التغير المناخي وتداعياته على الصحة في مصر

اعداد: د. رنا السيد عبد اللطيف – باحثة مهتمة بالشؤون السياسية والأمن القومي
- المركز الديمقراطي العربي
يعتبر التغير المناخي من أكبر التحديات التي تواجه العالم في الوقت الحاضر، وله تأثيرات كبيرة على العديد من الجوانب في حياة البشر، بما في ذلك الصحة العامة. وعلى الرغم من أن جميع الدول تتأثر بالتغير المناخي، إلا أن الدول النامية مثل مصر تكون عرضة بشكل خاص لتداعياته السلبية نظرًا لقدرتها المحدودة على التكيف والتعامل مع هذه التحديات.
تواجه مصر العديد من التحديات الصحية الناجمة عن التغير المناخي، والتي تؤثر على السكان بشكل مباشر وغير مباشر. إليكم بعض التداعيات الصحية للتغير المناخي في مصر:
- ارتفاع درجات الحرارة: يعد ارتفاع درجات الحرارة من أبرز التأثيرات الناجمة عن التغير المناخي. يعيش سكان مصر في مناطق تتسم بالحرارة العالية طوال العام، وتزداد الحاجة إلى التبريد واستهلاك المياه بشكل كبير. يرتبط ارتفاع درجات الحرارة بزيادة حالات الإصابة بأمراض القلب والجهاز التنفسي والجلد، بالإضافة إلى حوادث الإجهاد الحراري.
- نقص المياه: يتوقع أن يزداد نقص المياه في مصر بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف المتزايد. تعتمد مصر بشكل كبير على نهر النيل كمصدر رئيسي للمياه، وتواجه تحديات في تأمين المياه النقية للاستخدام البشري والزراعة. نقص المياه يؤثر على الصحة بشكل مباشر من خلال زيادة انتشار الأمراض المنقولة بواسطة المياه ونقص التغذية السليمة.
- التلوث الجوي: يعتبر التلوث الجوي من التحديات البيئية الكبرى في مصر، والتي قد تزداد تداعياتها بسبب التغير المناخي. يؤدي التلوث الجوي إلى زيادة حالات الربو وأمراض الجهاز التنفسي، ويتسبب في زيادة معدلات الوفيات المبكرة.
- زيادة انتشار الأمراض: قد يؤدي التغير المناخي إلى زيادة انتشار الأمراض المعدية في مصر. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الارتفاع في درجات الحرارة وتغير نمطانتشار الأمطار إلى زيادة انتشار البعوض المسبب للملاريا. كما يمكن أن يؤدي الجفاف ونقص المياه إلى نقص الصرف الصحي والنظافة العامة، مما يزيد من انتشار الأمراض المعدية مثل الإسهال والكوليرا.
- زيادة مخاطر الكوارث الطبيعية: يتعرض سكان مصر لمخاطر الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والعواصف الرملية بشكل متزايد. تؤدي هذه الكوارث إلى تشريد السكان وتدمير البنية التحتية، مما يؤثر على الصحة العامة ويزيد من احتمالات انتشار الأمراض وتدهور الظروف الصحية.
لمواجهة تداعيات التغير المناخي على الصحة في مصر، يجب اتخاذ إجراءات عديدة. من بين هذه الإجراءات:
- تعزيز الوعي العام: يجب تعزيز الوعي بتأثيرات التغير المناخي على الصحة وتوعية الجمهور بأهمية اتخاذ إجراءات للتكيف والحد من هذه التأثيرات.
- تعزيز البنية التحتية الصحية: يجب تعزيز البنية التحتية الصحية في مصر بما في ذلك تحسين الوصول إلى المياه النقية والصرف الصحي وتحسين جودة الهواء.
- تعزيز التكيف والمرونة: ينبغي تطوير استراتيجيات تكيفية لمواجهة تحديات التغير المناخي، مثل تحسين نظم الري الزراعي وتعزيز الزراعة المستدامة والمقاومة للجفاف.
- تعزيز البحث العلمي: يجب دعم البحث العلمي لفهم تأثيرات التغير المناخي على الصحة وتطوير حلول فعالة لمواجهتها.
تتطلب مكافحة تداعيات التغير المناخي على الصحة في مصر جهودًا مشتركة من الحكومة والمجتمع المدني والمؤسسات الدولية. يجب أن تكون هذه الجهود مستدامة ومتكاملة للحد من التأثيرات السلبية وتعزيز صحة ورفاهية سكان مصر.
تحقيق الأهداف المرتبطة بالتغير المناخي والصحة يتطلب التزامًا قويًا من الحكومة والجهات المعنية، بما في ذلك وزارة الصحة، والاستثمار في البحوث والابتكار وتنفيذ السياسات الفعالة وتمكين المجتمعات من التكيف والتحسينات التكنولوجية التي تعزز صحة البيئة والتكيف مع التغير المناخي. يجب أيضًا أن تتضمن الجهود التعاون القوي مع المنظمات الدولية والشراكات العامة والخاصة لتعزيز القدرات وتوفير الموارد اللازمة.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على وزارة الصحة ضمان المشاركة الفعالة للمجتمعات والفئات المعرضة للخطر في عملية صنع القرار وتنفيذ السياسات المتعلقة بالتغير المناخي والصحة. يتعين تعزيز الشفافية والمشاركة المجتمعية وضمان تضمين المصالح الصحية في سياسات التنمية المستدامة.
وختامًا، يجب أن تكون التحديات السابقة محل اهتمام وزارة الصحة في مصر وتكون جزءًا من استعدادها للمشاركة في COP27 والتزاماتها المتعلقة بالتغير المناخي. من خلال تنفيذ السياسات والإجراءات الفعالة وتعزيز التعاون والتكامل بين القطاعات المختلفة، يمكن لمصر أن تلعب دورًا هامًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز صحة البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي.