الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثيةالمتخصصة

دور الاتحاد الأفريقي في تسوية أزمة سد النهضة

إعداد: إسراء أبو بكر أحمد عيسى      – إشراف: د. إبراهيم منشاوي – كلية الأقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر 

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمــــة:

يدور موضوع الدراسة حول دور الاتحاد الأفريقي في تسوية أزمة سد النهضة. مشروع سد النهضة- الذي مازال قيد الإنشاء نظرًا لضخامة المشروع- مشروع مائي مخصص لتوليد الطاقة الكهربائية، والتنمية الزراعية. وقد شرعت إثيوبيا في بنائه منذ شهر إبريل 2011 ضمن خطتها المستقبلية الرامية إلى الإفادة من الموارد المائية لنهر النيل. وقد لقي احتجاجًا كبيرًا، ومحل خلاف بين كل من إثيوبيا من جهة، ومصر والسودان من جهة أخرى، وذلك لأنه يهدد أمنهما المائي، وتترتب عليه أخطار كبيرة تجاههما.

قُدرت حصة مصر بنحو 55.5 مليار متر مكعب سنويًا[1] وذلك بحسب الاتفاقيات التي وقعت بين مصر وإثيوبيا، وبالنظر إلى الاتفاقية الحاكمة الموجودة نجد أن هناك العديد من الاتفاقيات التي تم توقيعها في عهد الاستعمار منها: بروتوكول روما 1891 بين بريطانيا وإيطاليا، اتفاقية أديس أبابا 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا، معاهدة لندن بين بريطانيا وبلجيكا في 1906، أيضًا اتفاقية 1929 بين مصر وبريطانيا، اتفاقية 1932 بين مصر وبريطانيا، اتفاقية 1959 بين مصر والسودان[2]، وقد نصت هذه الاتفاقيات مجتمعة على حفاظ الموارد المائية لدولتي المصب، والتعهد بعدم الإضرار بالمصالح المائية من خلال إنشاء السدود أو المشاريع التي تعرقل تدفق المياه إلى  تلك الدول دون الرجوع إلى قادة الدول الثلاث والاتفاق فيما بينهما[3].

ولقد صاحب بناء هذا السد زخمًا سياسيًا وردود فعل إعلامية، كما تباينت مواقف الدول الأطراف حوله،      وتعددت التحليلات حول فائدة وأضراره من دولة لأخرى، حيث رأت إثيوبيا أنها صاحبة حق في تطوير أية مشروعات لتخزين المياه، وأن الهدف الرئيسي منه هو توليد الكهرباء حيث تتمكن من تغطية الاحتياجات الداخلية، كما أنها سوف تستفاد منه على الصعيد الاقتصاد الوطني سوف يزيد بمعدل نموه 4%، وعلى الجانب المصري، أدانت مصر هذا العمل وشددت على أن إثيوبيا قد شرعت في البناء دون إخطار الدول الأخرى التي قد يتأثر أمنها المائي، فضلًا عن تأثيره في جوانب عدة في مصر[4].

ويرى الخبراء السودانيون  أن لسد النهضة الآثار السلبية على الخرطوم حيث ستكون تداعيات السد “مدمرة” على السودان، بدرجة تتجاوز تأثيراته المحتملة على مصر، لأنه يقام في منطقة حدودية بما لا يدع للسودان فترة زمنية كافية لاستقبال المياه في حالة المخاطر، وبخاصة أن السودان ليس لديه بحيرات لتصريف المياه الزائدة إذا تعرض السد لمخاطر[5].

وعلى ضوء عدم وصول المفاوضات بين الدول الثلاث إلى النتائج المرجوة بعد مرور أكثر من أربع سنوات من المفاوضات المباشرة منذ التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ في [6]2015، فإن الوضع بحاجة إلى تدخل دولي لتجاوز الموقف الحالي، وتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث بالتوصل لاتفاق عادل ومتوازن، بحيث يقوم على احترام مبادئ القانون الدولي الحاكم لإدارة واستخدام الأنهار الدولية، ونتيجة لذلك تدخل الاتحاد الافريقي محاولة منه لحل الأزمة لكن سرعان ما تصاعد ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن، ولكنه أرجع هذا الملف مرة أخرى للاتحاد الافريقي ليتوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف.فإن هذه الدراسة تركز على أسباب أزمة سد النهضة، والتطورات في حل الأزمة، وتوابعها السلبية على مصر والسودان، وبشكل أساسي تركز على دور الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن في تسوية هذا النزاع وما إذا كان دورهما فعال ام لا.

اولًا المشكلة البحثية:

تكمن الإشكالية  في مدى فاعلية الدور الذي يقوم به الاتحاد الافريقي في حل النزاعات وتسويتها داخل القارة الإفريقية وتحقيق الأمن والسلم الدوليين، وذلك من خلال ما هو متاح له من صلاحيات وإمكانيات، حيث يقابله العديد من العوائق منها: الإرهاب، والتدخلات الدولية في شؤون القارة، والصراعات على مصادر المياه، وهذا ما سنركز عليه في الدراسة، ومن هنا يتحدد التساؤل الرئيسي للدراسة في:”ما إذ كان الجهود التي يبذلها الاتحاد الافريقي في أزمة سد النهضة فعالة أم لا؟ وإذا كانت الاجابة بالسلب فما هي المطالب والإجراءات التي يتعين على مصر اتخاذها لضمان حقوقها في نهر النيل؟

ومن ذلك التساؤل الرئيسي تتبع عدة تساؤلات فرعية أخرى تسعى الدراسة الإجابة عليها:

  1. ما هي أسباب أزمة سد النهضة؟ وما هي النتائج المترتبة على أزمة سد النهضة؟
  2. ما هي ثوابت القانون الدولي تجاه إنشاء السدود؟
  3. ما هي الجهود الدولية المختلفة في تسوية أزمة سد النهضة؟
  4. كيف عالج الاتحاد الافريقي أزمة سد النهضة؟ وما هي الإجراءات التي اتخذها في سبيل ذلك؟
  5. ما هي التطورات في حل أزمة سد النهضة داخل الاتحاد الأفريقي؟ وما هي مراحل المفاوضات لحل هذه الأزمة؟
  6. إلى أي مدى أسهم الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن في تقريب وجهات النظر لأزمة سد النهضة؟

ثانيًا أهمية الدراسة:

لا شك أن دراسة أزمة سد النهضة هو أمر في بالغ الأهمية، حيث تنقسم أهمية تلك الدراسة إلى اعتبارات بعضها ذات طبيعة نظرية والآخر ذات طبيعة تطبيقية ويمكن إجمال الاعتبارات ذات الطبيعة النظرية في أن الدراسة تسعى لتقديم توضيحات علمية للأزمة، بالإضافة إلى اختبار صحة الفرضيات من أجل تعميمها على أزمات مشابهة لها في الوقت الحالي أو أزمات مستقبلية مماثلة لها، كما أن الجمهـور المصـري لـم يعـد ينظـر إلـى القضيـة باعتبارها سياسـة خارجيـة تهتـم بهـا أجهـزة الدولــة الخارجيــة بــل إنــه تفاعل معها بعــد أن أصبحــت إحــدى القضايـا الداخليــة التــي تهمـة تؤثـر علـى أمنه.وتتحدد الاعتبارات العملية لهذه الدراسة في الكشف عن النتائج والآثار المترتبة على مخالفة الاتفاقيات الموقعة في تقسيم نصيب كل دولة من المياه، كما تحاول الدراسة رصد حالة الأمن في المنطقة واستجلاء أصولها وجذورها، وتساعد الدراسة في معرفة مكانة الاتحاد الافريقي في السياسات الإقليمية، كما توضح التحديات التي تواجه الاتحاد الافريقي في إحلال الأمن في ما بين اطراف الدول المشاركة في هذه الازمة، واخيرا تسعى لجمع حصيلة ما نتوصل إليه من نتائج وحلول وتوصيات إلى المهتمين من دارسين وباحثين بدور الاتحاد الافريقي في حل أزمة سد النهضة.

ثالثًاأهداف الدراسة:

تسعى الدراسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف:

  1. التعرف على أسباب أزمة سد النهضة، بيان النتائج والآثار المترتبة على أزمة سد النهضة.
  2. التعرف على الجهود الدولية المختلفة في تسوية أزمة سد النهضة.
  3. معرفة دور الاتحاد الأفريقي في تسوية أزمة سد النهضة.
  4. التعرف على الوسائل القانونية المتاحة للاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن لحل أزمة سد النهضة.
  5. الكشف عن تطورات مفاوضات أزمة سد النهضة.

رابعًامراجعة الأدبيات السابقة:

يمكن تقسيم الأدبيات المتعلقة بتسوية أزمة سد النهضة إلى ثلاث محاور رئيسية: يتعلق المحور الأول منها بالدراسات التي تناولت بشكل عام عن أزمة سد النهضة، والمحور الثاني يتناول الجهود الدولية المختلفة لتسوية الأزمة، أما المحور الثالث فتناول الدراسات التي تدور حول دور الاتحاد الأفريقي في تسوية أزمة سد النهضة.

  1. المحور الأول: الدراسات التي تناولت عن أزمة سد النهضة.

ترى بعض الدراسات أن أثيوبيا بالأساس تتعرض لتحديات في بناء هذا السد ومن هذه الدراسات: دراسة  د.عباس شراقي بعنوان”جيولوجية سد النهضة وأثرها على أمان السد”[7]، تلقي الدراسة الضوء على التحديات الطبيعية التي تواجهها إثيوبيا والتي تتسبب في فشل 70% من مشروعاتها المائية لأسباب جيولوجية وفنية ومناقشة جيولوجية منطقة سد النهضة وتحديد مساحات الأراضي القابلة للزراعة الري السطحي، حيث تتوصل الدراسة إلى العديد من النتائج من أبرزها فقد مصر والسودان لكمية المياه التي يعادل 14 مليار متر مكعب  التي أعلنت عنها الحكومة الإثيوبية على مدار 3 سنوات، وهذا الفقد يستوجب معرفة مصر والسودان به من حيث الكمية وموعد التشغيل لأخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي أزمة نقص المياه في سنوات الملء، ولم تتناول الدراسة الإطار القانوني الحاكم لعلاقات مصر ودول حوض النيل أو مصادر التهديد للأمن المائي المصري، وهذا ما ننوه عليه في هذه الدراسة، كما تشير  بعض الدراسات إلى إدارة الميارة العابر للحدود وهذا ما عرضته الدراسة The Grand Ethiopian Renaissance Dam and the blue Nile: Implication for transboundary water governance  “سد النهضة الإثيوبي والنيل الأزرق: الآثار المترتبة على إدارة المياه العابرة للحدود”[8]، تتناول الدراسة كيفية إدارة مياه النيل بين دول الحوض ، وتؤكد أن ضغوط التنمية والزيادة السكانية تضغط على الموارد المائية المتاحة، مما يجعل من الصعب إدارة المياه في هذه المنطقة، لذلك تؤكد الدراسة على ضرورة العمل في إطار تعاوني من أجل تحقيق مصلحة جميع الأطراف، كما تؤكد فكرة أهمية التوصل إلى اتفاق بين مصر وإثيوبيا في دراسات أخرى منها  دراسة بعنوان “سد النهضة العظيم وآفاق التعاون” التي تركز على الخلاف المصري الإثيوبي بسبب المخاطر التي يسببها بناء السد على مصر وتؤكد الدراسة على ضرورة التوصل لإتفاق بين مصر وإثيوبيا على فترة ملء الخزان، بالإضافة إلى الإتفاق على ما سيحدث في فترات الجفاف تتوصل الدراسة إلى بناء السد لا يقلل من حصة مصر والسودان إذا ما تم الاتفاق على القواعد المنظمة لملء مع إثيوبيا، وأنه على دول المصب أن تغير من سياساتها في التعامل مع المياه.

  1. المحور الثاني: الدراسات التي تدور حول الجهود المختلفة لتسوية أزمة سد النهضة.

في هذا المحور نرى أن دول كثيرة كان لها ردود فعل مختلفة فمنها:

(الاتجاه الأول) هو الاتجاه الذي كان يرى القضية  من منظور زيادة الصراع أكثر، حيث تعرض دراسة بعنوان “تأثير القوى الإقليمية والدولية على التفاعلات المائية في حوض النيل”[9]،  حيث أن الفقر الشديد وعدم الإستقرار السياسي الذي تعاني منه دول حوض النيل من أهم الأسباب التي تجعل المنطقة بيئة خصبة للإختراق الخارجي، كما تؤكد غلبة الطابع السياسي على التعاملات المائية في منطقة حوض النيل، وتؤكد الدراسة على الدور الذي تلعبه كلا من الولايات المتحدة، الصين، إسرائيل كقوة خارجية محفزة على الصراع وبالتالي مؤثرة على الأمن المائي المصري، ولكن في هذه الدراسة سنضيف دور قطر وتركيا  ودول الخليج موقفهم السياسي في أزمة سد  النهضة.

(الاتجاه الثاني) هو الاتجاه الذي كان يحاول ان يقلل من الصراع، وأن يساهم في تسوية الأزمة ومنها الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن، واستعرض ذلك مقالة بعنوان “Was it irresponsible for the UN to not intervene, considering the AU’s inability to resolve the dispute”[10] يعرض فيها أن قضية سد النهضة هي اختبار حيوي لأهمية المنظمات المتعددة الأطراف الرئيسية ومع ذلك، ينبغي زيادة التركيز على دور جمهورية الكونغو الديمقراطية فى الوساطة ودور مكتب الاتحاد الإفريقى. كما يعتقد سينج أن هناك إجماعًا على أن تشيسيكيدى كان من الممكن أن يلعب دورا أكثر نشاطا فى هذا الملف، ويضيف يعتقد سينج أن أزمة سد النهضة لن يتم حلها على الأرجح إلا من خلال شكل من أشكال الدبلوماسية المباشرة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين.

  1. المحور الثالث: الدراسات التي تطرقت إلى دور الاتحاد الأفريقي في تسوية أزمة سد النهضة.

ذكرت بعض الدراسات الحلول التي قد تلجأ إليها مصر وسودان لحل هذه الأزمة وجاء في هذا السياق  قراءة بعنوان “سد الألفية: أزمة القرن”[11]، عرضت فيها المسارات المتجسدة في مسار السياسي والدبلوماسي، مسار الاجتماعي والديني، مسار اقتصادي وتنموي، وفي دراسة بعنوان” الخيارات القانونية والسياسية للتعامل مع أزمة سد النهضة”[12] عرضت الضوابط الموضوعية إنشاء السدود في ضوء قواعد القانون الدولي للأنهار، ومن ثم تطرق إلى  الضوابط الإجرائية إنشاء السدود في ضوء قواعد القانون الدولي للأنهار، وفيها أكد أن لا يجوز لأية دولة مشاطئة أن تقوم أو تسمح بتنفيذ أية مشروعات مائية على النهر الدولي إلا بعد إخطار الدول الأخرى المشاطئة لذات النهر والتشاور معها، وأكد على أن مبدأ التسوية السلمية للمنازعات النهرية تأتي تتويجًا للجهود الهادفة إلى تحقيق التعاون والاستخدام المنصف والمعقول لمياه المورد المشترك، حتى ما إذا اختلف المشتركون فيه لجأوا إلى الوسائل السلمية لتسوية هذا الخلاف، واخيرا تحدث عن الخيارات القانونية والسياسية لحل أزمة ومنها:  اللجوء إلى القضاء الدولي، ومجلس الأمن، والاتحاد الأفريقي.

خامسًاالإطار النظري:

ارتكزت النظرية  الليبرالية إلى مبدأ السلام الديمقراطي التي برزت في الثمانينيات من القرن العشرين بحجة أن توسع الديمقراطية يؤدي إلى مضاعفة الأمان الدولي، حيث يرجع أصول مبدأ السلام الديمقراطي إلى سنة 1976. فهي تستقي  فروضها الأساسية من أفكار “كانط” التي تمثلت في افتراض المساواة في عقلانية الأفراد والإيمان بضرورة وإمكانية التقدم في الحياة الاجتماعية، وأن البشر- بغض النظر عن وجود مصالح شخصية- قادرون على التعاون وتشكيل وبناء مجتمع يتمتع بالسلام والتناغم والانسجام[13].فيما يلي نلخص الفروض الليبرالية في التالي:

  1. رفض سياسات القوة كمحرك وحيد في العلاقات الدولية
  2. إن التعاون الدولي والمنفعة المتبادلة هي أساس العلاقات الدولية
  3. ان المنظمات الدولية والفاعلين من غير الدول هم من يحددون تفضيلات الدول والخيارات السياسية

يؤمن الليبراليون بإمكانية قياس التقدم البشري من خلال التخلص من الصراع العالمي وتبني مبادئ الشرعية التي جاءت من النظم السياسية الداخلية ويمثل هذا الرأي النظرة للعلاقات الدولية من الداخل الى الخارج، ومن ذلك فكرة السلام الديمقراطي التي خرجت من فكر كانط عن “قيد الديمقراطية” في العلاقات الدولية. وجوهر الفكرة يكمن في أن الديمقراطيات لا تتحارب ولا يهدد بعضها البعض إلا فيما ندر. وقد تكون الديمقراطيات أكثر سلمية في جميع أنواع الدول. وهناك تفسيران لذلك:

الاول: يتعلق بالمعايير، في الديمقراطيات تعمل داخليا وفق مبدأ حل الصراعات بطريقة سلمية من خلال المفاوضات ومن دون اللجوء إلى التهديد باستخدام العنف المنظم او استخدامه فعلا ، وفي المقابل يتوقع من الدول الديكتاتورية أن تعمل وفق مبادئ هوبزية، فتهدد وتستخدم القوة. وبناء عليه فإن الديكتاتوريات في علاقاتها مع الديكتاتوريات الأخرى، أو مع الديمقراطيات، لن تكون خاضعة للقيود نفسها.

الثاني: يتعلق بالمؤسسات، حيث أن الزعماء السياسيين الديمقراطيين الذين يدخلون في حرب مسؤلون ومحاسبون من خلال المؤسسات الديمقراطية، عن تكاليف الحرب ومكاسبها، وغالبا ما تفوق التكاليف الفوائد، ويتحمل عامة الشعب هذه التكاليف، ويخاطر الزعماء الديمقراطيين الذين يشعلون حربا ألا يعاد انتخابهم، خاصة إذا خسروا الحرب أو حرب طويلة ومكلفة، وبالتالي الزعماء الديمقراطيين مترددين في الدخول في حروب، اما الديكتاتوريين فهم أكثر قدرة على قمع المعارضة والبقاء في السلطة بعد الانتهاء من الحرب، لذلك يكون القادة الديكتاتوريين أقل ترددا في شن الحروب[14].

سادسًاالإطار المفاهيمي:

أولاً: مفهوم الأمن القومى:

وقد عرّف والتر ليمان مصطلح “الأمن القومي” لأول مرة على أنه “تكون الدولة آمنة عندما لا تحتاج إلى التضحية بمصالحها المشروعة من أجل تجنب الحرب وفي حالة التحدي تكون قادرة على حماية تلك المصالح من أجل شن الحرب” ويمكن تعريف الأمن القومي عموما على أنه “مجموعة من الإجراءات التي يجب على الدولة أو مجموعة من الدول اتخاذها في حدود قدراتها للحفاظ على وجودها ومصالحها في الحاضر والمستقبل، مع مراعاة التغيرات الدولية” ( ولكن في الوضع الدولي الحالي له العديد من الأبعاد، بما في ذلك السياسية منها التركيز على حماية الهيكل السياسي للدولة والدفاع عنه هو الاقتصادي، الذي يسعى إلى توفير احتياجات ومطالب المواطنين وتحقيق رفاهيتهم من خلال سياسات التنمية من جانب الدولة[15].

ويعرف الدکتور على الدين هلال مفهوم الأمن القومي National Security بأنه: ذلك المفهوم الذي يرتبط بالتهديدات التي قد تواجه الجماعة السیاسیة فى لحظة معينة، التهدیدات لا تقتصر على الأعمال العدوانية التي تتم داخل الجماعة الواحدة إذ کثیرا ماتعرضت الاعتراضات خارجیة من جانب جماعة أخرى، بمعنى أن یکون هناك تأمین لکیان الدولة أو مجموعة من الدول من الأخطار التى تهددها داخلیًا وخارجيًا وتأمين مصالحها تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق أهدافها وغاياتها القومية[16]. وقد عرفت دائرة المعارف البریطانیة الأمن القومى بأنه: “یعنى حماية الأمن من خطر القهر على يد قوة أجنبية”[17].

ويقوم الأمن القومى على أربع رکائز أساسية أولها الجیوبولیتیکا والتى تربط بین موقع الدولة وسياساتها مع دول الجوار ومدى التحکم فى المنافذ البرية والبحرية لها ، وتقوم الرکیزة الثانیة للأمن القومى على جغرافية الدولة (موارد الدولة – عدد سکانها) وتعتبرالرکیزة الثالثة الأساس الجیوإستراتیجى للأمن القومى والذى يقوم على تفاعل قدرات وإمکانیات الدولة معا من أجل مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، ويرتبط الأساس الرابع بتاریخ الدولة وما مرت به من أحداث داخلية وخارجية، وتأثير ذلك في على دورها الإقليمى والدولى وقدرتها على حماية کیان الدولة القومى [18].

ثانيًا: مفهوم الأمن المائي:

ويستند مفهوم الأمن المائي كمفهوم مطلق إلى فرضية أساسية تتمثل في الكفاية والضمان على مر الزمان والمكان، بمعنى أنه يعني تلبية الاحتياجات الكمية والنوعية من المياه بجميع أنواعها وضمان استمرارها دون أثر من خلال حماية المياه المتاحة واستخدامها على النحو السليم، وتنمية الموارد المائية وتنمية الموارد المائية، يعقبها البحث عن موارد جديدة، تقليدية وغير تقليدية على حد سواء. ويرتبط هذا المفهوم بين الأمن المائي وندرة المياه، التي هي أحد الأبعاد الرئيسية للأمن الوطني وأهميتها للتنمية وأمن الدولة. وهكذا عرّفت عدة دراسات الأمن المائي بأنه “احتياجات المرء من المياه على مدار العام”، المعروف باسم مؤشر الإجهاد المائي، وهو المتوسط السنوي لنصيب الفرد من موارد المياه المتجددة والعذبة للاستخدامات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة والاستهلاك الأسري[19].

ثانيًا: مفهوم الصراع:

ترى الأدبيات السياسية أنه يتم النظر للصراع على أنه : “ظاهرة ديناميكية”، فالمفهوم من جانب يقترح موقفا تنافسيا معينا، ويكون كل من المتفاعلين فيه يعلم بعدم التوافق في المواقف المستقبلية المحتملة، كما يكون كل منهم مضطرا أيضًا لاتخاذ موقف غير متوافق مع  المصالح المدركة للطرف الآخر، ومن هنا كان هناك اتجاه ينصرف إلى التركيز على البعد التنافسي في تعريف الصراع باعتباره أنه: “أحد أشكال السلوك التنافسي بين الأفراد والجماعات”، وأنه عادة ما يحدث عندما يتنافس بين الافراد او الجماعات، كما أنه يحدث حول أهداف غير متوافقة، او حول موارد محدودة. وفي تعريف آخر، يرى مفهوم الصراع انه يميزه البساطة والمباشرة، حيث يوصف الصراع بأنه:”عملية منافسة ظاهرة، أو محتملة بين أطرافه”، وهنا يثار أهمية التمييز بين الصراع والمنافسة، حيث يحدث بعض المنافسات التي يتم فيها التعاون مثل الألعاب الرياضية، على النقيض في الصراع يكون هناك  إلحاق ضرر مادي أو معنوي بالآخرين.[20]

سادسًامنهجية الدراسة:

هذه الدراسة تركز على دور الاتحاد الإفريقي في قضية سد النهضة، لذلك نقوم بإتباع نظرية الدور في حقل العلوم السياسية، ستساعدنا هذه النظرية ومستويات تحليلها المختلفة على الرصد الدقيق لدور الاتحاد الافريقي تجاه هذه القضية.

كان استخدام نظرية الدور مقتصر على حقل العلوم الاجتماعية فقط ولكن في الخمسينات من القرن العشرين ومع الثورة السلوكية تم استخدام نظرية الدور في مجال العلوم السياسية وخصوصا حقل السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، والمفهوم السياسي لنظرية الدور لا يقتصر على المؤسسات والأبنية السياسية الرسمية في المجتمع إنما يضم أيضا جماعات الضغط والمصالح وأي كيان له تأثير داخل الهيكل السياسي.

تنطلق نظرية الدور من فرضية أن غالبية أفعال السياسة الدولية تحكمها تصورات وتوقعات حول ضرورة قيامها بأدوار معينة سواء على مستوى الدولي او الاقليمي، وتركز نظرية الدور على تحليل سلوكيات الفاعلين الرسميين وغير الرسميين وذلك لفهم عملية صنع القرار، ومن سمات هذه النظرية هي:

  • نظرية الدور ليس مجرد تصور لدى صانع السياسة الخارجية، بل يرتبط بالممارسة العملية.
  • يشمل مفهوم الدور تصور صانع السياسة الخارجية للأدوار التي يؤديها الأطراف الأخرى في الساحة الدولية والإقليمية.
  • يمكن للدولة أن تلعب أكثر من دور واحد في نفس الوقت.
  • يرتبط اهتمام الدولة بالدور الخارجي بأمنها القومي بالمعنى الشامل.

وفي هذه الدراسة تنتهج نظرية الدور، وذلك لرصد المكانة التي احتلتها جمهورية مصر العربية في أزمة سد النهضة، وكذلك لرصد الدور الذي تسعى لممارسته، في إطار منهج المصلحة القومية، كما أن أداء الدور بتشكل نتيجة لرؤية سياسية واضحة لمصالح الدولة وأهدافها الوطنية، في حدود ما توفره إمكانياتها وقدراتها، كما يركز على تحليل المتغيرات المتعلقة بنخبة صناعة القرار، وطبيعة فهمهم للنظام الدولي، كما يقوم هذا الاقتراب على افتراض التفاعل بين قاعدة الدور ( المرتبطة بالأخرين) وأداء الدور (المرتبط بالشخص أو المركز).

عند استخدام نظرية الدور لتفسير وتحليل الظواهر السياسية سيتم التمييز بين ثلاثة مستويات للتحليل وهذه المستويات هي:[21]

  1. مستوى توقعات الأدوار

وهذا المستوى يشير إلى الأمور المتوقعة من هذه الدولة أو المنظمة ويشمل ذلك الحقوق والواجبات والالتزامات وتأثيراتها المختلفة.

بالتطبيق على موضوع الدراسة “دور الاتحاد الأفريقي في تسوية أزمة سد النهضة” سنشير إلى الأنشطة المتوقع أن يقوم بها الاتحاد الافريقي لمواجهة هذه الأزمة

  1. مستوى توجهات الأدوار

في هذا المستوى نقوم بمعرفة التوجهات الأساسية للسلطة السياسية التي تقوم بدور معين أو عدة أدوار مختلفة ومن المفترض أن يكون هناك إدراك من قبل المنظمة أو الدولة لتوقعات ومتطلبات من حولها ويبرز هذا المستوى مفاهيم مختلفة مثل متطلبات هذا الدور والشروط التي يجب توافرها للقيام بدور معين.

وعند التطبيق على موضوع الدراسة سيتم معرفة التوجهات العامة للاتحاد الافريقي تجاه قضية سد الألفية وذلك من خلال تحليل بعض قراراتها أو الاتفاقيات التي قامت بها وكذلك جهودها وأيضا معرفة العوامل المتوفرة في كيان الاتحاد الافريقي والذي من المفترض أن يساعد على الحد من أزمة وحلها بشكل كامل.

مستوى سلوكيات الأدوار

هذا المستوى يعبر عن الأفعال والسلوكيات والقرارات التي يتم اتخاذها بالفعل على أرض الواقع وكذلك يرصد سلوكيات الأدوار ومهارات القيام بالدور ونسق الدور.

عند التطبيق على موضوع الدراسة، سنقوم برصد سلوكيات الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن وبعض الجهود الدولية.

سابعًاتقسيم الدراسة:

تنقسم الدراسة إلى فصل تمهيدي وبابين، يأتي الفصل الأول تحت عنوان ” ماهية أزمة سد النهضة وأسبابها”، ويقع في ثلاثة مباحث: الأول يتناول أسباب بناء سد النهضة، أما المبحث الثاني يتناول  الآثار المترتبة على أزمة سد النهضة، أما المبحث الثالث والأخير يتناول  الموقف القانون الدولي من السدود المائية

أما الفصل الثاني فهو بعنوان “الجهود الدولية المختلفة لتسوية الأزمة”، ويتكون من ثلاث مباحث رئيسية: المبحث الأول قد خصصناه لبيان الجهود المبذولة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، أما المبحث الثاني فتناول الجهود المبذولة من جانب إسرائيل، والمبحث الثالث تعلق بالجهود التي بذلتها كل من قطر وتركيا في تسوية الأزمة وبعض دول الخليج والبنك الدولي.

بينما يتناول الفصل الثالث “دور الاتحاد الأفريقي في تسوية أزمة سد النهضة” في ثلاث مباحث: يدور المبحث الأول حول تطور مفاوضات أزمة سد النهضة،أما عن المبحث الثاني يركز على الوسائل القانونية المتاحة للاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن لحل أزمة سد النهضة، والمبحث الثالث والأخير السيناريوهات المستقبلية للأزمة.

وأخيرًا، خاتمة تناول فيها أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة.

الفصــــل الأول: أزمة سد النهضة.

تمهيد:

سد النهضة الاثيوبي هو أقرب السدود إلى الحدود الاثيوبية السودانية، وجاء ضمن المشروعات المقترحة في الدراسة المسحية التي قام بها المكتب الأمريكي لاستصلاح الأراضي، وتشير الدراسات الاولية ان القدرة الاسمية لتوليد الكهرباء من هذا السد تقدر بنحو 800 ميجا وات. فأقدمت إثيوبيا ممثلة في رئيس وزرائها الراحل (ميليس زيناوي) على الشروع في بناء سد النهضة في مارس 2011، وذلك بإعلان أحادي الجانب ودون التشاور،مستغلة تلك الفترة الحرجة التي كانت فيها مصر منشغلة بإعادة بناء نظامها السياسي عقب الثورة، وقد أثار إعلان إثيوبيا مخاوف كبيرة من تأثيراته السلبية على تدفق المياه إلى مصر والسودان، فاعترضت مصر على ذلك منذ اللحظة الأولى، وتشكلت لجنة ثلاثية ضمت مصر والسودان وإثيوبيا وبعض الخبراء الدوليين، للنظر في الأضرار المحتملة للسد على مصر والسودان، لكن استمرت إثيوبيا في أعمال البنية التحتية، وقامت بتحويل مجرى النيل الأزرق للبدء الإنشاء دون انتظار تقرير تلك اللجنة، وهو ما أثار قلق الرأي العام المصري من أن يحجب هذا السد عن المصريين مياه النهر الذي قامت عليه حضارتهم، والتي تعد حقًا تاريخيًا مكتسبًا وفقًا لقواعد القانون الدولي[22].

ويعتبر هذا السد الذي يبعد نحو 20 ميلًا عن الحدود السودانية الأكبر والأضخم، مقارنة بكافة مشروعات السدود الاخرى التي كانت مطروحة للدراسة والتنفيذ منذ ستينات القرن الماضي، حيث تم بناؤه وفقا للموقع المقترح من قبل أحد ِالمكاتب الأمريكية، ويصل ارتفاعه إلى 145 مترًا[23]،وتصل تكلفة السد إلى حوالي 4.8 مليار دولار أمريكي[24]، ولقد صاحب بناء هذا السد زخمًا سياسيا وردود فعل إعلامية وشعبية واسعة، كما تباينت مواقف الدول الأطراف حوله[25]، ومن هذا المنطلق سوف يتناول هذا الفصل عدة جوانب ليرسم لنا أزمة سد النهضة فمنها:  ما هو موقف القانون الدولي من أزمة سد النهضة؟ وما هي أسباب بناء سد النهضة؟ والآثار الناجمة من بناءه هل كلها ايجابية؟ ام متنوعة بين السلبي والايجابي؟

المبحث الأول:

أسباب  بناء سد النهضة.

الغرض الأساسي من إنشاء السد هو توليد الكهرباء لتعويض النقص الحاد في الطاقة في إثيوبيا، وتصدير الكهرباء إلى البلدان المجاورة. من المتوقع أن يكون السد أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا وسابع أكبر محطة في العالم بسعة مخططة تبلغ 6.45 جيجا واط.

إذا كان الهدف من تشييد السد إنتاج الطاقة من سد النهضة، كما هو معلن فإن موقع السد ليس هو الأمثل بالنسبة لأثيوبيا، بينما المكان الأمثل يقع بالقرب من شلالات (تس ايساتا) وعند نهاية خانق النيل الأزرق، وهما موقعان متوسطان بين الشمال في تيجري وامهارا، والجنوب بين أديس أبابا و الاخدود الافريقي، وبالنظر الي الموقع المختار للسد فهو يقع قرب الحدود السودانية وهو ما يشير بأنه اختير بدقة وذكاء سواء كان اختيارا إثيوبيا خالصا أو نتيجة استشاره اجنبيه، عدت من قبل  خبراء أمريكان في الفترة 1959-1964، واقترحت 33 مكانا لإنشاء سدود للري وأخرى للكهرباء والباقي متعدد الأغراض، وكان أكبرها على اتفاقية 1959 بين مصر والسودان وبداية تشييد السد العالي، وذلك أن السد المقترح في هذا المكان يتحكم في كل مياه حوض النيل الأزرق بما فيه من أنهار قصيرة تنبع من هضبة جودجام وانهار طويلة نسبيا كنهر جيما في الشرق[26].

مما لا شك أن معظم الدلائل والمعطيات المتعلقة والمحيطة بإنشاء سد النهضة الإثيوبى تشير إلى أن هذا المشروع يتجاوز أهدافه المعلنة فى توليد الطاقة الكهربائية، والأبعاد الفنية والأخطار الاقتصادية والمائية المتوقعة، إلى ما يمكن وصفه «كمينًا محكمًا ومخططًا» للإيقاع بمصر، مائيًا وسياسيًا وعلى جميع المستويات، فى إطار محاولات بعض الأطراف النيل من مكانتها وتهديد مستقبلها الريادى، مما يعتبر خطرًا محدقًا مهددًا لمركزها ومحاصرًا لدورها.

فإذا ما كان الغرض الحقيقي المعلن إنشاء هذا السد هو توليد الطاقة الكهربائية، فإن هذا الأمر فنيا لا يتطلب  بناء سد بارتفاع 74 مترًا، فثلث هذا الارتفاع كاف جدا لتوليد الكهرباء، حسب الخبراء والفنيين.

وفي إطار متابعته عن كثب لهذا الملف الهام والحساس، يمكن القول إن بعض الأوساط الرسمية المصرية تعتقد أن إثيوبيا تسعى لأن يكون لها نفوذ سياسى وتأثير على مصر، مثلما هو حاصل الآن على كل من كينيا والصومال، علمًا بأن إثيوبيا قطعت المياه عن كل من البلدين بعد بنائها السدود على نهر «اومو» المشترك مع كينيا، رغم وعودها لهم بعدم المساس بحصصهم المائية[27].

كما تؤكد الأوساط المصرية أن القاهرة تتحسب جيدا لهذا المُخطط، ولن تقبل أن تكون مثالًا آخر من هذه الصورة، ولن تسير فى فلك المخطط الاثيوبى الذى تسعى من خلاله أديس أبابا لبيع المياه إلى مصر، ولن تشترى حصتها من مياه النيل، التى تقدر بنحو 99% من مياه الشرب[28].

وأكد المستشار هاني رسلان أن الموقف الإثيوبى المتعنت غير مبرر ومستهجن ومخالف للقانون الدولي والعقل والمنطق، مشيرًا إلى أن الهدف الحقيقي من وراء بناء سد النهضة هو “السيطرة على النهر واستخدام هذه السيطرة كأداة سياسية واستراتيجية لهيمنة إثيوبيا على القرن الإفريقي”. وذلك لأن إثيوبيا ترفض إبرام أي اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة مع مصر والسودان، يعنى تفريغ أي مفاوضات جرت بين الأطراف الثلاثة خلال العشر سنوات الماضية، من قيمتها، كأن لم تكن.

وأوضح أن الفجوة بين السبب المعلن والسبب الحقيقى لبناء سد النهضة، هي التي تولد منها هذا التعنت، ودفعت إثيوبيا إلى تقديم حجج متناقضة وغير منطقية وغير مقبولة. قائلًا:”الآن وصلنا لنهاية المطاف، والملء الثانى يقترب، وإثيوبيا تريد اتفاق جزئي بشأن الملء الثانى فقط، وخطورة هذا الاتفاق الجزئى أن المياه فى خزان السد ستكون وصلت إلى 18.5 مليار متر مكعب من المياه، وحينها لن يكون لدى مصر والسودان أى بدائل للتعامل مع السد سوى التفاوض، وإثيوبيا لن تقدم شيئا، بالضبط كما فعلت طوال العشر سنوات قبل الملء”، لافتا إلى أنه “بوصول المياه فى خزان السد إلى 18.5 مليار متر مكعب، سيكتسب السد حصانة”[29].

من هنا، يمكن القول إن إثيوبيا ليست إلا مجرد أداة للتأثير على مصر والتحكم بها بغرض إخضاعها، لأن مصر وثقلها ومكانتها تقف حجر عثرة أمام المشروع الصهيوني في المنطقة، وستظل القوى التي تدعم هذا المشروع تتربص بمصر ولن تتوقف عن حيك المؤامرات سعيا منها لأن يحل الخراب بمصر، خاصة بعد أن تمكنت من تدمير سوريا وتفتيت العراق، الدولتان الأهم فى المنطقة بعد مصر،التي ستكون أهلًا لمواجهة المؤامرات والتصدى لها، فهناك حقيقة يدركها الدانى والقاصى وهى أنه بدون مصر ليست هناك أمة عربية.

المبحث الثاني:

الآثار المترتبة على أزمة سد النهضة.

يحمل مشروع سد النهضة مخاطر كبرى جمة على دولتي المصب السودان ومصر، كما رأت بعض الدراسات انه يحمل في طياته بعض الايجابيات والفوائد العائدة من بنائه، حيث تتمثل الآثار السلبية في النقط التالية:

  • على صعيد القطاع الزراعي فمن المتوقع أن تنخفض لأكثر من سبب:

الأول: نتيجة قصور المياه عن استيفاء الحاجات المائية للمحاصيل، والثاني: هو تدهور نوعية المياه بسبب زيادة درجة الملوحة، كما أن خصم نحو 9 أو 12 كم المياه حصة مصر من مياه النيل[30]، فإن ذلك يعني انخفاض حصتها الـحالـيـة بـنـسـب تــراوح بـيـن 3.16% و8.21%، وهـذا سيضيف أعباء اقتصادية جديدة على كاهل الاقتصاد المصري، تتمثل تكاليف تحلية مياه البحر لسد العجز في المياه الصالحة للشرب، أو ما يمكن عمله من خلال إعـادة المعالجة لمياه الصرف، وبوجه للاستفادة منها في ري الأراضي الزراعية[31].

بشكل عام سيؤثر سد النهضة في مجمل القطاع الزراعي والغذائي المصري عـلـى النحو التالي: [32]

سيؤدي إلى تدمير  ثلاث مليون فدان أي انخفاض ما مقداره 4-5 كم من الأراضي الـزراعـيـة، وهــو مـا يعني خـسـارة 12% من الإنتاج الزراعي وتشريد مليوني عائلة ريفية، أي ما يقارب على عشرة ملايين فرد، ويقلل المزروعات المستهلكة للمياه، ومنها محاصيل استراتيجية مثل: الأرز، وقصب السكر،كما أنه سيتسبب بارتفاع نسبة الملوحة بمساحات واسعة من الأراضي الزراعية، بالإضافة الي زيادة معدلات التصحر وتعليق مشاريع استصلاح الأراضي والتوسع الـزراعـي كافة، إضـافـة إلـى زيـادة الفجوة الغذائية المصرية من إجمالي الحاجات الغذائية من 55% إلى 75%، علاوة على ارتفاع معدلات تلوث مياه النيل وانخفاض كميات المياه المتدفقة منه إلى البحر المتوسط، وبالتالي تسرب مياه الأخير إلـى أراضـي الدلتا وتجمعات المياه الجوفية، وهـذا يـؤدي إلـى ضعف الثروة السمكية والتنوع البيولوجي في المياه وفي التربة الزراعية، وضعف إمكانات الملاحة النهرية والسياحة المرتبطة بها، وارتفاع تكاليف المياه، بالاضطرار إلى إنشاء محطات لتحلية المياه في معظم المدن الساحلية، وانخفاض الدخل القومي وتدهور مستويات المعيشة بسبب تـراجـع الإنتــاج الـزراعـي المتوقع [33].

  • أما على صعيد الآثار البيئية:

فمن الآثار البيئية للسد نرى أن مصر تنتمي جغرافيا إلى أكثر المناطق جفافًا على مستوى العالم.كما أن الدراسات البيئية العالمية توضح أن مصر ستكون إحدى الدول القليلة التي ستضرر من ارتفاع سطح البحر، فضلًا عن الآثار الناشئة عن الاحتباس الحرارى.فمن المتوقع أن تتعرض أجزاء كبيرة من منطقة الدلتا إلى الغرق بمياه البحر المتوسط فى حالة ارتفاع سطح البحر بما يتراوح بين نصف متر إلى متر بحلول عام 2050.

هذا بخلاف ظاهرة تسرب مياه البحر تحت أراضى الدلتا مخلفة ظاهرة تملح التربة وتدهور خصائصها وانخفاض إنتاجيتها. ولهذا السبب تعمل الدولة على وجود مساحات مزروعة بالأرز لا تقل عن 700 ألف فدان فى شمال الدلتا للحد من هذه الظاهرة.ولاشك أن نقص الموارد المائية بسبب السد بما يتراوح بين 9-18.5 مليار متر مكعب سنويا سوف يجعل من الصعب الحفاظ على زراعات الأرز كما هى عليه الآن، ومن ثم يتوقع أن تضرب مياه البحر بالتملح أكثر من مليونى فدان فى منطقة الدلتا[34] .

أما السيناريو الكارثى حقا هو أن يتواكب مع السد ظاهرة الجفاف فى الهضبة الإثيوبية مع ظاهرة ارتفاع مياه البحر متزامنا ذلك كله مع ظاهرة الاحتباس الحرارى. هذا فضلا عن توقعات بزيادة معدلات التصحر والتجريف والتملح في الأراضي الزراعية نتيجة لنقص المياه في ظل السد. وستزداد ظاهرة تملح الأراضي نتيجة لزيادة درجة الملوحة فى المياه. ومن الآثار البيئية أيضا انخفاض موارد المياه الجوفية المتجددة المعتمدة على التسرب من مياه النيل[35].

  • أما على صعيد الاقتصادي ومستويات المعيشة والأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي:

تتمثل بزيادة تكاليف الإنتاج، نظراً إلى ارتفاع تكاليف المياه والطاقة يؤدي إلى تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي، وإلى تراجع النمو الاقتصادي الكلي، والتشغيل وارتفاع مــعــدلات الـبـطـالـة والــطــاقــات الإنـتـاجـيـة العاطلة، وزيادة الفجوة الغذائية وتراجع الإنتاج الزراعي والصناعي لـزيـادة الميل إلـى الاستيراد، وهو ما يضيف أعباء جديدة على الميزان التجاري والمـوازنـة الـعـامـة، وضـغـوطـا إضافية على سعر الصرف والتصنيف الائتماني والقدرة الاستيعابية لـلـقـروض،إضــافــة إلــى ارتفــاع المستوى العام للأسعار[36]، أي التضخم المدفوع بالتكاليف، ومن ثم انخفاض مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفقر، وزيادة البطالة والتضخم معًا، وهذا يؤدي إلـى تعميق الـركـود الاقـتـصـادي، نظراً إلـى ضعف الــقــوة الــشــرائــيــة، ومــن ثــم الـطـلـب الاسـتـهـلاكـي الـمـحـرك الأول لـلـنـمـو فــي مـصـر، وهــو مــا يـزيـد مـن تـراجـع النمو الاقـتـصـادي والتشغيل وزيادة الفقر،عـلاوة على زيـادة الهجرة مـن الـريـف إلى المدينة، مع تراجع النشاط الزراعي، الذي يؤدي بدوره إلى مزيد من الضغوط على الخدمات الحضرية، والأعباء على الموازنة العامة، فضلًا عن ضعف الاستقرار الاجتماعي والسياسي، حيث ستزداد معدلات الجريمة والتفكك الأسري وتدهور الصحة وأوضاع الفئات الأضعف اجتماعيا من نساء وأطفال ومسنين ومرضى، وارتفاع مستويات القمع السياسي والاجتماعي للحفاظ على الاستقرار، وزيـادة دور الأجهزة الأمنية وتكاليف أنشطتها، مع تراجع الاستثمار والسياحة[37].

وعلى النقيض، ترى دراسة المنشورة في دورية Environmental Research Letters في 11 يونيو 2021، حيث يرى معدُّو الدراسة أن سد النهضة ليس شرًّا محضًا بالنسبة لمصر، بل يسهم في خفض كمية الطمي أمام السد (الإطماء) وبالتالي يساعد على إطالة عمره، وهذا ما أكده وزير الري الدكتور محمد بهاء الدين  لأن ترسيب الطمي سيكون في إثيوبيا وليس في بحيرة ناصر[38]، وأن مصر بإمكانها التخفيف من الآثار السلبية لسيناريوهات الملء المختلفة، من خلال تعويض الفاقد من مياه بحيرة ناصر وتقليل كمية التبخر من البحيرة عن طريق الحلول الهندسية الممكنة.

كما أن سد النهضة يساعد في توليد الطاقة الكهربائية بكميات أعلى حيث يبلغ إنتاج الطاقة الكهرومائية (6450 ميجاوات) التي تعادل 150% من الطاقة المستخدمة في 2018، كما يحافظ على مياه الفيضانات للاستفادة منها بعد أن كانت تسبب في هلاك الأراضي الزراعية حيث أن الفائدة الكبرى لاثيوبيا من التحكم في الفيضانات التي تصيب السودان خاصة عند سد الروصيرص، ويتم الاستفادة منها عندما يقل منسوب نهر النيل خاصة في أوقات الصيف. ومن الفوائد الثانوية العائدة على إثيوبيا هي تنشيط السياحة وزيادة الثروة السمكية[39].

فنرى أن جميع الآثار السلبية أكثر من فوائد بناء السد كما ان الاثار متسلسلة ومترابطة ببعضها البعض، حيث تؤثر في جميع النواحي وليس جانب واحد في حياة دولة السودان أو مصر، كما يتبين ان الايجابيات في صالح إثيوبيا اكثر عن اي دولة اخرى، فلذلك إذا لم يتم حل الخلاف في شأن السد، فإن السيطرة الإثيوبية ستكون كبيرة على شريان الحياة في مصر، وهـو بذاته تهديد استراتيجي شديد الخطورة، يضع مصر تحت رحمة أهواء السياسة الإثيوبية وارتباطاتها الدولية غير المأمونة.

المبحث الثالث:

الموقف القانون الدولي من السدود المائية.

إن استخدام الدول لمواردها يعد من الحقوق الأصلية المقررة لها قانونا،  لكن إذا كانت هذه الموارد مشتركة بين أكثر من دولة، واستخدامها يخضع لمبادئ وأحكام القانون الدولي المنظمة لذلك، سواء كانت موارد مائية أو موارد أخرى مختلفة، فإن الدول عليها أن تتقيد باستخدامها وفق مبادئ القانون الدولي، وأهمها عدم التعسف في استخدام الحق، وعدم الإضرار بالآخرين. أما في ما يخص شيد السدود المائية فهي من الحقوق الطبيعية لدول المجرى الواحد، سواء كان دول مصب أو منابع، ومن حق هذه الدول استخدام مياه المجرى المائي، بما يعود بالمنفعة على مواطنيها في جميع الاستخدامات المختلفة وفق مصالحها، سـواء استخدمت في عمليات الـري أو توليد الطاقة الكهربائية وغيرها، وقد يكون الهدف من بناء هذه السدود هو الحد من أخطار الفيضانات والحماية منها، وعليه فإنه من حق دول المنبع بناء السدود المائية وفق قواعد القانون الدولي، واستمدت هذه الدول هذا الحق من مبدأ المساواة في السيادة بين الدول النهرية، حيث إن حق كل دولة نهرية فـي استخدام مياه النهر فـوق أراضيها أمر بديهي وبالتالي فـإن انتهجت أثيوبيا سياسة الإخطار المسبق والتزمت به تجاه دولتي المصب فإن هذا من شأنه تحقيق التعاون بين دول الحوض وتعزيز العلاقات بينها وتجنب التوترات والنزاعات التي قد تثار بين هذه الدول حول  تقسيم مياه نهر النيل[40].

وإذا كان مـن حق الدول النهرية إقـامة السـدود وشيدها لتحقيق الأهداف المرجوة مـن بنائها  لمصالحها الخاصة، فإن هذا الحق مقيد باحترام قواعد القانون الدولي للأنهار، التي ُتعد في الحقيقة تحقيقًا لقواعد اعتادت الـدول النهرية تطبيقها عبر قرون، ومن أهم تلك القواعد: قاعدة وجوب الإخطار المسبق والالتزام بـالإجـراءات التنفيذية في شأن السد المراد تشييده، وهـذا قبل الشروع في الإجراءات التنفيذية لبنائه، وتلتزم الدولة بعدم الشروع في أعمال البناء حتى ترد الدول المحتمل تضررها من بناء السد المذكور على الإخطار المرسل إليها من الدولة صاحبة المشروع، وذلك وفق ظروف كل مشروع، حيث منح القانون الدولي للأنهار الدول المحتمل تضررها الوقت الكافي والمناسب لدراسة مائي[41] .الآثار المترتبة على إقامة هذا السد وذلك من جميع النواحي المائية والبيئية، وفي الوقت نفسه على الـدول المحتمل تضررها الا تتعسف في استعمال الحق المخول لها مثل التأخير في الرد على الدولة  صاحبة المشروع أو اختلاق مشاكل يصعب من خلالها تحديد الأضرار الناجمة عنها.

فنلاحظ أن مصر وقعت العديد من الاتفاقيات لضمان حقوقها في مياه النيل ومن بينها[42]:

  • برتوكول روما:

تم توقيعه في 15 ابريل لعام 1981 بين كل من بريطانيا وإيطاليا التي كانت تحتل إريتريا في ذلك الوقت،بغرض تحديد مناطق نفوذ كلا الدولتين في أفريقيا الشرقية، وتعهدت إيطاليا في المادة الثالثة من الاتفاقية بعدم إقامة أي منشآت لأغراض الري على نهر عطبرة يمكنها التأثير على تصرفات نهر النيل.

  • اتفاقية أديس أبابا:

تم توقيعها في 15 مايو 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا، التي تعهد فيها الإمبراطور منليك الثاني ملك إثيوبيا في ذلك الوقت بعدم إقامة أو السماح باقامة اي منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا او نهر السوباط او منشآت من شأنها أن تعترض مياه النيل إلا بموافقة الحكومة البريطانية والسودانية مقدمًا.

  • اتفاقية لندن:

تم توقيعها في 13 ديسمبر لعام 1906 بين كل من بريطانيا، فرنسا وايطاليا، والتي ينص البند الرابع فيها على أن تعمل هذه الدول معا على تأمين دخول مياه النيل الأزرق وروافده إلى مصر

  • اتفاقية روما:

عبارة عن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا في عام 1925 وتعترف من خلالها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الابيض والازرق وروافدهما، كما تتعرض بعدم اقامة أي منشآت عليهما من شأنها أن تنتقض من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي.

  • اطار التعاون:

تم توقيعه في القاهرة في عام 1993 بين كل من الرئيس المصري السابق حسني مبارك ورئيس وزراء إثيوبيا فيما يتعلق بمياه النيل في النقاط التالية، عدم قيام أي من الدولتين بعمل أي نشاط يتعلق بمياه النيل بما قد يتسبب في ضرر بمصالح الدولة الأخرى، فضلا عن ضرورة الحفاظ على مياه النيل وحمايتها، واحترام المعاهدات والقوانين الدولية، التشاور والتعاون بين الدولتين فيما يتعلق بإقامة  مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقليل الفواقد ، ولكن رفضت إثيوبيا الاعتراف بهذه المعاهدات وشرعت في بناء السد.

لقد نشأ القانون الدولي للمياه  بعض القواعد بهدف تنظيم العلاقات بين دول الحوض الواحد، كما تتضمن عمليات استخدام وتقاسم المياه، ومن أهم تلك القواعد هم[43]:

  1. مبدأ عدم الإضرار: حيث تم تعريفه من جماعة الدولية للقانون على أنه مساس بحق او مصلحة مشروعة لأحد أشخاص القانون الدولي، وتدخل الدولة في نطاق المحاسبة متى تسببت في إحداث ضرر، أي يعني إنقاص نصيب دولة تتقاسم مع دولة أخرى مصدر المياة، او احداث تأثير على نوعية أو كمية المياة المتدفقة نحو بقية الدول الأخرى، حيث اتفق الفقه الدولي في النهاية على أن مبدأ عدم التسبب في ضرر او احداثه يختلف من حالة إلى أخرى، وذلك حسب الضرر الذي يمكن ان يصيب الدول الاخرى جراء القيام بالمشروع المائي المرغوب فيه، وذلك من خلال لجنة تقيم وتدرس جميع النواحي لتحديد درجة الخطورة بشكل موضوعي.
  1. مبدأ الإخطار المسبق: حيث يعد هذا المبدأ هو احدى صور مبدأ التعاون النهري بين دول الحوض الواحد، باعتباره أهم الإجراءات الواجب اتباعها من قبل الدول التي ترغب في إقامة مشروعات مائية ومن بينها السدود، بغرض عدم الحاق الضرر بمصالح الدول الاخرى وتحقيق الاستغلال الأمثل من المشروع المائي، حيث ينشأ الإخطار المسبق عندما ترغب إحدى دول الحوض في إدخال استخدام جديد او اجراء تعديل على استخدام موجود قد يكون تأثيره سلبًا على باقي دول الحوض، حيث ان اهمية الأخطار في توثيق أواصر بين الدول بما يعود بالنفع على كل دول الحوض، وتحقيق الاستخدام الأمثل والرشيد للمياة، ومن ناحية يهدف إلى رعاية المعايير البيئية للنهر الدولي وضمان مشاركة جميع الدول في تقييم آثار هذه المشروعات على البيئة النهرية.

كما تـوجد مـجـمـوعـة مـن الحجج والأسانيد القانونية التي اعتمدت عليها مـصـر خلال مرحلة المفاوضات المتعلقة بسد النهضة، حيث اعتمدت على عدد من الأدلة والأسانيد في مواجهة رغبة إثيوبيا في بناء السد من دون التشاور مع الإدارة المصرية، وهي تمثل أبرزها بالاتفاقيات التاريخية بين كل من مصر وإثيوبيا، ومصر والسودان والقانون الجديد للأنهار الذي أقرته الأمم المتحدة لعام : 1997.

وتمثلت أبرز المبادئ التي اعتمدت عليها مصر خلال مرحلة المفاوضات في:[44]

1 – مبدأ التوارث الدولي للمعاهدات: أكدت اتفاقية فيينا التي تم إقرارها في عام 1978 مبدأ التوارث الدولي للمعاهدات، واتضح ذلـك منذ بـدايـة الموافقة على مـبـدأ توارث وقدسية الـحـدود، وهـو الأمــر الــذي وافقت عليه الدول الأفريقية سابقًا في إطار اجتماعات منظمة الوحدة الأفريقية، ولـكـن عــادت دول المنبع لترفض الأخذ في هذا المبدأ من جديد وتصر على ضرورة تغييره، لـكـن مـصـر أكدت بدورها أن اتفاقية عنتيبي التي وقعتها بعض دول المنابع لا يمكنها التأثير بأي حال في الاتفاقيات السابقة، سواء الثنائية أو متعددة الأطراف، التي تم عقدها بين مصر وأي دولة أخرى من دول حوض النيل[45].

2 – مبدأ الانتفاع العادل والمنصف للمجاري المائية: ودعـت مصر إلـى العمل بهذا المبدأ عند النظر إلـى تـوزيـع الأنـصـبـة المائية فـي حـوض نهر النيل، حيث يقر هذا المبدأ بحصول كل دولة على نصيب عادل ومنصف عند تقاسم مياه النهر، وتعرضت المادة (5 (من قواعد هلسنكي للقانون الدولي لعام 1966 الـذي حـدد أحـد عشر مؤشراً ً إرشاديا لتحديد ما يعرف بمبدأ الاقتسام العادل والمنصف لمياه أحواض الأنهار الدولية، وهو الأمر الذي أكدته اتفاقية الأمم المتحدة عام 1997 مع الأخذ في الحسبان عوامل الجغرافيا والمناخ، ً فضلا عن الحاجات الاقتصادية والاجتماعية، والوزن النسبي للسكان الذين يعتمدون على النهر[46].

3 – مبدأ الحقوق التاريخية المكتسبة: يعتمد هذا المبدأ على ضرورة احترام الكيفية التي جرى العمل بها في اقتسام واستخدام مياه النهر الدولي بين الدول المتشاطئة والمشتركة في مجراه، بشرط أن يكون هذا الاقتسام قد جرى العمل به لمدة زمنية طويلة إلى الحد الذي تصبح فيه حصة المياه التي تستخدمها دولة ما ً واقعا متواتراً لمدة طويلة من دون اعتراض دول النهر على أن تكون هذه الحصة تمثل أهمية حيوية ولا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة إلى دول النهر، من هنا تؤكد مصر ضرورة احترام حقوقها التاريخية والمكتسبة في مياه النيل من قبل الجانب الإثيوبي[47].

ويتضح من خلال هذه القواعد الحاكمة لاقامة السدود ان اثيوبيا تتجاهل كل القواعد الدولية وتسعى إلى تكريس واقع جديد، يقوم على أساس نظرية السيادة المطلقة على الموارد، وان من حق إثيوبيا التصرف في مياه النيل الأزرق بشكل منفرد كما تشاء.كما أن إثيوبيا لا تهدف فقط لبناء سد النهضة ولكن لبناء ثلاث سدود أخرى على النيل الأزرق وهم: كارادوبي، بيكوابو، مندايا. بسعات تخزينية تصل إلى 200 مليار م مكعب،تتحكم من خلالها في متصرفات المياه إلى مصر والسودان وتهدد مصالحهما، مما سيؤدي إلى تعطيل وتوقف مشروعات التنمية المصرية، وكل هذه التداعيات التي من شأنها أن تؤثر بشكل سلبي على الأمن المائي المصري.

الخلاصة:

وبصورة إجمالية، نرى أن الهدف الغير معلن من بناء سد النهضة انصب في صالح إثيوبيا لتكون هي المسيطرة على  مصر مائيًا وسياسيًا، حيث إن إثيوبيا ليست إلا مجرد أداة للتأثير على مصر والتحكم بها بغرض إخضاعها وتهديد مكانتها، ولكن الموقف القانوني يحافظ على الحصص المائية لكل دولة، وذلك من خلال توافر شروط قبل بناء السدود منها الإخطار المسبق وأن لا يمس بذلك ضرر للدول المشاركة، ولكن تضرب بكل هذه القوانين والاتفاقيات اثيوبيا بعرض الحائط، كما أن في بناء ذلك السد آثار سلبية وخيمة أكثر من فوائده المتمثلة على الصعيد الزراعي لمصر والمستوى المعيشي والاقتصادي كما تم الذكر مسبقًا، وهذا ما يأخذنا إلى النظر  لمواقف الدول الأخرى وجهودها في تسوية الأزمة، لنرى إذا كانت مؤيدة لموقف إثيوبيا ام بجانب مصر وسودان؟

الفصل الثاني: الجهود الدولية المختلفة لتسوية الأزمة.

تمهيد:

لا جدال أن القوى الخارجية، لاسيما الكبرى منها تلعب دورًا فاعلاً ومؤثرًا في تفاعلات النظم الإقليمية المختلفة، وذلك عبر التأثير على طبيعة وأنماط التفاعلات الداخلية لتلك النظم، ويتجلى مثل هذا الدور في جوانب ثلاث: إما لعب دور منشأ للتفاعلات (صراعات أم تعاون)، أو دور محفز للتفاعلات، أو لعب الدورين معًا.

ولعل المحلل للخريطة الجيوستراتيجية لمنطقة حوض النيل يتبين بوضوح وجود مجموعة من العوامل المؤثرة في بيئة الصراعات التي تموج بها هذه المنطقة، الجاذبة للتدخل الدولي عير قوى عديدة، حيث تتكالب القوى الدولية والإقليمية على منطقتي القرن الأفريقي والبحيرات العظمى: كالولايات المتحدة، وأوروبا، والصين، وتركيا، وإيران،والسعودية، والإمارات، وقطر وغيرها، وتتعدد أهداف كل منها ما بين رغبة في السيطرة على الموارد الطبيعية،أو تعزيزًا لوجودها السياسي والاستراتيجي،أو تعظيمًا لفرصها الاستثمارية خاصة في مجالي الزراعة والطاقة والتعدين، فضلًا عن ارتباط ذلك في كثير من الأحيان ارتباطًا وثيقًا بالأهداف الحيوية للسياسة الخارجية لتلك الدول[48]. ومع إضافة خريطة الوجود العسكري المباشر وغير المباشر في هذه المنطقة، كتأجير القواعد العسكرية والتجارية، يظهر جليًا حجم التحدي أمام السياسة المصرية، حيث توجد في جيبوتي قاعدة عسكرية أمريكية وأخرى فرنسية، وقواعد تجارية يابانية وصينية، بالاضافة إلى السعودية، وفي إريتريا توجد قاعدة إماراتية وفي الصومال، وفي هذا الفصل نستعرض لأهم القوى الاقليمية والدولية، وفقًا لدرجة انخراطها وتأثيرها على  مشكلة سد النهضة[49]، وفي هذا الفصل سوف يتناول عدة مباحث وهي: الجهود المبذولة من قبل إسرائيل، والولايات المتحدة، وأخيرًا  موقف قطر وتركيا ودول الخليج في أزمة سد النهضة.

المبحث الأول:

 الجهود المبذولة من قبل إسرائيل.

إن الأطماع الإسرائيلية في نهر النيل من الأزل، حيث ترجع جذورها إلى تلك الفكرة التي تقدم بها “تيودور هيرتزل” مؤسس الصهيونية عام 1903، إلى الحكومة البريطانية للحصول على جزء من مياه النيل وتحويلها إلى صحراء النقب عبر سيناء[50] وهو ما أكد علية “ديفيد بن جوريون” بقوله: “إن اليهود يخوضون معركة المياه، وعلى نتيجة هذه المعركة يتوقف مصير إسرائيل، فإذا لم ننجح في هذه المعركة فإننا لن نبقى في فلسطين”[51].

وزاد الطموح الإسرائيلي في النيل بعد معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية التي تمت في عام  1979، وظهر ذلك في عدد من المطالب والمشروعات الإسرائيلية الرامية إلى سحب مياه النيل، وكان الرفض المصري لذلك دافعًا لإسرائيل لممارسة عدة أشكال من الضغوط الدولية والدعائية، حيث قامت باتهام مصر بتبديد جزء كبير من حصتها من المياه ما بين 8- 10 مليار م مكعب، محاولة استعراض أن كيف لدولة المنبع ان تسيطر وتتحكم أكثر من دولة المصب، وذلك يبرز لنا مدى أهمية المياة لإسرائيل حيث تشكل لها أزمة كبيرة (الشح المائي) حيث عانت منه منذ عام 2000، كما تتعدد أهداف السياسة الخارجية الإسرائيلية في القارة الأفريقية[52]، والتي تتمثل  في الآتي:

  1. محاولة ان تزيد من الدول المؤيدة لها أكثر بحيث لا تكون منعزلة دوليا حيث ان كلما زادت عدد الدول المؤيدة لها ذلك يساندها أكثر وتزداد شرعيتها.
  2. كسب تأييد الدول الأفريقية من أجل تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، وهو ما سيجعلها وسيطًا مقبولًا لإيجاد سلمي للصراع.
  3. تحاول أن تصل لأهداف دينية تحقيق من خلال تقديم إسرائيل على أنها دولة نموذج (لشعب الله المختار).
  4. السعي لتحقيق متطلبات الأمن الإسرائيلي عبر تأمين كيان الدولة العبرية وضمان هجرة اليهود الافارقة إليها، وتأمين موارد المياه والحيلولة دون أن يصبح البحر الأحمر بحيرة عربية خالصة.
  5. بناء قاعدة استراتيجية لتحقيق الهيمنة الإقليمية الإسرائيلية، عبر مبدأ (شد الأطراف)، بالتركيز على دول بعينها كالسنغال، وإثيوبيا، والكونغو الديمقراطية[53].

ولتحقيق هذه الأهداف فإن إسرائيل تتبع استراتيجيتين:[54]

  1. استراتيجية الدور المباشر، عبر (المشروعات الإسرائيلية)، ومن هذه المشاريع:
  • مشروع هرتزل (1903):

ظهرت فكرة هذا المشروع في مطلع القرن الحالي عندما تقدم الصحفي اليهودي ” هرتزل ” مؤسس الحركة عام 1903 إلى الحكومة البريطانية بفكرة توطين اليهود في سيناء واستغلال ما فيها من مياه جوفية وكذلك بعض من مياه النيل، وقد وافق البريطانيون مبدئيًا على هذه الفكرة على أن يتم تنفيذها في سرية تامة وقد استتبع ذلك إرسال بعثة صهيونية كشفية إلى مصر، ولكن المشروع الصهيوني قوبل بالرفض لأسباب سياسية واقتصادية، حيث تمثلت الأسباب الاقتصادية في أن المشروع الصهيوني كان يتضمن تهديد للخطة البريطانية الهادفة إلى ربط الزراعة المصرية بالصناعة البريطانية، أما الأسباب السياسية فترجع في مجملها إلى الظروف الدولية في ذلك الوقت والتي فرضت إتباع سياسة الوفاق الودي بين بريطانيا وفرنسا 1904 تأهيل لمواجهة الخطر الألماني[55].

  • مشروع ” اليشع كالي ” (1974):

في عام 1974 طرح “إلشيع كالي” تخطيطًا لمشروعهُ الذي ينطلق من خلفية عامة تفيد ” بأن المنطق الأساسي في هذا المشروع هو أن كميات ضئيلة من المياه لا يزيد عن 1 % من مياه النيل أي 800 مليون م3 سنويًا من أصل 80 مليار م3 متوسط التدفق السنوي بالمقياس المصري (نحو 0.5 % من إيراد النهر عند أسوان) لا تشكل عنصرًا مهمًا من الميزان المائي المصري يمكن نقلها في اتجاه الشمال إلى قطاع غزة والنقب الإسرائيلي.وقد نشر المشروع تحت عنوان “مياه السلام” ويقوم المشروع على توسيع ترعة الإسماعيلية (قناة السلام) التي تتغذى من روافد دمياط في الدلتا وقناة سيناء المتفرعة منها من أجل تأمين قدرة النقل المطلوبة، وتتراوح هذه القدرة بين 100 مليون م3 سنويًا في حال اقتصر التزويد على قطاع غزة، ونمو 500 مليون م3 في حالة تزويد مستهلكين آخرين. وقد قوبل هذا المشروع بالرفض المصري على الصعيدين الرسمي والشعبي، وعاد هذا المشروع في الظهور أكثر من مرة وكانت أولها عام 1978 فيما أطلق ” اليشع كالي ” عليه مشروع ” حل نموذجي لنقض المياه في إسرائيل “، وفي عام 1986 بمناسبة انعقاد مؤتمر “أرماند هامر” للتعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، قام ” كالي ” بتطوير مشروعه تحت عنوان” خطة مياه الشرق الأوسط ” في ظل السلام، ومرة أخرى في منتصف عام 1989 وخلال انعقاد ندوة التعاون الاقتصادي لدول الشرق الأوسط في سان لوزان ثم طرح مشروع ” كالي ” من جديد وتم طلب بيع مصر لإسرائيل حصة من مياه النيل قدرها 1 % من إيراد النيل[56].

  • مشروع ” بؤر ” (1979):

قدم خبير المياه الإسرائيلي “شاؤول أولو زوروف” النائب السابق لمدير هيئة المياه الإسرائيلية – مشروعًا للسادات خلال مباحثات كامب ديفيد عام 1979 يهدف إلى جر مياه النيل إلى إسرائيل عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس، تقوم بدفع المياه إلى نقطة سحب رئيسية في سيناء ويتم رفع المياه بالضخ إلى ارتفاع عشرات الأمتار لتدفع بقوة الجاذبية على طول ساحل سيناء وبإمكان هذا المشروع نقل 1 مليار م3 لري صحراء النقب منها 150 مليار م3 لقطاع غزة، ويتميز هذا المشروع من وجهة نظر إسرائيل بضمان استمرارية جريان المياه وحل مشاكل التخزين[57].

ومن الجدير بالذكر أن مصر لديها ثوابت في السياسة المائية راسخة في ذهن صانع القرار فيما يخص المياه وهو رفض بيع المياه دوليًا وبالتالي فهي ترفض كل مقترحات إسرائيل ومشاريعها حول نقل أو تحويل      أو بيع مياه النيل لإسرائيل، وأيضًا ما يزيد من هذا التوجه المصري هو الرأي العام المصري الذي يرفض بشدة مجرد أن يكون هناك تعاون مائي مصري إسرائيلي ومن ثم الرفض النهائي لأية صيغة من صيغ “محاصصة” في مياه النيل من قبل إسرائيل سواء بالبيع أو بأي وسيلة اخرى وبالتالي فأن إستراتيجية إسرائيل في محاصصة مياه النيل مع مصر لن تحقق مراد إسرائيل في الحصول على مياه النيل وذلك طبقًا لثوابت السياسة المائية المصرية والتي حتى الآن تؤكد على رفض المقترحات الإسرائيلية، ومن هنا فأن إسرائيل قد اتجهت إلى تبني إستراتيجية غير مباشرة لتحقيق أهدافها وهي :

  1. استراتيجية الدور غير المباشر، عبر (محاصرة) السياسة المصرية وتطويقها إقليميًا وشد أطرافها سياسيًا واستراتيجيًا لاضعافها جيوبولتيكيًا[58].

تمارس إسرائيل صراعاتها في القارة معتبرة أن قارة أفريقيا بمثابة  حلبة المصارعة، وعبر عنه (دان إفني) بأن الصراع في أفريقيا “معركة حياة أو موت بالنسبة لنا”[59]. ومن ثم وظفت إسرائيل عددًا من الوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية لتقوية علاقاتها بالدول الأفريقية وفي مقدمتها إثيوبيا، فنلاحظ أنها قامت بالعديد من الانشطة للتقرب من اثيوبيا منها[60]:

  • فقامت بإرسال المبعوثين والخبراء في كافة المجالات وخاصة المجال الأمني والعسكري لأثيوبيا[61].
  • كما وقعت معها على العديد من صفقات السلاح بشروط متساهلة.
  • وقدمت لها الخدمات في مجال التدريب عبر مجموعة من المدربين العسكريين، وهو ما  نتج عنه تحقيق إثيوبيا لانتصارات على أرتيريا في المواجهات التي دارت بينهما[62].
  • ولم تكتفي بذلك بل وقعت إسرائيل على اتفاق استراتيجي مع إثيوبيا 1998، يمنحها تسهيلات عسكرية واستخباراتية في الأراضي الإثيوبية، تم جرى تأكيد ذلك عبر اتفاق استراتيجي آخر عام 1999[63].
  • وعلى الجانب الاقتصادي، ساعدت إسرائيل إثيوبيا بعدد من المشروعات التنموية أكثر من ثلاثين مشروع، وقامت بإنشاء أربعة سدود على النيل لتوليد الكهرباء وضبط حركة المياه، كما قدمت شركات استثمارية يمتلكها جنرالات سابقون بالموساد مساهمات في مشروعات زراعية، وبناء سدود[64]، وهو ما دفع بعض المحللين السياسيين المصريين إلى القول: “إن إسرائيل طرف مباشر فيما يحدث في أعالي النيل، وإن سد النهضة هو تأليف وإخراج وسيناريو إسرائيلي”، وهو ما أثبتته العديد من الدراسات من قيام إسرائيل بلعب دور فعال في الصراع الذي شهدته منطقة البحيرات العظمى خلال عام 1994، سواء في رواندا وبوروندي أو الكونغو، حيث كانت الأسلحة الإسرائيلية تصل إلى تلك الدول عبر قنوات رسمية وغير رسمية، كما في الكونغو بها أكثر من 150 مستشارًا عسكريًا إسرائيليًا، كما تشير التقديرات إلى أن قيمة الأسلحة المصدرة إلى الدول والميليشيات في هذه المنطقة بلغت أكثر من 600 مليون دولار خلال عام [65]

ونستنتج مما سبق أن إسرائيل استطاعت  المحافظة على وجودها الدائم في أثيوبيا بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم، وهو ما يؤكد أن هدف الوجود في أثيوبيا وبقية دول حوض النيل بما يحيل أهمية بالغة ضمن السياسة الخارجية الإسرائيلية . ومما عزز من العلاقات الإسرائيلية الأثيوبية ارتباط الأثيوبيين لسلالة سليمان وارتباطهم الروحي بالأماكن المقدسة في الأماكن المحتلة (القدس)[66].

ولقد توصل بالفعل أحد أبرز المتخصصين في هذا الشأن، إلى إثبات التحقق من فرضية تقول: أنه كلما زاد التغلغل الإسرائيلي اقتصاديًا وسياسيًا ومائيًا في حوض النيل، زاد الصراع المائي الدولي في هذه المنطقة، وذلك عبر مجموعة من الأدلة والأسانيد والمقابلات، كما أجمع الباحثون في ذات الشأن علي أن مثل هذا الدور الذي تلعبه إسرائيل في القارة الأفريقية وخاصة داخل دول حوض النيل، جاء  كنتيجة طبيعية لذلك الفراغ الذي حدث عقب تراجع الدور المصري في تلك المنطقة.

المبحث الثاني:

الجهود المبذولة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

من خلال تحليل المبحث السابق نلاحظ أن الدور الإسرائيلي في منطقة حوض النيل يأتي في  نمطين أحدهما مباشر، والآخر غير مباشر، ولكن دور الولايات المتحدة الأمريكية يتخذ شكلاً غير مباشر فقط وتلعب الولايات المتحدة الأمريكية دورين بالأساس في حوض نهر النيل.

  • الاول : دور عام تسعى من خلاله إلى “محاصرة” السياسة المصرية والسودانية في ذلك المحيط الإقليمي بما يخدم تثبيت النفوذ الأمريكي سياسيًا وإستراتيجيًا في ذلك الإقليم، ومن ثم التمهيد لدور إسرائيلي فاعل من خلال إعادة رسم خريطة التوازن الإقليمي بمنطقة حوض النيل[67].
  • الثاني : العمل على إعادة رسم الخريطة الجيوبوليتيكية للسودان من خلال إتباع سياسة خارجية تهدف إلى خلف سودان جديد موال للولايات المتحدة الأمريكية[68].

وبطبيعة الحال فإن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية، سواء كان تجاه دول حوض النيل ككل أو تجاه السودان يؤثر ولا شك بشكل مباشر أو غير مباشر في أحيان أخرى على التفاعلات في تلك المنطقة ومن ثم يؤثر على ديناميات الصراع المائي الدولي في حوض نهر النيل، ومن هنا تأتي أهمية دراسة دور الولايات المتحدة الأمريكية في حوض نهر النيل على النحو التالي توضيحه في هذا المبحث.

بعد الحرب الباردة استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية بتحقيق مجموعة من المصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، إلا أن الأهداف الاقتصادية كانت في المرتبة الاولى خاصة بعد الاكتشافات النفطية، بالاضافة إلى الطموح المتزايد في فتح أسواق جديدة لتصريف منتجاتها الصناعية في دول القارة، خاصة أن القارة الإفريقية من أكبر القارات من حيث عدد السكان[69].

ويأتي الاهتمام الأمريكي بمنطقة حوض النيل تحديدًا لكونها أحد أبرز المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية من المنظور الأمريكي، ومن ثم تتمثل الأهداف الامريكية في هذه المنطقة في الآتي:

  1. أهداف اقتصادية: المتمثلة في فتح أسواق جديدة في القارة التي تمتاز بوجود فرص هائلة للاستثمار والتجارة.
  2. أهداف سياسية: الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية وتوظيف عددا من دول هذه المنطقة لاستخدامها كأداة ضغط على مصر، ودعم إسرائيل وضمان استمرارها في القيام بدورها في السيطرة على المنطقة، وإعاقة أي اتجاهات راديكالية قد تحدث تغييرًا تؤثر على المصالح الأمريكية.
  3. أهداف عسكرية: مثل تحسين قدرة القارة الإفريقية على التعامل مع المشكلات الأمنية كالإرهاب، والنزاعات المسلحة، التي تؤثر على الأمن العالمي والأمن الأمريكي بصفة خاصة[70].

حرصت الولايات المتحدة الأمريكية على إقامة علاقات مع الدول التي تسهم بنصيب وافر في مواردها لمياه النيل، ومنها أثيوبيا التي تمثل أحد الأهداف المهمة للولايات المتحدة لكونها تشكل مصدرًا مهمًا من مصادر تغذية المياه لنهر النيل، حيث يسهم حوض أنهار هضبة الحبشة بنسبة 80 % من مياه النيل.

ولا شك أن طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة وإثيوبيا، وما تتضمنه من شراكة بين الجانبين على المستوى الاقتصادي والتجاري والسياسي والعسكري وما يحتمل أن تتطور إليه هذه الشراكة في المستقبل على مستوى المفاهيم والتطبيقات.

وهذا التدخل يمثل تحديًا أمام صانع القرار المصري، بحيث أصبح هذا التدخل واضح من منطلق الربط الواضح في الإستراتيجية الأمريكية بين المياه والصراع حيث أن الولايات المتحدة تستثمر قضايا المياه بالمعنى السياسي والاستراتيجي في منطقة حوض النيل.

نستنتج من ذلك موقف الولايات المتحدة، وهو ليس بصف مصر حيث انها قامت بتقليل تواجد مصر في المحافل الإقليمية وإضعاف تأثيرها  خاصة في الاتحاد الافريقي، كما قامت بفرض عقاب على مصر من خلال العديد من الإجراءات التي تجسدت في وقوفها مع إثيوبيا وقامت بتزويد قدرات الجيش الإثيوبي، كما حجمت خيارات مصر في تعاملاتها مع تحديات المنطقة بالتحديد في أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، التي تموله هي بالأساس مع دول أخرى[71].

فنلاحظ ان بعد زيارة باراك أوباما لأديس أبابا في 2015، أصبح السلوك الإثيوبي أكثر تشددا مع مصر ويعبر ذلك عن تغير ميزان القوى لصالح إثيوبيا، وفي ذلك نؤكد ان كلما زاد الدور الأمريكي في منطقة الحوض زاد الصراع المائي الدولي في هذه المنطقة بشكل كبير[72].

المبحث الثالث:

الجهود المبذولة من قبل قطر وتركيا وبعض دول الخليج والمنظمات الدولية.

إن قطر وتركيا يدعمان بناء سد النهضة من خلال مشروع استثماري و زراعي ضخم، تموله الدوحة وأنقرة لزراعة مليون ومائتي ألف فدان في منطقة السد، وهذا ما أكد عليه (جمادا سوتي) المتحدث بأسم جبهة تحرير الأورومو الاثيوبية، وأكد أيضا على الدولتين قد سددت الدفعة الأولى من هذا المشروع، وهو ما أسهم في زيادة وتيرة العمل لإنشاء السد، فضلًا عن عدد من المشروعات الأخرى مثل تطوير السكك الحديدية الإثيوبية. وعلى جانب آخر، أكد د. هانئ رسلان، أن كل من قطر وتركيا قد عرضتا تمويل السد ب5 مليارات دولار، بالإضافة إلى الاتفاق مع إثيوبيا على عدد من الصفقات العسكرية، تشمل مضادات للصواريخ لحماية السد[73].

أما عن دول الخليج فهي تقوم بتمويل مشروع السد ومنها: السعودية، الامارات، الكويت، والتي طرحت رؤوس أموال ضخمة للاستثمار الزراعي في الأراضي المحيطة بالسد وفي ذات الإطار جاء إعلان رجل الأعمال السعودي محمد العمودي عن تمويله لمشروع السد، وتبرعه بما يعادل 88 مليون دولار لصالح بنائة، فضلا عن أن شركته تعد الأكبر من بين استثمارات القطاع الخاص في اثيوبيا، بعد بناء مصنعين لانتاج الاسمنت واقامة عددا من المشروعات في مجال التعدين والتنقيب عن الذهب وزراعات وإنتاج البن والأرز. ولعل ذلك يشكل وبصورة حقيقة تحديا كبيرا أمام السياسة المصرية، نظرا لقوة ومتانة التحالف المصري مع هذه الدول وتحديدا منذ 3 يوليو 2013، والذي يرتكز حاليا على قاعدتي التحالف العربي في عاصفة الحزم باليمن، والتحالف الإسلامي ضد الإرهاب[74].

أما على صعيد المنظمات الدولية نرى أن البنك الدولي له دور بارز  في  تمويل العديد من مشروعات السدود في القارة الأفريقية، حيث أعلن البنك الدولي للإنشاء والتعمير عام 2013 عن عزمه زيادة التركيز على  دعم مشروعات السدود الكبيرة في البلدان النامية بشرط استيفاء الضمانات البيئية. فنرى أن البنك الدولي ومصرف الاستثمار الأوروبي، والمصرف الصيني للاستيراد والتصدير، ومصرف التنمية الأفريقي تمويل الكثير من السدود الأخرى. ورغم المخاوف حول الأثر البيئي والسياسي لسد النهضة، إلا أن ذلك لم يثبط تلك المؤسسات عن منح الإقراض والمشاركة في التمويل، باستثناء صندوق النقد الدولي الذي كان أكثر موضوعية من غيره، حين اقترح ان تسير إثيوبيا في بناء السد وفقا لبرنامج زمني بطئ، مبررًا ذلك بأن المشروع سوف يستهلك 10% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وهو ما سيؤثر على المشروعات البنية التحتية الاخرى الضرورية.

ورغم نفي البنك الدولي أكثر من مرة دعمة لهذا السد، الا ان السفير محمد ادريس سفير مصر في إثيوبيا أكد عام 2013، أن البنك الدولي هو الممول الرئيسي للسد. ورغم مساهمة البنك الواضحة في الكثير من عمليات التنمية في دول الحوض، الا ان البنك الدولي وبسبب هيمنة القوى الكبرى على سياساته، وقد وضع عددا من المفاهيم الجديدة حول المياه مثل: الخصخصة، وسياسات تسعير المياه، وتبادل المياه، وأسواق المياه، وهي مفاهيم تؤدي إلى تحفيز الصراع على المياه بين دول الحوض وتعرقل أيه أطر للتعاون فيما بينهم[75].

الخلاصة:

وبصورة إجمالية، فانه من غير المرجح أن تسمح كل تلك الأطراف بالتراجع عن هذا المشروع، بعد هذا الحجم الضخم من الأموال التي أنفقت عليه، ومن ثم ستعمل هذه القوى صوب الدفع باتجاه عرقلة أية فرصة حقيقة للتسوية لتلك الأزمة، ومن هنا يرى الباحث متفقا في ذلك مع كثير من الباحثين، أن مطالبات إثيوبيا بإعادة تقسيم مياه النيل وعدم الاعتراف بالاتفاقيات التاريخية، كان مدفوعًا بقوة من قبل القوى الخارجية وغيرها، وهو ما يفسر طبيعة وحدة التصرفات الاثيوبية منذ تسعينات القرن الماضي، وهذا يأخذنا لنرى ما هو موقف مجلس الامن والاتحاد الافريقي في هذه الازمة، هل كان لهم دور فعال ام غير ذلك؟

الفصــــل الثالث: دور الاتحاد الأفريقي في تسوية أزمة سد النهضة.

تمهيد:

لا ريب أن ظهور عدد كبير من اللجان المشتركة المعنية بالأنهار الدولية، يرجع في جانب منه على الاقل الى الاعمال التي أشرفت عليها الأمم المتحدة، فقد أوصت الاجتماعات والمؤتمرات التي عقدت تحت رعاية الأمم المتحدة بأن تنظر الدول في إنشاء آليات مشتركة لتحقيق أقصى فائدة ممكنة من المجاري المائية، وتوفير أكبر قدر ممكن من الحماية.

وفي أواخر القرن المنصرم، عقد اجتماع إقليمي بشأن تنمية أحواض الأنهار والبحيرات مع التركيز على المنطقة الافريقية، وذلك في أديس أبابا في الفترة من 10 الى 15 اكتوبر 1988 ومن بين التوصيات التي اعتمدها هذا الاجتماع وضع وتنفيذ ترتيبات مؤسسية من أجل جمع وتخزين البيانات المتعلقة بمشاريع أحواض الأنهار، وتبادل المعلومات والوصول إلى البيانات فيما بين الأطراف [76].

وعندما نشب نزاع بين مصر واثيوبيا حول مراحل ملء سد النهضة، عرض الأمر على مجلس الأمن[77]. والذي بدوره أحل النزاع الى الاتحاد الافريقي كمنظمة إقليمية لها دور كبير في الشأن الأفريقي.

ويثور التساؤل حول دور الأمم المتحدة- ممثلة في مجلس الأمن في تسوية النزاعات الدولية، وما دور المنظمات الإقليمية- ممثلة في الاتحاد الأفريقي بشأن النزاع حول إنشاء سد النهضة الإثيوبي ومراحل ملء السد.وسوف نقسم هذا الفصل إلى: تطور المفاوضات من أجل تسوية الأزمة، وما هي الوسائل القانونية المتاحة أمام الاتحاد الافريقي ومجلس الامن لحل أزمة سد النهضة، وأخيرًا توقع السيناريوهات المستقبلية.

المبحث الأول:

 تطور المفاوضات لأزمة سد النهضة.

بعد أن بدأ العمل في السد، وافقت إثيوبيا على تشكيل لجنة خبراء مشتركة لدراسة الآثار البيئية والاجتماعية للسد، وسلمت اللجنة تقريرها في يونيو 2013، وجاء في وثيقة المشروع كثير من النواقص والثغرات، وهي بشكل اولي وتحتاج إلى دراسات تفصيلية.

وبذلك عكست إثيوبيا الأوضاع، فبدلًا من تشكيل اللجنة أولًا لدراسة المشروع، قامت ببدء التنفيذ قبل تشكيل اللجنة. وهذا بعد اختراق لقواعد القانون الدولي المنظمة للأنهار الدولية. يجدر بنا تبيان مسارات التفاوض المختلفة، لفهم كيف تطورت المواقف، وفي هذا يمكن تحديد طاولات ثلاث للتفاوض حول سد النهضة منذ 2013 وحتى اليوم، وهي:

  • الطاولة الأولى هي طاولة الخرطوم، والتي عُقدت بمبادرة من السودان الذي دعا إلى جمع أطراف الأزمة بعد وصول المواجهة الإعلامية بينهما إلى ذروتها في 2013، وامتدت أعمالها حتى أواخر 2019. وصل هذا المسار ذروته بتوقيع إعلان المبادئ بين الأطراف الثلاثة في الخرطوم في مارس 2015، وخاضت من بعده الأطراف الثلاثة جولات انتهت جميعًا بالتعثر والانكسار على صخرة القضايا الخلافية.
  • الطاولة الثانية في واشنطن، ودفعت صوبها مصر لدى تيقنها من أن التفاوض الثلاثي قد هيمنت على مساره إثيوبيا ونجاحها في استراتيجية شراء الوقت. واستدعت مصر على وجه التحديد الوساطة الأميركية، معلنةً حسن النوايا، والاستعداد لقبول أي صيغ توافقية يقترحها الأميركيون، شريطة أن تكفل مقترحاتهم التوصل إلى حل. وبموافقة ودعم شخصي من الرئيس، دونالد ترامب، انفتح في أوائل 2020 مسار تفاوضي برعاية أميركية. وعلى الرغم من تقدمٍ بدء مبشرًا للمفاوضات التي أدارها وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوشن، بالتوصل إلى مقترح توافقي جرت بلورته بمشاركة البنك الدولي، فإن الطرف الإثيوبي قد قرر فجأة مغادرة المفاوضات، وعدم التوقيع، بينما بادر الطرف المصري إلى التوقيع بالأحرف الأولى.[78]

استعادة طاولة الخرطوم، إثر جولة واشنطن، أسفر الوضع عن موجة من الشد والجذب بين مصر وإثيوبيا، استدعت مساعيَ سودانية لتقريب المواقف، وكان الجديد أن توافقًا واضحًا بين الخرطوم والقاهرة بعد جولة واشنطن قد ترسخ، وأساسه الاقتناع بضرورة أن تُبنَى أي مفاوضات جديدة على ما سبق التوصل إليه في جولة واشنطن. فحِرصُ الإثيوبيين على الرجوع بالتفاوض إلى نقطة الصفر بات جليًّا. لكن بقي السودان على تحفظه على الضغط المصري لأجل تدويل التفاوض.

  • الطاولة الثالثة هي التفاوض برعاية الاتحاد الأفريقي مع مراقبة من مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وهي الطاولة التي انفتحت بعدما رفعت مصر شكواها إليه، وتصويرها الأزمة بـ “التهديد الوجودي”. في ضوء الشكوى المصرية، وضع على عاتق المجلس التعامل مع ما فيها ضمن إطار “السلم والأمن في أفريقيا”[79]. حيث رفضت إثيوبيا الخطوة المصرية، متهمة القاهرة بأنها تسعى لتحويل مجلس الأمن إلى “منتدى لتصفية الحسابات وممارسة الضغط الدبلوماسي”، وأنها بتجاوزها الآليات الإقليمية، تقدم الدليل على “انتفاء نيتها المساهمة في نجاح العملية الثلاثية”[80] من جانبها، رأت مصر إمكان الاستجابة لطلب الاتحاد الأفريقي بتولي الوساطة. وأسفرت مشاورات مجلس الأمن عن قبول مقترح “سيريل راما فوزا” وهو رئيس جمهورية جنوب أفريقيا والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، باستضافة المفاوضات تحت شعار “حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية”. خرج بيان مجلس الأمن داعمًا تدشين مساعٍ جديدة لأجل التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة برعاية الاتحاد الأفريقي، على أن يُعاد عرض الموقف في حينه على مجلس الأمن.[81]

وعلى الرغم من أن مصر وإثيوبيا والسودان أجروا مفاوضات منذ سنوات عدة من دون التوصل إلى نتيجة بشأن سد النهضة، وعلى الرغم من توقيع وثيقة مبادئ سد النهضة عام 2015 والتي تضمنت عشر مبادئ، إلا أن الخلاف مازال قائما، وهذا الخلاف يتمثل في ثلاث تحديات رئيسية:

  1. التحدي الاول: تحدي فترات الملء وسعة التخزين:

يوجد خلاف بين مصر واثيوبيا حول الفترة الزمنية لملء الخزان، فترى مصر أن فترة ملء الخزان تحتاج من سبع إلى عشر سنوات لتفادي الخسائر المحتملة والحفاظ على منسوب المياه في السد العالي في مصر [82]، أما إثيوبيا تريد ملء الخزان في ثلاث سنوات لتسريع تشغيل السد وتشغيل التوربينات الاثنى عشر بأقرب وقت ممكن.

  1. التحدي الثاني: تحدي الإدارة الهيدروليكية:

حيث ان اثيوبيا لازالت تتمسك برؤيتها الاحادية للمنظومة الهيدروليكية لإدارة سد النهضة، ففي حالة تشغيل السد دون التنسيق المشترك مع السد العالي بمصر وسدود أسوان، سيؤدي ذلك إلى خفض منسوب المياه أمام تلك السدود خاصة السد العالي، مما سيؤدي إلى انخفاض توليد الكهرباء.

  1. التحدي الثالث: تحدي الالتزام بعدم الاضرار:

وهو رفض إثيوبيا الارتباط بالابعاد الديناميكية الفنية والهيدروليكية للسد العالي، لأن ذلك سيجبرها على الحفاظ على نسبة مياه مرتفعة أمام السد العالي وسد السودان، وهذا سيؤخر عملية ملء البحيرة لدي اثيوبيا.

المبحث الثاني:

الوسائل القانونية المتاحة للاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن لحل أزمة سد النهضة.

هناك العديد من المواد في ميثاق الوحدة الافريقية التي تتحدث عن تسوية النزاعات والتي منها:

  • المادة(19) من ميثاق الوحدة الافريقية على مبدأ تسوية المنازعات بالوسائل السلمية، وقضت بإنشاء لجنة وساطة وتوفيق وتحكيم، يكون تشكيلها وشروط عملها محددا ببروتوكول مستقل، يعتبر جزءا متمما للميثاق.[83]

ويحتوي البروتوكول المذكور على أحكام تفصيلية بشأن إنشاء وتنظيم لجنة معنية بالمبادئ والإجراءات التي ينبغي اتباعها في حالات الوساطة والتوفيق والتحكيم[84].

ويمكن أن يحال النزاع إلى اللجنة، سواء من جانب الأطراف المعنية على نحو مشترك، أو أحد أطراف النزاع  أو مجلس الوزراء، أو مؤتمر رؤساء الدول أو الحكومات، وإذا أحيل النزاع إلى اللجنة ورفض واحداً أو أكثر من الأطراف الخضوع لولاية اللجنة، فعلى المكتب أن يحيل المسألة إلى مجلس الوزراء لدراستها. وتمنح اللجنة سلطات التحقيق والاستقصاء فيما يتعلق بالمنازعات المحالة إليها، بموجب البروتوكول، فقد يتفق أطراف النزاع على اللجوء إلى أي من أساليب التسوية الآتية:

الوساطة، التوفيق، التحكيم، وتعتبر هذه الأساليب تخييرية وليست إجراءات، ولأطراف النزاع مطلق الحرية في استخدام أي آلية أو وسيلة من هذه الوسائل الثلاث فيما يتعلق بالنزاع[85].

وقد لعبت منظمة الاتحاد الإفريقي في الأونة الأخيرة دورًا بارزًا في مجال تسوية بعض المنازعات التي شهدتها القارة الإفريقية تسوية سلمية، ويمكن أن يكون للاتحاد الإفريقي دوراً حيوياً في مجال تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث المتنازعة (مصر، السودان، إثيوبيا) على استخدامات المجاري الدولية، ومن ثم تسوية وحل المنازعات في مهدها، وذلك بما للاتحاد الإفريقي من آليات مؤسسيه تساعده على النهوض بتلك المهام[86].

الخطوات التي اتبعها الاتحاد الإفريقي في تسوية نزاع سد النهضة الإثيوبي:

تجلى دور الاتحاد الإفريقي – كمنظمة إقليمية – في رعاية مفاوضات سد النهضة، ولعب الدور الإقليمي الأبرز والأهم في هذا الإطار، فعلى الرغم من عدم تدخل المنظمة الإقليمية بداية في تسوية هذه الأزمة، وتركتها لأطرافها خلال السنوات الماضية، إلا أن احتدام الأزمة في ظل تعنت الطرف الإثيوبي ولجوء الدول الثلاث إلى مجلس الأمن لتسوية النزاع، وإعلان الأخير دعمه لجهود الاتحاد الإفريقي ورعايته لهذه المفاوضات[87].

تتبع دور الاتحاد الأفريقي يبين أنه كان حاضرًا، منذ لحظة انفجار الموقف في خلال ثورات الربيع العربي. وبطول المفاوضات الثلاثية التي استضافتها الخرطوم، بدأ الاتحاد أقرب إلى مراقب منه إلى طرف تفاوضي     أو وسيط. وحتى لدى توقيع اتفاق المبادئ في 2015، بقى حضور الاتحاد الأفريقي شرفيًا على نحوٍ بعيد. لكن من لحظة إجهاض المسار التفاوضي برعاية أميركية، ووصول الموضوع إلى مجلس الأمن، بات الوضع يضع الاتحاد الأفريقي في المواجهة.

والحال أن أزمة سد النهضة قد جاءت اختبارًا لقدرة الاتحاد الأفريقي على إظهار نفسه بصفته منظمة إقليمية فاعلة يمكنها حل مشكلات القارة. والأزمة في مضامينها نموذجية بالنسبة إلى عمل الاتحاد؛ إذ إنها نموذج لسلسلة من النزاعات المائية القائمة في القارة، وباتت الخشية كبيرة من أن تنحدر صوب المواجهة العسكرية، على نحوٍ يضع مجمل مناطق الأحواض المائية المشتركة في القارة ضمن حزام الاضطراب السياسي.

ومثال حوض النيل يعتبر الأبرز اليوم فيما يتعلق بإمكانية الانتقال سريعًا من الأزمة المحدودة إلى الأزمة الدولية واسعة النطاق. يضاف إلى ذلك كون الدول الكبرى ذات المصالح المؤثرة في أفريقيا هي ذاتها صاحبة مصلحة، تنحو إلى تغليب رؤى دول المنابع ومصالحها في الاستئثار بالمورد المائي على ما تريده دول المصبات. والمثال الأبرز هنا تقدمه الولايات المتحدة والصين.[88]

هذا فضلاً عن رفض إثيوبيا لأدوار القوى الخارجية، دفع الاتحاد الإفريقي إلى السعي لتسوية هذه الأزمة عبر الآليات الإفريقية، وتجنب التدخلات الخارجية في الشأن الإفريقي[89].

وفي ١٢ يناير ۲۰۲۰ طلب رئيس وزراء إثيوبيا من رئيس جنوب افريقيا – الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي – الوساطة في مفاوضات سد النهضة وعقد الاتحاد الإفريقي على أثرها عدداً من الاجتماعات والقمح المصغرة التي ضمت وزراء فنيين ووزراء مياه فضلاً مسئولین سیاسیین، حيث سعى الاتحاد في البداية نحو الحصول على موافقة الجانب الإثيوبي على تأجيل إجراءات تشغيل سد النهضة، وملء الخزان لمدة تتراوح ما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع حتى يتسنى التوصل إلى اتفاق إلا أن أثيوبيا أعلنت يوم ٢١ يوليو ٢٠٢٠ عن تنفيذ المرحلة الأولى من ملء السد، مما دفع مصر إلى عرض القضية على مجلس الأمن للوصول إلى تسوية للأزمة، مع استمرار مساعي الاتحاد الإفريقي للوصول إلى اتفاق ملزم قانوناً، وليست مجرد إرشادات – كما تريد الحكومة الإثيوبية – حول ملء سد النهضة[90].

تبدو الآليات الأفريقية غير قادرة على الدفع بالموقف إلى الأمام، فلم نرَ على سبيل المثال تدخلًا من المفوضية الأفريقية، ولم تقم المؤسسات الفنية التابعة للاتحاد بدور يضارع الدور الذي قامت به المؤسسات الاستشارية التي أنيط بها فحص الجوانب الفنية للسد في 2015-2016، ولا قدمت خبرة تضارع ما قدمه الأميركيون والبنك الدولي في مسار واشنطن. وبقي الغطاء التفاوضي الأفريقي يخبئ الصيغة نفسها التي عملت بها المفاوضات الثلاثية (طاولة الخرطوم). وكان طبيعيًا في ضوء ضعف دور الخبراء، وغياب أوراق وساطة فاعلة بيد الاتحاد الأفريقي (تقوم بالإغواء والضغط)، أن يؤول التفاوض إلى طريق مسدود، وتكرار مصر وإثيوبيا الادعاءات والاستراتيجيات والمواقف نفسها.

رأي الباحث:

تتوقف فعالية دور الإتحاد الإفريقي الذي أصبح المنظمة الرئيسية المسئولة عن إدارة المفاوضات حول سد النهضة على المفاوض المصري، ومدى قدرتهُ على جذب تعاطف هذه الدول مع الحقوق المصرية الثابتة والمكتسبة عبر التاريخ، حيث تعبر محاولات الاتحاد الإفريقي حتى الآن لتسوية الأزمة عن سعي جدي من قبل المسئولين بهذه المنظمة لمنع اندلاع الصراع بين دول حوض النيل. ويبدو أن عام رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي قد ساهم بشكل ملحوظ في زيادة التفاعلات والتقارب بين مصر والمسئولين في المنظمة حول العديد من الأزمات، ومنها أزمة سد النهضة.

أما عن دور مجلس الامن في تسوية الازمة تنوعت الوسائل السلمية لتسوية النزاعات في ميثاق الأمم المتحدة، ونوردها على النحو الآتى: [91]

أولًا: الوسائل السلمية لتسوية المنازعات الواردة في المادة (33) من الميثاق:

يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله من خلال عدة طرق تتمثل في المفاوضة، والتحقيق، والوساطة، والتوفيق، والتحكيم، والتسوية القضائية، أو أن يلجأوا إلى الوكالات، والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها. وغني عن البيان أن مجلس الأمن يدعو أطراف النزاع إلى أن يقوموا بتسوية ما بينهم من النزاع بتلك الطرق إذا رأى ضرورة لذلك.لا جرم أن الأطراف بإرادتهم الحرة يملكون تسوية هذا النوع أو ذاك من النزاعات المختلفة بواسطة الطرق الدبلوماسية أو القضائية الواردة في نص المادة (33) من الميثاق.

إلا أنه إذا قيدت الدول الأطراف الثلاثة (مصر -السودان – إثيوبيا) إرادتها واختيارها بأن تلجأ لوسائل دبلوماسية حصرية، فلا تستطيع بالطبع اللجوء للوسائل القضائية كمحكمة العدل الدولية، أو التحكيم الدولي إلا بإبرام اتفاق ينص على ذلك. وبالرغم من الطبيعة القانونية التي تصبغ النزاع الحاصل فليس هناك ما يمنع من اللجوء لمجلس الأمن من أجل تسوية النزاع وفق صلاحياته المدونة في الفصل السادس من الميثاق.

ولاريب أن مناط إعمال مجلس الأمن صلاحياته وفق الفقرة الأولى من المادة (33) مقيد بشرط جوهري، وهو أن النزاع يفترض في حال استمراره أن يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر، وهو ما يعني اختصاص مجلس الأمن حصرياً إعمالا لنص المادة (39) من الميثاق.

وقد ترك الميثاق لأطراف النزاع الحرية في اختيار الطريقة الأكثر ملائمة لحل نزاعاتهم، حيث حددت المادة (أ/33) سالفة الإشارة الأساليب التي يمكن استخدامها لتسوية النزاعات الدولية، ولكنها – في ذات الوقت- تركت لأطراف النزاع حرية اختيار الأسلوب الأنسب بالنسبة لهم[92].

وقد أطلقت العنان المادة (33/ب) مجلس الأمن إلى أن يدعو الأطراف لالتماس حل هذا النزاع بأي وسيلة من تلك الوسائل، ولو لم ينعقد اتفاق الأطراف النزاع على عرضه عليه، أو على الأقل إخطاره به، وهو ما لاح جليا في النزاع (سد النهضة الإثيوبي)، فبالرغم من سبق عرض النزاع بشكل انفرادي من جانب مصر على الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، وإدراك مجلس الأمن لتطورات النزاع، إلا أن المجلس لم يلجأ إلى تطبيق نص المادة (33/ب). وتكشف ممارسات مجلس الأمن أنه قلما لجأ لنص المادة (33/ب) عند دعوته أطراف النزاع إلى معالجة نزاع من شأن استمراره أن يجعل السلم والأمن الدوليين في خطر.

ولاريب أن دور المجلس وفقاً للمادة (33) يقتصر على مجرد دعوة أطراف النزاع لحل منازعاتهم بالوسائل السلمية، ويملك ثمة سلطة في توجيه الأطراف للتوصل بوسيلة سلمية معينة لتسوية ذلك النزاع، وتطبيقياً على النزاع المصري الإثيوبي يستطيع المجلس أن يباشر صلاحيته في توصية الأطراف، وله أيضاً أن يمتنع عن القيام بذلك الدور .

ويرى البعض أنه ليس هناك ثمة مانع ما يحول دون تعدد وسائل حل النزاع وتزامنها في وقت واحد، باعتبار أن الغرض من ذلك – في نهاية الأمر – هو الوصول إلى تسوية سلمية له، كأن يتم عرض النزاع على محكمة تحكيم أو على محكمة العدل الدولية، في الوقت الذي يكون فيه النزاع محلا للتفاوض بين أطرافه، أو أن يكون النزاع محل وساطة أو توفيق أو تحكيم[93].

ثانيًا: الوسائل السلمية لتسوية المنازعات الواردة في المادة (34):

قررت المادة (34) من ميثاق الأمم المتحدة بأنه “يجوز للمجلس سلطة عامة في إجراء التحقيق من تلقاء نفسه، أو تشكيل لجنة تخضع لتوجيهاته في أي نزاع أو موقف يرى المجلس أنه بحاجة إلى ذلك”.

ويستفاد من ذلك أن الفحص يقتصر فقط على مجرد الاستعلام من أطراف النزاع، وحتى دون رضى الأطراف المعنية.

ومن ناحية أخرى تخول المادة (34) مجلس الأمن سلطة القيام بإجراءات عامة وليس خاصة في التحقيق، وذلك يعني أن المجلس ليس مقيداً باتخاذ خطوات التحقيق بمعناه الفني، بل له أن يتخذ كافة الخطوات اللازمة للتحقيق بمعناه الواسع، وله أن يتخذ هذه الخطوات بالنسبة للمنازعات والمواقف الأخرى، إلا أنه في ذات الوقت غير ملزم بإجراء هذا التحقيق، للمجلس أن يقوم بالتحقيق بنفسه، وله أن يعهد بذلك إلى لجنة فرعية أو هيئة أخرى طبقاً للمادة (39) من الميثاق.

رأي الباحث:

إن الدور الأهم الذي يضطلع به مجلس الأمن إعمالا لنص المادة (34) هو التأكد مما إذا كان الخطر قد تحول فعلاً إلى تهديد حقيقي للسلم أو أخل به أو أدى إلى عمل من أعمال العدوان، ويتطلب ذلك اتخاذ المجلس لإجراءات وتدابير ردعية تطبيقاً للفصل السابع من الميثاق، وينبغي على المفاوض المصري إعادة النظر على نص المادة (39) من الميثاق التي تحصر وتقصر التكييف لمجلس الأمن، وليس أطراف النزاع.

ثالثًا: الوسائل السلمية لتسوية النزاعات وفقاً للمادة (35)[94]:

تنص المادة (1/35) على أن لكل عضو من الأمم المتحدة أن ينبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة إلى أي نزاع أو موقف من النوع المشار إليه في المادة (34). وتنص الفقرة الثانية من ذات المادة على أن لكل دولة ليست عضواً في الأمم المتحدة أن تنبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة إلى أي نزاع تكون طرفاً فيه إذا كانت تقبل مقدماً في خصوص هذا النزاع التزامات الحل السلمي المنصوص عليها في هذا الميثاق”.

وفي ذات السياق تنص الفقرة الثالثة من المادة (34) على أن تجري الأحكام الواردة بالمادتين (11) و (12) على الطريقة التي تعالج بها الجمعية العامة المسائل التي تنبه إليها وفقا لهذه المادة”. وقد حولت هذه الفقرة لكل عضو من أعضاء الأمم المتحدة أن ينبه المجلس بشأن أي نزاع أو موقف سواء كان طرفاً فيه أو لم يكن له حق إخطار المجلس. والغاية من ذلك تجنب المماطلة من جانب الدول أطراف النزاع، ومن ثم يلاحظ أن لفت نظر المجلس لا يختلف عن عرض الأمر على المجلس، في الباعث الرئيسي من تنبيه المجلس تهيئته كي ينظر في النزاع أو الموقف ويصدر فيه توصياته. وغني عن البيان أن ما جرى العمل عليه في ممارسات مجلس الأمن عدم التمييز في اختصاصاته بين ما إذا كانت المسألة (محل النزاع) قد عرضت عليه طبقاً مادة (1/35) أو طبقا للمادة (1/37).

رأي الباحث:

إن تنبيه الدولة العضو في الأمم المتحدة لمجلس الأمن إلى نزاع معين هو مجرد رخصة منحها الميثاق للدول الأعضاء لها أن تستعملها أو أن تهملها حسب الأول حيث أن النص جاء بلفظ (لكل) وليس بلفظ (يجب) ولكن الحالة التي يكون فيها الدولة العضو طرف في النزاع وتفشل في حله سلمياً أوجب عليهما في المادة (37) أن تعرض الأمر على مجلس الأمن بما يعني أن الأمر إلزامي. ونثمن جهود مصر في تنبيه أعضاء مجلس الأمن الدولي في مستهل شهر مايو ۲۰۲۰ وذلك لتهيئة الفرصة للمجلس حين ينظر النزاع وإصدار توصياته وذلك وفقا للمادة (35) سالفة الإشارة.

رابعًا: الوسائل السلمية لتسوية النزاعات وفقا للمادة (37)[95]:

تنص المادة (1/37) على أن “إذا أخفقت الدول التي يقوم بينها نزاع من النوع المشار إليه في المادة (٣٣) في حله بالوسائل المبينة في تلك المادة وجب عليها أن تعرضه على مجلس الأمن”.

كما تنص الفقرة الثانية من ذات المادة على أنه “إذا رأى مجلس الأمن أن استمرار هذا النزاع من شأنه في الواقع، أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي قرر ما إذا كان يقوم بعمل وفقاً للمادة (36) أو يوصي بما يراه ملائماً من شروط حل النزاع” ويستفاد من ذلك أن المادة (37) مكملة للمادة (33)؛ حيث لا تستطيع الدول أطراف النزاع أن تعرض الأمر على مجلس الأمن إلا إذا نفذت أولا ما عليها من التزامات طبقاً للمادة (33) عندما لا تكون الوسائل التي توصلت بها غير ناجعة للوصول إلى حل نهائي، كما يجب أن يكون من شأن استمرار النزاع تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر، وبالرغم من ذلك فليس هناك مجالاً للتصدي مجلس الأمن وفق المادة (37) تلقائياً حتى ولو أمكن أن يكون الإخطار من طرف واحد من أطراف النزاع.

رأي الباحث:

باستقراء المادة (37)، ومسايرة للتطورات الخاصة بالمشاورات الفنية الثلاثية بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا برعاية منظمة الاتحاد الإفريقي، تأسيساً على الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، في حالة إخفاق منظمة الاتحاد الافريقي للوصول إلى حل مرض لكافة وجب على الدول الثلاث أن تعرض النزاع على مجلس الأمن الذي يوصي بما يراه من شروط لحل النزاع.

حيث ان تدخل مجلس الأمن الدولي على خط أزمة سد النهضة بطلب مصر، حيث قدمت نيابة عنها السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة المتحدة “كيلي كرافت”وأكد أعضاء في المجلس دعمهم للجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة الناجمة عن المشروع الكهرمائي الضخم الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، ويثير توترات حادة بينها وبين مصر والسودان. وأوضحت السفيرة الأمريكية أن “الولايات المتحدة تأخذ علمًا بالجهود الأخيرة التي بذلها الاتحاد الأفريقي لتسهيل إجراء محادثات إضافية بين الدول الثلاث بشأن سد النهضة”. مطالبة الدول الثلاث بالامتناع عن اتخاذ “أي إجراءات من شأنها تقويض حسن النية الضروري للتوصل إلى اتفاق”. وذهب العديد من أعضاء المجلس إلى أن هذا الملف بات في عهدة الاتحاد الأفريقي[96].

الفصل الثالث:

السيناريوهات المستقبلية.

رغم المفاوضات التي تجري بين الدول الثلاث على مدى السنوات السابقة ومد يد التعاون من جانب مصر يبدو الموقف الإثيوبى متعسفًا لا يبدى أى قدر من المرونة ، بل على العكس يستغل الموقف المصرى المرن فى تثبيت مكتسبات تفاوضية لصالحه. وأقرب مثال على ذلك اعتباره وثيقة الخرطوم اعترافًا بالسد بسعته الكبرى من جانب دولتى المصب، ويؤيد ذلك أحدث تصريحات لوزير الرى والكهرباء الإثيوبى الذى يؤكد فيها أن مسالة ملء وتشغيل السد هى جزء لا يتجزأ من إجراءات بناء السد الذى تعترف به الوثيقة، ومن ثم فلا مجال للتفاوض حولها مع دولتى المصب. ويلقى هذا الموقف ظلالًا كثيفة من الشك على مدى التزام إثيوبيا بنتائج الدراسات الفنية التى من المفترض أن تبدأ فى أول فبراير 2016 وتنتهي في يناير 2017، وهى غير ملزمة أصلا .

ومن ناحية أخرى، إثيوبيا لم  ولا تريد أن تعترف مطلقا بحصة مصر المائية التاريخية، مما يعطى انطباعاً واضحاً وصريحاً بأن إثيوبيا لا تقر بكمية المياه التى تستخدمها مصر حاليًا ومنذ أكثر من خمسين عاماً، والتى تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويًا. ويترتب على هذا الموقف أن مصر تتعرض السيناريوهات مفتوحة فيما يتعلق بإيراد النهر عند السد العالى وكلها تتوقف على المزاج الإثيوبى فضلًا عن التغيرات المناخية بالنسبة الفيضان والجفاف.

وتعتبر فترة ملء خزان السد من أخطر الفترات تأثيرًا على إيراد النهر وخاصة عدد سنواتها . فبعد الانتهاء من تشييد السد، سيكون من المهم تحديد فترة ملء الخزان، فكلما كانت فترة الملء أقصر سارع ذلك من توليد الكهرباء وهو ما تريده إثيوبيا، ولكن في المقابل سيخفض ذلك من سريان المياه لدول المصب بشكل كبير وستعانى مصر من الجفاف بشدة أثناء فترة الملء.  وبصرف النظر عن الموقف التفاوضي الحالى الذى يمكن أن يتغير خلال الجلسات المكثفة القادمة، فإن السيناريوهات المحتملة للتغير فى الموقف يمكن تقسيمها إلى مجموعتين: الأولى يمكن أن يطلق عليها  سيناريوهات التعاون ، أما الثانية سيناريوهات الصراع (او اللا تعاون) ، ويمكن توضيحهما فيما يلى: [97]

  1. سيناريوهات التعاون :Cooperation scenarios

تقوم سيناريوهات التعاون بين دول حوض النيل الشرقى على استراتيجية “الجميع رابحون” Win-win strategy . وتنطوي على تعظيم استغلال الموارد المائية المتاحة بالهضبة الإثيوبية البالغة 1600 مليار متر مكعب سنويًا والتى يقل ما يستغل منها فى دول الحوض 100 مليار متر مكعب سنويا تمثل نسبة 6%.ويتم ذلك من خلال “الانتفاع المشترك” للنهر ومشروعات “استقطاب الفواقد” من مستنقعات البارو أكوبى التي يفقد فيها من 12 إلى 14 مليار متر مكعب سنوياً. أما بالنسبة لسد النهضة  فتنطوي سيناريوهات “الجميع رابحون” على الحفاظ على الحصص المائية لدولتي المصب مع توليد الكهرباء بالكميات التى ترغب فيها إثيوبيا. وفى ظلها تتحقق شعارات لا مساس بالأمن المائى لمصر والسودان، ولا ضرر ولا ضرار وأن السد يحمل الخير لجميع الدول.

بل يعتقد وزير الرى السودانى إلى احتمال زيادة حصة مصر المائية بنحو 3.5 مليار متر مكعب سنويًا نتيجة للفروق الفاقد فى بحيرتى سد النهضة والسد العالى. ولو أن هذه يمكن أن تكون نقطة خلافية لأن التسرب من بحيرة سد النهضة قد يكون أعلى منه فى بحيرة السد العالى . ويقتضي هذا النوع من السيناريوهات مرونة أكبر فى الموقف الإثيوبى نحو إشراك دولتى المصب فى إدارة وتشغيل السد طبقا لقواعد ملء وتشغيل يتفق عليها وتلتزم بها الدول الثلاث التزاما صارما .كما تقتضي أن توافق إثيوبيا على تمديد فترة الملء إلى فترة طويلة تصل إلى 15 سنة وخاصة فى سنوات الجفاف[98].

حيث تتمثل سيناريوهات التعاون في استخدام الأساليب السلمية المتمثلة مثلا في استمرار المفاوضات ، ولكن بشرط أن تبقى مصر والسودان موحدين موقفهما وأن يعملا على حشد ضغط دولي على إثيوبيا بهدف التوصل لاتفاق ملزم، وأن يستخدما في سبيل ذلك الانسحاب أو التهديد بالانسحاب من اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه بين مصر والسودان وإثيوبيا في الخرطوم عام 2015 (كورقة ضاغطة على أديس أبابا)[99].

لكن على النقيض يرى خالد عكاشة أن هذا الخيار مستبعد، قائلًا: لا اعتقد ان هذا الخيار وارد في ذهن المفاوض المصري، لأن الاتفاق يمثل التزامًا لاثيوبيا بعدم الإضرار بدولتي المصب”، مضيفًا: “لو نفذ اتفاق المبادئ وفق نصوصه سيحد من الأضرار على دولتي المصب، ويرتب التزامات على إثيوبيا ويراعي مصلحتها في نفس الوقت، لأنه اتفاق متوازن ويحقق مصالح الدول الثلاثة”.

  1. سيناريوهات الصراع (أو اللاتعاون) :No-cooperation scenarios

تنشأ سيناريوهات الصراع نتيجة للموقف الإثيوبى المتعنت الذي يرفض حتى الآن الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل أو الاتفاق على الإدارة المشتركة للسد أو الاتفاق على مبدأ التعاون أصلا. وعلى عكس سيناريوهات “الجميع رابحون”، تتسبب سيناريوهات الصراع في إيقاع أضرار بالغة بالأمن المائى لدولتي المصب مصر والسودان، وإن كان بدرجة أقل بالنسبة  للسودان. وتشير مواقف إثيوبيا العديدة السابقة إلى ترجيح سيناريوهات الصراع على سيناريوهات التعاون ابتداء من اتفاقية عنتيبى ورفضها مبدأ الإخطار المسبق وعدم اعترافها بالحصة المائية لمصر ولا بالاتفاقيات السابقة المتعلقة بنهر النيل، وتبنيها للمصطلح المراوغ “الاستخدامات المائية” بدلًا من الحصص المائية ، وموقفها الانتهازي فى البدء فى تشييد سد النهضة فى غمرة انشغال مصر بأحداث ثورة يناير دون إخطار دولتى المصب ، بل وتكبير السد من سد سعته 14 مليار متر مكعب إلى سد ضخم سعته 74 مليار متر مكعب بارتفاع 145 متر يقوم بتوليد نفس الكمية من الكهرباء التى يولدها السد الأصغر أى 6000 ميجاوات سنويا[100].

فيندرج تحت هذا السيناريو استخدام القوة العسكرية، حيث توحي التحركات المصرية على صعيد التعاون العسكري والاستخباراتي مع عدد من الدول الإفريقية المحيطة بأثيوبيا، خلال الاشهر الاخيرة، بأن هناك تحركًا عسكريًا ضد السد يجري الإعداد له، حيث قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة دولة جيبوتي وهو أول رئيس مصري يقوم بهذه الخطوة  وذلك لتعزيز العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية والامنية والعسكرية، بالاضافة الي ان مصر قامت بعدة مناورات عسكرية مشتركة مع السودان، حمل أخرها اسم “حماة النيل” فهل يمهد ذلك لتحرك عسكري مرتقب؟

لكن في المقابل “بدر الشافعي” باحث متخصص في الشؤون الإفريقية، لجوء مصر للحل العسكري لأسباب عدة من بينها: عدم وجود حدود مباشرة بين مصر وإثيوبيا وبعد المسافة بينهم، وعدم امتلاك مصر لطائرات قاذفات قنابل بعيدة المدى قادرة على تدمير السد ، في المقابل إثيوبيا تمتلك دفاع جوي واجهزة رادار قوية اشترتها من اسرائيل، كما أن تدمير السد سيغرق السودان[101].

الخلاصة:

وبصورة إجمالية، يتناول الفصل تطور المفاوضات التي جرت بين الأطراف الثلاث متجسدة في تالي: الطاولة الاولى في الخرطوم، الطاولة الثانية في واشنطن، والطاولة الثالثة تدخل الاتحاد الافريقي بمراقبة مجلس الأمن، والذي يستعرض بعدها الإجراءات القانونية المتاحة أمام كلا من الاتحاد الافريقي ومجلس الامن مستعرضًا إياها في نصوص ميثاق الأمم المتحدة، واخيرا بعد معرفة دور الاتحاد الأفريقي تتناول الدراسة ما هي المسارات المتاحة أمام مصر لحل الأزمة معبرًا إياها في سيناريوهات.

الخاتمــــــة:

دارت الدراسة حول دور الاتحاد الأفريقي في أزمة سد النهضة حيث تضمنت الدراسة ثلاث فصول، ففي الفصل الأول استعرض أن الهدف الغير معلن من بناء سد النهضة انصب في صالح إثيوبيا لتكون هي المسيطرة على  مصر مائيًا وسياسيًا، حيث إن إثيوبيا ليست إلا مجرد أداة للتأثير على مصر والتحكم بها بغرض إخضاعها وتهديد مكانتها، ولكن الموقف القانوني يحافظ على الحصص المائية لكل دولة، وذلك من خلال توافر شروط قبل بناء السدود منها الإخطار المسبق وأن لا يمس بذلك ضرر للدول المشاركة، ولكن تضرب بكل هذه القوانين والاتفاقيات إثيوبيا بعرض الحائط، كما أن في بناء ذلك السد آثار سلبية وخيمة أكثر من فوائده المتمثلة على الصعيد الزراعي لمصر والمستوى المعيشي والاقتصادي كما تم الذكر مسبقًا، وهذا ما يأخذنا إلى النظر  لمواقف الدول الأخرى وجهودها في تسوية الأزمة، لنرى إذا كانت مؤيدة لموقف إثيوبيا ام بجانب مصر وسودان؟

أما في الفصل الثاني  ركز على جهود الدول في تسوية الأزمة حيث إن من غير المرجح أن تسمح كل تلك الأطراف بالتراجع عن هذا المشروع، بعد هذا الحجم الضخم من الأموال التي أنفقت عليه، ومن ثم ستعمل هذه القوى صوب الدفع باتجاه عرقلة أية فرصة حقيقة للتسوية لتلك الأزمة، ومن هنا يرى الباحث متفقا في ذلك مع كثير من الباحثين، أن مطالبات إثيوبيا بإعادة تقسيم مياه النيل وعدم الاعتراف بالاتفاقيات التاريخية، كان مدفوعًا بقوة من قبل القوى الخارجية وغيرها، وهو ما يفسر طبيعة وحدة التصرفات الاثيوبية منذ تسعينات القرن الماضي، وهذا يأخذنا لنرى ما هو موقف مجلس الامن والاتحاد الافريقي في هذه الأزمة، هل كان لهم دور فعال ام غير ذلك؟

تناول الفصل الثالث  تطور المفاوضات التي جرت بين الأطراف الثلاث متجسدة في تالي: الطاولة الاولى في الخرطوم، الطاولة الثانية في واشنطن، والطاولة الثالثة تدخل الاتحاد الافريقي بمراقبة مجلس الأمن، والذي يستعرض بعدها الإجراءات القانونية المتاحة أمام كلا من الاتحاد الافريقي ومجلس الامن مستعرضًا إياها في نصوص ميثاق الأمم المتحدة، واخيرا بعد معرفة دور الاتحاد الأفريقي تتناول الدراسة ما هي المسارات المتاحة أمام مصر لحل الأزمة معبرًا إياها في سيناريوهات.

بناءًا على ما تم ذكره اتضح لنا اذا تم اختيار المسار القانوني أي  التوجه إلى التحكيم الدولي، متمثلة في  تشكيل محكمة دولية خاصة بموافقة طرفي النزاع، أو  من خلال اللجوء لمحكمة العدل الدولية، فإن قرار المحكمة سيكون ملزم على جميع الأطراف، فإن هذا الحل أيضًا غير مجدي لان اثيوبيا ترفض تدخل منظمات خارجية وتكتفي بتدخل الاتحاد الأفريقي، بجانب أن المسار العسكري سيعود بالسلب على السودان بجانب ضعف قدرة مصر في الإيقاع بالسيد، كما أن المفاوضات غير مجدية بل إنها تكتسب بها إثيوبيا الوقت لتستكمل بناء السد فإن جميع المسارات مغلقة أمام مصر والسودان لان حتى تدخل الاتحاد الافريقي غير مجدي، فانني ارى انه ستكون الصورة النهائية لهذا النزاع هو استكمال البناء ودخول مصر في حالة من جفاف وقلة مورد  المياه الذي سوف يؤثر بالسلب على جميع نواحي الحياة منها الزراعة وبالتالي الاقتصاد ومستوى معيشة الفرد، لذلك من المناسب أن يتم تمديد سنوات ملء السد.

ثامنًا- المصادر والمراجع:

 المراجع العربية:

 الوثائق:

سعيد سالم جويلي، حول نصوص ميثاق الأمم المتحدة بشأن التسوية السلمية للمنازعات الدولية،المنظمات الدولية، د.ن.غ.م،2001.

 الكتب:

  1. أحمد الرشيدي، “مصر ومياه النيل: تحليل لبعض التوجهات المصرية إزاء العالقات مع دول حوض النيل”، القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربية، 1994.إبراهيم يسري، “النيل ومصر وسد النهضة وحروب القرن الأفريقي”، القاهرة:المكتبة الأكاديمية، 2014.
  2. حمدي عبد الرحمن، “الاختراق الإسرائيلي لإفريقيا”، القاهرة: منتدى العلاقات العربية والدولية، 2015.
  3. سكوت بورتشيل وآخرون، ترجمة: محمد صفار، “نظرية العلاقات الدولية”، القاهرة: المركز القومي للترجمة،2014.
  4. صلاح الدين عامر، “مقدمة لدراسة القانون الدولي العام”، القاهرة:دار النهضة العربية، 1994.
  5. عبد الرحمن خليفة، “ايديولوجية الصراع السياسي”، القاهرة: دار المعرفة الجامعية، 2000 .
  6. محمد السيد سليم، “تحليل السياسة الخارجية”، القاهرة: مكتبة النهضة،1989 .
  7. محمد شـوقـي، “الانـتـفـاع المنصف بمياه الأنهار الـدولـيـة”، الـقـاهـرة: الـمـركـز الـدولـي للـدراسـات المستقبلية والاستراتيجية، 2008 .
  8. مختار رمضان، “تأثير مشروعات أعالي نهر النيل الجديدة على الإدارة المتكاملة لحوض النهر”، القاهرة: جامعة الزقازيق كلية الهندسة، 2013 .
  9. ميرفت زكـريـا، “أزمــة سـد النهضة على ضـوء الاتـفـاقـيـات مـبـادئ الـقـانـون الـدولـي”، الجيزة: المركز العربي للبحوث والدراسات، 2019.
  10. هاله أحمد الرشيدي، “الحقوق المكتسبة في القانون الدولي: دراسة نظرية مع التطبيق على حقوق مصر في مياه النيل”، القاهرة: دار النهضة العربية،2014.

الدوريات:

  1.  ازدهار معتوق، “الرؤية الصهيونية للسيطرة على المصادر المائية”، الوحدة الإسلامية، العدد 147، 2014.
  2. أميرة محمد عبد الحليم، “المواقف الخارجية وحدود تأثيراتها في إدارة سد النهضة”، مجلة الملف المصري، العدد 73، 2020.
  3. أيمن سلامة، “مجلس الأمن والتسوية السلمية للنزاع سد النهضة الإثيوبي”، مجلة الملف المصري، العدد 73، 2020.
  4. جيهان فاروق الحسيني، “الأهداف الخفية لمشروع سد النهضة الإثيوبي”،مجلة الشروق، 2020.
  5. جوزيف رامز أمين، “المحددات الدولية والإقليمية لقضية مياه نهر النيل”، آفاق أفريقية، المجلد العاشر، العدد 36،  2012.
  6. حيدر يوسف، “سد النهضة: إثيوبيا ـ السودان ـ مصر”، المجلة السودانية لدراسات الـرأي العـام، العدد5 ،2016 .
  7. سمير ابراهيم حسن، “البعد السياسي والاجتماعي للأمن القومي العربي”، مجلة دراسات استراتيجية، المجلدان( 2،3) ،2003.
  8. على الدين هلال، “الأمن العربي: الصراع الاستراتيجي في منطقة البحر الأحمر”، مجلة المستقبل العربي، العدد 9، لبنان، 1979.
  9. عمر عبد الفتاح، “أزمة سد النهضة الرؤية الإثيوبية”، قـراءات ثقافية، العدد 19، 2014 .
  10. عمر سالم، “1600 ميجاوات إجمالي إنتاج السد العالي من الطاقة الكهربائية”، جريدة المال، 2019.
  11. عصام شرف، “مشكلة سد النهضة وآثاره على مصر”، مجلة جامعة دمشق، العدد 142، 2018.
  12. عصام شرف، “اتفاقيات حوض النيل في ضوء أحكام القانون الدولي”، المستقبل العربي، العدد 478، 2018 .
  13. محمد رياض، “الجوانب الفنية في أزمة سد النهضة”، مجلة السياسة الدولية، العدد 49، 2014.
  14. مساعد عبد العاطي شيتوى، “الضوابط القانونية الحاكمة لإنشاء المشروعات المائية: دراسة تطبيقية على حوض النيل”،  مجلة آفاق أفريقية، المجلد 11، العدد 39، 2013.
  15. هيئة التحرير، “سد الالفية:أزمة القرن”، قراءات افريقية،العدد 17، 2013.

 الأطروحات العلمية:

  1. ايمان بكر أبو الهوى، التهديدات الإسرائيلية لأمن القومي والمائي العربي: دراسة حالة إسرائيل ونهر الأردن في الفترة من (1994-2010)، “رسالة ماجستير”، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، القاهرة،2011.
  2. ايمان عبد المنعم زهران، المحدد المائي كآلية للصراع في المشرق العربي، “رسالة ماجستير”، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، القاهرة، 2020.
  3. عـراب نـواره، إشكالية الأمن المائي: دراسـة حالـة دول حوض النيل،”رسالة ماجستير”، جامعة مولود معمري، الجزائر، 2018.
  4. علي سبتي بطي، الـتـراث الـدولـي في المعاهدات الـدولـيـة، “رسالـة ماجستير”، جامعة الشرق الأوسـط، عمان، 2015 .
  5. منصور أحمد العدلي، النظام القانوني للانهار الدولية نظرة تطبيقية على أهم أنهار الشرق الاوسط، “رسالة دكتوراه”، حقوق الزقازيق، القاهرة، 1995.
  6. يوسف محمد، أثر سد النهضة على حصص الشركاء في مياه النيل، “رسالة ماجستير”، جامعة إفريقيا العالمية، السودان، 2019.

الأبحاث والتقارير:

  1. احمد على سليمان، “سد النهضة الأثيوبي ومستقبل الأمن القومي المصري”، مركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامي، 2013.
  2. ابراهيم احمد عرفات، “البديل الإقليمي: دلالات التحرك الإسرائيلي في أفريقيا بعد اتفاق الأمن الغذائي”، المركز الديمقراطي العربي، 2013.
  3. الطيب زين العابدين، “مصر في حسابات السياسة الخارجية السودانية”، مركز الجزيرة للدراسات، 2017.
  4. السعيد عاطف احمد خضر، “أثر بناء سد النهضة عىل السياسة الخارجية المصرية تجاه إثيوبيا”، مركز الديمقراطي العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية والاقتصادية، قسم الدراسات السودانية وحوض وادي النيل، 2016.
  5. التقرير الاستراتيجي الأفريقي 2006-2007، مركز البحوث والدراسات الأفريقية، 2007.
  6. أيمن السيد عبد الوهاب، “السياسة الخارجية المصرية…بين الثوابت والممانعات الإقليمية والدولية”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،2017.
  7. دينا شيرين محمد شفيق، “السياسة الخارجية المصرية تجاه سد النهضة اثيوبيا”، المركز الديمقراطي العربي، 2015.
  8. عباس شراقي، “جيولوجيا سد النهضة وأثرها على أمان السد”،في: قضية مياه النيل، جامعة القاهرة، 2014 .
  9. محمد سلمان طايع، “الصراع الدولي على المياه: بيئة حوض النيل”، مركز البحوث والدراسات السياسية، 2007.
  10. محمد سالمان طايع، “تأثير القوى الإقليمية والدولية على التفاعلات المائية في حوض النيل”، مركز البحوث والدراسات السياسية، 2007.
  11. محمد شوقي عبد العال، “الخيارات القانونية والسياسية للتعامل مع أزمة سد النهضة”،المركز العربي للبحوث والدراسات، 2014.
  12. محمد عادل عثمان، “العلاقات المائية بين اسرائيل وإثيوبيا والمياه في الفكر الاستراتيجي الصهيوني”، المركز الديمقراطي العربي في قسم الدراسات السودانية وحوض وادي النيل، 2016.

 الصحف:

  1. أحمد بهاء الدين شعبان، “النيل في خطر:قراءة في كتاب مهم”، جريدة الدستور، 2021.
  2. أحمد يحيى، “سد النهضة: ما هي السيناريوهات حل الأزمة أمام مصر؟ “، بي بي سي  عربي، 2021.
  3. احمد عبد الرحيم، “السبب الحقيقي وراء بناء سد النهضة”، أخبار اليوم،2021 .
  4. اسماعيل محمد علي، “ما السيناريوهات المتوقعة لحسم ملف سد النهضة؟ “، إندبندنت عربية، 14 أبريل 2021.
  5. جمال صيام، “الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المحتملة لسد النهضة”، بوابة الزراعة، 2017.
  6. “خطاب سامح شكري إلى رئيس مجلس الأمن بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي”، الأهرام،2020.
  7. خيري عمر، “إسرائيل والاختراق الواسع لأفـريقيا”، الخليج الجديد، 2016.
  8. عادل عامر، “حلم الدور الإقليمي والزعامة الافريقية وسد النهضة”، وكالة أنباء العمال العرب، 2015.
  9. عبدالرحمن عباس، “بالأسماء .. ممولو مشروع سد النهضة الإثيوبي .. الصين وإيطاليا أول الدول الداعمة”، فيتو، 2015 .
  10. كمال عبد الرحمن، “3 سيناريوهات محتملة لحل الأزمة”، سكاي نيوز،2020.
  11. مجدي عبد الهادي،” مشكلة سد النهضة الأثيوبي”، الجزيرة، 2019.
  12. محمد عاشور، “وزير الري: سد النهضة له ايجابيات وسلبيات… وإثيوبيا تمويل المشروع ذاتيًا”، جريدة الوطن، 2013.
  13. مختار شعيب، “أنشطة إسرائيلية مريبة في منطقة الشرق الإفريقي”، جريدة الاهرام، 2013.

اخرى:

  1. الصفحة الرسمية للهيئة العامة للاستعلامات، يمكن الرجوع إلي: https://www.sis.gov.eg/Story/148329?lang=ar
  2. الصفحة الرسمية لدائرة المعارف الوطنية، يمكن الرجوع إلي: http://www.britannica.com  
  3. فرانس 24، “جهود الاتحاد الافريقي لحل أزمة سد النهضة  تحظى بدعم في مجلس الأمن”،30 يونيو 2020، يمكن الرجوع إلي: https://cutt.us/fxuxE
  4. أبوبكر يوسف إبراهيم، مياه النيل والنخورة الصهيونية وغيبوبة مصر والسودان،2 أغسطس 2012، يمكن النظر إلى : https://bit.ly/38POFQJ /
  5. أسامة الهتيمي، “في عيون الغرباء: مصر ومستقبل العلاقة مع دول حوض النيل”،27 مارس 2011، يمكن النظر إلى: http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia21/NileWater/sec18.doc_cvt.htm

 English references:

  • Dissertation and theses:
  • Hussein,The Impacts of Ethiopian Renaissance Dam on Egypt and the Role of Conservation Projects and Climate Change,”MSc thesis”,Cairo: Cairo University.2015.
  • Shahin,Hydrology of the Nile Basin.,”MSc thesis”, Amsterdam: Elsevier Science,1985.

Research paper and reports:

  • Richard James, Liberalism, in: “Devetak, R. and Others, An Introduction to International Relations”, Cambridge University, 2012.
  • Shaul Shay, The “Renaissance Dam” crisis, Herzliya Conference Papers, April 2018.
  • Van der Krogt, “Development and Application of the Eastern Nile Water Simulation Model and Opportunities for Further Research.” In Proceedings of the New Nile Perspectives Conference, Khartoum, Sudan, May 6–7, 2013.
  • Khalid Siddig,”Long-Term Economy-Wide Impacts of the Grand Ethiopian Renaissance Dam on Sudan”,economic research forum, Egypt, November
  • periodicals:
  • Ezzat molouk kenawy.potential Economic Impacts of Ethiopian Renaissance Dam on Egypt.International Journal of Economics. Commerce and research.vol.3.2013.PP 12-14.
  • Jonathan Holslag, “Assessing the Sino-Indian Water Dispute,” Journal of International Affairs, vol. 64, no. 2, 2011, pp. 19–35.
  • Nourhan Abdelazim,”Operation of the Grand Ethiopian Renaissance Dam: Potential Risks and Mitigation Measures”,” Journal of Water Management Modeling,2020

website:

[1]   أحمد الرشيدي، “مصر ومياه النيل: تحليل لبعض التوجهات المصرية إزاء العالقات مع دول حوض النيل”، القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربية، 1994.

[2] الطيب زين العابدين، “مصر في  حسابات السياسة الخارجية السودانية”، مركز الجزيرة للدراسات، 2017.

[3] عبد العاطي شتوى، “الضوابط القانونية الحاكمة لإنشاء المشروعات المائية: دراسة تطبيقية على حوض النيل”،  مجلة آفاق أفريقية، المجلد الحادي عشر، العدد التاسع والثلاثون،2013.

[4] السعيد عاطف احمد خضر، “أثر بناء سد النهضة عىل السياسة الخارجية المصرية تجاه إثيوبيا”، المركز الديمقراطي العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية والاقتصادية، قسم الدراسات السودانية وحوض وادي النيل، ، 2016.

[5] حيدر يوسف، “سد النهضة : إثيوبيا ـ السودان ـ مصر”، المجلة السودانية لدراسات الـرأي العـام، العدد 5 ،2016 .

[6] الصفحة الرسمية للهيئة العامة للاستعلامات، https://www.sis.gov.eg/Story/148329?lang=ar

[7]  عباس شراقي،”جيولوجيا سد النهضة وأثرها على أمان السد”،  في: قضية مياه النيل، جامعة القاهرة،2014.

[8] Michael Hammond,The Grand Ethiopian Renaissance Dam and the Blue Nile: Implication for transboundary water governance,United /kingdom,University of Exeter,2013.

[9]  محمد سالمان طايع، “تأثير القوى الإقليمية والدولية على التفاعلات المائية في حوض النيل”، مركز البحوث والدراسات السياسية، 2007.

[10] Peter fabricius,Was it irresponsible for the UN to not intervene, considering the AU’s inability to resolve the dispute?,2021,https://issafrica.org/iss-today/neither-the-security-council-nor-the-au-is-grasping-the-gerd-nettle

[11] هيئة التحرير، “سد الالفية:أزمة القرن”، قراءات افريقية،العدد 17، 2013.

[12] محمد شوقي عبد العال، “الخيارات القانونية والسياسية للتعامل مع أزمة سد النهضة”، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 5، 2014.

[13] Richard, James,L., Liberalism, in: “Devetak,R. and Others, An Introduction to International Relations”, Cambridge University Press,2012.

[14] سكوت بورتشيل وآخرون، ترجمة: محمد صفار، “نظرية العلاقات الدولية”، القاهرة: المركز القومي للترجمة،2014.

[15] سمير ابراهيم حسن، “البعد السياسي والاجتماعي للأمن القومي العربي”، مجلة دراسات استراتيجية، المجلدان( 2،3)، 2003، 82-93 ص.

[16] على الدين هلال، “الأمن العربي: الصراع الاستراتيجي في منطقة البحر الأحمر”، مجلة المستقبل العربي،العدد 9، لبنان، 1979، 98ص.

[17] الصفحة الرسمية لدائرة المعارف الوطنية، يمكن الرجوع إلي: http://www.britannica.com

[18]   ايمان بكر أبو الهوى، التهديدات الإسرائيلية لأمن القومي والمائي العربي: دراسة حالة إسرائيل ونهر الأردن في الفترة من (1994-2010)، “رسالة ماجستير”، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، القاهرة،2011، 44-46 ص.

[19] ايمان عبد المنعم زهران، المحدد المائي كآلية للصراع في المشرق العربي، “رسالة ماجستير”، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،جامعة القاهرة، 2020.

[20] عبد الرحمن خليفة، “ايديولوجية الصراع السياسي”، القاهرة: دار المعرفة الجامعية، 2000 .

[21]   محمد السيد سليم، “تحليل السياسة الخارجية”، القاهرة: مكتبة النهضة،1989 .

[22]  دينا شيرين محمد شفيق، “السياسة الخارجية المصرية تجاه سد النهضة اثيوبيا”، المركز الديمقراطي العـربي ، 2015، يمكن الرجوع الي:https://democraticac.de/?p=25121

[23] حيدر يوسف، “سد النهضة : إثيوبيا ـ السودان ـ مصر”، المجلة السودانية لدراسات الـرأي العـام، العدد 5 ،2016 ، ص 171 ـ ص200.

[24] عـراب نـواره، إشكالية الأمن المائي: دراسـة حالـة دول حوض النيل، “رسالة ماجستير” ، جامعة مولود معمري، الجزائر، 2018 ،ص 122.

[25] عمر عبد الفتاح، “أزمة سد النهضة الرؤية الإثيوبية”، قـراءات ثقافية، العدد 19 ،يناير ـ مارس 2014 ، ص 98 ـ ص109.

[26] محمد رياض، “الجوانب الفنية في أزمة سد النهضة”، مجلة السياسة الدولية، العدد 49، 2014، 154-155 ص.

[27] جيهان فاروق الحسيني، “الأهداف الخفية لمشروع سد النهضة الإثيوبي”، مجلة الشروق، 13 يوليو 2020، يمكن الرجوع الي:https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=13072020&id=c4f0ea92-6191-4452-a464-cd4c6ff3c5fe

[28] Shahin, Hydrology of the Nile Basin, “MSc thesis”. Amsterdam: Elsevier Science,1985.

[29] احمد عبد الرحيم، “السبب الحقيقي وراء بناء سد النهضة”، أخبار اليوم،19 مايو 2021، يمكن الرجوع للنظر إلى: https://cutt.us/1AP1O

[30]جمال صيام، “الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المحتملة لسد النهضة”، بوابة الزراعة، 2017.

[31] عصام شروف، “مشكلة سد النهضة وآثاره على مصر”، مجلة جامعة دمشق، العدد 142، 2018 ،ص 151.

[32] مجدي عبد الهادي، “مشكلة سد النهضة الأثيوبي”، الجزيرة، 19 نوفمبر 2019.

[33] عمر سالم، “1600 ميجاوات إجمالي إنتاج السد العالي من الطاقة الكهربائية”، جريدة المال، 27 مارس 2019. ،

[34] Hussein, The Impacts of Ethiopian Renaissance Dam on Egypt and the Role of Conservation Projects and Climate Change. Cairo: Cairo University. MSc thesis.2015

[35] محمد البسطويسى، “تأثير سد النهضة الإثيوبي على الموارد المائية في مصر”، مجلة الهندسة الهيدروجينية،2014.

[36] Khalid Siddig,”Long-Term Economy-Wide Impacts of the Grand Ethiopian Renaissance Dam on Sudan”,economic research forum, Egypt, November  2020.

[37]  مختار رمضان، “تأثير مشروعات أعالي نهر النيل الجديدة على الإدارة المتكاملة لحوض النهر”، القاهرة: جامعة الزقازيق كلية الهندسة، 2013 .

[38] محمد عاشور، “وزير الري: سد النهضة له ايجابيات وسلبيات… وإثيوبيا تمويل المشروع ذاتيا”، جريدة الوطن، 31 مايو 2013، يمكن النظر الى الرابط التالي: https://www.elwatannews.com/news/details/191514

[39] Nourhan Abdelazim,”Operation of the Grand Ethiopian Renaissance Dam: Potential Risks and Mitigation Measures”,” Journal of Water Management Modeling,2020

[40] يوسف محمد، أثر سد النهضة على حصص الشركاء في مياه النيل ،رسالة ماجستير”،جامعة إفريقيا العالمية، 2019 ،ص 181.

[41] عصام شرف، “اتفاقيات حوض النيل في ضوء أحكام القانون الدولي”، المستقبل العربي، السنة 41 ،العدد 478،ديسمبر 2018 ،ص 42.

[42] احمد على سليمان، “سد النهضة الأثيوبي ومستقبل الأمن القومي المصري”، مركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامي،2013.

[43] مساعد عبد العاطي شيتوى، “الضوابط القانونية الحاكمة لإنشاء المشروعات المائية: دراسة تطبيقية على حوض النيل”، مجلة آفاق أفريقية، المجلد 11، العدد 39، 2013، ص 81-88 ص.

[44] ميرفت زكـريـا، “أزمــة سـد النهضة على ضـوء الاتـفـاقـيـات مـبـادئ الـقـانـون الـدولـي”، الجيزة: المركز العربي للبحوث والدراسات، 2019.

[45] علي سبتي بطي،الـتـراث الـدولـي في المعاهدات الـدولـيـة، “رسالـة ماجستير”، جامعة الشرق الأوســط، ،عمان، 2015 ،ص 15 وما بعدها.

[46] محمد شـوقـي، “الانـتـفـاع المنصف بمياه الأنهار الـدولـيـة” ،الـقـاهـرة: الـمـركـز الـدولـي للـدراسـات المستقبلية والاستراتيجية، 2008 ،ص 1- 8.

[47]  ميرف زكريا، مرجع سابق.

[48] جوزيف رامز أمين، “المحددات الدولية والإقليمية لقضية مياه نهر النيل”، آفاق أفريقية، المجلد العاشر، العدد 36،  2012، 11-18 ص،16 ص.

[49] أيمن السيد عبد الوهاب، “السياسة الخارجية المصرية…بين الثوابت والممانعات الإقليمية والدولية”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 2017.

[50] طارق فهمي، “الوجود الإسرائيلي في دول حوض النيل وتداعياته على العلاقات مصر المائية”،21 مارس 2013.

[51] ازدهار معتوق،”الرؤية الصهيونية للسيطرة على المصادر المائية”، الوحدة الإسلامية، العدد 147، 2014.

[52]  محمد سلمان طايع، “الصراع الدولي على المياه: بيئة حوض النيل”، مركز البحوث والدراسات السياسية، 2007، ص 372.

[53] حمدي عبد الرحمن، “الاختراق الإسرائيلي لإفريقيا”، القاهرة: منتدى العلاقات العربية والدولية، 2015.

[54] Ezzat molouk kenawy.potential Economic Impacts of Ethiopian Renaissance Dam on Egypt.International Journal of Economics. Commerce and research.vol.3.2013.PP 12-14.

[55] أحمد بهاء الدين شعبان، “النيل في خطر:قراءة في كتاب مهم”، جريدة الدستور، 22 أبريل 2021، يمكن الرجوع إلي: https://www.dostor.org/3433607

[56] الرائد باسم شعبان، “النيل وأزمة توزيعة”، جريدة الجيش اللبناني، العدد:397، 2018، يمكن الرجوع إلي: https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B9%D9%87

[57] أبوبكر يوسف إبراهيم،  “مياه النيل والنخورة الصهيونية وغيبوبة مصر والسودان”،سودانيل، 2 أغسطس 2012، يمكن النظر إلى : https://bit.ly/38POFQJ /

[58]* مفهوم جيوبولتيكيا:* هو علاقة الدولة بمحيطها الخارجي وسياساتها الخارجية وتصورها عن ذاتها ومحيطها وتأثيرها وتأثرها بالعالم الخارجي وكيفية صياغة السياسات والنشاطات التي تحقق لها أكبر العوائد وتجنبها المخاطر.

[59]ابراهيم احمد عرفات، “البديل الإقليمي:دلالات التحرك الاسرائيلي في أفريقيا بعد اتفاق الأمن الغذائي”، المركز الديمقراطي العربي،2013.

[60] محمد عادل عثمان، “العلاقات المائية بين اسرائيل وإثيوبيا والمياه في الفكر الاستراتيجي الصهيوني”، المركز الديمقراطي العربي في قسم الدراسات السودانية وحوض  وادي النيل،2016.

[61] محمد عادل عثمان، مرجع سابق.

[62] مختار شعيب، “أنشطة إسرائيلية مريبة في منطقة الشرق الإفريقي”، جريدة الاهرام، سبتمبر 2013.

[63] طارق فهمي، مرجع سابق .

[64] أسامة الهتيمي، “في عيون الغرباء: مصر ومستقبل العلاقة مع دول حوض النيل”، رسالة الإسلام، 27 مارس 2011.

[65]  صفا شاكر إبراهيم محمد، مرجع سابق.

[66] خيري عمر، “إسرائيل والاختراق الواسع لأفـريقيا”، الخليج الجديد، 13 يوليو 2016.

[67] صفا شاكر إبراهيم محمد، مرجع سابق .

[68] *ما هو المقصود برسم الخريطة الجيوبوليتيكية:* هو العلم الذي يقودُنا إلى دراسة كيفية استخدام الجغرافيا كمصدر قوة للتعبير عن المواقف السياسية.

[69] التقرير الاستراتيجي الأفريقي 2006-2007 ،القاهرة، مركز البحوث والدراسات الأفريقية، 2007 ،ص 78.

[70]  عادل عامر، “حلم الدور الإقليمي والزعامة الافريقية وسد النهضة”، وكالة أنباء العمال العـرب، 20 ديسمبر 2015.

[71]  إبراهيم يسري، “النيل ومصر وسد النهضة وحروب القرن الأفريقي”، القاهرة: المكتبة الأكاديمية ، 2014 ،ص 150.

[72] محمد سلمان طايع، “الصراع الدولي على المياه:بيئة حوض النيل”، مرجع سابق، ص 426.

[73]  عبدالرحمن عباس، “بالأسماء .. ممولو مشروع سد النهضة الإثيوبي .. الصين وإيطاليا أول الدول الداعمة”، فيتو، 20 ديسمبر 2015 .

[74] عبد الرحمن عباس، مرجع سابق.

[75] Shaul Shay,The “Renaissance Dam” crisis ,April 2018,Herzliya Conference Papers.

[76] منصور أحمد العدلي، النظام القانوني للانهار الدولية نظرة تطبيقية على أهم أنهار الشرق الاوسط، “رسالة دكتوراه”، حقوق الزقازيق،1995.

[77] كان للقرار الذي اتخذته مصر، في نوفمبر 2017، بإيقاف المحادثات الفنية مع إثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة الإثيوبي، بسبب رفضهما نتائج التقرير الاستهلالي الذي قدمه المكتب الاستشاري الفرنسي “إي آر إل” ومساعده “ارتيليا” المنوط بهما إعداد الدراسات الفنية حول تأثيرات سد النهضة على مصر والسودان، وما تبعه من رفض إثيوبيا اقتراح مصري بإشراك “البنك الدولي” كطرف محايد في المحادثات بين الأطراف الثلاثة، حتي بعد زيارة رئيس الوزراء إثيوبيا لمصر في 17 يناير 2018، صدى واسعا في الرأي العام المصري، حيث استشعرت السلطات المصرية الخطر، في ظل تعثر المسار التفاوضي، وما يمثله من تهديد للأمن المائي المصري، الذي يمثل إحدى المصالح المصيرية للدولة المصرية وإحالة النزاع على مجلس الأمن.

[78] Statement of Ethiopia on the Negotiations on the Grand Ethiopian Renaissance Dam,” Press Release, Ethiopia’s Embassy to the UK, 29 Feb 2020, at: https://bit.ly/34ROfmW

[79]“نص خطاب سامح شكري إلى رئيس مجلس الأمن بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي”، الأهرام، 20/6/2020،يمكن الرجوع إلي: http://gate.ahram.org.eg/News/2430001.aspx

[80] Ethiopia’s statement at the UN Security Council on the Grand Ethiopian Renaissance Dam,” Ethiopia’s Embassy to the UK, 29/6/2020, at: https://bit.ly/3lzljqf

[81]فرانس 24،”جهود الاتحاد الأفريقي لحل أزمة سد النهضة تحظى بدعم في مجلس الأمن”، 30/6/2020، يمكن الرجوع الي:https://bit.ly/3gZbhfl

[82] احمد جمعة، “نتائج إيجابية عقب اجتماعات واشنطن حول سد النهضة”،  يمكن النظر الي:www.youmg.com

[83] تم توقيع هذا البروتوكول في القاهرة بتاريخ 21 يوليو 1964

[84] صلاح الدين عامر، “مقدمة لدراسة القانون الدولي العام”، دار النهضة العربية،1994، 932 ص.

[85] هاله أحمد الرشيدي،”الحقوق المكتسبة في القانون الدولي: دراسة نظرية مع التطبيق على حقوق مصر في مياه النيل”، القاهرة: دار النهضة العربية،2014.

[86] منصور أحمد العدلي، مرجع سابق، 216-217 ص.

[87] للاتحاد الافريقي آلياته الاقليمية للأزمات الامنية والنزاعات المسلحة، ويعد شريك مهم وأساسي لمنظمة الأمم المتحدة، حيث تسعى كلنا المنظمتين إلى وضع آليات لتنسيق  الجهود في مجال حفظ السلم والامن الدوليين بصفة عامة، واعادة السلم والاستقرار للدولة العضو ومن أجل التصدي لمثل هذه التحديات أنشأ مجلس السلم والامن الافريقي عام 2002.

[88] Jonathan Holslag, “Assessing the Sino-Indian Water Dispute,” Journal of International Affairs, vol. 64, no. 2, 2011, pp. 19–35.

[89] أميرة محمد عبد الحليم، “المواقف الخارجية وحدود تأثيراتها في إدارة سد النهضة”، مجلة الملف المصري، العدد 73، سبتمبر 2020، ص31.

[90] أميرة محمد عبد الحليم،، مرجع سابق، 32 ص.

[91] سعيد سالم جويلي،”حول نصوص ميثاق الأمم المتحدة بشأن التسوية السلمية للمنازعات الدولية “، المنظمات الدولية، د.ن.غ.م ،2001، 80 ص وما بعدها.

[92] تنص المادة 33 على أن “يجب على أطراف أي نزاع دولي من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريقة المفاوضة والتحقيق والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارهم”

[93] أيمن سلامة، “مجلس الأمن والتسوية السلمية للنزاع سد النهضة الإثيوبي”، مجلة الملف المصري، العدد 73، سبتمبر 2020، 23 ص.

[94] أيمن سلامة، مرجع سابق، 24 ص.

[95] أيمن سلامة، مرجع سابق، 25 ص.

[96] فرانس 24، “جهود الاتحاد الافريقي لحل أزمة سد النهضة  تحظى بدعم في مجلس الأمن”،30 يونيو 2020، يمكن الرجوع إلي: https://cutt.us/fxuxE

[97] جمال صيام، “الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المحتملة لسد النهضة”، بوابة الزراعة،2017.

[98] كمال عبد الرحمن، “3 سيناريوهات محتملة لحل الأزمة”، سكاي نيوز،5 أكتوبر 2020، يمكن الرجوع إلي: https://cutt.us/KrKh5

[99] أحمد يحيى، “سد النهضة: ما هي السيناريوهات حل الأزمة أمام مصر؟ “، بي بي سي  عربي، 2021، يمكن الرجوع إلي: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-57430100

[100] اسماعيل محمد علي، “ما السيناريوهات المتوقعة لحسم ملف سد النهضة؟ “، إندبندنت عربية، 14 أبريل 2021، يمكن الرجوع إلي: https://cutt.us/cnxZi

[101] اسماعيل محمد علي، مرجع سابق.

4.4/5 - (7 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى