الايرانيةالدراسات البحثيةالعلاقات الدولية

العلاقات المصرية الايرانية قبل ثورة يناير 2011

اعداد الباحث : عبدالرحمن صلاح عبدالعزيز – المركز الديمقراطي العربي

 

المبحث الاول : العلاقات المصرية الايرانية في عهدجمال عبد الناصر و السادات “:

نجد ان مصر وايران كدولتين رئيستين فى الشرق الاوسط , قد وقفتا على طرفى نقيض فيما يتعلق بالصراع العربى الاسرائيلى , وهو ما سيأتى ذكره لاحقا , ولكن يجدر بنا فى البدايه الاشاره الى ان مصر وايران تمثلان دولتان محوريتان فى اقليم الشرق الاوسط لعده اعتبارات تتعلق اولا بحجم الدولتين ديموغرافيا واقتصاديا , وتتعلق ثانيا بموقع كل منهما فى خريطه العالم القديم والجديد على حد سواء وتشابك هذا الموقع مع المصالح والقوى الكبرى والعالميه , وثالثا تتعلق بدور كل منهما فى التاريخ الحضارى و الانسانى للمنطقه والعالم .

وتعود العلاقات بين مصر وإيران إلى عهد الملك الاكميني (الهخامنشي) “قورش الكبير” (553-529 ق.م) الذي ثار في فارس وأسقط الحاكم الميدى “استياجس” عام 553 ق.م، وذلك حسبما تشير أثار الحضارة القديمة، والتي استمرت عبر التاريخ، وتقوم على أسس تاريخية وثقافية عن الجغرافيا السياسية والاقتصادية لكلا الطرفين، وقد ساهم المصريون في بناء الحضارة الاكمينية الإيرانية، ولعل ما بقي من آثار يؤكد ذلك خاصة الأعمدة في “برسيوليس” و “تخت جمشد”، كما قامت الدولة الاكمينية بمشروعات في مصر أدت إلى رواج اقتصادي وتجاري منها شق قناة بين النيل والبحر الأحمر، اشترك خبراء حفر القنوات الإيرانيون مع المصريون في هذا الانجاز الحضاري الهام لكي يتم الطريق التجارى بين الشرق والغرب بالربط بين البحرين الأحمر والأبيض وهو ما تسجلة الآثار القديمة في سيناء وجنوب مصر والصحراء الشرقية.

بينما تشير الوقائع التاريخية في العصر الحديث إلى تبادل السفراء بين مصر وإيران، والذي يعود إلى نحو 140 عامًا، عندما وافقت الحكومة العثمانية بعد توقيع معاهدة “أرض روم” بافتتاح مقار لقنصليات إيران وسفاراتها في البلاد التابعة للدولة العثمانية ومن بينها مصر، وفي عام 1869 أرسلت إيران في العصر القاجاري أول سفرائها إلى القاهرة، وكان يُدعى حاجي محمد صادق خان، كذلك شاركت إيران بوفد رسمي يرأسة شخص يُدعى “معير الممالك” في مراسم افتتاح قناة السويس بدعوة موجهة لها من الحكومة الفرنسية في نوفمبر/تشرين الثاني 1869.

وفى عام 1884 نجح ممثل إيران لدى مصر “محمد خان سرنتيب” في تطوير تمثيل بلاده من قنصلية عامة إلى وكالة سياسية، فكان يرفع مُراسلاته بصفتة الجديدة ” القنصل العام والوكيل السياسي لحكومة إيران العُليا”، وواصل نظراؤه من بعده مهامهم على نفس المستوى من التمثيل السياسي لدى القاهرة حتى عام 1922، وتوجت العلاقة بين البلدين بعقد معاهدة للصداقة بينهما.

وفي عهد الشاه رضا – في آواخر الثلاثينيات – شهدت العلاقات بين مصر وإيران من خلال حدوث مُصاهرة بين الأسرتين الحاكمتين في مصر وإيران ساهمت في تعميق العلاقات فيما بينهما، بل حدث تداخل وتشابك للمصالح، بعد زواج ابنه الأكبر”محمد رضا بهلوى” بالأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق في 16 مارس/آذار 1939، والذي اعتبره كما عبر عنه على ماهر رئيس الديوان الملكي آنذاك في مذكراته بأن ذلك وسيلة لنشر نفوذ مصر في المنطقه كلها.

وكان اشتراك الحكومتين الوطنيتين في الكفاح ضد بريطانيا أساس التقارب فيما بينهما، بالإضافة إلى الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين في مرحلة الخمسينيات، فتعتبر فترة حُكم مصدق القصيرة (1951-1953) هي أفضل فترات العلاقات بين الدولتين، حيث بدأ التقارب مع حكومة الوفد الأخيرة لمصر (1950 حتى حريق القاهرة في 26 يناير/كانون الثاني 1952) بالإضافة إلى الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين، ولقد انعكس هذا التقارب في زيارة “مصدق” للقاهرة في نوفمبر/تشرين الثاني 1951 حيث قابلتة الحكومة المصرية برئاسة النحاس باشا زعيم الوفد بحفاوة رسمية وشعبية كبيرة.

العلاقات المصرية الايرانية فى فترة حكم جمال عبد الناصر :

فبعد نجاح الثورة في مصر تراجع التجانس والتشابه بين النظامين الحاكمين، فقد أصبح النظام الحاكم في مصر جمهوريا، وأصبحت آيديولوجيته ثورية يسارية على العكس من الحال في إيران الإمبراطورية، ومع تفاقم حدة الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة، والاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي ومناهضة مصر لسياسة الأحلاف الغربية، وقيادتها لحركة التحرر العالمية وتزعمها لدعوة الحياد الإيجابي، ثم الاعتراف بالصين الشعبية وعقد «صفقة الأسلحة التشيكية»، بوساطة رئيس الوزراء الصيني الأسبق شواين لاي في مؤتمر باندونغ عام 1955، وسحب الولايات المتحدة تمويلها لبناء السد العالي في مصر، ثم تأميم الزعيم جمال عبد الناصر قناة السويس يوم 26 يوليو (تموز) 1956، وقيام كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بشن عدوان ثلاثي على مصر بعد أقل من شهرين.. كل هذه التطورات باعدت كثيرا بين إيران ومصر، فإيران التي أسست مع دول أخرى حلف بغداد وتحولت إلى حليف بارز للولايات المتحدة، وجدت نفسها على النقيض تماما مع مصر التي ابتعدت كثيرا عن الغرب واقتربت أكثر من الاتحاد السوفياتي الذي تولى مهمة تمويل وبناء السد العالي، وتأمين احتياجات مصر العسكرية.

وهكذا اقتربت كل من مصر وإيران بحليفين متصارعين، وانعكست تفاعلات الحرب الباردة على علاقاتهما بوضوح شديد، حيث اندفعت إيران أكثر إلى الاقتراب من الدولة الإسرائيلية، وشاركت في تزكية نيران حرب باردة عربية – عربية تفجرت في عمق النظام العربي خلال عقد الستينات

يُضاف إلى ذلك الموقف المصري من الاعتراف الإيراني بإسرائيل، حيث أقام الشاه علاقات قوية سرية بإسرائيل على المستوى الاقتصادي والأمني والثقافي، في الوقت الذي كان الشاه ينظر إلى الرئيس عبد الناصر كيساري مُتطرف مُفجر للثورات والانقلابات في المنطقة، واعتبر الرئيس عبد الناصر الاعتراف الإيراني بإسرائيل خطوة خطيرة لاعتراف إحدى الدول الإسلامية بإسرائيل اعترافًا كاملاً لأول مرة، قد تستند إليها دول أخرى خصوصًا في إفريقيا التي حصلت بُلدان عديدة فيها على استقلالها أخيرًا، ولأن التعاون الإيراني الإسرائيلي قد يُصبح خنجرًا في ظهر الثورة العراقية التي مازالت تواجة ظروف صعبة، وبذلك تكون إسرائيل قد كسرت حاجز المُقاطعة العربية المفروض عليها سياسيًا واقتصاديًا مما يزيد في عنادها وتحديها للرأي العام العالمي وقرارات الأمم المتحدة، مما دفع عبد الناصر لهجوم شديد على الشاه وإعلانه قطع العلاقات السياسة مع إيران، واتهامها بالتضليل والمُتاجرة باسم الدين.

بينما عادت العلاقات التجارية والثقافية عندما جاء “مصدق” عام 1951 وقام بسحب الاعتراف وأغلق القنصلية الإسرائيلية في طهران، ولكن بعد عودة حُكم الشاه عام 1953 فتحت الوكالة اليهودية فرع لها في طهران وأعلن الشاه أن بلاده تعترف بإسرائيل، ونتيجة لذلك تم قطع العلاقات المصرية الإيرانية منذ اعتراف إيران بإسرائيل عام 1960، ولقد بذلت مساعي لعودة العلاقات في السنوات التالية حتى تم الاتفاق على إعادة العلاقات على مستوى السفراء في 23 أغسطس/آب 1970، وقد شاركت إيران بوفد رفيع المستوى في جنازة الرئيس عبد الناصر.

العلاقات المصرية الايرانية فى فترة حكم السادات :

شهدت العلاقات الإيرانية المصرية فيما بين عامي 1970-1978 مع وصول الرئيس السادات للحُكم في مصر تحولاً كبيرًا لم يكن مدفوع بحدود المصلحه أو محددات البيئة الخارجية وخصائصها فحسب، بل كان تحولاً يرتبط إلى حد كبير بطبيعة العلاقة الخاصة التي جمعت بين زعيمي البلدين في ذلك الوقت، حيث بمجئ الرئيس انور السادات كشف مبكرا عن ميول مناقضة لعهد عبدالناصر فى علاقاته العربية والاقليمية والدولية وعلى الاخص فيما يتعلق بنهج السلام مع اسرائيل بعد حرب عام 1974 وتوثيق العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية على حساب العلاقات المصرية مع الاتحاد السوفيتى  بدات مؤشرات جديدة مصرية – ايرانية ارتبطت بمدى تحول نظام السادات عن نظام عبدالناصر سواء فيما يتعلق بخصوصيات النظام السياسى (التحول الى النظام الرسمالى والبعد عن النظام الاشتراكى (  والتراجع عن ايديولوجيا النظام الناصرى وخاصة بالنسبة لهدفى الوحدة العربية وتحرير فلسطين  .

وهذا كان يمثل احد  العوامل الهامة التي أعطت دفعة كبيرة للعلاقة بين بلديهما على كافة المستويات خاصة أن زعيمي البلدين كانا دائمي التشاور والاتصال المباشر، كانت محصلته النهائية قدرة البلدين على تنفيذ أضخم برنامج للتعاون الاقتصادي في تاريخ العلاقات بينهما.

ولعُمق العلاقة بين زعيمي البلدين كانت الزيارات المُتبادلة بين البلدين أمرًا ملفتًا ومؤشرًا يؤكد متانة وقوة العلاقات السياسية التي ربطت بين إيران ومصر حينئذ، وفي الغالب كان مؤشرًا على اهتمام كل من القاهرة وطهران بالتنسيق والتشاور فيما بينهما، حيث تبادل مسئولي الدولتين – دون الوفود المختلفة – نحو 90 زيارة رسمية مُعلنة على كافة المستويات السياسية، منها 41 زيارة إيرانية باتجاه مصر و49 زيارة مصرية باتجاه إيران، بل وقيام الرئيس السادات بعمل 5 زيارات رسمية لإيران كانت أولها في 11 أكتوبر/تشرين الأول 1971، بينما آخر زيارة لطهران كانت في 31 أكتوبر/تشرين الأول 1977 وذلك قبيل توجهه إلى القدس في 20 نوفمبر1977 وإلقاء خطابه الشهير أمام الكنيست الإسرائيلي تمهيدًا لتوقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل.

وفي المُقابل قام الشاه بأربع زيارات لمصر، منها ثلاثة رسمية بينما كانت الرابعة بوصفه لاجئًا سياسيًا بخلاف زيارته عام 1939 لاتمام زواجه بالأميره فوزية، وكانت أول زيارة رسمية له بعد ذلك كانت في يوم 8 يناير 1975، بينما الزيارة الثالثة كانت في 16 يناير/كانون الثاني 1979، مما يؤكد أن التنسيق الإقليمي بين إيران ومصر كان يقوم على تفاهمات مشتركة أدت إلى المُساندة السياسية المُتبادلة بينهما، وذلك لاتفاق وجهات النظر حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وقد بلغت درجه المُساندة السياسية من السادات للشاه مرحلة مُتقدمة جدًا، وذلك بعد أن بعث إليه نائبه “حسني مبارك” في وقت فقد فيه كل الآمال في تلقي أي مُساعدة ولو معنوية بعد اشتعال الثورة الشعبية ضده، وهذا ما شجعه في اللجوء إلى مصر بعد قيام الثورة الإيرانية.

وبقيام الثوره الايرانيه فى عام 1979 , كانت مصر تقوم بتعديل استراتيجيتها تجاه اسرائيل وتحرير الاراضى العربيه المحتله , حيث ساد اقتناع لدى النخبه بعدم جدوى الحل العسكرى لقضايا الصراع العربى الاسرائيلى , بل واستحالة تحرير الاراضى بالقوة , وضروره تبنى النهج السلمى التفاوضى فى استعاده هذه الاراضى , وافضى ذلك بمصر الى توقيع اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 ووقعت معاهده السلام المصريه الاسرائيليه عام 1979 .

وفى هذا السياق , يمكن القول ان مكر التاريخ هو الحاكم ، فعندما كانت مصر تقود الصراع مع اسرائيل على انه صراع وجود وليس صراع حدود , وعندما كانت مصر تقود هذا التيار العربى القومى , كانت ايران تحكم من جهه شاه ايران اكبر حليف لاسرائيل فى المنطقة , وعندما قامت الثوره الاسلاميه الايرانيه عام 1979 , بدأت تلك الثوره ترفع شعار لا شرقيه ولا غربيه وتتحدث عن الشيطان الاكبر الامريكى واغلقت السفاره الاسرائيليه فى طهران واستبدلتها بسفاره لدوله فلسطين , وبدأت ايران تخوض صراعا ايديلوجيا من خلال صراع وجود وليس صراع حدود , هنا كانت مصر حليفه لاسرائيل ومرتبطه بالسلام معها .

واعتبرت ايران الثوره , هذه الاتفاقيات المصريه الاسرائيليه بمثابه خيانه ودليل عماله للولايات المتحده الامريكيه والصهيونيه ،وارتكز هذا الموقف علي ركيزه مبدئيه ايديلوجيه عبرت عنها الماده 152 والماده 154 من الدستور الايرانى، وحددت الماده الاولى الدفاع عن حقوق جميع المسلمين كأحد مبادئ السياسه الخارجيه ،اما الثانيه فقد اكدت دور ايران فى دعم النظام المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين فى الارض فى ايه بقعة فى العالم, وترى ايران ان وجود اسرائيل غير شرعى وتؤيد حقوق الفلسطنين وعودتهم الى وطنهم .

وقد ترك هذا الخلاف بصماته الواضحه على العلاقات بين البلدين وحال دون تعميق الفهم المتبادل واقرار مشروعيه الاختلاف والحق فى اقرار المصالح الوطنيه كما يراها ويقدرها كل طرف , فاذا كانت مصر مدفوعه نحو التفاوض بسبب ضغوط اقتصاديه وداخليه قويه فأن ايران كانت مدفوعه ايضا عقب الثورة بالرغبه فى تبرئة ضميرها مما علق به اثناء حكم الشاه, وخاصة ما تعلق منه بأسرائيل والولايات المتحدة الامريكيه وبدء صفحه بيضاء من غير سوء فى التوجه لشعوب المنطقة والملائمه بين المبادئ المعلنه والسياسه العمليه ، ولقد جرت الامور فيما بعد على نحو لم يسمح بالمراجعه واعادة النظر حين ناهضت ايران مفاوضات مدريد ، ورأت فيها مؤامره كبرى لتصفيه حقوق الشعب الفلسطينى ودعمت عقد مؤتمرات لدعم المعارضه الفلسطنيه الاسلاميه وطرح خيار المقاومة العسكريه كسبيل لاستعادة الحقوق الفلسطنيه. غير ان السياسه الايرانيه لم تقف عند حدود الشجب والادانه والاستنكار واطلاقها صفات الخيانه والعماله بل تبنت سياسات عمليه كان من شأنها تدعيم المقاومه وتقليص فرص اسرائيل فى الهيمنه, حيث دعمت ايران المقاومه اللبنانيه التى قادها حزب الله , وتحالفت مع سوريا لتعزيز موقفها فى المواجهه اذن نشأ الخلاف فى الرؤيه والموقف بين مصر وايران .

المبحث الثاني العلاقات المصرية الايرانية في عهد محمد حسني مبارك

فقد تحولت مصر في عهد مبارك إلى دولة مسؤولة عن ملف تسوية الصراع العربي الإسرائيلي سلميا، واعتبرت أن أي تقدم في هذه التسوية يعد دليلا على جدارة خيار السلام المصري، وأي تعثر فيها تشكيك غير مقبول لهذا الخيار، في حين أن إيران رفضت مبكرا معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، واعترضت على خيار السلام باعتباره خيار النظم العربية الإستراتيجي، وانحازت إلى خيار المقاومة، وأخذت تساند كل قوى الرفض المناوئة لمشروع التسوية.

ولذلك لعب تناقض رؤى البلدين في منهج إدارة أو حل الصراع العربي الإسرائيلي دورا أساسيا في تفاقم توتر العلاقات بينهما، في ظل شيوع حالة من الحساسية المفرطة لدى النظام المصري إزاء أي دعم إيراني للمقاومة أو أي إدانة إيرانية لعملية السلام وأطرافها، حيث كان ينظر مصريا إلى هذه الأدوار الإيرانية باعتبارها محاولات لتعرية مصداقية الخيار المصري، ومحاولة لدعم ثقافة المقاومة على حساب ثقافة السلام التي انحازت لها القاهرة طيلة سنوات حكم الرئيس حسني مبارك.

وبسبب هذه المواقف الإيرانية تعاملت مصر مبارك مع إيران باعتبارها مصدرا للتهديد (إلغاء زيارة منوشهر متكى وزير الخارجية الإيراني للقاهرة في الأسبوع الأول من سبتمبر/ أيلول 2010 بسبب إدانته للمفاوضات المباشرة الفلسطينية الإسرائيلية التي بدأت مؤخرا في واشنطن وللقادة العرب الذين شاركوا فيها واتهامهم بخيانة شعوبهم نموذج واضح لجدية هذا الإدراك).

وهذا يعني أن التنازع المصري الإيراني حول قضية فلسطين سيبقى عاملا أساسياً من عوامل استمرار التوتر في العلاقات بين البلدين، وأن حدوث أي تغير في مواقف البلدين من شأنه أن يؤثر على العلاقات بينهما، فلو غيرت مصر من انحيازها لخيار السلام إذا ما فشلت جولة المفاوضات المباشرة الأخيرة، أو إذا حدثت توترات حقيقية في العلاقات المصرية الإسرائيلية فإن ذلك يمكن أن يكون أحد دوافع مراجعة مصر لعلاقاتها مع إيران، أو إذا ما قبلت إيران تعديل مواقفها الداعمة لتيار المقاومة والممانعة ضمن صفقة واسعة تتعلق بأزمة برنامجها النووي مثلا أو أدوارها الإقليمية فإن التوتر في العلاقات مع مصر يمكن أن يتراجع وربما بنفس درجة التغير في هذا الموقف الإيراني، أما بقاء المواقف على ما هي عليه فليس له غير معنى واحد، هو بقاء أحد أهم عوامل التوتر في العلاقات بين البلدين.

الأمر بالنسبة للملف الخليجي ربما لا يكون بمستوى التحدي نفسه الذي يمثله الملف الفلسطيني، فالتهديد الذي يمثله الخطر الإيراني في الملف الفلسطيني على مصر يمس مباشرة شرعية نظام الحكم في مصر ويهدد هذه الشرعية، حيث إن انحياز إيران للمقاومة وعداءها الشديد والعلني لإسرائيل باعتبارها دولة احتلال يضع النظام المصري، بدعمه لخيار السلام وقيادة مسيرة التسوية والدفاع عنها، موضع الاتهام بالتفريط في حقوق الشعب الفلسطيني وفي المسؤولية القيادية التاريخية لمصر بالنسبة للقضية الفلسطينية.

أما التحديات الإيرانية لمصر في الملف الخليجي فهي تحديات تواجه الدور القومي والالتزامات القومية لمصر، وهما معا، الدور والالتزامات، شهدا انحسارا ملحوظا منذ وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، ولكن وتيرة هذا الانحسار أخذت تتزايد بمستوى انغماس مصر في مشروع التسوية وانكفائها داخليا.

ولذلك فإنه رغم أن مصر تعطي اهتماما ملحوظا لمخاطر تزايد الوجود والنفوذ الإيراني في الخليج والتعنت الإيراني بالنسبة لاحتلال جزر الإمارات الثلاث والتهديدات التي تظهر أحيانا وتتراجع في أحيان أخرى للبحرين فإن مصر لم تطرح مشروعا حقيقيا للأمن في الخليج سواء من المنظور المصري أو المنظور القومي، ولم تتشدد في التصدي لتسويف دول مجلس التعاون لمشروع إعلان دمشق الذي ظهر في الأفق سريعا وتراجع سريعا عقب انتهاء حرب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي عام 1991، كما لم تظهر مصر رفضا صريحا لهيمنة الولايات المتحدة على الأمن في الخليج على أنقاض تسويف مشروع إعلان دمشق عقب انتهاء هذه الحرب.

رغم ذلك يبقى الخلاف المصري مع إيران حول سياساتها في الخليج أحد أسباب التوتر في العلاقات بين البلدين، لكن هذا التوتر يتفاقم مع تزايد النفوذ الإيراني على حساب النفوذ المصري في الدائرة العربية وفي ملفات عربية هامة ابتداء من لبنان إلى العراق إلى العلاقة المتصاعدة مع حركة حماس في قطاع غزة والتعاون الوثيق بين طهران ودمشق، وهو التعاون الذي أغرى البلدين بتوسيعه ليضم كلا من العراق وتركيا في وقت ظهرت فيه بوادر استقطاب إقليمي واضح عقب الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف 2006، وهي الحرب التي أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس عن ميلاد “شرق أوسط جديد” من رحمها، وسعت إلى خلق ما يسمى بـ”محور الاعتدال” ويضم “مجموعة 6+2″ أي دول مجلس التعاون الخليجي الست إضافة إلى مصر والأردن في مواجهة ما سمي بـ”محور الشر” ويضم سوريا وإيران وحزب الله ومنظمات المقاومة الفلسطينية.

ضمن هذا الاستقطاب ظهر الحديث عن خطر “الهلال الشيعي” لأول مرة على لسان ملك الأردن عبد الله الثاني، وتطور حديث الاستقطاب من تفاقم التعبير عن خطر تمدد النفوذ الشيعي في الفترة التي شهدت انقساما عربيا بين محوري الاعتدال والممانعة حول الحرب الإسرائيلية على لبنان، حيث جرى تحميل إيران وحزب الله مسؤولية هذه الحرب على لسان مسؤولين مصريين وسعوديين، وظهرت فتاوى سعودية تحرم دعم حزب الله وتكفر الشيعة.

وامتد هذا الانقسام أثناء وفي أعقاب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (ديسمبر 2008-يناير 2009) وتحميل مصر والسعودية مسؤولية هذه الحرب لإيران وحركة حماس، لكن هذا الانقسام جاء على حساب تماسك محور الاعتدال بسبب الدور القطري وتزعم قطر دعوة انعقاد قمة عربية طارئة للنظر في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في وقت عارضت فيه مصر والسعودية هذه الدعوة لصالح مؤتمر القمة الاقتصادية في الكويت.

هذا التعارض في السياسات بين مصر وإيران امتد أيضا وبقوة إلى الملف العراقي على ضوء تزايد النفوذ الإيراني في العراق، لكن مشكلة مصر هنا أنها لا تملك القدرة على قيادة مشروع عربي بديل في العراق، كما أن مثل هذا المشروع المستحيل، إن وجد، لن يكون له القبول الكافي داخل العراق في ظل اختلال معادلة توازن القوى داخل العراق لصالح حلفاء إيران، وفي ظل اضطرار الولايات المتحدة للبحث في معادلة “توازن مصالح” مع إيران في العراق تؤمن لواشنطن مصالحها في العراق عقب الانسحاب العسكري الأميركي وتضمن في الوقت نفسه استقرارا في العراق ضمن اعتراف أميركي بمصالح إيرانية في العراق.

هذا التنازع حول الملفات الإقليمية جعل من إيران مصدرا للتهديد بالنسبة لمصر، وفرض توجهات سياسية مصرية نحو إيران اتسمت بالتوتر شبه المستمر بين البلدين وتعثر معظم محاولات التقارب وتغليب المصالح المشتركة على حساب دوافع التوتر.

وحفّز على هذا التوجه الأسباب الداخلية الخاصة بالبلدين. بعض هذه الأسباب له علاقة بخصوصية النظام السياسي الحاكم في إيران من منظور تقييم النظام المصري، وبعضها الآخر يتعلق بالوعي والإدراك المصري لهذا النظام الإيراني كمصدر للتهديد في ذاته للأمن المصري والمصالح الوطنية المصرية. فالنظام الإسلامي في إيران يمثل إشكاليتين خطيرتين، من منظور النظام المصري، ناهيك عن توجهاته السياسية. فهو أولا نظام إسلامي، وثانيا يجعل الإسلام أحد ركيزتين أساسيتين في توجهات سياساته الخارجية. فالحكم في إيران يقوم على ركيزتي الإسلام والمصالح الوطنية الإيرانية، ولذلك فإنه إلى جانب الالتزام بما تمليه هذه المصالح الوطنية الإيرانية من توجهات لصانع القرار السياسي فإن عملية صنع قرار السياسة الخارجية في إيران تلتزم أيضا بالتوجهات الإسلامية للنظام. وهو ثانيا، أي نظام الحكم في إيران، ليس فقط نظاما إسلاميا بل هو أيضا نظام إسلامي شيعي، أي أنه نظام إسلامي مذهبي، وينص على ذلك في دستور الدولة، كما ينص على أن رئيس الدولة يجب أن يكون ملتزما بالمذهب الرسمي للدولة أي المذهب الشيعي الاثني عشري.

مصر تتعامل مع هاتين الركيزتين كمصدرين للتهديد في ظل الأوضاع الخاصة التي عاشتها منذ اللحظات الأولى لوصول الرئيس حسني مبارك إلى الحكم، فقد تولى الرئيس مبارك الحكم إثر حدث درامي اغتيل فيه الرئيس السابق أنور السادات على أيدي متطرفين إسلاميين، ومنذ تلك اللحظات دخل النظام في مصر في معركة طويلة المدى مع المتطرفين الإسلاميين، وقد تزامنت هذه الحرب مع “تورط” إيران في عملية تصدير الثورة، والتعاون مع المنظمات الإسلامية المعارضة، ما جعل مصر تتشكك في النوايا الإيرانية وتتهم إيران بدعم المتطرفين وإيواء إرهابيين مطلوبين أمنيا من جانب السلطات المصرية، فضلا عن تنامي الإدراك عند النظام في مصر بأن إيران تحولت إلى قاعدة داعمة ومساندة للإرهاب، خاصة في ظل وجود اتهامات غربية وأميركية خاصة لإيران من هذا النوع.

هذا الإدراك تدعم بتزامنه مع إدراك مصري رسمي آخر بأن إيران ترعى مشروعا مذهبيا شيعيا تسعى إلى التغلغل من خلاله لخلق مناطق نفوذ لها داخل دول المنطقة. هذا الإدراك تأكد في ظل العديد من التطورات كان أبرزها الدعم والرعاية الإيرانية الكاملة لحزب الله في لبنان، وتصاعد دور الحزب في المعادلات السياسية الداخلية في لبنان على حساب أطراف أخرى لبنانية محسوبة على مصر ودول الاعتدال العربي، خصوصا بعد الظهور السياسي القوى للحزب عقب نجاحه في تحرير الجنوب وتجاوز شعبيته الحدود اللبنانية وامتدادها إلى أنحاء واسعة عربية، وتحول زعامته إلى رمز لتيار المقاومة ضد إسرائيل ومناهضة مشروعات التسوية التي ترعاها أو تساندها مصر.

هذا الإدراك تدعم أيضا مع تنامي النفوذ الإيراني في العراق، وطموح إيران لملء الفراغ الذي سوف ينشأ حتما عن الانسحاب العسكري الأميركي من العراق في ظل عجز عربي كامل عن طرح مشروع بديل للعراق يمكن من خلاله احتواء النفوذ الإيراني، ومع الصعود السياسي القوي للأحزاب السياسية الشيعية في العراق وامتداد أصداء هذا الصعود في أنحاء عربية متفرقة خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي التي بدأ بعضها يتحدث عن “خلايا شيعية نائمة موالية لإيران”.

وهكذا يمكن القول إن هناك “حزمة عوامل” مسؤولة عن ترسيخ الإدراك المصري لإيران باعتبارها مصدرا للتهديد، وليس مجرد قوة إقليمية يمكن التنافس معها إقليميا إذا كان التعاون صعبا أو مستحيلا، ما أدى إلى جعل التوتر سمة غالبة في العلاقات بين البلدين.

ولكن رغم ذلك كانت ومازالت توجد “حزمة عوامل” أو محددات أخرى تتفاعل وتعمل في الاتجاه المضاد، أي اتجاه التقارب بين البلدين، وهو التقارب الذي تدعم فعلا في سنوات حكم الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي الذي اعتمد سياسة “نزع التوتر” بديلا لسياسة “تصدير الثورة” خاصة مع دول الجوار العربية، وكانت مصر على قمة أجندة الرئيس خاتمي خاصة من منظور دعوته الهامة للحوار بين الحضارات والثقافات وتعويله القوي على دور مصر التاريخي لدعم هذا التوجه، واعتماده على الأزهر الشريف ليقوم بدوره ركيزة لدعم الحوار بين الحضارات والثقافات من ناحية وليقود دعوة “التقريب بين المذاهب” خاصة بين السنة والشيعة من المسلمين لنزع كل فتيل للتوتر بين أبناء الأمة الإسلامية الواحدة.

هذه الدعوة لحوار الحضارات والتهدئة في علاقات إيران الإقليمية والحرص على تحسين العلاقات مع دول الجوار خاصة دول الخليج العربية أدت إلى شيوع قدر من الطمأنة لدى هذه الدول ما انعكس بوضوح على تنامي علاقات التعاون بينها وبين إيران، خاصة مع التزام إيران سياسة الحياد إزاء الحرب التي قادتها الولايات المتحدة الأميركية لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي.

هذه المواقف امتدت إلى العلاقات الإيرانية الأميركية وقبول إيران بدعوة تجميد مؤقت لتخصيب اليورانيوم، وتعاونها مع الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان بعد تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة، وعدم عرقلتها للغزو الأميركي للعراق، وتعاون حلفائها في العراق مبكرا مع سلطة الاحتلال الأميركي، ما أدى إلى تمكين الأميركيين من فرض سيطرتهم على العراق وفرض ما سمي بـ”العملية السياسية” والدستور الجديد الذي وجد الإيرانيون من خلاله فرصا مواتية للتغلغل وفرض النفوذ على العراق.

مجمل هذه التطورات تزامنت مع تطرين آخرين كان لهما تأثير مباشر هام على علاقات مصر بإيران، التطور الأول هو إبداء إيران قبولها للتعاون مع مصر في الملف الأمني، وتنشيط الدعوة إلى التقريب بين المذاهب، والتطور الثاني هو إدراك مصر لأهمية التعاون مع إيران في الملف النووي وفق الالتزام بقاعدة جعل إقليم الشرق الأوسط خاليا من أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها الأسلحة النووية. هذا الإدراك أدى إلى حرص مصر على التعاون مع إيران في مجالين:

الأول دعم حق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي ورفض أي لجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران انطلاقا من وجود إدراك لخطورة السماح باللجوء إلى خيار الحرب ضد إيران لتدمير قدراتها النووية لأسباب تتعلق أولا بخطر تداعيات مثل هذه الحرب على توازن القوى والاستقرار الإقليمي وأمن دول الخليج العربية التي سوف تكون حتما مسرحا لهذه الحرب، وتتعلق ثانيا بإدراك مصر أن ما سوف يفرض على إيران اليوم يمكن أن يفرض عليها مستقبلا باعتبارها هي الأخرى دولة وقعت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ومن حقها ومن حق كل دولة وقعت على هذه المعاهدة أن تمتلك برنامجا نوويا كاملا بما فيه امتلاك دورة تخصيب اليورانيوم باعتبار ذلك حقا قانونيا مؤكدا لكل الدول التي وقعت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

أما المجال الثاني فهو مجال التعاون الثنائي مع إيران والتعاون الجماعي معها في الوكالة الدولية لمنع فرض إسرائيل “دولة أمر واقع نووية” ولفرض تنفيذ القرار الصادر عن مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية عام 1995 بجعل إقليم الشرق الأوسط خاليا من الأسلحة النووية.

المبحث الثالث القضايا الخلافية في العلاقات المصرية الايرانية

اولا عملية السلام مع اسرائيل :

انقتعت العلاقات المصرية الايرانية تماما و ذلك بعد توقيع مصر لاتفاقية السلام مع اسرائيل و ذلك في عهد الرئيس المصري محمد انور السادات و كان ذلك عقب قيام الثورة الاسلامية في ايران و انتصارها و قطع ايران التام للعلاقات مع اسرائيل فقام الامام الخميني باصدار قرار بقطع العلاقات تماما مع مصر و كان ذلك بناءا علي طلب مباشر من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات كنوع من العقاب لمصر لتوقيعها علي تلك الاتفاقية و كان ذلك كله في الاول من مايو 1979 .

في عام 1993 انتقدت ايران و بشدة اتفقية اوسلو بين اسرائيل و فلسطين و كذلك المعاهدة الاردنية الاسرائيلية عام 1994 و قامت ايران باتهام منظمة التحرير الفلسطنية بخيانة الشعب الفلسطيني لتفريطها في القدس الشريف . و انعكس ذلك كله علي العلاقات المصرية الايرانية حيث ان مصر كانت دائما تدعو الي التسوية السلمية بين العرب و اسرائيل , اما في المقابل كانت ايران ترفض تلك التسوية السلمية و كانت تحاول عرقله مسيرة السلام في الشرق الاوسط و وصفت ايران كل من شارك في التسوية السلمية بالخيانة و العمالة , و ادي ذلك كلة الي زيادة حد التوتر في العلاقات المصرية الايرانية .

ووافق العرب بالاجماع في عام 2002 في مؤتمر قمة بيروت بسياسة التطبيع مع اسرائيل مقابل اقامة الدولة الفلسطيبنية و ادي ذلك الاجماع العربي علي تحسن قليل  في العلاقات المصرية الايرانية .

شهد الربع الاخير من عام 2004 تغير كبير و ملحوظ في الرئية الايرانية اللعلاقات الخارجية و ذلك من اجل تحسين العلاقات الخارجية  و تحسين العلاقات مع مصر علي الاخص و ظهر ذلك بوضوح في قبول ايران حل الدولتين فلسطينية و اسرائيلية يتعايشان جنبا الي جنب و كان ذلك يعتبر تغير و تتطور كبير في السياسة الخارجية الايرانية حيث ان الحكومية الايرانية رأت انذاك ان ذلك ينعكس ايجابيا بعلاقتها مع مصر و يتفق مع سياسة العرب الخارجية التي توصل اليها اجتماع قمة بيروت .

شهد عام 2008 توتر شديد في العلاقات المصرية الايرانية و ذلك عقب قيام ايران بانتاج فلم “اعدام فرعون ” و الذي اعاد الخلاف حول عملية السلام من جديد حيث تناول الفلم اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد انور السادات الذي وصفة الفلم بالخائن و العميل لتوقيعة اتفاقية السلام مع اسرائيل , ادي ذلك كلة الي استياء شديد من الحكومة المصرية ووزارة الخارجية التي قامت باستدعاء مسئول مكتب رعاية المصالح الايرانية في القاهرة محذرة من توتر العلاقات بين البلدين و كان ذلك في السابع من يوليو لعام 2008 .

ثانيا دعم الحركات الاسلامية :

عقب انتصار الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 و اعلان ايران دولة اسلامية اعتبر المسئولون الايرانيون ان الحركات الاسلامية في البلاد العربية و خاصة مصر هي جناح تابع لها و بمثابة قوة خفية لها , ادي ذلك الي قيام ايران بادانة سياسة الحكومة المصرية ضد عناصر الجماعات الاسلامية . في اعوام 1987, 1988 و 1989 توترت العلاقات المصرية الايرانية و ذلك لتورط النظام الايراني في التنظيم الشيعي في مصر .

في اغسطس عام 1992 قامت الحكومة المصرية باتهام مسئولين ايرانين بتدريب عناصر الجهاد في معسكرات تابعة للجبهه الاسلامية في السودان , و في 30 نوفمبر 1992 قامت الخارجية المصرية بسحب رئيس قسم رعاية المصالح المصرية في طهران و طالبت من الحكومة الايرانية عدم التدخل في السياسة المصرية .

في 18 مارس 1993 قامت الحكومة المصرية بالقاء القبض علي سودانينين حاولوا التسلل الي مصر عبر معبر السلوم  ووجهت لهم تهمت تلقي تدريب عسكري في ايران لتنفيذ عماليات جهادية في مصر .

ثالثا الملف النووي :

زادت العلاقات المصرية الايرانية توتر بسب الملف النووي الايراني حيث انه في عام 2005 في  مؤتمر القمة الخليجي طالبت مصر بان يتم اخلاء منطقة الشرق الاوسط من كافة اسلحة الدمار الشامل بما يشمل في ذلك الملف النووي الايراني و ذلك ما قبلته الحكومة الايرانية  بالرفض الشديد و اعلنت تمسكها بالملف النووي التابع لها استنادا بان ذلك حق اصيل لها في تكوين قاعدة نووية قوية داخل حدود دولتها مما ادي الي زيادة ملحوظة في التوتر بين مصر و ايران و لازالت ازمة الملف النووي الايراني مستمرة حتي الان ..

رابعا: الملف العراقي:
يُعد الملف العراقي أحد القضايا الشائكة أمام تطوير العلاقات المصرية – الإيرانية وذلك بعد الحرب على العراق عام 2003، حيث بدأ تخوف مصر من تزايد الحضور الإيراني على الساحة العراقية لاسيما مع الصياغة الإيرانية الجديدة لأمن الخليج، والتي تضمن لها الدور القيادي في المنطقة، وقد استمر الخلاف الإيراني المصري حول أمن الخليج المُتعلق بالملفين النوويين الإيراني والعراقي والوجود الأجنبي في منطقة الخليج، وفي عهد “أحمدي نجاد” زادت الخلافات بسبب تدخل إيران في شئون دول الخليج بما يؤثر ذلك على أمن تلك الدول ويأتي على سبيل المثال تأزم العلاقات بين إيران ودول الخليج العربية بسبب تصريحات إيرانية رأت فيها المنامة مساسًا بسيادتها، وأساس الأزمة هي تصريحات لـ “على أكبر ناطق نوري” رئيس التفتيش العام في مكتب الزعيم خامنئي في 10 فبراير/شباط 2009 اعتبر فيها أن البحرين جزء من إيران، وكانت البحرين قد احتجت رسميًا في 12 فبراير/شباط 2009 على تصريحات “ناطق نوري”، بناءً على هذه الأزمة جاءت زيارة الرئيس المصري السابق حسني مبارك في 16 فبراير/شباط 2009 ليُعبر من خلالها عن تضامنه مع المنامة، ويتضح مما سبق حجم الخلاف بين مصر وإيران حول أمن الخليج والذي يتمثل برفض إيران أن يدخل في ترتيباته أى دولة من خارج الخليج بما فيها مصر.
خامسا: قضية أمن الخليج:
دخلت إيران عام 1981 مرحلة شديدة من التوتر مع دول الخليج في أعقاب الثورة الإيرانية، وقيام دول الخليج باتهام إيران بمحاولة تصدير الثورة إليها والتدخل في شئونها، وتبلورت رؤية جديدة لدى إيران تجاه أمن الخليج تمثلت في عدم قبولها أي ترتيبات أمنية في الخليج دون أن يكون لها وجود فيها، كما تؤكد على ضرورة استقلالية دول الخليج وفك الارتباط بالقوى العُظمى وقيام حكومة إسلامية في دول الخليج.
أما عن رؤية مصر لأمن الخليج فهي تعد مُخالفة تمامًا للرؤية الإيرانية، باعتبار أن أمن الخليج هو جزء من أمن الجناح الشرقي للوطن العربي، وأن التهديدات التي يتعرض إليها هذا الأمن نتيجة الثورة الإيرانية، يُعد تهديدًا للأمن المصري، وأن أمن الخليج هو في الأساس مسئولية عربية، وعلى الولايات المتحدة أن تعمل على رفع القدرات العسكرية للبُلدان العربية الخاصة بمصر والسعودية، كما أن النفط يمثل مصلحة مصرية، بما يضيف نقطة خلافية في العلاقات بين البلدين خاصة وأن مصر تنظر لإيران على أنها مصدر تهديد لأمن الخليج .
كما حدث توتر للعلاقات المصرية الإيرانية في أعقاب التوصل إلى صيغة “إعلان دمشق” في 6 مارس/آذار 1991 وهي الصيغة التي استبعدت إيران من عبء تأمين الخليج بنصها: “على أن يكون وجود القوات المصرية السورية على أرض السعودية وبعض الدول الخليجية الأخرى نواة لقوة سلام عربية تعد لضمان أمن وسلامة الدول العربية في منطقة الخليج”، ومن هنا اعترضت إيران على إشراك بعض الدول غير المُطلة على الخليج في مهمة حمايته.
سادسا: قضية الجزر الثلاث:
لقد أثرت أزمة الجزر الثلاث بين إيران ودولة الإمارات خاصة منذ التصعيد الإيراني في جزيرة “أبي موسى” في صيف 1992 سلبًا على العلاقات الإيرانية – المصرية حيث تدعم مصر وباقى الدول العربية الحق الإماراتي في هذه الجزر، كما أدى إصدار “إعلان دمشق 6+2” – يضم دول مجلس التعاون بالإضافة لمصر وسوريا – وفى عام 1995 يندد بما يُسمى الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث ويدعو إيران لإعادة هذه الجزر لدولة الإمارات العربية، وهذا أثر سلبًا على العلاقات بين مصر وإيران والذي عمل على زيادة حدة الموقف هو توجيه الصحيفة الإيرانية الإسلامية اتهامات في يوليو/تموز 2000 لرئيس مجلس الشعب المصرى بخيانه إيران، وقد جاء ذلك على خلفية دعم رئيس المجلس لمطالب الإمارات بالجزر الثلاث وإدراج هذه المطالب في البيان الختامي.
رغم هذه النقطة الخلافية في العلاقات المصرية – الإيرانية إلا أنها تعد عقبة حقيقية أمام عودة العلاقات بين البلدين لاسيما مع تطور العلاقات الإيرانية – المصرية في عهد خاتمي، أما في فترة نجاد فقد توترت العلاقات الإيرانية – الإماراتية أكثر من مرة نتيجة التصريحات التي يطلقها الجانبان من فترة لأخرى، ففي 16 أبريل/نيسان 2009 قالت إيران في هذا التصريح إن الجزر الثلاث جزء أساسي من إيران وستظل مناطق إيرانية للأبد، بينما تطالب الإمارات بأحقيتها وملكيتها لهذه الجزر، وتعد مثل هذه التصريحات لها تأثيرها السلبي على العلاقات بين مصر وإيران لوجود مصر إلى جانب إيران في الإشكالية حول الجزر الثلاث .

المبحث الرابع : العلاقات الدبلوماسية بين مصر و ايران :

شهدت الفترة بين 1994 و 1998 هدوء نسيبي في العلاقات المصرية الايرانية و انخفاضا ملحوظا في شده التوتر الامر الذي اثر بايجاب علي العلاقات القتصادية بين البلدين حيث شهدت هذة الفترة تبادلا للزيارات بين رجال الاعمال و المسئولين الاقتصادين في البلدين . كما شهدت هذة الفترة تنسيقا و تقاربا في المواقف علي نطاق بعض المؤتمرات الدولية التي انعقدت خلال هذة الفترة , ففي عام 1994 بدات حركة الوفود الاقتصادية المتبادلة بين البلدين و كانت القضايا محل بحث انذام تدور حول معالجة مسالة الديون المستحقة لايران علي مصر ووضع المنشات المالية و الاقتصادية المشتركة التي تم انشائها قبل عام 1979 .

ووافقت مصر عام 1994 علي تقديم ألات و معدات لايران قيمتها 841 مليون دولار كمدفوعات لقرض حصلت علية مصر عام 1975 , و من ثم فأن مشكلة الديون لايران قد تم حلها و هو ما اعتبرة بعض المسئولين المصريين بداية لتطبيع العلاقات الاقتصادية بين البلادين.

في اعقاب انعقاد مؤتمر الاسلامي في طهران ورئاسة جمهورية ايران لهذا المؤتمر في نوفمبر عام 1997 بمشاركة وزير الخارجية المصري بدات العلاقات بين مصر و ايران في الصعود تدريجيا .

في سياق متصل ادلي مسئولين ارانيون و المتحدث باسم الخارجية الايرانية بتصرحات ايجابية حول تطوير العلاقات الثائية مع مصر و هو ما اعتبرة الكثير من المحليلين السياسين تطور كبير و ملحوظ في العلاقات المصرية الايرانية .

في 14 يناير 2001 عبر الرئيس خاتمي عن الموقف الايراني من تطبيع العلاقات مع مصر فقال “ان مصر و ايران تشكلان جناحي الحضارة الاسلامية و ان مصر تتمتع بمكانه خاصة بالنسبة الاسلام و البلدان العربية و ان الشعب المصري له دورا كبيرا في الحضارة الاسلامية علي مصر التاريخ “.

شهد اغسطس عام 2001 قيام الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك باعلان رؤية متكاملة توضح العلاقة بين مصر و ايران و ذلك بقوله “ان مصر و ايران بينها علاقات ذات تاريخ مشترك و هناك روابط قديمة بين البلدين  ” و قال ان العلاقات قد ساءت بعد زيارة الرئيس الراحل السادات الي القدس و توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل في وقت متزامن مع تغير القيادة الايرانية و ان جوهر الخلاف بين الدولتين يقوم و يدور حول توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل و هو ما اعتبرة المسئولين الايرانيون انذاك خيانة للامة العربية .

شهد مؤتمر جنيف قيام الرئيس خاتمي بمطالبة لمقابلة الرئيس المصري السابق محمد حسني مصر الذي بادر بعد ذلك و قام بزيارة رسمية الي طهران و هو ما يعتبر تغير واضح و تطور كبير للغاية في العلاقات المصرية الايرانية من الناحية الدبلوماسية و الرسمية .

المبحث الخامسالمحددات الحاكمة لتطور العلاقات المصرية الايرانية ” :

تلعب اربع محددات الدور الاساسي و الاكبر في تطور العلاقات المصرية الايرانية و تنقسم تلك المحددات الاربعة الي مايلي :

اولا : خصوصية النظام الدولي و تاثير الدول الحليفة و طبيعة مصالحها : حيث ان النظام الدولي ثنائي القطبين الذي ساد معظم سنوات النصف الثاني من القرن العشرين و تسبب في اشتعال الحرب الباردة بين الكتلتين الغربية بزعامة الولايات المتحددة الامريكية و الشيوعية بزعامة الاتحاد السوفيتي ادت تلك الحرب الباردة الي انتشار سياسة الاستقطاب الدولي و الاقليمي و كانت الدول الحليفة او الصديقة في العادة هي القوي العظمي او الكبري من خارج الاقليم دور كبير في التاثير علي العلاقات بين دول الشرق الاوسط ايجابيا او سلبيا حسب المشاركة في حلف واحد او عدم المشاركة و حسب علاقة الدول الحليفة المنغمسة في شئون الاقليم .

وكانت العلاقات المصرية الايرانية مثال واضح علي هذا التباين في العلاقات الدولية ففي سنوات ما قبل الخمسينيات تطورت العلاقات المصريية الايرانية ووصلت الي حد المصاهرة و كان السبب الرئيسي هي ان بريطانيا كانت حليفة لكلا الدولتين اما بعد العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 و تدهورت العلاقات المصرية البرطانيا و تطورت العلاقات المصرية السوفيتية مع استمرار ايران في حلف بغداد فادي ذلك لي تدهور العلاقات المصرية الايرانية من جديد بل ووصلت الي درجة العدائية و مع عودة العلاقات المصرية البرطانيا في التحسن بدات تدريجيا العلاقات المصرية الايرانية تعود من جديد و تطور بشكل ملحوظ . و بعد قيام الثورة الاسلامية في ايران و انتصارها انقتعت العلاقات الامريكية الايرانية تماما و قررت امريكا بفرض الحصار علي ايران و كانت مصر في ذلك الوقت تربطها علاقات دبلوماسية قوية مع امريكا مما ادي الي تدهور العلاقات المصريية الايرانية بل و وصل التدهور الي حد القطع التام في العلاقات بين الدولتين .

ثانيا : خصوصية التطورات الداخلية في الدول من ناحية القوي و الايدولوجيا الحاكمة و خصائص نظام الحكم : تلعب خصوصية التطورات الداخلية في  الدول من ناحية القوة النسبية و الايدولوجيا الحاكمة و خصائص نظام الحكم دور كبير في العلاقات بين الدول حيث انه غالبا ما يكون هناك تقارب بين الدول التي تجمعها نفس الايدولوجيا و تتشابة في خصائص نظام الحكم . اما عن الدول القومية الكبري تميل كثيرا الي التنافس و الزعامة داخل الاقليم لسيطرة علي الدول الصغري , لذلك فقد كانت العلاقات المصرية الايرانية تنافسية معظم الوقت و احيانا يتحول ذلك التنافس الي صراع حاد بين الدولتين و ذلك لرغبة كل دولة في فرض الزعامة في المنطقة و السيطرة علي البلاد الاخري و ذلك يرجع لادراك كل دولة منهم قوتها الحقيقية داخل المنطقة .

و كثيرا ما كان تتحول العلاقات المصرية الايرانية الي علاقات تعاونية في حالة تفوق تاثير متغيرات اخري مثل الحليف الدولي و الايدولوجيا السياسية و خصائص نظام الحكم حيث ان

هذة المتغيرات و غيرها تلعب دور كبير في التقارب و التباعد بين الدول بعضها البعض , و تعتبر العلاقات المصرية الايرانية مثال قوي علي ذلك حيث انه عندما كانت الدولتين ذات نظام حكم ملكي كانت تتميز العلاقات بالتقارب و مع سقوط النظام الملكي في مصر عقب ثورة 23 يوليو و اعلان مصر دولة جمهورية ديمقراطية تغيرت تلك العلاقات تماما .

ثالثا ادراك كل دولة لدورها الاقليمي : كان لادراك كل دولة لدورها الاقليمي و لازال دور كبير في تحديد اشكال العلاقات بين الدول و هناك عوامل تاثر علي المدي قدرة الدولة للزعامة القومية و من اهمها القوة النسبية للدولة و مكونات تلك القوي و الموقع و الايدولوجيا السياسية و الارث التاريخي و قوة كل دولة من الناحية الاقتصادية , و كانت مصر و ايران من اكثر الدول المؤهلة تاريخيا و موضوعيا للتنافس علي الزعامة الاقليمية فادراك مصر لدورها الاقليمي و حرصها علي هذا الدور كان عاملا لجعل العلاقات المصرية الايرانية علاقة تنافسية و تجلي ذلك بموضح في زعامة مصر الناصرية داخل النظام العربي و خارجة علي الصعيدين الاسلامي و الدولي “دول عدم الانحياز ”

رابعا نظرة الدولة الي اسرائيل : بجانب الثلاث محددات السابقة يوجد محدد رابع اكثر اهمية و هو نظرة الدولة الي اسرائيل و طبيعية العلاقة بين الدول و اسرائيل و هل هي علاقة عدائية ام علاقة صداقة و هل تنظر تلك الدولة الي اسرائيل باعتبارها دولة مستقلة ام دولة منبوذة . فكان لتاسيس دولة اسرائيل علي انقاض الدولة الفلسطينية عام 1948 علامة فارقة في تاريخ العلاقات داخل منطقة الشرق الاوسط حيث ان الشرق الاوسط الي دول معادية لاسرائيل و هي الدول العربية و دول اخري صديقة لاسرائيل و ايران الشاه و تركيا و بسبب التقارب الايراني الاسرائيلي كانت طبيعية العلاقات المصرية الايرانية علاقة عدائية طيلة سنوات تعامل مصر مع اسرائيل كعدو او كدولة منبوة غير شرعية .

و لسوء الحظ ان مع تحول ايران في الموقف من العلاقات الايرانة و اغلاق سفارة اسرائيل في طهران و اعلانها سفارة فلسطنية و اعلانها بان اسرائيل دولة غير شرعية و مساندة ايران للحركات التي تطالب بالقضاء علي دولة اسرائيل و رفضها التام لاي طرق سلمية في تسوية الصراع مع اسرائيل و ذلك بعد قيام الثورة الاسلامية في ايران تزامن ذلك مع توقيع مصر لاتفاقية السلام مع اسرائيل فادي ذلك الي استمرار قطع العلاقات المصرية الايرانية  .

قائمة المراجع :

4.3/5 - (6 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى