريا ترانتيني مُنذ عامٍ أو أكثر وكان الحديثُ فى أثناء الزيارة يدورُ حول مَوضُوع «حوار الأديان والحضارات» ومدى تأثيره فى العلاقة بينَ الشرقِ والغَربِ وهل أتى ثِمَاره المَرجوّةَ فى التقريب بين الحضارات أو تخفيف التوتر والاحتقان فى علاقة كلٍّ مِنهما بالآخر بعد أن آلت هذه العلاقة فى الآونة الأخيرة وبكلِّ أسفٍ إلى علاقة صِراع مُخيف.
شيـــخ الأزهـــر داعــــيــة الوســـطـــيــة الإسلامية الــمــزعـــومــة :
للأسف الشديد حـــصـــل دعاة الحوار / الفخ الكاثوليك علي داعـــيــة (مـــجاني) مــتــطـــوع هو شيخ الأزهــر الذي ما فتأ في كل نادي ومؤتمر وندوة يــلــهــث بالـدعـــوة إلي “وســـطـــيـــة الإسلام” تلك الدعوة التي إستخرجها إستخراجاً أو إختلقها إختلاقاً من تـفـــسـيــره الـــمــلبدة ســـمـــائه بغيوم الضلال وســـوء الــنــيــة وربما الجهل لو لم يكن عــامــداً لكنه رجل تعلم في السوربون (لمحدودية دور العلم الفقهي والشرعي في بلاد المسلمين) ومن المؤكد أن لديه الحد الأدني من العلم والوعي والتمييز مما يجعله قادر بسهولة علي تميييز لفظ “أمة وسطاً” المذكورة في الآية 143 المذكورة في متن سورة البقرة والتي يستطيع البسطاء من إدراك أنها معطوفة علي أمة الإسلام وليس علي الإسلام لكن شـيخ الأزهر للأسف يتشدق بهذه اللفظة / التي تحولت لمُصطلح ليستخرج لنا ولهم منها إصطلاح “وسطية الإسلام”وهو مــصطلح منحوت ليس له أب ولا أم وأستجلبه شـخ الأزهر من إحدي دور الأيتام بفرنسا أو غــيرها من العواصم الأوربية ذلك أن كل علماء الإسلام وفقهاءه من الــســلف الصالح في كل شروحهم للقرآن الكريم لم يخونهم عقلهم فدلهم علي أن الوسطية ليست مـنــســوبـة للإسلام بالمرة وحتي وهي منسوبة لأمة السلام ليست بالمعني الذي يحاول شيخ الأزهر ومن لف لفه أن يروج له فهو يستخدم الوسطية بمعني أن الإسلام وسطي ومعتدل ومُسالم علي طول الخط بالضبط كما روج الرئيس انور السادات لشعار : السلام خــيــار مـــصــر الإستراتيجي وهو شعار لم يقابله الصهاينة بشعار أقل 90% منه بل جنحوا للمزيد من العدوان والتوسع في الأردن وجنوب لبنان وفلسطين نفسها لأنهم مطمئين أن مـــصـــر خبأت نفسها وراء شعار “السلام خيار إستراتيجي” وتبحث عن الإستقرار في الغــرف المغلقة لا في شمس النهار تماماً كما يفعل شيخ الأزهر حالياً بالترويج لوسطية ألصقها في الإسلام وما هي بحقيقة وهو يفعل فعلته مُطمئناً لأسباب عديدة منها أولاً تدني مستوي التعليم والوعي الديني في مصر ثانياً لأن مذاق ورائحة وشكل ومدلول لفط : ” الإسلام الوسطي” لذيذ وســاحر وجاذب لمشاعر إيجابية لكنه في حقيقته التي يعرفها شيخ الأزهر نفسه خيانة لدين الإسلام لا مراء فهو دين “قــيــم” وليس “وســطـــياً” بأي حـــال فتأسيس السياســة الــشـرعــيــة والمقاصد الشرعية الإسلامية علي أساس من أنه دين “قـــيــم” كامل كمالاً فريداً مُطلقاً غير تأسيسه علي قــاعدة “الــوســـطـيــة ” لأنه والحالة هذه سيمكن لمتخذ القرار – وهو في الغالب يصدع بما يؤمـر به – إصدار قوانين شـــرعــية “إسلامية”خارجة عن جادة الدين الإسلامي الكامل الحق وليس الوسطي وكذا إصدار قوانين مدنية للمجتمع غير دستورية وغير إسلامية وهذه وتلك تصدرها السلطة السياسية التي في الغالب تحاول أن ترضي الغــرب والشـــرق فهم دائما ما يُمارسون ضغوطهم بغية تمزيق الأنسجة الإجتماعية التي مازالت وإن بصفة نسبية قـــوية في العالمين العربي والإسلامي فسدنة حـــوار الأديان من المسيحيين وغيرهم يمثلون الغرب والشرق مصالحة ومطامعه .
– شيخ الأزهر داعـــيـة :الوسطية” التي لم يقل بها أحد من الفقهاء في عهد السلف الصالح أو في عهد الفقهاء المحدثين شخصية يُروج لــها في مــصـــر وفي كـــيــان كـــرتــونــي يُدعي بالإمـــارات كتبت وكالة أنباء هذا الكيان العابث في 2019/2/4 تحت عنوان : شيخ الأزهر أحمد الطيب “إمام الوسطية والتسامح : “لعب الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب مشيخة الجامع الأزهر عام 2010 دورا بارزا في دفع مسيرة الحوار بين الأديان ويعد الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف أحد أبرز القيادات الدينية الإسلامية وأشهر علمائها الذين ناصروا القضايا الإنسانية العادلة ورفعوا راية التسامح والوسطية (أصبح للوسطية راية ؟؟؟!!!!) في وجه دعوات الانعزال والتطرف على مستوى العالم ولعب فضيلة الإمام الأكبر منذ توليه مشيخة الجامع الأزهر عام 2010 دورا بارزا في دفع مسيرة الحوار بين الأديان ومد جسور التواصل والحوار بين المجتمعات في الشرق والغرب وتعزيز مفاهيم التعايش السلمي وقبول الآخر وعبر مسيرته المليئة بالعطاء لعب فضيلة الإمام الأكبر دورا بارزا في إذابة الاحتقان الطائفي في عدد من بلدان العالم الإسلامي وإعادة صياغة علاقة المسلمين بـ”الآخر” على الأسس الإسلامية القويمة التي تؤكد حتمية احترام أتباع الأديان السماوية الأخرى حيث يؤكد فضيلته أن ما يفرق الأزهر عن أي جامعة أخرى هي الرسالة التي يقوم بها في نشر الوعي الديني والمجتمعي ويعرف عن فضيلة الإمام الأكبر أنه صاحب فكر تنويري ومعتدل لا يميل إلى التشدد ولا يغالي في الدين بل يفضل الوسطية التي يراها أفضل ما يميز الدين الإسلامي ومن هنا يأتي موقفه الحاسم الذي يرفض فيه إنكار الآخر أي آخر تحت أي دعوى دينية أو مذهبية أو عرقية ويراه ليس من الإسلام في شيئ ويتمتع فضيلة الإمام الأكبر بعلم غزير واسع وثقافة رفيعة وهذا ليس بمستغرب على من تربى في الأزهر وتعلم في “السوربون” التي حصل منها على الدكتوراه في العقيدة الإسلامية بعد أن تتلمذ فيها على أيدي أعرق أساتذتها الذين أشادوا بدأبه ومثابرته وتفوقه وتصديه لدراسة موضوعات شائكة لا يقوم بها إلا من أوتي عزما وإرادة ورغبة متأججة في العلم ويتولى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب مشيخة الجامع الأزهر منذ عام 2010 كما يتولى رئاسة مجمع البحوث الإسلامية وقد كان قبلها مفتيا للجمهورية ثم رئيسا لجامعة الأزهر فيما يرأس حاليا كلا من مجلس حكماء المسلمين ولجنة حوار الأديان بالأزهروأثرى فضيلة الإمام الأكبر المكتبة العربية والعالمية بعشرات المؤلفات القيمة في الفقه والشريعة وفي التصوف الإسلامي كما أنه يتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة وقد كان له الفضل في ترجمة عدد من المراجع الفرنسية الهامة إلى اللغة العربية وشارك فضيلة شيخ الأزهر في العديد من المؤتمرات الدولية ومنها الملتقى الدولي التاسع عشر من أجل السلام بفرنسا والمؤتمر الإسلامي الدولي حول حقيقة الإسلام ودوره في المجتمع المعاصر، ومؤتمر القمة للاحترام المتبادل بين الأديان المنعقد في نيويورك وجامعة هارفارد ومؤتمر الأديان والثقافات “شجاعة الإنسانية الحديثة” والذي نظمته إحدى الجامعات بإيطاليا ومؤتمر الثقافة والأديان في منطقة البحر المتوسط والذي نظمته الجامعة الثالثة بروما والمؤتمر العالمي لعلماء المسلمين بإندونيسيا تحت شعار “رفع راية الإسلام رحمة للعالمين”ويتمتع الإمام الأكبر بعضوية العديد من الهيئات العلمية منها الجمعية الفلسفية المصرية والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ومجمع البحوث الإسلامية واللجنة الدينية باتحاد الإذاعة والتلفزيون ومقرر لجنة مراجعة وإعداد معايير التربية بوزارة التربية والتعليم وأخيرا عضو أكاديمية مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي .
– كمثال من أقوال إمام الأزهـــر حول ما يفضل أن يقوله للعامة مايلي : قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس الحكماء المسلمين إن أهم خصائص رسالة الإسلام التي كادت أن تتفرد بها هي الوسطية والتي من أجلها سمي الإسلام دين الوسطية (من تُراه سماه كذلك قبله هو ؟ أم أنه يحاول أن يوحي لنا أننا نلهث بكلام لم نقله ونحن نيام ولا ونحن يقظي ؟) وسمي المسلمين أمة وسطًا وهو ما جاء صريحًا بقول الله سبحانه وتعالى: ” وكذلك جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤوفٌ رَحِيمٌ “وأضاف “الطيب”، خلال تقديمه برنامج “الإمام الطيب” المذاع عبر فضائية “dmc” اليوم الثلاثاء أن الإسلام ليس كما يصوره أعداءه بانه دين حروب ودماء وتضييق على معتنقيه وإنما دين سلام وتعاون وتسامح ورحمة متبادلة بين الناس، وبينهم وبين الحيوان والنبات والجماد شأنه في ذلك شأن باقي الأديان السابقة في الرحمة بالخلق وانتشال الإنسان من أوحال الضلال وهدايته للتي هي اقوم وتابع شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس الحكماء المسلمين أن من صميم خصائص الأمة الإسلامية المنوط بها من السماء القيام بواجب الهداية إلى الصراط الإلهي المستقيم وهذا ليس أطراء لأمة الإسلام ومدح مبالغ فيه لهم ولكنه إظهار لعظمة الدور المنوط بهذه الامة وثقلة وضرورته لواقعنا المعاصر اليوم فعند النظر لخريطة العالم أين يوجد الهدي الإلهي المعبر عنه بالصراط المستقي هل نجده بشوارع الدول التي ادارت ظهرها لحدود الله وشرائعه وقوانينه أم نجده في سياسات غطرسة القوى واقتصاد السلاح وتمزيق انسجة الشعوب لإشعال نيران الفتنة بين أبناءها؟ أم في سياسة الكيل بمكيالين؟ أم في اجتياح ثقافة المثلية والشذوذ وتبديل خلق الله؟ أم في تبرير التدخل السافر في الشئون الداخلية للدول والعبث بأمنها وقيم شعوبها وعقائدها بزعم حقوق الإنسان؟. *( https://al-ain.com/article/ahmed-tayeb-imam-moderation-tolerance)
– حمداً لله سبحانه وتعالي أن الفقهاء الأعلام القدامي أو من يُفضل أن ندعوهم بالسلف الصالح وفروا لنا في التراث الإسلامي تفسيراً “للوسطية ” الواردة في متن سورة البقرة إذ قال الفقيه إبن كثير شارحاً إياها في تفسيره للقرآن الكريم الآية143 من سورة البقرة التي وردت فيها كلمة : “وســـطــاً ” فقال معترفون لكم بالفضل والوسط هاهنا : الخيار والأجود كما يقال : قريش أوسط العرب نسبا ودارا أي : خيرها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطا في قومه أي : أشرفهم نسبا ومنه الصلاة الوسطى التي هي أفضل الصلوات وهي العصر كما ثبت في الصحاح وغيرها ولما جعل الله هذه الأمة وسطا خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب كما قال تعالى : ( هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس) من سورة الحج آية 78 .
– أري ويري غيري أنه سبحانه وتعالي قال في كتابه العزيز : (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)آية 143 من سورة البقرة وأنه سبحانه وتعالي سبق سبحانه هذه الآية من القرآن الكريم بقوله سبحانه عن تحول القبلة فقال سبحانه وتعالي : ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) الآية 142 من سورة البقرة ثم وفي السورة التي بعدها تكلم سبحانه وتعالي ثانية عن القبلة فقال تعالي: قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) آية 144 من سورة البقرة ثم أمعن القرآن الكريم في الحديث عن القبلة فقال سبحانه وتعالي في محكم التنزيل : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ) الآية 145 من سورة البقرة .
– كما شرح الفقيه القرطبي الآية 143 من سورة البقرة مفسـراً إياها فقال : قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم :
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا المعنى : وكما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطا أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم والوسط : العدل وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا قال : ( عدلا ) قال : هذا حديث حسن صحيح وفي التنزيل : قال أوسطهم أي أعدلهم وخيرهم وقال زهير :هم وسط يرضى الأنام بحكمهم إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم وقال آخر :أنتم أوسط حي علموا بصغير الأمر أو إحدى الكبر وقال آخر :لا تذهبن في الأمور فرطا لا تسألن إن سألت شططا وكن من الناس جميعا وسطا ووسط الوادي : خير موضع فيه وأكثره كلأ وماء ولما كان الوسط مجانبا للغلو والتقصير كان محمودا أي هذه الأمة لم تغل غلو النصارى في أنبيائهم ولا قصروا تقصير اليهود في أنبيائهم وفي الحديث : خير الأمور أوسطها وفيه عن علي رضي الله عنه : ” عليكم بالنمط الأوسط فإليه ينزل العالي وإليه يرتفع النازل ” وفلان من أوسط قومه وإنه لواسطة قومه ووسط قومه أي من خيارهم وأهل الحسب منهم وقد وسط وساطة وسطة وليس من الوسط الذي بين شيئين في شيء والوسط ( بسكون السين ) الظرف تقول : صليت وسط القوم وجلست وسط الدار ( بالتحريك ) لأنه اسم قال الجوهري : وكل موضع صلح فيه ” بين ” فهو وسط وإن لم يصلح فيه ” بين ” فهو وسط بالتحريك وربما يسكن وليس بالوجه…..” .
– أما المفسرون المعاصرون وعلي رأسهم الشيخ محمد عبده (مفكر وقاض وسياسي مصري 1849- 1905 م) ووضع تفسيراً للقرآن الكريم وفسر شارحاً هذه الآية 143 من سورة البقرة المتضمنة كلمة”وســـطــاً ” فقال ما نصه :” …. قال تعالي (وكذلك جعلناكم أمة وســــطــاً . وهو تصريح بما فهم من قوله إن الله(يهدي من يشاء)ألخ أي علي هذا النحو من الهداية , جعلناكم أمة وسطاً. قالوا إن الوسط هو العدل والخيار . وذلك أن الزيادة علي المطلوب في الأمر إفراط , والنقص عنه تفريط وتقصير وكل من الإفراط والتفريط ميل عن الجادة القويمةفهو شر ومذموم فلخيار هو الوسط بين طرفي الأمر أي المتوسط بينها , ولكن يُقال : لم أختير لفظ الوسط علي لفظ الخيارمع أن هذا هو المقصود والأول إنما يدل عليه بالإلتزام والجواب من وجهين :أحدهما : أن وجه الإختيار هوالتمهيد للتعليل الآتي , فإن الشاهد علي الشيء لابد أن يكون عارفاً به ومن كان في أحد الطرفين فلا يعرف حقيقة حال الطرف الآخر ولا حال الوسط أيضاً …. ” إلي أن قال : “تشهدون علي هؤلاء وهؤلاء وتسبقون الأمم كلها بإعتدالكم وتوسطكم في الأمور كلها , (أنتم أيها المسلمون) ذلك بأن ما هديتم إليه هو الكمال الإنساني الذي ليس بعده كمال ….” . أي أن الشيخ محمد عبده أسقط تفسير الآية حصراً علي المسلمين وليس علي الدين الإسلامي كما يحاول شيخ الأزهر الحالي وبطانته أن يروجوا لذلك .
– كذلك تعرض المفكر الإسلامي ســيــد قــطــب لهذه الآية التي دلـــس تـفــســيرها – رغم شدة جــلاء هذه الآية فلا مــجــال في الحقيقة لــغــمــوض مُدعي أو إبـــهــام – حاشا لله فيها – فقال الأستاذ سيد قطب في تفسيره المعنوان : بـ” ظلال الــقـــرآن” : “….إنها الأمة الوسطالتي تشهد علي الناس جميعا فتقيم بينهم العدل والقسط وتضع لهم الموازين والقيم وتبدي فيهم رأيها وتقول: هذا حق منها وهذا باطل لا أن تتلقي من الناستصوراتها وقيمها وموازينها وهي شهيدة علي الناس وفي مقام الحكم العدل بينهم وبينما هي تشهد علي الناس هكذا فإن الرسول هو الذي يشهد عليها فيقرر لها موازينها وقيمها ويحكم علي أعمالها وتقاليدها ويزن ما يصدر عنها ويقول فيه الكلمة الأخيرة وبهذا تتحدد حقيقة هذه الأمة ووظيفتها لتعرفها ولتشعر بضخامتها ولتقدر دورها حق قدرهوتستعد له إستعداداً لائقاً زز وإنها للأمة الوسط بكل معاني الوسط سواء من الوساطة بمعني الحسن والفضل أو من الوسط بمعني الإعتدال والقصد أو من الوسط بمعناه المادي والحسي…..” .
– كذلك أورد الأستاذ محمد علي الصابوني في تفسيره الُمعنون بـ” صفوة التفاسير” تفسيره للآية 143 من سورة البقرة فقال:”وكذلك جعلناكم أمة وسطاً”أي كما هديناكم إلي الإسلام كذلك جعلناكم يا معشر المُومنين أمة عدولاً خياراً “لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً…..”
– لقد أخذ شيخ الأزهر وصحبه تفسير الآية 143 من سورة البقرة أخذاً دعـــائــيـاً تـرويــجـــيــاً صـــرفــاً ووظفوها توظيفاً لا يخفي غرضه عن كل لبيب يربط ما بين حياة شيخ الأزهر في ثلاث مواطن هي القاهرة وباريس وأبو ظبي ومطالب كل موطن منه والآية في حد ذاتها واضحة وضوح الشمس لكنه ولكنهم عـــمدوا إلي إذابة الآية في مـــحـــلول دعــــائــي مُركز كثيف لتذوب في المعني الذي يريدونده ويُرضي أئمة الـــشرف والإنحراف في هذا الحوار الـمــُسمي زيفاً بالحوار بين الأديان وهو فـــخ منصوب بإتقان وهم أي الجانب الإسلامي في هذا الحوار المزعوم(وهو الأزهر تحديداً) فعل هذه الإذابة بصفة طوعية وعمدية deliberately ليخيل للعامة والخاصة أن الإسلام دين وسطي أي أن طبقاً للتليس الذي أقدموا عليه قد تحرك لمنطقة الوسط التي تفصل بين الٍإسلام والمسلمين وبين الــشــرك والـمُــشركين والأمر قد يراه البعض طفيفاً لكن حسابات التفسير القرآني حسابات كيميائية فوقوع التفسير وحصره في هذه الآية في المسلمين نتائجه الفقهية مختلفة كلية عن كون التفسير واقع ومحصور في الإسلام كما فعلوا ونسبة الوسطية المزعومة للإسلام وليس لأمة الإسلام كما نص القرآن الكريم نتائجه في تقديــري الشخصي سلبية وثماره مــُرة لـمـا يـــلي :
1- أنه لو أننا نسبنا الوسطية للإسلام كما يروج شيخ الأزهر وبطانته فسنقع في هــوة ســحــيــقة من الضلال ذلك أن “الوســطـيـة” طبقاً لتلك الرؤية ستؤدي بنا إلي إركاب خطيئة مداها بين الكفر باله سبحانه وتعالي والشرك به جــل في عــلاه فالوسطية التي نسبوها ظلماً للدين الإسلامي مع أنها بنص الآية 143 منسوبة للمسلمين حصراً لذلك ووفقاً للرؤية المنحرفة التي يقود الترويج لها شيخ الأزهر فإن الوسطية دمجها دمجاً في الدين الإسلامي وهذا إنما يعني – بصفة مباشرة – أن الإسلام يقع في الوسط ما بين الإيمان المطلق بالله سبحانه وتعالي والكفر أو الشرك به سبحانه وتعالي فهو في نقطة متوسطة بينهما وهذه الرؤية أسميها : الرؤية الهندسية للآية فالإسلام بوسطيته تلك واقع في مركـز متوسط أي نقطة متوسطة علي خــط مُـــســـتــقــيــم …. لا ليس الأمر علي هذا النحو ذلك أن نسبة الوسطية لنهج ثابت كالطود في الأرض كالدين الإسلامي محاولة تحريك لهذا الطود وذلك أمــرغير مقبول ولا معقول أما نسبة الوسطية لكتلة ديموجرافية مُتغيرة كماً وكيفاً ككتلة المسلمين فأمر معقول وســـائغ .
2- أن القرآن الكريم وحي إلهي من لدن حكيم عليم يعلم ونحن لا نعلم ذلك أن كلام الله سبحانه وتعالي لا يأتيه الباطل لا من خلفه ولا من أمامه فالكلمة القرآنية صـــائبة وتعلم مستقرها ومستودعها فالله وتعالي ولذلك ولأسباب عدة وســـع الله سبحانه وتعالي زاوية الرؤية للوسطية المنسوبة حصراً للمسلمين فأكدها ثانية بلفظ محدد أخرج هذه الوسطية عن المعني الهندسي الذي أساء مروجو الوسطية عن عمد أو عن غفلة حشرها حشراً في أذهان عامة المسلمين وخاصتهم والأخطر هؤلاء الذين يجرون الحوار معهم ربما لإرضائهم أو لإسعادهم فهم يعلمون قطعاً أن شيخ الأزهر وبطانة السوء التي تطوقه متعاونون / ولا أقول صـــراحة أنهم مُــــتــواطؤن مع شياطين الحوار بين الأديان ولذلك أكد سبحانه وتعالي وسطية أي عدل وخيرية المسلمين بأن وصف أمة المسلمين ” بالــخــيــريـــة ” ففي الآية 110 من سورة آل عمران قال علام الغيوب : ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ ولا يُقل أن يصف سبحانه وتعالي أنها وسطية بين إيمان وتوحيد مُطلق وشرك وكفر مُطلق فمجرد وجود الإسلام نفسه هو نفي مطلق لمضمون عقيدة الشرك بالله الأحد الفرد الصمد وأيضاً فهو بالضرورة نفي لما عداه من عقائد فكيف يكون الدين الإسلامي وسطياً فـيـما أداة قياس وتحديد هذه الوسطية عقائد مــنـــفـــية بحكم القرآن الكريم؟ فقد قال تعالي بكل وضوح :” وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الآية85 من سورة آل عمران وقال تعالي أيضاً في محكم آياته : (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) من سورة آل عـمـران آية 19 .
3- هناك علاقة إرتباطية Co relationship بين ترويج شيخ الأزهر – حتي ولولم يعلم – بين ترويجه والإعلام المصري والإماراتي بصفة خاصة لما يزعمه من وسطية الدين الإسلامي والجولات الخاصة بمؤتمرات الحوار بين الأديان ومع ذلك فلم يستنكف الجانب الآخر غير المسلم في الحوار من تهديد الأزهر ممثل الأغلبية الساحقة ديموجرافياً ,وهم السنة أنهم إن لمسوا من الأزهر معارضة أو تباطؤ في الإستجابة لمطالبهم التي هي محض تخريب مُغلف وناعم للدين الإسلامي فإنهم والحالة هذه سيارعون بإجراء هذا الحوارالمزعوم بين الأديان مع الشريحة الـــشـيــعـــيــة من المسلمين وقد كتبت بشلأن هذا التهديد الوقح عندما كنت سفيراً لمصر في النيجر تعان 2010 وعلقت عليه بقولي “سيكون أفضل إن أخذتهم ريح صرر عــاتــيــة وغربوا عن وجــوهـنــا” ففي الواقع فقد أتـي هـذا الحوار الرائع بثماره المرة ومن بين ثماره أخيـــراً حرب الإبادة في غزة التي أعقبت مباشرة طــوفــان الأقصي في 7 أكتوبر2023 وحرب التجويع وكلا الحربين بتمويل ودعم سياسي وعسكري أمريكي /أوروبي وهي دول مسيحية الكنيسة قوية في بعضها ويتساءل المرء هل تماهي الأزهر وقياداته مع هذا الحوار الإفتراضي نتيجة مباشرة للذل السياسي والإقتصادي المضروب علي النظم السياسية بالعالمين العربي والإسلامي أم أنه حالة من حالة الــعــتـه وغـــياب الوعي لدي الجانب الإسلامي المحاور أم إنه ســـذاجة وإرتزاق ؟ لا نعرف بالضبط فربما كان هذا التماهي نتيجة لكل هذا وتزداد المسألة شذوذا لو علمنا إن الحوار بين الأديان بين جانبين ضعيفين أي الجانب والإسلامي والجانب المسيحي المحاور فالكنيستين الشرقية و الغربية خاصة الكاثوليكية في حاضرة الفاتيكان مُتصدعتين وبجدرانهما العقيدية شروخ فالكنيسة الكاثوليكية التي يعجب شيخ الأزهر المُوقر ببعض شخوصها مفعمة بالخلافات والإنحرافات وظهر ذلك جلياً مؤخراًعندما أصدر مكتب عقيدة الإيمان بالفاتيكان في 8 أبريل 2024 إعلان “الكرامة اللانهائية” Dignitas Infinita المكون من 23 صفحة (وتضمنت : عقوبة الاعدام / نظرية الجنس /الإجهاض / تأجير الأرحام/ الحرب /المهاجرين/ المساعدة على الانتحار/ مجتمع الــشواذ LGBTQ+) والذي ظل قيد الإعداد بواسطة اللاهوتيون في الفاتيكان لمدة خمس سنوات أي عام 2019 وبعد مراجعة جوهرية في الأشهر الأخيرة تمت الموافقة عليه في 25 مارس2024 من قبل البابا فرانسيس الذي أمر بنشره ورأي فيه البعض أنه بمثابة غصن الزيتون للمحافظين في الكنيسة , بعد سلسلة من التصريحات الليبرالية التي أصدرها البابا فرانسيس ونددت الوثيقة الجديدة بمحاولات إخفاء “الاختلاف الجنسي بين الرجل والمرأة”فأشارت إلي أن “أي تدخل لتغيير الجنس” يشكل خطراً على الكرامة الإنسانية , وفي هذا قال البابا لأعضاء الخدمة العقائدية في أواخريناير2024: “علينا كمسيحيين ألا نتعب من الإصرارعلى أولوية الشخص البشري والدفاع عن كرامته خارج كل الظروف”وقال إنه يأمل أن تساعدنا الوثيقة الجديدة “ككنيسة على أن نكون دائما قريبين من كل أولئك الذين دون ضجة في الحياة اليومية يقاتلون ويدفعون شخصيا ثمن الدفاع عن حقوق أولئك الذين لا يهمهم”, وهذه الوثيقة المنشورة في 8 أبريل هي الوثيقة النهائية إذ سبقها أن مسودة السابقة وضعها رجال دين من ذوي الإتجاه التقليدي وقد رُفضت من قبل لجنة استشارية كما ترددت معلومات أنه كان لدى الأساقفة الأمريكيين مسودة وثيقة حول نظرية النوع الاجتماعي تم إعدادها في عام 2018ولكن تم وضعها على الرف بناءً على طلب مسؤولي الفاتيكان الذين أرادوا معالجة المشكلة أولاً وطلب البابا فرانسيس بعد ذلك تركيزًا أكبر على الموضوعات “المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بموضوع الكرامة” والتي كانت مركزية في بابويته بما في ذلك أمراض الفقر ومحنة المهاجرين , وقد وصف الكاردينال الأرجنتيني فيكتور مانويل فرنانديز الذي يرأس مكتب العقيدة بالفاتيكان وهو أحد المقربين من فرانسيس الوثيقة بأنها بمثابة إشارة إلى المحافظين بعد أن قام بتأليف وثيقة أكثر تفجرًا توافق على مباركة الأزواج المثليين ومع أنه أدلي يوم 12 أبريل 2024 بتصريحات تضمنت تعليقات إيجابية حول المثلية الجنسية إلا أنه شدد على الجوانب المناهضة للمتحولين جنسيًا في الوثيقة الجديدة أيضًا والتي أثارت انتقادات من الأساقفة المحافظين في جميع أنحاء العالم ، وخاصة في أفريقيا , وهو الذي ردد تأكيد البابا فرانسيس في مقابلة عام 2023 مع وكالة أسوشيتد برس قول البابا بأن “كونك مثليًا جنسيًا ليس جريمة” , ومع ذلك أثارت هذه الوثيقة الجديدة جدلاً في أوساط مجتمع الشواذ بالرغم من أنها تدين حقيقة أنه في بعض الأماكن يتعرض عدد غير قليل من الناس للسجن والتعذيب وحتى الحرمان من خيرات الحياة فقط بسبب ميولهم الجنسية باعتبارها تتعارض مع كرامة الإنسان”, وردا على سؤال حول كيفية توافق موقفه السلبي تجاه الأشخاص المتحولين جنسيا مع رسالة الترحيب التي وجهها البابا فرانسيس قال فرنانديز “إن الترحيب لا يزال قائما لكن البابا يعتقد بشدة أن فكرة أن الجنس مائع “بدلا من المساعدة في الاعتراف بالكرامة تضعف رؤية الرجل و امرأة تجتمع معًا لتخلق حياة جديدة ” , وشدد فرنانديز على إدانة وثيقة الكرامة اللانهائية Dignitas Infinita لنظرية النوع الاجتماعي والتحولات بين الجنسين حيث يري أنها “تُفقر الرؤية الإنسانية” وبالتالي “لا تبدو فكرة زواج المثليين أو القضاء على الاختلافات مقبولة” وحول التحولات بين الجنسين قال الكاردينال : “[إنه ميل] إلى الرغبة في خلق الواقع” الذي يقود الإنسان إلى الشعور “بالقدرة المطلقة” والتفكير “بأنه بذكائه وإرادته قادر على بناء كل شيء كما لو لم يكن هناك شيء أمامه وخطورة القضية أنه عندما يتعلق الأمر بالأطفال الذين يخضعون لعلاجات جراحية أو هرمونية فإنه يجب أولاً “تنوير حريتهم” , وأشار إلى أن مناقشة هذه القضية قد تتطلب وثيقة خاصة بها تماما” , كما أشار الكاردينال فيرنانديز إلي مسألة إختلاف وجهات النظر فقال في دفاع قوي عن سياسة الباب المفتوح التي إنتهجها البابا فرانسيس خاصة فيما يتعلق بالقرار الذي صاغه في ديسمبر2023 بدعم من البابا بالسماح بمباركة الأزواج المثليين وهو القرار أو السياسة التي تعرضت لانتقادات واسعة النطاق من قبل التقليديين بما في ذلك كبار رجال الدين في أفريقيا وأوروبا الشرقية لكن الكاردينال فرنانديز قال إنه لا ينبغي للكاثوليك أن يختاروا الأجزاء التي يجب أن يتبعوها من تعاليم البابا فرانسيس وتحدث الكاردينال البالغ من العمر 61 عامًا على وجه التحديد عن مجموعة كاثوليكية لم يذكر اسمها قال إنها دعمت الإجراءات القانونية القاسية الجديدة التي اتخذتها حكومة غير محددة ضد المثلية الجنسية وعندما سُئل مباشرة عن موقف الكنيسة الكاثوليكية من القوانين المناهضة للمثليين أجاب: “بالطبع نحن نؤيد إلغاء التجريم” , وفي سعي الكاردينال فرنانديز لمواجهة وجهة النظر التقليدية القائلة بأن البابا الحالي لا ينبغي أن يتعارض مع أسلافه أشار إلى أنه في القرن 15 عرض البابا نيكولاس الخامس صراحةً الإذن لملك البرتغال باستعباد الوثنيين وهو الموقف الذي تناقض مع البابا بولس الثالث بعد 80 عامًا .
– في تقديري الشخصي أن وثيقة الكـرامــة اللانـــهــائية لم تكن إنــقـــلاباً في إستراتيجية وسياسات الفاتيكان العقائدية كما أنها في تحليل آخر لهذه الوثيقة أنها لم تكن كذلك ثورة بل بياناً وتصويباً جزئـــيــاً لبعض الجوانب الأخلاقية التي تتماس مع العقيدة المسيحية ومحاولة إحداث تجانس بين هذه الجوانب الأخلاقية ومجمل الرؤية العقائدية لعلاقة البشر مع الله سبحانه وتعالي إلا أن غالبية الإعلام الغربي المُــــدار لحساب بعض النخب سارع في شن حملة هجوم وإنتقاد يبدو أنها كانت علي أهبة الإستعداد بمجرد صدور وثيقة الكرامة اللانهائية يوم 8 أبريل 2024 وفي إعتقادي أن السؤال الضروري الآن هو : هل يمضي الفاتيكان فيحول هذه الوثيقة التصويبية لبعض الجوانب الأخلاقية إلي ثورة رشيدة تعيد الصواب للفكر العقائدي المسيحي المُحافظ علي حرمة وإحترام العقيدة المسيحية وإيداعها ثانية في أرواح ونفوس معتنقيها أم سيكتفي الفاتيكان بذلك ويعود إدراجه لينسحب داخل أروقة الفاتيكان الحصينة ويتمترس فيها مرة أخري مكتفياً بهذا المــيل المحدود وكفي الله المؤمنين القتال وهو أمـــر في الــواقع لن يكون كـــافـــيــاً البتة إذ يقول الله سبحانه وتعالي في مـحكـم آيات القرآن الكــريــم (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا﴾ صدق الله العظيم . من سورة النساء: 137 .
– كما أنه من المعروف أن كنيسة الفاتيكان وهي اللاعب الأساسي في مباراة الحوار المزعوم بين الأديان إخترقها اليهود وآية إختراقهم أنهم نجحوا بعد لأي في دفع الفاتيكان لإصدار وثيقة تبرئة اليهود من دم المسيح في 18 نوفمبر1964 ولا يجب أن نغفل أن بابا الفايكان في أوائل مارس 1965 ألقي موعظة في كنيسة سانتا ماريا في روما قال فيها ” إنها صفحة خطيرة ومحزنة إنها تصف في الواقع الإصطدام بين المسيح والشعب اليهودي فذلك الشعب الذي كان مقدراً له أن يستقبل المسيح في الوقت المناسب عندما جاء المسيح وتكلم وعرض نفسه , ذلك الشعب لم يكتف بأنه لم يعترف به , بل وحاربه وأهانه وآذاه وفي النهاية قتله ” , وقد آلمت هذه العبارات اليهود وتراجع الفاتيكان بأن وصف هذه العبارات بأنها زلة لسان , ففي كل الأحوال يجب أن نقرر أن تراجع البابا عن ما ورد بموعظته بشأن اليهود أو إعلان تبرئة اليهود الذي صدر عن الفاتيكان عام1964 لا يلغي أو يمحو ما أورده التاريخ بشأن عدم صفاء سماء علاقة اليهود بالمسيحية عامة والفاتيكان خاصة , فالصهاينة ماضون في إختراق حاضرة الفاتيكان لأسباب عدة لا مقام لبيانها هنا ولكن الصهاينة يشهرون في وجه كنيسة الفاتيكان سلاح الإعلام وهم دائماً علي أهبة الإستعداد لوأد أي إصلاح كنسي حقيقي أو العودة المبرأة لأصول العقيدة , ولهذا سرعان ما قوبلت وثيقة الكرامة اللانهائية Dignitas Infinita بهذا الكم الهائل من الهجوم الفاجر المتغطرس وهذا مختصر ربما يُعد مخلاً بشأن الوضع الحالي العام لكنيسة الفاتيكان الغربية التي يستمتع شيخ الأزهر بالحوار معها ثم حوار علي ماذا ؟ , فكل ما يتم الحوار بشأنه ليس ملكاً لشيخ الأزهر ولا الدولة المصرية نفسها بقضها وقضيضها فهذا الشأن أي شـــأن الحوار .
– كما أن الكنائس الشرقية خاصة الكبري منها تخوض حالياً مرحلة تتميز بالتنافسية والتوتر معاً بالتزامن مع سعي كل كنيسة من بين هذه الكنائس وبصفة منفردة إلي بناء علاقة ما مع الفاتيكان , وقد ظهر مُؤخراً قدر من هذه التنافسية وذلك التوتر كما سيلي بيانه , فعلي سبيل المثال لهذا الوضع الجدير بالمتابعة نظراً لتبعاته السياسية / الأمنية علي بعض دول الشرق الأوسط ذات الغالبية المُسلمة يُشار إلي ما أوردته وكالة Reuters للأنباء في 2 ديسمبر 2011 وهو ما دأبت هذه الكنيسة علي تكراره حتي وقت قريب من أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية حذرت من أن تصاعد العنف ضد الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط قد يجبرهم على الخروج من المنطقة , وأنها حثت على التعاون الدولي لحمايتهم وحماية حقوقهم , وهو نفس ما أشارت إليه مُؤخراً وكالة أنباء Interfax الروسية إذ أفادت أن البطريرك Kirill بطريرك موسكو وجميع الروس ورئيس الكنيسة الأرثوذكسية أبلغ مؤتمرا عُقد في موسكو : “أن مسيحيي منطقة الشرق الأوسط أصبحوا “رهائن لسياسات كبرى” وأن احتمال طردهم بالكامل من المنطقة أمر” واقعي تماما وأن من أكثر الاتجاهات رمزية في عصرنا هو النزوح الجماعي للمسيحيين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسبب الزيادة غير المسبوقة في العنف ضد الأقليات الدينية في المنطقة “, وأضافت الوكالة , أن البطريرك Kirill دعا إلى إقامة “آلية قابلة للتطبيق لحماية حقوق المسيحيين والمجتمعات المسيحية بالتعاون مع الأمم المتحدة وممثلي الديانات في المنطقة ” , ومن الجدير بالذكر أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية هي الأكبر من بين 14 كنيسة أرثوذكسية معترف بها بشكل متبادل وتستند لخلفية تراثها الماضي الإمبراطوري وحقيقة كونها الكنيسة الأرثوذكسية الوحيدة التي تدعمها قوة كبري هي روسيا , لكنها قلقة من ما تتمتع به كنيسة القسطنطينية (إسطمبول) بسلطة رمزية علي الكنائس الشرقية رغم تآكل هذه السلطة فعلياً منذ نهاية الإمبراطورية البيزنطية عام 1453ويعتبر الروس مدينة القسطنطينية مدينة ذات قيمة رمزية مهمة فهي العاصمة التاريخية لبيزنطة حيث كنيسة القسطنطينية أو الفاتيكان الآخر ومازالت هذه الكنيسة تتولى قيادة الأبرشيات في جميع أنحاء العالم بين الشتات الأرثوذكسي كما هي الحال في الولايات المتحدة كما أن الروس يرون أن مقر “الفانار” بإسطمبول ما يزال محتجزًا في زاوية متهالكة بها وهو مكان يرتبط بعلاقة غير سعيدة بالدولة التركية , ومع ذلك غالباً ما قدم المفكرون الأرثوذكس الروس غطاءً لاهوتيًا لطموحات موسكو الإمبريالية خاصة في السنوات الأخيرة إذ تبنى الرئيس الروسي Putin جوانب من هذه الأيديولوجية الإمبراطورية المسيحية فهو أيضاً مُقتنع بإمكانية إحياء الإرث الإمبراطوري الروسي بمساعدة وبمبررات الكنيسة في ضم روسيا غير القانوني لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014 وربما أوكرانيا نفسها مُستقبلاً .
– ســندع التاريخ العنيف الدموي الصليبي مع آلامه جانباً رغم أن سجله هو صفحات آثـــمة للطموحات المسيحية غير الشريفة وغير المشروعة في الشرق العربي والتي كان عنوانها الرئيسي هو : الحروب الصليبية سندع كل ذلك جانباً ونتطلع للحاضر والمستقبل فلا نجد ممن نحاورهم الآن إلا أناس لديهم نفس الآثام وتحت عنواين مُضللة يتنكب آثارها الحكام العرب الأذلاء وبطانتهم الضالة من المدنيين والعسكريين والأمثلة علي أن هذا الحوار المزعوم يجري بين طرف قوي مانح مانع وطرف ضعيف خانع بائع أمثلة غير قابلة للإحصاء إلا أنها معروفة للعامة والخاصة ورغم ذلك يمضي شيخ الأزهــــر قــدمــاً بلا كلل أو ملل في هذا الحوار المزعوم وهو بالمناسبة حوار غير مُثمر عــقـــيــم ومن غير المعروف من هو الشخص أو المؤسسة التي إبتدعت القول بأن الإسلام وسطي أو هو دين الوسطية لكن علي وجه التقدير والعموم أن هذا القول الباطل الخارج خروجاً بيناً عن صحيح الدين الإسلامي تداوله بعض شيوخ الأزهـــر وشيخ الأزهر نفسه بعد عام 2000 فشيخ الأزهر لا يتوقف عن إستخدام مصطلح : “الإسلام دين وسطي ووسطية الإسلام “وذهب بعيداً عن ذهنه أن الله تعالي وصف الإسلام بوصف ســـام دال وموضوعي يتناسب وعـــظمـــة القرآن الكريم وعـــظــمــة وكــــمـــال الدين الإسلامي فقد قال تعالي في محكم آيات القرآن الكريم : ﴿ قُلۡ إِنَّنِي هَدَىٰنِي رَبِّيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ دِينٗا قِيَمٗا مِّلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ﴾ من سورة الأنعام آية 161 فلقد وصف الله سبحانه وتعالي نفسه الدين الذي أنزله في القرآن الكريم بأنه مــــســـتقــيـم وقـــيمـــاً هكذا وبصفة مُحددة ومباشرة) إستخدام مصطلح الدين الــقــيـم ؟ أهو أمر الدافع إليه هـــوي أم جــهـــالة أم دفـــاع عن النفس في معركة مُختلقة دخلها الأزهر طــائعــاً مُختاراً خــــاسراً مُســبــقـاً لان ذخيرته فيها كانت تــنــازلاً طوعياً في المبادئ الحاكمة لأي مسلم ممتن وفخور بإسلامه وتوحيده الصافي هذا الـتــنــازل الــمبــدئي للأسف كان موقعه جـــوهـــر الدين الإسلامي ذاته بالإدعاء بأنه ديــن وسطـــي وهو بالقطع ليس كذلك إنما هو ديـــن قــيــم كما أنه هو الدين المقبول من الله مصداقاً لقوله تعالي : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين) من سورة آل عـمـران الآية 85 , وفي كل آيات القرآن الكريم التي تحدث الوحي فيها عن الإسلام لم يرد في أي آية بالقرآن الكريم تــصف الإسلام بأنه دين وســـطـــي بالمرة فالأمة الإسلامية وليس الإســـلام هي التي نعتها الله سبحانه وتعالي بأنها “أمة وســـطــاً” أما الدين فقد وصفه القرآن الكريم بإنـه مــــســـتــقــيــم وقـــيـــم طبقاً للوصف القرآني بالضبط وليس طــبــقــاً لشـــيـــوخ هذه الأمــة معدومة العافية العلمية بفعل نظم الحكم الواهنة فلم يجرؤ علمياً أي من علماء الإسلام في السلف الصالح علي إنـــتـــحـــال وصــف أو صـــفــة للإسلام بهذه الــجـــرأة وبدون خـــشـــية من الله ســبــحــانــه وتـعـالي .
– لـــسـت أدري أو أتـصــور تلك الشهية وذلك الـشــبق لإجراء حوار مزعوم مُتناقص المصداقية بين الأديان محكوم عليه سـلفاً بالعقم أي حوار هذا بين الأديان ؟ فالله سبحانه وتعالي سبق وحاورهم عبر الأنبياء والرسل ولم يـهـتـدوا أو ينصرفوا عن كـــفرهم بل عن شــــركه بالله سبحانه وتعالي لذلكقال فيهم الله سبحانه وتعالي : ( ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ فعلي ماذا يتحاور الأزهر وغيره فقد حـــســم الله سبحانه وتعالي الأمر وقضي الأمر الذي فيه تـستـفــيــان ولماذا يـــصـــر شــيــخ الأزهـــر علي إقــتــراف تلك الخــيــانـة الـعـلـمـية وينتحل مصطلح لإستخدامه في موضع ليس موضعه بالمرة فماهو المقابل ؟ أتــراه هو ذلك الــخلط المُتعمد بين مصطلح الوسطية الذي حصره القرآن الكريم في الأمة الإسلامية ولم ينسبه للدين الإسلامي ولا يعنينا إن كان هذا الخلط نتيجة جــهـــالة أو أنه خلط مــُتــعــمـد وإرادي ومن العجيب أن شيخ الأزهر وبطانته من علماء السلطة يعرفون مسبقاً أن الحوار بين الأديان أطرافه معيبون تاريخياً ودينيا وشرعياً و سياسياً بل وذهــنــيــاً إذ ماذا تنظر من مجموعة مختارة من الأفاقين أحدهم تجرأ علي الله ليقول إن سيدنا يعقوب عليه السلام صــارع الله جـل جــلالـه فــغـــلــبــه والآخر أشرك بالواحد الأحد الفرد الصمد وقال الله سبحانه وتعالي فيه – ويعرف شيخ الأزهر ذلك تماماً -(….وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) من سورة الــحــج آية 31
– إن أطراف الحوار المزعوم بين الأديان كــثــر وهذا الحوارهو أعظم فرية في القرن العشرين ويمكن بكل سهوله إضافته للمستحيلات الثلاث وهي الغول والعنقاء والخِل الوفي فهذه الأطراف كما يؤكد الواقع بعد كاشـــفة حـــرب غــــزة أنهم أعداؤنا إلي قيام الساعة وأعني بهم قطاع في الغالب من النظم السياسية الغربية وفئة قليلة من شعوبهم ومعظم اليهود الذين قال الدكتور عبد الوهاب المسيري في ســمــات خــطـــابــهم الــمــراوغ أنه يقوم علي :(1) إخفاءمرجعية المصطلحات والمفاهيم الكامنة وراءها (2) محاولة تجاهل الأصول التاريخية أو تزييفها (3) تغليب عنصر المكان (4)النظر للظواهر الصهيونية من الداخل فقط (5)إستخدام مصطلحات تبدومُحايدة ولكنها في جوهرها تؤدي إلي تغييب التاريخوالواقع العربيين(6) إستخدام مصطلحات دينية يهودية في سياقات تاريخية زمنية(7) إخفاء مُصطلح معين تماماً أو محوه من المعجم السياسي أو إستخدام مصطلحات تؤدي إلي تغييب العرب (8) الخلط المُتعمد بين بعض المصطلحات وفرض نوع من الترادف بينها 09) إستخدام أسم يشير إلي مسميات مختلفة (10)إستخدام أسماء مختلفة تشير إلي مُسمي واحد أو إلي مُسميات مختلفة توجد رقعة عريضة مُشتركة بينها (11)إستخدام مُصطلحات لكل منها معنيان معني معجمي مباشر ظاهر ومعني آخر حضاري كامن (12) إستخدام مُصطلحات تعبر عن مدلولات هي دون الحد الأدني الصهيوني المُعلن لكنها تشير إليه (13)ترك فراغات كثيرة ومساحات خالية بين العناصر المختلفة وعدم ربط المقدمات بالنتائج(14)التأرجح المُستمر والمُتعمد بين أعلي مستويات التعميم والتجريد وأدني مستويات التخصيص (15)أيقنة بعض المُصطلحات والعبارات (16) إشاعـة بعض الصور التي تختزل الواقع (17)تغيير الإعتذاريات وتنويعها حسب تنوع الجمهور المُستهدف .
– إلي الوقت الحاضر وهم جميعاً يتدولون هذا المصطلح متحررين من العلمية والوضوعية والمنطق السليم والإطار العام الذي تم فيه إطلاق هذا المصطلح هو تناقص الوزن العلمي لمؤسسة الأزهر الواقعة في أســـر جماعات الضغط الدولية والمحلين وكذا جماعة نظم الحكم بالدول العربية علي إختلافها وليس أدل علي تناقص وزن وهـــيـــبــة الأزهـــر في نفوس العامة والنخبة علي السواء إعتلاء بعض المشبوهين والمشوهين خلقياً وتربوياً والناقصين علمياً المنابر الإعلامية العامة والخاصة والتجرؤ علانية علي نقد الدين الإسلامي والتشكيك في ثوابته وتجريح علماء الإسلام ممن ساهموا في إثراء الرصيد الفقهي والعلمي للدين الإسلامي بقدر ما أُتيح لهم في زمانهم كالبخاري وأبن القيم والطبري وإبن كثير وإبن تيمية ويستمر تجريحهم الوقـــح بدون رادع مع أنهم في قضايا الحياة اليومية المتردية التي تـعاني وتـتـألـم منها الشعوب العربية لا يجرأون أن ينبسوا بـشــأنــهــا ببنت شـــفــة فهم كالــمرتـزقة لا تـجـدهم إلا في الحروب الـــقـــذرة ولا يدعــمــون إلا الـمـعـتـديـن ويصدق فيهم قـوله ســبــحــانه وتـعـالي : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227) )
– جاءت الدعوة للحوار من النصارى وليست من المسلمين (ولهذا تكوّنت لجنة الحوار بين الأديان في الأزهر بعد طلب من الفاتيكان للحوار أكثر من مرة رُفضت في بداية الأمر من شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود وقَبِل المشاركة بخطاب بعد ضغط من السادات ثم تم تشكيل اللجنة مؤخراً عندما تكرر الطلب من الفاتيكان في الحوار فتم توقيع اتفاقية بين المؤسستين في مايو عام 1998م وهذه اللجنة وفكرتها لم تكن موضع ترحيب من علماء الأزهر ولهذا رفضتْ الكليات الدينية وخاصة كلية أصول الدين استقبال مؤتمر حوار الأديان الذي يُراد عقده في نوفمبر 2000م ولأنها لا تناقش بيان الحق بالأدلة والبراهين المقبولة بل أعرضت عن ذلك قصداً وأصبح الحوار عبارة عن تفاوض على القضايا المشتركة الذي يكون في العادة بين الدول في المصالح الدنيوية المشتركة وهذا ما لا يوجد معناه في طبيعة الأديان التي جانبها الإيماني ومقصدها الأخروي هو الأصل مع ضرورة التنبيه إلى شمولية الإسلام دون غيره من الأديان لأمور الدنيا والآخرة وللأمور الإيمانية والعملية وجميع النشاط البشري .
– إن “حوار التقريب” مخالف أصلاً لأصول الدين ومناقض لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم بشكل عام لثلاث أوجه:
الوجه الأول: أنه موالاة للكفار ومخالفة لعقيدة الولاء والبراء، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} من سورة لممتحنة الآية1 ويقول تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} من سورة المجادلة الآية:22ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} من سورةالمائدة الآية 51 والمودة والموالاة في “حوار التقريب” هو الشعار البارز الذي يردد في اللقاءات والبيانات المشتركة .
الوجه الثاني : أنه مخالفة لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم في حوار الأديان، واتباع لغير سبيل المؤمنين، ومخالف لإجماع المسلمين, قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} من سورة النساء آية115 ولا شك في أن “حوار التقريب” مناقض لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعلماء الإسلام, فأصحاب التقارب يتركون نقاط الاختلاف، ولاسيما مسائل العقائد, وهذه مناقضة لمنهج الدعوة النبوية فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا أهل الكتاب وغيرهم من أهل الأديان إلى تحقيق التوحيد ونبذ الشرك وجادلهم على ذلك، ولم يرد تركه لمخاطبتهم في العقائد والإعراض عن ذلك إلى قضايا مشتركة أخرى فدعوة التقارب فيها تنكّب لطريق الأنبياء ومعاكسة له وهذا من دلائل بطلانه .
الوجه الثالث : أنه إعراض وترك لبعض الأحكام الشرعية يقول تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ} من سورة المائدة الآية 49 وهذه الآية صريحة في ثلاثة أمور أثناء الحوار مع أهل الكتاب وهي: 1- دعوتهم والحكم بينهم بحكم الله، وهذا أعرض عنه دعاة التقريب, بالبعد عن نقاط الاختلاف وتنزيل الدين الحق منزلة الدين المحرف بحجة اعتبار الآخر واحترامه 2- البعد عن مجاملتهم والتنزل معهم واتباع أهوائهم وهذا أعرض عنه دعاة التقريب في مشاركتهم لهم في أعيادهم وإثبات إيمانهم وتزكيتهم 3- الحذر من فتنتهم عن بعض ما أنزل الله تعالى وهذا أعرض عنه دعاة التقريب فانزلقوا في مخالفة بعض ما أنزل الله بحجة التقارب والحوار . (https://ar.islamway.net/article/24491/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%AA%D9%87-
%D9%88%D8%A3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B9%D9%87 )
أمـــة الـمــســـلــمــون بين الوســطـــيــة والـــخـــيــريــة :
– كما أشرت فالوسطية والخيرية منسوبتان لأمة الإسلام الأولي وهي الوسطية مُشار إليها في سورة البقرة آية143 ونصها :(وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) والثانية وهي الخيرية مُشار إليها في سورة آل عـمـران آية 110 ونصها : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ وكلا من الــوســطـــيــة والـــخـــيــريــة وصفان / صــفــتــان محصورتان قـرآنـاً وإتفاقأ علي أمــــة الإســــلام وطالما أنهما وردتا بالقرآن الكريم فقد أرتقيتا بالفعل لمستوي الحقائق والظواهر الكونية سواء عمل بها المسلمون أو تخلوا عنهما نتيجة الإستبداد السياسي والإجتماعي والإقتصادية والهجمات الفكرية الخارجية التي أعتبر شخصياً أن الحوار بين الأديان والحضارات إحداها والأمر الغريب في شخصية شيخ الأزهر أنه عـــظم عليه وأستكثر وصفي الوسطية والخيرية علي الأمة الإسلامية فخلع وصف الوسطية علي دين الإسلام وهو لفظ حــــق أُســـتـــخـدم في الـــبــاطـــل مُغامـــراً بذلك بكمال وإستقامة الدين الإسلامي وهو أي شيخ الأزهر يدرك بلا شك مـــغـــبــة ذلك فالوسطية التي نسبها لدين الإسلام ليست بالخطأ الذي يؤدي لــخير كما فعل سيدنا الــخـــضــر مع سيدنا موسي عندما خرق السفينة كي لا تقع في قبضة الملك القرصان بل هي في أثرها السلبي ربما ترقي لمستوي الجريمة الفقهية فربما لو أقترف أحدهم من العامة هذا الخطأ ما أعتبرته جـــريــمــة فمادام هو من العامة ســـاعـتــبره جـــــهالـة , إذن فترويج وسطية دين الإسلام جريمة فقهية لأن ذلك أمـــر الموافقة والتماهي مع تـقــريــره يعني علي المدي البعيد تـغــيـــراً شــــامـــلاً في الشريعة المقررة بحكم القرآن الكريم وذلك السنة المطهرة إنه أمـــر جـــلـل وخــطـــيــر فهو نـــاتــج عملية ترويج مـــُتعمدة يقودها شيخ الأزهـــر مسافتها من الأنشطة الإعلانية تكاد أن تكون معدومة ولا علاقة لها بالفقه الإسلامي المستقر ويجب عليه أن يتوقف عن الترويج لـــشـــعــار : ” الإســـلام ديــن وســـطـــي”فهو ليس فقهاً بل شـــعـــار ترويجي يثير إعـــجـــاب وتقدير مـــقـــاولي الــحـــوار بين الأديان ثم ماهي هذه الأديان حـــصــراً ؟ أهي البهائية والهندوسية والبوذية والكونفوشوسية ما هذا الــخـبــل؟ أما والأمر كذلك فكان أحري بالداعين إلي حوار الأديان المزعوم أن يُوجهوا دعوات رسمية لرموز الـــكفـــر في قبيلة قـــريــش أبو لـــهـــب وأصــدقـــائــه فهم لـيـسوا بأقل كفراً من السادة الهندوس وأترابهم البهائين بمركزهم بمدينة عــكـــا الفلسطينية كما ســتــكــون فـــرصـــة يجب أن يغتنمها شيخ الأزهر لتحية رجـــالات قريش الكفرة المنحطين الذين ما بخلوا بالغالي والنفيس وتجشموا الجهد الجهيد في معركة الإيمان والكفر التي سجل الإنتصار المبين فــيــهــا سيد الخلق مـــــحــــمـــد صل الله عليه وآله وســـلم , وكان المتوقع من شيخ الأزهـر أن يـشــتد عــوده ويتمسك ويروج فقهيا للآية الكريمة التي تقول : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) سورة آل عـمـران آية 110 وبعد هذه السورة 110 التي وصف فيها القرآن الكريم المسلمين بالخيرية جاءت بعدها مباشرة آيات أخري تصف من يزعمون أنهم الآن شعب الله تعالي المُختار بأوصافهم الواقعية بعد غضب الله سبحانه وتعالي عليهم لأفعالهم المذمومة والتي سُجلت لمدي الدهر في سورة الفاتحة لقول الله سبحانه وتعالي عنهم فيها : “غير المغضوب عليهم” والله سبحانه وتعالي أكد ذلك غير مرة في سور قرآنية أخري ففي سورة آل عمران نفسها وعقب آية (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) مباشرة قال سبحانه وتعالي: “(لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ(112) لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ آية 115 من سورة آل عــمــران وكان الأجدروالأحري الذهاب إلي الحوار المزعوم العقيم بين الأديان هذا والجانب الإسلامي مُتسلح بالآيتين الكريمتين اللتان تقولان : ( قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ﴿آية 84 من آل عمران﴾ و” قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ” ﴿٦٤ آل عمران﴾ فهؤلاء القوم لن يكتفوا غداً بالتنازل الذي موضوعه كائن في الإعلان الجائر عن وســـطـــية الإسلام لأنهم سيطلبوا بالإراء أو التدليس تنازلات أخـــري يمكن تحقيقها خاصة وأن الحكام العرب ليسوا من المؤهلين فقهيا أو حتي دراسياً فلم نسمع عن أن أحدهم كان الأول في إجتياز إمتحان مدرسي (أو جامعي) واحد .
– لم يجرؤ إمام واحد من الذين تولوا إمامة الأزهر منذ ما قبل الحملة العسكرية الإحتلالية الفرنسية لمصر (1798 -1803) علي الخروج علي نص قرآني مُتفق إجماعاً عليه كالوارد في سورة البقرة آية 143 وبهذه الفجاجة ومن ثم أري أنه لا داعي لأن نتجشم مغبة البحث عن سبب هذا الخروج الــضــال أو البحث عن مبر لذلك لسبب بسيط أن خروجه بالنص القرآني إلي ســـوق الدنيا وعـــرضـــها واضح لا يخــطــئــه عـــقــل واع مؤمن وبالتالي فهذا الرجل أعظم عـــقـــاب له علي فداحة جــرمه الفقهي الخطير أن يــُتــرك لـــعــقـــاب الله سبحانه وتعالي فـــســـيــنـتــقــم شـــر إنـــــتـــقـــام مـُقـــابل زيـــغـــه وضـــلاله .
الــــــتـــقــــديــــر :
– في تقديري شيخ الأزهر بإستمراره في الترويج لمـصـطـلـح “الوسطية”يدخل بقدميه حـــقــل ألــغــام من المــحـــم أن ينفجر فيه وفي المجتمع لأن دعــوة الــوســـطـــيــة تلك ســـتــدفع بـه – إن لم يتوقف – إلي التلاقي مع الدعوة المُضلة لما يُسمي الديانة الإبراهيمية تلك الدعوة التي يرفضها هو نفسه ففي 8 نوفمبر2021 وفي كلمته في إطار الاحتفال بالذكرى العاشرة لتأسيس “بيت العائلة المصرية” (وهذه مغامرة فقهية أخري ليس لها سند من الدين) تحدث شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب عن “الديانة الإبراهيمية” وهاجمها ووصفها بـ”أضغاث الأحلام” ليحيي بذلك جدلا يثار ويخبو منذ أكثر من سنة ومعلوم أنه ليس هناك إعلاناً رسمياً حتى اليوم عن قيام ما يُسمي بـ”الديانة الإبراهيمية الجديدة” إذ ليس لها أسس أو أتباع أو كتاب وإنما هي مشروع بدأ الحديث عنه منذ فترة أساسه العامل المشترك بين الديانات الثلاث (ليس هناك عامل مُشترك والموجود هو لإفتراض وجود عامل مُشترك) الإسلام والمسيحية واليهودية باعتبارها أديان إبراهيمية نسبة إلى النبي إبراهيم والهدف المعلن للمشروع هو “التركيز على المشترك بين الديانات والتغاضي عن ما يمكن أن يسبب نزاعات وقتالا بين الشعوب” تداول مصطلح “الإبراهيمية” والجدل حول هو خـــرافة الدين الإبراهيم وهي أساساً من صنع الساسة انطلق مع توقيع الإمارات والبحرين اتفاق تطبيع مع إسرائيل في سبتمبر 2020 وهواتفاق رعته الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها حينها دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنيروأطلق علي أسم “الاتفاق الإبراهيمي وفي نص إعلان هذا الاتفاق المنشور على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية ورد ما يلي: “نحن نشجع جهود دعم الحوار بين الثقافات والأديان للدفع بثقافة سلام بين الديانات الإبراهيمية الثلاث والإنسانية جمعاء ” وهذه الفقرة وحدها هي منطلق ومركز مبادرات كثيرة صاحبت اتفاق التطبيع وما تبعه فتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني لم يكن صفقة سياسية أو اقتصادية بحتة وإنما انعكس على جوانب ثقافية في حياة كل الأطراف وهكذا بدأ الحديث عن التسامح والتواصل والحوار بين البلدان والشعوب والملل والأديان ليتحول فيما بعد إلى حديث عما يعرف بـ”الديانة الإبراهيمية الموحدة”. *( https://www.bbc.com/arabic/trending-59235483) ولكي نتجنب التحامل علي الرجل سنفترض حـــبــا وتقديراً لمكانته الإسلامية عدم أرتباط دعوته للوسطية بمايُسمي الديانة الإبراهمية ولكني لا يمكنني تجنب التـقــدير بأن دعوة الوسطية التي يبذرها شيخ الأزهر ستنمو لتكون هناك أشجـار كثيفة لها ظلال مداهمة ســتــحـــجـــب الرؤية الإسلامية السليمة الصحيحة بحكم الــعـــتــمــة التي فـرضــتها تلك الظلال المداهمة التي تسببت فـيـهـا بصفة مباشرة دعوته الــخــطــرة ” للوســـطـــيــة” علي الإسلام وأمة الإسلام .
– كما أني أتساءل ما هي حاجة المسلمين للوسطية التي تقتطع 50% من المسافة الفاصلة بين هذه الدعوة المريبة للوسطية عن الكمال الفريد غير المسبوق الذي عليه الدين الإسلامي منذ الدعوة إليه في مـــكــة الـمُـكـرمــة وإلي أن يـرث الأرض ومن عــلــيـهــا وكما هومدون في القرآن الكريم والسنة المُطهرة حتي اليوم ؟ ثم أننا كمسلمين لسنا بحاجة “للوسطية” قدر حاجتنا لإستعادة الأصول والجذور في الفقه الإسلامي فالحياة الأخلاقية في مجتمعاتنا الإسلامية وبين بني أمتنا الإسلامية وبعضهم البعض في تدهور وتردي مُستمر لأسباب مختلفة عـدة من بينها إطلاق الحكام مجموعة من الحثالات الذين يُعانون من الجرب والــســل الفكري لينعقوا في أجهزة إعلامهم البائسة لإستعراض ملكاتهم في التشكيك والتجريح في الدين الإسلامي(فقط) نفسه وفي السلف الصالح والتراث الذي لم يدع أحدنا أنه في كمال القرآن الكريم وإن كان بالقطع مُساهمة ثـــرة في التراث الفقهي والعلمي الإسلامي .
– لم نسمع من المعسكر الأخر أي من اليهود ولا المسيحيين دعوة مماثلة “للوسطية” فكلاهما لا يعترف بنبوة سيد الخلق محمد صل الله عليه وعلي آله وسلم رسولاً ونبياً فعلي ماذا يتحاور شيخ الأزهر؟ بل إن حرب غـــزة كشفت لنا كيف أن الحكومة التي يرأس وزرائها هذا العتل الزنيم المُسمي نتنياهو تدعم الـــحـــريديم مالياً وسياسياً وإجتماعياً (هم الأصوليين اليهود الذين يطبقون الطقوس الدينية ويعيشون حياتهم اليومية وفق التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية وييدعون إلي تطبيق التوراة فيالكيان الصهيوني) .
– لابد أن شيخ الأزهــر يــعــلم أن إتــخــاذ قـــرار ذا شــأن وتأثـــيـــر وتداعيات جــمــة علي صـــحـــيــح الــديــن الإســلامي أن يــُرض للــتـــشـــاور مع هــيــئـــة عــلــمــاء الأزهـــر مثــلاً بل مع الـــبــرلــمــان أيضاً فاللقــرار بالترويج “لـلـوســـطـــية” تداعيات مختلفة علي أسس التشريع الإسلامي والـفـتـوي وعلي حركة المجتمع في النهاية أي أنه كـان من الأحري بشيخ الأزهـــر الــمــوقــر إتخاذ قرار إطلاق دعوته إلي “الـــوســـطـــيــة” والتي إستهوته بدون مناسبة منطقية وفقاً لتراتبية إتخاذ القرارات الــمُـــتـــعـــارف عـلـيـها وليس وفقاً لهواه الشخصي ومزاجه العلمي فمثلاً – وأقـــول مــثــلاً – عندما أصدر مكتب عقيدة الإيمان بالفاتيكان في 8 أبريل 2024 إعلان “الكرامة اللانهائية” Dignitas Infinita المكون من 23 صفحة (وتضمنت : عقوبة الاعدام / نظرية الجنس /الإجهاض / تأجير الأرحام/ الحرب /المهاجرين/ المساعدة على الانتحار/ مجتمع الــشواذ LGBTQ+) ظل هذا الإعـلان بمـحـتـواه قيد الإعداد والمراجعة والأخذ والرد بواسطة اللاهوتيون في الــفــاتــيــكان لمدة خمس سنوات أي عام 2019 وبعد مراجعة جوهرية في الأشهر الأخيرة تمت الموافقة عليه ثم إصداره في 25 مارس2024, لكن شيخ الأزهر فــضـــل إخـــتــصـــار الــمــسـافــة تماما كـمـا فعل في دعوته “للــوســـطيــة” التي فلسفـتـهـا قائمة علي إخـــتــصـــار الـــمــســافــة الــعــقـــيــدية مع العقائد اليهودية والمسيحية وكما يفعل الحكام العرب في قراراتهم الـفـوقــيـة فهي تُتخذ عـــفــو الـخــاطــر وهي قرارات أغلبها فـــاشل ومُكلف بل ومدمر كقرار الرئيس عبد الناصر في غلق مضيق تيران في مايو1967 الذي علب عليه المقامرة لأنه لم يستشر الخبراء المصريين وما أكثرهم وما أمهرهم فقد كانوا سينصحونه بالإستعداد العسكري المحكم إحتياط لرد فعل الصهاينة والأمريكيين لكن بإعتباره زعيم ملهم كغيره من زعماء لعرب أصدر قراره في لحظة غـــضــب زعــــامـــي وكلف الشعب المصري الآف الشهداء والأسري وكلف الخزانة المصرية الكثير والأهم والأمر كلف مـــصـــر المهانة التي أذاقها لـــمـــصـــر الكـــريمــة جيش تمسح به حـــماس وفصائل المقاومة الإسلاية في غـــزة أرض غــــزة المُوحلة ومأساة مصر أن فريق من المهوسيين بهذا الزعيم الخائب محدود الإمكانيات الذهــنــيــة أدمن الإلتفاف علي عقول الشعب المصري بشــعـــارات براقة جــاذبة مـُفـــرغـــة من أي مــضــمـون ذا جدوي حقيقية للشعب المصري الذي ظــل يُوغل هو في تقسيمه إلي : رجعي وتقدمي وإشتراكي ورأسمالي مُستغل وقوي الشعب العامل بدون أن يدرك أن الحفاظ علي أي شعب في العالم كتلة واحدة غير قـابـلـة للتقـسـيـم هـو أعــظــم صــمــام أمن للــشـــعب ولـقـيـادتـه .
– أخــيـراً أود أن أبعث برسالة لشيخ الأزهر إحتراماً وحــبـــاً له رغم كل شيء وهذه الرسالة الودية عبارة عن آية من القرآن الكريم فـهـو دستور حياة أي مسلم مخلص وهو أبضاُ مــدونـــة ســـلوكه في الــحــيـاة الدنـيـا رسالتي لفضيلته :”﴿۞ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ من سورة الحديد آيـة 16. فليتوقـف فــضـــيـــلــتــه مــخافــة الله عن هذه الدعوة “للـوســطــيــة” حــــمـــالـة الأوجــه فلا وســـطــية في حب ديــن الله سبحانه وتعالي كما لا وســطــيــة في مــخـــافــة الله سـبـحـانـه وتـعـالي .
الــــــســـــــفـــــــيـــــر : بـــــــلال الـــمــــصــــري –
المركز الديمقراطي العربي – الــقـــاهـــرة تـحـــريـــراً في 5 سـبـتـمـبــر2025



