الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

التدوين الاليكتروني المرئي ودوره في تشكيل الوعي الجمعي

اعداد :  طارق مصطفى القزق  – ماجستير في مجتمعات وثقافات البحر المتوسط

  • المركز الديمقراطي العربي 

 

التدوين الاليكتروني  المرئي بمعناه العام هو استخدام الة التصوير وعرض مقالا او موضوعا هاما على المشاهدين مستخدما الصوت والصورة واحيانا بعض المؤثرات الصوتية والبصرية واقتباس مقاطع الفيديو بدلا من كتابتها بشكل نصي وهذا النوع من التدوين اصبح شائعا خاصة في العالم العربي خاصة بعد ثورات الربيع العربي واصبح له تأثير كبير في توجيه الشارع العربي نحو سياسات معينه وظهر ذلك بشكل واضح في برامج باسم يوسف وغيره من المدونين الاليكترونين الذين تركوا بصمتهم في العالم العربي وكانت هذه البرامج التي تبث عبر اليوتيوب احدثت ثورة اعلامية واظهرت مدى عزوف المشاهد من متابعة  برامج الاعلام التقليدي  ومايطلق عليها ( التوك شو) الي البرامج الاليكترونية وتتعدد اسباب مشاهدة ومتابعة الجماهير لهذه البرامج الي:

الحيادية والموضوعية: تتميز البرامج الثقافية والعلمية بطابعها الحيادي والموضوعية في طرح القضايا والمشكلات فهي تعمل على تفنيد الآراء المؤيدة والمعارضة وتقدم الحجج والبراهين وتحاول أن تحصل عليها في حال حجبها او عدم إذاعتها في الإعلام التقليدي، تخاطب العقل أكثر من العاطفة وهذا يجعلها أكثر اقبلا وتقبلا فكثير من البرامج التلفزيونية الحوارية تعمل على تثبيت مخاطبة العاطفة وتظهر فيها المحاباه نحو أفكار ايديولوجية محددة فهذه البرامج تعمل تناول القضايا بطريقه شمولية لكافة جوانب القضايا.

البساطة والإبداعية المستمرة:

البساطة ليس فقط من حيث الشكل وليست بحاجة إلي استوديهات كبيرة ومكلفة فيكون أغلبها بالمنازل ولكن مع تغيير شكل الخلفية وأيضا من حيث المواضيع والمعلومات جديده وغير متداولة مما يجعلها أكثر جذبا المشاهد لأنها تتميز (بالاختزالية) تختزل العلوم على شكل عناصر جزئية وليس مواضيع مما يجعلها تستمر بشكل كبير مثل الثقافة على سبيل المثال يمكن تحويلها الي عناصر ثقافية ومركبات ثقافية مثال نجد حلقات ثقافية مثل ( الصلاة او الصيام) هي عناصر ثقافية ومركبات في نسق الشعائر.

تخطي حدود الرقابة: 

ان الحرية في التي يقدمها الإعلام الاليكتروني كوسيله الي عرض الأفكار و الآراء وعلاوة على تناول المشكلات الاجتماعية والسياسية دون رقيب وعرضها على الناس، فأنها تكون ذات فاعلة أكثر من ذات خاضعه للضغوط الاجتماعية والسياسية.

خصائص البرامج الاليكترونية:

اللاجماهرية والتفاعلية:

من اهم مميزات هذه البرامج انها لايوجد جمهورا واحدا لها ولكن جماهير متعددة في الجمهور يتابع البرامج طبقا لانتمائه الفكري والسياسي  والديني وبل ان هذه الجماهير تتفاعل مع المعروض من خلال اتاحة التعليقات وبل لها امكانية في حذف البرنامج والغائه او استمراريته ودعمه، فمن خلال فقط دعم احد البرامج او الاقتراحات التي يقدمها البرنامج قادر على تغيير السياسة العالمية وليس على المستوى المحلي او الاقليمي فقط ومثال على ذلك مايطلق عليه (الهاشتاج) فاستخدام هذه الهاشتجات من الناحية السياسية او الاجتماعية قادرة على التغيير الاجتماعي وتعبير عن الرفض الجمعي نحو قضايا بعينه او قبولها فمثال ماحدث في الترويج للسياحة في مصر وتمثل ذلك في الوعي الجمعي بالشارع المصري لدعم الاقتصاد المصري فظهر هاشتاج (اتصور كانك في اوروبا)  ومثال اخر يدل على التضامن الاجتماعي ويظهر ثقافة قبول الاخر كجزء من الثقافة والقيم العامة في الشعب المصري وهو هاشتاج ( السورين منورين مصر) وايضا يمكن ان تعبر هذه الهاشتاجات عن قضايا عالمية يظهر فيها وعي جمعي عالمي يرفض مظاهر ثقافية عالمية سلبية مثل العنصرية وتداول هاشتاج ( لااستطيع التنفس) كرمزية عن رفض العنصرية

الفوضوية:

لا يمكن انكار الفوضوية فقد يمكن أن نرى في البرامج  الاليكترونية تقدم معلومات ثقافية وفكرية وايديولويجة معينة تؤدي الي  صدمات ثقافية وعقائدية مثل تأجيج الصراع الطائفي ونشر الالحاد و  والهجوم على الرموز الإسلامية والدينية .

اللاتخصصية:

على الرغم من أن الإعلام العلمي الاليكتروني يؤدي الي نشر العلوم والأفكار والثقافات الا ان كثير من مقدمين المحتويات الثقافية غير متخصصين في المجالات المذكورة فهو يكون ناقل للثقافة والفكر أكثر من صناعته، وقد يؤدي أيضا عدم التخصصية الي التمسك بأيدولوجيا العلم أكثر من العلم ذاته والتعصب الي نظريات علمية او ثقافية وحتى دينية، ويتحول الصراع الي بين أيديولوجيات تستخدم أدوات السخرية والتبرير و الوصمة والسباب والاتهام. دون التمسك بالعلم ذاته، ويمكن ملاحظة غير المتخصصين في تسفيه وسب آراء العلماء والمفكرين لمجرد الاختلاف العلمي.

وقد يعتمد الكثير من أصحاب القنوات الي فرق عمل متخصصة في مجالات العلوم المختلفه لتوصيل المعلومات مما يجعل العمل المحتوى يتخذ شكل جماعي أكثر من عمل فردي.

سلبيات البرامج الاليكترونية:

تزيف الحقائق والعلم:

يعود تزيف الحقائق والعلم في الاعلام الاليكتروني الي ان نشأة العلم ذاته نشأة غربية وهذا يجعله يحتاج الي وسيط ثقافي ينقل العلم من خلال ترجمته وهو معالجة التشويش الدلالي كما يطلق عليه في الاعلام. وعملية الترجمة الأيديولوجية لها ثلاث طرق:

  • ١_ ترجمة الكتب والأبحاث والأفلام التي تدعم أيديولوجية محددة دون العلم الحقيقي والنظريات المعارضة لها.
  • ٢_ القص، حيث تقص الافلام والكتب من سياقها وترجمتها لدعم نظرية محدده.
  • ٣_ الاعتماد على سرعة قبول وتصديق المعلومة لأنها من احد العلماء الغرب، دون التعريف بالكاتب وتخصصه والمؤسسة العلمية التابع لها.
  • ومن حيث التزييف الاليكتروني وهي لاتخص المترجم ولكن تخص الموقع او البرنامج الذي ينقل المعلومه :
  • ١_ عدم نشر المعلومات لأسباب اما انها تحرض على العنف او مزيفه، وحقوق ملكية.
  • ٣_حذف الأحداث والحقائق العلمية من المواقع واليوتيوب وعدم ارشفتها
  • ٣_ حذف التفاعلية التي يمارسها المشاهدين من خلال التعليقات والتي تكون معارضه في كثير من الأحيان، مما يجعل البرنامج الاليكتروني موجه.
  • ٤_ الإبقاء على بعض الحقائق المصورة والأحداث لدعم أيديولوجيا محددة دون الوقائع الحقيقية.

رؤية مقترحه للحل :

الإعلام العلمي الاليكتروني على الرغم من أهميته فهو بحاجة إلي تنوع النماذج الفكرية الجديده وصناعة فكر وليس الدخول في صراع بين الأشخاص، فلا يمكن انكار أن هناك الكثير ممن يتمسكون بأيديولوجيا العلم ولكن في نفس الوقت في حاجة الي برامج تعمل اظهار مخاطر أيديولوجيا العلم والتعصب النظريات دون الخوض وعرض الدراسات والأفكار النقدية للعلم وليس الصراع الاتهام.

التواصل:

نحن بحاجة للمجتمع الثقافي المتواصل وليس الذي يؤمن بتفوق فكره وارائه على الآخر. قد يؤدي أيضا عدم التخصصية الي التمسك بأيدولوجيا العلم أكثر من العلم ذاته والتعصب الي نظريات علمية او ثقافية وحتى دينية، ويتحول الصراع الي بين أيديولوجيات تستخدم أدوات السخرية والتبرير و الوصمة والسباب.

لكن لابد الإيمان بأنه من الصعب أن يتم منع فكر ما او احتكار فكرفي الإعلام الاليكتروني، لأن هذه الطبقة الفكرية الجديده تؤدي الي تغيير المجتمع ثقافيا وتجعله واعي لواقعه الاجتماعي ومشكلاته مما يؤدي الي تغيير اجتماعي، بالصراع لا يؤدي الي التغيير والوعي أكثر من كونه يؤجج العداء والطائفية.

التواصل للجميع ان يعبر عن أفكاره وارائه ويقدم الحجج والبراهين دون أن يتم منعه، التواصل لا يعني المناظرة فقط ولا يعني استخدام لغة التحدي، ولكن التواصل الحوار المتواصل والالتقاء في وجهات النظر متقاربة.

ويمكن أن تتجمع كافة البرامج المؤثرة  في حوار مفتوح تفاعلي بين بعضهم لمحاولة التواصل الي أفكار جديده لحل المشكلات المجتمع  الثقافية والعلمية الفكرية ومحاولة التوصل الي أفكار اجتماعية وثقافية جديده متفق عليها، وتعرض النتائج على الجماهير التي أيضا لها دور في قبول ورفض وتقديم مقترحات جديده، ليس بشكل دائم ولكن على الأقل في فترات متباعده

وبالإضافة لا يمكن أيضا تصور الشعوب العربية هي سلبية في سرعة  استقبال  المعلومات والايمان بها ما يطلق علي نظرية ( الحقنة ) في الاعلام، فغالبية المجتمعات تشاهد العلم المبسط للتسليه أكثر من تلقي العلم ولكن يمكن أن ينتج عنه اللي فعلي لبعض المعلومات وربما وخطورتها تكمن اذا كانت غير حقيقية او نظرية غير مثبته تؤدي الي نشر الخرافةوايديولويجا العلم.

مواجهة الطائفية للحفاظ على التماسك الاجتماعي:

الطائفية لا تعني فقط الصراع بين أقلية واخرى او جماعات دينية واخرى، ولكن الهجوم على ثقافة المجتمع والرموز الإسلامية والمسيحية والتفريق السياسي، ويتمثل ذلك في في تزوير حقيقة الإسلام وتشويه وتشويه رموزه بالسباب والوصم وأيضا الاسائه للأديان بشكل عام دون احترام وتقبل الأخر، ودون أدلة وبراهين، وفي الجانب السياسي يتم تقسيم المجتمع الي عناصر سياسية وليس بين مؤيد ومعارض، وأقصد بها أن اصبح لكل فكر ورأي سياسي  ما مؤيديه يتعارض ويعادى مع  الفكر الاخر دون التقارب معه ومعرفة وجهة نظره. عندما يكون الصراع زعزة الثقافة والدين والنظم السياسية  والانتماء على اساس الجغرافية داخل البلد الواحد، دون تقديم الحلول وعلاج المشكلات دون الأدلة والبراهين والنماذج البديلة تؤدي الي حدوث الفوضى والعداء الطائفي والحروب الأهلية والانفصال.

النقد: 

يجب أن لا تترك البرامج دون نقد بناء ربما التوصل الي أفكار جديده ومقبوله اجتماعية وثقافيا، بالإضافة إلي نقد الأفكار المطروحه دون إجبار الناس على اعتناقها وطرح البدائل بالأدلة والبراهين.

النموذج والنموذج المقابل:

البرنامج الذي سيقدم نموذجا جديدا من حيث الشكل التصوير والمونتاج وكذلك شكل المقدم   ومن حيث المضمون  الصور التعليمية والتوثيقية الفكر والثقافة وطرحه في الآراء سواء كان مؤيدا لايديوبجيا  العلم او ناقد النظريات ويقدم رؤية نقدية بالحجج والبراهين و الذي سيشكل الوعي أكثر ويؤثر في الناس.

النموذج الجماهيري:

النموذج الجماهيري هو النموذج الذي يستطيع أن يجمع كافة فئات المشاهدين اللاجماهيرين في تقبل المعلومات السياسية والعلمية والثقافية، والتي تكون المواد العلمية ليس هدفها قطاع من الجمهور ولكن تشمل كل القطاعات والفئات المختلفة ( دينية  بجميع الطوائف ، السياسية اليمينية واليسارية والوسط..الخ) ويتميز ذلك النموذج بعرضه الأفكار بشكل ناقد للذات ولحامل الفكر الذي يمثل قطاع معين من المشاهدين وجميع الأفكار المطروحه الاخرى

٢_تقبل الفروقات والاختلافات الاجتماعية ويعترف بها ويتناول المواضيع والمعلومات لاتخص فئة معينة بل كافة الفئات وطرحها على المشاهدين وتناولها بشكل موضوعي، ولذلك يبتعد عن استخدام الدين والمعتقدات  في طرح الأفكار والمشكلات والعلم، وتناولها من الناحية الاجتماعية والسياسية وكذلك الإدارية والعلمية و بناء عليه الظواهر الاجتماعية والسياسية تفسر وتعالج باسباب اجتماعية وسياسية وعلمية.

والمواضيع العقائدية والذاتية يطرحها في قسم آخر من البرنامج. فيتم تقسيم البرنامج الي أقسام، أو في نفس البرنامج دون تقسيم وتناولها بشكل عندي من خلال الآراء  المختلفة من العلماء  المتباينين في الفكر والمدارس المتبعة وترك الحرية المشاهد للاختيار، أو إعطاء الرأي دون الاجبار عليه.

الاعتراف:

وهو أن يعترف الجميع  بتنوع ورؤى الأفكار والايديولجيات وحريتها في التعبير عنها ولكن يبقى الحوار التواصل نقد النظريات دون ازدراء واحتقار هو السبيل الوحيد لنشر الوعي ومنع الطائفية.

الصدق:

الصدق في المعلومات المطروحه دون اعتبارها دوجما او أيديولوجيا، مع الأدلة والبراهين بأستخدام لغه الحوار المفهومة الواضحه، والأدلة يجب أن تكون حديثة  وعلمية وموثقه بالصورة او الفيديو، حتى لا تكون بدعه شائعه او أيديولوجيا علم.

المشاهد: اذا اراد المشاهد أن يستقبل المعلومات بغرض التعليم والتعلم وليس التسلية الترفيه، عليه مراجعة

  • ١_ المصدر ويمكن  الإطلاع عن المصدر وأنواعه في دراسه نشرت بعنوان( أيديولوجيا العلم في عصر الذكاء الاصطناعي: دراسة نقدية)
  • ٢_ الإطلاع على النظريات  و الاطروحات الناقده، الإطلاع على مراجع كتابات الباحثين العرب المنتمين الي مؤسسات بحثية جامعية والإسلامية، الاستشارة العلمية والدينية للعلماء  المتخصصين  المنتمين الي جامعات وبحوث علمية حول بعض القضايا والاطروحات.
  • ٣_ معرفة ممول وراعي البرنامج فقد يكون يدعم أيديولوجية علمية او سياسية بعينها دون غيرها .
  • ٤_ التوقيت : وهو يختلف من برنامج الي الآخر، فالبرنامج السياسي والاجتماعي سبب استمراريتها هو السياسية  والمشكلات الاجتماعية التي دائما تتغير وتفاقم فهي بحاجة إلي متابعه مستمرة لها ويكون المحتوى متجدد، مقابل التوقيت الحدث للتعليق عليه.

اما الفكرية والعلمية والثقافية، فقد كان توقيتها نابع من التغيير الموجه اكثر من نشر الوعي والعلم وعرض إيجابيات وسلبياته، مثل الهجوم على الرموز الدينية أو الديانات ومايصاحبها من انتشار أيديولوجيا العلم الموجه وليس التعليمي وهي مثل الاعتراضات بشكل سافر على آراء الفقهاء والتراث، وهي بحاجة الي كشف زيفها بالأدلة والحجج والبراهين.

4.2/5 - (5 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى