الاجتماعية والثقافيةالبرامج والمنظومات الديمقراطيةالدراسات البحثية

أسباب قيام ثورات الربيع العربى

اعداد الباحثة: آية يوسف عبد السلام – المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة:

بعد عقود من السكون والجمود، وعلى غير المتوقع، إندلعت في أكثر من بلد عربي ثورات شعبية أسقطت أنظمة، وهزت عروش أنظمة أخرى، وخلقت واقعا جديدا على المستوى السياسي والإجتماعي لم تكن سرعة تشكّله وعمق تحولاته لتخطر على بال أكثر المراقبين تفاؤلا،ففي أواخر عام 2010 ومطلع 2011 اندلعت موجة عارمة من الثورات والإحتجاجات في مُختلف أنحاء الوطن العربي بدأت بمحمد البوعزيزي والثورة التونسية التي أطلقت وتيرة الشرارة في كثير من الأقطار العربية وعرفت تلك الفترة بربيع الثورات العربية. ومن أسباب قيام هذه الاحتجاجات المفاجئة انتشار الفساد والركود الاقتصاديّ وسوء الأحوال المَعيشية، إضافة إلى التضييق السياسيّ وسوء الأوضاع عموماً في البلاد العربية. (1)

وقد إنتشرت هذه الإحتجاجات بسرعة كبيرة في أغلب البلدان العربية، وقد تضمنت نشوب معارك بين قوات الأمن والمُتظاهرين ووصلت في بعض الأحيان إلى وقوع قتلى من المواطنين ورجال الأمن. وقد تميزت هذه الثورات بظهور هتاف عربيّ أصبح شهيراً في كل الدول العربية وهو: “الشعب يريد إسقاط النظام”.ولقد أثبتت الأحداث أن هذه الأنظمة غاية في الضعف والهشاشة، وتبين أنَّ العقلية البوليسية القمعية عاجزة عن ترويض الشعوب بشكل دائم، فحركة الشارع فاقت في قوتها وصلابتها وتجاوبها مع الأحداث قدرة الأنظمة والأجهزة الأمنية.(2)

وقد شكلت الثورات الشعبية العربية نقلة نوعية في أسلوب وتكتيكات الجماهير المطالبة بحقوقها، إذ أنه منذ العصور القديمة ارتبط مفهوم الثورة بالعنف والدماء، سواء من جانب الجموع الثائرة، أم من جانب السلطة الحاكمة، لكننا اليوم نشهد شكلا جديدا للثورات العربية، بعيدا عن أسلوب الانقلابات العسكرية، وبعيدا أيضا عن عنف الثوار تجاه السلطة , فعلى ما يبدو أن الجماهير العربية اختارت هذا الأسلوب الراقي بعد أن أيقنت أن الثورة السلمية أجدى من العنف العبثي .

وقد انخرطت كافة فئات وشرائح المجتمع في فعاليات الثورة منذ يومها الأول، صحيح أن فئة الشباب كان لها حضورا مميزا، إلا أن كافة أبناء الشعب كان لهم دورا هاما، وقد اختفت النـزعات الطائفية والقبلية والمناطقية، وحلت محلها روح التوحد والوحدة، وهذه هي المرة الأولى في التاريخ الحديث الذي يمثل الشعب العربي نفسه بنفسه، ساحباً البساط من تحت أقدام أولئك الذين حكموه طوال عقود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عبد الغنى سلامه,”عصر الثورات العربية الأسباب والتداعيات”,متاح على :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=254317
(2) أحمد بن عبدالرحمن الصويان, زمان الفرد يا فرعون ولى,متاح على:
http://albayan.co.uk/article.aspx?id=656
ودلت مجريات الأحداث أثناء الثورة وبعدها أن الجماهير المحتشدة في الساحات والميادين في المدن العربية هم في أغلبهم من الجيل الصاعد، ومن خارج التنظيمات السياسية، وأن مطالبهم واضحة ومحددة، جوهرها لا يدور حول أيديولوجية تدعي أنها الأفضل، كما لا تدور حول سلطة تريد الحلول مكان سلطة أخرى.
ولذلك يجب التوقف لمعرفة أسباب قيام هذه الثورات وخاصة ثورتى مصر وتونس والوقوف على الأسباب السياسية والإقتصادية والإجتماعية التى أدت إلى قيام الثورتين.
وتنبع أهمية هذه الدراسة من أنها تركز على معرفة الأسباب التى تؤدى بشكل عام إلى قيام الشعوب بالثورات,هذا بالإضافة إلى أنها تركز على الأسباب الخاصة بكل من مصر وتونس والتى أدت إلى قيام ثورتهما .
وتهدف هذه الدراسة إلى الوقوف على ماهية الثورات وماهى مراحلها وماهى القوى المحركة لها فى المجتمعات , ايضا تهدف إلى التعرض للأسباب السياسية والاقتصادية التى أدت إلى قيام ثورتى مصر وتونس.

وهناك دراسات تناولت هذا الموضوع ولكن نظرا لحداثته فإن الكتابات فيه لاتتعدى القليل من الكتب والمقالات فى الدوريات العلمية ,ويمكن تصنيف هذه الدرسات إلى ثلاث محاور :

المحور الأول: دراسات تناولت الثورات بشكل عام

1)الدراسة الأولى بعنوان “الظاهرة الثورية والثورة الإيرانية”.
وتقوم هذه الدراسة على تناول الغطار النظى للثورات والظاهرة الثورية ,وسمات المجتمع الثورى بالإضافة إلى عوامل تفجير الثورات حيث يسبق التفجير الثورى داخل المجتمع فترة مليئة بالتوترات والتفاعلات والتناقضات ,كذلك تتناول الجماعة الثورية كعامل نجاح للثورة ألى جانب تناولها لأدوات التغيير الثورى او بمعنى ادق العنصر الذى يرتبط توافره بزيادة إحتمالات قيام الثورة وبدونه يصعب بل قد يستحيل توقع نجاح اى عمل ثورى,كذلك تناولت الثورة الإيرانية كحالة للدراسة .(1)

2)الدراسة الثانية بعنوان “العرب وتحديات القرن: مطالع الثورة ومقدمات الربيع العربي”.
تناولت هذه الدراسة مقدمات الربيع العربى بشكل عام فى أكثر من دولة عربية حيث أن السماح بحراك المجتمع ومنظماته المدنية فى اى مستوى كان قد لا يغير الكثير إذا كان ذلك الحراك غير مرتبط بسياسة إيجابية وتفاعلية من جانب السلطة ، كذلك تناولت ثقافة العنف كأداة من أدوات التغيير والممارسات المرتبطة به حيث انه قد يجعل الحكومات والمجتمعات تتوجه الى معالجة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)باكينام رشاد الشرقاوى,”الظاهرة الثورية والثورة اللإيرانية”،رسالة ماجستير،كلية الأقتصاد والعلوم السياسية,جامعة القاهرة,1993.
وحل مشاكلها الداخلية بواسطة العنف الذى صار سلوكا عاما وحاضرا فى ممارسات الدول العربية حيال مواطنيها , كما يتناول الإصلاحات فى الدول العربية.(1)

المحور الثانى :درسات تناولت الثورة المصرية .

1)الدراسة الأولى بعنوان “الثورة المصرية نموذجا حضاريا”.
تناولت هذه الدراسة وقائع المشهد الثورى كمشهد حضارى وأن الثورات بصفة عامة وفقا للنماذج التاريخية الشهيرة هى نماذج صراعية تتسم بالعنف وإقصاء الاخر غير الثورى وتعكس منظورا واقعيا نفعيا ماديا استعلائيا من صميم النموذج المعرفى الوضعى المادى النفعى العلمانى, كذلك تناولت تحديات وقيود التغيير الحضارى فى مصر فعلى الرغم من ان ثورة ميدان التحرير قد أحيت الأمل من جديد وانه مازل فى مصر مخزون حضارى يكشف نفسه فى لحظات التغيير الجذرى إلا ان هناك مجموعة من العقبات والقيود التى تواجه التغيير الحضارى فى مصر.(2)

2)الدراسة الثانية بعنوان “ثورة 25 يناير : إنتفاضة شعب وسقوط فرعون”.
تتناول هذه الدراسة أحداث قيام ثورة الخامس والعشرون من يناير على انها انتفاضة شعب ثار على نظامه الذى استبده قرابه ثلاثين عاما عان فيها الشعب المصرى من سياسات تلك النظام سواء كانت هذه السياسات إقتصادية أو سياسية أو إجتماعية ,كذلك تداعيات هذا بالإضافة إلى تناولها عوامل الثورة المصرية .(3)

المحور الثالث:دراسات تناولت الثورة التونسية .

1)الدراسة الأولى بعنوان ” سقوط الدولة البوليسية في تونس”.
وتقوم الدراسة على دراسة النظام التونسي منذ عهد بن علي الذي اتى عن طريق الانقلاب الأبيض والفترة الأولى من عهده والتي تعتبرر إصلاحيات شكلية ثم تتطرق بعد ذلك إلى دخول النظام السياسي في مراحله المستبده ويعرض أشكال انواع الاستبداد داخل النظام التونسي في جميع المجالات وتحديدا مع الحركة الإسلامية ويتعرض ليكيفة تعامل النظام مع الحركة الإسلامية وابتاع سياسية التخويف والترعيب من الحركة الإسلامية وخاصة النهضة من رفض الاعتراف بها كحزب سياسي إلى فترة التسعينات التي يتعبر فيها المواجهة الحاسمة مع الحركة مع ربطها بالعنف السياسي الذي شب في تونس في تلك الفترة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)فايز سارة,”العرب وتحديات القرن: مطالع الثورة ومقدمات الربيع العربي”(القاهرة:دار الكتب،2011).
(2)نادية مصطفى,”الثورة المصرية نموذجا حضاريا”(القاهرة:مركز الحضارة للدراسات السياسية,2011).
(3)الحسينى معدى,”ثورة 25 يناير: انتفاضة شعبوسقوط الفرعون”(القاهرة,دارالخلود للتراث,2011).
وينتهي الكاتب إلى العوامل التي أدت إلى الثورة التونسية في يناير من 2011 لتنطلق من بعدها ثورات الربيع العربي بكل قوة .(1)

2)الدراسة الثانية بعنوان” محركات التغيير في العالم العربي”
تتناول هذه الدراسة حالة الاختناق السياسي الذي تشهده المنطقة العربيةوالذى أدى إلي ظهور عدد كبير من الحركات الاحتجاجية، بعضها ذات صبغة سياسية أو اجتماعية، وبعضها ذات صبغة دينية أو عرقية,وتتناول هذه الدراسة إلى تونس واليمن وليبا والبحرين كحالات دراسة , وتتناول أسباب الإحتجاجات فى تونس على الصيد الإقتصادى و الصعيد السياسي، حيث كان النظام السياسي في تونس من أكثر النظم استبدادا وانغلاقا في العالم العربي، بينما الشعب التونسي من أكثر الشعوب تجانسا وتعليما وتقدما، مما خلق فجوة كبيرة بين تطلعات الشعب وحقيقة النظام السياسي.وذلك ما دفع الشباب التونسي إلي اللجوء إلي العمل الاحتجاجي المباشر، وإلي الانقلاب علي النظام السياسي القائم، بدلا من السعي إلي التغيير من خلال قنوات المشاركة الفعالة .(2)
وتنهض هذه الدراسة على الأسلوب المقارن حيث سيتم تناول اسباب قيام ثورتى مصر وتونس بشكل مقارن.
وعلى هذا تنقسم الدراسة الى ثلاثة مباحث رئيسية .
حيث تقوم الدراسة فى المبحث الاول كإطار نظري لتاصيل مفهوم الثورات من حيث تعريفها ومراحلها وعوامل قيامها والقوى المحركة لهذه الثورات
بينما يعالج المبحث الثانى أسباب قيام ثورة الخامس والعشرون من يناير فى مصر حيث يشمل: أولا الأسباب السياسيةوالتى تشمل التوريث وغياب الديمقراطية وغيرها من الاسباب وثانيا الأسباب الإقتصادية والتى تتمثل فى سياسات النظام الحاكم سابقا والتى مثلت أسباب غير مباشرة وراء قيام تلك الثورة .
بينما يتناول المبحث الثالث أسباب قيام الثورة التونسية حيث يضم أولا الاسباب السياسية والتى تشمل إنتكاسة النفتاح الديمقراطى الذى حاول بنى على تنفيذه بالإضافة الى سياسات القمع التى انتهجها النظام ضد الشعب التونسى ,وثانيا الأسباب الإقتصادية بما تشمل من سياسات الخصصة التى اتبعها النظام السابق فى تونس والتى أدت الى قيام الثورة التونسية .ثم خاتمة للدراسة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)توفيق المديني,”سقوط الدولة البوليسية في تونس”( بيروت,الدرا العربية للعلوم ناشرون , 2011).
(2)دينا شحاته,”محركات التغيير في العالم العربي”,السياسة الدولية,مؤسسة الاهرام,العدد184,ابريل2011.

المبحث الأول:
الإطار النظرى: الثورات ومراحلها واسباب قيامها
قبل الخوض والتعمق فى دراسة ومعرفة أسباب قيام ثورتى مصر وتونس لابد من التعرف على ماهية الثورات وماذا تعنى ,وماهى القوى المحركة أو الدافعة لقيامها, وماهى المراحل التى تمر بها , وماهى العوامل والأسباب التى تؤدى إلى قيام الثورات بشكل عام .

ولذلك سيتم التعرض فى هذا المبحث للأتى:
• تعريف الثورات.
• القوى المحركة للثورات.
• مراحل الثورات.
• الأسباب التى تؤدى لقيام الثورات بشكل عام.

مقدمة :
تلعب الثورات دورا مهما فى حياة الامم وبالرغم من إرتباط العديد من الثثورات بقدر من العنف وبقدر اكبر من الفوضى قبل استقرار النظام الجديد ونجاحه النسبى أو المطلق فى تحقيق أهدافه , فإن الثورات من ناحية تحقق نقلة نوعية وكمية فى مجتمعاتها من حيث طبيعة العلاقات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية بما يهدف لإدماج أعداد أكبر من المواطنين فى تلك المنظومة من العلاقات .

ومن ناحية اخرى تعانى الأدبيات المرتبطة بدراسة الثورات من اتهامها بعدم القدرة على التنبؤ بحدوث الثورة فى مجتمع ما.

• تعريف الثورة:
تعددت التعريفات الخاصة بالثورة واختلفت فيما بينها على محاور التركيز والإنطلاق , فهناك من جعل استخدام العنف مكونا اساسيا من مكونات الثورة , واخرون ركزوا على نتائج العمل الثورى ودرجة مستوى التغيير المتحقق داخل المجتمع .

فهناك من يرى ان الثورة ” رفض للوضع القائم فهى تحرك السلوك السياسى وهى فعل إختيار ورفض من خلال عمل عنيف.”
وهناك من يرى أن الثورة ” تغير يتميز بالعنف كوسيلة ويهدف إلى اهداف عديدة محددة .”

ايضا الثورة هى ” هى التغيير الاساسى والسريع والداخلى والعنيف فى القيم والمبادىء المهيمنة داخل المجتمع وفى مؤسساته السياسية والهياكل الاجتماعية والعلاقات الاقتصادية والقيادة والنشاط الحكومى والسياسات أى انها إنهيار النظام الاجتماعى والاقتصادى والسياسى الموجود وسط محاولات لبناء وتكوين بديل اخر جديد .”(1)

ويتضح من هذه التعريفات للثورة ان هناك تركيز على العنف باعتباره سبب اساسى لقيام الثورات.
وهناك فريق اخر لا يعطى للعنف أهمية كبيرة فى قيام الثورات , فهم يروا ان الغنف بما يعنى من اعمال شغب واضطربات وتفجيرات وإغتيالات سياسية فهو فى حد ذاته لايشير الى قرب وقوع ثورة , فأكثر الردود شيوعا على الاضطربات الداخلية الخطيرة ليست الثورة على الاطلاق وإنما السيطرة العسكرية , ولكن من الممكن النظر إلى العنف باعتباره عرضا لتلاشى فاعلية وشرعية الحكومة , وعادة لا يتنج عن العنف شىء شرعى ذو أهمية كبيرة إذا اتجهت القيادة الى التهدئة والتعامل مع المشكلات التى كانت سسببا فى الاضطربات لكن إذا افتقدت الحكومة الحكمة وحاولت سحق وإسكات الساخطين فإنها قد تزيد الامر سوءا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)باكينام رشاد الشرقاوى,”الظاهرة الثورية والثورة اللإيرانية”،رسالة ماجستير،كلية الأقتصاد والعلوم السياسية,جامعة القاهرة,1993,ص ص1-2.
واعتقد ان ثورات الربيع العربى لم يمثل العنف بها مكونا اساسيا لقيامها وان هناك إتجاه سلمى ظهر للتعبير عن رفض السياسات والانظمة مثل الاحتجاجات السلمية والمظاهرات والاعتصامات .

إذن فيمكن التوصل الى تعريف شامل للثورة وهو:
” الثورة هى عملية تغيير سريع وجذرى للنظام السياسي ممايؤدى للإطاحة بالنظام القديم والنخبة التابعة له.”
وتجدر الإشارة هنا انه لابد من التفريق بين إنهيار النظام وإنهيار الدولة , حيث يثور تساؤلا هام وهو “هل من الممكن أن تؤدى الثورة إلى إنهيار النظام والدولة معا؟” خاصة وان هناك إتجاهين رئيسيين فى الأدبيات الخاصة بالثورات , حيث يرى الاتجاه الأول ان الثورة عملية تستهدف النظام السياسى دون ان تمس بالضرورة الدولة ذاتها , حيث من الممكن أن ينهار النظام السياسى دون ان تنهار الدولة ,كما أن انهيار الدولة ليس مرتبطا بالضرورة بالثورة.(1)
بينما يرى الإتجاه الثانى ان فكرة إنهيار الدولة مرتبطة بالثورة , فإنهيار الدولة القديمة هو المرحلة الأولى للثورة , والتى يتم خلالها تغيير النظام ككل ,وطرح أفكار جديدة حول الدولة ومؤسساتها الرئيسية . أى ان فكرة الدولة ذاتها وتعريفها من الناحية الايديولوجية والقومية تكون محط تغيير . وبالنظر الى الوضع فى مصر وتونس فأن الخط الفاصل بين النظام والدولة ضعيف جدا , والزخم الثورى ربا يؤدى إلى بدء إنهيار الدولة ذاتها.(2)

• القوى المحركة للثورات:
فى كل مكان تقريبا يوجد مفكرون ساخطون من الأوضاع القائمة , ذلك لانهم على درجة عالية من التعليم ويمتلكون افكارا متنوعة , بعضها ينطوى على قدر كبير من المثالية . إلى جانب ذلك عادة مايكون للوعاظ والمدرسين والمحامين والصحفيين وأخرين ممن يتعاملون مع الافكار حصة فى إنتقاد النظام . فإذا كان كل شىء يسير على مايرام فلن يكون هناك الكثير ليتحدثوا أو يكتبوا عنه.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن هؤلاء المفكرين نادرا مايكونون من الأثرياء . رغم أنهم أحيانا مايكونون ميسورى الحال , وربما يشعرون بالإستياء من الأفراد الأغنى منهم وليسوا بنفس درجة ذكائهم مثل رجال الاعمال والمسئولين الحكوميين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)إيمان احمد رجب,”المفاهيم الخاصة بتحليل انهيار النظم السياسية”,السياسة الدولية,مؤسسة الأهرام,العدد184,ابريل2011،ص10
(2)Baredine Arfi, “State Collapse in New Theoritical Framework :The
Case of Yugoslavia”, International Journal of Sociology, vol.28, No.3,Fall 1998,pp16-17
مثل هذه العوامل تجعل بعض المفكرين ليسوا جمعيا او حتى الغالبية يمليون إلى تطوير ماأطلق عليه جميس بيلينجيون ” عقيدة ثورية “, وهى تتمثل فى إمكانية ان يستبدل بالنظام الحالى نظام أخر أفضل منه . وطبقا لبيلينجتون , فإن الثورات تبدأ بهذا “الانفعال فى عقول الاشخاص “. فنادرا مايهتم العامة والعمال العاديون والمزارعون بالايديولوجيات المعنوية , إنما تتركز رغباتهم فى تحسن الظروف المادية . بعابرة أخرى تزود القناعات المثالية للمفكرين الحركات الثورية بالقوة التى تجمعهم معا , والأهداف التى يتوقون لتحقيقها وتوفر لهم القيادة.
ولكنى اعتقد أن القوى المحركة للثورة فى مصر وتونس تمثلت فى الطبقة الوسطى التى تتكون من أفراد الشعب الذين استطاعوا إدراك خطورة ماتمر به بلادهم من ظلم وإستبداد ونهب لثرواتهم واستطاعوا ايضا أن يشعروا بالفقراء وبما يعيشونه من قحط وذل وهوان , ايضا تمثلت القوى المحركة للثورة فى كلتا البلدين فى الشباب اللذين يتراوح اعمارهم مابين 15عام الى 34 عاما , ولكن هذا لايعنى ان الفاعل الاوحد والوحيد فى ثورتى مصر وتونس هم الشباب وإنما شاركت جميع طواءف الشعب ولكن تميز ظهور عنصر الشباب.
وبالتالى فإن القوى المحركة لثورتى مصر وتونس هى طبقة مثقفة على وعى ودراية بحقوقها فهذه الثورات لم تكن ثوررات جياع أو خارجين على القانون , وإنما ثورات شعب فاض به الكيل من حكامه المستبدين, ومن مايعيشه من فقر وكبت للحريات لذلك قام بثورته.(1)

• مراحل الثورات:
تمر ثورات الشعوب عادة بأربع مراحل مترابطة ومتداخلة وهذه المراحل هى :
– المرحلة الأولى : هي تمكن الثورة من تعطيل وظائف الدولة الإدارية والأمنية والسياسية وإحداث إخلال بالنظام العام وتوقف الحكومة عن فرض القانون وهيبة الدولة.
– المرحلة الثانية : هي مرحلة انتقالية تحاول فيها الثورة فرض سيطرتها وإدارتها لشؤون الدولة والمجتمع إلا أن هذه المرحلة تشهد شراسة القوى المضادة للثورة حيث تستخدم كل ما هو متاح وممكن للتخريب والتدمير وإثارة المشكلات الطائفية أو المذهبية.
– المرحلة الثالثة : فهي تمكن الثورة من تحقيق أهدافها تدريجيا والسيطرة على القوى المعادية للثورة والقدرة على تسيير شؤون الدولة المالية والاقتصادية والخدمية والأمنية والعلاقات الدولية والاستجابة لمطالب فئات الشعب المختلفة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)إيمان احمد رجب,مرجع سابق,ص11.
وفي هذه المرحلة تواجه الثورة ارث تاريخيا ضخما من المظالم في مجالات التأمينات والأجور والمشكلات الصحية والتعليمة والسكنية والفساد المالي والإداري وتشهد هذه المرحلة تجاذبا هاما بين أطراف قوى الثورة وبقايا النظام البائد حيث يترتب عليها مستقبل الثورة ونوعية الانجازات التي تحققها.
– المرحلة الرابعة : هي الإجابة عن سؤال المهام المباشرة أمام سلطة الثورة وكيفية المحافظة على ديمومة حراك الشعب منعا لانتكاسها أو هزيمتها, وتمكن قوى النظام البائد من تجديد ذاتها والعودة للسيطرة على مقاليد السلطة, كما تشهد هذه المرحلة حركة تنقلات بين تحالف قوى الثورة والانتقال من حالة التعاون إلى التنافس والصراع والى الخيار الصفري نتيجة السعي للحصول على النفوذ في الهيئات القيادية للمؤسسات المجتمعية المختلفة.
واهم الإجراءات السياسية والاقتصادية والإدراية التي يجب أن تتخذ لضمان تحقيق أهداف الثورة هو فرض مبادئ دستورية تؤدي لإنتخاب مجلس نيابي يمثل الشعب, يقر القوانين التي تكفل العدالة الاجتماعية والحريات العامة ,والتداول السلمي للسلطة , واتخاذ اجراءات قضائية لمعاقبة الفاسدين الذين استولوا على مقدرات الدولة والمجتمع ,ولا بد من القضاء على القاعدة الاقتصادية الاجتماعية لكبار الملاكين والرأسماليين الذين يستحوذون على النصيب الأكبر من عوائد العملية الإنتاجية فالثورة يجب أن تظل مستمرة ويجب الاحتكام لصناديق الاقتراع (انتخابات الرئيس،انتخابات البلديات،الانتخابات النيابية،انتخابات مؤسسات المجتمع المدني ).
ومن المتوقع أن تكون النتائج لصالح القوى التقليدية أو القوى الحزبية التي تمتلك قواعد قوية راسخة اجتماعية أو اقتصادية أو اغاثية مما يدفع قوى التجديد والتغيير وقوى الشباب إلى الوراء وذلك نتيجة طول فترة الدولة الأمنية التي أشاعت الفساد والجهل والتخلف والأمية مما يؤجج الصراع بين قوى الثورة الآن حيث تصبح قوى التضاد لاحقا فشعوبنا تحتاج لوقت طويل لكي تترسخ قيم الديمقراطية والتغيير والحريات العامة وحقوق الإنسان واحترام الرأي الآخر وانجاز انتخابات ديمقراطية نزيهة لكافة مؤسسات المجتمع والدولة ليرضى ويثق الجميع بنتائجها. (1)

• أسباب قيام الثورات.
هناك اسباب قد تؤدى لقيام الشعوب بالثورة علي الانظمةالحاكمة ورفضها ومن هذه الاسباب:

– غياب الإصلاحات:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عدنان الاسمر,”مراحل تطور الثورة”,متاح على:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=270239
عندما يصبح الفساد هو اساس الحكومات والسياسات وتتغيب الإصلاحات على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فقد يؤدى هذا إلى إثارة سخط الشعب وقيامه بالثورات ضد حكامه وفسادهم.
فتتحدث الأنظمة العربية جمهورية كانت أو ملكية عن الإصلاح السياسي وتوسيع قاعدة المشاركة وحماية حرية الرأي والتعبير لكن تلك الإصلاحات في احسن الأحوال تشبه النباتات الصحراوية التي تظهر بسرعة ثم تختفي ليحل محلها رمض الصحراء وسرابها. فقد شهدت دول مثل الجزائر والأردن واليمن ومصر البدء في تنفيذ اصلاحات سياسية طموحة مع بداية العقد الأخير من القرن العشرين أو حتى قبل ذلك التاريخ لكنها سرعان ما تراجعت كلية عن تلك الإصلاحات مع نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. وقد تطورت الأمور في دول مثل مصر وتونس بحيث ان أي إصلاح يتم الحديث عنه اصبح يعني المزيد من التضييق لدائرة السلطة والنفوذ.

– إنعدام الأمل في التغيير:
عندما ينعدم الأمل فى تغيير الأوضاع الفاسدة , والفساد الذى يستشرى كافة ارجاء الدولة فربما يكون ذلك سبب رئيسى لقيام الشعوب بالثورات شعورا منهم بانعدام الامل فى التغيير.
وقد اتفقت الكثير من الأنظمة الجمهورية في العالم العربي ومن ضمنها الأنظمة في تونس ومصر في انها وصلت الى مرحلة انسداد الأفق بالنسبة لعملية التغيير وبحيث تحولت تشوهات الأنظمة القائمة الى ثوابت وطنية يعاقب من يتجرأ على التفكير بالخروج عليها.
ومع أن بني البشر يميلون الى التغيير التدريجي لشئون حياتهم وليس الى الثورات الإ أن الأنظمة الاستبدادية التي تسد آفاق التغيير أمام الناس عن طريق الإقصاء والقمع والانتهاك المتكرر للحقوق لا تدع امام الناس من طريق آخر للتغيير سوى طريق الثورة.

– فساد الأوليجاركيات الحاكمة :
أن الأوليجاركية تعنى القلة التي تحكم لصالح نفسها وليس لصالح الشعوب وقد تطورت النظم الجمهورية الاستبدادية في العالم العربي إلىها. ضف الى ذلك أن تلك القلة ورغم الطبيعة الجمهورية للأنظمة قد قامت بشكل اساسي على علاقات القرابة والنسب. وأدى ظهور الأوليجاركية كجماعة من اللصوص لا هم لها الا الاستيلاء على الموارد العامة واحيانا الخاصة من جهة الى تضييق قاعدة الأنظمة وخصوصا بعد ان اصبحت تلك الأوليجاركيات تشمل بشكل اساسي الحاكم الفرد واسرته واقاربه,والى احتدم الصراع بين مكونات تلك الأوليجاركيات من جهة أخرى.(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عبد الله الفقيه,”أسباب الثورات في تونس ومصر واحتمالات انتقالها الى اليمن”,متاح على:
http://www.al-tagheer.com/arts7336.html
وقد أدى ذلك، مع ظهور التوريث كحل لأزمة انتقال السلطة في الجمهوريات العربية، الى جعل تلك الأوليجاركيات هدفا سهلا للثورات الشعبية.

– تدهور الأوضاع الإقتصادية :
إن انتشار الفقر وتدنى مستويات المعيشة وزيادة الفجوة بين الاغنياء والفقراء نتيجة لممارسات إحتكارية من الدولة واتباع النظام الحاكم فيها , بالاضافة الى تدهور الأوضاع الاجتماعية المترتبة على تدهور تلك الأوضاع الاقتصادية قد يؤدى إلى قيام الشعوب الثورة على تلك الأوضاع .

– نظرية الدومينو:
وهى نظرية تفترض وجود قوة خارجية قادرة على زعزعة حالة الاستقرار القائمة بين مجموعة متجاورة من الكيانات المنتظمة فى ترتيب معين , مشكلة ما , وتفترض أنه بمجرد نجاح تلك القوة فى زعزعة إستقرار أى من تلك الكيانات , تبدأ موجة من عدم الاستقرار تمس كل عنصر من عناصر النظام الواحد تلو الآخر , ولهذه الموجة سرعة فى الانتشار تتأثر بمدى توافر قدرة ذاتيه لدى العناصر التى تسقط أولا على تعزيز انتشار أثر الموجة . ومن شروط تحقق هذه النظرية أن تكون المسافة الفاصلة بين الكيانات المكونة للنظام متساوية , وأن تسقط بسرعة معينة , أون يكون لدى الكيانات المكونة للنظام استعدا للتأثر بالموجة .(1)
وتعلى هذه النظرية من اهمية العامل الخارجى لإحداث تغيير فى دولة ما , وقد استخدمت هذه النظرية فى مجال النظم السياسية المقارنة , وتوصلت الدراسات التى استخدمتها إلى ارتفاع أو انخفاض درجة الديمقراطية فى دولة معينة ينتشر ويعدى جيرانها من الدول . ومن ثم فإن التغير داخل دولة معينة يحدث تغيرا مماثلا فى الدول المجاورة لها مما يشبه أثر العدوى , وهذا ماحدث عندما قامت ثورة مصر وانتقلت أثارها كعدوة لمصر . (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)إيمان احمد رجب,مرجع سابق,ص15.
(2)Peter T. Lesson and Andrea M.Dean, “The Democratic Domino Theory:An Empirical Investigation”, American Journal of Political Science,(Vol.53,No.3)Jul.,2009

المبحث الثانى:
اسباب قيام ثورة 25 يناير2011
بدأت الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة التى شهدتها مصر فى يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير عام 2011 احتجاجاً على الأوضاع المعيشية ، والسياسية ، والاقتصادية السيئة، وما اعتبر فساداً فى ظل حكم الرئيس السابق محمد حسنى مبارك.
وكان للثورة التونسية الشعبية التى أطاحت بالرئيس التونسى زين العابدين بن على أثرٌ كبيرٌ فى تأجيج مشاعر الغضب الشعبى فى الشارع المصرى ضد استمرار النظام ، ومن خلال صفحة أو مجموعة “كلنا خالد سعيد” على موقع فيسبوك، تمت الدعوة لمظاهرات يوم الغضب .

وسنعرض فى هذا المبحث:
• اولا الأسباب السياسية الى أدت الى قيام ثورة 25 يناير .
• ثاينا الأسباب الإقتصادية والاجتماعية .

أولا الأسباب السياسية التى أدت إلى قيام ثورة 25 يناير
لقد عشنا على مرثلاتين عاما كانت فترة حكم الرئيس السابق حالة من الفساد السياسى ومن القهر والظلم والكبت للحريات , وهناك سياسات عانينا منها طوال الثلاثون عام السابقة تمثلت هذه السياسات فى الأسباب السياسية غير المباشرة التى أدت الى قيام ثورة 25 يناير , وهناك أحداث وقعت قبل الثورة بفترة قليلة مثلت الأسباب السياسية المباشرة لقيام الثورة .

1- الأسباب السياسية الغير مباشرة التى أدت إلى قيام الثورة.
تمثلت هذه الأسباب فى:
• قانون الطوارئ وانتهاك حقوق الإنسان والمواطن.
دأبت الحكومة على مد العمل بقانون الطوارئ , فكل عامين يأتي الموعد السنوي المحدد بتمديد حالة الطوارئ وتخرج مصر إلى الشوارع لتقول لا لمد حاله الطوارئ ومع ذلك يصر الرئيس و نظامه و مجلس شعبه على مخالفة رأى الشعب و تمديد حالة الطوارئ وكأن شعبا بأكمله لم يعترض أو لا وجود له. وربما يكون قانون الطوارئ هو السبب الأكبر لسخط الناس . فعلى أساس هذا القانون تتم الاعتقالات ويشعر المواطن المصري دائما بأنه تحت رحمة ضباط أمن الدولة ، و أباطرة الحكم .(1)
لقد عاشت مصر تحت قانون الطوارئ رقم 162 لعام 1958 منذ 1967 ، باستثناء فترة انقطاع لمدة 18 شهرا في أوائل الثمانينات , وبموجب هذا القانون توسعت سلطة الشرطة، وعلقت الحقوق الدستورية، وفرضت الرقابة . وقيد القانون بشدة أي نشاط سياسي غير حكومي مثل: تنظيم المظاهرات والتجمعات السياسية (غير المرخص بها)، وحظر رسميا أي تبرعات غير مسجلة . وبموجب هذا القانون احتجز كثير من المواطنين و لفترة غير محددة لسبب أو بدون سبب واضح ، وبمقتضى هذا القانون أيضا لا يمكن للمواطن الدفاع عن نفسه و تستطيع الحكومة أن تبقيه في السجن دون محاكمة.(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1)”أسباب ثورة 25 يناير”,متاح على:
http://www.sis.gov.eg/VR/reveulotion/html/2.htm
(2) وحيد عبد المجيد,”ثورة 25 يناير: قراءة أولى”(القاهرة: مركز الاهرام للنشر والتوزيع،2011)ص57.
وقد عملت الحكومة على بقاء قانون الطوارئ بحجة الأمن القومي ، واستمرت الحكومة في إدعائها بأنه بدون قانون الطوارئ فإن جماعات المعارضة يمكن أن يصلوا إلى السلطة في مصر أن هذا القانون يتعارض مع مبادئ وأسس الديمقراطية والتي تشمل حق المواطنين في محاكمة عادلة وحقهم في التصويت لصالح أي مرشح أو الطرف الذي يرونه مناسبا لخدمة بلدهم.

• ضعف الأحزاب السياسية و النقابات و منظمات المجتمع المدني و سيطرة الدولة عليها.
تعد الأحزاب السياسية الحقيقية خير معبر عن اتجاهات الرأي العام فالأحزاب السياسية تعمل جاهدة على تكوين قاعدة للمعلومات الصحيحة عن القضايا الجماهيرية المثارة , ولا شك أن تنافس الأحزاب السياسية يؤدى إلى كشف الحقائق حتى ولو حاول المسئولون إخفائها . و من ثم فان النظم السياسية التي لا تسمح بتكوين الأحزاب السياسية –أو تسمح بتكوين أحزاب صورية – تفقد كثيراً من حيويات و فعاليات المنافسة و بذلك يتكون فيها رأى عام مضلل أو مغرر به يكون في المحصلة النهائية و بالا على النظام السياسي نفسه , ورغم وجود عدد من الأحزاب لا يستهان به إلا أن جميعهم لم يسمع لهم صوت إلا القليل منهم وظل الحزب الوطنى الحاكم محتكر الحياة السياسية .(1)
وإذا كان للأحزاب السياسية هذا الدور المؤثر في تكوين الرأي العام و تحديد اتجاهاته فلا شك أن هناك منظمات أخرى لها تأثير كبير أيضا في تشكيل الرأي العام من بينها النقابات على شتى أنواعها و قد نالها الوهن هي الأخرى فالنقابات العمالية سيطرت عليها الحكومة و الحزب الحاكم بكافة الوسائل ،اما النقابات المهنية فقد أضعفها القانون رقم 100 لسنة 2000- الذى قضى بعدم دستوريته مؤخراً- كما أضعفها التشاحن بين قياداتها فتقلص أداء بعضها ووضع البعض الآخر تحت الحراسة و أصبحنا لا نسمع إلا صوت الحزب الوطني .(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)محمد عمارة, “ثورة 25 ينايروكسر حاجز الخوف” (القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر,2011)ص34.
(2)محمد المهدى,”عبقرية الثورة المصرية”(القاهرة:دار الشروق,2011)ص29.
و بعد الانتخابات الأخيرة لمجلسي الشعب والشورى و استبعاد القوى المعارضة مهما كانت شكلية أو رمزية تحولت مصر واقعيا إلى نظام الحزب الواحد. كما أصاب الضعف أيضا منظمات المجتمع المدني بالتضييق عليها ووصمها بالعمالة للخارج والحيلولة بينها و بين رصد الحقائق عن النظام السياسي المصري .
لقد قامت هذه الثورة بسبب انسداد القنوات الشرعية للتعبير عن الرأي الأمر الذي يعنى ببساطة أن أي غضب على أوضاع مصر لا مجال أمامه إلا أن تخرج الناس إلى الشارع للتعبير عن غضبها لان جميع آليات التعبير السياسي الفاعلة الأخرى لم تعد مجدية ، كل ذلك في ظل ثورة المعلومات ووسائل الاتصال التي أصبح بإمكان هذه الجماهير الغفيرة أن تجيش أعدادا هائلة من الشباب عن طريق” الفيس بوك” شبكة التواصل الاجتماعي ومن ثم أصبحت هي البديل عن الأحزاب السياسية وهى المكون الفاعل فى تكوين الرأي العام خاصة المنصف منهم . (1)

• التوريث.
يعد هذا السبب من أهم أسباب ثورة25 يناير2011 فلقد قامت هذه الثورة في وقت كان التحضير فيه لتوريث منصب رئاسة الجمهورية على قدم وساق والظروف كانت تنبئ بتمرير تلك الخطة ببساطة ويسر لكون مفاتيح التشريع مضمونة وكلها تدين بالولاء لأسرة الرئيس , فالأغلبية الكاسحة لمجلسى الشعب و الشورى بتكوينهما قبل الانتخابات بيد الحزب الوطني . والرأي العام العالمي يبدو انه لا يعارضه، إذن فقضية التوريث محسومة إلى حد كبير ولم يكن يبقى عليها سوى الخطوة الأخيرة و هي تعيين الابن رئيسا الجمهورية خلفا لوالده في انتخابات شكلية كتلك التي دأبت عليها مصر في الحقب الفائتة .(2)
وتمثلت المشكلة الأساسية فى رفض مشروع التوريث جماهيريا ومن النخبة المثقفة والمهتمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)حاتم محمد حسن،”الاسباب العشرة لقيام ثورة 25يناير”،متاح على:
http://zero10.net/2840353
(2) وحيدعبد المجيد,”نهاية الاهانة ثورة 25 يناير ضدالنظام الهش فى مصر”,السياسة الدولية,مؤسسة الأهرام,العدد 184,إبريل2011,ص20.
بالشأن العام بالإضافة إلى أن مشروع التوريث لا يلق ترحيبا من المؤسسة العسكرية لعلمها اليقيني بحالة الفساد المذهلة التي استشرت في جميع أوصال الوطن كناتج لتزاوج السلطة مع الثروة وهو إفراز طبيعي لوزارة غالبية وزرائها من رجال الأعمال قام رئيس لجنة السياسات بنفسه باختيارهم ووضع كل منهم في منصبه المناسب، فدانت له الحكومة باعتباره صاحب الفضل في اختيار معظم أعضائها.
وقد بدأ النظام المصري الحاكم يفقد توازنه ورشده حينما تم تفويض الكثيرمن صلاحيات الرئيس إلى أمانة السياسات بالحزب الوطني التي يقف على قمتها نجل الرئيس.وقد زاد الأمر سوءً، تنامي خطة توريث الحكم وما تطلبه من تعديل دستور 1971 مرتين الأولى في سنة 2005 بتعديل المادة 76 ووضع شروط تعجيزية ، تحول دون منافسة أحد لأبن الرئيس في تولى رئاسة الجمهورية ، والثانية في سنة 2007 لإلغاء الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات بما يمكن النظام من التحكم في الانتخابات التشريعية وهو ما أدى إلى تزوير الانتخابات التشريعية الأخيرة بشكل فاضح افقد المواطنين الثقة في جدوى إبداء رأيهم في الانتخابات و قاد المجتمع إلى مجالس نيابية لا تمثل إرادة المواطنين وإنما تحقق رغبة النظام و تضعف رقابته على الحكومة .

• شخصنة الدولة.
يعطى دستور 1971 رئيس الجمهورية سلطات واسعة و فضفاضة أدت إلى ضعف سائر سلطات الدولة أمام الرئيس ، بل وألقت عليه أمام الرأي العام عبأ مضاعفا بحيث بدا كأنه الأمر الناهي الذى بيده وحده حل المشاكل التي عجزت الحكومة عن حلها فاختزلت مؤسسات الدولة فى شخصه اى تم شخصنة الدولة , وبالتالى إختزال كل مؤسسات وسلطات الدولة فى يد رئيس الجمهورية , كل هذه السلطات دون أن يقابلها أى مسئوليات.(1)
• الفساد السياسي و المـــالي.
أعلنت منظمة الشفافية الدولية و هي منظمة دولية لرصد جميع أنواع الفساد بما في ذلك الفساد السياسي مؤشر الفساد لسنة 2010و تبين أن مصر تحتل المرتبة 98 من أصل 178 بلدا مدرجا في التقرير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) خالد السيد محمد,”ثورة 25 يناير”(القاهرة: دار النهضة المصرية,2011)ص126.
وبحلول أواخر 2010 كان حوالي 40 % من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر أي يعتمدون على دخل قومي يعادل حوالي 2 دولار في اليوم لكل فرد ويعتمد جزء كبير من السكان على السلع المدعومة.هذا باإضافة إلى إغتصاب أراضى الدولة وإحساس المصريين بأن أراضيهم قد تناهبها الانتهازيون والمحيطون بالنظام فلم يحدث في تاريخ الدول الحديثة من يشترى أراضى الدولة بأبخس الأثمان ليعيد تدويرها وبيعها بعد ذلك بأسبوع أو بشهر بثمن يعادل ألف ضعف إلا في مصر.

• تجاوزات الشرطة .
ففى ظل العمل بقانون الطوارئ عانى المواطن المصرى من انتهاكات كثيرة لحقوقه من جانب أفراد الشرطة ، جسدتها بوضوح حالات إلقاء القبض والحبس والقتل ، ومن أشهر هذه الحالات مقتل الشاب السكندرى خالد محمد سعيد الذى توفى على يد رجال الشرطة فى منطقة سيدى جابر فى السادس من يونيو عام 2010، بعد أن تم ضربه حتى الموت أمام عدد من شهود العيان، ووفاة شاب آخر هو السيد بلال أثناء احتجازه فى مباحث أمن الدولة بالإسكندرية، بعد تعذيبه فى أعقاب حادثة تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية.(1)

• التضليل الاعلامى
كان الإعلام الرسمي يروج لديمقراطية النظام الحاكم وانحيازه إلى الفقراء ومحدودي الدخل على الرغم مما يشهد به الواقع من مظاهر وإجراءات تقييد الحياة السياسية ، وتدهور في الحياة الاجتماعية .يضاف إلى ذلك ضعفه في الأداء المهني وإقصاء الكفاءات وذوى الرأي من العمل أو الظهور فيه لأسباب سياسية قد يكون أهمها أنهم لا يمالئون النظام و إختيار من يغالون في الثناء عليه و تمجيده مما افقده مصداقية واصبح عاجزا عن تكوين رأي عام صحيح .كما كان للإعلام الرسمي أثر في إذكاء الإنفلات الأمني ببث رسائل الفزع والتخويف ونشر حالة الذعر خاصة مع التعتيم الإعلامى على الأحداث وقطع الاتصالات ، لذلك يمكن القول أن أداء الإعلام القومي كان أحد العوامل التي ساعدت في إشعال نار السخط في صدور المصريين ضد نظام مبارك .(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)حاتم محمد حسن,مرجع سابق.
(2)ـــــــــــــــــــــــ, أسباب ثورة الغضب في مصر,متاح على:
http://misrstars.com/vb/showthread.php?t=282320

2- الأسباب السياسية المباشرة التى أدت إلى قيام الثورة.
وتمثلت فى الأتى:
• انتخابات مجلسى الشعب والشورى:
خلال العام الماضى ، وقبل فترة وجيزة من اندلاع الاحتجاجات فى مصر أجريت الانتخابات البرلمانية لمجلسى الشعب والشورى، والتى حصد فيها الحزب الوطنى ما يزيد عن 95% من مقاعد المجلسين, لاغياً بشكل كامل أى تمثيل للمعارضة ، وهو الأمر الذى أصاب المواطنين بالإحباط، ودفع قوى سياسية عدة لوصف هذه الانتخابات بأنها أسوأ انتخابات برلمانية فى التاريخ المصرى ، لتناقضها مع الواقع ، بالإضافة إلى انتهاك حقوق القضاء المصرى فى الإشراف عليها بعد أن أطاح النظام بأحكام القضاء فى عدم شرعية بعض الدوائر الانتخابية ، ومُنع الإخوان المسلمون من المشاركة فيها بشكل قانونى.

• مقتل الشاب خالد محمد سعيد:
تم قتل خالد محمد سعيد على يد رجال الشرطة فى منطقة سيدى جابر فى السادس من يونيو عام 2010، بعد أن تم ضربه حتى الموت أمام عدد من شهود العيان مماأثار غضب الشعب ودعا بعض الناشطين الشباب إلى إنشاء صفحة بأسم ” كلنا خالد سعيد” على موقع التواصل الإجتماعى والدعوة من خلالها إلى مظاهرات فى الخامس والعشرون من يناير عام 2011.

• تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية:

وهى العملية الإرهابية التى حدثت فى الإسكندرية فى أول أيام العام الجديد 2011، وسط الاحتفالات بعيد الميلاد للكنائس الشرقية ، وأسفرت عن وقوع 25 قتيلاً (بينهم مسلمين) كما أصيب نحو 97 شخصًا آخرين , وقد أثار هذا الحدث غضب الشعب المصرى بأكمله ليس فقط الاقباط .

• قيام الثورة الشعبية التونسية:
اندلعت الثورة الشعبية في تونس في 18 ديسمبر عام 2010 م احتجاجاً على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السيئة وتضامناً مع محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في نفسه, واستطاعت هذه الثورة في أقل من شهر الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي حكم البلاد لمدة 23 سنة بقبضةٍ حديدية. هذا النجاح الذي حققته الثورة الشعبية التونسية أظهر أن قوة الشعب العربي تكمن في تظاهره وخروجه إلى الشارع, كما أضاءت تلك الثورة الأمل لدى الشعب العربي بقدرته على تغيير الأنظمة الجاثمة عليه وتحقيق تطلعاته.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ـــــــــــــــ,”ثورة شباب 25 يناير في مصر -اهم الاسباب واهم النتائج-“,متاح على:
http://www.ansarh.cc/showthread.php?1723325
ثانيا الأسباب الإقتصادية والإجتماعية التى أدت الى قيام ثورة 25يناير.
لا شك أن الشعب المصري لم يتحرك بوحي من مطالب التغيير السياسي فقط ,فالبسطاء لا يولون اهتماما للتحول الديمقراطى أو التعددية الحزبية بقدر إهتمامه بلقمة العيش وتوفير قوت يومه له ولمن يعول لذلك كان شعار الثورة” عيش حرية عدالة إجتماعية ” , إوبالتالى فقد تحرك هذا الشعب بإلحاح من ظروفه المعيشية ووضعه الاقتصادي الصعب أيضا حيث أن هناك تنامي للفجوة بين الأغنياء و الفقراء على مر الثلاثين عاما خلال فترة حكم مبارك ويمكن القول ان هناك أسباب غير مباشرة وأسباب مباشرة لايمكن إغفال انها كانت بمثابة شرارة إشعال للثورة تراكمت اثارها فى نفوس افراد الشعب حتى جاءت اللحظة الحاسمة ليعبروا عن رفضهم لهذه الأوضاع , وإن كانت هذه الأوضاع لم تتغير كثيرا بعد الثورة ولكن ربما كانت نقطة البداية نحو عدالة اجتماعية وحياة كريمة للمواطنين.(1)

1- الأسباب الإقتصادية الغير مباشرة التى أدت إلى قيام الثورة .
تمثلت هذه الأسباب فى سياسة النظام السابق الاقتصادية والتى كانت لها انعكاساتها على الاوضاع الاجتماعية بالطبع من خلال زيادة إفقار طبقة وزيادة إغناء طبقة هى بالفعل غنية , وبالتالى ارتفاع معدل البطالة مابين أفراد الطبقة الفقيرة وإنتشار إرتكاب الجرائم للحصول على مالم توفره له الدولة والذى يمثل أبسط حقوقه فى الحياة .
وتعتبر سياسات التحول الانتقائي نحو اقتصاد السوق الرأسمالي في عهد الرئيس السابق والتى أخذت ما يلائم الطبقة الحاكمة، دون أن تأخذ بباقى عناصر نظام اقتصاد السوق الرأسمالي والتي تشكلت تحت ضغوط تاريخية من الشعوب، بالذات ما يتعلق بالحريات الديموقراطية وتداول السلطة والمساواة بين الجميع أمام القانون، وإعادة توزيع الدخل من خلال نظام ضريبي تصاعدي، ونظام فعال للدعم، وتحسين أحوال الفقراء والعاطلين, وعلى الرغم من كل هذه الاسباب الاقتصادية غلا انه لايمكن إهمال دورالبعد الثقافى فى قيام الثورة .(2)
وتعتبر هذه السياسات هي الإطار العام للنظام الاقتصادي في عهد الرئيس السابق,ويتشكل الجانب الأعظم منها من السياسات التى طلبتها أو أملتها الدول الدائنة وصندوق النقد والبنك الدوليان على النظام الحاكم في مصر بعد أن كبل مصر بديون خارجية هائلة بلغت نحو 50 مليار دولار في عام 1988 حسب بيانات البنك الدولي,ولم يتمكن من التخلص منها إلا بمقايضة تلك الديون بموقف الحكومة المصرية السابقة المشارك في التحالف المضاد للعراق في حرب عام 1991. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)امال الزيات,”ثورة يناير بريئة من تدهور الأوضاع الاقتصادية”,متاح على:
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=794616&eid=104
(2)احمد خميس كامل,”المؤثرات الثقافية:” ندوة ” قراءة في مسارات ثورة يناير وخرائطها المعرفية بعد عام ونصف عام”,متاح على:
http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/6/51/2467
وأيضا بتطبيق أغلب ما طلبته الدول الدائنة من سياسات اقتصادية وعلى رأسها بيع القطاع العام للرأسماليين المحليين والأجانب في صفقات فاسدة بصورة مروعة في غالبيتها الساحقة، بغض النظر عن ملائمة تلك السياسات لمتطلبات التنمية في مصر.وزاد على ذلك ضعف كفاءة وفساد التطبيق لتلك السياسات التي كان من الممكن أن تنتج وضعا أفضل بكثير لو كان هناك نظام سياسي-اقتصادى أعلى كفاءة وشفافية وأقل فسادًا.
وإذا كان تقليص دور الدولة بكل ما يعنيه من خروجها من عمليات الاستثمار المباشر في الصناعة والزراعة، والاكتفاء بتطوير البنية الأساسية، وتحرير سعر وسوق الصرف، وخصخصة القطاع العام، هي الملامح الرئيسية للسياسات الاقتصادية لنظام مبارك ، فإن القوانين والقرارات الاقتصادية التي صدرت في ظل الحكومة التي تسلمت الحكم عام 2004، أكدت على طبيعة هذا النظام وسياساته الاقتصادية الموجهة لخدمة الطبقة الرأسمالية الكبيرة المحلية والأجنبية على حساب الطبقة الوسطى والفقراء.
إن إهدار الموارد الطبيعية المملوكة للمواطنين بالتساوي (بالرأس) والتي يملك الفقراء والطبقة الوسطى الغالبية الساحقة من الحقوق فيها بحكم أنهم يشكلون أكثر من 95% من السكان، من خلال بيع الغاز الطبيعي لأسبانيا وللكيان الصهيوني بأقل كثيرا من الأسعار السائدة في الأسواق الدولية، يحرم الفقراء والطبقة الوسطى من إيرادات مستحقة عن هذه الموارد الطبيعية كان من الطبيعي أن تذهب لتحسين أحوالهم ومستويات الخدمات العامة التي تُقدم لهم.(1)
ويتحدد توزيع الدخل الأولي في أي بلد بنظام الأجور، بينما تتم إعادة توزيع الدخل وتحسينه من خلال نظم الضرائب والدعم والتحويلات والخدمات العامة المجانية أو شبه المجانية. وقد ساء توزيع الدخل في مصر لدرجة جعلت غالبية المواطنين لا يشعرون بأية ثمار للنمو الاقتصادي الذي تشير بيانات الحكومة إلى تحقيقه، بغض النظر عن دقة هذه البيانات من عدمه، وذلك بسبب سوء نظام الأجور الذي يطلق يد أرباب العمل سواء كانوا رأسماليين من القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي أو رأسمالية الدولة في تحديد أجور العاملين لديهم، في ظل حد أدنى هزلي للأجر الشهري يبلغ 118 جنيها فقط، وفي ظل عدم وجود سقف للأجور وما في حكمها في القطاع العام والهيئات الاقتصادية العامة والجهاز الحكومي، بما يجعل البعض من العاملين في الدولة يحصلون على دخول شاملة تبلغ مئات الآلاف من الجنيهات شهريا، وتوازي آلاف الأضعاف من الحد الأدنى للأجر.(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ـــــــــــــــ,”الأسباب الاقتصادية لثورة 25 يناير ما زالت قائمة”,متاح على:
https://www.arabfinance.com/News/newsdetails.aspx?Id=196754
,متاح على:” (2)السيد النجار,”الأقتصاد المصرى ومعضلة الفقر فى عهد مبارك
http://25janaer.blogspot.com/2011/09/blog-post_7607.htm

2- الأسباب الإقتصادية المباشرة التى أدت الى قيام الثورة.
رغم أن الشعب المصرى عان من سوء وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خلال فترة حكم مبارك وربما ترجع الى قبل ذلك ولكن كانت هناك أسباب زادت من شعور الشعب المصرى بالاستياء الشديد وبالتالى مثلت هذه الأسباب الشرارة التى اشعلت فتيل الثورة وتمثلت هذه الأسباب فى :

• توسع دور القطاع الخاص كبديل للقطاع العام:
فقد توسع دور القطاع الخاص كبديل عن القطاع العام ، واتجه القطاع الخاص إلى إهمال البعد الاجتماعي للتنمية و قصر نشاطه على القطاعات الخدمية و التسويقية وأنشطة الاستيراد و ظهرت طبقة اجتماعية مصالحها تتعارض مع وجود صناعات وطنية ، ولقد حصل القطاع الخاص على نسبة كبيرة من إجمالي إقراض البنوك المصرية علاوة على الاستثناءات و الإعفاءات الضريبية و انحسر دور القطاع الحكومي في أن يكون دورا تكميليا أو تسهيليا أو تخديمياً للقطاع الخاص وذلك على عكس الدور الأساسى الذى يجب ان يقوم به , وبالتالى اصبحت كل الخدمات التى يجب أن توفرها الدولة للمواطن بالمجان غير موجودة وحتى يحصل على هذه الخدمات اى كان نوعها لابد من ان يدفع مقابل تلقيه تلك الخدمات ,لأن القطاع الخاص أصبح هو المسئول عن تقديمها للمواطن وبما انه قطاع هادف للربح فلابد وانا يحقق أرباح من خلال تقديمه لهذه الخدمات .
إذن هناك تقليص لدور الدولة ربما يكون اختفاء فى تقديم الخدمات للمواطنين اللذين فاض به الكيل وكانت ثورة الخامس والعشرون من يناير عام 2011 هى المخرج الوحيد له من مايعيشه من ظلم وقهر.(1)

• سوء الأحوال المعيشية :
عان الشعب المصرى من سوء الاحوال المعيشية قبل الثورة ومازال يعانى منها حتى بعد الثورة , فهناك40% من الشعب المصرى يعيشون تحت خط الفقر وهذا يرجع إلى التوزيع غير العادل للناتج القومي , بالاضافة الى هذا انه حتى فى حالة حدوث تحسن طفيف فى الإقتصاد المصرى فإن المواطن المصرى لا يشعر بهذا التحسن لأن لا ينال حصته العادلة من الناتج القومى.(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)حسنى ثابت,”ثورات شعبية غيّرت مجرى التاريخ وأسقطت نظم الفساد”,متاح على:
http://www.egynews.net/wps/portal/profiles?params=133554
(2)أحمد مجدى حجازى,”الثورة المصرية علامة حضارية فارقة”,متاح على:
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=478660&eid=6
أيضا انخفاض الدخول والتفاوت الحاد بينها مقابل غلاء أسعار السلع والخدمات وخصوصا بعد تخلى الدولة عن دورها وعن تقديم الخدمات للمواطنين وظهور الخصخصة كسياسة اقتصادية
للدولة ,وبالتالى خلق الفجوة بين الطبقة الغنية القادرة على الإنفاق والطبقة الفقيرة التى أصبحت لا تستطيع التعايش مع هذا الغلاء .

• إنتشار البطالة:
لا شك ان إرتفاع معدلات البطالة بين الشباب فى مصر كان عمالا من العوامل التى لا يمكن إغفال تأثيرها على قيام ثورة 25 يناير , وتزداد نسبة البطالة بين خريجى الجامعات ذوى المؤهلات العليا وايضا بين الشباب ذوى المؤهلات المتوسطة, وقد أكدت الاحصائيات ان نسبة البطالة فى تزايد مستمر وتشير إلى أن معدل البطالة ارتفع إلى 12.4% خلال الفترة فقط مابين شهرى اكتوبر وديسمبر 2011 وهذه النسبة بعد قيام الثورة أى ان معدلات البطالة ارتفعت أيضا بعد الثورة , وقد أدت البطالة إلى بحث الشباب عن البديل وتمثل هذا البديل فى ظاهرة الهجرة غير الشرعية (1)
إذن فانتشار البطالة وإرتفاع معدلاتها كان سببا رئيسا فى خروج الكثير من الناس ليس فقط الشباب وإنما كافة أطياف الشعب إلى ميدان التحرير والتعبير عن احتجاجهم عن سوء حالتهم وأوضاعهم المعيشية بسبب عدم توافر فرص عمل توفر لهم حياة كريمة يستطيعوا من خلالها توفير قوت يومهم , ورغم وضوح تلك النسب التى تؤكد إرتفاع معدلات البطالة إلا ان الحكومة كانت تنكر وتؤكد غير ذلك.

• إختفاء الطبقة الوسطى:
كان للسياسات الاقتصادية الخاطئة الدور الأبرز في اختفاء الطبقة الوسطى من الشعب المصرى ، فقد أدت هذه السياسات إلى إفقار غالبية الشعب المصري وتكديس الثروة في يد فئة بعينها من منْ يطلق عليهم رجال الأعمال الذين تسببوا بسبب الامتيازات التي منحها لهم النظام السابق في نهب ثروات و بنوك مصر، بل إن بعضهم قام بتهريب هذه الأموال خارج مصر، وبذلك انقسم المجتمع المصري إلى طبقتين ليس بينهما وسط إحداهما اقليه تملك كل شيء وهي تمثل 20% فقط من الشعب وطبقة ثانيه أغلبيه لاتملك أي شيء وهي تمثل 80% من الشعب . وبالتالى اصبح لا يوجد وسط فاما غنى او فقير .(2)

• إنخفاض مستوى التعليم:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أميرة صالح,”الاحصاء :ارتفاع معدل البطالة إلى 12.4 % ..و 3.1 مليون مصري عاطلين”,متاح على:
http://www.almasryalyoum.com/node/666171
(2)احمد زايد،”اركيولوجيا الثورة واعادة البعث للطبقة الوسطى الديمقرلطية”,السياسة الدولية,مؤسسة الاهرام,العدد 42, ابريل 2011,ص21.
مما لا شك فيه أن إنخفاض مستوى التعليم وضعف المنظومة التعليمية كان سببا هاما ساعد على زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء وبالتالى أيضا كان سببا فى زيادة سخط الناس والقيام بثورة الخامس والعشرون من يناير , فهناك تدنى واضح لمستويات التعليم فى مصر وذلك رغم زيادة عدد المتعلمين ولكنهم غير مؤهلين لسوق العمل , فإجمالى ميزانية الدولة التى تنفقها على التعليم أقل من 1%.

• تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل:
في عام 2004 أبرمت أربعة عقود تقوم بموجبها مصر بتصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل، يمتد العمل بها حتى عام 2030.وتسببت هذه العقود في أزمات عدة بسبب معارضة خبراء بترول وسفراء سابقين، خاصة أن التصدير لا يجب أن يبدأ إلا في حالة وجود فائض وهو مالم يتوفر في مصر.
واعتبرت تلك العقود إهداراً للمال العام ومجاملة لإسرائيل فضلا عما يشوبها من فساد وعدم شفافية، ما دعا المحكمة الإدارية العليا لإصدار أحكام ببطلان قرار وزير البترول سامح فهمي لتكليفه مديري شركات عامة ببيع الغاز لشركة حسين سالم، التي تقوم بدورها بتصديره إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية.

المبحث الثالث:
أسباب قيام الثورة التونسية2011
اندلعت الثورة الشعبية في تونس في 18 ديسمبر عام 2010 م أي قبل 38 يوماً من اندلاع ثورة الغضب المصرية احتجاجاً على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السيئة في تونس وتضامناً مع محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في نفسه في تونس , واستطاعت هذه الثورة في أقل من شهر الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي حكم البلاد لمدة 23 سنة بقبضة حديدية . هذا النجاح الذي حققته الثورة الشعبية التونسية أظهر أن قوة الشعب العربي تكمن في تظاهره وخروجه إلى الشارع , وأن الجيش هو قوة مساندة للشعب وليس أداة لدى النظام لقمع الشعب . كما أضاءت تلك الثورة الأمل لدى الشعب العربي بقدرته على تغيير الأنظمة الجاثمة عليه وتحقيق تطلعاته.

وسنعرض فى هذا المبحث:
• أولا الأسباب السياسية التى أدت الى قيام الثورة التونسية .
• ثانيا الأسباب الإقتصادية والإجتماعية .

أولا الأسباب السياسية التى أدت إلى قيام الثورة التونسية
إن الشعب التونسي وجد نفسه بعد 23 سنة من حكم بن علي محروما من أبسط حقوقه الأساسية، مستثنى من المشاركة في الحياة السياسية، يعيش أفراده في وضع الرعية لا في وضع المواطنة يلازمهم الخوف على حريتهم وعلى حرمة أجسادهم وموارد رزقهم وخفايا حياتهم الخاصة فضلا على حرمة عائلاتهم ومصير بناتهم وأبنائهم. إن الحرية والديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات التي وعد بها نظام بن علي لم تكن سوى وهم إذ أن الواقع عسف وتسلط وغطرسة.
وقد تحمل الشعب التونسى ذلك التعسف والقهر والتسلط طوال فترة حكم بن على وربما يرجع الى قبل ذلك ولكن عندما حانت اللحظة الحاسمة لم يستطع احد ان يوقف إرادة الشعب وغضبه الذى دفعه للنزول للشارع وللميادين للتعبير عن سخطه وغضبه عن أوضاع بلاده .
وهناك العديد من الأسباب التي دفعت بالشعب التونسي إلى التظاهر وعمل المسيرات والاحتجاجات والتي قد تتشابه في معظمها مع العديد من الأسباب التى أدت الى قيام ثورة الخامس والعشرون من ينايرفى مصر , فقد مثلت سياسات نظام بن على مر سنوات حكمه للبلاد أسبابا غير مباشرة أدت الى قيام هذه الثورة بالإضافة الى أن بعض الأحداث التى مثلت أسبابا مباشرة أو كانت بمثابة شرار إشعال للثورة.(1)

1- الأسباب السياسية الغيرالمباشرة التى أدت إلى قيام الثورة .
كما ذكرت فقد تمثلت هذه الأسباب فى سياسة النظام الحاكم السابق فى تونس على مر السنوات التى حكم فيها , وتمثلت هذه السياسات فى :

• تدعيم الحكم الفردى.
لم يحقق بن علي لا الحرية ولا الديمقراطية للشعب التونسي بل إن الشيء الوحيد الذي نجح فيه بحكم تكوينه المخابراتي وتجربته الطويلة على رأس جهاز الأمن في نظام بورقيبة هو تحويل تونس إلى سجن كبير، إلى بلد يشار إليه بالإصبع في كافة أنحاء العالم باعتباره موطنا لإحدى الدكتاتوريات البوليسية الرهيبة التي لا تزال قائمة إلى اليوم.(2)
فقد عزّز بن علي الحكم الفردي المطلق , فجمّع بين يديه على غرار سلفه بل أكثر منه كافة السلطات مما جعله يتصرّف في تونس بجهاز بوليسي ضخم لمراقبة المواطنين والاستبداد بهم وقمع كل خروج على الصف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)كمال بن يونس,”التهميش الشامل :عوامل إندلاع الثورة ضد نظام بن علي في تونس”,متاح على:
http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/12/116/166
(2)ــــــــــــــــــ,”17 سنة من حكم بن علي: دكتاتورية، استغلال، فساد وعمالة”,متاح على:
http://www.albadil.org/spip.php?article346
ودعّم هيمنة الحزب الحاكم على الدولة وجعل من الانتماء إليه شرطا أساسيا للتمتع بأبسط الحقوق المدنية كالعمل والسكن والمنحة الدراسية والرّخص,وسخّر القضاء بشكل لا سابق له لحماية مصالحه ومصالح عائلته والأقلية الفاسدة التي يستند إليها في حكمه.وتلك السياسية كانت على نفس غرار ماكان يحدث فى مصر فى عهد الرئيس السابق مبارك والذى كان سببا اساسيا لقيام ثورة الخامس والعشرون من يناير .

• تفاقم القمع.
وقد استغل نظام بن على الحملة الدولية التي شنتها الإدارة الأمريكية بعنوان “مكافحة الإرهاب” للغلوّ في تجريم كل معارضة للنظام واعتبارها “عملا إرهابيا”. كما أنه لم يتورع عن إصدار قانون باسم “حماية المعطيات الشخصية” يسمح للإدارة بانتهاك ما يتعلق منها بالمواطن ولكنه يجرّم كل من يفضح أعمال الفساد والنهب والإثراء غير المشروع لـ”العائلة الحاكمة” والمقربين منها.
وقد تم إحتكار وسائل الإعلام ووصل القمع لحرية التعبير والصحافة إلى درجة أنه ما انفك منذ عام 1998 يُرَتـَّب الرئيس السابق بن على ضمن العشرة رؤساء دول وحكومات الأوائل في العالم في مجال معاداة حرية الصحافة وتونس ضمن المجموعة الأخيرة من دول العالم التي تمثل المنطقة السوداء في خارطة أوضاع حرية الصحافة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد أُطردت جمعية مديري الصحف التونسية من “الجمعية العالمية لمديري الصحف” (1997) وجُمّدت عضوية الجمعية التونسية للصحفيين في الفدرالية الدولية للصحفيين (مارس 2004) لنفس السبب وهو الإخلال بواجب الدفاع عن حرية الصحافة وكرامة الصحفيين في تونس والتواطؤ مع الدكتاتورية في انتهاكهما.(1)
وقد ملأهذا النظام السجون بالمعارضين ناهيك أن ما بين 35 ألف و40 ألف مواطن اعتقلوا خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة لأسباب سياسية. ووقد تسبب هذا النظام فى هجرة الآلاف من المعارضين للعيش في المنفى. وجعل من ممارسة التعذيب أسلوب حكم أودى بحياة العشرات من المعارضين وخلّف عاهات جسدية ومعنوية للآلاف منهم مما جعل الحديث عن تونس في تقارير المنظمات والهيئات الإنسانية مقرونا بشكل دائم بالحديث عن التعذيب فيها الذي كان سببا في حصول بن علي على إدانة في مناسبتين (1998-1999) من لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. (2)
وإلى ذلك أصبح الاعتداء على النشطاء من النساء والرجال في كافة المجالات السياسية والحقوقية والنقابية والثقافية وتشويههم عبر حملات صحفية ممولة من وزارة الداخلية ظاهرة بارزة في عهد بن علي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)توفيق المديني,”سقوط الدولة البوليسية في تونس”( بيروت,الدرا العربية للعلوم ناشرون , 2011).
(2)ــــــــــــــــــ,”17 سنة من حكم بن علي: دكتاتورية، استغلال، فساد وعمالة”,مرجع سابق,متاح على:
http://www.albadil.org/spip.php?article346
وأخيرا وليس آخرا أخضع هذا الأخير كافة المواطنين للمراقبة البوليسية في مختلف مجالات حياتهم الخاصة والعامة. فالتنصّت على المكالمات الهاتفية ومراقبة المراسلات وشبكة الإنترنت وجهاز الفاكس أصبحت أمرا يندرج ضمن الحياة العادية للتونسي.

• إنتهاك السيادة الشعبية.
لقد استمر النظام التونسى السابق في انتهاك مبدأ السيادة الشعبية جاعلا من الإنتخابات مجرد عملية صورية معروفة النتائج مسبقا ومن المؤسسات الناجمة عنها أدوات طيعة بيده تنفّذ أوامره، وحول المعارضة الرسمية إلى مجرد ديكور يضفي به على نظامه طابعا تعدديا زائفا. وقمع الأحزاب والمنظمات والجمعيات التي حاولت بهذه الدرجة أو تلك الحفاظ على استقلاليتها. ودجن الحركة النقابية وحول الإتحاد العام التونسي للشغل ومعظم المنظمات المهنية إلى هياكل فارغة تأتمر قياداتها بأوامرالرئيس التونسى السابق بن على وتنفذ سياسات نظامه لأنها مدينة بوجودها وبقائها له ولبوليسه وإدارته لا إلى قواعد التنظيمات التي تزعم تمثيلها.

• إنتهاك حقوق الإنسان.
تتفق الأنظمة الاستبدادية الحاكمة في الوطن العربي، وان إختلفت من حيث الدرجة، بانها لا تطيق المعارضة ايا كان نوعها، ولا التعبير السلمي عن الراي مهما كان مهذبا، ولا منظمات المجتمع المدني وتلجأ السلطات الى قمع النشطاء والكتاب والصحف والأحزاب والمنظمات المدنية، وتتفنن في إتباع الأساليب لتحقيق ذلك. ويمتاز النظامان البائدان في تونس ومصر، والأول ربما بدرجة أكبر، بانهما اتبعا درجة عالية من القمع للأفراد والجماعات بشكل أدى إلى حدوث كبت سياسي واجتماعي واقتصادي جعل الثورة بما تمتاز به من مفاجأة هي الأسلوب الوحيد للتغيير.
لم يبد النظام التونسى السابق أي إحترام لسيادة القانون وهو ما كان أحد الأسباب الهامة التي أشعلت نار الثورة لتضع نهاية لمعاناة الشعب التونسي سنوات طويلة. فالنظام لم يترك أي مجال أو هامش لفئات وسيطة بين الدولة والشعب أو حتى لمعارضات نصف فعلية يمكنها أن تربك حركة الشارع بشعارات مزدوجة كما كانت تفعل الأحزاب المصرية مثلا.(1)
وقد أبرزت منظمة حقوقية تونسية في تقرير لها إرتفاع نسبة الإنتهاكات للحريات الفردية والعامة ولحقوق الإنسان في تونس خلال العامين السابقين.
حيث أشارت منظمة “حرية وإنصاف” إلى أن الإنتهاكات خلال العام الماضي اتسمت خصوصا بما أسمته الاعتداء على النشطاء الحقوقيين والسياسيين وتصاعد وتيرة المحاكمات السياسية ومحاكمات الرأي ومضايقة المساجين السياسيين المفرج عنهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)على عبده محمود,”الثورة التونسية:الأسباب وعوامل النجاح والنتائج”,متاح على:
http://www.sis.gov.eg/VR/34/8.htm
وبينت المنظمة أن نسبة المحاكمات السياسية بلغت أكثر من 20%من مجمل الانتهاكات المسجلة، وقد طالت تلك المحاكمات قيادات لجمعيات حقوقية وهيئات سياسية مثل العضو المؤسس للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين طارق السوسي، والرئيس السابق لحركة النهضة الإسلامية المحظورة الصادق شورو.
وأضافت أن أغلب المحاكمات شملت عددا من الشبان الذين حوكموا بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب “اللادستوري” كما تصفه، وعادة ما تشمل تلك المحاكمات الشباب الذين يتبنون الأفكار السلفية.وإتسمت الانتهاكات حسب التقرير المذكور بكثرة الاعتداءات على النشطاء الحقوقيين والسياسيين والصحفيين التي جاءت في المرتبة الثانية ضمن التصنيف النوعي للاعتداءات التي اعتمدته المنظمة.(1)

• غياب المشاركة الفاعلة.
تمثل المشاركة السياسية الفاعلة أهم مصادر الشرعية للأنظمة السياسية. والمقصود بالشرعية هنا قبول المواطنين بالنظام القائم اشخاصا ومؤسسات، وبالتالي عدم الثورة عليه. والمقصود بالمشاركة السياسية الفاعلة هو تلك المشاركة التي تجعل المواطن قادرا على التأثير في عملية اختيار القادة السياسيين الذين يمارسون السلطة فعليا, وتولي المواقع العامة, والتأثير في صنع السياسات العامة, ومساءلة الحكام.
ولعل ما يتفق فيه النظامان المنقرضان في تونس ومصر هو انهما عانيا من تناقض واضح بين الطابع الجمهوري للنظام مع ما يعنيه ذلك من شراكة حقيقية في السلطة بين قوى المجتمع من جهة؛ وبين الاستبعاد السياسي الممارس على صعيد الواقع من جهة أخرى. وهذا التناقض الفاضح تعاني منه مع اختلاف في الدرجة معظم ان لم يكن كل الأنظمة العربية الجمهورية .
وربما ان ما يميز تونس ومصر من بين كل الأنظمة الجمهورية القائمة في العالم العربي هو المبالغة في إقصاء الشركاء وقمع الخصوم وتفريغ الآلية الانتخابية من مضامين المشاركة وتحويل المؤسسات النيابية ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي الى مجرد مسامير في عربة الحاكم الفرد. وقد أدت عملية اغلاق المؤسسات الرسمية والدستورية للمشاركة في وجه الطلب المتزايد الى الدفع بالناس الى الشوارع التي تثبت الأنظمة الاستبدادية دائما عجزها عن السيطرة عليها. كما ادت الى سد قنوات الاتصال بين النظام ومواطنيه وافقدته القدرة على الإستجابة لأي مطالب.

• إنتكاسة الإنفتاح الديمقراطى.
كان هناك إستقطاب بشكل كبير تحت حكم بن على بين النظام الحاكم والحركة الإسلامية , وخاصة عقب اقناع النظام بأن الإسلام السياسى هو عدو النظام الأكبر . واستمر النظام فى قمع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)لطفى حجى,”تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في تونس”,متاح على:
http://www.aljazeera.net/humanrights/pages/1ebf5416-16bf-47f0-a3b5-95feaa0a3d25
الحركة الإسلامية خاصة عقب حرب الخليج وإعلان الحركة تأييد العراق وإعلان النظام تأييده مساندة الكويت , ومن ثم قام النظام باعتقال عدد كبير من نشطاء الحركة الإسلامية وامتلأت السجون من معارضى الرأى .
هذا بالإضافة إلى سيطرة الدولة على المجتمع المدنى , وعلقت نشاط العديد من مؤسساته فكلما كانت هذه المؤسسات قوية كلما كان المجتمع أكثر ديمقراطية ووعيا بحقوقه وهذا مالايريده النظام .
وفى الوقت نفسه تضخم نفوذ وزارة الداخلية حيث سميت رأس وزراة السلطة التنفيذية , وزاد عدد افراد هذه الوزارة على عدد افراد الجيش وبالتالى كان هناك تضخم كبير لهيكل وزارة الداخلية فى عهد بن على .
وتم إنشاء جهاز للقمع الإعلامى للتسويق لبن على وبرامجه , فقد تم إحتكار جهاز التليفزيون لتسويق توجهات النظام . وفى ظل الإستقطاب السياسى بين الحزب الحاكم والحركة الإسلامية إستعان الحزب ببعض المثقفين اللبيرالين لضرب الإيدلوجية فى تونس والحركة الفكرية اى الإستعانة بقوى المعارضة المختلفة لضرب الحركة الإسلامية .
وقد تمكن النظام من تحقيق فكرة الدولة البوليسية أى إحتكار الدولة لمظاهر ومصادر القوة والسلطة فى المجتمع , وقيام شرعية النظام على القهر والتعذيب والإعتقال أى التبعية للدولة وإقصاء دور المجتمع المدنى . كل هذا مثل إنتكاسة للإنفتاح الديمقراطى فى تونس وبالتالى كانت سياسات تراكمت فى نفوس الشعب التونسى وفى اللحظة الحاسمة خرج على كل هذه السياسات وعبر عن غضبه وسخط على النظام وسياساته.

2- الأسباب السياسية المباشرة التى أدت الى قيام الثورة.
في البداية لابد من الإعتراف بأن ما حدث ليس بجديد على الشعب التونسي الذي اعتاد الثورة على الظلم خاصة أن التاريخ التونسي حافل بالثورات المشابهة الأمر الذي ينفي المقولات الغربية عن الثورات العربية النادرة والشعوب المستكينة, فالشعب التونسي لا يستكين للظلم ويثورعليه ويرفضه. كما أن الكثير من الشخصيات الأدبية الثائرة كانت تنتمي إلى الدولة التونســية كالشــاعر أبو القاســم الشـابيّ والشــاعر بيرم التونسي الذي حمّست أشعاره الشعب المصري لقيام ثورة1919. (1)
وها هي ثورة تونس لعام 2011, والتي بدأت بانتفاضة خبز محلية تكررت عدة مرات في وسط وجنوب البلاد في العامين الأخيرين, لكن الانتفاضة الأخيرة دامت زمنا يكفي كي تنضم إليها المدن والنواحي التونسية الأخرى، ويعود الفضل في استمرارها إلى عناد وبسالة أهالي ناحية سيدي بوزيد الذين اختلط لديهم المطلب الاجتماعي بالغضب والدفاع عن الكرامة التي تمثلت في حرق الشاب (محمد البوعزيزى) لنفسه رافضا تقبل العجز في مواجهة الإذلال .وبالتالى كان هناك مجموعة من الأحداث التى مثلت شرارة إشعال لقيام الثورة وتمثلت هذه الأحدث فى الأسباب المباشرة التى أدت لى قيام الثورة .
أن ماعرفته تونس من أحداث وإنتفاضات في العقدين الأخيرين مثلت سلسلة من الإنذارات للرئيس بن علي الذي لم يستوعبها وتمادى في انتهاج سياسة القمع , وكانت هذه الأحداث بمثابة مؤشرات لقيام الثورة التونسية.(2)
ومن أبرز هذه المؤشرات:

– إندلاع مواجهات دامية في ولاية باجه الواقعة بالشمال الغربي أواخر التسعينات من القرن الماضي بين المواطنين وقوات الأمن على خلفية مباراة رياضية انحاز فيها الحكم إلى فريق “الترجي الرياضي التونسي” الذي يرأسه آنذاك سليم شيبوب أحد أصهار الرئيس التونسي المخلوع، وقد رددوا خلال تلك المواجهات شعارات سياسية مناهضة لنظام الحكم ومنها شعار” يا زين تلفّت لينا وإلا الجزائر أولى بينا” في إشارة واضحة إلى سياسة عدم التوازن بين الجهات.
– إندلاع احتجاجات ومواجهات دامية أواخر الألفية الثانية من القرن الحالي في الحوض المنجمي بمدينة الرديف التابعة لولاية قفصة بالجنوب التونسي بين قوات الأمن والسكان الذين تظاهروا سلمياً مطالبين بحق أبنائهم في العمل، وقد سقط في تلك الأحداث قتيل واحد وكثير من الجرحى في صفوف المتظاهرين ووقعت اعتقالات عديدة وتعذيب شديد انتهى بسجن العشرات على إثر محاكمة جائرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)نزارشقرون,”رواية الثورة التونسية”(تونس: مؤسسة الدوسري للثقافة والإبداع,2011),ص
(2)ـــــــــــــــ,”مورخون ثورة تونس الأعنف في تاريخها”,متاح على:
WWW.MAKTOOB.COM
– إندلاع مظاهرات ومواجهات عنيفة في ولاية مدنين الواقعة في أقصى الجنوب احتجاجا على إقدام السلطات التونسية على غلق المعبر الحدودي الرابط بين تونس وليبيا والذي يمثل شريان الدورة الاقتصادية لأهل الجهة الذين يواجهون تضخم نسبة البطالة وتدهور القدرة المعيشية بسبب سياسة التهميش.
– إقدم محمد البوعزيزي شاب جامعي يعمل بائع متجول على الانتحار في ولاية سيدي بوزيد وسط تونس، احتجاجا على مصادرة عربته التي يستخدمها لبيع الخضر والفواكه. وأعقبها حادث آخر مشابه لشاب جامعي يعاني من الفقر والبطالة.(1)
هذه المؤشرات المتلاحقة مثلت إيذانًا وإشعاراً باقتراب التونسيين من نهاية مرحلة قد ينتج عنها أمر وحدث كبير, وهو ما حدث بالفعل وقامت ثورة الأحرار، ثورة الكرامة في تونس عام 2011.إن كان قيام المواطن محمد البوعزيزى بإشعال النار في جسده بمثابة الشرارة الحقيقة للثورة في تونس.(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عزمي بشارة,”وجهات نظر بصدد ثورة تونس الشعبية المجيدة”،متاح على:
http://www.aljazeera.net
(2)جبلاني العبدلي,”قراءة في عوامل نجاح الثورة التونسية”,متاح على:
www.aljazeera.net://http

ثانيا الأسباب الإقتصادية والإجتماعية التى أدت إلى الثورة التونسية .
إن النتائج الاقتصادية لـ23 سنة من حكم بن علي لا تقل سوء عن النتائج السياسية رغم الدعاية المضلّلة التي قام بها النظام وبعض الأوساط السياسية والمالية الأجنبية المنتفعة من وجوده. فالمواطن التونسي يسمع باستمرار حديثا عن “المعجزة الاقتصادية التونسية” وعن نعت تونس بـ”القوة الاقتصادية الصاعدة” وبـ”نمر شمال إفريقيا”. ومن بين الآراء الشائعة أيضا لدى تلك الأوساط ولدى بعض من الصحفيين والإعلاميين والمراقبين الأجانب أن بن علي إذا كانت “حصيلة حكمه في المجال السياسي قابلة للنقد لاتسامها بـ”إفراط غير مبرر في التشدد” فإن الحصيلة الاقتصادية إيجابية ونموذجية” ويخلصون إلى أن تونس لا تحتاج إلا إلى بعض الإصلاحات السياسية لتحقق التقدم المناسب لتقدمها الاقتصادي.
وكأنه توجد قطيعة بين الاقتصاد والسياسة، بل إن هذا الموقف الذي لا يخدم إلا مصالح الدول والشركات الاحتكارية الامبريالية وعملائهم في تونس يهدف إلى طمس حقيقة أن الدكتاتورية بما تعنيه من قمع للحريات وإلغاء لمبدأ السيادة الشعبية وانتهاك لحقوق الإنسان ما هي إلا إطار سياسي لتكثيف استغلال الشعب ونهب خيراته لفائدة أقلية من مصاصي الدماء دون أن تكون له إمكانية الدفاع عن حقوقه بأي وسيلة من الوسائل. فالنتائج الاقتصادية الإيجابية، إن وُجدت حقا، هي لفائدة من؟ وعلى حساب من تحققت؟ هذا هو السؤال الهام. وقد عان الشعب التونسي من تلك السياسات طيلة حكم بن على وفى نفسى الوقت إنتظر اللحظة الحاسمة ليعبر فيها عن غضبه وسخطه عن تلك السياسات.(1)

1- الأسباب الإقتصادية الغير مباشرة التى ادت إلى قيام الثورة :
إن الحكم على أي سياسة اقتصادية لا يتم إلا من زاوية قدرتها على الاستجابة الفعلية لمقتضيات النهوض بالبلاد في مختلف المجالات وإخراجاها من دائرة التبعية للدول والاحتكارات الامبريالية أوّلا وعلى تلبية حاجات الشعب الأساسية المادية والمعنوية ثانيا وليس من زاوية ما توفره من منافع لأصحاب رأس المال المحليين والأجانب. وقد تمثلت تلك الاسباب فى سياسات النظام الحاكم السابق الاقتصادية.(2)
لقد واصل بن علي منذ إزاحته لبورقيبة في نوفمبر 1987 تطبيق “برنامج الإصلاح الهيكلي” الذي تم الشروع في تنفيذه قبل عام بتوصية من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي. كما أردف هذا البرنامج بآخر مملى من الاتحاد الأوروبي وهو “برنامج التأهيل الشامل” (1995) في إطار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ثورة تونس,”الأسباب والسياقات والتحديات”,متاح على:
http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb212180-185028&search=books
(1)ابو محمد العبيدى,”الثورة المصرية لماذا وكيف وماهى النتائج”,متاح على:
http://www.almansore.com/Art.php?id=22641
“اتفاقية الشراكة الأورومتوسطية” التي تهدف إلى خلق منطقة تبادل حر مع تونس، أي تحويلها إلى مجرد سوق للرأسمالية والبضائع الأوروبية وبالانخراط في منظمة التجارة العالمية التي تحددت توجهاتها وأهدافها حسب مصالح الدول والشركات الاحتكارية الامبريالية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد كان لهذه الاختيارات الاقتصادية التي تندرج ضمن النهج الرأسمالي المتوحّش الذي يسود عالمنا نتائج وخيمة على الاقتصاد التونسي يمكن حوصلة الأساسي منها في النقاط التالية:

• لقد تم تبديد الممتلكات العمومية بعنوان “الخصصة” التي شملت كافة القطاعات بما فيها الاستراتيجية كالإسمنت والكهرباء والغاز والاتصال والنقل. وقد استأثر الرأسمال الأجنبي إلى حد الآن بـ75% من عائدات هذه الخصصة وهي حصة قابلة للارتفاع مع خصصة عدد جديد من المؤسسات وهو ما سيمكّن أصحاب الرأسمال الأجانب دولا وشركات وبنوكا من مزيد من السيطرة على مصائر البلاد وتجريد الشعب التونسي من كل إمكانية للتحكم في خيرات بلاده وثرواتها للنهوض بأوضاعه وضمان مستقبل أبنائه وبناته وهو الهدف الحقيقي من سياسة الخصصة التي أملتها المؤسسات الدولية ويطبّقها صاغرا ذليلا نظام بن علي الذي خصته تلك المؤسسات بصفة “أنجب تلاميذها” في المنطقة.
• وإلى ذلك فقد تفاقمت هشاشة الاقتصاد التونسي في عهد بن علي بسبب توجه النشاط الاقتصادي عامة إلى القطاعات غير المنتجة (الخدمات) على حساب القطاعات المنتجة بحثا عن الربح السهل والسريع. ناهيك أن مساهمة القطاع الزراعى في الناتج الداخلي الخام تراجعت سنة 2002 إلى حدود 10,4 % ولم تتجاوز مساهمة قطاع الصناعة والمناجم 29,1 % بينما بلغت مساهمة قطاع الخدمات 60,5%. ومن النتائج الخطيرة لهذا التوجه هو أن الاقتصاد التونسي أصبح أكثر من أي وقت مضى اقتصاد خدمات والبلاد تعيش أكثر فأكثر من الاستيراد وهو ما يعمق تبعيتها ويرهن مستقبلها ومستقبل أبنائها وبناتها بمراكز القرار الأجنبية، دولا ومؤسسات وشركات استعمارية.(1)
• وخلافا لما زعمت السلطة فإن اعتماد “برنامج الإصلاح الهيكلي” لم يؤد إلى التخفيف من عبء المديونية الخارجية لتوفير ظروف أنسب لتطور الاقتصاد التونسي وحتى لا تبقى ثمرة مجهود البلاد مخصصة لتسديد الديون بل إن النتائج أكدت تفاقمها إذ أنها زادت في ما بين 1987 سنة وصول بن إلى الحكم، و2002 أي بعد 12 سنة من حكمه بنسبة 3,6 مرات. ومن الملاحظ أن نسق تطور خدمة المديونية الخارجية كان خلال العشر سنوات الأخيرة أهم من نسق تطور الناتج الداخلي الخام.
• في نفس السّياق لم يسجل الميزان التجاري تحسنا ذا مغزى من شأنه أن يبرر اختيارات السلطة, فعجز الميزان التجاري متواصل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1)عبد الله الفقيه,”أسباب الثورات في تونس ومصر واحتمالات انتقالها الى اليمن”,مرجع سابق,متاح على:
http://www.al-tagheer.com/arts7336.html
كما أن انخراط تونس في المنظمة العالمية للتجارة وإبرامها لاتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي من أجل خلق منطقة للتبادل الحر وما نتج عن ذلك من تحرير للمبادلات وإلغاء تدريجي للتعريفات الجمركية أدى إلى تدمير تدريجي للنسيج الصناعي المحلي لعدم قدرة المؤسسات التونسية التي تغلب عليها المؤسسات الصغرى والمتوسطة على المنافسة. وإلى ذلك فإن إنشاء الفضاءات التجارية الكبرى التي تمثل فروعا لاحتكارات تجارية عالمية أضر كثيرا بصغار التجار.

• ومما زاد الأمر سوء غياب التسيير الرشيد للنشاط الاقتصادي. ويتجلى هذا الغياب في:
أولا: التسيير البيروقراطي للحياة الاقتصادية وما يعنيه من تغييب للعاملين وللشعب عامة في تقرير الاختيارات الاقتصادية ومراقبة تنفيذها وتقييم نتائجها وفي كيفية صرف الأموال العمومية حيث تنعدم الشفافية.
ثانيا: تفاقم ظاهرة الفساد التي أصبحت في عهد بن علي ركيزة من ركائز النظام يمثّل أفراد “العائلة المالكة” والمقربون منها الطرف الضالع فيها رئيسيا. وهي تتمثـّل في استغلال هؤلاء نفوذ بن علي للحصول على عمولات هامة من التوسّط في الصفقات العمومية واستغلال عملية الخصصة للاستحواذ على مؤسسات وأراض عمومية بأثمان بخسة واحتكار بعض الأنشطة بتواطؤ من الإدارة والبوليس والقضاء ومشاركة قسرية في المشاريع الرابحة واستئثار بالتجارة الموازية وافتكاك الممتلكات الخاصة، والأهم من ذلك تخريب النظام البنكي التونسي بما يحصلون عليه من قروض دون ضمانات وبالتالي مشكوك في تسديدها. وتمثّل البنوك العمومية التي يمولها الشعب أكثر متضرر من ذلك. وبما أن “البلاد على قيادها” فقد تفشت ظاهرة الرشوة في كافة المستويات من إدارة وبوليس وقضاء إلى حد أنها أصبحت وسيلة أساسية لقضاء أبسط الأمور.(1)
أما في المجال الاجتماعي الذى لايمكن فصله عن الاوضاع الاقتصادية لانه غالبا مايكون سببا لها. فقد أدى النهج الاقتصادي الذي اختاره بن علي إلى نتائج خطيرة، ذلك أنه إن كان هذا النهج قد عاد بالنفع على أثرياء تونس وخاصة المقربين منهم من القصر وعلى أصحاب رؤوس الأموال الأجانب فإنه ألحق أضرارا فادحة بالشعب التونسي بكامل طبقاته وفئاته الكادحة ومنها:

• تفاقم البطالة والتهميش .
إن 23 سنة من حكم بن علي لم تزد ظاهرة البطالة والتهميش إلا حدة واتساعا. فالعمل ليس حقا أساسيا من حقوق المواطنة يضمنه المجتمع وبالتالي الدولة لمواطنيها ومواطناتها لسد حاجاتهم وضمان كرامتهم بل هو “امتياز” كما جاء على لسان بن علي في مطلع التسعينات. ومن هذا المنطلق أصبحت مسؤولية البحث عن العمل ملقاة على كاهل الفرد كما أصبح العاطل عن العمل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)سالم زواوي,”سبب احداث العنف في تونس”,متاح على:
http://www.shabwaonline.com/vb/showthread.php?t=72219
مسؤولا على عطالته وهي طريقة لتبرير تخلي الدولة عن واجباتها خصوصا أنها قلصت الاستثمارات والنفقات العمومية وإطلاق يد أصحاب رأس المال المحليين والأجانب لتكثيف استغلالهم لليد العاملة والتصرف فيها كما يشاؤون بعنوان “مرونة التشغيل”. وفي هذا السياق يسرت مراجعة قانون العمل الطرد الجماعي للأجراء.

• تدهور الخدمات الاجتماعية.
إن تدمير الخدمات الاجتماعية هو إحدى النتائج الأساسية لسياسة بن علي الاقتصادية. فهو ما انفك، تطبيقا لتوصيات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي يقلص من حجم التمويل العمومي لقطاعات الصحة والتعليم والنقل والسكن. إن المنطق الرأسمالي الوحشي يعتبر النفقات المخصصة لهذه الخدمات أموالا “ضائعة” لأنها لا تذهب إلى جيوب أصحاب رأس المال. وبعبارة أخرى فهذه الخدمات لا ينظر إليها كحق أساسي من واجب المجتمع وبالتالي على الدولة السهر على توفيرها لكل فرد تكريسا للمساواة وضمانا للمقومات الدنيا للعيش الكريم بل ينظر إليها كـ”عبء” على الدولة أن تتخلص منه لتلقي به على كاهل الفرد ولتوفر الفرصة لأصحاب رأس المال المحليين والأجانب كي يحوّلوا تلك الخدمات إلى مجال للاستثمار يعود عليهم بالربح الوفير. وهو ما أدى إلى تفاقم شتى أشكال الحيف والتمييز علاوة على ما في الأمر من مخاطر على مستقبل المجتمع بأسره.

2- الأسباب الإقتصادية المباشرة التى أدت إلى قيام الثورة.
تمثلت هذه الاسباب فى نتائج النهج الاقتصادى البائس الذى اتبعه نظام بن على وكانت حجج قوية استند إليها الشعب التونسى فى قيامه بثورته العظيمة ومنها:

• هيمنة النخبة الحاكمة على مجتمع المال والأعمال في الدولة التونسية، ومن ذلك امتلاك (صخر الماطري) زوج ابنة الرئيس السابق زين العابدين بن على لبنك الزيتونة، وهو أول بنك إسلامي في تونس ويعد الماطري من أبرز رجال الأعمال في تونس وهو ما زال في أوائل الثلاثينيات من عمره، كما كان الماطري رئيسا لمجلس إدارة شركة النقل للسيارات، وامتلاكه أيضا صحيفة الصباح أوسع الصحف التونسية اليومية انتشارا وإذاعة الزيتونة الإسلامية .(1)
• إنتشار معدلات البطالة في المجتمع التونسي فقد أدى ذلك إلى تنامي مشاعر الاشمئزاز بين العديد من التونسيين لوجود الثروات في أيدي القلّة في المجتمع في وقت بلغت فيه معدلات البطالة30%.(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)على عبده محمود,”الثورة التونسية:الأسباب وعوامل النجاح والنتائج”,مرجع سابق,متاح على:
http://www.sis.gov.eg/VR/34/8.htm
(2)ـــــــــــــــــــــ,”عرب في المهجر يتحدثون عن ثورة الياسمين. تكرار التجربة التونسية في البلاد العربية وارد مع اختلاف النتائج”,متاح على:
http://www.elaph.com
• الظلم المتزايد والفقر المنتشر في الكثير من المناطق، فالمزارعون يعانون من فقر مدقع وبالتالي تتدهور القدرة الشرائية للفرد فالتضخم المالي المتزايد المتمثل في ارتفاع الأسعار وعجز الميزان التجاري بسبب تصاعد الواردات وانخفاض الصادرات أدى إلى انخفـــاض القدرة الشرائية للفرد.
• المحسوبية والرشوة: أدت المحسوبية إلى عدم تكافؤ الفرص بين أفراد الشعب الواحد، إلى جانب وضع الرجل غير المناسب في أماكن لا يستحقها مع إهدار الفرصة أمام من هو أكفأ منه. كما أدت الرشوة إلى فساد كبير في الاقتصاد جعله يتميز بعدم الشفافية وافتقاد مصداقية الكثير من مؤسسات الدولة خصوصاً الأمن و القضاء والإدارة.
• الانقسام الاجتماعي الحاد الى أقلية غنية مسيطرة تستأثر بالسلطة والثروة واغلبية فقيرة مستلبة الحقوق وتتعرض للقمع والاضطهاد من قبل الأقلية المسيطرة.
• غياب العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة واعباء الإصلاحات الاقتصادية.
إذن العوامل الاقتصادية وان اختلفت طبيعتها من حالة الى أخرى محركات هامة لقيام اي ثورة. ففي الحالتين التونسية والمصرية، فان الأوضاع المعيشية الصعبة وتنامي اسعار الغذاء على نحو خاص تمثل بالتأكيد جزءا من القوى المحركة للثورة وان كان من الخطأ، كما يذهب الكثير من المفكرين، اختزال عوامل قيام الثورة في الجانب الاقتصادي أو اختزال الجانب الاقتصادي في التضخم في اسعار السلع الأساسية. وفي حين يعتبر نجاح الحكومات في اشباع الحاجات الأساسية مصدرا ثانيا من مصادر الشرعية للأنظمة، فإن الفشل في اشباع تلك الحاجات يساهم في تآكل شرعية تلك الأنظمة.

الخاتمة:
رغم الدور الأساسي للثورة التونسية في بدء الثورات على المستوى العربي, إلا أن الثورة المصرية كانت الاكثر إنتشار وتأثيرا فى العالم العربى وذلك لأهمية مصر وتأثيرات التغيرات الحاصلة فيها على المستوى العربي والإقليمي والدولي , وعلى الرغم من أن بوعزيزة كان الشرارة التي أشعلت الثورة في تونس ولكن هذا الحدث لم يأخذ تأثيره لولا توفر الأرضية الصالحة للثورة وتوفر الظروف الملائمة والمتمثلة بالتردي في ميادين الحياة كافة , والاختلاف ما بين تونس ومصر هو فقط اختلاف نسبة تأثير كل عامل من عوامل التردي , وهذه العوامل هي العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
أي إن العامل الاقتصادي ابتداء بالبطالة وتدني المستوى المعيشي وغيرها لم يكن العامل الوحيد ولا العامل الحاسم في الثورة التونسية أو المصرية بل هو أحد العوامل , ورغم أهمية هذا العامل الذي انعكس على الثورة التونسية من خلال إشعال بوعزيزة النار في نفسه لأسباب اقتصادية , وكذلك فان نسبة تأثير هذا العامل تختلف من قطر إلى آخر , مما يعني إن الثورة سواء في تونس أو في مصر لا يمكن حصرها في عامل واحد , بل هي نتيجة لجملة من العوامل , وهنا لا بد من التنويه إلى إن الأسباب أو العوامل التي آدت إلى الثورة , لا تعني ولا يمكن تمثيلها بالضرورة بالنواة التي بدأت بالثورة والتي أشعلت شرارتها , أي إنه ورغم إن العامل الاقتصادي في ثورة مصر عامل أساسي وحاسم ولكن الذين قاموا بالثورة في بدايتها هم شباب الفيس بوك , وهؤلاء جميعا ينتمون إلى الطبقة المثقفة والتي لا تعاني من شظف العيش بل بالعكس فان اغلب عوائلهم من العوائل الميسورة.(1)
أن هناك عوامل مشتركة ما بين مبررات هاتين الثورتين لا بل ما بين اغلب الدول العربية , وعموم دول العالم الثالث والإختلاف هو في نسب تأثير أي من العوامل تلك في هذه الدولة عن مثيلته , وحجم تأثير هذا العامل عن سواه , وبالتالي فان جميع الدول العربية بلا استثناء مرشحة للثورة , مع وجود الاختلافات الشكلية لأسباب ذاتية وموضوعية لكل شعب في التوقيت والأسلوب , فالقوى التي تبنت التغيير ونفذته هم الشباب المستقل غير المنظم وهذا ما أعطاها قوى كبيرة لعدم وضوحها ولعدم تمكن أي نظام من تحديدها ومن ثم السيطرة عليه , لتغلغلها في كل قطاعات المجتمع , بل في كل بيت أو عائلة بغض النظر عن الإنتماء القومي أو الديني أو أي انتماء طبقي أو سياسي لذلك البيت أو العائلة .(1)
وعليه فان الاختلاف ما بين الثورة التونسية والمصرية ما هو إلا اختلاف شكلي , والثورة كانت حتمية نتيجة التردي في أوضاع كل الشعوب العربية , ولا تحتاج إلا لشرارة كما حصل في تونس وإلى ابتداع أسلوب للتنظيم والتواصل كما حصل في مصر , وربما بل وأكيد إن باقى البلدان العريبة التى لم تقم بها ثورات قد يبتدع شبابها أسلوب جديد أو يشعل شرارة من نمط جديد ولكن النتيجة واحدة وهي الثورة.
محمد العبيدى,”الثورة المصرية لماذا وكيف وماهى النتائج”,متاح على:
http://www.almansore.com/Art.php?id=22641

المراجع:
أولا المراجع باللغة العربية:
أ‌- الكتب:
1- الحسينى معدى,”ثورة 25 يناير: انتفاضة شعب وسقوط الفرعون”(القاهرة,دارالخلود للتراث,2011).
2- توفيق المديني,”سقوط الدولة البوليسية في تونس”( بيروت,الدرا العربية للعلوم ناشرون , 2011).
3- خالد السيد محمد,”ثورة 25 يناير”(القاهرة: دار النهضة المصرية,2011).
4- فايز سارة,”العرب وتحديات القرن: مطالع الثورة ومقدمات الربيع العربي”(القاهرة:دار الكتب،2011).
5- محمد المهدى,”عبقرية الثورة المصرية”(القاهرة:دار الشروق,2011).
6- محمد عمارة, “ثورة 25 ينايروكسر حاجز الخوف” (القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر,2011).
7- نادية مصطفى,”الثورة المصرية نموذجا حضاريا”(القاهرة:مركز الحضارة للدراسات السياسية,2011).
8- نزارشقرون,”رواية الثورة التونسية”(تونس: مؤسسة الدوسري للثقافة والإبداع,2011).
9- وحيد عبد المجيد,”ثورة 25 يناير: قراءة أولى”(القاهرة: مركز الاهرام للنشر والتوزيع،2011).

ب‌- الدوريات:
1- احمد زايد،”اركيولوجيا الثورة واعادة البعث للطبقة الوسطى الديمقرلطية”,السياسة الدولية,مؤسسة الاهرام,العدد 42, ابريل 2011.
2- إيمان احمد رجب,”المفاهيم الخاصة بتحليل انهيار النظم السياسية”,السياسة الدولية,مؤسسة الأهرام,العدد184,ابريل2011.
3- دينا شحاته,”محركات التغيير في العالم العربي”,السياسة الدولية,مؤسسة الاهرام,العدد184,ابريل2011.
4- وحيدعبد المجيد,”نهاية الاهانة ثورة 25 يناير ضدالنظام الهش فى مصر”,السياسة الدولية,مؤسسة الأهرام,العدد 184,إبريل2011,ص20.
5- هالة مصطفى,”عودة الروح والوعى الديمقراطية” ,السياسة الدولية,مؤسسة الاهرام,العد د42 ابريل 2011.

ت‌- الرسائل العلمية:
1-باكينام رشاد الشرقاوى,”الظاهرة الثورية والثورة اللإيرانية”،رسالة ماجستير،كلية الأقتصاد والعلوم السياسية,جامعة القاهرة,1993.
ث‌- المواقع الإلكترونية:
1- ابو محمد العبيدى,”الثورة المصرية لماذا وكيف وماهى النتائج”,متاح على:
http://www.almansore.com/Art.php?id=22641
2- أحمد بن عبدالرحمن الصويان,”زمان الفرد يا فرعون ولى”,متاح على:
http://albayan.co.uk/article.aspx?id=656
3- احمد خميس كامل,”المؤثرات الثقافية:” ندوة ” قراءة في مسارات ثورة يناير وخرائطها المعرفية بعد عام ونصف عام”,متاح على:
http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/6/51/2467
4- أحمد مجدى حجازى,”الثورة المصرية علامة حضارية فارقة”,متاح على:
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=478660&eid=6
5- السيد النجار,”الأقتصاد المصرى ومعضلة الفقر فى عهد مبارك,متاح على:
http://25janaer.blogspot.com/2011/09/blog-post_7607.htm
6- جبلاني العبدلي,”قراءة في عوامل نجاح الثورة التونسية”,متاح على:
www.aljazeera.net
7- امال الزيات,”ثورة يناير بريئة من تدهور الأوضاع الاقتصادية”,متاح على:
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=794616&eid=104
8- أميرة صالح,”الاحصاء :ارتفاع معدل البطالة إلى 12.4 % ..و 3.1 مليون مصري عاطلين”,متاح على:
http://www.almasryalyoum.com/node/666171
9- حاتم محمد حسن،”الاسباب العشرة لقيام ثورة 25يناير”،متاح على:
http://zero10.net/2840353
10حسنى ثابت,”ثورات شعبية غيّرت مجرى التاريخ وأسقطت نظم الفساد”,متاح على:
http://www.egynews.net/wps/portal/profiles?params=133554
11- سالم زواوي,”سبب احداث العنف في تونس”,متاح على:
http://www.shabwaonline.com/vb/showthread.php?t=72219
12-كمال بن يونس,”التهميش الشامل :عوامل إندلاع الثورة ضد نظام بن علي في تونس”,متاح على:
http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/12/116/166
13- لطفى حجى,”تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في تونس”,متاح على:
http://www.aljazeera.net/humanrights/pages/1ebf5416-16bf-47f0-a3b5-95feaa0a3d25
14- عبد الله الفقيه,”أسباب الثورات في تونس ومصر واحتمالات انتقالها الى اليمن”,متاح على:
http://www.al-tagheer.com/arts7336.html
15- عدنان الاسمر,”مراحل تطور الثورة”,متاح على:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=270239
16- عزمي بشارة,”وجهات نظر بصدد ثورة تونس الشعبية المجيدة”،متاح على:
http://www.aljazeera.net
17- على عبده محمود,”الثورة التونسية:الأسباب وعوامل النجاح والنتائج”,متاح على:
http://www.sis.gov.eg/VR/34/8.htm
18- ـــــــــــــــ,”أسباب ثورة 25 يناير”,متاح على:
http://www.sis.gov.eg/VR/reveulotion/html/2.htm
19- ــــــــــــــــ, أسباب ثورة الغضب في مصر,متاح على:
http://misrstars.com/vb/showthread.php?t=282320
20- ـــــــــــــــ,”ثورة شباب 25 يناير في مصر -اهم الاسباب واهم النتائج-“,متاح على:
http://www.ansarh.cc/showthread.php?1723325
21- ـــــــــــــــ,”الأسباب الاقتصادية لثورة 25 يناير ما زالت قائمة”,متاح على:
https://www.arabfinance.com/News/newsdetails.aspx?Id=196754
22- ــــــــــــــــــ,”17 سنة من حكم بن علي: دكتاتورية، استغلال، فساد وعمالة”,متاح على:
http://www.albadil.org/spip.php?article346
23- ـــــــــــــــ,”مورخون ثورة تونس الأعنف في تاريخها”,متاح على:
WWW.MAKTOOB.COM
24- ـــــــــــــــــ,”ثورة تونس الأسباب والسياقات والتحديات”,متاح على:
http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb212180-185028&search=books
25- ـــــــــــــــــــ,”عرب في المهجر يتحدثون عن ثورة الياسمين. تكرار التجربة التونسية في البلاد العربية وارد مع اختلاف النتائج”,متاح على:
http://www.elaph.com
26- محمد العبيدى,”الثورة المصرية لماذا وكيف وماهى النتائج”,متاح على:
http://www.almansore.com/Art.php?id=22641
ثانيا المراجع باللغة الأجنبية:
A-Books:
1-Brown, N. J,” Peasant politics in modern Egypt: the struggle against the state”,(Yale University Press,1990).
B-Periodicals:
1- Baredine Arfi, “State Collapse in New Theoritical Framework :The
Case of Yugoslavia”, International Journal of Sociology, vol.28, No.3,Fall 1998.
2-Peter T. Lesson and Andrea M.Dean, “The Democratic Domino Theory:An Empirical Investigation”, American Journal of Political Science,(Vol.53,No.3)Jul.,2009.
C-Websites:
1-Egypt 25 January Revolution: What’s next?,available in:
http://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/64/5112/Egypt/Politics-/Egypt–January-Revolution-Whats-next.aspx
2-Kareem Nawar,” Egypt 25th January Revolution Message To The Whole World”, available in:
http://ezinearticles.com/?Egypt-25th-January-Revolution-Message-To-The-Whole-World&id=5895316
3- Alaa Shukrallah,” An overview of the January 25th revolution”, available in:
http://www.internationalviewpoint.org/spip.php?auteur620
4- Mohamed Hassan , “The causes of the Tunisian revolution go well beyond Ben Ali and his party”, available in:
http://www.michelcollon.info/Mohamed-Hassan-The-causes-of-the.html?lang=fr
5-” Causes of Tunisia’s 2011 Jasmine Revolution”, available in:
http://www.helium.com/items/2077078-causes-of-tunisias-2011-jasmine-revolution

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى