الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثيةالشرق الأوسطتقدير الموقفعاجل

إنتفاضة المسلمين المُسلحة في موزمبيق من أجل نيل حقهم في التنمية

اعداد : السفير  بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – مصر – القاهرة

 

مقاطعة  Cabo Delgadoواحدة من إحدي عشر مقاطعة في التقسيم الإداري لموزمبيق وتبلغ مساحتها وعاصمتها مدينة Pemba , وتقع Cabo Delgado في أقصى شمال موزمبيق , وتبلغ مساحتها 86,625 كم مربع وعدد سكانها 2,333,278 نسمة معظمهم مسلمين (وفقاً لتعداد عام 2017) ولها حدود مع جمهورية تنزانيا , وقد وصل التجار العرب في القرن الثامن للساحل الموزمبيقي وأسسوا علي إمتداده عدة مراكز تجارية وسلطنات كان يحكمها سلاطين محليين دانوا بالإسلام , وكان أهمها سلطن ة (مملكة) Kilwa التي تبعتها عدة مراكز علي إمتداد الساحل وتأسست هذه السلطنة علي يد علي بن الحسن الشيرازي في القرن العاشر وهي تقع بالقرب من تنزانيا , وظل الوضع هكذا إلي أن بدأ الإستعمار البرتغالي لموزمبيق عام 1498 (أو 1505) ومع الإستعمار البرتغالي بدأت حملة تنصير لسكان موزمبيق خاصة مع إزدياد قوة مركزهم في هذا البلد خلال القرنين الـ 17 والـ 18 وتعيين أول محافظ برتغالي عام 1752 للسيطرة علي كامل موزمبيق وخاصة في مقاطعة Nampula الحالية , وفي Tete و Sena علي نهر Zambeze وفي بعض المستوطنات الساحلية , وفي عام 1782 أنشأ البرتغاليون أولي مستوطناتهم الرئيسية الدائمة جنوب موزمبيق في Baia و Lagoa ومع إنكسار الوجود البرتغالي في منطقة جنوب الأطلنطي بمستعمرتهم البرازيل التي أعلنت إستقلالها عن البرتغال عام 1822 زاد إهتمام البرتغال بمستعمرتي أنجولا وموزمبيق التي إعترف مؤتمر برلين 1884 – 1885بحق البرتغال في إحتلالها وهو الحق الذي دعمته إتفاقيات أبرمت لاحقاً بين البرتغال وبريطانيا العظمي عام 1891 ,  وربما كان هذا هو السبب الأول الذي أدي إلي إطلاق يد البرتغال لإرتكاب مذبحة بشعة في 16 يونيو 1960 في Mueda الواقعة في مقاطعة Cabo Delgado وغالبيتها من السكان المسلمين وتعتبر مركزاً لثقافة قبيلة الـ Makondes والتي تعتبر بدورها من أشد مؤيدي جبهة تحرير موزمبيق FRELIMO (Frente de Libertação de Moçambique) وأحد ثلاثة أطراف أسست هذه الجبهة , وكانت سبب هذه المذبحة مطالبة السكان بالإستقلال عن البرتغالوكانت هذه المطالبة المتبوعة بالمذبحة التي إقترفها المستعمرون البرتغاليون السبب الرئيسي لبدء حرب الإستقلال الموزمبيقية 1964 –  1975, أما السبب الثاني فهو الدافع الأولي الذي لدي البرتغاليين وهو عداءهم الغريزي للإسلام وهو دافع مُتراكم في العقلية الجمعية البرتغالية أو علي الأقل لدي النخبة البرتغالية منذ دولة الأندلس المُسلمة العربية وهو العداء الذي إنتقل بالتعليم للنخبة الموزمبيقية (كما في مستعمرات البرتغال السابقة بأفريقيا) فمناهج التعليم البرتغالية المُعتمدة في مستعمراتها الأفريقية الخمس السابقة ومنها موزمبيق المُشبعة نخبتها المسيحية بالعداء للإسلام وللعرب الذي تشربته عقليات هذه النخبة الحاكمة حالياً فهي قد تلقت تعليمها بالبرتغال وبالكنائس البرتغالية الكاثوليكية في موزمبيق نفسها والتي إنتشرت ونشطت في مستعمرات البرتغال في الدول الأفريقية المُتحدثة بالبرتغالية والتي تُنعت إختصاراً بدول PALOP وهي الرأس الأخضر وغينيا بيساو وأنجولا وساوتومي وبرنسيب وموزمبيق , ففي موزمبيق مثلاً نجد أن أول رؤساءها بعد إستقلال موزمبيق عن البرتغال عام 1975وهو Samora Moisés Machel تلقي تعليمه في إحدي مدارس الإرساليات الكاثوليكية البرتغالية ببلدة Zonguene بمقاطعة Gaza وفي هذه المدارس يتعلم التلاميذ اللغة والثقافة البرتغالية , وتجدر الإشارة إلي أنه إبان الحكم الاستعماري البرتغالي لموزمبيق فرض البرتغاليين التعليم التبشيري الكاثوليكي علي كل السكان ومنهم مسلمي موزمبيق مما ألزم هؤلاء المسلمون بالقتال من أجل هويتهم وثقافتهم ودينهم  فقد أجبرت الإدارة الاستعماريةالمسلمين علي إستخدام الأسماء المسيحية في الوثائق الرسمية وهو نفس ما فعله Hastings Kamuzu Banda رئيس مالاوي السابق 1964 – 1994 إذ ضيق علي مسلمي مالاوي في الوظائف والتعليم ألخ (المجاورة لموزمبيق) وألغي المدارس القرآنية (مالاوي الدولة الأفريقية الوحيدة التي لم تقطع علاقاتها بالكيان الصهيوني)  .

لا فرق بين تعامل المُستعمر البرتغالي ورؤساء موزمبيق قبل وبعد الإستقلال عن البرتغال عام 1975 في تعاملهم مع السكان المسلمين بمقاطعة Cabo Delgado التي إنتفضت ضد البرتغاليين في يونيو 1960وتخوض حالياً غمار إنتفاضة ضد تعامل نظام الحكم القائم في  Lourenço Marquesأو Maputo عاصمة موزمبيق حالياً معهم بإهمال وإنكار لإحتياجهم للتنمية , الفرق الوحيد بين الحالتين هو أن مطالبة سكان Cabo Delgado بالإستقلال عن البرتغال وصفها الكثيرين بالإنتفاضة , فيما يُوصف تصديهم الآن للقوة المُسلحة لحكومة Maputo بأنه إرهاب هذا الُصطلح الأعمي الذي لا يُميز ما بين المقاومة والثورة والإنتفاضة والتمرد فكل هذه الألفاظ موضوعة ومُدمجة حالياً في حزمة واحدة داخل مُصطلح مُوحد هو : “الإرهاب” , فالتظاهر والإحتجاج السلمي لسكان Cabo Delegado ضد البرتغاليين في Mueda في 16 يونيو 1960 والذي واجهه المُستعمر البرتغالي بالقتل  كان ثورة أو إنتفاضة أما إحتجاجهم علي حرمانهم من التنمية من عوائد البترول والغاز المُستخرج من مقاطعتهم Cabo Delegado فهو إرهاب , إذ أن إحتجاج سكان Cabo Delegado إنتقل مع رفض حكومة Maputo مطالبهم بنيل حقهم في التنمية من مرحلة الإحتجاج والتظاهر السلمي إلي مرحلة  التمرد المُسلح الذي تُفضل حكومة Maputo والإعلام الغربي عموماً وصفه بالإرهاب رغم أن كثير من جماعات حقوق الإنسان تؤكد أن الانتهاكات العسكرية والإهمال وأفعال الشركات التي تسعى لاستغلال اكتشافات الأحجار الكريمة والغاز الأخيرة في Cabo Delgado قد أشعلت “مزيجًا من العنف ” , وعلي نحو مُناقض أصدرت منظمة Save the Children Mozambique بيانًا صحفيًا في 16 مارس2021 حول أطفال “قتلوا على أيدي رجال مسلحين” , ولم يتم تصنيف المتمردين بحذر , لكن معظم التقارير الإعلامية في البيان الصحفي وصفتهم بالإسلاميين وشددت على صلاتهم بالدولة الإسلامية وأستطرد البيان فأشار إلي أن جميع الحروب الأهلية قاسية ووحشية , كما اتهمت منظمة العفو الدولية في بيان لها في 2 مارس 2021 المتمردين بارتكاب جرائم حرب و “أعمال عنف شنيعة”  , ويُشار إلي أن هذه المنظمة وغيرها يستخدمون الاسم المحلي للمتمردين وهو : “الشباب” , لكن منظمة العفو الدولية شددت على أن تنظيم “الشباب” في Cabo Delgado هو في الأساس جماعة مسلحة محلية تقاتل بسبب قضايا محلية وهي لذلك حركة تمرد أشعلها النقص طويل الأمد في الاستثمار في المقاطعة ذات الأغلبية المسلمة من قبل الحكومة المركزية ويعتنق هذ التنظيم الفكر الجهادي كأداة تنظيمية بينما كانت الأيديولوجيات الإسلامية تنمو في Cabo Delgado لعقود من الزمن ولم تكتسب هذه الحركة زخمًا إلا مع إقامة صناعات استخراج الغاز والبترول والتي لا تقدم فائدة تذكر لمجتمع Cabo Delgado ويدعم معظم الباحثين المحليين هذه الرؤية .

حالة الصراع في Cabo Delgado حالة مُشابهة لحالة إقليم أو محافظة Cabinda وهو إقليم أنجولي يطل بساحل طوله 200 كم علي المحيط الأطلنطي بمنطقة جنوب خط الإستواء يحده من الشمال نهر الكونجو , ويقع هذا الإقليم خارج أراضي جمهورية أنجولا وهو جيب مُحاط من جميع الإتجاهات بأراضي الكونجوليتين فيحده من الشمال والشمال الشرقي جمهورية الكونجو (برازافيل) ومن الشرق والجنوب جمهورية الكونجو الديموقراطية (كنشاسا) وتبلغ مساحته 7,283 كم مربع (نصف مساحة ولاية Connecticut الأمريكية تقريباً) , ولذلك لا حدود للإقليم مع أنجولا و مدينة Cabinda هي عاصمة الإقليم (تعتبر جبهة تحرير كابيندا مدينة Tchiowa عاصمة للإقليم) الذي تعتبره أنجولا محافظة من بين محافظاتها الثماني عشر , والإقليم مُعرض لمد وجزر ديموجرافي بسبب الأعمال العسكرية بين الجيش الأنجولي النظامي وميليشيا   جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC , ويُلاحظ أن الفارق الزمني بين الأرقام المنشورة عن تعداد السكان بالإقليم مُتباعد نسبيا , فوفقاً لأرقام منشورة عام 1958 بلغ سكانه حوالي 800,000 نسمة بينما تشير أرقام التعداد الرسمي الذي أجرته الحكومة الأنجولية عام 1995( بطبيعة الحال فإن إجراء تعداد سكاني في الظروف السائدة في كابيندا لا يمكن إعتباره بالمعايير الفنية تعداداً مُنضبطاً) إلي أن عدد السكان هناك حوالي 600,000 نسمة يوجد منهم بالإقليم 400,000 بينما فر بسبب القتال الدائر إلي خارج جيب كابيندا نحو 200,000 نسمة , فيما اشار تقرير صادر عام 2006 عن منظمة Human Rights Watch إلي أن عدد السكان بالإقليم يبلغ حوالي 300,000 نسمة , وينتمي ما لا يقل عن 75% من سكان هذا الإقليم إلي المذهب الكاثوليكي وكان الإستعمار البرتغالي وصل إلي Cabinda عام 1500 مع منافسيه من القوي الإستعمارية الأوروبية الأخري , إلا أن البرتغال وُقعت معاهدة Chimfuma عام 1883بين البحرية البرتغالية وأمراء كابيندا وكانت هذه أول هذه المعاهدات تلتها معاهدة Chicamba عام 1884 ثم الثالثة وهي الأهم معاهدة Simulambuco التي وقعتها حكومة التاج البرتغالي في الأول من فبرايرعام 1885 مع أمراء كابيندا و تزامن عقدها مع مجريات مؤتمر برلين الذي عني بتقسيم المستعمرات الأفريقية بين القوي الإستعمارية التقليدية و نتج عن أعمال هذا المؤتمر الإعتراف بتقسيم الكونجو إلي ثلاث أجزاء هي الكونجو البلجيكي والكونجو الفرنسي والكونجو البرتغالي حيث أعتبرت كابيندا جزءاً من حوض الكونجو ( سُميت كابيندا وقتذاك الكونجو البرتغالية ) ونجحت البرتغال في فرض هيمنتها علي معظم مداخل نهر الكونجو  وقد تأكد إختلاف وضعية كابيندا عن أنجولا بعد الإنقلاب العسكري الذي أطاح بملك البرتغال Manuel الثاني عام 1910 وإنتهاء الحكم الملكي بإعلان قيام النظام الجمهوري بالبرتغال الذي وضع دستور جديد للبرتغال عام 1933أبقي علي الإختلافات التي كانت قائمة فيما بين مقاطعات البرتغال فيما وراء البحار بحيث ظلت أنجولا مستعمرة وظلت كابيندا محمية وهو نفس الوضع الذي فرضته فرنسا علي تونس والمغرب , لكن ولأسباب إدارية بحتة ألحقت البرتغال كابيندا عام 1956بمستعمرتها في أنجولا دون إعتبار لإرادة الشعب الكابيندي في هذا الإلحاق , وتأكد هذا الوضع بإتفاقية Alvor المُوقعة في 15 ينايرعام 1975إلا أن تغير النظام في لشبونة وتبني الأمم المتحدة لقضية تصفية الإستعمار شجع الكابينديين علي إستئناف جهودهم في سبيل موافقة الأمم المتحدة علي إدراج قضيتهم علي قائمة الأقاليم المطلوب تصفية الإستعمار بها وهو مالم يسجلوا بشأنه أي تقدم يُذكر لأكثر من سبب فأولاً عمل دمج البرتغال الإقليم الكابيندي إدارياً وعسكرياً مع أنجولاً منذ عام 1956علي التمهيد لأي إدارة وطنية تأتي لاحقة للإدارة الإستعمارية في أنجولا للإدعاء بوراثة الحدود Uti possidetis الإستعمارية وهو مبدأ جري تناوله في أول اجتماع لمجلس وزراء منظمة الوحدة الأفريقية الذي سبق مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الأفريقية التأسيسي في أديس أبابا عام 1963 واتُفق فيه على الاعتراف بالحدود القائمة واحترامها ، كما قُرر المجتمعون في الوقت نفسه إمكانية تعديل هذه الحدود عن طريق التفاوض , ثانياً أن الحركات المسلحة الأنجولية الرئيسية الثلاث المُقاومة للإستعمار البرتغالي وهي حزب الحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLA  , وظل الوضع هكذا  حتي يومنا هذا .

بدأت جبهة تحرير جيب كابيندا (FLEC) مواجهتها لحكومة Luanda منذ إستقلال أنجولا في نوفمبر عام 1975 حتي الآن ويتمركز نحو 35,000 جندي أنجولي في إقليم Cabinda لمواجهة عناصر جبهة تحرير جيب Cabinda (FLEC) وأعلن الكابينديون عن إقامة جمهورية Cabinda في المنفي ومقرها العصمة الفرنسية حيث أن فرنسا لم تكن علاقتها بأنجولا علي ما يُرام لفترة طويلة لأسباب مختلفة , كما أن الولايات المتحدة منذ بدأ الصراع في Cabinda  بدأت مبكراً بإجراء إتصالات رسمية مع عناصر جبهة FLEC ورئيسها N’ZITA TIAGO ( لم تدرج الخارجية الأمريكية جبهة تحرير جيب أنجولا – القوات المسلحة لكابيندا  FLEC/FAC حتي 30 سبتمبر 2015علي قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية) ذلك أن الولايات المتحدة ممثلة في شركة GULF OIL CORPORATION كانت لديها إستثمارات مهمة بالإقليم وتعمل علي إستغلال البترول في بداية سبعينات القرن الماضي في حوالي 30 بئر بترول بحري , (تنتج Cabinda ما لا يقل عن 75% من البترول الأنجولي البالغ إنتاجه 2 برميل/ يوم) ولذلك كان هناك إهتمام أمريكي جدي ومتابعة دقيقة للأوضاع بكابيندا . ومازال الصراع في كابيندا قائماً حتي يومنا هذا , وبالمناسبة يجري إستخدام عامل الدين في الحالتين وإن بصورة ودرجة مختلفة , فحكومة أنجولا لإحكام سيطرتها علي إقليم Cabinda تقوم بتعيين أسقف موال لها لرئآسة كنيسة الإقليم التي يعارضها رجال دين كاثوليك آخرين موالين لجبهة تحرير جيب Cabinda (FLEC) , أما في Cabo Delegado فهم لا يُطالبون بالإنفصال أو الإستقلال عن موزمبيق كحالة سكان إقليم Cabinda بأنجولا (وفقاً لـ Wikipedia تبلغ نسبة سكان موزمبيق من المسلمين ما بين 17% إلي 45% ) ومع ذلك لا إستجابة لمطلبهم في حقهم العادل في التنمية أو تقسيم الثروة التي تحققت لسكان جنوب السودان في إتفاقية السلام التي وقعتها 6 فصائل جنوبية بقيادة Rick Machar مُتمردة مُنشقة عن الجيش الشعبي لتحرير السودان مع حكومة السودان في 21 أبريل 1997.

أما سبب أو أسباب حمل بعض سكان Cabo Delgado للسلاح في وجه حكومة موزمبيق فهي لا تختلف كلية عن الأسباب التي حملت سكان  Cabinda(الأنجولية) لتشكيل جبهة تحرير من أجل الإنفصال عن أنجولا وفقاً لاسباب قانونية وتاريخية وإقتصادية بل وثقافية أيضاً والسبب ال/ثشترك بين الحالتين وهو الأكثر حدة فهو إستغلال حكومتي Luanda و Maputoللموارد الطبيعية في هذين الإقليمين إستغلالاً يعبر عن إهتمامات هاتين الحكومتين علي مناطق وقطاعات بعينها في الدولة بإستثناء الإقليمين الذين تستغلهما بحيث ظلت منطقتي Cabo Delgado في موزمبيق و Cabinda في أنجولا  مُستبعدتان من خريطة التمية , وقد أشار كثير من المراقبين للأوضاع في موزمبيق وقضية Cabo Delgado علي نحو خاص , بأن التمرد العنيف ضد حكومة موزمبيق في مقاطعة Cabo Delgado الشمالية ناتج عن عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحلية ،والتي لم تتُمول من تجارة الياقوت سابقاً واستغلال النفط والغاز حالياً , وقد أدت إنتفاضة سكان Cabo Delgado التي بدأت عام 2017 والتي تحولت بسبب عناد سلطات  Maputoإلي مصرع أكثر من 1500 قتيل وتشريد 250000 آخرين , ومن الواضح من مسير الصراع أن حكومة Maputo شأنها شأن فرنسا في منطقة الساحل ليست لديها القدرة العسكرية الكافية لحسم الصراع العسكري القابل للتطور فكلما إمتد الصراع العسكري كلما زادت دربة وقدرات (التمرد) المُسلح علي حكومة موزمبيق (ليس للمقاومة الموزمبيقية المُسلحة أسم أو عنوان واضح حتي الآن وإن كان المقاتلين هناك يسمون أنفسهم حركة الشباب) وقد استولى (المتمردون) مؤخرًا على Mocímboa da Praia وهو ميناء مهم استراتيجيًا لشركات النفط والغاز العاملة في المنطقة وما زالوا يسيطرون عليه , وقدأصبحت هجمات المتمردين في المقاطعة الواقعة في أقصى الشمال أكثر تكرارا في الأشهر الأخيرة حيث أظهر المتمردون قدرة وإمكانيات أكبر في هجماتهم , وتحاول حكومة موزمبيق بصفة إستباقية تحريك مشاعر الخوف لدي دول مجموعة التنمية للجنوب الأفريقي (SADC) الترويج لحقيقة لا دليل واضح عليها مفادها أن لتنظيم الدولة الإسلامية (IS) تماشياً مع استراتيجيته للتوسع العالمي نية للوصول بأنشطته إلي موزمبيق وتحديداً إلي Cabo Delgado وبالتالي فسوف تواجه موزمبيق ودول الجنوب الأفريقي خطر قيام داعش بتأسيس نفسها ثم الإنتشار في الجنوب الإفريقي , وقد زعم الاتحاد الأفريقي أن داعش وسع نطاق وصوله إلى شرق إفريقيا بما في ذلك موزمبيق ،لكنه لم يقدم تفاصيل أو أدلة علي زعمه , ومع هذا ذكرت صحيفة Daily Monitor الأوغندية أنه تم اعتقال ستة أوغنديين في موسيمبوا دا برايا وتجري إجراءات تسليم المجرمين التي أشارت إلي أن هناك صلات مزعومة بين أهل السنة والجماعة والقوات الديمقراطية المتحالفة وهي جماعة إسلامية بقيادة أوغندية مقرها جمهورية الكونغو الديمقراطية , لكن رغم إستمرار التخرصات والأكاذيب السياسية المُؤيدة من قطاع كبير من الإعلام الغربي الذي يستقي منه الإعلام العربي الكسيح معلوماته ورغم إستخدام أسم “داعش”في نسج قصص وهمية فيها من المبالغة قدر فيها من سذاجة لعقد صلة ما بين المسلحين من مسلمي  Cabo Delgadoوالتنظيمات الإسلامية بدءاً من القاعدة مروراً بداعش لدرجة أن بعض جماعات حقوق الإنسان أشارت في إفاداتها إلي الدمار الواسع النطاق في جميع أنحاء شمال موزمبيق من قبل المتشددين وكان يمكن أن يقول هؤلاء أن القوات الحكومية والمُتشددين ألحقوا دماراً واسعاً في شمال موزمبيق حتي يمكن إعتبار الإفادات منطقية فمقاتلي Cabo Delgado يواجهون القوات الحكومية وهما معاً بإستخدامهما للسلاح والقنابل يُلحقا أضرار بالمنطقة لكنه التحيز الأعمي , ولذلك كانت إشارة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية منطقية إذ ذكر أن هذه المواجهات أدت إلي نزوح ما يقرب من 670 ألف شخص داخليًا بمقاطعات Cabo Delgado و NiassaوNampula (الدياناتان الرئيسيتان بهذه المقاطعة هما الإسلام والمسيحية) بحلول نهاية عام 2020 , وعلي أية حال فإن هناك من يدحض هذه المبالغات والتي تبدأ بإجتزاء الحدث عن سياقاته , فقد أشار موقع The Defense Post بتاريخ 13 يونيو 2019 قال : ” إن المُؤكد حتي الآن عدم وجود روابط واضحة بين المسلحين في موزمبيق وداعش فلا يزال من غير الواضح ما إذا كان الهجوم الذي تبنته داعشوالذي وقع في موزمبيق في 4 يونيو 2019قد نفذ من قبل جماعة أهل السنة والجماعة المنشقة أو مجموعة منفصلة تمامًا . إن عدم وجود روابط علنية بين المسلحين المحليين وداعش المركزية يخلق شكوكًا مشروعة حول المستوى الفعلي وطبيعة مشاركة داعش , فقد كانت جميع الأنشطة المنسوبة إلى ISCAP محصورة في جمهورية الكونجو الديمقراطية , ويعتقد الخبراء والمحللون أن المجموعة قد تشكلت من ADF أو مجموعة منشقة كانت قد أقامت علاقات في السابق مع داعش ” , ومع ذلك وبالرغم من إفتقاد أدلة فقد صنفت الحكومة الأمريكية 10 مارس 2021 بموجب الأمر التنفيذي 13224 حركة الشباب في موزمبيق على أنها “منظمة إرهابية أجنبية” تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية كما صنفت  Seka Musa Balukuو Abu Yasir Hassan بأنهما إرهابيين عالميين أوSpecially Designated Global Terrorists  (SDGTs) .

الذي لا شك فيه أنه بغض النظر عن علاقات “مُتمردي” Cabo Delgadoبداعش أو غيرها فإن هناك حقيقة لا يمكن إغفالها وهي حرمان سكان Cabo Delgado من نصيبهم العادل من التنمية من دخل البترول والغاز الذي يؤول لحكومة موزمبيق التي حرمت هذه المقاطعة من التنمية الشاملة والعادلة , لذلك فسوف تتحمل حكومة موزمبيق بصفة مُتتالية تكاليف باهظة إقتصادية في المقام الأول بسبب عنادها وإصرارها علي تناول قضية بنفس تناول حكومتي مالي والنيجر لصراعمها مع التمرد الذي ينادي بضرورة إخراج الجيش الفرنسي من شمالي مالي والنيجر ووقف إستنزاف فرنسا لمقدرات البلدين بل ودول الساحل الأخري , وإنتهي عناد حكومتي مالي والنيجر أو كاد أن ينتهي بعد إعلان فرنسا إنهاء عملية Barkhane العسكرية في شمال مالي ومن المتوقع أن يتبع ذلك إنتهاء أو تصفية مجموعة الساحل الخماسية العسكرية G 5 Sahel التي بذلت فرنسا جهوداً دبلوماسية وعسكرية مُضنية منذ الإعلان عنها في عام 2014 , ولذلك فإستمرار هذا الوضع السيء سيُفضي إلي إضعاف الدولة الموزمبيقيةإجتماعياً وإقتصادياً , فسيزيد الإنقسام الإجتماعي طالما إستمرت حكومة موزمبيق في التمييز السلبي لسكان Cabo Delgado سواء بإعتبارهم مسلمين أو بإعتبارهم جزء من شعب موزمبيق , كما أن هذا التمييز أنضج ثماره المُرة ففي شهر مارس 2020 ذكرت وكالة Reuters       شركة Exxon Mobil Corp (XOM.N وTotal  TOTF.PA) طلبت بوضوح من حكومة موزمبيق إرسال المزيد من القوات لحماية عملياتها في  Cabo Delgado بعد تصاعد الهجمات من قبل “متشددين إسلاميين” , لكن يبدو أن هجمات مُسلحي Cabo Delgado كانت من الشدة بحيث أن مشروع قطارات Total لتسييل الغاز في مقاطعة Cabo Delgado أُعلن في 14أبريل 2021 عن توقفه تمامًا  , ذلك أن  اثنان من مستشاري الأمن قالا لوكالة Reuters في مارس 2020 أنه : ” مع شن الإسلاميين هجومهم الأكثر جرأة فإن هذا سيهز حكومة موزمبيق و سوف تتزايد المخاوف الآن من أن مثل هذه المنطقة الغنية بالغاز الطبيعي والمعادن التي لا تعد ولا تحصى سوف يعيقها الإسلاميون بشكل متزايد , لذلك فإن القوات المسلحة في موزمبيق والعمل السياسي  لابد أن يعملا جنبًا إلى جنب من أجل تطوير واحتواء الحركة الإسلامية , بل لقد بلغ من شدة الوطأة هذه الهجمات أن وصفها مصدران من الجيش الموزمبيقي أنها قد أدت إلي “توترات متزايدة بين شركة  Wagnerالروسية لتوريد المُرتزقة (تعاقدت حكومة موزمبيق معها علي إستقدام160مرتزق) والقوات المسلحة الدفاعية الموزمبيقية (FADM) بعد عدد من العمليات العسكرية الفاشلة ” وذلك وفقاً لما أشارت إليه صحيفة Moscow Times , كما أفادت مؤسسة Jamestown (وهو موقع استخباري نال استحسانًا كبيرًا) في سبتمبر 2019 عن نقلاً عن Black Hawk و OAM  و Wagner Group نقلاً عن مصادر برتغالية مختلفة أشارت إليها موقع Observador.pt البرتغالي في 28 سبتمبر2019 أن مجموعة من المرتزقة الروس (حوالي 200 مسلح) وصلوا لمطار Nacala في موزمبيق لمساعدة الحكومة في مواجهة “متطرفون إسلاميون” في مقاطعة Cabo Delgado (لا يُوصف ثوار Cabinda بأنهم متطرفون ولا مُتشددون وإنما متمردون فقط Rebels وهو وصف حتي مع عدم دقته يُحرم منه مقاتلي Cabo Delgado , وأنه وفقًا لمصادر روسية فإن (مرتزقة) Wagner Group “يُكافحون” من أجل موزمبيق وأنهم تمكنوا من التغلب على الشركات العسكرية الخاصة الغربية في المقام الأول بفضل تقديم أسعار منخفضة للغاية لخدماتها وإقامة “علاقات جيدة مع القيادة السياسية الموزمبيقية ” ( يُلاحظ أن الرئيس الموزمبيقي قاك بزيارة لموسكو في سبتمبر 2019 وشاركت موزمبيق في القمة الروسية / الأفريقية في SOCHI في أكتوبر 2019) , وأكد هذه المعلومات العقيد السابق في جيش جنوب إفريقيا Dolf Dorfling (مؤسس Black Hawk PMC) وكذلك الجندي الروديسي السابق John Gartner (حاليًا رئيس شركة الأمن العسكري OAM) *(  Rosbalt 19نوفمبر 2019) وبالإضافة إلي مجموعة الروسية المُتواجدة في مهام قتالية مدفوعة الأجر بموزمبيق منذ 2019 تستعين حكومة موزمبيق بشركة مرتزقة أخري تُدعي مجموعة Dyck الاستشارية (DAG) ومقرها جنوب إفريقيا فقد تلقت دعوة من حكومة موزمبيق لمساعدتها في محاربة المتمردين , كما أن مسؤولاً برتغالياً صرح بأن بلاده سوف نرسل طاقمًا من حوالي 60 مدربًا إلى موزمبيق لتدريب مشاة البحرية والكوماندوز” , كما قالت سفارة الولايات المتحدة في بيان لها في 15 مارس 2021 أن ” قوات العمليات الخاصة الأمريكية ستدعم جهود موزمبيق لمنع انتشار الإرهاب والتطرف العنيف” وعلقت Jasmine Opperman المحللة في مجموعة المراقبة Acled علي بيان السفارة بقولها : ” من الواضح أن الولايات المتحدة تحاول بسط نفوذها” , وأكدت Jasmine ما أشرت إليه بشأن الطبيعة المحلية للصراع بقولها : “إنه نزاع محلي معقد والولايات المتحدة تؤطر التمرد في Cabo Delgado بطريقة مبسطة للغاية من خلال الإشارة إلى [المتشددين] على أنهم امتداد للدولة الإسلامية” , بل إن الرئيس الرواندي Paul Kagamé قرر إرسال جنوده لاختبار قدرة جيشه على دعم موزمبيق في حربها ضد الحركات الإسلامية في Cabo Delgado *( موقع Africa Intelligence في  26 /4/2021) , كذلك فقد دعت فرنسا حماية لمصالحها البترولية لرئيس الموزمبيقي لزيارة باريس عقب الفشل العسكري في Cabo Delgado الذي شل مشروع توتال للغاز *( موقع Africa Intelligence في 26 أبريل 2021)  , بل إن الرئيس الأوغندي Museveni نشر بعض من قواته المُسلحة علي وبالقرب من ساحل بحيرة Albert لحماية منشأت شركة Total الفرنسية حتي لا تواجه هذه الشركة نفس الانتكاسات التي حدثت وتحدث في Cabo Delgado  .

تعتبر دعوة حكومة موزمبيق لقوي دولية لمساعدتها في مواجهة المقاومة المُسلحة في تقديري إشارة مُؤكدة عن تواضع المستوي المهاري والقتالي لقوات موزمبيق المُسلحة وإشارة أخري أيضاً إلي إتاحة حكومة Maputo مساحة تضطرد للتدخل الخارجي في شؤونها وهو تدخل قد يكون مماثلاً في نتائجه الكارثية علي وحدة شعب موزمبيق المُفترضة إلي سني الحرب الأهلية بين RENAMO و FRELIMO إذ كانت تجربة الإنقسام في الإيدولوجية السياسية بين جبهة المقاومة الموزمبيقيةResistência Nacional Moçambicana (RENAMO) المُناهضة للإيدولوجيا الشيوعية وبين جبهة تحرير موزمبيق Frente de Libertação de Moçambique (FRELIMO) التي تبنت الإيدولوجيا الشيوعية تجربة مُدمرة لإقتصاد موزمبيق مازالت تعاني منه حتي اليوم , وعلي أية حال فحتي الآن لا أثر عملي حاسم لما تفعله مجموعتي Wagner الروسية ولا Dyck الجنوب أفريقية  التي لم تجدد حكومة موزمبيق تعاقدها معها وهي التي كانت توفر الدعم الجوي للشرطة الموزمبيقية * (موقع Africa Intelligence في 3 مايو 2021) في مواجهتهما للمقاومة المُسلحة في إقليم Cabo Delgado ويُؤكد إنخفاض فعالية إعتمادية موزمبيق علي كل هذه الأطراف ما صرح به John Godfrey القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب الأمريكي إذ قال “إن تورط “المرتزقة” لم يساعد بشكل واضح حكومة موزمبيق في مواجهة التهديد الذي تواجهه من المسلحين , كما ان الهجوم الذي شنه مُسلحيCabo Delgado علي مدينة Palma الساحلية في شهرمارس 2021 أكد مرة أخرى على حدة الصراع بمقاطعة Cabo     Delgado, كذلك قال Michael Gonzales نائب مساعد وزير الخارجية في مكتب الولايات المتحدة للشؤون الأفريقية في مؤتمر صحفي بواشنطن في 11مارس 2021 : أن “معالجة الدوافع الاجتماعية والاقتصادية للتهديد ومواجهة رسائل داعش  وتوفير فرص اقتصادية أكبر ومرونة للمجتمع تُقلل من الانجذاب إلى التطرف العنيف ” , وهذا يعني مع وقائع أخري أن المواجهة العسكرية لن تكون مُجدية فهي ربما قضت علي التمرد لفترة لكنها لن تقتلع جذوره , كما أن   كما لم يؤد تعاون حكومة موزمبيق مع شركتي المُرتزقة Wagner Group و  Dyckوبعض الدول حتي الآن إلي إنخفاض في وتيرة الهجمات والهجمات المُضادة التي لم ينتج  إلا ما أشار إليه تقرير حديث لمنظمة العفو الدولية عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في Cabo Delgado عن تورط مجموعة Dyck وكذلك القوات الحكومية والمسلحين في عمليات القتل غير المشروع للمدنيين , ومع ذلك واصل الرئيس الموزمبيقي Filipe Nyusi تحركاته لتعزيز موقف قواته المُسلحة فأستغل فرصة مُشاركته في قمة تمويل الإقتصاديات الأفريقية التي عُقدت في باريس في 18 مايو 2021 للتعبير لرئيس المجلس الأوربي Charles Michel عن رغبته في أن يقوم الأخيربزيارة موزمبيق قبل نهاية هذا العام لتقوية موقفه الداخلي أمام هجمات مقاتلي Cabo Delgado ورفع قدرات جيشه لمواجهة مسلحي Cabo Delgado الذين يهاجمون المصالح الأوروبية البترولية في Cabo Delgado لكن في مقابل ذلك حقق المسلحون نجاحًا كبيرًا في اكتساب مجندين من داخل المقاطعة وخارجها .

قام السفير الأمريكي Nathan A Sales منسق مكافحة الإرهاب والمبعوث الخاص للتحالف العالمي لهزيمة داعش ووكيل وزارة الخارجية بالإنابة للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان بزيارة Maputo يومي 2 و 2 ديسمبر 2020 بهدف تعزيز التزام حكومة الولايات المتحدة بدعم جهود موزمبيق لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف , وخلال لقاءاته مع الرئيس  Filipe Nyusi ووزيرة الخارجية Veronica Macamo شدد على الحاجة إلى التعاون الدولي لهزيمة الإرهابيين الذين يمارسون الوحشية وتهجير المدنيين في Cabo Delgado وقال “إن الولايات المتحدة مهتمة بشدة بالشراكة مع موزمبيق وتعميق صداقتنا بينما نواجه بشكل مشترك تحدي الإرهاب ” , فيما ردد Dennis W Hearne سفير الولايات المتحدة لدي موزمبيق نفس المضمون فقال : “إن حكومة الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع حكومة جمهورية موزمبيق وكذلك مع شركاء التنمية الآخرين ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص لتعزيز الاستقرار وتقوية صمود  المجتمعات الموزمبيقية المتضررة من التطرف العنيف والإرهاب ” وقد أشارموقع Africa Intelligence في 22 يوليو 2020 إلي أن شركة Crisis Response Co المورد الدفاعي ومقرها   ولاية Texan والتي تأسست بالفعل في جميع أنحاء القارة الأفريقية ، ستعزز قدراتها الاستخباراتية في موزمبيق نيابة عن واشنطن كما يواصل المقاول الخاص توسعه في غرب إفريقيا , ومن الواضح أن لا دعوة أمريكية لحكومة Maputo للتفاوض من أجل تهدئة مجتمع Cabo Delgado ولا حث لهذه الحكومة أو للحكومة الأمريكية لمحاولة إستكشاف أو التحقق من مطالبة سكان Cabo Delgado للحكومة بإتاحة نصيبهم في التنمية العادلة من عوائد البترول والغاز التي تدخل معظمها في جيوب شركات البترول الأمريكية والفرنسية وجيوب أصغر للفاسدين في نظام Maputo , والحكومة الأمريكية علي علم بالموقف التنموي الهش في Cabo Delgado بدليل أن السفارة الأمريكية في موزمبيق أعلنت عن تخصيص 42 مليون دولار لمشاريع التنمية الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية فيCabo Delgado استكمالاً لأولويات وكالة التنمية المتكاملة في الشمال (ADIN) وبالإضافة إلى ذلك ومن خلال الفرق الطبية المتنقلة الممولة من خلال خطة الطوارئ الرئاسية للإغاثة من الإيدز (PEPFAR) تستمرالخدمات الصحية المنقذة للحياة لأولئك الذين نزحوا بسبب العنف في شمال موزمبيق وهذه الجهود ، وغيرها جزء من 500 مليون دولار من المساعدات السنوية التي تقدمها حكومة الولايات المتحدة لموزمبيق  .

مُلاحظات بشأن الصراع في Cabo Delgado :

  • هناك بعض المُلاحظات التي يمكن قراءتها مما تقدم وتتعلق بتناول حكومة موزمبيق للصراع الدائر في Cabo Delgado  وبعض الأطراف الدولية والإتحاد الأفريقي وتجمع SADC منها :

(1) أن تسوية هذا الصراع ليس مرجعه في المقام الأول إفتقاد النظام القائم في موزمبيق للإرادة السياسية بل أفتقادة للشفافية فإستمرار موقف حكومة موزمبيق في إنكار حق سكان إقليم Cabo Delgado في التنمية وتناول الصراع من خلال إستخدام القوة المُسلحة فقط دون أي مؤشر علي إمكانية تناولها للصراع بالمفاوضات أو الحوار ولو حتي مع فصيل مُنشق كما فعلت الحكومة الأنجولية عندما وقعت علي مذكرة تفاهم بشأن المصالحة والسلام في كابيندا مع  Bento Bembeرئيس منتدي الحوار الكابيندي (وهو فصيل ضعيف مُنشق عن المعارضة السياسية والمُسلحة في كابيندا التي رفضت هذه المُذكرة) وتم التوقيع بمقاطعة Namib بجنوب أنجولا في أول أغسطس 2006, وتضمنت هذه المذكرة الإشارة إلي منح حكومة أنجولا حكم ذاتي ضيق للكابينديين , وهو مالم تُقدم عليه حكومة موزمبيق حتي الآن مع قادة العناصر المُسلحة في Cabo Delgado ومازالت علي إنكارها لنهج التفاوض أو الحوار بالرغم من تناقضه مع مجريات المشهد السياسي الدولي , وهذا الموقف من حكومة Maputo يُشير بل يؤكد أن إستمرار تمسك نظام  Maputoبالنهج العسكري في مواجهة المقاومة المُسلحة بالرغم من قدراته العسكرية المُتناقصة وعدم قدرة داعميه المختلفين (المُرتزقة الروس والجنوب أفريقيين أساساً) علي تحقيق نصر حاسم علي هؤلاء المُقاومون لن يؤدي إلي نتيجة إيجابية لطرفي أي صراع وها نحن نري الإنسحاب العسكري الأمريكي في أفغانستان بعد قتال دام 18 عاماً مع طالبان وإنهاء فرنسا لعملية العسكرية في شمال مالي المدعومة من بعثة الأمم المتحدة مُتعددة الجنسيات للإستقرارالمتكامل في مالي MINUSMA وقوة الساحل الخماسية G 5 Sahel وعملية Takuba للإتحاد الأاوروبي , ومع ذلك يتعامي رئيس موزمبيق Filipe Nyusi عن هذه الحقائق ويصر علي المضي قدماً في إستخدام الأدوات العسكرية في مواجهته للمقاومة المُسلحة في إقليم Cabo Delgado التي بدأت منذ أربع سنوات , وحتي يومنا هذا لم تظهر المقاومة المُسلحة بهذا الإقليم أي علامة على التبدد أو الضعف فمازالت الهجمات المُسلحة في الإقليم مُستمرة بوتيرة تصاعدية ضد قوات الجكومة الموزمبيقية , ويكشف هذا الموقف افتقار موزمبيق للندية العسكرية الكافية لمواجهة مُسلحي Cabo Delgado تماماً كحالة حكومة مالي وحدها وفي إطار مجموعة الساحل الخماسية (التي تضم النيجر وموريتانيا وبوركينافاسو ومالي وتشاد) في مواجهتها للمقاومة الإسلامية المُسلحة في شمالي مالي والنيجر بالرغم من الدعم الفرنسي العسكري والدبلوماسي الهائل لحكومات هذه الدول الخمس (ليس حفاظاً علي هذه الحكومات العميلة بل للحفاظ علي وتأمين المصالح الفرنسية بالمنطقة والتي هي السبب الرئيسي لمقاومة عدة تنظيمات معظمها إسلامي)  , كما يكشف عن الصعوبات التي تواجهها مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (Sadc) في صياغة استجابة إقليمية , ومما يسترعي النظر أنه بالرغم من أن هناك أساس قانوني يتمثل في المادة التأسيسية للاتحاد الأفريقي بالقانون رقم 4 (ي) التي تتيح للدول الأعضاء بمطالبة الاتحاد الأفريقي بالتدخل لاستعادة السلام والأمن إلا أن الرئيس الموزمبيقي Filipe Nyusi لم يوافق على اللجوء للإتحاد الأفريقي , رغم أنه لجأ لمجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (Sadc) التي مازالت تواجه صعوبة في تقرير مدي الإستجابة الإقليمية لتقديم الدعم لحكومة موزمبيق في مواجهتها لمسلحي في Cabo Delgado وقد عقد تجمع Sadc إجتماع في 8 أبريل 2021 والذي جاء في البيان الختامي لهذا الإجتماع : “إن الهجمات الشنيعة لا يمكن السماح لها بالاستمرار دون رد إقليمي متناسب” , ومما يُشير إلي عدم توفر إجماع من دول هذا التجمع علي التدخل العسكري الكامل والمباشر في موزمبيق أن البيان أشار إلي : ” قرر المجتمعون إصدار تكليف فوري بالنشر الفني لتجمع  Sadcفي موزمبيق , وطبعاً تشير عبارة “النشر الفني” إلي الطبيعة غير العسكرية أو شبه العسكرية التي يُزمع تجمع Sadc التدخل بها في الصراع الدائرفي Cabo Delgado , ومما قد يوضح قليلاً عدم توفر إجماع بشأن التدخل العسكري المباشر أنه تم تأجيل اجتماع متابعة كان من المقرر عقده في 28 و 29 أبريل بسبب عدم وجود اثنين من قادة الترويكا هما Cyril Ramaphosa رئيس جنوب إفريقيا و Mokgweetsi Masisi رئيس بوتسوانا , كذلك فقد صرح رئيس زيمبابوي Emmerson Mnangagwa الرئيس المنتهية ولايته لتجمع Sadc المعني بالسياسة والدفاع والتعاون الأمني ​​بعد اجتماع Sadc : “يجب إنعاش قوة Sadc وتزويدها بالقدرات على الفور” أي أن التجمع مازال بعد غير مُستعد للتدخل الكفء , بالرغم من أن هناك أنباء ترددت بقوة في نهاية شهر أبريل 2021عن إقتراح بعثة التقييم الفني لتجمع SADC المُكلفة من قبل قمة الترويكا المزدوجة لمجموعة SADC التي عقدت في Maputo في 8 أبريل 2021 وقامت هذه البعثة التي رأسها العميد البوتسواني MM Mukokomani وضمت خبراء من جنوب إفريقيا وأنجولا وبوتسوانا وملاوي وتنزانيا وزيمبابوي في مجالات الاستخبارات والعمليات العسكرية الجوية والبرية والبحرية والاتصالات واللوجستيات بزيارة موزمبيق ومقاطعة Cabo Delgado في الفترة من 15 إلى 21 أبريل 2021 وذلك عقب الهجوم الذي شنه مسلحي في 24 مارس 2021 وسيطروا فيه علي Palma  , وقد كُلفت هذه البعثة بتقييم المساعدة التي تحتاجها موزمبيق ميدانياً فأقترجت هذه البعثة بناء علي هذه الزيارة تشكيل قوة رد سريع قوامها 2916فرد يتمركزون في Cabo Delgado وتتضمن هذه القوة : ثلاث كتائب مشاة خفيفة قوام كل منها 630 جنديًا وسربان من القوات الخاصة قوام كل منهما 70 جنديًا وطائرتان هليكوبتر هجوميتان وطائرتان هليكوبتر مسلحتان و سفينتي خفر سطحيتين وغواصة واحدة و طائرة مراقبة بحرية بالإضافة إلى طائرات ومعدات وأفراد دعم لوجستي آخر لمواجهة “الجهاديين الموزمبيقيين” . (وكأنها حرب دينية بالرغم من كونها معارضة مُسلحة لسياسة الإهمال التنموي الحكومي لمنطقة  Cabo Delgado) وقد دعم هذا الإقتراح بقوة رئيس بوتسوانا Mokgweetsi Masisi خلال اجتماعات SADC يومي 28 و 29 أبريل في  Maputoعندما أشار أثناءها إلي أن علي تجمع SADC الإستجابة عسكرياً ولوجستياً  للوضع الأمني ​​في Cabo Delgado , وهو ما يؤيده فيه رئيس زيمبابوي Emmerson Mnangagwa الذي كان غير راضٍ عن البيان الرسمي الصادر عن هذه القمة فيما يتعلق بأزمة Cabo Delgado  فقد تقدم على نظرائه بإعلانه أن قوة تدخل المنظمة ستتدخل في الإقليم , ومن بين الأهداف الرئيسية لقوة SADC إن تم إقرارها استعادة مدينة Mocimboa da Praia الساحلية التي يسيطر عليها المُسلحون منذ أغسطس 2020 , ومع ذلك فمازال من المشكوك فيه موافقة الرئيس الموزمبيقي Nyusi علي تدخل هذه القوة المُقترحة في الصراع .

وعموماً ما زال من غير الواضح ما إذا كانت تجمع Sadc قد اقترح مساعدة عسكرية لموزمبيق من عدمه ؟ خاصة وأن موزمبيق لم تشأ بعد توجيه طلب لتجمع  Sadcللتدخل العسكريفي موزمبيق علماً بأن هذا التجمع تدخل سابقاً في حالة   جمهورية الكونجو الديمقراطية عام 1998 وحالة ليسوتو 1998 و2017 , وهناك في هذا الصدد ثمة مُلاحظة وهي أنه لابد هنا من التمييز بدقة ما بين علاقات الدول الأفريقية علي الصعيد الثنائي وعلاقاتها داخل التجمعات الإقليمية فبينما هناك تلكؤ جنوب أفريقي في توجيه دعم عسكري مباشر لموزمبيق من داخل تجمع Sadc خاصة وأن ميثاق الدفاع المتبادل الصادر عن تجمع Sadc ينص على أن “الهجوم المسلح على دولة طرف يعتبر تهديدًا للسلام والأمن الإقليميين ويجب مواجهة هذا الهجوم بعمل جماعي فوري” , وقد يُشير مصطلح “هجوم مسلح” في هذا الميثاق إلي حالة معينة – هجوم خارجي من دولة طرف غير عضو في تجمع Sadc وليس من جهة فاعلة غير حكومية مثل أنصار السنة التي تعمل على أراضي موزامبيق , ومع ذلك هناك من يري أن التدخل العسكري لتجمع  Sadc قد يكون بمثابة تفسير خاطئ جسيم لأحكامه ويكون أيضاً غير قانوني بموجب كل من القانون الدولي وقانون معاهدة  Sadc, علماً بأن موافقة مجلس الأمن الدولي ضرورية إذا قرر تجمع Sadc القيام بعمل عسكري دون موافقة موزمبيق فلا يمكنه ذلك إلا وفقًا للمادة 53 من ميثاق الأمم المتحدة , وقد وافق مجلس الأمن علي إرسال بعثة الأمم المتحدة في غينيا بيساو UNIGBIS وتنتهي ولايتها في ديسمبر 2020 من أجل حفظ السلام في غينيا بيساو التي تعاني من عدم إستقرار سياسي وأمني كحالة Cabo Delgado , وعلي أية حال فإذا استمرت موزمبيق في الامتناع عن موافقتها على الرد العسكري ، فقد يفكر تجمع Sadc في اللجوء إلى أحكام بروتوكوله بشأن السياسة والدفاع والتعاون الأمني , وربما لهذا السبب أو غيره صرحت وزيرة العلاقات الدولية لجنوب إفريقيا Naledi Pandor في سبتمبر 2020 بقولها أن بلادها ستقدم دعمًا عسكريًا وخدمات استخباراتية بناءً على طلب موزمبيق , لكن المثبر للدهشة أنه لم ترد دعوة من موزمبيق بهذا الشأن , كذلك هناك ثمة ترحيب من الإتحاد الأفريقي بالتدخل العسكري والمساهمة بقوة لحفظ السلام في مالي بالتضافر مع MINUSMA القوة الأممية هناك بل إن الإتحاد الأفريقي عين الأمين العام السابق لقوة الساحل الخماسيةG5 Sahel   ممُثلاً أعلي للإتحاد الأفريقي في مالي والساحل  , فيما يحجم الإتحاد الأفريقي تماماً عن أي تدخل في حالة الصراع في Cabo Delgado , إلا أن الرئيس Filipe Nyusi لم يتقدم بل لا يكترث بالإستعانة بالإتحاد الأفريقي فقد أكد مرارًا وتكرارًا على الوضع السيادي للبلاد  إذ أشار إلى أن  لموزمبيق وحدها أن تقرر شروط وأحكام أي مساعدة دولية قد تحتاجها كما أنه جدد هذا الرفض قبل يوم من اجتماع تجمع Sadc في 8 أبريل2021 عندما قال : “إن سيادة موزمبيق تمنعها من طلب المساعدة العسكرية ” , ولفرط تناقضه أنه طلب المساعدة العسكرية من شركات المُرتزقة ولم يطلبها من تجمع SADC ودوله كموزمبيق ذات سيادة ولديها إستعداد كامل للمساعدة , لكن من الواضح أن أجندة الرئيس الموزمبيقي  Filipe Nyusi مع شركات المُرتزقة , أي أنه فضل الإستمرار في معركة واضح أنها لن تُحسم كما لم تُحسم معركة فرنسا في شمالي مالي رغم القدرات المميزة للعسكرية الفرنسية علي مدي سنوات حيث تمركز 5100 عسكري فرنسي منذ 2013 لمواجهة المقاومة الإسلامية المُسلحة هناك بلا جدوي من خلال عمليتين عسكريتين مُتتابعتين هما عمليتي  Servalو Barkhane والتي أعلنت فرنسا عن إنهاءها بسبب شدة بأس المقاومة الإسلامية للفرنسيين بل ومن يساندهم من الأوروبين ودول مجموعة الساحل الخماسية العسكرية G 5 Sahel لذلك يُري إصرار الرئيس الموزمبيقي علي مواصلة معركة هو وقواته المُسلحة أضعف من أن يحققوا فيها أي درجة من درجات النجاح بدليل لجوءه لشركات المرتزقة الخاصة Wagner الروسية و Dyck الجنوب أفريقية , هذا بالإضافة إلي إلتماسه العون العسكري من الولايات المُتحدة والبرتغال ورواندا وفرنسا وربما غيرهم ومع ذلك يتذرع الرئيس الموزمبيقي بالسيادة وهو يرفض تدخل الإتحاد الأفريقي وتردده في طلب عون تجمع Sadc , وهذه المسألة المُثيرة للتساؤل في تقديري لا تتعلق بعدم توفر الإردة السياسية لدي رئيس موزمبيق بقدر ما تتعلق بمصلحة سياسية داخلية ما له  مُؤداها إستمرار هذا الوضع علي ماهو عليه وهو وضع خطر فقد  يكون إمتداداً للحرب الأهلية المُدمرة في موزمبيق  في الفترة من  1977-1992 بين حركتي FRELIMO و RENAMO .

إن الرئيس الموزمبيقي Filipe Nyusi الذي يتذرع بالسيادة الوطنية ليبرر بها ممانعته التدخل الخارجية من الإتحاد الأفريقي وربما تجمع SADC الذي تتمتع موزمبيق بعضويته لا يمكن أن يكون ذريعة منطقية خاصة وان هناك نزاعات وصراعات بدول أفريقية عديدة منها السودان ومالي وليبيريا وسيراليون والكونجو الديموقراطية وليسوتو قبلت أنظمة الحكم فيها بتدخل الأمم المتحدة والتجمعات الإقليمية مثل ECWAS و IGAD و SADC , ويثير قبول الرئيس الموزمبيقي بإشراك شركات خاصة لتوريد المرتزقة كشركتي Wagner  الروسية و Dyck الجنوب أفريقية إلي تناقض تام مع مبدأ السيادة الذي يتظاهر رئيس موزمبيق Filipe Nyusi بالتمسك به رغم أن تدخل دول ذات سيادة تشاركه موزمبيق في عضوية الإتحاد الأفريقي وتجمع SADC أدعي من الوجهتين السياسية والقانونية لتفضيل تدخلها , أما وأنه فضل التعامل مع شركتين خاصتين للمرتزقة فهو أمر يضع علامة إستفهام كبيرة علي شفافية الرئيس Filipe Nyusi فهل من السيادة في شيء إفتقاد الشفافية ؟

(2) خلافاً لحالة مالي أو بالأصح منطقة الساحل عموماً أحجم التجمع الإقتصادي لدول غرب أفريقيا ECOWAS المكون من 15 دولة عن التدخل لتسوية الصراع في شمالي مالي والنيجر بين المقاومة الإسلامية المُسلحة المناهضة والمُستهدفة للمصالح الفرنسية في المقام الأول ودول قوة الساحل الخماسية G5 Sahel وهي قوة عسكرية تساندها فرنسا بقوة صيانة لمصالحها بمنطقتي الساحل والصحراء ومعظم دولها منضوية تحت لواء فرنسا , ولم يُقدم التجمع الإقتصادي علي نشر قوة عسكرية كما فعل هذا التجمع في السابق في حالات ليبيريا وسيراليون والكونجو الديموقراطية وجامبيا وساحل العاج  , فقد إستأثرت الدبلوماسية الفرنسية بتناول الصراع في شمالي مالي والنيجر برمته ودفع بخمس دول بالساحل هي النيجر وتشاد ومالي وبوركينافاسو وموريتانيا لإقامة قوة الساحل الخماسية  G5 Sahelعام 2014 ونظمت الحكومة الفرنسية في سبيل إتمام ذلك مؤتمرات وإجتماعات في أماكن مختلفة لإستقطاب وحشد الدعم المالي والسياسي لهذه القوة , خلافاً لهذه الحالة نجد تجمع تنمية الجنوب الأفريقي SADC والمُكون من 16 دولة بهذه المنطقة لديه الرغبة والقدرة علي التدخل في الصراع الدائر بين حكومة Maputo والمقاومة المُسلحة بإقليم Cabo Delgado فقد سبق لتجمع SADC أن تدخل وبقوة وبسرعة في أزمة Lesotho في 11 سبتمبر 1998 بغزوها بعملية  Boleasالعسكرية التي وُصفت بأنها غزو لهذه الدولة الواقعة بداخل أراضي دولة جنوب أفريقيا , لكن الواقع أنه بالرغم من أن قمة الجهاز المعني بالسياسة والدفاع والأمن لتجمع SADC عُقدت في مايو ونوفمبر وديسمبر 2020 ، إلا أن تجمع  SADCامتنع أو لنقل مُنع عن اتخاذ أي إجراء في أزمة Cabo Delgado وتم تأجيل قمة أخرى كان من المقرر عقدها في أوائل عام 2021 في جنوب إفريقيا إلى أجل غير مسمى ومن المُلفت أن Verónica Macamo وزيرة خارجية موزمبيق صرحت بأن موزمبيق طلبت رسميًا من الاتحاد الأوروبي دعمًا لوجستيًا وتدريبًا متخصصًا لمكافحة واحتواء الوضع الأمني في Cabo Delgado كبعثته الحالية في الساحل , وقد أكد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي  Josep Borell استلام الطلب وقال إنه سيقيم الوسائل الممكنة لمساعدة موزمبيق وأن الوضع في  Cabo Delgado مقلق بشكل متزايد , ويزداد سوءًا في شمال موزمبيق , وهذا الطلب الموزمبيقي إنما يُؤكد أن هناك ممانعة موزمبيقية مبدأية في تولي الإتحاد الأفريقي و / أو تجمع SADC دوراً في الصراع في Cabo Delgado .

أكد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ، جوزيب بوريل ، استلام الوثيقة وقال إنه سيقيم الوسائل الممكنة لمساعدة موزمبيق., ومن ناحية أخرى قبلت موزمبيق عروضا من الولايات المتحدة والبرتغال للمساعدة فى تدريب القوات لمحاربة المتمردين كما ان زيمبابوي أرسلت بعض من جنودها إلى موزمبيق , مما قد يُشير إلي أن الرئيس الموزمبيقي لا يفضل بعد مواجهة صراعه مع مُسلحي Cabo Delgado تحت مظلة تجمع SADC مُكتفياً بالمرتزقة و بعض المُشاركات غير ذات التأثير من بعض الدول مثل الولايات المتحدة والبرتغال وزيمبابوي (لا تدخل صيني حتي الآن في هذا الصراع) .

هناك وجه للتشابه بين موقفي التجمع الإنمائي للجنوب الأفريقي SADC والتجمع الإقتصادي لدول غرب أفريقيا ECWAS فكلاهما لم ينخرط بعد في في الصراعين الدائرين في Cabinda و Cabo Delgadoولا الإتحاد الأفريقي فعل ذلك فهناك إصرار من حكومتي LUANDA و Maputo لإعتبار الصراعين شأناً داخلياً بحتاً وهو نوع من أنواع العمي السياسي , ومن الملفت للنظر أن نُلاحظ أن منظمة التعاون الإسلامي وهي منظمة كرتونية بلا قيمة تُذكر تتعامي عن معاناة وإلتماسات سكان Cabo Delgado المُسلمين ضحايا رصاص قوات موزمبيق المُسلحة وإفتراءات قطاع كبير من الإعلام الغربي , أما Cabinda فهي لا تختلف عن حالة Cabo Delgado في الإهمال السياسي لها من قبل الإتحاد الأفريقي (دعت منظمة العفو الدولية الاتحاد الأفريقي إلى إشراك نفسه والمساعدة في وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان) , كما أن من مجلس السلم والأمن  PSCالتابع للاتحاد الأفريقي لم يجتمع كما إجتمع عقب مصرع الرئيس التشادي إدريس دبي في 20 أبريل 2021في مواجهته للمعارضة التشادية المُسلحة في بلدة Kanem شمالي العاصمة ندجامينا , وكان إجتماع مجلس السلم والأمن لا لشيء إلا لإسباغ شرعية علي إستيلاء العسكريين علي السلطة فقط وليس لحماية الشعب من عواقب اللمواجهات المُسلحة المُحتملة بين الزمرة العسكرية التشادية بقيادة ابن الرئيس الصريع الجنرال محمد إدريس ديبي , كذلك هناك تقييد تجمع SADC حتي لا يتناول الصراع في Cabo Delgado , والواقع أن الإتحاد الأفريقي يأجهزته المختلفة يلتزم بمبدأ التبعية الذي يجبره على الإذعان لما تشير به المجموعات الاقتصادية الإقليمية الثمانية العاملة بالقارة الأفريقية في الاستجابة أو عدم الإستجابة للنزاعات الإقليمية  وهو وضع شاذ يمثل عثرة رئيسي في حل بعض النزاعات مع الجهود القارية , مع العلم أن هذه المجموعات / المنظمات الاقتصادية الإقليمية الثمانية هي نفسها مُقيدة أو حتي مشلولة الحركة في بعض الصراعات كالصراع الدائر في منطقتي الساحل والصحراء مثلاً , فالمنظمات الإقتصادية الثمانية (وهي سياسية بإمتياز) أثرها الضار أكبر من نفعها فهي ببساطة تكرار أو إزدواج Doublication لمهام الإتحاد الأفريقي .

هذا الوضع أدي في النهاية إلي ضجرالإستقلاليين الكابينديين من جراء ضعف وشلل الإتحاد الأفريقي الذي يجب أن تكون هناك فرصة لمساءلة قيادته عبر القارة عن إخفاقاتها بصرف النظر عن القضية المزمنة المتمثلة في سوء الحكم في القارة ذلك إن أحد المجالات التي تدل بوضوح على مثل هذا الفشل هو أنه بعد 18 عامًا من إقامة الإتحاد الأفريقي لا يمكن رؤية ما يسمى بالقوة الاحتياطية الأفريقية (ASF والتي بدأت في عام 2003 ضُخت من أجل إقامتها أموال طائلة بلا وجود حتي الآن) في أي الصراعات الأفريقية ومن بينها الصراعين الدائرين في موزمبيق وCabinda  بغض النظر عن إمتناع حكومتي Luanda و Maputo عن طلب تدخل الإتحاد الأفريقي من عدمه , كما أن تجمع SADC هو الآخر ممنوع من التدخل في الصراع في Cabinda أيضاً لدرجة أن جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC وحكومتها في المنفي طلبوا مؤخراً من جامعة الدول العربية قبول عضويتهم بها , مُتهمين منظمة الدول المُتحدثة بالبرتغالية CPLP بإهمال معاناتهم وعدوان حكومة أنجولا عليهم , وهو إتهام حقيقي فهذه المنظمة نظراً لعظم مصالحها مع حكومتي موزمبيق وأنجولا  تتعامي عن الصراع برمته في Cabinda و  Cabo Delgadoفهي تبخل حتي بمجرد المتابعة للصراعين في  Cabo Delgado و Cabinda وكلاهما بدولتين عضوان بهذه المنظمة , ولهذا دعت جبهة تحرير جيب كابيندا – القوات المسلحة لكابيندا (  إلى طلب عضوية جامعة الدول العربية بصفة عضو مراقب , وانتقدت FLEC جبهة في بيانها الصادر في مايو 2021الذي وقعه Jacinto António Télica أمين عام جبهة FLEC-FAC “الصمت” الأوروبي في مواجهة السياسات القمعية لأنجولا “, متهمة دول CPLP بالتواطؤ مع  Luanda , وناشدت الجبهة الدول الـ 22 الأعضاء في جامعة الدول العربية وكذلك الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية والملك محمد السادس للمغرب لوقف الاعتراف بسيادة أنجولا على  Cabindaوإظهار التضامن لدعم Cabinda سياسيا ومن ثم تدويل نضال Cabinda” , وكان أولي بمسلحي  Cabo Delgado  التوجه للجامعة العربية بطلب كهذا لولا أنهم أكثر يقيناً من أن الجامعة العربية منظمة كرتونية كمنظمة التعاون الإسلامي .

(3) من المُلاحظ أن للولايات المُتحدة إهتمام عسكري بالوضع في Cabo Delgado فكما أشرت قام السفيرالأمريكي Nathan A Sales (منسق لمكافحة الإرهاب والمبعوث الخاصًا للتحالف العالمي لهزيمة داعش ووكيل وزارة الخارجية بالإنابة للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان) بزيارة  Maputo موزمبيق بين 2 و 3 ديسمبر لتعزيز التزام حكومة الولايات المتحدة بدعم جهود موزمبيق لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف  , وخلال زيارته إلتقاه الرئيس الموزمبيقي  Filipe Nyusi ووزيرة الخارجية Veronica Macamo , وفي هذين اللقاءين شدد على الحاجة إلى التعاون الدولي لهزيمة الإرهابيين الذين يمارسون الوحشية وتهجير المدنيين في Cabo Delgado , وقال : “إن الولايات المتحدة مهتمة بشدة بالشراكة مع موزمبيق وتعميق صداقتنا بينما نواجه بشكل مشترك تحدي الإرهاب” , فيما صرح سفير الولايات المتحدة في موزمبيق Dennis W Hearne قائلاً : “إن حكومة الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع حكومة جمهورية موزمبيق – وكذلك مع شركاء التنمية الآخرين ومنظمات المجتمع المدني ، والقطاع الخاص – لتعزيز الاستقرار وتقوية الصمود. المجتمعات الموزمبيقية المتضررة من التطرف العنيف والإرهاب ” ويجدر بالذكر أن الوضع في Cabo Delegado وفقاً لموقع صوت أمريكا في 16 نوفمبر 2020تم تحليله في اجتماع إفتراضي للتحالف العالمي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في نوفمبر2020  نُوقش فيه الحرب ضد الدول الإسلامية في جميع أنحاء العالم ، وليس هناك إلا القليل مما كُشف عنه , كما نوقشت أيضاً إمكانية مساعدة موزمبيق على محاربة المتمردين وأحال الموقع علي صحيفة Washington Post إشارتها إلي أن”كيانات مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة أعربت عن قلقها بشأن العدد المتزايد (للمتمردين) وقدراتهم , وأن الكيانات الرسمية في الولايات المتحدة قالت إنها تبحث عن شراكات مع جنوب إفريقيا وتنزانيا ودول أخرى في المنطقة لمحاولة مساعدة موزمبيق في محاربة الجماعة ومنع المسلحين من اكتساب وجود أكبر في المنطقة ”  .

خصصت السفارة الأمريكية 42 مليون دولار لمشاريع التنمية الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية في Cabo Delgado استكمالاً لأولويات وكالة التنمية المتكاملة في الشمال (ADIN) بالإضافة إلى ذلك من خلال الفرق الطبية المتنقلة الممولة من خلال خطة الطوارئ الرئاسية للإغاثة من الإيدز (PEPFAR) ، تستمر الخدمات الصحية المنقذة للحياة لأولئك الذين نزحوا بسبب العنف في شمال موزمبيق هذه الجهود ، وغيرها ، هي جزء من 500 مليون دولار من المساعدات السنوية التي تقدمها حكومة الولايات المتحدة لموزمبيق , ولم تكتف الولايات المتحدة بهذا الدعم لحكومة موزمبيق بل تجاوزته وفقاً لبيان صدر عن السفارة الأمريكية   في Maputo في 15 مارس 2021 أشار إلي أن “قوات العمليات الخاصة الأمريكية ستدعم جهود موزمبيق لمنع انتشار الإرهاب والتطرف العنيف” , وبالفعل بدأ جنود القوات الخاصة الأمريكية تدريب القوات الموزمبيقية في مايو 2021 كجزء من محاولة لصد التمرد المنتشر في Cabo Delgado , لكن الولايات المتحدة التي لها مصالح بترولية منتظمة في إقليم Cabinda منذما قبل إستقلال أنجولا عن البرتغالي في نوفمبر 1975 إذ تقوم شركة Cabinda Gulf Oil Company التابعة لشركة Chevron في بنشاطي البحث والإنتاج البترولي بهذا الإقليم  وقد أعلن في 16 يونيو 2021 أن شركة Shelf Drilling حصلت على عقد مدته عام واحد لجهاز الحفر Shelf Drilling Tenacious مع شركة Cabinda Gulf ومن المتوقع أن يبدأ العقد في أنجولا في يناير 2022 , لذلك ولأسباب أخري لم تنخرط الولايات المتحدة في الصراع الدائر في Cabinda / أنجولا منذ تفجره في نوفمبر 1975 وحتي الآن , بل حافظت علي مسافة بينها وبين المعارضة السياسية والعسكرية الكابيندية , تقديراً منها لرغبة وإرادة الريس الأول لأنجولا Nito وخليفته Jose Edwardo Dos Santos اللذين حرصاً علي إبقاء هذا النزاع في إطاره الداخلي ولم يكن للولايات المتحدة ولا أي قوة غربية دور فيه , لكن من الواضح بصفة عامة أن موقف الولايات المتحدة من الصراع في Cabinda يتبني وجهة نظر الحكومة الأنجولية ومن ثم فالصراع لا يحتاج والحالة هذه لتدخل أمريكي أو دولي , بل إن الخارجية الأمريكية أصدرت خارجيتها تقريراً عن مركز حقوق الإنسان في أنجولا دافعت سفيرتها هناك عنه في تصريح لها نشرته الصحافة المحلية في Luanda في 21 مارس 2006 أشارت فيه إلي أنها تحدثت مع حاكم كابيندا –  حيث معظم إنتهاكات حقوق الإنسان –    وأنه أفادها بأنهم في حاجة لتكوين كوادر في مجال التحقيق الجنائي وأنه وفي هذا الإطار سيتوجه شرطيون أنجوليون لبتسوانا للتأهيل في هذا الشأن , وأضافت السفيرة في موضع آخر أن هناك تحسناً في مركز حقوق الإنسان في أنجولا وأشارت إلي إجازة الحكومة الأنجولية لمعاهدتين ضد الفساد كدليل علي ذلك التحسن , ولهذا فالموقف الامريكي في حالة أنجولا / كابيندا يختلف عن الموقف الأمريكي في حالة موزمبيق , أما الموقف الفرنسي فمختلف عن الأمريكي , ففرنسا تستضيف علي أراضيها جمهوريةCabinda  في المنفي(نشر موقع Ibinda الكابيندي في 6 مارس 2006أن حكومة كابيندا في المنفي – المُعلنة من جانب واحد – تنوي تقديم ملف يتضمن إتهاماتها ضد حكومة لواندا للنائب العام للمحكمة الجنائية الدولية ) فعلاقات أنجولا بفرنسا شديدة التعقيد وحاول الرئيس ساركوزي فض الإشتباك فيها لكن يبدو أنه لم ينجح كما أعتقد هو .

(4) الإعلام الغربي له دور هدام في صناعة وتشكيل الأزمات وإستمرارها من خلال لي وأختزال وإجتزاء المفاهيم عن سياقها الأصلي , مما يُحقق تجريف وعي مُتلقي الرسائل الإعلامية عن الصراعات الجارية بما يخدم مصالح الدول والشركات متعددة / مُتعدية الجنسيات , ومن ثم يلزم الحذر عند تلقي مثل هذه الرسائل إذ من السخف ترويج معلومات عن من يقاومون الظلم والتمييز السلبي والإنكار بإعتبار أنهم إنما يفعلون ذلك من واقع التشدد والتطرف والتزمت أو الخيانة والتمرد ألخ , فالواقع يدل علي أن من يقاومون ظلم الحكومة الأنجولية في إقليم Cabinda شأنه كشأن مسلحي Cabo Delgado تماماً فهم مثلهم يقاومون ظلم حكومة Maputo في موزمبيق والفارق بينهما أن هؤلاء مسلمون والأخرون مسيحيون كاثوليك , غير أن الإعلام الغربي في حالة Cabinda وحالة Cabo Delgado يعبث بالحقائق الميدانية والمنشأ الأساسي للمقاومة في هذين الإقليمين بوازع ولمصحلة شركات أو تحالفات شركات البترول الدولية جذباً للتعاطف الغربي وكذلك تحريضاً للنوازع العقليات الصليبية بين بعض الساسة الغربيين وحتي الشرقيين الذين يتبنون منهج : “الإسلام هو العدو”  , لذلك نجد بعض مسئولي الإدارات الأمريكية يقول :” إن الجماعة / الجماعات المتمردة مرتبطة بالدولة الإسلامية , وفي الواقع أن من يقود هذا التمرد هم بعض المجرمين الموزمبيقيين الذين يأملون في السيطرة على الموارد الطبيعية الموجودة في المقاطعة ولذلك ليس من المستغرب أن تدور الحرب بالقرب من بعض أكبر احتياطيات الغاز في العالم ” *(“موقع taarifa.rw في 23 مايو 2012) , وهؤلاء وكثير من الإعلاميين غرباً وشرقاً وعرباً يُمعنون في تأليف سيناريوهات عن المقاومة المُسلحة في Cabo Delgado (التي لا يتابعها الإعلام العربي ولا يعرف عنها أي شيء) بوصفها جماعات إسلامية مُتطرفة ومُتشددة وكأن هؤلاء المقاومون إستيقظوا من نومهم لينتفضوا بلا سبب وهي لذلك سيناريوهات لا تتناول الظلم وتدني التنمية الذي يعاني منه طويلاً سكان Cabo Delgado وهذه هي الأسباب الحقيقية , لأن مثل هذه السيناريوهات في حالة موزمبيق مُؤسسة علي إستخلاصات غير نزيهة ولا موضوعية مبنية علي هوية مسلمي Cabo Delgado لا أكثر ولا أقل , فمثلاً عندما يروج الإعلام الغربي أن حركة الشباب هي التي تتكون منها معظم المقاومة المُسلحة في Cabo Delgado وأنها ظهرت للوجود حوالي عام 2007 فيCabo Delgado  التي تقطنها أغلبية مسلمة وأن حركة الشباب تلك التي ولدت من انقسام داخل المجلس الإسلامي الموزمبيقي (Cislamo) المعترف به من قبل الحكومة وأن من أفرادها دعاة وطلاب سلفيين وأنها تعارض الإسلام الصوفي المحلي وأنها مستوحاة بشكل خاص من النظريات الصارمة للكيني عبود روجوالذي قُتل في عام 2012 في Mombasa وأنهم أنشأوا مدارس قرآنية وبنوا مساجد , وأن هذه الحركة تؤكد تدريجياً سيطرتها على الأرض وأنها تنوي تطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق التي تسيطر عليها , نجد آخرين يُؤلفون سيناريو آخر عن هؤلاء المقاومون فيشير موقع موقع taarifa.rw في 23 مايو 2012 إلي أن هؤلاء المُسلحون هم أنصار السنة المعروفين أيضًا باسم الشباب ، وأهل السنة أوالسنة السواحيلية أوأهل السنة والجماعة وأنها جماعة إسلامية متشددة نشطة في مقاطعة Cabo Delgado بشمال موزمبيق , وأن اسم أنصار السنة مشابه لاسم جماعة متمردة سنية عراقية قاتلت القوات الأمريكية بين عامي 2003 و  2007 ويُطلق عليها السكان المحليون اسم “الشباب” لكنهم تنظيم منفصل عن حركة الشباب الصومالية  ادعى العراق والشام (داعش) والمراقبون الخارجيون يقولون أن جميع أو على الأقل فصائل أنصار السنة انضمت إلى ولاية وسط أفريقيا (ISCAP) التابعة للدولة الإسلامية , وبغض النظرعن ذلك لا يبدو أن داعش تسيطر فعليًا على المتمردين الموزمبيقيين على الرغم من وجود أدلة على أنها أرسلت مدربين لمساعدة التمرد , (لا يوجد اسم متفق عليه للمجموعة أو المجموعات المُقاومة المُسلحة فمازال الصحفيون والباحثون يُمنعون من الوصول إلى Cabo Delgado , ولذلك ليس من الواضح بعد ما إذا كان العنف الحالي هو عمل مجموعة فردية أو ما إذا كانت مجموعات متعددة قد تشكلت الآن في المنطقة مع استفادة جهات عنيفة أخرى من الفوضى لمتابعة أجنداتها) كما انه ومنذ منتصف عام 2018 يُزعم أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (ISIL) أصبح نشطًا في شمال موزمبيق أيضًا ، وأعلن عن هجومه الأول ضد قوات الأمن الموزمبيقية في يونيو 2019, وأن حدة الهجمات تصاعدت ففي النصف الأول من عام 2020 بلغ عدد الهجمات مل الهجمات التي نُفذت في عام 2019 بأكمله وفي الربع الأول من عام 2021 استولي مُسلحي Cabo Delgado على البلدات وشردوا أكثر من مليون شخص وقتلوا أكثر من خمسة آلاف  المدنيين (كل هذه الأعداد بيانات إعلامية غربية)  , وعلي أية حال يبقي لنا أن نتساءل لنقول : أيا ما كان أسم أو عنوان من يقاومون في Cabo Delgado ما الغريب المقاومة وما الغريب في رغبتهم في إعلان دولة بمنطقتهم مع إصرار حكومة Maputo إنكار حقهم في التنمية وتمييزهم تمييزاً سلبياً ؟ أليست جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC هدفها الأساسي هو الإستقلال عن أنجولا وأقاموا في سبيل ذلك حكومة منفي في باريس ؟ ما الغريب في ذلك أهو حلال علي ثوار Cabinda وحرام علي ثوار  Cabo Delgado , الذين يدفعهم لحمل السلاح والمقاومة المُسلحة شعورهم بالاستبعاد العرقي والاقتصادي والسياسي السائد في منطقتهم المحرومة من التنمية الغنية بموارد البترول والغاز الذي يدخل خزينة دولة موزمبيق , والسذاجة في هذا النوع من الترويج الإعلامي السطحي الملتوي للحقائق سببها أن الإعلام الغربي يتعامل من ناحية المبدأ مع حركات المقاومة في أرجاء العالم علي أسس تمييزية لأن معظم المنصات والشبكات الإعلامية إما ممولة من الشركات نتعددة الجنسيات أو هي ملكها مباشرة , والأمثلة لا حصر لها منها حالة تيمور الشرقية التي كان الإعلام الغربي فيها مفيد جداً ومحرض للساسة الغربيين وللأمم المتحدة (لدرجة أن كثير من وكالات وأجهزة الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بلغ من حماسها نشر بيانات خاطئة أو مُجتزأة عن الوضع في تيمور الشرقية) التي قاد المعارضة السياسية ضد الوجود الإندونيسي فيها كنيستها الكاثوليكية التي لعبت دورا هاما في حركة المقاومة وكانت بقيادة Archbishop Carlos Felipe Jiménez Belo الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 1996ونجحت كنيسة تيمور الشرقية جنباً إلي جنب مع المقاومة المُسلحة (كحالة Cabo Delgado تماماً) وبدعم من الفاتيكان والإعلام الغربي في النهاية في إستخلاص قرار من مجلس الأمن أدي لفصل تيمور الشرقية عن إندونيسيا , كذلك في حالة  Cabinda التي يقود القساوسة فيها وعلي رأسهم القس Congo والقس Tati والقس Pambo  المعارضة السياسية ضد الوجود العسكري الأنجولي في الإقليم , وقد إتخذت حكومة أنجولا عدة قرارات في مواجهتها للدور القيادي الذي تمارسه كنيسة  CABINDA المُتعاطفة مع المقاومة الكابيندية المُسلحة التي تقودها جبهة تحرير كابيندا FLEC في إطار الصراع الدائر بالإقليم , ومن بين هذه القرارات مثلاً إستصدارها لقرار في 11 فبراير 2006 من بابا الفاتيكان بتعيين Filomeno Vieira Dias مساعد أسقف LUANDA السابق أسقفاً لكنيسة CABINDA , لكنه وحتي مارس 2006 لم يستطع تسلم عمله هناك لرفض معظم رجال الدين بكنيسة كابيندا هذا التعيين علي أساس أنه ليس من CABINDA كما انه يمت بصلة قرابة لرئيس العسكري ومستشار الرئيس الأنجولي الجنرال Hélder “Kopelpipa” Vieira Dias , بل إن هؤلاء قاموا بالإعتداء علي القس Eugenio Dal Corso (برتغالي) في يوليو 2006 مما حدا بالكنيسة إلي إيقافهم عن العمل , وظل الوضع كذلك إلي أن توصلت كنيسة LUANDA لإتفاق معهم يُعاد بموجبه فتح كنائس CABINDA لممارسة دورها لكن هذا الإتفاق لم يتضمن حل الخلاف بشأن تولي الأسقف الجديد عمله , مما عرض كنيسة CABINDA لإنقسامات أحاطت بها منذ 1975مما جعل من مهمة المؤتمر الكنسي لأنجولا وساوتومي وبرنسيب CEAST لرأب الصدع صعبة , خاصة مع إتخاذ الأسقف المُعين لقرارات إعتبرها معارضيه بالكنيسة تطهيراً عرقياً محضاً Purga Etnica ,  بل إن قادة كنيسة  CABINDAأسسوا عام 2003 منظمة Mpalabanda لمراقبة حقوق الإنسان داخل إقليم Cabinda الذي يتمركز داخله 35,000 جندي أنجولي للسيطرة علي هذا الإقليم الذي ينتج ثلثي إنتاج أنجولا من البترول (البالغ في المتوسط مليوني برميل/ يوم)  , كذلك يهتم الفاتيكان بالصراع في Cabo Delgado فقد ذكّر البابا Francis في رسالته بمناسبة عيد الفصح أوربا والعالم بألا ينسى الأزمات الإنسانية في بعض أجزاء آسيا وأفريقيا وخص بالذكر مقاطعة Cabo Delgado في موزمبيق , كذلك من بين رجال الدين المسيحي الذين تحدثوا عن هذا الصراع وحث الحكومة الموزمبيقية على الدفاع عن الشعب هو الأسقف Luiz Fernando Lisboa القائم علي أبرشية Pemba بمقاطعة Cabo Delgado والذي صرح في عدة مناسبات إلىVatican News وقال في إحداها ” إن الفقر في المنطقة هو أحد الأسباب المهمة التي تدفع بالشباب الموزمبيقيين المحبطين والضعفاء إلى أيدي الجماعات العنيفة بعض العصابات التي تدير المنطقة لها صلات بالمتطرفين الإسلاميين , في المقابل ، ويقال إن عصابات أخرى لها صلات بجماعات ومرتزقة في مناطق جمهورية الكونجو الديمقراطية المضطربة ولا أحدد يعرف بالتاكيد إذا ما كانت حكومة موزمبيق تعلمأم لا فهي لا تقول ذلك علناً , وأوضح بقوله : “إن العدو خفي لأن لا أحد يعرف على وجه التحديد من يقف وراء الهجمات أو الدوافع وراء بعض الأعمال الفظيعة التي شوهدت , العدو الخفي ليس له وجه ولا اقتراح ولا محاور حتي يمكن التحدث معه ” , ثم حذر الأسقف Fernando من النهج التبسيطي المتمثل في نبذ كل الهجمات على أنها من عمل المناضلين الإسلاميين  وأضاف : إن الشيء الواضح والملموس هو أن هناك غضب حقيقي وشراسة للعنف , وهو أمر مُؤسف لأنه على الرغم من تصاعد الهجمات المروعة فإن استجابة الحكومة المركزية في Maputo كانت غير مرضية ” .

لم نقرأ في معظم وسائل الإعلام الغربي أن المقاومة المُسلحة في تيمور الشرقية وفي إقليم  CABINDA مُضافاً إليهما كنيستي تيمورالشرقية و CABINDAمُؤلفة من جماعات مُتشددة / مُتطرفة / أصولية أو إرهابيين كما يحدث في حالة المقاومة المُسلحة ودعاة ووعاظ المساجد في Cabo Delgado الذين غالباً ما يصفهم الإعلام الغربي بسهولة وبدون أي تمحيص بالمُتشددين والمُتطرفين والإرهابيين لأنهم ببساطة مُستباحين , مع أن حق المقاومة مارسته مجموعات مُسلحة كثيرة جداً في العالم منها مثلاً الجيش الشعبي لتحرير جنوب السودان بقيادة جون جارانج والذي كان يُستقبل بإحترام وتقدير كبيرين في الولايات المتحدة والدول الغربية , فحق المقاومة مقصور علي غير المسلمين ولذلك نجد حق مُحرم علي سكان Cabo Delgado المسلمون , ثم إليس لهؤلاء الدعاة والطلاب المسلمون في Cabo Delgado نفس الدور الطبيعي الذي عليهم ممارسته لصالح رعاية حقوق مجتمعCabo Delgado كما يمارسه فسس Cabinda وتيمور الشرقية وغيرهما ؟ هل من المُتوقع أن يلتزم الدعاة وطلاب العلوم الإسلامية في Cabo Delgado الحياد في نزاع سببه حرمان أبناء مجتمعهم من نصيبهم العادل من موارد البترول والغاز والأحجار الكريمة(خاصة الياقوت) المُستخرج من إقليمهم Cabo Delgado لتنمية الإقليم ؟ ولو إلتزم هؤلاء دور الحياد فما قيمتهم أو فائدتهم لمجتمعهم ؟ , وهناك تطابق تام بين حالتي إقليمي Cabo Delgado في موزمبيق وفي أنجولا  Cabindaوفي تيمور الشرقية في أندونيسيا , وإذا ما أجرينا مُضاهاة بين حالتي  Cabo Delgadoو CABINDA وغيرهما فسنجد حكومتي أنجولا وموزمبيق يمارسان نفس الممارسات الخاطئة التي لا تُفضي إلي تسوية للصراع فكلاهما مُؤمن بأن إستخدام السلاح وقوي الأمن والكذب الإعلامي وسائل ناجعة لفرض الظلم علي أهالي هذين الإقليمين المُنتجين للبترول وكل هذه الوسائل لن تُؤدي إلا إلي إستمرار الصراع وبوتيرة مُتصاعدة , وربما كانت جريدة Mail and Guardian البريطانية الإستثناء الوحيد في الإعلام الغربي التي تبنت المنطق وهي تغطي الصراع الجاري في Cabo Delgado إذ أشارت إلي ما نصه بشأن هذا الصراع : ” عندما بدأت الانتفاضة في Cabo Delgado المقاطعة الواقعة في أقصى شمال موزمبيق في عام 2017 عندما شن مُسلحي Cabo Delgado (أو حركة الشباب)  في 5 أكتوبر 2017 أول هجوم لهم هاجموا فيه مراكز الشرطة في بلدة Mocímboa da Praia الساحلية بمقاطعة Cabo Delgado وكانت تلك بداية دائرة العنف المُستمر في التصاعد حتي يومنا هذا وفي هذا الهجوم استخدم المتمردون الأسلحة الوحيدة التي بحوزتهم : المناجل وقاموا بقطع رؤوس النخب المحلية التي اتهموها بالتحالف مع قادة جبهة تحرير موزمبيق الحاكمة Frelimo في سرقة الثروة المعدنية , ويُذكر أنه وقبل أربعين عامًا كانت هناك حرب أهلية أخرى في موزمبيق ارتكبت فيها المقاومة الوطنية الموزمبيقية (Renamo) فظائع مثل حرق الناس أحياء في الحافلات لكن Renamo تلقت تدريبات من قبل جيش الفصل العنصري الجنوب أفريقي وكثير من العناصر العسكرية لهذا الجيش كانوا أعضاء في الكنيسة الهولندية الإصلاحية التي كانت تدعم الفصل العنصري بشدة ومع ذلك وبغض النظر عن أن المدربين اعتقدوا أنهم كانوا يقومون بعمل الله للدفاع عن حكم البيض ومدى قسوة فظائع Renamo فإن أولئك الذين ارتكبوها لم تُطلق عليهم مطلقًا صفة : “الإرهابيين المسيحيين” , ومع ذلك فإننا نصر على تسمية المتمردين في  Cabo Delgado بأنهم “إرهابيون إسلاميون” , وليكن معلوماً أن التسميات مهمة لأنها تشكل الطريقة التي يُنظر بها إلى الحروب الأهليلة , والآن يقال إن حكومة موزمبيق تقاتل “الإسلاميين العالميين” ولا تحمي النخبة التي ترفض تقاسم ثروة الياقوت والمعادن والغاز مع سكان Cabo Delgadoوهكذا تشكل الملصقات (الإعلامية) كيف نرى الحرب ” . *(موقع Mail and Guardian في 29 /3/2021)

(5) يُلاحظ أن مقاطعتي  Cabo Delgadoو CABINDA غنيتين بالبترول والغاز الطبيعي وتعتمد علي عوائدها حكومتي موزمبيق وأنجولا بصفة رئسية , وللأسف بدلاً من توزيع هذه العوائد بشكل عادل ومنتج علي تنمية البلدين وبصفة خاصة هذين الإقليمين المُنتجين للبترول يُستقطع من هذه العوائد جزء كبيرنسبياً للصرف علي مشتريات السلاح لمواجهة التمرد / الإنتفاضة / الثورة المُسلحة في  Cabo Delgadoو CABINDA وهو نفس ما حدث في الحرب الأهلية الأنجولية (نوفمبر 1975 – أبريل 2002) حيث إستخدم طرفي هذه الحرب وهما حزب (حركة) MPLA الحاكم حتي الآن في أنجولا وحزب (حركة) UNITA عوائد البترول والألماس لمشتريات السلاح وهو نفس ما حدث في موزمبيق أيضاً بين RENAMO وFRELIMO   الحاكمة الآن , بل إن إستمرار المواجهة بين مُسلحي  Cabo DelgadoوحكومةMaputo  بالإضافة إلي كونها تخريب لإقتصاد موزمبيق فهذه المواجهات المُسلحة مُؤكد أنها شديدة الضرر من الوجهة الإنسانية , فوفقًا لمنظمة الأمم المتحدة الدولية للهجرة (IOM) كان أكثر من 17000 شخص يتنقلون منذ أحداث العنف التي وقعت في مارس 2021 ويمثل النساء والأطفال ما يقرب من 74 % من النازحين  , وقبل ذلك نزح ما يقرب من 670.000 – بما في ذلك حوالي 160.000 امرأة وفتاة مراهقة بالإضافة إلى 19.000 امرأة حامل – داخليًا في مقاطعات Cabo Delgado و  Niassa و Nampula حيث تعتمد الغالبية العظمى منهم على العائلات المضيفة التي تُستنفد مواردها الشحيحة و كما أن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) أشارت في 13 أبريل 2021إلي أن منطقة Cabo Delgado تواجه أزمة إنسانية “كبيرة من المحتمل أن تستمر طويلاً ” حيث نزح ما يقرب من ثلث سكانها  مما أدى إلى تفاقم الجوع وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض مميتة , والحقيقة أن من يتحمل مسؤليتة هذا الوضع غير الإنساني الطرفان وإن كان نصيب حكومة فيه أعلي وأكبر , إذ أنه بيدها – إن أرادت – المبادرة بإطلاق عملية سلام بدون شروط مُسبقة , وبالإضافة إلي الكارثة الإنسانية والإجتماعية في  Cabo Delgado , هناك كارثة أخري تصيب الإقتصادي الموزمبيقي المُعتمد علي موارد البترول والغاز المُستخرجين من Cabo Delgado , فقطاع البترول المُدر للعوائد من العملة الصعبة مُهدد بالشلل وهو قطاع متوطن في  Cabo Delgadoالتي تعد واحدة من أفقر مناطق موزمبيق تربتها خصيبة وبها رواسب هيدروكربونية عملاقة تم إكتشافها في العقد الأول من القرن الحالي وقد جذب بترول Cabo Delgado شركات بترول دولية اهمها شركة Exxon Mobil الأمريكية وهي تعمل حالياُ بمشروع Rovuma LNG و شركة Total الفرنسية التي استثمرت 23 مليار دولار في مشروعها للغاز المسال في عام 2019 , لكن تصاعد الهجمات الجهادية في ديسمبر 2020 أجبر مجموعة  Totalالفرنسية على وقف العمل الذي بدأ في شبه جزيرة Afungi على بعد 10 كيلومترات من Palma بمقاطعة Cabo Delgado , كذلك تعرضت بلدة Mosimboa de Praia بشمال موزمبيق في 23 مارس2021 لهجوم عنيف من قبل جماعة مسلحة جهادية – اوهذه البلدة الساحلية قريبة من مشروع غاز مُسال قيد التطوير ومن المقررأن تبلغ عوائده عشرات المليارات من الدولارات , كما أن مجموعة Total الفرنسية حصلت في 24 مارس 2021 على ضمانات من Maputo تتعلق بأمن الموقع بناء عليها قررت إعادة إطلاق نشاطها , لكن بعد ساعات قليلة شنت “حركة الشباب” الموزمبيقية هجومها علي ميناء Palma الاستراتيجي القريب من تنزانيا واستولت عليه فيما يُعتبر نقطة تحول غير مسبوقة في الصراع , وفي أبريل 2021 تسبب التمرد الجهادي في منطقة Cabo Delgado الكبرى في خسارة موزمبيق عقدًا مهمًا مع شركة Total وهو ما قد يؤدي إلى تقويض حكم رئيس الدولة الذي قطع علي نفسه أمام الشعب وعدًا بتحقيق مكاسب مالية غير متوقعة قدرها 2 مليار دولار أمريكي سنويًا لخزينة دولة موزمبيق عندما أعلن الرئيس Filipe Nyusi خلال خطاب تنصيبه لولاية ثانية في 15 يناير 2020  أن الفرصة “لإثبات أن موارد الطاقة يمكن أن تكون نعمة وليست نقمة” , فقد أصبحت هذه الأمنية  الآن مجرد سراب وزاد الطين بلة تعليق مجموعة Total في 26أبريل 2021مرة أخرى لمشروعها في موقع الغاز في Afungi شمال موزمبيق  .

التـــقـــديـــر :

سيظل الصراع دائراً بين نظام الرئيس الموزمبيقي Filipe Nyusi ومقاومة المسلمين المُسلحة بمقاطعة Cabo Delgado التي بغض النظر عن عنواين وأسماء جبهتها (أو جبهاتها) إلا أنها ناشئة عن إنكار حق سكان هذا الإقليم في التنمية رغم أن هذا الإقليم يُستخرج من أراضيه ومياهه علي المحيط الهندي البترول والغاز والأحجار الكريمة التي تمول خزانة دولة موزمبيق , وبالرغم من ذلك يصر الرئيس الموزمبيقي علي إستخدام الآلة العسكرية الموزمبيقية التي أستهلكتها الحرب الأهلية الموزمبيقية (نوفمبر 1975 – أبريل 2002) ويصر كذلك علي علي عدم إشراك الأمم المتحدة ولا الإتحاد الأفريقي بل ولا التجمع الإنمائي للجنوب الأفريقي SADC وموزمبيق أحد أعضاءه , وبالتالي فمن المُتوقع إتساع نطاق المقاومة المُسلحة في Cabo Delgado لتشمل مقاطعتي Niassa وNampula  فنظام الرئيس Nyusi يعتمد علي مُرتزقة من شركات أمريكية وجنوب أفريقية ربما لا تحقق الحسم في هذه المعركة لأن الحرمان من التنمية دافع عميق ودائم لدي المسلمين الذين يقاومون في Cabo Delgado أما مرتزقة Wagner الروسية و Dyck الجنوب أفريقية فهما وغيرهما في النهاية مجرد مُرتزقة لا قضية مُحددة لديهم ولايتعدي الدافع لديهم حدود ولائهم لموسكو ولإستراتيجية الكرملين تحديداً  , وربما قد يشجع مقاتلي Cabo Delgado نجاح مقاتلي الساحل الذين يُوصفون مثلهم بالجهاديين والمُتطرفين الإسلامين ألخ في إجبار فرنسا علي الإنسحاب من الساحل وإنهاء عملية Barkhane العسكرية بشمال مالي , والإقتصار علي عملية   TAKUBAوهي بعثة الإتحاد الأوروبي في الساحل مالي وهي في تقديري بعثة يُبالغ في جدواها فسوف تلقي مصير عملية Barkhane إن عاجلاً أو آجلاً , وذلك تحت وطأة شدة بأس المقاومة هناك وكذلك إنسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان المُقرر في سبتمبر القادم ,  وبالتالي فنجاح أو علي الأقل التأثير بالغ الخطورة لمقاومة مسلمي Cabo Delgado علي البنية البترولية التي تضخ عوائد لخزانة الدجولة الموزمبيقة سيظل قائماً بل وقد يضطرد , ويُتوقع كذلك في مقابل إقامة تحالف دولي لمقاومة ما يُسمي بالإهاب الإسلامي أو الجهاديين في Cabo Delgado والساحل وشرق أفريقيا أن ينشأ – إن لم يكن قد نشأ بالفعل – تحالف يضم وينسق ما بين هؤلاء الإرهابيين أو الجهاديين أو المُشددين الإسلاميين المُنتشرين في مناطق عدة بأفريقيا منها حوض بحيرة تشاد ومنطقة الساحل وليبيا والصومال , فالمواجهة بين التحالفين أسفرت عن تدافع عسكري شمل الجيوش الأجنبية والمرتزقة لكنها لم تحقق النتيجة المرجوة على مدى سنوات عديدة ولم تكسر ظهر من يسمون بالمتمردين حتي الآن , وآخر الأدلة علي ذلك أن قوة الساحل الخماسية G 5 Sahel التي دعمتها فرنسا دبلوماسياً ومالياً وعسكريا لم تحقق أي شيء ملموس وربما ستختفي إن تحقق الإنسحاب العسكري الفرنسي بصفة كاملة من منطقة الساحل – كما أعلن الرئيس الفرنسي –  , والواقع أن الرئيس الموزمبيقي شأنه شأن رؤسا دول مجموعة الساحل الخماسية والرئيس الأنجولي وآخرين مُغرمين بإسخدام جيوشهم وتوجيهها لنزاع مُستعر ومُشتعل بإضطراد لتفتيت أو صرف  الجيوش عن الإهتمامات الحقيقية  وخشية من إستخدام الجيش لسطوته في الإطاحة بهذا النظام المُنتخب أو ذاك بإنقلاب عسكري( من ستينات القرن الماضي وحتي 2004 أطاح 100 إنقلاب عسكري بأفريقيا بنظم قائمة دون حساب 27 محاولة إنقلاب فاشلة) , وللذلك كله فلا مناص إلا باللجوء للمنطق العملي والذي يُلزم هؤلاء بإتخاذ التنمية والحوكمة سبيلاً لحل هذه الصراعات وتوفير الأموال الطائلة التي تتدفق علي خزائن شركات السلاح الغربي والشرقي وشركات المُرتزقة – وتخصيصها للتنمية إن كان هؤلاء الحكام صادقين وهم ليسوا كذلك للأسف فهم مصلبون كما أشرت بالأمية والعمي السياسي بجانب ضعف تكوين ضميرهم الوطنية وقابليتهم الطبيعية للتبعية وحالة تعامل نظام الحكم القائم في موزمبيق في إدارة الصراع مع مسلمي  Cabo Delgado دليل قوي علي ذلك , فالرئيس الموزمبيقي   Filipe Nyusi في كلمة ألقاها أمام قمة إفتراضية لرؤساء دول وحكومات تجمع الدول المُتحدثة بالبرتغالية CPLP في 26 أبريل 2021 أكد أن البلاد تتمتع “باستقرار سياسي” وأن المؤسسات “تعمل بشكل طبيعي” أي أنه مازال في حالة إنكار , وبالتالي فهو غير مُستعد لا للحوار ولا للتفاوض مع من يواجههم ويوصمهم بقتل الأبرياء مع أن الولايات المتحدة أعظم وأقوي عسكريات عالمنا المُعاصر ذهبت وطلبت التفاوض مع طالبان للإنسحاب من أفغانستان .  هؤلاء الحكام الصغار صغار في كل شيء .

الـــــسفـــيـــر – بــــلال الـــمـــصـــري – الـــقاهــرة في 21 يونيو 2021 – المركز الديمقراطي العربي

5/5 - (4 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى