الشرق الأوسط

التقارب السوري – ( الإسرائيلي ) : واقعية سياسية ام وهم دبلوماسي

بقلم : الاستاذ التدريسي : أحمد عبد السلام هورامي – العراق / الجامعة المستنصرية – كلية العلوم السياسية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

     شكلت العلاقات السورية – ( الاسرائيلية ) واحدة من اكثر ملفات الصراع العربي مع ( اسرائيل ) تعقيدا ، حيث ان العلاقة بين الطرفين دائما ما اتسمت بتأريخ طويل من الحروب والمناوشات العسكرية والسياسية والمواقف العقائدية الحادة ، حيث ومنذ العام 1948 وحتى الوقت الراهن ظلت سوريا من بين الدول العربية الاكثر صرامة في موقفها تجاه ( اسرائيل ) كما ان إحتلال الكيان الصهيوني لهضبة الجولان السورية في العام 1967 وضمها لما يسمى بإراضية في العام 1981 اصبح نقطة الصراع المركزية بين سوريا و ( إسرائيل ) ، و على الرغم ان سوريا كانت قد دخلت بمفاوضات غير مباشرة مع الكيان برعاية اميركية في فترة التسعينات من القرن الماضي ، غير ان جميع المحاولات الدبلوماسية باءت بالفشل خاصة مع تمسك دمشق آنذاك بالانسحاب الكامل والغير مشروط من الجولان كأساس لإنجاح المفاوضات وهو ما رفضته تل ابيب.

ومع إندلاع الحرب الاهلية في سوريا في العام 2011 اصبح الصراع التقليدي مع اسرائيل يأخذ منحى اخر ، حيث ان اسرائيل باتت تركز على مكافحة الانشطة التي تعتبرها ارهابية على مقربية من اراضي الجولان اضافة الى تركيز (اسرائيل ) على مكافحة تنامي الوجود الايراني اثناء اندلاع الثورة السورية بعد استعانة بشار الاسد بإيران و روسيا بمكافحة انشطة الثوار في مناطق سوريا المختلفة . ومع سيطرة الجولاني (احمد الشرع ) والفصائل الثورية الاخرى على سوريا و خروج بشار الاسد الى روسيا اصبح الحديث قائما حول اذا ما كان بالامكان ضم سوريا الى محادثات التطبيع (اتفاقات ابراهام ) للسلام مع ( اسرائيل ) ، وبالطبع فأن هنالك بعض العوامل التي قد تدفع حكومة الشرع الى الانضمام الى تلك الاتفاقات ونحو خطوات التطبيع لعل اهمها:”

  • مصلحة حكومة الشرع في تحجيم النفوذ الايراني وضمان عدم عودة النفوذ السياسي والعسكري الايراني على القرار السوري مرة اخرى حيث سوف يكون مستعدا خصوصا بعد المفاوضات الاخيرة مع المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط ( ويتكوف ) بالانضمام الى محادثات مباشرة مع الجانب ( الاسرائيلي) وتقديم بعض الضمانات الامنية مقابل مكاسب دبلوماسية و إقتصادية .
  • الخروج من عزلة النظام السوري والانفتاح الجديد حيث ان الحرب الاهلية كانت قد تسببت بعزل حكومة بشار الاسد عن المشهد الدولي بسبب العقوبات الغربية وعقوبات بعض الدول العربية ، حيث تسعى حكومة الشرع الى كسر تلك العزلة ضمن هذا السياق مع انفتاح على ملفات كانت تعتبر حتى وقت قريب (محظورة ) .
  • تغيير مواقف دول عربية حيث ان اتفاقات التطبيع والتي شملت دول عربية مثل الامارات والبحرين والمغرب وبشكل غير مباشر المملكة العربية السعودية قد شكلت تبرير لتقارب مستقبلي سوري – إسرائيلي حتى وان كان بصيغة مختلفة .
  • رفع العقوبات عن سوريا والتي يعتبرها البعض انها الاساس التي سوف تبنى عليها اي مفاوضات رسمية مستقبلية مع ( اسرائيل ) حيث ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب كان قد امر برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا مع رفع ( هيئة تحرير الشام ) و رئيسها احمد الشرع من قائمة الارهاب والمطلوبين وهو ما قد يفسر ان هناك ثمن لتلك الخطوة سوف تتمثل بعودة المفاوضات التي قد تفضي الى تطبيع سوري مستقبلي  مع ( إسرائيل )
  • التأثير التركي والقطري حيث ان لدى القيادة التركية والقطرية الرغبة بتعزيز شرعية حكومة احمد الشرع الجديدة و كسر القالب النمطي على شخصية الشرع وجعله كحليف اقليمي وعربي مهم في المنطقة .

غير ان هذا التقارب لايزال غامضا ويشوبه بعض العقبات لعل اهمها ملف هضبة الجولان المحتلة والتي قد تمثل عقدة جوهرية في المفاوضات كما كانت في السابق خصوصا ان هنالك رفض شعبي لإي اعتراف بنفوذ ( اسرائيلي ) على الجولان وهو قد ما يعيق اي مفاوضات اذا لم يتم حسم هذا الملف الشائك وان مسألة ترسيم الحدود ايضا قد تواجه بعض العقبات كما ان هناك بعض المشكلات على الحدود الجنوبية من تدخلات إسرائيلية غير مبررة مع توغل داخل تلك الاراضي وتنفيذ اعتقالات ومداهمات مع العزم على إنشاء منطقة امنية عازلة بسبب حجج( إسرائيل) بوجود تهديدات امنية على اراضيها من الجانب السوري ، وترى الولايات المتحدة ان وجود إتفاق امني مبدئي بين الطرفين هو الخطوة الاولى نحو وجود إتفاق سلام شامل لذلك تدفع بإتجاه المفاوضات غير المباشرة عبر وسطاء لحل بعض المعضلات الامنية الحدودية في الوقت الحالي كي تكون الاساس التي سوف تبنى عليه اي مفاوضات مستقبلية مع حكومة الشرع فيما اذا رغبت ودفعت نحو مفاوضات تطبيع مع ( اسرائيل )  ، ورغم هذا فأن هناك مفاوضات غير مباشرة لعل اهمها ما حدث في اذربيجان قبل شهرين من محادثات امنية بين الجانب (الاسرائيلي ) والنظام السوري الجديد حضر فيه مؤولين اتراك حول رسم شكل المفاوضات مستقبلا وهو ما قد يمهد اتفاق امني جديد قد نشهده مستقبلا وصولا الى رغبة بعض الدول العربية الى جانب الولايات المتحدة وتركيا بضرورة انضمام سوريا الجديدة الى اتفاقات السلام ( التطبيع ) مع ( إسرائيل ) .

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى