الدراسات البحثيةالشرق الأوسطالعسكريةتقارير استراتيجيةعاجل

المغرب أو ليبريا أحدهما مقر مُحتمل للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر

 

مسألة مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا :

نشر موقع Difesa & Sicurezza الإيطالي في 29مارس 2023 أن القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا Africom قد تفتح قريبًا مركز قيادة في  دولة ما في غرب أفريقيا  بهدف مراقبة تحركات روسيا والصين بشكل أفضل لا سيما في ضوء استعداد بكين للقيام بذلك وأشار الوقع إلي أن قائد القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا الجنرال مايكل لانجلي في جلسة استماع بلجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكيأكد ذلك وقال أنه لا يوجد حاليًا أي تأكيد بشأن الدولة التي يمكن أن تستضيف مركز القيادة الأمريكي , ومع ذلك قال أمام اللجنة دعونا نلقي نظرة على Libera هذا لأنه بعد أسبوع من جلسة الاستماع قام رئيس هذه الدولة الأفريقية جورج وياه بزيارة غير عادية إلى مقر وكالة المخابرات المركزية في لانجلي بدعوة , وفي هذه الأثناء تخطط الصين لبناء القاعدة البحرية (في باتا)في غينيا الإستوائية , من جهة أخري أشار موقع Courier International  في 29 مارس 2023 أن القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا Africom  تبحث في إقامة مركزها الأفريقي في المغرب أو في ليبريا المغرب وأنه  بينما تحقق واشنطن عودة كبيرة في القارة الأفريقية تبحث القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا عن مقعد في القارة وأنه في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الأمريكي في 16 مارس 2023أشار قائد القيادة الأمريكية لأفريقيا الجنرال مايكل لانجلي إلى أن أفريكوم تسعى إلى إنشاء مركز قيادتها الجديد في غرب إفريقيا وخلال جلسة الاستماع تلك سأل العضو المنتدب روجر ويكر الجنرال لانجلي مباشرة حيث يعتقد أن الصين يمكن أن تبذل قصارى جهدها حول المكان الذي يمكنهم فيه إنشاء قاعدة عسكرية في غرب إفريقيا كما سأل قائد القيادة الأفريقية حول كيفية تأثير إنشاء قاعدة عسكرية من قبل الصينيين على أمن الأمريكيين ورداً على ذلك قال الجنرال لانجلي: “سيغير ذلك الحسابات الكاملة لخطط الحملة العالمية الاستراتيجية لحماية الوطن إذا قاموا [الصينيون] ببناء أي قدرة على الساحل الغربي ، جغرافيا واستراتيجيا وإن ذلك سوف يضعهم في ميزة في الوقت الحالي ولا يمكننا السماح لهم بالحصول على قاعدة على الساحل الغربي لأفريقيا لأننا ذلك يغير الديناميكيات ” , وصرح الجنرال لانجلي في بيانه أمام اللجنة أن الحاجة ماسة إلى القيادة الأمريكية في إفريقيا في غرب إفريقيا وأعرب عن مخاوفه من محاولة الصين إقامة قاعدة في جيبوتي مشيرا إلى أن أي مشروع قاعدة للصينيين في المستقبل يشكل تهديدا هامشيا لمصالح الولايات المتحدة في القارة , ومع ذلك وفي حالة النزاع المسلح قد تستفيد جمهورية الصين الشعبية من بصمتها العسكرية الموسعة لإبراز قوتها ضد الولايات المتحدة أو حلفائنا أو التجارة العالمية وقال أنهم قد استفادوا بالفعل من قوتهم الاقتصادية في إفريقيا للتأثير على سياسة الأمم المتحدة وحماية وصولهم إلى الموارد الطبيعية مثل المعادن ومصايد الأسماك , و بالإضافة إلى النفوذ الصيني في القارة وخاصة منطقة غرب إفريقيا فإن القيادة الأمريكية في إفريقيا وفقًا للجنرال لانجلي قلقة بشأن المرتبطين بفرع القاعدة الثاني والأسرع نموًا في إفريقيا – جماعة نصرة الإسلام والمسلمين – وكانت هذه الجماعة وفاً له تمارس الرعب على المواطنين الأمريكيين في منطقة غرب إفريقيا وخاصة في بوركينا فاسو ومالي .

بعد أكثر من أسبوع بقليل من جلسة الاستماع هذه قام الرئيس اليبيري ويا – بناء على دعوة – بزيارة فريدة من نوعها إلى مقر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) في فرجينيا , وقد أثار الاجتماع الكثير من التكهنات في ليبيريا خاصة بين أعضاء كتلة المعارضة بأن الرئيس الليبيري يخضع للاستجواب , وكانت زيارة الرئيس وياه غير عادية لأسباب عديدة بما في ذلك حقيقة أنها انتهكت المعايير الدبلوماسية عندما لم يكن من المقرر أن يلتقي الرئيس بأي مسؤول رفيع المستوى في إدارة بايدن , ومع ذلك ، وعلى الرغم من أمر حظر النشر الذي تم فرضه على الاجتماع فإن FrontPageAfrica كانت تجمع من مصادر مطلعة على الاجتماع مفادها أن الرسالة كانت واضحة من وكالة التجسس الأمريكية وهي أن أمريكا بحاجة إلى الاستقرار في ليبيريا من أجل الشراكة مع الدولة في حربها ضد روسيا و النفوذ الصيني لا سيما مع الجهود المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها شركة توريد المرتزقة فاجنر – تلك الشركة الروسية العاملة في بوركينا فاسو ومالي , وعلي حين لم يستطع الجنرال لانجلي الكشف خلال جلسة الاستماع العامة عن تفاصيل استكشاف القيادة الإفريقية في غرب إفريقيا وتلك الخاصة بالأنشطة الصينية فإن ما يظل ثابتًا في أذهان الدبلوماسيين هو أن الاجتماع في مقر وكالة التجسس الأمريكية يمكن أن يكون : إعادة إحياء دور ليبيريا خلال الحرب الباردة عندما كانت بمثابة مركز اتصالات وتجسس للأمريكيين في إفريقيا فليبيريا -التي أسسها العبيد الأمريكيون المحرّرون – تتمتع بعلاقات قوية وتاريخية مع الولايات المتحدة وكانت ومازالت في فلك أمريكا منذ إنشاءها ويرسل هؤلاء الليبيريون في الولايات المتحدة أكثر من 400 مليون دولار أمريكي سنويًا في شكل تحويلات أجنبية لبلادهم وهو ما يمثل دفعة كبيرة لاقتصاد ليبيريا المتعثر لذلك يبدو أن ليبيريا تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي في توفير النفوذ للأمريكيين لعسكرة المنطقة على هذا النحو لتوفير فوائد استراتيجية أيضًا لدولة ذات حدود متعددة يسهل اختراقها وأنشطة التعدين  .

قامت أفريكوم منذ إنشاءها عام 2008 بتنسيق جميع الأنشطة العسكرية والأمنية الأمريكية في القارة الأفريقية من مدينة شتوتجارت الألمانية ومع ذلك فإن الصحافة الأفريقية تعج بإمكانية نقل مقرها الألماني إلى دولة أفريقية  في علامة على الاهتمام الأمريكي المتجدد بأفريقيا , ومع ذلك ووفقًا لموقع FrontPageAfrica  – FPA – الصحيفة الليبيرية الرئيسية –  فإن الدولة الواقعة في غرب إفريقيا هي مرشح جاد لاستضافة مركز القيادة الأمريكي لـ    Africom.

في تقديري أن هناك ثمة علاقة منطقية وعملية بين موضوع مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا المُتواجدة حتي الآن فيKelley Barracks .Stuttgart. Germany والعلاقات والإتصالات الجارية بين هذه القيادة والدول الأفريقية وكوادرها العسكرية العليا , وبالرغم من أن التصريحات الرسمية لمسئولي البنتاجون والقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا تحاول أن تعطي إنطباعاً بأنه لا تفكير حالياً في إتخاذ مقر أو مقرات لهذه القيادة في بلد أو بلدان أفريقية أو أن الموضوع مطروح ولكنه ليس مُلحاً , إلا أنه في الواقع موضوع في غاية الأهمية  بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية والأهداف الإستراتيجية التي تتوخاها من إنشاء قيادتها العسكرية لأفريقيا , فتموضع مقر هذه القيادة في ألمانيا للآن لا يؤدي من وجهة النظر الأمريكية إلي الإقتناع بإكتمال نجاح الإختراق الأمريكي بشكل كامل للقارة الأفريقية , فعدم قبول أي من البلاد الأفريقية لفكرة إستضافة مقر الأفريكوم للآن يعني أن الحساسية إزاء هذه الموضوع مازالت تنتابها خاصة وأنه وبغض النظر عن المميزات التي سيغدقها الأمريكيون علي البلد المُستضيف إلا أن العامل الأمني وإحتمال تآكل السيادة الوطنية بالإضافة عوامل تاريخية أخري ستعمل في الإتجاه المضاد مما سيجبر متخذ القرار في أي بلد أفريقي علي الإمتناع عن الموافقة علي إستضافة مقر هذه القيادة , لكن هناك ثمة دول أفريقية قفزت من فوق المفهوم التقليدي للسيادة ةأقترضت مهوم آخر لمصطلح السيادة فإستبدلته بمصطلح آخر مرن وغير تقليدي يتيح لها حرية التصرف , ويمكن التعرف علي ذلك من الرؤية المبكرة لبعض ما كُتب في صحافة بعض الدول الأفريقية وكذلك رؤية بعض الساسة والمهتمين الأفارقة بهذا الموضوع ومن بين الأمثلة المبكرة علي ذلك وهي كثيرة ما يلي :

– أشار الصحفي Michele Ruiters بصحيفة Business Day الجنوب أفريقية والصادرة في جوهانسبرج ” أن أفريكوم سيؤدي إنشاءها إلي عدم الإستقرار الذي هو مازال بعد هشاً في القارة والمنطقة التي ستجد نفسها مُجبرة علي الإلتزام بالمصالح الأمريكي بالمعني العسكري للكلمة ”  .

– أشارت إفتتاحية صحيفة Daily Nation الكينية في 8 فبراير 2007 أي بعد يومين من الإعلان الأمريكي رسمياً عن إقامة القيادة العسكرية لأفريقيا ” تم الإعلان عن أفريكوم بالضبط وقت أن كان الرئيس الصيني Hu Jintao يقوم بجولة في ثماني دول أفريقية للتفاوض علي صفقات تمكن الصين من تأمين تدفق البترول من أفريقيا ” .

– أشارت إفتتاحية صحيفة The Post الزامبية في 12 أبريل 2007  أن ” أفريكوم تهدف إلي ممارسة النفوذ وتهديد وإقصاء المنافسين بإستخدام القوة ” .

– أشارت صحيفة Reporter الجزائرية ´إن البلدان الأفريقية يجب عليها أن تستيقظ بعدما رأت آثار ما جري للغير أي في أفغانستان والعراق ” .

– صرح رئيس نيجيريا Yar’Adua في أول زيارة له لواشنطن في ديسمبر 2007 بدعوة من الرئيس الأمريكي ” أنه لم يوافق علي أن الأفريكوم يجب أن تكون لها قاعدة بأفريقيا ” , وأوضح قوله ” إن ما ناقشته مع الرئيس الأمريكي Bush هو أنه إذا ما كان علينا أن نفعل شيئاً لأفريقيا فيما يتعلق بالسلام والأمن , فهو أن يساهموا , وقلت له أننا كدول أفريقية لدينا خطتنا الخاصة بنا لإقامة قيادة عسكرية مُشتركة في كل منطقة من مناطق أفريقيا ( الخمس) , وعلق المتحدث باسم الرئيس النيجيري السيد / Segun Adeniy علي تصريح الرئيس Yar’Adua بقوله ” إن تعليقات الرئيس لم ترض الأمريكان ” , وقد تزامن مع هذا التصريح الرئاسي تصريح أدلي به Debo Bashorun (هو ضابط عمل بقوات نيجيريا المسلحة كما عمل سكرتيراً صحفياً الرئيس نيجيريا  Ibrahim Babangida في نهاية عقد الثمانينات ومعروف عنه إنتقادالجيش النيجيري ) لمراسل CNN بنيجيريا في 13 مايو 2014 تعليقاً علي دور أفريكوم في أزمة إستعادة البنات المُختطفين بقوله ” إنه أنسب وقت للأمريكيين ليفعلوا ما يريدون فعله .

لكن وبالرغم من هذا ففي تقديري أيضاً أن الولايات المتحدة مصممة بشكل صارم علي النفاذ عسكرياً في أفريقيا وممارسة نفوذها السياسي علي الأفارقة أو بمعني أدق علي حكامهم في ظل تواجد عسكري يتسم للآن بالحركة الناعمة والمموهة مع إستخدام نفس الأساليب الأمريكية العتيقة التي بدأت ببرنامج النقطة الرابعة الذي تحدث عنه الرئيس الأمريكي / هاري ترومان عنه في رسالته للشعب الأمريكي في يناير 1952 وقال ” ليس في سائر نواحي سياستنا الخارجية ناحية أخطر ولا أهم من هذه النقطة , إذ لا شيئ أكثر منها إيضاحاً لما نعمل وشرحاً لما نريد تحقيقه ” (سياسة أمريكا الخارجية في عام 1952 . مكتب الشئون العامة في واشنطن . مارس 1952 . صفحة 46 ) وهي أساليب تتراوح بين إستخدام الجزرة أو المساعدات والتعاون والذي يتطور مفهومه ليشمل النشاط العسكري والذي خُول للعسكرية الأمريكية أن تستنسخه في عملية إختراقها للعسكريات الأفريقية التي تتم عن طريق القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا , وبين إستخدام الزواجر أو الأساليب العقابية وهي متنوعة وتشمل الحصار الإقتصادي والمقاطعة بل وتنفيذ الإنقلابات العسكرية التي يُلاحظ بعدها تغير في عدد من القضايا المُتعلقة بالعلاقات ما بين النظم الإنقلابية والولايات المتحدة بوضوح ومن بين هذه القضايا العلاقات العسكرية مع الأمريكيين والتماهي مع نظرتهم لقضية الإرهاب التي أصبحت عماد السياسات الخارجية لعدد من الدول الأفريقية وغير قابلة للتغيير كعلم الدولة إلا قليلاً , بالرغم من الإرهاب إن كان للمرء أن يعتقد أنه قضية سياسة خارجية فالأولي أن يوصم طرفيها أي من يُتهم بممارسة الإرهاب ومن يتهمه بهذا الإتهام معاً  فهي قضية طرفين مُتداخلين ووصل التداخل والإشتباك إلي درجة أن أصبح من السهل لبعض القادة الأفارقة قذف خصومهم ومعارضيهم في هوة تهمة الإرهاب السحيقة والتي بلا قرار  .

يُلاحظ أن العلاقات القائمة والنشطة بين الدول الأفريقية والقيادة العسكرية الامريكية لأفريقيا لا يحبذ المسئولين الأفارقة الحديث عنها , أما من جانب المسئوليين العسكريين للأفريكوم فلا يتحدثون عن إتصالاتهم بشأن العلاقات العسكرية الأمريكية من خلال هذه القيادة مع الدول الأفريقية إلا بحساب ولذلك أري أن تضمين منطوق إنشاء AFRICOM لأهداف إنسانية وصحية وتنموية , لم يأت إعتباطاً فقد جاء لتحقيق مزيج من المبررات التي يمكن أن تطفو فوقها الإتصالات العسكرية والأمنية الأمريكية مع الدول الأفريقية بإخفاءها أو خفض المرئي منها بحجاب من الأهداف الإنسانية والتنموية المُعلن عن أن هذه القيادة مسئولة عن تحقيقها من خلال التعاون مع الدول الأفريقية ,  وعليه فإن الإتصالات الأمريكية / الأفريقية تجري بأدني قدر ممكن من العلانية أو الظهور Very Low Profile حفاظاً علي حرية الحركة الأمريكية في قضية حساسة كقضية التعاون العسكري بين قوي كبري ودول تتلقي المساعدات وتقبلها كمبدأ راسخ في سياستها الخارجية في نفس الوقت الذي تتذرع فيه بالخشية علي المس بسيادتها عند الحديث في موضوعات مختلفة في علاقاتها بالقوي الكبري وعلي رأسها الولايات المتحدة كموضوع إستضافة مقر قيادتها العسكرية لأفريقيا لدي هذه الدولة أو تلك , ولذلك تظل معارضة بعض الدول الأفريقية للتعاون مع أفريكوم أو علي الأقل عدم تعاونها بشكل كاف مكتومة في صدور مسئوليها خشية من تداعيات سلبية علي مجمل العلاقات الأمريكية مع هذه الدول , كما أن الصحافة الأفريقية من جهتها تقتصد في الإهتمام ومتابعة تطور علاقة الدولة الأفريقية التي تصدر فيها بالولايات المتحدة عندما يكون الموضوع متعلق بعلاقة هذه الدولة بالقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا , ومن الأمثلة القليلة علي عدم ترحيب دولة أفريقية بهذه القيادة ما صرح به وزير الدولة الجزائري للشئون الخارجية محمد بيدجاوي عندما سُئل عن : لماذا لا يوجد مقترح من أجل التعاون في مواجهة الإرهاب مع الجزائر التي خاضت تجربة بسبب المستوي المرتفع للعنف الإرهابي في عقد التسعينات بها ؟ فقال ” كيف يمكن للولايات المتحدة أن تقسم العالم علي قياداتها العسكرية ؟ ألم يكن هذا أمر منوط بالأمم المتحدة أن تفعله ؟ وما الذي يمكن أن يحدث لو أن الصين هي الأخري قررت أن تقيم قيادة ( عسكرية) لأفريقيا ؟ ألا يؤدي ذلك إلي الصراع في القارة ؟  , ومثال آخر من الأمثلة القليلة جداً التي صدرت مبكراً لتعارض القيادة العسكرية الامريكية لأفريقيا ذلك التصريح الذي أدلي به سفير ليبيا في جنوب أفريقيا عبد الله الزبيد وقال فيه ” إن تزايد الوجود العسكري الأمريكي في أفريقيا يؤدي ببساطة إلي حماية أنظمة غير شعبية والتي تعتبر أنظمة صديقة تخدم المصالح الأمريكية كما كان عليه الحال إبان الحرب الباردة وكل ذلك وأفريقيا تغرق في الفقر ” .

لم تمنع التصريحات المباشرة والقليلة التي صدرت عن مسئوليين أفارقة التوجه الأمريكي نحو غرس القيادة العسكرية لأفريقيا في الفضاءين السياسي والعسكري الأفريقي , وأستطاعت  السياسة العسكرية الأمريكية أن تميز في وقت مبكر بين الرفض الأفريقي لإستضافة مقر AFRICOM وبين إرساء قواعد وبناء جسور للإتصالات والتعاون العسكري بين AFRICOM والمؤسسات العسكرية الأفريقية أو معظمها علي الأقل , ذلك أن وزارة الدفاع الأمريكية ومراكز العصف الذهني وجلسات الإستماع في الكونجرس لابد أنها أشارت في خلاصات تقاريرها إلي أنه من المرجح جداً أن تلقي مسألة إستضافة أي من الدول الافريقية للمقر رفضاً وربما إنتقاداً من بعض هذه الدول , ولهذا فقد  أتاحت البراجماتية او المرونة التي يتسم بها الفكرين السياسي والعسكري الأمريكي للولايات المتحدة طرح مسألة إستضافة مقر AFRICOM جانباً مبكراً لإستغلال الوقت في بدء هذه الإتصالات وبناء الجسور بين الدول الأفريقية و AFRICOM وبالفعل فقد مضت هذه الإتصالات قدما مع الكثير من الدول الأفريقية كما سيرد لاحقاً بلا حرج أو تحفظ إلا من قبل القليل من دول أخري  .

إن قضية المقر لا تتأسس عليها وحدها إستراتيجية إقامة AFRICOM فمقر القيادة العسكرية المركزية الأمريكية    USCENTCOM للآن بالولايات المتحدة في MacDill Air Force Base .FL كما أن القيادة الأمريكية العسكرية الجنوبية USSOUTHCOM مقرها في Miami بالولايات المتحدة أيضاً , وبالتالي فلا يعتبر تمركز القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في Stuttgart أمر لا سابقة له , وإن كانت قيادة AFRICOM والبنتاجون يفضلان أن يكون مقرها داخل أفريقيا لأسباب مختلفة أهمها الأسباب العملياتية والمالية , لكن طالما شكلت حساسية الدول الأفريقية هاجساً دائماً لديها علي إعتبار الخشية من تأثير تمركز هذه القيادة بأفريقياعلي سياداتها وعلي أمنها الوطني كذلك , وعليه فسيظل مقر هذه القيادة خارج القارة الأفريقية , ولكن كل ذلك يدفع إلي التساؤل عن  مخاوف الأفارقة من إستضافة مقر  AFRICOM؟ ومن بين من أجابوا علي هذا السؤال الضروري مبكراً الدكتور Wafula Okumu رئيس برنامج تحليل الأمن الأفريقي بمعهد دراسات الأمن ببريتوريا بجنوب أفريقيا وذلك في شهادته التي أدلي بها أمام  اللجنة الفرعية عن أفريقيا والصحة العالمية التابعة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي في الثاني من أغسطس 2007 وكانت شهادته تلك تحت عنوان : ” القيادة الأفريقية : فرصة لتقوية الإرتباط أم لعسكرة العلاقات الأمريكية مع أفريقيا ؟  وقد حصر الدكتور Okumu تحفظات أو مخاوف الأفارقة  حيال مهام وأهداف AFRICOM وإستضافة مقرها في تسع نقاط هي :

*  أن أي بلد ستستضيف مقر هذه القيادة سوف تتعرض لإنتقادات بسبب خرق الموقف الأفريقي المُشترك المُتعلق بالأمن والدفاع الأفريقي والذي من أن يحبط إستضافة قوات أجنبية علي أراضي القارة , خاصة لو هذه القوات يمكن إستخدامها لتقوض معاهدة عدم الإعتداء التي وقعتها جميع الدول الأفريقية في إطار منظمتهم القارية .

* يتذكر الأفارقة بشدة أن الإستعمار سبقه بعثات تنصيرية وخيرية مدعين أن الله أرسلهم لتخليصهم من براثن البربرية , وكما قال جومو كينياتا مُحرر كينيا من الإستعمار البريطاني فإن المستعمرين أتوا لنا وفي يدهم الإنجيل وطلبوا منا أن نقفل أعيننا لنصلي وعندما فتحناها بعد صلاتنا وجدنا أن في يده الاخري مدفع وراحت أراضينا نهباً له , والآن وبعد إنتهاء الحقبة الإستعمارية وعي الأفارقة دروس التاريخ الإستعماري معهم ولذا فهم يحرسون إستقلالهم ولديهم شك كبير في الأجانب حتي هؤلاء الذين يأتون بحسن النوايا  .

* عندما يتأمل الأفارقة ملياً علاقات القارة بالولايات المتحدة فإنهم يرون فيها الغموض والأهمال والإرتباطات الإنتقائية , وعلي سبيل المثال في فترة تصفية الإستعمار لم تدعم الولايات المتحدة صراحة مبادارات تصفية الإستعمار التي نهضت بها الأمم المتحدة , خاصة وأن ذلك الأمر لم يكن متفقاً مع أوضاع ومواقف الحرب الباردة   , وغالباً ما كانت الولايات المتحدة مترددة في تأييد حركات التحرير المُضادة للإستعمار والفصل العنصري بالجنوب الأفريقي  .

* إن الأفارقة لا يستريحون في التعامل مع العسكرية في الموضوعات المُتعلقة بالتنمية والسيادة , فالأفارقة يدركون أن AFRICOM فيها من الضرر أكثر مما فيها من النفع , وهم مرتاحون للتعامل مع الدبلوماسية الأمريكية ووكالة التنمية الأمريكية USAID وفرق السلام الأمريكية أكثر مما هي الحال مع البحرية والعسكرية الأمريكية  .

* تزامن الإعلان عن والترويج لـ  AFRICOMمع المناقشات التي أدت إلي تحول منظمة الوحدة الأفريقية إلي مرحلة الإتحاد الأفريقي وإقامة حكومة إتحادية أفريقية , وكان هناك ثمة مشاعر بدت في إجتماع تشاوري للإتحاد الأفريقي في Lusaka بزامبيا مفادها أن AFRICOM ما هي إلا محاولة أمريكية للإيحاء بأن الإتحاد الأفريقي يجري فحصه وإختباره في ظل تواجد عسكري أمريكي كثيف بالقارة وهذا الموقف الأفريقي حيال هذه القيادة مؤسس علي مسلسل من التدخلات العسكرية الأمريكية في أفريقيا , وبل ويتساءل البعض من الأفارقة : لماذا لم نر القوات الأمريكية وهي تتدخل لتمنع من قاموا بالتطهير العرقي في رواندا ؟ ولماذا ظلت القوات الأمريكية راسية علي ساحل ليبيريا آمنة في الوقت الذي كانت فيه هذه الدولة التي كانت مستعمرة أنشأتها الولايات المتحدة إنشاء في أفريقيا تتحلل بقسوة عام 2003 ؟ , ولماذا لم تؤيدالولايات المتحدة بعثة  AMISOM التابعة للإتحاد الأفريقي في الصومال علي حين دعمت وأيدت التدخل الإثيوبي بواسطة القوة الجوية من الـCJTF-HOA (Operation Enduring Freedom – Horn of Africa (OEF-HOA)) المُتمركزة في جيبوتي ؟ وهو ما يجعل المرء يلقي السؤال التالي : هل الولايات المتحدة معنية حقيقةً بإصلاح شأنها والشعور بالإحتياجات الأمنية للأفارقة  ؟ أم أن وجودها العسكري المُقترح من خلال AFRICOM يُنذر بنوع من الدمار نراه حالياً بالصومال ؟ ولماذا واشنطن ليس بقادرة لعمل شيئ ما للإستجابة لإحتياج الأفارقة لتعديل سياستها التجارية معهم ؟ وإذا ما كانت الولايات المتحدة تريد فعلاً المشاركة في عملية التنمية بالقارة فلماذا لا تؤيد إطار ” الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا ” NEPAD ؟ .

* لم يُستشر الأفارقة أبداً عند وضع الولايات المتحدة للمنظور والمفهوم الفكري للقيادة العسكرية لأفريقيا , بل قدم الأمريكيون للأفارقة AFRICOM كأمر واقع Fait Accompli في الوقت الذي أدرك فيه الأفارقة مرحلة الشعور العالي بالأهمية والثقة في قيادة مصيرهم  .

* هناك ثمة قلق أفريقي من أن تزحف AFRICOM ببطء لتنتقل وتتحول من مرحلة العناية بالشئون الإنسانية – التي تضمنها منطوق إنشاءها – لمرحلة التدخل العسكري كما أكدت ذلك عملية ” إستعادة الأمل ” في الصومال عام 1992 , كما ان عملية التحول تلك يمكن أن تحدث من خلال الإرتباط القائم بين  قضايا الطاقة والفقر والإرهاب والمصالح الأمريكية بشكل أو بآخر .

* يدرك الأفارقة تماماً سجل الولايات المتحدة في العراق ولذلك فهم قلقون من أن البنتاجون هو من يتولي ويقود دور الترويج للمصالح الأمريكية في قارتهم , وعليه فإن AFRICOM يمكن أن تُري كما أراد الرئيس الأمريكي  Bush لها أن تكون مدخلاً لإستخدام القوة العسكرية لتحقيق ومتابعة المصالح الإستراتيجية الأمريكية , وعليه فإن AFRICOM لن تعمل فقط علي عسكرة العلاقات الأمريكية الأفريقية بل وعسكرة تلك البلاد الأفريقية التي ستتمركز فيها هذه القيادة العسكرية, ومما سيؤدي إلي نشوء معارضة مسلحة داخل هذه البلاد للتواجد العسكري الأمريكي .

* تلقي الأفارقة رسائل مختلطة من الولايات المتحدة أدت إلي فوضي وزيادة في الشكوك الأفريقية قبل الولايات المتحدة , ففي عام 1995 أشارت وزارة الدفاع الأمريكية في سياق ” إستراتيجية أمن الولايات المتحدة في أفريقيا جنوب الصحراء ” إلي أن الولايات المتحدة ” لديها القليل من المصالح الإستراتيجية في أفريقيا ” لكننا نجد السيدة Theresa Whelan مساعدة وزير الدفاع الأمريكي تقول مؤخراً بأن أفريقيا تقدم عشرات الآلاف من الوظائف لمواطني الولايات المتحدة , وتمتلك 8% من بترول العالم وهي مصدر رئيسي للمعادن بالغة الأهمية والسلع الغذائية , كما أن السيد Ryan Henry نائب مساعد الدفاع الأمريكي المعني بالسياسات ورجل البنتاجون المتخصص في موضوع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا قال أن هذه القيادة ليست بغرض شن الحرب , ولكنها للعمل بالتوافق مع شركاء الولايات المتحدة الأفارقة من أجل بيئة أكثر إستقراراً والتي يمكن أن يكون فيها حيز للنمو والتنمية الإقتصادية , فيما قال الجنرال Wald قائد القيادة ” إنني أتمني أن تكون قواعد متقدمة في أفريقيا , فالعالم قد تغير ونحن ماضون لصناعة أمننا , فالأيام الذهبية قد ولت ” , كما أن الجنرال Bantz Craddock قائد القيادة العسكرية الامريكية لأوروبا EUCOM قال للصحافة في واشنطن في يونيو 2007 أن حماية أصولنا في الطاقة خاصة في غرب أفريقيا وخليج غينيا ستقودنا إلي التركيز علي AFRICOM التي ستعين الدول ( في غرب أفريقيا ) علي تحسين أمنها في أي نوع من الإنتاج بترول أو غاز طبيعي أو معادن ” .

علق الدكتور Wafula Okumu علي الأمر برمته فقال أن معظم الدول الأفريقية يساورها القلق من إستضافة AFRICOM وكان بعضها واضحاً في إعلان معارضته بينما أبدي البعض الآخر خشيته حتي من إستضافة بلد مجاور له لمقر AFRICOM وهذه الدول في معظمها علي وعي بأن السخاء البادي في إرسال الولايات المتحدة لمستشاريها العسكريين إليها يمكن وبسهولة أن يتحول إلي إرسال تقليدية وعسكرية صرفة لأغراض التدخل   .

بيد أني أري أن السؤال الأكثر أهمية هو : إن كانت AFRICOM في جزء هام من مهامها وسيلة للتنمية والعمل الإنساني فلم لا تنهض بهذه المهام مباشرة مؤسسات أو وكالات امريكية معنية ومتخصصة مثل USAID أو منظمات غير حكومية قادرة لديها سجل في التعامل مع الأوبئة والأمراض وهي كثيرة متنوعة بالولايات المتحدة وتعمل بالفعل في أفريقيا ؟ ولماذا لا تنهض الدول الأفريقية بنفسها بواجباتها الأصلية حيال مواطنيها في الشئون الصحية والإنسانية وما هي مبررات وجود وزارات الصحة والشئون الإجتماعية في الدول الأفريقية في الوقت الذي تعلن فيه القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا عن أنه من بين أهدافها الهدف الرابع الوارد في منطوق إنشاءها رسمياً وهو ” تقوية جهود الولايات المتحدة لجلب السلام والأمن لشعوب أفريقيا والـترويج لأهدافنا المشتركة في التنمية والصحة والتعليم والديموقراطية والنمو الإقتصادي ”  وتدخل هذه القيادة العسكرية القتالية في هذه الأنشطة لا ينصرف معناه في تقديري علي إساءة التقدير للوزارات المسئولة في دولها أمام برلماناتها عن كفاءة الأداء فحسب بل وأيضاً ففي نهوض AFRICOM بمهام تتعلق بالديمواطية مثلاً ما يتناقض مع طبيعتها العسكرية الصرفة كما أنه تحييد لمهمة مؤسسة المعهد الوطني الديموقراطي National Democratic Institute  , وبالإضافة إلي ذلك فلم يُلاحظ أن القيادات العسكرية الأمريكية الخمس الأخري معنية بالشئون الإنسانية بهذا القدر كما هي الحال مع AFRICOM , وكيف تعمل AFRICOM علي تحقيق تواجدها في الشأن العسكري الأفريقي في الوقت الذي يسعي فيه الأفارقة مع تبايناتهم السياسية علي البحث عن نظام دفاعي / عسكري / أمني جماعي في إطار الإتحاد الأفريقي ؟ وهو سؤال سيتضح لاحقاً عند الحديث عن الموضوع الدفاعي أو العسكري في إطار القيادات العسكرية التي تعمل في إطار الإتحاد الأفريقي وتلك التي تعمل في إطار منظمات إقليمية مثل SADC  أوECWAS وغيرهما , ولهذا يمكن القول بشكل عام أن AFRICOM ليس إلا أداة أمريكية مُكملة لمنظومات القيادات العسكرية الأمريكية التي وزعتها الإستراتيجية الدفاعية الأمريكية علي العالم جغرافياً حماية للمصالح الأمريكية الحالية والمرتقبة .

تبذل الولايات المتحدة جهوداً دبلوماسية وإعلامية (ستأتي لاحقاً إشارة للجانب الإعلامي لأفريكوم لأهميتها) من خلال القيادة العسكرية الأفريقية للولايات المتحدة وإتصالاتها بمتخذي القرار السياسي وبصناع السياسة الأفريقية و بالإعلامين الأفارقة بالعديد من الدول الأفريقية لتكوين قطاع عريض نسبياً من الأفارقة موال للمدخل العسكري الأمريكي المُضاف للعلاقات الأمريكية  الأفريقية منذ عام 2007 , بحيث يكون هذا القطاع الموالي مُروجاً لفكرة أن لا بأس من التعاون مع AFRICOM , ولعل أبرز الحالات أو الأمثلة الدالة علي ذلك حالة غانا التي تعتبر من نقاط الإرتكاز المهمة للأفريكوم في غرب أفريقيا وفيها نجد السيد  Abednego Orstin Rawlings القيادي بحزب المؤتمر الديموقراطي الحاكم NDC في غانا يقول في مقابلة صحفية لصحيفة غانية بعد عودته من الولايات حيث دُعي للمشاركة في في مؤتمر عن القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا ” إن الوقت قد حان للأفارقة لإحتضان القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا , وأنظروا لفرنسا وما فعلته في ساحل العاج وما يجري في ليبيا من قبل الـ  NATO ” بل لقد ذهب السيد Rawlings إلي أبعد من ذلك عندما قال ” إنني أناشد الرئيس الأمريكي Barrack Obama ألا يتردد في إستخدام زيارته لغانا في الدفع بأجندة إنشاء الأفريكوم في القارة بمقراتها في Accra بغانا لأن الرئيس السابق George Walker Bush ووزير الدفاع الأسبق Robert Gates  أعلنا عن إقامة أفريكوم في فبراير 2007 منبهين بالأهمية الإستراتيجية لأفريقيا ” بل وصل الأمر بالسيد Rawlings بأن قال ” إن أفريكوم كانت رؤية للزعيم الغاني Nkrumah ومن يقفون موقفاً مُضاداً للأفريكوم فهم ضد Nkruma ” ( شبكة Ghana News في 27 أكتوبر 2013 ) وهو بالطبع كلام بلغ من الشذوذ مبلغه ذلك أن الرئيس الغاني الأسبق كوامي نكروما كان علي سبيل المثال يستنكر نموذج الجماعات الإتحادية غير الطبيعيةUnnatural Communities التي تربط أفريقيا بقارات أخري , ولا ننسي أن الرئيس الأسبق نكروما كان ممن تمسكوا بوجوب الإتحاد الأفريقي الفوري والشامل قبل أن تمر فترة بعد الإستقلال يزيد فيها تمسك كل بلد بسيادته وتقدم بخطته للمؤتمر الأول لقمة الدول الأفريقية المستقلة بأديس أبابا في 28 مايو1963والذي إنتهي بالتوقيع علي ميثاق أديس أبابا وكانت خطة نكروما للإتحاد الأفريقي مفصلة وتضمنت وجوب أن يكون للإتحاد الأفريقي عاصمة ودستور وعملة وبنك مركزي وسياسة خارجية مشتركة ودبلوماسية مُوحدة إلي غير ذلك , كما كان الرئيس الغاني الأسبق Nkruma أول لمن إستخدم تعبير ” الإستعمار الجديد ” وذلك في كتابه ” إني أتحدث عن الحرية ” وهو تعبير ردده أمام مؤتمر القمة الأفريقي الأول في أديس أبابا 13 مرة ( نزيه نصيف  ميخائيل . النظم السياسية في أفريقيا  تطورها وإتجاهها نحو الوحدة . دار الكاتب العربي للطباعة والنشر 1967 . صفحة 161 و 175)    .

– وقد يمكن الإستدلال علي وجهة النظر الأمريكية في مسألة تموضع مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في بلد أفريقي ما من خلال تتبع التصريحات الأمريكية وبعض التطورات المُتعلقة بهذا الشأن في فترة سابقة وذلك علي الوجه الآتي :

* أشار موقعNairaland Forum  بتاريخ 20 نوفمبر 2007 إلي أن  حكومة نيجيريا الفيدرالية أعلنت يوم الأثنين الماضي أنها سوف لا تستضيف القيادة العسكرية الأمريكية الجديدة لأفريقيا , وأشار الموقع أن ذلك الإعلان الرسمي لموقف الحكومة إزاء هذا الموضوع أتي عندما إلتقي رئيس نيجيريا Umaru Yar’Adua محافظي الولايات والمشرعين , وأشار الموقع إلي أن نيجيريا أيضاً ضد إتخاذ القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا قاعدة لها في أي مكان آخر بغرب أفريقيا وفقاً لما قاله محافظ ولاية Kwara السيد Bukola Saraki والذي أعلن بعد مقابلتهم للرئيس عن موقف حكومة نيجيريا الرسمي في هذا الشأن , وأشار الموقع إلي أن جنوب أفريقيا وليبيا عبرا عن تحفظاتهما حيالأي تحرك يبدو علي أنه توسع في نفوذ الولايات المتحدة بالقارة الأفريقية ويمكن أن يركز بصفة أولية علي حماية المصالح البترولية .

* نشر موقع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في الأول من مارس 2012 مُلخصاً للشهادة التي أدلي بها بواشنطن في 29 فبراير 2012 الجنرال Carter F. Ham أمام لجنة الخدمات المُسلحة رد فيها علي الأسئلة التي وجهها إليه أعضاء اللجنة ومن بينها سؤال عن إعادة تمركز هذه القيادة حيث أوضح ” أن بقاء مقر هذه القيادة بأوروبا هو الخيار الأكثر تكلفة وفاعلية وأن الولايات المتحدة تستفيد من قاعدة مستمرة بأفريقيا هي قاعدة معسكر Camp Lemonnier بجيبوتي وتتخذها قاعدة لعملياتها ولقوات حلفاءها وهي تقدم الدعم لأنشطة أمنية إقليمية ” .

* أشار قائد الأفريكوم الجنرال  Carter Ham في زيارة له لنامبيا في نوفمبر2012 إلي أنه ” ليس لدينا نية ولا خطة ولا مصلحة ولا مال لكي نقيم قاعدة أمريكية في الجنوب الأفريقي ولا في أي مكان آخر بأفريقيا فيما عدا ذلك المكان الذي لنا تواجد دائم به في جيبوتي ” , لكنه إستدرك فقال ” لم يعرب لي أي من القادة العسكريين الأأفارقة عن قلق أو عدم ترحيب بإستمرار التعاون مع الأفريكوم في خضم التقارير السلبية بشأن الأفريكوم ” وأردف قائلاً ” لم أزر بلداً أفريقياً وأسمع من مسئوليه الحكوميين يقولون أننا لا نريدك أن تعود ثانية ,  بل كانوا دائماً ما يقولون دعنا ننظر إلي المزيد من من الفرص حتي نقوم بالعمل بشأنها سوياً …. فالقضايا المهمة للأمن الأفريقي هي ذاتها المهمة للأمن الأمريكي ”

* ثار جدل ونقاش في الكونجرس ومجلس النواب الأمريكي حول مسألة نقل القيادة الأفريقية للولايات المتحدة داخل أو علي الأراضي الأفريقية وتردد المسئوليين الأمريكيين في محاولة القيام بهذه الخطوة , وإتصالاً بذلك صرح الجنرال / Carter Ham في 17 ديسمبر 2012 بأن ” ميزانية البنتاجون المُتقلصة تلزمه بأن ينصح البنتاجون بعدم تحريك مقرات القيادة العسكرية الأمريكية الأفريقية من حيث هي بألمانيا لأي مكان آخر ” وأردف قوله ” أنه قال لوزير الدفاع الأمريكي أن ذلك الأمر سيكلفنا الكثير ” .

* أشار موقع STARS AND STRIPES التابع للجيش الأمريكي في 18 ديسمبر 2012 للإعلان الصادر عن القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا بشأن إنشاء قوة تدخل سريع وإجابة قائد الأفريكوم الجنرال Carter Hamعن سؤال وُجه إليه بمناسبة إلقاءه لكلمة في George Washington University مفاده : لماذا أستغرق إنشاء هذه القوة وقتاً طويلاً بالرغم من أن الأفريكوم أصبحت مُكتملة من الناحية العملياتية منذ عام 2008 وبالرغم من أن القيادات العسكرية الأمريكية الأخري كان لديها قوة للتدخل السريع خاصة بها ؟ وكان رد الجنرال أن الموضوع كان مُتعلقاً بتوفر القوات ذلك أنه كانت هناك إرتباطات لهذه القوات في مناطق عدة بالعالم , وأنه عندما نتحدث عن الإستجابة السريعة (للتدخل) فإن موضوع الموقع يصبح موضوعاً أساسياً للعمل خاصة في أفريقيا التي تتولي مسئوليتها العسكرية فيها الأفريكوم وهي قارة كبيرة تبلغ ثلاثة أضعاف مساحة الولايات المتحدة تقريباً ” وقد أشار المتحدث باسم الأفريكوم Benjamin Benson أن قوة التدخل السريع تلك ستعمل من موقع بمنطقة  Fort Carson  بولاية Colorado الأمريكية , وأوضح أن المسافة عامل رئيسي عند عمل أي شيئ في أفريقيا بوجه خاص , وعندما سُئل عما إذا كان وحدة التدخل السريع تلك ستتمركز في أوروبا أم أفريقيا ؟ إلا أن المتحدث لم يرد التعليق عن الموقع المُحدد لها بإعتبار أن تحركاتها تتسم بالسرية , وأشار الموقع إلي أنه بالنسبة لتموضع قوات من أفريكوم في أفريقيا يمكن القول أن هذه القضية  تتسم بقدر من الحساسية وهو أمر يشرح تردد أفريكوم في مناقشة تواجد قوات خاصة تابعة لها بأفريقيا , ولكن علي أية حال فإن عاملين سابقين يقولون أنهم لا يتوقعون ألا تبقي هذه القوة الخاصة وقتاً طويلاً بالولايات المتحدة فالسفر الطويل للقوة من حيث هي بالولايات المتحدة لمناطق مهامها بأفريقيا سيؤثر علي فاعلية العمل والمهام , وأشار الموقع إلي أن هذه القوة الخاصة للتدخل السريع التابعة للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا ستتخذ من Fort Carson قاعدة لها  وهي في نفس الوقت قاعدة لمجموعة القوات الخاصة العاشرة , وأنه من المحتمل أن فريق عمل قوة التدخل السريع تلك سيتمركز لاحقاً في أفريقيا  .

* بث موقع  WorldTribune.com في 21 يناير 2013 ونقلت عنه مواقع أخري من واقع بيان صادر عن البنتاجون في 24 ديسمبر 2012 أن الولايات المتحدة سترسل قوات قوامها الإجمالي 3,500 فرد من الفرقة الثانية الثقيلة مشاة المُقاتلة والتابعة لقوات المشاة المتمركزة في Fort  Riley بولاية Kansas وسيتوجهون إلي خمسة وثلاثين دولة أفريقية عام 2013 للتعامل مع أنشطة القاعدة وما شابهها المُتزايدة في أفريقيا .

* أشار الجنرال Carter F. Ham قائد الأفريكوم في بيان أدلت به Elizabeth Robbins المتحدثة باسم البنتاجون ونشره موقع Stars and Stripes في 5 فبراير 2013 حيث أوضح فيه أن ” قرار الإحتفاظ بمقرات الأفريكوم في Stuttgart  قائم علي الإحتياجات العملياتية للقيادة , وأن وزير الدفاع الأمريكي تم إبلاغه برأي قائد الأفريكوم و بالدراسة المُتعلقة بالمواقع والتي أشارت إلي أن الموقع الحالي يخدم الإحتياجات العملياتية للأفريكوم بشكل أفضل من الموقع الذي بداخل أراضي الولايات المتحدة ” وهو ما أكده في إجتماع بمقر القيادة الأفريقية في Stuttgart في  ديسمبر 2012 الجنرال Martin Dempsey رئيس هيئة الأركان الأمريكية المُشتركة حيث قال أن القيادة الأفريقية الأمريكية يجب ان تظل في Stuttgart  , لكن تجدر الإشارة إلي أن تصريح قائد الأفريكوم  لم يكن ليستبعد إمكانية إختيار مقر هذه القيادة في بلد أفريقي فالمقارنة التي عقدها كانت ما بين الموقع الحالي لمقر القيادة بألمانيا والذي يعد قيادة  offshore والموقع البديل بداخل الولايات المتحدة في South Carolina أو Virginia  .

* أرسل وزير الدفاع الأمريكي  Leon Panetta  قبل تقاعده في فبراير 2013 خطاباً للكونجرس الأمريكي يشير فيه إلي ” أنه لن يوصي بإعادة تموضع مقرات القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا علي أراضي الولايات المتحدة ” , وأوضح ” أنه لإعتبارات عملياتية بشأن النفاذ إلي القارة الأفريقية فإن تحريك القوات سيعمل علي ترجيح مسألة عدم مردودية ذلك من الوجهة المالية ” , فيما كان وزير الدفاع الأمريكي الأسبق Chuck Hagel وخلال زيارته إلي Charleston بالولايات المتحدة أشار إلي أنه سيراجع وينظر في قرار تموضع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في Charleston (التي تتوفر بها بنية أساسية تصلح للأغراض العسكرية ولديها روابط تاريخية بأفريقيا ) بإعتبار أنه يري أن الوقت قد حان لنقل هذه القيادة إلي Charleston فنقل القيادة إليها وفقاً لدراسة أجرتها وزارة الدفاع الأمريكية عام 2008 سيوفر 800 مليون دولار علي مدي السنوات الخمس القادمة من تاريخ وضع هذه الدراسة , بما يعني أنها خطوة إيجابية في خطة خفض الميزانية الأمريكية بمبلغ 900 بليون دولار علي مدي عشر سنوات لاحقة .

* أشارت شبكة PolitiFact في 10 يونيو 2013 إلي ما ذكرته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة / Hillary Clinton في كتابها المُعنون بــ ” خيارات صعبة ” أو ” Hard Choices” حيث وصفت الوجود الأمريكي بأفريقيا بأنه يكاد أن يكون لا وجود له , وهو ما أشارت هذه الشبكة بأن ما قالته السيدة Clinton زائف فالوجود العسكري الأمريكي كثيف في أفريقيا وهو أمر يستند إلي تصريحات صادرة عن مسئوليين بوزارة الدفاع الأمريكية , كما أن معسكر Camp Lemonnier بجيبوتي وحده به ما بين 2000 إلي 4000 من الأفراد العسكريين والمدنيين الأمريكيين وهم أي الأمريكلن دائماً ما يحاولون تقليص هذا العدد بوصف بعض من يعملون لدي الجيش الأمريكي بأهم متعاقدون , بالإضافة إلي ان القوات الأمريكية منخرطة بالفعل في عدد من العمليات العسكرية في أنحاء القارة الأفريقية في الجزائر وأنجولا وبنين وبوركينافاسو وبوروندي والكاميرون وجزر الرأس الأخضر والسنغال وجزر سيشل وتوجو وتونس وأوغندا وزامبيا وغيرهم (علي سبيل المثال أعلنت الولايات المتحدة في فبراير 2013 عن إقامة  قاعدة جديدة للطائرات المُوجهة عن بعد بالنيجر كما أرسلت الولايات المتحدة في مايو 2013 نحو 80 عسكري أمريكي لتشاد للعمل في قاعدة أقيمت للطائرات المُوجهة عن بعد DRONES وإدارة عملية مسح جوي للبحث عن البنات اللائي قيل أن جماعة Boko Haram إختطفتهم من منطقة بشمال نيجيريا المجاورة وبعد فترة أعترفت أفريكوم عن أنها خفضت عدد الطلعات الجوية والمسح الجوي للبحث عنهن من أجل التركيز علي مهام أخري) , كذلك أفاد المتحدث باسم السيدة Hillary Clinton هذه الشبكة التي نشرت هذه الإفادة في نفس هذا التاريخ بأن أفريكوم لا قاعدة لها حتي في أفريقيا , فمقراتها في ألمانيا حيث 1500 من أفرادها البالغ عددهم 2000 فرد ما بين مدنيين وعسكرين ومتعاقدين مُقيمين هناك حيث القليل جداً من البنية العسكرية والتسليح المُتقدم  والقطع البحرية الحربية , أما بالنسبة لميزانية وزارة الدفاع السنوية البالغة 250 بليون دولار فنصيب القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا فيها بلغ 275 مليون دولار في ميزانية عام 2012 , فيما أفاد المتحدث باسم أفريكوم بأن أوروبا تبلغ من الوجهة الجغرافية ثلث مساحة أفريقيا ومع ذلك فبها 12 ضعف عدد القوات الأمريكية, بل إن البلاد الصغيرة كأفغانستان وكوريا الجنوبية لديها خمسة أضعاف القوات الأمريكية أي أكبر من كل القوات التي لدي أفريقيا .

* نشر موقع  STARS AND STRIPES التابع للجيش الأمريكي بتاريخ 10 سبتمبر 2013 أنه في وقت مبكر من هذا العام إختارت وزارة الدفاع الإحتفاظ بمقر القيادة العسكرية الأمريكية في Stuttgart وذلك بعد مراجعة داخلية للتكاليف والمنافع لعمل هذه القيادة من موقعها ذاك بأوروبا بدلاً من إعادة تمركزها بالولايات المتحدة الأمريكية , وأشار الموقع إلي أن مكتب محاسبات الحكومة الأمريكية يجادل فيما إذا كان التحليل المالي الذي أجرته وزارة الدفاع الأمريكية قد فشل في شرح الفوائد العملياتية من بقاء المقر بألمانيا بشكل كامل , وأنه لم يوازن بين ذلك الإختيار وبين العوامل المُضادة التي من بينها توفير ملايين الدولارات في حال ما أعيد تمركز هذه القيادة بالولايات المتحدة , كما أن مراجعة مكتب محاسبات الحكومة الأمريكية لعملية إعادة تمركز مقر القيادة أتت بناء علي تقارير تشير إلي أن وزارة الدفاع الأمريكية تنظر في إعادة تنظيم وهيكلة هذه القيادة بما في ذلك إمكانية إندماج الأفريكوم ثانية مع القيادة العسكرية الأمريكية لأوروبا  EUCOM والتي كانت تتولي مسئولية معظم القارة الأفريقية قبل أن تصبح أفريكوم قيادة مُنفصلة , كما أن وزارة الدفاع الأمريكية وفقاً لمكتب محاسبات الحكومة نظرت أيضاً في عملية الدمج تلك عام 2011 لكنها تخلت عن الفكرة في ذلك الوقت , ومن جهتها وإزاء تقرير مكتب محاسبات الحكومة في هذا الشأن قالت وزارة الدفاع الأمريكية أنها سوف تنظر في عدة خيارات مُتعلقة بالموضوع لمواجهة متطلبات قانون ضبط الميزانية وما يتعلق منه بإجراء تخفيضات علي المدي البعيد , ولهذا فإن وزارة الدفاع سستقوم بإجراء تحليل شامل ومستندي موثق في هذا الأمر , ذلك أن تقرير مكتب المحاسبات أشار إلي أن علي وزارة الدفاع الشروع في وضع دراسة جديدة تركز علي النواحي العملياتية والمنافع العائدة من بدائل التمركز للأفريكوم وأشار هذا التقرير إلي أن هذه الخيارات أو البدائل لابد أن تشمل تموضع بعض مقرات أفراد الأفريكوم في مواقع متقدمة – لم يحددها التقرير – بينما يتم تحريك البعض الآخر للولايات المتحدة .

من جهة أخري أشارت شبكة Press T.V الإيرانية في 10 سبتمبر2013 نقلاً عن تقرير حكومي أمريكي إشارته إلي أن عملية إعادة تمركز الأفريكوم ستوفر علي الحكومة الأمريكية 65 مليون دولار سنوياً وسينشأ عنها وظائف جديدة وإشارته إلي التساؤلات المتعلقة بالحكمة من خطة البنتاجون للإبقاء علي القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في ألمانيا

* تحت عنوان “Senators look at jobs and money in push to bring AFRICOM to Hampton Roads ” كتب  LAURIE SIMMONS في 12 سبتمبر 2013 أن السيناتور /Mark Warner أشار إلي ” أن مئات الملايين من الدولارات يمكن أن يوفرها البنتاجون لو أنه قرر نقل القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في Hampton Roads بالولايات المتحدةكما أنه يمكن في هذه الحالة إنشاء وظائف جديدة لنحو 4,300 مواطن أمريكي وتحويل نحو 450 مليون دولار للصرف داخل الإقتصاد الأمريكي وتوفير نحو 70 مليون دولار سنوياً من ميزانية وزارة الدفاع , كما أنني لا أوافق علي فكرة أن الكفاءة العملياتية يجب أن تعلو فوق وفورات يستفيد منها دافعي الضرائب الأمريكيين ” , واشار موقع The Cavalier Daily في 16 سبتمبر 2013 إلي أن كل من السيناتور Mark Warner والسيناتور Tim Kaine أرسلا  منذ نحو أسبوع خطاباً إلي وزير الدفاع الأمريكي  Chuck Hagel بشأن مقترحهما لجعل إعادة تمركز القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا من مقرها في ألمانيا  لتكون في Hampton Roads وذلك عقب تقرير مكتب المحاسبات الحكومي الأمريكي الذي صدر منذ أيام قليلة سابقة علي خطابهما والذي جادل ضد قرار وزارة الدفاع الأمريكية المُتخذ في يناير 2013 بالإبقاء علي مقر هذه القيادة حيث هي بألمانيا , وكان أهم ما أشار إليه خطابهما أن  Hampton Roads بها بنية عسكرية مؤهلة ومنشآت للتدريب ومرافق للتعليم وموارد للقيادة والتحكم وكلها يمكن أن تدعم مهمة الأفريكوم , كما أن Hampton Roads مقر لكلية الأركان للقوات المسلحة ومقر لأحد كيانات حلف NATO وهذه وتلك كلها يمكن أن تؤدي لحوار بين أفريكوم وحلفاء الولايات المتحدة في حلف NATO والذي يقوم بجهود في تحقيق الإستقرار بأفريقيا خاصة في القرن الافريقي , كما نوها في الخطاب بأن أفريكوم عند إنشاءها عام 2007 إتخذت من Stuttgart بألمانيا مقراً مؤقتاً لها علي إعتبار أن أن الهدف النهائي كان تمركز هذه القيادة بأفريقيا , ولكن – كما أشار النائبان- عاملي التكلفة والأمان في المواقع المُقترحة لتمركز هذه القيادة أخرا نقلها , وفي تعليق علي مقترح النائبان أشار السيد Geoff Skelley المتحدث باسم مركز السياسات أن نقل القيادة إلي Hampton Roads يمكن أن يحقق فوائد سياسية للنائبين .

– أوردت صحيفة New York Times في أكتوبر 2014 أن الجنرال David M. Rodriguez قائد أفريكوم أبلغ الكونجرس بأن العسكرية كان تبحث في زيادة تواجدها في أفريقيا بينما تتقلص إلتزاماتها في أفغانستان والعراق وأشار إلي ما نصه ” بينما نخفض من مُتطلباتنا الروتينية في مناطق القتال , فإننا نستخدم هذه القوات لتحقيق أثر عظيم في أفريقيا ” وبالطبع فإن هذه الإشارة من قائد الأفريكوم ذات معاني مُتعددة تتعلق بحقيقة وإن بمدي نسبي بالأرقام المُعلنة عن المُخصصات المالية للأفريكوم وكذلك عدد القوات الأمريكية التابعة للأفريكوم في أفريقيا  .

* نظمت القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا زيارة بدأت في 11 أغسطس 2014 للقواعد العسكرية الأمريكية في SAN DIEGO تحت مُسمي برنامج التعريف أو familiarization program , ودُعي لهذه الزيارة تسعة من كبار العسكريين من Kenya و Tunisia و Madagascar وRepublic of Congo و  Ethiopia و Botswana و Gabon و Comoros  وكان بعض هؤلاء العسكريون قد أنهي دراسات عسكرية أو شارك قبل ذلك في تدريبات متعددة الجنسيات , وربما كان في زيارة كتلك لقواعد الولايات المتحدة العسكرية في جزيرة SAN DIEGO ذات صلة بشكل أو بآخر بالخطوات التدريجية التي تقوم بها العسكرية الأمريكية لفتح منافذ لدي العسكريين الأفارقة لتقبل فكرة القواعد الأمريكية المستمرة في بلادهم وبمعني آخر قبول مسألة إستضافة مقر القيادة العسكرية الأفريقية الأمريكية .

* أوردت وكالة الأنباء الفرنسية AFP في يناير 2015 أن اسبانيا بدأت التفاوض مع الولايات المتحدة لإستضافة قوة التدخل التابعة للبحرية الأمريكية من أجل التمركز لمهام في أفريقيا والتي تأسست عام 2013 بشكل مؤقت ويبلغ قوامها 800 فرد مع إسناد جوي , ونقلت الوكالة عن صحف أسبانية إشارتها إلي ان الإتفاق الجديد بين اسبانيا والولايات المتحدة في هذا الشأن ربما يؤدي إلي زيادة قوة هذه الوحدة العسكرية إلي 3,000 فرد عند الحاجة إلي ذلك .

* أشار المركز الصحفي للقوات الجوية بوزارة الدفاع الأمريكية في 28 سبمبر 2015 إلي ” أن البنتاجون قرر الحفاظ علي مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في Stuttgart بألمانيا وبالقرب من مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأوروبا وذلك علي مدي المستقبل المنظور , ونحن بالتأكيد في الوقت الحالي ننظر في عدد من البدائل ” , كما نقل المركز الصحفي للقوات الجوية بوزارة الدفاع الأمريكية عن Bryan Whitman المتحدث باسم البنتاجون قوله ” أن مغادرة الأفريقيوم لألمانيا سيسمح للأفريكوم بإكتساب الخبرة وتطوير العلاقات مع الشركاء الأفارقة والأوروبيين , لكن في نهاية اليوم قُرر بأن أفضل موقع للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا الآن وحتي المستقبل المنظور هي في موقعها الحالي بألمانيا ” , ومن جهة أخري أشار المراقب العام  Richard Eckstrom الرئيس المُشارك للجنة المُنشأة لحماية والتوسع في التواجد العسكري بـ South Carolina ” أنه لا يمكن تجنب نقل الأفريكوم وأن الإعلان الحالي الذي صدر عن المركز الصحفي للقوات الجوية حجر عثرة علي الطريق ” وأشار إلي ” أن وزير الدفاع Robert Gates أجل البت في مسألة إعادة تموضع مركز القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا لتتخذه الإدارة الأمريكية الجديدة ” , وأكد أنهم ” سيظلون متفائلين بشأن المزايا العسكرية التي بـ Charleston , من جهة أخري أشارت مصادر صحفية إلي أن مسئوليين من وزارة الدفاع الأمريكية كانوا في Charleston منذ أسبوع ( أي في منتصف سبتمبر 2015 ) وكان من رأيهم إعادة تموضع الأفريكوم في ولاية Georgia الأمريكية  ,

ما يتوفر من معلومات لا يشير إلي أن مسألة عدم تموضع القيادة العسكرية الأمريكية في مقر ثابت معلن بدولة أفريقية أوأكثر أعاق هذه القيادة عن الحركة الحرة نسبياً في الولوج إلي والتواجد علي أراضي دول أفريقية مما أحال موضوع توفر هذه القيادة علي مقر ثابت إلي أن يكون نظرياً , فمن بين المعلومات التي تؤكد ذلك أن الولايات المتحدة لديها في بعض الدول الأفريقية كالنيجر ونيجيريا ومالي وتشاد قواعد لإطلاق الطائرات المُوجهة عن بعد Drones وتواجد لعناصر عسكرية أمريكية في 35 بلد أفريقي بمبرر مُشترك ألا وهو محاربة الإرهاب , ففي ديسمبر 2012 وفي ندوة بجامعة Brown بالولايات المتحدة أشار الجنرال / Carter F. Ham إلي أن العسكرية الأمريكية ستبدأ أو توسع من عملياتها في مالي والسودان والجزائر والصومال وأكثر 24 دولة أفريقية أخري , وفي هذا الشأن اشارت وكالة Associated Press في ديسمبر 2012 إلي أن قيادة الجيش الأمريكي ستبدأ في إرسال فرق صغيرة إلي 35 دولة افريقية في مستهل 2013 جزء منهم لمهام تدريبية لمحاربة الإرهابيين ولتوفير قوات أمريكية مُدربة ميدانياً ومستعدة للإرسال لأفريقيا حال نشوء الحاجة لذلك , كما ان هذه الفرق في معظمها لأغراض التدريب حصرياً وسوف لا يُسمح لها بإدارة عمليات بدون موافقة محددة وإضافية من وزير الدفاع الأمريكي  .

بالرغم من أن قادة AFRICOM المتعاقبون يعمدون إما إلي تجاهل مسألة مقر هذه القيادة بصفة عامة أو التهوين من شأنها بالقول بأنها غير جوهرية أو أن هناك ثمة إكتفاء بتواجد المقر في Stuttgart  بألمانيا إلا أن دراسة بعنوان ” القيادة الأفريقية : مصالح الولايات المتحدة الإستراتيجية ودور عسكرية الولايات المتحدة في أفريقيا ” وضعها السيد / Lauren Ploch صادرة في 22 يوليو 2011 عن Congressional Rsearch Service أشارت في الصفحة التاسعة إلي أن ” مسئولي وزارة الدفاع الأمريكية يشددون علي أن AFRICOM مازالت قيد التطوير , وأن بعض التفاصيل فيما يتعلق بهيكل القيادة وتواجدها مازالا قيد المراجعة . وأن القرار بصدد المقرات النهائية ومواضعها أُرجئ لعام 2012 كي يتيح للقيادة إكتساب فهماً أكبر لمتطلباتها العملياتية طويلة الأمد , وأن نقل المقرات لأفريقيا كما كانت وزارة الدفاع تتصوره ربما لا يحدث لسنوات عديدة قادمة , وعليه فإن مسئولي وزارة الدفاع يفكرون بصفة أولية في تأسيس مكاتب فرعية في الأقاليم الأفريقية لكنها تلقت ما يفيد بمقاومة من الخارجية الأمريكية تقوم علي قلق من أن يكون لذلك علاقة بسلطة رئيس البعثة ( الدبلوماسية) , كما ان الرسميين يشددون علي أنه ليس هناك من خطط فيما يتعلق بإقامة قواعد عسكرية جديدة في أفريقيا , وكما أكد مرة مسئولي وزارة الدفاع في عهد الرئيس Bush  من أن إقامة AFRICOM يعكس ” تغير تنظيمي أكثر مما يعكس تغييراً في الهيكل القاعدي أو تموضع القوات في القارة .

حالة ساوتومي وبرنسيب

– وضعت الولايات المتحدة ساوتومي في إطار تمهيدها لوضع جزيرتي ساوتومي وبرنسيب داخل إطار إهتماماتها العسكرية في أفريقيا تحت الرعاية الإقتصادية الأمريكية , فقد اُعلن في 2 أكتوبر 2000 عن تأهل جمهورية ساوتومي للإنضمام إلي والإستفادة من قانون الفرصة والنمو الأفريقي AGOA وذلك في إطار الأهمية الإستراتيجية والعسكرية لهذه الجزيرة , ويعد تأهل ساوتومي رمزي أكثر منه عملي ذلك أنه لا توجد صادرات لساوتومي للولايات المتحدة من المواد أو الأصناف الواقعة تحت تصنيف الـ D.F.P أو شروط الإعفاء الجمركي للدول المُنضمة لقانون الفرصة والنمو الأفريقي , فيما معظم صادرات الولايات المتحدة لساوتومي عبارة عن معدات ومركبات   .

– بثت إذاعة صوت أمريكا تقريرين في 11 و12 نوفمبر 2004 وضعهما مراسلها في ساوتومي Nico Colmbant  بشأن المصالح الأمريكية في ساوتومي , وفي سياقهما أشار المراسل أنه في مقابلته لرئيس ساوتومي Fradique Bandeira Melo de Menezes , أوضح له أنه منذ ثلاث سنوات طرح علي الحكومة الأامريكية فكرة تطوير الروابط الإقتصادية والأمنية مع بلاده , وأن الولايات المتحدة تلقت ذلك بإيجابية , ونقل عن رئيس وزراء ساوتومي السابق Posser إقتراحه بإخضاع مسألة إقامة قاعدة في بلاده لإستفتاء شعبي , كما أشار المراسل إلي أن الجنرال Charles F. Wald مساعد قائد القيادة الأوربية للولايات المتحدة زار ساوتومي في إطار زيارات لمسئولين ونواب أمريكيين كثر , ووصف المراسل إلي أن هذه الجزيرة يمكن أن تكون Diego Garcia أخري , وهي رؤية خالفها عسكريون أمريكيون آخرين بدعوي أن الحرب بالعراق لها أولوية وأنه لا ميزانية متوفرة لمثل هذا الأمر , فيما ذكر آخرين رداً علي هذا أن ساوتومي يمكن أن تصبح قاعدة عمليات متقدمة لمئات من العناصر العسكرية ليس فقط لحماية المصالح الأمريكية في بترول ساوتومي بل ولمنطقة غرب أفريقيا .

– وقعت غرفة التجارة والصناعة والخدمات لساوتومي في مارس 2006 إتفاقاً مع مركز تجارة غرب أفريقيا بغانا والتابع لقانون الفرصة والنمو الأفريقي AGOA الأمريكي  .

– قام مدربون من البحرية الأمريكية بتنظيم دورة تدريبية في مايو 2006 إستغرقت أسبوعين لعناصر من خفر سواحل جمهورية ساوتومي وذلك بهدف إكسابهم القدرات والوسائل الفنية الملاحية اللازمة لمهام توفير الحماية ضد الإرهاب المُحتمل للمنطقة البحرية الإقتصادية الخالصة لهذه الجمهورية بالإضافة للتدريب علي مهام الإنقاذ والبحث في عرض البحر , وإتصالاً بذلك صرح قائد القوات البحرية الأمريكية الجنرال H.Ulrico في يونيو 2006 أن خليج غينيا به كميات عظيمة من البترول ( حوالي 10 تريليون برميل) وأن الولايات المتحدة تريد حماية هذه المنطقة  .

– علمت عندما كنت في زيارة لساوتومي في 28 يونيو 2006 أنه بناء علي محادثات سابقة إمتدت خلال عامي 2001 و2002 بين رئيس جمهورية ساوتومي وبرنسيب Fradique Bandeira Melo de Menezes  وحكومة الولايات المتحدة , فقد أختيرت ساوتومي لتكون مركزاً إقليمياً لتنفيذ برنامج جديد تشرف عليه البحرية الأمريكية في إطار التعاون الأمريكي مع الدول الساحلية الأفريقية لدعم الأمن البحري الذي يوعز الأمريكيون لمسئولي هذه الدول ومنها ساوتومي بأن هناك نتائج سلبية إقتصادياً وأمنياً علي هذه الدول ما لم تتوفر حماية لمياهها ونطاقها البحري , بموجب التفاهم الأمريكي مع حكومة ساوتومي فقد تم تركيب نظام راداري تلقائي التشغيل للتعريف ASI\SAI يمكن به التعرف علي إشارات السفن في البحر بمنتهي الدقة وأُتفق علي زيارة وفد عسكري أمريكي لهذا الغرض  , وبالفعل ففي زيارة أخري لساوتومي في الفترة من 30 نوفمبر وحتي 8 ديسمبر 2006 علمت أن وفداً عسكرياً من الولايات المتحدة مُكون من 5 أو 6 أفراد علي الأقل منهم المستشار العلمي لقيادة البحرية الأمريكية للقيادة الأوروبية الأمريكية J .Mittleman  بالإضافة إلي بعض الصحفيين العاملين بإذاعة صوت أمريكا ,  وقد مكث الوفد هناك حوالي أسبوع لتنفيذ المرحلة الأولي من إقامة نظام راداري حديث يستغل من خلاله الأمريكيون موقع الجزيرة الحاكم في قلب خليج غينيا لحماية موارد البترول في دول إنتاجه الثمانية بالخليج التي تمد الولايات المتحدة بنحو 25 % من مجمل وارداتها البترولية من الخارج , وتبلغ قيمة هذا النظام الراداري 25 مليون دولار ويغطي المياه الإقليمية لأرخبيل ساوتومي وبرنسيب وجزء كبير من خليج غينيا , وقد قام الوفد العسكري الأمريكي بدراسة عدة مواقع لتركيب هذا الرادار كانت وفقاً للمعلومات التي توفرت لي وقتها  :

* المنطقة المتاخمة لمحطة صوت أمريكا الواقعة علي مساحة كبيرة من الأرض شمال العاصمة ساوتومي ( قام ببناء هذه المحطة شركة عربية دولية تدعي C.C.C مملوكة لرفيق الحريري وياسر عرفات ) وهي منطقة تفقدتها فهي مُحاطة بسور من السلك الشائك ويمكن إعتبارها نواة للنظام الراداري أو علي أكثر تقدير مُكملة له .

* منطقة SAO JOSE وكانت إبان الفترة التي تبنت فيها جمهورية ساوتومي النهج الإشتراكي موقعاً لنظام راداري أدارته البحرية السوفيتية .

* ميناء NEVES القديم ويقع شمال جزيرة ساوتومي في مواجهة الساحل الشرقي للولايات المتحدة .

* جزيرة Principe  وتبعد عن جزيرة ساوتومي نحو 160 كم وهي الأقرب لساحل نيجيريا علي خليج غينيا ( المحيط الأطلنطي) وأقرب لمنطقة الإستغلال البترولي البحري المُشترك بين ساوتومي و نيجيريا .

كما علمت أن الأمريكيين سوف لا يكتفون بتركيب نظام راداري واحد فهم يخططون لتركيب آخر في جنوب غربي جزيرة ساوتومي , بالإضافة إلي بحثهم تركيب نظام آخر في نيجيريا أو الجابون أو الكاميرون بشكل يتيح للولايات المتحدة التحكم والسيطرة رادارياً علي الحركة في خليج غينيا  .

– وجهت الصحافة المحلية في ساوتومي سؤالاً في مقابلة صحفية مع رئيسها Fradique Bandeira Melo de Menezes  في الأول من أكتوبر 2006 عما إذا كانت ساوتومي موضعاً لتمركز القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOMأم لا ؟ وفي إجابته عن هذا السؤال لم ينف الرئيس أو يؤكد إمكانية ذلك , لكنه أشار إلي هذا الأمر كان خاضعاً لتحليل ونقاش ولوقت كاف , وأنه لفت نظر مسئول القيادة العسكرية الأوروبية للولايات المتحدة والمنوط بها تغطية القارة الأفريقية إلي الحاجة لمثل هذه القيادة , وأن الأمر حالياً يعتمد علي الخيار الأمريكي مُوضحاً أن ساوتومي تعد مكاناً مثالياً لتمركز القيادة العسكرية الأفريقية للولايات المتحدة حال إنشاءها , وفي الواقع فإن رئيس ساوتومي Menezes المُؤيد من قبل حزب MDFM\PCD منذ ولايته الأولي عام 2001 وهو يسعي سعياً حثيثاً لتمركز عسكري أمريكي علي أراضي بلاده نظراً لأن هذا التمركز سينتج عنه إستقطاب لبعض الإستثمارات الأمريكية بما يؤدي لإنعاش الإقتصاد الفقير لبلاده , ولذلك فقد إقترح خلال زيارة له للولايات المتحدة علي المسئولين الأمريكان إقامة ميناء بساوتومي ليكون قاعدة بحريىة أمريكية , وإتصالاً بهذا الإقتراح إقترح أيضاً إقامة منطقة إقتصادية حرة بالأرخبيل لكن الأمريكان لم يبدوا حماساً لهذا العرض وقتها ولم يؤكدوا ولم ينفوا أن هذين الإقتراحين طُرحا , لكن المؤكد أن برلمان ساوتومي وبرنسيب والذي كانت الأغلبية فيه لحزب MLSTP\PSD ( المرتبط تاريخياً بشركة SONANGOL الأنجولية المُحتكرة للبترول الأنجولي) وقت تقديم هذا العرض للأمريكان رفض نهج الرئيس Menezes الذي أعاده مرة ثانية علي الأمريكيين عام 2004 , وبالرغم من أن حزب MLSTP\PSD هُزم فيما بعد في الإنتخابات التشريعية التي اُجريت في أبريل 2006  أمام إئتلاف  MDFM\PCD الذي حصل علي نسبة 37,19% من مجمل المصوتين أي ما يُعادل 23 مقعد بالبرلمان الذي يبلغ مجموع مقاعده 55 مقعد , فيما حصل إئتلاف  MLSTP\PSDعلي نسبة 28,8% من مجمل المصوتين أي ما يُعادل 19 مقعد وحصل حزب ADI علي نسبة 19,97% من مجمل المُصوتين أي ما يُعادل 12 مقعد , فيما حصل حزب N.R علي 4,67% أي ما يُعادل مقعد واحد مما أدي إلي أن  تخف قبضة حزب MLSTP\PSD علي البرلمان , إلا أن الإتفاق الذي إرتبط به هذا الحزب مع حزب ADI الذي تدعمه نيجيريا وبالتحديد جماعات الضغط البترولية فيها و يرأس هذا الحزبPatrice Trovoado (وهو أبن رئيس أسبق لساوتومي كما أنه موال للولايات المتحدة) جعل الأغلبية بالبرلمان في قبضتي هذين الحزبين بمعني أنه يتوجب علي الأمريكان والحالة هذه إن فكروا في تمركز مقر القيادة العسكرية الأفريقية التغلب علي هذه الإشكالية البرلمانية ما لم يكن الأمر لا علاقة له بالبرلمان وهذا أمر مستبعد , بالإضافة إلي أن رفض ساوتومي إستضافة مقر هذه القيادة لا يرتبط فقط بنهج حزب MLSTP\PSD فرفض مرتبط جزئياً بحساسية معظم إن لم كل الدول الأفريقية في إستضافة مقر هذه القيادة لحساسية هذا الأمر حتي وإن كانت علاقات القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا مع معظم الدول الأفريقية متطورة بشكل ملحوظ خاصة مع القوات المسلحة لهذه الدول .

– منذ الإعلان عن إقامة  AFRICOM في 6 فبراير 2007 وحتي يومنا هذا لم تصل الولايات المتحدة لإتفاق مع أي من الدول الأفريقية علي إستضافة مقر دائم لقيادتها العسكرية لأفريقيا , وظل هذا الموضوع مُعلقاً , إلا أنه يُلاحظ أن الولايات المتحدة وهي تعلم مسبقاً حساسية القادة والبرلمانات الأفريقية لهذا الموضوع خاصة في الفترة السابقة علي الإعلان عنها والتي قامت فيها الولايات المتحدة بإتصالات مع بعض الدول الأفريقية الرئيسية تناولت إخطارها بإقامة هذه القيادة والحاجة إلي توفير مقر دائم لها , إلا أنها أي الولايات المتحدة تعمدت بالرغم من علمها المُسبق تضمين مسألة مقر القيادة في منطوق الإعلان عنها بالإشارة إلي أن ” الولايات المتحدة تعمل عن كثب مع الشركاء الأفارقة لتحديد الموقع الملائم لتمركز هذه القيادة ” , وسيمكن إستنتاج أن هذه الأمر أصبحت أولويته أقل أهمية من خلال الإستعراض اللاحق لتحركات وعمل القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا مع القادة السياسيين والعسكريين الأفارقة , وعلي كل حال فمازال مقر هذه القيادة بألمانيا للآن   .

– أشار مركز Congressional Research Service في دراسة وضعها Lauren Ploch المُحلل المُتخصص في الشأن الأفريقي في 22 يوليو عام 2011  بعنوان ” القيادة الأفريقية : المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة ودور العسكرية الأمريكية في أفريقيا ” , إلي أن المسئوليين الرسميين بوزارة الدفاع الأمريكية أشاروا إلي القيادة الأفريقية تلك علي أنها ” قيادة قتالية وأكثر ” ( Combatant Command “plus”) بمعني أنها في مسئولياتها ستكون ككل القيادات القتالية الجغرافية الأخري بما في ذلك إمكانية تيسير أو قيادة عمليات عسكرية مباشرة  , لكنها خلافاً للقيادات الخمس الأخري ستستخدم علي نحو واسع المدي القوة الناعمة من أجل إقامة بيئة إستقرار أمني بحيث سيعمل بها علي نحو أكبر من مثيلاتها عدد أكبر من مكون الموارد البشرية المدنية من الوكالات الحكومية الأمريكية للتعامل مع التحديات الأفريقية المُشار إليها آنفاً .

علي كل حال فسيمكن إلي حد كبير من خلال التعرض في الجزء الخاص بذلك والمُتعلق بعمل وتحركات وإتصالات مسئولي القيادة العسكرية لأفريقيا بالدول الأفريقية تكوين صورة شبه كاملة عن مرامي الولايات المتحدة الإستراتيجية والتكتيكية بناء علي إنشاء هذه القيادة , وقبل ذلك أجد من الضروري تناول وبصفة موجزة قدر الإمكان للإستراتيجية الوطنية العسكرية للولايات المتحدة عن عام 2015 وإستراتيجية الأمن القومي الأمريكي الصادرة في فبراير 2015 فكلاهما معاً يشكلان القاعدة التي تتحرك بناء عليهما القيادات العسكرية التسع للولايات المتحدة بل والسياسة الخارجية للولايات المتحدة أيضاً   .

تزامن الحديث المُتجدد عن إقامة مقر للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM مع الجولة الأفريقية لنائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن / كمالا هاريس التي قامت بزيارة غانا في 26 مارس 2023 ولمدة أسبوع لتشجيع القادة الأفارقة على رفض جهود الصين للتواصل وبعد غانا توجهت لتنزانيا وزامبيا , وتعد جولة هاريس الأفريقية وتواجدها خامس مسؤول كبير في إدارة بايدن يزور إفريقيا هذا العام , ومن المتوقع أن يقوم الرئيس جو بايدن بزيارة في وقت لاحق من هذا العام , وتأتي كل هذه الرحلات وسط مخاوف من أن الصين قد ضمنت موطئ قدم اقتصادي في المنطقة بدلاً من الولايات المتحدة وتركز الولايات المتحدة نفسها أيضًا على مساعدة الدول بدلاً من حثها على عدم العمل مع بكين  , وقد أحال الرئيس خطته التي مدتها 10 سنوات لتنفيذ استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار مع دول غرب إفريقيا بما في ذلك بنين وساحل العاج وغانا وغينيا وتوجو ، وأعلنت هاريس يوم الاثنين أن الإدارة تعتزم استثمار أكثر من 100 م دولار لدعم جهود منع الصراع وتحقيق الاستقرار , وستزود الولايات المتحدة غانا بحزمة مساعدات قدرها 139 م دولار وتعمل الحزمة على مواجهة نفوذ الصين وروسيا.

استجابةً لإقرار قانون الهشاشة العالمية من الحزبين لعام 2019 نشرت إدارة بايدن في عام 2020 استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار (المعروفة أيضًا باسم استراتيجية الهشاشة العالمية أو GFS) , كما أوضح البيت الأبيض في أبريل 2022 أن تنفيذ إحصاءات مالية الحكومة سيمثل “جهدًا حكوميًا كاملاً مدته 10 سنوات وأنه قائم على الأدلة لتعزيز السلام والاستقرار طويل الأجل من خلال الدبلوماسية الأمريكية المتكاملة والتنمية ومشاركة قطاع الأمن مع أهداف مزدوجة لتعزيز السلام الوطني والإقليمي والمرونة والاستقرار وتعزيز الطريقة التي تعمل بها حكومتنا ” ثم كررت استراتيجية أغسطس 2022 تجاه جنوب الصحراء الكبرى جانبًا مهمًا من إحصاءات مالية الحكومة الالتزام باستخدام الدبلوماسية والتنمية والدفاع كأدوات لتعزيز وتمكين الشركاء من الاستجابة لدوافع الصراع. . . تعزيز الاستقرار الإقليمي [و] توفير الأمن الداخلي ” , وبالفعل ، فإن العديد من البلدان المحددة لتنفيذ إحصاءات مالية الحكومة موجودة في أفريقيا. داخل القارة ، ويمكن حصر هذه المناطق في ليبيا وموزمبيق ومنطقة حددتها الولايات المتحدة لغرب إفريقيا الساحلي والذي يضم بنين وساحل العاج وغانا وغينيا وتوجو فالبلدان الساحلية في غرب إفريقيا تواجه تحديات جديدة – من وجهة نظر أمريكية – حيث يهدد انعدام الأمن على حدودها الشمالية بالتوسع في أراضيها وترتبط الآفاق الأمنية لمنطقة غرب إفريقيا الساحلية ارتباطًا وثيقًا بتطور السياق الأمني والسياسي لبلدان الساحل في شمالها: السنغال وتشاد ومالي وموريتانيا وبوركينا فاسو والنيجر , وقد مرت أكثر من عشر سنوات على بدء التمردات المسلحة في شمال مالي والانقلاب العسكري الذي أنهى عقدين من الحكم الديمقراطي المدني عندما أصبح الصراع في مالي أكثر تعقيدًا وجلب الجماعات الإسلامية العنيفة جنبًا إلى جنب مع حركات التمرد المسلحة والشبكات الإجرامية الأخرى مع خطر التمدد الروسي والصيني , وقد أثار انقلاب أغسطس 2020 في مالي قيودًا بموجب المادة 7008 من قانون اعتمادات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة لعام 2020 والأحكام المماثلة مما حد إلى حد كبير من المساعدة الأمنية الأمريكية لمالي وتستمر المساعدة المحدودة فقط , ومع ذلك تري الولايات المتحدة أنه من المفيد تقييم المساعدة الأمنية التاريخية الأمريكية والدولية لمالي وفهم علاقتها بالوضع الأمني المتدهور في مالي فالولايات المتحدة تقدم مساعدات إنسانية أكثر بكثير من المساعدات الأمنية لمالي , فعلى سبيل المثال في عام 2020قدمت الولايات المتحدة 146 مليون دولار كمساعدات إنسانية وصحية مقارنة بـ 16.56 مليون دولار في مساعدات السلام والأمن ويشير إعلان إدارة بايدن الأخير بأن استراتيجية الولايات المتحدة في منطقة الساحل تبتعد عن التركيز على مكافحة الإرهاب نحو معالجة الأسباب الجذرية إلى وجود أسئلة جادة حول فعالية نهج مكافحة الإرهاب السابق .

تــــــقــــديـــــر :

في تقديري أن الولايات المتحدة يبدو أنها في ضوء التمدد الروسي عبر روسيا الإتحادية نفسها وشركة فاجنر لتوريد المرتزقة والصين الشعبية قررت أن التعجيل بالبحث عن مقر ثابت ودائم أفريقي لقيادتها العسكرية لأفريقيا AFRICOM وذلك بعد طول تردد وتفكير , والمقران المقترحان حالياً هما : ليبيريا أو المغرب ولكل ميزاته والقليل من المساوئ , لكن قد يفضل المغرب ليبيريا لقربه الشديد من القارة الأوروبية ومن دولتان هامتان في حلف الأطلنطي هما : أسبانيا والبرتغال ولكلاهما روابط قوية ببعض الدول الأفريقية بحكم سابق إستعمارهم من قبلهما , كدول PALOP أو الدول الأفريقية الناطقة بالبرتغالية وكذا روابط أسبانيا مع المغرب وغينيا الإستوائية , ومن المرجح أن صفقة إعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء في عهد الرئيس Trump – في حال إقرار المغرب كمركز للقيادة العسكرية لأفريقياAFRICOM  – قد تضمنت موافقة المغرب علي أن يكون مقراً لـ AFRICOM , ويضاف إلي ذلك أن المغرب دولة عربية وإسلامية وتنتمي بصفة غير رسمية لكتلة الفرانكفون كما أن بها عسكرية محترفة ونفاذ روحي وثقافي و جغرافي عبر الصحراء المغربية في غرب أفريقيا كما أن علاقات المغرب بالولايات المتحدة قديمة جداً وهي تقع أيضاً في مواجهة الساحل الشرقي الأمريكي كليبريا تماماً , كما أن ميزة ليبيريا أنه دولة صنعتها الولايات المتحدة مثل الكيان الصهيوني في أفريقيا بسكانها من العبيد الأمريكان المُحررين وهي تواجه الساحل الشرقي للولايات المتحدة وهي دولة غرب أفريقيا تقع في وسط من الدول الأفريقية ذات الغالبية المسلمة أو التي بها عدد مُعتبر من السكان المسلمين .

إن إستقرار القيادة العسكرية لأفريقيا AFRICOM  في مقر ثابت ومُستديم في أفريقيا يوفر للعسكرية الأمريكية وللولايات المتحدة كل مزايا التوطن ويحقق لها أقصي عائد علي التكلفة كما أنه يدعم موقف المغرب العسكري في الاقارة الأفريقية بإعتباره الزبون رقم واحد ,اكبر مُتلقي ومرسل في عملية التعاون العسكري مع أكبر عسكرية دولية كالولايات المتحدة التي تقود منظمة حلف شمال الأطلنطي .

الــــــســــــفـــــر بــــــلال الـــــمـــــصــــري –

حصريا المركز الديمقراطي العربي – القاهرة / تحــــريـــــراً في 3 أبريــــل 2023

4.2/5 - (5 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى