دور الأبعاد السيكولوجية فى عملية صنع القرار الخارجى الإسرائيلى
اعداد : سهام سيد، باحثة في العلوم السياسية – المركز الديمقراطي العربي
تُعتبر الأبعاد السيكولوجية للقادة السياسيين من أهم العوامل المؤثرة فى عملية صنع القرار، وتختلف التأثيرات التى تمارسها الأبعاد النفسية للقادة داخل الدول المختلفة سواء كانت هذه الدول متقدمة أو نامية على المستوى السياسى الداخلى أو على مستوى الخارجى وعلاقة هذه الدولة بالمجتمع الدولى، مما ينعكس بصورة أكبر على مدى التطور والتأثير الذى تتمتع بها الدولة على الساحة السياسية الدولية، وتختلف الأبعاد السيكولوجية وتننوع فى تأُثيراتها سواء كانت متعلقة بالبيئة التى نشأ فيها القائد، والثقافة التى تعرض عليها والعوامل التى أثرت على المستوى الفكرى لديه ومداخل تأثراته الثقافية، بالإضافة إلى السمات الشخصية التى يتمتع بها.
وتُعتبر عملية صنع القرار الإسرائيلى من أهم العوامل المؤثرة فى مدى الاستقرار الذى تتمتع به منطقة الشرق الأوسط، حيث تتأثر العلاقات التى تربط إسرائيل بالدول الأخرى سواء داخل المنطقة أو خارجها بالمستوى النفسى والفكرى الذى يتمتع به القائد وأهم الأفكار التى يؤمن بها ويتصرف بناءاً عليها، ويعتبر القادة السياسين الإسرائيلين من أهم القادة التى يجب دراسة مدى تأثرهم بالأبعاد السيكولوجية، وتوضيح انعكاس ذلك على عملية صنع القرار الإسرائيلى على مستوى الدول المحيطة بها، يأتى ذلك فى إطار التحولات التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط من احتدام الصراع العربى الإسرائيلى ونشوب الحرب داخل غزة وامتدادها لتمارس تأثيرها على دول أخرى فى المنطقة منها لبنان،واليمن، وسوريا، والعراق بالإضافة إلى تدخل الدول الأخرى فى الصراع ودعمها المستمر لأطراف الصراع ومنها إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وقد أظهرت الأبعاد السيكولوجية النفسية وما يرتبط بها من عوامل بيئية نفسية وسمات شخصية التأثير على عملية صنع القرار وبل وامتد الأمر إلى الطريقة التى يتم بها اتخاذ القرار السياسى وانعكاساته على البيئة السياسية فى منطقة الشرق الأوسط، لذلك تُمثل البواعث النفسية التى ينشأ فيها القائد عامل هام يبرهن الطبيعة التى سوف يتعامل بها القائد عندما يصل إلى السلطة السياسية.
أولاً المشكلة البحثية:
تتمحور المشكلة البحثية فى توضيح العلاقة التى تربط بين الأبعاد السيكولوجية التى ترتبط بشخصية القائد السياسى والبيئة التى ينشأ فيها وبين عملية اتخاذ القرار والوسيلة التى يتم استخدامها فى عملية اتخاذ القرار وكيفية اتخاذه، لذلك تحاول هذه الدراسة الإجابة على تساؤل رئيسى يتمثل فى:
ما مدى تأثير الأبعاد السيكولوجية على عملية اتخاذ القرارالخارجى الإسرائيلى؟
ويندرج فى إطار هذه التساؤل الرئيسى عدد من التساؤلات الفرعية تتمثل فى الآتى:
- ما هى طبيعة الأبعاد السيكولوجية التى تؤثر فى عملية اتخاذ القرار السياسى؟
- كيف تؤثر هذه الأبعاد السيكولوجية فى عملية اتخاذ القرار السياسى؟
- ما مدى تأثيرانعكاس عملية اتخاذ القرار الإسرائيلى على استقرار منطقة الشرق الأوسط والبيئة السياسية الدولية؟
ثانياً أهمية الدراسة:
يحظى موضوع الدراسة بأهمية كبيرة خاصة فى ظل التطور والربط الذى يشهده علم النفس السياسى والتأثيرات التى تندرج فى إطار تناول هذا الموضوع، وتنقسم الأهمية التى تتمتع بها الدراسة البحثية فى أهمية علمية وأخرى عملية:
الأهمية العلمية
ترتكز الأهمية العلمية للدراسة فى تناول موضوع مؤثر على عملية صنع القرار داخل الدول، حيث تُعتبر هذه الدراسة وسيلة تمكن العديد من الباحثين الذين تناولون موضع الدراسة من الاستفادة منها، كما تتمثل الأهمية العلمية لموضوع الدراسة فى إمكانية أن يضيف للمكتبات العلمية من خلال توضيح الدور الذى تلبعها الأبعاد السيكولوجية النفسية على عملية صنع القرار الإسرائيلى وانعكاساتها على عمليات السلام فى المنطقة.
الأهمية العملية:
تتمثل الأهمية العملية فى إمكانية استفادة صنع القرار من طرح هذا الموضوع وتوضيح مدى أهميته على واقع العديد من الدول المختلفة فى العالم المتقدم أو النامى على حد سواء، حيث يساعد موضوع الدراسة صناع القرار فى معرفة الأبعاد المختلفة التى تؤثر فى سير عملية اتخاذ القرار وتنفيذه بل وطرق التعامل مع القادة السياسين فى العديد من الدول من خلال التركيز على العوامل التى تؤثر فى تبنيهم وجهة نظر معينة دون الأخرى، ويُعتبر التركيز على عملية صنع القرار الإسرائيلى وأبعاد تأثيره واحدة من أهم القضايا الشائكة خاصة فى ظل الصراعات التى تشهدها المنطقة نتيجة للحرب الإسرائيلية على قطاع حزب وامتداد تأثيرها.
ثالثاً منهج الدراسة:
- المنهج التاريخى: يُعتبر المنهج التاريخى من أهم المناهج التى تستخدم فى عملية جمع البيانات والمعلومات المتعلقة بموضوع الدراسة فى الماضى وتحليل هذه البيانات فى إطار الحاضر والتنبؤ بطبيعة سير هذه الأحداث وتأثيراتها على المستقبل.
وقد اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخى فى تناول التأثرات النفسية فى عملية صنع القرار الإسرائيلى وذلك من خلال الاعتماد على تحليل الأبعاد السيكولوجية لإثنين من القادة السياسين الإسرائيلين خلال حقبات زمنية مختلفة.
- المنهج السلوكى: يعتبر المنهج المعرفى السلوكى من أفضل المناهج التى يتم استخدامها مؤخراً لتحليل وتفسير الأبعاد السيكولوجية للأفراد وتحليلها وقد تم الاعتماد على هذا المنهج فى توضيح أبعاد التأثيرات السيكولوجية للقادة داخل العديد من الدول.
وقد اعتمدت الدراسة على المنهج المعرفى السلوكى فى تحليل وتفسير الأبعاد النفسية والسيكولوجية للقادة فى إطار البيئة التى ينشأ فيها والتأثيرات المترتبة على ذلك.
رابعاً أهداف الدراسة:
تسعى هذه الدراسة إلى دراسة الجوانب السيكولوجية وذلك فى إطار توضيح أهميتها فى عملية صنع القرار فى الداخل الإسرائيلى، تتعدد الأهداف البحثية التى تسعى الدراسة إلى توضيحها ومن أهم هذه الأهداف:
- كيف تؤثر الأبعاد السيكولوجية على عملية صنع القرار داخل الدول؟
- كيف أثرت البيئة السيكولوجية التى نشأ فيها كلاً من اسحاق رابين وبنيامين نتنياهو فى تعاملهم مع القضية الفلسطينة وعمليات السلام؟
- ما مدى انعكاس التأُثيرات الشخصية للقادة السياسين الإسرائيلين على عملية استقرار منطقة الشرق الأوسط؟
خامساً الدراسات السابقة:
وليد عبد الحى، دراسة بعنوان (الدراسات النفسية لشخصية بنيامين نتنياهو)، 2021[1] هدفت هذه الدراسة إلى لفت الانتباه لضرورة دراسة الجوانب النفسية لقيادة الكيان الإسرائيلى وقد ركزت هذه الدراسة فى تناول شخصية القائد السياسى بنيامين نتناهو وذلك من خلال طرح الخلفية النفسية وانعكاس ذلك على تعقيدات الحياة السياسية.
وقد توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج التى ترتبت على تنبؤات تحليلية تتمثل أهمها فى أن القرارات التى يقوم بنيامين نتنياهو بإتخاذها ما هى إلا انعكاس للتأثيرات النفسية والفكرية والبيئية التى عاش فيها ومر بها، كما توصلت الدراسة إلى أن الجانب النفسى لنتنياهو ساهم فى تحديد العديد من المؤشرات السلوكية المستقبلية فيما يتعلق بقرارته خاصة ما يتعلق منها بالقضية الفلسطينة وعملية بناء الدولة اليهودية.
أحمد عارف، دراسة بعنوان( العوامل المؤثرة فى عملية اتخاذ القرار فى السياسة الخارجية)،2009[2] هدفت هذه الدراسة إلى تكوين إضافة نوعية للتعرف على العوامل المؤثرة والمتغيرة فى حالة اتخاذ قرارات السياسة الخارجية، كما هدفت إلى التعرف على المتغيرات المثيرة للجدل التى تحول دون استقلالية القرار السياسى داخل الأنظمة السياسية.
وتوصلت الدراسة إلى العديد من النتائج تتمثل أهمها فى أن الأيدولوجية تساهم فى تقيد متخذى القرار عند اختيارهم بين البدائل المطروحة، كما أن النظام العقيدى والقيمى يساهم بدور مؤثر فى عملية اتخاذ القرار فى السياسة الخارجية للدولة، بالإضافة إلى الصفات والخصائص الشخصية للقائد تؤثر فى صياغته لقرارات السياسة الخارجية.
Jack S.Levy,(psychology and foreign policy decision making,2013)[3]
تناولت الدراسة أهمية المناهج النفسية وتطبيقها فى دراسة الجوانب المختلفة للسياسة الخارجية والعلاقات الدولية، وقد هدفت هذه الدراسة إلى توضيح الترابط بين علم النفس السياسى والعلاقات الدولية، والتركيز على صناع القرار السياسى وتوضيح مدى عمق التأثيرات النفسية على عملية اتخاذ القرار.
وقد توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج من أهمها أن المتغيرات غير النفسية على الرغم من أنها تحمل تفسيراً هاماً لسلوكيات الدول فى العلاقات الدولية إلا أن المتغيرات النفسية تساهم بدور كبير ومؤثر فى تفسير سلوكيات معينة فى السياسة الخارجية للدول، وهناك العديد من المدارس سواء المدرسة الواقعية أو الليبرالية التى فسرت سلوكيات الدول فى مجال العلاقات الدولية إلا أن المدرسة البنائية أهملت علم النفس الفردى فى تفسير وتوضيح تأثيره فى العلاقات الدولية وتأثريره على المستوى المحلى داخل الدولة على اعتبار أنها فاعل مهم وموحد يتكون من أفراد يتوجب تفسير سلوكياتهم لمعرفة مدى حكمتهم والمهارات التى يتميزون بها.
ومن خلال طرح الدراسات السابقة التى تناولت موضوع الدراسة يتضح أن أغلب الدراسات تركز على تفسير الأبعاد النفسية داخل المؤسسات التعلمية أو المدراء داخل المؤسسسات المختلفة فى الدولة دون وجود دراسات عملية كبيرة تدعم هذا النوع من التفسيرات النفسية والبيئية والفكرية وانعكاس تأثيراتها على الجانب السياسى للقادة داخل الدول، لذلك تأتى هذه الدراسة لتكون إضافة بحثية جديدة فى إطار توضيح الأهمية التى يتمتع بها تفسير الأبعاد السيكولوجية للقادة وانعكاس ذلك على سياسات الدول المختلفة، وتطبيق ذلك على الواقع الإسرائيلى الذى ترمى ظلاله على عملية عدم الاستقرار التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط فى الفترة الحالية.
المحور الأول: تحليل الأبعاد السيكولوجية وبيان أهميتها فى عملية صنع القرار السياسى.
تُمثل الأبعاد السيكولوجية للقادة عامل هام ومؤثر فى عملية اتخاذ القرار وتتعدد التفسيرات التى تتناول تحليل البيئة النفسية التى ينشأ فيها القائد، وانعكاس هذه البيئة على المستوى الداخلى للدولة أو فى علاقاتها الخارجية، يأتى ذلك فى إطار فهم وتفسير ردوود الأفعال التى يقوم بها القادة وفهم الحياة السياسية والنظام السياسى وتعقيداتهم المختلفة.
أولاً: تفسير مفهوم الأبعاد السيكولوجية للقادة.
مفهوم علم السيكولوجية: هو ذلك العلم الذى يهتم بدراسة سلوك الأفراد والعمليات المتعلقة بالإدراك الحسى والانفعالات والدوافع المختلفة، مما يساهم فى تحليل تكوين الشخصية والتفاعل الذى يتم بين الأفراد والبئية المحيطة بهم.
مفهوم البيئة النفسية: مجموعة المعلومات والمعارف التى تتراكم مع الوقت فى ذهن الفرد ويستقبلها منذ ولاته وتتطور معه فى إطار البيئة الاجتماعية المحيطة به وتترسخ لتشكل فى النهاية ما يسعى ببيئته النفسية التى تحدد وجهة نظره حول العالم المحيط به وكيفية فهمه له[4].
ويقصد بالبيئة النفسية والإداركية لصانع القرار: مجموعة المكونات المعرفية والفكرية والاجتماعية والثقافية وتجارب الحياة التى تحدد موقفه من الأحداث ووجهة نظره فى معطيات البيئة الخارجية المقدمة له[5].
Maragret Sprout يرى أن الدوافع الذاتية هى:
مجموعة العوامل المرتبطة بالحاجات الأساسية سواء كانت هذه الحاجات مادية أو معنوية للإنسان، وتدفع هذه العوامل الفرد إلى التصؤف بشكل معين مثل الدافع نحو القوة واحترام الذات، والحاجة إلى الانجاز والانتماء، والنزعة إلى السيطرة أو الخضوع.
ويشير تحليل سبروت للبيئة السيكولوجية لصناع القرار أنها تشير إلى اتجاهات أعضاء وحدات القرار وتصوراتهم وقيمهم ومعتقداتهم وخبراتهم وآرائهم السابقة وخلفياتهم الاجتماعية، ودوافعهم، وأحوالهم النفسية وهم يتخذون القرارات والأفراد يتصرفون فى مواجهة الأوضاع المختلفة تبعاً لصورهم المكونة عن الأوضاع التى مروا بها، وإداركهم للمواقف المختلفة ويكون ذلك تبعاً لإتجاهاتهم وقيمهم ومعتقداتهم التى يتمسكون بها ويرون الحقيقة من خلالها.
ثانياً:تفسير طبيعة الخصائص السيكولوجية للقادة
ويرتبط تفسير البيئة النفسية للقادة بتحليل الأنماط الشخصية وعلاقتها بالتوجهات السياسية وقد وضع هارولد أنماط شخصية تفسير هذا الترابط منها[6]:
- الشخصية التسلطية: وتتميز هذه الشخصية بالرغبة فى السيطرة المرؤوسين واستعمال اللمفاهيم النمطية، وتفسر رؤيتها للعالم من خلال منظورين يتقسم هذين المنظورين العالم إلى أعداء وأصدقاء، وتميل الشخصيات التسلطية فى مجال السياسة إلى النزوع نحو الحرب والعدوان بشكل مستمر ويكون ذلك نابع من التعصب لقوميتهم، كما أنهم يفضلون الاختيارات المحددة كشن حرب شاملة أو وقف الحرب نهائى.
- العقل المنفتح والعقل المنغلق: تتميز الشخصية ذات العقل المنفتح بالقدرة على التعامل مع المعلومات بشكل هادئ وبطريقة تجعلها تستوعب المعلومات القادمة إليها نظراً لأنها تتميز بالقدرة على التعامل بصورة تقبلية أكثر للأحداث المحيطة بها وقبول الرأى الأخر، فى حين نجد أن العقل المنغلق يتميز بدرجة أعلى من العلق المنفتح خاصة ما يتعلق بالقلق النفسى والتوجه نحو الاهتمام بصمدر النعلومات القادمة إليه أكثر من اهتمامه بمضون المعلومات نفسها، كذلك يتميز العلق المنغلق بالتشدد حيث لا يستطيع استيعاب أى معلومات جديدة تتناقض مع عقائده.
- تحقيق الذات: يتميز الشخص المتسم بالثقة فى العالم الخارجى بعملية إشباع الحاجات الأساسية لديه كالحاجة إلى الأمان واحترام الذات والانتماء، مما ينعكس عليه فى تعاملاته مع العالم المحيط بها والميل نحو الانفتاح على العالم الخارجى، على النقيض من ذلك نجد أن افتقاد الفرد لحاجاته الأساسية المتعلقة بإحترام الذات والإنتماء والأمان ينعكس على الميل إلى عدم احترام الذات.
ثالثًاً:الصفات الشخصية للأفراد التى تنعكس على السلوك السياسى
يتمثل السلوك السياسى للقيادة التنفيذية للدولة فى سلوك أفراد السلطة التنفيذية أو الحكومة وتطبيق سياستها التى تشمل رأس الدولة، ورئيس الوزراء، والوزراء، وبقية أعضاء الهيئة التنفيذية[7]، وإنطلاقاً من ذلك يعبر السلوك السياسى عن الأفعال السياسية الرشيدة التى تؤديها السلطة التنفيذية المتمثلة فى إدارة شؤون الدولة وحماية أمنها الداخلى والخارجى وتمثيلها دولياً،ويعتبر السلوك السياسى للقادة الوسيلة التى يقومون من خلالها بتحقيق أهداف الدولة وتطلعاتها السياسية بما يتوافق مع رؤيتهم والآلية التى تتاسب مع متعتقداتهم وأفكارهم لتحقيق وترجمة هذا السلوك فى صورة قرارات يلمسها المواطن داخل الدولة أو تظهر ف الصورة التى تدير بها الدولة شؤونها الخارجية فى أوقات السلم والحرب، وهناك العديد من السمات التى تناولها العديد من العلماء خلال عرضهم للعلاقة التى تجمع بين السمات الشخصية وبين نشاط الفرد السياسى ومن أهم هذه السمات ما يأتى:
- النزعة السلطوية: هناك العديد من الدراسات التى ربطت بين النشاط السياسى الذى يقوم به الفرد وبين النزعة السلطوية التى تتكون من عوالم داخلية وعوامل اجتماعية مر بها الفرد، إلا أن اختلاف أو مدى تأثيرها لم يتم تناوله بصورة دراسات أكبر وأعمق توضح طبيعته[8].
- الجمود العقائدى: تؤثر هذه السمة الشخصية على نوعية السلوك السياسى الذى يقوم به الفرد، حيث نجد أن الأفراد ذووى التفكير المنغلق يتميزون بالقلق الدائم ويعانون من صعوبة فى مدى استياعبهم للعلومات الجددية التى تطرأ عليهم بل ويصل الأمر إلى رفضهم المعلومات التى تعرض عليهم إذا ما كانت تتعارض مع معتقداتهم أو يقومون بتحريف هذه المعلومات لكى يقمون بتقلبها وانسجامها مع معتقداتهم، ونجد ذلك واضحاً فى عدم تقبل القادة للمعلومات التى تتعارض مع أهدافهم السياسية التى يعلنون عنها ومثال ذلك أن هيئة أركان هتلر كانوا يتجنبون فكرة نقل الأخبار والمعلومات التى تتعارض مع معتقداته.
- الفاعلية والأهلية: هناك علاقة تجمع بين الشعور الداخلى بالقوة للأفراد وبين درجة النشاط السياسى الذى يقومون به، وقد أقرت العديد من الأبحاث والدراسات موضوع الفعالية السياسية لدى الأفراد[9].
- حب السلطة: يتميز الكثير من الأفراد الذين يتملك بهم حب السلطة بأهمية النشاط السياسى كنوع من أنواع التعويض عن الحاجة والإفتقار إلى تقدير الذات ويُعتبر هذا البُعد مهم جداً لتفسير المستويات المختلفة للنشاط السياسى لهؤلاء الأفراد، ففى بعض الأحيان نجد أن سلوك الفرد السياسى يلبى حاجاته الشخصية ودوافعه وشعوره بالحرمان، ويعبر عن قيمه ومعتقداته الداخلية ومن ثم يندمج فى إطار المجتمع حسب ميوله والآمال التى يطمح فى الوصول إليها[10].
رابعاً: أهمية الأبعاد السيكولوجية فى عملية صنع القرار السياسى.
تُعتبر عملية صنع القرار السياسى الأداة الأهم التى تمارس تأثيرها فى علاقات الدولة الخارجية وفى سياستها العامة ويمتدد تأثيراته ليشمل مجمل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ويمكن تعريف القرار السياسى وفقاً للتعريف الدكتور أحمد ناصورى على أنه ” عملية ديناميكية تتألف من مجموعة من العناصر والأبعاد والمراحل وتتم ضمن إطار مؤثرات وقيود محددة ومتعددة وتضمن السلوكيات الهادفة والتفاعلات المؤسسية والسلوكية التى تُفضى إلى اتخاذ القرار الذى يقوم على المفاضلة والموازنة بين عدد من البدائل المتاحة وبما يعبر عن علاقات وتوازنات القوى فى المجتمع ويحقق الأهداف بأقل قدر ممكن من اتستخدام الإمكانات المادية والفنية والبشرية”[11].
ويرى الدكتور صلاح السيد بيومى أن القرار السياسى يتمثل فى” الاختيار الإرادى الرشيد من بين عدة بدائل يحقق الهدف أو المصلحة العامة للقيادة السياسية، وآراء سياسة الدولة الداخلية والخارجية مما يحقق الفائدة لجموع المواطنين والمجتمع”[12].
- أنواع القرارات السياسية التى يتخذها القادة:
تتعدد القرارات التى يتخذها القادة السياسين، إلا أنه يعتبر من أهم هذه القرارات ما يأتى[13]:
- قرار الأزمة: يعتبر هذا النوع من القرارات من أهم وأخطر القرارات السياسية التى يقوم القادة بإتخاذها وذلك بسبب ضيق الوقت الذى يتم اتخاذ القرار السياسى فى إطاره وعادة ما يتم استخدام هذا القرار فى حالات تتعلق بالتهديدات المباشرة التى تواجه الأمن القومى للدولة مثل حالات الحروب ووقوع الكوارث.
- القرارالإستراتيجى: يحظى هذا النوع من القرارات بأهمية كبيرة فى سياسات الدول ويتميز بروح المبادرة ويتكون هذا النوع من القرارات فى إطار الاستراتيجية العامة للدولة، ويتم فى الكثير من الأحيان اللجوء إلى الخبراء والمستشارين لدراسة وصياغة هذا النوع من القرارات.
- القرار التكتيكى: يهدف هذا النوع من القرارات بشكل عام إلى تنفيذ القرارات المرتبطة بالسياسة العليا للدول.
- القرار التنفيذى: يتم اتخاذ هذا النوع من القرارات بشكل يومى ويكون السلوك العام للدولة فى الفعل ورد الفعل ويرتبط بالإجمال فى السياسة العامة للدولة ويُعبر عن إرادتها وتوجهاتها المختلفة.
شهدت الدراسات التى اهتمت بالتفسيرات النفسية والعقيدية لصناع القرار تطوراً ملحوظاً منذ خمسينيات القرن العشرين، وذلك فى إطار الثورة السلوكية التى ساهمت فى توضيح أدوار الفواعل الرسميين وغير الرسميين سواء كانوا داخل الدولة أو خارجها، وتشخيص الدولة من خلال تحليل الفرد الذى يُعتبر صانع لقراراتها وقد ساهم نموذج النسق الدولى، ونموذج اتخاذ القرار فى تأصيل هذا التحليل،وقد أوضحت اسهامات المدرسة السلوكية فى التركيز على الفرد بإعتباره الجوهر الأساسى فى النشاط السياسى سواء داخل الدولة أو خارجها وذلك من خلال تناولها للإطر السلوكية والإدراكية على إعتبار أن سلوك الفرد يُعتبر الوحدة الأساسية للتحليل.
وتستمد سيكولوجية القادة أهمية كبيرة من خلال الربط التحليلى بينها وبين القرارات التى يتم اتخاذها وطريقة تنفيذها، حيث أن نجد أن الصفات التى يتمتع بها القائد والبيئة التى ينشأ فيها تؤثر على أسلوب تعامله مع السياسات الداخلية والخارجية، إذ تؤثر القيم والمعتقدات والبيئة الثقافية التى نشأ فيها القائد على سلوكه خلال وضعه للسياسات الداخلية والعلاقات الخارجية للدولة مع المجتمع الدولى، ولكى يتم تحليل أى بيئة سيكولوجية مر بها أى قائد سياسى لا بد من تفسير النسق العقيدى الذى يرتبط بطبيعة الحال بالبيئة التى نشأ بها والخبرات الاجتماعية والسياسية التى عاشها وساهمت فى تأثيرها عليه، وتساهم البيئة النفسية والسيكولوجية للقادة بأهمية كبيرة فى عملية إدارة صانع القرار للعلاقات الخارجية لدولته خاصة مع ما تحمله من أفكار وتصورات.
- ومن أهم الأسباب التى تبرهن أهمية الأبعاد السيكولوجية فى عملية صنع القرار السياسى ما يأتى[14]:
- تنبع كذلك أهمية البيئة النفسية للقائد من أنها تساهم فى تكوين الأراء السياسية بل هناك ترابط بينها وبين عملية اتخاذ القرار فيؤثر كلاً منهما على الأخر، فالصور النمطية التى قد تكون مكونة داخل عقلية القائد والأحكام المسبقة لبعض الأحداث تنعكس بطبيعة الحال على اتخاذ قرارات واضحة مستنيرة توضح الحقائق المبنية على إدراك، أو اتخاذ قرارات متحيزة مبنية على تشوه فى عملية الإدراك، كذلك فإن القائد المتعاون الذى يؤمن بالأعمال الجماعية المدروسة يختلف تماماً عن القائد الذى لا يتمتع بثقة فى الأِخاص المحيطين به نتيجة لتجارب مر بها بالسابق أو تأثيرات نفسية ناتجة عن بيئته وهو ما يؤثر على عملية التوافق المبنى على الرأى الجماعة أو الانفراد فى عملية اتخاذ القرار والرغبة فى تنفيذ الرأى الذى يؤمن به القائد حتى وإن لم يلقى استحسان من الأخرين.
- تؤثر العوامل النفسية فى عملية اتخاذ القرار وذلك من خلال ممارسة تأثيرها فى تشويه الموضوعية التى يتم من حلالها اختيار استراتيجية معينة على حساب الأخرى ومن ضمن هذه المشاعر النفسية المؤثرة الشعور بالغضب أو الخوف.
- برهنت العديد من التحليلات أهمية العمليات المعرفية فى عملية اتخاذ القرار السياسى، حيث نجد أن هناك علاقة سببية تربط بين القدرات التى يمكن أن يمتلكها القائد مثل التفكير المنطقى والقدرة على تحليل المواقف بشكل أكثر تطور وبين جودة القرارات المتخذة واختيار القرار الأكثر ملائمة مع مراعة التطورات التى قد تنجم عن اتخاذ هذا القرار.
- السمات الشخصية التى يتمتع بها القائد تؤثر على الطريقة التى يقوم بها القائد لتقييم المعلومات ومعالجتها واتخاذ القرارات.
- الجوانب العاطفية للقائد تنعكس على الكيفية التى يتم استخدامها فى التحليل السياسى وصنع القرار بصورة أفضل والاختيار بين الاستراتيجيات المتاحة التى تخدم مصلحة الدولة.
ويرى الباحث من خلال ما تم عرضه أن أى قرار سياسى يتربط بعامل التأُثير البيئى والنفسى بل ومتجذر به، سواء كان هذا القرار داخلى متعلق بتعزيز الرعاية الاجتماعية والاقتصادية وكافة أبعاد الحياة داخل الدول، أو كان مرتبط بسُبل تعاملها مع الأطراف الخارجية فى إطار المجتمع الدولى، كما تساهم عملية الترابط بين الأبعاد السيكولوجية للقادة وبين عملية اتخاذ القرار السياسى فى تفسير السلوكى السياسى وطريقة التعامل المون معه وذلك من خلال مراقبة السلوك السياسى والإنضمام إلى الأحزاب التى يؤمنون بأفكارها والنهج العقائدى، ونشاطتهم المختلفة قبل عملية الوصول إلى القيادة، ولا يتوقف الأمر على العوامل النفسية فقط بل يمتد ليشمل البيئة الثقافية والاجتماعية التى تتحكم بدورها فى التوجيه السياسى للشخص حيث تنعكس هذه العوامل السيكولوجية المختلفة على رؤية الأحداث والزاوية التى تصوغ من خلالها الأفراد فيما بعد عند وصولهم إلى السلطة قراراتهم وتوجهاتهم السياسية.
المحور الثانى: أثر الأبعاد السيكولوجية لرئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إسحاق رابين على عملية صنع القرار السياسى.
يتناول هذا المحور بالوصف والتحليل تأثير الأبعاد السيكولوجية والبيئية لرئيس الوزراء إسحاق رابين على عملية صنع القرار السياسى وتداعيات هذا التأثير على عمليات السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط أو التهديدات التى تزعزع من الأمن القومى للعديد من دول المنطقة، وإنطلاقاً من ذلك سيتم توضيح بداية العوامل التى ساهمت فى التكوين النفسى والبيئى والفكرى لديه ومن ثم تحليل السياسات التى تنباها خلال فترة حكمه استناداُ على ذلك.
أولاً: نشأته النفسية والبيئية:
ولد إسحاق رابين فى مارس عام 1922م فى مدينة القدس، ونشأة فى أسرة تنتمى إلى الحركة العمالية وهو ما انعكس بعد ذلك على انضام والده إلى حزب “أحدوت هعفودا” وقد اكن هذا الحزب يمثل القوة العمالية فى الداخل الإسرائيلى فى تلك الحقبة، وتُعتبر عائلته من ضمن العائلات التى هاجرت إلى فلسطين فى إطار الهجرة من الإمبراطورية الروسية، وينمتى إسحاق رابين إلى أسرة تجمع بين والده الذى كان من دولة أوكرانيا ووالدته التى كانت من دولة بيلاروسيا، ودرس فى مدينة الجليل فى مدرسة خضورى الزراعية.
- البيئة الفكرية التى نشأة فيها:
انعكست أفكار والد إسحاق رابين وظهر ذلك فى شكل انتماؤه الحزبى فيما بعد إلى حزب العمل الذى يعتبر اتحاذ بين ثلاثة أحزاب من ضمنها حزب أحدوت هعفودا الذى كان ينتمى إليه والده إلى جانب حزبين آخرين يتمثلان فى حزب مبار،وبوعالى تسيون، وتعود جذور حزب العمل إلى القرن العشرين، ويتبنى حزب العمل سياسات أكثر ميلاً للإشتراكية التى تختلط بعناصر ليبرالية، وعلى تشفى فكرة سياسة الاستيطان وضن الأراضى، إلا أنه يبدو فى الظاهر أكثر ميلاً لتسوية سلمية مع الفلسطينيين والعرب[15]، حيث تتميز أفكار الحزب بالقدرة على التعامل السياسى الذى يدفع إلى تحقيق المصالح الإسرائيلية ولكن بما يتوافق مع متطلبات الموقف فى إطار أقل حدة من الأحزاب اليمينية المتطرفة.
وقد كانت لنشأة رابين العسكرية وانضمامه إلى العديد من الجماعات العسكرية التى أصبح أحد قادتها ومن ضمنها الهاجاناة وكان ذلك عام 1941م،وقد تم تعينه بواسطة رئيس الوزراء الإسرائيلى “ليفى إشكول” فى ديسمبر عام 1963م رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلى، وكان جاء عام 1968 ليمثل طريقاً جديداً انتهجه رابين وذلك من خلال اتجاهه إلى السياسة السياسية والدبلوماسية وتقاعده من الحياة العسكرية التى قضى فيها فترات مؤثرة فى مسيرته الحياتية وقد تم تعينه سفيراً لإسرائيل لدى الولايات المتحدة الأمريكية، كما تدرجت حياته السياسية الداخلية وظهر ذلك فى حصوله على مقعد داخل الكينست الإسرائيلى وذلك فى إطار انتمائه لحزب العمل، وقد ساهم المقعد البرلمانى الذى حصل عليه رابين فى اتساع رقعة تأثيره داخل الحياة السياسية وذلك من خلال تعينه وزيراً للعمل داخل الحكومة الإسرائيلية التى كان يترأسها جولدا مائير فى تلك الحقبة.
وانعكست الأحداث السياسية التى مرت بها إسرائيل فى ذلك الوقت على طبيعة الممارسة السياسية لإسحاق رابين، وخاصة بعد حرب أكتوبر عام 1973م حيث نتج عنها إستقالة رئيس الوزراء “جولدا مائير” فى عام 1974م انتخاب إسحاق رابين وعين رئيساً للوزراء، وجاء ديسمبر من عام 1976م ليشهد استقالة رابين من رئاسة الوزراء بعد أزمة برلمانية حادة، وبغد اجراء الانتخابات عام 1977م فاز “مناحيم بيغن” رئيس حزب الليكود برئاسة الوزراء، وظل رابين عضواً داخل الكينسيت، وقد عاد إسحاق رابين للحياة العسكرية مرة أخرى وعين وزيراً للدفاع وذلك فى عام 1984م ، فى إطار الحكومة الوطنية التى قام بتشكيلها كلاً من حزب الليكود وحزب العمل بعد أن تم التعادل بينهما فى الانتخابات التى تمت بين الكتلتين البرلمانيتين، إلى أن تمكن رابين فى عام 1992م من الفوز مرة أخرى بمنصب رئاسة الوزراء.
ثانياً:أهم السمات الشخصية لرئيس الوزراء إسحاق رابين التى انعكست على توجهاته السياسية.
اتسمت شخصية رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق رابين بالعديد من السمات التى انعكست على توجهاته السياسية والطريقة التى كان يتم بها اتخاذ القرار خلال فترات عمله السياسى والعسكرى ومن أهم هذه السمات الشخصية التى تشكلت بناءاً على العوامل البيئية والفكرية التى نشأة بها:
- المرونة فى التعامل مع المواقف: قود ظهر ذلك جلياً فى تعاملات إسحاق رابين السياسية التى هدف من خلالها إلى تحقيق الصالح الداخلى الإسرائيلى بما بتوافق مع الحد من حجم التهديدات التى قد تطال بيئته الداخلية وتزعز أمن إسرائيل لذلك نجد أنه تمتع بعقلية مرنة فى تعاملاته مع الدول الأخرى المحيطة به وعقد اتفاقيات أمن وسلام تعزز من التواجد الإسرائيلى بصورة تتوافق مع متطلبات الواقع أنذاك،فقد أراد رابين أن يحقق وجود دولة آمنة يهودية خاصة حتى وإن كان ذلك عبر استخدام الوسائل السلمية فى أواخر عهده فى رئاسة الوزراء، وهذا ما ذكره إسحاق رابين فى مذكراته حينما قال “أن أخطار السلام أفضل ألف مرة من أى حرب مهما كانت نتائجها”[16].
- التفكير الإسراتيجى : إلى جانب تمتع إسحاق رابين بالهدوء والحذر فقد كان يتمتمع بالقدرة على التفكير الاستراتيجى والجراءة دون أن تصل إلى حد التهور وقد كان لتأثير تفكيره الاستراتيجى بعيد المدى دور فى توقيع معاهدة الأردن وإسرائيل وذلك فى أكتوبر عام 1994م، حيث كان يدرك الأهمية التى تشكلها الأردن بالنسبة لإسرائيل على إعتبار أنها منطقة عازلة حيوية بين إسرائيل والعراق وإيران على الجانب الشرقى لإسرائيل[17]، فلم يكن رابين مسئولاً من أصحاب الأيدولوجية بل كان رجل دولة فى المقاوم الأول يعرف كيف يجد الحلول المناسبة بما يتوافق مع المواقف الجديدة
- التعاون والإلتزام: وقد عكست نشأة إسحاق رابين منذ صغره هذه الصفات حيث كان متعاد على القيام بدور مسئول داخل المنزل حيث زرع والديه فيه أهمية قيمة العمل على اعتبار أنه أداة للقيام بالواجب لصالح الجمهور، وقد ظهر ذلك فى تعامل رابين مع التحديات التى واجهت أمن إسرائيل وقد ساهمت السمات التى يتمتع بها فى معالجة أمن وسيطرة إسرائيل بما يتوافق مع طبيعة الموقف، ولم يرفض التشاور مع أعدائه بل وصل الأمر إلى عقد العديد من المفاوضات والمشاورات التى نجح بعضها فى صورة سلام مع الأردن أو من خلال توقيع إتفاق أوسلو.
ثالثاً: توجهات إسحاق رابين فى سياسته الخارجية تجاه عمليات السلام
أثرت بصورة واضحة سيكولوجية رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق رابين على سياساته وتوجهاته تجاه القضية الفلسطينة أو المنطقة العربية وفى علاقاته الخارجية خاصة ما يتعلق بعمليات السلام وكيفية التجاوب معها ومع تأثيراتها على الأمن القومى الإسرائيلى، فقد كان رابين يشعر بضرورة أن تقوم إسرائيل بالحد من صراعاتها مع جيرانها من الدول العربية خاصة مع تزايد قوة إيران وقبل أن تصبح إيران دولة نووية، فقد كان رابين يرى أن الصراعات المستمرة بين إسرائيل والدول العربية المحيطة بها من شأنه أن تستغله إيران لتحقيق مصالحها فى المنطقة، بالإضافة إلى التداعيات الإقليمية فقد كان رابين يرى أن أمن إسرائيل سيهدد خاصة مع تنامى وتصاعد دور حركة حماس فى الداخل الفلسطينى.
- اتفاق أوسلو عام 1993م.
كان إسحاق رابين ينظر إلى القضية الفلسطينة من منظور استراتيجى خاصة بعد أن ساهمت التداعيات الإقليمية لضرورة إعطاء الأولوية للوصول إلى حل للقضية الفلسطينة يعزز من أمن إسرائيل خاصة وأن عدم الوصول إلى حل يمثل خطورة على الأمن القومى الإسرائيلى وذلك بسبب صعود حركة حماس وتزايد شعبيتها وقوتها فى الداخل الفلسطينى، بالإضافة إلى ضورة تسوية نزاعات إسرائيل قبل أن تتزايد قوة إيران وتصبح دولة نووية تسير المخاطر الخارجية لإسرائيل، وقد مثل مؤتمر مدريد للسلام عام 1991م البداية التى سعت من خلالها الولايات المتحدة إلى دعوة الأطراف المعنية بالصراع العربى الإسرائيلى للوصول إلى تسوية شاملة ارتكزت مفاوضته على قرارى مجلس الأمن 242،338، وقد انتهت المفاوضات التى أثمرت جهودها خلال عام 1993م بعقد اتفاق أسلو[18]، وعلى الرغم من تفوات الأراء بين الدول العربية والأوروبية حول إتفاق أسلو، وتفاوتها أيضاً داخل المجتمع الفلسطينى إلا أنه اعتبر انجاز سياسى فى حد ذاته فيما يتعلق بالقضية الفلسطينة خاصة من جانب الأطراف الفاعلة فى التفاوض والمؤيدة بصورة واضحة لإتفاق أسلو وعلى رأسها رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق رابين الذى اُعتبر اتفاق أسلو واحداً من أهم العمليات السياسية البارزة التى تمت فى أثناء توليه السلطة السياسية.
- سياسة رابين فى التعامل مع عملية السلام فى الأردن.
قام إسحاق رابين من خلال حكومته بالوصول إلى اتفاق سلام مع المملكة الأردنية الهاشمية وذلك فى يوليو عام 1994م والإعلان من قبل واشنطن أن هذه الاتفاقية جاءت بناءاً على قرارى مجلس الأمن 242،338.[19]، وقد خدمت الظروف الإقليمية وعززت من الوصول إلى هذا الاتفاق بين الطرفين على اعتبار أن خيار السلام يعتبر خيار استراتيجى مهم للملكة الأردنية خاصة بعد التحديات التى تعرضت لها نتيجة لحرب الخليج الثانية عام 1991م، وكذلك استرداد الحقوق الأردنية وحماية المكتسبات الوطنية، على الجانب الأخر اعتبره إسحاق رابين انتصاراً أخر فى إطار انتصاراته السلمية التى تبناها فى مفاوضاته من أجل إرساء السلام مع العديد من الدول العربية المحيطة والتى تؤثر بشكل مباشر على أمن إسرائيل القومى، وقد ساهمت السياسة التى اتبعها إسحاق رابين مع الولايات المتحدة بإعتبارها الصديق الأهم له فى الضغط على الدول الداخلة فى المفاوضات من أجل التوصل إلى حلول تعجل من عمليات السلام خاصة وأن كافة الظروف كانت تقف فى صف اتمام هذه المفاوضات، وقد ظهر ضغط الولايات المتحدة الأمريكية على الأردن من خلال ربطها تقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية بل وشطب الديون التى كانت مترتبة على الأردن مقابل الوصول إلى معاهدة سلام بين الطرفين وقد نجحت فى ذلك.
وتعتبر سياسة رابين ومفاوضاته التى كان يقوم بها مع الأردن، واستخدامه لكافة الأدوات الدبلوماسية والسياسية الضاغطة على الأردن سواء من جانبه أو من جانب الولايات المتحدة الأمريكة إنما يبرهن طبيعته السيكولوجية التى تقوم فى المقاوم الأول على أساس تحقيق التعاون ولكن فى إطار ما يضمن بالدرجة الأولى الأمن القومى الإسرائيلى ويعزز من إستقراره وكانت هذه أهم الأوراق التى يستخدمها رابين فى كافة مفاوضاته وعدم الدخول فى حالة صراع فكرى مع الأطراف المتفاوضة وإنما استخدام كافة الأدوات الناعمة والظروف الداخلية والإقليمية لتحقيق صالح دولته فى إطار من السرية، خاصة وأن سياسة رابين فى التعامل مع مفاوضات السلام فى الأردن جاءت بناءاً على إدراكه أهمية الأردن بالنسبة لإسرائيل من الناحية الديمغرافية أو الاقتصادية أو الجغرافية خاصة فى ظل التهديد الذى كانت ستشكله الأردن بالنسبة لإسرائيل فى حالة لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام وقد برهنت هذه المفاوضات الرؤية المستقبلية التى كان يتمتع بها إسحاق رابين خاصة وأن الأردن ممر استراتيجى وتجارى لدول الخليج بل ولدول عر بية أخرى مثل العراق[20].
- سياسة رابين فى التعامل مع مفاوضات السلام مع سوريا
يعتبر إسحاق رابين أول رئيس وزراء إسرائيلى منذ عام 1949م يواجه واقعاً يسمح بمفاوضات لإجراء اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا، وقد ساهمت المرونة التى يتمتع بها رابين فى إدراته للواقع السياسى فى الموافقة على الدخول فى مفاوضات سلام مع الجانب السورى وبدأ بشكل فعلى للعمل للتوصل إلى اتفاق سلام، وعلى الرغم من المساعى المتعددة التى بذلت فى سبيل التوصل إلى اتفاق إلا أن المفاوضات فشلت فى النهاية بسبب شروط كل طرف من الأطراف والفجوة التى كانت فى التصورات التى تبناها كل طرف فى إطار عملية السلام، فقد اشترط الجانب السورى ضرورة الانسحاب الكامل من الجولان أولاً قبل مناقشة فكرة التطبييع، فى حين كان يرى الجانب الإسرئيلى وفقاً لمصالحه ضرورة إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مقابل الإنسحاب التدريجى، وعلى الرغم من استخدام رابين كافة الأدوات السياسية والدبلوماسية السرية للضغط على الجانب السورى عن طريق الولايات المتحدة الأمريكية إلا أنه لم ترتقى المفاوضات إلى درجة إتفاق تام للسلام بين إسرائيل وسوريا حيث لم يعتبر الجانب السورى الإنسحاب الجزئى كافياً لإبرام سلام شامل كما أن الجانب السورى كان يرى أن إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية كاملة لا يتضمنها القرار رقم 242 بل ووضحت المفاوضات تمسك الجانب السورى بضرورة أن يعبر الفلسطينين عن رضاهم تجاه التقدم لنيل حقوقهم[21]، على الرغم من أن رابين قدم عرض شفهى سرى قبل اغتياله عام 1994م تتضمن استعدداً افتراضياً مشروطاً بالانسحاب من مرتفعات الجولان لبسورى المحتل مقابل التطبيع مع إسرائيل.
وعلى غرار الإنقسام الذى كان تشهده الفصائل الفلسطينىية حول الموافقة على إتفاق أسلو وسُبل تنفيذ، فقد كان العديد من الإسرائيلين يرفضون الإتفاق وقد ساهمت سياسات التشدد الفكرى داخل المجتمع الإسرائيلى فى إغتيال إسحاق رابين على يد يهودى متطرف يُدعى” يغئال عمير” وذلك فى الرابع من نوفمبر عام 1995م فى تل أبيب بعد أن وقع رابين اتفاق أسلو مع الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات عام 1993م.
المحور الثالث: أثر الأبعاد السيكولوجية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على عملية صنع القرار السياسى.
يتناول هذا المحور تحليل الأبعاد النفسية والبيئية التى نشأ فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكيف تكونت هذه الأفكار، كما يوضح المحور التأثيرات التى تمارسها هذه الأبعاد السيكولوجية على عملية صنع القرار السياسى، وعمليات السلام داخل المنطقة والتأثيرات التى تتركها سياسيات نتنياهو على عملية الاستقرار فى المنطقة.
أولاً:نشأته النفسية والبيئية:
ولد نتنياهو فى عام 1949م فى مدينة يافا لأب من أصول بولندية وأم أمريكية يهودية، وقد كان لوالده التأثير الأكبر على الأفكار التى تكونت لدى بنيامين نتنياهو حيث كان بنتيسون نتنياهو يعمل مؤرخاً، وقد كان مساعداً شخصياً لزعيم الصهيونية التصحيحية “زئيف بوتنسكى”، وانتقل نتنياهو مع والده إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1963 م وأكمل تعلميه الثانوى هناك بعد أن انهى تعلميه الابتدائى فى مدرسة” هنريتا سولد” فى القدس، وقد عاد بعد ذلك نتنياهو إلى إسرائيل بعد أن أصبح عمره ثمانية عشر عاماً، وبعد أن انهى نتنياهو دراسته الجامعية عام 1976م بعد أن حصل على بكالريوس فى الهندسة المعمارية، حصل ايضاً بعدها على درجة الماجستير فى إدارة الأعمال وذلك من معهعد للتكنولوجيا فى بريطانيا بمدينة كامبريدج ولك يكتفى نتنياهو بتلك الدرجات العلمية بل حصل ايضاً على بكالريوس فى العلوم السياسية من جامعة هارفارد، وقد كان لعودة نتنياهو إلى إسرائيل عام 1967م دوراً فى تقلده منصب طابطاً بمنصب نقيب داخل الجيش الإسرائيلى وذلك أثناء تأديته للخدمة العسكرية، وقد بدأت حياته السياسية عندما عين سفيراً لإسرائيل لدى واشنطن وذلك عام 1982م وتدرج فى العديد من المناصب سواء نائب لوزير الخارجية أو رئيساً لحزب الليكود إلى أن وصل إلى منصب رئيس وزارء إسرائيل عام 1996م واستطاع الفوز على منافسه شنعون بيريز بعد أن تم اغتيال إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل فى تلك الحقبة[22].
وكانت كانت حياة نتنياهو السياسية متعددة وتدرج خلالها فى العديد من المناصب فبعد أن كان رئيساً للوزراء تم فى عام 1999 إجراء انتخابات خسرها نتناهو أمام منافسه “إيهود باراك”، إلا أن بُعد نتنياهو عن الحياة السياسية لم يستمر طويلاً ففى عام 2001م عين وزيراً للخارجية ثم وزيراً للمالية فى حكومة “أرييل شارون”، وعاد إلى زعامة حزب الليكود مرة أخرى وجاء عام 2009م ليعود نتنياهو مجدداً لرئاسة الوزراء.
- البيئة الفكرية التى نشأة فيها:
ساهمت البيئة الفكرية التى نشأ فيها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى بلورة العديد من أفكاره، وقد كان لجده”ناثان حاخاماً” ووالده “بن صهيون مايلكوويسكى” الذى غير اسمه البولندى بعد ذلك إلى “نتنياهو” كان علمانى الفكر ومن أهم مساعدى القيادى الصهيونى المتطرف” جابوتنسكى” الذى كان يدعو دائماً لتهجير الفلسطينين وإقامة دولة يهودية نقية ونجد أن بنيامين نتنياهو يستعين بأفكار “جابوتنسكى” فى الكثير من خطابته، وكان والده متخصص فى التاريخ اليهودى يؤمن بفكرة أرض إسرائيل الكبرى وكراهية الأخر غير اليهودى وأن ممارسة القوة ضد غير اليهودى هو أمر طبيعى بغض النظر عن شرعية استخدام هذه القوة، وكان جده من ضمن الأفراد اليهود الذين تجندوا للحركة الصهيونية فى شبابه وكان من الذين يؤمنون بضرورة بناء وطن لليهود فى فلسطين، وقد عززت البيئة الفكرية لنتنياهو الطريقة التى كان يستخدمها فى تعاملته السياسية فى الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان يستخدم وسائل الإعلام لبرهنة فكره اليهودى.
ويُعتبر نتنياهو من أكثر القيادات الإسرائيلية انغماساً بالتاريخ وذلك تأثيراً بوالده “بنتسيون نتنياهو” فمن خلال التاريخ يستنبط مقولاته الفكرية وخلاصاته السياسية العملية، ويًعتبر كتاب “مكان تحت الشمس” المنظومة الأيدولوجية والفكرية والسياسية التى يحملها ويؤمن بها فى جميع القضايا، وقد ظهر تأثره بأفكار والده من خلال عرضه الفكرى والسياسى داخل كتابه حيث تميزت أفكاره بالتطرف الفكرى حيث يعتبر أنه لا وجود لشعب فلسطينى وأنه لم تكن فى التاريخ دولة فلسطينية وهذه الفكرة يكررها بإستمرار الفكرى اليمينى المنطرف الذى ينمتى إليه بل ويصل الأمر إلى وصفه أن العرب فى فلسطين لم تكن لهم هوية وطنية فى التاريخ وهذا يدل على الجهل الفكرى الذى تمتع به “نتنياهو” حول مسألة نشوء الدولة القومية والدولة الحديثة والهوية الوطنية[23]، ومن أبرز أفكار نتنياهو المركزية التى تكررت فى الكثير من خطاباته (اعتبار الأمن القومى الإسرائيلى مهدداً من كل حدب وصوب، ووصف الفلسطينين بالإرهابيين، معادته للسامية، ويعتبر كلاً من إيران وحزب الله من أهم الأخطار التى تواجه الدولة اليهودية، والتذكير الدائم بالهولوكوست النازية، وأن أوروبا كثيراً ما تفشل فى تقيمها للتهديد الذى تتعرض لها إسرائيل) ولا تعتبر هذه الأفكار إلا نتاج طبيعى للبيئة الفكرية التى نشأ فيها بنيامين نتنياهو وخاصة والده[24].
ثانياً:أهم السمات الشخصية لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو التى أثرت على سياسته الخارجية.
- الأنانية وحب الذات: وقد ظهر ذلك فى العديد من قررات وسياسات نتنياهو التى يسعى من خلالها إلى تحقيق النجاح الشخصى حتى وإن كان ذلك على حساب الأيدولوجيات التى يؤمن بها حيث يرى أنه أكثر فهماً للسياسة والتاريخ من الأخرين، ويكثر “نتنياهو” من تمجيد ذاته فى كل محفل محلى أو حتى على المستوى الدولى بل ويرى أنه لا توجد أهمية كبيرة لوزارة الخارجية نظراً لأن علاقاته هى المورد الأساسى للسياسة الخارجية الإسرائيلية وقد صرح “نتنياهو” أنه “ليست هنالك حاجة إلى موظفى وزارة الخارجية فأنا موجود”[25]، كما نجد أن بنيامين نتنياهو انعكست الطريقة التربوية لوالده على سماته الشخصية حيث كثيراً ما كان يخبره أن الكل عدو له وأن المؤامرة موجودة فى كل مكان وأن لا مكان للعمل الخيرى أو الصداقات الحقيقة داخل هذا العالم وقد ظهر ذلك فى براغماتية العلاقات الشخصية لديه حيث أنه لا يميل إلأى العلاقات الشخصية القوية وتقوم علاقاته بالأخرين بشكل أساسى على المنفعة لديه .
- عدم الإعتراف بالخطأ وإلقاء مسئولية الإخفاق على الأخرين: وقد كانت هذه الصفة من أبرز السمات التى يتمتع بها رئيس الوزراء نتنياهو وقد ظهر ذلك فى العديد من القرارات والمواقف السياسية له فخلال الحر بعى لبنان اقترح الرئيس الأمريكى “رونالد ريجن” مبادرة لوقف الحرب والعمل على مبادرة سلام أردنية فلسطينية إسرائيلية وقد اقترح نتنياهو فى ذلك الوقت على “أرنس” أن تقوم بإسرائيل بالترحيب بهذه المبادرة على أن تترك إسرائيل للأخرين رفضها ولكن لم يوافق الرئيس “ريجن” على ذلك[26]،
- السلوطية والهيمنة : يحمل “نتنياهو” صفات الشخصية السلطجوية ويظهر ذلك فى إدارته السياسية سواء كانت الداخلية أو حتى على المستوى الدولى أو حتى على المستوى الحزبى، وقدد حدد المؤرخ الإسرائيلى “عوفر”نوردهايمر” بعض المؤشرات للقيادة السلطوية منها (نزع شرعية الخصوم السياسين، انتهام وسائل الإعلام بأنها معادية وغير وطنية، سن تشريعات انتقائية ضد حقوق الإنسان والأقلية ولكن ليس ضد مجموعة الوطنين، نزع شرعية المؤسسات التى تهدد الروح السلطوية)[27] ، وقد تميزت سياسة نتنياهو بالسلطوية والهيمنة على الحكم وجمع كل الأدوات التى تعزز من هذه السلطوية والهيمنة على الأخرين وفرض أراؤه ووجهة نظره السياسية وعدم القبول بغيرها بالإضافة إلى تعطشه الدائم للسلطة مما يؤكد على رادكالية نتنياهو الفكرية.
- ويتميز “نتنياهو” بالعديد من السمات الشخصة التى تعزز من سلطويته وهيمنته السياسية منها ميله إلى المركزيه وتهميش الأخرين، والتركيز على ولاء الأخرين له وعدم الاعتذار عن أخطائه، ومنع وجود منافسين له فى الحزب ويتعامل مع الأخرين على أنهم مجرد أدوات يستخدمها لتحقيق مصالحه وتعزيزهيمنته، كما يستخدم “نتنياهو” خطاب الخوف والتخويف لتعزيز سلطويته وسيطرته السياسية فهو ينشر بين الإسرائيلين بشكل مستمر أنهم فى خطر دائم ويصور نفسه على أنه الوحيد القادر على هذا الخوف لدى الإسرائيلين من خطر الإبادة من أعداء إسرائيل[28].
- الجمود الفكرى وعدم التطور: لا تتميز أفكار “نتنياهو” بالتجدد فهو إلى اليوم يردد نفس الأفكار التى كان يرددها منذ السبعينيات، بل أن المقاربات الفكرية والأيدولوجية التى يتناولها فى العديد من لقائته الإعلامية هى نفسها التى يرددها فى السابق وهذا يدل على عدم قدرته على التجديد والتطور وتقجيم مقاربات جديدة تتناسب مع تطورات الواقع الذى يعيش فيه.
- النرجسية: وتظهر الطبيعة النرجسية لدى فى أنه لديه القدرة على الإدراك أكثر من غيره، وكذلك إصراره على أن يكون فى المقدمة فى أى ميدان ولا يستسلم بسهولة لغير أهدافه وطموحه، كما أنه لا يميز بين شأنه الخاص والشأن العام خاصة ما يتعلق بالجوانب السياسية وتجد أنه من الصعب أن يقوم بمدح أى فكرة تطرح عليه من الأخرون، ويرى دائماً أن نجاحه الشخصى أهم من الاعتبارات الأيدلوجية ومن حقه استخدام أى أسلوب للوصول إلى أهدافه [29].
ثالثاً:التوجهات السياسسة لنتنياهو فى السياسات الخارجية.
يساهم البعد السيكولوجى عملية اتخاذ القرار السياسى خاصة ما يتعلق بالعلاقات الخارجية فتعتبر القيم والتصورات والبيئة الفكرية التى نشأ فيها القائد كلها أدوات لفهم طبيعة القرار السياسى والأسباب التى أدت إلى اتخاذ قرار سياسى بعينه، ونسعى من خلال عرض توجهات “بنيامين نتنياهو” فى السياسة الخارجية بشكل عام والتركيز بصورة أكبر على عمليات السلام التى تقوم بها إسرائيل وكيف تساهم أبعاد سيكولوجية نتنياهو فى استخدام أدواته المناسبة فى الوصول لذلك بالإضافة إلى أن إقامة علاقات سلام مع دولة الخليج يضعف من قوة إيران داخل المنطقة ويوحد التعاون من أجل إضعاف قوتها فى مواجهة المصالح الإسرائيلية داخل المنطقة، وهو ما انعكس على حالة التقارب فى العلاقات والشراكة المتبدالة، فيعتبر نتنياهو إيران العدو الأكبر لسياسة وتوجهات إسرائيل فى المنطقة ولا يستبعد بصورة مستمرة استخدام القوة لردعها وهو ما طلبه من الرئيس الأمريكى السابق”أوباما” بضرورة توجيه ضربة عسكرية للمنشأت النووية وذلك من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل وهو ما رفضه الرئيس الأمريكى أنذاك.
وقد ساهمت سياسة تنتياهو فى النهوض بالسياسة الخارجية لإسرائيل داخل المجتمع الدولى وساهمت الصورة التى يقوم بتوجيهها للرأى العالم الخارجى فى اكتساب تعاطف العديد من الدول إلى جانب التركيز على مصالح هذه الدول الخارجية والوصول إلى طريق مشترك يجمع بين مصالح إسرائيل بقيادة تنياهو وتحجيم القوى الإقليمية الأخرى التى تهدد أمنها واستقرارها إلى جانب تحقيق مصالح متبادلة للدول الأخرى التى تشارك فى عمليات السلام مع الجانب الإسرائيلى وقد استطاع نتنياهو الخروج من بوتقة العلاقات السرية مع دول الخليج إلى العلنية بل واتخاذ طابع الرسمية وهو ما يحقق المزيد من الأهداف التى يسمعى تنياهو فى الوصول إليها، وقد ساعد التقارب السيكولوجى بين الرئيس الأمريكى “ترامب “فى فترة حكمه الأول فى مساندة نتنياهو فى تحقيق العديد من الأهداف السياسية التى يبغى الوصول إليها، فنجد أنه قبل الوصول إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين الأمارات وإسرائيل عرضت الولايات الأمريكة عليها بيع 50 طائرة مقانلة من طراز “إف 35″، كما نجد أن ترامب أعلن رفع السودان من قائمة الدول التى ترعى الإرهاب من أجل الدخول فى اتفاق لتطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، كما نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة ترامب اعترفت بسيادة دولة المغرب على الصحراء الغربية وبيع أسلحة وتنفيذ العديد من الاستثمارات الضخمة وذلك فى إطار رعايتها لإتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل[30].
- توجهات السياسة الخارجية لإسرائيل تجاه البحرين.
تميزت العلاقات بين البحرين وإسرائيل بالتوتر خلال التسعينيات ولكن ما لبس أنت زال هذا التوتر فى التعاملات بينهما حيث نجد أن عهد نتنياهو مثل خطوة جديدة فى إطار تحقيق السلام فى العالم العربى وقد ساعدت السيكولوجية التى يتمتع بها بنيامين نتنياهو فى اقتناع دول الخليج وعلى رأسها البحرين بأهمية التواجد الإسرائيلى وكيف يمثل عامل قوة فى مواجهة إيران وسياستها تجاه الشرق الأوسط، وشهدت العلاقات بين البحرين وإسرائيل تحولاً استراتيجياً خاصة بعد المفاوضات التى تمت بين الطرفين وتم توقيع معاهدة السلام برعاية أمريكية فى البيت الأبيض سبتمر عام 2020م
- توجهات السياسة الخارجية لإسرائيل تجاه الإمارات العربية المتحدة.
تضمن الأمارات جالية يهودية يحملون الجنسية الإماراتية وكثيراً ما كانت تجمع الإمارات وإسرائيل علاقات سياسية ولكن بشكل غير معلن، إلا أن عام 2009م مثل نقطة هامة فى تاريخ العلاقات بين الإمارات وإسرائيل خاصة بعد الاتفاق مع بعض من دول الخليج على دراسة الملف الإيرانى، وفى عام 2015م أرسلت إٍسرائيل وفداً يمثلها فى الإمارات بعد أن تم منحها عضوية فى مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة التى توجد فى إمارة أبو ظبى [31]وشهدت العلاقات تقارب ساهم بشكل كبير فى الانتقال إلى التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق سلام وهو ما سعى إليه نتنياهو من أجل تحقيق الصالح العام لإسرائيل فلم يكن التوصول لإتفاق سلام مع دولة الإمارات من وجهة نظر نتنياهو من أجل تعزيز فكرة السلام داخل المنطقة فى المقاوم الأول ولكن من أجل تعزيز المصالح السياسية والاقتصادية والتجارية لها خاصة وأن الإمارات تعتبر دولة قوية فى مجال الاستثمارات التى يتم ضخها فى سوق الأعمال الإسرائيلى، خاصة وأن الأمارات اعلنت إنشاء صندوق استثمارى بقيمة 10 مليارات دولار فى إسرائيل،وقد تعدد المفاوضات من أجل التوصل لإتفاق سلام بين الطرفين إلى أن تم التوقيع على اتفاقيات أبراهام فى 15 سبتمر عام2020م فى البيت الأبيض بين الأمارات والبحرين وإسرائيل بوساطة أمريكية.
- التوجهات السياسية لنتنياهو تجاه السودان والمغرب.
تُعتبر المغرب من الدول التى لديها علاقات مع إسرائيل منذ سنوات طويلة خاصة فى المجال الاقتصادى والتجارى ولم تكن عملية تطبيع العلاقات بينهما مفاجأة خاصة فى ظل المزايا الاقتصادية التى تم التوصل إليها والاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء المغربية ولم يكن التطبيع إلا عودة إلى العلاقات التى كانت فى السابق وتوقفت بسبب الخلاف حول القضية الفلسطينية فى عام 2000م، وقد تم توقيع اتفاق التطبيع بين المملكة المغربية وإسرائيل فى 10 ديسمبر 2020م بوساطة أمريكية.
قامت سياسية نتنياهو بشكل عام على إجراء مفاوضات مع السودان ولكن فى إطار من السرية برعاية أمريكية وأمارتية مكثفة وقد انضم حكام الخرطوم الجدد إلى اتفاقيات “أبراهام” ، وقد قامت سياسة نتنياهو الخارجية على استخدام نقاط ضعف الأخرين لتحقيق نظام إقليمى قائم بدرجة أكبر على الحفاظ على أمن إسرائيل، وظهر ذلك من خلال استخدام الوقت المناسب للوصول لإتفاق لتطبيع العلاقات مع السودان بعد الإطاحة بالرئيس السودانى “عمر البشير”، ولذلك اتخذت المحادثات طابعاً جدياً فى ذلك الوقت إلى أن تم الوصول إلى اتفاق التطبيع فى عام2021م.
مثلت سياسة وفكر نتنياهو المتطرف فى التعامل مع القضية الفلسطينة والسعى المستمر إلى تصفيتها هدفاً مهماً للوصول إلى اتفاقيات سلام مع دول المنطقة حيث يسعى نتناهوإلى تعزيز الاستيطان فى الضفة الغربية، خاصة ما يتعلق بضم مناطق واسعة من المناطق الفلسطينية المحتلة إلى إسرائيل، وتعزيز تحالفات إسرائيل ضد إيران بوصفها عدواً مشتركاً لها ولهذه الدول، بالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية عبر الاستثمارات الخليجية فى إسرائيل، وكانت درجة التوافق السيكولوجى الفكرى بين الرئيس الأمريكى “ترامب” ورئيس وزراء إسرائيل “نتنياهو” من أهم الأدوات التى ساهمت فى تحقيق العديد من أهداف نتنياهو السياسية وبخلاف استخدام ترامب لأدواته المختلفة لإقناع الأطراف العربية بإقامة سلام وتطبيع مع الجانب الإسرائيلى إلا أننا نجد أنه فى حقيقة الأمر أن “ترامب” لا يؤمن بالحقوق الفلسطينية فى أى جزء من الأرض وهدفه الرئيسى هو عزل الموقف الفلسطينى والضغط عليه ليستسلم للمفاوضات وفق خطة السلام الأمريكية المزعومة ودعم الاستراتيجية الأمريكية ضد إيران والضغط عليها بتشكيل تحالفات إقليمية فى محيطها الحيوى.
وقد وصل حد التوافق الفكرى إلى إغلاق السفارة الفلسطينية فى واشنطن ونقل السفارة الأمريكية للقدس ووقف دعم مؤسسة الأونروا التى تقدم خدماتها فى الداخل الفلسطينى، بالإضافة إلى دعم علميات الاستيطان التى تقوم بها إسرائيل بقيادة رئيس وزرائها “نتنياهو”[32]، يتضح من ذلك أن الأبعاد السيكولوجية للقادة السياسية تؤثرلا بشكل مباشر فى سياستهم الخارجية فالأفكار المتطرفة والعنصرية تنمو فى البيئة الفكرية الشبية بها وبقوة كما أن السياسات الخارجية تعتبر بالأساس عن رغبات القادة السياسين وتعكس السيكولوجية استخدام كافة الأدوات المتاحة لضامن تحقيق المصالح،وقد اختلفت التوجهات السياسة لبنيامين نتنياهو تجاه الدول الأخرى فى المحيط الدولى سواء كان ذلك مع روسيا المتحدة أو الصين وتركيا وغيرها من الدول وتقوم سياسته بالدرجة الأولى على تحقيق مصالح إسرائيل فى إطار تحقيق أهدافه الشخصية فى مزيد من السلطة والسيطرة على المنطقة.
- توجهات نتنياهو السياسية تجاه القضية الفلسطينية.
وقد تبلورت سياسة نتنياهو المتطرفة فى التعامل مع القضية الفلسطينة خاصة فى حربها على قطاع غزة منذ السادس من أكتوبر عام 2023م فلا يوجد لدى نتنياهو وسيلة للتعبير عن الوصول إلى أهدافه فى الداخل الفلسطينى سوى سفك المزيد من الدماء دون السعى الدائم للوصول إلى اتفاق لوقف اطلاق النار وإنهاء الحرب وقد عطل العديد من الصفقات والمفاوضات التى تسعى لإنهاء الحرب داخل القطاع يأتى ذلك فى ظل إيمانه الفكرى من بيئته النفسية التى ورثها من والده بأن هذه الأرض هى ملك لليهود ولا حق للفلسطينين فيها، وتقوم سياسته على العدوان واستمرار عمليات الاستيطان فى الضفة الغربية والقدس، فالسياسة الخارجية لنتنياهو تقوم على تثبيت مبدأ الصهيونية واعتبار أن أرض إسرائيل(فلسطين الانتدابية) هى حق للشعب اليهودى [33].
وتعتمد سياسة نتنياهو فى تعامله مع القضية الفلسطينة على التشدد وعدم إبداء أى مرونة، والتعامل مع الفلسطينين على المستوى الرسمى والشعبى من خلال التنكر للحقوق الوطنية وممارسة الاستعمار الاستيطانى الممنهج فى المناطق المحتلة عام 1967م والقضاء على فرص استئناف مسار التسوية السياسية وسن قوانين ترمى إلى توسيع حدود المواجهة فى الضفة الغربية وقطاع غزة [34]، فقبل طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر عام 2023م، فلم تحظى القضية الفلسطينة بأى استئناف لتسوية سياسية خاصة فى ظل السياسة التى ينتهجها نتنياهو وسيطرة الصهيونية الدينية على الحكم وحصولها على المزيد من الصلاحيات فى مواجهة الفلسطينين، وكذلك غياب المبادرات الدولية للضغط على إسرائيل للوصول إلى عملية التسوية السياسية[35]، مع تتابع أحداث طوفان الأقصى نجد أن سياسة نتنياهو تقودها دوافعه الشخصية المتطرفة ويظر إلى الحرب على اعتبارها حرب استنزاف مفتوحة بالإضافة إلى أن مصالحه السياسية هى التى تحرك عجلة الحرب داخل المنطقة من خلال إطالة حرب الإبادة فى قطاع عزة وتوسيع رقعة الحرب لتشمل اليمن وإيران، ووصلت إلى حرب مفتوحة على الجبهة الشمالية مع لبنان بقيادة حزب الله واستمرار سيناريو حرب الإبادة إلى داخل لبنان ودخول اليمن إلى حاسة المعركة، يعتبر نتنياهو أن نجاحه فى إطالة أمد الحرب وتعميقها لتشمل بلدان متعددة هو وسيلته لتغير خريطة الشرق الأوسط فيما بعد الحرب.
المحور الرابع: تأُثير الأبعاد السيكولوجية للقادة الإسرائيلين وتوجهاتهم السياسية على الاستقرار فى المنطقة.
وتعتبر اتفايقات السلام والتطبيع من جانب الدول العربية مع إسرائيل فى عام 2020م حدث مؤثر فى مسار القضية الفلسطينية خاصة بعد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل والأردن مع إسرائيل عام 1994م،وصولاً إلى اتفاق أوسلو عام 1993م، وعلى الرغم من التأكيد المستمر من جانب الدول المنخرطة فى عام 2020م فى اتفاقيات السلام مع إسرائيل على أهمية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى، إلا أن الواقع العملى يثبت أن إسرائيل تستخدم كافة أدواتها بقيادة بنيامين نتنياهو للوصول إلى درجة من الدعم المستمر لحفظ الأمن القومى الإسرائيلى وإقامة جبهة قوية فى مواجهة إيران، ولا يعترف نتنياهو بضرورة حصول الفلسطينيين على أبسط حقوقهم المشروعة بل ولا يعترف بها، وقد برهنت الحرب الدائرة فى عزة منذ أكتوالمحور بر عام 2023م واستمرار أعمال الأبادة بحق الشعب الفلسطينى أن نتنياهو لا يتحرك إلا وفقاً لأفكاره المتطرفة التى تعزز من سلطته وتنصله من مسئولاته عند الخطأ فهو يستخدم سياسته عن الإرهاب ورسم الصورة الذهنية لأهمية حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها على اعتبارها فكرة راسخة تسمح لإسرائيل بمممارسة كافة أعمال العنف والقتل سواء داخل غزة أو فى الضفة الغربية وصولاً للبنان.
فقد مثلت الأبعاد السيكولوجية لنتنياهو الأداة الأهم والمرجع الأول لأفكاره المترسخة نتيجة للبيئة النفسية والفكرية والدينية التى تربى بها، ولا يمكن أن تتمتع المنطقة بإستقرار فى حالة استمرار الحرب فإمتداد واتساع دائرة الحرب ليشمل بلدان أخرى لا يمكن أن يجعل المنطقة تتمتع بحالة من الاستقرار السياسى أو الأمنى أو الاقتصادى، ويسعنا أن نذكر فى هذا الصدد أن نتنياهو كان من أوائل المعارضين لإتفاق أوسلو على اعتبار أنه يضمن إقامة دولة فلسطينة مستقلة منزوعة السلاح، وقد عارضه واعتبر التوقيع عليه خطأ على اعتبار أن يهدد أمن إسرائيل، فالركيزة الأساسية التى تحرك نتنياهو هى تحقيق أهدافه السياسية حتى وإن كان على حساب الأخرين وقد أظهرت أزمة الأسرى الإسرائيلين داخل قطاع غزة ذلك وترجمته بشكل فعلى عرقلة الوصول إلى اتفاق يضمن عودة هؤلاء الأسرى، فى ظل تداخل العديد من الدول العربية وسعيها المستمر للوصول إلى اتفاق لوقف الحرب الدائرة داخل قطاع غزة وضمان عودة الأسرى فلا استقرار تضمنه معاهدات سلام فى ظل التعقيد الدائر فى المنطقة وعدم الوصول إلى اتفاق يحمى حقوق الشعب الفلسطينى.
وقد مثلت كذلك سياسة “رابين” الخارجية خاصة فيما يتعلق بعمليات السلام وسيلة سياسية لضمان أمن إسرائيل والعامل المشترك بين نتنياهو ورابين فى توجهاتهم فى الوصول إلى اتفاق مع الدول العربية هو الحد من قوة إيران وتكوين قوة فى مواجهة إزدياد نفوها فى المنطقة وتهديد برنامجها النووى، وتعتبر إيران هى الأداة التى تستخدمها إسرائيل لتمرير فكرة ضمان شرق أوسط جديد تكون فيه إسرائيل القوة الأكبر الرادعة لأى مشروع يهدد أمنها، وعلى الرغم من اختلاف رابين عن نتنياهو فى السمات الشخصية وطريقة إدارة الساحة السياسية والتعامل مع الأزمات خاصة فى ظل انتماء رابين إلى حزب العمل اليسارى، وانتماء نتنياهو إلى الحزب اليمينى المتطرف إلا أن الرغبة السياسية كانت إقامة إسرائيل القوية فى مواجهة أعدائها وامتداد نفوذها وسيطرتها واستفادتها بصورة أكبر من عمليات السلام التى توقعها مع الدول العربية المجاورة لها خاصة فى ظل الضغوط الأمريكية لتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل دون تقديم تنازلات على أرض الواقع من الجانب الإسرائيلى فى إطار عمليات السلام ، ولا شك أن الأبعاد السيكولوجية بما تضمنه من بيئة فكرية للقادة السياسين الإسرائيلين وصياغتها لطبيعة المخاطر والتهديدات فى المنطقة التى تهدد أمنها القومى يكون فى إطار القناعة الأيدولوجية للحزب المسيطر على الحكم وتوجهات القائد السياسى الحاكم ولا يمكن أن تضمن كل هذه الأبعاد التى ينطلق منها الفكر الإسرائيلى منطقة شرق أوسط مستقرة خاصة فى ظل اعتمادها على الأداة العسكرية لتحقيق أهدافها السياسية المنطوية بطبيعة الحال على الفكر المتطرف الذى يحدد طبيعة المصالح الإسرائيلية وفقاً لرؤيته لطموحاته، ولا يمكن أن يؤدى اتفاقيات السلام التى يتم التوقيع عليها ما لم تقترن بحصول الشعب الفلسطينى على حقوقه المستحقة، وذلك فى ظل عدم توافق الفكر الأمنى الإسرائيلى حتى الآن مع متطلبات التحول إلى المناخ السلمى فى المنطقة واعتمادها على الأداة العسكرية وما يحيط بها من فعاليات وتكثيف سباق التسلح العسكرى الإسرائيلى على مستوى المنطقة الأمر الذى يطرح المزيد من انعكاساته السلبية على مناخ الاستقرار والأمن الإقليمى[36].
وقدد تعددت التأثيرات الاقتصادية إلى جانب التأثيرات الأمنية حيث نجد أن دولاً مثل مصر والأردن وسوريا تلقت العديد من الخسائر الاقتصادية بالإضافة إلى تأُثر قطاعات اقتصادية هامة منها قطاع السياحة والتجارة بسبب التوترات التجارية فى البحر الأحمر وتتطور هذه التأُثيرات لتتدرج بصورة أكثر انعكاساً على الساحة الدولية، ولا تمثل حرب إسرائيل على غزة بعد طوفان الأقصى المرة الأولى التى تنعكس التأثيرات السياسية والأمنية والاقتصادية على البيئة الإقليمية والدولية، لذلك تعتبر عملية الوصول إلى حل يضمن حقوق الشعب الفلسطينى خطوة هامة فى سبيل الوصول إلى استقرار حقيقى فى منطقة الشرق الأوسط.
الخاتمة:
تتعدد وتختلف التفسيرات حول طبيعة الأبعاد السيكولوجية وتأثيرها على عملية اتخاذ القرار السياسى داخل الدول بل ويمتد شكل هذا التأثير ليشمل جوانب متعددة داخل العلاقات الدولية، فنجد أن التوافق فى السمات الشخصية والفكرية لدى القادة السياسين يخلق بيئة سياسية متوحدة فى الأفكار تسعى بشكل أساسى على تحقيق مصالحها وتختلف هذه الأفكار سواء كانت أفكار متطرفة تساهم فى خلق قادة سياسين يسعون بصورة مباشرة إلى تحقيق أهدافهم وميولهم الشخصية والسياسية على حساب استقرار الدول الأخرى بل ويمتد الأمر فى الكثير من الأحيان إلى إتباع سياسات تعسفية واعتبار الأداة العسكرية وسيلة مؤثرة فى الضغط على الأعداء بل واستخدام الوسائل السلمية والدبلوماسية لتعزيز ودعم الأهداف التى تؤدى إلى ضمان الأمن والاستقرار إلى هذه الدول بل الوسائل الأكثر قوة.
وقد ساهمت التطورات التى تشهدها البيئة الإقليمية والدولية إلى ضرورة التركيز على الوسائل المختلفة المؤثرة فى عملية اتخاذ القرار السياسى خاصة فى ظل امتداد تأثير هذه القرارات على الدول الأخرى المحيطة، ويمكنها أن تغير من استقرارها السياسى والأمنى والاقتصادى بل والاجتماعى أيضاً، وتعتبر الأبعاد السيكولوجية بما تتضمنه من بيئة نفسية ودينية وفكرية وسمات شخصية من أهم الأدوات المؤثرة فى عملية القرار السياسى لذلك ركزت الدراسة على تفسير مفهوم هذه الأبعاد واتخاذ النموذج الإسرائيلى لتفسير مدى تعمق هذا البعد على عملية اتخاذ القرار الإسرائيلى الخارجى خاصة ما يتعلق بعمليات السلام التى قامت إسرائيل بتوقيعها مع الدول العربية فى المنطقة فى ظل حكم رئيس الوزراء السابق “إسحاق رابين” ورئيس الوزراء الحالى”بنيامين نتنياهو”، وذلك فى ظل عدم وجود دراسات تهتم بالتركيز على هذا الجانب المؤثر على عملية اتخاذ القرار السياسى الإسرائيلى ومن ثم انعكاسه على عملية استقرار منطقة الشرق الأوسط وتوضيح الأبعاد المختلفة التى تتحكم فى الرؤى الإسرائيلية عند اتخاذ قرار سياسى معين أو السعى لإجراء اتفاق سلام مع دولة من دول المنطقة، وقد ساهمت الأبعاد السيكولوجية فى صياغة التوجهات السياسية للقادة السياسين الإسرائيلين وصياغة كافة الأدوات لخدمة هذه التوجهات والأهداف السياسية، فالقرار السياسى ينطلق من الكثير من الأبعاد وتعتبر بيئة القرار الفكرية من أهم الأدوات المساحة فى التوجه نحو سياسة معينة لى حساب الأخرى.
النتائج:
- تعتبر الأبعاد السيكولوجية بما تتضمنه من (البيئة النفسية والفكرية والدينية والمسات الشخصية) من العوامل الهامة المؤثرة فى عملية اتخاذ القرار السياسى.
- إن دراسة التأثيرات النفسية والبيئية للقادة أداة هامة لمعرفة نقاط القوة والضعف لديهم واستخدام الطريقة المناسبة فى التعامل السياسى مع هؤلاء القادة داخل النطاق الإقليمى أو الدولى.
- البيئة السيكولوجية التى نشأ فيها رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق “إسحاق رابين” مثلت أداة هامة فى توجهات السياسية التى تميزت بضمان تحقيق الأمن والاستقرار لإسرائيل ولكن فى إطار عدم تجاهل مصالح بعض الدول الأخرى المحيطة فالمرونة الفكرية التى كان يتمتع بها ساعدت فى الوصول إلى اتفاق يضمن إقامة دولة فلسطينة منزوعة السلاح من خلال اتفاق أوسلو عام 1993م.
- ساهمت البيئة السيكولوجية التى نشأ فيها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى تميزه بالتشدد والتطرف الفكرى واستخدام الأداة العسكرية لتحقيق اهدافه السياسية التى تعزز من سلطته وتساهم فى الهروب مع العقاب حتى وإن كان ذلك على حساب الدخول فى حرب متعددة الجبهات.
- لا يمكن أن تمتع منطقة الشرق الأوسط بالاستقرار حتى وإن تم توقيع اتفاقيات سلام مع الجانب الإسرائيلى فى ظل عدم وجود أداة تضمن الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطينى وتحد من القوة العسكرية التى تستخدمها إسرائيل وذلك فى إطار عرقلة الوصول إلى اتفاق سلمى يعزز من انتهاء الصراعات والحروب التى يطيل أمدها نتنياهو بحجة ضمان تحقيق الانتصار لتعزيز أمن إسرائيل.
التوصيات:
- ضروة التركيز على الأبعاد السيكولوجية عند تحليل القرارات السياسية فى ظل تداخل تأثيرها على عملية صنع القرار السياسى.
- ضرورة إعتبار الأبعاد السيكولوجية للقادة وسيلة يجب أن تضمن فى إطارها احتياجات الأمن القومى للدولة والعمل المستمر من قبل القائد على تعبئة الجمهور العام بما يتوافق مع القرارات السياسية التى يقوم بإتخاذها لمعالجة الواقع السياسى للدولة بصور ة أكثر ايجابية.
- تكاتف الجهود العربية والإقليمية لتشكيل قوية إقليمية مؤثرة فى مواجهة إسرائيل خاصة فى ظل التهديدات التى تمارسها على المنطقة عبر الإستخدام المستمر للقوة العسكرية.
- تكثيف الجهود الإقليمية والدولية للضغط على إسرائيل لضرورة الوصول إلى اتفاق يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى.
- السعى المستمر إلى سرعة الإستجابة الواقعية من جانب الجامعة للأحداث الإقليمية ،وتحويل السياسات والقرارات التى يتم اتخاذها فى جامعة الدول العربية إلى واقع عملى من خلال برامج يتم استحداثها واستخدام كافة الأدوات التى تعزز من تنفيذ هذه القرارات وتضمن تحقيق الأمن والاستقرار داخل دول المنطقة.
قائمة المراجع:
أولاً المراجع العربية:
- أحمد جلال، أبعاد التحالف الإماراتى البحرينى مع إسرائيل وأثره على الأمن الإقليمى العربى، كلية السياسة والاقتصاد، جامعة السويس،المجلد الثانى عشر، العدد الأول، 2021م، ص ص 41-42.
- أحمد جواد،السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية 2001-2008،رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الأزهر،كلية الأداب والعلوم الإنسانية،2009م،ص18.
- أحمد ناصورى، مجلة دمشق لعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 21، العدد الأول،2006م
- المرجع السابق، ص155.
- المرجع السابق، ص31.
- المرجع السابق،ص64.
- باسل محمد، معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية لعام 1994 دراسة فى دوافعها ومضامينها السياسية والاقتصادية،كلية الأداب، جامعة الشرق الأوسط، 2018،ص15.
- براك رفيد،نتنياهو لضابط فى جلسة دبلوماسية :لاحاجة إلى موظفى وزارة الخارجية أنا هنا، هارتس،2016،ص5.
- زهرة صالح، صناعة القرار السياسى، معهد البحرين للتنمية السياسية، 2016،ص14-15.
- صادق الأسود، تأثير تكوين الشخصية على السلوك السياسى، جامعة بغداد، مجلة العلوم السياسية، العدد37، 2008م،ص49.
- صلاح السيد، علم الاجتماع السياسى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2016م.
- عزام شعث، عودة نتنياهو 2022 :قراءة فى سياسات الحكومة الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية ، مجلة آفاق عربية وإقليمية، العدد الثانى عشر،2023م،ص162-163.
- عوفر نوردهايمر،ديمقراطية سلطوية:مرشد للاستعمال،هارتس،2016م،ص15.
- كريمة عمر، السياسة الخارجية لدولة الاحتلال فى ظل حكم بنيامين نتنياهو2009-2019م، كلية الدراسات العليا، جامعة الخليل،2022م،ص ص152-153.
- محسن صالح، فلسطين: دراسات منهجية فى القضية الفلسطينية،سلسلة دراسات فلسطينية، القاهرة،مركز الإعلام العربى، الطبعة الأولى،2003م ،ص218.
- محمد زهير، احتمالات السلام بين سوريا إسرائيل، مجلة الدراسات الفلسطينية،المجلد 4، العدد14،1993،ص6
- مذكرات إسحق رابين، دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، الطبعة الثالثة،عمان،الأردن، 2015م،ص328.
- منصور صالح العواملة، الوسيط فى النظم السياسية: الحكومة والحقوق والواجبات العامة، الطبعة الأولى، المجلد الثالث،عمان، الأردن،2002م،ص8.
- مهند مصطفى، تشدد على مختلف الجيهات: السياسة الخارجية لحكومة نتنياهو فى ضوء مبادئها الأساسية والاتفاقيات الائتلافية، مركز الإمارات للسياسات 2023م،ص7.
- ميلود ولد الصديق، أهمية البيئة النفسية لصانع القرار فى توجهات السياسة الخارجية الأمريكية: دراسة حالة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب،مجلة العلوم القانونية والسياسية، العدد1، المجلد 10، 2019م ،ص803،.
- وثائق معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد5، العدد20،1994، ص 183.
- وليد عبد الحى، الدراسات النفسية لشخصية بنيامين نتنياهو، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، العدد42،2021م.
- وليد عبد الحى، مرجع سابق، ص ص 5-7.
- مهند مصطفى، بنيامين نتنياهوإعادة إنتاج المشروع الصهيونى ضمن منظومة صراع الحضارات، مركز رؤية للتنمية المستدامة، إسطنبول،تركيا،2019م،ص ص98-99
- منى زنودة،تأثير النسق العقيدى على صناعة القرار فى النظم السياسية العربية:دراسة مقارنة للنموذجين الأردنى والجزائرى ،دكتوراة منشورة، جامعة محمد خضير، بسكرة، الجزائر، 2017،ص62
- أحمد عارف، العوامل المؤثرة فى عملية اتخاذ القرار فى السياسة الخارجية،مجلة دراسات دولية، العدد42، 2009م
- اتفاقيات أبراهام موجة التطبيع العربى مع إسرائيل، موقع الجزيرة،2024، متاح على الرابط التالى:
https://www.ajnet.me/encyclopedia/2024/6/9
- بنيامين نتنياهو يمينى من أصل بولندى يحكم إسرائيل، متاح على الرابط التالى:
https://www.ajnet.me/encyclopedia
- محمد عبد المقصود، نظرية الأمن الإسرائيلية الجديدة، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، 2020م، متاح على الرابط التالى، https://www.idsc.gov.eg/Article/details/4358
ثانياً:المراجع الأجنبية.
- Heinz Eulau and Schneider; Dimensionsof political involvement,in: public opinion Quarterly, 1956, No.20, P.128-142; M.janovitch and D. Marvick, Authoritarianism and political Behavior, in: Public opinion Quarterly,1953, No.17,p.185-201.
- Jack S.Levy,psychology and foreign policy decision making,the oxford handbook of political psychology,2013
- N.Knutson,op.cit,p.46.
- Neil lechery,The resistible rise of benjamin netanyahu,New york,Bloomsbury publishing,2016
- The influence of psychology on the process of making political decision-analysis and conclusions, at https://fact-news.com.ua
- Shmuel Rosner ,Sit of NBC news digital ,at https://www.nbcnews.com/think/opinion/israeli-election-about-benjamin-netanyahu-s-personality-not-his-policies-ncna1055141
وليد عبد الحى، الدراسات النفسية لشخصية بنيامين نتنياهو، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، العدد 42،2021م[1]
أحمد عارف، العوامل المؤثرة فى عملية اتخاذ القرار فى السياسة الخارجية،مجلة دراسات دولية، العدد42، 2009م[2]
[3] Jack S.Levy,psychology and foreign policy decision making,the oxford handbook of political psychology,2013
.[4] منى زنودة،تأثير النسق العقيدى على صناعة القرار فى النظم السياسية العربية:دراسة مقارنة للنموذجين الأردنى والجزائرى ،دكتوراة منشورة، جامعة محمد خضير، بسكرة، الجزائر، 2017،ص62
[5] المرجع السابق،ص64.
[6] ميلود ولد الصديق، أهمية البيئة النفسية لصانع القرار فى توجهات السياسة الخارجية الأمريكية: دراسة حالة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب،مجلة العلوم القانونية والسياسية، العدد1، المجلد 10، 2019م, ص803.
[7] منصور صالح العواملة، الوسيط فى النظم السياسية: الحكومة والحقوق والواجبات العامة، الطبعة الأولى، المجلد الثالث،عمان، الأردن،2002م،ص8.
[8] Jeanne.N.Knutson,op.cit,p.46.
[9] Heinz Eulau and p. Schneider; Dimensionsof political involvement,in: public opinion Quarterly, 1956, No.20, P.128-142; M.janovitch and D. Marvick, Authoritarianism and political Behavior, in: Public opinion Quarterly,1953, No.17,p.185-201.
[10] صادق الأسود، تأثير تكوين الشخصية على السلوك السياسى، جامعة بغداد، مجلة العلوم السياسية، العدد37، 2008م, ص49.
[11] أحمد ناصورى، مجلة دمشق لعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 21، العدد الأول،2006م
[12] صلاح السيد، علم الاجتماع السياسى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2016م.
[13] زهرة صالح، صناعة القرار السياسى، معهد البحرين للتنمية السياسية، 2016،ص14-15.
[14] The influence of psychology on the process of making political decision-analysis and conclusions, at https://fact-news.com.ua
[15] محسن صالح، فلسطين: دراسات منهجية فى القضية الفلسطينية،سلسلة دراسات فلسطينية، القاهرة،مركز الإعلام العربى، الطبعة الأولى،2003م ،ص218.
[16] مذكرات إسحق رابين، دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، الطبعة الثالثة،عمان، الأردن، 2015م،ص328.
[18] أحمد جواد،السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية 2001-2008،رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الأزهر،كلية الأداب والعلوم الإنسانية،2009م،ص18.
[19] وثائق معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد5، العدد20،1994، ص 183
[20] باسل محمد، معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية لعام 1994 دراسة فى دوافعها ومضامينها السياسية والاقتصادية،كلية الأداب، جامعة الشرق الأوسط، 2018،ص15.
[21] محمد زهير، احتمالات السلام بين سوريا إسرائيل، مجلة الدراسات الفلسطينية،المجلد 4، العدد14،1993،ص6
[22] بنيامين نتنياهو يمينى من أصل بولندى يحكم إسرائيل، متاح على الرابط التالى: https://www.ajnet.me/encyclopedia
[23] مهند مصطفى، بنيامين نتنياهوإعادة إنتاج المشروع الصهيونى ضمن منظومة صراع الحضارات، مركز رؤية للتنمية المستدامة، إسطنبول،تركيا،2019م،ص ص98-99
[24] وليد عبد الحى، مرجع سابق، ص ص 5-7.
[25] براك رفيد،نتنياهو لضابط فى جلسة دبلوماسية :لاحاجة إلى موظفى وزارة الخارجية أنا هنا، هارتس،2016،ص5.
[26] المرجع السابق، ص31.
[27] عوفر نوردهايمر،ديمقراطية سلطوية:مرشد للاستعمال،هارتس،2016م،ص15.
[28] Neil lechery,The resistible rise of benjamin netanyahu,New york,Bloomsbury publishing,2016
[29] Shmuel Rosner ,Sit of NBC news digital ,at https://www.nbcnews.com/think/opinion/israeli-election-about-benjamin-netanyahu-s-personality-not-his-policies-ncna1055141
[30] اتفاقيات أبراهام موجة التطبيع العربى مع إسرائيل، موقع الجزيرة،2024، متاح على الرابط التالى: https://www.ajnet.me/encyclopedia/2024/6/9
[31] كريمة عمر، السياسة الخارجية لدولة الاحتلال فى ظل حكم بنيامين نتنياهو2009-2019م، كلية الدراسات العليا، جامعة الخليل،2022م،ص ص152-153.
[32] أحمد جلال، أبعاد التحالف الإماراتى البحرينى مع إسرائيل وأثره على الأمن الإقليمى العربى، كلية السياسة والاقتصاد، جامعة السويس،المجلد الثانى عشر، العدد الأول، 2021م، ص ص 41-42.
[33] مهند مصطفى، تشدد على مختلف الجيهات: السياسة الخارجية لحكومة نتنياهو فى ضوء مبادئها الأساسية والاتفاقيات الائتلافية، مركز الإمارات للسياسات 2023م،ص7
[34] عزام شعث، عودة نتنياهو 2022 :قراءة فى سياسات الحكومة الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية ، مجلة آفاق عربية وإقليمية، العدد الثانى عشر،2023م،ص162-163.
[35] المرجع السابق، ص155.
[36] محمد عبد المقصود، نظرية الأمن الإسرائيلية الجديدة، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، 2020م، متاح على الرابط التالى، https://www.idsc.gov.eg/Article/details/4358