أثر أزمة كورونا علي العملية التشريعية في جمهورية صربيا

اعداد : الهلالي محمد هشام حسين – كلية الإقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمة:-
تعتبر أزمة كورونا أزمة عالمية إجتاحت معظم دول العالم وبلغ عدد المصابين به حتي يوم الحادي والعشرين من ابريل ما يقرب من 2,5 مليون شخص وقد كانت صربيا من أكثر الدول التي انتشر بها هذا الفيروس فقد بلغ عدد الحالات حوالي 7000 حالة ، ويبلغ عدد الحالات اليومية حوالي 300 حالة وقد تزيد أو تقل.([1])
كما أن لكل دولة دستور الذي يحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها كما يحدد الحقوق والحريات العامة للأفراد، فلا يمكن تصور وجود دولة بدون دستور لأنه يعتبر العمود الفقري لأي دولة، كما أن الدستور يحدد رأس الدولة وكيفية توزيع السلطات المختلفة وسبل تعامل كل منها في مواجهة الأزمات التي تمر بها البلاد.
وبما أن أزمة كورونا أزمة إجتاحت دول مختلفة تختلف في نظام الحكم إذا كل دولة سيكون فيها سلطة مختلفة هي المسئولة بصورة أكبر عن التعامل مع هذه الأزمة، فمن الممكن أن يتم الإلتزام بذلك ومن الممكن ايضا أن يحدث غير ذلك وتتعامل سلطات آخرى معه.
ولذلك سوف نرى هل تعاملت جمهورية صربيا مع تلك الأزمة وفقا للدستور؟ وهل تلك الأزمة سوف تؤثر علي العملية التشريعية أم لا؟
ولذلك لا بد لإيضاح ذلك معرفة دستور الدولة ونظامها السياسي أولا حتي نتمكن من معرفة من له أكبر السلطات في الدولة ومن له السلطات الاعلي اثناء أوقات الأزمات والطوارئ وما السبل الواجب فعلها في ذلك الوقت.
* أولا:- نبذة عن دستور دولة صربيا:-
موعد صدور الدستور:- تم صدور أول دستور لجمهورية صربيا عام 1835 وكان يعتبر من اهم الدساتير في العالم في ذلك الوقت، الي ان صدر اكثر من دستور واستقر في النهاية علي الدستور الجديد الذي أعد في 30 سبتمبر 2006 ثم طرح للإستفتاء عليه في يومي 28-29 أكتوبر 2006 ليتم الإعتراف بدولة صربيا دولة مستقلة وتتمتع بالحكم الذاتي وقد حظي الدستور بتأييد أغلبية ولكنها بسيطة حيث حاز بتأييد 51% من الناخبين وأصبح ساري المفعول في 8 نوفمبر 2006 بعد صدوره في الجمعية الوطنية طبقا للمادة 206 من الدستور.([2])
حجمه وأقسامه :- يتكون الدستور الصربي من 206 مادة مقسمة الي عدد من المحاور يبلغ عددها 10 محاور، وفي كل محور يتناول مجموعة من المواد قد تزيد أو تقل علي حسب أهمية كل محور.
فيتناول القسم الأول “مبادئ الدستور” ويتكون من 17 مادة تتعلق بشكل الدولة، وأن السيادة مملوكة للمواطنين، والقانون، الأحزاب السياسية والعلم والنشيد، والأرض، والعاصمة، واللغة، وعلمانية الدولة، والمساواة وغيرها..
أما القسم الثاني فيتناول “حقوق الإنسان والأقليات والحريات” ويحتوي علي 64 مادة تتعلق جميعها بالحريات كالحق
في الحياة، والحرية، والامن ، والسلامة الجسدية، وحظر العبودية، وحرمة المنازل، والعمل ، والتعليم، والميراث والملكية، واحترام حقوق الاقليات والمساواة بينهم ومن الملاحظ أن جميعها مستقاة من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية، والإقتصادية والإجتماعية والثقافية.
أما عن القسم الثالث فيتناول “النظام الإقتصادي والتمويل العام” وتتكون من 15 مادة تتناول بصورة أساسية اعتماد الدولة علي إقتصاد السوق، وحقوق الملكية للأجانب وحماية التراث والمستهلكين، وتتناول الضرائب، والإيرادات، والميزانية، والدين العام، والبنك الوطني وهذه المبادئ تعتمد عليها وذلك بفضل إنضمامها للإتحاد الاوربي الذي يفرض عليها العديد من المبادئ التي تسير عليها وتلتزم بها.
أما القسم الرابع فيتناول” إختصاصات جمهورية صربيا” فهو يتناول مادة واحدة تشمل عدد من الاختصاصات كالسيادة والاستقلال والتجارة والصحة والتنمية المستدامة والضمان الاجتماعي وغيرها.
وبالنسبة للقسم الخامس فهو خاص ب”تنظيم الحكومة” وهو يتكون من 68 مادة تتناول الجمعية الوطنية واهم اختصاصاتها ورئيس الجمهورية والحكومة والادارة العامة والمدافع المدني والجيش والقضاء ومجلس القضاء والنيابة العامة وأغلب هذه الإختصاصات سوف تناقش في النظام السياسي للدولة بعد قليل.
القسم السادس فهو خاص ب”المحكمة الدستورية” تحتوي علي 10 مواد خاصة ب تكوينها واختصاصاتها وتقييم دورها وكيفية انتخابهم وغيرها.
القسم السابع يتعلق ب”التنظيم الاقليمي” وتتكون من 17 مادة خاصة بالحكم الذاتي المحلي وتفويض الاختصاصات..
القسم الثامن يتعلق ب”الدستورية والقانونية” تتكون من 9 مواد خاصة بالتسلسل الهرمي للتشريع والحرب…
القسم التاسع خاص ب”تعديل الدستور” وتتكون من 3 مواد وسيتناول في النقطة التالية.
القسم العاشر المتعلق بدخول حيز التنفيذ منذ صدوره في الجمعية الوطنية ويتكون من مادة واحدة.
شكل الدستور:- يعتبر دستور دولة صربيا دستورا جامدا حيث يفرض إجراءات عديدة ومعقدة من اجل تعديله فطبقا للمواد 203،204،205 من الدستور عند تقديم اقتراح لتعديل الدستور فلا بد ألا يقل عن ثلث النواب ورئيس الجمهورية والحكومة و150,000 ناخب الذي يجعل من الصعب اتفاق كل هؤلاء لإجراء تعديل للدستور، ثم يجب ان تنظر الجمعية الوطنية في هذا الأمر.
لا بد من اعتماد اقتراح التعديل بأغلبية ثلثين النواب وان لم تتحقق هذه الاغلبية لا يجوز تقديم اقتراح آخر الا بعد مرور 12 شهر، وفي حالة تبني مجلس الامة الامر فلا بد من موافقة ثلثين الاعضاء واقراره في استفتاء من قبل المواطنين وخاصة في المواد المتعلقة بالديباجة ومبادئ الدستور والحقوق والحريات، ولا بد ان يطرح للاستفتاء قبل مرور 60 يوم وأن يوافق عليه أغلبية الناخبين.
كما أنه يحظر نهائيا تعديله أوقات الطوارئ والازمات، ولا بد من صدور قانون دستوري حتي يتم تعديل الدستور ويوافق عليه ثلثين النواب.([3])
* ثانيا: ملامح النظام السياسي:
1- نوع الدولة: تعتبر جمهورة صربيا دولة بسيطة تقوم علي أساس الحكم الذاتي.([4])
2- هيكل السلطة التنفيذية: دولة صربيا هي دولة برلمانية ديمقراطية متعددة الأحزاب([5]) فالسلطة في يد الشعب عن طريق البرلمان الذي يتحكم في جميع الأمور وله كل السلطات والصلاحيات العليا في البلاد ورئيس الجمهورية ذو منصب شرفي إلا انه يمتلك ايضا بعض الصلاحيات.
3- كيفية وصول رأس الدولة الي المنصب: تعتبر دولة صربيا دولة جمهورية فالرئيس يصل الي منصبه عن طريق الإنتخاب المباشر بالاقتراع السري طبقا للقانون، ويتم انتخاب الرئيس قبل انتهاء فترته 90 يوم بحيث تنتهي الانتخابات خلال 60 يوما ويؤدي اليمن الدستوري ويكرس كل جهوده للحفاظ علي سيادة ووحدة اراضي صربيا، وينتخب لمدة 5 سنوات، ويجوز إنتخابه مرة ثانية بعد إنتهاء فترة ولايته بحد أقصي فترتين.([6])
4- شكل البرلمان:- يختلف تسمية البرلمان من دولة لاخري فيسمى في البعض كونجرس أو بوندستاغ أو مجلس نواب ولكنه يسمي في صربيا “الجمعية الوطنية” وهي تتكون من غرفة واحدة تم انشائها عام 1858 ويبلغ عدد اعضائها 250 عضوا ويتم انتخابهم مباشرة وبالاقتراع السري طبقا للقانون([7])، ويتم تشكيله من خلال دعوة يقوم بها رئيس الجمهورية لإنتخاب النواب قبل 90 يوما من إنتهاء مدتهم بحيث تنتهي الانتخابات خلال 60 يوما وتنعقد الجلسة الاولي برئاسة رئيس المجلس السابق وتعقد الجلسة خلال 30 يوما من الإعلان النهائي لنتائج الإنتخابات، ويتم إنتخابهم لمدة 4 سنوات. ([8])
5- السلطة القضائية:- تتميز السلطة القضائية بالإستقلال عن السلطات الآخري وتؤدي عملها وفقا للدستور والقانون، كما يحدد القانون إختصاصاتها وتنظيمها وهيكلها.
وتعتبر محكمة النقض العليا هي المحكمة العليا في جمهورية صربيا ومقرها في بلغراد، ويتم انتخاب رئيسها من قبل الجمعية الوطنية بناء علي إقتراح مجلس القضاء الأعلي ويتم انتخابهم لمدة خمس سنوات ولا يجوز انتخابهم مرة اخرى، وقراراتها ملزمة للكل.
مجلس القضاء الأعلي وهو هيئة مستقلة تتكون من 11 عضوا وله اختصاصات خاصة ب تعيين القضاة واعفائهم وفقا للدستور والقانون ويقترح عل الجمعية الوطنية انتخاب رئيس محكمة النقض العليا. ([9])
أما عن طبيعة القضاء الدستوري فهناك المحكمة الدستورية التي تعتبر هيئة مستقلة تحمي الدستور من أي انتهاك وكذلك تحمي حقوق الانسان وحرياته وتحمي الاقليات، وتعتبر قراراته نهائية وملزمة للجميع.([10])
وتمتلك المحكمة الدستورية العديد من الاختصاصات القضائية الهامة التي تلتزم بتنفيذها والتي تتمثل بصورة عامة في الامتثال للقوانين العامة، والامتثال للمعاهدات الدولية المعترف بها من قبل الدستور، ملتزمة بالقوانين العامة الاخري والقوانين العامة الخاصة بالمحافظات المستقلة ووحدات الحكم الذاتي المحلي، والأفعال العامة للمنظمات والاحزاب السياسية والمجتمع المدني.
ويكون دورها الاساسي متمثل في النظرفي وجود تضارب في الاختصاصات بين كل من المحاكم وهيئات الدولة، أو الهيئات الحكومية والاقليمية والمحلية والوحدات الحكومية، أو هيئات المقاطعات هيئات وحدات الحكم الذاتي المحلية، وله الحق في البت في النزاعات الانتخابية، تفصل في حظر الاحزاب السياسية او منظمة نقابية او مدنية. ([11])
يبلغ عدد قضاة المحكمة الدستورية 15 قاضيا يتم انتخابهم وتعيينهم لمدة 9 سنوات ويتم تعيينهم كالاتي: 5 قضاة تعينهم الجمعية العامة، 5 قضاة يعينهم رئيس الجمهورية، 5 اخرين من قبل محكمة النقض العليا.
هؤلاء القضاة لهم طبيعة خاصة فلا يجوز ان يشاركوا في اي وظيفة اخري وله حصانة مثل النواب وتنتتهي ولايته بانقضاء المدة التي قضاها.([12])
6- أما بالنسبة لتقييم الدستورية والشرعية فهناك اجراءات معينة لذلك من قبل هيئات الدولة وهيئات الحكم الذاتي بالاضافة الي 25 نائب علي الاقل، ويمكن لاي شخص عادي أن يتقدم بمبادرة من أجل تقييم الدستورية والشرعية، واذا تم اكتشاف اي قانون غير متوافق مع الدستور يتم ايقاف العمل به ويصبح ساريا بعد نشره في الجريدة الرسمية، كما يجوز للمحكمة الدستورية عند تقييم الي اي مدي يمتثل القانون للدستور ان تلتزم بالقوانين العامة حتي ولو توقفت فاعلياتها بشرط قبل مرور 6 اشهر منذ توقف فاعلياتها.
كما ان هناك اجراءات معينة من اجل تقييم دستورية القانون ولكن قبل دخوله حيز التنفيذ وذلك بناء علي طلب ثلث النواب وفي خلال 7 ايام تلتزم المحكمة بتقييم دستورية القانون الذي تم تمريره.
في حالة ان اصدرت المحكمة الدستورية قرار بعدم دستورية قانون قبل صدوره يعتبر القرار نافذ يوم نشر القانون.([13])
7- طبيعة فصل السلطات وآليات الرقابة والتوازن:-
يقوم دستور جمهورية صربيا علي الفصل بين السلطات فكل سلطة مستقلة في عملها عن السلطات الاخري ولكن في نفس الوقت يضمن وجود توازن ورقابة وسيطرة متبادلة بين جميع السلطات حتي لا تنفرد سلطة واحدة بأمور الدولة.([14])
اولا: فابلنسبة للجمعية الوطنية فهي من تقم بإنتخاب الحكومة والاشراف علي عملها والنظر عند انتهاء مدة الوزراء، كما انها يحق لها تعيين أو حل قضاة المحكمة الدستورية وكذلك رئيس محكمة النقض والنائب العام ورؤساء المحاكم، كما انها يجوز لها الغاء حصانات النواب وكذلك رئيس الجمهورية، كما انها تنظر في الرد علي الاستجوابات. (المادة 99)وان تقدم استجواب للحكومة بشرط الا يقل عدد النواب عن 50 نائب والحكومة ملتزمة بالرد علئ ذلك خلال 30 يوما. ([15])
يجوز للجمعية الوطنية فصل رئيس الجمهورية بسبب مخالفته للدستور بأغلبية ثلثي النواب، كما انها يحق لها ان تبدأ إجراءات الفصل بناء علي اقتراح ثلثي النواب. ([16])
ثانيا: أما بالنسبة لرئيس الجمهورية فله الحق في حل الجمعية الوطنية بناء علي اقتراح مقدم من الحكومة ولكن لا يجوز للحكومة ان تقترح ذلك اذا تم التصويت ضدها بحجب الثقة، ولكن لا يجوز حلها أثناء حالة الحرب والطوارئ. ([17])
كما يجيز له الدستور اصدار مراسيم بقوانين، كما انه يقترح علي مجلس الامة رئيس الوزراء ويقترح من يشغلون منصب الجمعية الوطنية. ([18])
ثالثا: أما بالنسبة للمحكمة الدستورية فتفصل في مخالفة رئيس الجمهورية للدستور في موعد لا يتجاوز 45 يوما.
رابعا: أما الحكومة فهي صاحبة السلطة التنفيذية لتي تقوم بتنفيذ القرارات ولها الحق في اقتراح القوانين والتشريعات، والحكومة مسئولة امام الجمعية الوطنية عن تنفيذ القوانين، اما الوزراء فهم مسئولون امام رئيس الوزراء والجمعية الوطنية، لا يجوز لعضو الحكومة ان يكون نائب في الجمعية الوطنية.([19])
اذا ارادت الجمعية الوطنية سحب الثقة من الحكومة ثم فشلت في تشكيل حكومة جديدة خلال 30 يوما يقوم رئيس الجمهورية بحل الجمعية العامة وانتخاب برلمان جديد. ([20])
* ثالثا: العملية التشريعية:-
1- من له حق إقتراح القوانين:- العملية التشريعية في جمهورية صربيا لا تقتصر علي سلطة معينة أو هيكل معين في الدولة فحق إقتراح القانون مكفول للعديد من الأفراد والهيئات فهو متاح لكل نائب أو الحكومة أوما لا يقل عن 30,000 ناخب كما يحق للمدافع المدني أو المصرف الصربي اقتراح القوانين ولكن بشرط ان تقع ضمن اختصاصاتها. ([21])
2- أما بالنسبة لمناقشة وإقرار القوانين:- فإنها من الإختصاص الأساسي للجمعية الوطنية التي كفلها الدستور سلطة التشريع وسن القوانين وغيرها من القوانين العامة ([22])
كما تلتزم الجمعية الوطنية باقرار القوانين التي يصدرها رئيس الجهورية بإجمالي الاصوات من عدد النواب.([23])
3- أما من حيث الاعتراض علي القوانين:- يحق للمحكمة الدستورية الاعتراض علي القوانين التي تفتقد الدستورية والشرعية أي أنها اذا وجدت قانون يتعارض مع الدستور فإنها توقف العمل به ويعتبر القرار نافذ المفعول من يوم صدوره في الجريدة الرسمية ويحق لها الاعتراض علي القوانين بحكم السلطات والاختصاصات الممنوحة لها والتي كفلها لها الدستور حتي يكون هناك رقابة علي دستورية التشريعات والقوانين.([24])
لكي تصدر القوانين وتدخل حيز النفاذ سواء كانت صادرة من الجمعية العامة أو رئيس الجمهورية أو الحكومة أو حتي الأفراد فلا بد من موافقة الجمعية العامة عليها لكي تصدر وتصبح سارية المفعول وذلك لأن الدستور منحها سلطات عديدة وذلك بحكم كونها دولة برلمانية تمتلك أغلب السلطات وأي برلمان تكمن سلطته الأساسية في التشريع وهو الذي بيده السلطة العليا حتي تصدر القوانين وتدخل حيز التنفيذ بعد صدورها في الجريدة الرسمية مباشرة.
أما بالنسبة لوجود رقابة سابقة علي التشريعات فإن المحكمة الدستورية تقوم بتقييم دستورية القوانين قبل دخولها حيز التنفيذ من خلال طلب يقوم به ثلث عدد النواب علي الاقل وتلتزم المحكمة الدستورية بتقييم دستورية هذا القانون خلال 7 أيام ولكن بشرط عدم صدور مرسوم به. ([25])
* رابعا:- التفويض التشريعي:
إن التفويض التشريعي قيام السلطة التشريعية بتفويض بعض من إختصاصاتها إلي السلطة التنفيذية المتمثلة في إصدارالقوانين فهو يعتبر تنازل مؤقت عن جزء من وظيفته التشريعية إلي السلطة التنفيذية.
وبالنسبة لجمهورية صربيا فهي أتاحت للحكمومة الحق في إقتراح القوانين والتشريعات العامة علي الجمعية الوطنية كما اتاحت لها الحق في إبداء الرأى فيها عندما يقترحها محرك أخر، وللسلطة التانفيذية أيضا الحق في إعتماد اللوائح والقوانين بهدف تنفيذ إنفاذ القوانين.([26])
أما عن دور البرلمان في إعلان حالة الطوارئ فقد أتاح لها الدستور ذلك ([27])كما أتاح لها في حالة وجود خطر عام يهدد بقاء الدولة أو يهدد مواطنيها أن تعلن حالة الطوارئ ولكن بشرط ان يكون القرار ساري لمدة 90 يوم فقط كما أجاز لها عند انتهاء حالة الطوترئ تمديد القرار لمدة 90 يوم آخرين بأغلبية الاصوات من إجمالي النواب.
كما أنه يجوز إنعقاد البرلمان دون دعوة ولا يجوز رفضه، كما ان الجمعية الوطنية تحدد التدابير الواجب اتخاذها ولكن بشرط عدم تقييد حقوق الانسان او حقوق الاقليات. ([28])
يجوز طبقا للدستور تقييد حرية التنقل والاقامة وكذلك مغادرة البلاد اذا لزم الامر وذلك بسبب اجراءات معينة تتخذها الدولة وأهمها الوقاية لنشر امراض معدية أو الدفاع عن جمهورية صربيا. ([29])
أما بالنسبة لجواز تعطيل إنعقاد البرلمان فإنه لا يجوز طبقا للدستور لان الدستور أعطاها الحق في الانعقاد في أي وقت حتي في اوقات الحرب أو الطوارئ ، كما انه لا يجوز حلها ايضا في ذلك الوقت، ولكن يمكن للرئيس حله بناء علي طلب مقدم من الحكومة طبقا للمادة 109 من الدستور.
* خامسا:- إنعقاد البرلمان في أوقات الأزمة:
أولا:- فيما يتعلق بإنعقاد البرلمان في أوقات الأزمة فقد إنعقد البرلمان ولأول مرة منذ انتشار الازمة في أول مارس إنعقد البرلمان في 28 ابريل، فقد عقد رئيس الجمعية الوطنية الجلسة الاولي خلال حالة الطوارئ والتي ناقش فيها العديد من القضايا الهامة الخاصة بإنتشار فيرس كورونا المستجد.
ثانيا:- القضايا التي ناقشها البرلمان خلال الأزمة:-
إنعقد البرلمان خلال الازمة وناقش العديد من القضايا وتم تحديد جدول الأعمال ليشمل التالي :
– مشروع قانون لتأكيد حالة الطوارئ المقدم من الحكومة
– مشروع قانن لتأكيد مراسيم الحكومة يوقعه رئيس الجمهورية وهو مقدم من الحكومة أثناء حالة الطوارئ التي تمر بها البلاد.
وقد قامت الجمعية الوطنية بمناقشة اقتراح رئيس الجمعية الوطنية لمناقشة هذين البندين في جدول الأعمال الخاص بهم.
والجدير بالذكر أن هذه الجلسة اشتملت علي العديد من الوزراء الذين لديهم قدرة عالية في مواجهة هذا الفيرس فقد حضره كل من رئيس الوزراء ونائبه ووزير الداخلية ووزيرة الصحة ووزير الدفاع ووزير الزراعة والغابات وادارة المياه.
وانتهي المؤتمر في اليوم التالي 29 ابريل بالتالي : مشروع قانون تأكيد حالة الطوارئ،ومشروع قانون خاص بتأكيد المراسيم موقع من رئيس الجمهورية المعتمد أثناء حالة الطوارئ.
وإعتمدت الجمعية الوطنية بأغلبية الأصوات هذين القرارين كما نظرت في بعض الانتهاكات ضد القواعد الاجرائية التي اشتكي منها بعض الاعضاء وقررت عدم انتهاك اي من تلك القواعد وبذلك انتهت الدورة الاولي للجمعية الوطنية أثناء حالة الطوارئ.([30])
هذا وقد إنعقدت الدورة الثانية للبرلمان في 6 مايو وناقش قرارين أساسيين:
– القرار المتعلق بإلغاء حالة الطوارئ مقدم من الحكومة.
– مشروع قانون بشأن صحة المراسيم التي أصدرها رئيس الجمهورية أثناء حالة الطوارئ والتي أقرتها الجمعية الوطنية مقدمة من الحكومة.
وتم إعتماد القرارين بأغلبية الاصوات وقررت الجمعية عدم وجود أي انتهاكات للقواعد الاجرائية.([31])
ثانيا:- فيما يتعلق بقدرة الحكومة علي التعامل مع الازمة وعلاقتها بالبرلمان فإن رئيس الجمهورية قام بإعلان حالة لطوارئ في البلاد عقب إنتشار فيروس كورونا المستجد وذلك طبقا للدستور الذي أعطاه الحق في ذلك ولكن البرلمان لم يتيح له الفرصة ليصدرذلك وحده بل إجتمع بعدها بفترة للنظر في هذا القرار وإجتمع مرتين حتي يوم 6/5 لإقرار القرارات المتخذة في تلك الفترة ووافقت الجمعية علي ذلك وإجتمعت مرة آخرى وألغت حالة الطوارئ مرة آخري.
ثالثا:- الأدوار التي لعبها البرلمان خلال الأزمة:-
دور البرلمان في تعديل التشريعات لمواجهة الأزمة:
إجتمعت لجنة الصحة والأسرة من أجل مناقشة تعديل قانون حماية السكان ضد العدوي والامراض إلا ان اللجنة والحكومة لم توافق علي اي من تلك التعديلات المثلاثة المقترحة.([32])
كما اجتمعت لجنة القضاء والادارة والحكم الذاتي المحلي ونظروا في مشاريع القوانين مقدمة من أجل تعديل قوانين انتخاب النواب ومشرو قانون لتعديل قانون الانتخابات المحلية المقدم من الحكومة والجدير بالذكرأن الحكومة واللجنة لم توافق علي أي من التعديلات التسعة الخاصة بقانون إنتخاب النواب ولا أي تعديل من التعديلات الثمانية الخاصة بتعديل قانون الانتخابات المحلية.([33])
كما أن الجلسة 153 الخاصة بالشئون الدستورية والتشريعية فقدم إليها مشروع قانون من أجل تعديل قانون انتخاب النواب، وقانون الانتخابات المحلية، وقانون حماية السكان من الأمراض المعدية مقدمين من الحكومة ولكن في هذه المرة تم الموافقة علي أغلبية التعديلات المقترحة فوافقت علي التسع تعديلات الخاصة بقانون إنتخاب النواب لأنها لا تتعارض مع الدستور ولا النظام القانوني لجمهورية صربيا، ورفضت تعديلا واحدا من قانون الانتخابات المحلية ووافقت علي السبع تعديلات الباقية، كما أكدت علي عدم وجود مانع من تعديلات ثلاثة خاصة بقانون حماية السكان من الأمراض المعدية.([34])
ومما سبق نستنتج أن:- حالة الطوارئ أعلنها رئيس جمهورية صربيا بعد إنتشار المرض مباشرة وإلتزمت الحكومة بها إلي ان اجتمعت الجمعية الوطنية وقررت إلغائها في الجلسة الثانية، ولم يقم البرلمان بتفويض الحكومة لوضع أي قوانين أثناء الازمة ولكن كان للجمعية الوطنية دور في تعديل بعض القوانين من أجل مواجهة الأزمة التي إقترحتها الحكومة ووافق البرلمان علي القوانين الذي رأى عدم وجود تعارض بينها وبين الدستور.
ولقد كان هناك توزن بين السلطات أثناء الأزمة وكل سلطة تقوم بالأعمال المنوطة بها وفقا لما حدده لها الدستور مثل إعلان الرئيس حالة الطوارئ وإجتماع الجمعية الوطنية للنظر في ذلك بعد فترة.
مستقبل النظام الدستوري في الدولة:-
من وجهة نظري أن طبيعة النظام الدستوري لم تتأثر فالعلاقة بين السلطتين المختلفتين ما زالت قائمة وكل سلطة ما زالت قائمة بإختصاصاتها التي حددها لها الدستور والدليل علي ذلك أنه عندما أصدر رئيس الجمهورية حالة الطوارئ إنعقد البرلمان وناقش القرارات التي إتخذها رئيس الجمهورية للتاكد من إستيفائها للمعايير الشكلية والواضح خلال الجلسة الأولي المنعقدة للبرلمان.
كما أن البرلمان رفض عدد من التعديلات الخاصة بالقوانين المقدمة من الحكومة خلال الأزمة مثل قانون إنتخابات النواب، وقانون الإنتخابات المحلية، وقانون الحماية من الأمراض المعدية.
من وجهة نظري أن الأزمة لم تؤثر علي النظام السياسي للدولة ومن أهم الأدلة علي ذلك أن الدولة تستعد لإجراء انتخابات للجمعية العامة في 21 يونيو القادم بعد ان كان من المفترض أدائها في شهر إبريل وتم تأجيلها بسبب حالة الطوارئ الحادثة في البلاد بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، كما أنها عازمة علي ذلك سواء كانت الازمة مستمرة أم لا، كما أنها الجمعية العامة انعقدت في أوقات الازمة لإقرار المراسيم التي إتخذها رئيس الجمهورية إعمالا للدستور وطبقا لطبيعة نظام الدولة الذي يقضي ويمنح السلطات العليا للبرلمان.([35])
كما أنها رفعت حالة الطوارئ في يوم 5 مايو وسوف يحدد وقت لإعلان موعد المباريات الرياضية، وكل ذلك يعني أن الأزمة لم تؤثر علي النظام الدستوري أو السياسي في البلاد.
كما إنعقدت الجمعية الوطنية للمرة الثانية وألغت حالة الطوارئ الموجودة في البلاد استعدادا لعودة الحياة الي طبيعتها مع وجود تراجع في عدد الحالات المصابة بالفيروس.
فالازمة لم ثؤثر علي النظام الدستوري ولا النظام السياسي وانما ظلوا كما هما دون حدوث أي تغييرات به.
اما بالنسبة لطرح تعديلات دستورية في أوقات الأزمة، فالجدير بالذكر أنه لم تطرح أي تعديلات دستورية في اوقات الأزمة وذلك يعود بصفة أساسية الي طبيعة الدستور الذي ينص صراحة علي حظر تعديل أى مادة من مواد الدستور في اوقات الحرب أو الطوارئ حتي لو حاولوا فرض أي تعديل للدستور فإنه سوف يأخذ إجراءات صعبة من اجل تعديله وذلك لكونه دستورا جامدا كما تم ايضاحه من قبل.([36])
[1] https://news.google.com/covid19/map?hl=ar&gl=EG&ceid=EG:ar
تاريخ الدخول 21-4-2020
الأمم المتحدة، الإستعراض الدوري الشامل تقرير الفريق المعني بالاستعراض الدوري الشامل، تقرير الامم المتحدة، 2009، ص3[2]
[3] Constitution of The Republic of Serbia,article 203-204-205
[4] Constitution of The Republic of Serbia,article12
[5] http://migrantserbia.org/ar/%D8%B9%D9%86-%D8%B5%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A7/
تاريخ الدخول 21-4-2020
[6] Constitution of The Republic of Serbia,article 114:116
سلوى الزغبي، عمره 160 عاما.. تعرف على البرلمان الصربي قبل كلمة عبدالعال داخله، جريدة الوطن، منشور بتاريخ 19 يوليو 2018
https://www.elwatannews.com/news/details/3534377 متاح علي الرابط التالي
تاريخ الدخول 21-4-2020
[8]Constitution of The Republic of Serbia,article100:102
[9] Constitution of The Republic of Serbia,article 144:154
[10]Constitution of The Republic of Serbia,article 166
[11]Constitution of The Republic of Serbia,article 167
[12] Constitution of The Republic of Serbia,article 172:174
[13] Constitution of The Republic of Serbia,article 168-169
[14] Constitution of The Republic of Serbia,article 4
[15] Constitution of The Republic of Serbia,article 129
[16] Constitution of The Republic of Serbia,article 118
[17] Constitution of The Republic of Serbia,article109
[18] Constitution of The Republic of Serbia,article 112
[19] Constitution of The Republic of Serbia,article 122:126
[20] Constitution of The Republic of Serbia,article 130
[21] Constitution of The Republic of Serbia,article 107
[22] Constitution of The Republic of Serbia,article 98-99
[23] Constitution of The Republic of Serbia,article 113
[24] Constitution of The Republic of Serbia,article 168
[25] Constitution of The Republic of Serbia,article169
[26] Constitution of The Republic of Serbia,article 123
[27] Constitution of The Republic of Serbia,article 105
[28] Constitution of The Republic of Serbia,article 200
[29] Constitution of The Republic of Serbia,article 39
[30] الموقع الرسمي للبرلمان الصربي، متاح علي الرابط التالي/
تاريخ الدخول: 22-5-2020
[31] http://www.parlament.gov.rs/Second_Session_of_the_National_Assembly_of_the_Republic_of_Serbia_During_the_State_of_Emergency.38967.537.html
تاريخ الدخول: 22-5-2020
[32] http://www.parlament.gov.rs/27th_Sitting_of_the_Health_and_Family_Committee.38989.537.html
تاريخ الدخول 26-5-2020
[33] http://www.parlament.gov.rs/85th_Sitting_of_the_Committee_on_the_Judiciary,_Public_Administration_and_Local_Self-Government.38990.537.html
26-5-2020
[34] http://www.parlament.gov.rs/153rd_Sitting_of_the_Committee_on_Constitutional_and_Legislative_Issues_.38991.537.html
تاريخ الدخول 26-5-2020
[35] https://www.youm7.com/story/2020/5/5/%D8%B5%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%B1-%D8%A5%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-21-%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%B1%D8%BA%D9%85-%D9%81%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%B3/4758277
تاريخ الدخول: 22-5-2020
[36] Constitution of The Republic of Serbia,article204