جـــيبوتي رقم إضـــافي في مـــعــادلــة الصـراع في الـــقـــرن الأفــــريــــقــي والبحــر الأحـــمــر
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر
بينما يبدو أن التوتر بين إثيوبيا والصومال يتجه نحو المواجهة الصريحة التي قد تصل إلي حد المواجهة المسلحة بين إثيوبيا من جهة والصومال الفيدرالي ومصر وربما تركيا من جهة أخري والأخيرة بموجب إتفاق دفاعي وقعته في وقت سابق مع مقديشيو كإتفاق مماثل وقعته الصومال مع مصر في أوائل أغسطس2024 إستدعي تموضع نحو 10 آلاف جندي مصري في الصومال التي تلقت كذلك معدات عسكرية مصرية دعماً لها كما تلقت الصومال الدعم من إريتريا التي تدهورت علاقات حكومة أبي أحمد معها منذ ما يقرب من عام , وفي الواقع أن مذكرة تفاهم ميناء بربرة الموقعة بين إثيوبيا وجمهورية أرض الصومال المزعومة في أول يناير 2024 قد تحسب علي أنها مزيج من الإنتصار الدبلوماسي والسياسي والمخابراتي مولته الإمارات لكنها لم تكن قنبلة مدمرة فقد شرخت الزجاج في الغرف المجاورة لا أكثر وجلبت خسارة لم يكن أباي احمد رئيس الوزراء الأثيوبي بحاجة لإضافتها إلي مجموع خسائره في الداخل الإثيوبي فقد إستنفرت مصر والصومال الإتحادي وربما تركيا وأرتريا وأطراف أخري ثانوية في المنطقة ومنحت سبباً وجيهاً لمصر لتوقيع إتفاق عسكري وربما أمني مع الصومال التي سعت إليه طويلاً فقد كانت الصومال تخشي منه مخافة رد فعل إثيوبي لكنها عقب توقيع صوماليلاند مذكرة تفاهم بربرة في يناير2024أقدمت علي توقيعه مع مصر إبتغاء بعض السلامة وتحقيق الإستواء في علاقاتها مع تركيا الصديق البعيد ومصر الصديق القريب والذي لديه دافع واضح وأبدي في تحقيق إقتراب جغرافي / عسكري من عدوه التاريخي : إثيوبيا وقد تحقق بالفعل هذا الإقتراب وهذا هو غاية المرام للعسكرية المصرية التي كإثيوبيا غير منحازة لحرب حقيقة من أجل الصومال أو علي الأقل بسببها فإثوبيا من الداخل ممزقة مفتتة ولا يجمعها – وهذا ما يجتهد في فعله رئيس الوزراء الإثيوبي – سوي سد النهضة والعسكرية الإثيوبية إستنفذت حرب التيجراي قوتها كما أنه بالمعايير العسكرية لا يرقي في قوته وجاهزيته إلي مستوي الجيش المصري – علي الأقل نظرياً – كما انه لو حارب في الصومال فسيحارب في بيئة كارهة طاردة له فالصوماليين أحد أهم أسباب بقاءهم هو إنتظار الإنتقام من الإثيوبيين فصورة إثيوبيا الماثلة في الذهن الجمعي الصومالي هو أنها قوة طامعة و في أراضي الصوماليين ودولة توسعية بالإضافة إلي أن إقتصاد إثيوبيا لا يمكنه إن يتحول لأقتصاد حرب مرة أخري فأسس عدة لهذا الإقتصاد متداعية بفعل الإدارة السياسية الإقتصادية السيئة له كالعهد بمعظم الإقتصاديات الأفريقية , أما في الحالة المصرية أري أن خطوط الإمداد والتموين طويلة ومكلفة وإقتصاد مصر في أفضل التقديرات شبه منهار ولا حلفاء عرب يمكن التعويل عليهم كما أن الوضع السياسي الداخلي لا يوفر إجماعاً يزن الأمور في الإقدام علي عملية عسكرية خلافية فهناك من يري أن الأولوية للجيش المصرية في الإقدام عليها تتوفر في حالة غزة خاصة وأن الجيش الصهيوني ممزق شر ممزق ولايمكنه صد أي هجوم مصري خاصة وأن الجبهة الشمالية (جنوب لبنان) حيدت شمال فلسطين المحتلة وتستنفذ قوة رئيسية للجيش الصهيوني بل إن الجبهة الأردنية التي تذود عن الكيان الصهيوني نفسها يري الصهاينة أنها مخترقة ويتم تهريب الأسلحة منها للمقاومة الفلسطينية النبيلة وبالتالي تستنفذ قدرات المراقبة والمتابعة الصهيونية إضافة لجبهة أنصار الله في اليمن التي حيدت جزءاً مهما في الإقتصاد الصهيوني وخربته ليكتمل الأثر المدمر لما فعله الفلسطينيون أنفسهم في أهم إقتصاد تدعمه الولايات المتحدة خارجها وهو الإقتصاد الصهيوني الإعتمادي هذا بالإضافة إلي ما يمكن أن يفعله العراقيون والإيرانييون في المجهود الحربي المضاد للصهاينة فالجيش المصري تتوفر له جبهة سهلة إن كان يريد تحقيق نصر سهل تكلفته متدنية وخطوط إمداده وتموينه قصيرة جداً كما أن الجيش المصري متاحة له منذ زمن جبهة السودان لكي يشارك في الذود عنها كما فعل السودان نفسه وعرض نفسه للخطر الصهيوني عندما إستضاف العسكرية المصرية علي أرضه لحمايتها عقب حرب 5 يونيو1967 والآن عليه وعلي مصر أن تتدخل لتمزيق ما يُسمي بقوات الدعم السريع التي تحارب بطريقة مزاجها حرب العصابات وعمليات فردية للسطو المسلح علي الجيش السوداني وأخيراً أمام الجيش الصري الدفاع عن الإتجاه الإستراتيجي الغربي في ليبيا ونحر قوات حفتر التي تدعمها الإمارات التي تتآمر علي مصر في كافة إتجاهاتها العسكرية الإستراتيجية والخلاص منه فهو الخطر الحقيقي أو الخطر ذا الأولوية لنا في ليبيا وليست طرابلس .
هـل يمكن أن تندلع حـــرب في الـــصـــومـــال ؟
إن ما يحدث وسيحدث عسكرياً في الصومال بين مصر وإثيوبيا هو عملية عسكرية مــثستعدة وجاهزة Stand – by وليس أكثر من ذلك بالنسبة للطرفين الإثيوبي والمصري أما تركيا الحاضرة عسكرياً في الصومال – قبل إستقدام الصوماليين لمصر – فتلتزم الصمت والترقب فالمسافة بين الأتراك وكل من الصومال وإثيوبيا تكاد أن تكون متساوية أما المسافة التي بين مصر وإثيوبيا فبعيدة وقد تبرر خيار الحرب المُستبعد حتي الآن إلا أن هذه المسافة تبرر بالأخذ به إن أرادها أحد الطرفين أو كلاهما أما المسافة التي بين مصر والصومال فربما كانت علي الأقل تاريخياً أقرب من تلك التي بين تركيا والصومال .
فيما يتعلق بالموضوع الرئيسي المحفز للحرب أو ما هو دون خيار الحرب وهو موضوع مذكرة تفاهم ميناء بربرة ففي تقديري أن الأمر شبه المؤكد فيما يتعلق بالمقابل الإثيوبي لصوماليلاند لقاء الإستحواذ أو الإستيلاء الإثيوبي علي ميناء بربرة القول بأنه مقابل سيظل لا يخرج عن دائرة الوعود التي لكي يتم تنفيذها فلابد أن يطرأ تغيير في قوة السلطة في صوماليلاند وهو أمر مُستبعد فصوماليلاند مازالت وستظل حتي إشعار آخر كيان غير مـُعترف به دولياً تحكمه سلطة خائرة هـــشــة الباعث الوحيد علي توقيعها علي مذكرة ميناء بربرة منحة تمويلية إماراتية لمصلحة رئيس جمهورية صوماليلاند المزعوبة وفريق المنتفعين الملتفين حوله و لحساب إثيوبيا فمحتوي هذه المذكرة لا يمكن أن يوقع عليها كيان أو دولة محترمة فهي مذكرة تخلي وتسليم ونتيجةمزيج من التهديد والإغراءالإثيوبي وإثيوبيا نفسها – لأسباب يعلمها الصوماليين والإثيوبيين أكثر من غيرهم – لا تتوفر لديها أي نية حقيقية للاعتراف بأرض الصومال لأسباب داخلية أضافة للأسباب المتعلقة بالقانون الدولي وإستحالة التصويت لصالح الإعتراف بها داخل الأمم المتحدة ولا ينبغي أن يتأثر البعض بالمزاعم المبالغ فيها فلو كانت إثيوبيا ترغب حقاً في الاعتراف بسيادة أرض الصومال، لكانت قد فعلت ذلك منذ سنوات خلت فلم تكن مذكرة التفاهم تلك أكثر من ورقة مساومة ووسيلة قياس لقوة عزيمة الدبلوماسية الصومالية وقدرتها علي بناء تحالف إستطاعت بشكل من تكوينه مع تركيا ثم مصر وربما إشتركت فيه أرتريا التي كالعادة لا تخشي بأس إثيوبيا وعلي وجه العموم يمكن القول أن استراتيجية إثيوبيا في أهم نطاق في منطقة القرن الأفريقي وهو الصومال وأجزاءه المفتتة أخفقت بل أتت بنتائج عكسية فلم تكن إثيوبيا تنوي المضي قدماً في الاتفاق المُشار إليه في مذكرة تفاهم ميناء بربرة في يناير 2024 أو علي الأقل تنفيذ الوعود التي بذلتها لصوماليلاند والتي تعد المقابل للتوقيع وهو الإعتراف الإثيوبي بصوماليلاند وتلقي فريقي حاكم صوماليلاند وفريقه رشوة النسبة المسماة بين الإثيوبيين والإماراتيين في شركة الخطوط الجوية الإثيوبية عملاق الأجواء الأفريقية وحتي الآن – وإلي أن يطرأ عامل إيجابي جديد لصالح إثيوبيا – يشير تقديري الختامي إلي أن إثيوبيا خسرت بفعل مذكرة تفاهم بربرة أكثر مما كسبت بما في ذلك نفوذها داخل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال والتعاطف من دول أفريقية رئيسية مثل جنوب أفريقيا وكينيا التي يغلب علي متخذ القرار فيها الشك في النوايا الإثيوبي وأوغندا ورواند وبوروندي وجنوب السودان وهي دول أفريقية حبيسة جغرافياً كأثيوبيا لكنها لم تفكر أبداً في النزوع إلي تصرف كالذي إقترفته إثيوبيا إستغلالاً منها لضعف وتهافت النظام الإنفصالي الحاكم في هـــرجـــيـسـة أمـا بالنسبة لأرض الصومال فإنها لا تزال في حالة من الغموض ويرجع هذا إلى حد كبير إلى أن الاتحاد الأفريقي لا يميل إلى تأييد تفتيت الجمهورية الصومالية والمسار الوحيد القابل للتطبيق للاعتراف بأرض الصومال يكمن في التفاوض على استفتاء الانفصال مع الصومال على غرار السوابق التي أرستها إريتريا وإثيوبيا أو جنوب السودان والسودان ولا ينظر المجتمع الدولي بعين الرضا إلى الانفصال من جانب واحد كما أنني أري صعوبة إجراء عملية بتر في منطقة خطرة ملوثة بالنعرات القبلية كالقرن الأفريقي .
بالإضافة إلي العبء أو الخطر الذي يمثله التواجد العسكري المصري علي الأراضي الصومالية فهذا التواجد لاشك في كونه عبء سيثقل كاهل الإثيوبيين الذين أعتقدوا بناء علي حساباتهم أن مصر ستكتفي بترديد عدة عبارات حماسية لا أكثر إلا أنهم فُوجئوا بالحضور العسكري المصري مما جعل الخطوة الإثيوبية للإستحواذ علي ميناء بربرة بخليج عدن المؤدي لقناة السويس خطوة مكلفة مشوبة بالخطورة علي الإثيوبيين يُضاف إليها الحضور العسكري التركي المتزامن مع بدء تطبيع العلاقات التركية / المصرية التي سيمتد مجالها بلا أدني شك ليشمل التنسيق لرعاية المصالح التركية / المصرية في نطاقين مهمين هما القرن الأفريقي وشرق المتوسط ولا يخف علي المراقب الجاد مصداقية التعاون الدفاعي التركي في الصومال وعلاقته المباشرة بالمهددات المحتملة للتوترات الحالية في القرن الأفريقي فمن بين العديد من الإشارات الدالة علي كفاءة التواجد العسكري التركي المتوقع في الصومال نظيره في قطر فقد كانت تركيا جادة كل الجدية في التدخل العسكري التركي لحمايتها من التهديدات المُصاحبة لإعلان الحصار الرباعي علي قــطـــر في 5 يونيو2017 إضافة لذلك فقد أعلن في 27 أغسطس2024 عن أن القوات الجوية التركية والقطرية قد شكلتا السرب التركي القطري المشترك تحت قيادة القوات المشتركة القطرية ويأتي تشكيل هذا السرب بعد زيارة رسمية أجراها الجنرال ضياء جمال كادي أوغلو قائد القوات الجوية التركية إلى قاعدة دخان الجوية في قطر ومن المقرر أن يقوم السرب التركي القطري المشترك بتشغيل طائرات إف-16 فالكون المقاتلة التابعة لقيادة القوات الجوية التركية في حين من المتوقع أن ينشر سلاح الجو الأميري القطري طائرات داسو رافال المقاتلة للسرب المشترك , هذا وقد زاد نشر طائرات إف-16 بشكل كبير من الوجود العسكري التركي في ثكنة طارق بن زياد حيث تتمركز قيادة القوات المشتركة التركية القطرية .
من غير المتوقع أن تتيح الولايات المتحدة والقوي الأوروبية بوجه خاص أن تدع خيار الحرب حراً ومتاحــاً لمصر أو لإثيوبيا فالمنطقة برمتها هـــشــة للغاية ولا تتحمل الولوج إلي أتون حرب ولذلك فلن يكون هذا الأمر سهلاً كما أن البحر الأحمر وخليج عدن يشكلان أهمية بالغة بحيث لا يمكن أن يتحولا إلى منطقة حرب أخرى وشرق أفريقيا هش للغاية بحيث لا يمكن أن تقام عليه مغامرات متهورة ويتعين على العالم أن يمسك بزمام هذه المشكلة فبمجرد أن تنطلق لن يكون هناك من يكبح جماحها ولذلك فأنا أعتقد أن الأزمة الناشئة عن مذكرة تفاهم بربرة التي إختلقتها إثيوبيا إختلاقاً بزعم حاجتها لمنفذ بحري والحديث عن هذه الحاجة كأنها حق قد تقرروهذا نوع من أنواع الهذيان فهناك دول كثيرة في العالم لم تفعل مع فعلته إثيوبيا كبوليفيا في أمريكا اللاتينية ومنغوليا في آسيا وبوروندي ورواندا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطي وزامبيا في أفريقيا ويشير الموقف الإثيوبي إلي تشوهات في الفكر السياسي الإثيوبي مُشابه للفكر السياسي للصهاينة فإثيوبيا ومن خلال إتفاق عنتيبي 2010 ألغت بجرة قلم مبادئ مستقرة في القانون الدولي للإنهار الدولية والعابرة للحدود وهاهي تكرر نفس الفعل في شأن تأجير ميناء بربرة من كيان وهمي منفصل عن دولة قائمة ذات سيادة ويحدث كل هذا والإتحاد الأفريقي لا ينبت ببنت شفة كأنه كائن أخرس وكان الأحري أن يدعو مجلس السلم والأمن الأفريقي مثلاً إلي جلسة يُثار فيها موضوع مذكرة تفاهم أول يناير 2024 بشأن ميناء بربرة فهي تعد بكل وضوح والمقاييس إفتئات علي سيادة ووحدة أراضي دولة عضو بالإتحاد الأفريقي فمجلس السلم الأفريقي يعمل وهو في القبضة الإثيوبية وهو إما أنه جهاز صامت إزاء بعض الأزمات كأزمة ميناء بربرة أو أنه يعمل وفق نهج إزدواجية المعايير كالأزمة في تشاد الناجمة عن مصرع أدريس ديبي وتولي إبنه عرش تشاد الخـــرب خلافاً لنص دستوري تشادي وبتزكية من العسكريين التشاديين الذين أطعمهم أدريس ديبي لنحو 30 وتنكروا للشعب التشادي لذلك فعدم تدخل الإتحاد الأفريقي يؤكد أنه منظمة بلا قيمة ومن الظلم إحترامها كاجامعة العربية التي ستظل إلي أبد الدهر في جاهلية سياسية مقيتة فهي مازالت عابدة لصنم الإجماع .
لم تكن إثيوبيا بالمرة بحاجة لإختلاق أزمة وتصوير كونها حبيسة جغرافياً كأنه مأساة فهي بكل سهولة يسر يمكن كشأن كل الدول الأفريقية الحـــبيسة أن تستخدم موانئ الدول الأفريقية الساحلية وهذا أمر ميسر يسرته الصومال / مقديشيو لها رغم سوء طوية الإثيوبيين التاريخية ووفرته جيبوتي والسودان قبل فزع جنرال المعيز المدعوم من بقايا خيبر في الإمارات لكن الحقيقة العارية هي أن إثيوبيا تستدرج المنطقة لفرض تحقيق أطماعها في كل الصومال بعد أن بلعت الأوجادين وإلا لكانت تصرفت في أزمة أنحباسها الجغرافي ككل دول العالم الحبيسة .
بالرغم من كون جمهورية الصومال دولة مستقلة ذات سيادة كاملة علي أراضيها تعترف بها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلا أن الوجوده العسكري التعاون العسكري بين مـــصــر وجمهورية الصومال أثار غضب إثيوبيا وصوماليلاند التي أصدرت في 29 أغسطس بيان يدين الوجود والتعاون العسكري المصري / الصومالي الذي ورد فيه :
تعترض حكومة جمهورية أرض الصومال بشدة على الانتشار الأخير للقوات العسكرية المصرية في الصومال وبالنظر إلى تاريخ مثل هذه الانتشارات، فإن الافتقار إلى التقييم أو الاعتبار لاستقرار وأمن الصومال ومنطقة القرن الأفريقي بأكملها أمر مثير للقلق وترى جمهورية أرض الصومال أن هذا التطور من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم حالة السلام الهش الذي تم إرساء دعائمه بشق الأنفس على مر السنين سواء من جانب شعب أرض الصومال أو من جانب بلدان المنطقة إن إدخال قوات عسكرية أجنبية إلى الصومال المجاورة تحت أي ذريعة من شأنه أن يهدد بزعزعة استقرار المنطقة وتقويض جهود السلام وتصعيد التوترات التي قد تؤدي إلى عواقب وخيمة وبعيدة المدى .
باعتبارنا دولة ذات سيادة وديمقراطية في منطقة القرن الأفريقي فإننا نأخذ على عاتقنا مثل غيرنا من الدول المجاورة أن نرفض بشكل قاطع أي وجود عسكري أجنبي في المنطقة من شأنه أن يعرض استقرار وأمن شعبنا للخطر .
ونحن ندعو المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الخطوة الخطيرة التي اتخذتها مصر على وجه السرعة ومن الضروري أن تتحرك كل الدول المسؤولة بسرعة لمنع المزيد من زعزعة الاستقرار وتعزيز الحلول الدبلوماسية التي تحترم سيادة وسلامة أراضي كل الدول في منطقة القرن الأفريقي .
لن تقف جمهورية أرض الصومال مكتوفة الأيدي في مواجهة أي أعمال تهدد السلام الذي حققته بشق الأنفس واستقرار المنطقة ونحن نحث شركاءنا الدوليين على مراقبة هذا الوضع المقلق عن كثب واتخاذ خطوات فورية لحماية أمن واستقرار أرض الصومال والمنطقة على نطاق أوسع” .
في الواقع أن البيان الذي صدر عن هـــرجـــيـــســة إنما صدر عن أديس أبابا وهو بيان غير واقعي فمصر تــــُلام إن هي لم تتدخل وتتعاون لتدعم الصومال فمصر قامت بواجبها ذاك قبل إستقلال الصومال وشاركت عن طريق وزير خارجيتها المرحوم كمال صلاح الدين في صنع الإستقلال السياسي للصومال تحت مظلة الأمم المتحدة وإمتداد لنفس الدور تقوم مصر بواجبها لصيانة إستقلال وأمن الصومال والشعب الصومال ويبدو أن الإثيوبيين أصيبوا بالعمي التاريخي والإستراتيجي لأن الحقيقة الماثلة تشير إلي أن أمن مصر يتخطي النيل ليصل إلي مقديشيو وهرجيسة معاً ,
بينما يحدث ذلك أعلن وزير الخارجية الجيبوتي أن : “جيبوتي تعرض علي إثيوبيا ميناء تاجورة لتولي إدارته الكاملة” بدلاً من ميناء بربرة بأرض الصومال مثار التوتر السائد بين مصر والصومال وربما قوي أخري من جهة وإثيوبيا من جهة أخري وذلك كوسيلة لكبح التوتر المتصاعد في القرن الأفريقي عقب توقيع مذكرة تفاهم في أول يناير2024 بين إثيوبيا وما يُسمي بجمهورية أرض الصومال المنفصلة عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ33 عاماً خلت وهي لا تحظي بإعتراف دول المجتمع الدول بإستثناء تايوان التي لا تعترف بها هي الاخري سوي 12 دولة في العالم مقابل مساعداتها وتشجيع الولايات المتحدة لها .
البحر الأحمر وتخومه البحرية ممر عسكري وتجاري بالغ الأهمية والخطورة وتمتلك دول القرن الأفريقي خطًا ساحليًا يبلغ طوله حوالي 4700 كيلومتر فيما تمتلك السعودية واليمن في غرب آسيا المقابلة لمنطقة القرن الأفريقي معًا حوالي 3600 كيلومتر وبصفة محددة تمتلك السعودية حوالي 1760 كيلومترًا واليمن حوالي 1840 كيلومترًا وهذا يجعل منطقة القرن الأفريقي صاحبة حزام ساحلي واسع أطول من أي منطقة أخرى وفي هذه المساحة البحرية الجيوستراتيجية يبلغ طول المنطقة على البحر الأحمر وخليج عدن بما في ذلك مضيق باب المندب حوالي 2900 كيلومتر بينما يمتد ساحلها على المحيط الهندي لحوالي 1841 كيلومترًا ويشكل الحزام الساحلي للمنطقة أحد أكثر الممرات المائية أهمية استراتيجية في العالم حيث يتعامل مع حوالي 20٪ من تجارة العالم بما في ذلك حوالي 11٪ من تجارة الهيدروكربون العالمية .
وسط هذا الجو الملبد بغيوم ونذر الحرب أو ما يكاد أن يكون كذلك أجري وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف مقابلة مع برنامج “التركيز على أفريقيا” الذي يُبث على قناة BBC الأمهرية قال خلالها : “أن جيبوتي عرضت خيار السماح لإثيوبيا بإدارة ميناء تاجوراء”ولم يتم تقديم أي تفاصيل بشأن موعد تقديم العرض إلى إثيوبيا وما إذا كانت هناك أي ملاحظات بشأنه من جانب إثيوبيا كما لم يتم تحديد تفاصيل الشروط التي تم بموجبها تقديم العرض إلى إثيوبيا.
تاجورة تحديداً هي الميناء الذي أعلن وزير خارجية جيبوتي أن بلاده تعرضه” على إثيوبيا ويتراوح عدد سكانها بين نسمة وبين 30 ألف نسمة وفقًا لبعض المصادر وقد استُخدم كميناء منذ القرن الـ19 ويقع في الجزء الشمالي من جيبوتي ويبعد حوالي 206 كيلومترًا عن ميناء عصب – الذي يعد الآن جزءًا من إريتريا وقد تم افتتاح ميناء تاجورة في عام 2017 وتم تطويره بمشاركة مجموعة تكنيتال الإيطالية يقع الميناء إلى الغرب من تاجورة وهي واحدة من أقدم المدن في جيبوتي وهي اليوم ثالث أكبر مدينة في البلاد وتروج حكومة جيبوتي أنها استثمرت 90 مليون دولار لتطويرهذا الميناء الواقع في موقع مثالي لخدمة المناطق الداخلية ويمكنه استيعاب السفن التي يصل وزنها إلى 65 ألف طن ويحتوي الميناء على رصيفين وحوالي 1400 قدم من الرصيف بعمق 39 قدمًا ويحتوي الميناء على محطة رورو وقد تم تصميمه للتعامل مع ما يصل إلى أربعة ملايين طن من البوتاس سنويًا إلى جانب إمكانية الوصول إلى طريق شمال تاجورة- بهلو السريع .
يُنظر البعض إلى العرض الذي قدمته جيبوتي على أنه خطوة استراتيجية لتحييد النفوذ الناشئ لأرض الصومال وهي الكيان الذي تشعر جيبوتي أنه قد يصبح تهديدًا كبيرًا لمصالحها البحرية التجارية إذ يُنظر إلى ميناء بربرة الواقع في أرض الصومال على أنه يمثل تحديًا لميناء جيبوتي بعد توقيع اتفاقية مع إثيوبيا تمنح 12ميلاً من الساحل لإثيوبيا ويتضح نفوذ بربرة المتزايد بعد أن احتل المرتبة الأولى كأفضل أداء لميناء في مؤشر أداء موانئ الحاويات التابع للبنك الدولي في منطقة شرق القرن الأفريقي إذ جاء ميناء بربرة المرتبة 106 ارتفاعا من 144 في عام 2022بينما هبطت جيبوتي إلى المرتبة 379 من 26.
لم تمتد المطامع الإثيوبية إلي مفاتحة جمهورية الصومال الفيدرالية لتأجير ميناء ميركا أوكيسمايو التي يمكن للصومال أن تقدمها لإثيوبيا كبدائل لميناء بربرة الذي تتوفر فيه ميزات منها أنها واقع في قبضة شديدة الضعف لجمهورية مزعومة هشة لأنها غير مُعترف بها دوليا لذا يمكن بالحصول والإستحواز علي ميناء بها ليس فقط إقامة قاعدة عسكرية تخدم الأغراض العسكرية / الأمنية الإثيوبية بل وإدارة أرض الصومال نفسها كملحق للإراضي الإثيوبية توطئة لضمه مستقبلاً وأرض الصومال كلها رسمياً وبإستئفتاء مزعوم إلي إثيوبيا كما فعلت روسيا في حالة أوكرانيا ومن الميزات اللأأخري أن بربرة ميناء أقرب إلى وسط البلاد ويوفر خدمات أكثر كفاءة بالإضافة إلى ذلك لا يواجه ميناء بربرة نفس المخاوف الأمنية والسلامة التي تواجهها موانئ الصومال .
كان من المقرر أن يكون ميناء عصب في إريتريا مركزًا مزدوج الغرض: مركز أعمال لكل من إثيوبيا وإريتريا ومركزًا عسكريًا استراتيجيًا في البحر الأحمر ومع ذلك فإن تدهور العلاقة الإثيوبية الإريترية الواعدة في السابق جعل هذه الخطط لميناء عصب غير قابلة للتنفيذ فوضعت الإمارات الممول الرئيس للعمليات المتتالية للإستحواذ علي ما مكنها الإستحواذ عليه من مواني البحر الأحمر وتخومه قضية إريتريا جانباً إلا أنها لا تزال تسعى إلى تعزيز العلاقات التي تحاول أن تبدو وكأنها ودية مع الدول المطلة على البحر الأحمر وهذا أحد الأسباب التي تجعل الإمارات تتدخل في الشؤون الداخلية للسودان بالتعاون مع المدعو محمد حمدان دقلو زعيم عصابة قوات الدعم السريع ومؤخرًا وبتسهيل من رئيس الوزراء آبي أحمد وحاولت الإمارات أيضًا بناء علاقات أوثق مع الجنرال عبد الفتاح البرهان قائد الجيش الوطني السوداني .
ترى إثيوبيا أن سعيها إلى الوصول إلى البحر في أرض الصومال حق مشروع ( بدون الإشارة إلي ما يتأسس عليه هذا الحق المزعوم أهو مادة في القانون الدولي أو العرف ؟ لم يُشر وه نفس المنطق الإثيوبي المُستخدم في الجدل بشأن سد النهضة) في حين ترى حكومة حسن شيخ في مقديشو أن هذا يشكل “انتهاكاً لسيادة الصومال” ولا تملك الحكومة في مقديشو أي شكل من أشكال السيطرة على أرض الصومال وأعلنت أرض الصومال في أغسطس2024 عن سياسة جديدة لتأشيرات الدخول لجميع حاملي جوازات السفر الصومالية رداً على فرض الصومال على الخطوط الجوية الإثيوبية وشركة فلاي دبي إلغاء رمز دولة أرض الصومال من منصات حجز التذاكر الخاصة بهما .
لهذا فمن الواضح أن التوتر في المنطقة قد وصل إلى حد يمكن أن يندلع فيه الصراع في أي وقت مع قيام إثيوبيا بنشر قوات على طول حدودها في الصومال رداً على القوات المصرية كما وردت أنباء غير مؤكدة عن احتجاجات في أجزاء ضد القوات المصرية إلا أن المؤكد أن الوجود المصري لأسباب مختلفة موضع ترحيب وإستحسان من قطاع عريض من الشعب الصومالي بإجزاءه الثلاث بل إن هذا القطاع يري أن هذا الوجود المصري هو ما يجب أن يكون إذ أن ذلك أمر لم يحدث خلال الـ40 عاماً الماضية التي تهدد فيها الصومال .
كذلك وفي مقابلة إذاعية بين محمود علي يوسف وزير الخارجية الصومالي وبين خدمة القرن الأفريقي بإذاعة صوت أميركا نُشرمحتواها علي موقع إذاعة صوت أمريكا VOA في 31أغسطس2024أستهلها الوزير بقوله إن بلاده عرضت على إثيوبيا الوصول إلى ميناء تاجورة الذي يقع على بعد حوالي 100 كيلومتر (62 ميلاً) من الحدود مع إثيوبيا وقال إن جيبوتي ودولا أخرى مثل تركيا تحاول حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا الذي اندلع في بداية هذا العام عندما وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع منطقة أرض الصومال المنفصلة وهي الصفقة التي تعتبرها الصومال انتهاكا لسيادتها وبموجب الاتفاق ستؤجر أرض الصومال 20 كيلومترا (12 ميلا) من الساحل لإثيوبيا مقابل الاعتراف بها وفقا لمسؤولين في أرض الصومال وأضاف يوسف المرشح لرئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي أن إثيوبيا تعتمد بالفعل على ميناء جيبوتي الرئيسي لاستيراد معظم سلعها وذلك باستخدام أربعة محطات مختلفة وقال إن “جيبوتي مستعدة لتسليم ميناء جديد وهو ميناء جديد تماما تم بناؤه وممر جديد تماما إلى الحدود الشمالية لجيبوتي وهذا الممر سيكون مفيدا للغاية لإثيوبيا على الأقل لتقليل تكلفة النقل”وأضاف أن “جيبوتي مستعدة أيضا لدراسة إدارة مشتركة للميناء مع إثيوبيا” وقال يوسف إن جيبوتي طرحت مقترح الميناء على الطاولة قبل شهر وأبلغت الزعماء الإثيوبيين الذين استجابوا لذلك وقال “الرد الذي حصلنا عليه إيجابي، لذا فهم يدرسون الجوانب الفنية لذلك، ومن المؤكد أننا سنجلس مرة أخرى خلال أيام قليلة أو أسابيع قليلة ونضع التعديلات النهائية على الصيغة ونرى كيف يمكننا المساعدة” وقال إن “وجود تلك القواعد البحرية في جيبوتي يهدف في المقام الأول إلى الحماية وضمان سلامة الملاحة في مضيق باب المندب” وردا على سؤال عما إذا كان عرض جيبوتي يتضمن إنشاء قاعدة بحرية لإثيوبيا، قال يوسف: “لا” وقال “أعني أنها دولة صغيرة مزدحمة بالفعل، لذلك رفضنا حتى دول أخرى – الهند وروسيا، وقلنا لهم إنها مكان صغير للغاية لذلك لا نريد خلق أي احتكاك أو أي توتر بين أولئك الموجودين بالفعل” وأضاف :”نحن بحاجة إلى الحفاظ على بيئة مواتية لأولئك المتواجدين بالفعل لحماية مضيق باب المندب ومحاربة جميع أنواع الأعمال غير القانونية”وأخيراً قال يوسف إن اقتراح جيبوتي(غير الرسمي حتي الآن) يرتكز على خطة لاستعادة “العلاقات الجيدة” التي كانت قائمة بين إثيوبيا والصومال .
المـــقـــترح الـجــيــبــوتي بشــأن مــيــنــاء تاجـــورة :
في وقت سابق لتصريح وزير الخارجية الجيبوتي قال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إن الصومال مستعدة لقبول منح إثيوبيا حق الوصول البحري التجاري لكنها تستبعد إقامة أي قاعدة بحرية وقال الرئيس الصومالي”إذا كانت إثيوبيا تريد الوصول إلى بحر الصومال فنحن نرحب بذلك لكننا نريد أن يكون لإثيوبيا القدرة على الوصول بنفس الطريقة التي تتمتع بها أوغندا بالقدرة على الوصول إلى بحر كينيا وبنفس الطريقة التي تتمتع بها بوروندي ورواندا بالقدرة على الوصول إلى بحر تنزانيا … وبنفس الطريقة التي تتمتع بها إثيوبيا بالقدرة على الوصول إلى بحر جيبوتي”وأضاف “نحن لا نقبل بأكثر من ذلك”.
يأتي المقترح الجيبوتي بعد عدم التوصل إلى اتفاق بعد جولتين من المحادثات في تركيا وبشأن هذا النزاع الذي إصطنعته إثيوبيا إصطناعاً إذ لم تفعل أي من الدول الحبيسة جغرافياً في العالم ما فعلته إثيوبيا في القرن الأفريقي وتأكيداً لهذا النزاع المختلق قال وزير الخارجية الإثيوبي تايي أتسكي سيلاسي إنه واثق من أن “المصالح المشروعة لإثيوبيا في تأمين الوصول الموثوق إلى البحر ومنه سوف تتحقق سلميا بالتعاون مع جيراننا” .
صرح وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف في 4 سبتمبر2024 في مقابلة أجريت معه يوم الأربعاء على هامش حضوره منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين: ” إن الخطة قُدِّمت إلى السلطات الإثيوبية و”نتوقع ردًا إيجابيًا قريبًا ” , وقد تم تقديم المقترح إلى حكومة أديس أبابا من قبل الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله وسيتم مناقشته بالتفصيل من قبلهم بشأن التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك) في بيكين وتعتمد إثيوبيا حالياً على أكثر من 85% من صادراتها من محطات تاجورة التي أصبحت تتعامل مع أربعة ملايين طن فقط من البوتاسيوم وهو المعدن الذي تضمه أديس أبابا مصدرًا للحجر الجيري والمعادن من الحديد ويسمح ممر ميناء تاجورة بتعزيز منصتها البحرية والحد من طموحات صوماليلاند (وقعت بيكين بالفعل اتفاقية مع جيبوتي في عام 2022 لبناء قاعدة إطلاق مستقبلية في الفضاء) كما أنه في أغسطس 2024وفقاً لموقع HCH24 في 23 أغسطس 2024 أعلن عن تعليق تشغيل ميناء جيبوتي النفطي مما دعي إثيوبيا أن تطلب من الإدارة الجيبوتية توفير ناقلات بديلة على الفور لشحنات النفط القادمة وقد طلب وفد مؤسسة إمداد البترول الإثيوبية (EPSE) من السلطات الجيبوتية توفير سفن تفريغ بديلة لواردات النفط خلال زيارته في وقت سابق وفي 29 يوليو2024 التقى وفد الشركة بقيادة الرئيس التنفيذي الجديد لشركة EPSE إسماعيل ميهيريتو مع أبو بكر عمر هادي رئيس هيئة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي (DPFZA) لبحث الأمر , وخلال الإجتماع تبين أن السبب هو التأخير في توريد البنزين للشاحنات المغادرة من هورايزون وعدم توفر خزانين في محطة هورايزون المغلقة لمدة عام للإصلاحات ويقال إن الشركة وهي المستورد الوحيد لإثيوبيا ولديها مخزون استراتيجي من المنتجات البترولية تبحث عن بدائل ووفقًا للمعلومات التي تم الحصول عليها من DPFZA قالت DPFZA: “تمت مناقشة العديد من الحلول ومجالات التعاون خلال الاجتماع. » كما أنه خلال المناقشة تم اقتراح استخدام السفينة العائمة M/T Red Sea II، والتي يمكنها تخزين 73000 متر مكعب كحل سريع وكان هناك خيار آخر يتمثل في استخدام مرافق تخزين النفط في منطقة داميرجوج الصناعية في جيبوتي وهو مجمع رئيسي متعدد الموانئ قيد الإنشاء على الحدود مع أرض الصومال جنوب شرق العاصمة جيبوتي وتتم استضافة منفذ Damerjog Liquid Bulk Port (DLBP) بواسطة DDIP كجزء من هذا المشروع الضخم وتمتلك حكومة دبي جميع الأسهم في محطة هورايزون جيبوتي الواقعة بالقرب من دوراليه تأسست عام 2003 وبدأت عملياتها عام 2005.
لن تكون القدرة السنوية للمنشأة البالغة 4.5 مليون طن كافية لتلبية الطلب المتزايد في إثيوبيا و كانت شركة الاستثمار الإثيوبي القابضة (EIH) وهي صندوق الثروة السيادية (SWF) تتفاوض مع سلطات جيبوتي للاستحواذ على حصة تبلغ ثلاثين بالمائة في البنية التحتية الحديثة لميناء النفط القادرة على استيعاب أحدث جيل من القوارب بسهولة أفيد في أواخر عام 2022 أن الشركة الاستثمارية القابضة ستستحوذ على الحصة من خلال شركة EPSE وهي واحدة من 27 شركة عامة ضخمة مملوكة لصندوق الثروة السيادية ووقع الرئيس التنفيذي السابق لـ EIH مامو إسمليليم ميهريتو ورئيس DPFZA الذي يسيطر على شركة Great Horn Investment Holding مذكرة تفاهم (MoU) في مايو 2024 لاستكشاف الإمكانات في مرافق تخزين النفط التجارية ويأتي توقيع مذكرة التفاهم بعد سنوات من المناقشات المكثفة التي ركزت على الإنشاء التعاوني لمحطة نفط .
بصفة عامة وحتي أوائل سبتمبر2024لم تستجب وزارتا خارجية الصومال وإثيوبيا لطلبات إذاعة صوت أميركا للتعليق على الأمر على الفور كما لم ترد علي وكالة بلومبرج إذ لم يستجب متحدثان باسم الحكومة الإثيوبية لطلبات التعليق التي أُرسلت عبر رسالة نصية .
في تأكيد لما تقدم من عرض لحديث وزير الخارجية الجيبوتي بشأن المقترح علي النحو المشار إليه أشار موقع maritime-executive في الأول من سبتمبر2024 أن دولة جيبوتي الواقعة في شرق أفريقيا وبالتوازي مع الوساطة التي تجريها تركيا طرحت حلاً جديدًا للتوترات الإقليمية المستمرة في الوقت الذي تسعى فيه إثيوبيا التي لا تملك منفذًا بحريًا إلى تطوير الوصول إلى المحيط والتجارة العالمية وقدعرضت جيبوتي منح إثيوبيا استخدام ميناء تاجورة الذي يبعد عن الحدود الإثيوبية / الجيبوتية بنحو 100كم ويقع في الجزء الشمالي من البلاد للحصول على وصول مباشر إلى خليج عدن وهو موجود في موقع مثالي لاستيعاب وصول السفن ويمكن تخزين السفن التي يصل وزنها إلى 65000 طن كبديل لاتفاقية تتيح لإثيوبيا الوصول إلى ميناء في أرض الصومال في مقابل الاعتراف بالدولة شبه المستقلة المنفصلة فقد قال وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف إن التوترات المتزايدة في منطقة القرن الأفريقي أصبحت “مصدر قلق رئيسي” وأن الخطوة لمنح إثيوبيا الاستخدام الحصري لمطار تاجورة يمكن أن تساعد في تهدئة الوضع أعلنت إثيوبيا عن خططها للاتفاقية مع أرض الصومال في بداية عام 2024 مما دفع إلى سلسلة من المفاوضات بقيادة تركيا .
تـــــقــــيـــم الإقــــتراح الــجـــيـــبـــوتي :
ذكرت بلومبرج في 4 سبتمبر 2024 أن وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف قال إنه يتوقع أن ترد إثيوبيا بشكل إيجابي على مقترح جيبوتي بتقديم “إدارة 100٪” لميناء تاجورة الواقع في شمال جيبوتي وتجدر الإشارة في هذا الأمر أن جيبوتي تعد نفسها لتكون عقدة مواصلات للقرن الأفريقي والدول الأفريقية الحبيسة الأفريقية وفي مقدمتها إثيوبيا وجنوب السودان وأوغندا وبوروندي ورواندا ومالاوي كما أن مشروع خط أنابيب النفط الخام بين جنوب السودان وجيبوتي يمر عبر إثيوبيا وسيكون هذا المشروع SSBC بمثابة خط أنابيب بديل فخلال فترة تزيد عن عام من القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تم تدمير البنية التحتية النفطية القائمة ومن المتوقع أن يعزز خط الأنابيب البديل المقترح إلى جيبوتي عبر إثيوبيا قدرات التصدير ويدعم الاستخراج الموسع في الكتلتين النفطيتين بجنوب السودان رقمي 3 و7.
لكن السؤال الرئيس يظل هو : هل خضع الإقتراح الجيبوتي لدراسة كافية ؟ في الواقع لا تتوفر معلومات لكن هذه أول مرة تطرح جيبوتي هذا المقترح علي إثيوبيا وقد يبود المحرض الرئيسي عليه هو خشية جيبوتي من تتحول أن البدائل المينائية في صومالياند إلي منافس خطير للمقدرات المينائية في جيبوتي فآثرت جيبوتي المخاطرة بإستقدام الإثيوبيين وهم لديهم مطامع في عموم الصومال وحتي جيبوتي لكن جيبوتي طرحت هذا المقترح بجسارة إستثنائية والسبب أنها تتسلح بوجود أكثر من 6 قواعد عسكرية علي أراضيها أهما قاعدة الولايات المتحدة والصين وفرنسا (اتفق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الجيبوتي إسماعيل عمر جيله يوفي 4 سبتمبر2024على تجديد الشراكة الدفاعية بين البلدين بعد عامين من المفاوضات ووفقا لبيان صادر عن الرئاسة الفرنسية فقد وقعا اتفاقا بشأن “الإصلاح الطموح لمعاهدة التعاون الدفاعي التي توحد فرنسا وجيبوتي”ويحكم الاتفاق الذي وقع في مكتب ماكرون القوات الفرنسية البالغ عددها 1500 جندي والمتمركزة في جيبوتي ذات الموقع الاستراتيجي في شرق أفريقيا) .
1- يرى بعض المراقبين أن اقتراح جيبوتي إنما هو وسيلة لإبقاء إثيوبيا في محفظة عملاء موانئها حيث تسعى إلى تقليل اعتمادها على جارتها واستكشاف خيارات أقل تكلفة للإمدادات والشحن البحري في الموانئ الأخرى أصبح ميناء جيبوتي حيث يأتي ما يقرب من 80٪ من حركة المرور السنوية العالمية من إثيوبيا وفقًا للسلطات الإثيوبية مكلفًا بشكل متزايد من حيث التكاليف اللوجستية ولتنويع مصادر إمدادها تخطط إثيوبيا أيضًا لتحسين الربط البيني مع السودان لتمرير جزء من شحناتها عبر ميناء بورتسودان ويخطط الطرفان لتطوير خط سكة حديد SGR (قياسي) بطول 1512 كيلومترًا سيتم بناؤه بين أديس أبابا- الويلدية وهراجبيا- وريتا- جوندر- ميتيما- القلابات- القضارف- كسلا- هيا- بورت السودان .
2- مع أن إثيوبيا لم ترد علنا وربما لن ترد علي المقترح الجيبوتي فقد تؤثر تركه بلا رد حتي يذوي أو يموت أو أنها سترد علي الأجل القصيرالآتي لكي تحسن المقترح حتي يكون في متناول خطة التوسع الإثيوبي وأن يصل هذا التحسين لدرجة أن يكون ميناء تاجورة في مرمي الطموح الإثيوبي كما هي حالة بربرة التي لم تخرج عن كونها خطة إستيلاء وإستحواذ إثيوبي متكاملة تعد مرحلة إثيوبية متدرجة تصل إلي الإستيلاء علي صوماليلاند كلها بكل ساحلها في مرحلة الإستيلاء الإثيوبي قبل الأخيرة وبعدها تستولي إثيوبيا علي الصومال نفسه وفقاً للأحلام الإمبراطورية الإثيوبية التي جاهر بها الإمبراطور الإثيوبي منليك الثاني الذي وصلت إطماعه حتي أبواب الخــرطــوم وما جاوز ميناء بورسودان علي البحر الأحمر وهي أحلام بل أطــمــاع توسعية يجددها أبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي الذي يعتقد أن إثيوبيا المحطمة قوة أفريقية عــظــمي تربض في مكان يضيق بها تماماً كما يعتقد الصهاينة الذي يتلقون صفعات فلسطينية / لبانية متتالية أمام العالم والفرق ربين الإثيوبيين والصهاينة أن الإثيوبيين حتي الآن لم يعثروا علي قوة تؤدبهم وتوقظهم من أحلامهم فهم ضعفاء وسط من هم أضعف منهم وأغبي .
3- إن المقترح الجيبوتي عملية إصطياد في مياه ملوثة فإثيوبيا ومعها الإمارات وبعد أن دفعت الأخيرة مالاً لفريق صوماليلاند الفاسد أخلاقياً ووطنياً كي يوقع علي “عقد فاسخ” Fracti contractus لأنه أحتوي علي ما يُسمي قانونا بشرط الأسد وهو شرط بطبيعته شرط فاسخ لأن الشريك الأصلي حتي الآن من وجهة نظر القانون الدولي في صفقة ميناء بربرة وإن لم يدرك ذلك فريق عبده بيهي وأضرابه الإثيوبيين والإماراتيين هو جمهورية الصومال الفيدرالية وموضعها في مقديشيو فهم في مذكرة تفاهم ميناء بربرة في يناير2024 إستبعدوا مقديشيو تماماً من ولايتها القانونية علي ميناء بربرة بحكم الأمر الواقع Fait accompli فالإثيوبيين ومعهم أترابهم الإماراتيين لا يمكنهم أن يرضوا بأقل من إتفاق أو عقد فاسد Fracti contractus بشأن ميناء تاجورة الجيبوتي كالذي وقع عليه عبده بيهي رئيس صوماليلاند أي أن يكون ميناء تاجورة مالكاً خالصاً لإثيوبيا في النهاية ويكون قاعدة عسكرية وإلي أن يشاء الله تعالي تجارية .
4- إن كان عقد ميناء بربرة طبيعياً قانونياً وصالحا contractus validus لما ذيل بوعود حصول صوماليلاند علي نسبة في شركة الخطوط الإثيوبية وهي بالطبع نسبة غير متيقن من دفعها ناهيك عن ثباتها أو بذل الإثيوبيين لصوماليلاند وعد الإعتراف بدولتهم الدمية Dummy الشبحية phantasma وهو وعد ليس بمقدورهم الوفاء به في ظروف دولية تظل غير مواتية للوفاء به ولذلك لم يكن إتفاق تفاهم بربرة أو عـقد بربرة طبيعياً بل عقد مع كيان وُجد ســـفـــاحـاً ولو كانت إثيوبيا دولة تحترم نفسها وتحترم وفقاً لذلك القانون والعرف الدوليين لما سمحت لنفسها الجلوس مع خـــونة مارقين لتمنحهم صفة رجال دولة وبالتالي فإن إقتراح جيبوتي بشأن ميناء تاجورة سوف لا يمنح الإثيوبيين ما منحه لهم مجموعة خـــونة هـــرجـــيـسـة لأن جيبوتي في النهاية بالرغم أنه تحولت إلي سمـسـار عقارات ســـمــيت بالقاعد العسكرية لست دول علي الأقل حتي الآن إلا أنها لم تفقد بعد – علي الأقل وفقاً للقانون الدولي -صـــفــة الدولة وكنتيجة سوف لا يمكنها التوقيع للإثيوبيين في النهاية علي عـقد تأجير ميناء تاجورة بنفس شروط ومواد إتفاقهم مع ثلة خونة صوماليلاند وبالتالي فإقتراح جيبوتي ليس أمامه أفق للتنفيذ فهو لا يخرج عن كونه خشية إستباقية من جيبوتي من إثيوبيا لانها في النهاية لن يكون بمكنتها التموضع العسكري بسلام في بربرة فالخطوة الإثيوبية أوسع من أن تواتي قدميها .
5- السؤال المنطقي هو كيف تتخلي إثيوبيا عن إتفاق كلفها مع بربرة لتستبدله بإتفاق أقل نفعاً لها مع جيبوتي أتي في الوقت الخطأ كما أنه إتفاق غامض لإثيوبيا في نواح كثيرة منها : (1) هل سيتيح لها تموضعاً بحرياً عسكريا ذلك أنها أنشأت بعون فرنسي سلاح للبحرية (2) لماذا يمنح الجيبوتيين تاجورة الواقعة في شمال جيبوتي وقريباً لأو أقرب ما يكون من خــطـــر مـــواجهة الحوثيين أو أنصار الله ولم يمنحونهم ميناء جوار ميناء جيبوتي أو ميناء دورالة الأقرب لميناء جيبوتي ؟ هناك 7 موانئ في جيبوتي مما يبرر السؤال التالي : لماذا ميناء تاجورة علي وجه التعيين , هذا ما يعلمه الجيبوتيين والفرنسيين الذين يُنشأو للأثيوبيين سلاحهم البحري والذين لا شك سيجيبونهم إن كانوا لا يعلمون .
6- تبرر جيبوتي عرضها بشأن ميناء تاجورة علي مسالة تخفيف حدة التوتر لكن المثير أن هذا التوتر كان أمـــواج متتالية تصل للقرن الأفريقي منذ تفكك الصومال وسقوط نظام سياد بري عام 1991وإحتلال إثيوبيا للأوجادين عام 1977 ومجئ الأتراك للصومال2024وتوصلهم مع مقديشيو لإتفاق دفاعي إطاري(ميثاق التعاون الاقتصادي والدفاعي) لأول مرة في 8 فبراير2024 دخل حيز التنفيذ في 22 فبراير 2024 ساري لمدة10سنوات وبالتالي يمكننا أن نستدل أن مبرر تقديم جيبوتي أقتراحها للإتفاق مع إثيوبيا لمنحهم إمتياز إدارة ميناء تاجورة في جيبوتي بداعي تخفيف التوتر إستخفاف بالعقول لأن تطلعات إثيوبيا أكبر من أن تتحملها جيبوتي .
7- لن تستقبل أرتريا – وهذا هو الدافع الجيبوتي الأول لإقتراحها – إقتراح جيبوتي بشأن ميناء تاجورة إستقبالاً مُرحباً ذلك أن العلاقات الجيبوتية / الأرترية ليست علي ما يرام من فترة طويلة وللآن فهناك نزاع مزمن بين جيبوتي وأرتريا أضر بالعلاقات الثنائية ومازال يضر بها فهو نزاع علي منطقتي رأس وجزيرة Dumeira القاحلتين الواقعتين علي ساحل جيبوتي علي البحر الأحمر إلي الشمال من العاصمة جيبوتي والتي قامت قوة عسكرية أرترية في 13يونيو 2017 بأعادة إحتلالها وكان بها قوة سلام قطرية إنسحبت بعد تأييد كل من جيبوتي وأرتريا قرار الحصار البراعي علي قطر الذي ضُرب عليها في 5 يونيو2017 وهاتين المنطقتين اللتين حددت الحدود فيهما ببروتوكول فرنسي / إيطالي وُقع عام 1900 قسم منطقة Cape Dumeira (أو (Gablaالجبلية إلي قسمين بحيث يؤول الجزء الشمالي منها لإيطاليا (ولأرتريا فيما بعد) ويؤول الجنوبي لفرنسا (لجيبوتي فيما بعد) , أما فيما يتعلق بجزيرةDoumeira الواقعة علي طرف رأس أو Cape Dumeira فلم يتطرق بروتوكول 1900 إليها حيث لم تبد لا فرنسا ولا إيطاليا إهتماماً بهذه الجزيرة القاحلة الصغيرة بل إن نشرة الجمعية الجغرافية الفرنسية الصادرة عام 1900 أشارت إلي أن البعثة التي أرسلتها الحكومة الفرنسية للمنطقتين من أجل تعليم وتحديد الحدود بين المُستعمرة الإيطالية في أرتريا والفرنسية في جيبوتي ذكرت أن Cape Dumeira ومنطقة Dumeiraالجبلية القريبة كلاهما لا قيمة إقتصادية وإستراتيجية له , لكن وفي منتصف عقد الثلاثينات من القرن الماضي طالبت الحكومة الإيطالية بمنطقة Cape Dumeira وجزيرة Dumeira , وبالفعل تنازلت فرنسا لها عنهما بموجب معاهدة Laval-Mussolini المُوقعة في روما مع إيطاليا في 7 يناير عام 1935 , لكن هذه المعاهدة لم يُصدق عليها البرلمان الإيطالي , فيما تقول أرتريا بأن هذه المعاهدة ولو أنه لم يُصدق عليها إلا أنها تعزز مطالبتها بأيلولة المنطقتين إليها لأنها أشارت إلي تبعيتها لها , فيما ترفض جيبوتي صلاحية هذه المعاهدة وتقول أن المنطقتين تؤولان إليها بموجب إتفاقية وُقعت عام 1897 بين فرنسا وبريطانيا وإثيوبيا والتي أشارت إلي أن هاتين المنطقتين تؤولان إلي فرنسا وقت سيطرتها علي الصومال الفرنسي (جيبوتي فيما بعد) , ومن جهة أخري يقول John Donaldson الباحث المُشارك في وحدة أبحاث الحدود الدولية بالمعهد البريطاني المُتخصص في دراسات النزاعات الحدودية , أن فرنسا وإيطاليا وافقتا عام 1901 علي أن لا بلداً ثالثاً يمكنه أن يسيطر علي منطقة Doumeira , وأن هذه المسائل الخاصة بالحدود يمكن التعامل معها لاحقاً , لكن السيد Donaldson علق قائلاً “إن الموضوع مُعقد جداً , فالمسألة أساساً تُركت في مهب الريح ” , وبالرغم من هذا الرأي المُتخصص فإن إرتريا إستخرجت في تسعينات القرن الماضي وثائق عتيقة أشارت إلي أن المنطقة تتبع إرتريا فيما قال مسئوليين جيبوتيين أنهم يؤسسون موقفهم بشأن تبعية المنطقة علي معاهدة مُوقعة عام 1897 بين إثيوبيا وفرنسا وبريطانيا تنص بوضوح علي أن منطقة Doumeira فرنسية .
مجرد طرح جيبوتي لميناء تاجورة كبديل لميناء بربرة في صوماليلاند يعكس رغبة جيبوتية في إيجاد إثيوبيا عدو أرتريا التاريخي قريباً من حدود جيبوتي/ أرتريا وهذا خطر علي أمن أرتريا ودليل علي خشية جيبوتية متأصلة من إثيوبيا لا علي ود .
8- إقتراح جيبوتي لإثيوبيا يأتي في إطار جهود إثيوبية متكررة لربط جيبوتي لوجيستياً بإثيوبيا لخفض الأثر الإقتصاد السيئ لإحباس إثيوبيا جغرافياً فجيبوتي التي تقع علي ناصية إلتقاء جنوب البحر الأحمر الذي يبلغ طول ساحلها عليه 20 كم مع خليج عدن المُؤدي لبحر العرب والمحيط الهندي , أصبحت حالياً مثاراً لمطامع Convoitises القوي الدولية لأنها الآن العقدة الأهم من بين عقد شبكة الطرق بالقرن الأفريقي بل إنها أصبحت منارة البحر الأحمر Phare de la Mer rouge وهي مقصد لنحو 40% من حركة النقل البحري العالمية فهي من خلال تكثيف مشروعات الطرق والإتصالات بها تحولت إلي عقدة نقل Hub Logistique أو بمعني أعرض عقدة مواصلات بمنطقتها بل ربما علي النطاق فوق الإقليمي الذي يطوي تحت جناحيه شرق ووسط أفريقيا حالياً بل وغربها مُستقبلاً وهي لذلك بالمعيار الإقتصادي تعيش عهدها الذهبي , ويعكس هذه الحقيقة ما أشار إليه موقع L, AFRIQUE TRIBUNE في 31 يناير 2017 من أن رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله إلتقي نظيره السنغالي Macky Sall علي هامش القمة الأفريقية الأخيرة بأديس أبابا ليبحث معه تنفيذ مشروع خط سكك حديدية يربط جيبوتي بميناء داكار السنغالي علي المحيط الأطلنطي بهدف فك عزلة بعض دول شرق وغرب أفريقيا , وقد أُدرج هذا المشروع في جدول يتضمن 11 مشروع بالصفحة رقم 20 في التقرير السنوي لمبادرة الشراكة الأفريقية للتنمية الإقتصادية NEPAD بمسمي Dakar – Ndjamena- Djibouti Road \ Rail Project وتشارك فيه كل من السنغال ومالي وبوركينافاسو والنيجر ونيجيريا والكاميرون وتشاد والسودان وإثيوبيا وجيبوتي وهو مشروع لن تقدم له NEPAD – مثله مثل مشروع الربط الملاحي النهري بين بحيرة فيكتوريا بأوغندا وميناء الأسكندرية المصري علي المتوسط – مساعدة تُذكر , ومن الواضح أن جيبوتي تتبني إستراتيجية إن لم تُوصف بالمنافسة لمحور قناة السويس , إذن فلنقل أنها موازية لها في الأهمية , فعلي سبيل المثال أشار موقع HELLENC SHIPPING NEWS في 27 يناير 2017 إلي أن جيبوتي التي تعتبر من أكثر نقاط الشحن إشغالاً بالعالم والتي تسيطر علي منفذ إستراتيجي علي البحر الأحمر والمحيط الهندي تعتبر أيضاً مُزودًاً رئيسياً بالوقود ومركزاً للشحن الوسيط بالمنطقة , فقد إحتفلت مؤخراً برعاية من رئيس جمهوريتها بإمتلاك شركة (Red Sea Bunkering (RSB لخدمات تموين السفن بالوقود وفيه زودت الشركة من خلال أول سفينة تزويد السفن بالوقود في البحر Bunker Barge , كما أشارت وكالة REUTERS من جيبوتي في 16 يناير 2017 إلي أن الرئيس الجيبوتي أعطي إشارة الإنطلاق لمشروع إقامة منطقة حرةZone Franche هي الأكبر علي مستوي أفريقيا بميناء جيبوتي بدعم مالي صيني يبلغ 7 مليار دولار علي مدي عامين من تاريخ توقيع الإتفاق في مارس 2016 وذلك علي مساحة 48 كم مربع وتقوم علي تنفيذه شركة Dalian Port Corporation الصينية وتستغل هذه المنطقة الحرة كل من سلطة المواني والمناطق الحرة الجيبوتية وشركة Merchants Holding القابضة الصينية (إستثمرت الصين في جيبوتي خلال بضعة أعوام حوالي 14 مليار دولار جزء منهم في صورة قروض) معاً في إطار سياسة الصين لتطوير تجارتها مع العالم بإنشاء مشاريع للبني الأساسية كهذا المشروع وغيره من المشروعات المختلفة في 60 بلد علي مستوي العالم , وأحالت الوكالة علي رئيس سلطة ميناء جيبوتي والمناطق الحرة به قوله ” إن جيبوتي لا تنظر فقط لأن تصبح ميناء لإثيوبيا بل أيضاً لجنوب السودان والصومال ومنطقة البحيرات العظمي ” , وعلي ذلك فإن الخطة الجيبوتية تحمل في طياتها عوامل سلبية لمشروع الخط الملاحي بين فيكتوريا والبحر المتوسط تجعل من أهميته متناقصة الفائدة لدولتي منابع النيل إثيوبيا وأوغندا معاً ومعهما دول البحيرات العظمي التي تحظي بإهتمام أوروبي مُتنام أحد أوجهه المؤتمر الدولي للسلام والديموقراطية تحت مظلة الأمم المتحدة والذي تشارك في أعماله الدول المانحة أي الأوروبية , وبالإضافة إلي ذلك تشارك شركات صينية علي التوازي في تطوير ميناء Doraleh وهو إمتداد لميناء جيبوتي ويقع علي بعد 5 كم غرب مدينة جيبوتي , كما ستقوم هذه الشركات أيضاً بإقامة مطارين جديدين بتكلفة إجمالية تبلغ 1,2 مليار دولار تقريباً , ومن المعلوم أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقوم علي إدارة مينائي جيبوتي وبربرة الأرتري وتضاعف من تواجدها العسكري علي البحر الأحمر ولها إسهام في إقامة سد النهضة الإثيوبي مما يوضح إلي أي حد بلغت التنافسية الدولية علي جيبوتي من الوجهة اللوجيستيكية التجارية والعسكرية معاً مع تعدد وكثافة مصالح المتنافسين بمنطقتي شرق أفريقيا والبحر الأحمر , كما أنه من الجدير بالذكر أنه وخلال مؤتمر لندن 2012 عن الصومال أشار رئيس الوزراء البريطاني David Cameronإلي ما وصفه مستقبل النمو في المنطقة , وقال ” إنني مسرور بأن النرويج والدانمرك والإمارات العربية وهولندا إنضموا إلينا اليوم لإقامة صندوق للإستقرار المحلي سيدعم المناطق التي لطالما أُهملت سابقاً ” .
تعتبر إثيوبيا أكثر الدول الأفريقية في القرن الأفريقي إعتماداً علي جيبوتي للتحرر من العزلة الجغرافية والتي يعتبر أثرها بالغ السوء علي الإقتصاد الإثيوبي إن لم تنفتح إثيوبيا علي جيبوتي , كما أن هناك دول أفريقية أخري تعتمد بدرجات أقل علي جيبوتي مثل أوغندا وجنوب السودان وكلاها من دول حوض النيل تحاول مصر ربطها بمشروع ربط دول حوض النيل العشر بخط نقل نهري لمواعين النقل ذات الحجم الصغير والمتوسط وذلك علي طول مجري النيل بطول 4,000 كم يبدأ من بحيرة فيكتوريا بأوغندا وحتي ميناء الأسكندرية علي البحر الأبيض المتوسط بهدف دفع النبادل التجاري بين دول حوض النيل وتقويته, وذلك في مدي عام 2024وهو مشروع في التحليل النهائي له خيالي متناقص الجدوي الإقتصادية كما أن من بين مصاعبه تفكك العلاقة بين مصر وبعض من هذه الدول العشر (بإضافة أرتيريا) , إذ إنه لم يتحقق بعد إجماعاً تاماً على رؤية مُشتركة لمياه نهر النيل فكيف يمكن تنفيذ هذا المشروع بفرض جدواه فنياً وإقتصادياً , ومما يؤكد ذلك أن إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وقعوا في 14 مايو 2010 الإتفاق الإطاري في عنتيبي لحوض نهر النيل الواقع في 13 مادة منها مادة تشير إلى ” الإنتفاع المُنصف والمعقول ” ، وهي مادة ما زالت خلافية وبسببها أعلنت مصر والسودان رفضهما التوقيع عليه لعدم تضمنه مبدأ الحق التاريخي الذي يقره القانون الدولي لهما في مياه النيل وفقاً لإتفاقية 1929 بين مصر وبريطانيا , إلا أن الاتفاق إكتسب إعترافاً آخر به عندما وقعته بوروندي في 28 فبراير 2011 ثم صادق عليه البرلمان الإثيوبي في 13يونيو 2013 ثم صادق البرلمان الأوغندي عليه أيضاً في 27 يونيو 2013، كما صادق البرلمان التنزاني عليه في 26 مارس 2015 ثم صادق البرلمان البوروندي عليه أيضاً وأخيراً صادق عليه جنوب السودان في أغسطس2024, وقد إكتسبت هذه الاتفاقية بعدا آخر عندما أعلن وزير الموارد المائية في دولة جنوب السودان في 18 يونيو 2013 أن بلاده ستوقع على الاتفاقية الإطارية قريباً (لكنها لم توقعها رسمياً حتى الآن ربما بسبب الدعم المصري لنظام الرئيس Salva Kiir في الحرب الأهلية القائمة منذ 2015) , ولهذا يمكن القول أن جيبوتي تكتسب لكل هذا أهمية لدي بعض دول حوض النيل أكثر من أهمية مصر لها وفقاً لقانون المنفعة , كما أن كثافة الإستثمارات الدولية في المشروعات المينائية واللوجيستيكية في جيبوتي لاشك أن لها تأثير سلبي ما علي إيرادات قناة السويس لأسباب مختلفة , لكن في النهاية ووفقاً لما سبق عرضه فإن جيبوتي وإثيوبيا تدركان تماماً أن تمدد إرتريا وإحتلالها لرأس وجزيرة Doumeira له علاقة بأمن جيبوتي بوجه عام والإستثمارات الإثيوبية بها تحديداً .
9- لم يُشر المقترح الجيبوتي – كما هي الحال في مذكرة تفاهم بربرة – إلي إمكانية أن تكون تاجورة كبربرة قاعدة مينائية تجارية وقاعدة عسكرية كشأن بربرة وبالتالي فهي لا تفي برغبات إثيوبيا كلها وبالتالي فهي عرضة لرفض إثيوبيا التي أنشأ لها الفرنسيين سلاح بحري بالفعل لأغراض تقوية مركزهم في شرق أفريقيا – الذين تنسق معهم مصر وتسمع لهم أحياناً – والنهج الذي تسير عليه جيبوتي هو قليل من السيادة كثير من المال هذا هو جوهر نظرية الأمن القومي لجيبوتي تلك المدينة – الدولة التي تبلغ مساحتها 23,000 كم مربع والتي تربض علي ساحلها المُطل علي باب المندب أخطر طرق التجارة الدولية قواعد عسكرية قيل أنها فقط لمحاربة القرصنة والجهاديين كما يُؤكد الإعلام الغربي ويردد وراءه معظم الإعلام العربي بأنهما المبرران الحاليان لتواجد قواعد عسكرية أجنبية في جيبوتي , أقدمها لفرنسا التي ضمت جيبوتي لأراضيها فيما وراء البحار عام 1888 وكانت محطة مهمة للسفن الفرنسية القاصدة مستعمرات فرنسا في الهند الصينية , وهذه القاعدة الفرنسية المُتمركزة بجيبوتي منذ إستقلالها عن فرنسا في 27 يونيو 1977 يتواجد بها وفق تقديرات ما بين 1500 إلي 4000 عسكري وتدر نحو 40% من مجمل عوائد الدولة الجيبوتية , يليها التي للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM والتي تمركزت عام 2002 في معسكر Camp Lemonnier نتيجة لتداعيات الهجوم علي برجي التجارة بنيويورك في 11 سبتمبر 2001 , وتعتبر الأولي والوحيدة الدائمة حتي الآن للولايات المتحدة بأفريقيا , وبهذا المعسكر/ القاعدة مقر فريق العمل المُشترك بالقرن الأفريقي CJTF-HOA وهو موقع متقدم لهذه القيادة يتواجد فيه نحو 4000 عسكري أمريكي , وهو أي هذا المعسكر أحد 23 منظمة مُستأجرة بجيبوتي , ويعمل بهذا الفريق الأمريكي بالإضافة إلي العاملين الأساسيين فيه نحو الفي شخص يعملون بالتناوب , وأغلب من يعينون للعمل في خدمة فريق عمل معسكر Camp Lemonnier هم في الواقع ممن يعملون لدي دول شريكة (مُتحالفة) تنهض بتنفيذ مجموعة من الأنشطة منها بناء قدرات أمنية وتنفيذ البنية الأساسية من خلال تعاون إقليمي وبرامج عسكرية بين الجيشين الأمريكي وجيوش هذه الدول وبمشروعات عسكرية / مدنية وبرامج للتعليم العسكري , كل ذلك من خلال مدخل غير مباشر عبر تحالف ومكونات دفاعية أخري للولايات المتحدة تتضمن تقديم الدعم للمنظمات الإقليمية للمساعدة علي ورعاية التعاون وتعزيز عمليات حفظ السلام الجماعية , وتحسين العون الإنساني ودعم العمليات المدنية / العسكرية , وكان قائد AFRICOM الجنرال Carter Ham قد أشار في زيارة له لنامبيا في نوفمبر2012 إلي أنه ” ليس لدينا نية ولا خطة ولا مصلحة ولا مال لكي نقيم قاعدة أمريكية في الجنوب الأفريقي ولا في أي مكان آخر بأفريقيا فيما عدا ذلك المكان الذي لنا تواجد دائم به في جيبوتي ” , كما أن الصين إتفقت مع جيبوتي علي إقامة قاعدة عسكرية هناك وكان وزير خارجية جيبوتي قد أعلن في مستهل يناير 2016 عن أقامة الصين لقاعدة علي أراضي بلاده بناء على توسع وتنوع مصالحها في القارة الأفريقية , وأكدت مصادر أميركية أن هذه القاعدة الصينية وهي الأولي للصين خارج أراضيها قريبة من معسكر Camp Lemonnier وستؤجر لمدة عشر سنوات , وفي تقديري أننا لا نبعد كثيراً عن الحقيقة لو وُصفنا جيبوتي بأنها عبارة دولة قاعدية للعسكرية الأمريكية فمعسكر Camp Lemonnier عبارة عن النواة الصلبة ونقطة إرتكاز وتمدد للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM بإتجاه أفريقيا وهوالسبب الذي إرتكز عليه قادة AFRICOM في إلحاق مصر جزئياً ضمن مسئوليات هذه القيادة بعد أن إستبعدت وفقاً لما ورد في منطوق إنشاءها ونطاق ولايتها المُعلن رسمياً في 6 فبراير 2007 , ولهذا فإن تتبع العلاقات الأمريكية / الجيبوتية والتي أصبحت تُدار بصفة أساسية من خلال المسئوليين العسكريين بقيادة AFRICOM أكثر مما تُدار من خلال السفارة الأمريكية بجيبوتي , يصير أمراً حيوياً عند مراقبة تطور تمدد القيادة إلي داخل العسكريات الأفريقية لأنه أمر كاشف لأمور متعددة ومختلفة في هذا الشأن .
إن نجحت إثيوبيا في تطوير وتحسين الإقتراح الجيبوتي بما يرقي لتطلعاتها الإقتصادية والعسكرية فسيكون التواجد الإثيوبي في تاجورة أكثر سوءاً لمصر من ميناء بربرة في صوماليلاند هذا في حال إنشاء قاعدة عسكرية/بحرية إثيوبية في تاجورة (لم يقبل الجيبوتيين ربما بتوصية أمريكية تواجد قاعدة مصرية في جيبوتي) .
نـشر موقعbarrons في2 سبتمبر 2024ما أعلنته الخطوط الجوية الإثيوبية من إنها ستعلق رحلاتها من وإلى العاصمة الإريترية أسمرة اعتبارا من 3من سبتمبر بالنظر إلي “ظروف تشغيل صعبة” وكانت الرحلات الجوية بين إثيوبيا وإريتريا قد استؤنفت في يوليو 2018 بعد انقطاع دام 20 عامًا بسبب الصراعات الطويلة الأمد بين البلدين الواقعين في القرن الأفريقي لكن في يوليو2024 قالت الخطوط الجوية الإثيوبية في منشورعلى موقع X إن إريتريا علقت رحلاتها إلى البلاد اعتبارًا من 30 سبتمبر2024 دون إبداء أي سبب وقالت الخطوط الإثيوبية وهي أكبر شركة طيران في أفريقيا في وقت متأخر من يوم 2 سبتمبر2024 على منصة X إنها “تأسف لإبلاغ عملائها الكرام المسافرين من وإلى أسمرة إلي أنها علقت رحلاتها إلى أسمرة اعتبارًا من 3 سبتمبر”وأوضحت الشركة إن التعليق جاء “بسبب ظروف تشغيلية صعبة للغاية واجهتها في إريتريا وهي ظروف خارجة عن سيطرتها” دون إعطاء مزيد من التفاصيل , يحدث ذلك رغم أنه لا تزال الرحلات الجوية غير المباشرة إلى أسمرة من إثيوبيا بعد 3 سبتمبر متاحة على الموقع الرسمي لشركة الخطوط الجوية الإثيوبية ولم تعلق الحكومة الإريترية التي تعاني من عزلة دبلوماسية ولا تسمح لأي وسيلة إعلام مستقلة علناً على القرار الصادر في يوليو 2024 .
10 – إن هذا المقترح رقم مؤثر – لو قبلت إثيوبيا بإضافته إلي معادلة دورها في القرن الأفريقي- فسيكون له نتائجه السلبية علي أهمية الوضع الجيبوليتيكي لأرتريا (في سياق علاقاتها التنافسية مع إثيوبيا ) وكذا علي صوماليلاند فالرئيس أسياس أفورقي وأرتريا تري أن جيبوتي بعرض مقترح ميناء تاجورة علي إثيوبيا تسعي لمنع عملية الإعتراف بصوماليلاند وعلي كل حال فمن الخطأ الإعتقاد بأن إعلان إثيوبيا في 30أغسطس2024 عن تعيين السفير Teshome Shundeفي قنصلية إثيوبيا في صوماليلاند إعتراف إثيوبي بصوماليلاند ففي الأعراف الدبلوماسية الآن تقوم بعض الدول من أجل إسباغ أهمية علي العلاقة مع دولة ما تمنع الظروف السياسية من تبادل السفارات معها تعيين سفير ليرأس العلاقات القنصلية إلي أن تسمح الظروف السياسية بتبادل السفراء كما حدث وأرسلت مصر سفيراً لها في كوريا الجنوبية ليراٍ القنصلية عام1991وبالتالي فلم تزل إثيوبيا لا تعترف بصوماليلاند كدولة , وقد أعلن الرئيس الأرتري عن رفضه لمسعي جيبوتي هذا وقد عارض وزير خارجية أرتريا علناً مقترح جيبوتي الذي يعرض الأمن القومي والنفوذ الأرتري في منطقة القرن الأفريقي للخطر لدرجة أن أرتريا كشفت عن أنها ستمنع حصول إثيوبيا – العدو الإستراتيجي لأرتريا – علي ميناء قريب من حدودها مع جيبوتي .
11- إن المقترح الجيبوتي صحيح أنه محاولة جيبوتية لمنع تقدم صوماليلاند من الوصول إلي طريق ينتهي بالإعتراف الإثيوبي بها كدولة ثم الأفريقي إلا أنه أيضاً يترجم علاقات المصالح التي طغت علي المبادئ والقيم فإثيوبيا لديها رغم عزلتها الجغرافية أراق رابحة تستخدمها في منطقة القرن الأفريقي التي بحاجة إلي تموين منتظم من الطاقة خاصة النظيفة ولهذا نجد مثلاً أن موقع TRT AFRICA أشارفي 7 أغسطس 2024إلي أن إثيوبيا تخطط لتصدير الكهرباء إلى تنزانيا في سبتمبر 2024فمن المتوقع أن يبدأ نقل الكهرباء إلى تنزانيا في منتصف سبتمبر المقبل بعد الانتهاء من الاستعدادات اللازمة حسبما يقول أشيبير بالتشا الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء الإثيوبية وقال الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الكهربائية الإثيوبية المهندس أشبير بالتشا إن المشروع المخطط له إلى تنزانيا الشهر المقبل هو جزء من استراتيجية إثيوبيا الأوسع لزيادة عائدات تصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة وخارجها ويقول بالتشا إنه من المتوقع أن يبدأ نقل الكهرباء إلى تنزانيا في منتصف سبتمبر بعد الانتهاء من الاستعدادات اللازمة وأشار المهندس الإثيوبي أيضًا إلى أن إثيوبيا كسبت أكثر من 140 مليون دولار من صادرات الكهرباء إلى الدول المجاورة خلال السنوات الماضية وهو ما يمثل زيادة بنسبة 6٪ عن العام السابق وتقوم إثيوبيا حاليا بتزويد الكهرباء لجيرانها جيبوتي والسودان وكينيا ومن المتوقع أن تنضم تنزانيا إلى هذه الشبكة قريبا ويعد مشروع تصدير الكهرباء إلى تنزانيا جزءًا من جهود إثيوبيا لتوسيع اتصالاتها الإقليمية في مجال الطاقة وتخطط البلاد أيضًا لتوسيع شبكتها الكهربائية لتشمل دولًا مجاورة أخرى بما في ذلك جنوب السودان من المتوقع أن يسهل خط الكهرباء الحالي بين إثيوبيا وكينيا تصدير الكهرباء الجديد .
12- إن قبول إثيوبيا لمقترح جيبوتي بإستبدال ميناء تاجورة في جيبوتي بميناء بربرة المثير للتوتر في صوماليلاند سيعرض الأهمية الجيبوليتيكية لصوماليلاند للتناقص في هذه المرحلة الصراعية بالقرن الأفريقي إلي أن يستجد عامل صراعي جديد لكن من أكثر المتضررين بعد أرتريا من مقترح جيبوتي هو الإمارات فهناك حالة يمكن تسميتها بالتعايش التنافسي وهي اسم اللعبة في حالة علاقة تركيا بالإمارات العربية المتحدة وهي منافس رئيسي في بؤر التوتر الإقليمية في سوريا وليبيا ومستثمر رئيسي في الأراضي الزراعية والإنتاج الزراعي في السودان وإثيوبيا كتحوط ضد شبح انعدام الأمن الغذائي بها وكانت الإمارات العربية المتحدة – وهي مؤيدة قديمة للحكومة الفيدرالية الصومالية – غير سعيدة برؤية تركيا تكتسب نفوذاً على مقديشو على حسابها وعلى الرغم من أن الإمارات وقعت اتفاقية عسكرية جديدة لم يتم التصديق عليها بعد مع الصومال وتستمر في إدارة ميناء بوساسو الصومالي بعد أن أعربت عن اهتمامها بإدارة ميناء كيسمايو إلا أن تحول هذه الدولة الخليجية إلى أرض الصومال المنفصلة كشريك إقليمي محتمل ودعمها لمذكرة تفاهم أول يناير2024 بين إثيوبيا وأرض الصومال أعطى تركيا في الواقع ميزة تنافسية إذ أدي هذا التطور السلبي والخطر علي الصومال إلي تسهيل اتفاقية مقديشو وأنقرة وهذا التطر الإيجابي لكل من الصومال وتركيا كان سلبياً لإثوبيا وحليفتها الإمارات ولذلك فقد أدي هذا إلي تقليل البصمة الإماراتية في الحالية والمرتقبة للإمارات في الصومال ومن غير المعقول أن نتوقع أن تظل الإمارات مكتوفة الأيدي فستشرع في عمليات تخريب هي الممول الرئيس لها في جيبوتي والصومال بإيدي إثيوبية أو طرف ما داخلي في الصومال وجيبوتي فليست الإمارات بدولة حتي يتعرض إنفاقها المالي لعمليات مراجعة مالية أو قانوية فليست هذه المصطلحات بمستخدمة هناك .
13- مما لا شك فيه إن المقترح الذي قدمته جيبوتي لإثيوبيا يُعد بكافة المقاييس “فرصة” ستصيب صانع ومتخذ القرار الإثيوبي بالحيرة إذ أن تكلفة إضاعة هذه الفرصة ستكون مُضاعفة بحسابات المستقبل وهي أيضاً أي هذه “الفرصة” مفيدة لجيبوتي وللصومال الإتحادي – إن حازت قبولاً إثيوبياً – فهي ستبعد بل قد تقتل آمال الإعتراف الدولي بكيان صوماليلاند ( أعلنت إثيوبيا في يوليو2024 أنها لا تنوي الإعتراف بصوماليلاند وأفادات تقارير صحفية نقلاً عن دبلوماسيين قولهم أن إثيوبيا أنكرت أن وعدت بال‘تراف بصوماليلاند وفي تقديري أن إثيوبيا تخشي لا الأامم المتحدة ولا المجتمع الدولي إن إعترفت بكيان لا يحطي بالإعتراف الدولي ولكن إثيوبيا تخشي من أن يُسجل عليها هذا الإعتراف المشين خاصة وأن إثيوبيا ملأي بالإتجاهات الإنفصالية في تجراي وأروميا وبني شنقول)وسترسخ إعتمادية إثيوبيا علي المقدرات الميـنـائـية بجيبوتي وتنميتها وزيادة مردوديتها في ضوء ضخامة الإحتياجات الإقتصادية لإثيوبيا كإقتصاد وشعب (120 مليون نسمة) , وبقدر كون المقترح الجيبوتي يمثل “فـرصـــة” فهو أيضاً بنفس القدر يُعد مُخاطرة لإثيوبيا – إن قبلته – فكل إستراتيجيتها التوسعية في الصومال والتي كانت مرحلتها الأولي : الأوجادين ومرحلتها الثانية صوماليلاند ستتوقف قوة دفعها وتفقد كثير من مصداقيتها لدي عصابة هــرجـــيـــســة التي يرأسها عبده بيهي ولذلك لابد لإثيوبيا قبل التراجع عن الصفقة التي كانت نهايتها مذكرة تفاهم أول يناير2024 بشأن بربرة أن تقدم بــديـــلاً أو ثــمــنــاً مرضياً لعصابة هـرجـيـسـة , وفي الواقع أن هذه الفرصة إمتحان كاشف للقدرات السياسية الإثيوبية فرفضها قد يقود في المستقبل إلي ندم إثيوبي خاصة أن مقترح جيبوتي بقدر ما هو مماثل من الوجهة الإقتصادية لإثيوبيا ويحمل في طياته نفس القدر من الخطر علي المصالح المصرية فلا جدال في أن القاعدة البحرية الإثيوبية جيبوتي كما هي في بربره ستؤمن أيهما موطئ قدم لأديس أبابا على مدخل البحر الأحمر في جيبوتي أو صوماليلاند وستؤمن كذلك مشروعها الطموح لبناء “سد النهضة” المتنازع عليه مع مصر والسودان بقدرما إلا أنه ميزة المقترح الجيبوتي النسبية أنه سيكون – لو قبلته إثيوبيا- النهاية إستبعاداً محتملاً لكثير من المخاطر التوسعية الإثيوبية في الصومال لكنه مجرد عملية نقل مكاني للمخاطر الإثيوبية لأنه يحقق نسبياً إطلالة إثيوبية علي البحر ولو أن هناك قدر من عدم اليقين بشأن تضمن المقترح الجيبوتي إتاحة قاعدة عسكرية بحرية إثيوبية في تاجورة كتلك التي تضمنتها مذكرة تفاهم أول يناير 2024 بشأن ميناء بربرة بين إثيوبيا وصوماليلاند فقد أنشأت إثيوبيا بالفعل بعون فرنسي سلاح إثيوبي للبحرية ومقر قيادته في إثيوبيا في مدينة بحر دار وووفقاً لصحيفة “كابيتال” الإثيوبية ففي ديسمبر2023 كُشف عن اتفاق إثيوبي /جيبوتي يقضي بإنشاء قاعدة بحرية إثيوبية في دولة جيبوتي المجاورة ( جرت مفاوضات سابقاً بين إثيوبياوجيبوتي لتطوير ميناء “ديوراليه” في جيبوتي وتشغيله بشكل مشترك والحصول على حصة إثيوبية فيه مقابل حصول جيبوتي على أسهم في الشركات الإثيوبية المملوكة للدولة ضمن خطة الخصخصة لأديس أبابا) .
14- مقترح جيبوتي علي وجه الإجمال لا يحقق كل ما إستطاعت إثيوبيا تحقيقة بمذكرة تفاهم أول يناير2024 بشأن ميناء بربرة في صوماليلاند الذي يفوق في مزاياه الجيوسياسية والعسكرية والإقتصادية ما يمكن لإثيوبيا أن تحصل عليه لو قبلت مقترح جيبوتي إذ أن وجود إثيوبيا في تاجورة قريب من خصم وعدو فالخصم المحتمل هو أنصار الله الحوثيين وهؤلاء لا قبل بدولة ممزقة عسكرياً – وإن أدعت غير ذلك- أن تدفع خطرهم إن حاق بإثيوبيا والعدو المؤكد هو أرتريا فتاجورة أقرب كثيراً لإرتريا ولا قبل أيضاً بإثيوبيا بمواجهتهم فالتيجراي خصوم الأمهرا ومنهم حكام إثيوبيا في الغالب يتواجدون في إرتريا قريباً من الحدود مع جيبوتي وكنتيجة فالإقتراح الجيبوتي بالرغم من كونه “فـــرصـــة” لإثيوبيا وكذلك لجيبوتي إلا أنها ســـنـــحـــت في الوقت غير المناسب ولو زهدت إثيوبيا فيها فسيكون المكسب الوحيد الذي حققته جيبوتي بطرحها هو أنها أثبتت للإثيوبيين حـــســن نية جيبوتي وهذا أمـــر مهم وله عائد في سياسات القرن الأفريقي المضطربة دائمة التأزم .
15- إن رفضت إثيوبيا العرض “الفرصة” الجيبوتي فإن ذلك سيكون لتضافر عاملين أديا إلي هذا الرفض (1) أن هذا هو ما أنتهي إليه التقييم والمُفاضلة الإثيوبية بين إختيار ميناء بربرة وفقاً لحسابات مذكرة تفاهم أول يناير 2024 مع صوماليلاند بشأن ميناء بربرة والمخاطر الناتجة عن ذلك (2) الدور الإماراتي المُخرب فالإقتراح الجيبوتي يقلب الطاولة علي كثير من ترتيبات الإمارات في الصومال وإثيوبيا وعليه فمن المتوقع موجة من التحرك السياسي (والإستخباراتي) الإماراتي ضد جيبوتي ومــثحرض لإثيوبيا ومتعاون مع إرتريا والأفضل لمصر برغم أن مقترح جيبوتي لا يخرج عن كونه عملية إنتقال جغرافي للمخاطر ومع ذلك فالأفضل لمصالح مصر الأوسع مدي دعم مقترح جيبوتي علناً ذلك يمكن قذف الإثيوبيين خارج جيبوتي في المستقبل لأن علاقاتها بجيبوتي متذبذبة ولا يمكن لها أن تستقر إلا علي السطح لكنها في العمق لا مستقر لها من الثقة بالإضافة إلي أنه الأفضل إبعاد الإثيوبيين عن الصومال بوحداته الثلاث فأطماعهم دائمة ولذلك علي مصر علي الأقل من باب ترميم قوتها الناعمة المتآكلة التي تنهش فيها السعودية – علي الأقل – من أجل بناء دور مستحيل لها سواء في الوطن العرب أو خارجه أقول يجب علي مصر ألا تكتفي باتفاقية الدفاع الموقعة مع الصومال في يوليو 2024 بل إستهداف بناء متين للقوة الناعمة المكونة أساساً من توفير المقدرات التعليمية والصحية ونحن نملك من الموارد البشرية في هذين المجالين ما يمكننا ويمكن الصوماليين من إيجاد جيل يواجه التحديات بما فيها الأطماع الإثيوبية والإتجاهات الإنفصالية .
تـــــــقـــديــــــر :
منشأ أزمة الصومال إضافة لتفتته هو إختلاق إثيوبيا لنزاع ميناء بربرة التي إختلقته لتأكيد النزعات الإنفصالية في صوماليلاند ثم لاحقاً في بونت لاند وفي تقديري الوجود المصري العسكري والذي أتمني أن يعقبه وجود تنموي هو الذي سيمنع الحرب فبقاء الصومال وحيدة هو الذي كان سيغري الإثيوبيين لحرب الضعـفاء أي هم والصوماليين التي لها عذر الضعف كونها تعرضت لمؤامرة التفكيك والتفتيت التي عملت علي تحقيقها الولايات المتحدة وإثيوبيا وبعض القوي الأوروربية الرئيسية ومنها طبعاً فرنسا طريدة الساحل الأفريقي والمنطقة قد تبدو أنها ذاهبة لحرب لكنها حـــرب تتم علي غرار لعبة الشطرنج فسوف لا تصل لحد الصدام العسكري فكما أشرت لا الدولتين الرئيسيتين في نزاع الصومال بقادرتين أو حرتين علي الأخذ بخيار الحرب ولا منطقة القرن الأفريقي تتحمل هذا فالموقف في الصومال كان يمكن أن يتردي لولم تتحرك تركيا بفاعلية وفي الوقت المناسب في الصومال وأعقبتها الحركة المصرية التي يجب أن تترافق مع جهد ديبلوماسي مصري في أفريقيا لبيان العدوان الُإثيوبي علي القانون الدولي والقيم الأفريقية وهذا أمر يخدم القضية المصرية في النزاع بشأن مـــياه النيل إذ أن نزاعنا مع إثيوبيا ليس بأي حال نزاع فقط علي سد النهضة بل هو نزاع بالمعني العريض نزاع علي مياه النيل .
سجلت جيبوتي أنها رقم في منتهي الأهمية في القرن الأفريقي والبحر الأحمر – كما أثبت أنصار الله في اليمن ذلك بطريقة أخري – وإقتراحها بشأن عرض تأجير ميناء تـاجورة علي إثيوبيا عرض مذكرة تفاهم إثيوبيا مع ارض الصومال بشأن ميناء بربرة لخطر التآكل ولمزيد من الإنتقاد وليس لإثيوبيا منطق معقول لرفض الإقتراح الجيبوتي إلا لو كان الرفض الإثيوبي مرجعه أسباب إثيوبية إستراتيجية مــحـــضـة متعلقة بالإستراتيجية الإثيوبية الأوسع مدي في عموم الصومال وهي تـــوســـعـــيــة يثبتها التاريخ والجغرافيا .
الــــــــــــســــــــــفـــــيــــر : بــــــــــلال الـــــمــــــصــــــري –
حصريا المركز الديمقراطي العربي – الـــــقــــاهـــــرة / تــحـــريـــراً في 8 ســــبــــتـــمـــبــر2024