الدراسات البحثيةالمتخصصة

انعكاسات الأزمة الروسية الأوكرانية على الشراكة الروسية الصينية 2022-2024

اعداد : ساندرا العموش – المركز الديمقراطي العربي

 

الملخص :

هدفت هذه الدراسة إلى بيان انعكاسات الأزمة الروسية الأوكرانية (2022-2024) على الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين، كما سعت الدراسة إلى تقييم تأثير العقوبات الغربية على تعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين موسكو وبكين، واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي لتفسير التحولات الراهنة في العلاقات الروسية الصينية، إلى جانب منهج النظام العالمي لفهم تفاعل هذه الشراكة مع التوازنات الدولية وتأثيرها في موازين القوى العالمية، وتوصلت الدراسة إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية عززت الشراكة الروسية الصينية، حيث أصبحت الصين الشريك الاقتصادي والسياسي الرئيسي لروسيا، مما ساعد الأخيرة على تجاوز العقوبات الغربية وتقليل آثار العزلة الدولية المفروضة عليها، كما أظهرت الدراسة أن هذه الشراكة تسهم في الدفع نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب، إلا أنها تواجه تحديات تتعلق بالتنافس الجيوسياسي، وأوصت الدراسة بضرورة تطوير آليات اقتصادية ومالية بديلة عن النظام المالي الغربي، وتعزيز الدراسات حول مستقبل العلاقات الروسية الصينية وتأثير التغيرات الجيوسياسية عليها.

The study aimed to examine the implications of the Russia-Ukraine crisis (2022-2024) on the strategic partnership between Russia and China. It also sought to assess the impact of Western sanctions on enhancing economic and technological cooperation between Moscow and Beijing. The study employed the descriptive-analytical approach to interpret the current transformations in Russia-China relations, along with the world-system approach to understand how this partnership interacts with global balances and influences the distribution of power worldwide. The study concluded that the Russia-Ukraine crisis has strengthened the Russia-China partnership, positioning China as Russia’s primary economic and political partner, helping Moscow mitigate the effects of Western sanctions and reducing its international isolation. Furthermore, the study highlighted that this partnership contributes to the shift towards a multipolar global order, despite facing geopolitical competition challenges. The study recommended the development of alternative economic and financial mechanisms to counter Western financial systems and emphasized the need for further research on the future of Russia-China relations and the impact of geopolitical shifts on this partnership.

المقدمة

شهدت العلاقات الروسية الصينية تطورًا ملحوظًا على مدار العقود الماضية، إذ مرت بعدة مراحل مفصلية بدءًا من الحرب الباردة وصولًا إلى الألفية الجديدة، وقد تأثرت هذه العلاقة بالتحولات الدولية الكبرى، مما دفع البلدين إلى تعزيز شراكتهما الاستراتيجية في مختلف المجالات، فمنذ عام 2000، شهدت العلاقات الثنائية تطورًا ملحوظًا، حيث اتجهت نحو تعاون اقتصادي وأمني أكثر عمقًا، انعكس على السياسات الخارجية لكل من موسكو وبكين.

ومثلت الأزمة الروسية الأوكرانية، التي اندلعت في عام 2022، نقطة تحول جوهرية في مسار هذه الشراكة، حيث أفرزت تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية ألقت بظلالها على العلاقات الثنائية، فقد أدى تصاعد الضغوط الغربية والعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا إلى تقارب أكبر مع الصين، التي سعت إلى تحقيق توازن بين مصالحها الاقتصادية والتزاماتها الدولية، كما انعكس ذلك على التعاون العسكري والأمني بين البلدين، حيث عززت الأزمة توجهاتهما المشتركة لمواجهة التحديات الجيوسياسية.

وعوضا عما سبق، فقد أثرت العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي، مما دفع موسكو إلى البحث عن بدائل جديدة لتعويض خسائرها، وكان للصين دور بارز في هذا السياق، فقد شهد التعاون التكنولوجي بين البلدين تقدمًا ملحوظًا، خاصة في ظل محاولات روسيا تقليل اعتمادها على التكنولوجيا الغربية، كما لعبت الصين دورًا أساسيًا في دعم الاقتصاد الروسي عبر التجارة والاستثمارات الثنائية، ما ساهم في إعادة تشكيل ديناميكيات التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وفي ظل هذه التطورات، برزت الشراكة الروسية الصينية كأحد العوامل المهمة في إعادة تشكيل النظام العالمي باتجاه تعددية الأقطاب، فقد تبنت الدولتان استراتيجيات مشتركة لمواجهة الهيمنة الغربية، وعملتا على تعزيز نفوذهما في المنظمات الدولية والإقليمية، ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه هذه الشراكة، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي.

مشكلة الدراسة:

واجهت الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين تحولات كبيرة في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية التي اندلعت في عام 2022، إذ أن هذه الأزمة أدت إلى تغييرات جوهرية في التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري بين البلدين، كما جاءت هذه التحولات في ظل الضغوط المتزايدة من قبل الدول الغربية، التي فرضت سلسلة من العقوبات الاقتصادية والتكنولوجية على روسيا، ما دفع كلا البلدين إلى إعادة تقييم استراتيجياتهما وتعديل توجهاتهما في مجالات عدة، ما عزز من دور الصين كشريك رئيسي في مواجهة تلك الضغوطـ، وفي ظل التحولات الدولية المتسارعة وتنافس القوى الكبرى على إعادة تشكيل النظام العالمي، أصبحت الشراكة بين روسيا والصين أحد الركائز الأساسية في مواجهة تلك التحولات الهيكلية التي تشهدها العلاقات الدولية، وقد أدت التطورات الراهنة، بما في ذلك الأزمة الروسية الأوكرانية، إلى إعادة توزيع موازين القوى وتعديل السياسات التقليدية، مما استدعى إعادة توازن المصالح وتعزيز التعاون الثنائي كخطوة استراتيجية لإعادة هيكلة النظام الدولي بما يتماشى مع الرؤية المشتركة لكلا البلدين، اللذان يسعيان إلى تنسيق استراتيجياتهما ومواجهة التغيرات المتسارعة في البيئة الدولية.

أسئلة الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلى الإجابة على الأسئلة التالية:

  1. كيف تطورت العلاقات الروسية الصينية منذ الحرب الباردة وحتى بداية الألفية الجديدة، وما هي السمات المميزة للشراكة الاستراتيجية خلال الفترة 2000-2020؟
  2. ما هي الانعكاسات السياسية والاقتصادية والعسكرية للأزمة الروسية الأوكرانية (2022-2024) على العلاقات الثنائية بين روسيا والصين؟
  3. كيف أثرت العقوبات الغربية في تعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين روسيا والصين؟
  4. بأي شكل تسهم الشراكة الروسية الصينية في إعادة تشكيل النظام العالمي متعدد الأقطاب، وكيف تساعد في مواجهة الضغوط الغربية؟
  5. ما هي الفرص والتحديات المستقبلية التي قد تواجه الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين، وما هو مستقبل العلاقات الثنائية في ضوء هذه المتغيرات؟

أهداف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية:

  1. دراسة تطور العلاقات الروسية الصينية منذ فترة الحرب الباردة وحتى بداية الألفية الجديدة، مع تحديد السمات المميزة للشراكة الاستراتيجية خلال الفترة 2000-2022.
  2. تحليل الانعكاسات السياسية والاقتصادية والعسكرية للأزمة الروسية الأوكرانية (2022-2024) على العلاقات الثنائية بين روسيا والصين.
  3. تقييم تأثير العقوبات الغربية في تعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين روسيا والصين.
  4. دراسة الدور الذي تلعبه الشراكة الروسية الصينية في إعادة تشكيل النظام العالمي متعدد الأقطاب وفي مواجهة الضغوط الغربية.
  5. استشراف الفرص والتحديات المستقبلية التي قد تواجه الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين، وتحديد مستقبل العلاقات الثنائية في ضوء هذه المتغيرات.

أهمية الدراسة:

تنقسم أهمية هذه الدراسة إلى بعدين رئيسيين: العلمي والعملي، كما يلي:

الأهمية العلمية:

تساهم الدراسة في سد الفجوة البحثية حول تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على الشراكة بين روسيا والصين، خاصة في فترة شهدت تغيرات جذرية في طبيعة العلاقات بينهما، كما تساعد على تعميق فهم الباحثين للعوامل التي حفزت الطرفين على تعزيز تعاونهم في المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية والتكنولوجية. كما تُثري الدراسة المكتبة العلمية في مجالات العلاقات الدولية والسياسة الخارجية.

الأهمية العملية:

تقدم الدراسة رؤية تحليلية شاملة تهم صانعي القرار والخبراء في ميادين السياسة الدولية، فهي توضح كيف يمكن للتحالفات الاستراتيجية أن تؤثر في موازين القوى العالمية وتعيد تشكيل النظام الدولي، كما تمنح الدراسة فرصة للدول الأخرى لفهم أبعاد الشراكة الروسية الصينية وآثارها على الأمن والاستقرار الدوليين في ظل تصاعد التوترات العالمية، وتطرح توصيات عملية لصياغة سياسات تتماشى مع الديناميكيات المتغيرة في النظام العالمي.

فرضية الدراسة:

تقوم فرضية الدراسة على أن الأزمة الروسية الأوكرانية ترتبط ارتباطًا إيجابيًا بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين خلال الفترة من 2022 إلى 2024، وتتفرع من هذه الفرضية الافتراضات الفرعية التالية:

  1. أدت العقوبات الغربية المفروضة على موسكو نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، إلى زيادة التعاون الاقتصادي بين روسيا والصين.
  2. أسهمت الأزمة الروسية الأوكرانية، في تعزيز التعاون السياسي والعسكري بين روسيا والصين عبر دفعهما إلى مواجهة الضغوط الخارجية المشتركة.

مصطلحات الدراسة:

الانعكاسات: هي الآثار أو النتائج المترتبة على حدث أو ظاهرة معينة، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، وتأثيراتها تمتد إلى مجالات متعددة كالسياسة والاقتصاد والمجتمع، وتُعتبر هذه النتائج نتيجة تفاعلية بين الظاهرة المدروسة والعوامل المحيطة بها[1].

الأزمة: تتمثل في اللحظة الحاسمة التي يتحدد فيها مسار مستقبل معين، وتشكل مرحلة تصعيد تتطلب استجابة عاجلة، في السياق الدولي، تعد الأزمة مجموعة من الأحداث المفاجئة التي تؤدي إلى زيادة التوترات والتهديدات، مما يجبر صناع القرار على اتخاذ خيارات حاسمة[2].

الشراكة: هي العلاقة التعاونية بين طرفين أو أكثر لتحقيق أهداف مشتركة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، وتعتمد على تقاسم المسؤوليات والموارد والخبرات لضمان تحقيق منفعة متبادلة واستدامة التعاون[3].

الأزمة الروسية الأوكرانية: وهي المواجهة العسكرية التي بدأت في أواخر أكتوبر 2021، والتي تصاعدت بتعبئة روسيا لآلاف الجنود والمعدات العسكرية بالقرب من حدود أوكرانيا، وقد أدت هذه التطورات إلى توترات دولية واسعة شملت الولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والاتحاد الأوروبي، ورابطة الدول المستقلة[4].

منهجية الدراسة:

تماشيًا مع طبيعة الدراسة ومحتواها، تم توظيف مجموعة من مناهج البحث العلمي المرتبطة بتحليل الظواهر والدراسات السياسية، والتي تستند إلى أسلوب علمي ومنهجي رصين، ومن أبرز هذه المناهج:

المنهج الوصفي التحليلي:

يركز هذا الأسلوب على وصف الظواهر والإجابة عن أسئلة رئيسية مثل: “ماذا حدث؟”، بالإضافة إلى أسئلة فرعية تتعلق بزمن ومكان وكيفية حدوث الظاهرة، وسيتم الاعتماد على هذا المنهج لفهم الظواهر الراهنة المرتبطة بالعلاقات الثنائية بين روسيا والصين، من خلال وصف الوضع الحالي وتحليل الأبعاد المختلفة للأزمة، سواء كانت سياسية، اقتصادية، أو عسكرية، بالإضافة إلى أنه سيتم جمع أكبر قدر ممكن من البيانات المتعلقة بالتحولات التي طرأت على الشراكة الروسية الصينية أثناء الأزمة.

منهج النظام العالمي:

يُعد أداة علمية مهمة لتحليل الظواهر المعقدة والمترابطة في العلاقات الدولية، ويتميز هذا المنهج بالتركيز على أنظمة العالم بدلاً من الدول الوطنية، وسيتم توظيف هذا المنهج لفهم كيف تتفاعل العلاقات الثنائية بين روسيا والصين مع الديناميكيات العالمية، خاصة في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، لذا يتم استخدامه لدراسة دور الشراكة في تعزيز نظام عالمي متعدد الأقطاب، وتقييم كيف تؤثر الضغوط الغربية على التفاعلات بين البلدين وبقية العالم، كما سيساعد هذا المنهج في استكشاف العلاقات بين المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، من خلال تحليل كيفية مساهمة الشراكة الروسية الصينية في إعادة تشكيل موازين القوى العالمية.

ثانيا: الدراسات السابقة

أ. الدراسات العربية:

دراسة ديابات (2024)[5]، تناولت هذه الدراسة الموقف الصيني من الأزمة الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير 2022، مع تحليل المحددات الداخلية والخارجية التي شكلت هذا الموقف، واعتمدت الدراسة على المنهج التحليلي وإطار المصلحة الوطنية لفهم قرارات الصين، وخلصت إلى أن الصين اعتمدت سياسة متوازنة تجمع بين دعم تحالفها مع روسيا والحفاظ على مصالحها الاقتصادية والسياسية مع الغرب، مع توخي الحذر لتجنب التورط المباشر في الأزمة، وأوصت الدراسة بمزيد من البحث حول تداعيات الأزمة على النظام الدولي وإعادة تشكيل توازن القوى.

دراسة سيف (2024)[6]، هدفت الدراسة إلى استكشاف الدوافع والعوامل التي تكمن وراء تطور العلاقات الصينية الروسية، مع تسليط الضوء على توجههما نحو إنشاء نظام دولي متعدد الأقطاب، واستخدمت الدراسة المنهج التاريخي لتتبع تطور العلاقات والتحليل الاستقرائي لاستشراف مستقبل التعاون، لتوصل إلى أن التعاون الاستراتيجي بين البلدين يمتد عبر المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، مما يعزز قدرتهما على مواجهة الهيمنة الأمريكية، كما أوصت الدراسة بمواصلة تعزيز التعاون لمواجهة التحديات الدولية.

دراسة جعفر (2024)[7]، ركزت الدراسة على تحليل تطور العلاقات الاقتصادية بين روسيا والصين في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية، مع تسليط الضوء على تأثير العقوبات الغربية على موسكو، ومن خلال استخدام المنهج الوصفي التحليلي، تبين أن الأزمة دفعت البلدين إلى تعزيز شراكتهما الاقتصادية، حيث أصبحت الصين مستوردًا رئيسيًا للطاقة الروسية، وتم تقليل الاعتماد على الدولار في التجارة الثنائية، وقدمت الدراسة توصيات لإبرام المزيد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي.

دراسة (عبدالله، 2024)[8]، هدفت الدراسة إلى تحليل توجه القوى الدولية الجديدة نحو تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب بدلاً من النظام الأحادي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال دراسة التحولات السياسية والاقتصادية في الفترة (2011-2023)، واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي، وقد أظهرت النتائج أن الاتجاه نحو التعددية القطبية يتميز بإعادة توزيع الأدوار والقوى بين الدول الكبرى والمؤسسات الدولية، وبناءً على ذلك، أوصت الدراسة بضرورة تعزيز الشراكات بين هذه القوى لمواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية التي يفرضها النظام الدولي الحالي.

دراسة (قصعة، 2023)[9]، ركزت الدراسة على رصد التقارب بين روسيا والصين لتحقيق الرخاء المشترك وتأثيره على التوازنات الدولية، واستُخدمت مقاربة الدور والتحليل النظمي، وأظهرت النتائج أن هذا التقارب يُعد حجر الأساس لتأسيس نظام عالمي متعدد الأقطاب، خاصة من خلال تعزيز التنسيق في منظمات مثل بريكس ومنظمة شنغهاي، وأوصت بتطوير آليات فعالة لتعزيز التعاون الثنائي بما يضمن تحقيق أهداف استراتيجية مشتركة في مواجهة التحديات الدولية.

دراسة (جين، 2022)[10]، هدفت الدراسة إلى القاء الضوء على تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الصين، مع التركيز على التفاهمات والشكوك المحيطة بالموقف الصيني، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، وأظهرت النتائج أن الصين تواجه وضعاً استراتيجياً معقداً يتطلب توازناً دقيقاً، مما أدى إلى توصيات بمتابعة التطورات الدقيقة للأزمة وتحليل دور الصين في تحقيق هذا التوازن.

دراسة (Atwan, 2023)[11]، هدفت الدراسة إلى استشراف مستقبل العلاقات الروسية الصينية في ظل الحرب الأوكرانية، مع التركيز على دور هذا التحالف في تشكيل نظام عالمي جديد يتجاوز الهيمنة الأحادية القطبية للنظام الرأسمالي الغربي، واعتمدت الدراسة على منهج تحليلي لتقييم الأهمية الاقتصادية والعسكرية للعلاقة، واستعرضت المؤشرات العامة التي تدعم التعاون الاستراتيجي بين البلدين، وأظهرت النتائج إمكانيات كبيرة لتوسيع نطاق التعاون الثنائي، مما دفع الدراسة إلى التوصية بتعزيز هذه الشراكة لتقوية الموقف الدولي للبلدين.

دراسة (Andersson, 2023)[12]، هدفت الدراسة إلى تحليل حدود الدعم السياسي الذي تقدمه الصين لروسيا في سياق الحرب الأوكرانية، مع التركيز على توافق السرديات الصينية مع الرواية الروسية وتأثير ذلك على العلاقات الدولية، واستخدمت الدراسة المنهج التحليلي، وأظهرت النتائج أن الصين تقدم دعماً استراتيجياً لروسيا في مواجهة الهيمنة الأمريكية، مع وضع قيود واضحة مثل رفض التهديدات النووية واحترام سيادة أوكرانيا، وقدمت الدراسة توصيات بضرورة متابعة هذا التوازن الدقيق بين الشراكة مع روسيا ومصالح الصين مع الغرب.

دراسة (Läänemets, 2023)[13]، وهدفت الدراسة إلى تحليل مصالح الصين العالمية في سياق الحرب الروسية الأوكرانية، مع التركيز على دور الشراكة الاستراتيجية مع روسيا والمشاركة في عملية السلام الأوكرانية، واستخدمت الدراسة المنهج التحليلي، وأظهرت النتائج أن الصين تسعى للحفاظ على الوضع القائم الذي يمكنها من تعزيز نفوذها على روسيا، مع السعي لنظام عالمي جديد يتجاوز الهيمنة الأمريكية، وأوصت الدراسة بمتابعة تطور العلاقة وتحليل تأثيرها على موازين القوى الدولية.

دراسة (Batran, 2022)[14]، هدفت الدراسة إلى تقديم تفسير للتحولات في هيكل النظام الدولي استناداً إلى افتراضات نظرية تحول القوة، مع التركيز على صعود الصين وروسيا وتحديهما للهيمنة الأمريكية، واستخدمت الدراسة منهجاً تحليلياً لتقييم دور القوة في تحقيق المصالح الدولية وتعزيز الحضور العالمي، وأظهرت النتائج وجود علاقة وثيقة بين القدرات القوية للدول في تحقيق مصالحها وإعادة تشكيل النظام الدولي، وكما أشارت الدراسة إلى أن محاولة الولايات المتحدة التقارب مع الصين تهدف لتجنب تشكيل تحالف صيني-روسي ضد مصالحها، وقدمت الدراسة توصيات لمتابعة هذه التحولات وتأثيرها على النظام الدولي في المستقبل.

أولا: تطور الشراكة الروسية الصينية 2000- 2022

شهدت العلاقات الروسية الصينية، تطورا غير مسبوق في تاريخ العلاقة بين البلدين منذ وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الحكم عام 2000، حيث أسست الدولتان إطارًا قانونيًا جديدًا للتعاون عبر توقيع معاهدة التعاون وحسن الجوار في يوليو 2001، والتي جاءت لتحل محل المعاهدة الموقعة عام 1949 التي لم تجدد بسبب الخلاف الحدودي الذي نشب بين البلدين عام 1969. [15]

وتستمر الاتفاقية المؤلفة من 25 بندًا لمدة 10 سنوات مع إمكانية تجديدها تلقائيا، إذ ارتكزت على بناء الثقة الهادفة إلى تنظيم الشراكة الروسية – الصينية، من خلال الالتزام بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وتحريم اللجوء إلى القوة، والتهديد باستخدامها في العلاقة الروسية – الصينية، ويتعهد فيها الطرفان أن أياً منهما لن يكون البادئ في استخدام الأسلحة النووية، وأن لا مطالب بالسيادة على أرض بينهما، كما أكدت المعاهدة على رفض انضمام أي منهما إلى  أي حلف أو كتلة، أو السماح بإقامة أي منظمة تهدد سيادة الطرف الآخر، ووحده أراضيه وأمنه[16].

وانعكست هذه المبادئ على تطور العلاقات الروسية-الصينية، حيث عززت الاتفاقية مسارات التنمية الشاملة للعلاقات الثنائية، ووفرت إطارًا للتعاون في المجالات السياسية، الأمنية، والاقتصادية، إذ وصلت العلاقات إلى مستويات غير مسبوقة، وسعت البلدان إلى حل قضايا الحدود العالقة، ودعمت كل منهما الأخرى في القضايا المتعلقة بالسيادة والأمن مما أسهم في تعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة، وبالتوازي مع ذلك أنشأت البلدين اليات اتصال منتظمة على أعلى مستوى بين قادة البلدين، وعقدت زيارات واجتماعات متكررة على مستوى رفيع، ما عزز التعاون في مجالات التجارة، الاقتصاد، الطاقة، العلوم والتكنولوجيا، وحقق فوائد ملموسة للشعبين، الأمر الذي انعكس في زيادة حجم التعاون الاقتصادي والتجاري إلى مستويات غير مسبوقة[17].

وفي إطار تنفيذ بنود المعاهدة، ثم توالت المبادرات المشتركة بين روسيا والصين،  إذ صدر بيان مشترك عن الجانبين في 1 يوليو 2005،  عبر عن الموقف الموحد للبلدين إزاء عدة قضايا دولية، بما في ذلك إصلاح الأمم المتحدة، والعولمة والتعاون بين الشمال والجنوب، والاقتصاد والتجارة العالمية، كما نفذت الدولتان أولى مناوراتهما العسكرية المشتركة باسم “رسالة السلام 2005[18]“.

وقد أدى هذا المسار التصاعدي في التعاون إلى ترقية العلاقات الثنائية إلى شراكة تعاون استراتيجية شاملة، حيث تم توقيع أكثر من 50 اتفاقية ثنائية إضافية خلال زيارة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إلى الصين عام 2009، حيث أعلن آنذاك أن العلاقات الروسية الصينية قد بلغت أعلى مستوياتها في التاريخ، وقد تزامن التحسن في العلاقات السياسية والدبلوماسية مع توسع ملحوظ في التعاون الاقتصادي والعسكري، حيث ارتفع إجمالي حجم التجارة بين البلدين من 8 مليارات دولار عام 2000 إلى 55.5 مليار دولار عام 2010، ما عكس تنامي العلاقات الاقتصادية بشكل متسارع[19].

وفي مايو 2017، أظهرت روسيا دعمًا مطلقًا لمبادرة الحزام والطريق الصينية، وهو ما شكل تحولا جوهريا في موقف موسكوـ التي كانت حذرة تجاه هذه المبادرة التي مست منطقة نفوذها التقليدية في آسيا الوسطى، وتم تأكيد هذا الموقف خلال الزيارة الرسمية التي قام بها “شي جين بينج” إلى روسيا في يوليو من نفس العام، قبيل قمة مجموعة العشرين في ألمانيا، وفي هذه المناسبة ناقش “شي” و”بوتين” تفاصيل المجالات الرئيسية للتعاون الصيني الروسي المستقبلي، مع التأكيد في الوقت نفسه على أن لديهما رؤية مشتركة للعلاقات الدولية وموقفا موحدا على الصعيدين العالمي والإقليمي[20].

وتأكيدًا على عمق العلاقات، أصدرت روسيا والصين بيانًا مشتركًا عام 2019 أعلنا فيه عن ترقية الشراكة الاستراتيجية إلى مستوى “شراكة تعاون استراتيجية شاملة لعصر جديد”، حيث وضع البيان مبادئ أساسية تحكم العلاقة بين البلدين، وتعكس مستوى غير مسبوق من التنسيق السياسي، الاقتصادي، والعسكري[21].

وفي 4 فبراير 2022، أعلن الرئيسان فلاديمير بوتين، وشي جين بينغ عن مرحلة جديدة من التعاون تحت اسم “شراكة بلا حدود”، وذلك خلال زيارة بوتين إلى بكين، وقد أكد البيان المشترك على توسيع آفاق التعاون الاستراتيجي في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصاد، والطاقة، والتكنولوجيا، والدفاع، مع التشديد على رفض التدخلات الخارجية ومعارضة توسع حلف الناتو شرقًا باعتباره تهديدًا للأمن الإقليمي[22].

ثانيا: أثر الأزمة الأوكرانية والعقوبات الغربية على الشراكة الروسية الصينية

انطلقت العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير 2022 تجاه أوكرانيا، استجابةً لما اعتبرته موسكو تهديدًا لأمنها القومي بسبب توسع حلف الناتو في المناطق المتاخمة لها، خاصة في أوكرانيا، وسعي النظام السياسي الأوكراني إلى تعزيز تحالفه مع الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة وحلف الناتو، كما أكدت روسيا أن العملية العسكرية تسعى لتحقيق في برنامج تسلح يمثل في حالة اكتماله خطرًا على أمنها الاستراتيجي، ونتيجة لذلك، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عقوبات مشددة على روسيا، كامتداد للعقوبات المفروضة عليها في عام 2014، وتضمنت استهداف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، واستهداف الصناعات الدفاعية الروسية، بما في ذلك 60 شركة تصنيع عسكري، وحظر وصولها إلى أسواق رأس المال والتكنولوجيا المتطورة، كما قامت الولايات المتحدة ومجموعة السبع بتقييد قدرة روسيا على التعامل بالدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني، وقيّد وصول روسيا إلى الأسواق المالية الأوروبية، مما شكل ضغطًا كبيرًا على الاقتصاد الروسي[23].

وفي مواجهة هذه العقوبات، سعى بوتين إلى تعزيز الشراكة مع الصين، التي تعاملت بحذر مع الأزمة خشية استعداء الغرب، لكنها وجدت في الوضع فرصة لتعزيز نفوذها الاقتصادي في روسيا، مستغلة حاجة موسكو لأسواق جديدة لتصريف مواردها الطاقية، فزادت التجارة الثنائية بين البلدين لتصل إلى 240 مليار دولار عام 2023، حيث أصبحت روسيا أكبر مورد للنفط إلى الصين، متجاوزة السعودية، بمتوسط صادرات بلغ 2.27 مليون برميل يوميًا، كما ارتفعت صادرات الغاز الروسي إلى الصين بنسبة 50% عبر خطوط الأنابيب، و44% للغاز الطبيعي المسال، ما جعل روسيا أكبر مورد للغاز عبر الأنابيب للصين، وثاني أكبر مورد للغاز المسال، إلى جانب ذلك، عزز البلدان تعاونهما في التكنولوجيا وتصنيع الأسلحة، ورغم حرص الصين على اتخاذ موقف حيادي في العلن، إلا أنها استمرت في تقديم دعم غير مباشر لموسكو عبر تعزيز العلاقات التجارية والتعاون العسكري، ما رسخ شراكة استراتيجية بين الطرفين في مواجهة الضغوط الغربية[24].

وإلى جانب الشراكة الاقتصادية، حظي التعاون العسكري بين البلدين أهمية متزايدة، خاصة بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، حيث شهدت العلاقات بين البلدين مزيدًا من التنسيق العسكري والاستراتيجي، وفي هذا السياق، توجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 16 مايو 2024 إلى بكين، في أول زيارة له خارج البلاد منذ إعادة انتخابه في مارس من العام ذاته، حيث التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ، وخلال الزيارة، أكد الجانبان على ضرورة تعميق الشراكة الاستراتيجية، ووقعا بيانًا مشتركًا لتعزيز “العلاقات الشاملة والتعاون الاستراتيجي المتبادل”، مشددين على أن هذه الشراكة تمثل عامل استقرار في النظام العالمي، وتعكس استعدادهما لتعزيز التعاون السياسي والعسكري لمواجهة التحديات الدولية[25].

وأصبحت الصين المستورد الأول للأسلحة الروسية، إذ تستحوذ على نحو 45% من صادرات السلاح الروسي، والتي تشمل طائرات نفاثة متطورة، وصواريخ باليستية، وغواصات هجومية، وكاسحات ألغام، ما أسهم في تعزيز القدرات الدفاعية للصين، وفي المقابل تحصل روسيا من الصين على ما نسبته 90% من التكنولوجيا العسكرية المتقدمة التي تحتاجها لتطوير وإنتاج الصواريخ والدبابات والطائرات، وذلك كجزء من التجارة الطبيعية البلدين بحسب وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين، وقد أثار هذا التعاون انتقادات غربية، حيث صرح الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في مؤتمر صحفي في 24 أبريل 2024 بأن “بينما يعاني الأوكرانيون من نقص الذخيرة، توفر الصين التكنولوجيا للصناعة العسكرية الروسية”، في إشارة إلى الدعم غير المباشر الذي تقدمه بكين لموسكو، وتبنت روسيا “اقتصاد الحرب” لتعزيز صناعاتها العسكرية، ما تجلى في تعيين أندريه بيلوسوف وزيرًا للدفاع، في خطوة نادرة لدمج الخبرات الاقتصادية في القيادة العسكرية، مع الاعتماد على الصين كشريك رئيسي لدعم هذا التوجه[26].

بالإضافة إلى ما سبق، شهدت العلاقات السياسية بين روسيا والصين تطورًا ملحوظًا، حيث تعززت الشراكة بين البلدين لتصبح أكثر استراتيجية في مواجهة الضغوط الغربية، فقد وجدت روسيا في الصين شريكًا سياسيًا داعمًا، إذ امتنعت بكين عن إدانة العمليات العسكرية الروسية وامتنعت عن التصويت على قرارات الإدانة ضد روسيا في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، مما عكس موقفًا سياسيًا متوازنًا يتيح لها الحفاظ على علاقاتها مع الغرب دون التخلي عن شريكها الروسي، كما دعمت الصين موقف روسيا في المحافل الدولية، وسعت إلى تقويض محاولات عزل موسكو دبلوماسيًا، وفي المقابل، أيدت روسيا موقف الصين تجاه قضاياها الجيوسياسية، لا سيما في ملف تايوان، مما عزز من التقارب بين البلدين، وهكذا، أصبحت الأزمة الأوكرانية دافعًا لتعزيز التحالف السياسي الروسي الصيني، حيث تلاقت مصالح الطرفين في مواجهة النفوذ الغربي المتزايد[27].

ثالثا: الشراكة الروسية الصينية وإعادة تشكيل النظام العالمي متعدد الأقطاب

صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 17 يونيو 2022، بأن “عصر النظام العالمي أحادي القطب قد انتهى، على الرغم من محاولات الحفاظ عليه بأي ثمن”، مشيرًا إلى أن فكرة وجود قوة واحدة مسيطرة تفرض قواعد اللعبة الدولية وفق مصالحها لم تعد مقبولة، وأن العالم يتجه نحو نظام أكثر توازنًا يقوم على تعددية الأقطاب، وعكس هذا التصريح التحولات العميقة التي يشهدها النظام الدولي، حيث لم يعد التفرد الأمريكي قادرًا على فرض سيطرته المطلقة كما كان الحال عقب الحرب الباردة، فقد لعبت الشراكة الروسية-الصينية، دورًا محوريًا في هذا التحول، إذ أسهم التقارب بين البلدين في تعزيز التعددية القطبية وتقويض الهيمنة الغربية، مما أتاح مساحة أوسع للمناورة وإعادة تشكيل موازين القوة العالمية.[28]

وبهذا، برزت الأزمة الروسية الأوكرانية كعامل داعم لهذا التحول، حيث كشفت عن تراجع فعالية الأدوات التقليدية للهيمنة الأمريكية، سواء من خلال العقوبات الاقتصادية أو العزلة الدبلوماسية، فقد تعاملت الولايات المتحدة مع الأزمة بنهج ضعيف نسبيًا، ما عكس محدودية قدرتها على إدارة الصراعات الدولية، خاصة في القضايا الاستراتيجية المرتبطة بالمجالات الحيوية لروسيا وأمنها القومي، كما أدى التقارب الروسي-الصيني إلى تقويض فعالية حلف الناتو، حيث فشل الحلف في ضم أوكرانيا، نظرًا لأن توسعه شرقًا بات يشكل تهديدًا مباشرًا لروسيا من الناحيتين العسكرية والسياسية، إضافة إلى تأثيره على حركة الأسطول البحري الروسي، وإذا انتهت الحرب بتحقيق روسيا مطالبها الأساسية، مثل منع انضمام أوكرانيا إلى الناتو وإعلانها دولة محايدة، فإن ذلك سيعزز توجه العالم نحو تعددية الأقطاب، حيث تكون روسيا قد فرضت واقعًا جديدًا على الساحة الدولية، مما يمنح الصين أيضًا موقعًا أكثر قوة ضمن التحولات الجيوسياسية[29].

علاوة عما سبق، كشفت الأزمة الأوكرانية عن تحول الصين إلى قوة مراجعة في النظام العالمي، حيث تبنّت موقفًا متوازنًا، فلم تؤيد التدخل العسكري الروسي بشكل صريح، لكنها في الوقت ذاته لم تشارك في إدانته، فقد امتنعت الصين عن التصويت في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة على قرارات إدانة روسيا، كما عرضت الوساطة لحل الأزمة دبلوماسيًا، ورفضت العقوبات الأحادية التي فرضها الغرب على موسكو، مؤكدة أن مثل هذه الإجراءات تعزز الانقسام الدولي، ومن الناحية الاقتصادية، واصلت الصين دعم الاقتصاد الروسي عبر شراء النفط والتعاملات التجارية الثنائية، لكن بأسلوب يحافظ على علاقاتها مع الغرب ويجنبها المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة[30].

وكشفت الأزمة الأوكرانية أيضا عن نقاط ضعف في النظام الدولي، لا سيما فيما يتعلق بالدور الرقابي لمجلس الأمن، حيث أصبح واضحًا أن حق النقض (الفيتو) الذي تمتلكه الدول الخمس الدائمة العضوية يشكل عقبة رئيسية أمام فرض حلول دولية توافقية، لذا بات من الواضح أن النظام الدولي الحالي بدأ يتجه نحو إعادة تشكيل توازن القوى بين ثلاث كتل رئيسية: الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون، القوى الصاعدة (روسيا، الصين)، وفي هذا السياق، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن العالم يتجه نحو نظام أكثر توازنًا يقوم على تعددية الأقطاب[31].

ونتيجة ما سبق، فقد عكست الشراكة الروسية-الصينية إعادة تشكيل النظام الدولي وفق أسس جديدة، حيث لم يعد العالم منقسمًا بين معسكرين متنافسين كما كان خلال الحرب الباردة، بل بات هناك مرونة في تشكيل التحالفات وفق المصالح الاقتصادية والسياسية لكل دولة، وأكد هذا التحول تصاعد تأثير روسيا والصين في صياغة المشهد الدولي، سواء من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري، أو من خلال الدفع نحو تعددية قطبية حقيقية، ومع استمرار الضغوط الغربية، فإن العالم يتجه نحو نظام دولي أكثر توازناً، حيث لم تعد الولايات المتحدة قادرة على فرض هيمنتها المطلقة، مما يفتح المجال أمام قوى جديدة لإعادة رسم معادلات القوة العالمية[32].

رابعا: الفرص التحديات المستقبلية للشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين

تواجه الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين تحديات متعددة ترتبط بطبيعة النظام الدولي الراهن والعلاقات المتوترة مع الغرب، إذ تُصنَّف كل من موسكو وبكين ضمن التهديدات الرئيسية للمصالح الغربية، وفقًا للتقارير الاستخباراتية الأمريكية الصادرة في 11 مارس 2024، والتي أكدت تصاعد النفوذ الصيني واتباع روسيا لنهج تصادمي تجاه الغرب، كما انعكس ذلك في السياسات الدفاعية لحلف الناتو، التي شدّدت على مواجهة التحالف الروسي الصيني، من خلال تعزيز الإنفاق العسكري والتكامل الاقتصادي وتقليل الاعتماد على موسكو وبكين[33].

كما لعبت الأزمة الروسية الأوكرانية دورًا رئيسيًا في رسم ملامح هذه الشراكة، إذ مثلت تحديًا للعلاقات الثنائية واختبارًا للدبلوماسية الصينية، التي تعرضت لضغوط غربية غير مسبوقة للحد من دعمها غير المباشر لموسكو، غير أن الأزمة أظهرت أيضًا حدود هذه الشراكة، حيث تسعى الصين للحفاظ على توازن دقيق بين دعم روسيا دون تعريض علاقاتها الاقتصادية مع الغرب للخطر، من ناحية أخرى، أثّرت الحرب على الاقتصاد الروسي عبر تراجع قيمة الروبل وارتفاع معدلات التضخم ونقص القوى العاملة، فضلًا عن خسارة موسكو حصتها في سوق الطاقة الأوروبية، وفي المقابل، تواجه الصين تحديات اقتصادية داخلية، مثل أزمة قطاع العقارات، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وانخفاض الاستثمارات الأجنبية، مما يفرض قيودًا إضافية على قدرتها على دعم روسيا بشكل مباشر[34].

ورغم التقارب الاستراتيجي، لا تخلو العلاقة الروسية الصينية من مظاهر التنافس، لا سيما في إفريقيا، حيث تتسابق الدولتان لتعزيز نفوذهما بعد انحسار الوجود الفرنسي نتيجة الانقلابات العسكرية الأخيرة، كما تنتهج الصين في القارة سياسة “الانخراط الانتقائي”، مركزة على الدول الخاضعة للعقوبات الغربية أو التي تعاني من العزلة الدولية، عبر تقديم شراكات اقتصادية واستثمارات ضخمة، مما يجعلها شريكًا جذابًا لهذه الدول، وفي المقابل، يسعى الحضور الروسي في إفريقيا لتحقيق مكاسب داخلية على مستوى الهيمنة الاقتصادية، إلى جانب تحقيق أهداف استراتيجية أوسع، مثل تشكيل شبكة تحالفات جديدة تدعم مصالحها الدولية، وهذا التنافس يعكس مصالح متباينة بين موسكو وبكين، حيث تسعى كل منهما إلى توسيع نفوذها على حساب الأخرى، رغم إعلانهما المتكرر عن شراكة استراتيجية وثيقة[35].

ورغم هذه التحديات، من غير المرجح أن تشهد العلاقات الروسية الصينية تراجعًا كبيرًا في المستقبل القريب، نظرًا لاستمرار الضغوط الأمريكية على بكين بشأن دعمها غير المباشر لموسكو، إذ تدرك الصين أن عزل روسيا سيجعلها الهدف التالي للعقوبات الغربية، خصوصًا فيما يتعلق بملف تايوان، كما أن انسحاب الشركات الغربية من السوق الروسية بعد الحرب الأوكرانية منح الصين فرصة لتعزيز وجودها الاقتصادي في روسيا، وهو ما قد يُمهّد لتعاون عسكري أكبر في المستقبل[36].

وعوضًا عمّا سبق، تبرز العديد من الفرص المستقبلية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين، حيث يمكن للدولتين استغلال المتغيرات الدولية الراهنة لتحقيق مكاسب مشتركة تعزز من مكانتهما على الساحة العالمية، فمن الناحية السياسية، يُعدّ الدعم المتبادل في المحافل الدولية ركيزة أساسية في توثيق التحالف بين البلدين، إذ تسعى موسكو إلى تعزيز علاقاتها مع بكين لمواجهة الضغوط الغربية، فيما تجد الصين في روسيا شريكًا استراتيجيًا يدعم مواقفها تجاه القضايا الإقليمية، مثل ملف تايوان، كما أن استمرار التقارب السياسي بينهما يتيح لهما تشكيل جبهة موحدة ضد النفوذ الغربي، ويعزز من فرص بناء نظام دولي أكثر توازنًا يحد من الهيمنة الأحادية للولايات المتحدة وحلفائها[37].

وعلى الصعيد الاقتصادي، يوفر التعاون بين روسيا والصين فرصًا واسعة لتنمية العلاقات التجارية والاستثمارية، لا سيما في ظل العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، فقد أصبحت الصين المستورد الرئيسي للطاقة الروسية، مما يضمن لها إمدادات موثوقة بأسعار تنافسية، بينما تمكنت روسيا من تنويع أسواق صادراتها وتخفيف الأثر الاقتصادي للعقوبات، وإلى جانب ذلك، يُعد بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب أحد أهم العوامل التي تعزز من فرص التقارب الروسي-الصيني، حيث تتلاقى رؤيتهما حول ضرورة الحد من النفوذ الغربي وتوسيع دور القوى الناشئة في صنع القرار الدولي، فبينما تسعى الصين إلى تقديم نموذج اقتصادي وتكنولوجي بديل، تعمل روسيا على تعزيز حضورها السياسي والعسكري في مناطق عدة، مما يفتح المجال أمام تعاون أوسع بين البلدين في مختلف المجالات، خاصة عبر منظمات إقليمية مثل “منظمة شنغهاي للتعاون” ومجموعة “بريكس”، وهو ما قد يساهم في صياغة توازن جديد في العلاقات الدولية[38].

كما  يتيح تصاعد الضغوط الغربية على البلدين فرصة لتطوير أشكال جديدة من التعاون العسكري والاستراتيجي، فعلى الرغم من عدم وجود تحالف عسكري رسمي بينهما، إلا أن التهديدات المشتركة التي يواجهانها قد تدفعهما إلى تعزيز التعاون الدفاعي، سواء من خلال التدريبات العسكرية المشتركة أو تبادل التكنولوجيا العسكرية، كما أن استمرار الوجود الأمريكي في منطقة آسيا-المحيط الهادئ، والتوسع العسكري لحلف الناتو قرب الحدود الروسية، يمثلان حافزًا إضافيًا لموسكو وبكين لتعزيز شراكتهما في المجالين الأمني والعسكري، بما يضمن لهما تحقيق توازن استراتيجي أكثر استدامة في المستقبل[39].

الخاتمة:

أسهمت الأزمة الروسية الأوكرانية بصورة كبيرة في ترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين خلال الفترة 2022-2024، إذ دفعت العقوبات الغربية موسكو إلى تعزيز اعتمادها على بكين اقتصاديًا، مما أدى إلى توسيع نطاق المبادلات التجارية والتعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا، كما ساهم تصاعد الضغوط الجيوسياسية في توثيق التنسيق السياسي والعسكري بين البلدين، عبر توحيد مواقفهما في المحافل الدولية وتوسيع مجالات التعاون الدفاعي. وقد عزز هذا التقارب الاقتصادي والسياسي والعسكري مكانة البلدين في النظام الدولي، وأسهم في إعادة تشكيله وفق رؤية متعددة الأقطاب تتحدى النفوذ الغربي، وأثبتت الدراسة صحة الفرضية التي تفيد بأن هذه الأزمة دفعت البلدين نحو مزيد من التقارب على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، كما يبدو أن الشراكة الروسية الصينية ستظل عنصرًا محوريًا في موازين القوى العالمية خلال السنوات القادمة، حيث سيواصل الطرفان العمل معًا لمواجهة الضغوط الغربية وتعزيز نظام دولي أكثر تعددية، ويقوم على التحالفات الاقتصادية والأمنية بديلاً عن النظام الأحادي الذي هيمن على العلاقات الدولية خلال العقود الماضية.

النتائج:

  1. شهدت العلاقات الروسية الصينية تطورًا مستمرًا منذ الحرب الباردة، حيث انتقلت من التعاون المحدود إلى شراكة استراتيجية شاملة خلال الفترة 2000-2022، مستندة إلى المصالح المتبادلة والتوافق السياسي.
  2. لعبت الأزمة الروسية الأوكرانية دورًا رئيسيًا في توثيق العلاقات بين موسكو وبكين، حيث تحولت الصين إلى شريك استراتيجي يعوض العزلة التي فرضتها العقوبات الغربية على روسيا، مما أدى إلى تقوية التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري بين البلدين.
  3. أسهمت العقوبات الغربية في تعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين روسيا والصين، حيث أصبحت الصين المصدر الأساسي للسلع الاستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة التي لم تعد موسكو قادرة على استيرادها من الغرب.
  4. تلعب الشراكة الروسية الصينية دورًا بارزًا في الدفع نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب، حيث تسعى الدولتان إلى تقليل الهيمنة الغربية وإعادة تشكيل التوازنات الدولية عبر منظمات إقليمية مثل “بريكس” و”منظمة شنغهاي للتعاون”.
  5. على الرغم من الفرص المتاحة لتعزيز الشراكة الروسية-الصينية، إلا أن هناك تحديات مستقبلية قد تعيق هذا التعاون، مثل التنافس الاقتصادي في إفريقيا وآسيا الوسطى، والضغوط الغربية المستمرة، والتفاوت في الأولويات الاستراتيجية بين البلدين.

التوصيات:

  1. تعزيز الدراسات المستقبلية حول تطور العلاقات الروسية الصينية، مع التركيز على المتغيرات الجيوسياسية التي قد تؤثر في هذه الشراكة.
  2. متابعة تأثير النزاعات الدولية على التحالفات الإقليمية والدولية، مع تحليل تداعيات استمرار الأزمة الأوكرانية على التوازنات الجيوسياسية.
  3. تطوير آليات اقتصادية مستقلة عن المنظومة المالية الغربية، وتعزيز التعاون البحثي حول دور العقوبات في تشكيل أنماط جديدة من الشراكات الاقتصادية بين القوى الدولية.
  4. دعم الأبحاث المتعلقة بتطور التكتلات الاقتصادية والسياسية غير الغربية، مع دراسة انعكاساتها على الاستقرار الدولي والنظام العالمي.
  5. تعزيز الحوار السياسي والاقتصادي بين روسيا والصين لضمان استدامة الشراكة الاستراتيجية، وإيجاد آليات أكثر مرونة لإدارة الخلافات المحتملة بما يحقق المصالح المشتركة للطرفين.

المراجع:

إبراهيم، لؤي. (2021). العلاقات الروسية الصينية بعد انتهاء الحرب الباردة. مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والسياسية، 37(3).

بسيوني، درية شفيق. (2024). بواعث تشكيل المحور الروسي الصيني لمجابهة الهيمنة الأمريكية. المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، 38(3).

بوقارة، حسين. (2019). تأثير الشراكة الاستراتيجية الروسية الصينية على التفاعلات داخل المثلث الاستراتيجي. أطروحة دكتوراه. جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

تغزة، زهرة. (2024). التوقعات المستقبلية للعلاقات الصينية الروسية: الشراكة الاستراتيجية وآفاق التحالف العسكري. المجلة الجزائرية للعلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة الجزائر، 38(3).

جعفر، محمد داود. (2024). “تطور العلاقات الاقتصادية الروسية-الصينية في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية”. مجلة الشرائع للدراسات القانونية، 4 (3).

جين، وانج (2022). “الصين والحرب الروسية – الأوكرانية: التفاهمات والشكوك والتأثيرات”، آراء حول الخليج، مركز الخليج للأبحاث، (177).

حمودي، سناء. (2023). انعكاسات الحرب الروسية-الأوكرانية: الكيان الصهيوني بين الموقف الملتبس والمصالح. المجلة العربية للعلوم السياسية، (8).

الخزاعلة، محمد خلف عاصي. (2024). تأثير تطور العلاقات الروسية-الصينية في الأزمات الدولية: الأزمة السورية نموذجًا. دراسات وأبحاث، 16 (3)، ص753.

ديابات، خالد سليمان (2024)، “الموقف الصيني من الأزمة الروسية الأوكرانية 2022: بين الشراكة الاستراتيجية والبراغماتية السياسية”، مجلة دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية،  51(1).

سفيح، مصطفى جعفر، وشيال، عزيز جبر. (2023). أثر المتغيرات الإقليمية والدولية في الحرب الروسية-الأوكرانية 2022. المجلة السياسية والدولية، 17 (57).

سيف نايف، (2024). العلاقات الصينية الروسية بعد الحرب الأوكرانية والسعي لنظام دولي متعدد الأقطاب. مجلة الشرائع للدراسات القانونية، 4 (1).

الشمايله، حلا عبد الله لافي. (2020). العلاقات الروسية الصينية خلال الفترة (2010-2020). رسالة دكتوراه. جامعة مؤتة، الكرك.

صابر، علي صباح. (2022). الأزمة الروسية – الأوكرانية: الأسباب والتداعيات. المجلة الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، 35.

عبد االله، نورا علي. (2024). التوجه الدولي الجديد نحو عالم متعدد الأقطاب: الصين وروسيا أنموذجاً. مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية والقانونية، 8 (8).

عبد العظيم، محمد عبيد علي، وبسيوني، درية شفيق. (2024). بواعث تشكيل المحور الروسي الصيني لمجابهة الهيمنة الأمريكية. المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، 38 (3).

العبيد، عبد الرحمن عوض الله. (2017). دور الشراكة الاقتصادية السودانية الصينية في الاقتصاد السوداني بالتركيز على صناعة النفط (2000 – 2015)، رسالة دكتوراه. جامعة النيلين، كلية الدراسات العليا، الخرطوم، السودان.

عطوان، خضر عباس. (2023). مستقبل العلاقات الروسية-الصينية بعد الحرب الأوكرانية. المستقبل العربي، 46 (531)، ص 84.

عوضين، نوران، والخوري، كابي. (2024). روسيا والصين والشراكة لعصر جديد… محفزات وقيود. المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان.

قصعة، حورية. (2023). التقارب الصيني الروسي لتحقيق الرخاء المشترك وتداعياته على التوازنات الدولية. مجلة ريحان للنشر العلمي، (23).

القضاة، هديل محمد. (2024). الحرب الروسية الأوكرانية ومستقبل النظام الدولي. دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع، الأردن.

محمد، غزلان محمود عبد العزيز. (2023). التقارب العسكري الروسي الصيني، واحتمالات التحالف العسكري. المجلة العلمية لكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسكندرية، 8 (15).

مقصود، جعفر، وسرى، موفق. (2024). تطور العلاقات الاقتصادية الروسية-الصينية في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية. مجلة الشرائع للدراسات القانونية، 4(3).

المهداوي، فيصل شلال عباس. (2023). الحرب الروسية-الأوكرانية وتأثيرها في مستقبل النظام الدولي. المجلة السياسية والدولية، 17 (54).

مهدي، إنجي محمد، وعبد الله، شيماء محمود كامل. (2025). العامل الاقتصادي كأداة من أدوات السياسة الخارجية الأمريكية: العقوبات على روسيا والصين نموذجًا. المستقبل العربي، 47 (551).

ناجي، محمد، وديش، فاطيمة الزهرة. (2024). تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على التنمية. مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، 16 (2).

Andersson, Per, von Essen, Henrik, & Bohman, Viktor. (2023). Chinas and Russia’s narratives on the war against Ukraine: Examining the boundaries of political alignment. Swedish National China Centre & Stockholm Centre for Eastern European Studies.

Atwan, Khudair Abbas. (2023). The Future of Russian-Chinese Relations After the Ukrainian War. Al-Mustaqbal Al-Arabi Journal, Issue 531.

Batran, Khaled. (2022). The Effects of the Russian and Chinese Rise in the Structure of the International System within the Framework of the Power Transition Theory. Al-Baath University Journal for Legal Sciences, Volume 44, Issue 11.

Hamilton, Robert. (2024). The China-Russia Relationship: The Dance of the Dragon and the Bear. Palgrave Macmillan.

Lo, Bobo. (2023). The Sino-Russian Partnership: Assumptions, Myths and Realities. Russie.NEI.Reports, No. 42.

Lucas, Edward. (2022). Partnership without substance: Sino-Russian relations in Central and Eastern Europe. In Russia-China Relations.

Muttaqien, Audi Izzat, Alimuddin, Sitti Zarina Binti, Hayatunufus, & Al-Fadhat, Faris. (2024). Russia-China Partnership: Aftermath Consequences of the Ukraine Crisis. Jurnal Wacana Politik, Volume 9, Issue 1.

Palgrave Macmillan. (2024). The China-Russia Relationship: The Dance of the Dragon and the Bear. Palgrave Macmillan.

Shuayb, Abd al-Rahmani. (2023). The BRICS organization as a new international pole: Studying the location of the bloc within the outputs of the Russian-Ukrainian war. Revue des Économies Nord Africaines, Volume 19, Issue 33.

Weitz, Richard. (2022). The New China-Russia Alignment: Critical Challenges to U.S. Security. Palgrave Macmillan.

Wörmer, Nils, Kirchberger, Sarah, & Sinjen, Svenja. (2024). Russia-China Relations: Emerging Alliance or Eternal Rivals? Palgrave Macmillan.

Zheng, Cindy. (2024). The future of Sino-Russian relations from China’s perspective: Implications for US policy. Marcellus Policy Analysis.

[1] حمودي، سناء. (2023). انعكاسات الحرب الروسية-الأوكرانية: الكيان الصهيوني بين الموقف الملتبس والمصالح. المجلة العربية للعلوم السياسية، (8)، ص 172.

[2] صابر، علي صباح. (2022). الأزمة الروسية – الأوكرانية: الأسباب والتداعيات. المجلة الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، 35، ص 82.

[3] العبيد، عبد الرحمن عوض الله. (2017). دور الشراكة الاقتصادية السودانية الصينية في الاقتصاد السوداني بالتركيز على صناعة النفط (2000 – 2015)، رسالة دكتوراه. جامعة النيلين، كلية الدراسات العليا، الخرطوم، السودان، ص 12.

[4] ناجي، محمد، وديش، فاطيمة الزهرة. (2024). تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على التنمية. مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، 16(2)، ص 183.

[5] ديابات، خالد سليمان (2024)، “الموقف الصيني من الأزمة الروسية الأوكرانية 2022: بين الشراكة الاستراتيجية والبراغماتية السياسية”، مجلة دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية، 51(1).

[6] سيف نايف، (2024). العلاقات الصينية الروسية بعد الحرب الأوكرانية والسعي لنظام دولي متعدد الأقطاب. مجلة الشرائع للدراسات القانونية، 4(1).

[7] جعفر، محمد داود. (2024). “تطور العلاقات الاقتصادية الروسية-الصينية في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية”. مجلة الشرائع للدراسات القانونية، 4 (3).

[8] عبداالله، نورا علي. (2024). التوجه الدولي الجديد نحو عالم متعدد الأقطاب: الصين وروسيا أنموذجاً. مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية والقانونية، 8 (8).

[9] قصعة، حورية. (2023). التقارب الصيني الروسي لتحقيق الرخاء المشترك وتداعياته على التوازنات الدولية. مجلة ريحان للنشر العلمي، (23).

[10]جين، وانج (2022). “الصين والحرب الروسية – الأوكرانية: التفاهمات والشكوك والتأثيرات”، آراء حول الخليج، مركز الخليج للأبحاث، (177).

[11] Atwan, Khudair Abbas. (2023). The Future of Russian-Chinese Relations After the Ukrainian War. Al-Mustaqbal Al-Arabi Journal, Issue 531.

[12] Andersson, Per, von Essen, Henrik, & Bohman, Viktor. (2023). Chinas and Russia’s narratives on the war against Ukraine: Examining the boundaries of political alignment. Swedish National China Centre & Stockholm Centre for Eastern European Studies.

[14] Batran, Khaled. (2022). The Effects of the Russian and Chinese Rise in the Structure of the International System within the Framework of the Power Transition Theory. Al-Baath University Journal for Legal Sciences, Volume 44, Issue 11.

[15] إبراهيم، لؤي. (2021). العلاقات الروسية الصينية بعد انتهاء الحرب الباردة. مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والسياسية، 37(3)، ص 258.

[16] الشمايله، حلا عبد الله لافي. (2020). العلاقات الروسية الصينية خلال الفترة (2010-2020). رسالة دكتوراه. جامعة مؤتة، الكرك، ص 38.

[17] بسيوني، درية شفيق. (2024). بواعث تشكيل المحور الروسي الصيني لمجابهة الهيمنة الأمريكية. المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، 38(3)، 1053.

[18] بوقارة، حسين. (2019). تأثير الشراكة الاستراتيجية الروسية الصينية على التفاعلات داخل المثلث الاستراتيجي. أطروحة دكتوراه. جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ص 86.

[19] تغزة، زهرة. (2024). التوقعات المستقبلية للعلاقات الصينية الروسية: الشراكة الاستراتيجية وآفاق التحالف العسكري. المجلة الجزائرية للعلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة الجزائر، 38(3)، ص 129.

[21] Zheng, Cindy. (2024). The future of Sino-Russian relations from China’s perspective: Implications for US policy. Marcellus Policy Analysis, P 30.

[22] Lucas, Edward. (2022). Partnership without substance: Sino-Russian relations in Central and Eastern Europe. In Russia-China Relations, P 203.

[23] مهدي، إنجي محمد، وعبد الله، شيماء محمود كامل. (2025). العامل الاقتصادي كأداة من أدوات السياسة الخارجية الأمريكية: العقوبات على روسيا والصين نموذجًا. المستقبل العربي، 47 (551)، ص139.

[24] مقصود، جعفر، وسرى، موفق. (2024). تطور العلاقات الاقتصادية الروسية-الصينية في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية. مجلة الشرائع للدراسات القانونية، 4(3)، ص 340.

[25] محمد، غزلان محمود عبد العزيز. (2023). التقارب العسكري الروسي الصيني، واحتمالات التحالف العسكري. المجلة العلمية لكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، 8 (15)، ص 32.

[26] Muttaqien, Audi Izzat, Alimuddin, Sitti Zarina Binti, Hayatunufus, & Al-Fadhat, Faris. (2024). Russia-China Partnership: Aftermath Consequences of the Ukraine Crisis. Jurnal Wacana Politik, Volume 9, Issue 1, P 60.

[27] Lo, Bobo. (2023). The Sino-Russian Partnership: Assumptions, Myths and Realities. Russie.NEI.Reports, No. 42.

[28] عوضين، نوران، والخوري، كابي. (2024). روسيا والصين والشراكة لعصر جديد… محفزات وقيود. المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، ص 2.

[29] المهداوي، فيصل شلال عباس. (2023). الحرب الروسية-الأوكرانية وتأثيرها في مستقبل النظام الدولي. المجلة السياسية والدولية، 17 (54)، ص 185.

[30] سفيح، مصطفى جعفر، وشيال، عزيز جبر. (2023). أثر المتغيرات الإقليمية والدولية في الحرب الروسية-الأوكرانية 2022. المجلة السياسية والدولية، 17 (57) ص 22.

[31] Shuayb, Abd al-Rahmani. (2023). The BRICS organization as a new international pole: Studying the location of the bloc within the outputs of the Russian-Ukrainian war. Revue des Économies Nord Africaines, Volume 19, Issue 33, P42

[32] القضاة، هديل محمد. (2024). الحرب الروسية الأوكرانية ومستقبل النظام الدولي. دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع، الأردن، ص 36.

[33] عبد العظيم، محمد عبيد علي، وبسيوني، درية شفيق. (2024). بواعث تشكيل المحور الروسي الصيني لمجابهة الهيمنة الأمريكية. المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، 38 (3)، صفحات 1047.

[34] الخزاعلة، محمد خلف عاصي. (2024). تأثير تطور العلاقات الروسية-الصينية في الأزمات الدولية: الأزمة السورية نموذجًا. دراسات وأبحاث، 16 (3)، ص753.

[35] عطوان، خضر عباس. (2023). مستقبل العلاقات الروسية-الصينية بعد الحرب الأوكرانية. المستقبل العربي، 46 (531)، ص 84.

[36] Palgrave Macmillan. (2024). The China-Russia Relationship: The Dance of the Dragon and the Bear. Palgrave Macmillan, P 165.

[37] Hamilton, Robert. (2024). The China-Russia Relationship: The Dance of the Dragon and the Bear. Palgrave Macmillan, p 156.

[38] Weitz, Richard. (2022). The New China-Russia Alignment: Critical Challenges to U.S. Security. Palgrave Macmillan, P 265.

[39] Wörmer, Nils, Kirchberger, Sarah, & Sinjen, Svenja. (2024). Russia-China Relations: Emerging Alliance or Eternal Rivals? Palgrave Macmillan, P 315.

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطي العربي

مؤسسة بحثية مستقلة تعمل فى إطار البحث العلمي الأكاديمي، وتعنى بنشر البحوث والدراسات في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية والعلوم التطبيقية، وذلك من خلال منافذ رصينة كالمجلات المحكمة والمؤتمرات العلمية ومشاريع الكتب الجماعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى