دور المحكمة الجنائية الدولية في الصراعات الإفريقية : حالة جمهورية إفريقيا الوسطى

إعداد : عمرو سليم – باحث دكتوراه بكلية الدراسات الإفريقية العليا – جامعة القاهرة
- المركز الديمقراطي العربي
محاكمة “بيمبا” وإنشاء المحكمة الجنائية الخاصة
شهدت جمهورية إفريقيا الوسطى موجة واسعة من أعمال العنف نتيجة الانقلابات العسكرية والصراعات بين الجماعات المسلحة التي عانت منها البلاد منذ استقلالها عن فرنسا في عام ١٩٦٠، بلغت ذروتها خلال أحداث ٢٠٠٢ / ٢٠٠٣ والتي حدثت خلال فترة حكم الرئيس السابق “أنجي فيليكس باتاسيه”، الذي واجه معارضة شديدة من المجموعات المسلحة وأحزاب المعارضة. في عام ٢٠٠٢، وقعت محاولة انقلاب فاشلة بقيادة الجنرال “فرانسوا بوزيزيه”، الذي كان قائدًا في الجيش قبل أن ينقلب على النظام السياسي، وهو ما تسبب في حدوث مواجهات عنيفة بين قواته المتمردة وقوات الحكومة المدعومة بمقاتلين أجانب، بما في ذلك ميليشيات من الكونغو، استعان “باتاسيه” بمجموعات مسلحة من دول مجاورة، أبرزها الحركة من أجل تحرير الكونغو (MLC) بقيادة “جان بيير بيمبا”، لدعمه ضد التمرد، وهو ما نتج عنه سلسلة من انتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والاغتصاب ونهب الممتلكات، وهو ما دعا المحكمة الجنائية للتدخل ومحاكمة “بيمبا” واتهمته بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية في جمهورية إفريقيا الوسطى.
لم تكد تهدأ موجة العنف الأولي حتى اندلع في مارس ٢٠١٣، صراع بين جماعتي السيليكا وأنتي بالاكا، حيث أطاحت جماعة سيليكا – ذات الأغلبية المسلمة – بالرئيس “فرانسوا بوزيزيه”، وسيطرت على العاصمة بانغي، وأصبح زعيم السيليكا، “جوتوديا”، أول رئيس مسلم للبلاد، كرد فعل على ذلك ظهرت جماعة أنتي بالاكا – ذات الأغلبية المسيحية -وشنت هجمات انتقامية ضد المسلمين، مما أدى إلى اشتعال دائرة من العنف الطائفي، نتج عنها مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح أكثر من مليون شخص داخليًا وخارجيًا.
نتج عن ذلك قيام المحكمة الجنائية الدولية في ٢٠٢١، باعتقال “محمد سعيد عبدالغني” – أحد قادة السيليكا – وتسليمه للمحكمة، ليحاكم بتهم القتل العمد، التعذيب، اضطهاد مدنيين بناءً على انتماءاتهم الدينية أو العرقية، الاحتجاز التعسفي والمعاملة القاسية.
نتيجة موجة الصراعات المتعددة التي شهدتها جهورية إفريقيا الوسطى، وقع اتفاق بين الأمم المتحدة وحكومة البلاد، بإنشاء المحكمة الجنائية الخاصة والتي تُعتبر محكمة مختلطة (وطنية ودولية) تم إنشاؤها في جمهورية إفريقيا الوسطى عام ٢٠١٥، وهدفها التحقيق ومحاكمة المسؤولين عن الجرائم الخطيرة التي ارتكبت منذ عام ٢٠٠٣ في البلاد
تم تقسيم المبحث إلى مطلبين يتناول المطلب الأول تاريخ الصراع في جمهورية فريقيا الوسطى ومحاكمة “بيمبا”، أما المطلب الثاني يتناول محاكمة قائد السيليكا “محمد سعيد عبدالغني”، وإنشاء المحكمة الجنائية الدوية وتشكيلها وسلطاتها والتحديات التي تواجه عملها.
الصراع ومحاكمة “بيمبا”
حصلت إفريقيا الوسطى على استقلالها عن فرنسا عام ١٩٦٠، منذ ذلك الوقت ظلت محاصرة في حلقة مفرغة من محاولات الانقلاب العسكري والانتقال العنيف للسلطة، مما ترك البلاد في حالة من الفوضى الأمنية والسياسية والعسكرية، مما نتج عنها أعمال عنف واسعة في البلاد، تتمتع الحكومات المتعاقبة بقدر ضئيل من السيطرة خارج العاصمة بانجي، وتفاقمت حالة عدم الاستقرار بسبب التدخل المستمر من جانب أمراء الحرب والمتمردين والمرتزقة المجاورين، الذين يستخدمون المناطق الريفية النائية بحرية كقواعد لعملياتهم العسكرية.
عقب انتخاب “أنجي فيليكس باتاسيه” في عام ١٩٩٣ للرئاسة، شهدت البلاد محاولات الانقلاب العسكري، مما دفع إلى تدخل قوة صغيرة تابعة للأمم المتحدة. في عام ١٩٩٩، أعيد انتخاب باتاسيه، ولكن اندلعت موجة جديدة من العنف، في أعقاب محاولة الانقلاب التي قام بها الرئيس السابق “أندريه ديودونيه كولينجبا” في عام ٢٠٠١، اتهم “باتاسيه” رئيس أركانه “فرانسوا بوزيزي” بعدم الولاء، فر بوزيزي إلى تشاد وعاد بعد عام، وقاد هجوماً للإطاحة بـ “باتاسيه”، سرعان ما صلت قوات “بوزيزي” بسرعة إلى العاصمة بانجي وانخرطت في قتال عنيف، من أجل احتواء القوات المتمردة، طلب “باتاسيه” المساعدة من “جان بيير بيمبا”، أمير الحرب من جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة، وفي عام ٢٠٠٣، تمكن الجيش من صد المتمردين إلى الشمال، شهدت البلاد سلسلة من أعمال العنف خلال الخمس أشهر التي أعقبت تلك المدة، وفي عام ٢٠٠٣، استولى “بوزيزي” على حكم البلاد.
بين عامي ٢٠٠٢ و٢٠٠٣، دفعت أعمال العنف الواسعة النطاق التي ارتكبتها جميع الأطراف، بما في ذلك قوات بيمبا، منظمات حقوق الإنسان المحلية التابعة للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان إلى التحقيق في الجرائم الخطيرة التي وقعت في الأحياء الأكثر تضررا ًفي العاصمة.
في فبراير من عام ٢٠٠٣ تم ارسال الأدلة التي تدين “بيمبا” إلى المحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت حديثا ًمع اقتراح بالتحقيق في الموقف. ثم في ديسمبر ٢٠٠٤ أحالت حكومة بوزيزي الموقف رسميا ًإلى المحكمة. وبعد عامين ونصف العام، في مايو ٢٠٠٧، فتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تحقيقا ًفي الوضع في جمهورية أفريقيا الوسطى، وفي عام ٢٠٠٨، أصدرت الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال ضد جان بيير بيمبا، وعقب ذلك تم القبض على بيمبا، الذي كان مسافرا إلى بلجيكا في ذلك الوقت.
اتسم القتال في جمهورية أفريقيا الوسطى في الفترة ٢٠٠٢-٢٠٠٣ بترهيب المدنيين بشكل كبير، ربما أكثر من المعارك بين العسكريين وبين بعضهم البعض، وكان اغتصاب النساء والرجال منتشرا ًبشكل خاص خلال تلك المعارك، في حين كانت هناك عمليات قتل وإساءة معاملة ونهب على الجانبين.
اتهامات المحكمة الجنائية الدولية
وجهت المحكمة الجنائية الدولية عده اتهامات إلى الرئيس والقائد العام لحركة تحرير الكونغو ” جان بيير بيمبا“، تضمنت تهمتان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية: القتل والاغتصاب؛ وثلاث تهم بارتكاب جرائم حرب: القتل والاغتصاب والنهب، يُزعم أنها ارتُكبت بين عامي ٢٠٠٢ و٢٠٠٣ في جمهورية أفريقيا الوسطى.
تسلسل الأحداث
في ٢١ ديسمبر ٢٠٠٤ تلقى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، “لويس مورينو أوكامبو”، رسالة موجهة بالنيابة عن حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى، وتشير الرسالة إلى موقف الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة والمرتكبة في جمهورية أفريقيا الوسطى منذ الأول من يوليو ٢٠٠٢، وهو تاريخ دخول نظام روما حيز النفاذ.
في ١٠ مايو ٢٠٠٧، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية “لويس مورينو أوكامبو” قراره بفتح تحقيق في جمهورية أفريقيا الوسطى، موضحا بأنه بعد فحص المعلومات التي وردت إليه يعتقد بأن جرائم خطيرة تقع ضمن اختصاص المحكمة قد ارتكبت في جمهورية أفريقيا الوسطى، وقرر إجراء تحقيق مستقل وملاحقة الأفراد الأكثر مسؤولية.
أكد المدعي العام أنه بناء على تحليل أولي للجرائم المزعومة، فقد بلغت أعمال العنف والجريمة ذروتها في عامي ٢٠٠٢ و٢٠٠٣. فقد قُتل واغتصب مدنيون، كما نهبت المنازل والمتاجر، ووقعت الجرائم المزعومة في سياق صراع مسلح بين الحكومة وقوات المتمردين، حيث أكدت المحكمة عبر المدعي العام بأن مزاعم الجرائم الجنسية مفصلة ومثبتة، حيث تم اغتصاب المدنيين بأعداد وصفتها المحكمة بأنها “لا يمكن تجاهلها بموجب القانون الدولي”.
وفي ٩ مايو ٢٠٠٨، قدم مكتب المدعي العام طلبه في الحالة في جمهورية أفريقيا الوسطى لإصدار أمر بالقبض على “جان بيير بيمبا”، بموجب المادة ٥٨ من نظام روما الأساسي، بالتهم الموجهة إليه والسابق عرضها.
في ٢٤ مايو ٢٠٠٨، ألقي القبض على “جان بيير بيمبا”، من قبل السلطات البلجيكية في أعقاب مذكرة اعتقال صادرة من قبل المحكمة الجنائية الدولية، تقول المحكمة في مذكرة الاعتقال، أن “بيمبا” مسؤول جنائيًا، بالاشتراك مع شخص آخر أو من خلال أشخاص آخرين، وفقًا للمادة ٢٥ من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عن: تهمتان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية: الاغتصاب، التعذيب، أربع تهم بارتكاب جرائم حرب: الاغتصاب والتعذيب، الاعتداء على الكرامة الشخصية، وبخاصة المعاملة المهينة، نهب بلدة أو مكان ما.
في ٢٠ نوفمبر ٢٠١٣، أصدرت المحكمة مذكرة بحق “إيمي كيلولو موسامبا”، محامي “بيمبا”، جاك مانجيندا كابونجو (عضو فريق الدفاع عن”بيمبا”)، وفيديل بابالا واندو (عضو في برلمان جمهورية الكونغو الديمقراطية ونائب الأمين العام لحركة تحرير الكونغو)، ونارسيس أريدو (أحد الشهود).
في يومي ٢٣ و٢٤ نوفمبر ٢٠١٣، اعتقلت سلطات هولندا وفرنسا وبلجيكا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، بموجب مذكرة اعتقال أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، الأربع أشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم ضد إدارة العدالة فيما يتصل بقضية “بيمبا” تتضمن التأثير الفاسد على الشهود أمام المحكمة الجنائية الدولية وتقديم أدلة كانوا يعلمون أنها كاذبة أو مزورة، حيث اتهموا بأنهم كانوا جزءًا من شبكة لأغراض تقديم وثائق مزورة ورشوة بعض الأشخاص للإدلاء بشهادات كاذبة في قضية “بيمبا”.
في مارس ٢٠١٦ أصدرت المحكمة الجنائية الدولية حكهما بأن “بيمبا” مذنب بموجب المادة ٧٤ البند الثاني من النظام الأساسي، وجد أن “جان بيير بيمبا” مذنب، بموجب المادة ٢٨ (أ) من النظام الأساسي للمحكمة، وقام بارتكاب الجرائم التالية:
أ- القتل باعتباره جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة ٧ من النظام الأساسي.
ب- القتل باعتباره جريمة حرب بموجب المادة ٨ من النظام الأساسي
ج- الاغتصاب جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة ٧ البند الأول من النظام الأساسي.
د- الاغتصاب كجريمة حرب بموجب المادة ٨ من النظام الأساسي.
هـ- النهب كجريمة حرب بموجب المادة ٨ البند الثاني من النظام الأساسي.
الحكم
في ٢١ يونيو ٢٠١٦، حكمت المحكمة الجنائية على جان بيير بيمبا بالسجن لمدة ١٨ عاماً. أشارت المحكمة في حكمها أن جرائم القتل والاغتصاب والنهب المدان فيها بالغة الخطورة، حيث هناك ظرفين مشددين ينطبقان على جريمة الاغتصاب: فقد ارتكبت (أ) ضد ضحايا عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم بشكل خاص، وبقسوة خاصة، مُعتبرة أنه لا يوجد وجود ظروف مخففة في هذه القضية.
بعد عامين فقط أي في ٨ يونيو ٢٠١٨، أعلنت غرفة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية أن الجرائم المذكورة في الفقرة ١١٦ من هذا الحكم لم تكن ضمن الوقائع والظروف الموصوفة في التهم، لذلك قامت المحكمة بتبرئة “بيمبا” من جميع التهم المتبقية الموجهة إليه في القضية الحالية، وقررت إطلاق سراحه.
في حكمها السابق بررت المحكمة إلغاء الاتهامات الموجهة إلى “بيمبا” وإطلاق سراحه بحجة إن نطاق الواجب باتخاذ “جميع التدابير الضرورية والمعقولة” مرتبط جوهريًا بمدى قدرة القائد المادية على منع أو قمع ارتكاب الجرائم أو إحالة الأمر إلى السلطات المختصة للتحقيق والملاحقة القضائية”، بأنه لا يمكن إلقاء اللوم على القائد “بيمبا” لعدم قيامه بشيء لم يكن لديه السلطة للقيام به، كما شككت المحكمة خلال الاستئناف من صحة العدد الفعلي المُرتكب من الجرائم والقدرة التي تم بها إثباته بها خلال جلسات المحكمة السابقة، كما شككت المحكمة بالحكم السابق الذي قام على عدم قيام “بيمبا” باتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقمع ارتكاب الجرائم السابق ذكرها من قبل قواته.
ربما كانت التبريرات السابقة تتعارض مع ما تداول حول أن موظفو المنظمات غير الحكومية الدولية الذين يعملون على جميع حالات المحكمة الجنائية الدولية وجدوا أن ما يميز قضية جمهورية أفريقيا الوسطى ليس بالضرورة أن هناك المزيد من حالات الاغتصاب، ولكن أن قدراً كبيراً من الأدلة تم جمعها محليًا بالفعل، أي أن هناك أدلة بالفعل تدين “بيمبا”، وأن الضحايا منظمون وذو دافع كبير للإدلاء بشهاداتهم، بدون خوف أو رهبة، حتى إنه تم وصفهم بأنهم “متعطشون للعدالة”.
مكتب للمحكمة في إفريقيا الوسطى
كانت المحكمة الجنائية الدولية قد قامت بإنشاء مكتبا ًميدانيا ًفي جمهورية أفريقيا الوسطى في عام ٢٠٠٧، بهدف زيادة الوعي والفهم العام بين عامة الناس في جمهورية أفريقيا الوسطى لولاية المحكمة الجنائية الدولية ودورها ووظائفها وأنشطتها، بما في ذلك عملياتها المحددة في جمهورية أفريقيا الوسطى، وضمان تزويد المهنيين العاملين في وسائل الإعلام المحلية بتحديثات سريعة ودقيقة حول التطورات القانونية، حتى يتمكنوا بدورهم من إبقاء الجمهور على إطلاع، وذلك من خلال ثلاث مراحل أساسية ترتكز على تقديم معلومات عن المحكمة الجنائية الدولية وقضية “بيمبا”، مع جعل الإجراءات في متناول السكان المتضررين في بانغي، فضلًا عن إطلاق سلسلة إذاعية بعنوان فهم المحكمة الجنائية الدولية، تبث باللغة المحلية، وأخرى بعنوان “اسأل المحكمة”، تبث باللغة الفرنسية؛ وثالثا،ً توسيع نطاق ورش العمل التوعوية والاجتماعات التفاعلية.
المحكمة الجنائية الخاصة
لم تكد تنتهي موجة العنف الأولى التي تدخلت على أثرها المحكمة الجنائية الدولية في جمهورية إفريقيا الوسطى وقامت بمحاكمة “بيمبا”، ظهر صراع جديد على الساحة المحلية في عام ٢٠١٢ بين المتمردين من سيليكا الذين يغلب عليهم المسلمون وميليشيات أنتي بالاكا التي يغلب عليها المسيحيون، بتورط من بعض أفراد من القوات المسلحة لجمهورية أفريقيا الوسطى، وقد تولت سيليكا السلطة في عهد الرئيس جوتوديا في مارس ٢٠١٣، قبل أن تجبرها الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا على التخلي عنها بعد استقالة جوتوديا في يناير٢٠١٤. ومع كفاح سيليكا التي يغلب عليها المسلمون بقيادة ميشيل جوتوديا لترسيخ أقدامها في السلطة بعد استيلائها على السلطة في مارس ٢٠١٣، انتشر الصراع بين عامة السكان، وتحول إلى صراع بين المزارعين المسيحيين والرعاة والبدو المسلمين في الريف والقرى، مما حول هذه المناطق إلى مواقع للعنف والمعاناة، وهو ما دعا عد من المنظمات لاعتبار أن الانتهاكات التي حدثت خلال ذلك الصراع ربما ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وهي تشمل القتل والتعذيب وغير ذلك من أشكال المعاملة اللاإنسانية، والعنف الجنسي على نطاق واسع بما في ذلك الاغتصاب، والزواج القسري، وتجنيد الأطفال كمقاتلين، والهجمات على العاملين في المجال الإنساني بما في ذلك القتل، ونهب الممتلكات الخاصة، وهو ما دفع لنزوح أكثر من مليون مواطن داخليًا.
محاكمة قائد السيليكا
في ٧ يناير من عام ٢٠١٩، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقف بحق “محمد سعيد عبدالغني”، القائد في جماعة “سيليكا”، ووجهت إليه تهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، التعذيب، الإخفاء القسري، ارتكاب جرائم حرب في جمهورية أفريقيا الوسطى خلال الصراع الممتد بين عامي ٢٠١٢ و٢٠١٣.
تشكيل المحكمة الجنائية الخاصة
كرد فعل على أعمال العنف واسعة النطاق التي شهدتها جمهورية إفريقيا الوسطى، أعلنت “فاتو بنسودا”، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، في فبراير ٢٠١٤ أنها ستطلق تحقيقا ًأوليا ًفي جرائم العنف التي وقعت بالبلاد، وفي سبتمبر ٢٠١٤، فتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تحقيقا ً ثانيا ًفي جمهورية أفريقيا الوسطى للمرة الثانية، بالتوازي مع عمل الأمم المتحدة على إعداد اقتراح مواز لإنشاء محكمة متخصصة تتمتع بالاختصاص القضائي على الجرائم الدولية، وفي أغسطس ٢٠١٤ وقعت الأمم المتحدة والسلطات في جمهورية أفريقيا الوسطى مذكرة تفاهم بخصوص إنشاء “المحكمة الجنائية الخاصة”.
تُعتبر المحكمة الجنائية الخاصة محكمة محلية تعمل على أساس التشريعات في أفريقيا الوسطى المندمجة بالكامل في السلطة القضائية للبلاد، لذلك يمكن أن يطلق عليها محكمة مختلطة أنشئت للتحقيق في جرائم العنف ومحاكمة مرتكبيها داخل البلاد، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. تأسست المحكمة عام ٢٠١٥ بموجب قانون صادر عن برلمان إفريقيا الوسطى، نتيجة أعمال العنف التي شهدتها البلاد منذ عام ٢٠١٣، والتي تضمنت صراعات مسلحة وأعمال عنف طائفية واسعة بين جماعتي السيليكا وأنتي بالاكا.
إن تنظيم المحكمة الجنائية الدولية للاختصاص المشترك أمر بالغ الأهمية لكل من المدعي الخاص وقواعد التكامل التي تنتهجها المحكمة الجنائية الدولية. ونظرا ًلحجم الجرائم في جمهورية أفريقيا الوسطى، فقد قرر واضعو مشروع القانون عدم منح المحكمة الجنائية الدولية الاختصاص الحصري فيما يتصل بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. مع ملاحظة أن مع العلم بأنه يحظر قانون العقوبات في جمهورية أفريقيا الوسطى العفو عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
نص قانون المحكمة الجنائية الخاصة المحكمة الجنائية أن المحكمة الجنائية الدولية لها الأولوية، وهو ما يعني أنه “في حالة نشوء تضارب في الاختصاص مع محكمة وطنية أخرى، فإن المحكمة الجنائية الدولية لها الأولوية في إجراء التحقيقات الجنائية والتحقيقات السابقة للمحاكمة، والفصل في الجرائم والجرائم ذات الصلة التي تندرج ضمن اختصاصها.
تشكيل المحكمة الجنائية الخاصة
تُعد المحكمة الجنائية الخاصة في جمهورية أفريقيا الوسطى مثال على محكمة مختلطة أنشئت للتحقيق في الجرائم الدولية المرتكبة في جمهورية أفريقيا الوسطى منذ يناير٢٠٠٣ حتى صراع ٢٠١٣ /٢٠١٢ وملاحقة مرتكبيها، وتعمل المحكمة الجنائية الخاصة بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية، وتمثل تجربة عملية لنظام التكامل الذي تتبناه المحكمة الجنائية الدولية، وذلك لولاية مدتها خمس سنوات وتعتبر مزيج من الموظفين المحليين والدوليين، فضلا ًعن تطبيقها لمزيج من القوانين الوطنية لجمهورية أفريقيا الوسطى والقانون الدولي. يعتبر عنصر الاختلاط بين الخبرات المحلية والدولية عنصر يعزز من التعاون والتضامن بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية في تعزيز القانون الدولي لحقوق الإنسان داخل المحكمة المختلطة، حيث أنه في بعض الأحيان خاصة بالقارة الإفريقية ينُظر إلى أدوات المساءلة الوطنية على أنها غير شرعية في الدول التي تعاني من ضعف أنظمة العدالة بسبب الخوف من تدخل الحكومة وتحيز القضاء، أما بالنسبة للمحاكم الدولية يرى البعض أن آليات العدالة الدولية تفتقر إلى الشرعية بسبب المسافة )الثقافية والجسدية( من المجتمع المتضرر وعدم الثقة في الآلية بسبب الروابط الاستغلالية والاستعمارية التي عانت منها إفريقيا ومازلت علاقة في وجدان شعوبها، لذلك فأن المحكمة المختلطة تقف كمشروع مشترك بين المجتمع الدولي والمحلي، وتقدم حلا ًوسطاً بين الطرفين، حيث أن وجود جهات فاعلة دولية في محكمة مختلطة يعزز من تصور الاستقلال والنزاهة، في حين تعمل الدولة المضيفة كشريك على تعزيز الشعور بمحلية عملية المساءلة.
تُعتبر المحكمة الجنائية الخاصة جزءا ًمن “النظام القضائي لأفريقيا الوسطى” وهي مساوية للمحاكم الجنائية الأخرى، حيث تم دمجها بشكل كامل في النظام القانوني لأفريقيا الوسطى، وتُطبق المعايير الدولية في المحكمة حتى مع وجود بعض الفجوات أو التناقضات في التشريعات المحلية المعمول بها، حيث يميزها آنها تعد مزج بين القانون الدولي والقانون الوطني، يأتي موظفيها القضائيين من خارج جمهورية أفريقيا الوسطى مع الاستعانة بعض العناصر الداخلية، لذلك تعتبر المحكمة الجنائية الدولية الخاصة محكمة تعمل على أساس قانون وطني.
توضح مذكرة التفاهم الموقعة في أغسطس ٢٠١٤ بين الأمم المتحدة والحكومة الانتقالية في جمهورية أفريقيا الوسطى التكوين المختلط للمحكمة، حيث تتألف أغلبية القضاة من أفريقيا الوسطى وأقلية من الموظفين الدوليين، مع إجراءات مفصلة لحل النزاعات على كل مستوى.
ينص قانون المحكمة على إنشاء أربعة أجهزة: المحكمة، مقسمة إلى أربع غرف قضائية، وقلم المحكمة، ومكتب المدعي العام الخاص، ووحدة خاصة للشرطة القضائية. تتألف غرفة التحقيق في الجرائم الجنائية من أربع غرف: غرفة التحقيق قبل المحاكمة، وغرفة الاتهام الخاصة، وغرفة المحاكمة، وغرفة الاستئناف، وهي مصممة على غرار النظام الفرنسي للتحقيق حيث يتمتع المدعي العام والقضاة بسلطات واسعة النطاق للتحقيق في الجرائم، ويجب أن يتضمن تكوين جميع هيئات صنع القرار في المحكمة الجنائية الدولية وسجلها عضوا دوليًا واحدًا على الأقل ترشحه بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى، وعلى الرغم من أن وحدة الشرطة القضائية الخاصة تعمل كجهاز تحقيق أساسي، إلا أنها تخضع للمدعي العام الخاص والقضاة، سيكون النائب العام الخاص من الشخصيات الدولية ، في حين سيكون نائب المدعي العام الخاص مواطناً من جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث يوضح قانون المحكمة الجنائية الخاصة أنه يجب الحفاظ على التكافؤ بين المدعين العامين الوطنيين والدوليين في عملية التعيين.
اختصاصات المحكمة
تتمتع المحكمة الجنائية الخاصة بسلطة قضائية واسعة النطاق في موضوعات محددة، حيث يحق لها التحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني وملاحقة مرتكبيها ومحاكمتهم، وخاصة جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، حيث تتم معاقبة مرتكبي تلك الجرائم الدولية بالتساوي بموجب قانون العقوبات في جمهورية أفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى ذلك تتمتع المحكمة الجنائية الخاصة بسلطة مقاضاة التعذيب باعتباره جريمة دولية منفصلة، مستعينة في ذلك بالقواعد القانونية المحلية في جمهورية إفريقيا الوسطى المتعلقة بقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية. يعود تاريخ الاختصاص الزمني للمحكمة الجنائية الخاصة، إلى الأول من يناير ٢٠٠٣، مما يُتيح المجال أمام المدعي العام الخاص للتحقيق في الجرائم المرتكبة أثناء حكم فرانسوا بوزيزي رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى السابق من عام ٢٠٠٣، حيث تتمتع هذه المحكمة بفترة مستقبلية غير محدودة، مما يسمح للمحكمة بمقاضاة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تحدث في أراضي جمهورية أفريقيا الوسطى، مع استمرار الجماعات المسلحة في تنفيذ الهجمات ضد المدنيين.
تُغطي الولاية القضائية الإقليمية للمحكمة الجنائية الخاصة الجرائم المرتكبة على أراضي جمهورية أفريقيا الوسطى وكذلك “أعمال المشاركة والتواطؤ المرتكبة على أراضي الدول المجاورة التي وقعت معها جمهورية أفريقيا الوسطى اتفاقيات المساعدة القانونية المتبادلة، حيث إن بعض الدول المجاورة كانت مصدراً لرجال الميليشيات أو ربما كانت تستضيف هجمات أو أعمال العدائية في جمهورية أفريقيا الوسطى.
التحديات التي تواجه المحكمة
تعتمد المساندة الشعبية لعمل المحكمة الدولية الخاصة على الدعم الشعبي والإرادة السياسية للدولة المضيفة، لذلك يمكن ان تتغير الظروف السياسية من وقت لأر مما يحد من تحركات المحكمة وقبولها الشعبي، قد تتحول ميزة التكوين المختلط للمحكمة من قضاة دوليين إلى سلبية بدلًا في حال عدم المقدرة من الاستفادة من نقل الخبرات والمهارات بين الطرفين، فضلًا عما يمكن أن يسببه ذلك من علاقات متوترة قد تؤثر على سير عمل المحكمة ويهدد التضامن بين أعضائها، يؤدى الافتقار إلى الإرادة السياسية والدعم المؤسسي للمحكمة انطباع سيء لدى الجماهير بأن العدالة فاسدة وغير قابلة للتحقيق، كما أن صعوبة إجراء التحقيقات والاستماع للشهود أو تخوفهم على حياتهم وحياة عائلاتهم، يعتبر أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها المحكمة الجنائية الدولية الخاصة، خاصة خلال الفترات التي تشهد زيادة الصراع وأعمال العنف داخل المجتمع وغياب سلطات تنفيذ القانون، وهو ما حدث في جمهورية إفريقيا الوسطى التي تسيطر فيه الجماعات المسلحة على ٧٠٪ من أراضيه، بالتوازي مع فشل الحكومة في توفير الأمن للمواطنين، وهو ما دفع بعض المواطنين إلى تشكيل مجموعات مسلحة لضمان حمايتها، مما أدى إلى زيادة أعمال العنف في البلاد.
كما يعتبر موجات النزوح الجماعي للمواطنين خلال الصراع من أعم المعضلات التي تواجه عمل المحكمة بسبب هروب الضحايا أو الشهود أو نتيجة للصدمة والخوف الذي يشعر به بعض ضحايا الانتهاكات، كما في حالة ضحايا الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي المرتبط بالصراع، وهو ما حدث في جمهورية أفريقيا الوسطى، فضلا عن أن هناك عدد من مرتكبي الانتهاكات غادروا البلاد بينما توفي بعضهم وضحاياهم. في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة، من الصعب إجراء التحقيقات من جانب المحكمة الجنائية الدولية، بسبب حماية تلك الجماعات للمتهمين أو عدم تعاونهم مع المحكمة، مع احتمالية تدمير أو العبث ببعض الأدلة الوثائقية والمادية اللازمة لمقاضاة الجناة.
يرتبط التحدي المتمثل في الصراع المستمر بتعدد الجماعات المسلحة المتعددة في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث أكدت الأمم المتحدة في تقريرها عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان بين عامي ٢٠٠٣ و٢٠١٥ وجود صراعات مسلحة متعددة، بين أكثر من أربع عشرة جماعة مسلحة على أراضي البلاد، بين بعضها البعض داخل البلاد أو بين بعضها وبعض العناصر الخارجية من خارج الدولة، وهو ما جعل هناك تعدد خطير وواسع للانتهاكات التي حدثت ضد المواطنين، حيث رصد تقرير الأمم المتحدة حدوث ٦٢٠ انتهاكا ًلحقوق الإنسان وانتهاكا ًللقانون الإنساني الدولي في جمهورية أفريقيا الوسطى خلال الفترة من يناير ٢٠٠٣ إلى ديسمبر ٢٠١٥، مع ملاحظة بأنه عانت الأمم المتحدة من رصد الانتهاكات بشكل دقيق بسبب صعوبة الوصول إلى بعض مناطق الصراع ونزوح الضحايا والشهود نتيجة لأعمال العنف التي تعرضوا لها، وهو ما يشير إلى أن الرقم السابق قد يكون أقل من الرقم الحقيقي بشكل كبير.
قائمة المراجع
Documents:
- , International Criminal Court, Bemba Case, ICC-01/05-01/08, 1 Dec 2024
https://www.icc-cpi.int/car/bemba
- , International Criminal Court, PRE-TRIAL CHAMBER III, No: ICC-01/05, 23 May 2008
https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/CourtRecords/CR2008_03723.PDF
- , International Criminal Court, Said Case, ICC-01/14-01/21, 2 Dec 2024
https://www.icc-cpi.int/carII/said
- , International Criminal Court, TRIAL CHAMBER III, ICC-01/05-01/08, 21 March 2016
https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/CourtRecords/CR2016_02238.PDF
- , International Criminal Court, THE APPEALS CHAMBER, ICC-01/05-01/08 A, 8 June 2018
https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/CourtRecords/CR2018_02984.PDF
Articles:
- Godfrey Musila, The Special Criminal Court and Other Options for Accountability in the Central African Republic: Legal and Policy Recommendations, in The International Nuremberg Principles Academy (Amsterdam: Elsevier, Paper No. 2,13 Apr 2016)
http://dx.doi.org/10.2139/ssrn.2762813
- Marlies Glasius, Global Justice Meets Local Civil Society: The International Criminal Court’s Investigation in the Central African Republic, in the Alternatives (USA: Sage Publications, V. 33, No. 4, Dec 2008) PP. 413-433
https://www.jstor.org/stable/40645249
- Marlies Glasius, ‘We ourselves, we are part of the functioning’: The ICC, victims, and civil society in the Central African Republic Get access Arrow, in The African Affairs (UK: Oxford University, V. 108, No. 430, January 2009) PP. 49–67
https://doi.org/10.1093/afraf/adn072
- Patryk I. Labuda, The Special Criminal Court in the Central African Republic: Failure or Vindication of Complementarity?, in The Journal of International Criminal Justice (Amsterdam: Elsevier, V. 15, N. 1,1 May 2017) PP. 175-206
https://ssrn.com/abstract=2883243
- Patrick Vinck and Phuong N. Pham, Outreach Evaluation: The International Criminal Court in the Central African Republic, in The International Journal of Transitional Justice (UK: Oxford University, V. 4, No. 3, November 2010) PP. 421–442
https://doi.org/10.1093/ijtj/ijq014
Reports:
- Valérie Arnould, Untangling Justice, Peace and Amnesties in the Central African Republic, in The Africa policy brief (Belgium: Royal Institute for International Relations, N. 23, 12 February 2019)
https://www.egmontinstitute.be/app/uploads/2019/02/Justice-Peace-and-Amnesties-in-CAR_APB_Feb19.pdf
Internet resources:
- Bemba case: Four suspects arrested for corruptly influencing witnesses; same charges served on Jean-Pierre Bemba Gombo, International Criminal Court, 24 November 2013
- ICC Arrest Jean-Pierre Bemba – massive sexual crimes in Central African Republic will not go unpunished, International Criminal Court, 24May 2008
- ICC – Prosecutor receives referral concerning Central African Republic, International Criminal Court, 7 January 2005
https://www.icc-cpi.int/news/icc-prosecutor-receives-referral-concerning-central-african-republic
- ICC Trial Chamber III sentences Jean-Pierre Bemba Gombo to 18 years’ imprisonment for war crimes and crimes against humanity committed in the Central African Republic in 2002-2003, International Criminal Court, 21 June 2016
- Prosecutor opens investigation in the Central African Republic, International Criminal Court, 22 May 2007
https://www.icc-cpi.int/news/prosecutor-opens-investigation-central-african-republic