الايرانيةالدراسات البحثيةالمتخصصة

تأثير عودة طالبان في مستقبل العلاقات الأفغانية – الإيرانية 2022-2027

اعداد :أسماء مصطفى معوض عبد الكريم , دميانة عيد ويصا حنا , ميلاد شوقي معوض عطا الله , منار نادي عبد الغني محمد  – إشـــــــراف : د. رضــوى عمـــــار – جامعة بني سويف – كلية السياسة والأقتصاد – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

المستخلص

يهدف هذا البحث إلى دراسة أبعاد تأثير عودة طالبان إلى سدة الحكم في دولة أفغانستان، وتأثير ذلك في مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية. وفي هذا الإطار، يستخدم البحث المنهج التاريخي ومنهج الجماعة ونظرية مركب الأمن الإقليمي في تحليل تطور الحياة السياسية في أفغانستان ومعرفة دورها في توجيه طبيعة تعامل طالبان مع جارتها إيران، كما يوضح البحث أيضاً أهم المحددات المؤثرة في العلاقات الأفغانية الإيرانية، ويوضح تأثير القوى الخارجية والبيئة الإقليمية المجاورة لأفغانستان (طالبان) في علاقتها بإيران بغرض الوصول إلى رؤية استشرافية لما يمكن أن تكون عليه العلاقات الأفغانية الإيرانية مستقبلاً.

Abstract

This research aims to study the dimensions of the impact of the Taliban group’s return to power in the state of Afghanistan, and its impact of Afghan-Iranian relations. In this context, the use of the historical method, the methodology of the group and the theory of regional security compound in the analysis of the current circumstances and crises experienced by Afghanistan and to know their role in guiding the nature of the deal the Taliban with its neighbor Iran, and illustrates the research also the most important determinates affecting the Afghan-Iranian, and shows the influence of external forces regional and the invironment adjacent to Afghanistan in its relationship with Iran in order to reach a forward-looking vision of what could be the Afghan-Iranian relations in the future.

المقدمة :

تطرح مسألة عودة طالبان للحكم مرة أخرى تساؤلات عديدة حول علاقاتها مع دول الجوار، حيث تعتبر عودة طالبان للحكم تحولاً في مشهد العلاقات الأفغانية في آسيا، فعلى الرغم من أن أفغانستان دولة حبيسة إلا أن لها تأثيراً كبيراً في الأمن الإقليمي، فهي دولة جوار لست دول أخرى هي: الصين، إيران، باكستان، طاجيكستان، تركمنستان وأوزبكستان.

وقد مثل إعلان الانسحاب الأمريكي في أبريل 2021 الذي حُدد نطاقه بنهاية 31 أغسطس من نفس العام جدلاً كبيراً حول ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع الأمنية لدول الجوار الإقليمي لأفغانستان جراء عودة جماعة طالبان للسيطرة على مقاليد الحكم في أفغانستان، وهذا ما حدث بالفعل بعد الانسحاب الأمريكي الذي تلى المفاوضات الأمريكية مع طالبان برعاية قطرية ودخول طالبان العاصمة كابول وسيطرتها على معظم الولايات الأفغانية مع انهيار الحكومة الأفغانية بقيادة الرئيس أشرف غني سريعاً في مواجهة طالبان، وهذا ما أثار توجس دول الجوار الإقليمي لأفغانستان.

وفي هذا الإطار، أضحى من الأهمية بمكان دراسة رؤية طالبان من خلال الوقوف على فكر جماعة طالبان التي شهدت تحولاً من كونها أحد الفاعلين من غير الدول، ثم وصولها إلى سدة الحكم، ثم التعامل معها كإحدى الجماعات الموضوعة في قائمة الإرهاب التي تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية، ثم الجلوس معها على طاولة المفاوضات حتى عودتها إلى سدة الحكم في أغسطس 2021.

ومنذ عودة طالبان وهي تسعى إلى إرسال رسائل إيجابية للمجتمع الدولي محاولة بذلك كسب ثقة دول الجوار، واكتساب الشرعية الدولية من أجل الحصول على الاعتراف بحكومتها الانتقالية وتلقي الدعم من القوى العالمية والإقليمية لعمليات إعادة الإعمار التي تحتاجها الدولة الأفغانية، وفي سبيل ذلك تبنت خطاباً إعلامياً تضمن رسائل مطمئنة للدول الأخرى، الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات عن خطاب الجماعة ورؤيتها للعلاقات الأفغانية مع جيرانها الإقليميين وخاصة إيران التي عادة ما اتسمت بالتباين ما بين الصراع تارة وتقديم الدعم تارة أخرى، حيث كانت إيران داعمة لموقف الولايات المتحدة ضد طالبان في الفترة الأولى من الاحتلال، غير أنها في أعقاب خلافها مع حكومة أشرف غني، توجهت إلى دعم جماعة طالبان ضد كل من الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة حتى تم الانسحاب الكامل للولايات المتحدة من أفغانستان.

وما بين مخاوف إيران من عودة طالبان للحكم التي تباينت علاقتها معها من تعاون في السنوات الأولى وعداء وصراع في مراحل أخرى، وما بين رغبة طالبان في كسب ثقة دول الجوار بعد عودتها مرة أخرى للحكم سعت طالبان إلى تقديم وجه معتدل داخلياً وخارجياً، ولكن تظل الممارسة العملية هي الفيصل الأساسي في تحديد ما إذا كانت طالبان شهدت تغييرات جوهرية في فكرها وأسلوبها، أم أنها مجرد تغييرات شكلية تسعى من خلالها لنيل اعتراف المجتمع الدولي وتعزيز سيطرتها على أفغانستان.

وفي هذا الصدد، يسعى هذا البحث إلى دراسة تأثير عودة جماعة طالبان إلى سدة الحكم في أفغانستان وتأثير ذلك في مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية من خلال تحليل رؤية جماعة طالبان وتأثيرها في مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية.

أولاً- المشكلة البحثية وتساؤلات الدراسة

أثارت عودة طالبان إلى حكم أفغانستان الجدل حول مدى تأثير هذه العودة في العلاقات الأفغانية الإيرانية، وهنا نشأ جدل حول طبيعة العلاقات بين أفغانستان وإيران بعد عودة جماعة طالبان للحكم ثانية، حيث يدور الجدل بين فريقين: الفريق الأول يرى عودة الصراع بين طالبان وإيران، حيث كانت سياسة طالبان نحو إيران تتمحور حول نظرتهم إلى الشيعة على أنهم خارجين عن الملة فضلاً عن رؤيتها لإيران باعتبارها قوى دولية تسعى إلى إزاحتها من الحكم، بينما يرى الفريق الثاني أن طالبان تسعى إلى التقارب مع إيران في ضوء تلاقي أهداف الطرفين مع بعضهما البعض، فبعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وسيطرة حركة طالبان على أفغانستان مرة أخرى في 15 أغسطس 2021 ظهرت مؤشرات لعلاقات مصالح بين أفغانستان وإيران، وفي هذا الإطار يسعى هذا البحث للإجابة عن تساؤل رئيسي مفاده: ما هو تأثير عودة طالبان إلى السلطة في مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية؟

ويتفرع عن هذا التساؤل عدة تساؤلات فرعية هي:

  • ما هي رؤية جماعة طالبان للعلاقات الأفغانية الإيرانية؟
  • ما هي محددات العلاقات الأفغانية الإيرانية؟
  • ما هو تأثير القوى الخارجية في العلاقات الأفغانية الإيرانية؟
  • ما هو مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية؟

ثانياً- الدراسات السابقة

تم تقسيم الدراسات السابقة التي ارتبطت بموضوع الدراسة إلى أربع اتجاهات رئيسية، نعرض من خلالها مجموعة من الدراسات التي تعبر عن كل اتجاه، يتناول أولها الحركات المسلحة في أفغانستان، بينما يشير الثاني إلى السياسة الخارجية الأفغانية تجاه إيران، ويركز الثالث على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه أفغانستان، وأخيراً يتناول الاتجاه الرابع الدراسات المتعلقة بالعلاقات الأفغانية الإيرانية.

الاتجاه الأول: الحركات المسلحة في أفغانستان

1- دراسة بعنوان “أفغانستان وصعود طالبان”[1]، تناولت فشل الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان، وعرضت عدد من المؤشرات والحقائق التي أكدت على صعوبة استمرار الاحتلال مثل فشل الحكومة الموالية للاحتلال في تحقيق الأمن والاستقرار في أفغانستان، وعدم الرضاء الشعبي عن أدائها، وارتفاع حجم تكلفة الخسائر التي يتعرض لها أفراد المجتمع الأفغاني. كما تناولت أزمة المشروعات الأمريكية في أفغانستان التي تتعارض مع الهوية الأفغانية، وفي هذا الإطار طرحت مسألة عودة طالبان وعلاقتها بالحرب على الإرهاب في ضوء بحث علاقة الحركة بتنظيم القاعدة وما تطور عنه من نزاعات. كما تناولت الدراسة لجوء طالبان إلى عمليات عسكرية كان لها نتائج عسكرية ممتدة على الأراضي الأفغانية خلقت وضع عسكري وسياسي جديد يساعدها في فرض سيطرتها على أفغانستان.

2- دراسة بعنوان “نشأة وتطور الجماعات الجهادية في أفغانستان: حركة طالبان وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق نموذجاً”[2]، تناولت الظروف التي مهدت لظهور الجماعات الجهادية في أفغانستان من خلال تحليل المجتمع الأفغاني من حيث والانقسامات العرقية والأثنية من خلال عرض التركيب السكاني والقومي لأفغانستان. وذكرت الدراسة نشأة حركة طالبان وأهدافها ووصولها إلى السلطة في أفغانستان، والهيكل التنظيمي وقيادات حركة طالبان، كما ذكرت تنظيم القاعدة وتعريفه كجماعة إرهابية وأهم قادة التنظيم، وتناولت أيضاً حركة تنظيم “الدولة الإسلامية” موضحة أوجه التشابه والاختلاف بين الجماعات الإرهابية الموجوة في أفغانستان والصراعات بينها.

3- دراسة بعنوان “طالبان أفغانستان مأزق الحرب وآفاق السلام”[3]، تناولت عوامل نشأة طالبان والجذور الفكرية التي تنطلق منها الحركة، وذكرت الدراسة السمات والصفات والخصائص المشتركة التي تتمتع بها رموز طالبان وأبرز قياداتهم السياسية، ومراحل تشكيلهم وإسهاماتهم في المجالات العسكرية والسياسية، كما وضحت الدراسة المسلك السياسي والعسكري لحركة طالبان وممارساتها في الحكم والمعارضة، وأبرز نقاط قوتها وضعفها، كما عرضت الدراسة اتفاق السلام بين أمريكا وطالبان وموقف الحكومة والقبائل الأفغانية في هذا الاتفاق.

ويستفيد البحث من الدراسات التي يعرضها هذا الاتجاه في التعرف على الجماعات المسلحة الموجودة في أفغانستان بما فيهم طالبان، وكذلك نشأة الحركة والإطار الفكري لها وأهم قادتها، كما تناول الاتجاه عوامل قوة طالبان بالإضافة إلى عوامل الضعف التي تعاني منها، وهو ما ساعد في تكوين رؤية حول سياسة طالبان في الحكم.

الاتجاه الثاني: السياسة الخارجية الأفغانية تجاه إيران.

1- دراسة بعنوان “ملامح المشروع السياسي لحركة طالبان الأفغانية”[4]، عرضت السياسة الخارجية والداخلية لحركة طالبان، كما تناولت السياسة الخارجية الأفغانية ومراحل تطورها منذ سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان حيث بدأت بنزعة استقلالية للحركة، ثم تحولت إلى سياسة تصفير المشاكل والتحالف مع دول الجوار باكستان، وإيران، والصين. ثم كونت طالبان علاقات مع الدول العربية ودول أخرى غربية. ووضحت الدراسة سياسة حركة طالبان تجاه الأمم المتحدة التي اتسمت بالتحفظ في المعاملة معها ومع قوانينها، كما تفاعلت طالبان في سياستها الخارجية مع مختلف القضايا والحركات الإسلامية. وتناولت الدراسة السياسة الداخلية لحركة طالبان من منظور مفهومها تجاه والأقليات العرقية والدينية في أفغانستان، كما أوضحت سلوك طالبان العسكري ضد الاحتلال الأمريكي.

2- دراسة بعنوان “الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات الأمريكية – الأفغانية (2001 – 2014)”[5]، ركزت على تأثير أحداث 11 سبتمبر على العلاقات الأمريكية الأفغانية ودور طالبان في هذا الصدد، وتناولت اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية التي وقعتها الحكومة الأفغانية مع العديد من الدول لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، وأشارت إلى الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات الأمريكية الأفغانية 2001 – 2014، كما ركزت أيضاً على المصلحة المشتركة لكل من أمريكا وأفغانستان في محاربة الإرهاب وهزيمته، وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج ومنها أن الاهتمام الأمريكي بأفغانستان استند إلى أبعاد استراتيجية وأمنية وسياسية، وخلصت في ذلك إلى مجموعة من التوصيات منها على سبيل المثال حثت الحكومة الأفغانية على تغيير وجهة نظر الدول العربية تجاه أفغانستان، واستمرار سياسة الاعتدال والوسطية وعدم التطرف والتعاون مع الجميع بما يخدم مصالح أفغانستان الوطنية والقومية، ويمكن الاستفادة من هذه الدراسة من خلال التعرف على مرتكزات العلاقة الاستراتيجية بين أمريكا وأفغانستان في ظل وجود حركة طالبان للوقوف على محددات سياسة أفغانستان في علاقاتها مع الدول الأخرى.

ويتم الاعتماد على دراسات هذا الاتجاه في التعرف على ملامح المشروع السياسي جماعة طالبان باعتبارها متغير رئيسي في البحث وكذلك التعرف على سياستها تجاه دول الجوار لمعرفة حدود التغير في سياسة طالبان الخارجية، وفهم أبعاد العلاقات الأفغانية الأمريكية وتأثيراتها على العلاقات الأفغانية الإيرانية.

الاتجاه الثالث: السياسة الخارجية الإيرانية تجاه أفغانستان

1- دراسة بعنوان “سياسة إيران تجاه دول الجوار”[6]، تناولت سياسة إيران تجاه دول الجوار وتنطلق من فرضية مفادها أن هناك سمة ثابتة في سياسة إيران الإقليمية تجاه دول الجوار الجغرافي منذ عهد الشاه محمد رضا بهلوي، وهذه السمة هي أن إيران تحاول أن يكون لها دور إقليمي مميز وأن تعطي لنفسها مكانة الزعامة على دول الإقليم، وتناولت هذه الدراسة المتغيرات الداخلية والإقليمية المؤثرة في سياسة إيران. كما أوضحت الدراسة السياسة الإيرانية تجاه القضايا الإقليمية لا سيما القضية الأفغانية. وانتهت الدراسة بالحديث عن انعكاسات سياسة إيران الإقليمية على الوطن العربي والتوجهات المستقبلية لهذه السياسة على المستوى الإقليمي.

كما ناقشت القضية الأفغانية التي تعد من أكثر القضايا الإقليمية التي لها انعكاسات كبيرة على دولة إيران، باعتبار أفغانستان إحدى دول الجوار الجغرافي لإيران، حيث أكدت الدراسة على أن إيران من أكثر الدول التي تتأثر سياسياً بالقضية الأفغانية بالإضافة إلى تعقيدات هذه القضية نتيجة تدخل الأطراف الإقليمية (باكستان) والأطراف الدولية (الولايات المتحدة الأمريكية) فيها، ويعد هذا عامل تهديد لأمن إيران واستقرارها، وبالتالي عامل تقييد لسياستها الإقليمية وتوجهاتها المستقبلية.

2- دراسة بعنوان “النفوذ الإيراني في أفغانستان”[7]، تناولت بحث المصالح التاريخية لإيران في أفغانستان، كما ركزت الدراسة على عدد من جوانب العلاقات الإيرانية الأفغانية التي شملت المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية والأيدولوجية. وعرضت الدراسة حجم النفوذ الإيراني في أفغانستان بما في ذلك علاقات طهران مع المجموعات والدوائر الانتخابية الأفغانية الرئيسية، كما تعرضت الدراسة إلى علاقة إيران مع قوى إقليمية أخرى مثل الهند وروسيا في ضوء انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، كما عنت الدراسة بالكشف عن الآثار المترتبة على النفوذ الإيراني بالنسبة للولايات المتحدة.  

3- دراسة بعنوان “السياسة الخارجية الإيرانية.. مستقبل السياسة في عهد الرئيس حسن روحاني”[8]، أوضحت القوة الناعمة التي تعتمد عليها إيران في سياستها الخارجية، وأن المصادر المهمة لهذه القوة الناعمة تتكون من الثقافة بشكل عام، وخصوصاً تلك التي تُسوق بشكل جيد ويجذب الأخرين، وكذلك القيم السياسية التي تتبناها الدولة، وتعمل على تطبيقها بشكل واضح، وتطبق إيران هذا النموذج في سياستها الخارجية وعلاقاتها مع أفغانستان، حيث تكتسب أفغانستان أهمية كبيرة في الإستراتيجية الإيرانية، وقد ذكر الكتاب أنواع القوة الناعمة التي تستخدمها إيران في سياستها الخارجية وهي التقاليد الإيرانية واللغة الفارسية ومبادىء التشيع التي تمثل مصادر الثقافة الإيرانية، وإحدى أهم مقومات القوة الناعمة لديها، وتوضح الدراسة مدى استخدام إيران لهذه القوة في سياستها مع أفغانستان.

يتم الاستفادة من دراسات هذا الاتجاه في التعرف على محددات العلاقات بين أفغانستان وإيران ودور القوى الإقليمية في التأثير على هذه العلاقات، وأيضاً التعرف على النفوذ الإيراني في أفغانستان وكذلك معرفة نفوذها والدور الذي تلعبه من خلال معرفة الأدوات التي تستخدمها للعب هذا الدور، وذلك للتعرف على ملامح السياسة الخارجية لإيران تجاه حركة طالبان باعتبارها تمثل السلطة في أفغانستان.

الاتجاه الرابع: العلاقات الإيرانية الأفغانية

1- دراسة بعنوان “موقف إيران من التطورات السياسية في أفغانستان 1979 – 1991م”[9]، تناولت موقف إيران من التطورات السياسية في أفغانستان باعتبارها واحدة من المناطق المهمة لإيران، حيث تنبع أهميتها مما سمته العمق الجغرافي، وعرضت الدراسة دافع توجه إيران نحو أفغانستان باعتبارها عامل من عوامل استقرار أمنها القومي، حيث ترتبط معها بحدود طويلة تقدر بحوالي 920 كم2 وتعد وسيلة لإيران للوصول إلى مناطق وسط آسيا.

كما ذكرت الدراسة تأثير الثورة الإسلامية على أفغانستان ضمن ما عرف بمبدأ تصدير الثورة وتناولت موقف الحكومة الإيرانية من الغزو السوفيتي لأفغانستان وكيف تعاملت طهران عبر تلك المراحل وكيف استطاعت إيران التوفيق بين دعمها للمهاجرين الأفغان وعلاقتها بالاتحاد السوفيتي، وأيضاً تناولت السياسة الإيرانية مع الحركات الأفغانية وبالأخص الفصائل السنية والشيعة والتحديات الداخلية والخارجية التي أثرت على الموقف الإيراني حيال التطورات الداخلية في أفغانستان، بالإضافة إلى تأثير الحرب العراقية الإيرانية في تراجع الدور الإيراني في أفغانستان.

ووصفت الدراسة العلاقة الإيرانية الأفغانية بالمرونة في الفترة محل الدراسة من حيث التطور في كافة المجالات السياسية والاقتصادية من خلال توقيع رضا بهلوي العديد من الاتفاقيات مع أفغانستان خلال الأعوام 1921 – 1928، حيث كان الهدف الإيراني من ذلك هو الحد من التقارب الأفغاني التركي.

كما أوضحت الدراسة أنه من أبرز عوامل الخلاف بين الدولتين كان مسألة توزيع مياه نهر الهلمند بين الدولتين، حيث يعود تاريخ تلك المشكلة إلى القرن التاسع عشر.

وأبرزت أن العلاقة بين إيران وأفغانستان امتازت بعدم إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لاسيما بعد رفض إيران الإعتراف بأي حكومة في أفغانستان في ظل وجود الاحتلال السوفيتي فيها وبعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان 1989، حدث تغير كبير في سياسة إيران تجاه أفغانستان، فلم تسعى لإسقاط النظام الأفغاني تخوفاً من سيطرة الجماعات الإسلامية الأصولية على الحكم في أفغانستان، وبالتالي تقربت من الحكومة الأفغانية.

2- دراسة بعنوان “العلاقات الإيرانية الأفغانية 2002 – 2020 رؤية استراتيجية”[10]، تناولت القواسم المشتركة بين أفغانستان وإيران منها اللغة واحدة وروابط ثقافية ودينية وسياسية واقتصادية، والعلاقات المعقدة بين إيران وأفغانستان، وأيضاً محددات النفوذ الإيراني في أفغانستان، كما تناولت مراحل علاقة إيران بأفغانستان، وذكرت العلاقات الإيرانية الأفغانية بعد سقوط حركة طالبان عام 2001 وكيف تغيرت العلاقات بين الدولتين من العداء إلى التعاون بين الحكومة الأفغانية الجديدة وإيران. كما وضحت الدراسة تعزيز العلاقات التجارية بين إيران وأفغانستان منذ سقوط طالبان، ووضحت الدراسة أن الغرض من هذا التعزيز هو ربط أفغانستان بإيران اقتصادياً وسياسياً أكثر، وذكرت الدراسة العمال واللاجئون الأفغان في إيران، وتناولت أيضاً أهم القضايا العالقة في العلاقة بين إيران وأفغانستان، ومنها النزاعات حول المياه، والمخدرات، والاحتجاجات الأفغانية في مواجهة التدخل الإيراني، كما ركزت الدراسة على موضوعين رئيسيين وهما تبني إيران نظرية المجال الحيوي في التعامل مع أفغانستان ودول الجوار، والثاني الظروف التي سادت المنطقة الآسيوية والشرق أوسطية بعد الحادي عشر من سبتمبر، والاحتلال الأمريكي لأفغانستان ودخول قوة إقليمية ودولية كثيرة حلبة الصراع، وهو أمر هدد الأمن القومي الإيراني وتسبب في مخاوف وقلق كبير لإيران.

يتم الاعتماد على دراسات هذا الاتجاه في الوقوف على تطور العلاقات الإيرانية الأفغانية قبل سيطرة طالبان مرة أخرى على أفغانستان، وأهم العوامل المؤثرة في هذه العلاقات.

ثالثاً- أهمية الدراسة

أ) – الأهمية العلمية النظرية

تتمثل الأهمية العملية للدراسة في كونها دراسة مستقبلية تسعى إلى استشراف مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية، في ضوء متغيرات البيئة الإقليمية والعالمية.

ب) – الأهمية العملية التطبيقية

تتمثل الأهمية العلمية لهذه الدراسة في تحليل الأحدث الجارية للعلاقات الأفغانية الإيرانية، لمحاولة الوصول إلى رؤى استشرافية لمستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية تخدم صانع السياسة الخارجية.

رابعاً- أهداف الدراسة

تهدف الدراسة إلى التعرف على تأثير عودة حركة طالبان إلى الحكم في مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية، وفي ضوء الهدف الرئيسي للدراسة يندرج تحته عدة أهداف، وهي:

1- دراسة رؤية طالبان للعلاقات الأفغانية الإيرانية.

2- دراسة محددات العلاقات الأفغانية الإيرانية.

3- معرفة أثر البيئة الإقليمية في العلاقات الأفغانية الإيرانية.

4-وضع سيناريوهات لمستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية.

خامساً- حدود الدراسة

أ) – الإطار المكاني

يدور الإطار المكاني للدراسة في النطاق الإقليمي لدولتي أفغانستان وإيران، مع التكامل بين دول الإقليم المباشر (دول الجوار لدولة أفغانستان) ومنها: روسيا والصين والهند وباكستان، ويمتد ليشمل الولايات المتحدة باعتبارها طرف مؤثر في العلاقات بين الدولتين.

ب) – الإطار الموضوعي

يندرج موضوع هذه الدراسة ضمن حقل العلاقات الدولية حيث تتناول الدراسة تأثير عودة طالبان في مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية.

سادساً- الإطار النظري للدراسة

تعد أفغانستان من الدول الحبيسة التي لها تأثير أمني كبير وواسع في أمن دول الجوار لها فهي دولة على الحدود ما بين العديد من المركبات المجاورة وليست بداخل مركب معين حيث تملك أفغانستان حدود مع ست دول مختلفة، وهي: باكستان، إيران، الصين، والجمهوريات السوفيتية سابقاً أوزبكستان وطاجيكستان وتركمنستان، وهو ما سيتناوله البحث من خلال نظرية مركب الأمن الإقليمي للمفكر باري بوزان.

نظرية المركب الأمني الإقليمي

يقصد بمفهوم المركب الأمني مجموعة من الدول التي ترتبط اهتماماتها الأمنية الأساسية مع بعضها البعض بصورة وثيقة بحيث أن أوضاعها الأمنية الوطنية لا يمكن بحثها بمعزل عن بعضها البعض.

وتهدف نظرية مركب الأمن الإقليمي إلى التمييز بين تفاعل القوى على مستوى النظام العالمي، التي تملك القدرة على تجاوز المسافة، وبين تفاعل الفواعل الأقل قوة على مستوى النظام الفرعي، التي تمثل منطقتهم المحلية بيئة أمنهم الرئيسية.

ويعتبر باري بوزان أول من استخدم مصطلح المركب الأمني وذلك لتسهيل التحليل الأمني على مستوى النطاق الإقليمي واعتبار المستوى الإقليمي كوحدة تحليل أساسية تنطلق من خلال القضايا الأمنية من منطلقات إقليمية وليس عالمية، مع بقاء تعاملها مع القضايا العالمية، أو الأطراف الخارجية الفاعلة ومختلف القوى المؤثرة على المركب الأمني.

تعني إقليمية الأمن وفقاً لباري بوزان عدم قدرة أي وحدة على تحقيق أمنها بعيداً عن محيطها الإقليمي وهذا ما يشكل لنا ما يعرف بالاعتماد الأمني المتبادل في ظل ارتفاع مستوى التهديد والخوف الذي يشعر به أطراف المركب الإقليمي بشكل متبادل[11]، ويرى باري بوزان أن مفاهيم الصداقة والعداوة لا يمكن إرجاعها إلى توازن القوى فقط، لأن القضايا التي يمكن أن تؤثر على علاقات الصداقة والعداوة بين الدول قد تكون مرتبطة بالأيدولوجية الأثنية والخلفيات التاريخية، فمسألة دور الروابط الثقافية والعرقية في تعريف المجمعات الأمنية هي مسألة مثيرة للاهتمام، وليس من المستبعد أن تؤدي الروابط الثقافية والعرقية المشتركة بين مجموعة من الدول إلى إضفاء الشرعية على التدخلات المتبادلة في الشئون الأمنية لبعضها البعض[12]، وبهذا يعرف باري بوزان المركب الأمني  بأنه “مجموعة من الدول ترتبط مخاوفها أو هواجسها الأمنية ارتباطاً وثيقاً فيما بينها، مما يجعل من غير الممكن النظر واقعياً لأمن الدول بمعزل عن أمن الدول الأخرى”[13]، فمركب الأمن الإقليمي يرتبط فيه أمن مجموعة من الدول ببعضها البعض، حيث يتعذر تحقيق أمن أي عضو فيه خارج النظام الإقليمي.

ونظراً لأن المجمعات الأمنية عبارة عن كيانات جغرافية، فغالباً ما تتضمن افتراضياً عدداً من الحالات الثانوية، ونظراً لقوتها المنخفضة نسبياً مقارنة بجيرانها فقد يكون لها تأثير ضئيل على هيكل المجتمع وترتبط ضماناتهم ارتباطاً وثيقاً بنمط الدول الأكبر، لكن لا يمكن أن يصبحوا إلا مصدر تهديد لدولة أكبر بحكم تأثير تحالفاتهم على العلاقات بين الدول الأكبر، وكان ينظر إلى أفغانستان تقليدياً على أنها منطقة عازلة، إلا أن تصنيفها بهذه الطريقة أثار الجدل بسبب نزاعاتها الكبيرة مع باكستان، وخاصة بعد الاحتلال السوفيتي لها.

قواعد نظرية مركب الأمن الإقليمي

تقوم نظرية الأمن الإقليمي على مجموعة من القواعد أهمها:

  • إن أكثر التهديدات تنتقل بصورة أسهل في المسافات القصيرة عكس المسافات الطويلة.
  • أن قدرات ونوايا الدول الأمنية تعلقت تاريخياً بجيرانها، لذا فدرجة الاعتماد الأمني المتبادل يكون أكثر حدة بين الدول الفاعلين داخل المركب الأمني وآخرين خارجه.
  • أن مركب الأمن الإقليمي قد يكون مخترقاً من قبل القوى العالمية، إذا كان ذو نطاق واسع.
  • أن مركبات الأمن الإقليمي هي المكون الرئيسي والأساسي للأمن الدولي.

_ أن مركب الأمن الإقليمي يشتق من التفاعل بين البيئة الفوضوية، ونتائج ميزان القوى في النظام الدولي من جهة، وبفعل الضغوط التي يولدها التقارب الجغرافي المحلي من جهة أخرى.

مستويات تحليل نظرية مركب الأمن الإقليمي

تحدد نظرية مركب الأمن الإقليمي أربع مستويات للتحليل تتمثل فيما يلي:

  • المستوى الداخلي أو المحلي: يقصد به الظروف المحلية للدول المشكلة لمركب الأمن الإقليمي، مع التركيز على نقاط الضعف المتولدة بالداخل.
  • مستوى العلاقات دولة – دولة: أي علاقات دول الإقليم مع بعضها، التي تحدد ملامح الإقليم في حد ذاته.
  • تفاعل الإقليم مع الأقاليم الأخرى خاصة المجاورة.
  • دور القوى العالمية في الإقليم: أي علاقة الإقليم بالقوى العالمية خاصة الكبرى، يعني تفاعل بنيان الأمن العالمية والإقليمية.

وترتكز البنية الجوهرية لنظرية مركب الأمن الإقليمي على مجموعة من المتغيرات المتمثلة في الآتي:

  • العداوة / الصداقة: حيث تتحدد تفاعلات مركبات الأمن الإقليمية وفقاً لعلاقات العداوة والصداقة التاريخية والتلاحم الجغرافي الذي يخلق حالة من الاعتماد الأمني المتبادل، حيث تؤثر الصداقة أو العداوة بشكل كبير في طبيعة المخرجات الإقليمية المتمثلة في السياسة الخارجية للدول نحو بعضها البعض.
  • التخومية: أي وجود علاقات الجوار الجغرافي التي تربط طرفين فأكثر ضمن علاقات أمنية تتفاعل في الاتجاه الإيجابي أو السلبي، فعلاقات الجوار تشمل حالات الأمن أو عدم الأمن الناتج من التقارب الجغرافي.
  • الاعتماد الأمني المتبادل: علاقات الأمن المتبادل تكون مبنية في الأساس على فكرة الاستقرار الأمني بين وحدتين أو أكثر، أي أن أمن وحدة معينة أو عدم أمنها يؤثر على باقي وحدات النظام.
  • مبدأ القوة: يؤثر مبدأ القوة بشكل كبير في البيئة الإقليمية للدول، حيث أن تمكن الأطراف المشكلة لمركب الأمن الإقليمي من تحقيق تقارب في القوى يؤدي إلى توازن القوى مما يساهم في استقرار منطقة الإقليم.
  • مبدأ الاختراق: يوضح هذا المبدأ أثر التدخلات الخارجية في البيئة الإقليمية في تغيير صورة المركبات الأمنية الإقليمية وطبيعتها، ويشير إلى اختراق بعض القوى الإقليمية لمركبات الأمن المجاورة لها، مثل اختراق الصين لمركبات أمن شمال شرق آسيا وجنوب شرق آسيا[14].   

سابعاً- الإطار المفاهيمي للدراسة

يتناول الإطار المفاهيمي التعريفات التي تتناولها الدراسة وهي: الفاعلين من غير الدول، الجماعات المسلحة والجماعات الإرهابية.

1- الفاعلين من غير الدول

يعتبر الفاعلين من غير الدول Non-State Actors (NSAs) كيانات مستقلة تماماً _ أو إلى حد كبير _ عن الحكومة المركزية للدولة، فهم لا يمثلون جزءاً من أجهزة الدولة الرسمية، ويمكن أن يعملوا من خلال شبكات تمتد عبر حدود دولتين أو أكثر، ومن ثم فهم يلعبون دوراً مؤثراً في العلاقات بين الدول، وداخل المؤسسات الدولية إما بشكل مباشر أو غير مباشر.[15]

2_ الجماعات المسلحة

لا يوجد تعريف متفق عليه دولياً للجماعات المسلحة من غير الدول في المعاهدات الدولية، غير أن هذا المصطلح يشير إلى طرف من غير الدول في نزاع مسلح دولي أو غير دولي ويستخدم القانون الإنساني مصطلح “القوات المسلحة” لتوصيف وتعريف المقاتلين الذين يقاتلون داخل دولة طرف في النزاع.[16]

3-الجماعة الإرهابية

كل جماعة أو جمعية أو هيئة أو منظمة أو عصابة مؤلفة من ثلاثة أشخاص على الأقل أو غيرها أو كيان تثبت له هذه الصفة أيا كان شكلها القانوني أو الواقعي سواء كانت داخل البلاد أو خارجها وأيا كان جنسيتها أو جنسية من ينتسب إليها، تهدف إلى ارتكاب واحدة أو أكثر من جرائم الإرهاب أو كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها لتحقيق أو تنفيذ أغراضها الإجرامية.[17]

ثامناً_ المناهج المستخدمة

يعتمد هذا البحث في الإجابة على التساؤلات التي يطرحها على التكامل المنهجي ما بين المنهج التاريخي وهو من ضمن مجموعة المناهج التقليدية في دراسة العلاقات الدولية، ومنهج الجماعة، والمنهج الوصفي التحليلي.

أ) – المنهج التاريخي

يستخدم البحث المنهج التاريخي في تحليل تطور العلاقات بين أفغانستان وإيران، وذلك في فترات حكم نظام طالبان، في الفترة من 1996-2001 ثم بعد تحولها إلى حركة معارضة بعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان حتى وصولها مرة أخرى إلى سدة الحكم بعد الانسحاب الأمريكي في أغسطس 2021، ويساعد هذا المنهج الباحثين في الوصول إلى مقاربة لسيناريوهات العلاقات الأفغانية الإيرانية من خلال الوقوف على أبرز السمات التي تميز هذه العلاقات وتأثيرها على رؤية طالبان.

ب) – منهج الجماعة

يستخدم البحث منهج الجماعة في تحليل هيكل جماعة طالبان وعوامل فاعليتها وتأثير ذلك في العلاقات الأفغانية الإيرانية في فترات حكم طالبان، ومعرفة الفرق ما بين الفترة الأولى لحكم طالبان 1996-2001، وما بعد وصولها للحكم للمرة الثانية في أغسطس 2021، حيث تتوقف فاعلية الجماعة على عدة عوامل منها: حجم العضوية ودرجة تماسكها وحجم مواردها المالية والإطار السياسي السائد وطبيعة القضايا المطروحة، والأساليب التي تلجأ إليها، مثل: المساومات ووسائل الإعلام والدعايا والمساندة الانتخابية وخلق علاقات خاصة بجماعات أخرى[18]، ومن ذلك نستوضح عوامل فاعلية طالبان وتأثيرها في العلاقات الأفغانية الإيرانية، حيث يساعد منهج الجماعة على تحليل دور جماعة طالبان ورؤيتها للنظام السياسي والعلاقات مع إيران.

ج) – المنهج الوصفي التحليلي

يُستخدم المنهج الوصفي التحليلي في تحليل تأثير وصول طالبان في العلاقات الأفغانية الإيرانية حيث يساعد في فهم أفكار طالبان وخصائصها وأهدافها، بالإضافة إلى رؤيتها للعلاقات مع إيران بعد عودتها للحكم.

ثامناً- تقسيم الدراسة

للإجابة عن التساؤلات التي يطرحها البحث، واتساقاً مع الإطار النظري وانطلاقاً من المناهج يأتي تقسيم الدراسة إلى فصل تمهيدي وثلاثة فصول تعقبها خاتمة.

يتناول الفصل التمهيدي وصف لدولة أفغانستان ونظامها السياسي وتعريف طالبان وأساس نشأتها وأهم قادتها وحدود الاستمرار والتغير لرؤيتهم تجاه الحكم ما بين فترة حكمهم الأولى وفترة حكمهم الجارية.

ويعرض الفصل الأول المحددات المؤثرة في العلاقات الأفغانية الإيرانية، والتي تنقسم إلى محددات اقتصادية، ومحددات سياسية وأمنية، ومحددات اجتماعية ومحددات فكرية وتكنولوجية، وتأثير تلك المحددات في شكل العلاقات بين أفغانستان وإيران نظراً لما تمثله من نقاط مشتركة قد تلعب دوراً تعاوني أو صراعي.

ويناقش الفصل الثاني تأثير القوى الخارجية في العلاقات الأفغانية الإيرانية، التي تنقسم إلى قوى عالمية وأخرى إقليمية، وجدير بالذكر أن هذه القوى لها مصالح تمثلها، أحياناً تتقاطع كما أنها في أحيان أخرى تلتقي، وفي خضم هذ التفاعلات تلعب هذه القوى دوراً مؤثراً في العلاقت الأفغانية الإيرانية.

أما الفصل الثالث فهو يركز على عرض رؤية مستقبلية للعلاقات الأفغانية الإيرانية تدور حول  مسارين رئيسيين، أحدهما تعاوني والآخر صراعي.

وتأتي خاتمة الدراسة لتعرض ما خلصت إليه حول تأثير عودة طالبان للحكم في مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية.

وفي هذا الصدد، يتم تقسيم الدراسة على النحو التالي:

الفصل التمهيدي: أفغانستان ورؤية طالبان              

الفصل الأول: محددات العلاقات الأفغانية الإيرانية

المبحث الأول: المحددات السياسية والأمنية

المبحث الثاني: المحددات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

الفصل الثاني: تأثير القوى الخارجية في العلاقات الأفغانية الإيرانية

المبحث الأول: تأثير القوى الإقليمية في العلاقات الأفغانية الإيرانية

المبحث الثاني: تأثير القوى العالمية في العلاقات الأفغانية الإيرانية

الفصل الثالث: مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية

الفصل التمهيدي

أفغانستان ورؤية طالبان

يتناول الفصل التمهيدي دولة أفغانستان وحركة طالبان وذلك من خلال مبحثين، يتناول المبحث الأول الجغرافية السياسية لدولة أفغانستان من خلال مجموعة من العناصر وهي: الأبعاد التاريخية في أفغانستان والتكوين السكاني فيها وكذلك نظامها السياسي، ويتناول المبحث الثاني نشأة حركة طالبان وأهم القادة فيها وفكرها ورؤيتها للحكم في أفغانستان.

تقع دولة أفغانستان في قلب القارة الآسيوية ولذلك سميت بقلب آسيا، فمنذ فجر التاريخ تشغل أفغانستان موقعاً مهماً جعلها ملتقى حضارات عدة، وتشمل أفغانستان عدد من المدن الكبرى وأهمها العاصمة كابول، ويجوارها ست دول وهم الصين وإيران وباكستان وتركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان، وتحتفظ أفغانستان بعلاقات ودية مع الدول المجاورة لها لأنها في حاجة ماسة لهم من أجل الحفاظ على أمنها القومي وكيانها الإقليمي.

كما تشمل أفغانستان العديد من العرقيات والقبائل والإثنيات الممتدة بين الدول المجاورة لها، وعلى امتداد حدودها البرية.[19]

وتعتبر أفغانستان مكاناً مهماً للشعوب القادمة من آسيا إلي الصين، كما يوجد بها الكثير من الثروات الطبيعية مثل الحديد والنحاس والفحم وأنواع كثيرة من الأحجار الكريمة وقد تم اكتشاف البترول والغاز الطبيعي فيها، وقد تم رسم الحدود لدولة أفغانستان الحالية في سباق التنافس بين الإمبراطوريتين البريطانية والروسية في آواخر القرن التاسع عشر.

ورغم ذلك يحمل تاريخ أفغانستان باع طويل من الحروب الأهلية والحروب الخارجية مع القوى الخارجية. وعرفت أفغانستان الحديثة حق المعرفة من خلال المصلح الديني والسياسي جمال الدين الأفغاني. كما يوجد في أفغانستان كثير من التنظيمات الإرهابية، ويعد أبرز هذه التنظيمات حركة طالبان، وتنظيم داعش، وتنظيم القاعدة والذي كان السبب الرئيسي في التدخل الأمريكي في أفغانستان في 7 أكتوبر 2001 وبعد الإحتلال الإمريكي لأفغانستان بدأ عصر جديد في أفغانستان بعد انتخاب حامد كرزاي رئيساً لها وبدأت عجلة التنمية بالتحرك بمساعدات خارجية. وحدث أول انتقال سلمي للسلطة ديمقراطياً في أفغانستان في عام 2014 بتسليم حامد كرزاي السلطة للرئيس أشرف غني والتي سقط من الحكم في أغسطس 2021 بعودة حركة طالبان مرة أخرى للسيطرة على السلطة في أفغانستان.

المبحث الأول

الجغرافيا السياسية لدولة أفغانستان

يتناول المبحث الأول أفغانستان من خلال مجموعة من العناصر وهي الموقع الجغرافي والمناخ والتكوين السكاني لأفغانستان، وملامح التطور السياسي في أفغانستان منذ نشأتها كدولة عام 1747 حتى وصول طالبان للحكم في أغسطس من عام 2021، فضلاً عن الإشارة إلى علاقة الجماعات المسلحة بتطور الحياة السياسية في أفغانستان.

أولاً- الموقع الجغرافي والمناخ

تعتبر أفغانستان من الدول الحبيسة التي لا تطل علي البحر وتغطيها الجبال الشاهقة شديدة الارتفاع،كما لأفغانستان أهمية استراتيجية كبيرة تتمثل في موقعها الجغرافي في وسط وجنوب آسيا، وهذا الموقع الذي يتوسط منطقة متنوعة المصالح والأيديولوجيات، ويوجد في أفغانستان العديد من المدن الكبرى مثل العاصمة كابول، وفي الغرب يوجد مدينة هرات، وفي الجنوب مدينة قندهار، وفي الشمال مدينة مزار شريف، وفي الشرق مدينة جلال آباد، وهناك العديد من الدول التي تحد دولة أفغانستان حيث يحد أفغانستان من الجنوب باكستان، ومن الغرب دولة إيران، ومن الشمال دولة طاجكستان، ومن الشمال أوزبكستان وتركمانستان، وقد جعل هذا الموقع أفغانستان في حاجة دائمة إلى توطيد علاقاتها مع جيرانها الذين يملكون سواحل لتصريف منتجاتها، كما أثر هذا الموقع  في حرمانها من الانفتاح على العالم الخارجي والحد من نشاطها في جميع النواحي، وعلاوة على ذلك الطبيعة الجغرافية الوعرة لأفغانستان حيث أن أراضيها تقطعها جبال هندوكوش وهي امتداد لجبال الهمالايا وتنتهي على مقربة من الحدود الإيرانية، ومن هذه الجبال تسيل المياه في الأودية فتُحدث سلاسل وشعاباً جبلية، كما تتميز أفغانستان بالمناخ القاري القاسي صيفاً وشتاءً.[20]

عانت أفغانستان من الاحتلال المتعاقب على مر التاريخ ابتداءاً من الاحتلال الإنجليزي مروراً بالاحتلال السوفيتي انتهاءاً بالاحتلال الأمريكي لأفغانستان، فأفغانستان تحتل أهمية استراتيجية كبيرة من خلال موقعها الجغرافي في وسط وجنوب آسيا، وهذا الموقع يتوسط منطقة متنوعة من الإثنيات والمصالح والأيدلوجيات فعلى أرضها تتقاطع أهداف ونوايا الدول الكبرى والدول المحيطة بها، لذا أصبحت من أهم المناطق الساخنة في العالم التي لم تذق طعم الاستقرار منذ عقود طويلة.[21]

المصدر:

ثانياً- التركيبة السكانية

يوجد العديد من العرقيات في أفغانستان ومنها النورستان والمغول والفرس، البشتون، الطاجيك، الهزارة، وغيرهم، وقد حكم البشتون أفغانستان لفترة طويلة، وكانت الحكومة التي حكمت أفغانستان قبلية وعنصرية منذ 1747، وهذا فرض التنوع العرقي والديني والمذهبي، وتتكون أفغانستان من العديد من الجماعات وأكبر جماعة عرقية في أفغانستان هي البشتون ثم الطاجيك ثم الهزارة ثم الأوزبك وجماعات أخري.[22]

هناك العديد من العرقيات التي تعيش في أفغانستان وتعد عرقية البشتون هي الأكبر عدداً وتمثل 40% من السكان وتنتمي جماعة طالبان لهذه العرقية (البشتون) ثم يليها الطاجيك التي تمثل نسبة ما بين 25% إلي 35% ثم يليها الهزارة والأوزبك،  كما إن البشتون هم الأكثر تأييداً لطالبان حيث أيد حوالي 75% من البشتون إتفاقية السلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان ولكن بشرط العفو عن مقاتلي طالبان، كما وافق البشتون بنسبة 68% علي العفو عن قادة طالبان،  أما بالنسبة لبقية العرقيات فإنها كانت أقل تأييداً لحركة طالبان خاصة الهزارة حيث أيد 48% من الهزارة تضمين إتفاقية السلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان شرط العفو عن مقاتلي طالبان، بينما وافق حوالي 41% علي العفو عن قادة طالبان، وهناك عدم تجانس في المجتمع الأفغاني حيث أن الشباب الأفغاني المتعلم هو الأقل تأييداً لطالبان وهو ما سيفرض علي طالبان الكثير من التحديات في الفترة المقبلة.[23]

تعتبر البشتون أكبر عرقية في أفغانستان ويبلغ عددهم 11 مليون نسمة، بينما تعد ثاني أكبر مجموعة عرقية في باكستان بعد البنجايين يبلغ عددهم في باكستان 25 مليون نسمة، ولذلك فإن عدد البشتون في باكستان يزيد عن ضعف عددهم في أفغانستان ويعتبر جنوب وشرق أفغانستان هو الموطن التاريخي لقبائل البشتون وتعتبر أيضاً مدينة بيشاور الباكستانية وقندهار الأفغانية موطن رئيسي للبشتون، وأكبر مجموعتين من قبائل البشتون هما (دوراني)، و(غلزاي) ويعتبر حكام أفغانستان من البشتون وهم من المسلمين ويتبعون المذهب الحنفي وفي عام 1979 شكل البشتون رأس الحربة في مقاومة الغزو السوفيتي والأساس المجتمعي للبشتون القبلي هو صلة الدم وكان إقليم (هلمند) أحد أهم معاقل حركة طالبان ويتكون معظم قبائل البشتون من المزارعون الذين يجمعون بين الزراعة وتربية الحيوانات،[24] يتميز جماعة البشتون بالقامة الطويلة والشعر الاسود المموج والعيون السوداء.[25]

يبلغ  عدد الطاجيك في أفغانستان 5 مليون أي حوالي 25% من السكان، وفي طاجيكستان يبلغ عدد الطاجيك 5.2 مليون، ويتركز الطاجيك في الأقاليم الشمالية لطاجيكستان ومعظم الطاجيك من المسلمين السنة ويعيش 40 ألف شخص في إقليم (شينجانغ) الصيني، وقد ورث الطاجيك الثقافة وكانوا أصحاب حرف متطورة وقد طغت علي الطاجيك الثقافة التركية، وكان معظم سكان المدن من الطاجيك قبل الغزو السوفيتي وكانوا يعيشون في العاصمة كابول وقد تراجع عدد الطاجيك بشكل كبير خلال حكم طالبان خاصة الجزء الشرقي ويشكل الجزء الأكبر من النخبة الأفغانية من الطاجيك في الناحية السياسية والاقتصادية، وقد لعب الطاجيك دور كبير في الإطاحة بحكم طالبان في عام 2001.[26]

يعيش معظم الهزارة في قرى محصنة تطل على الوديان الضيقة التي يزرعون فيها الشعير والقمح والبقوليات وهم مجموعة عرقية ودينية تعيش في وسط أفغانستان ومعروفة بـ(هزارة جات) وتوجد مجموعة في إيران وباكستان من الهزارة، وتبلغ نسبتهم 9% من سكان أفغانستان، وقد تعرض الهزارة إلى الاضطهاد علي يد طالبان بعد وصولهم الى السلطة عام 1995، ويعدوا أقلية دينية وعرقية وقد تمتعوا بالحكم الذاتي حتى القرن التاسع عشر.[27]

تبلغ نسبة الأوزبك 4% من سكان أفغانستان وظهرت في آسيا الوسطى وهي عرقية ناطقة بالتركية تتمركز في الأقاليم الشمالية المجاورة لأوزبكستان، ومن أبرز المدن مزار الشريف وقندوز التي يتمركزون فيها، ومعظم الأوزبك مزارعون ويقيموا في شمال أفغانستان حيث يوجد القسم الأكبر الصالح للزراعة، وهم يتميزون بالبشرة الصفراء والقامة القصيرة أو المتوسطة.[28]

يتحدث قبائل التركمان اللغة التركية، وتبلغ نسبة التركمان 3% من سكان أفغانستان، وهم متواجدون في جمهورية تركمنستان في شمال البلاد وقد سعى التركمان إلى تجنب الدخول في الحرب الأهلية على عكس الأوزبك وهناك عرقيات أخري مثل النورستان والعرب ونسبتهم 6%.[29]

كما أن الإسلام هو الديانة الرئيسية في أفغانستان حيث يدين بها 99% من السكان، وتعتبر العاصمة كابول هي المدينة الوحيدة في أفغانستان التي يزيد عدد سكانها عن مليون نسمة، ومعظم السكان في أفغانستان من المسلمين ويمثل غير المسلمين 1%، وتنقسم أفغانستان إدارياً إلى 34 ولاية ولكل ولاية عاصمتها الخاصة، ويعد العرق البشتوني الذي يتبع المذهب الحنفى هو المسيطر علي الحياة السياسية، ينتمى 90% من سكان أفغانستان إلي المذهب السني، و 10 %إلى المذهب الشيعي، إلى جانب أقلية لا تُذكر من السيخ والهندوس.[30]

تتعدد اللغات في دولة أفغانستان وتعتبر اللغتين الرسميتين في البلاد هما الباشتو والداري، ومعني (الداري) أنها تعرف بالفارسية الأفغانية وتستخدم كلغة تواصل مشترك، ويتحدث بها 40%، أما (الباشتو) تستخدم في الجنوب حيث نهر السند في باكستان، ويتحدث بها 60%، إلى جانب بعض اللغات المحلية مثل الأوزبكية والتركمانية التى تستخدم في الشمال.[31]

وكان الصراع الدولي والجيوبوليتيكي بين القوى الكبرى على أفغانستان منذ تأسيسها كدولة عام 1747، وكان تاريخ 1979 نقطة تحول هامة وخطيرة في تاريخ أفغانستان حيث وقع التدخل العسكري المسلح الروسي في أفغانستان ونصبت حكومة بابراك كارمل وقامت حرب دامت عشرة سنوات، وبدأت القوات السوفيتية في الإنسحاب من أفغانستان عام 1988، تاركين وراءهم حكومة نجيب الله. واستمرت الحرب بعد رحيل السوفيت كما استمرت النزاعات السياسية والقبلية والعسكرية بين المجاهدين ككتلة واحدة مدعومة من أمريكا من جهة ومن جهة أخرى حكومة نجيب الله التي تمثل السوفيت، وظلت هذه النزاعات مستمرة حتى عام 1992 حيث تم وقف إطلاق النار ووُضعت السلطة في يد الحكومة الإسلامية التي كانت تحاصر كابول لكن لم تنته النزاعات عند هذا الحد، برزت قوى سياسية جديدة بعد عامين في أفغانستان منها جماعة طالبان المسلحة في عام 1994.[32]

وفي هذا الإطار نتناول أبرز ملامح التطور السياسي في أفغانستان على النحو التالي:

شهدت أفغانستان عدة أزمات على مراحل تاريخها، متأثرة بجملة من التغيرات التي مرت بها العلاقات الدولية والتي انعكست على تصاعد حدة الصراع بين الأطراف الداخلية في أفغانستان والتي كان للقوى الخارجية دوراً فيها.

1- الفترة من عام 1747 إلى عام 1977

جاءت نشأت أفغانستان كدولة عام 1747، وطورت الدولة الأفغانية بالمعنى السياسي والإداري بعد استقلالها، فكانت دولة أسرية، وتشكلت في البداية كاتحاد كونفدرالي قبلي في عهد أحمد شاه دوراني من عام 1747 إلى عام 1772، وظل النظام الملكي قائماً لمدة قرنين من الزمن، وكان للدولة الأفغانية شكل ما قبل الحداثة في جزء كبير من القرت التاسع عشر وذلك من خلال الضرائب التي كان يتم جمعها عينياً بدلاً من النقد. كما شهد أواخر القرن التاسع عشر توطيداً كبيراً للسلطة في أفغانستان في عهد الأمير عبد الرحمن خان في الفترة من عام 1880 إلى عام 1901، لا سيما قام بتحديث جمع الضرائب، والاستعداد لاستخدام القوة لتأكيد السيطرة على مراكز القوة الأخرى، ولكن الحكام بعده افتقروا إلى القدرة على السيطرة في البلاد، وكان خليفته حبيب الله حاكماً حذراً وهادىْ ، على الرغم من أن ذلك لم ينقذه من الاغتيال عام 1919، وتولى الحكم نجل حبيب الله ، أمان الله  سعى إلى التحديث السريع للبلاد لكنه واجه معارضة متزايدة وأطيح به في عام 1929، كل ذلك كانوا حكام من عرقية البشتون، وبعد حكم أمان الله حكم أفغانستان حكام غير البشتون وبعد فترة وجيزة استعاد الحكم الحاكم البشتوني نادر شاه ولكن تم اغتياله بعد فترة قصيرة من حكمه عام 1933، وتولى ابنه زاهر شاه الحكم بعده عام 1933 لمدة أربعين عاماً والتي كانت تربطه علاقات متينه مع السوفيت حتى أطيح به في انقلاب على يد ابن عمه محمد داود عام 1973 بمساعدة الشيوعيين وجعل نظام الحكم جمهوريا، ولم ينتهي فترة حكم الأسرة الحاكمة إلا بعد مقتل محمد داود في الانقلاب الشيوعي في عام 1978.[33]

2- الفترة من عام 1978إلى عام 1992

الانقلاب الشيوعي على الرئيس محمد داود الذي أدى إلى إشعال أول صراع حول السلطة بين فصائل المجاهدين والحكومة الانقلابية، وقد أود ذلك بحياة مليون ونصف من الشعب الأفغاني، فظهرت المقاومة المسلحة في أفغانستان وكان رد فعل النظام الشيوعي الجديد هو إستخدام العنف فأثر ذلك على فقدان النظام الشيوعي السيطرة على إدارة شئون الدولة، وانزعج الاتحاد السوفيتي من ذلك فقام بغزو أفغانستان في ديسمبر 1978، وهكذا بدأ ما يسمى بالجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفييتي. وخلال فترة الثمانينات نمت المقاومة الأفغانية المعروفة باسم المجاهدين نمواً سريعاً، نتيجة للدعم الذي قدمته لها السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، مما أدى إلى تزايد حدة الصراع ونتيجة لهذا الدعم استطاعت فصائل المجاهدين تحقيق انتصارات كثيرة أرغمت الاتحاد السوفييتي على الإنسحاب كلياً من أفغانستان عام 1989، حيث شكل هذا التاريخ رمزاً لسقوط الحكم الشيوعي، الذي انهار فعلياً في عام 1992.

3- الفترة من عام 1992 إلى عام 1997

اتسمت هذه الفترة بانزاع الأمني الذي أحدثه غياب الاتحاد السوفييتي فوقعت خلافات بين فصائل المجاهدين حول ترتيبات من يتولى السلطة السياسية في أفغانستان المكونة أساساً من الزعماء الأفغان المتنافسيين حيث أن كل زعيم يدافع عن قبيلته ولعل أهم العرقيات هي البشتون والطاجيك والأوزبك والهزارا، إضافة إلى ذلك قيام بعض دول الجوار كإيران والهند وباكستان في تسييس الانقسامات بين المجتمع الأفغاني تحقيقاً لمصالحها ودعماً لامتدادات قبلية ودينية فيها. فانقسم المتنافسون إلى فريقين أحدهما بزعامة الزعيم البشتوني قلب الدين حكمتيار وحليفه الأوزبكي عبد الرشيد دوستم والأخر الشاه مسعود، واستطاع قلب الدين حكمتيار الإطاحة بنظام محمد نجيب الله الذي عين من قبل الاتحاد السوفييتي بعد إنسحابه من أفغانستان، وبعد سقوط محمد نجيب الله وبذلك حدث صراع على السلطة مما أدى إلى حرب أهلية ثانية.

فأكثرية قيادات الجماعات المسلحة في أفغانستان وضعفهم من الناحية التنظيمية، وقلة خبرتهم وتجربتهم السياسية، هو ما أدى إلى التعددية والانشقاقات، وظهور أحزاب وجماعات جديدة، وكذلك انعدام التنسيق بين القيادات السياسية والفصائل، وعدم وجود برنامج سياسي ومحدد لتدوال السلطة بعد انتقال الحكم إلى الجماعات المسلحة في تلك الفترة، وأيضاً انعدام المرونه اللازمة عند بعض الأحزاب وإصرارها الشديد على إقامة حكومة مثالية تشمل الكل، ولا تنحصر في فئة أو حزب معين، وهو ما عمق الأزمة في أفغانستان ومهد لظهور جماعة طالبان.[34]

وفي ظل هذه الظروف التي تمر بها أفغانستان من إنقلاب أمني وانعدام النظام وانتشار الفساد الأخلاقي الذي ظهر نتيجة لرواسب الحقبة الشيوعية، جاءت نشأة جماعة طالبان كرد فعل للصراع والتنافس بين فصائل المجاهدين بزعامة ” الملا محمد عمر” عام 1994 م حيث استطاعت خلال مدة قصيرة إبعاد مختلف فصائل المجاهدين عن الساحة الأفغانية، والسيطرة على 90% من أراضي أفغانستان وقد استغلت طالبان الأوضاع الأمنية والسياسية في أفغانستان بالإضافة إلى حاجة الشعب الأفغاني للأمن والسلام بعد سنوات الحرب الأهلية وبفضل الدعم الباكستاني الأمريكي للحركة استطاعت طالبان التحكم في مقاليد السلطة في البلاد عام 1996م، وأعلنت عن قيام إمارة أفغانستان الإسلامية عام 1996.

 4- الفترة من عام 1998 إلى عام 2001

في عام 1998 حدثت نقطة تحول في تاريخ أفغانستان وهي التغيير في طريقة الحكم في الدولة الأفغانية في شتى المجالات، وكذلك إقامة طالبان علاقات مع أهم الجماعات المسلحة الإسلامية في جمهوريات آسيا الوسطى وتنظيم القاعدة وذلك من خلال تقديم الدعم لهم وهو ما أدى إلى بروز نشاطهم، وجاءت أحداث 11 ستبمبر 2001 نتيجة لهذا النشاط وحجة من الولايات المتحدة الإمريكية  وطلبت من حكومة طالبان تسليم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في مقابل عدم التدخل العسكري في أفغانستان ورفضت حكومة طالبان طلب الولايات المتحدة الأمريكية، وتم التدخل الإمريكي في أفغانستان وسقطت حكومة طالبان وتم تعيين حكومة جديدة موالية للولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان بزعامة حامد كرزاي بعد موافقة الفصائل الأفغانية بالإجماع في مؤتمر بون ديسمبر 2001.

5- الفترة من عام 2001 إلى عام 2011

انتهى حكم طالبان في أفغانستان مع التدخل العسكري الأمريكي، وسقطت بذلك جماعة طالبان المسلحة، ومن ثم أنتقلت الدولة الأفغانية إلى إدارة انتقالية تسير شؤون الدولة في جميع النواحي، وظهرت الأزمة الأساسية في رفض حركة طالبان تسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة واستمر الصراع بين  طالبان والاحتلال الأمريكي، وبهذه الحرب التي استمرت سنوات لم يجدي الاحتلال الأمريكي لأفغانستان نفعاً، وخلال فترة الاحتلال الأمريكي لأفغانستان أصدر دستور 2004 وتميز فيه نظام الحكم في أفغانستان بالنظام الرئاسي التي وضع معظم السلطات في يد رئيس الجمهورية وحدد دستور 2004 الدين الرسمي لأفغانستان هو الدين الإسلامي وُصمم دستور 2004 على اعتبار الطبيعة الاجتماعية والسياسية والدينية لأفغانستان والتعدد الإثني والقبلي فيها، وبرغم التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان ومجىء حكومة نظامية جديدة وإصدار دستور لأفغانستان، والعلميات العسكرية التي قامت بها القوات الأمريكية، ولكن لم تستطيع القوات الأمريكية القضاء على جماعة طالبان، وستمرت الحرب بينهم استنزفت فيها الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك لجأت الولايات المتحدة إلى إجراء مفاوضات بينها وبين جماعة طالبان، ولكن لم تقبل طابان في بداية الأمر بهذه المفاوضات وتم أدخال وسطاء دول ومنهم باكستان حتى تم إقامة هذه المفاوضات في الدوحة.

6- الفترة من عام 2012 إلى عام 2021

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2012 انتهاء عملياتها العسكرية في أفغانستان، وعزمها على الانسحاب في ديسمبر 2014، وتسليم الملفات الأمنية والعسكرية للحكومة الأفغانية، ولكن لم تنجح الحكومة الأفغانية في فرض الأمن والاستقرار، وفشلت خطة الانسحاب الأمريكية، وكل ذلك حدث مع استمرار هجمات جماعة طالبان على القوات الأجنبية والحكومة الأفغانية، وقد حاولت أمريكا في عهد الرئيس باراك أوباما الدخول في حوار مع طالبان من أجل تحقيق السلام في أفغانستان ولكن ذلك لم يتحقق، وفي يونيو 2013 أعلنت قطر فتح مكتب سياسي لطالبان في الدوحة من أجل تسهيل عملية المفاوضات بين طالبان والأمريكان من جهة، وبين طالبان والحكومة الأفغانية من جهة أخرى، وتمت مفاوضات السلام بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية وبعدها تم الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وسرعان ما سيطرت طالبان على الحكم في أفغانستان في 15 أغسطس 2021.

ثالثاً-الجماعات المسلحة في أفغانستان

يمكن القول إن غالبية الجماعات الجهادية تقوم بعمليات لها خصائص معينة وأهداف معينة أيضاً ومن هذه التنظيمات:

1 تنظيم القاعدة

نشأ تنظيم القاعدة على يد عبد الله عزام ونائبه أسامة بن لادن وفي عام 1998 أطلق على التنظيم اسم القاعدة بعد أن كان يسمى عرين الأسد، وتشكل التنظيم من المحاربين القدامى في الحرب الأفغانية السوفيتية. وينتمي مقاتلو تنظيم القاعدة إلى عدة فصائل مختلفة وهي: العرب، والأتراك والأوزبك وشيشانيين وطاجيك، وتركمان ومقاتلون ذوي الأصل البشتوني المواليين لباكستان، وكذلك الشيعة.[35]

سعى تنظيم القاعدة إلى إقامة إمارة إسلامية تقاوم النفوذ الغربي في العالم، ومع تطور تنظيم القاعدة أصبح هدفها مجابهة الحكومات الإقليمية كافة مع مجابهة العدو البعيد المتمثل في الحكومات الغربية.[36] ويعد أهم القادة في تنظيم القاعدة هم عبدالله عزام، وأسامة بن لادن، والظواهري، ويتكون تنظيم القاعدة من جماعة الظواهري، والمؤسسات الخدمية، والمؤسسات الإعلامية، وتعد اليمن أولى الدول التي نفذت بها تنظيم القاعدة عملياتها الإرهابية.

2- تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)

نشأ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام على يد أبو مصعب الزرقاوي على أساس تأسيس دولة في المنطقة تنطلق من العراق وتتوسع على حساب الدول المجاورة لها. بعد مقتل أبو مصعب الزرقاوي عام 2006 تأسس تنظيم الدولة في العراق وامتد حتى النصرة في سوريا، وبعد ذلك انتقل إلى أفغانستان حيث وجد فيها ما يقارب من 4 آلاف من عناصر داعش دخلت الأراضي الأفغانية عبر الأراضى الإيرانية ويقيم أغلبية الدواعش في إقليم ننجهار شرق أفغانستان. أعلنت كثير من الجماعات في أفغانستان عن ولائهم لداعش كما انضم لها أيضاً عدد مما كانوا ضمن طالبان. وتعد المخدرات في أفغانستان أحد المصادر الرئيسية في تمويل الجماعات الإرهابية. ويقوم فكر تنظيم داعش على نفس مبادىء تنظيم القاعدة مع وجود بعض الاختلافات ويعد أحد أهم القادة في داعش هم: أبو مصعب الزرقاوي، أبو حمزة المهاجر، أبو بكر البغدادي، وشكل البغدادي مجموعة من المجالس التنظيمية ومنها مجلس الأمن والاستخبارات، المجلس العسكري والمؤسسة الإعلامية والهيئات الشرعية.

3- شبكة حقاني

مؤسس شبكة حقاني هو جلال الدين حقاني، كان حقاني أحد القادة الإسلاميين البارزين المناهضين للسوفييت، وأصبح فيما بعد مسؤولاً بارزاً في طالبان، وفي النهاية أصبح زعيماً رئيسياً في مقاومة الحركة للقوات الأمريكية في أفغانستان بعد عام 2001، وبعدما توفي حقاني وتولى نجله سراج الدين حقاني قيادة الشبكة، تبنت شبكة حقاني كراهية للغرب وقد نفذت كثير من العمليات الإرهابية ضد القوات الأمريكية، كما تثير شبكة حقاني مخاوف وقلق الكثير ويرجع ذلك إلى لعلاقات تاريخية مع تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن، فضلاً عن علاقتها الوثيقة بالمخابرات الباكستانية. وتعد شبكة حقاني بمنزلة اليد الطولي لطالبان على تنظيم القاعدة وعلى أنشطتها التي يوجد خلافات بينها وبين طالبان، كما يعد سراج الدين حقاني وزير الداخلية في حكومة طالبان الجديدة.[37]

4- ولاية خراسان

تشكل تنظيم ولاية خراسان كجماعة جهادي عام 2014، على يد مجموعة من المقاتلين المنشقين عن حركة طالبان وتعهدوا بالولاء لزعيم داعش السابق أبى بكر البغدادي. كما أنضم إليها مجموعة من مقاتلي طالبان الذين لم يرضوا عن طالبان بعد وفاة الملا محمد عمر. استقطبت المجموعة جماعات وأفراد من الحركة الإسلامية الأوزبكية، والحزب الإسلامي التركستاني، أنجذب كثيرون إلى أيديولوجية الدولة الإسلامية في بداية صعودها في الفترة ما بين 2014 إلى 2017 وتعد ولاية خراسان أحد الفروع الآسيوية لتنظيم الدولة الإسلامية، وتلقت ولاية خراسان دعماً مالياً ولوجيستياً كبيراً وعقب خسارة تنظيم الدولة الإسلامية أراضيه في الشرق الأوسط انتقل إلى أفغانستان لا سيما شرق أفغانستان. حيث توجد ولاية خراسان التي تحولت إلى قاعدة خلافة عالمية للتنظيم. تلقى تنظيم ولاية خراسان مجموعة من الضربات العسكرية من الحكومة الأفغانية والقوات الأمريكية في الفترة بين عامي 2018 و 2019 بعد ما قام تنظيم ولاية خراسان بمجموعة من التفجيرات والعمليات الإرهابية في أفغانستان أدى ذلك إلى تفريق مقاتلي ولاية خراسان بين الشمال والشرق الأفغاني.

رابعاً- علاقة طالبان بالجماعات المسلحة الأخرى

تختلف طالبان عن الجماعات المسلحة الأخرى الموجودة في أفغانستان من حيث الفكر والإيدولوجية والهوية والأهداف. فطالبان أفغانية المنشأ والأهداف، ولا وجود لديها لأطماع التوسع خارج حدود أفغانستان عكس تنظيم داعش والقاعدة الذين يسعيان إلى إقامة خلافة عامة للمسلمين، ويرون أن الحدود الجغرافية بين البلدان مخالفة للشريعة الإسلامية. كما تعترف طالبان بالنظام الدولي القائم وسعت بعد سيطرتها على أفغانستان إلى تقديم نفسها للمجتمع الدولي، والبحث عن الاعتراف الدولي بها، في حين أن داعش والقاعدة لا ترى أن ذلك لازم، وقد يراه بعضهم تحكيماً للطواغيت. كما أن هناك خلاف شديد بين تنظيم القاعدة وجماعة طالبان، ووقعت بينهم اشتباكات كثيرة، وقد تعهدت طالبان بعدم السماح للتنظيمات المسلحة، سواء داعش أو القاعدة أو غيرهما، باستخدام الأراضي الأفغانية.[38]

المبحث الثاني

نشأة جماعة طالبان وتطور أفكارها

يتناول هذا المبحث جماعة طالبان من خلال محورين: المحور الأول يركز على نشأة طالبان وتكوينها والانتماء العرقي لها، كما يستعرض هذا أبرز رموزها وقادتها، وكذلك الإطار الفكري الذي يشكل توجهاتها، أما المحور الثاني يناقش رؤية حركة طالبان للحكم قبل الاحتلال الأمريكي من أفغانستان وبعده، وتأثير ذلك على علاقتها مع إيران.

أولاً- نشأة طالبان

تعود نشأة طالبان إلى ما قبل عام 1994، حيث نوه لذلك الملا عبد السلام ضعيف أحد مؤسسي الحركة في مذكراته الهامة “حياتي مع طالبان” أنه على أرض الواقع وقبل هذا التاريخ بسنوات طويلة كانت طالبان موجودة وباسمها هذا في صورة تيار ديني علمي منتشر في أرياف أفغانستان، ثم تشكل من هذا التيار مجموعات محلية مقاتلة كان عمادها علماء وطلبة علم ديني في مرحلة جهاد السوفييت في ثمانينيات القرن الماضي[39] بعد سيطرة الاتحاد السوفيتي السابق على أفغانستان عام 1979 هاجر كثير من الأفغان إلى باكستان، وخاصة أهالي قندهار، واستقر معظمهم في إقليم بلوشستان، وانخرط جزء منهم في المدارس الدينية الديوبندية، وانشغلوا بدراسة العلوم الإسلامية[40]

ويعتبر الركن الأول في هوية حركة طالبان هو الشبكة التعليمية التي مر بها أو تخرج منها جُل قادة وأعضاء طالبان وهي المدارس الديوبندية وهي مدارس دينية منتشرة بكثافة في أفغانستان وباكستان، وهذه المدارس اتصفت بعداوة الاستعمار واعتزال ثقافته والتأهب لقتاله والاستقلال المعرفي والمالي عنه، واتصفت بالعمل على تفعيل دور المجتمع في بناء المؤسسات التعليمية الإسلامية المستقلة، والمعيارية في البناء المعرفي الموحد بين جميع خريجيها، ووضع علماء الدين كقادة للمجتمع وحراس لقيمه والقدرة على الحشد والإدارة اللامركزية لشبكاتها التعليمية العريضة[41].

وعلى الجانب الآخر، يرى البعض أنه بعد أحداث 11 سبتمبر التي ألمت بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2001، حشدت أمريكا قدراتها العسكرية والسياسية لغزو أفغانستان تحت دعاوي الحرية والديمقراطية والقضاء على “الإرهابيين” وجلب الأمن والاستقرار لأفغانستان، ومنذ اليوم الأول سارع الاحتلال منطلقاً من مصالحه الاستراتيجية في المنطقة وبمساعدة من بعض دول الجوار والدول الغربية في تنفيذ المخططات المقررة لعلمنة البلاد والسير بها بعيداً عن هويتها الإسلامية المحافظة، وإخضاعها للهيمنة الأمريكية، وهذا تحديداً ما يختلف عن التوجهات الفكرية والأيدولوجية لطالبان[42].

وتعتبر هذه بداية لتشكل فصائل المقاومة الأفغانية من أطياف متنوعة تباينت دوافعها وتوجهاتها وعلى رأسها المجموعات الجهادية، التي تنطلق من ثوابت شرعية بضرورة مقاومة المحتل وطرده، وإعادة الحكم الإسلامي، وتأتي طالبان والحزب الإسلامي بقيادة حكمتيار على رأس هذه الفصائل فضلاً عن مجموعات أخرى تحركت لدوافع وطنية أو قبلية لمواجهة المحتل الذي خرج على أعراف المجتمع المحافظ، إضافة لمن انضم للمقاومة بسبب تردي الأوضاع في البلاد.[43]

وظهرت الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية المعروفة باسم (طالبان) في ولاية قندهار جنوب غرب أفغانستان على الحدود مع باكستان فعلياً عام 1994، على يد الملا محمد عمر (1959-2013)، وكان الظهور المفاجئ لطالبان في المشهد السياسي والعسكري الأفغاني بعد مدة طويلة من الحرب الداخلية وحالة اللاستقرار التي صاحبت الحرب قد أثار استغراب المراقبين السياسيين، لأن السياق الطبيعي لظهور مثل هذه الحركة يتطلب فترة زمنية، وقبولاً من الجماهير الأفغانية لأفكارها وأطروحاتها، قبل أن تبدأ في تنفيذها على أرض الواقع، وهو ما لم يحدث في حال هذه الحركة الطلابية، حيث كان ظهورها بشكل مفاجئ وفي فترة قصيرة جداً، بل واستقطبت قطاعات وشرائح كبيرة من أبناء الشعب الأفغاني، وحققت انتصارات عسكرية سريعة وبسطت سيطرتها على أغلب أجزاء البلاد خلال فترة محدودة، وتنتمي طالبان إلى قومية البشتون التي تعتبر من المنطلق السكاني أكبر قومية في أفغانستان، كما أنها على عكس القوميات الأفغانية الأخرى، فهي حافظت على بنائها القبلي وعلى تقاليدها، فضلاً عن تمتعها بتاريخ سياسي عريق، إذ إنها قد حكمت البلاد لمدة 200 سنة باستثناء فترات محدودة عندما سيطرت المجموعات الجهادية غير البشتونية في أفغانستان، وقد وفر ذلك الأرضية المناسبة لتشكيل قوة للبشتون.[44]

ثانياً- أسباب ظهور طالبان

ظهرت طالبان في ظروف انشغال الجهاديين الأفغان بحرب السيطرة والتنافس على السلطة في وقت كان فيه الناس قد أنهكتهم الحرب وأرهقتهم، وكانوا يبحثون عن مخلص لهم، بما في ذلك التجار الذين فقدوا مصالحهم كانوا مستعدين لقبول قوة تسيطر على الوضع وتتمكن من نزع أسلحة المجموعات المسلحة وتجريدها منها، وقادرة على إقامة حكومة مقتدرة في العاصمة كابول[45]، وسلم بعض قادة الأحزاب مناطق سيطرتهم للحركة الصاعدة مثل يونس وحقاني وكذلك معظم قوات سياف، وبعد سنتين من القتال ضد أمراء الحرب الآخرين دخل الطالبان العاصمة كابول وأصبحوا القوة الضاربة في عموم البلاد وحاصروا معارضيهم في شمال البلاد حيث تحالفوا معاً فيما عرف بالتحالف الشمالي، وخلال حكم طالبان انتشرت في أفغانستان المدارس الديوبندية وخاصة في مناطق البشتون.[46]

وتعددت الأسباب التي مهدت لنشأة طالبان وظهورها، ومكنتها خلال عامين فقط بعد ظهورها من السيطرة على العاصمة الأفغانية كابول في السابع والعشرين من سبتمبر عام 1996، وفيما يلي نعرض لأهم هذه الأسباب التي أدت لظهور طالبان:

1-المدارس الدينية: هي منبت حركة طالبان التي تربى فيها أفراد الحركة، وفيها تشكلت شخصيتهم وثقافتهم وبنائهم التفكيري، وتنتشر هذه المدارس في مختلف مناطق أفغانستان وباكستان، وغالبا ما تدار هذه المدارس من قبل الشخصيات الدينية المعروفة وتمول عن طريق جمع التبرعات من داخل باكستان وخارجها بالإضافة إلى ما تتلقاه من الدعم من قبل الحكومة الباكستانية منذ عهد الرئيس الأسبق لباكستان الجنرال ضياء الحق.[47]

2-الحروب الأهلية: التي نشبت بين فصائل المعارضة الأفغانية بسبب الصراع على السلطة، وإيمان كل طرف بأنه الأحق بالحكم عدداً كبيراً من الخسائر البشرية بلغت أكثرمن40 ألفاً بالإضافة إلى خسائر مادية جسيمة، ولم ينجح الوسطاء الدوليون في وضع حد لهذه الحروب، وكان لذلك دور مهم في إقبال قطاعات كبيرة من الأفغان على طالبان التي رأوا فيها وسيلة لتخليص أفغانستان من ويلات تلك الحروب وإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد.

3-الفساد الأخلاقي: وقد انتشر في أفغانستان بصورة غريبة كما انتشرت حوادث الاغتصاب القهري من قبل المتسلطين خاصة من قبل مليشات دوستم[48]، وهذا إضافة إلى انتشار أنواع غريبة من الفساد الأخلاقي الذي لم تعتد البلاد عليه من قبل، وقد تترتب على ذلك أن لقيت حركة طالبان_التي أخذت على عاتقها محاربة مثل هذه المظاهر_صدى طيباً في نفوس الأفغان.[49]

4-ظهور طبقة أثرياء الحرب: التي ظهرت عليها علامات الثراء السريع بعد انتهاء الحرب الأفغانية السوفيتية بسبب تجارة المعادن، والأحجار الكريمة والأسلحة والذخيرة وأكوام الحديد الخردة التي خلفها الجيش الروسي، بالإضافة إلى تحكم بعض أصحاب المناصب في الأموال الناتجة عن الجمارك والضرائب الحدودية، فأصبحت هناك طبقة ثرية وسط شعب يعد من أفقر شعوب العالم، مما أوجد مشاعر من الحنق على هذه الطبقة، مما أدى إلى رغبة الأفغان أن تخلصهم طالبان من هذه الطبقة، وتعمل على إعادة توزيع الثروة في البلاد بطريقة عادلة.[50]

5-الاضطرابات الأمنية: حيث عانت أفغانستان من انفلات في الوضع الأمني وهو ما تمثل في اختطاف السيارات خاصة التابعة للمؤسسات الإغاثية، وأعمال السلب والاشتباكات المسلحة التي كانت تقع بين المجموعات المسلحة داخل الأماكن المزدحمة، مما أسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى، كما نتج عن ذلك ابتزاز الأموال وفرض أنواع من الإتاوات، لذلك رغب الناس في أي سلطة تعيد الأمن وتفرض الاستقرار وتمنع هذه الانتهاكات، مما مهد الطريق أمام طالبان التي أقنعت الشعب في ذلك الوقت بقدرتها على التعامل بفاعلية مع هذه المشكلة.

6-الفوضى وانقسام المجتمع: دبت الفوضى في أفغانستان بعد خروج قوات الاتحاد السوفيتي، وانقسمت أفغانستان بين الجماعات والفرق المتصارعة، وأصبحت وحدة البلاد مهددة ولم يكن هناك قوة موحدة تستطيع أن تفرض احترام القوانين، فعندما ظهرت طالبان كانت حكومة رباني مسعود تسيطر على سبع ولايات فقط في شمال ووسط أفغانستان، في حين كان القائد الشيوعي رشيد دوستم يسيطر على ست ولايات في الشمال، وكانت “شورى ننجرهار” تحكم ثلاث ولايات في الشرق، وإدارة إسماعيل خان تتحكم في غرب أفغانستان، إضافة إلى العديد من الولايات التي كانت من دون أي نوع من الإدارة، فكانت حركة طالبان أملا للشعب الأفغاني في المحافظة على وحدة البلاد ومنع انشطارها الداخلي.[51]

وإجمالاً يمكن تلخيص أسباب ظهور طالبان في الحرب على السلطة بين الفصائل الأفغانية، وإخفاق القوى الجهادية في تشكيل حكومة وطنية بعد سيطرتها على السلطة والمدارس الدينية التي درس فيها المهاجرون الأفغان، لذا يمكن القول إن الحركة بدأت في التشكل بالفعل بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان عام 1989، إلا أنه تم الإعلان عنها عام 1994، عندما أعلن الملا محمد عمر مجاهد عن رؤيته بشأن ما سماه القضاء على مظاهر الفساد من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى مدينته، وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميراً لهم في أغسطس 1994، وبعد ذلك وصلت الحركة للحكم عام 1996 وظلت مسيطرة على الحكم حتى عام 2001 قبل الغزو الأمريكي لأفغانستان.

ثالثاً- أبرز رموز الحركة وقادتها

1- الملا محمد عمر مجاهد

يعد الملا محمد عمر الزعيم الأول لحركة طالبان، وقد شارك في الحرب بلاده ضد الاتحاد السوفييتي، أُعلن بصفته أمير المؤمنين بعد أن بايعه طلبة المدارس الدينية أميراً لهم في أغسطس 1994.

وجدير بالملاحظة أن الملا عمر لم يكمل دراسته نتيجة وفاة والده وهو في سن صغير، وأصبح شيخ القرية قبل الانضمام إلى المجاهدين وقتال الاتحاد السوفييتي، وبعد خروج السوفييت أراد أن يكمل دراسته بمقاطعة قندهار، وهناك برزت لديه فكرة التصدي للفساد ومحاربة المنكرات التي وجدها في المنطقة، فجمع طلاب المدارس الدينية لهذا الغرض وبدأوا العمل بمساعدة بعض التجار والقادة الميدانيين، وكانت قدراته المعرفية متواضعة ومخاطبته للجماهير ضعيفة ولذا لا نجد له خطب جماهيرية أو مقابلات صحفية كما لم يكن لديه خبرة في المجال السياسي والتنظيمي، وكان يتميز بآراءه المتشددة تجاه المرأة والعديد من الشعائر الدينية، ويعتبر هو الحاكم الحقيقي لأفغانستان حيث صدرت القرارات المهمة بتوقيعه، وكان يقوم بمهامه من خلال الهاتف واللاسلكي من قندهار.[52]

وأهم ما يميزه أنه على الرغم من تأكيده أهمية قيام نظام إسلامي كان يحرص على قبوله من الجميع، حيث يرى أن ما يسميها إمارة أفغانستان الإسلامية لا تسعى إلى احتكار السلطة والاستيلاء عليها، لأن مسؤولية حماية أفغانستان والدفاع عنها تقع على عاتق كل الأفغان، وكان يركز في خطاباته على التعليم والتأهيل الأكاديمي وإعادة البناء والإعمار، والاحترام المتبادل مع العالم واحترام القوانين الدولية، وتوفى الملا عمر في 29 يوليو2015 دون ذكر أي تفاصيل عن ظروف الوفاة.[53]

2_ المولوي هبة الله أخوند زاده

عُين الملا أخوند زاده قائداً لطالبان في 25 مايو 2016 أثناء انتقال سريع للسلطة بعد أيام على وفاة سلفه أختر منصور، وقبل تعيينه لم يكن يُعرف سوى القليل عن أخوند زاده الذي كان اهتمامه منصباً حتى ذلك الحين على المسائل الدينية والقضائية أكثر من فن الحرب، وتولى مهمة توحيد طالبان التي مزقها صراع عنيف على السلطة بعد وفاة الملا منصور، وأخوند زاده هو نجل رجل دين أصله من قندهار قلب منطقة البشتون في جنوب أفغانستان ومهد طالبان، وبالرغم من نجاح أخوند زاده في تحقيق وحدة الجماعة إلا أن بعض المحللين يرون أن دوره على رأس طالبان سيكون رمزياً أكثر منه عملياً، حيث كان يميل إلى التحفظ مكتفياً ببث رسائل سنوية نادرة في الأعياد الإسلامية.[54]

3- سراج الدين حقاني

هو ابن الشيخ جلال الدين حقاني وأحد أبرز الشخصيات في شبكة حقاني التي أسسها والده، وتولى قيادتها عام 2008 خلفاً لوالده صاحب الشهرة في محاربة السوفييت في ثمانينيات القرن العشرين، وصنفت شبكة حقاني في قائمة الإرهاب التي وضعتها الولايات المتحدة منذ عام 2011، وتعد الشبكة نفسها جزءاً من طالبان على الرغم من أنها جناحاً مستقلاً، ويتولى حقاني منصب نائب زعيم حركة طالبان، وتتهم الشبكة بأن لها علاقة مع إيران وهو ما قد يعزز احتمالات انشقاق صفوف طالبان.[55]

4- الملا عبد الغني برادر

يعتبر من أحد مؤسسي حركة طالبان مع الملا عمر واتجه إلى الجهاد بسبب الغزو السوفييتي عام 1979، ويعتقد أنه قاتل إلى جانب الملا عمر، وبعد التدخل الأمريكي عام 2001 وسقوط نظام طالبان، قيل أنه كان جزءاً من مجموعة صغيرة من المتمردين المستعدين لإتفاق يعترفون فيه بإدارة كابول، لكن هذه المبادرة باءت بالفشل، وكان الملا برادر القائد العسكري لطالبان عندما أُعتقل في 2010 في مدينة كراتشي الباكستانية وأطلق صراحه في 2018، وتم تعيينه في المكتب السياسي للحركة في العاصمة القطرية الدوحة، حيث قاد المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية التي أدت إلى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ثم محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية.[56]

رابعاً- الإطار الفكري لجماعة طالبان ورؤيتها للحكم

يلاحظ في هذا الإطار أن البعد العقيدي من أكثر الأبعاد بروزاً وتوجيهاً لحركة طالبان، حيث يتبنى أنصارها خط مرجعي متشدد في تطبيق المذهب الحنفي السني الذي ينتمون إليه، ويؤكدون من خلاله على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك من أجل ما يرونه إقامة دولة إسلامية حقة في أفغانستان ورأت طالبان أن الجهاد المسلح الوسيلة الأساسية لتأسيس “الحكومة الإسلامية” التي تسعى إليها، إلى جانب التعليم والوعظ، وأكد قادة طالبان أن الجهاد المسلح إلزامي على جميع المسلمين وخاصة الأفغان ويجب القيام به ضد كل أعداء الإسلام.[57]

ويتم توضيح الإطار الفكري لطالبان من خلال معرفة رؤيتها للحكم خلال الفترات التالية:

1- رؤية حركة طالبان للحكم في فترة التسيعنات

خلال فترة التسعينات قدمت طالبان نفسها للمجتمع الأفغاني كمنقذ لشعب غارق في الفوضى والفساد بسبب الحروب الأهلية التي دامت لسنوات، فكان تبرير حمل السلاح والانخراط في الحروب بمعنى “الجهاد” ومواجهة الظلم والفساد وتصحيح مسار المجتمع، لكن بعد أن وصلت طالبان إلى السلطة فرضت رؤيتها لما تراه تطبيقاً للشريعة الإسلامية، ففرضت ما سمته اللباس الإسلامي للرجال والنساء وفرضت على جميع الرجال إطلاق اللحى، وقامت بحظر الموسيقي والصور والتلفزيون ومعظم الألعاب الرياضية، ومنعت النساء من العمل وأغلقت مدارس تعليم البنات، ودمرت المئات من القطع الأثرية الثقافية التي رأت أنها مظهراً للوثنية ففي مارس 2001 على سبيل المثال قامت طالبان بتفجير تمثالين بوذيين عملاقيين في باميان.[58]

فبعد أن كان الهدف المُعلن للحركة في بداية نشأتها فرض الأمن والاستقرار وإزلة نقاط التفتيش وإيقاف جمع الإتاوات وعمليات السلب والنهب التي كان يقوم بها المسلحون، غير أنه مع تقدم الحركة نحو كابل بدا واضحاً أن أهداف الحركة تستهدف بسط سيطرتها على جميع أراضي أفغانستان وأن الحركة تخطط لإقامة حكومة إسلامية إستناداً إلى فهمها للإسلام الحنفي التقليدي، وفي ضوء هذا تحولت أهداف الحركة إلى إقامة حكومة إسلامية على نهج الخلافة الراشدة والمذهب الحنفي، وقلع جذور التعصبات القومية والقبلية، والتركيز على الحجاب الشرعي للمرأة والإلزام به، وتكوين هيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعل اقتصاد الدولة إسلامياً، واختيار منهج إسلامي شامل لجميع المدارس والجامعات وإعداد جيش إسلامي، وهذه كانت رؤية طالبان خلال فترة حكمها لأفغانستان من 1996 حتى2001.[59]

2- رؤية طالبان للحكم بعد الانسحاب الأمريكي وعودتها للحكم

تعد هذه هي المرة الثانية التي تدخل فيها طالبان العاصمة كابول لتحكم سيطرتها على البلاد كاملة فقد كان دخولها الأول في سبتمبر 1996 بعد سنتين تقريباً من إنشاء الحركة على يد مجموعة من الطلبة أثناء الحرب الأهلية حيث تمكنت في وقت قصير من السيطرة على البلاد بالكامل، وبعد سيطرتها على الحكم في أفغانستان في منتصف أغسطس2021 أظهرت في اللحظات الأولى لسيطرتها على السلطة في أفغانستان رغبتها في التكيف مع الأعراف الدولية المستقرة، وأرسلت إشارات متتعددة لتطمين العالم أنها تغيرت، ولم تعد كما كانت في تسعينات القرن الماضي، وأنها تؤمن بمفهوم الدولة الوطنية، وأنها سوف تحترم سيادة جميع دول العالم، ولن تسمح بأن تُستخدم الأراضي الأفغانية لتهديد أي دولة من دول العالم وأنها سوف تحترم الحريات.[60] ومن خلال ما سبق يتم توضيح رؤية طالبان بعد عودتها للحكم من خلال مجموعة من المحددات وهي:

أ- تأسيس إمارة إسلامية: أكدت طالبان أنها سوف تتجه إلى تأسيس إمارة إسلامية _وهو أمر بديهي_ في ظل إصرار الحركة على هذا المطلب أثناء مفاوضتها في قطر مع الحكومة الأفغانية السابقة، ومع ذلك تسعى طالبان للتأكيد على أنها تختلف عن طالبان التي تأسست قبل عقدين من الزمان إذ إنها أكثر انفتاحاً وسعيا للحصول على الاعتراف الدولي ولذلك يتوقع أن تقدم نموذجاً لإمارة إسلامية معتدلة.[61]

ب- تشجيع الدعم الدولي من أجل إعادة الإعمار: أعطت الحركة رسائل مطمئنة للخارج والداخل الأفغاني عبر تأكيدها على انفتاحها على العالم، وذلك في إطار سعيها للحصول على تمويل دولي يساعدها على إعادة بناء أفغانستان فقد أعلنت الحركة التأمين الكامل للسفارات والبعثات الدبلوماسية مع عدم تعرض ممثليها لأي أذى من قبل أعضاء الحركة بالإضافة إلى تأكيد الحركة على أن الأراضي الأفغانية لن تُستخدم من أجل إلحاق الضرر بالآخرين في إشارة إلى عدم تحويل أفغانستان لملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية، أيضا دعت الحركة المجتمع الدولي للمساعدة في النهوض بالاقتصاد الأفغاني عبر توجيه الاستثمارات الأجنبية لها وتقديم المنح والمساعدات حتى تتمكن البلاد من الحصول على إيرادات تمكنها من القضاء على زراعة وتجارة المخدرات.

ج- احترام حقوق المرأة: أرسلت طالبان تطمينات بأن حقوق المرأة ستحترم في إطار الشريعة الإسلامية وأن ارتداء البرقع بات اختيارياً مع التزام النساء بارتداء الحجاب على الأقل (يُقصد غطاء الرأس)، كما تفاجأ الكثيرون عندما وافق مولوي عبدالحق حمد أحد كبار مسئولي الحركة  علىالحوار مع مذيعة قناة “تولو نيوز” الأفغانية “بهشتا أرغند” وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها مسئول من طالبان بذلك في استديو تلفزيوني وهو ما يعد تحولاً كبيراً في قواعد الظهور الإعلامي لطالبان، سغير أن اتخاذ طالبان ما سمته “إجراءات قصيرة الأمد” تضمنت إلزام النساء العاملات بالبقاء في المنزل مؤقتاً حتى يتم وضع الأنظمة المناسبة لضمان سلامتهن، فضلاً عن تدريب القوات الأمنية على التعامل مع النساء والتحدث إليهن حتى يصبح هناك أمن شامل.[62]

د- وسائل الإعلام والاتصالات: من أبرز الملفات التي لفتت الانتباه وشهدت تغيراً ملحوظاً من قبل الحركة، هما ملفا وسائل الإعلام والاتصالات والمنظمات غير الحكومية، فقد أدركت الحركة استحالة السيطرة على وسائل الإعلام والاتصالات والإنترنت داخل المجتمعات الأفغانية، ومن ناحية أخرى أدركت طالبان مدى أهمية هذه التقنيات في خدمة مصالحها وأهدافها من خلال توظيف كافة الأدوات الإعلامية والدعائية المطبوعة والمقروءة متعددة اللغات في عمليات التجنيد ونشر أفكارها.

فخلال السنوات التي تلت الإطاحة بطالبان منذ 20 عاماً نشطت عشرات المؤسسات الإعلامية في أفغانستان التي يعمل بها 8 وكالات أنباء على الأقل و52 محطة تلفزيونية و165 محطة إذاعية و190 دار نشر تضم نحو 12 ألف صحفي وذلك وفق ما أوردت منظمة مراسلون بلا حدود لذلك عندما عادت طالبان إلى الحكم أكدت أن الإعلام الخاص يمكن أن يستمر في أن يكون حراً ومستقلاً بشرط ألا يعمل ضد الحركة ويعكس هذا “المنظور الأداتي” للإعلام في خدمة مصالح الحركة التي سبق لها أن أغلقت وسائل الإعلام كافة في التسعينيات عدا “إذاعة صوت الشريعة”.[63]

أما بالنسبة لملف المنظمات غير الحكومية، خلال الفترة الأولى كانت تتبنى طالبان موقفاً عدائياً تجاه تلك المنظمات وموظفيها باعتبارها “أدوات الكفرة”، لكنها اضطرت إلى تقديم التنازلات وتغيير سياستها تجاه تلك المنظمات من خلال توفير الحماية لمقاراتها وموظفيها على الأراضي الأفغانية، شرط التسجيل لدى السلطات المحلية للحصول على إذن البقاء والعمل مقابل دفع الضرائب وتقديم الخدمات للسكان المحليين ونلاحظ أن هذه المتغيرات تعكس نهجاً براجماتياً للحركة.

هـ- الاستجابة للمطالب المحلية والضغوط الدولية: يعد ملف التعليم أحد الملفات الشائكة التي عانت منها المجتمعات الأفغانية في ظل حكم طالبان خاصة أن طالبان اعتبرت المدارس بوابة لنشر قيم الثقافة التي من وجهة نظرهم ثقافة كفار وتمادت طالبان في إغلاق المدارس، وتقييد حق الفتيات في التعليم، وتحويل مدارسهم إلى مدارس للبنين مما أثار غضب المجتمعات المحلية واستياءها ودفعها لمعاداة طالبان والضغط عليها للاستجابة إلى مطالب استمرار النظام التعليمي بشكل عام والمرتبط بتعليم الفتيات بشكل خاص، وانطلاقاً من الرد العنيف الذي واجهته طالبان جراء تلك السياسات التعسفية تحولت تدريجياً من حالة الهجوم والقمع إلى محاولة السيطرة والتحكم في النظام التعليمي الذي تديره الحكومة، ففي عام 2012 صاغت الحركة سياسة تعليمية أكثر مرونة من خلال التنسيق مع الحكومة ووضع ضوابط لكيفية عمل المدارس في مناطق نفوذها والسماح لبعض المدارس الأجنبية المختلطة بين الجنسين للعمل تحت إدارة المنظمات غير الحكومية وذلك وفقاً لاتفاقات تتم مع سلطة طالبان ووزارتها المعنية بالشئون الدينية.[64]

من خلال ما سبق نلاحظ أن دخول طالبان لأفغانستان في المرة الثانية اختلف كثيراً عن المرة الأولى، فدخول الحركة 1996 كان بالقوة وتخلله العديد من عمليات الانتقام والإعدام، كما أن الحركة في المرة الأولى تبنت خطاباً ومنهجاً متشددين في الحكم، خاصة فيما يتعلق بالحريات وحقوق المرأة، بينما في هذه المرة دخلت الحركة لأفغانستان بشكل سلمي حيث تسلمت المدينة دون قتال وأعلنت العفو العام، وتبنت خطاباً أقل حدة مما كانت عليه قبل عقدين حيث حاولت طمأنة الأفغان وكذا المجتمع الدولي، وربما يكون في هذا دلالة على رغبتها في الحصول على الاعتراف الدولي بها وهذا لن يكون أمراً سهلا حيث أكدت العديد من الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة، أنها لن تعترف بأي حكومة لا تحترم حقوق المرأة أو تؤوي الإرهاب.[65]

ويعد هذا ما أعلنته طالبان عن سياستها الجديدة بعد عودتها للحكم ثانية في تصريحاتها ولكن تظل هذه السياسة مجرد خطاب إعلامي تبنته طالبان لطمأنة المجتمع الدولي إلى أن يتم تطبيقها على أرض الواقع ليتبين هل بالفعل تغيرت سياسة طالبان بعد عودتها للحكم ثانية أم مازلت كما هي لم تتغير؟

و- رؤية طالبان لإيران

تنطلق طالبان في رؤيتها لإيران من التوجه المذهبي والطائفي للجانبين، فطالبان حركة أصولية سنية في حين ينتمي النظام الحاكم في إيران إلى المذهب الشيعي الذي يتبنى نظرية الولي الفقيه في الحكم وقد وصل العداء بين الجانبين إلى ذروته عام1998 عندما قتل تحالف الشمال المدعوم إيرانياً عدداً كبيراً من عناصر طالبان في مدينة مزار الشريف وبعد تمكن طالبان من السيطرة على المدينة قامت بالهجوم على القنصلية الإيرانية وقتل عدد من الدبلوماسيين الإيرانيين في شمال أفغانستان، كما قامت بذبح أفراد من جماعة الهزارة التي تنتمي إلى الطائفة الشيعية نفسها التي تهيمن على إيران، من جهة أخرى ترى إيران أن طالبان تسيطر إلى حد كبير على تجارة الأفيون في أفغانستان التي أضرت بسكان إيران مما دفعها إلى حشد أكثر من200 ألف جندي استعداداً لغزو أراضي أفغانستان.[66]

ولكن مع عودة طالبان إلى الحكم في أفغانستان وسيطرتها على العاصمة كابول في أواخر أغسطس2021 تبلور توجهان في أوراق السياسة الإيرانية للتعاطي مع طالبان حيث ينظر التوجه الأول بإيجابية إلى دور الحركة في رحيل القوات الأمريكية بالمقاومة المسلحة وهذا يتوافق مع تصور الحكومة الإيرانية للتعامل مع الوجود الأمريكي في المنطقة، ومن ثم إمكانية التعاطي مع طالبان بناء على هذه الخلفية، أما التوجه الآخر ينظر إلى حركة طالبان من وجهة نظر عقائدية على اعتبار أنها حركة سنية سلفية تحتكر السلطة بمفردها وتقصى الأقليات خاصة الشيعة منها ومن ثم يتجنب التعاطي معها.[67]

رابعاً- أدوات طالبان

أكدت طالبان أنها لا تعارض العمل الحر لوسائل الإعلام واستمرار الأنشطة الإعلامية لكن يجب أن يكون وفق الشريعة الإسلامية، لكن مع سيطرة طالبان علي مدينة هرات تم إغلاق 52 وسيلة إعلامية وتم إغلاق 20 محطة تلفزيونية و22 محطة إذاعية،و مع وصول طالبان وسيطرتها علي السلطة أصبحت حرية التعبير ووسائل الإعلام في خطر شديد  فقد توقف الإعلاميون عن العمل خوفاً من هجوم طالبان وقد توقفت أيضا النساء العاملات في وسائل الإعلام عن العمل ليس فقط في مدينة هرات ولكن أيضا في العاصمة كابول ومع هذا الوضع لجأت النساء العاملات في وسائل الإعلام إلي منازلهن أو منازل أقاربهن، لا يتوقع إقامة نشاط إعلامي حر مع سيطرة طالبان علي أفغانستان ،وفي خلال حكم طالبان تم إغلاق محطات التلفزيون باستثناء محطة إذاعية تسمي (صوت الشريعة) كانت تعمل على بث الدروس الدينية فقط، وقد نما الإعلام الحر الذي هو من أهم إنجازات أفغانستان منذ سقوط طالبان خلال  20 عام الماضية، وقد صرح العضو لإذاعة وتلفزيون معراج في ولاية هرات: عبدالله سلجوقي أن طالبان تعارض إصدار الموسيقي وأنهم سيطرون إلي توضيح سياسة طالبان تجاه الإعلام، لكن مع استعادة طالبان السيطرة علي أفغانستان فقد انتشر الرعب والخوف في نفوس الصحفيين، كما يطالب الإعلاميين في أفغانستان المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالضغط علي طالبان من أجل العمل بحرية وعدم فرض قيود عليهم.[68]

سعت طالبان إلي تقديم نفسها كحركة سياسية أكثر من كونها تنظيم مسلح ولذلك فأنها عادت وهي تجيد استخدام التكنولوجيا وقواعد البيانات وقد استخدمت طالبان أقراص DVD عقب الغزو الأمريكي 2001، وقد استخدمت أيضا الهواتف المتصلة بالأقمار الصناعية واستخدمت الرسائل القصيرة لنشر دعوة الانضمام للجهاد وذلك بخمس لغات عام 2005 وهم الانجليزية والعربية والداري والأردية والباشتو، وقد اتجهت طالبان 2009 إلي شبكات التواصل الاجتماعي وأنشأت قناة علي يوتيوب، وأنشأت حسابات علي مواقع فيس بوك وتويتر 2011، وأنشأت حسابات علي واتس آب وتيليجرام 2015، وقد استمر موقع تويتر في نشر الأخبار والبيانات وأصبحت أفغانستان  تستخدمه بشكل مكثف سواء في الداخل او في الخارج وخاصة في الأماكن الحضرية حيث يوجد خدمات الكهرباء والاتصالات والتعليم، وبلغت نسبة مستخدمي الانترنت في أفغانستان 8,64 مليون، ويعد الانترنت وسيلة نوعية للتواصل مع القطاعات الحضرية، وقد ارتفع استخدام تويتر في أفغانستان حيث قفز استخدام تويتر في 2020 من 4,06% إلي 58,2% في 2021، كما بلغت نسبة استخدام انستجرام ويوتيوب 2%، وقد انخفض استخدام فيس بوك من 87%إلي 38%، كما استخدمت طالبان السوشيال ميديا للتعبير عن الأحداث من دون الاضطرار للخضوع لوسائل الإعلام التي طالما اتهمتها بالكذب والتضليل، واستخدمت المواد المرئية، وعملت علي نشر صور ومقاطع لتقديم المساعدات وتشغيل المدارس، وقد سعت طالبان للتغلب علي حظر مناصتها الرقمية وذلك من خلال استخدام موقع Streamyard للفيديو بدلاً من يوتيوب وكذلك استخدام التليجرام للمراسلة بدلاً من استخدام موقع just paste it وأيضا استخدام التليجرام للنصوص الطويلة بدلاً من تويتر، وقد اتهم بعض الحقوقيين طالبان بتوظيف شركة علاقات عامة وذلك بسبب خبرتها في استخدام تويتر[69].

عملت طالبان علي منع وسائل الإعلام المحلية من عرض المسلسلات الأجنبية التى تتعارض مع الشريعة الإسلامية وكذلك قامت بحظر الأغاني بشكل كامل، كما قامت طالبان بإلزام جميع النساء بارتداء الحجاب، كما إن وسائل الإعلام التي تقوم بتقديم الأخبار في أفغانستان يجب أن تكون متوازنة وألا تستند إلي الإشاعات ويجب أن تلتزم بالمعايير التي وضعتها طالبان وألا سوف يتم حظرها[70].

حاولت طالبان تقديم نفسها في صورة مغايرة عن التسعينات ولذلك عملت علي استبدال مواقع التصوير من الجبال باستديو علي قناة فضائية وذلك من أجل الحصول على الشرعية والاعتراف الدولي بطالبان ورغبة في التعاون معها من أجل إعادة إعمار البلاد، وتبنت طالبان استراتيجية تقوم علي التواصل المكثف مع وسائل الإعلام وظهر ذلك تحديداً في موقع تويتر كوسيط لنشر رسائل طالبان داخلياً وخارجياً، تعد شبكات التواصل الاجتماعي ساحة لتداول الصور والفيديوهات لمقاتلي الحركة في صورة مغايرة عن السابق وسواء كان هذا رسمياً أم لا فهو يعبر كذلك عن تحول في استراتيجية طالبان الإعلامية التي كانت تعمل علي تهميش التلفزيون وتحظر الإنترنت، هناك ركائز أساسية لخطاب طالبان الإعلامي وهي كالآتي:

1- الانتصار بالحرب وليس بالتفاوض: تؤكد طالبان أن مصدر الشرعية تستمدها من انتصار المقاومة وجاء ذلك بسبب ضغوط القتال ضد القوات الأمريكية التي أدت إلى انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.

2- نظام إسلامي يراعي الشعب: رفضت أمريكا والصين وروسيا وباكستان إقامة نظام إسلامي في أفغانستان ولكن أكدت طالبان على تطبيق النظام الإسلامي الذي سيكون الأفضل في حل مشكلات أفغانستان.

3- الانفتاح من أجل إعادة الإعمار: عملت طالبان علي جذب الاستثمارات الأجنبية إليها وعملت علي بناء جيش أفغاني يتكون من كل العرقيات وأكدت طالبان من خلال الرسائل علي انفتاحها علي الخارج.

4- احترام حقوق المرأة: حرصت طالبان علي إرسال تطمينات بشأن احترام حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية.

5- حرية الإعلام: فقد نشطت عشرات المؤسسات الإعلامية في أفغانستان حيث يوجد 8 وكالات أنباء، و52 محطة تلفزيونية،  و165 محطة إذاعية، و190 دار نشر، وأكدت طالبان علي حرية واستقلال الإعلام.

كما تعمل طالبان على إرسال رسائل طمأنة وتأكيدات للهيمنة وذلك من خلال تقديمها خطاب للنظام الإسلامي التي تنوي تطبيقه، وهذا يعد حلاً مؤقتاً لتجنب النزاعات داخلياً وخارجياً.[71]

من أجل تحقيق أهداف أفغانستان إلكترونياً فقد صرح وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (شهزاد كل اريوبي) أنه يجب الاستفادة من إمكانيات إيران التقنية، وقد زار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إيران وأوضح أن الهدف من زيارته إلي إيران هو عقد اجتماعات جديدة للتعاون بين البلدين، كما أظهر وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ضرورة توفير البنية التحتية في أفغانستان قبل الحصول علي التكنولوجيا كما تم إقامة المعرض الدولي الأول لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كابول، كما صرح (سعيد امامي) رئيس لجنة البرامج المتطورة الإيرانية فرحه وسعادته للتعاون مع أفغانستان ونقل التكنولوجيا إلي أفغانستان ومساعدتها علي تطوير البنية التحتية، كما أكد علي وجود الرابطة المعلوماتية الإيرانية (انفورماتيك) التي تأسست قبل أربعين عاماً.[72]

قد اشترت إيران مركبات مدرعة من طالبان لإجراء البحوث التي تكشف المبادئ التقنية، ومن المحتمل ان تكون إيران قد عقدت صفقات مع طالبان لشراء بعض هذه المعدات لاغراض البحث، وقد عملت إيران وطالبان معاً ضد أمريكا ولكن اذا استمر هذا التعاون بين إيران وطالبان فانه ينبغي تسليم بعض المعدات إلي إيران لغرض الهندسة العكسية.[73]

يُقصد بالهندسة العكسية بانها آلية تُعني باكتشاف المبادئ التقنية لنظام من خلال تحليل بنيته ووظيفته وطريقة عمله.

وقد أنفقت إيران موارد كبيرة لتعزيز وسائل الإعلام الأفغانية وتقوم أيضاً بتويل وكالات الصوت الأفغاني، كما ان هناك أربع محطات تلفزيونية تؤيد إيران، كما يعد التأثير الإيراني على وسائل الإعلام الأفغانية تأثيراً كبيراً.[74]

نلاحظ مما سبق أن طبيعة العلاقة بين طالبان وإيران كان يسودها العداء المتبادل وذلك بسبب الاختلافات العقائدية والأيدولوجية بين الطرفين ولكن بعد عودة طالبان للحكم مرة ثانية ورغم تخوفات إيران ورفضها لسيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان إلا أن تلاقي المصالح والأهداف قد يدفع بتحول العلاقة بين الطرفين من العداء إلى التعاون والصداقة وذلك في ضوء أن الطرفين يجمعهما عدو مشترك وهو الولايات المتحدة بالإضافة إلى ذلك فإن إيران لا يهمها من يتولي السلطة في أفغانستان بقدر ما يهمها الحفاظ على مصالحها.

ومن جانب طالبان فقد عملت على طمأنة لإيران فيما يتعلق بتخوفها من تدفق اللاجئين إلى أراضيها، حيث ترتبط أفغانستان مع إيران بحدود مشتركة تصل إلى نحو ألف كيلومتر في سياق قبلي وطائفي مشترك أحياناً ومتباين أحياناً أخرى، وفيما يتعلق بوجود الأقلية الشيعية في أفغانستان أرسلت الحركة رسائل عدة منها، السماح بإقامة مراسم ذكرى عاشوراء، وزيارة المساجد الشيعية في أفغانستان من كبار قادة الحركة وغيرها من الخطوات الهادفة لإزالة بواعث القلق الإيراني على الأقلية الشيعية في أفغانستان ولكن كل ذلك يبقى مرهوناً بمدى التزام الحركة بما أعلنته من تصريحات وكذلك مدى رغبة إيران في الحفاظ على مصالحها وتحقيق أهدافها.[75]

ومن خلال ما سبق نلاحظ أن الحركة بعد أن عادت لتسيطر على الحكم في أفغانستان مرة ثانية تحاول أن تقدم نفسها بصورة مغايرة عن سابقتها في تسعينيات القرن الماضي، وذلك أملاً في الحصول على الشرعية والاعتراف الدولي بها في حكم أفغانستان والتعاون معها في إعادة إعمار البلاد، ولذلك نلاحظ أن الخطاب الإعلامي الذي تبنته حركة طالبان يتميز بمجموعة من العوامل التي يمكن من خلالها تقييم رؤية واستراتيجية حركة طالبان الجديدة وتحديد هل ما أعلنته الحركة في خطابها الإعلامي وتعهدت بتحقيقه، تحقق فعلياً على أرض الواقع أم لا؟

فبعد عقدين من الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، عادت طالبان لتسطر فصلاً جديداً في مستقبل الدولة الأفغانية. ويبقى السؤال الذي يعتبره الكثيرون مفتاح التنبؤ بمستقبل أفغانستان في ظل حكم طالبان، هو: هل تغيرت طالبان عما كانت عليه خلال حكمها لأفغانستان في الفترة 1996-2001، أم أن ما تدعيه من تغير في سياستها هو فقط تغيير شكلي بهدف تمكينها من اكتساب الشرعية الشعبية والاعتراف الدولي خلال المرحلة القادمة وتجنب العزلة التي شهدتها خلال فترة حكمها الأولى؟

الفصل الأول

محددات العلاقات الأفغانية الإيرانية

يتناول هذا الفصل المحددات المؤثرة في العلاقات الأفغانية الإيرانية من خلال مبحثين: المبحث الأول يتناول أهم المسائل المحددات السياسية والعسكرية والأمنية التي تؤثر في العلاقات بين أفغانستان وإيران، وكذلك المحدد الاقتصادي، بينما يتناول المبحث الثاني المحدد الاجتماعي والأيديولوجي والتكنولوجي. وذلك من أجل توضيح تأثير هذه المحددات في العلاقات الأفغانية الإيرانية.

يوجد كثير من المحددات الذي توثر في شكل العلاقات الأفغانية الإيرانية في السابق، وخاصة أثناء فترة حكم طالبان الأولى لأفغانستان، والتي كانت تتسم بالصراع والعداء بينها وبين إيران، ولكن بعد سقوط حكم طالبان واحتلال أمريكا لأفغانستان تغيرت شكل العلاقة بين طالبان وإيران، وأصبح هناك نوع من التقارب الخفي بينهما. وبعد عودة طالبان مرة أخرى للحكم في أفغانستان وسقوط الحكومة الأفغانية 15 أغسطس 2021، أصبح هناك تسأؤل حول ما ستكون عليه شكل العلاقة بين أفغانستان وإيران وهذا يحكمه عدة محددات، فالمحدد السياسي والأمني التي يؤثر في شكل العلاقات الأفغانية الإيرانية يعود في معظمه إلى الحدود المشتركة بين أفغانستان وإيران، والتي يمر من خلالها العديد من اللاجئين الأفغان، والمخدرات التي تزرع في أفغانستان وتمر عبر الحدود الأفغانية الإيرانية لتوزيعها، باضافة إلى وجود حركات انفصالية سنية إيرانية على أطراف الحدود مع أفغانستان التي يبلغ طولها 920 كيلو متر.

والعديد من القضايا الخلافية الأخرى التي تؤثر في العلاقات بين أفغانستان وإيران، كقضية المياه، وإشكالية الخوف من عودة أفغانستان مرة أخرى بؤره للجماعات الإرهابية وخاصة تنظيم داعش، والنفط، والشيعة الموجودين في أفغانستان والعرقيات المشتركة بين الدولتين وعوامل اجتماعية أخرى تؤثر في العلاقات بينهما، والنظام السياسي الأفغاني أيضاً يعد عامل مؤثر في العلاقات الأفغانية الإيرانية.

والمحدد الاقتصادي أيضاً يؤثر بشكل كبير في العلاقات بين أفغانستان وإيران لاحتياج كل منهما الأخر، نظراً لم تمر بيه كلاً من الدولتين من ظروف اقتصادية، وتتوقف العلاقه بين أفغانستان وإيران على كيفية تعامل طالبان مع الظروف الاقتصادية التي بها. وكذلك البعد التكنولوجي الذي ظهر بشكل كبير بعد سيطرة طالبان مرة أخرى على الحكم في استعمال جماعة طالبان وسائل التواصل الاجتماعي والتطور والانفتاح على المجتمع الدولي.

المبحث الأول

المحدادت السياسية والأمنية

يركز هذا المبحث المحددات السياسية والأمنية من خلال مجموعة من المسائل والقضايا التي تدور حول مسألة الحدود، وعودة التنظيمات الإرهابية، وتقسيم المياه، وتدفق اللاجئين، وإشكالية بناء الجيش الأفغاني، وشكل نظام الحكم.

منذ عودة طالبان وسيطرتها على الحكم في أفغانستان، واستطاعت إسقاط حكومة الرئيس أشرف غني، وسيطرتها على العاصمة كابول، وبعد ذلك استطاعت طالبان السيطرة على كامل الأراضي الأفغانية، أدى ذلك إلى تخوف وقلق إيران وأيضاً هجوم طالبان على أخر ملجأ للمعارضة المسلحة في أفغانستان والذي يمثل مدخلاً لإيران لدعم المعارضة في مواجهة طالبان خاصة تحالف القبائل الشمالية التي يهيمن عليها قبائل شيعية وطاجيكية، كانت على خلاف مع طالبان في فترة حكمها الأولى لأفغانستان في التسعينات.

أولاً_ مسألة الحدود

تملك أفغانستان ثلاثة منافذ حدودية مع إيران، وهي تشترك مع إيران بحدود تبلغ طولها نحو 920 كيلو متر، تمكن مقاتلو طالبان من إحكام سيطرتهم على تلك المنافذ مع بدء انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. بعد أن استولت طالبان على مساحات كبيرة من الأراضي الأفغانية، وفرضت سيطرتها على العاصمة كابول، وعلى نقاط حدودية مهمة على خط الحدود مع إيران وهم معبرين من أصل ثلاثة معابر تربطها مع إيران معابر إسلام قلعة، ومعبر أبو نصر فراهي، ومع بداية سيطرة طالبان على أفغانستان منعت طالبان الإيرانيين من دخول أفغانستان إلا من خلال الحصول على تأشيرة من طالبان.[76]

وسيطرت طالبان أيضاً على عدد من عواصم المقاطعات، مثل هرات ونمروز وفراه، ولأن طالبان تولت السلطة، فإن العلاقة التي ستربطها بإيران مهمة، لا سيما أنها قد تؤثر على الأوضاع الأمنية في أفغانستان فالحدود المشتركة بين إيران وأفغانستان تثير قلق كليهما، وخاصة إيران وما تتسبب لها هذه الحدود من مشكلات اقتصادية وأمنية كبيرة وظهرت هذه بشكل كبيرة في فترة الحرب على الإرهاب في أفغانستان وكذلك خلال سنوات الحرب الأهلية في أفغانستان.[77] 

ثانياً_ مسألة عودة التنظيمات الأرهابية

نشأت الجماعات الجهادية في أفغانستان بناء على خلفية إثنية, فالمجتمع الأفغاني يتكون من عدة إثنيات وعرقيات حدث بينهم حروب أهلية كثيرة، وعلى الرغم من تنوع أشكال التعبير عن تنظيمات الحركات الإسلامية ورغم تنوع موقفها في المجال السياسي وتنوع قاعدتها الإجتماعية ودوافعها وأساليب عملها إلا أنها تشترك جميعاً في أنها تصف نفسها بالجماعات الجهادية وأنها تدعوا للوصول إلى الدولة الإسلامية.

أدى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان إلى صعود أكثر الجماعات الإرهابية شراسة وهو تنظيم داعش الذي يتمركز حالياً قرب الحدود الشرقية الإيرانية التي يتركز بها الجماعات المسلحة السنية خوفاً من تكوين تحالف بينهما.[78]

أكثر ما يثير قلق إيران بعد عودة طالبان لحكم أفغانستان مرة أخرى هو عودة الجماعات والتنظيمات الإرهابية مرة أخرى، ورجوع أفغانستان بؤره استيطانية لإيواء الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، وتنظيم داعش خاصة الذي نفذ الكثير من العمليات الإرهابية على الحدود الإيرانية وداخل إيران، فضلاً عن إمكانية توظيف طالبان ورقة الإرهاب لإدارة علاقاتها مع إيران. وأيضاً تتخوف إيران من أن تعمل طالبان تحالف مع الجماعات البلوشية المتمردة في محافظة سيستان وبلوشستان شرق إيران وهو الإقليم الذي يعد مأوى للحركات السنية المناهضة للنظام في إيران، ولذلك وظفت إيران  ميلشيات ضد طالبان، وتسعى إيران بذلك إلى الضغط على طالبان بأستخدام هذه الميلشيات، وعلى رأسها لواء فاطميون الذي يضم الشيعة الأفغان الذين تم تدريبهم على يد الحرس الثوري الإيراني وتم استخدامهم في سوريا والعراق التي تنوي إيران أرجعهم إلى أفغانستان، ويبدو في ذلك أن إيران تسعى إلى توحيد الميلشيات الشيعية الموجوده في أفغانستان في إطار تنظيمي واحد، وهذا بدء واضحاً في تشكيل التنظيم الجديد في أفغانستان الذي يحمل مسمى الحشد الشعبي. كما يمكن أن تنشىء إيران تنظيمات وميلشيات أخرى تحذيراً  لطالبان بأن مازال لها نفوذ في أفغانستان.[79]

ثالثاً_ مسألة تقسيم المياه

تعد مشكلة تقسيم المياه بين أفغانستان وإيران أحد مصادر الخلاف بينهما، حيث تعاني كلتا الدولتين من نقص في المياه، وخاصة إيران، فالأقاليم الإيرانية الشرقية المجاورة لأفغانستان هي أكثر الأقاليم المتضررة من نقص المياه فتتركز أغلب النزاعات بينهما حول تقسيم مياه نهري هريرود وهلمند، إذ تريد إيران الاحتفاظ بالحصة التقليدية من نهر هلمند الذي ينبع من أفغانستان ويتدفق داخل إقليم سيستان- بلوشستان الإيراني، وهو أمر ليس بالسهل بسبب انخفاض مستوى المياه في النهر بفعل الظروف المناخية، وبالتالي ترجع تدفق مستويات المياه إلى الأراضي الإيرانية، وكذلك أقامت أفغانستان ببناء بعض السدود مثل سد كمال خان وهذا ما كانت تخشاه إيران، فالحكومة الأفغانية السابقة كانت تدير ملف المياه بينها وبين إيران على أساس النفط مقابل المياه، فقامت ببناء الكثير من السدود على نهر هلمند، مما تسبب في أزمة بين أفغانستان وإيران، لذلك تتوقف العلاقات بين طالبان وإيران على كيفية إدارة طالبان لملف المياه بينها وبين إيران، وكيفية تنظيم وتشغيل السدود، والحصة التي سوف تحصل عليها إيران من مياه نهر هلمند، وهل ستكون الحصه التقليدية السابقة أم ستتغير.[80]

رابعاً_ مسألة اللاجئين

تعد إيران من أكثر الدول المستضيفة للاجئين الأفغان بعد باكستان، ويصل عدد اللاجئين الأفغان إلى أكثر من 3 مليون لاجىء أفغاني في إيران ما بين مسجل وغير مسجل ومعظمهم من الطاجيكوالهزارة الأفغان، فبعد الانسحاب الأمريكي وعودة طالبان إلى الحكم أفغانستان وتدهور الأوضاع في أفغانستان، وخوفاً من حكم طالبان فر كثيراً من الشعب الأفغاني من أفغانستان إلى الدول المجاورة لها، وسارعت أعداد كبيرة من المواطنين الأفغان إلى المطار محاولين اللحاق بالمجموعات المغادرة خارج الحدود الأفغانية للنجاة بأنفسهم من حكم طالبان تاركين وطنهم وأموالهم وممتلكاتهم ملتحقين برحلة إلى المجهول من دون أى ضمانات أو معرفة إلى أين ستؤول بهم الطائرة العسكرية.[81]

تعد إيران من أكثر الدول استقبالاً للاجئين الأفغانيين، وتعتبر ثاني وجهه للاجئين الأفغان بعد باكستان، حيث تشير التقديرات إلى احتمالية نزوح ما يقارب من مليون أفغاني من أفغانستان إلى إيران عبر الحدود المشتركة بين أفغانستان وإيران لتجنب القتال أو هروباً من حكم طالبان.[82]

في بداية الأزمة أعلنت إيران أنها على استعداد لإيواء بعض اللاجئين من خلال إنشاء مخيمات لجوء في المحافظات الحدودية مع أفغانستان (خراسان رضوى، خراسان الجنوبية، سيستان وبلوشستان)، إلا أنها عدلت عن القرار لاحقاً لعدة أسباب منها أنها مازلت تراقب بدقة ما سوف تكون عليه الأوضاع بعد سيطرة طالبان على الحكم خاصة أنها تعاني فعلياً بسبب وجود 3 مليون أفغاني على أرضها، لذا عملت على إعادة المواطنين الفارين من بطش طالبان حيث رأت أن موجة اللجوء الجديدة من شأنها أن تفاقم أزمة كورونا إلى حد خطير، أيضا اتجهت إيران إلى

محاولة التخفيف من حدة هذه الأزمة عبر توجيه موجات النزوح إلى تركيا التي يرغب أغلب اللاجئين الأفغان في التوجه لها للعبور منها إلى دول الاتحاد الأوربي.[83]

فبعد سيطرة طالبان على المدن الأفغانية نشرت إيران جيشها والحرس الثوري الإيراني على الحدود بينها وبين أفغانستان لمنع عبور اللاجئين الأفغان إلى أراضيها تحسباً لتسلل عناصر إرهابية ضمن اللاجئين، كما تعاني إيران من الأعداد الضخمة للاجئين الموجودين لديها لم يمثلونه من عبء اقتصادي عليها في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها إيران، لجأت إيران إلى تخفيف عدد اللاجئين لديها من خلال فتح حدودها لنزوح اللاجئين الأفغان إلى تركيا. فأي وضع أمني غير مستقر في أفغانستان أو حرب أهلية أو عدم استقرار سياسي في أفغانستان، يؤدي إلى نزوح وهجرة الكثير من الشعب الأفغاني، وهذا ما لا تريده إيران، لأن ذلك يؤثر كثيراً على إيران وعلى اقتصادها والأوضاع المعيشية والسياسية والأمنية في إيران، فإذا لم تستطيع طالبان السيطرة على الأوضاع الأمنية والسياسية في أفغانستان وإذا قامت حرب أهلية أو إذا انتهجت طالبان نفس سياستها السابقة في أفغانستان، سيؤدي ذلك إلى هروب الملايين من الشعب الأفغاني، وبالتالي توتر العلاقات بين أفغانستان وإيران.

وذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن إيران انتهكت أغلب إلتزامتها القانونية، وأساءت معاملة الأفغان القادمين إليها، ورفضت استيعاب موجة اللاجئين الأفغان الجديدة، بالإضافة إلى ذلك قامت إيران بطرد ما يقارب من6.1 مليون أجنبي غير شرعي معظمهم من الأفغان وذلك بموجب قانون تنظيم الأجانب الذي صاغته عام 2012، أيضا يُحرم الأفغان من حقوقهم الأساسية في إيران ويُحظر الزواج بينهم وبين الإيرانيين ويتعرضوا لمخاطر مهنية قاتلة وكثيراً ما يعملون ولا يأخذون أجورهم، كما يتعرضون للأذى على يد الأجهزة الأمنية الإيرانية.[84]

وذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن إيران انتهكت أغلب إلتزامتها القانونية، وأساءت معاملة الأفغان القادمين إليها، ورفضت استيعاب موجة اللاجئين الأفغان الجديدة، بالإضافة إلى ذلك قامت إيران بطرد ما يقارب من6.1 مليون أجنبي غير شرعي معظمهم من الأفغان وذلك بموجب قانون تنظيم الأجانب الذي صاغته عام 2012، أيضا يُحرم الأفغان من حقوقهم الأساسية في إيران ويُحظر الزواج بينهم وبين الإيرانيين ويتعرضوا لمخاطر مهنية قاتلة وكثيراً ما يعملون ولا يأخذون أجورهم، كما يتعرضون للأذى على يد الأجهزة الأمنية الإيرانية.[85]

مما سبق يمكننا القول إن مشكلة اللاجئين الأفغان لها أهمية متعددة الأبعاد لأنها تُوظف من قبل إيران كوسيلة ضغط على الحكومة الأفغانية حيث تتهم إيران أنها تستخدم وجود ملايين اللاجئين والمهاجريين كوسيلة ضغط سياسية وتهدد في كثير من الأحيان بترحيلهم إلى أفغانستان.[86]

خامساً_ مسألة نظام الحكم

أن عدم وجود نظام سياسي في أفغانستان يشمل كافة العرقيات والطوائف والأقليات خاصة الشيعة في أفغانستان يعد من أهم المؤثرات في علاقة طالبان بإيران، فتهميش الشيعة واستخدام نفس سياسة طالبان السابقة معهم يعد من أحد عوامل الصراع المحتملة بين إيران وطالبان، فبعد الثورة الإيرانية عام 1979 أعلنت إيران نفسها حامية الشيعه في العالم وتبرر تدخلها في شئونالدول بذك. كما يعد تعدد القادة في جماعة طالبان أحد الأسباب في عدم بيان سياسة معينة ونظام سياسي واضح لطالبان.[87]

سادساً_ مسألة تكوين الجيش الأفغاني

يبلغ عدد قوات الجيش الأفغاني 195 ألف وفق الإحصائيات، ووصل عدد القوات المسلحة الأفغانية التي تضم الجيش والشرطة والاستخبارات إلى 350 ألف جندي، وتنوي طالبان الاعتماد على قواتها بتحويل جزء منها إلى جيش نظامي بجانب الجنود الهاربين من ميادين القتال وانضموا إليها، في حين طالبان مازالت تنظر لهم بعين الريبة والشك للجنود والقيادات الصغرى في الجيش القديم ولم تحسم أمرهم بعد، لكن قادة الجيش السابق تم استبعادهم من قبل طالبان واعتبرتهم أعداء، خاصة أن كثير منهم ما يزال يرفض حكم طالبان ومع ذلك أكد قائد الجيش في حكومة طالبان قاري فصيح الدين أن طالبان ستبدأ قريباً بإعادة تنظيم الجيش الأفغاني وإصلاحه، في حين يجب أن يتوفر في الجيش النظامي العقيدة القتالية والتدريب الاحترافي والمؤسسي وهذا لم يحدث في أفغانستان من قبل، فالجيش الأفغاني اعتمد خلال العقود السابقة على العنصر الأجنبي في التخطيط والتمويل والتسلح، ولم تكن لديه عقيدة عسكرية يدافع عنها، فالولايات المتحدة الأمريكية قامت ببناء جيش مدرب على كافة الجوانب الشكلية للجيوش الحديثة، ولكن دون عقيدة عسكرية أو قتالية، فهو ليس جيش يدافع عن وطنه بل جيش مصنع بالكامل بإرادة خارجية، ولكن مقاتلي طالبان يملكون العقيدة الدينية للقتال، ولكن ليس لديهم أي تدريب أو خبرات في العمل داخل الجيوش الحديثة، ولهذا سوف تظل أزمة بناء جيش نظامي جديد مشكلة كبيرة وعميقة لحركة طالبان، وذلك يرجع إلى أسباب تعود لعقود ماضية، وفي الوقت نفسه أعلن مسئولين في حركة طالبان عن أن حركة طالبان لاتستطيع تأمين ميزانية الجيش وحدها بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على أفغانستان. فحركة طالبان  تحتاج إلى مساعدة مادية وخبرات عسكرية حديثة ومعرفة أكثر بالتكنولوجيا والأسلحة المتطورة من أجل بناء جيش نظامي، لأنها ما زالت تستخدم الأساليب البدائية في القتال.[88]

سادت أجواء من القلق في الأوضاع السياسية الأفغانية بسبب التدخل الإيراني في الشؤون السياسية لأفغانستان، وهذا التدخل يتكون من اتجاهين الأول هو عودة ميلشيات الفاطميون الشيعية الموجوده في سوريا إلى أفغانستان، والثاني هو دعم إيران لحركة طالبان السنية، مما يوضح أن النظام الإيراني يستعمل كافة الطرق من أجل الحفاظ على مصالحه في أفغانستان بغض النظر عن الدين والمذهب والقومية، ومن أجل ذلك قام مجموعة من الشباب باحتجاجات ضخمة  في مدينة هيرات وهي على مقربه من مدينة خراسان على الحدود الإيرانية يتهمون فيها إيران بدعم الجماعات الإرهابية، فضلاً عن دعوة إيران للحد من مساعيها الهادفة إلى السيطرة على مصادر المياه الحدودية بين البلدين في الأراضي الأفغانية.[89]

المبحث الثاني

المحددات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

يتناول المبحث المحددات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال محورين وهما: المحدد الاقتصادي ويتناول أهمية أفغانستان الاقتصادية بالنسبة لإيران ومستقبل الاقتصاد الأفغاني تحت حكم طالبان وكيفية إدارة طالبان للاقتصاد الأفغاني ومصادر تمويلها، أما المحور الثاني ويتناول المحدد الاجتماعي والثقافي من خلال تناوله لمسألة المخدرات والشيعة الأفغان.

أولاً_ المحدد الاقتصادي

يربطهما أفغانستان بإيران الكثير من العلاقات الاقتصادية على مر التاريخ، فضلاً عما هو متوقع مستقبلاً، فمن ناحية نرى أن أفغانستان يربطها علاقات اقتصادية متبادلة مع العديد من القوى الإقليمية المجاورة لها، خاصة في مرحلة إعادة الإعمار المشرفة عليها بعدما انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية وتولت جماعة طالبان الحكم، ومن ناحية دولة إيران يرى الباحثون أنها قد تتعاون مع جارتها من خلال تقديم الدعم لها في عملية إعادة الإعمار المقبلة، وبالطبع سوف يزداد التغلغل الإيراني في أفغانستان خاصة بعد إنسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، ونظراً لما تمثله أفغانستان من سوق حيوي لإيران، ولكن يبقى الجدل هنا حول ما إذا كان من الممكن لجوء طالبان لإيران والتعاون معها على المستوى الاقتصادي، وما هي مصادر التمويل التي ستعتمد عليها طالبان بعد توليها السلطة.

وقد الولايات المتحدة طالبان في البداية من أجل منع إيران من السيطرة على طرق تصدير النفط في المستقبل من آسيا الوسطى، ومما يذكر أن طالبان أعطت الأولوية آنذاك لشركة أمريكية لبناء خط أنابيب بطول 1500 كم منها 743 كم داخل أفغانستان لنقل 20 مليار متر مكعب من الغاز التركماني سنوياً للأسواق العالمية[90]، ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى طبيعة العلاقات الاقتصادية بين دولتي الجوار، ومدى تطورها خاصة بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ومدى تأثر العلاقات الاقتصادية بالعوامل الأخرى مثل الاستقرار الأمني أو السياسي في الداخل الأفغاني.

أهمية أفغانستان الاقتصادية بالنسبة لإيران

وتتمثل الأهمية الاقتصادية لأفغانستان بالنسبة لإيران في عدة نقاط منها:

1_ التجارة

تدرك إيران أنه بالرغم من أن أفغانستان دولة حبيسة إلا أنها تتمتع بأهمية جغرافية هائلة، حيث يمكن أن تمثل جسراً للتجارة والعبور بين جنوب ووسط آسيا، فسهلت إيران بالتالي من تجارة الترانزيت الأفغانية، وطورت ميناء تشابهار الذي يقع على بعد 70 كم غرب ميناء جوادار الباكستاني العميق، الذي ستستثمر به الهند حوالي 500 مليون دولار في المرحلة الأولى من التطوير.

وقد أدت مرافق العبور بين البلدين إلى زيادة تجارة إيران مع أفغانستان، وتشكل السلع الاستهلاكية والأغذية الجزء الأكبر من الصادرات الإيرانية إلى أفغانستان، كما تبلغ قيمة التجارة السنوية بين البلدين نحو ثلاثة مليارات دولار.

2_ الساعدة أثناء فرض عقوبات اقتصادية على إيران

عندما عانت إيران إزاء العقوبات الأمريكية من شح في العملة الصعبة بسبب فرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية عليها تغلبت على هذا العجز ولو جزئياً عبر إنشاء سوق سوداء للنقد الأجنبي تعمل على طول الحدود بين أفغانستان وإيران، حيث قدر رئيس اتحاد الصرافة في هرات “بهاء الدين رحيمي” أن مليوني دولار إلى ثلاثة ملايين دولار تدخل إيران يومياً بشكل غير قانوني من أفغانستان[91]

وبالطبع لا يمكن تجاهل ما يمكن أن يمثله استقرار أفغانستان على كافة المستويات من أهمية بالنسبة لإيران ولا سيما في الشق الاقتصادي بينهما، خاصة في ظل وجود حدود جغرافية مشتركة تبلغ نحو 920 كم، وامتدادات عرقية عبر الحدود لا سيما وأن أفغانستان قد مثلت منفذاً لإيران في ظل العقوبات الأممية التي فرضت عليها لسنوات، فقد كانت معبراً تجارياً للبضائع الإيرانية إلى دول وسط آسيا.

3_ الاستثمار والطاقة

وعلى ضوء المخاوف التي تضعها إيران في الاعتبار من استمرار عدم الاستقرار في أفغانستان، اتبعت إيران استراتيجية جديدة لتكوين شبكة من الولاءات في الداخل الأفغاني تحاول من خلالها تحقيق مصالحها، معتمدة في ذلك على القواسم المشتركة العديدة بين النسيج المجتمعي في كليهما، وذلك من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي على المستويين الرسمي وغير الرسمي، ففي إطار ما يعانيه الاقتصاد الأفغاني من تدهور منذ سنوات كانت الفرصة سانحة لإيران لتوقيع اتفاقيات اقتصادية في مجالات التجارة والطاقة والكهرباء مع الجانب الأفغاني، فحصلت على امتيازات في مجال بناء وصيانة محولات الكهرباء وتوربينات محطات الطاقة في البلاد، كما ساهمت استضافة إيران للنازحين الأفغان في جعلها رافداً مهماً في تحويلات العمالة لرؤوس الأموال الأفغانية[92]

مستقبل الاقتصاد الأفغاني تحت حكم طالبان

منذ تولي طالبان الحكم ظهر اهتمامها بالملف الاقتصادي, حيث كان أول عمل لها أنها عينت حجي محمد إدريس القيادي بطالبان كمحافظ للبنك المركزي الأفغاني خلفاً لأجمل أحمدي، الذي كان من ضمن المسؤولين الأفغان الذين فروا خارج البلاد في 15 أغسطس 2021، كما دعت المجتمع الدولي للمساعدة في النهوض بالاقتصاد الأفغاني عبر توجيه الاستثمارات الأجنبية لها وتقديم المنح والمساعدات حتى تتمكن البلاد من الحصول على إيرادات إضافية لإنهاء تجارة وزراعة المخدرات[93]، حيث تعتبر زراعة وتجارة المخدرات من أهم مصادر تمويل طالبان، وهو ما يعكس رغبة طالبان في السيطرة على الملف الاقتصادي.

وكانت نهاية عام 2020 قد شهدت انعقاد قمة للبلدان المانحة تعهدت خلالها بتقديم مليارات الدولارات الإضافية خلال السنوات المقبلة، وشهدت هذه القمة التركيز على دور المساعدات في تعزيز حقوق المرأة في أفغانستان خاصة في مجال التعليم، بالإضافة إلى ذلك اشترطت البلدان المانحة أن تحقق الحكومة الأفغانية تقدماً في مجالات الشفافية ومكافحة الفساد للحصول على مزيد من المساعدات، وفي حالة عدم التزام طالبان بما اشطرته البلدان المانحة فمن المتوقع أن تحجم هذه البلدان وكذلك المؤسسات الدولية عن تقديم المساعدات إلى طالبان[94].

حركة طالبان وإدارة الاقتصاد الأفغاني

تعتمد أفغانستان اعتماداً كبيراً على المساعدات الاقتصادية الدولية حيث استفادت العديد من الشركات الأفغانية من الأنشطة الاقتصادية التي قامت بها الولايات المتحدة وقوات المساعدة الأمنية (إيساف)، وعلى الرغم من الثروات الطبيعية والمعدنية الكبيرة التي وهبها الله لأفغانستان فإن القاعدة الصناعية لها لا تذكر، وصادراتها من الفواكه والمكسرات والسجاد والأحجار شبه الكريمة ليست كبيرة، ويعتبر الاقتصاد غير المشروع في أفغانستان هو المصدر الأكبر من إيرادات معظم القطاعات الاقتصادية الأخرى[95]، وبعد عودة حركة طالبان للحكم مرة أخرى وجب أن نستوضح كيف يمكن لحركة طالبان أن تدير الاقتصاد الأفغاني، والتعرف على مصادر تمويل الحركة بغرض توقع التوجهات المحتملة لها.

لكن هناك صعوبة في الحصول على بيانات دقيقة بشأن الموارد المالية لحركة طالبان في أفغانستان سنوياً، حيث تتفاوت تقديراتها من مؤسسة إلى أخرى تبعاً لتباين حسابات مصادر التمويل المختلفة ومدى رصدها على مدار السنة، كما أنها بطبيعة الحال تتفاوت من عام إلى آخر. ويقدر مجلس الأمن الدولي في تقرير صدر عنه في مايو 2020 إن أدنى مستوى لإيرادات طالبان وصل إلى نحو 300 مليون دولار فيما كان أعلى مستوى لها 1.5 مليار دولار.[96]

وفي مارس 2020 حققت حركة طالبان وفق بعض التقديرات عائدات مالية تقدر بنحو 1.6 مليار دولار، أي ما يمثل حوالي خمس الإيرادات الحكومية البالغة نحو 5.5 مليار دولار خلال نفس العام وعلى شكل يعكس النفوذ الاقتصادي الواسع لطالبان داخل أفغانستان، حيث تأتي التدفقات المالية الكبيرة لطالبان بفضل تنوع مصادر التمويل التي تعتمد على ما توفره الأراضي من موارد طبيعية مثل المعادن بالإضافة إلى التجارة بالمخدرات وكذلك التبرعات الخارجية، وتقوم طالبان بتوظيف هذه العوائد في تعزيز عتادها العسكري من خلال شراء السلاح والذخيرة وكذلك دفع رواتب مقاتليها التي تشير تقديرات إلى أن عددهم يتراوح ما بين 60 و 65 ألف مقاتل، وبراتب شهري يبلغ أدناه 150 دولاراً.[97]

وبعدما تولت حركة طالبان السلطة في أفغانستان أصبحت هي المسئولة عن إدارة الاقتصاد الأفغاني، وكما سبق وتحدثنا عن الثروات الوفيرة التي تمتلكها أفغانستان ومدى أهميتها وجب أن نتعرف على مصادر تمويل حركة طالبان بحكم أنها صاحبة السيادة في دولة أفغانستان.

وتتعدد مصادر تمويل حركة طالبان ما بين استغلال موراد المعادن، وتجارة المخدرات، والتبرعات وغيرها التي يمكن عرضها على النحو التالي:

1_ عائدات التعدين: حيث يمثل التعدين أحد أهم مصادر التمويل الرئيسية لطالبان، وتجني الحركة العائدات منه بطريقتين؛ الأولى من خلال القيام بعمليات استخراج المعادن بنفسها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ويتم ذلك في نطاق محدود نظراً لمحدودية خبرات الحركة الفنية. والطريقة الثانية من خلال فرض رسوم وإتاوات على الشركات العاملة في مجال تعدين خام الحديد والنحاس والذهب وغيرها من المعادن في أنحاء أفغانستان، حيث تبلغ الاحتياطات التعدينية المحتملة في أفغانستان من الحديد 2.2 مليار طن، والنحاس 30 مليون طن، وخام الألمونيوم 182.5 مليون طن، والذهب 2700 كيلو جرام، والمعادن الأرضية النادرة 1.4 مليون طن، ووفقاً لمجلس الأمن الدولي فرضت طالبان رسوماً على شركات تعدين الذهب في مقاطعة راغستان فقط بنحو 200 ألف دولار شهرياً، أي تحصل على عائدات منها بنحو 2.4 مليون دولار سنوياً[98].

   2_ تجارة المخدرات: وتمثل هذه التجارة أهم مصادر تمويل حركة طالبان، حيث إنها توفر ما يصل إلى ربع الإيرادات المالية للحركة، وتصل في بعض السنوات إلى نصف الإيرادات مع تراجع المصادر الأخرى. وتسيطر طالبان على سلسلة توريد مخدر الأفيون للعالم، التي تبدأ بزراعة الخشخاش ثم تصنيعه وتهريبه إلى الأسواق الدولية عبر وسطاء آخرين, كما تشارك طالبان أيضاً في إنتاج وتصنيع مخدر الميثامفيتامين الذي يعد أكثر ربحية من الأفيون؛ لانخفاض تكلفة إنتاجه.[99]

وهذا ما يمثل أزمة كبرى بالنسبة لدول الجوار عامة وإيران خاصة، التي يزداد فيها عدد متعاطي المخدرات نتيجة لتهريب المخدرات من أفغانستان إلى إيران عبر الحدود الطويلة المشتركة بينهما، فوفقاً لتقرير للأمم المتحدة، تمول طالبان نفسها إلى حد كبير من خلال المشروعات الإجرامية بما في ذلك تهريب الأفيون والابتزاز والاختطاف من أجل الحصول على فدية، وتقدر الأمم المتحدة دخلها السنوي من خلف هذه الأنشطة بما بين 300 مليون دولار أمريكي و1.6 مليار دولار أمريكي، ومنذ تولي طالبان السلطة مرة أخرى في أفغانستان وهي تبث رسائل لطمأنة دول الجوار ومحاولة منها بذلك أن تعكس التغير في رؤيتها وذلك للحصول على الإعتراف الدولي بحكومتها، حيث قال المتحدث باسم طالبان في مؤتمر صحفي: “إن أفغانستان لن تكون دولة منتجة للأفيون بعد الآن”[100]، ولذلك سعت طالبان لطلب مساعدة المجتمع الدولي لها ومن هنا نرى أن توقف حركة طالبان عن زراعة وتجارة مخدر الأفيون متوقف على مساعدة المجتمع الدولي لها، وتلك المساعدات ذاتها متوقفة على التزام حركة طابان بما أدلت به من تصريحات حول تغير فكرها واتجاهها نحو إقامة إمارة إسلامية معتدلة، تضمن فيها حقوق فصائل المجتمع الأفغاني كافة.

3_ فرض الضرائب والإتاوات: عملت طالبان على توسيع تدفقات الإيرادات من خلال فرض الضرائب والرسوم على الطرق والمرافق والبنية التحتية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، كما فرضت طالبان زكاة على الزروع والثمار التي تبلغ 10% من قيمة المحصول، وفي السنوات الأخيرة قادت طالبان حملات ابتزاز ضد شركات خدمات الهاتف المحمول والكهرباء للحصول على الأموال نظير عدم إلحاق الضرر بمواقعهم وموظفيهم، ولطالبان مصادر تمويل أخرى أيضاً تشمل المساهمات المالية من بعض الجهات والأشخاص المؤيدين لها وتجارة بعض السلع الاستهلاكية على طول الحدود مع الدول المجاورة، فضلاً عن العائدات المالية من العقارات التي تمتلكها الحركة في أفغانستان وباكستان مما يعود عليها بدخل شهري.[101]

تناول هذا المحور الأهمية الاقتصادية لأفغانستان بالنسبة لإيران وضحاً أبرز جوانب التعاون الاقتصادي بينهما، التي تتمثل في التجارة ولجوء إيران لأفغانستان في الأزمات واستثمارات إيران في قطاعات الطاقة وغيرها في أفغانستان، كما تناول إدارة طالبان للاقتصاد الأقفاني وأهم مصادر تمويلها، لتحليل ذلك بهدف معرفة إمكانية حدوث نوع من التقارب بين أفغانستان مع إيران في ظل المنافسة الاقتصادية الدولية على الاستثمار في أفغانستان أم لا.

ثانياً_ المحدد الاجتماعي والثقافي

يعد المحدد الاجتماعي أحد المحدات المؤثرة في طبيعة العلاقات الأفغانية الإيرانية، حيث يجمع بين أفغانستان وإيران الكثير من القواسم المشتركة من بينها اشتراكهما في لغة واحدة وروابط تاريخية وثقافية وطيدة، فاللغة الدارية هي إحدى اللغتين الرسميتين في أفغانستان وينطق بها ما يقرب من 50% من السكان وترتبط ارتباطاً وثيقاً باللغة الفارسية وهي اللغة الرسمية في إيران، وبالتالي يستطيع معظم الأفغان والإيرانيين التواصل مع بعضهم البعض معتمدين على اللهجات واللكنات المحلية بالإضافة إلى ذلك فإن الملايين من الأفغان بمن فيهم الكثير من أفراد الطبقة المثقفة قد عاشوا وتلقوا تعليمهم في إيرن لذا فهم يألفون اللغة الفارسية بشكل كبير لذلك يشعر الطاجيك الأفغان المتحدثين باللغة الدراية بتقارب ثقافي مع إيران.[102]

ساعد هذا التقارب على قيام إيران باستثمار هذه الروابط الثقافية والعرقية التي تجمع بين شريحة كبيرة من الشعب الأفغاني والإيرانيين من التوغل في أفغانستان، حيث قامت إيران بتعزيز العلاقات مع عرقية الطاجيك السنية التي تتحدث باللغة الدارية التي تشابه اللغة الفارسية الإيرانية، وكذلك مع عرقية البشتون السنية التي تستولي على مناصب حساسة في مراكز صنع القرار الأفغانية، أيضاً حاولت إيران احتواء عرقية الهزارة الشيعية من خلال تقديم المنح والمساعدات المالية والدعم الاجتماعي لها وبذلك استطاعت تكوين شبكة علاقات لعبت من خلالها على المتناقضات بين مكونات المجتمع الأفغاني، ثم انتقلت إيران إلى ترجيح العلاقات المذهبية الشيعية على الروابط العرقية لبناء قاعدة سياسية صلبة جديدة تصل إلى دوائر صنع القرار الأفغانية وعليه قامت إيران بتمكين عرقية الهزارة الشيعية بشكل أكبر للوصول إلى مناصب قيادية في أجهزة الدولة الأفغانية.[103]

وتتشابك القوميات والأعراق بين أفغانستان وإيران لا سيما على جانب الحدود بين البلدين حيث تقيم القومية البلوشية في محافظة سيستان وبلوشستان شرق إيران والتي تمتد بتركيبتها العرقية إلى داخل المنطقة الغربية الأفغانية جدير بالذكر أن هذا الإقليم في إيران هو أكثر المناطق توتراً، حيث يعد مأوى للحركات السينية المناهضة للنظام في طهران هذا فضلاً عن علاقات إيران ببعض القوميات الأخرى في أفغانستان مثل القومية الطاجيكية وغيرها من القوميات التي تقطن الشمال الأفغاني وهو ما يفرض على إيران اهتماماً خاصاً بالأوضاع في أفغانستان نتيجة هذه الترابطات القومية والعرقية.[104]

ويعاني المجتمع الأفغاني العديد من المشكلات الاجتماعية التي يمتد تأثيرها إلى دولة الجوار إيران مما يسبب قلق لإيران حيال هذه المشكلات وتأثيرها على أمن واستقرار دولتها ولذلك نجد أن هذه المشكلات تلعب دور في تحديد مستقبل العلاقات بين أفغانستان وإيران، ومن هذه المشكلات مشكلة المخدرات حيث تعد مشكلة انتشار وزراعة المخدرات من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي عانت منها حكومة طالبان في عدد من المدن الأفغانية، ولاسيما الحدودية منها لتسهيل عميلة نقلها وتهريبها إلى الخارج ومن أشهر هذه المدن ثلاث ولايات هي بدخشان على حدود طاجيكستان وننجرهار وهلمند على الحدود مع باكستان.

كانت أفغانستان من صغار منتجي الأفيون في العالم قبل الاحتلال السوفيتي لأفغانستان عام 1979، لكن الفوضى التي أصابت البلاد خلال العشرين سنة من الحرب قد أثرت على الاقتصاد الذي كان أحد ضحايا هذا الصراع فتوقفت الصناعة وكسدت التجارة، أما الزراعة فقد تضررت بشكل كبير بسبب اتباع السوفييت سياسة الأرض المحروقة مما دفع المزارعون إلى زراعة الخشخاش نظراَ لغلاء ثمنه كي يستطيعوا سد حاجاتهم اليومية.

زادت كمية الإنتاج في عهد حكومة طالبان، وأفادت دراسة أعدتها الأمم المتحدة أن أفغانستان احتلت المرتبة الأولى في إنتاج الأفيون عام 1998 ويعود ذلك إلى تشجيع حكومة طالبان المزارعين على زراعة الخشخاش، ولتبرير زراعتها أصدر علماء الدين فتوى دينية عام 1996 بجواز زراعة المخدرات وكان المبرر لهذه الفتوى الدينية هو تأمين مصادر الدخل لحركة طالبان من تجارة الأفيون، ولكن نسب إنتاج الأفيون أثارت المجتمع الدولي حيث أظهرت دراسة ميدانية لبرنامج الأمم المتحدة حول الرقابة الدولية على المخدرات لعام 1998 إن حكومة طالبان تسيطر على 96% من إنتاج الأفيون في البلاد.[105]

وفي الوقت الذي كانت ترى فيه طالبان في زراعة المخدرات مصدر للدخل القومي لها كانت تعاني إيران من أعلى معدلات تعاطي المخدرات في العالم، فبحسب إحصاءات إيران هناك ما يقرب من مليوني إيراني من مدمني المخدرات، وخصوصاً الهيروين وغيره من مشتقات الأفيون الأخرى وأفغانستان التي تعتبر أكبر منتج للأفيون في العالم تعد المصدر الرئيسي لمشكلة المخدرات التي تدخل إيران، إذ تعتبر إيران أيسر الطرق أمام أفغانستان للوصول إلى الأسواق المربحة في أوربا وما وراءها، ومن ثم فإن الكثير من المخدرات الأفغانية تمر عبر الحدود مع إيران وقد زعم أحد المسئولين بأن “أربعين في المائة من الأفيون الذي يمر عبر إيران يتم استهلاكه داخل إيران” وما من شك في أن اقتصاد إيران المتدهور قد زاد من تعقيد مشكلة المخدرات التي تعاني منها البلاد، فالشباب الإيراني الذي يشكل الغالبية العظمى من سكان إيران يواجه البطالة والركود الاقتصادي ومن ثم فإن الكثير منهم حين تخبو آمالهم ينجذبون إلى المخدرات كحل أو ملاذ مؤقت.[106]

ورغم أن إيران لا تملك من الموارد ما يكفي لمنع تدفق المخدرات عبر أراضيها بشكل كامل إلا أنها تبذل قدراً كبيراً من الجهد في هذا الصدد، فبحسب تقارير الأمم المتحدة تصادر إيران من الهروين والأفيون أكثر مما تفعل أى دولة أخرى، أيضاً قامت إيران بنشر الآلاف من عناصر إنفاذ القانون وقوات الحرس الثوري على طول حدوها، بالإضافة إلى ذلك كانت إيران طرفاً مهما في إطار جهود مكافحة تجارة المخدرات الأفغانية، فمنذ عام 2008 كانت طهران تستضيف خلية التخطيط المشتركة للمبادرة الثلاثية وهي منتدى بوساطة من الأمم المتحدة تتبادل فيه كل من إيران وباكستان وأفغانستان المعلومات الاستخباراتية بشأن تهريب المخدرات ويقومون بتنفيذ عمليات اعتراض مشتركة لتلك النشاطات.[107]

وعلى الرغم من تلك الجهود المشتركة لا تتفق إيران وأفغانستان بشكل كامل حول هذه المسألة ففي الوقت الذي تبذل إيران قصارى جهدها للتغلب على هذه المشكلة، نجد حركة طالبان تستغل مشكلة المخدرات كورقة ضغط على المجتمع الدولي لانتزاع اعتراف رسمي من المجتمع الدولي بإمارة أفغانستان الإسلامية حيث أبلغ رئيس حكومة طالبان الملا محمد عمر مكتب مكافحة المخدرات التابع للأمم المتحدة في إسلام آباد في باكستان إن حكومة طالبان لديها رغبة في تطبيق برامج بديلة لزراعة الأفيون على أن يتم توفير التمويل الدولي اللازم لتشجيع المزارعين على زراعة محاصيل بديلة وبهذا فقد ربطت حركة طالبان سياسة الحد من زراعة الأفيون وتهريبه إلى أوربا الغربية بالمساعدات الدولية.

من خلال ما سبق نستنتج أن المحدد الاجتماعي سوف يكون له دور فاعل ومؤثر في مستقبل العلاقات بين أفغانستان وإيران بعد عودة طالبان للحكم مرة أخرى وذلك بحكم وجود العديد من المشكلات الاجتماعية بين البلدين، وهذه المشكلات قد تشكل سلاح ذو حدين لكل من أفغانستان وإيران فمن الممكن أن يؤدي المحدد الاجتماعي إلى حدوث نوع من التقارب بين طالبان وإيران وقد يحدث العكس وتتحول العلاقات بينهم إلى علاقات صراعية، ففيما يتعلق بمشكلة اللاجئين تعد هذه المشكلة مصدر قلق لإيران وذلك بسبب الحدود المشتركة بينها وبين أفغانستان حيث تأتي إيران في المرتبة الثانية بعد باكستان كوجهة للاجئين الأفغان وفي ظل التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه إيران بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من أمريكا، من الممكن أن تستخدم مشكلة اللاجئين كورقة ضغط على طالبان وتهدد بطرد اللاجئين الأفغان وترحيلهم إلى أفغانستان، وفي هذه الحالة سوف تواجه أفغانستان مشكلة كبيرة فمن الصعب أن تستقبل هذه الأعداد الهائلة من الأفغان المقيمين خارج الدولة وهي تعاني من تدهور اقتصادي وتحاول إعادة بناء الدولة.

على الجانب الآخر نجد أن طالبان تستخدم مشكلة المخدرات أيضاً كورقة ضغط على المجتمع الدولي وذلك من أجل الحصول على الاعتراف الدولي بها كفاعل دولي، أما بالنسبة لإيران فهي تعاني من مشكلة المخدرات حيث نجد أعلى معدلات تعاطي المخدرات موجودة في إيران مما يؤثر على اقتصادها وعلى سكانها، وهنا نجد أنه إذا لم يحدث تقارب وتعاون بين كل من حركة طالبان وإيران لحل هذه المشكلات فسوف تكون هذه المشكلات سبب للعداء والصراع بينهما.

وبعد أن تعرفنا على دور المحدد الاجتماعي في مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية ننتقل إلى محدد أخر وهو المحدد الإيدلوجي لمعرفة كيف يمكن لهذا المحدد أن يؤثر في مستقبل العلاقات بين حركة طالبان وإيران.

– البعد الثقافي

تعد طالبان بالأساس حركة سنية حنفية مسلحة تعادي في جميع الأحوال العقيدة الشيعية الاثنى عشرية التي يقوم عليها النظام في طهران، مما يعني أن طالبان تشكل تهديداً ثقافياً لنفوذ إيران في منطقة آسيا الوسطى ولنموذجها في الحكم حيث لن تستطيع إيران العبور إلى دول آسيا الوسطى من دون رخصة من قبل طالبان وسيعزز من هذا العائق أن أغلب شعوب آسيا الوسطى من المسلمين السنة وقليل منهم من المسلمين الشيعة مثل طاجيكستان.[108]

تقدم إيران نفسها باعتبارها حامية للشيعة في أفغانستان والعالم، وتشير التقديرات إلى أن الشيعة في أفغانستان يقدرون بنحو 10% إلى 20% من السكان ومعظمهم من الطائفة الاثنى عشرية التي تهيمن على إيران وتتمتع بعلاقات قوية مع شيعة أفغانستان خاصة قبائل الهزارة كما أن هناك قبائل شيعية أخرى مثل قبيلة الفرسيوان وقيزلباش السيدز.[109]

حتى سنوات قليلة ظلت إيران ترى طالبان حركة إسلامية سنية تمارس الاضطهاد ضد الأقلية الشيعية، مما جعلها في تسعينات القرن الماضي خلال فترة حكم طالبان الأولى بين عامي 1996 و2001  تعمل على تمويل القوى المناهضة لطالبان ودعمها وبلغت التوترات بين طالبان وإيران ذروتها عام 1998 عندما قتلت طالبان العديد من أفراد الهزارة وتسعة مواطنين إيرانيين ثمانية دبلومسيين وصحفياً من العاملين في قنصلية طهران في مدينة مزار شريف.[110]

تعود مخاوف إيران من عودة طالبان إلى السلطة مرة أخرى إلى احتمالات تكرار الحركة عمليات الاستهداف على أساس طائفي للشيعة الهزارة لكنها مخاوف تبدد بعضها البعض بعد فتح قنوات اتصال بين قيادات طالبان والحكومة الإيرانية والحرس الثوري الإيراني، فبرغم التفاوت الطائفي بين قادة طالبان الذين يعتنقنون المذهب الحنفي السني وقادة أقلية الهزارة الشيعية وموقف طالبان السابق في مرحلة حكمها الأولى من هذه الأقلية، إلا أن الحركة بدت أكثر انفتاحاً عليها بعد أن أقامت علاقات على مستويات عدة سياسية وعسكرية مع الحكومة الإيرانية والحرس الثوري وبحسب ما تقدم جاء تعيين الحركة نائب رئيس حزب الوحدة الإسلامي ( حزب شيعي ) “المولوي مهدي مجاهد”، وهو شيعي ، حاكماً لمديرية “بلخاب” في ولاية سربل شمال البلاد في إبريل 2020 وقائداً لقوات الحركة في الولاية، ومنذ الأيام الأولى لسيطرة طالبان على كابول في أغسطس 2021 أرسلت طالبان رسائل عدة منها السماح بإقامة مراسم ذكرى عاشوراء وزيارة المساجد الشيعية من كبار قادة طالبان وغيرها من الخطوات والتصريحات الهادفة لإزالة بواعث القلق الإيراني على الأقلية الشيعية في أفغانستان.[111]

لكن على الرغم مما أعلنته طالبان عن تغيير سياستها تجاه الأقلية الشيعية إلا أنه ظهر على السطح بعض المؤشرات التي توحي بعودة طالبان إلى سابق عهدها في تعاملها مع أقلية الهزارة الشيعية سواء من خلال شن هجمات الاعتقال أو القتل والتهجير القسري، أو ما يتعلق بحرمانهم من ممارسة طقوسهم الدينية أو الاعتداء على رموزهم الدينية مثل هدم رأس تمثال زعيم الهزارة عبد علي مزاري في باميان بعد أيام من استيلاء الحركة على كابول.[112]

بناء على ذلك من المتوقع أن تواجه إيران التي انتدبت نفسها حامية للشيعة ووصية عليهم وداعمة لهم حول العالم الكثير من التحديات في علاقاتها مع طالبان للتوفيق بين مصالحها الحيوية في أفغانستان والانتهاكات التي تتعرض لها أقلية الهزارة في ظل حكومة طالبان التي طردت خلال سبتمبر الماضي 1200 أسرة من أقلية الهزارة الشيعية من منازلهم في سياق عمل ممنهج يشمل مقاطعات وولايات أخرى مثل أروزكان.[113]

أيضاً سيثير فشل حكومة طالبان في حماية المساجد الشيعية قلق السلطات الإيرانية بعد تعرض أحدها في ولاية قندهارشمال شرق أفغانستان في 9 أكتوبر 2021 لهجوم انتحاري تبناه تنظيم داعش الذي أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من مئة من المصلين الشيعة.

وعن علاقة طالبان بالشيعة يقول أحد الشيعة المعممين في طهران ويدعى مسعود نورزي ويطلق على نفسه ناشط اجتماعي: إن تهديدات طالبان للهزارة الشيعة في أفغانستان لا تستهدف مجموعة عرقية صغيرة في أفغانستان بل إن طالبان تنظر إلى كل شيعي بأنه هزارة، فالشيعي الفارسي في طهران أو التركي في تبريز أو العربي الذي في كربلاء والنجف في بيروت وصنعاء كلهم هزارة عند طالبان ويجب محاربتهم وهذه هي نظرة الشيعة الأفغان لطالبان أنها تستهدفهم، بينما واقع الحال يقول أن طالبان أرادت التوافق مع جميع المكونات للشعب الأفغاني سواء كانت مكونات عرقية أو مذهبية [114].

في ضوء ما سبق نجد أن المحدد الأيدلوجي يشكل جدلاً واسعاً بشأن مستقبل العلاقات بين أفغانستان وإيران في ظل عودة طالبان للحكم حيث تتعارض الآراء بشأن هذا المحدد فبالنسبة لطالبان تتناقض الآراء حول كيفية تعاملها مع الأقليات الموجودة في أفغانستان وخاصة الأقلية الشيعية ففي الوقت الذي بعثت فيه طالبان رسائل إيجايبة بشأن الأقليات تنطوي على احترام الأقليات وتعزيز حقوقهم والتعهد بحمايتهم وحرص قادة طالبان على طمأنة جميع القوميات في مناسبات عديدة وتأكيد طالبان على الالتزام بحماية الأقليات والسماح لهم بإقامة شعائرهم الدينية حيث سمحت الحركة للشيعة الأفغان بإحياء ذكرى عاشوراء، نجد طالبان في مواقف أخرى تمارس العنف ضد الأقليات وتصرح بأن حكومتها لن تقوم على أساس العرق وقد ظهر ذلك في ردها على طلب أن تكون الحكومة الأفغانية حكومة شاملة تعكس التركيبة العرقية والديموغرافية لأفغانستان حيث اشترط النظام الإيراني إقامة علاقات طبيعية مع طالبان بشرط تشكيل حكومة أفغانية تشمل المكونات الشيعية، كما ربطت إيران اعترافها الرسمي بحكومة طالبان  بتشكيل حكومة شاملة، وفي ضوء ما طلبته إيران قامت طالبان بالرد ضمناً وبشكل غير مباشر على إيران حيث صرح ذبيح الله مجاهد خلال المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه عن الحكومة الجديدة بأن “حكومتنا لن تقوم على أساس العرق ولن نسمح بهذا النوع من السياسة”.[115]

لذلك نجد أن وجود الشيعة في أفغانستان من الممكن أن يسبب مشكلة بين طالبان وإيران، فهناك من يرى أن إيران تستخدم وجود الشيعة كورقة ضغط في علاقاتها مع طالبان باعتبارها تقدم نفسها حامية للشيعة في العالم ففي حالة تعرض الشيعة للاضطهاد من طالبان سوف تتدخل إيران للدفاع عنهم وحمايتهم من خلال استخدام المليشيات الموالية لها وعلى رأسها لواء فاطميون الذي يضم الشيعة الأفغان الذين تم تدريبهم على يد الحرس الثوري الإيراني وتم استخدامهم في سوريا عام 2012، أيضاً يمكن لإيران أن تقوم بإحياء تحالف “قبائل الشمال” خاصة أن إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس الحالي، كان يتمتع بصلات قوية بأبناء أمراء الحرب السابقين مثل أحمد مسعود نجل أحمد شاه مسعود، وصلاح الدين رباني نجل برهان الدين رباني، في محاولة لتذكير طالبان بأنه مازال لديها نفوذ في أفغانستان.

وفي حين أن هذا الرأي يرى أن المحدد الثقافي من الممكن أن يسبب نوع من العداء بين طالبان وإيران نجد رأي أخر يقول أن إيران لن تترد لحظة واحدة في أن تتعاون مع أي طرف يمكن توظيفه لتحقيق مصالحها وهو ما تم رصده لسنوات طويلة بشأن علاقتها مثلاً بتنظيم القاعدة المحسوب سنياً من الناحية المذهبية وبتنظيم داعش أيضاً الذي رغم مقاتلتها له كانت تستخدمه في كل من العراق وسوريا وذلك كما صرح خبير الشئون الإيرانية الكاتب الصحفي أسامة الهتيمي، وفي هذا الإطار نجد أن رغم الاختلافات الثقافية بين طالبان وإيران فإن كلاهما يتعاون في تحقيق المصالح والأهداف المشتركة، التي جعلتهما يتجاوزان خلافاتهما الثقافية.

ومن خلال ما سبق نستنتج أن المحدد الاجتماعي والثقافي سوف يشكل سلاح ذو حدين في مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية فمن الممكن أن يكون هذا المحدد سبباً للتقارب بين الدولتين ومن الممكن أن يكون سبباً للعداء وسوف يحدد الآلية التي سوف يُستخدم بها هذا السلاح مجموعة المحددات الأخرى المرتبطة به.

تناول الفصل أهم المحددات المؤثرة في العلاقات الأفغانية الإيرانية وهي محددات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية وأيدولوجية وتكنولوجة، والقضايا الخلافية التي تؤثر في مستقبل العلاقات بين أفغانستان وإيران في ظل حكم طالبان ومنها مشكة اللاجئين، والمخدرات، والعرقيات والأقليات المشتركة بين البلدين، واشكالية تقسيم المياه، وعودة التنظيمات الإرهابية، وشكل حكومة طالبان، وقضية بناء الجيش الأفغاني، ومستقبل الاقتصاد الأفغاني في ظل حكومة طالبان وأهمية كلتا الدولتين بالنسبة لبعضهما البعض، ودور العامل التكنولوجي في مستقبل العلاقات بين الدولتين. فهذه المحددات هي التي تحدد كيف ستكون شكل العلاقات بين أفغانستان وإيران، وإن كانت هذه المحددات تشير باستمرار العداء بين أفغانستان وإيران في ظل حكم طالبان كما كان في فترة حكمها الأولى.

الفصل الثاني

تأثير القوى الخارجية في العلاقات الأفغانية الإيرانية

يتناول هذا الفصل تأثير القوى الخارجية الكبرى منها والإقليمية في العلاقات الأفغانية الإيرانية، حيث تتأثر العلاقات الأفغانية الإيرانية بمجموعة من القوى الخارجية التي تنقسم إلى قوى عالمية وهم: (الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، والمؤسسات الدولية)، وقوى إقليم مباشر وهم: (باكستان والهند)، وقوى إقليم غير مباشر وهم: (المملكة العربية السعودية، وقطر، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة). فكل هؤلاء الدول يؤثروا بشكل مباشر أو غير مباشر في مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية.

المبحث الأول

القوى الإقليمية والعلاقات الأفغانية الإيرانية

يتناول هذا المبحث تأثير القوى الإقليمية في العلاقات الأفغانية الإيرانية، وتوضيح موقف كل دولة من التطورات الأخيرة في أفغانستان بعد سيطرة جماعة طالبان على السلطة، ومدى تأثير كل دولة ومصالحها مع جماعة طالبان في العلاقات الأفغانية الإيرانية.

أولاً_ تأثير باكستان في العلاقات الأفغانية الإيرانية

تعد باكستان تاريخياً أحد الداعمين لطالبان وأكثر الدول انغماساً في أفغانستان خلال العقود الأخيرة، فباكستان كانت الداعم الرئيسي لجماعة طالبان في أعقاب الانسحاب السوفيتي في أواخر الثمانينات والحرب الأهلية في أوائل التسعينات من القرن العشرين، كما كانت باكستان أيضاً من ضمن الدول الثلاثة  التي اعترفت بنظام طالبان عندما سيطر على أفغانستان في عام 1996[116]

ويشار في هذا الصدد إلى أن طالبان في الأساس نشأت بدعم باكستاني سعودي حيث قدمت لها الدعم العسكري والمادي بصورة دورية، كما وفرت المأوى لمجلس قيادة حركة طالبان، ولا تزال عائلات العديد من قادة ومقاتلي طالبان يعيشون في المحافظات الغربية لباكستان.  فباكستان كانت تناصب العداء للحكومة الأفغانية السابقة حيث كان الصراع قائم بينهما، ويرجع ذلك إلى التقارب بين الحكومة الأفغانية والهند العدو اللدود لباكستان، والامتداد الإثني لقبائل البشتون الموجودة بين باكستان وأفغانستان التي ينتمي إليها كثير من عناصر طالبان، ولذلك أتخذت  طالبان باكستان مقراً لها بعد هزيمتهم من الولايات المتحدة الأمريكية، وكثير من قادة وأعضاء طالبان يتمركزون على المنطقة الشرقية من أفغانستان بالقرب من الحدود الباكستانية وخاصة معبر سبين بولداك التي يحصلون من خلاله على الدعم العسكري في تنفيذ هجماتهم على الحكومة الأفغانية في أفغانستان.[117]

تشكلت الأسس الأيديولوجية لجماعة طالبان في مدارس كويتة وبيشاور الدينية الباكستانية، وترتبط  طالبان مع باكستان بعلاقات ثقافية وإثنية ودينية. كذلك لباكستان تأثير مباشر وعميق على بعض قادة طالبان ومقاتليها، فيحتفظ الجيش الباكستاني، وخاصة خدمات الاستخبارات العسكرية الداخلية بنفوذ كبير على طالبان رغم الأراضي الكثيرة التي كسبتها طالبان في أفغانستان، فسيطرة طالبان على الحكم مجدداً يخدم باكستان ويعطيها فرصة لترسيخ نفوذها الإقليمي في المنطقة ذلك أن أفغانستان تعد العمق الاستراتيجي لباكستان، وذلك أيضاً يعزز توثيق تحالف باكستان الاستراتيجي مع الصين.[118]

بعد سقوط الحكومة الأفغانية السابقة تسعى باكستان إلى توسيع نفوذها في أفغانستان عبر طالبان، وتحجيب وإفساد الخطط والمشروعات الهندية في أفغانستان على الجانب الاقتصادي، حيث كانت ترغب الهند في إدماج أفغانستان في ممر شمال_ جنوب، وذلك عبر الاستثمار في ميناء تشابهار الإيراني، التي تسعى الهند من خلاله إلى منافسة ميناء جودار الباكستاني، بالتالي رجوع  طالبان مرة أخرى للسيطرة على أفغانستان والعلاقات الودية والتفاهم بينها وبين باكستان سيفسد ويقوض من الاستثمارات والمشروعات الهندية في ميناء تشابهار الإيراني وفي داخل أفغانستان. وعززت باكستان العلاقات بينها وبين جماعة طالبان من أجل مواجهة النفوذ الهندي في منطقة آسيا الوسطى. وامتد دور باكستان المحوري لإقناع طالبان بالمشاركة في المحادثات مع الإدارة الأمريكية السابقة في عام 2020 وفي مفاوضات السلام في الدوحه.

كذلك تسعى باكستان إلى تعزيز نفوذها ومكاسبها الاستراتيجية في أفغانستان بوجود طالبان، فمن خلال طالبان تستطيع باكستان دعم حركات المقاومة الكشميرية، والتي تتخذ من أفغانستان مقراً لها، وهو ما يكسب باكستان أداة جديدة من أدوات الضغط في مواجهة الهند على المستوى الأمني والاستراتيجي، أما على المستوى الاقتصادي تستطيع باكستان أن تعصف بالخطط والمشروعات الهندية الرامية إلى الربط آسيا الوسطى بميناء مومباي مروراً بميناء تشابهار في إيران، الذي يربط الشمال_ الجنوب من خلال أفغانستان، وبذلك تستطيع باكستان التعاون مع الصين في تنفيذ مشروع يربط أفغانستان بخطة ومشروع الصين مبادرة “الحزام والطريق”.[119]

تعد باكستان من أكثر الدول استفادة من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وعودة طالبان لأن ذلك يضمن لباكستان عمقها الاستراتيجي وتقليص الدور الهندي في أفغانستان والذي ازداد كثيراً خلال العقدين الماضيين. وبما أن أفغانستان دولة حبيسة، وبلا منفذ بحري هذا يجعل أفغانستان دوماً في حاجه لباكستان، وأيضاً تعد أفغانستان الممر الاقتصادي لباكستان نحو دول آسيا الوسطى، والصين، وهذا الممر يدعم المشاريع الصينية_الباكستانية التي تقام في باكستان والتي تقدر ب 60 مليار دولار، لذا تدعم باكستان حركة طالبان، وتريد باكستان أن تستقر الأوضاع في أفغانستان، لتنفيذ مشاريعها مع الصين. كما يوجد مخاوف لدى باكستان، حيث تخشى أن رجوع طالبان يعطي دفعة للجماعات الأصولية المتشددة داخل باكستان، وخاصة طالبان الباكستانية، التي نفذت كثير من العمليات الإرهابية في باكستان، وقتلت عشرات الآلاف من الباكستانيين، وهي تستقر في أفغانستان، ويذكر أن طالبان الأفغانية رفضت الاعتراف بحركة طالبان الباكستانية أو أن تكون متداداً لها، لأنها حركة وليدة وذات قيادة وفكر وسياسة مختلفة عنها. تريد باكستان من طالبان أن تمنع أي هجمات أرهابية من قبل حركة طالبان الباكستانية التي تطلقها عبر الحدود من ملاذاتها الآمنة في الأراضي الأفغانية.[120]

 

وكذلك تتخوف باكستان بعد عودة طالبان الأفغانية من التطورات في أفغانستان إذا ما انزلقت نحو حرب أهلية، ويكمن تخوف باكستان من أن يدفع الصراع بين طالبان والحكومة الأفغانية في حاله استمراره إلى تدفق المزيد من اللاجئين الأفغان إلى باكستان التي تعد أكبر دولة في استقبال اللاجئين الأفغان، الذي يقدر عددهم بثلاثة مليون لاجىء أفغاني نتيجة الحرب السوفياتية.

أصبح النفوذ المتنامي لباكستان في أفغانستان يزعج إيران بشكل كبير، والتي تعد الخصم الأبرز لها في المنطقة. وتبقى أفغانستان المصد الأكبر للتنافس بين باكستان وإيران، فعلى الرغم من التعاون الاقتصادي بين البلدين، الإ أن هناك ارتياب متبادل بشأن ما يجري من تطورات في تلك المنطقة. فإن الأهمية المحورية التي تمثلها أفغانستان في المصالح القومية لباكستان هي أكبر من أهميتها المحورية بالنسبة للمصالح القومية لإيران، فإيران تستطيع من خلال دول آسيا الوسطى فتح أسواق لها وتمثل منفذ لها، أما باكستان فتمثل أفغانستان طريقاً مباشراً لها ومنفذ اقتصادي نحو دول آسيا الوسطى. ومن المتوقع أن تحصل باكستان على ورقة ضغط على إيران بعد سيطرة طالبان على حكم أفغانستان، وبما أن باكستان ترتبط بعلاقات ودية وقوية بطالبان على الصعيد الأمني والاجتماعي، وذلك من الممكن أن يسمح لأجهزة الأمن الباكستانية الاقتراب من الحدود الإيرانية، ما يرفع احتمالية توسيع نفوذها في داخل إيران وخاصة عبر إقليم سيستان وبلوشستان.[121] وحتى الآن لم تعترف باكستان بحكومة طالبان، ولكن من المتوقع اعترافها في وقت قريب.

ثانياً_ تأثير الهند في العلاقات الأفغانية الإيرانية

تعد الهند من الدول التي تنظر بعين الريبة والقلق من تحقيق طالبان أي انتصار في أفغانستان، وزادت مخاوفها بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، فقد شاركت الهند بقوة في الحرب الدولية على أفغانستان للإطاحة بطالبان التي هي في نظر الحكومة الهندية أحد الأعداء الخطرين الذين يهددون أمن الهند، ومن المعروف تاريخياً أن هناك عداء تقليدي قديم بين الهند وأفغانستان وذلك لأن العديد من الأسر الإسلامية الأفغانية اجتاحت أراضي الهند وأسست فيها دولاً إسلامية من أبرزها الدولة الغزنوية والدولة الخليجية.[122]

وترجع أسباب قلق الهند بشأن سيطرة طالبان على الحكم إلى خوف الهند من سيطرة طالبان على كشمير فقد شكل المقاتلون البشتون المتواجدون في أفغانستان وباكستان أحد تحديات الهند لطموحاتها في كشمير، حيث تمكن هؤلاء المقاتلون من وقف تقدم الجيش الهندي في كشمير في أعقاب عام 1947 وساعدوا الجيش الباكستاني على الاحتفاظ بثلث كشمير.[123]

لذلك لا يقل قلق الهند عن قلق دول الجوار لأفغانستان إيران وروسيا وحتى الصين، فإن إعلان حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية انسحابها من أفغانستان يعتبر خسارة كبيرة للهند بالنسبة لاستراتيجيتها في جنوب آسيا، وخاصة لحليف قوى مثل الولايات المتحدة الأمريكية هذا الحليف الذي أمن حدود الهند الشمالية من نفوذ الحركات الإسلامية المتشددة.

ونتيجة لذلك كانت الهند تؤيد الوجود الأمريكي في أفغانستان، حيث أن أمريكا تريد أن تلعب الهند دوراً محورياً في أفغانستان ولذلك تعمل على طمأنتها أن كل الأمور في أفغانستان تسير بخير ولا داعي للقلق من الاستثمار فيها، وذلك لأن الهند لعبت دوراً إيجابياً في عملية بناء الدولة المدنية الأفغانية من خلال حزمة من المعونات التنموية في المجالات الحيوية والتكنولوجية التي بلغت قيمتها 3 مليار دولار، بالإضافة إلى عملية التسهيل التجاري الواسع الذي بلغت قيمته أكثر من مليار دولار في الفترة من 2019 حتى2020 لذلك يخشى المسئولون الهنود من أن تذهب هذه الجهود أدراج الريح، كانت استثمرت أكثر من 3 مليون دولار في أفغانستان وكان لها تبادل تجاري وصل إلى 850 دولار، وهنا نجد أن مخاوف الهند بشأن عودة طالبان تتمثل في الخوف على مصالحها واستثمارتها الموجودة في أفغانستان، ومن خلال ما سبق نجد أن العلاقة بين الهند وحركة طالبان تتسم بنوع من التوتر وعدم الوضوح، فالهند تعادي الحركة وذلك يرجع إلى عداء الهند لباكستان التي تعد من أكثر الدول دعما لحركة طالبان.[124]

ورغم تأكيد طالبان على سياسة عدم التدخل في منطقة كشمير في أول بياناتها واتصالاتها مع المسئولين الهنود بشكل واضح وصريح، إلا أن طالبان بعد وصولها الحكم بوقت قصير غيرت مسارها وجعلت أكبر مخاوف الهند مبررة فقد تتحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية التي تستهدف كشمير وفي مقابلة حديثة مع قناة “بي بي سي” قال المتحدث الرسمي باسم الحركة “سهيل شاهين” أن جماعته تنوي رفع صوتها دعماً للمسلمين في كشمير وأعاد التأكييد على هذا الأمر أكثر من مرة أثناء المقابلة.[125]

أما عن علاقة الهند بإيران ودورها في التأثير في العلاقات الأفغانية الإيرانية نجد أن لدى أفغانستان علاقات تاريخية عميقة مع إيران والهند، لكن تعاون إيران والهند مع أفغانستان بدأ بعد الانسحاب السوفيتي من البلد فقبل ذلك كانت مصالح الهند وإيران متصادمة ولكن بعد عام 2001 أصبحت علاقات إيران والهند متقاربة في أفغانستان وتحول ميناء شابهار إلى عنوان لهذه العلاقات الثنائية وتم اعتبار هذا الميناء علامة على تلاقي مصالح أفغانستان وإيران والهند.[126]

لذلك ازدات أهمية إيران لدى الهند بشكل كبير خلال عام 2020 ولاسيما في الأشهر الأخيرة منذ انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، حيث شكل استيلاء طالبان السريع على أفغانستان مصدر قلق عميق في نيودلهي، وينتاب الهند القلق من احتمال تحول أفغانستان إلى مركز للإرهاب العابر للحدود، أيضا تتخوف الهند من أن تصبح أفغانستان قاعدة يمكن لباكستان من خلالها استغلال نفوذها العميق مع طالبان لاستهداف المصالح الأمنية للهند، كما ينتاب نيودلهي القلق من أن الصين التي تبحث عن تمويل البنية التحتية لأفغانستان قد تستغل علاقاتها مع طالبان لتقريب البلاد من فلكها.[127]

وهنا يظهر لدينا إختلاف بين موقف الهند من الوجود الأمريكي في أفغانستان وبين موقف وإيران فبينما ترفض إيران وجود أمريكا في المنطقة، نرى الهند في موقف داعم ومؤيد للوجود الأمريكي في أفغانستان.

ثالثاً- تأثير دول الخليج في العلاقات الأفغانية الإيرانية

تعود سياسات دول الخليج نحو أفغانستان إلى 1979 أثناء وجود الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، هو إتباعهم سياسة حذرة في التعامل مع طالبان، ويذكر في هذا الصدد أن السعودية والإمارات من أكثر الدول الخليجية التي دعمت  المقاومة الأفغانية ضد الاتحاد السوفيتي كما اعترفا بحكومة طالبان رسمياً 1996، كما ترى السعودية والإمارات أن تقارب طالبان مع إيران يمثل تهديداً أيديولوجياً لأمن النظام لديهم، لذلك تعمل كل من السعودية والإمارات علي إحداث التوازن، علي عكس ذلك لا ترى قطر في تقارب إيران وطالبان تهديداً لها والدليل علي ذلك تستضيف الدوحة مفاوضات من أجل الاستقرار والسلام في أفغانستان وان الهدف المشترك من سياسات الدول الثلاثة هو تحقيق مكاسب إستراتيجية في علاقاتهم مع الغرب، ويعد العامل الإيراني من العناصر المشكلة لسياسة الخليج تجاه أفغانستان وذلك رغم وجود اختلافات مذهبية وأيديولوجية بين إيران وطالبان، الا أن العلاقات بينهم شهدت تطور خارج الإطار التقليدي.

تعتبر السعودية من أولى الدول التي أعترفت بحكومة طالبان، وهي واحدة من أصل ثلاثة دول اعترفت بطالبان، تعاونت السعودية مع الولايات المتحدة الأمريكية ضد الاحتلال السوفيتي 1979 في أفغانستان، وقد دعمت السعودية طالبان، ورغم الاختلافات الأيديولوجية بين طالبان والسعودية فقد قدمت السعودية مساعدات إلي طالبان ب 4 مليار دولار، و دعمت السعودية طالبان لوجستياً بين 1980-1990، بالإضافة إلي تمويل السعودية عملية (سيكلون) وهي العملية التي أطلقتها أمريكا ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان وتعتبر هذه العملية هي الأطول والأكثر تكلفة، ولم تكتفي السعودية بالدعم المالي فقد دعمت طالبان دبلوماسياً، كما كانت علي قائمة الدول التى تزود طالبان بالسلاح، لكن هذا التعاون لم يستمر طويلاً وذلك بسبب طلب السعودية تسليم زعيم تنظيم القاعدة السعودي أسامة بن لادن  لأمريكا وهو ما رفضته طالبان وكان سبباً في انهيار العلاقات بين السعودية وطالبان، وقد أنقطعت العلاقة بين الدولتين بعد أحداث 11 سبتمبر، حاولت السعودية استضافة مفاوضات بين طالبان والحكومة الأفغانية 2008 لكن هذه المفاوضات فشلت وانتهت عام 2009، ومنذ ذلك الوقت تحولت السياسة السعودية إلى سياسة سلبية في المعادلة الأفغانية.[128]

تعمل الإمارات على إدارة الأزمة في أفغانستان من خلال التحرك دبلوماسياً من أجل إصلاح العلاقات مع الغرب، لكن بعد تحول السياسة السعودية إلى سياسة سلبية فقد اتبعت الإمارات في التعامل مع طالبان سياسة يطغى عليها الجانب العسكري، فقد أرسلت الإمارات وحدة عسكرية إلى قوة الدعم الدولي في أفغانستان وكانت بذلك أول دولة عربية ترسل قوات إلي أفغانستان لتحقيق الأهداف الأمريكية، وقد استضافت الإمارات الرئيس الأفغاني( أشرف غني)، وأكدت علي انها لن تبقي بعيدة عن أفغانستان.[129]

قد جمعت بين الإمارات وطالبان عوامل اقتصادية وعوامل سياسية تخص كل طرف منهم ومازالت هذه العوامل تدفعهم للتعامل والتواصل فيما بينهم، فقد بلغ عدد الأفغان في الإمارات 100000 ألف وكانت الإمارات منفذ العمالة الأفغانية والخطوط الجوية في الشرق الأوسط لطالبان، كما ان هناك بعض المشاريع والمصالح الاقتصادية الإماراتية التي تتطلب تأمين داخل أفغانستان لذلك تحولت الإمارات إلي مركز لاستثمار طالبان.

تبنت الإمارات سياسة أكثر عداء للحركات الإسلامية منذ الثورات العربية ولكنها سعت إلي إستعادة علاقتها الجيدة بطالبان 2011 بعد تدهورها فى11 سبتمبر 2001 وقد رفضت طالبان فتح مكتبها في أبو ظبي وهذا أغضب الإمارات ولكن أبقى الطرفان على علاقة جيدة فيما بينهما، واستضافت الإمارات أحد اللقاءات التفاوضية بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 2018.[130]

تأثير السعودية والإمارات في العلاقات الأفغانية الإيرانية

العامل الإيراني من أهم محددات سياسة السعودية والإمارات والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور العلاقات بين طالبان وإيران، وبسبب التقارب التكتيكي بين طالبان و إيران فإن ذلك يمثل إزعاج لكل من الإمارات والسعودية ، ومن أجل تحقيق موازنة طالبان في أفغانستان، فقد تعطي حكومة الرياض وأبو ظبي الأولوية لعناصر القوة الناعمة، وأعلنت منظمة العالم الاسلامي في مكة 2021 أن طالبان غير شرعية وتتبني العنف منهجاً لها.[131]

تعد قطر بأنها اللاعب الخليجي الأكثر فعالية في التعامل مع القضية الأفغانية وذلك بسبب قيامها بدور الوساطة بين الولايات المتحدة الأمريكية وطالبان منذ 2013، كما لا ترى قطر في تقارب طالبان و إيران تهديداً لأمن  نظامها، كما استضافت الدوحة مفاوضات من أجل تحقيق الاستقرار والسلام في أفغانستان ، شاركت قطر في العمليات السياسية-الدبلوماسية بين طالبان وأمريكا من خلال دور الوساطة وإدارة مطار حامد كرزاي الدولي، سمحت قطر بفتح طالبان مكتباً لها في الدوحة بدعم من ألمانيا لتقوم بدور الوساطة منذ 2010، لكي تحظى قطر بقبول في أفغانستان سواء من جانب طالبان أو من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، كما كانت قطر إحدى الدولتين التي قدمت لها طالبان عروض لإدارة مطار حامد كرزاي الدولي وكان ذلك سبباً في ظهور ثقل وزن قطر في أفغانستان 2013.[132]

رابعاً_ تركيا

   عرضت طالبان على تركيا بعد السيطرة على العاصمة كابول تشغيل مطار حامد كرزاي الدولي في كابول ولذلك تبحث تركيا عن موطئ قدم لها في أفغانستان، وتحاول تركيا منذ سيطرة طالبان علي كابول إرسال رسائل إيجابية، وهناك استعداد لدى أنقرة للاعتراف بحكم طالبان.

كما أن هناك العديد من العوامل الثقافية والدينية والحضارية التي تؤكد مدى التوافقات بين تركيا وأفغانستان حيث تتوقع طالبان من تركيا علاقات جيدة.

وتسعى تركيا الى تكيف طالبان مع النظام الدولي، أثارت قضية اللاجئين الأفغان سخط في تركيا ضد أردوغان حيث هناك من يرى أن أردوغان يريد استغلال هذه القضية، وهناك من يرى أن أردوغان يريد الحصول علي الأموال من الدول الأوربية، حيث أشارت التقارير إلي وجود 300 ألف لاجئ أفغاني في تركيا، وإن طالبان في حاجة ماسة إلى اعتراف دولي بها وذلك بعد وصولها للسلطة بالقوة ولذلك تجد تركيا في هذا الأمر مدخل للانفتاح علي طالبان، وتحاول تركيا إقامة علاقة مع طالبان إقليمياً و دولياً إلا أنه يوجد عقبات وتحديات تواجه تركيا في أفغانستان وهي:

1_ رفض طالبان وجود قوات أجنبية على أراضيها: حيث قامت تركيا بتقديم اقتراح بتأمين الحماية لمطار حامد كرزاي وقد رفضت طالبان هذا الاقتراح وقامت تركيا بسحب قواتها من أفغانستان في 25أغسطس2021، ولكن في 27 أغسطس عرضت طالبان علي تركيا تشغيل مطار حامد كرزاي ويقتصر ذلك على طلب المساعدة الفنية من أنقرة في إدارة المطار وتتولى طالبان أمن المطار وقد رفضت تركيا هذا الاقتراح، وأكدت تركيا أنها لن تساعد في إدارة المطار إلا اذا وافقت طالبان على وجود أمني تركي بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي.

2_ مخاطر التحرك خارج حلف الناتو: عملت تركيا على تأمين الحماية لقواتها وذلك من خلال تدخلها العسكري في أفغانستان من خلال حلف الناتو، وقد رفضت المعارضة التركية بقاء عسكري في أفغانستان أو إرسال قوات جديدة وذلك بسبب فشل أمريكا وحلف الناتو في تحقيق الأمن والاستقرار في أفغانستان فكيف تقوم تركيا بتحقيق هذا الأمن والاستقرار.

3_ الحساسية الإقليمية للجوار الأفغاني: إن أى تحرك من تركيا في أفغانستان سوف يواجه تحركات مماثلة من الدول الإقليمية المجاورة لأفغانستان.

علي الرغم من التحديات والعقبات التي تواجه تركيا في أفغانستان فإن تركيا تجد في أفغانستان ميداناً خارجياً جديداً لسياستها وذلك بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منها، صرح إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئاسة التركية: إن تركيا تواصل المساهمة بكل السبل من أجل سلامة الشعب الأفغاني وازدهاره[133].

وقد لعبت تركيا أدواراً عديدة في أفغانستان وذلك من خلال:

تدريب القوات الأفغانية: حيث شاركت تركيا بقوات غير قتالية عددها 500 جندي.

تقديم الخدمات الطبية للمواطنيين فى أفغانستان.

وقد سعت تركيا أيضاً إلى تحقيق بعض الأهداف خلال وجودها في أفغانستان:

تعزيز النفوذ التركي في وسط آسيا: باعتبارها الشريك السياسي والاقتصادي لدول هذه المنطقه نتيجة وجود العديد من الثروات الاقتصادية الضخمة في هذه الدول خاصة النفط والغاز الطبيعي.

وقد بدأت هجرة الأفغان إلى تركيا باستخدام الأراضي الإيرانية وذلك بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان وينظر المهاجرين الأفغان المتوجهين إلى تركيا عبر إيران على أنها طريق الوصول إلي أوروبا، كما ان هجرة الأفغان إلى تركيا ليست وضع حالي وإنما هي متواجدة منذ الثمانينيات، وبالنظر الى هؤلاء المهاجرين إلي إيران فانهم يدخلون تركيا بطرق غير قانونية وبطرق غير شرعية، وبسبب تزايد أعداد المهاجرين الأفغان إلى تركيا فقد صرح الرئيس أردوغان أن تركيا لن تتحمل عبء هجرات جديدة من أفغانستان، ونادى بضرورة تعاون الدول الأخرى مع تركيا من أجل تحمل عبء الهجرة، كما تعمل تركيا على مكافحة الهجرة غير النظامية من خلال الوثيقة الاستراتيجية لمكافحة الهجرة وخطة العمل الوطنية عام 2015-2018 وأيضاً خطة العمل الوطنية 2021-2025، وتعمل تركيا أيضاً على حماية الحدود الإيرانية وذلك عن طريق أبراج مراقبة كهروضوئية وكاميرات حرارية وأجهزة استشعار لاسلكية وعملت تركيا على تشديد الأمن على طول الحدود، كما تسعى تركيا إلى مواجهة أزمة اللاجئين  إلي أراضيها فقد وصل عددهم 100 ألف أفغاني في سبتمبر 2021، حيث أن هؤلاء اللاجئين يصلون إلى تركيا للعبور منها إلى أوروبا .[134]

المبحث الثاني

تأثير القوى العالمية في العلاقات الأفغانية الإيرانية

يتناول هذا المبحث تأثير القوى العالمية وبعض المؤسسات الدولية والإقليمية في العلاقات الأفغانية الإيرانية، وذلك من خلال أربعة محاور وهي: تأثير الولايات المتحدة الأمريكية في العلاقات الأفغانية الإيرانية وذلك في إطار التنافس الأمريكي الإيراني على المصالح والنفوذ في أفغانستان. والمحور الثاني هو تأثير روسيا الاتحادية في العلاقات الأفغانية الإيرانية، والمحور الثالث يتناول تأثير الصين في العلاقات الأفغانية الإيرانية، والمحور الرابع يشرح تأثير المنظمات الدولية في العلاقات الأفغانية الإيرانية وذلك في إطار توضيح دور تلك المنظمات في الضغط على جماعة طالبان حتى لا تتبع نفس نهجها السابق، وتأثير ذلك في توجهها نحو دول الجوار الإقليمي لها وتحديداً إيران.

أولاً_ تأثير الولايات المتحدة الأمريكية في العلاقات الأفغانية الإيرانية

يبدأ تأثير الولايات المتحدة في العلاقات الأفغانية الإيرانية منذ أن احتلت أفغانستان بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وإعلانها العمل على ترسيخ الديمقراطية في دولة أفغانستان وهو ما مثل تهديداً استراتيجياً وأمنياً لدولة إيران بسبب الوجود الأمريكي داخل حدود الدولة المجاورة لها، فضلاً عما مثله ذلك من تأثير على مصالح إيران الاقتصادية والأمنية في أفغانستان[135]، وقد مرت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وطالبان بثلاث مراحل رئيسية، بدأت بالتمهيد لظهور طالبان، ثم مرحلة العداء والحرب، وصولاً إلى الاضطرار إلى التنسيق والتعاون وجاءت هذه المراحل كالتالي:

أولاً_ مرحلة التمهيد لظهور طالبان:

ذهبت بعض التقديرات إلى أن الولايات المتحدة لعبت دوراً غير مباشر في التمهيد لظهور  طالبان من خلال تسليحها لما سمته المجاهدين الأفغان في ثمانينات القرن الماضي في إطار الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي في ظل إدارتي جيمي كارتر ورونالد ريجان، وذلك من خلال برنامج “عملية سايكلون الإعصار” الذي أدارته وأشرفت عليه وكالة الاستخبارات المركزية لتدريب وتمويل المجاهدين الأفغان في الفترة من عام 1979 إلى عام 1989، وكان من بينهم الملا محمد عمر الذي أسس طالبان عام 1994، وأشارت التقديرات أيضاً إلى أن الولايات المتحدة لعبت دوراً غير مباشر في صعود طالبان خلال السنوات من 1994 إلى 1996، ومن بعد ذلك وصلت طالبان إلى السلطة وخاضت تجربتها الأولى للحكم من أواخر عام 1996 إلى أكتوبر 2001.

ثانياً_ مرحلة العداء والحرب: أدى إيواء طالبان لأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة على الأراضي الأفغانية ورفض تسليمه إلى الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية تفجير سفاراتها في أفريقيا ثم أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 إلى قيام الولايات المتحدة بشن هجوم عسكري شامل على الأراضي الأفغانية[136]، وبالتالي انتقلت العلاقة بين واشنطن وطالبان من الدعم غير المباشر إلى علاقة عداء وحرب عسكرية استمرت لنحو 20 عاماً، بدأتها الولايات المتحدة بعملياتها العسكرية ضد طالبان، والتي مرت بمرحلتين رئيسيتين، الأولى عملية “الحرية الدائمة” في الفترة من عام 2001 إلى عام 2014، والثانية عملية “حارس الحرية” والتي استمرت في الفترة من عام 2015 إلى أغسطس 2021 مع انسحاب آخر جندي أمريكي من أفغانستان.

وخلال العمليتين ركزت الولايات المتحدة على تحقيق ثلاث مهام رئيسية، وهي إسقاط طالبان في السنتين الأوليين للحرب، ثم هزيمتها وبناء مؤسسات الدولة الأفغانية في الفترة من 2002 إلى 2008، ثم مكافحة محاولة طالبان إعادة انتشارها وبناء قواتها فيما عرف باستراتيجية “مكافحة التمرد” في الفترة من عام 2008 إلى عام 2014، وصولاً إلى التركيز على عمليات مكافحة الإرهاب وتقديم الدعم للقوات الأفغانية.[137]

المرحلة الثالثة_ الاضطرار إلى التنسيق والتعاون: بعد عقدين من الاحتلال المتواصل لأفغانستان والمرور بعدة مراحل التفاض مع طالبان حول صيغة يتحقق من خلالها وصول طالبان للحكم وانسحاب القوات الأجنبية دون أي خسائر, وأيضاً لأسباب تتعلق بعدم رغبة الولايات المتحدة في تكبد أي خسائر مالية أو بشرية أخرى والعمل على بناء أمريكي من الداخل، اضطرت الولايات المتحدة للتنسيق مع طالبان، وتعتبر أبرز التطورات المتعلقة بالتنسيق والتعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية و طالبان في ظل الإدارات الثلاث الأخيرة في الجوانب التالية:

أ_ إدارة أوباما: بدأ التعاون في ظل هذه الإدارة عام 2009 حينما سعت إلى إدخال عناصر طالبان ضمن برنامج “إعادة الدمج” والذي كان يهدف إلى إعادة دمج المقاتلين من الحركات المسلحة الأفغانية ضمن قوات الجيش الأفغاني، وتقديم الدعم المالي للذين يقبلون بإعادة التأهيل ودخول القوات الأفغانية، لكن هذه المحاولة فشلت وأعقبتها مفاوضات سرية بين ممثلي طالبان وبعض المسؤولين الأمريكيين في أواخر 2010، كان هدفها فصل القاعدة عن طالبان وبناء الثقة ومناقشة قضايا تبادل الأسرى وافتتاح مكتب سياسي للحركة في الدوحة، ولكن تلك المفاوضات فشلت أيضاً بسبب اعتراض الرئيس الأفغاني آنذاك حامد كرازي، وأدت الوساطة القطرية والباكستانية إلى اتفاق الطرفين في يونيو 2013 على السماح لطالبان بفتح مكتب لها في الدوحة.

ب­_ إدارة ترامب: بدأ المفاوضات بين الطرفين في أواخر 2018، التي انتهت بتوقيع اتفاق 20 فبراير 2020، ونظراً إلى الطبيعة الثنائية للاتفاقية فقد رفضتها طهران مبررة ذلك بقولها أن الاتفاقية استبعدت الحكومة الأفغانية وغيرها من الأطراف الأفغانية[138]، وبالطبع من ضمن تلك الأطراف أقلية الهزارة الشيعية التي ترغب طهران في تضمينها ضمن الحكومة الجديدة. وقد نص الاتفاق على عدد من البنود كان أبرزها: أن تلتزم الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي بسحب جميع الأفراد المدنيين غير الدبلوماسيين والمتعاقدين الأمنيين الخاصين والمدربين والمستشارين وموظفي خدمات الدعم من أفغانستان في غضون 14 شهر بعد إعلان هذا الاتفاق، وفي المقابل أن تتخذ طالبان خطوات لمنع أي جماعة إرهابية من استخدام الأراضي الأفغانية لتهديد أمن الولايات المتحدة وحلفاءها[139]، حيث أبدت طالبان من خلال توقيع ذلك الاتفاق رغبتها في الحصول على الاعتراف الدولي، وذلك من خلال إعلانها التأمين الكامل للسفارات والبعثات الدبلوماسية، مع عدم تعرض ممثليهم لأي أذى من قبل أعضاءها الحركة، مع تأكيدها على عدم استخدام الأراضي الأفغانية في إلحاق أي ضرر بالآخرين، مشيرة بذلك إلى عدم تحويل أفغانستان إلى ملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية، والتي يتم فيها التخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الدول الأخرى، وهذا ما لم يحدث، حيث أكدت الأمم المتحدة على استقبال أفغانستان بعد عودتها للحكم حوالي عشرة آلاف إرهابي منتمين لداعش والقاعدة[140]، حيث أنه عقب خسارة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” أراضيه في الشرق الأوسط تحول بشكل متزايد إلى أفغانستان كقاعدة لخلافة عالمية، وقد صُنف التنظيم إرهابياً من قبل وزارة الخارجية الأمريكية في 14 يناير 2016، ويمثل التنظيم عقبة أمام بناء الدولة الأفغانية في الوقت الحاضر سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي.

وبالتالي نرى أنه وفقاً للاتفاقية المبرمة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان برز دور التنظيم المعادي لكل من حركة طالبان الأفغانية وإيران على حد السواء، وبات وجوده على الأراضي الأفغانية يهدد حكومة طالبان الحالية داخلياً من حيث عجزها عن بناء الدولة في ظل وجود التنظيم، وخارجياً لأن استمرارية وجوده على الأراضي الأفغانية يمثل عائقاً أمام حصول الحركة على الاعتراف الدولي التي تصبو إليه.

ج_ إدارة بادين: وتعتبر آخر مرحلة في العلاقات بين الولايات المتحدة وأفغانستان حتى الآن، فبعد دخول الرئيس جو بايدن البيت الأبيض في يناير 2021 وجد نفسه مضطراً إلى التعامل مع الاتفاقية التي وقعها ترامب مع طالبان، خاصة في ظل إعلانه استكمال الانسحاب العسكري بشكل نهائي من أفغانستان بحلول نهاية أغسطس عام 2021، الذي كان أحد الأسباب الرئيسية في تسريع طالبان من وتيرة عملياتها العسكرية للسيطرة على العاصمة كابول.

ومع سقوط العاصمة الأفغانية، فرضت عمليات إتمام إخلاء الأمريكيين والمتعاونين معهم وتأمين مطار كابول ضرورة التنسيق والتعاون الأمني والاستخباراتي مع عناصر طالبان، وتم هذا التنسيق بين مسؤولي السفارة والقوات الأمريكية في أفغانستان وطالبان وصولاً إلى أعلى مستوى خلال الزيارة السرية التي أعلن عنها ويليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان يوم 23 أغسطس 2021 ولقائه القيادي الطالباني “عبد الغني برادر”، ولاحقاً تم نقل التنسيق والتعاون بين واشنطن وطالبان إلى الدوحة.[141]

سياسة حركة طالبان تجاه إيران أثناء الاحتلال الأمريكي  

تواترت العلاقة بين طالبان وإيران ما بين التعاون والصراع بداية من الإمارة الأولى لطالبان وخصوصاً بسبب اضطهاد الحركة للأقلية الشيعية في أفغانستان، وفي فترة إمارة طالبان الأولى ما بين عامي 1996 و2001 أفادت تقارير حقوقية بوقوع انتهاكات واسعة النطاق ضد المدنيين الهزارة واستمرت الهجمات الموجهة للهزارة حتى بعد طرد طالبان من كابول، ومما زاد الأمر سوءاً كان ظهور تنظيم ولاية خراسان الذي وضع الأقلية الشيعية على رأس أهدافه.

وفي خضم معارك مع الأحزاب الشيعية المعارضة لها والموالية لإيران أثناء حكمها، خاصة في ظل اجتياحها أهم معاقل الشيعة في ولاية باميان، إلا أن طالبان لم تستهدف عموم الأقلية الشيعية حيث ميزت بين قتالها للأحزاب المعادية لها وقياداتها ونخبها وبين عموم الأقلية الشيعية، حيث تميز خطاب طالبان تجاهها بالود والطمأنينة، وهو ما أسهم في نزع فتيل نزاع سني شيعي على الأراضي الأفغانية كانت تدفع نحوه الولايات المتحدة الأمريكية حسب شهادة القيادي الطالباني ذبيح الله مجاهد، والذي جاء على لسانه أن أمريكا كانت تسعى إلى تكرار تجربة العراق في أفغانستان وذلك من خلال إشعال الخلافات العصبية والتناحر فيما بين المذاهب في المجتمع الأفغاني.[142]

ومن خلال ذلك يمكن القول أن سياسة حركة طالبان تجاه الأقلية الشيعية تميزت بطابع من اللين تجاههم ومثال على ذلك السماح لهم بإقامة مراسم عاشوراء، إلا أن تشكيل الحكومة بعد عودة حركة طالبان دون أن تضم أحداً من الشيعة الأفغان قد يثير الجدل مجدداً حول مستقبلهم السياسي في ظل الإمارة الثانية لحركة طالبان وتعهدها أمام المجتمع الدولي بضمان حقوق الأقليات، ونشير هنا إلى الحق السياسي للأقلية الشيعية من خلال تمثيلها في الحكومة الأفغانية الجديدة، والذي قد تتخذه إيران ذريعة لمد النفوذ الإيراني في أفغانستان والضغط على الحكومة الجديدة.

فمع التغييرات الجديدة التي أجرتها طالبان في المناصب العليا في حكومتها، لا تزال الضبابية عنوان الموقف، فقد أعلنت طالبان تعيين الملا عبد “الغني برادر” رئيساً للوزراء بدلاً من الملا “حسن أخوند”، والذي يقال أنه من أكثر قيادات الحركة تشدداً، وسراج الدين حقاني وزيراً للداخلية بالوكالة إلى جانب منصب النائب الأول لرئيس الوزراء، وفي المقابل يبقى وزراء الحكومة الآخرون في مناصبهم بصفة مؤقتة، إلى حين الاتفاق على تعيين وزراء جدد[143]، وفي اليوم التالي نفى المتحدث باسم حكومة طالبان في أفغانستان “ذبيح الله مجاهد” تعيين الملا عبد الغني برادر رئيساً للوزراء خلفاً للملا محمد حسن أخوند، قائلاً: “إن التقارير الإعلامية التي تحدثت عن التغيير شائعات غير صحيحة”[144]، لكن وعلى الرغم من نفي حركة طالبان صحة التغيير في حكومتها، إلا أنها لم تذكر حقوق الأقليات الأخرى بما فيها الأقلية الشيعية، مما قد يكون مؤشراً على ما تنتوي الحركة فعله من خلال الانفراد بالحكم مؤثرة نفسها دون باقي فئات المجتمع الأفغاني ومخالفة بذلك ما أدلت به من تصريحات بخصوص تمثيل كافة فئات المجتمع الأفغاني في الحكومة الجديدة.

تأثير الانسحاب الأمريكي في العلاقات الأفغانية الإيرانية

رحب النظام السياسي في طهران بانسحاب القوات الأمريكية من الأراضي الأفغانية، واعتبره نصراً لجبهة المقاومة وللمشروع الإيراني في إزالة الوجود الأمريكي من القرب من إيران، وجاء الانسحاب الأمريكي وسط تصاعد الخلافات بين إيران وحكومة أشرف غني، حيث شكلت تلك الخلافات دافعاً للتقارب بين إيران وطالبان، مما أمكن اعتباره تطوراً نوعياً في العلاقات بين الطرفين[145]،

وعلى صعيد العلاقات التعاونية بين إيران وحركة طالبان، حيث حذر “حسام رضوي” مدير عام مكتب الشئون الخارجية في وكالة أنباء تسنيم _إحدى أذرع الحرس الثوري الإيراني الإعلامية_ الشيعة الهزارة في أفغانستان من التطوع للحرب ضد طالبان، زاعماً أن الشيعة الذين يقاتلون ضد طالبان هم الملومون وليس طالبان، كما أشادت صحيفة كيهان التابعة للمرشد الإيراني علي خامنئي بطالبان حيث نشرت مقال بعنوان “طالبان غيرت مسارها ولم تعد تذبح” ووصفت الحركة ب “طالبان الجدد” إشارة منها إلى أن طالبان لم تعد تستهدف الشيعة[146]، وأكدت الصحيفة نفسها أن طالبان لم تعد المتطرفة مشيرة إلى مواقف تدل على هذا التطور، حيث أعلن المتحدث باسم حركة طالبان “ذبيح الله مجاهد” في حوار مع وكالة “تسنيم” المقربة من الحرس الثوري أن الحركة “تضمن للإخوة الشيعة أنهم لن يتعرضوا إلى تمييز”، مبيناً أن طالبان غيرت توجهاتها وتشهد تطوراً جوهرياً مقارنة عما كانت عليه في عام 2000.[147]

ولكن إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية اضطرت للانسحاب العسكري فإن ذلك لا يعني الانسحاب السياسي والاقتصادي، حيث تمثل أفغانستان الأساس في استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في أوراسيا والتي تهدف إلى احتواء التمدد السياسي والاقتصادي لمنافسيها، خاصة روسيا والصين وإيران صاحبة الجدل الطويل مع الولايات المتحدة الأمريكية حول برنامجها النووي والاتفاق الذي عقده أوباما فيما عرف باتفاق مجموعة دول ال 5+1 للهيمنة على مصادر الطاقة والتحكم في ممرات نقلها.

فما زالت الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك مجموعة من الأدوات ذات الطابع الاقتصادي يمكن استخدامها لتحقيق مصالحها فيما يتعلق بالصراع في أفغانستان والهيمنة على موارد الطاقة والتأثير في حكومة طالبان، يأتي في مقدمتها المنح والمساعدات التي تحتاجها أفغانستان بشدة في الوقت الحالي، فطوال العشرين عاماً الماضية اعتمدت أفغانستان على المنح والمساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية في تمويل الموازنة، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تحتفظ بالاحتياطي النقدي لأفغانستان والبالغ نحو تسعة مليارات دولار، وهو ما يدعم قدرتها على فرض أي عقوبات اقتصادية على طالبان وقد تستخدم نفوذها الكبير في المجتمع الدولي وقرارات المؤسسات الدولية بفرض عقوبات اقتصادية على طالبان إذ ما تمردت عليها[148], وبالتالي نعتبر ذلك من ضمن تأثير الولايات المتحدة الأمريكية ذات البعد الاقتصادي في العلاقات الأفغانية الإيرانية، فمن ناحية من الممكن أن تعتمد أفغانستان على جارتها إيران في عمليات إعادة الإعمار وبناء الدولة ويمكن أن يصنف هذا السلوك على الصعيد التعاوني بين الدولتين، ومن ناحية أخرى يمكن أن تعود طالبان للاعتماد على تجارة المخدرات وتهريبها إلى أوروبا من خلال إيران وهو ما قد يثير أزمة وصراع بينهما بسبب تعرض إيران لزيادة في نسبة الإدمان، فضلاً عما يسببه عدم الاستقرار في أفغانستان وانخفاض مستويات المعيشة من زيادة عدد اللاجئين الأفغان في إيران مما يثير أزمة أخرى لدى إيران، لذا يمكن القول إن الوجود الأمريكي في أفغانستان كان له إيجابياته بالنسبة لإيران والتي تتمثل في تأمين الحدود الأفغانية الإيرانية والحد من تجارة المخدرات ومحاربة الجريمة المنظمة، وكان له سلبياته التي كان تتمثل في التهديد الأمني لإيران ومنشآتها النووية بسبب الوجود الأمريكي في أفغانستان، كما كان للانسحاب الأمريكي إيجابيات تمثلت في زوال المهدد الأكبر بالنسبة لإيران، وسلبيات تمثلت في وضع إيران في مواجهة مباشرة مع أفغانستان تحت حكم طالبان وتعرضها لمشكلات أمنية وحدودية واجتماعية.

ثانياً- تأثير روسيا في العلاقات الأفغانية الإيرانية

تتسم السياسة الخارجية الروسية تجاه أفغانستان بمجموعة من الخصائص أهمها: التركيز على الأمن، وتعدد الأطراف، والمرونة، والبراغماتية. ويعد العنصر الأصلى المحدد لسياسة موسكو في هذا السياق هو منع المجموعات الأصولية المختلفة الحاضرة في المنطقة وعناصر طالبان من الانتشار والتسلل إلى دول آسيا الوسطى ومنها إلى الأراضي الروسية.

وتعتمد سياسة روسيا تجاه أفغانستان على ركزتين أساسيتين: الأولى هي منع تصدير الإرهاب ومنع عدم الاستقرارمن خلال الحفاظ على أمن واستقرار دول آسيا الوسطى ومنع تسرب القوى الأصولية إلى هذه المنطقة، والثانية هي تقويض نفوذ الجهات الدولية والإقليمية الفاعلة في أفغانستان لذلك تظهر روسيا من بين المرشحين المهمين لسد الفراغ الذي نشأ بعد الانحساب الأمريكي من أفغانستان وعن هذا الفراغ قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ” لن يجرى سد هذا الفراغ عن طريق إرسال قوات للأراضي الأفغانية” وفي سياق المصالح الروسية الأقليمية تقوم موسكو بعمل تعزيزات عسكرية في دول آسيا الوسطى وتكثف حوارها مع طالبان[149].

بعد اتفاق الولايات المتحدة وطالبان في عام 2020 بدأت روسيا_بحسب إفادة البنتاغون_ في زيادة تركيزها على أفغانستان وتكثيف لقاءاتها مع طالبان والجماعات الأخرى من أجل تسريع الانسحاب الأمريكي وكسب مجال النفوذ ونتيجة لذلك قامت روسيا في 9 يوليو2021 باستقبال وفدا ل”الذراع السياسي لحركة طالبان وخلال النقاشات استعرض المبعوث الخاص للرئيس الروسي لأفغانستان زمير كابولوف المواضيع الأربعة التي تشغل موسكو بالنسبة للوضع في أفغانستان وهي: خطر مرور عدوى عدم الاستقرار من أفغانستان إلى آسيا الوسطى، والخطر الذي يمكن أن يشكله تنظيم الدولة الإسلامية على روسيا وحلفائها انطلاقا من الأراضي الأفغانية وإمكانية تفاقم حجم تهريب المخدرات إلى روسيا والخطر الذي يمكن أن يهدد أمن البعثات الدبلوماسية الروسية[150]، وخلال هذا اللقاء عملت طالبان على طمأنة محاوريها بالنسبة لهذه النقاط الأربع، ووعدت بعدم انتهاك حدود بلدان آسيا الوسطى، وبتقديم ضمات حول أمن البعثات القنصلية والدبلوماسية الروسية في أفغانستان، كما التزمت بالقضاء على إنتاج المخدرات في أفغانستان، وعبرت عن عزمها على وضع حد للخطر الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان[151].

على الرغم من أن حركة طالبان لا تزال محظورة رسمياً في موسكو  منذ أحداث 11 سبتمبر2001 إلا أن روسيا لا تبدو قلقة من عودة طالبان للحكم وقد نقلت وكالة تاس للأنباء يوم الاثنين16 أغسطس 2021 عن زامير كابولوف الممثل الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن أفغانستان عدداً من التصريحات حملت رسائل إيجابية عن طالبان فقد قال أن روسيا لا ترى أن حركة طالبان في أفغانستان تمثل تهديداً لآسيا الوسطى، أيضا قدمت روسيا للحركة منصة للترويج لأفكارها المستقبلية من خلال مؤتمر صحفي مطول بموسكو شرح فيه وفد طالبان باستفاضة استراتيجية الحركة في المرحلة المقبلة، ولكن رغم أن روسيا تسعى لأن يكون لها علاقات قوية مع طالبان لم تسارع برفع الحركة من قائمة التنظيمات المحظورة في موسكو وذلك بحسب وكالة تاس الروسية[152].

وقد أعلن مبعوث الكرملين إلى أفغانستان أن على حركة طالبان أن تفي بتعهداتها في مجال احترام حقوق الإنسان والتعددية السياسة لكي تتمكن من نيل اعتراف المجتمع الدولي، كما أوضح أن هذه اللحظة لن تأتي إلى حين تبدأ طالبان في الوفاء بالقسم الأكبر من توقعات المجتمع الدولي بشأن حقوق الإنسان وتوسيع سلطة الحكم لتشمل كافة الأطراف[153].

ورغم ما تظهره روسيا من إيجابية وقبول لحركة طالبان، ورغم إعلان حركة طالبان أكثر من مرة أنها تراعي المصالح الروسية في دول الجوار الأفغاني وأنها لا يمكن أن تهاجم أصدقاء وحلفاء روسيا في المنطقة، ورغم تعهد الحركة على لسان رئيس مكتبها السياسي في قطر الملا عبدالغني برادر بإعادة العمل في القنصلية الروسية في مزار شريف وحماية كل الدبلوماسيين الروس، ورغم قناعة روسيا بان حركة طالبان لا تريد نقل الصراع خارج أفغانستان[154]، إلا أن روسيا مازلت تتعامل بحذر مع الحركة فقد حذرت روسيا حركة طالبان بلهجة حادة من تجاوز الحركة في أفغانستان للحدود خلال توسعاتها السريعة في الأراضي الأفغانية، التي جعلتها على تماس مباشر مع المصالح الروسية بعد سيطرة الحركة على مناطق قرب الحدود بين أفغانستان وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة وفي هذا الإطار تحدث مبعوث الرئيس الروسي إلى أفغانستان قائلاً إن أي محاولات للإضراربأمن حلفائنا في آسيا الوسطى سيكون ثمنها غالياً[155].

من خلال ما سبق يمكننا القول أن روسيا سوف تتصرف بشكل حذر بشأن الاعتراف بالحكومة الأفغانية الجديدة، وستنتظر لتراقب مسار السياسة التي ستتبعها طالبان، إذن فالمعادلة التي تظهر هنا هي أن روسيا فرضت خطوطها الحمراء على طالبان في مقابل الاعتراف بها لذا فإن العامل الأساسي الذي سيحدد مسار العلاقات بين روسيا وطالبان سيكون الوفاء بالتعهدات التي جرى أخذها على طالبان فيما يخص استقرار آسيا الوسطى وعدم انتشار تهديد الإرهاب، وفي هذا السياق يعد بيان روسيا بأنها لن تتعجل الاعتراف بحركة طالبان يحتوي في الواقع على رسالة مفادها “سنرى ما إذا كانت طالبان ستفي بوعودها أم لا، وسنعترف بها وفقاً لذلك”. وعلى الرغم من أن روسيا قد حصلت على وعود وضمانات وتأكيدات من طالبان في هذا الشأن إلا أنها لا ترسم سياستها تجاه أفغانستان في هذا الإطار فحسب فهي لا تزال متخوفة من حدوث انفلات أمني في أفغانستان يساهم في تهريب أسلحة ومخدرات إلى الجمهوريات السوفيتية السابقة المجاورة لأفغانستان، أو وجود تنظيمات متطرفة كتنظيم الدولة الذي يمثل تهديداً للأمن في منطقة آسيا الوسطى التي تعتبرها موسكو فضاءً خاصاً بها.

هذا بالنسبة لعلاقة روسيا بحركة طالبان أما عن تأثير روسيا في العلاقات الأفغانية الإيرانية نجد أن هناك مصالح وأهداف مشتركة تجمع بين روسيا وإيران في أفغانستان، فكل من روسيا وإيران يعارض الوجود الأمريكي في المنطقة، كما أن روسيا وإيران يشعران بالقلق تجاه انتشار التطرف السني في آسيا الوسطى والقوقاز، أيضا يمثل تنظيم القاعدة عدو مشترك بين روسيا وحركة طالبان وإيران ونتيجة ذلك نجد أن مصالح روسيا في أفغانستان تتوافق بشكل وثيق مع مصالح إيران، لذلك فمن المحتمل أن تدعم الأهداف والمصالح المشتركة بين روسيا وإيران العلاقات الأفغانية الإيرانية وهنا يكون تأثير روسيا في العلاقات بين حركة طالبان وإيران تأثير إيجابي وذلك يرجع إلى السياسة التي تتبعها روسيا في الشرق الأوسط والتي تتسم بشكل عام بالمرونة.

ثالثاً_ تأثير الصين

لأفغانستان حدود مشتركة ضيقة وصغيرة مع الصين، وتبلغ طول هذه الحدود 76 كيلومتر من ناحية الطرف الشرقي لأفغانستان، حيث إن الأراضي الصينية تمس الأراضي الأفغانية مساً خفيفاً، ولكنها هامة جداً للطرفين من الناحية الاقتصادية، إذ تشكل هذه الحدود ممراً تجارياً هاماً للصين إلى أسواق الشرق الأوسط والخليج العربي، ومن خلال هذه الحدود يتم تأمين وصول النفط والغاز من إيران إلى الصين. اتسمت العلاقات السابقة بين الصين وطالبان إبان سيطرتها على حكم أفغانستان بالتوازن، فالصين كانت الدولة الوحيدة غير باكستان التي حافظت على علاقات جيدة ومستمرة مع قادة طالبان، وهو ما كلل في نهاية باعتراف الصين بطالبان كقوة سياسية أفغانية، فدفء العلاقات السابقة بين الصين وطالبان لم تؤثر فيها الحوادث التي حدثت بينهم، فاستضافة طالبان مجموعة من التركستانيين المسلحين المعارضة للحكومة الصينية، إلا أنها طمأنت الصين أنها لا تتدخل في شؤونها الداخلية، ولا تسمح لأحد باستخدام أراضيها ضدها، وطلبت طالبان من قادة التركستان وقف برنامجهم العملي ضد الصين.[156]

فالسياسة الصينية معارضة لقيام أي نظام في أفغانستان يمكن أن يسمح للولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها من القوى الإقليمية المؤثرة بالتواجد العسكري في أفغانستان، والتي يتيح موقعها للقوة التي تسيطر عليه التمركز على حدود ست دول في وقت واحد. فاهتمام الصين بما يجري في الأراضي الأفغانية يرجع إلى تأثيره بالإيجاب أو السلب على موقف مسلمي الصين، وخصوصاً الذين يتمركزون في مقاطعة سينكيانج التي تتقرب من حدود أفغانستان والطاجيك، والتي يقدر عددهم بحوالي 13 مليون نسمة ورغم تمتع هذا الإقليم بالحكم الذاتي إلا أنه يتطلع إلى الاستقلال وينتهزون سكان الإقليم المسلمين كل فرصة مواتية للتعبير عن مشاعرهم نحو الاستقلال.

بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أصبح لدى الصين مخاوف بعد سيطرة طالبان على الحكم، وأكثر هذه المخاوف أمرين، أولهما: تخوف أمنى وذلك اتضح في تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية وانج وينبين، والذي وجه انتقاد إلى الانسحاب الأمريكي المتسرع من أفغانستان، وطلب من واشنطن الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بمنع أفغانستان من أن تصبح   ملاذاً مرة أخرى للإرهاب. وهذا التخوف نابع من وجود أقلية الإيغور الصينية المسلمة السنية، التي تم دعمها في السابق من طالبان، مما أثار خوف الصين أن يتجدد هذا الدعم الطالباني مرة أخرى لأقلية الإيغور، ولكن رغم هذا التخوف يعد موقف طالبان والصين واحد تجاه الولايات المتحدة الأمريكية،  وحدث تعاون فيما سبق بينهما. أما عن التخوف الآخر للصين تجاه طالبان هو تخوف اقتصادي، حيث تخشى الصين من أن يؤدي أي صراع أو نزاع في أفغانستان إلى إعاقة وتعطيل مشروعها “الحزام والطريق” والذي يكلف مئات المليارات من الدولارات، وهو المشروع التي تطمح الصين أن يكون مشروع مارشال عالمياً وليس أوروبياً.[157]

لم يكن يربط الصين بأفغانستان سوى الحدود المشتركة بينهم، ولكن هناك مصالح اقتصادية أيضاً، وأمور سياسية وأمنية، ومصالح استراتيجية ضخمة تدفع الصين إلى تجاوز طبيعة وهوية النظام الحاكم في أفغانستان. كما تعد مبادرة الحزام والطريق وهي المصلحة الصينية الأبرز في أفغانستان، وقد عبرت الصين عن أهمية أفغانستان لديها من خلال ربط أفغانستان بمسارات ثلاثة ضمن مسارات المبادرة، وهي الممر الاقتصادي الصيني_ الباكستاني، وممر الصين_ غرب آسيا، بالإضافة إلى طريق الحرير الرقمي حيث وقعت الصين وأفغانستان في أبريل 2017 اتفاقاً لربط أفغانستان بطريق الحرير الرقمي من خلال ممر وخان، وممر الصين- باكستان للألياف البصرية. وقد جرى ربط أفغانستان بالصين عن طريق السكك الحديدية “هيهان” شرق الصين، و”هيراتان” التابعة لولاية بالك الأفغانية، وهناك أيضاً مشروع خط السكك الحديدية الذي يربط بين الصين وإيران مروراً بكل من قيرغستان وطاجكستان وأفغانستان، ويبدأ هذا الخط من مدينة كشغر شمال غرب الصين، وصولاً إلى مدينتي مشهد وطهران الإيرانيتين، ويمر هذا الخط المقترح بست ولايات أفغانية. وتكمن أهمية هذا الخط في أنه يربط أفغانستان بالموانئ البحرية الإيرانية ” بندر عباس، تشابهار”.[158]

احتفظت الصين بقنوات اتصال مع طالبان على مدار عقدين من الزمان. وعلى الرغم من وجود مخاوف صينية من إمكانية استغلال عناصر متطرفة من أقلية الإيغور أفغانستان كقاعدة للتدريب والتجنيد والانطلاق منها لتنفيذ عمليات ضد الصين، وهذا لن يحدث بسبب إقامة الصين بغلق حدودها مع أفغانستان بشكل كامل، ويكاد يكون من المستحيل انتقال أي عنصر من الأراضي الأفغانية إلى الصين والعكس.

وأيضاً أكدت جماعة طالبان للحكومة الصين عند رجوعها لحكم أفغانستان الذي التقى وفد من قادة طالبان بوزير الخارجية الصيني وبمسؤولين من الهيئة الدبلوماسية الصينية في الصين، وفي هذه الزيارة أكد قادة طالبان بعدم سماحهم أن تستخدم الأراضي الأفغانية ضد أمن أي دولة كانت. وفي المقابل وعد المسؤولون الصينيون بعدم التدخل في الشؤون الأفغانية، إنما على العكس المساعدة في حل المشاكل وإرساء السلام. وفي تصريح المتحدث باسم الخارجية الصينية، هوا تشون ينغ، أكد أن في حالة إيفاء طالبان بوعدها، فإن الصين مستعدة لإقامة علاقات ودية مع طالبان، وهذا اتضح في لقاء الملا عبد الغني بارادار زعيم حركة طالبان، ووزير خارجية الصين أواخر يوليو 2021، والتي أكد فيها ان أفغانستان لن تشكل قاعدة للانفصاليين من أقلية الإيغور، التي تمثل هاجس للحكومة الصينية.

وكذلك صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون ينغ، في 19 أغسطس 2021 بأنه يتوجب على المجتمع الدولي الحكم على طالبان الأفغانية بموضوعية. وأضاف أن طالبان لن تكرر الماضي، وهم الآن أكثر حكمة وعقلانية، مقارنة بآخر مرة حكموا فيها أفغانستان، وأن الشعب الأفغاني له الحق في تحديد مصيره.[159]

تمتد جذور العلاقة بين الصين وأفغانستان إلى سنوات عدة، وذلك عبر باكستان التي تعد حليفاً قوياً للصين. ووفقاً لحسابات الصين، فأن إقامة علاقات جيدة مع حركة طالبان، والتي تحظ بدعم باكستان حليف الصين سوف تمهد الطريق أمام توسيع مبادرة الحزام والطريق في أفغانستان وعبر جمهوريات آسيا الوسطى. ومن جانب طالبان ترى الصين مصدر بالغ الأهمية للاستثمار والدعم الاقتصادي إما مباشرةً أو من خلال باكستان. ومن الممكن أن تدعم الصين إدخال أفغانستان إلى منظمة شنغهاي الإقليمية التي أسستها الصين وروسيا وعدد من دول آسيا الوسطى، وهي منظمة مكرسة لمناقشة القضايا الأمنية، ولا تمتلك أي قدرات عسكرية.[160]

وتعد أفغانستان مورداً اقتصادياً مهماً للصين، بسبب وجود الاحتياطات الضخمة من مادة الليثيوم في الأراضي الأفغانية والتي تسيطر عليها طالبان الآن، والتي تحتاجها الصين من أجل صناعة وإنتاج السيارات الكهربائية، ومحاولة لإعاقة أي نفوذ هندي في أفغانستان.[161]

رابعاً_ موقف المنظمات الدولية والإقليمية من صعود حركة طالبان

حذر الاتحاد الأوروبي طالبان من مواجهة العزلة الدولية إذا استولت على السلطة بالعنف، وقد أشار بيان الاتحاد الصادر في 12 أغسطس 2021 إلى أنه إذا تم الاستيلاء على السلطة بالقوة وإعادة تأسيس إمارة إسلامية فإن أفغانستان ستواجه عدم الاعتراف والعزلة ونقص الدعم الدولي، حيث أن هذا الدعم مشروطاً بتسوية سلمية وشاملة، واحترام الحقوق الأساسية لجميع الأفغان بمن فيهم النساء والشباب والأقليات، واتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في يوم 3 سبتمبر 2021 على أنه يجب على التكتل إلزام طالبان بخمسة شروط في إطار التعامل معها وذلك من أجل توصيل المساعدات إلى أفغانستان، ومنها عدم استخدام الأراضي الأفغانية لتصدير الإرهاب، واحترام حقوق الإنسان لا سيما النساء، وتشكيل حكومة شاملة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى السماح للمواطنين الأجانب والفئات الضعيفة من الأفغان بمغادرة البلاد، فضلاً عن تصريح الأمين العام لحلف الناتو بأن الاعتراف بطالبان يعتمد على أفعالها ومسار الحكومة التي ستشكلها[162]، وقد جمد البنك الدولي مؤخراً أربعة مشروعات في أفغانستان بقيمة 600 مليون دولار وسط مخاوف على خلفية قرار طالبان التي تحكم البلاد منع عودة الفتيات إلى المدارس الثانوية العامة[163]، حيث أنه في مارس 2022 أمرت طالبان بإغلاق المدارس الثانوية للفتيات في أفغانستان مجدداً بعد فتحها لوقت قصير، وصرح المتحدث إنعام الله سمنكاني ل”فرانس برس” باقتضاب قائلاً: “نعم هذا صحيح”، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل، مؤكداً بذلك أن الفتيات طلب منهن العودة إلى منازلهن[164]، لذا فعدم التزام طالبان بما صرحت به من احترام حقوق الإنسان والمرأة واحترام حقوق الأقليات وتضمينهم ضمن حكومتها من شأنه تضييق الخناق عليها بفرض عقوبات اقتصادية ودخولها في حالة من العزلة الدولية مرة أخرى.

تأثير موقف المؤسسات الدولية في العلاقات الأفغانية الإيرانية

أصبح موقف المؤسسات الدولية تجاه أفغانستان مشابهاً إلى حد ما الموقف تجاه إيران، وذلك نظراً لتقارب الموقف الإيراني من الموقف الأفغاني حول حقوق المرأة والإنسان وغيرها، وذلك قد يمثل سبباً في خلق نوع من التعاون بين كلا الدولتين، حيث قد تلجأ أفغانستان للاستفادة من خبرات إيران السابقة في التعامل في ظل فرض عقوبات اقتصادية عليها، فضلاً عما يلعبه كل منهما من دور اقتصادي هام بالنسبة للآخر.

تناول الفصل تأثير الدول الكبرى والمؤسسات الدولية والدول الأقليم لأفغانستان والدول المجاورة لها في العلاقات الأفغانية الإيرانية، وكذلك رد فعل هذه الدول على رجوع جماعة طالبان مرة أخرى لحكم أفغانستان. فموقف الولايات المتحدة الأمريكية اختلف في تأثيره قبل الاحتلال الأمريكي لأفغانستان وأثناء الاحتلال وبعد الانسحاب الأمريكي، أما عن موقف المؤسسات الدولية فوقفت كافة المساعدات والتمويل لأفغانستان حتى تستقر الأوضاع في أفغانستان وتغيير جماعة طالبان من سياستها، أما عن الصين وباكستان نجد ارتباطاً وثيقاً في مصالحهم في أفغانستان وتنفيذهم لمشروع الحزم والطريق الذي يمر بأفغانستان، وكذلك الهند واستثمارتها مع إيران في ميناء تشابهار والتي تمر من أفغانستان، وترى الهند أن رجوع طالبان فيه تهديد لمصالحها في أفغانستان. كما تري السعودية والإمارات أن تقارب طالبان مع إيران يمثل تهديداً أيدولوجياً لأمن النظام لديهم، ولذلك تعمل كل من السعودية والإمارات علي إحداث التوازن، وعلي عكس ذلك قطر فهي لا تري في تقارب إيران وطالبان تهديداً لها والدليل علي ذلك تستضيف الدوحة مفاوضات من أجل الاستقرار والسلام في أفغانستان وأن الهدف المشترك من سياسات الدول الثلاث هو تحقيق مكاسب إستراتيجية في علاقاتهم مع الغرب.

رفضت القوى الدولية مثل الصين وروسيا دور تركيا في أفغانستان وقد تمثل رفض الصين لوجود تركيا في أفغانستان بسبب وجود تنظيمات إرهابية في تركيا بالاضافة إلي هجوم أردوغان علي الصين ودعم أقلية الأيجور في الصين 2009، كما رفضت روسيا تأمين تركيا لمطار كابول[165].

الفصل الثالث

مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية (2022-2027)

يتناول هذا الفصل رؤية مستقبلية للعلاقات الأفغانية الإيرانية بعد عودة سيطرة جماعة طالبان على السلطة في أفغانستان، بعد استعراض كافة المحددات والقوى الخارجية المؤثرة في العلاقات الأفغانية الإيرانية، وينقسم الفصل إلى محورين يتناول المحور الأول محفزات التعاون ومعوقات التعاون والسيناريو المحتمل بين طالبان وإيران، ويعرض المحور الثاني محفزات الصراع ومعوقات الصراع والسيناريو المحتمل بين طالبان وإيران.

المبحث الأول

السيناريو التعاوني

أولاً- محفزات التعاون

  • وجود تهديد مشترك

يمكن أن تؤدي العلاقات الأمريكية الأفغانية إلى تقارب في العلاقات الأفغانية الإيرانية بشكل غير مباشر، حيث أدت اتفاقية السلام التي أبرمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير 2020 بين الولايات المتحدة وطالبان، التي كان من أهم بنودها ألا تصبح أفغانستان مأوى للحركات الإرهابية التي تهدد مصالح الغرب والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة إلى أن نظر تنظيم داعش المتمثل في ولاية خراسان إلى طالبان بأنها حركة مرتدة يجب قتالها، ورأى أن اتفاقية السلام إنما هي اتفاق مبرم بين الحركة المرتدة، أي طالبان، وبين الصليبيين، أي الولايات المتحدة، فضلاً عن معاداة التنظيم للشيعة الأفغان ويمثل تهديد لهم حيث قام التنظيم بالعديد من العمليات الإرهابية تجاه المدنيين الشيعة في أفغانستان، وبالتالي تصبح حركة طالبان وإيران في مواجهة عدو مشترك.

فمن ناحية، يعد تنظيم داعش معادياً لها ويوجب قتالها باعتبارها حركة مرتدة، ووجوده في أفغانستان يعيق حصول طالبان على الاعتراف الدولي المنصوص عليه في الاتفاقية.

ومن ناحية أخرى، يعادي التنظيم الأقلية الشيعية في أفغانستان ويقوم بالعديد من العمليات الإرهابية ضد المدنيين الشيعة في أفغانستان، وبالتالي نرى احتمالية وجود تقارب أفغاني إيراني في مواجهة عدو مشترك وهو “تنظيم داعش” الذي يمثل تهديد أمني وسبب في عدم الاستقرار لكلا الطرفين.

تمثل الولايات المتحدة الأمريكية تهديداً مشتركاً لكل من طالبان وإيران، حيث أنه خلال فترة الاحتلال الأمريكي لأفغانستان كان هناك دعم من إيران لطابان ضد الولايات المتحدة، وكانت تعتمد إيران على أفغانستان في ظل فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية عليها، وبعد الانسحاب الأمريكي فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية على أفغانستان نتيجة لعدم احترام طالبان لحقوق الإنسان، مما قد يخلق نوعاً من التقارب بين طالبان وإيران حيث أن كلاهما يتشابه في عدم احترام حقوق الإنسان.

  • التبادل التجاري بين أفغانستان وإيران

تعد إيران هي المصدر الأول للورادات الأفغانية بما يعادل نحو 1.1 مليار دولار أمريكي، ثم الصين بما يعادل نحو 987 مليون دولار أمريكي ثم باكستان بما يعادل 732 مليون دولار أمريكي[166]، كما أعربت حركة طالبان عن نوعية العلاقات التي تريدها بين أفغانستان وإيران: إيران دولة إسلامية ولها حدود مشتركة مع أفغانستان ويسكن هناك أكثر من مليوني مهاجر أفغاني، وهي غنية بالنفط وتتمتع باقتصاد جيد ولها ساحل مع البحر، وهي دولة مهمة على مستوى المنطقة والعالم، هذه هي تلك الوجوه التي تقرب بين الدولتين بل وتجبر كلا الدولتين أن تكون بينهما معاملات حسنة في إطار المصالح الشعبية وحسن الجوار، وأن تكون لهما علاقات سياسية واجتماعية واقتصادية.[167]

  • تشابه موقفهم من احترام حقوق الإنسان أمام المنظمات الدولية

ووفقاً لمبدأ المصلحة وتضييق الخناق على طالبان وفرض عقوبات اقتصادية عليها نتيجة لعدم التزامها بما صرحت به من احترام لحقوق الإنسان والأقليات فقد تتوجه الحركة للتقرب من إيران كجار إقليمي وبديل للمعونات الغربية، حيث بلغت واردات أفغانستان غير النفطية من إيران حوالي 11% شكلت معظمها منتجات الفواكه والأغذية، كما أنه بحسب بعض التقارير أن نصف أكثر من نصف الشعب الأفغاني يعيش تحت خط الفقر وهناك حالة من انعدام الأمن الغذائي،[168] وبالتالي قد يدفع الضغط وعدم رضاء الشعب عن طالبان وخصوصاً في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على أفغانستان إلى التعاون والتقارب مع إيران حفاظاً على بقائها في السلطة في ظل تضييق الخناق عليها من قبل المجتمع الدولي.

  • المستوى العسكري المتقدم لإيرن

على المستوى العسكري جماعة طالبان لديها عقيدة للقتال ولكن ليس لديها الأساليب وخبرات الحديثه في العمليات العسكرية والأمنية، كذلك ليس لديها خبره في استخدام التكنولوجيا والأسلحة الحديثة، وكانت تحصل على الأسلحة قبل رجوعها للحكم من إيران التي مدت طالبان بالأسلحة، وأيضاً إيران على المستوى التكنولوجي والعسكري متطورة بكثير يصل تطورها إلى حد القنابل النووية عن طالبان التي ما زالت تستخدم الأساليب البدائية في القتال، ولذلك من الممكن أن يكون ذلك واحداً من أسباب التقارب بين طالبان وإيران.[169]

ثانياً- معوقات التعاون

1_ إذا كان تنظيم داعش يمثل مهدد مشترك قد يؤدي إلى نوع من التقارب بين طالبان وإيران، فإن تحالف طالبان مع تنظيم داعش وغيره من التنظيمات المعادية لإيران يمثل عائقاً للتعاون بينهما، وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة، حيث أن تحالف طالبان مع الولايات المتحدة يمثل تهديداً لمصالح إيران في أفغانستان.

2_ إذا كان التبادل التجاري بين أفغانستان وإيران يمثل نوعاً من التقارب بينهما، فإن ما تعرضت له أفغانستان مثلها مثل الكثير من الدول جراء أزمة كورونا مثل عائق للتعاون بينهما، فضلاً عن موجات الجفاف التي تعرضت لها أفغانستان مما دفعها لإقامة عدد من السدود وهو ما مثل تهديداً للأمن المائي لإيران، وهو ما قد يعيق التعاون بينهما.

3_ احترام طالبان لحوق الإنسان سوف يترتب عليه رفع العقوبات الاقصادية المفروضة عليها من الولايات المتحدة والمنظمات الدولية وبالتالي لن تكون في حاجة للجوء إلى إيران كبديل للمعونات الدولية، مما قد يكون عائقاً للتعاون بين طالبان وإيران.

ج_ السيناريو

بناء على ذلك يمكننا أن نستنتج أن السيناريو المحتمل هو التعاون بين طالبان وجارتها إيران حيث تتعدد محفزات التعاون بينهما وتتمثل في: التبادل التجاري ووجود تهديدات مشتركة لكليهما وموقفهم المنظمات الدولية من كليهما بسبب عدم احترامهم لحقوق الإنسان واعتماد الحركة على إيران في المجال العسكري نظراً لتراجع مستوى التقدم التكنولوجي لها, ومن المرجح أن يكون اعتماد طالبان على إيران أكبر مستقبلاً خاصة في ظل مرحلة إعادة الإعمار المقبلة عليها دولة أفغانستان في ظل ما تعانيه أفغانستان بسبب جائحة كورونا وموجات الجفاف التي تعرضت لها، فضلاً عن تراجع المساعدات الخارجية بالتزامن مع الانسحاب الأمريكي, حيث أن تلك المساعدات باتت متوقفة على بعض الضمانات التي يجب أن توفرها الحركة للمجتمع الدولي.

المبحث الثاني

السيناريو الصراعي

أولاً- محفزات الصراع بين طالبان وإيران

1_ التدخل الإيراني في شئون أفغانستان الداخلية

يعتبر تدخل إيران في شئون أفغانستان الداخلية من أبرز محفزات الصراع بين طالبان وإيران، حيث يمكن أن يقوم الصدام ما بين طالبان وإيران إذا استمر سعي الثانية إلى تحقيق هدفها في تمثيل الأقليات الشيعية الموالية لها في أفغانستان مثل قبيلة الهزارة والفرسيوان وقيز لباش والسيدز، أي على غرار النسخة العراقية من الحكومة حتى تضمن النفوذ في أفغانستان، وردت طالبان على ذلك بشكل ضمني حين صرح المتحدث باسم الحركة “ذبيح الله مجاهد” بأن: “حكومتنا لن تقوم على أساس العرق، لن نسمح بهذا النوع من السياسة”،[170] حيث أن ذلك يرتبط في الأساس برؤية إيران لنفسها أنها حامية الشيعة في العالم.

2_ أزمة تقسيم المياه

يمكن أن تكون أزمة تقسيم المياه بين أفغانستان وإيران محفزاً للصراع حيث قد تستخدمها طالبان كورقة ضغط سياسية في علاقاتها مع إيران، خصوصاً في ظل موجات الجفاف وانخفاض مستوى نهر هلمند بسبب الظروف المناخية.

3_ تعاون طالبان مع الجماعات الإرهابية المعادية لإيران

يمكن أن توظف طالبان الحركات الإرهابية مثل القاعدة وتنظيم داعش المعادي لإيران والشيعة، أو من خلال التحالف مع الجماعات البلوشية المتمردة في محافظة سيستان وبلوشستان شرق إيران، وهو الإقليم الذي يعتبر مأوى للحركات السنية المعادية للنظام في إيران، وذلك يعتبر على غرار ما تقوم به إيران نفسها تجاه طالبان من خلال استقدام الميليشيات الموالية لها مثل لواء فاطميون الذي يضم الشيعة الأفغان الذين يتم تدريبهم على يد الحرس الثوري الإيراني وإرسالهم إلى أفغانستان، مما قد يدفع حركة طالبان إلى انتهاج سلوك هجومي تجاه إيران، فقد اضطهدت طالبان في الماضي أقلية الهزارة الشيعية، إذ قال أحد القادة المنشقين عن طالبان “الملا عبد المنان نيازي” في مقابلة داخل أفغانستان: “جميع الهزارة فاطميون، سأقتل الفاطميين وجميع من يلعبون دوراً رئيساً في الحرب الأهلية في أفغانستان، سأقتل الآلاف من الهزارة،”[171] أو من خلال محاولة إيران إحياء تحالف الشمال المناهض لطالبان.

4_ تعاون طالبان مع الصين

يمكن أن تنأى طالبان عن اللجوء لإيران على المستوى الاقتصادي والمساهمة في إعادة الإعمار، واللجوء إلى الصين سواء بشكل مباشر أو من خلال باكستان، حيث تعتبر طالبان الصين مصدراً بالغ الأهمية للاستثمار والدعم الاقتصادي، وما هو ما قد يؤدي إلى فقدان إيران لمصالحها في أفغانستان وأهمية أفغانستان لها كمعبر لدول وسط آسيا، والمؤشرات على ذلك كثيرة، ومنها عدم تدخل طالبان في إقليم سينجانج ذو الأغلبية المسلمة أو دعم الانفصاليين (الأويجور) وإعلانها أن الصين دولة صديقة.[172]

وعلى صعيد آخر ظهرت رغبة الصين في تحقيق نفوذ اقتصادي من خلال تضمين أفغانستان ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية.

5_ الانقسام الداخلي

يعتبر الانقسام الداخلي في في طالبان أحد محفزات الصراع، فعلى مستوى جماعة طالبان فالجماعة تتكون من جماعات مختلفة فإلى جانب شبكة حقاني تحالفت جماعة طالبان مع قيادات ممثلة لإثنيات، مثل الطاجيك والأوزبك ولذلك يجب على جماعة طالبان إرضاء كافة الأطراف حتى لايحدث انقسام دخل الجماعة نظراً لوجود أجنحة معتدلة وأخرى متطرفة داخل طالبان مما يصعب اتخذ قرار بشأن علاقة طالبان بإيران، وكذلك زيادة فرصة الصراع بينهما.

أما على مستوى الدول فتلتقى مصالح الصين وباكستان في أفغانستان مع بعضهم البعض واستكمالاً لمشروع الحزام والطريق الذي يمر بأفغانستان، وكذلك مشروع الهند وإيران واستثمارها في ميناء تشابهار بإيران والذي يمر بأفغانستان، ومن المعروف الصراع الدائر بين باكستان والهند وهذا يشير إلى التأثير السلبي للصين وباكستان في العلاقات الأفغانية الإيرانية.

ثانياً_ معوقات الصراع

1_ نجد أن التوجه الإيراني للانفتاح على طالبان والتصريح أنها لم تعد كما كانت في ظل تصريحات الحركة الودية تجاه الأقلية الشيعية في ظل احترامها لحقوق الأقليات وتضمينها في هيكل حكومتها المستقبلية، من الممكن أن يؤدي إلى نوع من التقارب بينهما، إلا أن ذلك لم يتحقق منه سوى السماح لأقلية الشيعية بممارسة شعائرها الدينية فقط مثل الاحتفال بذكرى عاشوراء.

2_ وجود عدو مشترك لكل من طالبان وإيران مثل تنظيم داعش الذي يضع الأقلية الشيعية على أولويات أهدافه وينظر لطالبان على أنها مرتدة قد يخلق نوعاً من التقارب بينهما في مواجهة هذا العدو.

3_ قد يؤدي الانقسام الداخلي في صفوف طالبان إلى نوع من التقارب بين طالبان وإيران في حالة تغليب الرأي القائل بالتعاون مع إيران.

ج_ السيناريو

وبناء على ذلك يمكننا أن نستنتج أن السيناريو المحتمل هو الصراع بين أفغانستان وجارتها إيران حيث تتعدد محفزات الصراع بينهما وتتمثل في: السلوكيات السياسية لطالبان التي تعكس عدم التزام طالبان بضمان عدم وجود تمييز للشيعة الأفغان ومنها اختيار طالبان لأعضاء حكومتها الجدد من بين أفرادها دون غيرها من فئات المجتمع الأفغاني كما سبق وصرحت، وبالتالي من الممكن أن يؤدي ذلك إلى تدخل إيران في الشئون الداخلية لأفغانستان وهو ما قد يترتب عليه الصراع بين طالبان وأفغانستان، فضلاً عن علاقة طالبان بتنظيم القاعدة أو احتمالية تحالفها مع تنظيم داعش المعادي لإيران.

بالرغم من طلب جماعة طالبان من المجتمع الدولي مساعدتها في النهوض بالاقتصاد الأفغاني، الذي كان قائماً بالفعل على المساعدات والمنح من الدول الغربية طوال العقدين الماضيين، إلا أن تلك المساعدات مشروطة بالتزام حكومة طالبان بالمعايير التي صرحت بها، ومرتبطة بتخوف الغرب من الأنشطة الإرهابية وانتهاكات حقوق الإنسان وعلى وجه الخصوص النساء ومنعهن من العمل ومنع الطالبات من الذهاب للمدارس، مما أدى إلى تراجع الدول الغربية والمنظمات المالية عن تقديم المنح والمساعدات لأفغانستان، لذا فمن المرجح في ضوء ذلك أن تستمر حركة طلبان في الاعتماد على مواردها القديمة والتي تشمل زراعة وتجارة المخدرات التي صرحت بأنها ستتوقف عن زراعتها إذا ما ساعدها المجتمع الدولي في النهوض بالاقتصاد الأفغاني والاعتماد على الجريمة المنظمة واستخدام كارت الإرهاب، وهو ما يمثل تهديداً أمنياً واجتماعياً كبيراً بالنسبة لإيران، وبالتالي فقد تستمر سياسة الحركة العدائية تجاه إيران إذا ما اعترضت الأخيرة مصالح الحركة. 

الخاتمة

تعود العلاقات بين أفغانستان وإيران إلى حقبات تاريخية قديمة وذلك بحكم الجوار من جهة والتقارب العرقي والديني من جهة أخرى حيث تتشابك القوميات والأعراق بين أفغانستان وإيران ولاسيما على جانب الحدود بين البلدين، وقد مرت العلاقات الأفغانية الإيرانية بمنعطفات تاريخية تعززت فيها نسبياً وتراجعت كثيراً لكنها لم تنقطع باستثناء ثلاث فترات تاريخية تتعلق أولها بالخلاف بشأن نهر هلمند الذي مازال الخلاف بشأنه قائماً، وثانيها وصول الشيوعيين إلى حكم أفغانستان سنة 1978، ثم قيام الثورة الإسلامية في إيران حيث وقف الخلاف الأيدولوجي سداً أمام تحسين العلاقات بين أفغانستان وإيران، أما ثالثها وأكثرها حدة يتعلق بفترة حكم طالبان الأولى ومقتل الدبلوماسيين الإيرانيين في مزار الشريف 1998.

ونظراً لأن وجود طالبان في حكم أفغانستان كان سببا في انقطاع العلاقات بينها وبين إيران في الفترة الأولى ركزت هذه الدراسة على دراسة مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية بعد عودة طالبان لحكم أفغانستان مرة أخرى في أغسطس 2021، حيث أظهرت إيران تخوفها من عودة طالبان لحكم أفغانستان ولذلك لعدة أسباب منها طبيعة العلاقات بين طالبان وإيران في فترة حكم طالبان  الأولى، والاختلاف بين طالبان وإيران من ناحية المذهب حيث تعد طالبان بالأساس حركة سنية حنيفية تعادي في جميع الأحوال العقيدة الشيعية الاثنى عشرية التي يقوم عليها النظام في طهران، وأيضاً من مخاوف إيران سعي طالبان لإقامة إمارة إسلامية في أفغانستان.

بالإضافة إلى ذلك فإن العلاقات بين طالبان وإيران تؤثر فيها مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أيضا هناك مجموعة من الأزمات المشتركة بين أفغانستان وإيران مثل أزمة الحدود، وأزمة تقسيم المياه (نهر هلمند)، ومشكلة اللاجئين والمخدرات ووجود الشيعة في أفغانستان كل هذه العوامل سوف تؤثر في مستقبل العلاقات بين أفغانستان وإيران.

بالإضافة إلى ذلك فإن دول الجوار الإقليمي والقوى العالمية سوف تلعب دوراً مهما في التأثير في مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية ومن هذه الدول الصين والهند وبكستان والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

وفي وضوء ما سبق توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج وهي:

1- توصلت الدراسة إلى أن حركة طالبان هي حركة سنية متشددة تسعى لإقامة إمارة إسلامية في دولة أفغانستان وصلت لحكم أفغانستان مرتين المرة الأولى كانت في 1996 واستمرت حتى عام 2001، وفي هذه الفترة كانت سياسة الحركة سياسة متشددة تقوم على العنف والقمع حيث قامت الحركة بفرض الزي الإسلامي وحظر الموسيقي ومنع النساء من العمل والتعليم بينما بعد وصولها للحكم ثانية في أغسطس 2021 تبنت خطاباً أقل تشدداً سعت من خلاله إلى طمأنة دول الجوار وخاصة إيران وذلك من أجل الحصول على الاعتراف الدولي.

2- توصلت الدراسة إلى أن الاعتراف الدولي بطالبان وإقامة علاقات معها يتوقف على تغير سياستها ومدى التزامها بما أعلنته بعد وصولها للحكم فرغم ما أعلنته طالبان عن تغيير سياستها بشأن ملف المرأة وتمثيل فئات المجتمع في حكومتها إلا أن هذا لم يتحقق على أرض الواقع بل مازلت الأحداث تؤكد بقاء طالبان على ما كانت عليه خلال فترة حكمها الأولى لأفغانستان.

3- توصلت الدراسة إلى أنه ليس من مصلحة طالبان عدم تغير رؤيتها وبقائها عى سياستها المتشددة لأن ذلك سوف يفرض عليها عزلة دولية وقد يؤدي إلى الصراع بينها وبين إيران خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه أفغانستان.

4- توصلت الدراسة إلى أن مستقبل العلاقات بين أفغانستان وإيران تؤثر فيه مجموعة العوامل والتي قد تؤدي إلى الصراع والعداء بين طالبان وإيران وقد تؤدي إلى التعاون والتقارب بينهما، وهذه العوامل تتمثل في العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمشكلات والأزمات المشتركة بين الدولتين مثل مشكلة اللاجئين والمخدرات والشيعة وأزمة الحدود وتقسيم المياه ووجود التنظيمات الإرهابية.

5-توصلت الدراسة إلى أن دول الجوار الإقليمي والقوى الخارجية تلعب دوراً مؤثراً في العلاقات الأفغانية الإيرانية ومن هذه الدول الهند وباكستان والصين والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، فهذه الدول قد تدعم التقارب والتعاون بين طالبان وإيران والعكس وذلك يعتمد على تلاقي المصالح بينهم.

المراجع

أ_ مراجع باللغة العربية

أولاً: الكتب

1_ أليكس ستريك فان لينشوتن، فيليكس كويهن(محرر)، حياتي مع طالبان، (بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، الطبعة الثانية، 2015)

2_ رضوى سيد أحمد، دور الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في عمليات السلام، (القاهرة: دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، 2016)

3_ صلاح عبود العامري، تاريخ أفغانستان وتطورها السياسي، (القاهرة: العربي للنشر والتوزيع، 2012، الطبعة الأولى)

4_ ضاري سرحان الحمداني، سياسة إيران تجاه دول الجوار (القاهرة: العربي للنشر والتوزيع, 2012، الطبعة الأولى)

5_ طه حميد حسن العنكبي، نرجس حسين زاير العقابي، أصول البحث العلمي في العلوم السياسية، (العراق: مكتبة مؤمن قريش، 2015)

6_ عبد العزيز الحيص(محرر)، معضلة أفغانستان طالبان والولايات المتحدة، (الدوحة: منتدى العلاقات العربية والدولية، 2014)

7_ فهمي هويدي، طالبان جند الله في المعركة الغلط، (القاهرة: دار الشروق، 2001)

8_ محمد سرافراز، حركة طالبان من النشوء إلى السقوط، (بيروت: دار الميزان، 2008)

9_ ياسر عبد الحسين، السياسة الخارجية الإيرانية مستقبل السياسة في عهد الرئيس حسن روحاني، (بيروت، لبنان: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 2015)

ثانياً: الدوريات

1- آية أحمد محمد محمود، وآخرون، نشأة وتطور الجماعات الجهادية في أفغانستان: حركة طالبان وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق نموذجاً (المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، المجلد 34 – العدد الأول مارس 2020.

2- بوميلك نوال، تيغرة زهرة، الهندسة الإقليمية للأمن: نظرية مركب الأمن الإقليمي كمقاربة تفسيرية، مجلة الناقد للدراسات السياسية، المجلد (5)، العدد (2)، 29 أكتوبر 2021.

3- عمرو الشوبكي، مستقبل الأزمة الأفغانية في ظل حكم طالبان، آفاق مستقبلية، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار لمجلس الوزارء المصري، العدد 2، يناير 2022.

5_ فضلي، نادية فاضل عباس، السياسة الخارجية الإمريكية تجاه أفغانستان، جامعة بغداد، مركز الدراسات الدولية، (العدد 45، ستيمبر 2010).

6_ كرم الحفيان، ملامح المشروع السياسي لحركة طالبان الأفغانية، (مجلة المعهد المصري، المجلد 4، العدد 15يونيو 2019).

7_ محمد رقيب أوغلو، سياسات الخليج تجاه أفغانستان: البراغماتية الحذرة بين الفرص والمخاوف، مجلة رؤية تركية، خريف 2021، العدد 2.

8- نادية فاضل عباس فضلي، السياسة الخارجية الأمريكية تجاه أفغانستان (جامعة بغداد: مركز الدراسات الدولية، العدد الخامس والأربعون).

9_ هبية غربي، العلاقات الإيرانية الأفغانية 2002 – 2020: رؤية استراتيجية، مجلة مدارات إيرانية، العدد (9)، سبتمبر 2020. 

ثالثاً: مصادر أخرى

(أ)- رسائل الماجستير

1_ أحمد جميل زغير الحسيناوي “موقف إيران من التطورات السياسية في أفغانستان 1979 – 1991م” رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في التاريخ الحديث، (العراق: جامعة زي قار: كلية التربية للعلوم الإنسانية، 2019).

2_ بشراير فاطمة الزهراء، الأزمة الأفغانية وتأثيرها على المحيط الإقليمي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، رسالة ماجستير، (جامعة الجيلالي بونعامة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2015).

3_ توفيق محمود، محددات آداء النظام السياسي في أفغانستان: دراسة في الجغرافيا السياسية، رسالة ماجستير، جامعة الكويت، كلية العلوم الاجتماعية، 2003.

4_ سيد إسماعيل يوسفي، الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات الأمريكية – الأفغانية (2001 – 2014)، رسالة ماجستير (جامعة الشرق الأوسط: كلية الآداب والعلوم, 2014م).

5_ كرم الحفيان، ملامح المشروع السياسي لحركة طالبان الأفغانية، مجلة المعهد المصري، المجلد 4، العدد 15، يوليو 2019.

6_ مي فاضل مجيد، الحياة الاجتماعية في أفغانستان في ظل حكومة طالبان 1996-2001، (وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقي، المجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية، المجلد32، العدد2010).

(ب)- دراسات مراكز الأبحاث

  • أحمد إدريس رحماني وآخرون، النفوذ الإيراني في أفغانستان (مترجم)،(مؤسسة RAND، مركز سياسات الدفاع والأمن الدولي)، 2014.
  • أحمد الجوارنة، أفغانستان وحلف شمال الأطلسي النموذج الأخر للإمبراطوريات المهزومة، جامعة اليرموك، 2014.
  • أحمد الشيخ، صدمة النهاية!! مشاهد العالقين بالطائرات من سايجون إلى كابول، (مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد(2)، سبتمبر2021.
  • أحمد دياب، ما بعد سقوط كابول: تبعات “عودة طالبان” بين خطر الإرهاب وتدفق اللاجئين، مركز المستقبل، (17أغسطس2021).
  • أحمد قنديل، الأزمة الأفغانية وانعكاساتها على الأمن الإقليمي في جنوب ووسط آسيا، اللايقين: مستقبل أفغانستان بعد هيمنة طالبان، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أغسطس 2021.
  • أفغانستان بصدد الاستفادة من الإمكانيات التقنية الإيرانية، المركز الأفغاني للإعلام والدراسات، يناير 2019.
  • أمريكا أولاً: تداعيات انسحاب واشنطن من أفغانستان على نفوذها الدولي، ملفات المستقبل، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 2، سبتمبر 2021.
  • آمنة فايد، حراك جيلي: الطبعة الثانية من طالبان.. احتمالات ودوافع التغير، أحمد عليبة، اللايقين: مستقبل أفغانستان بعد هيمنة طالبان، مركز الأهرام، أغسطس2021.
  • آمنة فايد، حراك جيلي: الطبعة الثانية من طالبان.. احتمالات ودوافع التغير، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، اللايقين: مستقبل أفغانستان بعد هيمنة طالبان، أغسطس 2021.
  • بكر محمد البدور، هل طالبان بحاجة إلى إيران، مركز الفكر للدراسات الاستراتيجية،(يناير2022).
  • تشارليز ليستر، التنافس الجهادي: الدولة الإسلامية تتحدى تنظيم القاعدة ، مركز بروكنجز الدوحة، يناير2016.
  • تعاون محتمل: اتجاه إيران للانفتاح على طالبان وتحجيم التهديدات، تقديرات المستقبل، العدد 1311، 18 أغسطس 2021، أبو ظبي: المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.
  • تعاون محتمل: اتجاه إيران للانفتاح على طالبان وتحجيم التهديدات،(مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة،العدد(2)،سبتمبر2021.
  • تقدير موقف، عودة حكم طالبان – قراءة في التداعيات الداخلية والخارجية (العراق: مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية).
  • تكيف برجماتي: استسلام أمريكي وتقبل إقليمي بسيطرة طالبان على أفغانستان، ملفات المستقبل، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 2، سبتمبر 2021.
  • حسام إبراهيم، محددات حاكمة: هل تعترف واشنطن بحكومة طالبان المقبلة؟ ، ملفات المستقبل، العدد 2، سبتمبر 2021، أبو ظبي: المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.
  • حسين سليمان، اللايقين: مستقبل أفغانستان بعد هيمنة طالبان، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أغسطس 2021.
  • حمدي سيد محمد، تقدير موقف: علاقة إيران بطالبان ومستقبل الشيعة الهزارة بأفغانستان،( مجلة مدارات إيرانية، العد(14)، المجلد(4)، المركز الديمقراطي العربي، برلين ألمانيا)، ديسمبر2021.
  • خط النفاذ لأولويات إيران الجيو-سياسية في أفغانستان، (الرياض: المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، تاريخ النشر:23 يونيو 2020، تاريخ الاطلاع: 18 نوفمبر 2022).
  • خورشيد دلي، منافذ صعبة: فرص التمدد التركي في أفغانستان عبر بوابة طالبان، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، سبتمبر 2021، العدد 2
  • خيارات أربعة: سيناريوهات الحكومة الأفغانية الجديدة في ظل حكم طالبان، ملفات المستقبل، العدد 2، سبتمبر 2021، أبو ظبي: المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.
  • رانيا مكرم، الاعتراف المشروط: هل ينجح المجتمع الدولي في إعادة تأهيل طالبان؟، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 2- سبتمبر 2021.
  • رانيا مكرم، تغير أم تكتيك: هل ستنفتح طالبان على العرقيات في الداخل الأفغاني؟،( ملف خاص اللايقين: مستقبل أفغانستان بعد هيمنة طالبان)، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أغسطس 2021.
  • رائد الحامد، إيران وطالبان سنوات من التعاون الخفي ومستقبل العلاقات بينهما، مركز ترندز للبحوث والاستشارات، نوفمبر 2021.
  • زبان فارسي، مستقبل العلاقات بين إيران وطالبان.. التحديات والمخاوف ، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية ، 23 أغسطس 2021.
  • سيناريوهات الحكومة الأفغانية الجديدة في ظل حكم طالبان، (أبو ظبي: مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 2 – سبتمبر 2021).
  • شروق صابر، اللاجئون: أزمة تتفاقم حدتها في أفغانستان، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سبتمبر2021.
  • على عاطف،“تقارب حذر”.. سيناريوهات العلاقة المستقبلية بين”إيران” و”طالبان” بعد سقوط كابول، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أغسطس 2021.
  • علي جبلي، طالبان أفغانستان مأزق الحرب وآفاق السلام (إسطنبول: مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 2020.
  • فاطمة الزهراء عبد الفتاح، التسلل الرقمي: كيف توظف طالبان وسائل التواصل الاجتماعي في أفغانستان، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، سبتمبر2021.
  • فاطمة الزهراء، من الجبال إلي تويتر: صورة طالبان الجديدة.. خطاب للتغيير أم المناورة؟ مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد2، سبتمبر 2021.
  • كرم الحفيان، تجربة طالبان: قراءة خلدونية دراسة سوسيولوجية في جذور وظهور طالبان (تركيا_ إسطنبول: مركز المجدد للبحوث والدراسات، 2021).
  • ليونيد بجدانوف، الكراسة الأفغانية، علي فهمي عبد السلام، القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2009.
  • محمد تشاغاتاي غولر، سياسية روسيا تجاه أفغانستان، مركز سيتا، (مجلة رؤية تركية ، السنة 10 العدد 4 )،خريف 2021.
  • محمد عادل، أفغانستان وصعود طالبان (تقرير لمعهد الولايات المتحدة للسلام: UNITED STATES INSTITUTE OF PEACE، نوفمبر 2006.
  • محمد فايز فرحات، تحولات جيوستراتيجية: أفغانستان كمنطقة تقاطع للمشرعات الدولية والإقليمية، اللايقين: مستقبل أفغانستان بعد هيمنة طالبان، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أغسطس 2021.
  • مخاوف الجوار: تحديات النفوذ التركي في أفغانستان، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أغسطس2021، متاح على الرابط https://futureuae.com
  • مرفت زكريا، ارتدادات التوغل.. الاحتجاجات الأفغانية في مواجهة التدخل الإيراني في كابول، المركز العربي للبحوث والدراسات، 21 ديسمبر2019.
  • مستقبل العلاقات السرية بين إيران وطالبان، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، ديسمبر 2021.
  • مستقبل العلاقات بين و “طالبان”.. التحديات والمخاوف، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 23 أغسطس 2021.
  • مصطفى ربيع، أفغانستان من الداخل: اتجاهات المجتمع الأفغاني نحو الأوضاع الداخلية، (مركز المستقبل، العدد الأول، أغسطس 2021).
  • مصطفي زهران، سوسيولوجيا حركة طالبان الأفغانية المتشددة وتشكلاتها الفكرية: ملامح مشروعها الإسلامي والسياسي ومحددات العمل الجهادي، مركز الدراسات العربية الأوراسية، 3 أكتوبر 2021.
  • ميناء شابهار والعلاقات بين كابول وطهران ودلهي الجديدة، مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية، يونيو 2019.
  • نذر خلاف: مؤشرات على توجس طهران من حكومة طالبان الأفغانية، تقديرات المستقبل، العدد 1348، 27 سبتمبر 2021، أبو ظبي: المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.
  • نذر خلاف، مؤشرات على توجس طهران من حكومة طالبان الأفغانية، تقديرات المستقبل، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 1348، ستبمر 2021.
  • نصر محمد عارف، المحددات الأربعة لإدارة الحركات المتطرفة للسلطة: طالبان نموذجاً، مركز المستقبل، (6سبتمبر2021).
  • هدير خالد، هل تنجح حركة طالبان في إدارة الاقتصاد الأفغاني؟ (أبو ظبي: مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، تاريخ النشر31 أغسطس 2021.
  • الهزارة:6 ملايين شيعي أفغاني يواجهون مصيراً مجهولا؟، مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث، أغسطس 2021.
  • هيبة غربي، العلاقات الإيرانية الأفغانية 2002-2020 رؤية استراتيجية، (مجلة مدارات إيرانية – المركز الديمقراطي العربي – برلين ألمانيا – المجلد (3) العدد (9)، سبتمبر 2020.

(ج)- مواقع الإنترنت

  • أحمد شوقي، أفغانستان.. عقود من الضياع لموارد ضخمة من النفط والمعادن، أغسطس 2021، متاح على الرابط https://attaqa.net
  • إسلام المنسي، مقال بعنوان: “الديوبندية” والأصول الفكرية للإسلام السياسي في آسيا، تاريخ النشر: 23أغسطس 2021، تاريخ الاطلاع: 2 فبراير 2022، متاح على الرابط: https://www.ida2at.com/deobandi-intellectual-origins-of-political-islam-in-asia
  • إسماعيل محمد عامر، طالبان في طريقها لحكم أفغانستان، (كتاب إلكتروني, 2021)، متاح على الرابط https://www.noor-book.com
  • أفغانستان: ما التركيبة القومية والدينية لهذا البلد الذي لم يعرف الاستقرار منذ نصف قرن؟، أغسطس 2021،BBC News عربي، متاح علي الرابط https://bbc.com
  • أكرم عمروف، إيران وطالبان: أصدقاء أم أعداء؟، European Eye on Radicalization، أغسطس 2020. متاح على الرابط http://eeradicalization.com
  • الجزء الأول: رؤية طالبان للحكم: “خلافة هجينة” من أجل ديمومة السلطة والاعتراف الدولي، مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، 28 أغسطس 2021، متاح على الرابط: https://www.menaccenter.com
  • الجماعات الإسلاموية: كيف احتفت بحركة طالبان؟ (مركز المسبار للدراسات والبحوث، تاريخ النشر: 23أغسطس 2021) متاح على الرابط: https://www.almesbar.net
  • السيد شفقت حسين شيرازى، سيطرة طالبان تشكل قلقاً لمصالح الهند، موقع الخنادق، سبتمبر 2021. متاح على الرابط http://alkhanadeq.com
  • السيد صلاح الدين، الوجه الاقتصادي للصراع السياسي في أفغانستان، السياسة الدولية
  • العميد ناجي ملاعب، مقال بعنوان: الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وتداعياته على الشرق الأوسط، تاريخ النشر 12 يوليو 2021، الاطلاع: 30 مارس 2022
  • القانون العملي للقانون الإنساني، متاح على الرابط https://www.ar.guide-humanitarian-law.org
  • الموسوعة السياسية، مركب الأمن الإقليمي – Regional Security Complex، تاريخ الاطلاع: 15 فبراير 2022, متاح على الرابط: https://political-encyclopedia.org/dictionary
  • الموقف الإيراني في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية، مركز الإمارات للسياسات، أغسطس 2021، متاح على الرابط: https://epc.ae/ar
  • الموقف الإيراني في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية، مركز الإمارات للسياسات، 14 أغسطس 2021، متاح على الرابط: https://epc.ae/ar/details/featured/almawqif-alirani-fi-afghanistan-baed-ainsihab-alquat-alamrikia ، تاريخ الاطلاع
  • أيمن سمير، رغم تصنيفها إرهابية لماذا تدافع روسيا عن حركة طالبان؟، منصة الرؤية، تاريخ النشر 1 أغسطس 2021، تاريخ الاضطلاع 30 مارس 2020. متاح على الرابط: alroeya.com
  • توفيق رجب، طالبان تحظر المسلسلات الأجنبية في وسائل الإعلام المحلية، البوابة نيوز، ديسمبر 2021، متاح على الرابط http://www.albawabahnews.com
  • ثروة من المعادن الثمينة في قبضة السلطة الأفغانية الجديدة، جريدة الشرق الأوسط، أغسطس 2021، تاريخ الإطلاع 11\2\2022، رقم العدد (15606)، متاح على الرابط https://aawsat.com
  • حسن الرشيدي، إيران تستعد لمواجهة طالبان، مجلة البيان، يونيو2021. متاح على الرابط http://albayan.co.uk
  • حليقو الذقون والنساء.. قراران جديدان مثيران للجدل من طالبان، وكالات – أبو ظبي، 28 مارس 2021، متاح على الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1510776
  • رانيا مكرم, مقال بعنوان: انخراط اضطراري: كيف تتعامل إيران مع التطورات الأفغانية (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاسترايجية, تاريخ النشر: 13-7-2021, تاريخ الاطلاع: 14-2-2022)، متاح على الرابط: https://www.ahram.org.eg
  • رانيا مكرم، انخراط اضطراري: كيف تتعامل إيران مع التطورات الأفغانية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 21 فبراير 2202، متاح على الرابط: https://acpss.ahram.org.eg|News|17193.aspx
  • رانيا مكرم،المجتمع الأفغاني..تركيبة معقدة،الأهرام،أغسطس2021، تاريخ الاطلاع 15 \2\2022، متاح علي الرابط https://gate.ahram.org.eg
  • رائد الحامد، إيران وطالبان سنوات من التعاون الخفي ومستقبل العلاقات بينهما، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، (نوفمبر2021). متاح على الرابط trendsresearch.org
  • رويترز، البنك الدولي يجمد مشروعات ب 600 مليون دولار في أفغانستان، اقتصاد الشرق، 30 مارس 2022، متاح على الرابط: https://www.asharqbusiness.com/article/35603
  • زهراء رجبي، إعلام أفغانستان.. أبواب موصدة بانتظار مفتاح طالبان، العين الإخبارية، أغسطس2021، متاح علي الرابط https://al-ain.com
  • سوزان عاطف، طالبان تمنع دخول الإيرانيين إلى أفغانستان إلا بتأشيرة منها، المصري اليوم، 23 أغسطس 2021، تاريخ الأطلاع 22 فبراير 2022، متاح على الرابط https://www.almasryalyoum.com|news|details|2402832
  • صيغة موسكو: قرار بالعمل مع طالبان من أجل الاستقرار الإقليمي، العربية نت، تاريخ النشر 20 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع 30 مارس 2022. متاح على الرابط alarabiya.net
  • طالبان…منذ نشأتها عام 1996إلى سيطرتها على85بالمئة من الأراضي الأفغانية، يورونيوز،(10يوليو2021). متاح على الرابط https://www.arabic.euronews.com
  • عبدالرحمن شلقم، أفغانستان في كهوف الجغرافيا ودم التاريخ، الشرق الأوسط ،أغسطس 2021، العدد 15607، متاح علي الرابط https://aawsat.com
  • عبدالله المدني، طالبان والمخاوف الهندية، البيان، أغسطس 2021. متاح على الرابط: albayan.ae
  • عودة حكم طالبان قراءة في التداعيات الداخلية والخارجية، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 16 أغسطس 2021، متاح على الرابط: https://www.hcrsiraq.net|1558|2021|08|16|
  • عودة طالبان: أسئلة الجيوبولتيك والتداعيات الاسترايجية، 19 ديسمبر 2021، 28 مارس 2022، متاح على الرابط: https://alghad.com|
  • للمرة الثانية موسكو تحذر”طالبان” .. والحركة تستجيب مقابل شرط، عربية sky news، تاريخ النشر15 يوليو 2021، تاريخ الاضطلاع 30 مارس2022. متاح على الرابط: skynewsarabia.com
  • ما حجم ثروات أفغانستان ولماذا تشبهها الولايات المتحدة بالسعودية، أغسطس 2021، موقع كوارتز، متاح علي الرابط https://arabic.rt.com
  • ماذا يجري بأفغانستان؟ تغييرات في حكومة طالبان وزيارة صينية, كابل – سكاي نيوز عربية، 24 مارس 2022، متاح على الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1510036
  • ماكسيم سوشكوف، روسيا وطالبان قصة سلام أم حرب، سارة قريرة، موقع 180POST، تاريخ النشر 22 أكتوبر 2021، تاريخ الاضطلاع 29 مارس 2022. متاح على الرابط: http://180post.com
  • متاح على الرابط: https://www.iktissadonline.com
  • متاح على الرباط: http://www.siyassa.org.eg/News/18101.aspx
  • محمد أبو غزلة، عودة طالبان.. المعطيات الواقعية والسيناريوهات المستقبلية، تريندز للبحوث والاستشارات، (17أغسطس2021). متاح على الرابط https://www.trendsresearch.org
  • محمد سلامي، الصراع على نفوذ في أفغانستان: حالتا قطر وباكستان، 26 أكتوبر 2021 ،28 مارس 2022، متاح على الرابط https://www.washingtoninstitute.org|ar|policy-anaiysis|alsra-ly-alnfwdh-fy-afghanstan-halta-qtr-wbakstan
  • مصائب بايدن عند بوتين فوائد.. كيف ترى وسيا عوة طالبان لحكم أفغانستان؟، موقع عربي بوست، تاريخ النشر 16 أغسطس2021، تاريخ الاضطلاع 30 مارس2022. متاح على الرابط: http://arabicpost.me
  • معهد واشنطن يكشف علاقة طالبان بإيران.. وتوجهات الإرهاب العالمي، العربية، (سبتمبر2021). متاح على الرابط alarabiya.net
  • من الملف السياسي: حركة طالبان النشأة الأولى وعوامل الضعف والقوة، البيان، (28 أغسطس 1998)، متاح على الرابط https://www.albayan.ae
  • منشورات قانونية، متاح على الرابط https://www.manshurat.org
  • موسي مهدي، هل تنجح طالبان بتوظيف ثروة النفط والغاز في أفغانستان، سبتمبر 2021، متاح على الرابط https://www.alaraby.co.uk
  • “مجرد شائعات” طالبان تنفي إحداث تغيير في حكومتها، سكاي نيوز عربية – أبو ظبي، 25 مارس 2022، متاح على الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1510181
  • هدى رؤوف، اللاجئون الأفغان كبش فداء إيراني متجدد، عربية INDEPENDENT، مايو2021. متاح على الرابط independentarabia.com

(د)- جرائد

1_ محمد زيشان، هل تستطيع الهند التواصل مع طالبان؟، جريدة الجريدة، سبتمبر 2021.

ب- المراجع الأجنبية

ABooks

  • Barry Buzan, Gowher Rizvi, South Asian Insecurity and The Great Powers, United States, Library of Congress Cataloging-in-Publication Data, 1986.

B- Periodicals

  • Alireza Nader and others, Iran’s Influence in Afghanistan, Implications for the U.S. Drawdown, Rand National Security Research Division.

C- Other Sourses

  • Afghan Refugees and Migrants Face a Grim future in Iran, International Institute for Iran Studies, November 2021.
  • Hasan Alhasan, Is India Abandoning Iran for a Middle Eastern Quad, or Merely Singnaling China? The Arab Gulf States Institute in Washington, November 2021.

D- Links

1– Iran File: Tehran faces multiple regional crises, The Critical Threats Project, 25 October, 2021, Available at: https://www.criticalthreats.org/briefs/iran-file/Iran-File-Tehran-faces-multiple-regional%20crises

  • Maxim A. Suchkov, Moscow’s Illusion less Realism in Afghanistan, Association orient xxi, 19 October 2021, Available at: http://orientxxi.info

[1] محمد عادل، أفغانستان وصعود طالبان، معهد الولايات المتحدة للسلام، نوفمبر 2006.

[2] آية أحمد محمد محمود وآخرون، نشأة وتطور الجماعات الجهادية في أفغانستان: حركة طالبان وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق نموذجاً، المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، المجلد 34 ، العدد الأول، مارس 2020.

[3] علي جبلي، طالبان أفغانستان مأزق الحرب وآفاق السلام، مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 2020.

[4] كرم الحفيان، ملامح المشروع السياسي لحركة طالبان الأفغانية، مجلة المعهد المصري، المجلد 4، العدد 15 يونيو 2019.

[5] سيد إسماعيل يوسفي، الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات الأمريكية – الأفغانية (2001 – 2014)، رسالة ماجستير، (جامعة الشرق الأوسط: كلية الآداب والعلوم، 2014).

[6] ضاري سرحان الحمداني، سياسة إيران تجاه دول الجوار (القاهرة: العربي للنشر والتوزيع، 2012م، الطبعة الأولى).

[7] أحمد إدريس رحماني وآخرون، النفوذ الإيراني في أفغانستان، (مؤسسة راند: مركز سياسات الدفاع والأمن الدولي، 2014).

[8] ياسر عبد الحسين، السياسة الخارجية الإيرانية مستقبل السياسة في عهد الرئيس حسن روحاني، لبنان: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، 2015.

[9] أحمد جميل زغير الحسيناوي “موقف إيران من التطورات السياسية في أفغانستان 1979 – 1991″، رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في التاريخ الحديث، (العراق: جامعة زي قار، كلية التربية للعلوم الإنسانية، 2019).

[10] هبية غربي، العلاقات الإيرانية الأفغانية 2002 – 2020: رؤية استراتيجية، مجلة مدارات إيرانية، العدد (9)، سبتمبر 2020.

[11] بوميلك نوال، تيغرة زهرة، الهندسة الإقليمية للأمن: نظرية مركب الأمن الإقليمي كمقاربة تفسيرية، مجلة الناقد للدراسات السياسية، المجلد (5)، العدد (2)، 29 أكتوبر 2021، صـ 463

 [12] Barry Buzan, Gowher Rizvi, and others, South Asian Insecurity and the Great Powers, USA: Plagrave Macmillan, 1986, p10

[13] الموسوعة السياسية، مركب الأمن الإقليمي – Regional Security Complex، متاح على الرابط: g2g.to/HMJG،  تاريخ الاطلاع: 15 فبراير 2022.

[14] انظر: بوميلك نوال وتيغرة زهرة، الهندسة الإقليمية للأمن: نظرية مركب الأمن الإقليمي كمقاربة تفسيرية، مرجع سابق ذكره، صصـ 470-472.

[15] د. رضوى سيد أحمد، دور الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في عمليات السلام، (القاهرة: دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، 2016، ص44.

[16] القاموس العملي للقانون الإنساني، متاح على الرابط https://www.ar.guide-humanitarian-law.org

[17] منشورات قانونية، متاح على الرابط https://www.manshurat.org

[18] طه حميد حسن العنكبي، نرجس حسين زاير العقابي، أصول البحث العلمي في العلوم السياسية، (العراق: مكتبة مؤمن قريش، الطبعة الأولى، 2015)، ص76.

[19] توفيق محمود، محددات أداء النظام السياسي في أفغانستان: دراسة في الجغرافيا السياسية، رسالة ماجستير، جامعة الكويت، كلية العلوم الاجتماعية، 2003، ص 17.

[20] سيد إسماعيل يوسفي، الأبعاد الإستراتيجية للعلاقات الأمريكية _ الأفغانية 2001-2014، رسالة ماجستير، (جامعة الشرق الاوسط، كلية الآداب والعلوم السياسية، 2014)، صصـ16-20.

[21]  نادية فاضل عباس، السياسة الخارجية الأمريكية تجاه أفغانستان، جامعة بغداد، مركز الدراسات الدولية، العدد 45، سبتمبر 2010، صـ42.

[22] ليونيد بجدانوف، الكراسة الأفغانية، علي فهمي عبد السلام، مترجم، القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2009، صصـ7-8.

[23] مصطفي ربيع، أفغانستان من الداخل: اتجاهات المجتمع الأفغاني نحو الأوضاع الداخلية، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد1، أغسطس 2021.

[24] أفغانستان: ما التركيبة القومية والدينية لهذا البلد الذي لم يعرف الاستقرار منذ نصف قرن؟، بي بي سي العربية، تاريخ النشر 27 أغسطس 2022، متاح على الرابط: g2g.to/WOkp، تاريخ الإطلاع 15 فبراير 2022.

[25] صلاح عبود العامري، تاريخ أفغانستان وتطورها السياسي، العربي للنشر والتوزيع،2012، ص29.

[26] أفغانستان: ما التركيبة القومية والدينية لهذا البلد الذي لم يعرف الاستقرار منذ نصف قرن؟، مرجع سابق.

[27] أفغانستان: ما التركيبة القومية والدينية لهذا البلد الذي لم يعرف الاستقرار منذ نصف قرن؟، مرجع سابق.

[28] صلاح عبود العامري، تاريخ أفغانستان وتطورها السياسي، مرجع سابق.

[29] أفغانستان: ما التركيبة القومية والدينية لهذا البلد الذي لم يعرف الاستقرار منذ نصف قرن؟، مرجع سابق.

[30] رانيا مكرم، المجتمع الأفغاني.. تركيبة معقدة، جريدة الأهرام العربي،30 أغسطس2021.

[31] رانيا مكرم، المجتمع الأفغاني..تركيبة معقدة، مرجع سابق.

[32]  سيد إسماعيل يوسفي، الأبعاد الإستراتيجية للعلاقات الأمريكية-الأفغانية 2001-2014، مرجع سابق.

[33] وليام مالي، أفغانستان: التاريخية وجغرافيا توصية، أفغانستان: تقدير تاريخي وجغرافي، مجلد 92، ديسمبر 2010، ص861.

[34] على جبلي، طالبان أفغانستان مأزق الحرب وآفاق السلام، مرجع سابق، ص 16.

[35] تشارليز ليستر، التنافس الجهادي: الدولة الإسلامية تتحدى تنظيم القاعدة، مركز بروكنجز الدوحة، يناير2016، ص7.

[36] آية أحمد وآخرون، نشاة وتطور الجماعات الجهادية في أفغانستان: حركة طالبان وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام نموذجاً، المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، العدد 1، مارس 2020، جامعة حلوان، كلية التجارة وإدارة الأعمال، ص39.

[37]  مصطفي زهران، سوسيولوجيا حركة طالبان الأفغانية المتشددة وتشكلاتها الفكرية: ملامح مشروعها الإسلامي والسياسي ومحددات العمل الجهادي، مركز الدراسات العربية الأوراسية، 3 أكتوبر 2021، ص23.

 

[38] علي جبلي، طالبان أفغانستان مأزق الحرب وآفاق السلام، مرجع سابق ذكره، صص69-70.

[39] عبد السلام ضعيف، حياتي مع طالبان، (لبنان: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، الطبعة الأولى، 2014) صصـ 69-70.

[40] علي جبلي، طالبان أفغانستان مأزق الحرب وآفاق السلام (إسطنبول: مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 2020) صـ11.

[41] كرم الحفيان، تجربة طالبان: قراءة خلدونية دراسة سوسيولوجية في جذور وظهور طالبان، (إسطنبول: مركز المجدد للبحوث والدراسات، 2021)، صصـ 6-10.

[42] محمد عادل، أفغانستان وصعود طالبان، معهد الولايات المتحدة للسلام، نوفمبر 2006، صـ87

[43] المرجع السابق، صـ 87

[44] تقدير موقف، عودة حكم طالبان – قراءة في التداعيات الداخلية والخارجية (العراق: مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية)، صـ2.

[45] المرجع السابق، صـ 2.

[46] إسلام المنسي، مقال بعنوان: “الديوبندية” والأصول الفكرية للإسلام السياسي في آسيا، 23 أغسطس 2021، متاح على الرابط: g2g.to/s59W، تاريخ الاطلاع: 2 فبراير 2022.

 [47] حركة طالبان النشأة الأولى وعوامل الضعف والقوة، البيان، 28 أغسطس 1998، متاح على الرابط: g2g.to/TBX7

[48] دوستم: أحد القادة الشيوعيين أثناء الاحتلال السوفيتي.

[49]  إسماعيل محمد عامر، طالبان في طريقها لحكم أفغانستان، مرجع سابق، صـ39.

[50] حركة طالبان النشأة الأولى وعوامل الضعف والقوة، مرجع سابق.

[51] إسماعيل محمد عامر، طالبان في طريقها في حكم أفغانستان، مرجع سابق، صـ40.

[52]علي جبلي، طالبان وصعود أفغانستان، مرجع سابق، ص 34.

[53] المرجع السابق، ص ص 35-36

[54] إسماعيل محمد عامر، طالبان في طريقها لحكم أفغانستان، 2021، صـ 90.

[55] علي جبلي، مرجع سابق، صصـ 40-41

[56] من هم وزراء الحكومة الأفغانية الجديدة، يورونيوز، 7 سبتمبر 2021، متاح على الرابط: g2g.to/MAjd، تاريخ الإطلاع

[57] آية محمود وآخرون، نشأة وتطور الجماعات الجادية في أفغانستان: حركة طالبان وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق نموذجاً، مرجع سابق، صـ28.

[58]  طالبان…منذ نشأتها عام 1996إلى سيطرتها على 85 بالمئة من الأراضي الأفغانية، يورونيوز، (10يوليو2021). متاح على الرابط https://www.arabic.euronews.com

[59] آية أحمد محمد محمود، مرجع سابق، ص25-26.

[60]  نصر محمد عارف، المحددات الأربعة لإدارة الحركات المتطرفة للسلطة: طالبان نموذجاً، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 6سبتمبر2021.

[61]  خيارات أربعة: سيناروهات الحكومة الأفغانية الجديدة في ظل حكم طالبان، ملفات المستقبل، العدد (2)، سبتمبر2021، صـ32.

[62] فاطمة الزهراء عبد الفتاح، من الجبال إلى تويتر: صورة طالبان الجديدة خطاب للتغيير أم المناورة؟، ملفات المستقبل، العدد (2) سبتمبر2021، صـ26.

[63]  المرجع السابق، ص26.

[64]  آمنة فايد، حراك جيلي: الطبعة الثانية من طالبان.. احتمالات ودوافع التغير، اللايقين: مستقبل أفغانستان بعد هيمنة طالبان، القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أغسطس2021، ص30.

[65] محمد أبو غزلة، عودة طالبان.. المعطيات الواقعية والسيناريوهات المستقبلية، تريندز للبحوث والاستشارات، (17أغسطس2021). متاح على الرابط https://www.trendsresearch.org

[66]  معهد واشنطن يكشف علاقة طالبان بإيران.. وتوجهات الإرهاب العالمي، موقع العربية. نت، تاريخ النشر: 5 سبتمبر2021، تاريخ الطلاع: 15 نوفمبر 2021، متاح على الرابط: www.alarabiya.net/arab-and-world-american-elections-2016/2021/09/05

[67] بكر محمد البدور، هل طالبان بحاجة إلى إيران، مركز الفكر للدراسات الاستراتيجية، (يناير2022).

[68]  زهراء رجبي، إعلام أفغانستان.. أبواب موصدة بانتظار مفتاح طالبان، العين الإخبارية، أغسطس2021، تاريخ الاطلاع ،11\3\2022،متاح علي الرابط https://al-ain.com

[69]  فاطمة الزهراء عبدالفتاح، التسلل الرقمي: كيف توظف طالبان وسائل التواصل الاجتماعي في أفغانستان، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، سبتمبر2021.

[70]  توفيق رجب، طالبان تحظر المسلسلات الأجنبية في وسائل الإعلام المحلية، البوابة نيوز، ديسمبر 2021،  متاح علي الرابط http://www.albawabahnews.com  ، تاريخ الاطلاع13\3\2022

 

[71]  فاطمة الزهراء، من الجبال إلى تويتر: صورة طالبان الجديدة.. خطاب للتغيير أم المناورة؟ مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد2، سبتمبر 2021.

[72]  أفغانستان بصدد الاستفادة من الإمكانيات التقنية الإيرانية، المركز الأفغاني للإعلام والدراسات، يناير 2019، متاح على الرابط https://afghanmediacenter.af .، تاريخ الاطلاع 15\3\2022

[73] محلل إيراني: كيف تستفيد إيران من الأسلحة الأمريكية المتروكة بيد طالبان في أفغانستان، الشروق سبتمبر 2021، متاح على الرابط https://www.shorouknews.com، تاريخ الاطلاع 20\3\2022

[74] أحمد إدريس رحماني، النفوذ الإيراني في أفغانستان، مرجع سابق، ص 14.

[75]  رائد الحامد، إيران وطالبان سنوات من التعاون الخفي ومستقبل العلاقات بينهما، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، نوفمبر2021، متاح على الرابط www.trendsresearch.org

 

[76] سوزان عاطف، طالبان تمنع دخول الإيرانيين إلى أفغانستان إلا بتأشيرة منها، المصري اليوم، 23 أغسطس 2021، متاح على الرابط https://www.almasryalyoum.com|news|details|2402832 ، تاريخ الأطلاع 22 فبراير 2022.

[77] زبان فارسي، مستقبل العلاقات بين إيران وطالبان.. التحديات والمخاوف، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 23 أغسطس 2021، ص2. 

[78] رانيا مكرم، انخراط اضطراري: كيف تتعامل إيران مع التطورات الأفغانية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تاريخ النشر 13 يوليو 2021، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2021، متاح على الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/17193.aspx

[79] نذر خلاف، مؤشرات على توجس طهران من حكومة طالبان الأفغانية، تقديرات المستقبل، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 1348، ستيمبر 2021، ص2.

[80] أحمد إدريس رحماني وآخرون، النفوذ الإيراني في أفغانستان الآثر المترتبة على انسحاب الولايات المتحدة، معهد أبحاث راند للأمن القومي، 2014، ص 18.

[81]  أحمد الشيخ، صدمة النهاية!! مشاهد العالقين بالطائرات من سايجون إلى كابول،( مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد(2))، سبتمبر2021،ص14.

[82] تعاون محتمل: اتجاه إيران للانفتاح على طالبان وتحجيم التهديدات، ملفات المستقبل، العدد 2، ستبمبر 2021، ص 71.

[83] شروق صابر، مقال بعنوان: اللاجئون- أزمة تتفاقم حدتها في أفغانستان، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سبتمبر2021.

[84] Afghan Refugees and Migrants Face a Grim future in Iran, International Institute for Iran Studies, November 2021.

[85] Afghan Refugees and Migrants Face a Grim future in Iran, International Institute for Iran Studies, November 2021.

[86] هدى رؤوف، اللاجئون الأفغان كبش فداء إيراني متجدد، اندبندنت عربية، 11 مايو2021، تاريخ الاطلاع: 23 أبريل 2022، متاح على الرابط: www.independentarabia.com/node/221286

[87] آمنة فايد، حراك جيلي: الطبعة الثانية من طالبان..احتمالات ودوافع التغير، اللايقين مستقبل أفغانستان بعد هيمنة طالبان، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أغسطس 2021، ص 32.

[88] عمرو الشوبكي، مستقبل الأزمة الأفغانية في ظل حكم طالبان، آفاق مستقبلية، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، العدد 2، يناير 2022، صـ

[89] مرفت زكريا، ارتدادات التوغل.. الاحتجاجات الأفغانية في مواجهة التدخل الإيراني في كابول، المركز العربي للبحوث والدراسات، تاريخ النشر 21 ديسمبر2019. صـ

[90] ضاري سرحان الحمداني، سياسة إيران تجاه دول الجوار (القاهرة: العربي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2012)، ص 185.

[91] خط النفاذ لأولويات إيران الجيو-سياسية في أفغانستان، مرجع سابق، صصـ 6-7.

[92] رانيا مكرم، انخراط اضطراري: كيف تتعامل إيران مع التطورات الأفغانية، مرجع سابق.

[93] سيناريوهات الحكومة الأفغانية الجديدة في ظل حكم طالبان، (أبو ظبي: مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 2 – سبتمبر 2021) صصـ 32-33.

 [94] حسين سليمان، هشاشة متزايدة: مستقبل الاقتصاد الأفغاني تحت حكم طالبان، اللايقين: مستقبل أفغانستان بعد هيمنة طالبان، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أغسطس 2021، ص54.

[95] أحمد إدريس رحماني وآخرون، النفوذ الإيراني في أفغانستان، مرجع سابق.

[96] هدير خالد، هل تنجح حركة طالبان في إدارة الاقتصاد الأفغاني؟ (أبو ظبي: مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، تاريخ النشر31 أغسطس 2021، ص 38

[97] المرجع السابق، ص 38

[98] المرجع السابق، ص 39

[99] المرجع السابق، ص 39

[100] الجماعات الإسلاموية: كيف احتفت بحركة طالبان؟، مركز المسبار للدراسات والبحوث، تاريخ النشر: 23 أغسطس 2021، تاريخ الاطلاع: 25 مارس 2022، متاح على الرابط: https://www.almesbar.net/

[101] هدير خالد، مرجع سابق.

[102]  علي رضا نادر وآخرون، النفوذ الإيراني في أفغانستان الآثار المترتبة على انسحاب الولايات المتحدة، المملكة المتحدة: RAND، 2014، ص 6.

[103]هيبة غربي، العلاقات الإيرانية الأفغانية 2002-2020 رؤية استراتيجية، (مجلة مدارات إيرانية – المركز الديمقراطي العربي – برلين ألمانيا – المجلد (3) العدد (9)، سبتمبر 2020. صـ

[104] تعاون محتمل: اتجاه إيران للانفتاح على طالبان وتحجيم التهديدات، مرجع سابق، ص69.

[105]  مي فاضل مجيد، الحياة الاجتماعية في أفغانستان في ظل حكومة طالبان 1996-2001، (وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقي، المجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية، المجلد، العدد (32)، 2010)، ص101،102.

[106]  هيبة غربي، العلاقات الأفغانية الإيرانية 2002-2022: رؤية استراتيجية، مرجع سابق، ص77.

[107]  علي رضا نادر، مرجع سابق، ص19.

 [108] على عاطف، تقارب حذر.. سيناريوهات العلاقة المستقبلية بين إيران وطالبان بعد سقوط كابول، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أغسطس 2021.

[109]  حمدي سيد محمد، تقدير موقف: علاقة إيران بطالبان ومستقبل الشيعة الهزارة بأفغانستان، مجلة مدرات إيرانية، العد(14)، المجلد(4)، المركز الديمقراطي العربي، برلين ألمانيا)، ديسمبر2021. ص15.

 [110] أكرم عمروف، إيران وطالبان: أصدقاء أم أعداء؟، European Eye on Radicalization ، 17 أغسطس 2020. متاح على الرابط: http://eeradicalization.com/ar/

 [111] رائد الحامد، إيران وطالبان سنوات من التعاون الخفي ومستقبل العلاقات بينهما، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، نوفمبر 2021، متاح على الرابط: https://trendsresearch.org/ar/insight/

[112]  الهزارة:6 ملايين شيعي أفغاني يواجهون مصيراً مجهولا؟، مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث، 29 أغسطس 2021، تاريخ الاطلاع: 12 فبراير 2022، متاح على الرابط: https://www.csrgulf.com/2021/08/29/6

 [113] مستقبل العلاقات السرية بين إيران وطالبان، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، 6 ديسمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 12 فبراير 2022، متاح على الرابط: https://trendsresearch.org/ar/clipping/

 [114] حسن الرشيدي، إيران تستعد لمواجهة طالبان، مجلة البيان، 30 يونيو2021، تاريخ الاطلاع: 14 فبراير 2022، متاح على الرابط: http://albayan.co.uk/Article2.aspx?ID=13561

[115] نذر خلاف: مؤشرات على توجس طهران من حكومة طالبان الأفغانية، أبو ظبي: المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة تقديرات المستقبل، العدد 1348، 27 سبتمبر 2021، متاح على الرابط: https://futureuae.com/db.tar.xz/Mainpage/Item/6662

[116] تكيف برجماتي: استسلام أمريكي وتقبل إقليمي بسيطرة طالبان على أفغانستان، ملفات المستقبل، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 2، سبتمبر 2021، ص 65.

[117] أمريكا أولاً: تداعيات انسحاب واشنطن من أفغانستان على نفوذها الدولي، ملفات المستقبل، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 2، سبتمبر 2021، ص59.

[118] محمد سلامي، الصراع على نفوذ في أفغانستان: حالتا قطر وباكستان، 26 أكتوبر 2021، متاح على الرابط https://www.washingtoninstitute.org|ar|policy-anaiysis|alsra-ly-alnfwdh-fy-afghanstan-halta-qtr-wbakstan ، تاريخ الاطلاع 28 مارس 2022.

[119] محمد فايز فرحات، تحولات جيوستراتيجية: أفغانستان كمنطقة تقاطع للمشروعات الدولية والإقليمية، مصدر سابق.

[120] أحمد قنديل، الأزمة الأفغانية وانعكاساتها على الأمن الإقليمي في جنوب ووسط آسيا، اللايقين: مستقبل أفغانستان بعد هيمنة طالبان، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تاريخ النشر: أغسطس 2021.

[121] عودة حكم طالبان قراءة في التداعيات الداخلية والخارجية، مرجع سابق.

[122] أحمد الجوارنة، أفغانستان وحلف شمال الأطلسي النموذج الآخر للإمبراطوريات المهزومة، (عمان: دار الخليج للنشر والتوزيع، 2014)، ص 65

[123]  السيد شفقت حسين شيرازى، سيطرة طالبان تشكل قلقاً لمصالح الهند، موقع الخنادق، 7 سبتمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 22 فبراير 2022، متاح على الرابط: http://alkhanadeq.com/post.php?id=1283

[124] عبدالله المدني، طالبان والمخاوف الهندية، البيان، 31 أغسطس 2021، تاريخ الاطلاع، 22 فبراير 2022، متاح على الرابط: www.albayan.ae/opinions/articles/2021-08-31-1.4237897

[125] محمد زيشان، هل تستطيع الهند التواصل مع طالبان؟، جريدة الجريدة، سبتمبر، 2021.

[126] ميناء شابهار والعلاقات بين كابول وطهران ودلهي الجديدة، مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية، يونيو 2019.

[127] Hasan Alhasan, Is India Abandoning Iran for a Middle Eastern Quad, or Merely Singnaling China? The Arab Gulf States Institute in Washington, November 2021, p:

[128] محمد رقيب أوغلو، سياسات الخليج تجاه أفغانستان: البراغماتية الحذرة بين الفرص والمخاوف، مجلة رؤية تركية، العدد2، خريف 2021، صـ

[129]  محمد رقيب أوغلو، سياسات الخليج تجاه أفغانستان: البراغماتية الحذرة بين الفرص والمخاوف، مرجع سابق.

[130] كرم الحفيان، ملامح المشروع السياسي لحركة طالبان الأفغانية، مجلة المعهد المصري للدراسات، العدد 15، يوليو 2019،ص258-259.

[131] محمد رقيب أوغلو، سياسات الخليج تجاه أفغانستان:البراغماتية الحذرة بين الفرص والمخاوف، مرجع سابق.

[132] محمد رقيب أوغلو، سياسات الخليج تجاه أفغانستان:البراغماتية الحذرة بين الفرص والمخاوف، مرجع سابق.

[133]  خورشيد دلي، منافذ صعبة:فرص التمدد التركي في أفغانستان عبر بوابة طالبان، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 2، سبتمبر 2021،ص72-74.

[134] حاجي محمد بويراز، الهجرة غير النظامية من أفغانستان إلى تركيا: تقييم خاص لعام 2021، مجلة رؤية تركية، العدد 4، خريف 2021،ص68-75

[135] أفغانستان وصعود طالبان، مرجع سابق، ص 87.

[136] نادية فاضل عباس فضلي، السياسة الخارجية الأمريكية تجاه أفغانستان (جامعة بغداد: مركز الدراسات الدولية، العدد الخامس والأربعون)، ص 41.

[137] حسام إبراهيم، محددات حاكمة: هل تعترف واشنطن بحكومة طالبان المقبلة؟، ملفات المستقبل، العدد 2، سبتمبر 2021، أبو ظبي: المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ص 53-54.

[138] خطط النفاذ لأولويات إيران الجيو-سياسية في أفغانستان، مرجع سابق ذكره، ص8.

[139] المرجع السابق، ص 54.

[140] خيارات أربعة: سيناريوهات الحكومة الأفغانية الجديدة في ظل حكم طالبان، ملفات المستقبل، العدد 2، سبتمبر 2021، أبو ظبي: المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ص 32-33

[141] حسام ابراهيم، محددات حاكمة: هل تعترف واشنطن بحكومة طالبان المقبلة؟ مرجع سابق، ص ص 54-55.

[142] مصطفى زهران، سوسيولوجيا حركة طالبان الأفغانية المتشددة وتشكلاتها الفكرية: ملامح مشروعها الإسلامي والسياسي ومحددات العمل الجهادي، مرجع سابق، ص ص 35-36.

[143] ماذا يجري بأفغانستان؟ تغييرات في حكومة طالبان وزيارة صينية، كابل – سكاي نيوز عربية، تاريخ النشر: 24 مارس 2022، تاريخ الاطلاع: 1 أبريل 2022، متاح على الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1510036

[144] “مجرد شائعات” طالبان تنفي إحداث تغيير في حكومتها، سكاي نيوز عربية – أبو ظبي، تاريخ النشر: 25 مارس 2022، تاريخ الاطلاع 1 أبريل 2022، متاح على الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1510181

 [145]الموقف الإيراني في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية، مركز الإمارات للسياسات، تاريخ النشر: 14 أغسطس 2021، تاريخ الاطلاع: 25 مارس 2022، متاح على الرابط: https://epc.ae/ar/details/featured/almawqif-alirani-fi-afghanistan-baed-ainsihab-alquat-alamrikia

[146] تعاون محتمل: اتجاه إيران للانفتاح على طالبان وتحجيم التهديدات، مرجع سابق، ص ص 2-3

[147] الموقف الإيراني في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية، مرجع سابق.

[148] السيد صلاح الدين، مرجع سابق.

[149]  محمد تشاغاتاي غولر، سياسية روسيا تجاه أفغانستان، مركز سيتا، ( مجلة رؤية تركية ، السنة 10 العدد 4 )،خريف 2021.

[150] Maxim A. Suchkov, Moscow’s Illusion less Realism in Afghanistan, Association orient xxi, 19 October 2021, date of draft 29 March 2022. Available at: http://orientxxi.info

[151]  ماكسيم سوشكوف، روسيا وطالبان قصة سلام أم حرب، سارة قريرة، موقع 180POST، تاريخ النشر 22 أكتوبر 2021، تاريخ الاضطلاع 29 مارس 2022. متاح على الرابط: http://180post.com

 

[152]  مصائب بايدن عند بوتين فوائد.. كيف ترى وسيا عودة طالبان لحكم أفغانستان؟، موقع عربي بوست، تاريخ النشر 16 أغسطس2021، تاريخ الاضطلاع 30 مارس2022. متاح على الرابط: http://arabicpost.me

[153]  صيغة موسكو: قرار بالعمل مع طالبان من أجل الاستقرار الإقليمي، العربية نت، تاريخ النشر 20 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع 30 مارس 2022. متاح على الرابط www.alarabiya.net

[154]  أيمن سمير، رغم تصنيفها إرهابية لماذا تدافع روسيا عن حركة طالبان؟، منصة الرؤية، تاريخ النشر 1 أغسطس 2021، تاريخ الاطلاع 30 مارس 2020. متاح على الرابط www.alroeya.com

[155]  للمرة الثانية موسكو تحذر”طالبان” .. والحركة تستجيب مقابل شرط، عربية sky news، تاريخ النشر15 يوليو 2021، تاريخ الاطلاع 30 مارس2022. متاح على الرابط www.skynewsarabia.com

 

[156] كرم الحفيان، ملامح المشروع السياسي لحركة طالبان الأفغانية، مرجع سابق، ص 254.

[157] عودة حكم طالبان قراءة في التداعيات الداخلية والخارجية، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر: 16 أغسطس 2021، متاح على الرابط https:||www.hcrsiraq.net|1558|2021|08|16

[158] محمد فايز فرحات، تحولات جيوستراتيجية: أفغانستان كمنطقة تقاطع للمشرعات الدولية والإقليمية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أغسطس 2021، ص 17. (دورية)

[159] الصين: طالبان أكثر” رصانة وعقلانية” عنما كانت عليه في الماضي، تاريخ النشر 19 أغسطس 2021، متاح على الرابط https:||Arabic.cnn.com|world|article|2021|08|19|china-says-taliban-are-more-sober-and-rational   تاريخ الأطلاع 15 ديسمبر 2021 (جديد)

[160] تكيف برجماتي: استسلام أمريكي وتقبل إقليمي بسيطرة طالبان على أفغانستان، مرجع سابق.

[161] عودة طالبان: أسئلة الجيوبولتيك والتداعيات الاسترايجية، موقع الغد، تاريخ النشر: 19 ديسمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 28 مارس 2022، متاح على الرابط: https://alghad.com|     

[162] رانيا مكرم، الاعتراف المشروط: هل ينجح المجتمع الدولي في إعادة تأهيل طالبان؟، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 2- سبتمبر 2021، ص ص 35-36.

[163] رويترز، البنك الدولي يجمد مشروعات ب 600 مليون دولار في أفغانستان، اقتصاد الشرق، 30 مارس 2022، متاح على الرباط: https://www.asharqbusiness.com/article/35603

[164] حليقو الذقون والنساء.. قراران جديدان مثيران للجدل من طالبان، وكالات – أبو ظبي، 28 مارس 2021، متاح على الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1510776

[165]  مخاوف الجوار: تحديات النفوذ التركي في أفغانستان، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أغسطس2021.

[166] السيد صلاح الدين، الوجه الاقتصادي للصراع السياسي في أفغانستان، مرجع سابق.

[167] كرم الحفيان، ملامح المشروع السياسي لحركة طالبان الأفغانية، مرجع سابق.

[168] مستقبل العلاقات بين إيران وطالبان.. التحديات والمخاوف، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 23 أغسطس 2021، ص ص 2-3

[169] عمرو الشوبكي، مستقبل الأزمة الأفغانية في ظل حكم طالبان، مرجع سابق، ص 341.

 [170]نذر خلاف: مؤشرات على توجس طهران من حكومة طالبان الأفغانية، تقديرات المستقبل، العدد 1348، 27 سبتمبر 2021، أبو ظبي: المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، متاح على الرابط: https://futureuae.com/db.tar.xz/Mainpage/Item/6662

[171] مستقبل العلاقات بين و”طالبان”.. التحديات والمخاوف، مرجع سابق، ص4.

[172] مصطفى زهران، سوسيولوجيا حركة طالبان الأفغانية المتشددة وتشكلاتها الفكرية، مرجع سابق، ص 30.

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى