الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

التحديات التي تواجه روحاني ” تمثل تحدياً خطير” أمام الاحتجاجات الإيرانية

-المركز الديمقراطي العربي

في ظهور علني نادر، قال مدير جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) إن الاحتجاجات اندلعت بسبب فشل الرئيس حسن روحاني في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب لكنه أضاف أن من المستبعد أن تطيح بالمؤسسة الحاكمة.

وقال يوسي كوهين في مؤتمر بوزارة المالية في القدس ”لدينا أعين وآذان أيضا في إيران“. وأضاف ”ينبغي ألا يضع أحد آمالا عريضة، على الرغم من أنني سأكون سعيدا برؤية ثورة جادة“.

 قال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إن إيران أحبطت محاولات من أعدائها في الخارج لتحويل الاحتجاجات المشروعة إلى تمرد للإطاحة بالجمهورية الإسلامية.وقال على تويتر ”مرة أخرى تقول الأمة للولايات المتحدة وبريطانيا ومن يسعون للإطاحة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية من الخارج ’لقد فشلتم.. وستفشلون في المستقبل أيضا’“.

وقال خامنئي إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يسعى لجذب الأنظار عندما كتب تغريدة يدعم بها المحتجين قائلا إنهم يحاولون ”إبعاد حكومتهم الفاسدة“ وإنهم ”سيجدون دعما كبيرا من الولايات المتحدة في الوقت المناسب“.

وأضاف خامنئي على تويتر ”هذا الرجل الذي يجلس على رأس البيت الأبيض، رغم أنه غير متزن على الإطلاق فيما يبدو، عليه أن يدرك أن هذه المسرحيات المتطرفة والمضطربة لن تمر دون رد“.

وبالإضافة إلى واشنطن ولندن ألقى خامنئي باللوم في العنف على إسرائيل وجماعة مجاهدي خلق المعارضة ”وحكومة ثرية“ في الخليج في إشارة إلى السعودية منافس إيران على النفوذ في المنطقة.

قال الرئيس الايراني حسن روحاني”ان امريكا فقدت خلال الايام الاخيرة مكانتها السياسية في مجلس الامن الدولي”.

وأشار الرئيس الايراني الى اخطاء الحكومة الامريكية الجديدة في مواجهة الشعب الايراني، قائلا، ان الحكومة الامريكية الجديدة تواجه الفشل في الطرق الخاطئة التي اختارتها لمواجهة الشعب الايراني.

واردف قائلا، ان امريكا فقدت خلال الايام الاخيرة مكانتها السياسية في مجلس الامن الدولي، هذا البلد يستغل عضويته الدائمة في مجلس الامن ويطلب عقد اجتماع طارىء، وفيه وجهت دول العالم صفعة لامريكا.

وشدد الرئيس الايراني على ان الشعب الايراني العظيم اجتاز بيقظة الطريق الذي كان يريده البعض للبلاد المضي فيه.

كما قال الرئيس الإيراني إن الاحتجاجات التي هزت إيران ليست موجهة إلى الاقتصاد فحسب، وذلك في تصريحات تشير إلى أنها تستهدف أساسا المحافظين المتزمتين الذين يعارضون خططه الرئيسية لتوسيع نطاق الحريات الفردية في الداخل وتعزيز الوفاق في الخارج.

خلال حملة إعادة انتخابه في عام 2017، صوّر حسن روحاني نفسه على أنه الأمل الأمثل لانتعاش إيران من الناحية الاقتصادية، مطلقاً شعارات على غرار “الحرية والأمن والسلام والتقدّم”، مع وعده بتعزيز “العدالة والإصلاحات”.

وحتى أنه هاجم «الحرس الثوري الإسلامي»، مدعياً أنه لا يمكن إدخال تحسينات إلا إذا امتنعت “الجماعات التي تحظى بدعم أمني وسياسي” عن التدخل في الاقتصاد.

غير أن أفعال الرئيس روحاني منذ ذلك الحين تشير إلى أنه لا يفي بوعوده الانتخابية. فعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، خفف من حدّة لهجته تجاه «الحرس الثوري»، ولم ينجح في تعيين نساء في حكومته، واختار الشخصية المثيرة للجدل منصور غلامي، رئيس جامعة سابق تربطه علاقات مع المعسكر المحافظ، وزيراً للعلوم – وهو منصب له قيمة كبيرة في أوساط الإصلاحيين نظراً إلى أنه يشرف على جامعات البلاد.

ونتيجةً لذلك، يقول “عومير كرمي” تعرض روحاني لوابل من الانتقادات القاسية من قبل شخصيات إصلاحية بارزة بسبب “انتقاله إلى اليمين” ضمن الخريطة السياسية .

ويضيف ، فإن المظاهرات الحالية تمثل تحدياً خطيراً لروحاني. فقد هتف بعض المتظاهرين شعارات مباشرة ضده، وحتى دعوا إلى موته. وبشكل عام، ركزوا مظاهراتهم على الفساد والفقر، وهما قضيتان وعد روحاني بالتخفيف من وطأتهما خلال حملته الانتخابية.

في صيف عام 1999، واجه النظام الإيراني احتجاجات واسعة النطاق بعد إغلاق صحيفة إصلاحية كانت قد انتقدت القيادة الإيرانية بسبب قضايا تتعلق بحقوق الإنسان. وكان المتظاهرون عموماً من طلاب الطبقة الوسطى ذوي التوجه الإصلاحي؛ وقد شملت جهودهم – في نطاق تسليطهم الضوء على غياب الحريات الأساسية في إيران، الهتاف بشعارات مناهضة للمرشد الأعلى علي خامنئي.

ورد النظام بقسوة، الأمر الذي أسفر عن مقتل ستة طلاب واحتجاز أكثر من ألف آخرين خلال ستة أيام فقط.

وفي ذلك الوقت، كان روحاني يشغل منصب الأمين العام لـ “المجلس الأعلى للأمن القومي”، التي هي جهة فاعلة رئيسية في المؤسسة الأمنية الإيرانية، لذلك يُفترض أن يكون قد اضطلع بدور في عملية صنع القرار التي أدت إلى شنّ حملة القمع.

وفي يوم انتهاء الاحتجاجات، خاطب حشداً موالياً للنظام واتهم المتظاهرين بأنهم يخدمون “مخططاً أجنبياً” يهدف إلى إسقاط النظام. وبعباراته، “أطلق العدو هجوماً على الحجر الأساس للهيكل الأبوي للثورة…واستهدف الحرمة المقدسة لـ «ولاية الفقيه»”.

وبعد ذلك، ادعى أن الإساءة إلى هذا المبدأ تُعتبر “إساءة للأمة بأسرها”، وحذر من أنه ستتمّ محاكمة المشاغبين المعتقلين باعتبارهم “أعداء الدولة” ومصدر “الفساد على الأرض” – وهما جريمتان عقوبتهما الإعدام. ووفقاً لبعض التقارير، أوضح روحاني لاحقاً أنه لم يكن أمامه أي خيار آخر لأنه كان في الحكومة في ذلك الوقت.

ومن الأمثلة الأخرى على أفعاله خلال السنوات التي قضاها في المجلس، أصدر روحاني أوامر قضائية فرضت قيوداً على الصحف الإصلاحية واتخذ تدابير مختلفة للحدّ من انتقاد الشعب للنظام. ولدى سؤاله عن اعتماد هذه السياسات في عام 2002، قال إن هناك فرق بين “الحرية” و”الفوضى”، وشدّد على ضرورة تقيّد كافة الإيرانيين بالقانون.

وكّرر المنطق نفسه بعد سنوات عندما سُئل عن سبب صمته أثناء احتجاجات “الحركة الخضراء”، بقوله إن أولئك المتظاهرين ملزمون بالتصرف ضمن حدود القانون، وفي عام 2011 وصف الحركة بأنها “تحريضية”.

وحول معضلة روحاني أمام الاحتجاجات يقول “عومير كرمي” وهو زميل عسكري زائر سابق في معهد واشنطن:

منذ اندلاع الاحتجاجات الأخيرة، يبدو أن روحاني يتقيّد بنقاط النقاش التي يفرضها النظام. ففي خطاب مسجل أدلى به في 31 كانون الأول/ديسمبر، أشار إلى أن “المواطنين يتمتعون بكامل الحرية للانتقاد والتعبير عن احتجاجاتهم”، لكن فقط بطريقة “تؤدي إلى تحسين الحياة العامة والوضع في البلاد”.

وكرر طريقة تفكيره الأساسية القائمة على “القانون والنظام” شارحاً أن الانتقاد “يختلف عن العنف”، وأنه يتوجب على الإيرانيين الساخطين إيجاد “وسيلة صحيحة وقانونية ومنطقية” للتعبير عن انتقاداتهم. وإلا سيكون المحتجون “زائفين” و”يرضون الأعداء” على حدّ قوله.

وحذا مستشارو روحاني حذوه من خلال الإشارة إلى احتمال إجراء إصلاحات محذرين في الوقت نفسه من أي محاولة لزعزعة الاستقرار في إيران. و نشر أحد المستشارين وهو حسام‌ الدین آشنا استطلاعاً على موقع “تويتر” سأل فيه العامة إذا كانوا مستعدين لوقف الاحتجاجات مقابل خطة عمل جديدة لتلبية مطالبهم (على الرغم من عدم موثوقية استطلاعات الرأي على الإنترنت، لا بد من الإشارة إلى أن ما يقرب من 60 في المائة من الناخبين البالغ عددهم 17,500  قد رفضوا الاقتراح).

 وبدوره، ذكر كبير مستشاري روحاني أكبر توركان أنه رغم ضرورة اتخاذ الحكومة خطوات فعلية لمحاربة الفساد، بذلت الولايات المتحدة وإسرائيل قصارى جهودهما “للاستفادة من الاحتجاجات”.

ومثل هذه الخطابات قد تجدي نفعاً لروحاني على المدى القصير، خاصةٍ إذا تراجعت وتيرة الاحتجاجات. ولكن إذا استمرت أو زادت حدّتها أو إذا اعتمد النظام رداً أكثر صرامةً، سيجد نفسه مجبراً على مواجهة معضلة. فمن جهة، هو رئيس إيران وبالتالي يحرص على عدم اتخاذ أي خطوات من شأنها زعزعة أسس حكومة البلاد.

وفي النهاية، فقد شكل جزءاً لا يتجزأ من الجمهورية الإسلامية منذ أيام آية الله روح الله الخميني حيث شغل منصب قائد القوات الجوية ونائب رئيس البرلمان، إضافةً إلى العديد من المناصب الرئيسية الأخرى. وهو يسعى في الدرجة الأولى إلى الحفاظ على المفاهيم والأهداف الأساسية للجمهورية الإسلامية، رغم أنه يسلك في بعض الأحيان مساراً أكثر واقعية من آخرين في النظام لتحقيق هذه الغاية.

ومن جهة أخرى، انتُخب روحاني استناداً إلى وعوده بالاعتدال والإصلاح والحفاظ على حقوق الإنسان، والأهم من ذلك تحقيق انتعاش اقتصادي. وقد اندلعت المعارضة الحالية في الشوارع إلى حد كبير بسبب عدم قدرته على الوفاء بهذا الوعد الأخير – وفي الواقع، قد يقول البعض إن التوقعات الكبيرة التي أطلقها هو ومستشاروه منذ إبرام الاتفاق النووي قد أصابت الشعب بخيبة أمل كبيرة. وبناءً على ذلك، إذا شنّ النظام حملات قمع بالقوة، وتجاوب معه روحاني، فمن المرجح أن يفقد بعض الدعم حتى في أوساط أبرز ناخبيه.

  • التشديد على المقايضة التي يواجهها روحاني

على الرغم من أن المرشد الأعلى يبقى صانع القرار النهائي في إيران، إلّا أنّه لا يزال بإمكان روحاني استخدام نفوذه المحدود للتأثير على حسابات خامنئي – لا سيما إذا ردد الشعب الإيراني رسائله، كما حصل على ما يبدو في المسألة النووية. وبغض النظر عن المنحى الذي ستتخذه الاحتجاجات، ستكون بمثابة جرس إنذار للرئيس.

وفي المرحلة المقبلة، قد يدرك أخيراً أن الاقتصاد بحاجة إلى إنعاش طارئ، وأن العجز عن تحقيق هذا الهدف سيطلق موجة جديدة من الاحتجاجات، قد تكون على الأرجح أكثر حدّةً من الجولة الحالية. وللمباشرة بعملية الانتعاش هذه، قد يقرر اتخاذ قرارات صارمة بشأن الإصلاحات الاقتصادية التي من شأنها أن تلحق الضرر بأبرز الجهات الفاعلة في النظام الإيراني.

كما قد يسعى روحاني إلى تحريك عجلة الاقتصاد من خلال جذب المزيد من الشركات والاستثمارات الأجنبية إلى إيران. ولكن ذلك قد يتطلب منه إدراك وجود تسوية بين أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط ورغبته في تحسين الاقتصاد.

ويمكن للمجتمع الدولي أن يدعم طريقة التفكير هذه من خلال التأكيد له – سواء في المجالس الخاصة أو العامة – على أن العديد من الشركات ستبقى مترددة حيال مزاولة الأعمال في طهران طالما تواصل سلوكها المؤذي في الخارج وتطويرها للصواريخ البالستية.

ووسط هتافات المتظاهرين الغاضبين، قد يتردد صدى هذه الرسالة بوضوح أكبر في أرجاء قاعات مقر الرئاسة أكثر من أي وقت مضى.

وبطبيعة الحال، قد يرفض خامنئي مع ذلك أي طلبات من روحاني حول التدخل في شؤون الدول الأخرى ومسألة الصواريخ. فالمرشد الأعلى متشدد شرس يؤمن بمفهوم “تصدير الثورة”، لذلك فحتى لو كان مقتنعاً بالسماح بإجراء إصلاحات اقتصادية (وهي خطوة لن يكون لها تأثير كبير إلا على المدى الطويل وليس على المدى القصير)، إلّا أنّه سوف يتردد في تقليص الدعم لشبكة الوكلاء الإيرانيين في الخارج.

وفي هذه الحالة، قد تساعد الضغوط الخارجية على إقناع روحاني بضرورة استخدام أدواته الرئاسية المحدودة لتقويض بعض أنشطة «الحرس الثوري» في المنطقة. وتشمل هذه الأدوات تقليص مخصصات ميزانية الدفاع، باستخدام سلطته على وزارة الدفاع لعرقلة التعاون مع «الحرس الثوري»، إضافةً إلى زيادة وتيرة انتقاده العلني من حين لآخر لهذا «الحرس».

ويختم “عومير كرمي” بأنه قد لا تغيّر هذه المقاربة بالكامل سلوك إيران في المنطقة، لكنها قد تتصدى لبعض الخطط التي ربما أعدّها قادة  «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» للشرق الأوسط.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى