الدراسات البحثيةالمتخصصة

البرنامـــج النــووي الإيرانــى وانعكاساتـــه علــى أمـــن دول مجلـس التعــاون الخليجــى 2015-2022

إعــــــــــــــــــــــــــــــــداد  : أحمد حسن منصور خليل ,حنان بهذاد محمود عبداللطيف , سعاد صلاح نصر أحمد , تقي مدحت محمود مبروك , ندى عوض مرزوق محمد – إشــــــــــــــــــــــــــراف:- د. ياسمين أحمد اسماعيل صالح – كلية السياسة والاقتصاد – جامعـــة بني سويــف – مصر

 

  • المركز الديمقراطي العربي

 

الملخص:

يعتبر الانتشار النووي أحد أبرز التحديات الأمنية في النظام الدولي لما بعد الحرب الباردة ، نظرًا لسعي دول عديدة لامتلاك قدرات نووية نظرًا لاعتبارها وسيله مثالية لتأمين نفسها وتحقيق أمنها، ولقد آثار موضوع الملف النووي الإيراني قلق العالم بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص، لأن من شأنه أن يؤثر علي البيئة الاستراتيجية لمنطقه الشرق الأوسط والخليج، كما أنه يفرض تهديدًا مباشرًا لمصالح أمريكا.

تستهدف هذه الدراسة تحليل وتوضيح للبرنامج النووي الإيراني وانعكاساته علي دول مجلس التعاون الخليجي وبيان مواقف دول الخليج والتعرف علي المتغير القيادي في إيران خلال الفترة ( 2022:2015) وكذلك تسليط الضوء علي مواقع التقارب والتباعد ما بين الجانبين الإيراني والخليجي، كما تستهدف التعرف علي مجمل التغيرات والظروف الجيوسياسية التي ستترتب علي مواصلة إيران للتسلح في المنطقة، خاصة في المجال النووي، بالإضافة إلي التعرف علي الآليات والأساليب التي تنتهجها إيران في التعامل مع تطورات أزمة ملفها النووي، وكذلك مدي انعكاس المواقف الدولية والإقليمية علي العلاقة بينهما، وبناءً علي ذلك انقسم الرأي العربي وطالب دول الخليج بعمل مفاوضات وأن يتم تضمنيهم في المفاوضات حتي يكون لديهم الفرصة لعرض مصالحهم والحصول علي الضمانات.

توصلت الدراسة لعدد من النتائج أهمها أصبحت إيران عامل مؤثر في المعادلة الأمنية الإقليمية ،حيث لا تستطيع أي قوة سواء إقليميه أو دولية أن تهملها خاصة في ظل حكومة إبراهيم رئيسي الذي انتهج سياسة متصلبة، كما توصلت الدراسة إلي أنه من المتوقع خلال عهد الرئيس الأمريكي الحالي “چو بايدن” العودة الي إحياء الاتفاق النووي مرة اخري.

وخلصت الدراسة إلي عدد من التوصيات أهمها ضرورة العمل علي تقوية الثقة والتواصل بين مختلف دول مجلس التعاون الخليجي وبقية أطراف النظام العربي، و إعادة النظر في طبيعة العلاقات الخليجية الإيرانية في مجالات الأمن والتعاون وتقديم بدائل قادرة علي فهم حالة الاستقرار بينهم، وأخيرًا حاولت الدراسة الإشارة إلي تفصيل الأحداث إضافةً إلي السيناريوهات المستقبلية لهذه الدراسة.

Abstract

Nuclear proliferation is considered one of the most important security challenges in the post-Cold War international system, due to the quest by many countries to acquire nuclear capabilities, as it is considered an ideal way to secure themselves and achieve their security, It affects the strategic environment of the Middle East and the Gulf region, as it poses a direct threat to the interests of America.

This study aims to analyze and clarify the Iranian nuclear program and its repercussions on the Gulf countries, to clarify the positions of the Gulf countries, to identify the leadership variable in Iran during the period (2015: 2022), as well as to shed light on the sites of convergence and divergence between the Iranian and Gulf sides, as well as to identify the overall changes and geopolitical conditions which will result in Iran’s continuation of armament in the region, especially in the nuclear field, in addition to identifying the mechanisms and methods pursued by Iran in dealing with the developments of the crisis of its nuclear file, as well as the extent to which international and regional positions reflect on the relationship between them, and accordingly the Arab opinion was divided and demanded the Gulf states  to conduct negotiations and to be included in the negotiations so that they have the opportunity to present their interests and obtain the guarantees.

The study has reached a number of results, Iran has become an influential factor in the regional security equation, where no power or international can not neglect it with a prime minister under the main government of Abraham, which has been an unrestricted policy, and the study has been expected during the era US President John Biden returns to revive nuclear agreement again.

The study concluded with a number of recommendations, most notably the need to strengthen confidence and communication between the various Gulf States and the sides of the various Arab international regime, re-examined the nature of Iranian Gulf relations in the areas of security and cooperation and provide alternatives to understanding of stability Among them, Finally, the study tried to refer to events in addition to future scenarios for this study.

مقدمة:-

تعد منطقة الخليج العربي  كتلة شديدة الأهمية للعرب، لذلك  فهي تتعرض للعديد من المخاطر التي تهدد أمنها؛ نتيجة لما تملكه من ثروات ضخمة من الغاز والنفط، فمن الطبيعي أن تشهد تدخلات إقليمية عديدة من بينها إيران، حيث ارتبطت شعوب دول الخليج منذ قديم الزمن بجيرانهم علي الجانب الإيراني سواء من الناحية السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية، وقد ترك آثارًا واضحة في تاريخ المنطقة .

إن توجهات السياسة الإيرانية تجاه دول الخليج منذ عهد النشأة تعكسها رؤية طهران الاستراتيجية ودورها الإقليمي وأنها قوة إقليمية لها مصالحها وعلي الآخرين التعامل معها من هذا المنطلق، الأمر الذي يحتم علي الدول الخليجية أن تطرح العديد من البدائل لتحدد كيفية التعامل مع طهران في المراحل القادمة، خاصةً في ظل إصرار إيران علي سياستها للتعامل مع دول الخليج وعدم العمل علي تغييرها والذي ظهر في أزمات مثل الجزر الإماراتية والنفوذ الإيراني والبرنامج الإيراني النووي.

هذا ويُنظر لمشروع إيران النووي علي أنه عقبة أمام أمن دول الخليج وأمام العلاقات الخليجية الإيرانية، خاصةً مع انقسام دول الخليج فيما يتعلق بهذا البرنامج النووي وتدخلات الدول الكبرى، وخوف دول الخليج من تأثير هذا المشروع علي استقرار المنطقة والذي يظهر من خلال مواقف دول الخليج، ومن الممكن أن تظهر صعوبة في تحديد الاتجاهات التي قد تسلكها الأزمة النووية مستقبلاً بسبب التطورات التي تلحق بها، بالإضافة إلي أن المشروع النووي الإيراني وانعدام الشفافية يمثلان تهديدًا لأمن دول الخليج خاصةً مع حصول إيران علي السلاح النووي، اذ سيؤدي الي عدم استقرار وإلي سباق تسلح بين دول الخليج العربي، لذا جاءت هذه الدراسة لتوضح طبيعة البرنامج النووي الإيراني وأهدافه، وأثره علي أمن دول مجلس التعاون الخليجي، مع الإشارة إلى طبيعة العلاقات الخليجية الإيرانية في عهدي الرئيس حسن روحاني وإبراهيم رئيسي، ومواقف القوى الدولية والإقليمية تجاه البرنامج النووي الإيراني.

المشكلة البحثية :-

بعد سنوات من المفاوضات، توصلت إيران وأمريكا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا في 2015 إلى الاتفاق النووي الذي عرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، هذا الاتفاق رفع عقوبات اقتصادية دولية كانت مفروضة على طهران في مقابل خفض أنشطتها النووية التي تهدد منطقة الخليج العربي، وبالرغم من انسحاب أمريكا في فترة حكم  “ترامب” من الاتفاق في  2018 إلى أن إيران ظلت في طريقها نحو البرنامج النووي، والذي يشكل تهديد كبير على دول الخليج والمنطقة، فامتـلاك إيـران للبـرنامج النووي سيكون له تأثير على توازنات القوى الدولية والإقليمية وعلى منطقة الخليج خاصةً، لذا جاءت هذه الدراسة لتجيب على تساؤل رئيسي وهام وهو : إلى أي مدى أثر البرنامج النووي الإيراني على أمن دول الخليج العربي ؟

ويتفرع عن هذا التساؤل الرئيسي عدة تساؤلات فرعية :-

  • ما هي محددات العلاقات الخليجية الإيرانية في ظل المتغير القيادي لإيران ؟
  • ما هي طبيعة و دوافع وأهداف البرنامج النووي الإيراني ؟
  • ما هي التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يفرضها البرنامج النووي الإيراني علي الخليج العربي ؟
  • ماهي المواقف و الاجراءات التي تتخذها دول مجلس التعاون الخليجي تجاه هذا البرنامج؟
  • ما هي ردود فعل القوي الكبرى علي محاولات إيران النووية ؟
  • ماهي السيناريوهات المستقبلية للعلاقات الخليجية الإيرانية في ظل الطموحات النووية لدي ايران؟

أهمية الدراسة :-

تنبع أهمية هذه الدراسة من تناولها لموضوع من أهم الموضوعات المتعلقة بالأمن القومي العربي، اذ تبحث هذه الدراسة في أثر البرنامج النووي الإيراني على أمن دول الخليج العربي، وهنا تنقسم أهمية الدراسة إلي أهمية نظرية وأخري عملية يمكن توضحيهما علي النحو التالي:-

أ – الأهمية العلمية ( النظرية )

تتمثل في الجهد النظري للدراسة من خلال

  • توضح الحصيلة المعرفية عن طبيعة العلاقات الإيرانية الخليجية .
  • تسهم في إفادة المختصين والمهتمين بمجال العلاقات الدولية بين إيران ودول الخليج.
  • تسهم في معرفة طبيعة البرنامج النووي الإيراني وتطوره.

ب : الأهمية العملية ( التطبيقية )

تأتي أهمية الموضوع من خلال إلقاء الضوء علي أثر التسلح الإيراني علي أمن دول الخليج، وكذلك معرفة مستقبل البرنامج النووي الإيراني حيث تتناول الدراسة :

  • تطورات البرنامج النووي الإيراني، والذى أدى إلى إحداث أزمة إقليمية في المنطقة.
  • المواقف الدولية والإقليمية تجاه البرنامج النووي الإيراني.
  • السيناريوهات المستقبلية للعلاقات الخليجية الإيرانية.
  • أهم المقترحات والتوصيات لتعزيز العلاقات الخليجية الإيرانية.

أهداف الدراسة:-

تسعي الدراسة إلي تحقيق عدة أهداف:

  • الكشف عن طبيعة البرنامج النووي الإيراني، وأثره علي دول الخليج .
  • الكشف عن العلاقات الخليجية الإيرانية في ظل إصرار إيران على استكمال عمليات تطوير برنامجها النووي.
  • التعرف علي المسارات التي تتبعها إيران في ملفها النووي.
  • التعرف علي المواقف الدولية والإقليمية تجاه الملف النووي الإيراني.

حدود الدراسة:-

  • الإطار المكاني : تقتصر حدود هذه الدراسة على جغرافية إيران، ومنطقة الخليج العربي، فقد جاءت الدراسة لتتناول أثر البرنامج النووي الإيراني على العلاقات الخليجية الإيرانية، ومواقف القوى الدولية والإقليمية تجاه البرنامج النووي الإيراني.
  • الإطار الزماني : تمثلت الحدود الزمنية في الفترة من 2022:2015 وقد تمثل السبب في اختيار هذه الفترة لأنه في عام 2015 كانت المراحل الحاسمة للاتفاق النووي بين إيران ومجموعة القوي الكبرى (5+1) بالإضافة إلي ألمانيا بعد مفاوضات شاقة، وتنتهي حدود الدراسة في 2022 نتيجة لسنوات من الجهود الدبلوماسية بشأن برنامج إيران النووي ونتيجة تغير الإدارة الأمريكية، حيث تكثفت الجهود من أجل إحياء الاتفاق النووي.
  • الإطار الموضوعي : تتمثل حدود موضوع الدراسة في البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته علي أمن دول الخليج منذ 2015 وصولاً إلي مستجدات الدراسة 2022.
  • الإطار المجالي : يندرج البحث في إطار العلاقات الدولية وتأثير دولة إيران وتطور قدراتها النووية علي أمن دول الخليج والمنطقة.

فروض الدراسة:-

تنطلق الدراسة من فرضية رئيسية هي ” يسهم تطور القدرات النووية لإيران في توتر العلاقات الإيرانية مع دول الخليج ” ويتفرع منها فروض فرعية وهي:

  • إن البرنامج النووي يهدد أمن منطقة الخليج العربي ويترتب عليه دخول المنطقة في سباق تسلح .
  • تتعامل أمريكا مع هذا الملف ليس من منطلق ما يمكن أن يخلفه هذا البرنامج علي المستوي العالمي لمنع الانتشار النووي، ولكن من منظور ما يشكله من تهديد لمصالح الولايات المتحدة ولأمن حلفائها في الخليج العربي وإسرائيل.

الإطار النظري للدراسة:-

و يشمل إطارين تحليليين وهما: (الإطار المفاهيمى، الإطار المنهجي)

أ- الإطار المفاهيمي التحليلي: اشتملت الدراسة على عدد من المفاهيم، والتي تم تقسيمها إلى:

(مفاهيم أساسية، ومفاهيم فرعية ) كالتالي:

  • المفاهيم الأساسية:
  • الأمن القومي:

التعريف الاصطلاحي للأمن القومي: يعرف على أنه قدرة الدولة ليس فقط على حماية الوطن من التهديدات التي تواجهه وإنما يتصل كذلك بقدرة الدولة على حماية مواطنيها وتحسين نوعية الحياة وجودتها ورفع مستوى المعيشة للمواطنين وزيادة القدرة التوزيعية للدولة بما يحد من الحرمان الاقتصادي الذي يدفع إلى عدم الرضا والإحباط ومن ثم اللجوء للعنف، والتعريف الإجرائي “للأمن القومي” هو قدرة الدولة على حماية حدودها والمواطنين من التهديدات الخارجية ورفع مستوى معيشة المواطنين وتحسين نوعية الحياة”.

  • العلاقات الدولية:

هي فرع من فروع العلوم السياسية و يهتم بدراسة كل الظواهر التي تتجاوز الحدود الدولية، علمًا بأنه لا يقتصر على دراسة أو تحليل الجوانب أو الأبعاد السياسية فقط في العلاقات بين الدول و إنما يتعداها إلى مختلف الأبعاد الاقتصادية و العقائدية و الثقافية و الاجتماعية، كما أنه لا يقتصر على تحليل العلاقات بين الدول وحدها وإنما يتعدى ذلك ليشمل كثير من الأشكال التنظيمية سواء كانت تتمتع بالشخصية القانونية الدولية أو لا تتمتع بذلك.

  • البرنامج النووي الإيراني:

هو اتجاه إيران نحو السعي إلي امتلاك القوة الشاملة، بما فيها الأنشطة التي تقوم بها في مجال امتلاك القدرات النووية، والتي من الممكن مستقبلاً استخدامها في المجال العسكري، هو بناء مفاعلات نووية إيرانية حيث يتألف البرنامج النووي الحالي من عدة مواقع بحث، منجم يورانيوم، مفاعل بو شهر نووي، ومحطة لتخصيب اليورانيوم، وتسعى الحكومة الإيرانية للحصول من خلال البرنامج النووي على تطوير القدرة على إنتاج الطاقة النووية لتوليد الكهرباء والوصول إلى (6000) ميجاواط من الكهرباء، وامتلاك إيران لهذا البرنامج النووي سيكون له تأثير على توازنات القوى الدولية والإقليمية وعلى منطقة الخليج خاصةً.

  • المفاهيم الفرعية:
  • معضلة الأمن:

هو مفهوم بنيوي، تقود فيه محاولات الدول للسهر علي متطلباتها الأمنية بدافع الاعتماد علي الذات، وهي عدد الوسائل التي تسعي الدولة من خلالها زيادة أمنها في الأوضاع التي تتواجد فيها الحكومات أمام مشاكل تمس أمنها.

  • الأمن:

الأمن حالة يشعر فيها أفراد المجتمع بالاستقرار والسكينة تتناسب طرديًا مع الامتنـاع عـن ارتكاب الأفعـال التـي تحرمهـا التشريعات والأنظمـة فـي ذلـك المجتمـع.

  • توازن القوى:

توزيع القوة بين الدول بحيث لا يكون باستطاعة أي دولة من الدول أن تهدد فعلاً المصالح الحيوية لأي دولة أخرى، حيث لا يسمح لدولة ما أو مجموعة متحالفة مـن الدول بالانفراد بالهيمنة في العالم، واستغلال إمكانياتها العسكرية والاقتصادية في السيطرة علـى دول أخرى أو فرض إرادتها عليها، أو التدخل ضد مصالحها.

  • التحالف:

هي اتفاق بين دولتين أو أكثر على تدابير معينة ولحماية أعضائه من قوة أخرى تبدو مهددة لأمن كل من هؤلاء الأعضاء، كما أنه اتفاق رسمي تتعهد بموجبه مجموعة من الدول بأن تتعاون فيما بينها في مجال الاستخدام المشترك لقدراتها العسكرية ضد دول أو دولة معينة، كما تلتزم بمقتضاه الدول الموقعة باستخدام القوة أو التشاور باستخدامها في ظل ظروف معينة.

  • الصراع:

حالة من عدم الارتياح ، أو الضغط النفسي الناتج عن التعارض أو عدم التوافق بين رغبتين أو حاجتين أو أكثر من رغبات الفرد أو حاجاته.

ب- الإطار المنهجي:

اعتمدت الدراسة على عدد من المناهج التي كان لها دور في التحديد الواضح لمشكلة الدراسة:-

  1. المنهج الوصفي:

يعتمد المنهج الوصفي على تفسير الوضع القائم أي ما هو كائن وتحديد الظروف والعلاقات الموجودة بين المتغيرات، كما يتعدى المنهج الوصفي مجرد جمع بيانات وصفية حول الظاهرة إلى التحليل والربط والتفسير لهذه البيانات وتصنيفها وقياسها واستخلاص النتائج منها، حيث يقوم علي تحديد مميزات الظواهر المراد دراستها .

  • تطبيق المنهج في الدراسة:-

وارتكزت الدراسة علي هذا المنهج  في تقديم وصف تفصيلي لتطور البرنامج النووي الإيراني ، وكذلك تطور المواقف الإقليمية والدولية من هذا الملف النووي.

  1. المنهج التاريخي:

يقوم هذا المنهج بشكل عام علي تسجيل أحداث الواقع الدولي متسلسلة، كما يقوم بسرد الأحداث ،ثم يقوم بدراستها وتحليلها وفق مجموعة من الأسس المنهجية؛ من أجل فهم الواقع بناءً علي ضوء الماضي، حيث يتمكن الباحث من فهم الأمور التي تجري في الوقت الحالي بناءً علي الأحداث التي جرت في الماضي، وبالتالي فإن الماضي يعطينا صورة واضحة عن الأمور التي من الممكن أن تحدث في عصرنا الحالي.

  • تطبيق المنهج في الدراسة :-

تم توظيف هذا المنهج في الدراسة من خلال دراسة الأوضاع والأحداث في منطقة الخليج العربي والاتجاهات الحالية والمستقبلية تجاه دول الخليج علي مدي التاريخ، كما يذكر تاريخ وأبعاد المشروع النووي الإيراني وأثره علي المنطقة وذلك في ضوء ما حدث في الماضي لتحقيق المزيد من المعرفة لما يحدث في الوقت الحاضر، وما ينجم من مشكلات مستقبلاَ.

  1. المنهج الاستقرائي:

من المفاهيم المرتبطة بهذه الدراسة مفهوم العلاقات الدولية والأمن، وللوصول لهذين المفهومين استخدمت الدراسة المنهج الاستقرائي، والذي يعتمد علي الملاحظة المباشرة للواقع والالتحام بالظاهرة السياسية وإخضاعها للتحليل، ويهتم هذا الموضوع بدراسة الظاهرة والوصول الي تفسير دقيق للظواهر السياسة كما هي، كما أنه يركز علي دراسة تفاعلات الظاهرة السياسية وحركتها، وليس علي ما يجب أن تكون

  • تطبيق المنهج في الدراسة :-

وتم توظيف هذا المنهج في الدراسة لجمع أكبر عدد ممكن من البيانات والمعلومات الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني وتطوراته، وكذلك تداعياته علي دول الخليج.

  1. منهج تحليل النظم:

يقوم هذا المنهج علي تحليل النظام السياسي الدولي باعتباره وحده تحليل، وذلك من خلال دراسة القوانين والقواعد الحاكمة للعلاقات الدولية والتي تحدد شكل وسمات النظام الدولي، وقد عرفه  “ديفيد ايستون ” بأنه التفاعلات التي تتعلق بالتخصيص السلطوي للقيم في المجتمع، أي توزيع الموارد بموجب قرارات ينصاع لها الأفراد، وقد قُدم إطار لتحليل النظام السياسي يري فيه دائرة متكاملة ذات طابع ديناميكي تبدأ بالمدخلات وتنتهي بالمخرجات مع قيام عملية التغذية الاسترجاعية بالربط بين المدخلات والمخرجات.

تطبيق المنهج في الدراسة :-

وقد استخدم المنهج في هذه الدراسة لأنها تتسم بوجود نمط كثيف من العلاقات والتفاعلات المتبادلة ذات التأثير علي دولة إيران ومنطقة الخليج علي اعتبار أنهما محل الدراسة، علي اعتبار وجود عدد من التفاعلات والتي تتمثل في المؤثرات البيئية علي النظام الدولي منها البرنامج النووي الإيراني والموقف الخليجي والدولي والإقليمي تجاه هذا البرنامج.

الدراسات السابقة:-

هناك عدة دراسات عربية وأجنبية تناولت التحديات التي يفرضها البرنامج النووي الإيراني على منطقة الخليج العربي، يُمكننا تقسيمها إلي ثلاثة محاور رئيسية علي النحو التالي :-

  • المحور الأول : الدراسات المتعلقة بالسياسة الخارجية لإيران.
  • المحور الثاني : الدراسات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وأثره على دول الخليج.
  • المحور الثالث : الدراسات المتعلقة بالموقف الخليجي وردود الأفعال الإقليمية والدولية.

وفيما يلي سنقوم بعرض أهم هذه الدراسات التي توصلنا إليها :-

  • المحور الأول: الدراسات المتعلقة بالسياسة الخارجية لإيران:
  1. دراسة بعنوان” السياسة الخارجية لإيران تجاه دول الخليج العربي) 2010:2016)[1]

تقوم منهجية هذه الدراسة على الجمع بين المنهج التاريخي والمنهج الوصفي التحليلي، حيث قامت بإبراز أهم المحددات التي تحكم السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج العربي، بالإضافة إلى تناولها للتطور التاريخي للعلاقة بين إيران ودول الخليج العربي، كما تناولت الدراسة البرنامج النووي الإيراني ودوافع إيران لامتلاك ذلك السلاح ، وقد سلطت الدراسة الضوء على دور إيران في بعض القضايا بالمنطقة العربية ولاسيما القضية اليمنية، وأخيرًا توصلت الدراسة إلى أهم مسببات التباعد والتقارب بين الطرفين، حيث تمثلت مسببات التباعد في:

  • الخلافات الطائفية بين المذهب السني الذي تعتنقه غالبية شعوب دول الخليج والمذهب الشيعي التي تعتنقه إيران.
  • إجراء مناورات بحرية ضخمة في بعض الأحيان عند مضيق هرمز وبحر عمان.
  • التشدد الإيراني حيال قضية الجزر الإماراتية إلى درجة رفض التعاون مع اللجنة الثلاثية التي شكلها مجلس التعاون الخليجي للوساطة بين طهران وأبو ظبي.

أما بالنسبة لمسببات التقارب فقد تمثلت في:

  • الزيارات المتبادلة منذ عام 1997 إلى الآن بين مسؤولين في قمة الهرم السياسي من إيران ومن بعض دول مجلس التعاون الخليجي.
  • التوقيع على اتفاقيات تعاون بين إيران ومجلس التعاون الخليجي تغطي الفترة ما بين 1997 و2002 وبلغت 42 اتفاقية في مختلف المجالات التعاونية.
  • وجود ثماني لجان مشتركة بين إيران ودول المجلس أبرزها اللجان العليا بين الطرفين.

 

  1. رسالة ماجيستير بعنوان” السياسة الخارجية لإيران وأثرها على أمن الخليج العربي”(1991:2012).[2]

اتبعت هذه الدراسة منهج تحليل النظم، حيث تناولت أهم مقومات السياسة الخارجية لإيران شاملة لأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية داخل إيران، بالإضافة لتناولها لعلاقات التنافر والتقارب التي تجمع بين إيران ودول الخليج العربي موضحة بذلك أسباب هذا التقارب والتنافر، كما أظهرت الدراسة دور الأبعاد الأمنية والعسكرية المتبعة في السياسة الإيرانية إضافةً إلى دور النخبة السياسية الإيرانية وأدوات تلك السياسة متمثلة في احتلال الجزر العربية الثلاث والخطر النووي الذي بات مثيراً للرعب في منطقة الخليج العربي وإضافةً لهذه الأدوات أشارت الدراسة أيضاً للسياسة الناعمة التي اتبعتها إيران تجاه دول الخليج.

كما سلطت الدراسة الضوء على أثر هذه السياسة الإيرانية في استنهاض الأقليات الشعبية في دول الخليج وحرص دول الخليج على الحفاظ على توازن القوي في المنطقة، كما أشارت الدراسة أيضاً إلى سياسة التسلح الخليجية والعلاقات الدبلوماسية الخليجية لاستقطاب الحلفاء المؤيدين لها، وأخيراً توصلت الدراسة لعدد من التوصيات في هذا الشأن ومنها:

  • تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة أي اختراق خارجي من خلال التنمية الداخلية وتحقيق العدالة الاجتماعية لاسترضاء الشعوب الخليجية.
  • توحيد الصف الخليجي من خلال اتباع سياسة خليجية واحدة على المستوي السياسي والاقتصادي والعسكري.
  • إيجاد دور عربي فاعل في إرساء الأمن في منطقة الخليج العربي.
  • تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري واحترام الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتعزيز التواصل الحضاري والثقافي بين الطرفين.
  • محاولة التوصل لآليات تهدئة واستقطاب الطرف الإيراني وذلك من خلال تحليل دقيق ومفصل للسياسة الخارجية الإيرانية.
  • اللجوء إلى التحكيم الدولي لحل النزاعات العالقة بين الطرفين.

 

  1. كتاب بعنوان “النفوذ الإيراني في المنطقة العربية على ضوء التحولات في السياسة الأمريكية”.[3]

بدايةً تناول هذا الكتاب ملامح عامة عن الجمهورية الإيرانية الإسلامية، ثم تناول مراحل الثورة الإيرانية وأثرها في تشكيل العلاقات العربية الإيرانية والتي كانت تتأرجح ما بين علاقات التنافر والتقارب، وقد سلط هذا الكتاب الضوء على موقف إيران من بعض القضايا في الوطن العربي كالقضية الفلسطينية والحرب الأمريكية-البريطانية على العراق بالإضافة لموقفها من الحرب الإسرائيلية على لبنان.

وقد أشار الكتاب إلى الأهمية الاستراتيجية للخليج العربي والتي كان لها الدور الرئيسي في تغيير التوجهات الإيرانية تجاه منطقة الخليج العربي، كما أشار الكتاب إلى أثر التحولات في السياسة الإيرانية تجاه الخليج العربي في إحداث حالة من التمدد الشيعي في دول الخليج بالإضافة إلى بعض الدول العربية، وقد أشار أيضًا إلى الملف النووي الإيراني ودوافع إيران وأهدافها من امتلاك السلاح النووي، كما أشار لردود أفعال دول الخليج العربي بالإضافة إلى ردود أفعال الجامعة العربية من السياسة النووية الإيرانية ودورها في إثارة معضلة الأمن الخليجي، وأخيراً أشار الكاتب إلى التحولات في السياسة الأمريكية من مؤيد للسياسة النووية الإيرانية إلى معارض لها وذلك لتعزيز هيمنتها في المنطقة.

وقد خلصت هذه الدراسة لعدد من التوصيات والتي تتمثل في:

  • العمل على إعادة أجواء الثقة والاحترام المتبادل للعلاقات-العربية الإيرانية وذلك في إطار جامعة الدول العربية لإيجاد رؤية عربية مشتركة تعيد صياغة هذه العلاقات.
  • العمل على تطوير العلاقات الاقتصادية العربية مع إيران وتحقيق الاستفادة من الخبرات الإيرانية وخلق مصالح مشتركة مما يعزز من قيمة العلاقات بين الطرفين.
  • فتح حوار شامل مع الحركات الراديكالية في المنطقة والتحاور معها للتوصل لاتفاقات بخصوص القضايا التي تتبناها وبالتالي الوصول لحلول مناسبة ومثمرة.
  • المحور الثاني: الدراسات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وأثره على دول الخليج العربي:
  1. دراسة بعنوان” البرنامج النووي الإيراني وأثره على دول مجلس التعاون الخليجي”[4]

ركزت الدراسة على إبراز القدرات والإمكانات التي تتمتع بها إيران حتي تمكنت من امتلاك برنامجها النووي، ثم تطرقت الدراسة للنشأة التاريخية التي شهدها الملف النووي الإيراني بالإضافة إلى تفسير الموقف الأمريكي في فترة حكم شاه إيران، حيث كانت أمريكا في تلك الفترة داعمة ومؤيدة للبرنامج النووي الإيراني، ثم أشارت الدراسة إلى مبررات إيران وأهدافها لامتلاك السلاح النووي، وأخيرًا تطرقت الدراسة لتداعيات البرنامج النووي على دول مجلس التعاون الخليجي حيث يشكل البرنامج النووي الإيراني هاجس أمني قوي لدي دول المجلس حيث تري أنه يهدد أمن المنطقة بشكل عام ودول الخليج بشكل الخاص.

 

  1. كتاب بعنوان” تأثير التسلح الإيراني على الأمن الخليجي”[5]

قامت منهجية هذا الكتاب على الجمع بين المنهج التاريخي والتحليلي، حيث ركز الكاتب على إبراز الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج مع إبراز التفسيرات للتطور الذي شهده مفهوم الأمن القومي الخليجي بالإضافة لسباق التسلح في منطقة الخليج، كما تطرقت الدراسة لإبراز أهم ملامح بناء القوة العسكرية الإيرانية بدءاً من تطوير قدراتها التقليدية مروراً بجهودها لتطوير قدراتها النووية قبل الثورة الإسلامية حتي بروز الطريق إلى النادي النووي، كما سلطت الدراسة الضوء على القوة العسكرية الإيرانية وتأثيرها على أمن الخليج بدءًا من قوتها التقليدية التي باتت تهدد أمن الخليج وصولاً إلي برنامجها النووي الذي أصبح يشكل الخطورة الأكبر على الأمن القومي الخليجي، وأخيرًا أشارت الدراسة إلى ردود الأفعال الدولية والإقليمية تجاه البرنامج النووي الإيراني.

 

  1. دراسة بعنوان The Iranian Government’s Ambitions Represented in Their Nuclear Weapons Program and Its Impact on Security in the Arab Gulf Region”.[6]

ركزت هذه الدراسة على المراوغة الإيرانية بشأن امتلاكها للسلاح النووي مما يثير القلق بوجه خاص لدي الدول العربية بشأن أمنها في المنطقة وبوجه عام يثير القلق لتأثيره على البيئة الأمنية الدولية، كما ركزت الدراسة أيضاً على الآثار السياسية والاقتصادية للبرنامج النووي الإيراني بالإضافة لذكرها لكيفية تأثير البرنامج النووي على أمن الطاقة العالمي، وأخيراً تضمنت الدراسة تصور للاستجابات التي ستأتي بها الجهات الفاعلة متمثلة في الناتو وأمريكا والاتحاد الأوروبي.

  • المحور الثالث: الدراسات المتعلقة بالموقف الخليجي وردود الأفعال الإقليمية والدولية:
  1. كتاب بعنوان” البرنامج النووي الإيراني”[7]

تطرق هذا الكتاب إلى الطموحات والدوافع الإيرانية المرتبطة بامتلاكها للبرنامج النووي بالإضافة للتطور التاريخي للبرنامج النووي وتداعياته، كما أبرز أهم التغيرات في الموقف الأمريكي تجاه البرنامج النووي الإيراني، حيث تحول من الدعم الأمريكي لهذا البرنامج في فترة حكم شاه إيران إلى المعاداة والرفض لهذا البرنامج في ظل نظام الجمهورية الإسلامية بالإضافة لفرض العقوبات الدولية عليها، كما أشار الكتاب إلى التسويات بين إيران والغرب وتفسير التضارب بين الطرفين بالإشارة إلى إشكالية الثقة المفقودة، وأخيراً تطرق  إلى الخيارات الدبلوماسية للتعامل مع هذا الموقف بالإضافة لعدد من السيناريوهات المستقبلية وكذلك عدد من التوصيات المتعلقة بهذا الشأن، حيث تمثلت السيناريوهات في:

-السيناريو الأول خاص بالاتفاق النهائي

-السيناريو الثاني خاص بالاتفاقيات الجزئية

-السيناريو الثالث خاص بتطلعات إيران النووية

أما بالنسبة للتوصيات المقترحة تمثلت في:

  • توثيق العلاقات الاقتصادية للدول العربية الخليجية مع إيران وذلك من خلال إقامة مشاريع مشتركة، بحيث تصبح المصالح الاقتصادية بالنسبة للجانب الإيراني أقوي من التفكير من جانب إيران في القيام بعمل عسكري ضد هذه الدول.
  • تعزيز التعاون المشترك لحل المشاكل والخلافات في المنطقة بعيدًا عن التدخل الخارجي وخصوصًا الغربي الأمريكي.
  • تعزيز القدرات الدفاعية العسكرية الجوية للدول العربية الخليجية، وذلك بمضاعفة قدراتها المضادة للصواريخ الباليستية وتعزيز تحصيناتها الدفاعية.

 

  1. دراسة بعنوان” تحليل الاستراتيجيات الأمنية في الخليج العربي والمأزق النووي بالتطبيق على الأزمة النووية الإيرانية (2002: 2014).[8]

تقوم منهجية هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي، حيث ركزت هذه الدراسة على تحليل الاستراتيجية الأمنية في منطقة الخليج العربي سواء كانت استراتيجية مجلس التعاون الخليجي أو الاستراتيجية الإيرانية مع مقارنة أثار هذه الاستراتيجيات بمعطيات المأزق النووي الإيراني في الخليج العربي، كما فسرت الدراسة المواقف الإقليمية ومدي تعاملها مع هذه الأزمة مما يبرز مدي قصور أو نجاح الاستراتيجيات الأمنية المتبعة في منطقة الخليج لمواجهة البرنامج النووي الإيراني.

  1. دراسة بعنوان” أزمة الملف النووي الإيراني وسيناريوهات الموقف الأمريكي”[9]

تناولت هذه الدراسة الإستراتيجية النووية التي تبنتها إيران لمواجهة أمريكا وتعرف هذه الاستراتيجية بالمعضلة الفارسية كما عرفها بولك والتي تتمثل في امتلاك إيران للقنبلة النووية لردع أمريكا، كما أشارت الدراسة للمراوغات الإيرانية بشأن امتلاكها للنووي، وقد ألقت الدراسة الضوء على السيطرة الأمريكية للشرق الأوسط وخاصة بعد تدمير العراق وزرع بذور الفتنة فيها، وقدت الدراسة تفسيرات على التفوق العسكري لإيران في ظل دعم أمريكي للرؤية الإسرائيلية وتحول الموقف الأمريكي من اتباع الحلول الدبلومسية لمواجهة الأزمة الإيرانية النووية مروراً بفرض العقوبات والضغوط الاقتصادية لتوجيه الضربة العسكرية، وأخيراً أشارت الدراسة لعدد من السيناريوهات المتوقعة في ظل الاصرار الإيراني على عدم توقيف التخصيب النووي وتتمثل هذه السيناريوهات في:

  • السيناريو الأول: إهمال الملف النووي الإيراني بحيث لا تتخذ أمريكا أي موقف معادي لإيران.
  • السيناريو الثاني: تمثل في تغيير النظام السياسي الداخلي في إيران، حيث أوضحت الدراسة أن القادة السياسية في إيران هي السبب في تعقد المسائل
  • أما بالنسبة للسيناريو الثالث: فقد تمثل في الانتظار لحين بلوغ إيران لمرحلة متقدمة من تطوير السلاح النووي حتي تكون الضربة العسكرية الأمريكية ذات مغزي عسكري وذلك وفقاً لدعم دولى وغطاء شعبي.
  1. دراسة بعنوان” المواقف الدولية تجاه أزمة الملف النووي الإيراني” بالتركيز على موقف الإدارة الأمريكية (2001:2010).[10]

تناولت الدراسة تفسير لنشأة البرنامج النووي الإيراني ودور الثورة الإسلامية في تعزيز الجهود في هذا الاتجاه، كما أشارت الدراسة على اختلاف وانقسام وجهات النظر داخل إيران حول امتلاك السلاح النووي وتطويره، وسلطت الدراسة الضوء على المواقف الدولية بدءًا بدور الإدارة الأمريكية في مواجهة الملف النووي الإيراني مشيرة بذلك أن أمريكا لم تتبع سياسة واحدة في هذه المواجهة بالإضافة لسعيها لحشد أكبر قدر ممكن من الدعم الدولي في هذه المواجهة المعقدة لمنع استمرار النشاط النووي، كما أشارت الدراسة أن الموقف الصيني والروسي الداعم للسياسة الإيرانية راجع للمصالح الاقتصادية فيما بينهم، أما بالنسبة للإتحاد الأوروبي أشارت الدراسة أن دول أوروبا سعت لخلق مكانة لها في الشرق الأوسط مستغلة بذلك الصراع الأمريكي الإيراني في المنطقة فقد اتسم موقفها من البرنامج النووي الإيراني بالتذبذب والتغير من مرحلة لأخري، أما بالنسبة لموقف الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية فقد شهدت حالات الأمر بالتفتيش وفرض العقوبات على إيران.

أما بالنسبة لردود الأفعال الإقليمية: بدءًا بتركيا فقد أعلنت رفضها التام لجميع أنواع أسلحة الدمار الشامل، أما بالنسبة لإسرائيل فقد فسرت الدراسة موقف إسرائيل على أنها رأت أن إيران تهدد وجودها في المنطقة، كما أشارت الدراسة أن رفض إسرائيل الانضمام لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية كان سبب في خلق حالة من السباق النووي في المنطقة، وأخيراً قد أشارت الدراسة لموقف مصر على ان علاقتها بإيران كانت تتسم بالتصعيد تارة والتقلص تارة أخري حتي باتت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تتسم بالتهميش.

  1. دراسة بعنوان Arab Security Responses To A Nuclear-Ready Iran”” [11]

تناولت هذه الدراسة تفسير للتهديدات الأمنية التي تتسبب فيها إيران في المنطقة بفعل مراوغتها حول امتلاكها للسلاح النووي، حيث تري الدراسة أن إيران ربما تسعي لتسلك سلوك نظيرتها كوريا الشمالية في امتلاكها للسلاح النووي السري في ظل وجود رقابة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

  1. دراسة بعنوان ” A Nuclear Iran: The Reactions Of Neighbor’s”[12]

تهدف الدراسة لإبراز مدي التعقيد والتشابك الذي يجمع إيران بالعالم، حيث فسرت الدراسة أن امتلاك إيران للنوي له دور كبير في إثارة الذعر العالمي لما له من تأثيرات على  المصالح السياسية والاقتصادية، كما أشارت الدراسة أن امتلاك إيران للسلاح النووي يؤثر على أمن منطقة الشرق الأوسط بوجه خاص والعالم بوجه عام، وبالتالي هذه التكنولوجيا النووية وفقاً لرؤية الدراسة سوف تخلق عالم من السباق النووي من جانب إسرائيل ومصر وتركيا ودول الخليج أنفسهم، وتنبأت الدراسة حول احتمالية أن تصبح إيران أكثر جرأة بشأن امتلاكها للنوي وذلك بسبب الدعم التي تتلقاه من المؤسسات الإرهابية والنشاط الشيعي الذي لا يتزعزع.

  • ملخص الدراسات السابقة:

تحدثت الدراسات السابقة عن التطور التاريخي للبرنامج النووي الإيراني متضمنة بذلك جميع مراحله في عهد عدد من الرؤساء، كما أشارت الدراسات السابقة عن القدرات والامكانات التي مهدت الطريق لإيران لامتلاك السلاح النووي وتطويره بالإضافة لتحدثها عن مبررات ودوافع إيران لامتلاك السلاح النووي.

وقد أشارت الدراسات السابقة أيضاً إلى السياسة الخارجية لإيران تجاه دول مجلس التعاون الخليجي وكيف واجهت دول المجلس هذه السياسة الإيرانية سواء بتعزيز قوتها أو تعزيز الاستراتيجية الأمنية الخاصة بها، تناولت تلك الأدبيات أيضاً ردود الأفعال الدولية والإقليمية تجاه الأزمة النووية الإيرانية ولاسيما الموقف الأمريكي.

ولكن هناك بعض النقاط التي لم تركز عليها الدراسات السابقة بشكل رئيسي على الرغم من أهميتها كدور النظام السياسي الإيراني في تعزيز نشاط البرنامج النووي بالإضافة لدور الجماعات الإرهابية في دعم إيران، على الرغم من اهتمام الدراسات السابقة بردود فعل الإدارة الأمريكية إلا أنها لم تذكر بالتفصيل عن التحول في الموقف الأمريكي من حالة الدعم للبرنامج النووي إلى المعاداة، على الرغم من ذكر الدراسات السابقة للمواقف الدولية والإقليمية إلا أنها لم توليها اهتمام مثل الموقف الأمريكي، كما أنها لم تركز على ردود الأفعال العربية.

  • الدراسة الحالية وما يميزها عن الدراسات السابقة:

استفادت هذه الدراسة من الدراسات السابقة في تكوين رؤية واضحة وشاملة عن الملف النووي الإيراني ،والسياسة التي تتبعها إيران وتأثير ذلك على أمن دول الخليج العربي .أما بالنسبة لما يميز هذه الدراسة عن الدراسات السابقة: فقد جاءت الدراسات السابقة لتوضيح السياسة الخارجية لإيران وأثرها على أمن دول مجلس التعاون الخليجي في حين ستركز هذه الدراسة على السياسة الخارجية والداخلية لإيران وأثرها على أمن دول الخليج العربي، حيث تولي هذه الدراسة الاهتمام للمتغيرات القيادية في النظام السياسي الإيراني وأثر ذلك على أمن دول الخليج العربي، وأيضاً تركز هذه الدراسة على جميع ردود الأفعال الدولية والإقليمية بما فيها الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها على الشرق الأوسط، كما سلطت الدراسة الضوء على الدور الصيني في الشرق الأوسط ودورها في إدارة الصراع الإيراني الخليجي.

أدوات جمع المادة العلمية

تم جمع البيانات من خلال:

  • الدراسات المتعلقة بالعلاقات بين دول الخليج وإيران بشكل عام سواء كان دراسات أكاديمية أو جامعية (ماجستير ، دكتوراه)
  • الكتب ومجلات علمية و دوريات التي تحدثت عن هذا الموضوع.

تقسيم الدراسة:-

انطلاقاً من المشكلة البحثية وتساؤلات الدراسة ، تم تقسيم الدراسة إلي :

  • الفصل الأول : العلاقات الخليجية الإيرانية خلال الفترة من (2015: 2022).
  • المبحث الأول : المتغيرات القيادية في إيران وأثرها علي العلاقات الخليجية الإيرانية.
  • المبحث الثاني : محددات العلاقات الخليجية الإيرانية وعوامل التقارب والتباعد.
  • الفصل الثاني : استراتيجية البرنامج النووي الإيراني .
  • المبحث الأول : دوافع وأهداف إيران نحو امتلاك البرنامج النووي.
  • المبحث الثاني : مراحل التطور التاريخي للبرنامج النووي الإيراني.
  • المبحث الثالث: وضع البنية الإيرانية التحتية النووية.
  • الفصل الثالث : المواقف الخليجية والدولية تجاه البرنامج النووي الإيراني.
  • المبحث الأول : أثر البرنامج النووي الإيراني علي أمن دول الخليج .
  • المبحث الثاني : المواقف الخليجية والإقليمية والدولية تجاه برنامج إيران النووي.
  • المبحث الثالث : مستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية في ظل طموحات إيران النووية.
  • الفصل الأول

 العلاقات الخليجية الإيرانية خلال الفترة (2015 : 2022 )

تمهيد:

إن قراءة السياسة الخارجية الإيرانية من أصعب الموضوعات السياسية بسبب تشابك إيران في الكثير من الموضوعات المهمة بالإضافة إلي التحديات التي تقابلها وتأثرها بالقوي والتيارات المختلفة بها، كما أن إصرار إيران على تحدي القوي الكبرى في العالم وإتمام هدفها في البرنامج النووي بالرغم من العقوبات والتحديات التي تواجهها من الأمور الغير مطمئنة لما له من تأثير علي الاستقرار والأمن في دول الخليج والمنطقة بشكل عام، ولتوضيح خطورة الأهداف الإيرانية علي المنطقة يمكن تقسيم الأهداف الإيرانية إلي أهداف قصيرة المدي وأهداف متوسطة المدي وأهداف طويلة المدي:

  1. الأهداف القصيرة المدى: تنحصر في الحفاظ على الجمهورية الإسلامية وسلامة أراضيها والحفاظ على السياسة الوطنية والنمو الاقتصادي.
  2. الأهداف المتوسطة المدى: الحفاظ على السلم وسلامة المستضعفين وتصدير مفهوم الثورة.
  3. الأهداف البعيدة المدي: يتمثل في أن الجمهورية الإسلامية ليس لها حدود جغرافية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن أهداف الجمهورية الإسلامية مشتقة من الدستور الإيراني، فالمادة 145 من الدستور تنص على أن إيران تريد بناء دولة تضم كل الشعوب الإسلامية تحت سيطرتها، وليس لها حدود؛ لذلك تحاول فرض سيطرتها وتدخلها في شؤون منطقة الخليج بكل الطرق.

والتاريخ السياسي لمنطقة الخليج العربي يوضح لنا الاتصال المستمر بين العرب والإيرانيين منذ العهود القديمة مرورًا بظهور الإسلام وحتي عصرنا الحديث، وهذه العلاقات تمر بمراحل إيجابية وسلبية. [13]

لقد حملت العلاقات الإيرانية الخليجية بعد الثورة الإسلامية الإيرانية في طياتها العديد من التناقضات، حيث جمعت بين الجوانب السلبية والإيجابية معاً، نتيجة لعدم وجود استراتيجية عربية واحدة، حيث كان الصراع هو السمة الغالبة، والتعاون في بعض المجالات خاصةً الاقتصادية منها، وذلك بحكم عامل الجوار الإقليمي، حيث تتسم العلاقات بين إيران وقطر إلي حد ما بالاستقرار، ولكن تتوتر العلاقة بين السعودية والبحرين مع إيران، كما أنها تتسم بالحذر مع الإمارات.

وقد بدأت العلاقات الثنائية بين إيران ودول الخليج تحرز نوعًا من التقدم، إلا أن التعاون اتسم بالبطيء نتيجة للعديد من الشكوك والخلافات أهمها البرنامج النووي الإيراني، كذلك هناك العديد من محددات العلاقات بين إيران ودول الخليج، وسوف نستعرض بشيْ من التفصيل لهذه العلاقة في ظل حكم حسن روحاني وإبراهيم رئيسي وسوف نتطرق إلي تلك المحددات وكذلك عوامل التقارب والتباعد الحاكمة للعلاقات بينهم.

  • المبحث الأول: المتغيرات القيادية في إيران وأثرها علي العلاقات الخليجية الإيرانية.
  • المبحث الثاني: محددات العلاقة الخليجية الإيرانية وعوامل التقارب والتباعد.

المبحث الأول

المتغيرات القيادية في إيران وأثرها علي العلاقات الخليجية الإيرانية

تمهيد:

أصبحت العلاقات بين إيران ودول الخليج أفضل ولو بصورة طفيفة، وذلك بصعود التيار الإصلاحي إلي رئاسة الجمهورية، ذلك التيار المتمثل في الرئيس حسن روحاني الذي أوضح قبل فوزه بالانتخابات إلي حرصه علي تحويل الخصومة مع دول الخليج وخاصةً السعودية إلي احترام متبادل، أما إبراهيم رئيسي من المتوقع أن تكون سياسة إيران الإقليمية مزيجًا بين الجهود المستمرة لتوسيع النفوذ الإقليمي والرغبة في نزع فتيل التوترات مع الجيران العرب، ولكن التناقض في هذا النهج من الممكن أن يتسبب في فشل استراتيجية إيران.

المطلب الأول العلاقات الخليجية الإيرانية في عهد حسن روحاني:

ولد حسن روحاني عام 1948 في سمنان، تلقى العلوم الدينية في الحوزة العلمية في مدينة( قم ) ووصل إلى مرتبة الاجتهاد، وتزامنًا مع تعليمه والعلوم الدينية هذه حصل علي شهادة البكالوريوس في الحقوق من جامعة طهران ثم أكمل تعليمه فيما بعد ليحصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من بريطانيا، وهو أيضًا عضو في مجلس الخبراء ورئيس مجلس البحوث والدراسات الاستراتيجية التابعة للمجمع وكان نائبًا في مجلس الشورى الإسلامي خمس دورات برلمانية وشغل منصب نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي في دورته الرابعة والخامسة ،كما يشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي لمدة 16 عامًا خلال دورتين رئاسيتين لكل من رفسنجاني وخامنئي ويتمتع بعلاقات واسعة سواء مع التيار المحافظ أو الإصلاحي.[14]

وقد ترأس وفد المفاوضين الإيرانيين في المحادثات مع الغرب فيما يتعلق بالبرنامج النووي من عام 2003 إلى 2005، وقام وفريقه بتهيئة الأرضية المناسبة لفتح الآفاق للبرنامج النووي الإيراني وإصلاح جلسات التفاوض مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ونجح مع فريقه بإبعاد الملف النووي عن طاولة مجلس الأمن إلى طاولة الحوار مع الدول الكبرى، ورغم تعليق البرنامج النووي عدة مرات فإن الشيخ الدبلوماسي أبعد بلاده عن دفع ثمن السلاح النووي، ومع وصول الأحمدي نجاد إلى الرئاسة عام 2005 لم يتوافق مع الحكومة الجديدة واستقال من منصبه كأمين لمجلس الأمن القومي، وقدم نفسه كمستقيل و شخصية معتدلة تؤمن بالانفتاح وخبير متمرس في السياسة الخارجية الإيرانية، وقد كان يركز في برنامجه الانتخابي على ما يعتبره أخطاء حكومة المحافظين سواء في تعاملها المتشدد مع الخارج في مفاوضات البلاد النووية وعلاقتها مع الآخرين أو في الداخل واقتصاد البلاد المنهك بسبب عقوبات الغرب، ومن أهم أفكاره أنه مؤمن بضرورة فتح علاقات مع الخارج.

هذا وقد شهدت إيران انتخابات رئاسية أسفرت عن فوز الدكتور الشيخ حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية الإيرانية بنسبة تصل إلى حوالي 51.7%، وبلغت نِسبة الإقبال حوالي 72%، الأمر الذى أحدث ردود فعل دولية كبيرة ،فقد رحبت به الكثير من الأوساط الدولية والإقليمية وقد أشارت نتيجة فوزه التي لم يكن يتوقعها الغرب وتحديدًا واشنطن إلى جملة من الدلالات الهامة، أبرزها: أنها أحرجت الإدارة الأمريكية وحلفائها في الغرب وأحبطت حملتها المغرضة التي حكمت مسبقًا على نتيجة الانتخابات بالقول أن روحاني لن يفوز لكونه يقيم علاقات جيدة مع التيار الإصلاحي في إيران وإن لم يكن مرشحها الصريح، وأن المرشد الأعلى للثورة السيد علي الخامنئي لن يسمح بفوزه وهو من سيعينُ الرئيس، والشعب الإيراني لا يملك حرية اختيار رئيسه وأن الانتخابات مجرد عملية شكلية، ولهذا جاء فوز روحاني ليقدم صورة مناقضة تمامًا للرأي الغربي ويؤكد أن في إيران نظامًا يضاهي الأنظمة الأُخرى في العالم.[15]

أما روحاني فقد كان يعتبر أن التشدد في السياسة الخارجية يعزل البلاد أكثر عن العالم وهذا في نظره هدف سلبي لإيران، إذ يقول إن البلد الذي يعيش في عزلة لا يمكن أن يتقدم نحو الأمان وحين سُئِلَ عن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة التي يصنفها البعض على أنها العدو الأول للجمهورية الإسلامية يرد روحاني “أنه يجب السعي في التقليل من مستوى التوتر في كل العلاقات الثنائية التي تكونها إيران معتبر أن هذا النوع من التعامل المطلوب دائماً وإن لم ينجح مع أعداء البلاد المعروفين يجب الوقوف حينها ضد التوسع في دائرة الأعداء”.

نأتي لدول الجوار(موضوع البحث : منطقة الخليج ) بالنسبة لروحاني، فهي  تشكل الحزام الذي يطوق إيران ويستطيع أن يدعم أمنه القومي، كما يستطيع أن يشكل تهديدًا يخترقها، وكان يدرك أن هناك توتر في علاقات إيران مع دول الجوار خلال السنوات الأخيرة، ولكنه يرى أن هذا لا يصب في مصلحة بلاده فيؤكد في برنامجه الانتخابي على ضرورة تطوير العلاقات وذلك  بالتركيز على المصالح الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع الدول ال 15 المحيطة بإيران، ومن ثم الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى أعلى، فتلك الدول تستطيع المشاركة في حفظ الأمن القومي الإيراني، ولا يجادل الروحاني في أن امتلاك الطاقة النووية السلمية أمر يساعد على التطور والتقدم، وهذا حق مسلم به لإيران اذ يعتبر أن المشكلة بدأت مع الولايات المتحدة التي فعلت ملف تخصيب اليورانيوم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكنه يرى ضرورة الاستمرار في محادثات تقوم على بناء قصور ثقة وتسعى إلى إزالة الخلافات مع الآخرين والتخلي عن التصعيد كي لا تدفع البلاد ثمنًا باهظًا حسب وصفه.

ولتوضيح موقف إيران من دول الخليج في الأساس، سوف نتطرق إلى :

  • سياسة إيران تجاه دول الخليج بعد الثورة الإسلامية:

تمثلت رؤية الاتجاه الراديكالي لدول الخليج  في الرؤية الثورية الإيرانية للعالم الخارجي عمومًا والتي قال عنها خامنئي إننا نواجه الدنيا مواجهة عقائدية، فالمنظور الإيراني اعتبر مفهومي الاستقلالية والحكم الإسلامي كمحورين ايديولوجيين رئيسيين وهما في الواقع المدخلين الأيديولوجيين الذين أثروا بشكل أو بآخر على تطور العلاقات الخليجية الإيرانية، فكلما يزداد التمسك بهما تزداد درجة توتر العلاقات، فالاتجاه المحافظ يستند إلى الإيمان بالتفوق الطائفي والإقليمي والتمسك بمنطقة الخليج وحمل لواء الدفاع عن الشيعة الذي يسكن عدد كبير منهم دول المنطقة، مما جعل رؤية المحافظين لسياسة إيران تجاه دول الخليج تدخل ضمن نمط السياسة الخارجية التي تتمثل ركائزها في تصدير الثورة وتمديد المشروع الإيراني ورفض التقوقع داخل حدود إيران وبناء قوة عسكرية تقليدية ونووية إيرانية ضخمة تساهم في تنفيذ ذلك المشروع وامتلاك كل مقومات القوة اللازمة للتدمير أو الردع في منطقة تعج بالصراعات الإقليمية وحاضنة للصراعات الدولية؛ لذلك رأى هؤلاء أن تقليص نفوذ إيران في منطقة الخليج هو ما يعني في المحصلة النهائية تكرار عزلة إيران إقليميًا، وهو ما يتعارض مع أهداف الجــــــمهورية الإسلامية وفلسفتــها.

أما التوجه الآخر المعتدل فإنه يشير إلى امتلاك رؤية برجماتية تقتضي تغليب المصلحة حسب معطيات الوضعين الإقليمي والدولي، والانفتاح على خيارات عدة تجنب إيران أزمات سياسية مع دول الخليج التي بدورها ستكون جزءًا من حزمة من الأزمات الناتجة عن تعقد علاقاتها الخارجية عمومًا وانعكاساتها في شكل أزمات اقتصادية واجتماعية داخلية؛ لذلك فإن العلاقات مع دول الخليج ارتبطت بتوجه الطرف المسيطر على السلطة، حتى عندما يأتي إلى منصب رئيس الجمهورية من ينتمي إلى الاتجاه المعتدل ،فإنه دائمًا ما يواجه أزمة في إدارة العلاقات مع دول الخليج وفق رؤيته هو واتجاهه نظرًا لنفاذ القوة الراقية بشكل عام وقلة صلاحيات رئيس الجمهورية الذي كان لا بد منه التمسك في رسم السياسة الخارجية بالمنطلقات العقائدية “عودة المهدي المنتظر” ” ولاية الفقيه ” التي تمثل العمود الفقري للنظام السياسي وتربط بين الولاية الدينية والسلطة السياسية وبين تغليب الايدلوجية على البرجماتية لصالح التوجه الراديكالي الذي لا يقبل بمرونة هذه المبادئ والتمسك بها كإطار يحكم توجهات الفريق الحاكم.[16]

  • سياسة حسن روحاني تجاه دول الخليج خلال فترة حكمه:

تبنى الرئيس روحاني موقفًا متزنًا من دول الخليج حيث تحدث قبل فوزه بالانتخابات على أنه حريص على تحويل الخصومة مع السعودية إلى احترام  متبادل، وأن إيران والسعودية يمكن أن يلعبا دورًا مهمًا في المنطقة، كما شدد الرئيس المنتخب روحاني بعد فوزه على أن أولوية الحكومة على صعيد العلاقات الخارجية هي إرساء علاقات ودية مع جميع دول الجوار تعزيزًا لمبدأ حسن الجوار والاحترام المتبادل، وأشار روحاني إلى أن إيران تتطلع لأن تكون لها علاقات طيبة مع جميع الدول لاسيما المملكة العربية السعودية والتصرف بشكل إيجابي في التعامل مع القضايا الإقليمية الرئيسية مثل الأمن في الخليج، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه كان هناك ترحيب بفوزه وبالتصريحات التي أدلى بها خلال الحملات الانتخابية، كما ساعد بعض الاتجاهات الأُخرى إلى التذكير بتاريخ روحاني باعتباره صديقًا قديمًا للسعودية نظرًا لدوره في مجال التعاون الأمني في منتصف التسعينات، وربما يكون احتفاظ روحاني بعلاقات ما مع دول الجوار وقنوات مفتوحة معها خاصًة مع السعودية أكثر ما يمكن أن يحققه مع هذه الدول المعتمدة في ذلك على العلاقات الجيدة التي يحتفظ بها مع هذه الدول بحكم تاريخ عمله خاصًة أثناء توليه منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، لكن التخوف الخليجي واضح جدًا من موضوع التقارب الأمريكي الإيراني في النزاعات، فيشهد تاريخ العلاقات العربية الإيرانية على استمرار التفاوت في مسارها وغياب الموقف العربي الموحد  بين هذه الدول نفسها وتقديراتها المتعددة عن حجم مصالحها مع إيران وطبيعة خوفها .لذا لا يمكن أن يصف العلاقات العربية الإيرانية بالجيدة او بالسيئة استنادًا إلى علاقات تلك الدول، فهي شديدة التفاوت وتتراوح بين العلاقات الاستراتيجية في موقفها من سوريا إلى الطبيعية بين لبنان والأردن وسلطنة عمان والجزائر ودول أخرى، وتتفاوت طبيعة هذه العلاقات مع آثار الأزمة السورية وموضوع الأحداث في البحرين، لكن ثمة حديث آخر عن احتمال تقارب وجهات النظر مع السعودية،  فعندما قدم السفير السعودي الجديد لدى طهران عبد الرحمن بن غرمان الشهري أوراق اعتماده للرئيس الإيراني حسن روحاني، أكد الرئيس روحاني أن إيران مصممة على بناء أفضل العلاقات الأخوية مع الدول الإسلامية وأن المملكة العربية السعودية لها مكانة خاصة في السياسة الإيرانية، بدوره أكد السفير السعودي أنه من الممكن بناء علاقات طيبة ومتطورة بين البلدين في ظل حكومة الرئيس روحاني وشدد على أن المسؤولين في السعودية ينظرون إلى الحكومة الحالية في طهران نظرة إيجابية وكانت تتوقع استمرار أنماط تلك العلاقة خلال فترة حكم حسن روحاني.[17]

بالرغم من محاولات الدول العظمي على ردع إيران وجعلها تحت السيطرة حتى لا تتسبب في إحداث اختلال في الأمن و السلم العالميين إلا أن محاولاتهم لم تجدي نفعًا، فطالما كانت إيران قادرة على فرض كلمتها في أي مفاوضات، بالرغم من كثرة العقوبات التي لحقت بها جراء سياساتها إلا أن القوى الدولية لم تكن قادرة على السيطرة عليها، فكانت تكتفي بفرض العقوبات التي أثرت كثيرًا في الاقتصاد الإيراني، ولكن لم تمنع العقوبات إيران من ممارسة الضغط الدائم على دول الخليج ،فقد شهدت الفترة ما بين 2015 إلى 2021 توترًا كبيرًا بين دول الخليج وإيران وأدى هذا التوتر إلى تصعيد حدة الخلاف بين كلاً من إيران والخليج من ناحية، ومن ناحية أخري بينها وبين دول الغرب وتحديدًا الولايات المتحدة الأمريكية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن دول الخليج كانت دائمًا على خلاف مع إيران، فقد اختارت المعسكر الغربي منذ البداية وكانت أهم جوانب هذا الخلاف النزاع الذي لم ينتهي بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة على سيادة ثلاثة جزر تقع في الخليج العربي وتدعي كلاً من إيران والإمارات أحقيتها في هذه الجزر، بالإضافة إلى الصراع الدبلوماسي بين كلتا الدولتين في الكثير من الملفات، ومن جهة أخرى هناك الحرب الجارية بين إيران والسعودية والتي لا تحارب فيها إيران بشكل مباشر، فقد استخدمت إيران ( الحوثيين ) كذراع عسكري في اليمن للحرب بالوكالة عنها، وبسبب تطور هذا النزاع بين إيران و الدولتين الخليجيتين الكبيرتين (السعودية) و (الإمارات)، فقد انتقل ميدان النزاع السياسي والأيديولوجي  إلى دول خليجية أخرى مثل قطر والبحرين وغيرهما، وبات واضحًا أن إيران تسعي إلى تزعم منطقة الشرق الأوسط، مما أدى إلي تكوين تحالفات خليجية غربية للمساعدة في إيقاف تمدد إيران السياسي و العسكري داخل دول الشرق الأوسط المتنازع عليها بين الإمارات وإيران أحد أكبر أسباب الصراع بين إيران ودول الخليج بشكل عام  والإمارات بشكل خاص، فقد أشار روحاني في أكثر من مناسبة إلى أهمية الخليج العربي في ضمان أمن واستقرار المنطقة بالكامل. وتحديدًا دول مجلس التعاون الخليجي ولم يكن هذا أمرًا مستحدثًا، فلطالما كانت دول الخليج تبحث عن حماية وقد أصبحت التوترات بين الخليج وإيران أكثر حدة من السابق في عهد حسن روحاني فمند بداية فترة حكمه وهو يسعى لزيادة نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط وتحديدًا الخليج.

لذلك كانت الجزر الثلاث بمثابة قضية أمن قومي بالنسبة لإيران، فقد كان موقعهما الاستراتيجي مهم جدًا حيث كانت الجزر تقع عند مدخل مضيق هرمز وفضلاً عن أهميتها الاستراتيجية فإن لها أهمية اقتصادية أيضًا وتتمثل في تواجد النفط الخام فيها بكثرة وتواجد كميات كبيرة من أكسيد الحديد في جزيرة (أبو موسى)، بالإضافة إلى أن الجزر تعد منطقة استراحة للسفن العابرة لمضيق هرمز، وقد أدرك روحاني هذا جيدًا فلم يتهاون أبدًا في الدفاع عن الجزر باعتبارها أمنًا قوميًا لإيران، فبمجرد أن أمسك بزمام السلطة في البلاد، قام باتخاذ إجراء عسكري واضح للإمارات حيث أنه في مايو 2013 قامت قوات الحرس الثوري الإيراني باختتام مناورات شاملة كانت قد بدأها في الخليج تحت عنوان الدفاع المحكم وتهدف إلى الدفاع  عن الجزر الثلاث.

وعلى صعيد آخر لم تقف الإمارات مكتوفة الأيدي منذ البداية، فقد حاولت تصعيد الأمر إلى مجلس الأمن، حيث في ديسمبر1971 قامت الإمارات بإدراج ملف الجزر على جدول أعمال مجلس الأمن بحثًا عن “تسوية عادلة وشاملة ودائمة للقضية”، ومع تصاعد حدة التوترات، في ديسمبر 2012، صرح الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن “موقف المجلس من احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث واضح وثابت، إذ أنه يعتبر احتلال إيراني لجزر خليجية”.[18] 

3-موقف مجلس التعاون الخليجي وباقي الدول العربية من إيران:

بالطبع دعمت باقي دول الخليج والشرق الأوسط تأييد الإمارات في استعادة تلك الجزر لأراضيها، ففي ديسمبر 2012، صرح الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن “موقف المجلس من احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث واضح وثابت، إذ إنه احتلال إيراني لجزر خليجية، وقامت باقي الدول العربية بإعلان موقفها الرافض لتمدد إيران العسكري و السياسي.[19]

هكذا يتضح لنا مما سبق عرضه من معلومات أن إيران تسعي لبناء برنامج نووي يزيد من قوتها وتسطيع من خلاله ردع أعدائها وفرض سيطرتها علي دول الخليج والمنطقة، وروحاني لم يسعي لزيادة الخلافات بين إيران والخليج فرفض توسيع دائرة الأعداء الإيرانية، ولكن ظل الملف النووي شائك في فترة حكمه والعلاقات الخليجية الإيرانية غير متزنة كما ذكرنا سابقًا في الأزمة الإيرانية الخليجية مع السعودية بسبب الحوثيين والإمارات بسبب الجزر الإماراتية وطالما إيران مستمرة في أهدافها ورؤيتها تجاه منطقة الخليج فسيظل الأمر شائك مهما ظهر بعض التودد من إيران في المنطقة أو بعض الزيارات الرسمية، الا أن هذا لا يعني أن العلاقات طيبة، اذ لا يغفر لإيران سعيها نحو السيطرة علي الشرق الأوسط.

المطلب الثاني: العلاقات الإيرانية الخليجية في ظل حكم إبراهيم رئيس:

يعتبر إبراهيم رئيسي هو الرئيس الثامن في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث تولي الحكم في 3 أغسطس 2021 ولم تكن هذه فرصته الأولي للترشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية ،فقد ترشح للانتخابات عام 2017 أمام خصمه حسن روحاني، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل، ويعرف إبراهيم رئيس بأن له تاريخ سياسي حافل ،فقد تولي العديد من المناصب القضائية ذات الصلة السياسية، حيث ترجع بداية تدخله في الحياة السياسية الإيرانية لعام 1980 عندما تولي منصب المدعي العام لمدينة كرج غرب طهران، وبعد مرور خمس سنوات تولي منصب نائب المدعي العام في العاصمة طهران، ومن أهم المناصب التي تولاها كانت توليه لمنصب المدعي العام للثورة الإسلامية في طهران، بالإضافة إلى أنه تجمعه صلة وثيقة ببعض المؤسسات الكبري في النظام السياسي الإيراني متمثلة تلك المؤسسات في مجلس خبراء القيادة، السلطة القضائية، الحرس الثوري.

ولا شك أن رئيسي قد تولي زمام السلطة في ظل العديد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تراكمت على إيران سواء من جانب الأزمة العالمية المتمثلة في جائحة كورونا أو تلك العقوبات الأمريكية التي فرضت على عاتق الاقتصاد الإيراني، بالإضافة إلى الاضطرابات السياسية في إيران، فهناك بعض الأقاليم التي تعاني من الزعزعة السياسية مثل( إقليم خوزستان) جنوب غرب إيران حيث يعتبر ذلك الإقليم من الأقاليم ذات الطابع العرقي، وقد اشتعلت فيه مظاهرات واحتجاجات شعبية ذات طابع سياسي اقتصادي، مما يعزز من التعقيدات التي تقع على كاهل النظام السياسي والاقتصادي في إيران.[20]

وقد سعت الحكومة الإيرانية الجديدة تحت زعامة إبراهيم رئيسي نحو تبني سياسة جديدة تختلف عن سياسة الحكومات السابقة وقد تمثلت تلك السياسة في السعي نحو رفع الضغوط السياسية والاقتصادية التي  تقع على عاتق الإدارة الإيرانية، وسعيها نحو تحسين علاقاتها مع دول الجوار الإقليمي بالإضافة لحمايتها لبرنامجها النووي باعتباره مصدر من مصادر تعزيز القدرات الإيرانية سواء كان داخليًا أو خارجيًا.[21]

بالنسبة لمواجهتها للضغوط الاقتصادية والسياسية التي فرضت عليها، فهي تري أن الحل الأنسب لمواجهة هذه العقبات هي وضع مجموعة من الضوابط لمجابهة الفساد السائد في القطاعات الحكومية في الدولة إضافًة لسعيها نحو القضاء على بعض المشكلات الاقتصادية مثل البطالة واتجاهها نحو نمط اقتصادي حديث بدلاً من النمط التقليدي، وقد أخذت الإدارة الجديدة على نفسها عدد من الوعود لتتخطي أزمتها السياسية وقد تمثلت تلك الوعود في:

1-فقد عزمت على تحسين علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول الجوار، إضافًة إلى اعترافها باحترامها لحقوق الإنسان.

2-تعهدت بسعيها نحو تعزيز علاقاتها الدبلوماسية وترسيخها مع دول الجوار.

3-تعهدها برفع العقوبات التي فرضت على إيران من جانب الولايات المتحدة الأمريكية عقب انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني والتخلص من الأثار المترتبة على تلك العقوبات.

4-تعهدها بسعيها نحو التمسك ببرنامجها النووي واعتباره برنامجًا سلميًا يعمل على تعزيز قدرات إيران الداخلية والخارجية.

أما بالنسبة للسياسة التي اتبعتها الحكومة الإيرانية الجديدة لتحسين علاقتها مع دول الخليج:

رأت الإدارة الإيرانية الجديدة أنه لا بد من تحسين علاقاتها مع دول الجوار الإقليمي ولا سيما دول الخليج العربي، لذلك كانت السياسة التي تبنتها عبارة عن مزيج من الجهود لتوسيع نفوذها الإقليمي وتقليل حدة التوترات مع دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك خير دليل على سعيها نحو ترسيخ الوعود التي أخذتها على نفسها ألا وهي تنمية علاقاتها السياسية والاقتصادية مع الدول الأخري.

هذا وقبل توضيح تلك السياسة التي تتبناها إدارة رئيسي لتحسين علاقة إيران مع الجوار الإقليمي ولاسيما الخليج العربي، لا بد من توضيح أهم المتغيرات الإقليمية التي تزامن وجودها مع تولي رئيسي الحكم، حيث شهدت المنطقة العديد من المتغيرات والتي كانت إيران طرفًا فيها سواء كان ذلك بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، وقد تمثلت تلك المتغيرات في:

  • القطيعة الدبلوماسية من جانب دول الخليج العربي لإيران عقب الاحتجاجات أمام القنصلية السعودية بإيران عقب إصدار المملكة أمرها بإعدام نمر النمور وأخرين، وكانت تلك القطيعة من جانب المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، الكويت منذ 2016.
  • التداعيات التي نتجت عن عملية اغتيال قاسم سليماني ومهدي المهندس في بغداد 2020، حيث قامت إيران بتوجيه ضربة صاروخية على قاعدة عسكرية أمريكية في العراق.
  • قيام إسرائيل بتوجيه ضربات موجعة لإيران على صعيد برنامجها النووي منها :التفجير الذي أصاب منشأة نطنز في إبريل 2021، ومن قبلها اغتيال أحد مهندسي البرنامج النووي الإيراني محسن فخري في نوفمبر 2020، وفي المقابل ردت إيران بعمليات عدائية منها ضرب الناقلة الإسرائيلية في بحر عمان.
  • تنامي ضربات جماعة الحوثيين وما صاحبها من تداعيات وإعلان الحوثيين بأن ما يتحقق هو بدعم من الجمهورية الإيرانية الإسلامية.
  • انسحاب أمريكي من أفغانستان وما ترتب على ذلك من فراغ استراتيجي في أفغانستان يغري بعض القوي الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها إيران التي تضم أراضيها قرابة 4 ملايين لاجئ أفغاني.[22]

وفقًا لتلك المتغيرات سعت الإدارة الإيرانية الجديدة لاتباع سياسة التدرج أي التخلص من العقبات التي تقف حائل أمامها واحدة تلو الأخري، فبالنسبة لعلاقتها بدول الخليج العربي، لقد تبنت الإدارة الإيرانية سياسة الدخول في حوار استراتيجي مع دول الخليج العربي بهدف عودة العلاقات الدبلوماسية بعد قطيعة دامت لسنوات.

ولقد لعبت الكويت دورًا محوريًا في تعزيز لغة الحوار مع إيران لترويض الطريق أمام مستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية، حيث أعلنت الكويت عن عودة سفيرها (بدر عبدالله المنيخ) إلى إيران، ومن المسلم به أن الكويت تقوم بدور الوساطة لتحسين العلاقات الخليجية الإيرانية، وقد تلى تلك المصالحة الكويتية الإيرانية نجاح للرغبة الإيرانية في عودة علاقاتها مع بقية دول الخليج، حيث أعلنت  دولة الإمارات العربية المتحدة  عودة علاقتها مع إيران مرة أخري وذلك بعودة سفيرها ( سيف محمد الزعابي) إلي إيران وكان ذلك الإعلان في 22 أغسطس 2021 وذلك بعد مرور أكثر من ست سنوات من الانقطاع الدبلوماسي بين البلدين.

وتأكيدًا للوعد الذي أبرمته الإدارة الإيرانية الجديدة ألا وهو تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع دول الجوار، فقد بادرت بمشاركتها في مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون وذلك في 28 أغسطس 2021، حيث شارك وفد إيراني يترأسه وزير الخارجية الإيراني وذلك بهدف التوضيح الكامل لرغبة إيران في تعزيز علاقتها مع دول الخليج وقد أكدت تلك الرغبة عندما ألقي وزير الخارجية الإيراني خطابه، حيث كانت كلمته الافتتاحية باللغة العربية.

أما بالنسبة للعلاقات السعودية الإيرانية، فقد أعلنا الطرفان السعودي والإيراني أنهم على أتم الاستعداد لإجراء محادثات علنية على المستوي السياسي إيمانًا من الطرفين بضرورة تعزيز العلاقات فيما بينهم، وتوثيقًا لتلك الرغبة، فقد قام وفد سعودي بزيارة لإيران، حيث أشارت عدد من التقارير أن ذلك الوفد قد بادر بزيارة للقنصلية السعودية بإيران وذلك تمهيدًا لعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.[23]

ولا شك أن تلك المفاوضات قد أتت ثمارها، حيث أعلنت لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني أن إيران والسعودية تستعدان لإعادة فتح سفارتهما من جديد وكان ذلك الإعلان في يناير 2022، وقد بلغت تلك الجولات الإيرانية السعودية حوالي خمس جوالات حيث كانت الجولة الخامسة في إبريل 2022 وتلك الجوالات تقام بوساطة عراقية حرصًا من العراق على تعزيز التعاون والأمن في المنطقة.

وتأكيدًا على رغبة الدولتين في توطيد العلاقات فيما بينهم، فقد استجابت كلا الدولتين للرغبة الصينية في إدارة النزاع فيما بينهم، حيث صدر بيان مشترك أعلنت فيه كلًا من السعودية وإيران اتفاقهما على إعادة العلاقات الدبلوماسية التي تم قطعها منذ 2016، وقد نص البيات المشترك الذي صدر في مارس 2023 على البنود التالية[24]:

  1. استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتيهما خلال مدة أقصاها شهرًا.
  2. التأكيد على احترام سيادة الدولتين وعدم التدخل في شؤونهما الداخلية.
  3. تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، تلك التي تم توقيعها في 2001.
  4. تفعيل الاتفاقيات العامة للتعاون في كافة المجالات الاقتصادية التي تم توقيعها في 1998.

لقد كانت تلك الخطوة ذات مدلول سياسي لا يمكن إهماله، فإن توسط الصين في عودة العلاقات بين كلًا من إيران التي تعد أحد حلفائها الرئيسيين في الصراع الممتد ضد الولايات المتحدة الأمريكية، والسعودية التي تعتبر أهم وأقدم حلفاء أمريكا ومن جهة أخرى أحد حلفاء الصين المستهدفين، يعتبر ذلك التحرك مكسبًا كبيرًا لكلًا من الصين[25] والمعسكر الشرقي ضد أمريكا وحلفائها، فقد يرسم ذلك التصالح شكل القوى التي ستقود الإقليم بالكامل والذي أصبح عبئًا زائدًا على أمريكا بعد صراعها الاقتصادي مع الصين وحرب روسيا وأوكرانيا، حيث يعتقد الكثير أن تلك الخطوة إعلانًا لنهاية الهيمنة الأمريكية على هذه المنطقة وبداية لصعود الصين لشغل الفراغ الذي ستتركه أمريكا، والجدير بالذكر أن الفترة التي تسلم فيها “جو بايدن” السلطة إتخذ العديد من القرارات التي قلصت دور الولايات المتحدة في المنطقة بالكامل، فخير دليل على ذلك انسحابها المهين من أفغانستان و الذي سمح للعديد من القوى بالتمدد السياسي والجغرافي في الإقليم بالكامل كمحاولة لاكتساب سيطرة أكثر على الإقليم، وبالرغم من أن تأثير ذلك التصالح لم يظهر بشكل واضح حتى الآن إلا أنه من المؤكد أنه سيشكل تحولًا فارقًا في شكل الصراع بين أمريكا من جهة والصين وحلفائها من جهة أخرى داخل الإقليم وخارجه في المستقبل.

أما بالنسبة للعلاقات الإيرانية مع دولة البحرين، فهي بوجه عام تتسم بالحذر والتوتر وذلك نتيجة لرغبة إيران الجامحة لضم البحرين ووضعها تحت سيطرتها الإقليمية، أما في الوقت الراهن فإن العلاقة بين البحرين وإيران تابعة للعلاقات السعودية الإيرانية، وذلك لاعتبار أن السعودية هي الحليف الأكبر للبحرين في المنطقة.

وفي تلك السنوات التي كانت عبارة عن قطيعة للعلاقات الإيرانية السياسية والاقتصادية مع دول الخليج، فإن علاقة إيران بقطر لم تأخذ منحني خطير، حيث إن عقب قطع السعودية وحلفاؤها من دول الخليج لعلاقتهم مع إيران في 2015 واصلت قطر علاقتها الساسية والاقتصادية مع إيران وكانت دائمًا مرحبة لإجراء حوار سياسي بين السعودية وإيران لتعزيز أمن المنطقة، أما بالنسبة لعلاقتها بإيران في ظل حكم إبراهيم رئيسي، فكانت أول الدول العربية التي بادر إبراهيم رئيسي بزيارة لها لحضور قمة منظمة ( الأوبك ) التي كانت تستضيفها العاصمة القطرية في فبراير 2022 مما يشير ذلك إلى مستوي التطور التي تشهده العلاقات الإيرانية القطرية.

وعلى غرار العلاقات القطرية الإيرانية كانت العلاقات الإيرانية العمانية، حيث إنها لم تشهد تلك الحدة التي شهدتها العلاقات الإيرانية مع الدول الخليجية الأخري، أما بالنسبة للعلاقات العمانية الإيرانية في ظل حكم إبراهيم رئيسي فقد اتسمت بالتوطيد في العلاقات، حيث قام رئيسي بزيارة لسلطنة عمان وكانت تلك الزيارة الإيرانية الأولي لعمان في ظل حكم السلطان ( هيثم بن طارق )، الأمر الذى من شأنه أن يشير إلى العلاقة الوطيدة بين البلدين والتي شهدت تقدم ملحوظ في السنوات الأخيرة، وخير دليل على ذلك إعلان السلطان هيثم في مايو 2022 عن اتفاقية التعاون في مجال النقل البحري بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية بالإضافة إلى التبادل التجاري بين البلدين.[26]

إن السياسة التي انتهجها روحانى تتشابه إلى حد كبير مع السياسة التي يتبناها إبراهيم رئيس، حيث رأي كلًا منهما ضرورة توطيد الثقة والتعاون بين إيران ودول الخليج، بالإضافة إلى ضرورة تدعيم وتوثيق علاقة إيران مع دول الجوار الإقليمى الخاص بها؛ ولكن تلك السياسة فشلت في عهد روحانى واتجهت تلك العلاقات بدلًا من التهدئة إلى التصعيد ويرجع السبب في ذلك إلى طموحات إيران التى تتنافي مع الأمن الخليجى، أما بالنسبة لمصير العلاقات في عهد إبراهيم رئيسي فهى شائكة وغير واضحة المعالم حتى الأن على الرغم من تلك المبادرات التي اتخذتها حكومة إبراهيم رئيس.

المبحث الثاني

محددات العلاقات الخليجية الإيرانية، وعوامل التقارب والتباعد

تمهيد:

تعد منطقة الخليج العربي من أكثر المناطق عُرضة للاضطرابات وعدم الاستقرار، وهذا بحكم أهميتها في السياسة الدولية بالإضافة إلي أهميتها الاستراتيجية، وتحتل منطقة الخليج العربي مكانة بارزة في الدراسات الاستراتيجية خلال الحقب السابقة والحالية، وتشكل إيران دولة رئيسية في معادلة توازن القوي في الشرق الأوسط بصفة عامة، ومنطقة الخليج بصفة خاصة، نظراً لما تتمتع به من إمكانات القوي الشاملة للدولة، بالإضافة إلي الطرف الثاني من المعادلة وهي دول الخليج.

تتشكل العلاقات الإيرانية الخليجية بمجموعة من العوامل التي فرضها كل من الواقع الجغرافي والتاريخي إضافًة إلي المصالح المشتركة، فكانت هناك العديد من المحددات التي توضح طبيعة العلاقة بين إيران ودول الخليج، وهو ما سوف نقوم بتناوله والتركيز عليه في هذا المبحث، ثم ننتقل بعد ذلك إلي الحديث عن عوامل التقارب والتباعد بين الطرفين، حيث أن هناك مجموعة من العوامل التي أدت إلي إحداث التقارب وتطبيع العلاقات بين كلاً من إيران ودول الخليج العربي، وكذلك هناك مجموعة من العوامل التي أدت إلي التباعد والاختلاف.

المطلب الأول : محددات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج:

إن العلاقات بين إيران والخليج العربي يسودها الحذر، حيث أن السياسة الخارجية الإيرانية حتمت علي دول الخليج العربي القيام بأخذ الحيطة لصنع الأمن الداخلي والخارجي لها بسبب سياسة إيران الخارجية، وهناك العديد من المحددات التي يجب التطرق لها وهي العوامل المتحكمة في مسار العلاقة بين الطرفين.

أولاً : المحددات الداخلية المؤثرة علي السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج:

  1. المحدد الجغرافي:

تلعب الاعتبارات الجغرافية لأي إقليم دورًا كبيرًا في تحديد ماهية العلاقات البينية لدول هذا الإقليم وأشكالها وكذلك آليات التفاعل التي تحكم هذه العلاقات وتحديد مساراتها واتجاهاتها وأهدافها، حيث أن العلاقات الدولية هي عادةً انعكاس لمتطلبات واقع جغرافي وسياسي واقتصادي معين، يفرض علي أطراف هذه العلاقة طبيعة السلوك السياسي المتبع في علاقاتها مع الأطراف الأخرى.[27]

ويتكون الخليج العربي من عدة دول هما المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت وعمان والبحرين وقطر وفي الجوار لهما دولة إيران والعراق، ويكتسب هذا الإقليم أهمية بالغة لكونه واحد من أهم المنافذ المائية التي تتميز بها منطقة الشرق الأوسط كما أنه يتوسط الثلاث قارات آسيا وأفريقيا أوروبا، ولأن الخليج العربي يعتبر بحر شبه مغلق، فإن من يتحكم في مداخله يستطيع التأثير علي الاقتصاد الدولي والإقليمي، وهذا ما أدي إلي تنافس الدول الكبرى في السيطرة علي مياهه خاصًة مع وجود أكبر نسبة من احتياطي النفط في العالم.[28]

تعد إيران دولة مجاورة مباشرة لدول الخليج، حيث تمتلك سواحل مترامية علي طول الضفة الشرقية للخليج العربي، وقد ساهم هذا في إثارة عدد من المشاكل بين الجانبين، خاصًة فيما يتعلق بالحدود البحرية وما تحتويه من ثروات طبيعية ولاسيما النفط والغاز، كما كانت هناك أيضًا مشاكل حدودية بين إيران ودول الخليج أبرزها الصراع والخلاف علي الجزر الثلاث الإماراتية ( طنب الكبرى و طنب الصغرى وأبو موسى) التي تقع عند مدخل مضيق هرمز في الخليج العربي[29]، بالإضافة إلي النزاعات المرتبطة بحقل الدرة النفطي الواقع في المنطقة البحرية المشتركة بين كلاً من السعودية والكويت و إيران.[30]، والشكل التالي يوضح التقارب الجغرافي بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي:

الشكل رقم (1)

               المصدر: زنيد، حسن، عدم حسم العلاقة مع إيران يهدد المصالح الخليجية، مجلة سياسة واقتصاد، يناير 2021[31].

كذلك تعتبر منطقة الخليج العربي هي منطقة التنافس بين القوميتين العربية والفارسية فمن الطبيعي أن تبرز النزاعات بينهما علي مناطق الحدود خاصًة وأن هناك تداخلاً بشريًا وتاريخيًا بينهما فمثلاً توجد أقليات عربية في إقليم عربستان في إيران، كما توجد أقليات إيرانية في كل الدول الخليجية؛ فبناءً علي ذلك فإن إحداث أي نمو في القدرة العسكرية والسياسية لأي طرف يؤدي إلي تعريض الاستقرار الإقليمي للخطر.[32]

  1. المحدد الديني:

أدي نجاح الثورة الإسلامية الإيرانية وقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلي توجه النظام الإيراني نحو تبني الأيدولوجية الثورية القائمة علي المذهب الشيعي، فقد اعتمد السلوك الإيراني علي أيدولوجية التمدد من خلال مبدأ تصدير الثورة، انطلاقًا من مفهوم الحكم الإسلامي الذي وجدت فيه الحل المناسب لحل مشاكل العالم الإسلامي من خلال توحيد الأمة الإسلامية تحت مفهوم “ولاية الفقيه”. [33]

وبخصوص البعد الأمني في الفكر السياسي لدولة إيران، فإنها تعتبر أن الوحدة الإسلامية هي السبيل للاستقلال والاعتماد علي الذات، وفي أثناء الثورة الإيرانية الإسلامية حاولت تصديرها للدول المجاورة؛ بغرض مساعدة الدول الضعيفة ضد القوي الكبرى مبررة ذلك بأنه واجب إسلامي وشرعي، هذا الأمر خلق آثاراً سلبية علي علاقات إيران مع الأقطار العربية خصوصًا علاقتها مع دول الخليج العربي، حيث استغلت إيران تصريحاتها من خلال مناصرة المستضعفين فبدأت في التدخل في شئون بعض الدول الإسلامية ومنها دول الخليج العربي، مما أثار التوترات في علاقاتها مع الدول الخليجية؛ مما دفع هذه الدول وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية للتصدي لمثل هذه السلوكيات التي اعتبرتها بأنها عدائية وتهدف إلي زعزعة الاستقرار.[34]

  1. المحدد العسكري:

تعتبر القوة العسكرية من أهم المحددات في العلاقات الدولية، وإحدى المقومات الأساسية لنجاح الدول في تحقيق أجندتها الخاصة في سياستها الخارجية، وتبنت إيران استراتيجية تقوم عليها في علاقاتها مع محيطها الإقليمي، والتي تمثلت في تعزيز قدرتها العسكرية وتطوير برنامجها النووي وترسانتها البحرية والبرية، من أجل توسيع نفوذها في تلك المنطقة، وكذلك استمرت الاستراتيجية العسكرية لإيران في دعم المؤسسة العسكرية من خلال شراء الأسلحة وأجهزة رادار حديثة ،كذلك الاستمرار في برنامجها النووي.[35]

ثانياً: المحددات الدولية المؤثرة علي السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج:

تتمثل المحددات الدولية في طبيعة النظام الدولي الذي تتحرك من خلاله دولة إيران، والذي يؤثر في توجهات السياسة الخارجية الإيرانية، كما أن هذه المحددات الدولية تؤثر بشكل كبير علي النظام الإقليمي والداخلي للدولة.

  1. الولايات المتحدة الأمريكية

كان من أهم الأمور التي كانت تتطلع إليها أمريكا منذ قيام الجمهورية الإيرانية محاولة إبعاد روسيا عن المنطقة، ومحاولة احتواء إيران من أجل حماية مصالحها في المنطقة العربية، وخدمة أطماعها من أجل الهيمنة والسيطرة التي واكبت صعودها كقوة دولية كبرى خاصةً بعد انهيار المعسكر الشرقي.[36]

إن نقطة التحول الأساسية في السياسة الأمريكية تجاه إيران هو نجاح الثورة الإسلامية في إيران 1979، ومنذ ذلك الوقت تأزمت العلاقة بين البلدين، وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001، كانت هناك فكرة أمريكية للحوار مع الدول المعارضة ومنها إيران، وفي عام 2004، طرحت الولايات المتحدة الأمريكية مشروع الشرق الأوسط الكبير، والذي كان يصب في مصلحة أمريكا وإسرائيل، وهو ما عارضته إيران. إن تعثر المشاريع الأمريكية في المنطقة دفع الولايات المتحدة إلي الاتفاق مع إيران بخصوص الملف النووي .[37]

ويعد أهم تحول استراتيجي لسياسة إيران الخارجية تجاه دول الخليج العربي جاء علي إثر الاتفاق الذي عقده الرئيس الإيراني حسن روحاني عام 2015 مع الدول الخمس الكبرى بالإضافة إلي ألمانيا والمسمى بالاتفاق الشامل، وانعكس هذا الاتفاق علي إيران خصوصًا بعد رفع العقوبات الاقتصادية التي تعيد للخزينة الإيرانية دخلاً يقدر ب 7 مليار دولار من العائدات النفطية، وتعد أبرز التداعيات السياسية التي جاءت نتيجة لهذا الاتفاق المحدد الدولي لعلاقة إيران بدول الخليج، حيث شكل هذا الاتفاق اعترافًا دوليًا لإيران بحقها في الحصول علي التكنولوجيا النووية السلمية واستخدامها، كما أن هذا الاتفاق عزز موقع إيران ودورها كقوة إقليمية تدعم توجهات المرشد الأعلى علي خامنئي.[38]

كما أنه مع انكشاف برامج إيران في تطوير منظومة التسلح الصاروخي وبرنامجها النووي كانت بمثابة المحفز الأكبر لتوتر العلاقات الإيرانية الخليجية، هذا إلي جانب قرار الرئيس الأمريكي “ترامب” الذي اتخذ قرار في يونيو 2018 المتضمن انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني. لذلك جاء استمرار التوتر بين إيران ودول الخليج، مع دخول إيران في مواجهة دبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية كعامل مؤثر في العلاقات الإيرانية الخليجية. [39]

  1. روسيا

شهد النظام الدولي تغيرات رئيسية أدت الي حدوث تغير في النظام الدولي وكانت أبرز تلك التغيرات تضاؤل قوة الاتحاد السوفيتي كنفوذ عظيم وانهيار النظام العالمي القائم علي القطبية الثنائية  وكذلك انتهاء الحرب الباردة.[40]

تباينت العلاقات بين إيران وروسيا علي مختلف العهود، فمع نهاية عهد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، وسقوط الاتحاد السوفيتي اتجهت موسكو وطهران نحو تعزيز العلاقات الثنائية، الأمر الذي أسهم في تحقيق درجة متقدمة من التقارب، كما أن استراتيجية علي خامنئي في السعي لتحقيق التوافق مع موسكو في المجال الأمني رحبت به الفصائل المختلفة في إيران، وفي كلا البلدين دعا التقارب للتأكيد علي المعارضة المشتركة بين البلدين لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلي الفوائد التشغيلية والفنية التي يستمدها الحرس الثوري من خلال التعاون مع روسيا.[41]

يعود التعاون بين البلدين إلي تاريخ التفاوض الإيراني مع روسيا لإكمال محطة الطاقة النووية “بوشهر” خصوصاً أن روسيا هي الشريك الأفضل لإيران فهي لا تبني المفاعلات فقط بل تزود طهران بالوقود النووي، إلي جانب رفض روسيا فرض عزلة دولية أو عقوبات علي طهران؛ لذلك تتجه إيران لزيادة حجم التبادل مع روسيا، كما يتفرد الموقف الروسي بتعاطفه مع إيران وهذا تحدي واضح للإرادة الأمريكية، فروسيا هي الطرف المعني بالملف النووي الإيراني لكونها الشريك الأساسي لإيران ومصدر تزويدها بالتكنولوجيا النووية، ثم كان الاتفاق  النووي بين إيران والدول الخمس الكبرى بالإضافة إلي ألمانيا، فقد أكد الرئيس الروسي بترحيبه لهذا الاتفاق، إلا أنه أوضح في الوقت نفسه أن هذا الاتفاق له آثاره الإيجابية والسلبية، فكان هذا الاتفاق يضمن تصدير المزيد من الأسلحة لإيران، فضلاً عن أنه يعزز دور روسيا في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الوكالة بواسطة إيران، باعتبار أن إيران بالنسبة لروسيا هي مدخل مهم للنفوذ الروسي في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، أما انعكاساته السلبية فهو يجعل من إيران منافس حقيقي لروسيا في مجال الطاقة النووية، باعتبار أن إيران تمتلك رابع أكبر احتياطي نفط في العالم، والمرتبة الأولي عالميًا في احتياطي الغاز، وهذا ما يضمن لإيران الأفضلية، بالإضافة لتعرض روسيا لعقوبات دولية بسبب الأزمة الأوكرانية.[42]

وفي النهاية تشير هذه العلاقة إلي أنه تحالف بالضرورة، وبالرغم من تعدد مؤشرات التقارب بينهم وتطور العلاقات، والذي أصبح أكثر وضوحًا في أعقاب التدخل الروسي في الأزمة السورية، إلا أن هذا التحالف لم يتقدم أو يرتقي إلي التحالفات الحقيقية أو الاستراتيجية، فهناك بعض مواطن الخلاف، إلا أنه من المستبعد حدوث صراع مفتوح بينهم، حيث لا ترغب إيران في ذلك لأنها واقعة تحت ضغط سياسي وعقوبات اقتصادية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن تطور العلاقات الروسية الإيرانية يحتم علي الدول الخليجية بدء شراكة مع روسيا علي نحو يشكل صدًا للتقارب الروسي الإيراني، الذي يشكل تحديًا للمصالح الاستراتيجية للمنظومة الأمنية الخليجية، ولا يعد هذا التقارب الخليجي الروسي تخليًا عن تحالفها مع أمريكا ولكنه وسيلة للتعامل مع المتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة.[43]

المطلب الثاني: عوامل التقارب والتباعد في العلاقات الخليجية الإيرانية:

إن الطبيعة المتوترة بين الدول الخليجية و إيران تجعل من الصعب بناء علاقة مستقرة بينهما، ولكن لا أحد في المنطقة يرغب في تدهور المنطقة بشكل عام أو تدمير إيران بشكل خاص، لذلك هناك مجموعة من العوامل التي أدت إلي إحداث التقارب وتطبيع العلاقات بين كلاً من إيران والخليج، كما أن هناك مجموعة من العوامل التي أدت إلي التباعد والاختلاف، حيث أن العلاقات بين دول الخليج وإيران لم تكن علي نمط واحد، بل تنوعت علي حسب رؤية كل دولة لمصلحتها القومية.

أولًا: عوامل التقارب:

ظهرت العديد من العوامل التي ساهمت في إزالة حاجز الشك المتبادل بين إيران ودول الخليج، عندما صرحت إيران عن تخليها عن شعائرها الثورية، وهذا يشير إلي وجود مجموعة بوادر لحل النزاعات بالطرق السياسية بعيدًا عن المخاطر التي تهدد الإقليم كاملاً.

دوافع وأشكال التقارب في العلاقات الخليجية الإيرانية:

  1. التحولات الايدولوجية الإيرانية حيث أدي انتقال إيران من شرعية الثورة والتي طغت علي سياستها منذ انتصار الثورة إلي شرعية الدولة، إلي انفتاح السياسة الخارجية الإيرانية علي العالم، وعلي الرغم من تأزم العلاقات بين إيران ودول الخليج، نتيجة تطور الملفات المطروحة علي ساحة الإقليم؛ فإن العديد من الأصوات تنادي إيران والسعودية – واللتان تعدان أكبر دولتين في منطقة الخليج – إلي حل الخلافات القائمة بينهما، لأنها قد تؤدي إلي صراعات طائفية قد تستمر لفترة طويلة.[44]
  2. توتر العلاقة بين أمريكا والسعودية، وكذلك العلاقة بين أمريكا و إيران خاصًة بعد أحداث 2001، مما أسهم في إحداث تقارب بين إيران والسعودية، خاصًة فيما يتعلق بالحملات الإعلامية الغربية ضد الإسلام.
  3. اعتماد إيران علي أسلوب المبادأة في تقاربها مع دول منطقة الخليج العربي مثل مبادرة هرمز للسلام التي تبناها الرئيس حسن روحاني، والناتج عن حرص إيران علي إحداث التقارب، وكذلك أيضًا نظرية أمن الخليج الإيرانية والتي تقوم علي نفس المبدأ، وذلك علي اعتبار أن من حق إيران بمبرراتها التاريخية والجغرافية أن تضع نظرية لأمن الخليج تحقق مصالحها بما لا يتعارض مع مصالح الآخرين.[45]
  4. قيام السعودية في عام 2018 بالموافقة علي دخول دبلوماسي إيراني لتولي رئاسة مكتب لرعاية المصالح الإيرانية فيها، وهو ما يعد خطوة دبلوماسية إيجابية في العلاقات بين البلدين.[46]
  5. سعي السعودية وإيران نحو عدم تصعيد النزاعات المرتبطة بالملفات الإقليمية، مثل الأزمات الحاصلة في سوريا والعراق واليمن، وسعي كلاهما بمساعدة قوى إقليمية أخري نحو هذه المشكلات، حيث يتبني النظام العراقي الدور في تيسير العلاقات الإيرانية السعودية لما يحظى من تأييد من قبل الطرفين، بالإضافة إلي إعادة كلاً من الإمارات والكويت العلاقات الدبلوماسية مع طهران.[47]
  6. أهمية تعميق المصالح الأمنية المتبادلة من خلال تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين إيران ودول الخليج العربي، مثلما صرح مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، إن الإمارات العربية المتحدة ترغب بتأسيس مجموعات عمل مع إيران لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية.[48]
  7. قيام الرئيس إبراهيم رئيسي بزيارة لدولة قطر من أجل دعمه في تحسين الوضع الإقليمي وقيام علاقات وثيقة، وكذلك قيامه بزيارة دولة عمان وتوقيع اتفاقية تعاون بين البلدين.
  8. تطور العلاقات الإيرانية الكويتية، خاصًة بعد وصول السفير الكويتي إلي طهران، كما تعد هذه الخطوة مهمة في ضوء التعاون بين إيران والدول المجاورة.

ثانياً : عوامل التباعد:

هناك حالة من الخلاف تشهدها العلاقات بين إيران ودول الخليج، تمتد منذ الثورة الإيرانية التي قامت عام 1979، وقد استطاعت دول الخليج إدارة الصراع مع إيران بهدف منع خروجه عن السيطرة، ولكن التحولات التي شهدتها دول الجوار ممثلة بسوريا واليمن والعراق أتاحت الفرصة مرة أخري نحو التمدد للنفوذ الإقليمي لإيران، وهو ما سوف نتطرق إليه على النحو التالي:

  1. إن الدور المتنامي لإيران في المنطقة لم يدفع دول مجلس التعاون الخليجي إلي وضع استراتيجية لطبيعة هذا الدور، فكانت إيران تمضي في التوغل الاستراتيجي داخل المنطقة، مستغلاً الصراعات العربية من جهة وعدم التوافق وهشاشة الموقف بين دول المنطقة من جهة أخري، كما أن إيران لديها مشروعها السياسي في المنطقة القائم علي الاختراق تحت عدة لافتات منها الطائفية أو الإسلامية أو الثورية، لذلك نجدها تواكب موجات الثورات العربية، بدعوي تأثير ثورتها علي هذه الثورات، مستغلة نتائج الثورات لصالحها.[49]
  2. طمع إيران في حقل الدرة النفطي الذي يقع الجزء الأكبر منه علي الحدود المشتركة بين الكويت والسعودية، ويسميه الإيرانيون حقل آراش، وتجددت الأزمة في عام 2015 حيث استدعت الكويت القائم بأعمال السفارة الإيرانية لديها احتجاجًا علي طرح إيران مشروعين لتطوير حقل الدرة النفطي، وقامت السعودية والكويت بتوقيع اتفاقيتين لتطوير الحقل، إحداهما 2019، والأخرى 2022 ، وبدأت إيران المفاوضات مع الدولتين بشأن الحقل.[50]
  3. الصراع بين السعودية وإيران حيث قامت السعودية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران في يناير 2016، كما استخدمت السعودية دبلوماسية الضغط الجماعي لمواجهة إيران، حيث طلبت بعقد جلسة طارئة في 2017 في جامعة الدول العربية، وبناءً عليه أدانت الجلسة فيما وصفوه بالتدخل المستمر لإيران في الشئون العربية ،و قامت السعودية في عام 2016 بإعدام 47 شخص بتهم تتعلق بالإرهاب، منهم عالم دين شيعي سعودي ذو نشاط سياسي وله روابط بالنظام الإيراني، بالإضافة إلي اتهام السعودية لإيران بدعم ميليشيا الحوثيين في اليمن، كما أنها وراء إطلاق الصواريخ الباليستية تجاه المدن السعودية.[51]
  4. كما أن العلاقات الإيرانية البحرينية تتسم بالتوتر والشكوك في معظم فتراتها، بسبب أطماع إيران في هذه الدولة واعتبارها جزءًا من أراضيها بالإضافة لتدخل إيران في شئون دولة البحرين الداخلية، قامت البحرين بقطع العلاقات مع إيران عام 2016.[52]
  5. قامت الكويت بطرد عدد من المسئولين الإيرانيين من البلاد 2017، بما فيهم السفير الإيراني، بعد إدانة 23 شخص بالتجسس لصالح حزب الله .[53]
  6. كانت إيران أولى الدول الإقليمية التي تفاعلت مع الأزمة الخليجية مستغلة تدهور الأحداث لفرض وجودها السياسي، حيث في عام 2017 ، قامت إيران بتقديم الدعم الدبلوماسي والاقتصادي لقطر بعد قيام دول مكافحة الإرهاب ( مصر والسعودية والامارات والبحرين ) بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وفي نفس العام صرحت قطر بإعادة سفيرها إلي إيران وعن رغبتها في تعزيز العلاقات بين الدولتين، حيث أن من مصلحة إيران استقطاب دول خليجية إلي صفها سعيًا منها إلي تفكيك مجلس التعاون الخليجي.[54]
  7. شهدت العلاقات الإيرانية الخليجية الكثير من التحديات، كان من أبرزها زيادة الضغط الأمريكي الاقتصادي علي إيران، فبدأت إيران بحرب الناقلات في منطقة الخليج ومضيق هرمز، حيث تعرضت ناقلتين سعوديتين و ناقلة إماراتية وأخري نرويجية لهجوم في المياه الدولية، وأعلنت أمريكا أن إيران هي المسئولة عن الحادث.[55]
  8. قيام الولايات المتحدة الأمريكية عام 2019 بإدراج مؤسسة الحرس الثوري علي قوائم الإرهاب، وقيام دول الخليج بتأييد هذا القرار، مما أسهم في تعميق الأزمة بين إيران ودول الخليج.
  9. أما السبب الأهم هو البرنامج النووي الإيراني، الذي يهدد الاستقرار في منطقة الخليج، حيث أن امتلاك إيران لأسلحة نووية من شأنه التأثير علي دول الخليج، بالإضافة إلي صعوبة التوصل إلي صيغ مشتركة لأمن الخليج، حيث تطالب إيران بأن يكون لها الدور في الترتيبات الأمنية الخاصة بالمنطقة انطلاقًا من أن أمن الخليج هو مسئولية دول المنطقة، علي عكس رؤية دول الخليج الذي يري أن الوجود الأجنبي شيئًا مهمًا، فهذا من الممكن أن يؤدي إلي سباق نووي ليس فقط في منطقة الخليج ولكن في المنطقة العربية كلها.[56]

الفصل الثاني

إستراتيجية البرنامج النووي الإيراني.

تمهيد:

في إطار سعي إيران لتعظيم دورها الإقليمي ومكانتها الدولية سواء كان ذلك بطريقة سلمية أو غير سلمية، فقد سعت لامتلاك الطاقة النووية، بالرغم من تلك المتغيرات التي شهدتها مع قيام الثورة الإسلامية الإيرانية، حيث كان امتلاك الطاقة النووية بمثابة الحلم الذي يراود كل من أتيحت له الفرصة لحكم إيران حتي أصبح الإيرانيون يعتقدون أن الفرصة الوحيدة لتعظيم شأن إيران سواء كان إقليميًا أو دوليًا هي إمتلاكها للقدرة النووية باعتبار إيران دولة كبيرة ذات شأن وتاريخ عريق، فامتلاك إيران للبرنامج النووي بالنسبة للإيرانيين هو حق من حقوقها.

ولقد أثار البرنامج النووي الإيراني ضجة كبيرة، حيث كانت هناك الكثير من التساؤلات حول الدافع الإيراني وراء امتلاك الطاقة النووي، ولقد كان هناك ثلاث اتجاهات حول طبيعة الدافع الإيراني، حيث كان يري الاتجاه الأول أن هدف إيران من امتلاك القدرة النووية هو هدف سلمي، أما الاتجاه الثاني فهو يري أن الهدف من وراء امتلاكه هو هدف عسكري، أما بالنسبة للاتجاه الثالث فهو يتفق مع كلا الاتجاهين السابقين، حيث يري أن الهدف من امتلاكه ذو شقين هدف عسكري وهدف سلمي.

يمكن الإشارة إلى أن البرنامج النووي الإيراني قد مر بالعديد من المراحل منذ تاريخ تأسيسه 1957 وحتي وقتنا هذا، بالإضافة إلى تأثره بالمتغيرات التي طرأت على البيئة الداخلية في إيران في مختلف الفترات التي مرت بها، وفي هذا الفصل سوف نتناول بشئ من التفصيل الدوافع الإيرانية وراء امتلاك البرنامج النووي، بالإضافة إلى مراحل التطور التاريخي للبرنامج النووي الإيراني، وأخيرًا البنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني.

  • المبحث الأول: دوافع وأهداف إيران لامتلاك البرنامج النووي.
  • المبحث الثاني: التطور التاريخي للبرنامج النووي الإيراني.
  • المبحث الثالث: وضع البنية التحتية النووية الإيرانية.

المبحث الأول

دوافع وأهداف إيران لامتلاك القدرة النووية

تمهيد:

إن امتلاك إيران للقدرة النووية قد أثار الكثير من التساؤلات حول الهدف الأساسي وراء امتلاك[57] إيران لذلك البرنامج وسعيها نحو تطويره وتدعيمها له واعتباره ركن أساسي من أركان تدعيم إيران كقوة إقليمية ودولية.

المطلب الأول: دوافع وأهداف إيران وراء امتلاك القدرة النووية.

بالرغم من سياسة الغموض التي تتبناها إيران بشأن امتلاكها للقدرة النووية وخاصة السلاح النووي إلا أن هناك الكثير من الآراء والاتجاهات التي تفسر الدوافع الإيرانية وراء امتلاكها لذلك البرنامج، فبالرغم من المتغيرات القيادية التي شهدتها إيران وشهدتها مسيرة التطور التاريخي للبرنامج النووي الإيراني إلا أنه كان هناك هدف مشترك لهذه القيادات المتباينة بصرف النظر عن تطلعاتهم الفكرية، فكان هدفهم الاساسي تدعيم البرنامج النووي الإيراني وتطويره باعتباره داعم أساسي لإيران كقوة دولية وإقليمية وخاصًة بعد حدوث الكثير من المتغيرات الدولية والإقليمية، وبالإشارة إلى القادة الإيرانيين نجد أن هناك بعض الطموحات المشتركة فيما بينهم بشأن البرنامج النووي، وقد تمثلت تلك الطموحات في:

1-حلم امتلاك القدرة النووية:

إن امتلاك القدرة النووية بمثابة الحلم الذي يراود جميع القيادات الإيرانية وحتي الإيرانيين أنفسهم، وذلك منذ عهد الشاه في منتصف القرن العشرين، ولاسيما مع توافر كل المعطيات التي مهدت الطريق أمام إيران لامتلاك ذلك السلاح سواء من حيث امتلاكها لمصادر الطاقة كالبترول أو من حيث كونها حليفة لدولة كالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم توقيع أول اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية عام 1957، فبالرغم من توقيع إيران على معاهدة الحد من انتشار وتجربة الأسلحة النووية عام 1968، إلا أن المعاهدة أعطت لإيران الحق في تطوير وإنتاج واستعمال الطاقة النووية للأغراض السلمية، فعلى الرغم من سقوط الشاه وقيام الثورة الإسلامية الإيرانية وتغير القادة الإيرانيين واختلاف تطلعاتهم الفكرية، إلا أنهم مازال لديهم حلم مشترك وهو تطوير قدراتهم النووية، فذلك الحلم ممتد منذ عهد الشاه إلى عهد إبراهيم رئيسي الأن. [58]

2-تطوير الطاقة النووية السلمية:

لقد صرح القادة الإيرانيون في أعقاب استئنافهم لتطوير البرنامج النووي الإيراني أن الهدف من امتلاك ذلك البرنامج هدفًا سلميًا بالكامل وليس هناك أي هدف غير سلمي تسعي إليه إيران، فقد أعلنوا أن الهدف من امتلاكه هو رغبتهم الملحة في أن تكون إيران مصدرًا للوقود النووي في المستقبل، وفي مايو 1995 أعلن الرئيس الإيراني الأسبق (علي أكبر هاشمي رفسنجاني) أن بلاده لا تمتلك السلاح النووي ولا تسعي للحصول عليه وهذا يشير إلى رغبة إيران في توصيل فكرتها للعالم بأن الغرض امتلاكها للبرنامج النووي سلمي، وفي 2006 أعلن الرئيس الإيراني السابق (محمود أحمدي نجاد) أن إيران انضمت لمجموعة الدول التي تمتلك التقنية النووية وهذا يشير إلى رغبته في إيصال فكرة أن امتلاك إيران للقدرة النووية يتم بطرق سلمية وغير منافية لأخلاق وقواعد القانون الدولي، وفي إبريل 2021 أكد الرئيس الإيراني السابق (حسن روحاني) أن البرنامج النووي الذي تتبناه بلاده برنامج سلمي وأنها لا تسعي للحصول على الأسلحة النووية وجاء ذلك في بيان له بمناسبة اليوم الوطني الإيراني للتقنية النووية، حيث صرح أن بلاده لا تسعي للحصول على السلاح النووي وقد أضاف إلى بيانه “نطور أنشطتنا النووية السلمية منذ عام 2015 بشكل قانوني ومشروع”.[59]

وأخيرًا فقد أشار الرئيس الإيراني الحالي (إبراهيم رئيس) في أغسطس 2021 عقب فوزه في الانتخابات أن بلاده مستمرة في تطويرها لبرنامجها النووي السلمي، وقد تباينت الآراء والاتجاهات حول طبيعة تلك الأهداف، لذلك يمكننا تقسيم تلك الدوافع إلى شقين:

  • دوافع وأهداف داخلية
  • دوافع وأهداف خارجية

بالنسبة للدوافع والأهداف الداخلية يمكن تقسيمها إلى:

الدوافع الاقتصادية:

إن تدعيم الاقتصاد الوطني لأي دولة يشكل أهمية كبيرة لأنه بمثابة حجر الأساس لأي دولة، وبالإشارة إلى الاقتصاد الإيراني نجد أن ذلك الاقتصاد يعاني من من اختلالات هيكيلة أي أنه عاجز على توفير ناتج محلي متوازن، بالإضافة إلى طبيعة ذلك النظام الريعي[60] ،بالتطرق إلى الاختلالات الهيكلية في هذا النظام نجد أنه عاجز عن إحداث وتوفير التوازن بين القطاعات الاقتصادية، حيث نجد أن تلك القطاعات غر متساوية في إسهامها في الناتج المحلي الإيراني، حيث لايشكل القطاع الزراعي أكثر من11,6%، ويشكل قطاع الصناعة نحو 38,4%، أما بالنسبة لقطاع الخدمات فهو يحتل نصيب الأسد من بين جميع القطاعات، حيث يبلغ نحو 50%، وبالتطرق لباقي النسبة فهي تمثل الصناعات الناجمة عن استخراج النفط.

أما بالنسبة لطبيعة الاقتصاد الريعية، فبالرغم من تنوعه بين الكثير من الصناعات إلا أن الجزء الأكبر من الصادرات يتمثل في سلعتي النفط والغاز الطبيعي، حيث يسهموا بنحو 30% من إجمالي الناتج المحلى الإيراني، كما أنهم يسهموا بنحو من 80:85% من إجمالي الصادرات الإيرانية، فإيران تحتل المرتبة الثانية عالميًا من احتياطي الغاز الطبيعي والثالثة عالميًا من احتياطي النفط، ولعل خطورة الأمر بالنسبة لإيران تكمن في كون الغاز الطبيعي والنفط من مصادر الطاقة غير المتجددة وهو ما سيشكل عبء على إيران، لذلك لجأت إيران إلى حلول بديلة وهي قيامها بإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء بتكلفة 2,5 مليار دولار، باعتبار ذلك المشروع سيكون الضمان الوحيد لمواجهة تزايد الطلب على الطاقة ولعل الأمر الذي مكن إيران من الاتجاه نحو امتلاك الطاقة النووية هو توافر اليورانيوم في إيران وهو ما سيجعل الأمر أقل كلفة، لذلك كان من المتوقع أن يدعم البرنامج النووي الاقتصاد الوطني الإيراني، حيث أنه سيوفر نحو 20% من الطاقة الكهربائية للبلاد وبالتالي ستقوم إيران بتخفيض استهلاكها المحلي من سلعتي النفط والغاز الطبيعي، وبالتالي سيمكنها ذلك من توفير أكبر عائد من تصدير هاتين السلعتين مما سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني الإيراني.

إحداث نهضة علمية:

لقد رأت القيادة الإيرانية أن امتلاك البرنامج النووي يسهم بشكل كبير في إحداث نهضة علمية في البلاد[61]، مما يتيح لإيران الفرصة للحاق بركب التقدم العلمي، وقد أشار المرشد الأعلى (آية الله على خامنئي) في بيانٍ له بتاريخ 2/3/2009 “أن التطور والتقدم في القدرات النووية لبلاده يشير إلى التقدم العلمي رغم أن الكثير لا يشعر بذلك”، بالإضافة إلى إشارته على مواصلة هذا التقدم والتطور.

وبالفعل لقد قطعت إيران شوطًا كبيرًا في طريق نهضتها العلمية، حيث شوهدت زيادة ملحوظة في عدد الجامعات خلال فترة وجيزة، فقد وصل عددها إلى 2,276 جامعة حكومية وخاصة، كما بلغ ما قدمه الباحثون من أبحاث علمية وفقًا لتقارير عام 2009 إلى 20,228 بحثًا علميًا، حيث احتلت إيران المرتبة ال22 عالميًا في مجال البحث العلمي؛ والجدير بالذكر أن تلك النهضة العلمية قد أثرت بشكل ملحوظ على مجال التصنيع ولاسيما صناعات الأدوية، حيث تم تطوير الكثير من الأدوية الخاصة بالكثير من الأمراض كأدوية السكتات القلبية والجلطات الدماغية، كما تم تطوير المصابيح البيولوجية الصديقة للبيئة، بالإضافة إلى تطوير الصناعات العسكرية الخاصة بالجيش كالأسلحة والمعدات الدفاعية والتكتيكية والهجومية والدبابات والمدافع بالإضافة إلى الصواريخ الباليستية، لذلك بفضل هذه التطورات التي شهدتها إيران ترفض القيادات الإيرانية سواء كانت محافظة أم إصلاحية وقف برنامجها النووي.

الدافع الديني والرغبة في حماية الدين الإسلامي:

إن هذا الدافع يبدو أكثر وضوحًا لدي المتشددين الإيرانيين، حيث يربطون مختلف جوانب الحياة في إيران بالدين الإسلامي، فالإيرانيون يرون أن كفاحهم وعدائهم مع الغرب يرتبط بتمسكهم بكونهم دولة إسلامية ذات ثقافة شيعية، بالإضافة إلى اعتقادهم بأن الولايات المتحدة الأمريكية تسعي لتدمير المعتقدات الإسلامية الإيرانية، كما أنها تتدخل في الشئون الداخلية لدولة إيران وسعيها نحو التحكم في القيادة السياسية الإيرانية لجلب قيادة سياسية موالية لها، لذلك فإن بقاء واستمرار دولة إيران كدولة إسلامية شيعية مقترن بشكل واضح باستمرار برنامجها النووي، لاعتباره مصدر من مصادر تدعيم إيران كقوة دولية وإقليمية.

الدافع القومي:

تعتبر إيران دولة كبيرة ذات تاريخ عريق، حيث تبلغ مساحتها نحو 1,648,195 كيلو متر[62] مربع، حيث تعد ثاني أكبر دولة في الشرق الأوسط بعد المملكة العربية السعودية، كما أنها ذات كثافة سكانية مرتفعة فقد بلغ التعداد السكاني لها وفقًا لتقارير عام 2021 نحو 83,992,999 نسمة، فهي تشكل حوالي 1,08% من إجمالي عدد السكان في العالم، كما أنها تأتي في المرتبة الثانية بالنسبة للكثافة السكانية في الشرق الأوسط بعد جمهورية مصر العربية[63]، وتتمتع إيران أيضًا بإمتياز أخر وهو احتلالها للمرتبة الثانية والثالثة عالميًا في امتلاكها للاحتياطي من الغاز الطبيعي والنفط، فعلى الرغم من هذه الامتيازات التي تتمتع بها إيران إلا أنها تفتقر إلى الانسجام مع محيطها الإقليمي، بالإضافة لكونها غير منسجمة أيضًا مع دول العالم أجمع، وذلك لكونها دولة إسلامية شيعية تسعي لنشر مذهبها الشيعي.[64]

ولقد رأت القيادات الإيرانية أن امتلاك إيران للسلاح النووي سوف يدعم قوتها ويوفر لها مكانة مرموقة سواء تحققت تلك المكانة وسط محيطها الإقليمي أو عالميًا، لذلك يمكن الإشارة إلى أن هذا الدافع يرتبط بشكل أو بأخر بالرغبة الإيرانية المستميتة في عودة الحضارة الفارسية، تلك الحضارة التي امتدت روافدها إلى وادي النيل وأسيا الصغري، لذلك فإن الطموح النووي الإيراني مرتبط لدي شعبها وقياداتها بعودة مكانة إيران إلى سابق عهدها كقوة دولية وإقليمية عريقة.

الدوافع والأهداف الخارجية:

لقد أدركت إيران أنها وسط عالم محفوف بالمخاطر من جميع الجوانب، حيث يوجد في وسطها الإقليمي دول مثل باكستان وإسرائيل الذين يمتلكون أسلحة غير تقليدية، كما توجد روسيا التي تتسم علاقاتها بها بعدم الاستقرار، فضلًا عن وجود الولايات المتحدة الأمريكية وانتشارها في منطقة الخليج العربي، لذلك رأت إيران أن عدم امتلاكها للسلاح النووي يهدد كيانها كدولة إسلامية، لذلك سعت إلى تطوير قوتها العسكرية بالإضافة إلى تغيير سياستها الخارجية.[65]

التغييرات في سياستها الخارجية:

في بادئ الأمر عندما قررت إيران تدشين برنامجها النووي لم تعارض الدول الغربية هذا الأمر، بل تلقت إيران المساعدات من دول كبيرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن عقب نجاح الثورة الإسلامية الإيرانية ظهرت الكثير من الاختلافات والتناقضات بين السياسة الإيرانية والسياسات الغربية ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تحولت أمريكا من حليف مساند لإيران وبرنامجها النووي إلى عدو متربص لإيران يفرض عليها العقوبات، وفي ظل هذا العداء والمعارضة الأمريكية رأت إيران أنه لابد من تطويرها لبرنامجها النووي وتمسكها به لمواجهة تلك التحديات الخارجية.[66]

تطوير قوتها العسكرية:

لاشك أن هناك دافع عسكري وراء امتلاك إيران للبرنامج النووي، حتي لو كان ذلك الدافع لم يكن له وجود عندما تم إنشاء ذلك البرنامج، إلا أن هذا الدافع أصبح موجود وبشكل قوي عقب الحرب العراقية الإيرانية، حيث نجحت العراق أثناء الحرب في تدمير المنشآت النووية الإيرانية مما أدي إلى تدمير البرنامج النووي الإيراني وإيقاف عمله لفترة من الزمن حتي تم إعادة إحيائه مرة أخري 1984، بالإضافة إلى التهديدات الأمريكية والإسرائيلية لإيران، فضلًا عن امتلاك إسرائيل للقنبلة النووية ونظر إسرائيل لإيران على أنها العدو الأكبر لها في المنطقة الذي يهدد وجودها وذلك عقب سقوط بغداد، لذلك يمكننا الإشارة إلى أن كل هذه المسببات مهدت الطريق أمام القيادة السياسية في إيران بالتمسك بتطوير البرنامج النووي وتدعيمه لمواجهة هذه التحديات.

المبحث الثاني

مراحل التطور التاريخي للبرنامج النووي الإيراني

تمهيد:

لقد مر البرنامج النووي الإيراني بعدة مراحل منذ تاريخ تأسيسه، حيث استمرت إيران في سعيها لامتلاك التقنية النووية عبر مختلف مراحل إدارتها، وقد تمثلت تلك المراحل في:

المرحلة الأولى: مرحلة النشأة وإقامة البنية الأساسية خلال الفترة (١٩٥٣-١٩٧٨):

حيث ترجع البداية الحقيقية للبرنامج النووي الإيراني إلى عهد الشاه (محمد رضا بهلوي)، الذي كان اهتمامه بالطاقة النووية يمثل جزءًا من جهوده الرامية إلى تحويل إيران إلى قوة إقليمية عظمى كما ذكر في كتابه نحو الحضارة العظيمة، وكانت بدايات البرنامج النووي الإيراني من خلال التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة منذ منتصف الخمسينيات، حيث وضعت الولايات المتحدة أسس علاقات استراتيجية وثيقة مع نظام الشاه “محمد رضا بهلوي” وجاء التعاون النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية من خلال برنامج الذرة من أجل السلام، وهو برنامج قد تم إعلانه في 8 ديسمبر 1953، بهدف إتاحة الطاقة الذرية أمام الاستخدامات السلمية لدول العالم بحيث يمكن أن تستخدم هذه الطاقة كذلك في أغراض التنمية وتوليد الطاقة وغير ذلك من الاستخدامات السلمية.

وعلى أساس هذا البرنامج وقعت إيران في عام 1957 مع الولايات المتحدة على اتفاقية للتعاون النووي في المجالات المدنية مدتها عشر سنوات حيث حصلت إيران بموجبها على مساعدات نووية فنية من الولايات المتحدة، وعلى عدة كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب للأغراض البحثية، كما تعاون الجانبان في البحوث المتعلقة بالاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، وفي نفس العام قامت الولايات بنقل معهد العلوم النووية من بغداد إلى طهران وكان هذا المعهد يتبع منظمة الحلف المركزي (حلف بغداد)، الذي كان يضم الولايات المتحدة والعراق وإيران وتركيا وجرى هذا النقل لأسباب سياسية في ظل التوترات الداخلية التي كانت تتزايد وقتها في العراق، وكانت هذه الخطوة محط ترحيب كبير من طرف الشاه وقد أعرب عن اهتمامه الشخصي بالطاقة النووية. [67]

وبعد زيارة الشاه لفرنسا عام 1957 واطلاعه على أحد المفاعلات النووية شكل لجنة الخبراء بعد عودته مباشرة لدراسة إمكانية بناء مفاعل نووي في إيران، وقد كثف الشاه الاتصالات مع كل من فرنسا وألمانيا الغربية للاتفاق معها على بناء المفاعل النووي الإيراني، وعلى إثر ذلك تم إنشاء مركزين للبحوث النووية الأول في جامعة طهران والثاني قريب من مدينة أصفهان في عام 1958 بعد تزويد الولايات المتحدة لإيران بمفاعل نووي صغير  تصل سعته إلى 5 ميغاواط للأبحاث النووية، وخلال عام 1960 تم استحداث برنامج للبحوث النووية المشتركة بين إيران وإسرائيل وأطلق عليه اسم برنامج “الزهرة”، وقد بين الشاه سياسة دولته في هذا المجال من خلال كتابه “مهمة لبلادي” عام 1961 بضرورة أن تكون إيران من الدول المعنية بالعلوم النووية ورغبتها في استخدام الذرة سلميًا، وهذا ما تدعم بانضمام إيران إلى المنظمة الدولية للطاقة الذرية في 1 يونيو 1968 ومن خلال مصادقتها على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) في 2 فبراير 1970. [68]

وإنشاء منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في عام 1974، واتفاقه على البدء في تنفيذ مفاعلات نووية كبيرة الحجم في بلاده، وألحقت بالقصر الإمبراطوري لتكون تحت إشراف الشاه نفسه، وخصصت لها ميزانية قدرت بنحو 30 مليون دولار، وأنشئ في تلك السنة مركز أمير آباد للبحوث النووية في طهران، وحصلت في السنوات التالية على كميات من نظائر اليورانيوم المشعة المعروفة ” بالكيك الأصفر” من جنوب إفريقيا.[69]

جهود منظمة الطاقة الذرية لإيران:

فقد قامت بتشغيل منشآت عديدة في أنحاء إيران بما فيها مركز طهران للبحوث النووية، ومركز أصفهان للبحوث النووية، ومركز البحوث النووية في الزراعة والطب، ومركز بحوث المعادن والتعدين، والإشراف على المنشآت التشغيلية التي تقوم بمعالجة اليورانيوم وإنتاج الكيك الأصفر، وتحويل اليورانيوم وتصنيع الوقود، وتخصيب اليورانيوم، والإشراف على منشآت تضم بحوثًا تشغيلية، ومحطة للماء الثقيل، وإعداد المفاعلات الجديدة للتشغيل.

وأبرمت المنظمة مجموعة من العقود مع مؤسسة كرافت ويرك الألمانية لبناء مفاعلين نوويين[70] في بوشهر، أحدهما بقدرة 1,300 ميغاواط، والآخر بقدرة 1,200 ميغاواط، يعملان بالماء الثقيل المضغوط، كما وقعت عقدًا مع مؤسسة ألستون  الفرنسية لبناء أربعة مفاعلات نووية جديدة، وقامت شركات أمريكية ببناء خمسة مفاعلات أخرى، كما وقعت اتفاقًا مع معهد ماساتشوستس التكنولوجي الأمريكي، في سنة 1975لتوفير وتدريب كادر من المهندسين المتخصصين، والتزمت الولايات المتحدة بتزويد إيران بثمانية مفاعلات نووية تصل قدرتها إلى 8 آلاف ميغاواط، وتزويد عدد من المفاعلات النووية الإيرانية بالوقود اللازم، ومن المهم الإشارة إلى أن المشروع النووي الإيراني بدأ يأخذ طريقه في إنتاج الطاقة الكهربائية. [71]

وقامت المنظمة في الثمانينيات بتوفير المعلومات التي تسرع من إجراء الأبحاث وكذلك أجهزة ومفاعلات بحثية، من بينها مفاعل أبحاث بالماء الخفيف بقدرة 5 ميغاواط في مفاعل طهران، ومفاعل يعمل بالنيوترون بقدرة 27 ميغاواط في أصفهان، ومحطتين بقدرة 1,200 ميغاواط في بوشهر، وأجهزة ومعدات متطورة، وقد قامت الحكومة الإيرانية بشكل مباشر بجهود كبيرة لتأسيس البرنامج النووي سواء بإبرام العقود مع الشركات الأجنبية لإنشاء المفاعلات النووية، أم بشراء المواد والتجهيزات اللازمة للتشغيل، يكفي أن نشير هنا إلى بعض الأمثلة، ففي سنة 1975  قامت بالتفاوض مع الشركة الفرنسية “فارم اتام” لإنشاء محطة نووية في “دار خوين” في الأهواز، تعمل بالماء الخفيف بطاقة 900 ميغاواط وتستهلك يورانيوم منخفض التخصيب، وجرى استثمار مليار دولار في محطة تخصيب اليورانيوم الفرنسية المملوكة لشركة أور وديف، وتم أيضًا توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة بتزويد إيران بالوقود المخصب لثمانية مفاعلات، كما أنشئ مركز أصفهان للتكنولوجيا النووية بمساندة فرنسية لتدريب العاملين وإرسالهم إلى مفاعل بوشهر.

وفي سنة 1976 قامت بشراء “نظام ليزر تجريبي” قادر على تخصيب اليورانيوم، إذ اشترت أربعة أجهزة ليزر غازية من شركة ليستشم  الأمريكية، تم تمويل البحوث الإضافية في هذا المجال بواسطة تلك الشركة، وبدا واضحًا أنه لم تكن لدى الولايات المتحدة أي مخاوف من البرنامج النووي الإيراني، وفي سنة 1977، وقعت مع الولايات المتحدة اتفاقية لتبادل التقنية النووية والتعاون في مجال السلامة النووية، ووقع الطرفان في السنة التالية اتفاقية أخرى، حصلت إيران بموجبها على منزلة “الدولة الأكثر رعاية، وسمحت بحصولها على ما بين ستة إلى ثمانية مفاعلات نووية تعمل بالماء الخفيف، لقد باتت أمريكا مستعدة للتجاوب مع التوجهات الإيرانية لتوسيع قاعدة الطاقة غير النفطية، على أن يكون الدور الفاعل للشركات الأمريكية في مشروعات الطاقة النووية الإيرانية، ومن الثابت إن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى هي التي شجعت شاه إيران على دخول المجال النووي، حيث سمحت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق (ريتشارد نيكسون للشركات الأمريكية بالتفاوض مع نظام الشاه بشأن بيع التكنولوجيا النووية المتطورة إلى إيران، كما أن كلًا من فرنسا وألمانيا تنافستا على بيع وتركيب المفاعلات النووية الضخمة في إيران. [72]

لقد تمكنت إيران من تحقيق أرباح كبيرة نتيجة تصدير النفط بعد الأزمة الدولية عام 1973، وهذا ما وفر لها التكاليف الباهظة اللازمة لتتحول من مجال الأبحاث النووية إلى مجال التطبيق، وعلى إثر ذلك تم الاتفاق مع ألمانيا الغربية في عام 1975 على تزويد إيران بالتقنية اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإعادة معاملة “البلوتونيوم” وبناء مفاعلين الأول في منطقة بوشهر والثاني في منطقة الأهواز، تبلغ طاقة كل منهما 1200 ميغاواط، وخلال عامي 1976- 1977 تم إنجاز بناء المحطتين واستيراد الأجهزة والمعدات اللازمة لها، وعلى صعيد التعاون مع فرنسا فإنه تم الاتفاق على بناء أربعة مفاعلات فرنسية في مدينة “دارخوين” عام 1977، بالإضافة إلى ذلك أسهمت إيران في تمويل مشروعين فرنسيين لتخصيب اليورانيوم هما مجمعا “يورديف وكورديف” بنسبة 5.2% و25% من تكاليف إنشائهما بهدف تأمين القاعدة اللازمة للحصول على الوقود النووي، وفي مجال الحصول على الوقود النووي أكدت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أواخر السبعينيات امتلاك إيران لحصة تبلغ 10% في إحدى الشركات البريطانية لاستخراج اليورانيوم من جنوب إفريقيا وأن لإيران ممثلين في مجلس إدارة هذه الشركة، بالإضافة إلى إعلان إيران عن اكتشاف احتياطي كبير من مادة اليورانيوم في منطقة “كرمان”. [73]

وفي جهة أخرى كان الجانب الإيراني يعمل على زيادة تطوير تكنولوجيا التخصيب الليزري، حيث حصلت إيران على أربعة أجهزة ليزر من الولايات المتحدة في عام 1978، ولم يكتف الشاه بالتعاون مع الدول الرئيسية الثلاث “الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا الغربية”، بل اهتم بالتعاون في المجالات النووية مع كل من “الأرجنتين والهند واستراليا والدنمارك وجنوب إفريقيا”، فقد وقعت اتفاقًا مع الأرجنتين على التعاون في المجال النووي في مايو 1974 وبموجب هذا الاتفاق زار طهران الأدميرال “أرماندو كويهلات” الرئيس السابق للجنة الطاقة الذرية بالأرجنتين في مايو 1974، وقدم لإيران نصائح بشأن برنامجها النووي، أما بخصوص الهند فقد وقعت إيران اتفاقًا في فبراير 1975 للتعاون النووي الشامل مع الهند، وفيما يخص التعاون بين إيران وجنوب إفريقيا فإن التعاون تركز بالأساس في مجال الحصول على اليورانيوم، حيث وافقت جنوب إفريقيا في عام 1976 على تزويد إيران بما قيمته 700 مليون دولار من الكعكة الصفراء(اليورانيوم) في مقابل قيام إيران بتمويل عملية بناء محطة لتخصيب اليورانيوم في جنوب إفريقيا. [74]

المرحلة الثانية: مرحلة عدم الاهتمام أو اللامبالاة بالطاقة النووية (١٩٧٩-١٩٨٥):

مع قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 دخل البرنامج النووي الإيراني مرحلة جديدة مختلفة تمامًا عن سابقتها، فقد أصابه الجمود جميع الأنشطة النووية الإيرانية، واتخذ صناع القرار في إيران وفي مقدمتهم الإمام الخميني، موقفًا سلبيًا تجاه الطاقة النووية والذي اعتبر علامة من علامات (جنون العظمة) للشاه، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والدول الغربية الأخرى رفضت مواصلة التعاون مع إيران في المجال النووي، بل فرضت حظرًا شاملًا ضد إيران في كافة مجالات التسلح، لاسيما بعد أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية بطهران لأكثر من عام، وتعرضت المنشآت النووية الإيرانية للقصف الجوي والصاروخي العراقي أثناء الحرب العراقية-الإيرانية، مما انعكس بالسلب على البرنامج النووي الإيراني. [75]

وأثناء الحرب العراقية-الإيرانية شهد البرنامج النووي الإيراني انتعاشًا من جديد بعد استئناف لجنة الطاقة الذرية الإيرانية لعملها وكان آية الله “بهشتي” وهو المشرف الأول على تطوير البرنامج النووي في ذلك الوقت والذي سعى إلى التعاون مجددًا مع أوروبا وباكستان، وهكذا أُعيد العمل بالمفاعلات النووي الإيرانية بعد طرح الموضوع على مجلس الشورى والحصول على موافقته، وتم عقد ندوة في مركز العلوم النووية في “أصفهان” عام 1981 جرى خلالها تقويم عمل منظمة الطاقة الذرية الإيرانية والتأكيد على نهج الدولة في مواصلة الجهد لبناء محطة نووية في إيران وتطوير تكنولوجيا أنظمة الوقاية النووية، وقد وقفت الحكومة الإيرانية في سنة 1984 وراء قرار المنظمة استئناف العمل بمحطات بوشهر، وقاد الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني بنفسه عملية إحياء البرنامج، وتم افتتاح مركز أصفهان للبحوث النووية لتشغيل المفاعل فيها بقدرة 400 ميغاواط، بمساعدة فرنسية استمرت حتى سنة 1985 لتحل محلها الصين.

المرحلة الثالثة: مرحلة الاهتمام الجزئي (١٩٨٦-١٩٩٠):

حيث بدأ البرنامج النووي الإيراني يشهد منذ منتصف الثمانينات مزيد من قوة الدفع، ومن الواضح أن تطورات الحرب العراقية-الإيرانية أدت إلى إحداث تحولات جذرية في التفكير الاستراتيجي عمومًا، وفي المجال النووي خصوصًا، فالقيادة الإيرانية وجدت أن من الأفضل بالنسبة لها أن تهتم بإعادة إحياء البرنامج النووي، ونفذت إيران وقتها كثيرًا من الأنشطة المتعلقة بتصميم الأسلحة ودورة الوقود اللازمة لصنع السلاح النووي، كما قامت بتقوية منظمة الطاقة الذرية، وتخصيص إمكانات مالية كبيرة إلى مركز أمير أباد، بالإضافة إلى تأسيس مراكز أبحاث نووية جديدة في جامعة أصفهان بمساعدة فرنسا. [76]

ولم تتسبب الحرب مع العراق في وقف محاولات حكومات الثورة الإيرانية في استكمال المشروعات النووية، فقد ركزت الجهود الإيرانية على اتجاهات محددة تمثلت في:

استكمال “محطة بوشهر للطاقة” واستكمال البنية النووية الأساسية والعمل على استعادة الكوادر العاملة في المجال النووي، والتعاون مع أكبر عدد ممكن من الدول في المجالات النووية، لقد بدأت إيران تولي اهتمامًا لفصل “النظائر بالليزر” في منتصف الثمانينيات إذ سعت للحصول على الدعم الخارجي من عدة مصادر.

تم في سنة 1986 الاتفاق مع الصين وباكستان للتعاون في المجالات النووية بتدريب الإيرانيين ومساعدتهم، وتلي ذلك الاتفاق مع البلدين لتزويد إيران بمفاعل نيوترون بقدرة 27 كيلوواط ومفاعلين من نوع “کونیشان” بقدرة 300 كيلوواط، ووقعت مع باكستان اتفاقية للتعاون النووي عام 1987، وقدمت لها باكستان وفقًا لذلك مساعدات نووية قيمة في مجال تدريب العلماء الإيرانيين على أبحاث التخصيب، واستخدام الليزر في استخلاص البلوتونيوم في مختبرات كاهوتا، واستقبلت بعض العلماء الإيرانيين لإجراء التدريبات في معهد العلوم والتكنولوجيا النووية ومعهد الدراسات النووية الباكستانيين.

وبدأ مختصون من مؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية التدرب في باكستان وكان العالم النووي الباكستاني “عبد القدير خان” الذي قاد جهود باكستان لتطوير مواد الأسلحة النووية، قد قام بزيارة طهران وبوشهر في فبراير 1986 ويناير 1987، وتم الاتفاق عام ١٩٨٧ مع الأرجنتين للحصول على اليورانيوم المخصب لمفاعل طهران التجريبي، ثم كان الاتفاق في سنتي 1988 و1989 مع جنوب إفريقيا للحصول على كميات من اليورانيوم تسمح بإجراء تجارب نووية، كما تقرر الحصول على اليورانيوم المخصب من السوق السوداء.

وبعد انتهاء الحرب العراقية -الإيرانية اكتسبت الجهود الإيرانية في المجال النووي المزيد من قوة الدفع، باعتبارها جزءًا من المجهود الإيراني الشامل لإعادة بناء قدراتها العسكرية لتعويض الخسائر الهائلة التي لحقت بإيران أثناء الحرب في جميع الجوانب، وعلى هذا الأساس كان البرنامج النووي أحد أبرز عناصر برنامج التحديث العسكري الايراني.

واعتمدت إيران في تلك الفترة بشكل أساسي على الاتحاد السوفيتي، حيث جرت محادثات بين الجانبين شارك فيها عن الجانب الإيراني (هاشمي رافسنجاني الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس الشورى(البرلمان) وقتها، ووافقت موسكو خلالها على تصدير أسلحة تتراوح قيمتها ما بين (٢-٤) مليار دولار إلى إيران، بالإضافة إلى التعاون في المجال النووي، إلا أن من الثابت أن إيران لم تلجأ إلى التعاون مع هذه الدولة إلا بعد أن فشلت جهودها الرامية للتعاون مع دول غرب أوروبا، حيث تفاوضت إيران في أواخر الثمانينات مع إسبانيا من أجل إصلاح وإكمال المفاعلات النووية في بوشهر، كما تفاوضت مع شركات ألمانية للغرض نفسه، إلا أن هذه الجهود فشلت تمامًا. [77]

وقامت إيران بتقوية صلاتها في مجال البحوث النووية مع الصين الشعبية، ووقعت الدولتان اتفاقية تعاون رسمية في مجال البحوث النووية عام 1990، لذلك فإن الجهود الإيرانية في المجال النووي قد اكتسبت المزيد من القوة، وبدا ذلك واضحًا من حماس إيران بعد الحرب العراقية-الإيرانية، حيث اعتمدت إيران بقوة على كل من روسيا الاتحادية والصين الشعبية، وحاولت إيران الحصول على احتياجاتها التكنولوجية والنووية من خلال:

  1. التفاوض السري عن طريق وفود تقوم بزيارة بعض البلدان وشراء المعلومات وقد نجحت في التعامل مع روسيا، حيث استفادت من الاستعانة بعشرات من كبار الخبراء الروس الذين قدموا لإيران خدمات كبيرة، وأيضًا التعامل مع السوق السوداء للتكنولوجيا النووية، والذي ساهم عبد القادر خان، المهندس الباكستاني لبرنامجها النووي في تغذيته.
  2. التفاوض العلني مع دول لا تحتفظ بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية؛ حيث جرت مفاوضات على أعلى المستويات مع هذه البلدان مثل زيارة الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني للصين.

المرحلة الرابعة: مرحلة الاهتمام الكثيف بالطاقة النووية (١٩٩١-٢٠٠٦)

وتميزت هذه المرحلة بأن البرنامج النووي الإيراني شهد نشاطًا مكثفًا في كافة المجالات، واستحوذ على حيز كبير من اهتمام الحكومة الإيرانية، وقد برز هذا التوجه واضحًا في تصريح الرئيس الايراني السابق هاشمي رافسنجاني (۱۹۸۹–۱۹۹۷)، بأن (إيران لا تستطيع أن تتجاهل الواقع النووي في العالم الحديث). [78]

ولقد اعتمدت إيران في هذه المرحلة على استراتيجية مزدوجة تقوم على السعي للحصول على المساعدة لإعادة العمل في مفاعلات بوشهر، والحصول على مفاعلات نووية جديدة وأخرى للأبحاث، ولتحقيق هذين الهدفين وجدت إيران ضالتها في تفكك الاتحاد السوفيتي، فقد تمكنت إيران من استغلال حالة الفوضى التي أعقبت انهياره للحصول على البلوتونيوم واليورانيوم المخصب، فضلًا عن الاستعانة بالعديد من علماء الذرة السوفييت لتسريع برامجهم النووية والتكنولوجية.

بالإضافة إلي التعاون الروسي مع إيران الذي مثل النقلة النوعية الأكثر أهمية للبرنامج النووي الإيراني، فقد وقع الجانبان على اتفاقيتين في عام ١٩٩٢، تنص الأولى على التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، بينما تتعلق الثانية ببناء محطة نووية في إيران لتوليد الطاقة الكهربائية والمعروفة بمفاعل بوشهر، وقد أخذ هذا التعاون أبعادًا حيوية عقب إعلان الحكومة الروسية في أواخر شهر يوليو ٢٠٠٠ أنها على استعداد لبناء خمسة مفاعلات نووية جديدة في إيران، وظهر هذا التعاون في الوثيقة الصادرة عن وزارة الطاقة الروسية والتي بموجبها تم الإعلان عن خطط روسيا العشرية حتى عام ٢٠١٢، والمتضمنة في طياتها تأكيد روسيا على بناء محطات نووية جديدة في إيران بالرغم من المعارضة الأمريكية لذلك، وتنتظر روسيا الانتهاء من بناء محطة بوشهر للبدء بالمشاريع الجديدة.

ولم تقتصر المساعي الإيرانية للحصول على التكنولوجيا النووية على روسيا الاتحادية، وإنما امتدت لتشمل الصين، ففي يناير١٩٩١ وقع الطرفان اتفاقية لبناء مفاعل بحوث يعمل بالبلوتونيوم  طاقته (۲۷) كيلو واط في منشأة بحوث إيرانية بأصفهان، وبدأ العمل به في أوائل عام 1994، كما وقع الطرفان اتفاقية تعاون رسمية في مجال البحوث النووية لمدة (١٠) سنوات، زودت الصين بموجبها إيران بمعلومات عن الفصل الكيميائي وغيرها من تكنولوجيا التخصيب وتحويل اليورانيوم إلى سداسي فلوريد اليورانيوم من أجل صنع وقود المفاعل، ويصب هذا التعاون عمومًا في مجال الأنشطة البحثية النووية. [79]

تعد أجهزة الطرد المركزي الدعامة الأساسية لأي برنامج نووي، ولذلك كانت موضع اهتمام القيادة الإيرانية، ففي سنة 1991 حصلت إيران على عدد من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، وقد أجرت في سنة 1992 تجارب تتعلق بتكنولوجيا هذه الأجهزة في جامعة الشريف، وسعت في الوقت نفسه للحصول على أسطوانات الفلورين والمغائط المستخدمة فيها، وذلك عن طريق شركة “تايسين” الألمانية، كما ركبت في منشأة خرج النووية
جهاز کالیوترون، كانت قد حصلت عليه من بلجيكيا في السنة السابقة.

وفي سبتمبر 1992 ذكرت تقارير أن الرئيس الإيراني السابق “هاشمي رفسنجاني” أنهى مفاوضات خاصة بشراء مفاعل أو اثنين بطاقة ٣٠٠- ٣٣٠ ميغاواط من الصين الشعبية خلال زيارته لبكين، وهو ما أدى إلى احتجاج الولايات المتحدة الفوري لدى الصين، أبرمت إيران في سنة 1992 أكثر من اتفاق مع روسيا للتعاون النووي في المجال السلمي، فوصل إليها أكثر من 100 خبير روسي لبناء مفاعل للماء الخفيف، وبعد ثلاثة أعوام حصل الإيرانيون على مفاعلين نوويين يعملان بالماء الخفيف بطاقة 1,000 ميغاوات، وتم إنجاز أول مفاعل نووي في بوشهر لتوليد 30-50 ميغاوات خلال أربعة أعوام، وتدريب 15 خبيرًا نوويًا إيرانيًا.

وفي أواخر سنة 1995 بدأ الصينيون العمل في مجمع خرج، بتركيب نظام لتخصيب اليورانيوم ذي خاصية معينة، وفي ١٩٩٣ وافق البرلمان الإيراني على اعتماد 2.2 مليار دولار لإنشاء أربع محطات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية بقوة إجمالية تبلغ 120 ميغاواط، وقد سعت إيران إلى تحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي من أجهزة الطرد المركزي عن طريق تطوير قدراتها في مجال صنعها محليًا، وفي الفترة الممتدة بين عامي 1995, 1993 حصلت على ما يكفي لتصنيع 500 جهاز طرد مركزي بالتعاون مع ألمانيا وأنشأت أربعة أجهزة مشابهة لجهاز “P1” الباكستاني تبلغ سعة كل منهما حوالي ثلاث وحدات عمل منفصلة. [80]

وفي نهاية سنة 1998 تمكنت إيران من إقناع روسيا بضرورة الإبقاء على البلوتونيوم في البلاد وتعويضها ماليًا لقاء ذلك، واستمر التعاون الروسي الإيراني بعد ذلك، فقد استقبلت روسيا عدداً من المهندسين الإيرانيين لتدريبهم، وفي سنة 2001 عرضت روسيا خططًا لبناء مفاعلات إضافية في بوشهر، كاستجابة لطلبات بناء ثلاثة مفاعلات، قدرت قيمتها بثلاثة مليارات دولار، ويتضح أنها استفادت إلى أقصى حد من المتغيرات الدولية والإقليمية، في تطوير برنامجها النووي، سواء من حيث بناء البنية التحتية الأساسية أم بذل الجهود الضخمة للحصول على مواد تشغيله من الخارج، ونجحت في ذلك إلى حد كبير.

واستطاعت على امتداد الفترة ١٩٩٧-٢٠٠٢ أن تصنع جميع مكونات اليورانيوم، بما في ذلك “سادس فلوريد اليورانيوم” ‏ ذاتيًا مستخدمة ما يراوح بين 15 و20 آلة، كما تمكنت إيران من اختبار أجهزة الطرد المركزي كافًة واستخدمت خلال الفترة الممتدة بين 2 نوفمبر 2006 و17 فبراير 2007 وفق أحد تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقدار 66 كغ من “سادس فلوريد اليورانيوم”، ونجحت في تخصيب اليورانيوم عند مستوى يقل عن 5%، كما بدأت منذ فبراير 2007 اختبار أجهزة الطرد المركزي من الجيل الثاني.

وكانت أزمتها مع الغرب قد بدأت منذ عام 2002 حين أعلنت المعارضة الإيرانية وجود برنامج سري، إلى جانب البرنامج المعلن تشرف عليه المؤسسة العسكرية الإيرانية، وبذلك بدأت حملة تصعيد أمريكية ضد إيران تتهمها فيها بالسعي لبناء مفاعلين جديدين للماء الثقيل الذي يمكن استعماله لصنع “البلوتونيوم” اللازم لصنع الأسلحة النووية، وكان عام 2003 العام الذي اشتد فيه الجدل حول البرنامج النووي الإيراني، عندما تم إثبات أن إيران تستعمل وبشكل سري تقنيات الوقود النووي الدورية، كما زاد القلق الدولي حول الأنشطة النووية الإيرانية عندما صرح الرئيس الإيراني السابق “خاتمي” في فبراير من نفس العام وللمرة الأولى عن نية بلاده لتطوير دورة وقود نووي كاملة من تعدين خام اليورانيوم ومعالجته لاستعماله في المفاعلات الكهربائية النووية إلى إعادة معالجة الوقود المستخدم.

ارتبطت البدايات الأولى للمفاوضات الغربية مع إيران حول برنامجها النووي بجهود بعض الدول الأوروبية “كفرنسا وألمانيا وبريطانيا” في سنة 2003، وبعد سلسلة من الجولات في تلك السنة، تم التوصل إلى اتفاق سعد أباد، الذي قضى بالتعليق الطوعي لتخصيب اليورانيوم، والتوقيع على البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقابل اعتراف دول الترويكا بحق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وتزويدها بالمساعدات التكنولوجية التي تحتاجها، لكن إيران نقضت اتفاقها مع دول الترويكا في يونيو 2004 عندما عاودت بناء منشآت تخصيب اليورانيوم، ومع ذلك ظل الموقف الأوروبي يقوم على ضرورة إعطاء المزيد من الوقت للحل الدبلوماسي، وعدم التسرع في نقل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن. [81]

ومع ذلك استمرت المفاوضات الماراثونية، حتى تم بعد عدة أشهر التوصل إلى اتفاق باريس، ومعه زادت التعهدات الإيرانية لتشمل تجميد كافة النشاطات النووية الخاصة بدورة إنتاج الوقود النووي، والتأكيد على الالتزام بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مقابل تعهد أوروبي بتطبيع العلاقات معها في المجالات الاقتصادية – التجارية، السياسية، والأمنية، وذلك تمهيدًا لبدء مفاوضات جادة لتوقيع اتفاق تعاون تجاري مع الاتحاد الأوروبي[82]

وفي عام 2004  كشفت الأقمار الاصطناعية أن مفاعل “نطنز”  صورًا من برنامج الطرد المركزي ينتج مواد انشطارية يمكن استخدامها في تصنيع ما يراوح 25 و30 سلاحًا نوويًا، في سنة 2005 اتفقت إيران مع روسيا على تأسيس شركة مشتركة لتخصيب اليورانيوم في روسيا، ثم أعلن الرئيس نجاد بعد ذلك أن بلاده سوف تستأنف العمل على تخصيب اليورانيوم، ومع بداية سنة 2006 طلبت من الوكالة الدولية للطاقة الذرية فض الأختام التي وضعها مفتشوها في ثلاثة مواقع نووية من بينها مفاعل “نطنز”، ورفضت الاقتراح الروسي بإجراء عمليات التخصيب في روسيا، وبذلك يكون الملف النووي الإيراني قد دخل منعطفًا جديدًا.

وفي أبريل من تلك السنة أعلن الرئيس الإيراني السابق نجاد أن إيران أصبحت تمتلك التقنية النووية وأنها مصممة على الوصول إلى المستوى الصناعي لتخصيب اليورانيوم، وأنها قد دخلت بالفعل النادي النووي، وقد تزايدت هذه الأزمة مع وصول الرئيس “محمود أحمدي نجاد” إلى السلطة وإعلانه تمسك بلاده بحقها في الاستخدام السلمي للتقنية النووية، وفي مارس 2006 منع مفتشي الوكالة الدولية من تفتيش مواقع نووية داخل إيران وأعلن استئناف بلاده أنشطة تخصيب اليورانيوم التي  كانت قد علقتها مؤقتًا، وهو ما أدى إلى نقل القضية إلى مجلس الأمن الدولي.

وقد قادت الترويكا الأوروبية ممثلة في المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا جهودًا من أجل التوصل إلى صيغة متفق عليها توقف إيران بموجبها أنشطة التخصيب إلا أن ذلك لم يمنع إيران عن الاستمرار في تطوير قدراتها النووية، واستمر رفض إيران لوقف تخصيب اليورانيوم حتى بعد قيام الدول دائمة العضوية بتقاسم حزمة مطالب وحوافز لطهران، إضافة إلى فرض عقوبات ضدها في حالة عدم الاستجابة خلال شهرين وهو ما حمله ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي “خافيير سولانا” يوم 6 يوليو 2006، وكان الرد الإيراني عليها أن بعض هذه المطالب جدير بالقبول وبعضها الآخر بحاجة للدراسة. [83]

وقاد الرفض الإيراني المتواصل لوقف تخصيب اليورانيوم إلى تبني مجلس الأمن في 31 يوليو 2006 (بغالبية 14 صوتًا مقابل صوتًا واحدًا) قرارًا يمهل إيران شهرًا ينتهي في 31 أغسطس لتعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم تحت طائلة احتمال فرض عقوبات عليها في حال عدم امتثالها، وقبل انتهاء المهلة جاء الرد الإيراني بأنه من المستحيل تعليق تخصيب اليورانيوم الذي تطالب به القوى الكبرى، كما رفضت إيران عرض هذه الدول بالتعاون مقابل تعليق عملية التخصيب رغم التهديد بالعقوبات الدولية، واستمرت إيران تلعب على عنصر كسب الوقت مع التنديد الرسمي من قبل قادتها بأن برنامجها النووي لن يتوقف تحت أي ظرف، ومهما كانت العقوبات المفروضة، وأنه فقط موجه نحو خدمة مجموعة من الأغراض السلمية للطاقة.[84]

المرحلة الخامسة: الشكوك الدولية واستكمال المفاوضات (٢٠٠٦-٢٠٢٢)

دخل البرنامج النووي الإيراني مرحلة جديدة في سنة 2006 ببدء العمل بإنشاء مصنع لإنتاج الماء الثقيل في مجمع “آراك”، وتكمن أهمية هذا الماء في أن ذرات الهيدروجين فيه تحتوي على نيوترون ليس موجودًا في الماء العادي أو الخفيف، وهو يعطي للماء الثقيل خصائصه المميزة ويجعل استخداماته متعددة وخصوصًا في تبريد قضبان اليورانيوم في المفاعلات النووية، ويتوقع أن ينتج المصنع الجديد 80 طنًا سنويًا من الماء الثقيل بدرجة نقاء 80%، و17 طنًا بدرجة تقاء تقترب من 15%، وأنه سيستعمل في مجالات الزراعة والصيدلة وعلاج الأمراض الخطيرة كالسرطان والإيدز، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية متخوفة من إمكانية استخدام هذا الماء في إنتاج البلوتونيوم الذي يستخدم في إنتاج القنبلة النووية.

وبذلك يعتمد المفاعل النووي للماء الثقيل على اليورانيوم الطبيعي دون حاجة إلى تخصيب اليورانيوم، ويمثل إنتاج هذا الماء إنجازاً مهماً، وذلك لأنه ينطوي على الاستقلالية في دورة الوقود النووي، بخلاف الاعتماد على الماء الخفيف الذي يعرض الدولة لضغوط سياسية، فيما يتعلق بعملية توفير الوقود النووي من الخارج، من خلال ما تقدم يتضح أن إيران تمكنت خلال الأعوام الأخيرة من تحقيق تقدم كبير في برنامجها النووي، يتمثل بصورة رئيسية في: توفير مخزون من اليورانيوم منخفض التخصيب، وتصنيع جيل متقدم من أجهزة الطرد المركزي، وإنجاز أغلب خطوات دورة الوقود النووي.

إن مخزون اليورانيوم منخفض التخصيب يقترب من كونه كافيًا لصنع قنبلة نووية واحدة على الأقل إذا خضع لمزيد من المعالجة، وإنتاج 324 كغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، أي بكمية أكبر من الـ 240 كغ الضرورية لصنع قنبلة نووية، إذا تمت تنقيته إلى درجة أعلى، ولم تستهلك إيران من هذه الكمية سوى 40% كوقود لمفاعلاتها الخاصة بالأبحاث الطبية، كما أن إتمام خطوات دورة الوقود النووي، كلها أو معظمها، يعد إنجازًا عظيمًا في هذا المجال.[85]

أخذت إيران منذ بداية التسعينيات تستخرج اليورانيوم من مواقع عديدة، مثل يزد، وأصفهان، وخراسان، وسستان، حتى قبل أن تستغني تمامًا عن استيراد اليورانيوم المشع أو عالي التخصيب، وهذا يعني أنها أصبحت قادرة مبدئيًا على توفير جزء بير مما تحتاج إليه من الوقود النووي وصل إلى 500 طن، وأعلنت القيادة السياسية الإيرانية في أكثر من مناسبة بأنها لن توقف نشاطها النووي تحت أي ظرف ومهما كانت العقوبات، وظلت طيلة سنة 2006 تحرص على كسب الوقت للاستمرار في نشاطاتها النووية، ثم ما لبثت أن أعلنت عن نجاحها في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5% ، ثم بنسبة أعلى تصل إلى 8.4%.

وفي سنة 2007 دخلت إيران مرحلة التصنيع النووي، مع الاستمرار في إجراء الاختبارات على آلات الدفع في منشأة تخصيب اليورانيوم التجريبية، والقيام بتغذية 260 كغ من هكسا فلورايد اليورانيوم، وهو وقود المفاعلات النووية في مساقط الدفع، وفي سنة 2009 أعلنت عن دخول مفاعل بوشهر مرحلة التشغيل التجريبي للتأكد من عدم وجود مشاكل فنية، وفيه 4,920 رطلاً من اليورانيوم المخصب فعليًا و2,132 رطلاً من اليورانيوم الجاهز للتخصيب، ومع سنة 2007 أصبحت إيران تمتلك مجموعة من الجيل الأول للطرد المركزي، وأعلن الرئيس السابق نجاد، أن بلاده انتهت من عملية نصب 3 آلاف جهاز طرد مركزي في نطنز، رئيس منظمة الطاقة الذرية لإيران وقتها، أن برنامج بلاده في هذا المفاعل لا يقتصر على ذلك بل يشمل أيضًا التخطيط لنصب وتشغيل 50 ألف جهاز إضافي.[86]

يمكن القول بأن المفاوضات الإيرانية الغربية تجاوزت منذ سنة 2008 دول الترويكا الأوروبية لتأخذ إطارًا جديدًا، وذلك عندما قررت إيران ومجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا، استئناف المفاوضات، غير أنها توقفت في سنة 2009، ثم استؤنفت في سبتمبر 2010، ثم عادت وتعثرت بسبب رفض إيران تخصيب اليورانيوم عند مستوى نقاء 20%، ويلاحظ أن المرحلة الجديدة من المفاوضات أخذت تسير على قاعدة تجزئة موضوعات التفاوض بعد فشل مفاوضات السلة المتكاملة للحل، وجاء هذا التحول بناءً على رغبة إيرانية وموافقة أمريكية.

وفي مايو سنة 2010 وقعت اتفاقًا مع تركيا نص على نقل اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 3.5% إلى تركيا، لمبادلتها بيورانيوم عالي التخصيب بنسبة 20%، وكانت إيران قد رفضت اقتراحًا بإرسال 1,200 كغ من اليورانيوم الإيراني الضعيف التخصيب إلى روسيا للحصول في المقابل على وقود من روسيا وفرنسا لمفاعل الأبحاث الطبية في طهران، وهو ما يؤكد إصرارها على امتلاك القدرات النووية وخصوصًا عمليات التخصيب، ووفقًا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنتجت طهران في سنة 2011 حوالي 4,543 كغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5%، ووصل إنتاجها من هذا النوع حتى أوائل سنة 2013 ما يقارب 7,611 كغ، ونحو 735 كغ مخصب بنسبة %5 ، وخزنت ما يقرب من 250 كغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، وأنها أصبحت قادرة على إنتاج 25 كغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 90%، يونيو سنة 2012، ركبت نحو 10 آلاف جهاز طرد مركزي في منشأتي نطنز وفوردو، وتمكنت هذه الأجهزة من إنتاج ما يزيد عن ستة أطنان من غاز هكسا فلورايد اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5%، وفي أوائل سنة 2013، أعلنت إيران أنها ستسرع من وتيرة تخصيب اليورانيوم بواسطة أجهزة طرد مركزي متقدمة في نطنز بواسطة أجهزة طرد مركزي متقدمة من نوع IR- 2M في 18 مجموعة مكونة من 170 جهازاً، أي 3,060 جهاز طرد مركزي، وأعلنت في تلك السنة أنها باتت تمتلك 18 ألف جهازًا. [87]

وما إن جاءت سنة 2013 حتى أصبحت قادرة على إنتاج اليورانيوم المخصب، وكانت قد طالبت الغرب بتزويدها بهذه الكمية كجزء من الاتفاق على عدم قيامها بعملية التخصيب، وهذا ما دفع علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إلى القول: “علينا أن نشكر الغرب لأنهم رفضوا إعطاءنا الوقود المخصب بنسبة 20%.الضروري لمفاعل الأبحاث في طهران، دخلنا هذا المجال، وستكون إيران إحدى الدول القليلة التي يمكنها إنتاج لوحات وقضبان الوقود في آن واحد، ويشكل إنتاج الوقود لمفاعل الأبحاث الطبية المبرر الرئيسي لإنتاج اليورانيوم المخصب بالنسبة المشار إليها، علمًا أن الغرب يخشى أن تنتج إيران سلاحًا نوويًا تحت غطاء برنامجها المدني، الأمر الذي تنفيه طهران دائمًا  في يونيو 2013 انتخب رجل الدين المعتدل حسن روحاني رئيسًا للجمهورية في إيران خلفًا لأحمدي نجاد، أعاد الرئيس الجديد الذي سبق له تمثيل بلاده في مباحثات نووية مع دول الغرب عام 2003 تحريك المباحثات بموافقة ضمنية من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في سياسات البلاد، استمرت المفاوضات لما يقارب الواحد وعشرين شهرًا، والتي أعقبت التوصل إلى اتفاق الإطار في جنيف وذلك في نوفمبر من العام 2013.

وبعد العديد من التمديدات للمهلة حتى الموعد النهائي للاتفاق، أعلنت مجموعة القوى الكبرى (٥+١) من توصلها لاتفاق نهائي مع إيران فيما يتعلق برنامجها النووي، ووفقًا له فقد تم رفع العقوبات الدولية عن إيران مقابل تخليها عن الجوانب العسكرية للبرنامج النووي الخاص به، وبالرغم من ترحيب عدة أطراف دولية بالاتفاق تحفظت أطراف أخرى على ذلك، فيما وصفه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، بالخطأ التاريخي، ومع انتهاء عام 2015 وما كان يحمله من العمل المتواصل من قبل القيادات الإيرانية نحو توصيل المفاوضات إلي مراحل حاسمة، توصلت إيران والدول الست الكبرى إلي الاتفاق النووي الذي عرف رسميًا باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”، كان الاتفاق ثمرة 21 شهرًا من المفاوضات الشاقة، و12 عامًا من المباحثات المتقطعة والأزمات والتوتر، ودخل حيز التنفيذ اعتبارًا من 16 يناير 2016.[88]

وبهذا، تم الاتفاق على السماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لجميع المواقع المشتبه بها، وخفض قدرات إيران على التخصيب، بالإضافة إلى خفض عدد أجهزة الطرد المركزي، وفرض مجموعة من القيود على برنامجها النووي، ورفع العقوبات المفروضة من قبل كل من أوروبا وأمريكا عن إيران، وقدم الاتفاق لدول الغرب ضمانة بأن إيران لا تسعى إلى تطوير سلاح ذري، وهو ما تكرر طهران نفيه على الدوام، وفي العام 2016 أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران عمدت على تنفيذ تعهداتها وذلك بموجب الاتفاق النووي مع القوى الست الكبرى، الأمر الذي دفع أمريكا والاتحاد الأوروبي أيضًا الإعلان عن دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ، ورفع العقوبات الاقتصادية والمالية عن إيران.

وهدد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”  في العام 2017 بالخروج من الاتفاق النووي، في الوقت الذي أعلنت فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أن إيران تلتزم بكل ما هو وارد بالاتفاق الدولي، كما وأكدت الدول الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني بأنها متمسكة بالاتفاق بالرغم من تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. [89]

وفي مايو ٢٠١٨ أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبصورة رسمية خروج أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران، وأنها سوف تنسحب أيضًا من خطة العمل الشاملة المشتركة، كما سيتم فرض أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على إيران، وبعدما أعلنت الولايات المتحدة 12 شرطًا أكثر صرامة للتوصل إلى اتفاق جديد، أعادت اعتبارًا من أغسطس 2018 فرض عقوبات قاسية خصوصًا على القطاعين النفطي والمالي الإيرانيين، دفع هذا الأمر شركات عالمية كبيرة إلى وقف نشاطاتها أو مشاريعها في إيران.

وعند استثناء أمريكا لكونها الدولة التي انسحبت، فإن الدول التي توصلت للاتفاق والتي عرفت بمجموعة (5+1) (الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن وألمانيا)، لم تؤيد قرار انسحاب أمريكا، حيث أعربت كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا عن أسفها لهذا الانسحاب، وأن قرار مجلس الأمن الذي يؤيد الاتفاق ما زال إطارًا قانونيًا دوليًا ضروريًا لحل هذا النزاع، وقد أعلنت روسيا أنه ستكون هناك عدة عواقب ضارة لأي إجراءات تهدف إلى حرق خطة العمل المشتركة الشاملة، فيما أكدت الصين على ضرورة استمرار جميع الأطراف في الالتزام بنهاية الاتفاق، في حين أن الاتحاد الأوربي الذي كان أحد الأطراف الموقعة على خطة العمل المشتركة فقد أعرب عن تصميم الاتحاد حفاظه على هذا الاتفاق، كما أن هناك بعض الدول التي[90] أيدت انسحاب أمريكا من هذا الاتفاق مثل إسرائيل والتي أعلنت بدورها تأييدها الكامل للانسحاب وأيضًا السعودية التي أعربت عن تأييدها وترحيبها بالانسحاب.

في مايو ٢٠١٩ قرر ترامب، إنهاء الإعفاءات التي سمحت لثماني دول بشراء النفط الإيراني من دون تعريض نفسها للعقوبات الأمريكية، أعلنت طهران أيضًا  أنها ستستأنف برنامجها النووي المتوقف ردًا على انسحاب أمريكا من الاتفاق، وفي يونيو من نفس العام أعلن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن إنتاج إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب، سيتجاوز 300 كيلوغرامًا خلال 10 أيام، وأن إيران قد تصدر الماء الثقيل، وقد ترفع الإنتاج لأكثر من 130 طنًا، وأن إيران سوف تزيد إنتاجها من اليورانيوم المخصب بأكثر من 3.67%، في 26سبتمبر 2019، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران أطلقت عملية تخصيب اليورانيوم في أجهزة طرد مركزي متطورة.

في بداية نوفمبر 2019، أكدت طهران أنها باتت تنتج خمسة كيلوغرامات من اليورانيوم الضعيف التخصيب يوميًا، قبل أن تعلن استئناف أنشطة التخصيب التي كانت مجمدة حتى ذلك الحين في منشأة فوردو على بعد 180 كيلومترًا جنوب طهران، وفي 18 نوفمبر 2019، أكدت الوكالة الدولية أن الاحتياطات الإيرانية من المياه الثقيلة تجاوزت الحدّ المسموح به في الاتفاق، في بداية يناير 2020، أكدت إيران التخلّي عن “كل القيود المتعلّقة بعدد أجهزة الطرد المركزي” بعد يومين من اغتيال اللواء في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي.

وفي 15فبراير 2020، أكدت طهران أنها مستعدّة للعودة، جزئيًا أو حتى كليًّا، للإجراءات التي اتّخذتها في سياق تراجعها عن تنفيذ التزاماتها، إذا قدّم الأوروبيون لها في مقابل ذلك فوائد اقتصادية، وفي 31 مارس من العام نفسه، فعّلت الدول الأوروبية للمرة الأولى آلية “إنستكس” للمقايضة التجارية لتسليم إيران معدات طبية، وتتيح هذه الآلية للشركات الغربية التجارة مع إيران من دون التعرّض للعقوبات الأميركية.

وخلال عام 2020، تجاوزت إيران حدودها في تخصيب اليورانيوم والذي تم الاتفاق عليه من خلال خطة العمل الشاملة المشتركة، وبالرغم من ذلك فهي لم تعمد على تخصيب أكثر من 5% من اليورانيوم،  ولكنها مستمرة في التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في التحقق من المواقع ذات الصلة بخطة العمل الشاملة المشتركة ومراقبتها، ورفضت إيران أن تصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المواقع المرتبطة بوحي من “الأرشيف الذري” والذي عمدت على إصداره إسرائيل في 2018، وفي يونيو من العام 2020، انضمت المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا إلى أمريكا في تقديمها قرارًا إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، داعية إيران للسماح لفرق تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية تجميع المواقع المطلوبة، وقد وافق مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على القرار وذلك في ١٩ يونيو من ذلك العام.

في 18 نوفمبر 2020، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران بدأت تشغيل “أجهزة طرد مركزي متطورة” نقلت أخيرًا إلى قسم تحت الأرض من منشأة نطنز”، أبرز موقع لتخصيب اليورانيوم في وسط البلاد، في 27 نوفمبر 2020، اغتيل العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده في هجوم استهدف موكبه قرب طهران، ووجهت إيران أصابع الاتهام إلى إسرائيل، بعد بضعة أيام، أقر مجلس الشورى الإيراني قانونًا يدعو إلى إنتاج وتخزين “ما لا يقل عن 120 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين في المئة” و” وضع حد ” لعمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمواقع غير نووية، عارضت حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني هذا الإجراء، لكنها أكدت أنها ستلتزم به.

ومؤخرًا، أكدت طهران عدم عودتها إلى التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الصادر عام 2015، إلا بعد أن يتم رفع العقوبات الأميركية عنها، كما أشارت إلى أن قرار إحياء الاتفاق بيد أمريكا، في الوقت الذي أكدت فيه واشنطن أن التفاوض لن يبقى مفتوحًا، المرحلة التي أتت بعد انتهاء الجولة السادسة من مفاوضات فيينا، التي تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني والتي بدأت في إبريل 2021 كسابقاتها بجرعة من التفاؤل الزائد، ومع تأكيد الأطراف المشاركة أيضًا أن أسابيع التفاوض الأحد عشر لم تذهب سدي، وأنه قد تم تحقيق تقدمًا كبيرًا، كما اتسعت مساحات التفاهم بشكل كبير.[91]

في الرابع من يناير 2021، أعلنت إيران بدء إجراءات تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وفي 28 فبراير 2021، عبرت أمريكا عن شعورها بخيبة أمل؛ نظرًا لقيام إيران باستبعاد عقد اجتماع غير رسمي مع القوى الكبرى، من أجل مناقشة سبل إحياء الاتفاق النووي، ولكنها في نفس الوقت أشارت إلى أنها لا تزال على استعداد لإعادة الانخراط في عملية دبلوماسية هادفة بشأن هذه القضية، في أبريل 2021 بدأت في فيينا مباحثات بين إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق، وشاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر للمرة الأولى منذ تنصيب “جو بايدن” الذي قال أنه يريد العودة إلى الاتفاق، هدفت المباحثات بعنوانها العريض إلى إعادة واشنطن إلى متن الاتفاق ورفع عقوبات عن طهران، في مقابل عودة الأخيرة إلى احترام التزاماتها النووية، لكن في 16 من الشهر نفسه، أعلنت إيران أنها “ستبدأ في تخصيب اليورانيوم إلى 60%”، بعد يومين من عمل “تخريبي” استهدف منشأة التخصيب في “نطنز” وحمَّلت إسرائيل مسؤوليته.[92]

تعهد إبراهيم رئيسي الذي أدى اليمين الدستوري أمام مجلس الشورى في الخامس من أغسطس 2021، الانفتاح على كل مسار دبلوماسي يؤدي إلى رفع العقوبات المفروضة على إيران، مع التحذير في الوقت عينه من أن بلاده لن تخضع لسياسة “الضغط والعقوبات”، ووفقًا للمتحدثة باسم البيت الأبيض، والتي أشارت إلى خطة العمل الشاملة المشتركة والاتفاق النووي الإيراني فإنه وبالرغم من شعور خيبة الأمل من رد فعل إيران، فإن أمريكا ما زالت على استعداد لإعادة الانخراط ضمن دبلوماسية هادفة تسعى نحو تحقيق عودة متبادلة للامتثال لالتزامات خطة العمل الشاملة المشتركة.

وقد أشارت إلى أن واشنطن ستقوم على التشاور مع شركائها في مجموعة (5+1)، وكذلك مع الأعضاء الأربعة الآخرين الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا)، بالإضافة إلى ألمانيا، وذلك بشأن الطريقة المثلى للمضي قدمًا، في حين أشار سعيد خطيب زاده المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بأن الوقت الحالي لا يعد مناسبًا من أجل عقد اجتماع غير رسمي مع كل من أمريكا والقوى الأوروبية فيما يتعلق بسبل إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، كما قال الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بأنه لن يعمد على رفع العقوبات حتى تعود طهران إلى الالتزام بالشروط التي تعهدت بما وفق الاتفاق النووي.

في 12 سبتمبر، توصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران إلى اتفاق بشأن مراقبة البرنامج النووي الإيراني، لكن الهيئة الأممية أعلنت بعد فترة وجيزة منعها من دخول منشأة لتصنيع مكونات أجهزة الطرد المركزي، وفي 13 أكتوبر، هددت واشنطن باللجوء كل الخيارات ضد إيران في حال لم تثمر المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي، في تحذير رأى محللون أنه يشمل أيضًا الخيار العسكري.

وبحلول مارس 2022، كانت مفاوضات فيينا قد وصلت لنص شبه نهائي، ومنذ ذلك الوقت حدث تراجع؛ فقد حولت حرب روسيا في أوكرانيا تركيز القوى العالمية وأعاقت التعاون؛ ووصلت الخلافات بين طهران وواشنطن بشأن قضايا جوهرية إلى طريق مسدود.

المبحث الثالث

وضع البنية التحتية الإيرانية

تمهيد:

تتمتع إيران بالعديد من المواقع النووية البعض منها يخضع للرقابة الدورية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالإضافة إلى تمتع إيران بترسانة من الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة و طويلة المدى نتيجة لسعي إيران المتواصل لتطوير منظومتها الصاروخية مما شكل قلقًا وتهديدًا كبيرًا على المستوى الدولي عامًة والإقليمي خاصًة، ومن هنا سنحاول عرض و بشكل تفصيلي البينة التحتية المكونة للبرنامج النووي الإيراني، من خلال تقسيمنا لهذه البنى إلى ثلاث أقسام أساسية بدايًة من المنشآت النووية الرئيسية التي تتفرع بدورها إلى ثمانية منشآت، وصولًا إلى المنشآت النووية الإيرانية الثانوية والتي تتفرع أيضًا إلى ثلاثة عشر منشأة، وأنظمة الصواريخ الباليستية التي تتمتع بها دولة إيران.

                الشكل رقم (2)                                               خريطة توضح المفاعلات النووية الإيرانية

المصدر: إسراء شريف الكعود، الموقف الإقليمي من البرنامج النووي الإيراني، مجلة كلية[93] الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة،المجلد16، العدد4، مصر2015.

المطلب الأول: المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية

تتعدد المنشآت النووية الإيرانية، وذلك وفقًا لاحتياطات اليورانيوم التي تمتلكها إيران، والشكل التالي يوضح احتياطات إيران من اليورانيوم المخصب عبر السنوات السابقة:

الشكل رقم(3)

مؤشرات للاحتياطي الإيراني من اليورانيوم

                المصدر: كيف ارتفعت احتياطات إيران من اليورانيوم[94] المخصب في السنوات الماضية، سي إن إن العربية، يونيو 2019.

أولًا: مجمع أصفهان التكنولوجي النووي:

يقع بالقرب من مدينة أصفهان، وتم افتتاحه عام 1990م بمساعدة الصين، وهو عبارة عن مركز بحثي يتبع لجامعة أصفهان من الناحية الإدارية ويمكن اعتباره قلب البرنامج النووي الإيراني لأنه يضم عدد من مراكز البحوث والإنتاج، ويطلق عليه اسم (مدينة رفسنجاني النووية)، كما يحتوي المجمع على مفاعلين نوويين، الأول: مفاعل بحثي صغير أكملت الصين بناءه عام 1992م، يستخدم كمصدر للنيوترون بقدرة 27 ميغا واط، أما المفاعل الثاني: فقد تم افتتاحه في حزيران 1994م، ويستخدم بصورة رئيسية للأغراض البحثية وتدريب المهندسين والفنيين، وتستخدم هذه المفاعلات يورانيوم طبيعي، كما يتضمن المركز مخبرًا كيميائيًا لليورانيوم، ومفاعل للماء الثقيل ومفاعل للماء الخفيف، إضافًة إلى إنتاج مادة الزركونيوم، وهذا الموقع يخضع لتفتيش ورقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بانتظام.[95]

ثانيًا: مجمع بوشهر النووي:

بدأت عملية بناء هذا المجمع في عهد الشاه عام 1975م، ويقع على الساحل الشرقي للخليج العربي، كما يعتبر من أهم المنشآت النووية الإيرانية، حيث كانت شركة “سيمنز” الألمانية قد أنهت 85 بالمائة من العمل فيه عند قيام الثورة الإيرانية عام 1979م، ليحدث التوقف الأول، ولم تكن القيادات الإيرانية وقتها متحمسة كثيرًا للطاقة النووية ليتجمد المشروع لفترة قبل أن تقوم الطائرات العراقية بتدمير هياكله خلال الحرب العراقية-الإيرانية في الثمانينيات، وبعد رفض شركة “سيمنز” الألمانية إكمال مشروع “بوشهر” لجأت إيران إلى الصين، ثم إلى روسيا التي وافقت عام 1995م على إكمال المشروع مقابل 800 مليون دولار، وقد بدأ شحن الدفعة الأولى من المعدات النووية اللازمة للعمل في محطة بوشهر في 1997م بعد التأكد من استيفاء كافًة معايير السلامة والأمان النووي، كما حرص الجانبان منذ بدء العمل في مشروع المفاعل النووي الأول على إشراك الوكالة الدولية في اتفاق التعاون من خلال إعطائها الفرصة للإشراف على خطوات تنفيذ المشروع، والحصول على مساعداتها الفنية في العديد من النواحي، لاسيما تلك المتعلقة بمراعاة شروط الأمان والسلامة في بناء المفاعل النووي الأول في محطة “بوشهر”.

واستكمالًا لذلك قام الجانبان الروسي الإيراني بالتوقيع في يوليو 1997م على اتفاق في طهران[96] تلتزم بموجبه روسيا بالمساعدة في مراعاة شروط الأمان والسلامة النووية وفق المستويات العالمية في محطة “بوشهر”، وتوفير مقومات الحماية والدفاع عن المحطة ضد أي هجوم جوي أو صاروخي معاد خوفًا من تكرار تجربة العدوان الإسرائيلي على المفاعل النووي العراقي في عام 1981م، كما وقع الرئيسان الإيراني “محمد خاتمي” والروسي “فلاديمير بوتين” خلال القمة التي جمعتهما في موسكو في مارس 2003م، على اتفاقية تقوم من خلالها روسيا ببناء مفاعل ثالث ضمن منشآت “بوشهر” بقيمة مليار دولار، بعد أن يتم تسليم المفاعل الأول مباشرة في عام 2004م. [97]

وفي21 أغسطس 2010م تم تدشين مفاعل “بوشهر” حيث وقعت إيران وروسيا على بروتوكول تشغيل المفاعل المذكور الذي شهد بدء عملية تحميل الوقود النووي، كما أعلن المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية “علي شيرازيان” أن تشغيل المفاعل سيبدأ في أكتوبر2010م عندما يتم وصل الطاقة الكهربائية التي ينتجها بالشبكة العامة، ويرى خبراء أن مفاعل بوشهر لن تزيد طاقة الإنتاج النووي فيه على7000 ميغاواط عند اكتماله، وهو ما سيوفر طاقة مقدارها 10% فقط مما تستهلكه إيران من الغاز والنفط.

ثالثًا: مركز طهران للبحوث النووية:

يقع في ضاحية أمير آباد في العاصمة طهران، و هو يتبع لمنظمة الطاقة النووية الإيرانية، ويهتم المركز بالفيزياء النظرية، ومنها الفيزياء التي تتعلق بالطاقة العالية والإشعاعية، وبضمنها فيزياء الجزيئات، والفيزياء الفلكية والنووية، والرياضيات والإحصاء، والفيزياء النظرية للبلازما، أما من الناحية العملية، فهو يحتوي المركز على مفاعل بحثي حراري  بقدرة 5 ميغا واط حصلت عليه إيران من الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1958م بموجب اتفاقية للتعاون النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وقعت عام 1958م، وقد دخل المفاعل الخدمة في عام 1967م، كما يحتوي المركز على خلايا التسخين التي حصلت عليها إيران من الولايات المتحدة في ستينيات القرن العشرين، و يحتوي أيضًا على مختبر لفصل البلوتونيوم، وبالرغم من المعلومات التي تفيد بأن المركز يقوم بإنتاج نظائر مشعة، فإنها ليست بالدرجة التي يمكن استخدامها في صناعة الأسلحة النووية، وفي أغلب الاحتمالات فإن هذا المركز لم يعد مستمرًا في مهامه لأسباب تتعلق بتقادمه، إضافًة إلى وجود معلومات مفادها أن معمل معالجة اليورانيوم في المركز قد توقف عن العمل بسبب عطل فني في عام1992م، فضلًا عن ما تؤكده معلومات أخرى حول نقل أجهزة ومعدات نووية من هذا المركز إلى مركز أصفهان التكنولوجي النووي في عام 1987م. [98]

رابعًا: محطة نطنز:

تقع محطة ” نطنز” بين منطقتي أصفهان وكاشان، وتبعد نحو 160 كم شمال أصفهان، وهي منشأة نووية كبيرة جدًا بني قسم منها تحت الأرض، وقد كشفت عن وجودها معلومات قدمها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في 15أغسطس عام 2002م، وتتضمن محطة “نتنز” عدد من الوحدات الهامة، أبرزها محطة مركزية (محطة بايلوت) ومحطة للتخصيب التجاري لليورانيوم، وتعتمد المحطتان على تكنولوجيا الطرد المركزي في التخصيب، وتتألف المحطة من ثلاث مناطق وهي:

الأولى: هي المنطقة الموجودة فوق سطح الأرض بحيث تضم ستة مباني كبيرة تقوم بتجميع وحدات الطرد المركزي.

الثانية: هي المنطقة الموجودة تحت سطح الأرض والتي تضم ثلاثة أقسام كبيرة، كما أنها عبارة عن مبنى كبير منفصل يتولى تقديم الخدمات الإدارية والفنية للأقسام الأخرى، وكان من المخطط أن تتضمن محطة ” نتنز” ما لا يقل عن 50 ألف وحدة للطرد المركزي، حتى تصبح قابلة للتشغيل على نطاق تجاري، أي أن تكون قادرة على إنتاج نحو 500 كلغم من اليورانيوم عالي التخصيب لمستويات قابلة للاستخدام في الأغراض العسكرية في أوائل عام 2005م، إلا أن اكتشاف أنشطة هذه المحطة من جانب الوكالة حال دون استكمال هذه الخطط، وأظهرت صور الأقمار الصناعية في ديسمبر عام 2002م بأن هناك مؤشرًا على استعمال هذه المنشأة في عمليات تخصيب اليورانيوم بواسطة تقنية الطرد المركزي.

           الشكل رقم (4) صورة للمفاعل النووي “نتنز” عن طريق الأقمار الصناعية

                المصدر: منشأة نتنز النووية الإيرانية، وما هو سر الحوادث[99] المتكررة فيها؟، بي بي سي نيوز، أبريل 2021.

وذهبت التقديرات عام 2006 إلى أن مفاعل “نطنز” قد يضم حوالي 50 ألفًا من أنابيب نقل الغاز المتطورة، مما يسمح له بإنتاج ما يكفي من اليورانيوم لتطوير ما يزيد على 20 سلاحًا نوويًا كل عام، كما قالت تقديرات أخرى في نفس الفترة أن المفاعل يمكن أن تكون فيه خمسة آلاف أنبوب للنقل بعد إتمام المراحل الأولية من المشروع، وهو الرقم الذي يمكّن إيران من إنتاج ما يكفيها من اليورانيوم لإنتاج قليل من الأسلحة النووية كل عام إذا شرعت في ذلك، خاصًة بعد إجرائها أبحاثًا على أجهزة الطرد المركزي (B2) الأكثر تطورًا وفعالية من أجهزة (B1) التي كانت تستخدمها، وبعد ذلك بسنوات اختبرت طهران في عام 2014 أجهزة طرد من جيل جديد (IR-8) تتيح لها التخصيب بسرعات عالية جدًا مقارنة بالأجهزة التي كانت موجودة.

خامسًا: منشأة جابر بن حيان:

تأسست في طهران سنة 1989م وهي متخصصة بالأبحاث التطبيقية والفيزياء النظرية والطاقة العالية ويتم فيها تدريب علماء الذرة، وتم افتتاحها في 7 فبراير1990م، من قبل رئيس البرلمان الإيراني آنذاك “مهدي كروبي”، وتعمل تحت إشراف منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وقد أعلن عنها لأول مرة خلال زيارة مسؤولي الوكالة لطهران في فبراير2003م، وهي منشأة متعددة الأغراض، تقع في مركز طهران للبحوث النووية وتضم مفاعل أبحاث قدرته 5 ميغا واط مطابق للضمانات الدولية.

وحسب الوكالة فإن منشأة “جابر بن حيان” جرت فيها اختبارات غير مصرح عنها بواسطة مواد نووية بما فيه إنتاج معدن اليورانيوم في مطلع مارس ٢٠٠٣ زار مسؤولي الوكالة منشأة “جابر بن حيان” حيث عرض الإيرانيون موجزًا عن توزيع مادة اليورانيوم التي حصلوا عليها من الصين كما عرض على مسؤولين الوكالة مستوعب كبير واحد يحتوي على ١٠٠٠كغ ومستوعبان صغيران يحتوي كل منهما على ٤٠٠ كغ من فلوريد اليورانيوم، وادعى الإيرانيون  أنها تحتوي على كافة الكميات المستوردة من سادس فلوريد اليورانيوم، عندئذ شرح الإيرانيون كيف قاموا بتحويل رابع فلوريد اليورانيوم إلى فلز اليورانيوم وصرح الإيرانيون أن تلك العملية قد اكتملت، وأنه تم تفكيك المعدات التي استخدمت فيها ووضعت في مستوعبات لتخزينها.

سادسًا: منشاة آراك:

باشرت إيران منذ عام 1996م بناء منشأة لإنتاج الماء الثقيل بالقرب من مدينة آراك (وسط إيران)، وقد أعلنت طهران رسميًا بدء إنتاجه في 28 أغسطس2006م بعد أن كشفت المعارضة الإيرانية النقاب عن هذه المنشأة للمرة الأولى عام 2002م، كما نُشرت صور لها التقطتها مؤسسة العلم والأمن الدولي الأميركية التي تتابع برنامج إيران النووي في ديسمبر 2002م، وقالت إيران أن المصنع سينتج 17 طنًا سنويًا من الماء الثقيل بدرجة نقاء 15% وثمانين طنًا بدرجة نقاء تقترب من 80%، وبهذا تكون إيران -حسب آراء خبراء نوويين- قد حققت إنجازًا في سبيل تحقيق الاستقلالية في دورة الوقود النووي، إذ يمكن للوقود الناتج من مفاعل الماء الثقيل إنتاج عشرة كيلوغرامات من البلوتونيوم سنويًا، وهو ما يكفي لصنع قنبلتين نوويتين على الأقل، وفي عام 2004 بدأت إيران إنشاء مفاعل من تصميمها بقدرة 40 ميغا واط بالقرب من منشأة آراك لإنتاج الماء الثقيل، ويعتمد المفاعل في تشغيله على الماء الثقيل واليورانيوم الطبيعي المتوفر في إيران دون الحاجة لتخصيب اليورانيوم الذي تطالب الدول الكبرى طهران بوقف عمليات إنتاجه. [100]

سابعًا: منجم ساكند:

يقع في محافظة “يزد” ويسمى أحيانًا باسمها، وهو عبارة عن منجم لليورانيوم كان من المقرر أن يتم تشغيله في عام 2005م، كما تبلغ القدرة التصميمية التقديرية الإنتاجية السنوية 50 طنًا من اليورانيوم، وكان من المقرر أن يبدأ إنتاج خامات اليورانيوم في نهاية عام 2006م، حيث يتم تحويل هذه الخامات إلى ركاز خام اليورانيوم في مصنع إنتاج الكعكة الصفراء في “أردغان”، وتبلغ القدرة التصميمية لمصنع “أردغان” نحو 50 طنًا من اليورانيوم سنويًا، ويحتوي على كميات من ترسبات خام اليورانيوم تغطي مساحة تتراوح سعتها بين 150-200  كم مربع، وكان يعتقد في البداية بأنه يحتوي على كمية من اليورانيوم الخام تتراوح بين 3000-5000 طن، إلا أن هذه التقديرات تراجعت فيما بعد إلى 1000 طن تقريبًا. [101]

كما يعتبر منجم “يزد” لليورانيوم بصفة خاصة أكبر مصدر لليورانيوم الخام في إيران، وقد جرت عمليات مكثفة لاستكشافه وتطويره مما ساعد بحلول عام 1989م على بلورة تقديرات إيرانية محددة تشير إلى إمكانية تشغيل منجم يزد لليورانيوم في غضون فترة تتراوح بين 3-4 أعوام، وقد أعلنت إيران آنذاك اعتزامها استثمار نحو 4 ملايين دولار في هذا الموقع خلال الفترة المذكورة، كما توصل معهد البحوث التطبيقية الأرجنتيني (INVAP) في عام 1987م إلى اتفاقية لتزويد إيران بمعمل تجريبي لطحن اليورانيوم يبنى بالقرب من هذا المنجم، إلا أن الصفقة ألغيت في عام 1992م من قبل الرئيس الأرجنتيني “كارلوس منعم” بسبب ضغوط أمريكية مورست على بلاده.

ثامنًا: منجم غشين:

يقع في جنوب إيران بالقرب من منطقة بندر عباس، ويوجد فيه مصنع لتعدين خامات اليورانيوم، وتبلغ القدرة التصميمية التقديرية الإنتاجية 21 طنًا من اليورانيوم سنويًا، وذكرت إيران أن عمليات التعدين في هذا المنجم بدأت اعتبارًا من يوليو 2002م حيث تتراوح بين 40  كغم و50 كغم، وفي 21 ماي 2004م زودت إيران الوكالة الدولية بمعلومات عن مكان منجم ومصنع “غشين” وعن الحالة التشغيلية والقدرة الإنتاجية السنوية لكل منهما، وقامت الوكالة في 8 يوليو2004م بإجراء معاينة تكميلية لموقع “غشين”، وخلال الخطة الخمسية للفترة 1999-2003م تم إقرار خطة لتمويل المزيد من أعمال التنقيب و الاستغلال في منجم “غشين”، وفي 25 أغسطس 1999م صدر قرار بتشييد محطة لتركيز خام اليورانيوم في “غشين”، وتم إسناد مشروع تشييد محطة غشين لتركيز خام اليورانيوم إلى شركة KIMIA MAADAN، بموجب عقد تم إبرامه مع منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وكانت مهمة الشركة المذكورة إعداد تصميم تفصيلي وشراء المعدات وتركيبها ووضع محطة “غشين” لتركيز خام اليورانيوم قيد العمل. وصرحت إيران أن شركة KM ساهمت في عمليات شراء تخص منضمة الطاقة الذرية الإيرانية بسبب قيود الشراء المفروضة على المنظمة نتيجة العقوبات الدولية التي تواجهها، وقد أوقفت الشركة المذكورة العمل في مشروع غشين في يونيو2003م، كما أوقف تسجيل شركة KM رسميًا في 8 يونيو 2003م، وبعد توقف شركة KM تولى مركز معالجة ركاز اليورانيوم التابع لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية الكائن في مركز طهران النووي مرة أخرى العمل في محطة “غشين” لتركيز خام اليورانيوم.

المطلب الثاني: المنشآت النووية الإيرانية الثانوية

  1. منشأة فوردو النووية:

هي منشأة نووية سرية محمية بشكل كثيف ومخفية بدرجة عالية، تقع في منطقة جبلية على بعد نحو160 كيلومترًا جنوب طهران، شمال مدينة قم بنحو 20 كم، تم تشييدها لتخصيب اليورانيوم في حالات الطوارئ في حال استهداف منشأة “نتنز” لتخصيب اليورانيوم، وتم الكشف عنها لأول مرة في شهر سبتمبر2009م، وتشير المعلومات إلى أنها مصممة لاستيعاب نحو 3000 جهاز طرد مركزي.

كما يسيطر الحرس الثوري الإيراني على المنطقة التي بنيت فيها المحطة، ونشرت طهران أنظمة صواريخ أس-300 الروسية الصنع في العام 2016م في محيطها لحمايتها من أي هجمات محتملة، وبموجب الاتفاق النووي توقف إنتاج اليورانيوم متوسط التخصيب في فوردو، وحولت إيران مخزونها إلى أشكال تعد أقل خطرًا على انتشار الأسلحة النووية، وفي 6نوفمبر 2019م فقد بدأت إيران بضخ غاز اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي بـمنشأة فوردو النووية تمهيدًا لإعادة تشغيلها، وذلك في إطار رابع خطوة تتخذها طهران لتقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الموقع مع القوى العالمية في عام 2015م، وردًا على الانسحاب الأمريكي.

  1. موقع معلم كلاية:

يقع بالقرب من بحر قزوين في منطقة جبلية إلى الشمال من طهران، بدأت الحكومة الإيرانية بإنشائه عام 1987م، وحتى عام 2000م كان لا يزال تحت الإنشاء، ويخضع لسيطرة الحرس الثوري الإيراني، وقد اشتمل هذا المركز على معامل لليورانيوم ومعدات للتخصيب بالليزر، وكان من المخطط أن يتم تركيب مفاعل نووي طاقته 10 ميغا واط في هذا المركز تحصل عليه إيران من الهند، و بالفعل باشر الهنود العمل فيه إلا أنهم توقفوا عن إكماله لأسباب غير واضحة لذلك لم يتم تنفيذ هذه الخطة على الرغم من أن إيران قد استثمرت ما يقارب 300 مليون دولار فيه حتى عام 1995م. [102]

وبالرغم من أن المعلومات التي يصدرها الإيرانيون حول هذا الموقع على أنه عبارة عن مركز لتدريب واستجمام الموظفين العاملين في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وهو ما أكده نائب وزير الطاقة الذرية الروسي، فان هناك الكثير ممن يرون أن هذا الموقع يضم معملًا لأجهزة الطرد المركزي لغرض تخصيب اليورانيوم قد تم تركيبه من قبل خبراء صينيين وباكستانيين.

  1. منشأة آب علي:

تقع في طهران على الطريق السريع “آب علي” وتستخدم لاختبار أجهزة الطرد المركزي، وهي تعمل تحت غطاء شركة لتصنيع الساعات تعرف باسم شركة ” كالاي إلكتريك”، ويضم الموقع مستودعين كبيرين يستخدمان كورشتي عمل، كما يضم عدة مباني إدارية تم الكشف عنها من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في 14 أغسطس2002م.

  1. موقع دارخوين النووي:

يقع على ضفة نهر الكارون إلى الجنوب من مدينة الأحواز، وكانت أول خطة لبناء الموقع وضعت في عهد الشاه حيث وقع اتفاقية مع شركة “Framatome” الفرنسية لإنشاء مفاعلين نوويين بقدرة (900) ميغا واط تعمل بالماء الخفيف وتستهلك يورانيوم منخفض التخصيب، كما تدرب 350 فنيًا إيرانيًا، إلا أن انتصار الثورة الإيرانية حال دون البدء بالتنفيذ حيث قامت حكومة ” مهدي بازاركن” بإلغاء هذا العقد في عام 1979م. [103]

وفي سبتمبر 1992م جرت مفاوضات بين إيران وشركة “كوشان” ومعهد ” شنغهاي” للبحوث والتصاميم النووية مع الصينيين لبناء مفاعلين نوويين بقدرة 300 ميغا واط في هذا الموقع خلال عشر سنوات، وأن هناك صعوبات ستواجه تجهيزهما بمعدات السيطرة والمضخات الأساسية وأجهزة القياس، وفي 21 فبراير1993م تم التوقيع على العقد الخاص ببنائهما.

  1. منشأة لشقر أباد:

تقع في منطقة زراعية بالقرب من قرية “لشقر أباد” وهي عبارة عن موقع لمنشأة تجريبية لتخصيب اليورانيوم باستخدام الليزر، تأسست عام 2000م، وتم الكشف عنها من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بداية عام 2003م، وحسب المعلومات المتوفرة فإن هذه المنشأة تم تفكيكها في أواسط عام 2003م، وكانت تتضمن ورشة لإنتاج قطع أجهزة الطرد المركزي واختبارها، و قد أُجريت في هذه المنشأة اختبارات لتخصيب اليورانيوم في الفترة الواقعة بين أكتوبر 2001م ومايو 2003م باستخدام فلز اليورانيوم، حيث استخدم في تلك الاختبارات 50 كيلوغرامًا من فلز اليورانيوم الطبيعي الذي كانت إيران قد استوردته في عام 1993م، بعد ذلك تم تفكيك هذه المنشأة ونقلها مع فلز اليورانيوم إلى منشأة تجريبية في مستودع “كاراج” الزراعي الطبي التابع لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية.

وكان يتوجب على إيران إبلاغ الوكالة عن هذه النشاطات بموجب اتفاقية الضمانات، إلا أن إيران لم تفعل ذلك ووعدت إيران الوكالة بتوفير كافة التسهيلات لتوضيح هذه الناحية من البرنامج النووي الإيراني، لذلك طالبت الوكالة في شهر أغسطس 2003م بأخذ عينات بيئية من الموقع، وفي مطلع أكتوبر 2003م منح مفتشو الوكالة إذنًا بالدخول إلى منشأة “لشقر أباد”، كما سمح لهم بدخول مستودعات ” كاراج”.

  1. مركز خرج للبحوث الطبية والزراعية:

هو عبارة عن مركز نووي للبحوث الطبية والزراعية يبعد نحو160كم شمال شرق طهران، ويعمل في المركز فنيون صينيون وروسيين بالإضافة إلى الإيرانيين، وقد تم افتتاحه في 11 مايو1991م، من قبل نائب الرئيس الإيراني الأسبق “حسن حبيبي”، ويحتوي المركز على مختبر لقياس الجرعات ومختبرًا آخر للإشعاعات الكيميائية، كما يحتوي المركز على جهاز ” كالنيوترون” صيني الصنع بطاقة1ملم/أمبير، وجهاز “سيكل وترون” بلجيكي الصنع بقدرة 30 ميغا واط، كما أنهت شركة نمساوية في عام1997م بناء جهاز “سيكل وترون” في الموقع. [104]

  1. مركز كورجان الكبير:

كشف عنه لأول مرة من قبل مدير المخابرات الألمانية “بيرند تشميند باور” في سبتمبر1994م، عندما أشار إلى وجود 14 عالمًا نوويًا من الاتحاد السوفييتي السابق في الموقع المذكور منذ مطلع عام 1992م وهو موقع من المحتمل أن تكون إيران قد أنفقت نحو 80 مليون دولار لإجراء الممسوحات الجيولوجية اللازمة، وقد تم اختيار هذا الموقع عام 1990م بهدف بناء مفاعلين نوويين من طرازwer-v213  بطاقة 440 ميغا واط تم شراءها من الاتحاد السوفييتي، لكن طبقًا لنائب وزير الطاقة الروسي “يفغييني ريشتينكوف” فان الموقع لم يكن ملائمًا لبناء المفاعلين لذلك تم تغيير موقعهما إلى بوشهر. [105]

  1. مركز جامعة الشريف:

هي عبارة عن مركز متخصص بالبحوث التكنولوجية النووية يقع في طهران، وفي عام1993م شحنت شركتان سويسريتان متخصصتان في صناعة المعدات الكهربائية مكائن تفريغ كهربائية إلى هذه الجامعة لها علاقة بالتكنولوجيا النووية، كما سبق أن زودتها شركة “كارل تشينك” الألمانية بماكينة واحدة على الأقل لاستخدامها في عمليات تخصيب اليورانيوم، وفي عام 1991م باعت شركة “ليبلود” الألمانية أيضًا مضخات تستخدم في عمليات تخصيب اليورانيوم، كما فاتحت جامعة الشريف في عام 1991م شركة “تايسن” الألمانية بطلب شراء مجموعة من المغانط للغرض نفسه غير أن طلبها قوبل بالرفض.

  1. مركز بوناب لبحوث الطاقة النووية:

هو عبارة عن مركز نووي متخصص بالبحوث الطبية والزراعية تديره منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، يقع في بلدة “بوناب” جنوب مدينة تبريز بنحو 80 كم، ويحتوي على مفاعل نووي بحثي منخفض القدرة روسي الصنع، وحسب السلطات الإيرانية فان هذا المركز مخصص للبحوث الذرية الزراعية، وقد بدء العمل في المرحلة الأولى من المركز في سبتمبر 1994م.

  1. موقع استى جلال:

يقع هذا الموقع بالقرب من بوشهر، ولم يكن معروفًا من قبل حتى تمت الإشارة إليه من قبل رئيس منضمة الطاقة الذرية الإيرانية آنذاك “رضا أمر الله” في منتصف شهر سبتمبر 1994م، وقد كان في الأصل مشروعًا تم التعاقد على بناءه مع الصين عام 1992م كجزء من صفقة تجارية بلغت كلفتها 1.2 مليار دولار، ويتضمن المشروع بناء مفاعلين نوويين بقدرة 300 ميغا واط  نوع ( كوين شان)، وكان مخطط لها العمل في عام 2005م، إلا أن المشروع تم تجميده بعد طلب الصين مبلغ ملياري دولار مقدمًا، كما ضغطت الإدارة الأمريكية على الصين حتى لا تقدم هذه المساعدة لإيران. [106]

المطلب الثالث: أنظمة الصواريخ الباليستية الإيرانية

تعتمد فكرة الصواريخ الباليستية الحديثة على تصميم صاروخ فاوـ 2، الذي صنعته ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية لإرهاب وقتل البريطانيين، لكن حمل الصاروخ لرأس حربي تقليدي وزنه طن من مادة “تي إن تي” جعل قدرته التدميرية محدودة، وبعد إطلاق الصاروخ ووصوله إلى مساره يتوقف الدفع بواسطة الوقود ويبدأ الصاروخ في الحركة وفقًا لقوانين المقذوفات باتجاه الهدف الذي تحدد أجهزة التوجيه الموجودة في مقدمة الصاروخ، ويسلك الصاروخ مسارًا قوسيًا إلى أعلى ثم يعيد توجيه نفسه إلى أسفل باتجاه الهدف الأرضي.

ومع ذلك فقد أصبحت الصواريخ الباليستية في الوقت الحالي تحقق هدفين هما ضرب أهداف الأعداء بعيدة المدى ووسيلة ضغط سياسي عالمي لا منازع لها، ونقطة قوتها هو افتقار الدول لوسائل دفاعية تستطيع أن تعترض طريق الصواريخ الباليستية بعد إطلاقها، كما يمكن إطلاق الصواريخ الباليستية من قواعد أرضية أو صومعات تحت الأرض أو حتى بواسطة منصات متحركة على الناقلات أو القطارات، ويمكن إطلاقها من الغواصات والسفن والطائرات، ويتراوح طول الصواريخ الباليستية بين 30ـ 100 قدم ويملأ تقريبًا بالوقود السائل أو الصلب، ويوجد المحرك في قاع الصاروخ وأنظمة التوجيه، إضافًة إلى وسائل للتسارع على جانبيه، و يتكون الوقود السائل من مواد مقطرة غنية بالكربون والهيدروجين يتم دمجها مع الأكسجين السائل داخل المحرك لتحترق وينتج عنها قوة دافعة تحرك الصاروخ إلى أعلى، وتكون تلك الرؤوس بكل تأكيد نووية، تستهدف تحصينات تحت الأرض أو يتم تفجيرها في الهواء لتقتل البشر.​ [107]

بينما يتكون الوقود الصلب من مسحوق بعض المعادن مثل الزنك أو المغنسيوم يتم خلطها مع مصدر صلب للأكسجين أو خليط منها جميعًا يحترق داخل المحرك، ويمكن للصاروخ الواحد أن يحمل قمرًا مداريًا يطلقه في الفضاء أو رأسًا حربيًا نووية أو كيميائية لإصابة هدف واحد أو عدة رؤوس كل منها يحمل برنامج توجيه لإصابة هدف منفرد بعد الانفلات من الصاروخ الرئيسي، لقد مرت الجهود الإيرانية في الحصول على الصواريخ الباليستية بمجموعة من الظروف التي أثرت على تطوير هذه الصواريخ، حيث استغرقت مدة 25 سنة من البحث والتجارب للظفر بأكبر ترسانة صاروخية في منطقة الشرق الأوسط تمثلت في السفن والقذائف وصواريخ قادرة على الوصول إلى أهداف جميع الدول في منطقة الشرق الأوسط بما فيها القواعد العسكرية الغربية المتواجدة في منطقة الخليج، وقد شكلت حرب ثمانية السنوات بين إيران والعراق عامل أساسي في تطوير هذه الصواريخ بعد أخذها من دروس هذه الحرب التي كبدتها خسائر مادية كبيرة نتيجة الضربات الجوية العراقية ضد البنى والمواقع التحتية الاستراتيجية التي تملكها طهران.

ولقد اعتمدت إيران في تطوير قدراتها الصاروخية على جهات خارجية أهمها روسيا، واتجهت أيضًا نحو كوريا الشمالية لرغبتها في تنوع مصادر التسليح، فعقدت صفقة تسليحية معهما تضمنت تزويدها بصواريخ بعيدة المدى من طراز (نود ونغ-1) الذي يصل مداه إلى 1000كم، أبرز أنواع الصواريخ التي كشفت عنها إيران خلال السنوات الماضية في العروض وفي المناورات العسكرية التي تقيمها، وهي: صواريخ زلزال: يتراوح مداها بين 100 و400 كيلومتر، صاروخ قدر-1: كشفت عنه إيران يوم 22 سبتمبر 2007، ويبلغ مداه 1800 كيلومتر، وصاروخ قدر يمثل الجيل الجديد من شهاب، يعمل بالوقود السائل، كما يصنف الصاروخان قدر وشهاب ضمن فئة أرض أرض، ويمكن تزويد الصاروخين برؤوس متعددة، صواريخ فجر: صممت في التسعينيات باستخدام التكنولوجيا الكورية الشمالية على أساس راجمات الصواريخ السوفيتية، وبلغ مدى الصواريخ الأولى من هذه الفئة 40 كيلومترًا.

وهكذا يتضح لنا بعد استعراض الدوافع والأهداف الإيرانية وراء امتلاكها لبرنامجها النووي، ومراحل التطور التاريخي لذلك البرنامج والتغيرات التي طرأت عليه في ظل تباين القيادات الإيرانية في مختلف الفترات مع اتفاقهم حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني، نجد أن ذلك البرنامج قد خلق أزمة عدم ثقة في إيران من قبل المجتمع الدولي ولاسيما دول الخليج العربي، حيث أثر ذلك البرنامج بشكل ما على دول الخليج العربي، وخلق هاجس أمنى قوى لدى هذه الدول، أما بالنسبة لدول المجتمع الدولي، فقد رأت أن سعى إيران لتطوير برنامجها النووي له تأثيره على توازن القوى في المجتمع الدولي، وبالتالي كان هناك الكثير من ردود الأفعال للقوى الفاعلة في المجتمع الدولي، وهذا ما سيتم توضيحه بالتفصيل في الفصل الثالث.

الفصل الثالث

 المواقف الخليجية والدولية تجاه البرنامج النووي الإيراني

تمهيد:

لقد ساهم تمسك إيران ببرنامجها النووي في خلق هاجس أمني قوي، ليس فقط لدي دول الخليج وحدها بل للمجتمع الدولي بأكمله، حيث ترتب على ذلك البرنامج تداعيات سلبية سواء كان ذلك على مستوي دول مجلس التعاون الخليجي أو على المستوي الدولي ككل، لذلك اختلفت ردود أفعال تلك الدول ما بين المؤيد والمعارض لذلك البرنامج، فدول مجلس التعاون الخليجي على الرغم من أنها أكثر الدول تعرضًا لذلك البرنامج، بالإضافة إلى كون ذلك البرنامج يؤثر على تلك الدول بأكملها إلا أنها تباينت في ردود أفعالها تجاه ذلك البرنامج.

ولعل هذا ما سيتم تناوله في هذا الفصل، حيث سيتم توضيح أثر ذلك البرنامج على دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى إيضاح الضرر الذي سيقع على تلك الدول نتيجة لتوجهات إيران النووية، وبالتالي عند الحديث عن الأضرار التي من الممكن أن تنجم عن ذلك البرنامج لا بد من توضيح المواقف التي تتبناها الدول الخليجية على حدي لمواجهة الأطماع الإيرانية، ونحن في مضض الحديث عن الأضرار التي سيتسبب فيها المفاعل النووي الإيراني كان لابد من توضيح ردود الأفعال الخليجية والدولية تجاه ذلك البرنامج، وفي ظل التوتر التي تشهده العلاقات الخليجية الإيرانية نتيجة لطموحات إيران النووية كان لابد من تقديم رؤية مستقبلية للتنبؤ بمستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية، مع تقديم بعض السيناريوهات المتعلقة بالمشروع النووي الإيراني.

ولذلك تم تقسيم ذلك الفصل إلى ثلاث مباحث لتتناول بشيء من التفصيل تداعيات البرنامج النووي الإيراني:

  • المبحث الأول: أثر البرنامج النووي الإيراني على أمن دول مجلس التعاون الخليجي.
  • المبحث الثاني: المواقف الخليجية والإقليمية والدولية تجاه البرنامج النووي الإيراني.
  • المبحث الثالث: مستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية في ظل طموحات إيران النووية.

المبحث الأول

أثر البرنامج النووي الإيراني علي أمن دول الخليج العربي

تمهيد:

تتسم العلاقات الخليجية الإيرانية بالتعقد والتشابك الشديد إلى حد التناقض، ومع التسليم بطبيعة تلك العلاقات التي شهدت حالات من المد والجزر منذ قيام الثورة الإيرانية وحتى الآن وفقًا للمتغيرات الإقليمية والدولية، وتتمثل مُعضلة دول الخليج العربية نتيجة للبرنامج النووي الإيراني في موقفها الصعب الذي وجدت نفسها فيه، فهي من جهة لا تُريد أن تكون هُناك حرب جديدة في المنطقة ضد دولة لها عُمق شعبي وديني في دول الخليج العربية، ومن جهة أُخرى فهي لا تود أن تُصبح إيران قوة نووية تمتلك هذه القُدرات في المجال العسكري، هنا هو مكمن المُعضلة الأساسية لدول الخليج العربية، لذلك نجد مواقفها العلنية تُحبذ الخيار الدبلوماسي على غيره من الخيارات باعتبار أنهُ أفضل السُبل التي ستؤدي إلى نزع فتيل التخوُف الخليجي وإبعاد شبح الحرب عن المنطقة من جهة، والدفع بإيران بعيدًا عن أن تُصبح دولة بقُدرات نووية عسكرية.

المطلب الأول: المخاطر الأمنية و الاقتصادية التي يمكن أن يحدثها البرنامج النووي الإيراني على منطقة الخليج العربي

  1. تهديد الاستقرار الإقليمي في منطقة الخليج:

مما لاشك فيه أن امتلاك إيران لأسلحة نووية من شأنه التأثير على استقرار منطقة الخليج من خلال:

أ- تكريس الخلل القائم في موازين القوى، حيث أن حقائق الجغرافيا السياسية تشير إلى أن القوة[108] الإيرانية الحالية إذا أرادت أن تتجه فإن مسارها لن يكون للشمال أو للشرق، ففي الشرق هناك القوى النووية الآسيوية الكبرى، وفي الشمال هناك روسيا، وبالتالي فإن إمكانية التمدد المتاحة لإيران هي في الغرب، ويضاف إلى هذا معاناة الجيوش الخليجية من نقص الأفراد المستعدين للخدمة في القوات المسلحة أو الالتزام بالحياة العسكرية، لذلك زعزعة توازن القوي بمنطقة الخليج العربي هو الخطر الذي يهدد منطقة الخليج العربي، فلن تستطيع أية دولة خليجية مقاومة الأطماع الإيرانية في المنطقة، في ظل النبرة العدائية التي تتعامل بها إيران مع دول الخليج قبل امتلاكها السلاح النووي، فالأطماع الإيرانية في المنطقة لا تتوقف عند زعزعة أمنها واستقرارها بل تتجاوزها إلي دعم ميلشيات مسلحة للتدخل في شئون الدول العربية الخليجية وغير الخليجية لإيجاد ثغرة تستطيع من خلالها التغلغل عبر مؤيدين لسياستها في المنطقة.

ب- إمكانية نشوب صراع عسكري بين إيران والأطراف المعنية بالقضية النووية تنعكس آثاره على المنطقة، ومن ثم فإن الرد الإيراني قد يأخذ أشكالاً عديدة منها أن تقوم إيران بضرب القواعد الجوية والقطع البحرية الأمريكية في دول الخليج العربية، وهو الأمر الذي ينذر باحتمال أن تتحول المواجهة المباشرة المتوقعة بين إيران والولايات المتحدة إلى حرب إقليمية عواقبها عديدة منها إمكانية قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز مما يعوق تدفق النفط الخليجي إلى الدول الغربية والولايات المتحدة، لأن إذا فرضت عقوبات على إيران بطريقة تهدد مصالحها الوطنية فإنها لن تسمح بتصدير نفط من المنطقة، فضلاً عن أنها قد تستهدف السفن الأجنبية الأمر الذي من شأنه التأثير على حركة الملاحة في الخليج، ومن ثم على استقرار الأسواق النفطية وهو ما سوف يؤثر سلبًا على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد بشكل أساسي على النفط كمصدر مهم للدخل القومي، ومن ناحية أخري، قد تستهدف إيران المصالح الأمريكية في المنطقة سواء كانت شركات أو مصانع أو حتى أفراد.

  1. صعوبة التوصل إلى صيغة مشتركة لأمن الخليج:

من الآثار المهمة بالنسبة لامتلاك إيران سلاحًا نوويًا صعوبة التوصل إلى صيغة مشتركة لأمن الخليج، حيث تعد تلك القضية من القضايا الخلافية في العلاقات الإيرانية الخليجية، فإيران تطالب دومًا بأن يكون لها دور في الترتيبات الأمنية الخاصة بالمنطقة، الأمر الذي يتعارض مع رؤية دول مجلس الخليج، وفي ظل هذا الاختلاف طرحت عدة صيغ لأمن الخليج من جانب إيران، إلا أن إصرار إيران على امتلاك السلاح النووي من شأنه أن يعوق إمكانية التوصل إلى صيغة أمنية مستقبلية لأمن الخليج وذلك لعدة اعتبارات:

  • إمكانية قيام سباق نووي ليس في منطقة الخليج فحسب وإنما في المنطقة العربية كلها، حيث ستعمل الدول العربية جاهدة من أجل دخول النادي النووي.
  • أن دول مجلس التعاون الخليجي في سعيها لإقامة صيغة أمنية مشتركة في الخليج لا بد وأن تحصل على ضمانات دولية ملزمة من المجتمع الدولي بشأن إجراءات بناء الثقة مع الأطراف الإقليمية ومنها إيران، وأول هذه المتطلبات عدم تهديد أمن تلك الدول س
  • واء بامتلاك الأسلحة النووية أو غيرها.
  • امتلاك إيران للسلاح النووي من شأنه أن يقوض كافة الخطوات التي بذلها الجانبان الخليجي والإيراني واستهدفت حسن الجوار وتعزيز الثقة والمنافع المتبادلة، وصولاً إلى إيجاد منظومة أمنية وإقليمية تقوم على أسس عدة يأتي في مقدمتها نبذ اللجوء إلى القوة وحل كافة القضايا العالقة بالحوار والتفاوض.
  1. مأزق الدول الخليجية في حالة نشوب حرب:

ويعد هذا الأثر أحد أهم تداعيات امتلاك إيران للسلاح النووي، حيث تؤكد كافة المؤشرات أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن استخدام القوة ضد أي قوة نووية محتملة، وفي هذا الصدد أشار تقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أنه إذا استطاعت دولة معادية للولايات المتحدة أن تحصل على أسلحة دمار شامل، خاصة الأسلحة النووية فإن الخطر سيكون كبيراً، وشدد التقرير على أن الولايات المتحدة لابد أن تكون أشد قلقًا فيما يتعلق بإيران وامتلاكها أسلحة نووية، وفي ظل إمكانية نشوب حرب ضد إيران فإن دول مجلس التعاون الخليجي سوف تواجه مأزقًا حقيقيًا.

حيث إنه إذا كان للدول الخليجية مصلحة أكيدة في التخلص من النظام العراقي السابق سواء أعلنت بعضها ذلك أو لم يعلن البعض الآخر، إلا أن الأمر يبدو مختلفًا بالنسبة للحالة الإيرانية التي يصعب معها التكهن بنتائج هذا العمل سواء كان ضربة استباقية أو عمليات عسكرية متصلة، حيث لن تكون الدول الخليجية الست بمنأى عن تداعيات مثل هذه الأعمال، كما أنه على الرغم من أن تلك الدول تعد حليفاً استراتيجيًا للولايات المتحدة بموجب اتفاقيات أمنية ثنائية (باستثناء المملكة العربية السعودية)، فإنه من المستبعد أن تقدم هذه الدول تسهيلات لوجستية للعمليات العسكرية ضد إيران، بل إنها قد تدفع في سبيل الحل الدبلوماسي السلمي، حيث أن الدول الخليجية بها نسبة كبيرة من الشيعة، ومن ثم فإن الدول التي تسمح باستخدام أراضيها لضرب إيران قد تتعرض لعمليات إرهابية كما حدث خلال الحرب العراقية – الإيرانية. [109]

  1. زعزعة الأمن الاقتصادي لدول الخليج العربي:

إن امتلاك إيران للسلاح النووي وعدم امتثالها للقرارات الدولية قد يدفعها إلي التعرض لعقوبات تصل إلي غلق مضيق هرمز، وضرب السفن الأجنبية في الخليج العربي، مما يعرقل تصدير نفط دول الخليج العربي الذي تعتمد عليه الدول الخليجية بصفة أساسية في تعزيز اقتصادها كمصدر رئيسي للدخل، مما يزعزع الأمن الاقتصادي لدول الخليج العربية ويعرض أهم مورد الاقتصادي من مواردها لخطر بليغ نتيجة احتمال إصابة حقول النفط ومشآته من العمليات العسكرية.

  1. سياسة الابتزاز النووي المحتملة للدول الخليجية:

تتمثل سياسة الابتزاز هذه في التصريحات السياسية المصاحبة للنشاطات النووية الإيرانية، والتي لا تشير أي إشارة إلى أن ما أُنجز في إيران هو برنامج نووي مدني يرتبط بمجرد إنتاج الكهرباء، فهناك حالة صاخبة من الدعاية السياسية الخاصة بتحول إيران إلى قوة نووية كبرى، تُمثل في عمليات التخصيب واندفاع غير تقليدي في اتجاه رغبة معلنة في ممارسة دور ما يسمى قوة إقليمية عظمى” تعمل لمواجهة قوى الشر في العالم، مع تصحيح الأخطاء التاريخية، والوقوف في مواجهة دول الطغيان، ومحاولة دفع الولايات المتحدة الأمريكية للاعتراف بإيران بتلك الصفة.

ولم تتوقف سياسة الابتزاز هذه عند مسألة التصريحات السياسية، وإنما ممارسات فعلية على ساحة الإقليم، تتمثل في سلسلة متواصلة من المناورات العسكرية، واختبار الأسلحة الصاروخية، والتدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية تدخلًا حادًا، دون التنسيق مع الأطراف الأخرى أو مراعاة مصالحها، إضافًة إلى العمل المباشر داخل العراق، ومن هنا ارتبطت المخاوف العربية من القدرات النووية الإيرانية، بما يتجاوز كونها تهديدًا دفاعيًا، إلى كونها تهديدًا للاستقرار السياسي داخل الدول.

  1. احتمالات نشوب حرب أمريكية إيرانية في المنطقة:

الموقف الأمريكي حيال إيران يستمد مقوماته التصعيدية من أكثر من مجال، فالمسألة النووية الإيرانية لا تنحصر في إطار النزاع حيال الخيارات والحقوق الوطنية، ولا تتعلق بهيبة الولايات المتحدة الأمريكية، بل تتعدى ذلك لما يمكن أن ينتج عنها من تأثيرات جسيمة في مجال الاستقرار الإقليمي والحروب المستقبلية، إذ إن امتلاك الجمهورية الإسلامية القنبلة النووية سيفتح أمامها أبواب استعراض القوة والردع الاستراتيجي، وربما الابتزاز السياسي، ويتيح لها القدرات لممارسة الضغوط المباشرة وغير المباشرة على دول الجوار وتهديدها، لتحقيق أهداف وغايات لا يمكن بلوغها من دون حيازة أسلحة الدمار الشامل.

إن سعي إيران إلى امتلاك السلاح النووي يمثل تحديًا مباشرًا لمجمل جهود منع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة، ويثير المخاوف من كيفية تعامل النظام الإيراني مع مثل هذا التطور ونتائجه المباشرة على أمن منطقة الخليج، التي تختزن أكثر من 66% من احتياط النفط العالمي و37% من احتياطي الغاز.

إلا أن المشروع النووي الإيراني لا يمثل العامل الوحيد للقلق الأمريكي، بل المدي الذي بلغته إيران في التدخل في شؤون الشرق الأوسط الكبير، وفي تخريب المشروع الأمريكي فيه. فمن أفغانستان إلى العراق إلى الأراضي الفلسطينية ولبنان، بات النظام الإيراني بما يملك من امتدادات وعبر رعايته المباشرة للتنظيمات المناهضة لواشنطن، يمثل مصدر الخطر الأكبر على الحضور الأمريكي بشقيه العسكري والسياسي، وبات يهدد بتعديل موازين القوى في الشرق الأوسط لمصلحة المحور المتطرف، كما أظهرت حرب يوليه الماضية في لبنان.

ومن هنا نخلص إلى أن المواجهة التي بدأت تلوح في الأفق ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر المرتبط بها وبين إيران وامتداداتها في المحور المتطرف لن تكون مشابهة لأي مواجهة عسكرية عرفها العالم حديثًا، سواء كان ذلك في حرب الخليج الأولى، أو في كوسوفا، أو في العراق، فالحرب المقبلة إذا وقعت ستكون مختلفة في مسرحها الجغرافي المتمادي وفي المتورطين فيها وفي وسائلها وأسلحتها وفي حجم العنف المرافق لها، وأخيرًا في تداعياتها السياسية والأمنية.

  1. الاستهداف المباشر لأمن دول الخليج:

إن سعي إيران لامتلاك سلاح نووي لا يقتصر على أن هذا السعي يمثل وجه العملة الآخر لمطامع الإيرانيين وتطلعاتهم لدور رئيس في هذه المنطقة، بل ويتعداه إلى أن التسلح النووي لأي دولة في العالم يقترن في ظل اختلال موازين القوى بانتعاش ظاهرة الإرهاب.

إن امتلاك إيران لقدرات نووية في المجال العسكري يسبب القلق وعدم الاستقرار في هذه المنطقة، رغم كل الرسائل الإعلامية اللطيفة التي تحرص طهران على إرسالها إلى عواصم دول هذه المنطقة، كلما ارتفع منسوب التحديات المتبادلة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما يسمع العرب عامًة وأبناء الخليج خاصًة، ما يصدر من تصريحات مهددة متوعدة من بعض القيادات الدينية والسياسية الإيرانية، فإن لديهم كل الحق في أن تراودهم وساوس ومخاوف تجاه احتمال أن تمتلك إيران السلاح النووي، وأن معهم كل الحق في أن يشعروا أنهم مهددون بالاستثمارات الهائلة في بلدانهم وبرخائها الاقتصادي، وأيضًا بأمنها واستقلالها واستقرارها.

وعندما تسمع شعوب هذه المنطقة وأنظمتها ودولها أيضًا متشددًا إيرانيًا يدعو إلى تصدير الثورة وهو يشير بيده نحو منطقة الخليج، فإنه أمر طبيعي ألا يتردد هؤلاء في البحث عن حماية خارجية، حتى وإن كانت هذه الحماية المطلوبة هي حماية الولايات المتحدة الأمريكية، وحتي إن اقتضي الأمر إعطاء تسهيلات وقواعد للقوات الأمريكية، وفي هذا كله عدم استقرار ويؤدي إلى زعزعة الأمن وإلي انتعاش الإرهاب في منطقة يمثل الأمن المطلب الرئيس لشعوبها واستثماراتها ونهضتها الاقتصادية والثقافية والحضارية.

  1. تهديد الأهداف الاستراتيجية في منطقة الخليج:

يجب تحديد الأهداف الاستراتيجية في منطقة الخليج، والتي يمكن أن تنحصر في المدن الرئيسية، والمطارات، ومحطات تحلية المياه، وعقد المواصلات، والتجمعات السكانية، والسدود، وبالمقارنة بما لدي إيران من قدرات صاروخية نجد أن جميع هذه الأهداف تقع في مدي تلك الصواريخ، ومن ثم أصبح بمقدور إيران تهديد أيًا من هذه الأهداف وإصابته إصابة مؤثرة، ولذلك يجب أخذ التهديد الإيراني على محمل الجد.

  1. استهداف حقول النفط في منطقة الخليج:

الهدف الاستراتيجي الآخر هو حقول النفط، وما يميز هذا الهدف عن غيره من الأهداف الاستراتيجية الأخرى، أن تأثيره على الاقتصاد العالمي أكبر، حيث إن استهدافه يمكن أن يغير في مجريات الأمور على الساحة الإقليمية والدولية، وقد تنضم دول أخرى للصراع وتزيد الأمور تعقيدًا، وتؤدي إلى تطور الأزمة وينقلب الوضع من إقليمي إلى عالمي، وتصبح حربًا عالمية، وهو ما تسعى إيران إليه، بل وتراهن عليه، ومن ثَّم لن تتردد إيران من استهداف حقول النفط مع أول طلقة تُطلق باتجاهها للأسباب التالية:

  • سهولة استهداف مصافي النفط لكبر حجمها وإمكان تدميرها.
  • قرب حقول النفط ومصافي النفط من إيران.
  • تدمير هذه الأهداف الاستراتيجية له تأثير مباشر على الاقتصاد العالمي، وإمكان إقحام أقطاب أخرى لإيقاف المعركة أو لتخفيف الضغط على إيران.
  1. الاستهداف غير المباشر لدول الخليج:

إن نوايا إيران ربما لا تتجه بالفعل نحو الدول الخليجية مباشرة، إذ إن المؤكد هو أنها لا تفكر حاليًا سوى فيما تعده الشيطان الأكبر الذي أصبح على حدودها من الشرق والغرب، ولكونها تمتلك القدرات الصاروخية الاستراتيجية التي تسمح لها بضرب القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان والخليج، وتستطيع ضرب القوات البحرية الغربية بصواريخ مضادة للسفن، وإغلاق المنافذ البحرية بالألغام المضادة للسفن، ما قد يؤدي إلى إغلاق مضيق هرمز في وجه الملاحة، وهو استهداف غير مباشر لدول الخليج العربية.

  1. استهداف القواعد الأمريكية في منطقة الخليج:

إن إيران أكبر بكثير من مجرد قوة نووية محتملة، فهي بلد ذو قاعدة إنتاج عريضة وذو تاريخ في إخفاء نشاطاته يعود إلى أيام الشاه، حتى لو استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية وقف برنامج التسلح النووي الإيراني لبعض الوقت، فسيتطلب الأمر خطة قصف متكرر لتعطيل المجهود الإيراني بكاملة، ومن الأسهل بكثير إخفاء برامج الأسلحة البيولوجية عن برامج الأسلحة النووية.

كما أن إيران تستطيع الرد بقصف مضاد على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الخليج وإسرائيل باستخدام طرق مختلفة، كما أن لإيران أيضًا قدرة على القتال لوقت طويل وشن حروب استنزاف، وبدراسة الاستراتيجية العسكرية التي لا يمكن تجاهلها، فإنه حتى لو كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي الهدف بالنسبة لإيران، فإن طهران ليست لديها القدرة على ضرب الأراضي الأمريكية، وإنما تهديد مصالحها في المنطقة.

  1. استهداف الممرات المائية في منطقة الخليج:

يُعد استهداف الممرات المائية في منطقة الخليج من أبرز الأوراق التي تملكها إيران في حالة استهداف منشآتها النووية، وذلك من خلال سيطرتها على مضيق هرمز، الذي يسمي بؤرة الملاحة الدولية، حيث إنه من أهم الممرات البحرية الدولية لناقلات النفط، وتأثير ذلك على الاقتصاد الدولي وارتفاع أسعار النفط لمستويات لا يمكن التكهن بما تصل إليه في حالة فرض الحصار البحري على مضيق هرمز، وأثر ذلك على الملاحة الدولية، وما قد تسببه من منع مرور ما بين 15 – 16 مليون برميل يوميًا من النفط، وهو ما يعادل 25% من إجمالي الطلب العالمي.

المطلب الثاني: التأثيرات البيئية على نمط حياة الشعوب في منطقة الخليج:

أدى انتشار القدرات النووية إلى بروز تأثيرات بيئية، كتلك الناجمة عن محطات الطاقة سيئة التصميم أو سيئة الإدارة، ومشكلة تصريف النفايات النووية على النحو الذي طرح مشكلات مختلفة تتصل بالحوادث النووية أو التلوث النووي، كما ظهرت مشكلات تهريب المواد النووية أو الاستيلاء عليها والاتجار فيها، إضافًة إلى الانعكاسات المحتملة لعدم الاستقرار السياسي أو الإقليمي عبر العالم بفعل الصراعات المسلحة الدولية والداخلية، فيما يتصل بالمساس بالمنشآت النووية.

اولا: الآثار البيئية المباشرة

تعد دول مجلس التعاون الخليجي في مقدمة الدول التي ستصاب بالضرر المباشر جراء الأسلحة النووية الإيرانية، حيث يقع مفاعل بوشهر الذي يعد أحد أهم مرافق المشروع النووي الإيراني على بعد 280 كم من مدينة الكويت ويعتمد هذا المفاعل بصفة أساسية على تقنيات مستوردة من روسيا التي لا تملك عناصر الأمان النووي المضمونة، وبالتالي فإنه في ظل الحظر الغربي على الآلات والمعدات التي تستخدم في الصناعة النووية ، فإن إيران قد تسعى لإنجاز وإتمام تسلحها النووي اعتمادًا على آلات نووية أقل ضمانًا، ومن ثم تصبح دول الخليج في مرمى الخطر إذا ما حدث تسرب، ومن ناحية أخرى، فإن إيران في محاولتها للتخلص من النفايات النووية قد تتجه إلى التخلص من الماء الثقيل في الخليج، الأمر الذي من شأنه أن يخلق أزمة تلوث لكل دول المنطقة تنتج عن تسرب المواد النووية المشعة في مياه الخليج وتستمر آثارها عشرات السنين.[110]

ثانيا: المخاطر المحتملة للحوادث النووية

إن انتشار القدرات النووية يؤدي إلى بروز مخاطر تتجاوز خطر امتلاك أسلحة نووية، تطرح أبعادًا إضافية يمكن تحديدها على النحو التالي:

  • مخاطر سياسية: تتصل بالتوترات والضغوط السياسية التي يمكن أن تؤدي إليها حالة القلق إزاء احتمالات اتجاه الدول التي تمتلك قدرات نووية نحو إنتاج أسلحة نووية، بما يخلق حالة دائمة من الترقب الإقليمي أو الشكوك المتبادلة.
  • مخاطر عسكرية: تتصل بطبيعة المنشآت النووية بوصفها أهدافًا حيوية، فقد تطرح احتمالات جادة للاعتداء على المفاعلات النووية في حالة الحرب أو التوترات الحادة، وتطرح أيضًا احتمالات إلقاء النفايات النووية المشعة لأغراض عدائية في حالات التوتر المسلح، وهو ما طرح مفاهيم مثل الأسلحة الإشعاعية والحرب الإشعاعية، وهي تهديدات كامنة في الأقاليم التي تشهد انتشارًا للقدرات النووية.
  • مخاطر بيئية: تتصل بمجموعة من المشكلات التي يمكن أن تترتب على انتشار المنشآت النووية في منطقة معينة، مثل تسرب الإشعاعات النووية من المفاعلات والمرافق، أو دفن النفايات النووية علنًا أو سرًا، أو نقلها في ظروف غير مأمونة. وكل ما يتصل بمفاهيم الحوادث النووية أو الكوارث النووية، والتي لا تقتصر آثاره عادًة على الدول التي تقع داخلها، وإنما تمتد إلى الدول المجاورة وحتى للأقاليم البعيدة فإن حدوث كارثة نووية يؤثر على أطراف عديدة في أماكن تبدو بعيدة.
  • مخاطر أخرى: هناك نوع من المخاطر المتصلة بانتشار القدرات النووية، ترتبط بأمن المرافق والمعدات والمواد النووية في الظروف العادية، وفي حالة وجود عدم الاستقرار السياسي داخل الدول على نحو ما طُرح خلال تفكك الاتحاد السوفيتي السابق، وما ارتبط بذلك من مشكلات سيطرة على القوات والقدرات النووية. فقد طرحت نظريًا وعمليًا مشكلات من نوع الاستيلاء على المواد أو المعدات النووية أو تهريبها، من قبل عناصر أو جماعات مختلفة للإتجار فيها أو استخدامها وفقًا لمفاهيم مثيرة، مثل السوق النووية السوداء أو الإرهاب النووي.

وعلي ضوء ذلك تُعد دول مجلس التعاون الخليجي في مقدمة الدول التي سوف تُصاب بالضرر المباشر جراء الأسلحة النووية الإيرانية، حيث يقع مفاعل بوشهر، الذي يُعد أحد أهم مرافق المشروع النووي الإيراني، على الجزء الغربي من الخليج العربي، ويعتمد هذا المفاعل بصفة أساسية على تقنيات مستوردة من روسيا التي لا تملك عناصر الأمان النووي المضمونة، ومن ثم فإنه في ظل الحظر الغربي على الآلات والمعدات التي تستخدم في الصناعة النووية، فإن إيران قد تسعي لإنجاز تسلحها النووي وإتمامه باعتماد آلات نووية أقل ضمانًا، ومن ثم تصبح دول الخليج في مرمى الخطر إذا ما حدث تسرب.

ثالثا: مشكلات النفايات والمياه في منطقة الخليج

قد يكون التلوث غير منظور بدون رائحة أو طعم أو لون، وبعض أنواع التلوث قد لا تتسبب حقيقة في تلوث اليابسة والهواء والماء، ولكنها كفيلة بإضعاف متعة الحياة لدي الناس والكائنات الحية الأخرى.

ويؤدي استخدام الطاقة النووية إلى إنتاج النفايات ذات الفعالية الإشعاعية العالية، فبعد انشطار معظم اليورانيوم – الوقود المستهلك – يُزال من المفاعل ويُخزن في بحيرات تبريد، هذه البحيرات تمتص حرارة الوقود المستهلك وتخفض درجة إشعاعيته، ثم تعاد معالجته من أجل استرجاع اليورانيوم والبلوتونيوم غير المنشطرين واستخدامهما من جديد وقودًا للمفاعل، وينتج عن هذه العملية نفايات ذات فعالية إشعاعية عالية المستوي، تعاد معالجة الوقود المستهلك روتينيًا في مفاعلات برامج الدفاع لاستخدامه في إنتاج الأسلحة النووية.

ووفق ما ذكرته وكالة حماية البيئة، فإن النفايات عالية الإشعاعية الناجمة عن برامج الدفاع تمثل أكثر من 99% من إجمالي حجم في الولايات المتحدة الأمريكية، وإن كلًا من فرنسا وبلجيكا وروسيا والمملكة المتحدة تملك وحدات خاصة بها لإعادة معالجة الوقود المستهلك، وتستخدم اليابان الوقود المُعاد معالجته في أوروبا.

ووفقًا لما ذكرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن تقديرات نهاية عام 1997 تشير إلى أن كمية الوقود المستهلك الناجم عن مفاعلات الطاقة التي تخزن عالميًا، والتي تزيد على 130 ألف طن، تحتوي قرابة ألف طن من البلوتونيوم، كما أن بعض العناصر الموجودة في الوقود المستهلك وفي النفايات مثل عنصر البلوتونيوم، هي ذات فعالية إشعاعية عالية، وتبقي كذلك لآلاف السنين، ولا يوجد حاليًا نظام آمن للتخلص من هذه النفايات، وأن الخطط المقترحة للتخلص من النفايات عالية الإشعاعية وتخزينها لا تضمن حماية كافية للأفراد أو للمياه الجوفية من التلوث الإشعاعي.

ويعد هذا الفرق عن المفاعلات الغربية، والتي تعد أكثر أمانًا من المفاعلات الروسية، فكيف بالتقنية الروسية خارج روسيا نفسها، وخصوصًا في حالة إيران التي لم يتوفر لها المناخ الآمن، بغض النظر عن المهارة التكنولوجية التي تفتقر لها، فسوف تؤثر على تلويث مياه الخليج العربي على النحو التالي:

  • الثروة السمكية: لا شك أن دول الخليج دولًا نفطية بالدرجة الأولى، ولكن صيد الأسماك يُكَون مصدر رزق كبير لأفرادها وخصوصًا أولئك الذين يعيشون في المناطق الساحلية، بالإضافة إلى أن هناك شركات تقوم بمثل هذا العمل، وترى جميع دول الخليج العربي أن من واجبها حماية الثروة السمكية والمحافظة عليها.
  • الحركة الملاحية: يُعد الخليج العربي من أشهر الممرات المائية في العالم وأي تعطيل للحركة الملاحية فيه يؤثر على الاقتصاد العالمي، ونظرًا لهذه المكانة فإن دول الخليج توليه جل اهتمامها وبل وتعده هدفًا قوميًا يجب المحافظة عليه، وفي حالة إصابته بأي تلوث نووي ستتوقف الملاحة البحرية فيه.
  • شواطئ المدن المطلة على الساحل الغربي للخليج: لا تبعد هذه الشواطئ عن المفاعلات النووية الإيرانية، بل إن بعضها أقرب لمفاعل بوشهر من طهران نفسها، وهذا ما يزيد من قلق الدول الخليجية ومخاوفها من أن حدوث أي تلوث لمياه الخليج سيودى بحياة سكان هذه المدن الشاطئية.
  • محطات تحلية المياه: تُعد جميع دول الخليج العربية من أفقر دول العالم مائيًا، ولذلك فهي تعتمد على تحلية مياه البحر اعتمادًا كبيرًا، وتلويث مياه البحر يعني شل هذه الطاقة وإصابة دوله بكارثة مائية.
  • الحياة العامة: لا شك أن التسرب النووي سوف ينتقل من طريق الرياح، وهذا يتوقف على سرعتها واتجاهها، مما يجعل آثاره لا تقتصر على مياه البحر وإنما ستكون له آثار أخرى على البشر، من الموت، إلى التشوهات الخلقية، إلى ما سوى ذلك من أثار سيئة.

ويتضح مما سبق أن دول الخليج العربية تواجه تهديدات خطيرة من امتلاك إيران القدرات النووية التي تمكنها من امتلاك وتصنيع السلاح النووي، نتيجة اختلال توازن القوة في المنطقة، وتسعي إيران للاستفادة من قدرتها النووية في فرض هيمنتها وسيطرتها علي الدول العربية والعمل علي إثارة القلق والاضطرابات داخل دول الخليج العربية لاستغلال الأقليات الشيعية المختلفة في خدمة ما يحقق توجهاتها وأطماعها في المنطقة، مع الحرص علي رضوخ دول مجلس التعاون الخليجي لسلطتها وهيمنتها في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، بحيث تكون لإيران اليد العليا في منطقة الخليج العربي، فمن لا يتعاون مع إيران ويكتسب ودها ويساعد علي تعزيز اقتصادها يتلقى العقاب سواء بشكل غير مباشر بإشاعة الفوضى والاضطرابات أو بشكل مباشر من خلال التدخل العسكري الإيراني بحجة حماية الأقليات الشيعية، مما يحتم تضافر جهود دول الخليج لمواجهة احتمالات هذا الخطر.

المبحث الثاني

الموقف الخليجي والإقليمي و الدولي تجاه البرنامج النووي الإيراني

تمهيد:

على الرغم من أن كافة القوى الدولية والإقليمية، التي تعتبر أطرافًا رئيسية أو ثانوية في الأزمة النووية الإيرانية، كانت تتفق من حيث المبدأ على ضرورة امتناع إيران عن مواصلة أنشطتها النووية المحظورة ووقف عمليات تخصيب اليورانيوم، إلا أنها تباينت في إدارتها للأزمة ليس فقط بحكم تباين مصالحها أو اختلاف علاقاتها مع إيران، ولكن الأهم من ذلك بحكم اختلاف تصوراتها بشأن إدارة قضايا السلم والأمن على الساحة الدولية، وفي القلب منها قضايا منع الانتشار النووي.

المطلب الأول: مواقف دول الخليج تجاه البرنامج النووي الإيراني

أولًا: المواقف الفردية لدول الخليج

بالنسبة للمواقف الخليجية الفردية، لا يوجد موقف خليجي موحد من هذا الاتفاق، فيلاحظ أنه ومع تطورات الأزمة، أخذ التمايز والتباين في المواقف الخليجية يظهر، وليس فقط على مستوى النخب الحاكمة، بل أيضًا على مستوى النخب المثقفة بين من يعلن مخاوفه من البرنامج النووي الإيراني، سواء أكان عسكريًا أو سلميًا، وبين من يحرص على تبديد هذه المخاوف، حيث سارعت الإمارات والكويت وقطر والبحرين للترحيب بهذا الاتفاق، وتمت الإشادة به بدرجات متفاوتة، فقد أكد رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد ترحيب الإمارات بما توصلت إليه طهران والقوى العالمية من اتفاق تمهيدي حول برنامج إيران النووي، وأكدت الكويت مرارًا على حق إيران في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.[111]

  1. موقف البحرين:

أكدت البحرين لمجلس التعاون أن الاتفاق النووي مع إيران يصب في استقرار المنطقة، ورحبت البحرين بالاتفاق الذي “يتماشى مع مواقف مملكة البحرين وسياستها الثابتة بأن الحلول الدبلوماسية هي الطريق الصحيح لضمان الاستقرار وتحقيق السلام والأمن الدوليين”، بحسب بيان رسمي نشرته وكالة الأنباء البحرينية الرسمية.
و قال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إن الاتفاق “مهم ومرحلي سيصب في نهاية الأمر في مصلحة الاستقرار ونزع فتيل أي أزمة وشيكة”، كما أعرب عن أمله في أن “ينجح هذا الاتفاق النووي في إبعاد خطر انتشار أسلحة الدمار الشامل وإنهاء التخوف الموجود من شرور شبح هذه الأسلحة سواء لدى إيران أو أي دولة في المنطقة”، وذلك في تصريحات نقلتها الوكالة الرسمية للمملكة الخليجية، وقد أكدت مرارًا موقفها الداعي إلى جعل المنطقة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وأن شعوب هذه المنطقة في حاجة إلى تكثيف الجهود من أجل التنمية والتطور، مع التأكيد على حق أي دولة أن تمتلك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، والملاحظ أن الدول الخليجية التي يوجد لديها قضايا عالقة مع طهران هي التي بادرت بالترحيب بتوقيع هذا الاتفاق، وهو ما يعكس افتقادها للقدرة على تغيير هذا الواقع الإقليمي أكثر من اقتناعها به.

وقال “خالد بن أحمد” وزير خارجية البحرين، إن انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني موقف قيادي كبير من الرئيس “دونالد ترامب” لصالح أمن واستقرار العالم بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وتشديد العقوبات على النظام الإيراني، وأضاف “إيران تقول: إن الولايات المتحدة تنقض العهود!، لدينا معاهدات عديدة مع الولايات المتحدة تعود لعقود طويلة ولم تنقض أي منها، بل رأينا نقض العهود والكذب والتآمر من النظام الإيراني العديم الثقة، الاتفاق النووي الإيراني ولد هزيلًا وعاش كسيحًا، وأكد أنه كان اتفاق منقوصًا أطلق يد إيران للعبث بأمن واستقرار المنطقة واليوم سقط والحمد لله”.

  1. موقف سلطنة عمان:

كانت سلطنة عمان طرفًا وسيطًا بين إيران والولايات المتحدة في المحادثات الرسمية، وكانت لديها مصلحة مشتركة في الوصول إلى حل سياسي للأزمة، وأكدت أن ذلك سينعكس على الاستقرار في المنطقة وهي بداية لحلول سلمية لمشاكل المنطقة، وأن دول الخليج لها مصلحة استراتيجية في استقرار الأوضاع.

أعلن وزير خارجية سلطنة عمان، بدر البوسعيدي، أنّ “مسقط تشجع على استمرار السياسة الإيرانية الحكيمة والإيجابية، في ما يتعلق بالتواصل والحوار والاتفاق على القضايا المتنازع عليها بشأن الاتفاق النووي “، وقال البوسعيدي إنّه “تمّ إجراء محادثات مفيدة للغاية تعود بالنفع بشكل أساسي على العلاقات الثنائية الطيبة بين إيران وسلطنة عمان”، وأشار أن هذه المحادثات “ستكون مثمرة أيضًا على صعيد السلام والاستقرار والأمن في المنطقة والعالم”.

ويقول الوزير المسؤول عن الخارجية العمانية “يوسف بن علوي” نحن ضد أي نشاط يستهدف إنتاج أسلحة نووية في المنطقة أو أي أسلحة دمار شامل أخرى في الخليج، نحن دول ليست كبيرة وبالتالي ينبغي أن نبتعد عن أي صراع بين الكبار، وأضاف :” أن البرنامج النووي الإيراني هدفه سلمي لأن إيران تسعى إلى إنتاج طاقة كهربائية بحدود 20 ألف ميجاواط”.

  1. الموقف السعودي:

الموقف السعودي قد غلب عليه التوجس الصريح في بداية الإعلان عن الاتفاق النووي، ثم حدث تحول في الخطاب الرسمي السعودي إلى القبول المشروط حيث أكدت الحكومة السعودية أنه إذا توافر حسن النوايا فيمكن أن يشكل هذا الاتفاق خطوة أولية في اتجاه التوصل لحل شامل للبرنامج النووي الإيراني، فيما إذا أفضى إلى إزالة كافة أسلحة الدمار الشامل، وخصوصًا السلاح النووي من منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، على أمل أن تستتبع ذلك المزيد من الخطوط المهمة المؤدية إلى ضمان حق كافة دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية[112].
تصدرت المملكة العربية السعودية حملة المعارضة والقلق الخليجية من البرنامج النووي الإيراني، وإن كانت الرياض لا ترغب في توقيع عقوبات على إيران وتعارض بشدة أي عمل عسكري ضدها، وهذا ما صرح به وزير الخارجية السعودي الأمير “سعود الفيصل” الذي لم يتردد في تحميل الغرب المسؤولية عن تطور طموحات إيران النووية بسماحه لإسرائيل بامتلاك السلاح النووي، وأكد الفيصل على ضرورة الحل الدبلوماسي للأزمة، ودعا الفيصل الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى إتباع سياسة معتلة كما دعا إلى جعل منطقة الخليج خالية من أسلحة الدمار الشامل.

ففي ديسمبر (2007)، أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت وعمان وقطر والبحرين، عزمها على البدء في برنامج مشترك لتطوير الطاقة النووية، كما صرح البيان الصادر عقب اجتماعهم المقترح أيضًا بحق أي دولة في استهلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، كما اتخذ قادة دول مجلس التعاون الخليجي خطوات لتهدئة أي مخاوف للمجتمع الدولي من خلال اجتماع مع الوكالة الدولية لضمان أن ينظر إليها على أنها أنشطة سلمية والتي تدخل في نطاق القانون الدولي إلى مدى قد ذهب لتقليل الخوف والشك بشأن نواياها النووية، إلا أنه وبعد امتلاك إيران للسلاح النووي وتبنيها للبرنامج النووي ، فقد أصبحت تشكل مصدرًا يهدد أمن وموقع ومصالح المملكة العربية السعودية في المنطقة.

  1. الموقف الكويتي:

شن “ريتشارد ليبرون” سفير الولايات المتحدة في الكويت في عام (2005) وأثناء زيارة السيد حسن روحاني السكرتير الأعلى لمجلس الأمن القومي لدول الخليج هجومًا حادًا على إيران على خلفية مواصلتها لبرنامجها النووي وحيازتها لأسلحة الدمار الشامل وتدخلها في العراق وإعاقتها لعملية السلام في الشرق الأوسط ورعايتها للإرهاب، وهو ما أثار ردود فعل واسعة النطاق داخل الكويت يأتي في مقدمتها تصريحات “جاسم الخرافي” رئيس مجلس الأمة الكويتي الذي انتقد تدخل السفير الأمريكي في الكويت في الشؤون الداخلية للدولة قائلاً: ” يجب على الجميع عدم التدخل في خصوصياتنا مثلما نحترم آراء الآخرين ولا نتدخل في خصوصياتهم”. [113]

وعلى الرغم من قلق جميع المسؤولين في الخليج العربي مما يتعلق بطموحات إيران النووية بالإضافة إلى شكهم الذي دام من أغسطس (2002) وحتى أواخر (2005) في النوايا الإيرانية، إلا أنهم لا يزالون صامتين ومترددين حتى الآن فقد أزعجهم ما فعلته إيران والأحداث التي جرت في العراق، وفي كلمة وجهها سمو الشيخ “صباح الأحمد الجابر الصباح” لرؤساء تحرير الصحف الكويتية بتاريخ 19-9-2007 حدد موقف دولة الكويت من هذا البرنامج في ثلاثة مبادئ هي:

  • تشجيع الحل السلمي وتفضيله على الحل العسكري للأزمة.
  • الرغبة في تعاون إيراني كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
  • المطالبة بشرق أوسط خالي من أسلحة الدمار الشامل.

والواقع أن الكويت شأنها شأن كافة دول منطقة الخليج العربي تضع خطًا فاصلًا بين موضوعين:

  • الملف النووي الإيراني والمفاعل النووي الإيراني. الملف النووي الإيراني يتعلق بما تجربه إيران من أبحاث في مجال تخصيب اليورانيوم، والفلق الذي يترتب على إنتاج إيران للقنبلة النووية.
  • أما المفاعل النووي الإيراني فيعكس قلقًا لدى الدول المجاورة والمحيطة من خطر تسرب إشعاعات نووية تؤثر في البيئة والإنسان والثروات المائية والزراعية والحيوانية في المنطقة، ومعلوم أن أي تلوث لمياه الخليج تصب مباشرًة في تهديد حياة البشر الذين يعتمدون على تحلية المياه من البحر بشكل أساسي كمصدر للحصول على الماء العذب وتبنى المفاعلات النووية عادًة على المياه، ولأي سبب من الأسباب كالزلازل وإيران داخل حزام الزلازل كما نعلم أن لسوء حالة المفاعلات التي تعتمد فيها إيران على التقنية الروسية، فإن أمر التسرب الإشعاعي لا يكون مستبعدًا، ومن ثم فإن مخاوف الكويت وغيرها من الدول الغربية تصبح منطقية ومشروعة.

هذا وقد كانت مواقف دولة الكويت الرسمية والشعبية أكثر حدة، ففي تصريح له اعتبر وزير الخارجية الكويتي الشيخ “محمد صباح السالم الصباح: ” أن إيران تشكل خطرًا استراتيجيًا بعيد المدى على دول الخليج في ضوء تطويرها أسلحة دمار شامل، مضيفًا أن “هذه مسألة خطيرة”، ومن جانبها ناقشت لجنة شئون البيئة في مجلس الأمة الكويتي، تقارير بشأن المخاطر البيئية التي يمثلها المفاعل النووي الإيراني في منطقة بوشهر، وهو الأمر الذي أكده النائب محمد الصقر رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الأمة بالقول : “هناك هواجس من المفاعلات النووية القائمة على شواطئ الخليج مثل مفاعل بوشهر الموجود على بعد يتراوح بين 225 – 250 كيلومترًا من الكويت ووسائل الأمان فيه.[114]

  1. موقف الإمارات العربية المتحدة:

على الرغم من النزاع الطويل التي شهدته العلاقات الإيرانية الإماراتية حول الجزر الإماراتية، بالإضافة إلى القطيعة الدبلوماسية فيما بينهم، إلا أن الإمارات أبدت وبشكل صريح عن رغبتها في عودة العلاقات فيما بين الدولتين، فهي تتبع في سياستها مع إيران سياسة التهدئة واتباع كل الوسائل الدبلوماسية التي من شأنها ضمان أمن استقرار المنطقة، ولكن من المرجح أنه في ظل تمسك إيران ببرنامجها النووي وعدم وضوح حسن نواياها تجاه المنطقة، بالإضافة إلى عودة المباحثات بشأن الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الغربية، أن تتحول سياسة الإمارات من التهدئة إلى الحذر والحيطة مع ضمان استمرار العلاقات الدبلوماسية فيما بين الطرفين.

  1. الموقف القطري:

أكد أمير دولة قطر خلال إحدى زياراته للولايات المتحدة : “إننا في قطر لا نريد رؤية الأسلحة النووية في منطقة الخليج”، وذلك دون الإشارة صراحًة إلى إيران “، وعلى الرغم من وضوح النوايا العسكرية من ناحية إيران تجاه دولة البحرين النظير الإقليمي لدولة قطر، حيث أن وقوع أي ضرر في البحرين من شأنه أن يؤثر وبشكل كبير على قطر، إلا أن قطر كانت تنتهج سياسة التهدئة مع إيران، وكانت تمتنع عن التصويت على أي عقوبات تفرض على إيران من جانب مجلس الأمن، بالإضافة إلى ذلك فإن قطر تمتلك أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة إلا أنها ورغم ذلك متمسكة بعلاقاتها الحميدة مع إيران، فهناك نشاط تجاري ودبلوماسي كبير فيما بين البلدين، كما أن قطر لم تبدي أي توجس من ناحية الاتفاق النووي الإيراني، لذلك فمن المتوقع أن قطر ستتمسك بدور الوسيط بين الدول الخليجية وإيران مستقبلًا.

محددات الموقف الخليجي:

مما لا شك فيه أن دول الخليج تدرك أن تطوير القدرة النووية الإيرانية يعد عاملاً آخر من عوامل عدم الاستقرار التي تهدد المنطقة ولا يمكن توقع نتائجه سواء حاليًا أو على المدى البعيد، ومع التسليم بتلك القناعة إلا أن الدول الخليجية لم تعد آلية واضحة للتعامل مع تلك القضية حال تصعيدها وهو أمر محتمل، ويبدو أن هذه الدول ترى إنهاء هذا -الملف من خلال وسائل الضغط الدبلوماسية.

وهنا ينبغي التمييز بين موقف مجلس التعاون الخليجي وموقف دول الخليج، بالنسبة لموقف مجلس التعاون الخليجي كمؤسسة إقليمية، فقد غلب عليه فكرة “الموافقة المشروطة” حيث رحب المجلس الوزاري الخليجي بالاتفاق بين الدول الكبرى وإيران بشأن برنامجها النووي، على أن يكون مقدمة للتوصل إلى حل شامل لهذا الملف، ودعا المجلس إلى التعاون التام مع وكالة الطاقة الذرية.

والتوصل لمرحلة جديدة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران مبنية على عدم التدخل وحسن الجوار وعدم استخدام القوة أو التهديد بها ومن هنا يمكن القول، أن موقف دول مجلس التعاون الخليجي من قضية البرامج التسليحية الإيرانية وبخاصًة البرنامج النووي يتسم بشيء من الغموض والتردد وذلك بالرغم من الاهتمام العالمي الذي يحظى به المشروع النووي الإيراني؛ ففي القمة الخليجية التي انعقدت في أبو ظبي أواخر 2005، تجنب رؤساء الدول الخليجية مواجهة إيران بصورة مباشرة في موضوع برنامجها النووي، وذلك بالرغم من الاتهامات الغربية التي تقول بأن طهران قد أصبحت قريبة جدًا من صنع أول سلاح نووي.

ثانيًا: موقف مجلس التعاون الخليجي تجاه البرنامج النووي الإيراني

في خضم الأزمة المتصاعدة حول البرنامج النووي بين إيران والمجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصًا بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 1737 في 23 ديسمبر 2006، والقاضي بفرض عقوبات على إيران، تجد دول الخليج نفسها أمام مأزق الخيارات المتناقضة، فهي من ناحية مدفوعة بفعل الأخطار الأمنية والبيئية المحتملة لهذا البرنامج، تبني سياسة متشددة تجاهه تقوم على رفض فكرة نشوء دولة نووية جديدة في المنطقة، وتدعيم التعاون العسكري مع الغرب وخصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها من ناحية أخرى لا تتحمل التداعيات الخطيرة لأية مواجهة عسكرية قادمة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، لأنها تدرك أنها سوف تكون أول من سيدفع ثمنها.[115]

ومع التسليم بطبيعة تلك العلاقات الخليجية – الإيرانية التي شهدت حالات من المد والجزر منذ قيام الثورة الإيرانية وحتى الآن وفقًا للمتغيرات الإقليمية والدولية، فإنه لا يمكن تفسير طبيعة ومسار تلك العلاقات بعيدًا عن الدور الأمريكي في المنطقة، حيث أن له تأثيرًا واضحًا على مسار هذه العلاقات، الأمر الذي يعد معضلة رئيسية تواجه دول مجلس التعاون الخليجي.

وكان من المفترض أن تلعب دول مجلس التعاون الخليجي وهي: المملكة العربية السعودية، قطر، البحرين، الإمارات، الكويت، عمان دورًا رئيسيًا في مفاوضاتها مع إيران والتي تهدف إلى إقناعها بالتخلي عن فكرة استكمال دورة تخصيب اليورانيوم، ولكنهم حتى الآن لا يزالون على هامش تنفيذ هذا الهدف، ويبدو لنا من الوهلة الأولى أن التحرك السلبي من قبل قادة مجلس التعاون يشوبه نوع من عدم الصحة والصواب.

وأحدثت مفاجآت إيران النووية المتتالية انقسامًا على مستوى الرأي العام العربي عامًة والخليجي خاصًة، حيث كان هذا التفاوت واضح التأييد والرفض لإعلان إيران تخصيب اليورانيوم، فالمؤيدون بنوا مواقفهم استنادًا إلى حقائق عديدة منها أن إيران لم تمتلك أسلحة نووية بعد، فكل ما فعلته إيران هو تخصيب اليورانيوم بنسبة (3.5) إلى (4) في المائة وهذه النسبة لا تمكنها بأي حال من الأحوال من إنتاج القنبلة الذرية، كما أن مفاعل إيران النووي (بوشهر) لا يمكن استخدامه وسيلة لتهديد الدول المساندة له على الجانب الأخر من الخليج، لكنه قد يسبب أخطارًا في حالة حدوث تسرب إشعاعي منه، أو تعرضه للعدوان الخارجي، وأكثر من ذلك سعي إيران إلى طمأنة دول الخليج العربية، بأن البرنامج الإيراني لا يشكل تهديدًا لها. [116]

وحاول المسؤولون الإيرانيون تكرار التأكيد على سلمية نواياهم، وهو ما بدأ جليًا في قيامهم بزيارات دورية لدول الخليج العربي للتأكيد على صحة هذه الفكرة، ويبدو أن الدول المجاورة لإيران والأكثر قربًا منها لن ترضى أن تقف موقف المشاهد، وفي الوقت نفسه فإن تراخي وتكامل دول الخليج العربي يعكس كلاً من عدم ثقتهم في إيران بالإضافة إلى اعتمادهم الكلي على الولايات المتحدة باعتبارها الضامن الوحيد لأمنهم، كما تصدرت قضية التسلح الإيراني وخصوصًا البرنامج النووي أجندة مجلس التعاون الخليجي في قمته السادسة والعشرين التي عقدت في أبو ظبي في ديسمبر (2005)، حيث استقطبت هذه القضية اهتمام الدول الخليجية كافًة خلال هذه القمة، وهو ما عبر عنه أمين عام مجلس التعاون الخليجي بالقول” مجلس التعاون لا يريد سباقًا نوويًا في هذه المنطقة”.

و لكن البيان الختامي لم يترجم هذه المخاوف بشكل مباشر بل أشار إلى إسرائيل تحديدًا أو المنطقة عمومًا حيث طالب المجلس إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع كافة منشأتها النووية لنظام التفتيش الدولي التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وجدد المجلس الأعلى للقمة الخليجية مطالبته بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل بما فيها منطقة الخليج العربي، وهذه الصياغة التي عكست فجوة كبيرة بين ما أثير قبيل الاجتماعات وما نص عليه البيان تعزى لعدة أسباب:

  • أولاً: رغم إجماع الدول الخليجية الست على المخاطر النووية الإيرانية، فإنها تتمتع مع الأخيرة بعلاقات طيبة على الأصعدة السياسية والاقتصادية وهي سمة تميز العلاقات الإيرانية الخليجية، فهي وإن توترت على المستوى السياسي فإنها تشهد نموًا واضحًا على المستوى الاقتصادي، فحجم التبادل التجاري بين الكويت وإيران بلغ (180) مليون دولار عام (2003)، كما بلغ حجم التبادل التجاري بين ايران والمملكة العربية السعودية بليون ريال سعودي خلال عام (2004)، وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة ثالث أهم الأسواق بالنسبة لإيران حاليًا كما أن الإمارات العربية تعد خامس دولة في تزويد إيران بالبضائع.
  • ثانياً: يبدو أن الدول الخليجية لم تشأ أن تنتهج خيار التصعيد مع إيران تلك الدولة ذات (70) مليون نسمة وهي جار أبدي لدول المجلس ولديها برامج عسكرية متطورة خاصة وأن دول الخليج لا تزال تعاني من تداعيات الملف العراقي وتدرك جيدًا مدى النفوذ الإيراني فيه، وبالتالي فإن التصعيد ضد إيران لم يكن خيارًا صحيحًا.[117]
  • ثالثًا: يوجد لدى دول الخليج العربية إدراك جماعي بخطورة الملف النووي الإيراني بالنسبة لأمنها القومي، ولهذه المخاوف ما يبررها لاسيما وأنها أضحت محاطة بدول ذات طموحات نووية (الهند، باكستان إسرائيل ايران )،ومن ثم فإن الموقف الخليجي لم يتجاهل الإشارة إلى القضية النووية ولم يشر إلى إيران تحديدًا وإنما أشار إلى ضرورة جعل المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وهذا ما عادت به القمة الخليجية في الرياض 9 ديسمبر (2006) لتؤكد عليه.

حيث صرح الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد الرحمن العطية أن دول مجلس التعاون ليست ضد امتلاك إيران لأي مشروع نووي مخصص للأغراض السلمية وأن دول مجلس التعاون لا تسعى للسباق النووي ومن حقها، كما هي الحال بالنسبة لإيران الحصول على الطاقة النووية السلمية، بدلًا من ترك إسرائيل تنفرد بالمنطقة وتفرض تحديات تتطلب المواجهة، كما طالب العطية بضرورة الضغط على إسرائيل التي تستحق العقوبة لرفضها فتح منشأتها النووية للتفتيش الدولي رغم المطالبة المتكررة، الأمر الذي يعكس ازدواجية في المعايير لدى الولايات المتحدة وأوروبا والمجتمع الدولي.

وهناك توافق بين دول المجلس حول مبادئ عامة حاكمة للموقف الخليجي من الطرف النووي الإيراني، وعلى الأخص قناعة هذه الدول بوجود أرضية مشتركة ومصلحة عليا موحدة في دعم سياسة الدول الغربية الهادفة إلى تجريد إيران من قدراتها النووية التدميرية الراهنة أو المستقبلية ( الكامنة أو المحتملة)، ولاشك أن صدور ذلك التقرير بهذه الصورة يجعل الكثيرين يستعيدون من ذاكرة الماضي، تلك المرحلة التي سبقت الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق حين لعبت المخابرات الأمريكية بالتعاون مع الاستخبارات البريطانية الدور الأهم في اتخاذ قرار الغزو عندما قدمت أدلة وتقارير بناء على ضغوط من الإدارة ثبت زيفها فيما بعد على امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، فقد أرادت المخابرات الأمريكية بتقريرها الأخير أن تنأى بنفسها عن التورط في تقديم آية تقارير أو أدلة مشبوهة ضد طهران يمكن أن تستغل في تبرير القيام بعمل عسكري ضدها، ومن ثم توريط الولايات المتحدة في مستنقع جديد مثلما حدث في العراق من قبل. [118]

كما عكس البيان الختامي الحادي والثلاثين لمجلس دول التعاون الخليجي في أبو ظبي (2010) لقادة دول مجلس التعاون الخليجي العربي الست ضرورة إبداء حسن النوايا تجاه ايران، والحث على استمرار المشاورات بين الدول الغربية وطهران بهدف التوصل إلى حل سلمي للملف النووي الإيراني كما عبر المجلس عن أمله في أن تسعى كافة الأطراف المعنية إلى التوصل إلى تسوية سياسية تبدد المخاوف والشكوك حول طبيعة هذا العلف وتحقق أمن واستقرار المنطقة وتكفل حق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية في إطار الاتفاقية الدولية ذات الصلة ووفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحت إشرافها وتطبيق هذه المعايير على جميع دول المنطقة دون استثناء بما فيها إسرائيل.

كما تضمن البيان الإقرار بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية السلمية للاستخدام السلمي التي ستشكل تحديًا للمنطقة خلال السنوات المقبلة مع استخدام كافة وسائل الضغط السلمية لإخلاء منطقة الخليج من أسلحة الدمار الشامل للجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها ايران ودعوة إيران إلى الاستجابة،  وتسعي الإمارات والمجتمع الدولي لحل القضية عن طريق التفاوض.

مما لا شك فيه أن دول الخليج تدرك أن تطوير القدرة النووية الإيرانية، يُعد عاملًا آخر من عوامل عدم الاستقرار التي تهدد المنطقة، ولا يمكن توقع نتائجه سواء حاليًا أو على المدى البعيد. [119]

ويلاحظ أن هناك مطالبة خليجية لإيران بإنهاء البرنامج النووي، بيد أن هذه المطالبة لم تكن مباشرة، ومن خلال استقراء التصريحات الخليجية الرسمية ، يلاحظ أن هناك موقفًا رسميًا خليجيًا معلنًا إزاء برنامج إيران النووي ، مفاده رفض امتلاك الجمهورية الإسلامية لقدرات نووية، إلا أن هذا الموقف لم يتخذ جانب التحرك العملي، حتى أنه خلال زيارة جون بولتون للمنطقة ، فإن تلك الدول اقتصر دورها على المداولات والمناقشات مع الجانب الأمريكي، مع إمكانية قيام بعض الأطراف بدور الوساطة بين طهران وواشنطن لتأمين المحادثات بينهما، وينبغي التأكيد على أن المواقف الخليجية تجاه إيران تنطلق من اعتبارات عدة منها المصالح المتبادلة مع إيران على الصعد الاقتصادية والسياسية:-

  • على الصعيد الاقتصادي:

على الرغم من التباينات السياسية بين إيران والدول الخليجية ، إلا أن التعاون الاقتصادي كان أحد أهم عوامل التقارب بين الجانبين، حيث تعد تلك الدول أكبر الشركاء التجاريين لإيران، ولم تقتصر العلاقات الاقتصادية بين الجانبين على التبادل التجاري، حيث بدأت كل من الكويت وإيران بحث مشروع نقل المياه الإيرانية إلى دولة الكويت، كما أن المشروع سوف يتيح لإيران استثمار مصادر المياه بشكل أمثل كما يتيح جذب الاستثمارات لإيران، فضلًا عن تخفيف الاعتماد على النفط والغاز لزيادة العائدات.

  • على الصعيد السياسي:

على الرغم من أن العلاقات الإيرانية- الخليجية قد شابها بعض التوتر منذ قيام الثورة الإيرانية وما تبعها من تداعيات، حيث كان التوتر هو السمة السائدة في العلاقات بين الجانبين، إلا أن بعض الدول الخليجية قد حافظت على علاقة قوية مع إيران، وتعكس الملامح العامة للتفاعلات السياسية السابقة بين إيران والدول الخليجية الست حرص إيران على توطيد العلاقات مع تلك الدول حتى في ظل وجود خلافات أو تباينات في وجهات النظر بين الجانبين.

وفي هذا الصدد حرصت إيران على طمأنة جيرانها الخليجيين بشأن برنامجها النووي، حيث قام حسن روحاني كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين بجولة في دول مجلس التعاون الخليجي خلال شهر يونيو 2005 استهدفت التأكيد على الأغراض السلمية للبرنامج النووي الإيراني، فضلاً عن أن هذا البرنامج يتفق مع القوانين الدولية، وهو الأمر الذي وجد تفهمًا خليجيًا.

ونخلص مما سبق إلى أن الدول الخليجية الست، بالرغم من قلقها من البرنامج النووي الإيراني فإنها لن تستطيع المشاركة في أي عمليات ضد إيران دون قرار واضح من مجلس الأمن، وذلك انطلاقًا من العلاقات المتنوعة بين طهران والدول الخليجية الست، وأن هناك ثلاثة مواقف خليجية مختلفة، فالتوافق بين دول الخليج حول إيران والثورات العربية والملفات الإقليمية بل والوحدة الخليجية غير قابل للتحقق في بعض الأحيان، وهو ما برز في التنافس القطري الإماراتي خلال الثورة في ليبيا، أو التنافس القطري السعودي في سوريا أو امتناع الكويت عن المساهمة بصورة جدية في قوات درع الجزيرة العربية أثناء تفاقم احتجاجات البحرين، أو خروج سلطنة عمان عن القاعدة من خلال العلاقات الوثيقة مع طهران.

المطلب الثاني: المواقف الإقليمية من الملف النووي الايراني [120]

أولًا: الموقف الإسرائيلي:

يمكن التعرف على الاستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع البرامج النووية في منطقة الشرق[121] الأوسط من خلال عدة مرتكزات دأبت على ممارستها في تعاملها مع هذه المواضيع وتحديدًا مع الدعوة إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، والتي تتمثل في رفض الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ورفض النقاش حول أسلحتها النووية، والقول بأن التفاهم حول تلك الأسلحة سيتم بعد إقرار السلام في المنطقة، والتركيز على إجراءات بناء الثقة بين أطراف الصراع في المنطقة، والحديث عن أولوية التفاوض حول الأسلحة التقليدية وحجم الجيوش العربية، وليس أسلحة التدمير الشامل.

وتمثلت الصعوبة الثانية في عدم اشتراك بعض الوفود العربية في مثل هذه المفاوضات، وتحديدًا وفدي سوريا ولبنان اللتين أكدتا على ضرورة التوصل إلى اتفاقات على المسارات الثنائية المتعلقة بعملية السلام أولاً، ويبرز انعكاس آخر للاستراتيجية الإسرائيلية هذه في هذا المجال في عدم الاتفاق على نوعية الحظر لأسلحة الدمار الشامل، فترى إسرائيل البدء بالأسلحة الكيمائية، ثم البيولوجية، ثم النووية، بينما تركز الدول العربية على السلاح النووي أولاً نظرًا لامتلاك إسرائيل له.

ويُعد أحد الأهداف الرئيسة للاستراتيجية النووية الإسرائيلية هو عدم السماح بوجود أي قوة ضمن ما تسميه ب ” المجال الحيوي لإسرائيل ” تقوم بتهديد أمن هذه الدولة، وقد تجسد هذا المفهوم بصورة أكثر وضوحًا منذ بداية الثمانينيات، طبقًا لمبدأ (مناجم بيغين) الذي أعلنه بعد ضرب المفاعل العراقي في 7 يونيو 1981م، والذي يحدّد المجال الحيوي لإسرائيل بجميع الدول العربية، فضلاً عن باكستان وإيران وتركيا وحتى شمال أفريقيا، وينطلق من أن تحقيق أمن إسرائيل يعتمد على حرمان أي من هذه الدول من امتلاك آية قدرات نووية أو صاروخية بعيدة المدى، أو حتى معرفة تكنولوجية متقدمة، حتى لو استخدمت إسرائيل القوة العسكرية لتنفيذ ذلك، وهو ما عبر عنه (أرييل شارون عام 1981م وكان آنذاك وزيرًا للدفاع في حكومة بيغين صراحة بقوله : إن منطقة الأمن الإسرائيلي تمتد من باكستان حتّى شمال أفريقيا، ومن تركيا حتى الخليج العربي، ومن حق إسرائيل أن تضرب أي قوة مناوئة لها في هذه المنطقة.

إن المحللين الإسرائيليين يؤكدون أن ارتباط الأمن بالسلاح النووي لن ينفك أبدًا، إذ إنَّه هو الضمانة الوحيدة للأمن، ونذكر رد محلل إسرائيلي بشأن انضمام إسرائيل إلى معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية؛ حيث قال: إن إسرائيل لن تفرط في السلاح النووي تحت أي ظرف من الظروف؛ حيث إن هذا السلاح ووسائل استخدامه من صواريخ أريحا متوسطة المدى وبعيدة المدى هي الضمان لأمن إسرائيل، وليس الأرض وفضلاً عما يحققه السلاح النووي لإسرائيل من أمن نفسي كونه وسيلة لردع العرب عن إعلان الحرب الشاملة ضد إسرائيل، فإنَّه يحقق لها أيضًا أمنًا نفسيًا تجاه العالم أجمع، وهو ما أشار إليه أحد الباحثين الإسرائيليين بقوله : “إن القدرة النووية تشكل بالنسبة لها ضمانًا وعنصر اطمئنان في حالة انقلاب السياسة العالمية والإقليمية ضدها”.

إن الحرص الشديد من جانب إسرائيل على أن تكون القوة العسكرية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط هي ما تحكم نظرة إسرائيل إلى البرنامج النووي الإيراني، وأن الاستراتيجية الإسرائيلية تهدف إلى أن تكون الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تملك السلاح النووي، فهي منذ سنوات تسعى إلى إثارة الرأي العام ضد إيران، كما استغلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر لتحريض الإدارة الأمريكية وجرّ الولايات المتحدة إلى مواجهة معها لتدمير قوتها النووية، كما يرتبط القلق الإسرائيلي من القدرات النووية الإيرانية بالقوة العسكرية لإيران، وخصوصًا بعد تجربة إطلاق صاروخ زلزال” الإيراني”، والذي يستطيع حمل (800) كيلوجرام من المتفجرات، ويصل مداه إلى (900) ميل، إضافًة إلى نجاح إيران في تجربة إطلاق صاروخ شهاب في يوليو 2000م، الذي يصل مداه حوالي (800) ميل، وينطلق بسرعة (4320) ميل في الساعة، ويستطيع حمل (1000) كيلو جرام من المتفجرات، وأن صاروخ شهاب قادر على ضرب أهداف في عمق إسرائيل”.

وترى إسرائيل أن الخطر الإيراني المتمثل في برنامجها النووي يُشكل تهديدًا جديًا، ليس لها فحسب وإنما لدول أخرى في أوروبا وأماكن أخرى من العالم، وهو ما يتطلب من العالم اتخاذ الخطوات الفعالة لكبح هذا التهديد، فإيران تزعزع الاستقرار في المنطقة والعالم بأسره، وهي صلب المشكلة ولب الخطر، هناك أهمية لأن يرى المجتمع الدولي أيضًا أن التهديد الإيراني ليس موجهًا نحو إسرائيل فحسب، إنما أوروبا أيضًا، التي عليها أن تدرك بأن إيران النووية قادرة على ضرب برلين وباريس وجنوب روسيا أيضًا، ومن هنا؛ علينا أن نعمل لتحويل الموضوع إلى مجلس الأمن لتترك إيران خطط تسلّحها النووي.

 

أما ما يجعل من المخاوف الإسرائيلية مخاوف جدية فهو أن الدولة التي تتوصل إلى مرحلة القدرة على تخصيب اليورانيوم مثل إيران ستكون قادرة فعليًا على إنتاج السلاح النووي متى أرادت ذلك، وفي الآونة الأخيرة صعدت إسرائيل حربها الإعلامية ضد البرنامج النووي الإيراني قائلة إن الإيرانيين سيمتلكون بنهاية هذا العام التكنولوجيا اللازمة لصنع قنبلة نووية، وينتجونها خلال ثلاثة أعوام من الآن.

وعلى الرغم من أن إيران لم تمثل تهديدًا مباشرًا على إسرائيل حتى في فترة الثورة الإيرانية، فإن إسرائيل لا تدخر جهد في التهديد صراحًة وضمنًا بمهاجمة منشآت نووية إيرانية، وذلك في أعقاب إثارة الاتهامات ضد إيران بأنها تسعى لامتلاك قدرات عسكرية نووية، وكان آخرها ما كشفت عنه تقارير صحفية من أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) قد تلقى أوامر في أغسطس الماضي لإجراء دراسة حول سبل ضرب أكثر من ستة مواقع نووية في إيران، وأن فريقًا من الموساد وضع مشروع خطة لعدة سيناريوهات لشن غارات بواسطة طائرات أف (16) القاذفة المقاتلة لتدمير المواقع في وقت متزامن وبالكامل. [122]

وقد يبدو من المستبعد أن يكون الحال لدى إسرائيل كما هو الحال بالنسبة لإيران، وفي ضوء الحالات العدائية المعلنة بينهما على مدى المستقبل المنظور، على الأقل مع وجود مسار متوازن تبقى فيه المؤسسة الدينية الإيرانية ونهجها الإيديولوجي المتشدّد في عدائه لإسرائيل والرافض لوجودها على أسس عقائدية، نقول أن من المستبعد في مثل هذا الظروف أن تلجأ إسرائيل إلى البحث عن حلول أو سيناريوهات دبلوماسية لما يتعلق بقضية الملف النووي الإيراني، ولكن من الممكن أن تمارس إسرائيل ضغوطًا دبلوماسية عبر قنواتها المباشرة أو عن طريق الولايات المتحدة أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتعطيل أو وقف البرنامج النووي الإيراني، وهي قد مارست هذا الدور بالفعل من خلال الوسائل الآتية:

  • تحريض الولايات المتحدة على الضغط على إيران للتعامل بجدية وحدية أكبر معها، خاصًة فيما يتعلق ببرنامجها النووي، وتحريض العديد من الدول الممثلة في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الدولية لإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي بهدف فرض نظام للعقوبات ضد إيران.
  • قد تعمل إسرائيل على دعم أي فرصة للحوار يمكن أن تتم بين إيران والولايات المتحدة وروسيا، وأن هناك من الإيرانيين المعتدلين والإصلاحيين، يدعون إلى انتهاج مثل هذا السبيل، إذ إن من شأن ذلك أن يخفف من حدة التوتر القائمة بين إيران وإسرائيل، وربما تنسحب على قضية الملف النووي الإيراني.
  • الضغط على الدول التي تقدم المساعدات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وحثها على وقفه، وفي مقدمة تلك الدول روسيا.
  • عقد تحالفات إقليمية إسرائيلية مع الدول المجاورة لإيران، ولا سيما تلك التي تملك قدرات نووية مثل الهند.
  • تكثيف الحملة الإعلامية المضادة لإيران ولبرنامجها النووي، ولا سيما لدى الرأي العام الغربي.

ويحرص المسئولون العسكريون والسياسيون في إسرائيل على تجنب التطرق إلى احتمالات توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية إلى المنشآت النووية الإيرانية، وتشير العديد من الدراسات الإسرائيلية إلى أن إيران تشكل خطرًا نوويًا عظيمًا على إسرائيل ويجب مواجهته باستراتيجيات واضحة ومحددة سواء سياسيًا أو عسكريًا وبالتعاون مع الدول الكبرى، وخصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية، وقد توصل المحللون الإسرائيليون إلى أن سياسة إسرائيل طويلة المدى القائمة على الردع الغامض من الممكن أن تستبدل باستراتيجية أخرى لمواجهة الخطر النووي الإيراني وتتمثل هذه الاستراتيجية بالقدرة على توجيه ضربة عسكرية ثانية (القدرة على تحطيم العدو بعد امتصاص ضربته الأولى) والانتقال لهذه الاستراتيجية يتطلب القيام باختبارات عدة، كما لاحظ المحللون الإسرائيليون أن مساعي إيران لامتلاك أسلحة نووية من الممكن أن يؤدي إلى الدخول في سباق تسلح إقليمي كبير في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية.[123]

ولقد كانت وجهة النظر الإسرائيلية إلى التهديد الإيراني خلال الحرب العراقية الإيرانية وإلى حد ما بعد حرب الخليج الثانية تستند على أنه لا يشكل خطرًا مباشرًا على أمنها القومي، والسبب في ذلك هي أن إيران كانت تستشعر خطرًا ظلت تتوقعه من العراق بصورة مستمرة حتى سقوط نظام صدام حسين، وكانت ترى أن كل ما يهددها من إيران هو ما تقدمه هذه الدولة من دعم إلى ما تطلق عليها إسرائيل بعض المنظمات الإرهابية؛ قاصدة بذلك الدعم الكامل إلى حزب الله في لبنان والمساعدات الأكثر أهمية إلى منظمات المقاومة الإسلامية وتحديدًا؛ حركة حماس ومنظمة الجهاد الإسلامي، فضلاً عن تقديم الدعم إلى الجبهة الشعبية العامة للتحرير فلسطين.

ويتلخص الموقف الإسرائيلي إزاء البرنامج النووي الإيراني في أن إيران تشكل أكبر خطر على الوجود الإسرائيلي، فمع نهاية الحرب العالمية الثانية كان الطموح الإسرائيلي واضحًا لتدمير إيران خاصًة أمام سعي هذه الأخيرة لامتلاك الطاقة النووية، والتخوف من إمكانية تزويد إيران لحزب الله بالأسلحة النووية عند امتلاكها لاستخدامها في حرب ضد إسرائيل، فهي ترفض وبشدة البرنامج النووي الإيراني حتى لو كان موجه لاستخدامات السلمية، حيث وقفت ضد استكمال المشروع النووي الإيراني باعتباره يشكل مصدرًا للتهديد المباشر لأمن إسرائيل ولذلك فكرت مليًا في توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.

ثانيًا: الموقف التركي من البرنامج النووي الإيراني

جاء الموقف التركي من الملف النووي الإيراني، على لسان “رجب طيب أردوغان” رئيس الوزراء التركي السابق، عندما قال نحن في تركيا لا ننظر بقلق إلى تنامي الدور الإيراني في المنطقة كما يتصور بعضهم أو يحاولون اقناعنا فمن حق كل دولة أن تبحث عن مصالحها، وإيران لا تسعى إلى إحداث خلل في معادلات المنطقة، فالحرب على العراق وفي فلسطين وراء هذا الخلل، وعن محاولتها امتلاك السلاح النووي قال: ليس لدينا قناعة أن إيران تريد استهلاك السلاح النووي، هي تريد امتلاك تكنولوجيا الطاقة النووية وهذا حق مشروع لها ولغيرها، وعندما سئل عن الموقف التركي إذا امتلكت إيران السلاح النووي، فأجاب: “هذا سؤال يتعلق بالجانب العسكري وليس لدي إجابة على ذلك”.[124]

ويلاحظ أن أردوغان ينطلق من موقفه من تحليل علمي وموضوعي، إذ أن تركيا دولة محورية في المنطقة، وتجاور إيران ولها مصالحها في المنطقة ولو كان التنامي الإيراني سياسيًا وعسكريًا ومذهبيًا سيشكل خطرًا عليها أو على دول المنطقة لكان الموقف التركي في مواجهة هذا التنامي واضحًا ومعلنًا، وأن إيران تسعى لامتلاك السلاح النووي لحسم صراع خفى وتنافسي بين تركيا وإيران لاستقطاب دول آسيا الوسطى والناطقة باللغة التركية بعد انفراط عقدها مع الاتحاد السوفيتي، حيث تسعى إيران لاستبعاد النفوذ التركي منها والاستفادة من ثرواتها ودورها المستقبلي وموقعها الاستراتيجي الذي يكسب إيران عمقًا وبعدًا دوليًا وقوة إقليمية، خاصًة أن إيران تبدو معزولة بين عمالقة على الصعيد البشري والاقتصادي سواء الهند أو باكستان أو روسيا أو تركيا وأوروبا أو العرب، كما أن هناك صراعًا خفيًا أيضًا إيرانيًا تركيًا على العراق لمد النفوذ إليه.

وتمتاز العلاقات التركية الإيرانية بالتعقيد والتشابك، وذلك بسبب تبنيها استراتيجية التنافس في ظل التعاون، إذ يعتبر كل منهما في أدبيات علم السياسة ” بالدولة المفتاحية والمحورية، فهما تمتعان بنفس الأهمية الجيوبوليتكية، تركيا بوابة إيران إلى الغرب وإيران بوابة تركيا إلى الشرق، وتمتد انعكاسات العلاقة بينهما إلى منطقة الشرق الأوسط، مع التناقض في الإرث الثقافي والتاريخي بين الدولتين العثمانية والصفوية، فإيران تحمل مشروعًا إيديولوجيًا واضحًا منذ نجاح الثورة الإسلامية سنة 1979.

كما أن تركيا بمجيء حزب العدالة والتنمية إلى الحكم سنة 2002، تبنت مقاربة جديدة قائمة على مجموعة من الأسس والمرتكزات، تزيد من خلالها بسط نفوذها على المنطقة والتحول إلى قوة عالمية مؤثرة، فالسياسة الخارجية التركية تعتمد على مبدأ ” تحقيق الاستقرار والأمن للجميع”، بينما تتبنى إيران مبدأ ” خلق بؤر التوتر” في بعض المناطق في الشرق الأوسط، كالعراق وسوريا واليمن…الخ، وأيضًا ” خلق بؤر التوتر” في بعض الملفات لاستخدامها كورقة ضغط يتم التفاوض عليها مع القوى الكبرى، وأبرزها البرنامج النووي الإيراني الذي أصبح يتصدر أجندة مراكز الأبحاث، وأجهزة الاستخبارات بسبب سياسة الغموض والتعتيم التي تتبناها إيران، على غرار ما فعلت بعض الدول مثل باكستان والهند وإسرائيل، في مقابل تقديم هذا البرنامج من طرف الإيرانيين على أنه سلمي، وهو ما يثير مخاوف صانع القرار في أنقرة على أنه مقدمة لتسلح نووي له انعكاساته الاستراتيجية على التنافس في المنطقة، وإخلال ميزان القوى الذي ظل مسيطرًا على العلاقات التركية الإيرانية لفترة طويلة، رغم محاولات تركيا التخفيف من هذا التخويف من خلال التوصل إلى اتفاق موضوعي. [125]

إن تركيا لم تنتقد البرنامج النووي الإيراني في مواقفها الدبلوماسية وتصريحات مسؤوليها، وكانت دائمًا تصرح بأن البرنامج النووي الإيراني لا يشكل خطرًا بالنسبة لتركيا، وأن الانتشار النووي هو قضية إقليمية تحتاج إلى معالجة على المستوى الإقليمي، كتضافر كل الجهود وتعاون كل الأطراف ، لكن رغم هذا فالتخوف والشك من البرنامج النووي الإيراني يبقى مسيطر على الحسابات التركية خاصًة في ظل رغبة الولايات المتحدة الأمريكية التخلي عن الابن المدلل “تركيا” في منطقة الشرق الأوسط لصالح إيران.

لقد أكدت أنقرة معارضتها لفكرة الحرب وحددت موقفها بأنها لم تسمح لحلف الشمال الأطلسي باستخدام أراضيها لضرب إيران وأن الحدود بين تركيا وإيران حدود سلام وستظل كذلك فالموقف التركي نابع من عدة أسباب مترابطة منها الجوار الجغرافي الإقليمي والمصالح الاقتصادية التي تربطها بإيران، ففرض العقبات الاقتصادية سوف يلحق الضرر بالاقتصاد التركي، وعليه يمكن القول أن أنقرة تتخوف من ملف نووي إيراني إلا أنها تشجع الحوار والتفاهم على نحو يضمن حسن العلاقات مع طهران ومن جانب آخر تسعى لعدم معارضة قرارات الاتحاد الأوروبي حيال إيران.

ثالثا: موقف جامعة الدول العربية تجاه البرنامج النووي الإيراني:

كانت رؤية الجامعة في البداية تتمثل في تقديم الضمانات الخاصة بأن إيران لم تستخدم برنامجها النووي الا في الأغراض السلمية، وهذا ما أكدة الأمين العام لجامعة الدول العربية عندما أكد على أهمية مراعاة مخاوف الدول العربية في التعامل مع الملف النووي الإيراني ، لا سيما السلوك الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة ، مشددا على ضرورة معالجة عيوب اتفاق 2015 الذي تناول الملف النووي،  وهو الذي سمح لإيران بتعزيز سياستها  المرفوضة من جانب الدول العربية في التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وأعربت جامعة الدول العربية عن دعم الجامعة العربية لعمل المنظمة ودورها في تعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بما في ذلك برنامج التعاون الفني الذي يحظى باهتمام كبير للدول العربية خاصة الدور الذي تقوم به  وكالة في مجال التحقق النووي من خلال التطبيق الصارم والحيادي لنظام الضمانات الشامل ، داعية إلى الاعتماد على الكفاءات العربية في المجال النووي لدعم تمثيل الدول العربية في القوى العاملة في المنظمة.[126]

ومن أجل التحقق من الاستخدام السلمي للبرنامج النووي الإيراني خصصت جامعة الدول العربية إدارة تحت اسم الحد من التسلح ونزع السلاح، تهدف إلى الحفاظ على المواقف والحقوق والمكاسب العربية فيما يتعلق بقضايا الحد من التسلح ونزع السلاح ، سواء في المحافل الدولية أو الإقليمية، من خلال العمل على التقريب وصياغة مشتركة للمواقف العربية ووضع خطط العمل في المحافل الدولية ذات الصلة بهدف تحقيق توازن استراتيجي وعسكري في منطقة الشرق الأوسط من خلال ضبط ونزع السلاح بدلاً من الدخول في سباق تسلح، وكذلك الحفاظ على الأولويات التي وضعها المجتمع الدولي في  مجال نزع السلاح والتي تمت الموافقة عليها في الدورة الاستثنائية الأولى لنزع السلاح عام 1978.

محددات الموقف العربي:

كانت مواقف الدول العربية من الأزمة النووية حتى هذه اللحظة شبه متطابقة إلى حد ما ، وهو مطالبة إيران بتقديم ضمانات للمجتمع الدولي بأن برنامجها النووي لن يتجاوز استخدام الأغراض السلمية، وأن استخدام الخيار العسكري ضد إيران لإجبارها على وقف برنامجها النووي أمر غير مقبول ونتائجه كارثية، رغم الضغوط الأمريكية لاتخاذ مواقف متشددة بحجة أن البرنامج النووي الإيراني يستهدف بالدرجة الأولى جيرانها العرب.

كما تري الدول العربية البرنامج يشكل تهديدا لدول العالم العربي ودول الجوار ، كما أنه سيؤثر على مدى نفوذ هذه الدول في المنطقة، فامتلاك إيران للأسلحة النووية يجعلها القوة الأولى في المنطقة ، كما أنها ستجعلها مصدر هيبة دول أخرى ستسعى وفقًا لذلك لكسب ولاء إيران ورضاها حتى لا تتأثر مصالحها.[127]

بدأت الدول العربية تأخذ موضوع البرنامج النووي الإيراني على محمل الجد بشكل مبالغ فيه ، وإعطائه الأولوية في أجندتها السياسية بعد تسليط الضوء على تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، والتي تشير إلى أن هناك مؤشرات جدية وهامة على أن البرنامج النووي الإيراني يمكن أن يتم استخدامه في الأغراض العسكرية ، وتحاول الدول العربية و خاصة دول الجوار مع إيران إشراكها في المفاوضات والحوارات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.

لكن كان الخطاب العربي الرسمي مرتبك في تحديد موقفه من البرنامج النووي الإيراني ، وهذا بسبب عدم قدرته على تبني موقف جماعي من أي من القضايا السياسية المفروضة على أجندة المنطقة،  ويزداد الوضع تعقيداً في ظل أهداف البرنامج وهو ما تسعى إيران إلى تحقيقه لتصبح أكبر لاعب في المنطقة.

المطلب الثالث: الموقف الدولي من النووي الإيراني.

أولًا: الموقف الأمريكي:

إن العلاقات الإيرانية الأمريكية منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979م، قد ساءت إلى درجة كبيرة، نظرًا لموقف الولايات المتحدة من الشاه واهتمامها بمحاولة إسقاط الثورة، ودفع العراق لشن حرب ضد إيران، وعندما حدث تقارب بين الولايات المتحدة وإيران عام 1981م كان بغرض إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين في بيروت، وتختزن السياسة الأميركية المعادية لإيران ما يكفي لرفض أي تقارب.

فقد دأبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض على اتباع سياسة الاحتواء المزدوج مند 1993 ضد العراق وإيران، وقامت بسن قانون الحظر في عام 1996، ثم الضغط على أوروبا واليابان والعالم العربي تقليص تعاونهم مع الجمهورية الإسلامية وتقييدهم بشروط.

وعلى الرغم من انتهاج إيران سياسة أكثر واقعية في أعوام 1989 ،1997م، في ظل رئاسة “هاشمي رفسنجاني”، وتبني الاتجاه الإصلاحي بقيادة “خاتمي منذ 1997م الرغبة في التقارب مع الولايات المتحدة، وكذلك تقديم إيران دعمًا كبيرًا في الحرب الأمريكية ضد الإرهاب والثناء الأمريكي على هذا الدور، إلا أن خطاب الرئيس الأمريكي في 29 يناير 2002م اعتبر إيران ضمن محور الشر مع كلًا من العراق وكوريا الشمالية، الأمر الذي هدم أي تقدم سابق في العلاقات الأمريكية الإيرانية. [128]

أما المخاطر والقلق اللذان يحكمان النظرة الأمريكية لبرنامج إيران النووي؛ فتتمثل في خوف أمريكي متزايد من احتمالات سعى إيران لتطوير هذا البرنامج، والعمل على استخدام التقنية النووية في المجال العسكري، وهو ما يجعل واشنطن تخشى من اختلال ميزان القوى لصالح طهران في مواجهة تل أبيب، فضلاً عن القلق الناجم من احتمالات وصول هذه الأسلحة لأيدي جماعات تعتبرها واشنطن إرهابية، وتتذرّع بتهديدها لأمنها القومي، ويتزايد القلق الأمريكي من خلال رؤيتها لإيران على أنها مازالت تمثل تهديدًا إيديولوجيًا وعائقًا ثقافيًا أمام انتشار القيم الأمريكية في المنطقة.

وأخذت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على إظهار شكوكها بصدد البرنامج النووي الإيراني، وعلى أعلى المستويات، فقد أشار المسؤولون الأمريكيون منذ أواسط الثمانينات بأن بلادهم تراقب منذ زمن بعيد الجهود الإيرانية التي بدأت منذ أواسط الثمانينات وهي جهود تخطو بشكل منتظم لبناء أساس لاكتساب وتوفير أسلحة نووية وأن الجهود والمساعي النووية الإيرانية لا تدل بصراحة، على أن البرنامج النووي الإيراني مخصص للاستخدام السلمي.

وتبدي الولايات المتحدة عدم قناعتها بأن إيران تسعى من خلال برنامجها النووي إلى الحصول على الطاقة الكهربائية في ظل توفر كميات هائلة من احتياطي النفط والغاز، وهما المادتان اللتان يمكن لإيران أن تحصل من خلالهما على الطاقة الكهربائية بأسعار زهيدة، قياسًا إلى تكلفة حصولها عن طريق المفاعلات النووية، وإن هذا البرنامج ما هو إلا غطاء يستتر خلفه برنامج نووي سري لإنتاج السلاح النووي، وإن إيران تخضع منشآتها النووية السلمية للرقابة الدولية؛ لتبدد الشكوك حول طموحاتها النووية العسكرية.

ويؤيد الولايات المتحدة في وجهة نظرها هذه عدد من الدول الأوروبية وأستراليا، بينما ترفض إيران بشكل قاطع وجهة النظر هذه، أما المسألة الأخرى هي أن القضية النووية الإيرانية وما شهدته من شد و جذب؛ فإنها على ما يبدو، قد بنيت على ادعاءات غير مثبتة، بمعنى عدم وجود دليل قاطع على امتلاك إيران للسلاح النووي، وهو ما يؤكده المسؤولون الأمريكيون، ويبدو أن هناك أصواتًا داخل الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى حشد المجتمع الدولي لممارسة ضغوط كبيرة على إيران؛ لحثها على وقف طموحاتها بامتلاك أسلحة نووية، جزءًا من استراتيجية شاملة للحد من الانتشار النووي.

ولم تخف الإدارة الأمريكية عزمها على عرض قضية البرنامج النووي الإيراني على الأمم المتحدة، ولقد أسهمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة تمارس ضغوطًا على الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي بهدف عدم تكرار الحالة العراقية في دول أخرى، ومنها:

  • حق الوكالة في تفتيش المواقع النووية غير المصرح بها في الدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار واتفاقية الحماية، بالرغم من أن ذلك لم يتخذ شكلاً رسميًا.
  • مراقبة الدول الصناعية المصدرة للمعدات والمواد التي لها صلة بالبرامج النووية، وكنتيجة لذلك نجحت الدبلوماسية الأمريكية في إيقاف التعاون النووي الصيني مع إيران والتدخل الأمريكي لعرقلة التجهيزات النووية الحساسة من روسيا إلى إيران.
  • فضلاً عن فرض المقاطعة على الشركات الغربية التي تتعامل مع إيران بهذا المجال.

ولكن يبدو أن السياسة الأمريكية في تعاملها مع البرنامج النووي الإيراني والاهتمام به يقوم، كما كان الحال في التعامل مع البرنامج النووي العراقي على أساس عدم الفصل بين ثلاث قضايا مترابطة، يمكن تلخيصها بما يأتي:

  • السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
  • أمن إسرائيل من المنظور الدولي.
  • موقع إيران الإقليمي، ودورها، وعلاقاتها مع الولايات المتحدة.

ولهذا نجد أن السياسة الأمريكية في جوهرها تجاه البرنامج النووي الإيراني لا تختلف باختلاف الإدارات الأمريكية المتعاقبة، فالنظرة الأمريكية لقضية الانتشار النووي تنطلق من أن ذلك يؤمن وضع الولايات المتحدة الأمريكية، ويحقق لها هدفها في ألا تصبح هناك أطراف إقليمية قادرة على امتلاك الأسلحة النووية، لأن امتلاك هذه الأطراف للسلاح النووي سوف يحول دون تمكن الولايات المتحدة من خوض أي مواجهات إقليمية ضد القوى التي تسعى لتحقيق أهداف خاصًة بها، وأن وجود السلاح النووي لدى أي من القوى الإقليمية سوف يجعل التدخل العسكري الأمريكي اعتمادًا على الأسلحة التقليدية أمرًا صعبًا، إن لم يكن مستحيلاً. [129]

  • سياسة أوباما تجاه البرنامج النووي الإيراني

ومع تولي الرئيس باراك أوباما الحكم حدث تحول في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الملف[130] النووي الإيراني حيث تحولت السياسة الأمريكية من الدبلوماسية المتشددة إلى الدبلوماسية المرنة وإن كان أوباما لم يستبعد الخيار العسكري بشكل كامل، حيث أكد على أن الخيار العسكري يظل مطروحًا في حالة فشل الدبلوماسية في التعامل مع إيران، وفي مارس ۲۰۰۹ وخلال أعياد النيروز (رأس السنة الفارسية) مدح الرئيس أوباما الحضارة الإيرانية، وأرسل إلى “آية الله خامنني” رسالة عرض فيها رغبة أمريكا في البدء في حوار بناء، وخلال خطابه في جامعة القاهرة عام ۲۰۰۹ أكد على حق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية وذلك في إطار معاهدة عدم الانتشار النوري، وأكد على استعداده لإجراء مباحثات غير مشروطة مع إيران كما أكد الرئيس الإيراني “أحمدي نجاد” استعداد إيران لمفاوضات وفق مبدأ الاحترام المتبادل.

وبدأت الأزمة النووية الإيرانية في ظل إدارة الرئيس أوباما في أواخر ۲۰۰۹، بعدما كشفت بعض الدول قيام إيران سرًا ببناء مفاعل نووي جديد لتخصيب اليورانيوم في مدينة “كم” دون علم الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهو ما يعد مخالفة من جانب إيران لالتزاماتها الدولية في هذا الشأن، وقد حرصت العديد من الدول وخاصًة الولايات المتحدة الأمريكية على الكشف عن هذا المفاعل لتأكيد شكوكها حول مدى سلمية هذا البرنامج النووي، وتم اختيار مقر اجتماع قمة العشرين للإعلان عن ذلك التطور بهدف تشكيل جبهة تضامن دولية لمواجهة طهران، وقد تبنت هذه الدول لهجة حادة ضد إيران، وتم اتهامها بأنها تمثل مصدرًا للتهديد في الشرق الأوسط والعالم مطالبة إيران باحترام التزاماتها الدولية في هذا الشأن.

ولامتصاص غضب المجتمع الدولي عمدت إيران إلى اتخاذ خطوات تكتيكية مكنتها من الحد من وطأة الضغوط، فقد زعمت أن البرنامج مخصص لتوليد الكهرباء وأن مستوى التخصيب فيه لم يتجاوز خمسة بالمئة وهو مستوى منخفض لا يكفي لصنع القنبلة الذرية كما أنها أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية به غير أن هذه الخطوات والتصريحات لم تثمر عن النتائج المرجوة، وأكدت إيران أنها ستسمح لمفتش الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة المنشأة النووية الجديدة للتأكد من عدم استخدامها للأغراض العسكرية.

وأجريت محادثات ثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ووافقت إيران على إرسال اليورانيوم إلى الخارج لتحويله إلى وقود نووي من أجل استخدامه لأغراض الأبحاث الطبية وخرج المجتمعون في جنيف بانطباعات إيجابية، ولكن في عام ۲۰۱۱ وقعت عدة تطورات دفعت الملف النووي الإيراني بقوة إلى قمة القضايا وحفلت وسائل الإعلام الأمريكية بالمقالات والدراسات حول المخاطر التي يمكن أن تترتب عند حصول إيران على السلاح النووي والخيارات التي يمكن أن تسلكها الولايات المتحدة الأمريكية للحد من الطموحات الإيرانية للحصول على هذا السلاح.

ومن أبرز التطورات التي زادت من حدة توتر الأجواء المحيطة بالملف النووي الإيراني وقوع انفجار كبير في موقع عسكري إيراني لصنع الصواريخ وسقوط طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار تستعملها وكالة المخابرات المركزية من أجل التجسس على إيران داخل الأراضي الإيرانية. [131]

وتتبنى الولايات المتحدة الأمريكية في سياستها مع إيران موقفًا معاديًا حيث يعتبر هذا الموقف امتدادًا للموقف العدائي الذي تتبناه أمريكا تجاه إيران منذ قيام الثورة الإسلامية في عام ١٩٧٩م، وتنطلق النظرة الأمريكية تجاه الملف النووي الإيراني من حماية المصالح الأمريكية في المنطقة وعدم بروز قوة إقليمية تقف عائقًا أمام أهدافها، ويمكن رصد عدة سياسات متوالية للموقف الأمريكي تجاه إيران منها:

  • الإصرار على رفع الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن بهدف فرض العقوبات.
  • الضغط على الدول التي تقدم التكنولوجيا لإيران مثل روسيا وباكستان.
  • المزاوجة بين الخيار السلمي والتهديد بالخيار العسكري، وتتعامل الولايات المتحدة مع إيران على أساس أن هدف إيران هو إنتاج السلاح النووي وهذا يشكل خوفًا وقلقًا لأمريكا لأن امتلاك إيران للتقنية النووية يعني ذلك استخدامها في المجال العسكري مما يؤدي إلى اختلال التوازن في المنطقة والتأثير على الكيان الصهيوني.

وتبني أوباما منهجًا مختلفًا تجاه إيران يختلف عن سابقيه وعن سياسة “دونالد ترامب”، وهو اعتماد الدبلوماسية كأداة رئيسية في التعامل مع إيران، كما سعت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس أوباما إلى عدم التدخل في السياسات الداخلية لإيران، كما دلت سياسته على جدية قرار الإدارة الأمريكية بالتهدئة مع إيران وذلك بعد مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في المحادثات بين إيران ومجموعة دول(5+1).

  • سياسة دونالد ترامب تجاه البرنامج النووي الإيراني

أما عن سياسة و موقف ترامب من البرنامج النووي الإيراني، أعلن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب في مايو عام ۲۰۱۸ خروج بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، وبدأت العلاقات الأمريكية الإيرانية تضطرب، ولم يصادق دونالد ترامب على التزام إيران ببنود الاتفاق النووي، إذ إن كل رئيس ملزم من الكونجرس بأن يصادق كل ٩٠ يومًا ما إذا كانت إيران ملتزمة ببنود الاتفاق، وأن الاتفاق لا زال يصب في مصلحة البلد أم لا. [132]

وأعطي ترامب ٦٠ يومًا للكونجرس لاتخاذ قرار بشأن استمرارية المشاركة الأمريكية في الاتفاق النووي، هذا وقد حظي قرار ترامب بتأييد على نطاق واسع من إسرائيل بالرغم من تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لا زالت متمسكة بشروط الاتفاق النووي، وقد يؤدي انسحاب أمريكا من الاتفاق إلى توتر علاقاتها مع الدول الأخرى الموقعة عليه مثل الصين وألمانيا، والتي قد ترفض فرض أي عقوبات على طهران في حال تراجعت واشنطن تعزيز العلاقات مع حرمان إيران من الحصول على سلاح نووي، والحد من نفوذها في المنطقة من خلال الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة.

أن انسحاب الرئيس الأمريكي ترامب من الاتفاق الشامل لتسوية قضية البرنامج النووي لم يكن أمر جديد؛ فإلغاء الاتفاق يشكل إيفاء بوعد انتخابي وضعه ترامب في برنامجه الانتخابي وقد ثارت تساؤلات داخل الولايات المتحدة والشركاء الأوروبيين الموقعين على الاتفاق وحتى داخل إيران فحواها ما هي عيوب الاتفاق ؟ وقد فسر البعض أن الاتفاق لا يتضمن أي عيب سوى أنه ولد في كنف إدارة أوباما وأنه يحاول إلغاء أي إنجاز حققه سلفه، وكان لترامب عدة مبررات لإلغاء الاتفاق وهي: أنه لا يحول دون تطوير إيران قدرات نووية بعد عام ٢٠٢٥.

واقترحت فرنسا وألمانيا تضمين ذلك في اتفاق يلحق بالاتفاق القائم إلا أن ترامب لم يقتنع بمقترحات حلفائه الأوروبيين وقرر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق على ترك الباب مفتوحًا لمفاوضات جديدة للتوصل إلى اتفاق يرضيه ويرضي إسرائيل الحليف المهم للولايات المتحدة، وقد رأى بعض المسؤولين الأمريكيين أن الاتفاق ليس مثاليًا، إلا أنه بمثابة قاعدة جيدة ينبغي التمسك بها ومن ثم معالجة نقاط القصور، كما أنه أعطى الولايات المتحدة فرصة لاحتواء وإنهاء البرنامج النووي الإيراني.

  • سياسة جو بايدن

تعتبر إيران أن السياسة التي تعتمدها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن “تعارض” رغبته المعلنة بإحياء الاتفاق النووي مع طهران، وفي ظل جمود يهيمن على مباحثات إحياء اتفاق العام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018، وقال بايدن في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” “ستُواصل إدارتي زيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي حتّى تصبح إيران مستعدّة للعودة إلى الامتثال للاتّفاق النووي لعام 2015”.[133]

ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن “تأكيد بايدن على اتباع وممارسة سياسة الضغط الاقتصادي والدبلوماسي ضد إيران يتعارض مع تعبيره عن رغبة هذا البلد في إحياء الاتفاق النووي”، واعتبر أن هذه التصريحات “استمرار لسياسة الضغط الأقصى الفاشلة التي بدأتها إدارة ترامب ضد إيران”، فقد أتاح اتفاق 2015 رفع عقوبات اقتصادية كانت مفروضة على الجمهورية الإسلامية، في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أنه أصبح ملغيًا منذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بسحب بلاده أحاديًا منه في 2018، وأعاد ترامب فرض عقوبات قاسية على طهران في إطار سياسة “ضغوط قصوى” اعتمدها حيال الجمهورية الإسلامية.

وأبدى بايدن نيته بإعادة واشنطن إلى متن الاتفاق، بشرط عودة طهران لاحترام كامل التزاماتها بموجبه، والتي بدأت التراجع عنها اعتبارًا من عام 2019، وأجرت إيران وأطراف الاتفاق (روسيا، بريطانيا، فرنسا، الصين وألمانيا)، مباحثات في فيينا اعتبارًا من أبريل 2021، شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، وعلى الرغم من تحقيق تقدم كبير، تعثرت المباحثات اعتبارًا من مارس الماضي مع تبقي نقاط تباين بين الطرفين الأساسيين واشنطن وطهران، وأجرى الجانبان في أواخر يونيو، مباحثات غير مباشرة في الدوحة بتسهيل من الاتحاد الأوروبي، انتهت دون تحقيق اختراق، وفي حين تبدي الدول الغربية أولوية عودة إيران لالتزاماتها وضبط أنشطتها النووية، تؤكد طهران ضرورة رفع العقوبات المرتبطة بعهد ترامب وضمان عدم انسحاب واشنطن مجددًا من الاتفاق.

ورأى كنعاني أن “الحكومة الأمريكية السابقة، بانسحابها الأحادي من الاتفاق النووي، تسببت بالفعل في إلحاق أضرار جسيمة باستراتيجية الدبلوماسية المتعددة الطرف لحل الخلافات”، وأن الإدارة الحالية “تتبع النهج نفسه مع استمرار ممارسة الضغوط الاقتصادية وسياسة فرض الحظر على إيران”، وفرضت الولايات المتحدة خلال الأشهر الماضية عقوبات على أطراف وشركات تتهمها بالتحايل على العقوبات النفطية على إيران، مؤكدة أنها ستواصل محاولات إحياء الاتفاق النووي وتطبيق العقوبات في الوقت عينه، ورأى كنعاني أن “منطقة الشرق الأوسط لن تكون أكثر أمنًا واستقرارًا إلا من خلال قيام أمريكا بإنهاء سياستها في خلق الانقسام بين دول المنطقة”، مضيفًا “طالما لم تصحح الولايات المتحدة سياساتها الخاطئة والمسببة للأزمات، فإنها المسؤولة الرئيسية عن عدم الاستقرار في منطقة غرب آسيا”، وإن ما يمكننا استنتاجه من خلال ما تقدّم أن طبيعة العلاقة بين إيران والولايات المتحدة أخذت طابعًا عدائيًا منذ سقوط النظام الإمبراطوري وقيام الثورة الإسلامية بقيادة آية الخميني، الذي كان قد وصف الولايات المتحدة ب الشيطان الأكبر، وأن العداء مع الولايات المتحدة إنَّما يقوم على أساس ديني وأخلاقي.

بينما بادلت الولايات المتحدة إيران نظرتها العدائية من خلال محاولة إلصاق “الإرهاب” بهذه الدولة وثورتها ذاتالسمة الإسلامية المعارضة للاستبداد وللظلم، وإلى العمل بموجب الشريعة الإسلامية باعتبارها منهجًا شموليًا في الحياة، والتي بموجبها تتمسك إيران بموقفها الرافض للاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، وتدعم الحركات المقاومة لهذا الاحتلال، وتعمل على تقويضه وإنهائه، كما ترفض إيران الوجود العسكري الأمريكي في مياه الخليج العربي، وتنظر بعين قلقه إلى الاتفاقيات الأمنية والعسكرية التي وقعتها دول الخليج العربي مع الولايات المتحدة، وإلى وجود القواعد العسكرية الأمريكية وانتشارها في المنطقة.

وسيظل الهدف الأمريكي يعتمد على منع إيران من حيازة أي برنامج نووي متقدم ليس خشية من احتمال أن يُؤدي بها ذلك إلى الحصول على الأسلحة النووية، وإنما في منعها من الحصول على التكنولوجيا النووية المتطورة، حتّى وإن كانت مخصصة للأغراض السلمية، من أجل حرمان إيران من القيام بنهضة اقتصادية قوامها تسخير النفط والغاز لأغراض التصدير والحصول على أكبر قدر من العملات الصعبة، والحد من زيادة الطلب المحلي عليه من خلال توفير الطاقة الكهربائية عن طريق المفاعلات النووية، وبالتالي  إبقاء إيران في حالة من التخلف المستديم .

ثانيًا: الموقف الروسي

هناك عدة أسباب حكمت الموقف الروسي وأهمها اعتبارها واحدة من الشركاء التجاريين لإيران، مشاركة روسيا في برامج التحديث العسكري وصولًا لعلاقات تجارية على نطاق واسع في المقابل تؤكد روسيا على حرصها عدم امتلاك إيران للقنبلة النووية، فليست من مصلحة روسيا ظهور قوة إسلامية نووية على حدودها الجنوبية في منطقة أسيا الوسطى والقوقاز والتي تمثل تهديدًا فعليًا للأمن القومي الروسي، ما يلحق الضرر بنفوذ روسيا في آسيا الوسطى وتغيير في الاستراتيجية العالمية، ولقد أبدت اقتراحات كمبادرة لتسوية الأزمة لأن أي عقوبات تعرض على إيران سوف تؤثر على الاقتصاد الروسي إلا أنها تعرضت للضغوط مستمرة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية لوقف تعاونها مع إيران و كسب تأييدها. [134]

لقي التأييد الروسي لقرار مجلس الأمن الدولي حول العقوبات ضد إيران انتقادات شديدة من طرف المتشددين في موسكو، حيث رأوا أن العقوبات قد أحدثت نزاعًا لا طائل منه بين روسيا وإيران وأن المستفيد الوحيد هي الولايات المتحدة الأمريكية، ويعتبر الدور الروسي في الأزمة النووية الإيرانية واحد من الأدوار القليلة التي تميز فيها الدور الروسي بالفاعلية والديناميكية في التعامل مع القضايا الرئيسية المشارة على الساحة الدولية، بل ربما يمكن القول أن الدور الروسي في هذه الأزمة يعتبر الدور المحوري الأبرز على الإطلاق، وذلك بحكم متانة علاقات روسيا مع جميع الأطراف، لا سيما إيران، فضلًا على الحيوية التي اتسم بها الدور من حيث اقتراح  مبادرات محددة لتسوية الأزمة، فضلًا عن اقتراح حلول وسط بشأن نصوص القرارات المقدمة إلى مجلس الأمن بشأن هذه الأزمة، ولا ينفي ما سبق أن الدور الروسي كان مع ذلك منطلقًا بالأساس من الرغبة في الحفاظ على مصالح روسيا السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، بما يعني أن الموقف الروسي كان ينطلق من أن الأزمة تحدد مصالح سياسية واقتصادية حيوية لروسيا، مما دفعها للقيام بخطوات متعددة للحفاظ على مصالحها في سياق تطور الأزمة.

كما أن هناك محددان أساسيان حكما الموقف الروسي من الأزمة النووية الإيرانية، ولعبا بالتالي دورًا أساسيًا في تحديد خيارات روسيا بشأن هذه الأزمة، في كافة مراحل تطورها سواء في مرحلة البحث عن حلول تفاوضية أو في مرحلة فرض عقوبات على إيران.

ويتمثل المحدد الرئيسي الأول للموقف الروسي في علاقات التعاون النووي والاقتصادي الوثيقة مع إيران، حيث تعتبر روسيا واحدة من أقوى الشركاء التجاريين لإيران، إذ يتعاون الجانبان في العديد من المجالات، بحيث تتراوح العلاقات بين الجانبين ما بين التعاون في مجال إنشاء المفاعلات النووية، ومشاركة روسيا في برامج التحديث العسكري لمختلف أفرع القوات المسلحة الإيرانية، وعلاقات التبادل التجاري على نطاق واسع ما بين الجانبين في مختلف مجال الصناعات الثقيلة وغيرها وفي المجال النووي، حيث قامت روسيا بالفعل بتنفيذ مشروع إنشاء المفاعل النووي الأول في محطة بوشهر النووية في جنوب إيران ويبدو أن إيران سوف تعتمد على روسيا بصفة أساسية في تنفيذ هذه الخطط الطموحة. [135]

أما المحدد الثاني فهو يتمثل في أن روسيا تظل حريصة برغم مصالحها الوثيقة مع إيران على ألا تستطيع إيران في نهاية المطاف امتلاك السلاح النووي حتى لا يتسبب ذلك في الإخلال بالتوازن الاستراتيجي العالمي بشكل عام، أو الإخلال بالاستقرار الاستراتيجي القائم على التخوم روسيا الجنوبية من ناحية أخرى، لاسيما وإن امتلاك إيران للسلاح النووي ربما يؤدي لتغيير موازين القوى والمعادلات الاستراتيجية في منطقة آسيا الوسطى التي تدخل ضمن الإطار الاستراتيجي لروسيا، بما قد يلحق الضرر بنفوذ روسيا القوي في تلك المنطقة ولكن رفض روسيا لاحتمالات امتلاك إيران للسلاح النووي لا يجعلها تقبل بالشكوك والهواجس الهائلة التي نشرها الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض دول الاتحاد الأوروبي بشأن حقيقة الأهداف المحركة للبرنامج النووي الإيراني.

وكان ما سبق واحدًا من الأسباب الرئيسية وراء رفض روسيا الشديد لوقف تعاونها النووي مع إيران، حيث تخشى روسيا من أن الولايات المتحدة والدول الغربية تطالبها بالامتناع عن تزويد إيران بالمفاعلات النووية، بينما تبدي تلك الدول استعدادها لتزويد إيران بتكنولوجيا نووية في سياق إغرائها بوقف برنامج تخصيب اليورانيوم، الأمر الذي سوف يؤثر على مستقبل التعاون النووي بين روسيا وإيران.

إلا أن الغرب يرى أن لروسيا دور أساسي في الأزمة النووية الإيرانية لأنه يفترض أن روسيا ملتزمة بتزويد إيران باحتياجاتها من الوقود النووي، بموجب الاتفاق اليوم بينهما، كما يعني من وجهة نظر الكثير من الدول الغربية أن إيران ليست في حاجة لامتلاك برنامج لتخصيب اليورانيوم لإنتاج الوقود النووي، لأن لديها بالفعل المصدر الذي يمكن أن تحصل منه على احتياجاتها، إلا أن إيران تصر على أنها تحتاج لامتلاك قدرة وطنية في هذا المجال، لأن ذلك أوفر كثيرًا من حيث التكلفة وحتى لا تكون رهينة لأي ضغوط خارجية في الحصول على احتياجاتها من الوقود النووي. [136]

ولقد واجه مشروع القرار المقدم من دول الاتحاد الأوروبي معارضة شديدة من جانب روسيا، لاسيما فيما يتعلق بنقطتين رئيسيتين:

  • الأولى: تمثلت في رفض روسيا للمفهوم الذي يستند إليه مشروع القرار ذاته حيث تصر روسيا على أن الهدف الرئيسي للقرار ليس معاقبة إيران، وإنما تشجيعها وتحفيزها على التعاون مع المجتمع الدولي بهدف إيقاف الأنشطة المثيرة للشكوك، وإزالة الغموض بشأن بعض الجوانب في البرنامج، ووفق هذا المفهوم، تعتقد روسيا أن العقوبات يمكن أن تدفع إيران للمزيد من التشدد، والقيام بإجراءات مضادة لتلك العقوبات، مما يؤدي لتصعيد الأزمة، وهو ما تطلب ألا تركز الإجراءات التي يتضمنها القرار على فرض عقوبات على إيران بقدر ما يشتمل على مجموعة من الضغوط التي تعكس فقط قلق المجتمع الدولي من أنشطة إيران، بما يشجعها على التعاون بدرجة أكبر في المستقبل مع المطالب الدولية.
  • الثانية: فهي رفض روسيا لما كان يتضمنه المشروع من فرض حظر شامل على البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وإصرار روسيا على أن يقتصر الحظر على الأنشطة النووية الإيرانية المثيرة للشكوك، لاسيما تلك المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وإنشاء مفاعل الماء الثقيل وكان الموقف الروسي هنا منطلقًا بالأساس من أن تؤثر هذه النوعية من العقوبات على تعاونها النووي مع إيران في مجال إنشاء مفاعل بوشهر، وهو تعاون يسير في مسار بعيد تمامًا عن الاتهامات الموجهة لإيران من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هذا وقد نجحت روسيا بالفعل في تعديل مشروع القرار بشأن هاتين المسألتين، فقد أعطيت إيران فرصًا أخرى تمتزج فيها وسائل الترهيب بالترغيب، فكان القرار 1737 نتاجًا لنوعية العلاقات الروسية الإيرانية والتي تمتزج فيها علاقات الضرورة بتقاطع المصالح.

ثالثًا: الموقف الصيني

إن العلاقات الصينية الإيرانية ضاربة في جذور التاريخ غير طريق الحرير ، كما أن كلاهما[137] أمتان و حضارتان كبيرتان و مؤثرتان، وهما من اللاعبين الاستراتيجيين في منطقة أسيا، كما يرفضان النفوذ الأمريكي و سياسة الاحتواء الأمريكية، وإن الموقف العام للصين تجاه البرنامج الإيراني يشابه بشكل كبير الموقف الروسي، حيث تنظر الصين إلى علاقتها مع إيران بنظرة براغماتية مصلحية، وهذا ما جعل جهود الولايات المتحدة الأمريكية تحقق في إقناع القيادة الصينية بعدم تصدير تقنيات عسكرية لدول تعتبرها الولايات المتحدة راعي وداعم للإرهاب. [138]

فقد ساهمت الصين في تقويض العقوبات الأمريكية ضد إيران، كما قدمت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تقريرًا إلى الكونغرس الأمريكي، خلاصته أن الشركات الصينية ساعدت إيران في التحرك والمضي نحو هدفها، للوصول إلى الاكتفاء الذاتي في إنتاج الصواريخ الباليستية، كما وقعت شركات صينية اتفاقيات لإقامة محطات تكرير بترول في طهران و إنشاء محطة بترول بما قيمته 150 مليون دولار،. إن الصين تثمن التعاون الإيراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية و تصفه بأنه إيجابي، وتحدد دائمًا باستخدام حق الفيتو ضد أي قرار يستهدف إيران “.

كما صرح الرئيس الصيني السابق “هوجين تلو”، أن الصين تدعو إلى حماية النظام الدولي لمنع الانتشار النووي وإيجاد حل سلمي للملف النووي الإيراني غير المفاوضات وبما يتفق مع مصالح الأطراف المعنية”، وأضاف: “تأمل الصين أن تقرأ إيران الوضع قراءة صحيحة ،وتظهر المرونة المعالجة للمسائل المتعلقة بهذا الملف بصورة سليمة بما يدفع بالأمور نحو الاتجاه الصحيح”.

واستكمالًا للسياسة الصينية تجاه الشرق الأوسط، فقد أعلن الرئيس الصيني “شي جينبينغ”  في10 مارس 2023عن رغبته الجامحة في إدارة الصراع الخليجي الإيراني، وبالفعل تمكن من إحراز تقدم في هذا الشأن من خلال توسطه في اتفاق ثلاثي مع كلًا من السعودية تحت رئاسة “محمد بن سلمان” وإيران تحت رئاسة “إبراهيم رئيس”، حيث توسطت الصين لإدارة الخلاف بين السعودية وإيران، وبالفعل نجحت في فتح ملف عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ومن الجدير بالذكر أن فتح ملف عودة العلاقات بين البلدين ليس وليدة اللحظة ولكن سبقته اتفاقيات ومفاوضات في العامين السابقين ولكن تلك المفاوضات كانت تفتقر إلى قوة دولية لإداراتها، ولعل هذا ما سعت الصين لتحقيقه، مما يشير إلى رغبتها في إعلان أنها قوة سلام عالمية وليست قوة صراع، وذلك على عكس ما تمارسه الولايات المتحدة في المنطقة. [139]

رابعًا: موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية:

يقوم موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أساس أن إيران قد فشلت في الوفاء بالالتزامات المفروضة عليها بموجب نظام الضمانات، ويتركز هذا الفشل في إطار فئتين رئيسيتين، هما:

  • عدم تقديم بيانات ومعلومات شاملة وسليمة عن كافة أنشطتها النووية.[140]
  • والقيام بأنشطة محظورة في مجال تخصيب اليورانيوم كل هذا يفرض على إيران توقيع بروتوكول إضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، والتوقف نهائيًا عن الاستمرار في أنشطة تخصيب اليورانيوم، والتعامل بشفافية كاملة في المستقبل.

وقد استفادت إيران من تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لنفي التقارير الأمريكية والغربية التي تتهمها بالعمل على امتلاك السلاح النووي، حيث سعت إيران إلى التأكيد من خلال عمليات التفتيش الدورية التي يقوم بها مفتشو الوكالة للمنشآت الإيرانية على عدم صحة الاتهامات الأمريكية والغربية، بينما آثار مسؤولو الوكالة من جانبهم ملاحظة أنه ليس هناك ما يثير الشكوك في البرنامج النووي الإيراني، وظلوا يؤكدون دائمًا على أنه ليس هناك ما يدعو للاهتمام بشأن الاتهامات الموجهة لإيران بالعمل على امتلاك الأسلحة النووية، فلقد كان الموقف الرئيسي للوكالة يقوم على أن إيران فشلت في الوفاء بالالتزامات المفروضة عليها بموجب نظام الضمانات، ويتركز هذا الفشل في إطار فئتين رئيستين هما عدم تقديم بيانات ومعلومات شاملة وسليمة عن كافة أنشطتها النووية والقيام بأنشطة محظورة في مجال تخصيب اليورانيوم”. [141]

وفي التدقيق بالعلاقة بين إيران وبين الوكالة الدولية، يمكن ملاحظة أن التحولات الجوهرية في التعاون بينهما كانت تحدث في الفترات التي تفرض فيها مهلة نهائية أو إنذار زمني محدد على إيران للكشف عن الغموض في برنامجها النووي، باعتبار ذلك أعلى مستوى لتكثيف الضغوط على إيران مما كان يضطرها إلى تعزيز تعاونها مع الوكالة، وحدث ذلك عقب المهلة التي وجهها مجلس أمناء الوكالة في ۱۲ سبتمبر ۲۰۰۳ لإيران حتى آخر شهر أكتوبر ٢٠٠٣، وأيضًا عقب المهلة التي حددها اجتماع مجلس أمناء الوكالة في سبتمبر ٢٠٠٤ لإيران حتى نوفمبر ٢٠٠٤ لتوضيح موقفها بشأن الغموض المحيط بمسألتي التلوث الإشعاعي وأجهزة الطرد المركزي، فالمهلة الأولى الصادرة عن اجتماع سبتمبر ۲۰۰۳، والتي أمهلت إيران حتى أكتوبر ٢٠٠٥، هي التي دفعت إيران نحو إعلان موافقتها على الانضمام للبروتوكول الإضافي لمعاهدة منع الانتشار النووي.

 

ومع أن إيران كانت قد رفضت هذه المهلة في بادئ الأمر، واعتبرتها موقفًا غير مسئول، ويهدف إلى تدمير التعاون بينها وبين الوكالة، فإنها لم تكن ترفض من حيث المبدأ التوقيع على البروتوكول، ولكنها كانت تطرح عددًا من المخاوف، أبرزها يتعلق بالخوف مما يمكن أن يؤدى إليه التوقيع على البروتوكول من المساس بسيادة إيران على أراضيها، أو الخشية من أن تستغل عمليات التفتيش المفاجئ على المنشآت النووية الإيرانية كستار للتجسس على إيران وعلى وجه الخصوص التجسس على برنامج الصواريخ الباليستية.

الإصرار الإيراني على الاستمرار بتخصيب اليورانيوم على أرضها، ورفض كل العروض الغربية لمساعدتها على تخصيب اليورانيوم خارج إيران، دفع مجلس مديري الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فبراير ٢٠٠٦ إلى إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي، بعد مشاورات واسعة واتصالات مكثفة خاصًة مع روسيا والصين تأمينًا لتأييدهما، وقد أدى هذا إلي  خروج الملف النووي الإيراني من يد الوكالة، حيث أصبح الدور المطلوب من وكالة الطاقة الذرية، مجرد دور استرشادي للتدليل والاستشهاد على ما تعتبره واشنطن انتهاكات وخروقات من جانب إيران في الشأن النووي.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الشروط والضوابط التي تخضع لها قرارات الوكالة وإجراءاتها في التعامل مع الدول التي لها برامج نووية قائمة أو محتملة، هذه الشروط والضوابط لن يعمل بها لأن الملف برمته خرج من نطاق الوكالة، وكل ما ستقوم به الوكالة هو تقديم توصية أو رفع تقرير عن مدى التزام طهران أو استجابتها لمطالب الوكالة، وليس اتخاذ قرار في شأن هذا الالتزام أو تقييم مدى الاستجابة له.

وأخيرًا تجدر الإشارة إلى أن الجدل حول أهمية التفتيش والمراقبة التي تشرف عليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد أثار مشكلة كبيرة تتعلق بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، والتي تنص على حق الدول بامتلاك المفاعلات النووية والتكنولوجية  بشرط خضوعها للتفتيش.

خامسًا: موقف الاتحاد الأوروبي:

اشتعلت القضية النووية الإيرانية بعد الحرب على العراق في مارس سنة 2003 عقب أن[142] أصبحت موضعًا لشك وريبة المجتمع الدولي وخاصًة الولايات المتحدة الأمريكية والوكالة الدولية للطاقة الذرية وهو ما دعا الاتحاد الأوروبي للقيام بدور الوساطة لتحفيز إيران على سلوك أكثر إيجابية يأتي متماشيًا مع المطالب الأمريكية ووكالة الطاقة النووية، وردًا على مبادرة الاتحاد الأوروبي، اتجهت إيران لدعوة وزراء خارجية كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا لزيارة طهران في محاولة منها للخروج من إطار الضغوط السياسية والاقتصادية المكثفة الموجهة إليها على نحو خاص من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

وتركز الموقف العام لدول الاتحاد الأوروبي في التعامل مع المسألة النووية الإيرانية من منظور أمني من خلال الوكالة الدولية للطاقة النووية مع إعطاء الوكالة من ناحية وإيران من ناحية أخرى الوقت الكافي لمعالجة الأزمة قبل تصعيدها سياسيًا برفعها إلى مجلس الأمن الدولي وعليه فقد دعا الاتحاد الأوروبي إيران لإعادة النظر في هدف برنامجها النووي مع تعهده بتقديم يد العون لها في حال استجابتها لكافة شروط المجتمع الدولي والتي من أهمها أن يكون البرنامج موجهًا لخدمة الأهداف السلمية المدنية، وبناءً على ذلك فقد أثمرت المباحثات الأوروبية الإيرانية عددًا من النتائج الأساسية تمثلت في:

  • أولاً : اعتراف الأوروبيين رسميًا بحق طهران في الحصول على التكنولوجيا النووية في الإطار الذي لا يتعارض مع معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
  • ثانيًا: إن انضمام إيران للبروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الصادر عام 1997 لا يجب أن يقلل من سيادتها وأمنها القومي.
  • ثالثًا: وعد الدول الأوروبية بالعمل على تطوير علاقتها الاقتصادية والتكنولوجية مع إيران في حال توفر المناخ الأمن الذي يسمح بهذا.

وعلى الرغم من دور الاتحاد الأوروبي في إقناع إيران بالتوقيع على البروتوكول بشروطه الشديدة الصرامة فقد واصلت دول الاتحاد الأوروبي حثها إيران على المضي قدمًا في إثبات حسن نيتها بالموافقة على مراقبة برنامجها النووي من قبل مفتشين تابعين للوكالة فضلًا عن متابعتها عن بعد من خلال الكاميرات الموجودة داخل المفاعلات وهو الأمر الذي ربطته دول الاتحاد الأوروبي باستمرار علاقاتها الاقتصادية مع إيران، وهو ما تم فعليًا في فبراير سنة 2004 عندما اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على انتظار تقرير الوكالة الدولية حول الأنشطة النووية الإيرانية قبل استئناف المحادثات حول إبرام اتفاقية تجارية مع إيران وهو المطلب الذي رأى عدد من السياسيين الإيرانيين ضرورة أن تنظر إليه إيران بعين الاعتبار من خلال إظهار مزيد من التعاون مع الوكالة الدولية لمنع تكرار سيناريو الهجوم على العراق.

ومن أجل التضحية بالعديد من المصالح التجارية التي تجمع بين إيران ودول الاتحاد الأوروبي خاصًة أن هذه الدول تواجه ضغوطًا أمريكية لإقناع إيران بأخذ موقف مرن  ومتعاون مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث تراقب واشنطن نتائج المفاوضات الأوروبية الإيرانية وهي المفاوضات التي لم تسفر إلى الآن عن حل يرضي الدوائر الأمريكية لسببين أساسيين:

  • السبب الأول يعود إلى إصرار إيران على الاحتفاظ بحقها في امتلاك الطاقة النووية لاستخدامها في الأغراض السلمية وحقها أيضًا- كما تحدث عن ذلك مسؤولون إيرانيون في امتلاك أسلحة نووية أسوة بدول أخرى في المنطقة وفي العالم وفي مقدمتها إسرائيل التي لم توقع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
  • السبب الثاني: إصرار الاتحاد الأوروبي على الربط بين السياسة الخارجية الإيرانية والملف النووي، حيث دعا الاتحاد الأوروبي طهران من خلال (بيان بروكسل) إلى ضرورة تغيير سياستها تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط، وتجاه إسرائيل، على نحو خاص، كمطلب أساسي لاستمرار التعاون بينهما، وهو المطلب الذي تعارضه إيران بشدة خاصة في إطار تلويح إسرائيل بإمكانية توجيه ضربة عسكرية إلى مفاعل بوشهر على غرار عملية ضرب المفاعل النووي العراقي خلال الثمانينات.

وعليه فإن اتجاه دول الاتحاد الأوروبي لممارسة دور نشط إزاء المسألة النووية الإيرانية، والذي يعد، كما وصفه بعض المحللين، دور الموازن مع الولايات المتحدة الأمريكية، لا يزال يواجه الكثير من العقبات التي تعود لرفض طهران للضغوط الدولية التي تجبرها على التوافق مع المطالب والسياسات الأمريكية خاصة في إطار الفتوى التي أوضحها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله خامنئي وجاء فيها أنه لا يوجد ما يمنع إيران من امتلاك السلاح النووي وإن كانت لا تسعى في الوقت ذاته لامتلاك أسلحة الدمار الشامل ولذلك فإن طهران – حسبما أشار لن تتردد في وقف تعاونها مع الوكالة الدولية، إذا ما تمادت الوكالة في مطالب يمكن أن تهدد المصالح القومية الإيرانية.

يتبين أنه على الرغم من تشابه الموقف الأوروبي من الأزمة النووية الإيرانية مع الموقف الأمريكي إلا إن دول الاتحاد تتبنى موقفًا متأنيًا متعقلًا يرفض الخيار العسكري حتى لا تتحول إيران إلى عراق آخر، وسعيًا للحفاظ على المصالح المتنوعة التي تربط دول الاتحاد بمنطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها النفط، وعليه تقوم دول الاتحاد الأوروبي بممارسة دورين مترابطين:

الدور الأول: ويعد هو الأوضح وهو دورها كوسيط بين الطرفين الإيراني والأمريكي وذلك من خلال ما تملكه من قنوات اتصال وعلاقات جيدة بالطرفين، وهو أيضًا الدور الذي يلقى قبولًا جيدًا منهما، حيث ترى إيران أنها تستطيع من خلال تعاملها مع دول الاتحاد الأوروبي الحصول على ضمان كاف يتمثل في عدم إقدام واشنطن على إلغاء حقها المشروع في تطوير أسلحتها النووية للأغراض السلمية وذلك عقب تقديمها كل الضمانات اللازمة للمجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية. أما الولايات المتحدة الأمريكية فستحصل على ضمانات عبر دول الاتحاد الأوروبي بتوقف إيران عن تطوير أنشطتها النووية بكل أنواعها.

الدور الثاني: وهو الأقل وضوحًا فيتمثل في الدور الذي تقوم به دول الاتحاد الأوروبي كطرف مستقل يقدم مبادرات تسعى للحل السلمي التدريجي للمشكلة الإيرانية، من ذلك اقتراح المستشار الألماني “جيرهارد شردور” بإقامة نظام للأمن الجماعي في الخليج لتلبية احتياجات إيران للطاقة النووية السلمية، وهو الاقتراح الذي لم يلق قبولًا لدى واشنطن.

وكان الاتحاد الأوروبي يحتل المرتبة الرابعة من بين شركاء إيران التجاريين في عام 2012، بعد الصين والإمارات العربية المتحدة وتركيا، إذ بلغ حجم واردات البضائع من إيران 5,5 مليار يورو، وبلغ حجم الصادرات إليها 7,4 مليار يورو. ومثّل النفط ومشتقاته 90 في المائة من الواردات الأوروبية من إيران، لذا أدى فرض الحظر على إيران إلى تراجع حاد في المبادلات التجارية التي بلغ حجمها 12,8 مليار يورو في عام 2012 (منها 7,8 مليار يورو من الصادرات و 5 مليارات يورو من الواردات الأوروبية من إيران).

ويؤدي الاتحاد الأوروبي دورًا مهمًا في الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي بخصوص برنامج إيران النووي، فتشارك الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، بناء على ولاية عهد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إليها بها، في محادثات مجموعة الستة مع إيران، وتسهم، باعتبارها وسيطًا، في تيسير الاتصالات بين الطرفين، ويواصل الاتحاد الأوروبي حثّ إيران على التعامل بوضوح وإيجابية مع اقتراحات مجموعة الستة، وإبداء استعدادها للاستجابة حقًا، وبدون شروط مسبقة، لمخاوف المجتمع الدولي.

كما يضطلع الاتحاد الأوروبي بدور مهم في استراتيجية تعزيز الضغط الدبلوماسي على إيران عبر اعتماد العقوبات المفروضة عليها، فقد اعتمد الاتحاد الأوروبي الذي يطبق تطبيقًا كاملًا للعقوبات التي اتخذها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قراراته الستة، تدابير قمعية أوروبية مستقلة ضد إيران منذ انعقاد مجلس الشؤون الخارجية في 26 يوليو 2010، ردًا على استمرار إيران في برنامجها النووي (بصيغة عقوبات محدّدة الهدف تتعلق بمنع الانتشار وبعض القطاعات الاقتصادية على حد سواء، وخصوصًا قطاع المحروقات)، وعمومًا فإن الدور الذي تقوم به دول الاتحاد الأوروبي سواء أكان دور الوسيط أو دور الطرف المستقل يقوم إلى حد بعيد على سياسة الترغيب والترهيب من خلال عرض الطرف الأوروبي لمكاسب سياسية وتجارية وتكنولوجية في حال تنازل إيران عن تخصيب اليورانيوم.

سادسًا: موقف مجلس الأمن

جاء تعامل مجلس الأمن الدولي مع ملف إيران النووي على مرحلتين:

  • حث إيران على الالتزام بتعهداتها والتعاون الكامل مع متطلبات الوكالة الدولية للطاقة[143] الذرية وهذا الأسلوب كان محور البيان الرئاسي الذي صدر عن المجلس في التاسع والعشرين من مارس من عام ٢٠٠٦.
  • المرحلة الثانية التي تمثلت بصدور إنذار محدد جاء عبر قرار مجلس الأمن الدولي (رقم (١٦٩٦) الصادر في الحادي والثلاثين من يوليو ٢٠٠٦، والذي أعطي إيران مهلة شهر واحد (تنتهي في الحادي والثلاثين من أغسطس (٢٠٠٦) للاستجابة لطلبات الوكالة الدولية المتمثلة بالتعاون التام والتعهد بالتخلي كليًا عن عمليات تخصيب اليورانيوم والنشاطات الأخرى المرتبطة بها.

جاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم ١٧٣٧ في ٢٣ ديسمبر ٢٠٠٦ الذي وافق عليه أعضاء المجلس بالإجماع ليتضمن فرض عقوبات على إيران نتيجة لرفضها الانصياع  لمطالب وقف أنشطتها النووية، حيث دعا القرار إلى تعليق الأنشطة النووية الإيرانية الحساسة في مجال الانتشار النووي مثل التخصيب وإعادة المعالجة، بما في ذلك البحوث والتطوير، بطريقة يمكن للوكالة الدولية للطاقة الذرية التحقق منها.

وأخيرًا نجد تباين المواقف الدولية والإقليمية إزاء الملف النووي الإيراني، فإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تتبع سياسة التشدد والرفض التام لامتلاك إيران للسلاح الاستراتيجي، فإن الموقف الروسي والصيني يتميز بالمرونة وصولًا إلى المواقف العربية عمومًا والخليجية خصوصًا التي تدعو إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.

وتحت مظلة مجلس الأمن الدولي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من النفاذ عبر مرحلتي المفاوضات والعقوبات إلى توسيع هامش الحصار والضغط السياسي ليشمل الهيئات الرسمية والغير الرسمية كلها في إيران، وهذه الخطوة ستضعف ليس فقط سلطة حكومة الرئيس “أحمدي نجاد” لكن أيضًا سلطة النظام السياسي من خلال إثارة خلافات وخصومات بين أطرافه المختلفة، كما يتبين أنه ومع التطور الذي وصل إليه البرنامج النووي الإيراني، فإنه من المستبعد القيام بأي عمل عسكري ضد إيران في الوقت الحاضر لأسباب كثيرة وهي:

  • خشية الولايات المتحدة الأمريكية من تكرار التجربة العراقية وما نتج عنها من فوضى اتساع رقعة وعدد المنشآت النووية الإيرانية العلنية منها والسرية ما يجعل من توجيه الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل لضربة عسكرية أمرًا أكثر صعوبة وتعقيد.
  • كما أن استخدام الخيار العسكري ضد طهران لن يجبرها على الإذعان لمطالب واشنطن بقدر ما سيزيد من تشدد النظام واتخاذ أفعال حماسية تضر بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ولكون إيران تمتلك عدد من خيوط اللعبة في العراق وبإمكانها إثارة كثير من المتاعب لواشنطن المنهكة أصلًا.

المبحث الثالث

مستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية في ظل طموحات إيران النووية

تمهيد:

إن البرنامج النووي الإيراني يشكل معضلة من معضلات الأمن القومي في منطقة الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص يشكل تهديدًا للأمن القومي الخليجي، لذلك بات البرنامج النووي الإيراني معضلة أمنية عالمية، نظرًا لما ينتج عنه من إخلال لتوازن القوي في المنطقة، فضلًا عن كون ذلك البرنامج النووي ينتمي لدولة من أكبر الدول الطاغية في العالم، وبالتالي كان ذلك البرنامج محط اهتمام من جانب الكثير من الدول وعلى رأسهم الدول الخليجية التي كانت تتابع عن كثب تطوير إيران لبرنامجها النووي، حيث كانت الدول الخليجية تنتهج سياسة الاحتواء تجاه إيران خوفًا من خوض نزاع مع إيران لا تحمد عواقبه.

وإن تأثير البرنامج النووي الإيراني لا يشكل خطورة على الدول الخليجية فقط فهو في نفس الوقت يؤثر على مصالح الدول الغربية في المنطقة، لذلك بات البرنامج النووي الإيراني محط تهديد لعدد كبير من الدول إن لم يكن  تهديد للعالم بأسره، ولعل ما سيتم تسليط الضوء عليه في هذا الجزء رؤي لمستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية في ظل مساعي إيران لتطوير برنامجها النووي، كما سيتم تقديم عدد من السيناريوهات المحتملة لتطوير البرنامج النووي الإيراني.

المطلب الأول: رؤية مستقبلية حول موقف الدول الخليجية من طموحات إيران النووية.

نظرًا لتلك السياسة التي تبناها إبراهيم رئيس منذ تقليده لحكم إيران في أغسطس 2021 وهي إعادة النظر في العلاقات الإيرانية مع دول الجوار الإقليمي ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، أي سعي حكومة إبراهيم رئيس لتدعيم علاقاتها مع دول الخليج والحرص على تحسين الموقف الإيراني، وذلك في ظل استجابة خليجية لتوجهات إيران، مما لفت الأنظار لتأمل تلك العلاقة في ظل إعلان طهران أنها مستمرة في تطوير برنامجها النووي مع تأكيدها على أن برنامجها النووي سلمي بحت وليس له أي نوايا عسكرية من شأنها إخلال أمن دول مجلس التعاون الخليجي، لذلك فإن المثير للجدل في هذا الأمر أنه في ظل تطوير البرنامج النووي الإيراني وعودة المباحثات الإيرانية الغربية بشأن اتفاق (5+1)، هل سيؤثر ذلك على الاستجابة الخليجية لعودة العلاقات الدبلوماسية مع إيران؟؛علي الرغم من كون الضرر الناجم عن البرنامج النووي الإيراني يشمل كل الدول الخليجية، إلا أن مواقف الدول الخليجية تجاه ذلك البرنامج تختلف وتتباين من دولة لأخري، ولذلك سيتم تسليط الضوء على موقف كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي منفردة. [144]

  • المملكة العربية السعودية

على الرغم من أن السعودية قد بدأت مفاوضاتها مع إيران لعودة العلاقات الدبلوماسية فيما بينهم، تأكيدًا منها على رغبتها الشديدة في الاستجابة لمطالب الحكومة الإيرانية الجديدة لتحسين علاقاتها مع الدول الخليجية، إلا أنه من المتوقع أن السعودية مازالت متوجسة من استمرار إيران في طريقها لتطوير برنامجها النووي وذلك بسبب عودة المباحثات الإيرانية الغربية بشأن اتفاق (5+1)، فعودة الاتفاق ذلك يشكل معضلة أمنية من ناحية  واقتصادية من ناحية أخري للدولة السعودية، فمن الناحية الأمنية ، فإن إيران تشكل تهديدًا مباشرًا على السعودية وذلك بسبب التواجد الإيراني في محافظة (الإحساء) ذات الأغلبية الشيعية، مما يشكل خطرًا على السعودية من ناحية تعرضها لحركات انفصالية في ظل تمسك إيراني بمطامعها في المنطقة بالإضافة إلى خوف السعودية من التضارب بين المذهب السني التي تعتنقه والمذهب الشيعي التي تسعي إيران لنشره في المنطقة وعلى وجه الخصوص تسعي لنشره في الدول الخليجية مما يجعل السعودية عرضة للفتنة الطائفية، أما من الناحية الاقتصادية فإن عودة المباحثات حول الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية سينجم عنه رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران من جانب مجلس الأمن، مما سيؤدي إلى عودة إيران إلى الأسواق العالمية مما سيؤثر بشكل كبير على حصة السعودية في الأسواق، حيث باتت السعودية تعوض النقص من حصة إيران في الأسواق النفطية العالمية، لذلك من المتوقع أن تظل المملكة العربية السعودية متمسكة بحيطها وحذرها تجاه إيران على الرغم من ترحيبها بعودة العلاقات فيما بينهم.

  • البحرين

لعل موقف دولة البحرين من إيران من أكثر المواقف العربية وضوحًا، وذلك بسبب الأطماع الإيرانية الواضحة تجاه البحرين وسعيها الدائم لضمها لأراضيها، ولذلك من المتوقع في ظل تمسك إيران بسياساتها تجاه المنطقة وسعيها المستمر لتطوير برنامجها النووي أن تظل العلاقة التي تجمع البحرين بإيران يسودها الحذر والتوتر.

  • الإمارات العربية المتحدة

على الرغم من النزاع الطويل التي شهدته العلاقات الإيرانية الإماراتية حول الجزر الإماراتية، بالإضافة إلى القطيعة الدبلوماسية فيما بينهم، إلا أن الإمارات أبدت وبشكل صريح عن رغبتها في عودة العلاقات فيما بين الدولتين، فهي تتبع في سياستها مع إيران سياسة التهدئة واتباع كل الوسائل الدبلوماسية التي من شأنها ضمان أمن استقرار المنطقة، ولكن من المرجح أنه في ظل تمسك إيران ببرنامجها النووي وعدم وضوح حسن نواياها تجاه المنطقة، بالإضافة إلى عودة المباحثات بشأن الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الغربية، أن تتحول سياسة الإمارات من التهدئة إلى الحذر والحيطة مع ضمان استمرار العلاقات الدبلوماسية فيما بين الطرفين.

  • الكويت

على الرغم من الشد والجذب التي تتمتع به العلاقة الإيرانية مع الدول الخليجية إلا أن الكويت كانت تتمتع بدور الوسيط بين إيران والدول الخليجية الأخرى، ومن المرجح أنه في ظل عودة مباحثات الاتفاق النووي فإن الكويت ستظل على السياسات التي تنتهجها تجاه إيران، وذلك بسبب تأكيدها مرارًا وتكرارًا على تأييدها للاتفاق النووي الإيراني، فعلي الرغم من أن ذلك التأييد مشروط، إلا أنها عبرت بوضوح أن امتلاك إيران للبرنامج النووي من شأنه أن يحقق التوازن في المنطقة.

  • سلطنة عمان

إن العلاقات الإيرانية العمانية من أكثر العلاقات الخليجية توطيدًا، حيث في ظل القطيعة الدبلوماسية بين إيران وبعض الدول الخليجية كان هناك تبادل تجاري وعلاقات دبلوماسية مستمرة بين الطرفين، حيث كانت عمان تقوم بدور الوساطة الأكبر لتهدئة الأوضاع بين الدول الخليجية وإيران، ولكن من المتوقع أنه في ظل تمسك إيران بتطوير برنامجها النووي لتعزيز دورها الإقليمي، بالإضافة إلى عدم تخلي إيران عن موقفها تجاه القضية اليمنية واستمرار تدخلها في الشئون العربية، فإن عمان ستعيد النظر في الملف الإيراني وذلك لأن إيران تتدخل في شئون جارتها الإقليمية (اليمن)، وذلك من شأنه أن يؤثر بالسلب على عمان، ولا سيما في ظل امتلاك إيران للمقدرات النووية، مما سيدفع عمان لإعادة النظر في سياستها تجاه إيران، فمن الممكن أن تلجأ إلى الحيطة والحذر في علاقاتها مع إيران.

  • قطر

على الرغم من وضوح النوايا العسكرية من ناحية إيران تجاه دولة البحرين النظير الإقليمي لدولة قطر، حيث أن وقوع أي ضرر في البحرين من شأنه أن يؤثر وبشكل كبير على قطر، إلا أن قطر كانت تنتهج سياسة التهدئة مع إيران، وكانت تمتنع عن التصويت على أي عقوبات تفرض على إيران من جانب مجلس الأمن، بالإضافة إلى ذلك فإن قطر تمتلك أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة إلا أنها ورغم ذلك متمسكة بعلاقاتها الحميدة مع إيران، فهناك نشاط تجاري ودبلوماسي كبير فيما بين البلدين، كما أن قطر لم تبدي أي توجس من ناحية الاتفاق النووي الإيراني؛ لذلك فمن المتوقع أن قطر ستتمسك بدور الوسيط بين الدول الخليجية وإيران مستقبلًا.

  • موقف دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة في مواجهة البرنامج النووي الإيراني

على الرغم من اختلاف سياسات دول مجلس التعاون الخليجي تجاه إيران وتنوعها ما بين التوتر والحذر والتهدئة والوساطة، إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة أن إيران تمتلك ذلك البرنامج بغية تحقيق أهداف عسكرية في المنطقة، وبالتالي فالعمل العسكري الذي ستنتهجه إيران لا يخل بأمن دولة واحدة فقط ، فالعمل الذي يؤثر على أمن دولة البحرين مثلا من شأنه أن يؤثر على أمن دول الخليج بأكملها.

لذلك من المرجح في ظل تمسك إيران بمطامعها تجاه المنطقة أن يغير ذلك من موقف الدول الخليجية فتتجه من الاختلاف في السياسات تجاه إيران إلى إدراك خطورة الأمر وتوحيد سياساتها وتوجهاتها تجاه إيران، ومن المتوقع أيضًا أن تسعي الدول الخليجية إلى امتلاك قدرة نووية مشتركة من شأنها تحجيم أطماع إيران الاستعمارية في المنطقة، مما يؤدي إلى تعزيز سياسة سباق التسلح في المنطقة وبالتالي الإخلال بالأمن القومي العربي عمومًا والخليجي على وجه الخصوص.

المطلب الثاني: السيناريوهات المحتملة حول تطور البرنامج النووي الإيراني

على الرغم من انخراط إيران في اتباع سياسة جديدة مع وصول إبراهيم رئيس للحكم وهي تحسين علاقاتها مع دول الجوار الإقليمي، بالإضافة إلى فتح صفحة جديدة مع المجتمع الدولي، إلا أن إيران أكدت أنها مستمرة في تطوير برنامجها النووي وهي بذلك لا تستجيب لقرارات مجلس الأمن، بالإضافة إلى رفضها لأجهزة المراقبة التابعة لوكالة الطاقة الدولية على منشآتها النووي، وهذا تحدي واضح للمجتمع الدولي ولعل هذا التحدي يتنافى مع السياسة السلمية التي تتبناها إيران لرفع العقوبات الاقتصادية عنها، وفي ظل الأحداث التي تشهدها البيئة الدولية، ونشوب التوتر في كل بقعة من بقاع الأرض، كان ذلك بمثابة الفرصة الذهبية لإيران لتدعيم برنامجها النووي، فمع نشوب الأزمة الروسية الأوكرانية، وعودة المباحثات بشأن الاتفاق النووي (5+1)، بالإضافة التعاون الكوري الشمالي الإيراني ووجود تبادل نووي فيما بينهم‘ فضلًا عن انضمام الصين للمحور الصاروخي القائم بين الدولتين، وأخيرًا وليس أخرًا تناول مؤتمر الأطراف التابع للأمم المتحدة ولأول مرة ملف الطاقة النووية، كل هذه الأحداث ستؤثر بشكل أو بـأخر على الملف النووي الإيراني، سواء كان ذلك بالسلب أو الإيجاب ولعل هذا ما سيتم تناولها في عدد من السيناريوهات المحتملة:

  1. السيناريو الأول: توطيد التعاون النووي الكوري الشمالي الإيراني.

من المتعارف عليه وعلى مر تاريخ الدولتين أن هناك تعاون مشترك بين الدولتين ولاسيما في

مجال التبادل[145] النووي، فعلى الرغم من عدم وجود تصريحات رسمية من جانب الدولتين بوجود تعاون مشترك في مجال الطاقة النووية، ولاسيما في مجال الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، إلا أن التقارير تفيد بأنها هناك تعاون وتبادل نووي فيما بين الدولتين، ولعل هذا السيناريو هو الاقوى في مدي احتماليته، حيث أن كلا الدولتين يجمع بينهم عامل مشترك وهو وجود عقوبات من جانب مجلس الأمن بسبب تماديهم في توسيع نشاطهم النووي، وبالإضافة إلى ذلك فإن إيران قد اكتسبت جرأة أكثر بعد نشوب الأزمة الروسية الأوكرانية، فضلًا على امتلاكها للذهب الأسود الذي سيكون بمثابة عامل ضغط من جانب إيران على الدول الأوروبية لتنفيذ اتفاقها النووي بدون شروط، وبالتالي فإن ذلك سيعطي لإيران دفعة قوية لتنشيطها علاقاتها مع حليفها النووية (كوريا الشمالية) وذلك بهدف تحقيق طموحاتها في امتلاك القدرة النووية التي ستمكنها هي وكوريا الشمالية من اللحاق بمصاف الدول النووية العظمي.

  1. السيناريو الثاني: ظهور محور شر جديد.

مع تأمل العلاقات الخارجية لإيران في ظل توتر العلاقات فيما بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، نجد أن إيران تجمعها علاقات وثيقة مع روسيا والصين وكوريا الشمالية، تلك الدول التي تجمعها علاقة توتر وتنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى  أنه في ظل تعارض الولايات المتحدة الأمريكية مع البرنامج النووي الإيراني وتوجيهها للاتهامات لإيران لسعيها لامتلاك القنبلة الذرية، فإن هناك دعم روسي وصيني وكوري شمالي للبرنامج النووي الإيراني، مما سيؤدي ذلك إلى اشتداد الصراع فيما بينهم وبين الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعي لحفظ توازن القوي في العالم، وبالتالي إعادة الولايات المتحدة الأمريكية لبلورة ذلك المفهوم التي بلورته من قبل وهو (محور الشر) وكان يشير جورج بوش الابن بذلك المفهوم إلى (إيران، كوريا الشمالية، أفغانستان)، لذلك فمن المتوقع في ظل الأحداث الدولية المعاصرة إعادة بلورة ذلك المفهوم ليشير بذلك إلى ( إيران، روسيا، الصين، كوريا الشمالية)، ويعتبر ذلك السيناريو في ظل الأوضاع الراهنة مؤكد، حيث تؤكد العديد من المؤشرات أن العالم على شفا حرب عالمية ثالثة.

 

  1. السيناريو الثالث: تكرار التجربة العراقية.

في ظل سعي إيران لتطوير برنامجها النووي وتجاهل العقوبات التي تفرض ضدها من جانب المجتمع الدولي، بالإضافة إلى قيامها بتصريحات استفزازية بشأن امتلاكها البرنامج النووي، فضلًا عن قيامها بالعديد من المناورات العسكرية واستعراض قوتها النووية، فإنها بذلك تعيد تجربة العراق، حيث كان صدام يتمادى في معارضته للمجتمع الدولي، ومن المرجح أن تمسك إيران بسياساتها ومبادئها النووية أن يثير ذلك استفزاز الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي سعيها لتدمير النظام الإيراني القائم كما حدث مع العراق بالفعل، ولكن هذا السيناريو ضعيف لأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد كسابق عهدها، أي لم تعد تتمتع بالقوة كما كانت من قبل، كما أنها أصبحت تضطلع بمشاكل داخلية تحتم عليها العزلة عن المجتمع الدولي وعدم التدخل في أي مشكلة دولية من شأنها تشكيل عبء على الكاهل الأمريكي، فضلًا عن توطيد إيران لعلاقاتها مع عدد من الدول النووية، مما يجعل إيران تقف على أرض صلبة في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية.

  1. السيناريو الرابع: تدعيم موقف إيران التفاوضي في ظل الحرب الروسية الأوكرانية.

مع احتدام الصراع الروسي الأوكراني[146] والعقوبات الاقتصادية والتجارية التي فرضتها أمريكا والدول الأوروبية علي روسيا ومنع استيراد الغاز الروسي، الأمر الذى من شأنه أن يؤدي إلى أزمة الطاقة في العالم الغربي ولجوء أمريكا والدول الأوروبية للبحث عن مصدر أخر للطاقة بديل عن الغاز الروسي والأوكراني، بدأت الدول الأوروبية و أمريكا في التمسك بمسار الدبلوماسية مع إيران على أمل تهدئة التوترات في المنطقة، وأملاً في أن يعيد ذلك إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وهو الأمر الذي يسمح بدخول الغاز والنفط الإيراني إلى سوق الطاقة، فإيران تمتلك موارد هائلة، ومع احتمال إعادة إحياء الاتفاق النووي وعودتها إلى سوق الطاقة الدولية، فإنها مؤهلة لتكون أحد مورّدي الغاز الرئيسيين إلى أوروبا بجانب قطر، الأمر الذي يسهم في توفير بديل لأوروبا عن الغاز والنفط الروسي الذي يمر عبر أوكرانيا، أو حتى عبر خط نوردستريم2 عبر بحر البلطيق، مما يزيد من الضغط على روسيا، هذه الفرصة الاقتصادية تمنح إيران مساحة أكبر للمناورة، وتنفيذ أجندتها في الضغط على الولايات المتحدة والغرب لتطوير برنامجها النووي ورفع العقوبات الاقتصادية عنها.

فضلًا عن تعزيز تحالف إيران مع روسيا والصين ربُما يرى البعض أن المحادثات في فيينا يمكن أن تكون ورقة مساومة مع الغرب في موضوع أوكرانيا، وقد يعمل بوتين لدفع مفاوضات فيينا قُدمًا والانضمام للضغط على إيران مقابل تنازلات في شرق أوروبا، لكن لا شك أن احتدام الصراع يشغل الولايات المتحدة عن المخاطر التي تمثلها إيران، وسوف تستفيد إيران من هذه الأجواء لمواصلة سياساتها وكسب مزيدٍ من الوقت لتنفيذ مخططاتها، فضلاً عن كسب مزيدٍ من التأييد من جانب روسيا، خصوصاً أن احتمال فرض الولايات المتحدة مزيدًا من العقوبات على إيران، سيدفع روسيا إلى مزيدٍ من التعاون الاستراتيجي والاقتصادي مع إيران، وعدم الالتفات للعقوبات الأمريكية، وقد تدعم الصين هذا التوجه بما يخلق جبهةً تعتمد عليها إيران في تعزيز نفوذها والاحتفاظ بمكتسباتها، إن هذا الدعم سيُسهم في احتمال حصول إيران على اتفاق أفضل في فيينا، كما أن إصرار روسيا على نهجٍ يُعيد للذاكرة أجواء الحرب الباردة سيدفعها لتطوير علاقاتها مع حلفائها، لا سيما في الشرق الأوسط الذي يمثل أحد أهم ساحات إحياء الطموحات الروسية على الساحة الدولية، وتحتل إيران أولوية كحليف مهم لروسيا في المنطقة، وبالتالي ستحرص روسيا على عدم تطبيع العلاقات بين إيران والغرب، ولعل هذا السيناريو هو المؤكد والمرجح في ظل الأوضاع الدولية الراهنة.

  1. السيناريو الخامس: تنامي النفوذ الصيني في منطقة الشرق الأوسط على حساب النفوذ الأمريكي.

في ظل توتر العلاقات الإيرانية الأمريكية، بالإضافة إلى توتر العلاقات الأمريكية السعودية مؤخرًا، فإن هذا سيفتح الطريق أمام الصين لتدعيم قوتها في الشرق الأوسط، فمع دراسة الموقف الصيني في الشرق الأوسط وسعيها الدائم لإيجاد حل وسط وفعال للنزاعات الموجودة في الشرق الأوسط، فإن ذلك يعد كفيل للفت الأنظار إلى الصين التي تجمعها علاقات قوية بدول الشرق الأوسط ولا سيما الدول الخليجية وإيران، وقد بدا دور الصين واضحًا في إطار الاتفاق الثلاثي التي تزعمته مؤخرًا لحل النزاعات بين إيران والسعودية، وتشير تلك الأحداث أن الوجود الصيني في المنطقة سيساهم في تحقيق انفراجه في العلاقات الخليجية الإيرانية وتقليل المشاحنات فيما بينهم عن الوجود الأمريكي، ويعد هذا السيناريو مؤكد بشكل كبير في ظل حرص الصين على إعلان نفسها على أنها قوة لحفظ السلام في العالم وليس قوة صراع.

الخاتمة

إن العلاقات الخليجية الإيرانية منذ القدم تتسم بشيء من التباعد تارة والتقارب تارة أخري، حيث كان محور تلك العلاقة يتبلور بشكل كبير حول معضلة أمن المنطقة ولاسيما أمن دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك في ظل الأطماع الإيرانية البارزة تجاه المنطقة العربية بشكل عام ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص، ولعل ما كان يشعل فتيل التوتر بين إيران والدول الخليجية هو إدراك الدول الخليجية أطماع إيران في المنطقة ومساعيها التخريبية لنشر المذهب الشيعي في المنطقة والعمل على بث الفرقة والخلاف والانقسام بين الدول الخليجية وداخل الدول الخليجية نفسها، وقد اتضح ذلك من خلال سعيها لتكوين علاقات وطيدة مع بعض الدول الخليجية، في حين أنها تشهد توتر في علاقاتها مع دول خليجية أخري، ولعل ذلك خير دليل على أن إيران لا تصادق دول ولا تعادي دول إلا وكان ذلك في سبيل تحقيقها لأهدافها ألا وهي الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط.

ولذلك عند الحديث عن السبل التي تتبعها طهران لتحقيق هيمنتها، فلابد من تسليط الضوء على البرنامج النووي الإيراني  وسعيها الدائم نحو تعظيم مقدراتها النووية، فعلى الرغم من تأكيد إيران على أن برنامجها النووي سلمي بحت، إلا أن ذلك البرنامج كان بمثابة لب الخلاف بين الدول الخليجية وإيران، حيث أدركت الدول الخليجية أن نوايا إيران من امتلاك ذلك البرنامج هو تحقيق طموحاتها الاستعمارية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى سعيها الدائم لتحقيق حلم السيطرة على المنطقة، ذلك الحلم الذي بات يراود كل من تولي حكم إيران، لذلك كان البرنامج النووي الإيراني من أكبر العوامل التي أثارت ذعر الدول الخليجية، نظرًا للأضرار التي تنجم عنه.

ولقد تناولنا في هذه الدراسة العلاقات الخليجية الإيرانية خلال الفترة من (2022:2015)، حيث تباينت العلاقات الخليجية الإيرانية في تلك الفترة بسبب المتغيرات القيادية التي شهدتها إيران، فالعلاقات الخليجية الإيرانية التي كانت تشهد نوعًا من التصعيد في عهد (حسن روحاني) بدأت تشهد تهدئة ومباحثات لعودة العلاقات مع وصول (إبراهيم رئيس) للحكم الإيراني في أغسطس 2021، ومع تأمل العلاقات الخليجية الإيرانية التي يسودها نوعًا من الحذر، فقد سلطت الدراسة الضوء على المحددات التي تؤثر على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج العربي، تلك المحددات التي تتنوع ما بين محددات داخلية بدءًا من المحدد الجغرافي مرورًا بالمحدد الديني حتي المحدد العسكري، كذلك هناك دور للمحددات الدولية المتمثلة في النظام الدولي، مع تسليط الدراسة الضوء على المحددات التي تحكم العلاقات الخليجية الإيرانية، تلك المحددات التي تؤثر بشكل كبير على مدي التقارب والتباعد بين إيران والدول الخليجية، لذلك تناولت الدراسة بشكل مبسط تلك العوامل التي كانت تتأرجح ما بين التقارب والتباعد في العلاقات الخليجية الإيرانية.

إضافًة إلى ذلك، لقد سلطت الدراسة الضوء على دوافع إيران من وراء امتلاكها للقدرة النووية، حيث ألقت الدراسة الضوء على الآراء والاتجاهات التي تفسر امتلاك إيران لبرنامجها النووي لتدعيم دورها الإقليمي ومكانتها الدولية.

وفي إطار تفسير الدراسة لدوافع إيران وراء امتلاكها للقدرة النووية، سعت الدراسة أيضًا لتوضيح مراحل التطور التاريخي المختلفة التي شهدها البرنامج النووي منذ بداية انشائه بدعم أمريكي في عهد الشاه حتي الآن في ظل نفور أمريكي من تطوير إيران لذلك البرنامج، ولقد سعت الدراسة إلى تسليط الضوء على وضع البنية التحتية النووية الإيرانية ومراحل تطور المفاعلات النووية الإيرانية.

ونحن في مضض الحديث عن البنية التحتية الإيرانية كان لابد من توضيح أثر ذلك البرنامج على أمن دول مجلس التعاون الخليجي وكيف يشكل ذلك البرنامج معضلة أمنية كبيرة في المنطقة، ونظرًا لكون البرنامج النووي الإيراني بمثابة تهديد عظيم ليس لأمن الدول الخليجية فقط، ولكن يؤثر أيضًا على مصالح القوي الدولية في المنطقة ولاسيما منطقة الخليج العربي، كان لابد من تسليط الدراسة الضوء على المواقف الخليجية تجاه ذلك البرنامج، بالإضافة إلى توضيح مواقف القوي الإقليمية والدولية تجاه ذلك البرنامج.

وأخيرًا لقد تناولت الدراسة رؤي مستقبلية لمصير العلاقات الخليجية الإيرانية في ظل السعي الإيراني لتطوير برنامجها النووي، مع توضيح عدد من السيناريوهات المستقبلية المحتملة بشأن تطور البرنامج النووي الإيراني في ظل الأوضاع الدولية الراهنة.

النتائج

لقد توصلنا خلال هذه الدراسة البحثية إلى مجموعة من النتائج والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • إن امتلاك الدول الخليجية لأهمية خاصة بسبب موقعها الجغرافي وامتلاكها لمصادر الطاقة، جعل منها محطًا لأطماع الكثير من الدول وعلى رأسهم إيران.
  • أدي غياب استراتيجية العمل المشترك بين الدول الخليجية إلى وجود تناقض في السياسات الخليجية تجاه إيران وانقسام تلك السياسات ما بين وفاق عماني قطري كويتي وبين تباعد وتنافر سعودي بحريني إماراتي تجاه إيران.
  • الولايات المتحدة الأمريكية كانت من أسباب دفع إيران نحو امتلاك الطاقة النووية، حيث ساهمت بشكل كبير في مساندة إيران في ذلك الشأن.
  • أدي توجس دول الخليج من تطوير إيران لبرنامجها النووي إلى انعدام وفقدان الثقة بين الطرفين.
  • إن الدعم الروسي والصيني والكوري الشمالي لإيران من ناحية تأييد برنامجها النووي وتوفير السبل الكافية لدعم إيران من الممكن أن يثير ذلك استفزاز الولايات المتحدة الأمريكية وأتباعها، فيؤدي ذلك إلى انقسام دولي وعودة الحرب الباردة بين الدول النووية.
  • من الممكن أن يؤدي سعي إيران المستميت للحصول على الأسلحة النووية إلى تعزيز الوفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الخليجية لمنع التوغل الإيراني في المنطقة.
  • إن سعي إيران لتطوير برنامجها النووي سوف يثير استفزاز الدول الخليجية ومن ثم يدفعها ذلك إلى السعي نحو تطوير مقدراتها النووية، وبالتالي سيدخل المنطقة في سباق تسلح، وذلك على حساب التطور الاقتصادي والاجتماعي والبشري.
  • عدم وضوح الرؤية الاستراتيجية المشتركة لدول الخليج وتناقض الأولويات فيما بينهم.
  • ضعف الجهود الخليجية وعدم توحدها في الدفاع عن مصالحها يؤدي إلى التدخلات المباشرة للدول الكبرى لحماية مصالحها.
  • محاولة دول الخليج تبنى سياسة الاحتواء للطرف الإيراني دون التورط في نزاع مسلح لا تحمد عواقبه.
  • نجاح الصين في القيام بدور الوساطة بين المملكة العربية السعودية وإيران، بالإضافة إلى قيامها بلفت الأنظار الدولية حول دورها الإيجابي والفعال في منطقة الشرق الأوسط على النقيض من الولايات المتحدة الأمريكية.

التوصيات

لقد توصلت الدراسة إلى عدد من التوصيات لتفادي الصدام بين الدول الخليجية وإيران والحفاظ على الأمن في المنطقة:

  • لتحقيق أمن الدول الخليجية لابد وأن تتبني دول مجلس التعاون الخليجي استراتيجية أمنية تتماشي مع المتطلبات الإقليمية والدولية، بحيث تشكل تلك الاستراتيجية وتيرة عمل مشتركة بين الدول المعنية للضغط على إيران، لتفادي الإخلال بتوازن القوي في المنطقة.
  • لابد أن تقوم الدول الخليجية بتفعيل مؤسسات وهياكل على الصعيد الخليجي من ناحية ومؤسسات على المستوي العربي من ناحية، بحيث تشكل هذه المؤسسات قوة ردع لإيران إذا استمرت في تنفيذ سياساتها تجاه المنطقة العربية عمومًا والمنطقة الخليجية على وجه الخصوص.
  • من ناحية أخري وبالإضافة إلى تفعيل مؤسسات عربية، يجب على الدول الخليجية أن تتعاون مع الدول العربية الأخرى في مجال تبادل الخبرات العسكرية، ذلك العمل الذي من شأنه أن يجعل من الدول الخليجية خصم قوي في مواجهة إيران.
  • ضرورة تحديد مسار معين للمفاوضات الجارية الخاصة ببرنامج إيران النووي، والتي تعتمد على استبعاد المشكلات الإقليمية.
  • إقامة حوار هادف بين الطرفين من خلال مجموعة من قنوات الاتصال الدورية الرسمية فيما يتعلق بقضايا الخلاف الرئيسية، وفي مقدمتها تدخل إيران في شئون مجموعة من دول مجلس التعاون الخليجي.
  • توحيد السياسات الخليجية على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري وصولاً إلى الوحدة الخليجية وهو ما تطمح إليه شعوب منطقة الخليج العربي.
  • تقوية الجبهة الداخلية لدول المجلس وتعزيز الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية بين افراد المجتمع الخليجي، وهذا كفيل بعدم اختراق هذه الجبهة من الخارج وتعزيز مبدأ (الولاء والانتماء) وهي ضرورة وطنية ملحة.
  • اللجوء إلى المحكمة العدل الدولية لحل الخلافات في حال مواصلة إيران تعنتها في قضية الجزر الإماراتية..

_______     قائمة المراجع والمصادر _______

المراجع باللغة العربية

أولًا: الكتب:-

  1. الأحمري ، محمد ، كتاب بعنوان ” العلاقات العربية الإيرانية في منطقة الخليج ، منتدي العلاقات العربية والدولية ، الطبعة الأولي ، 2015 .
  2. الجازي ، ممدوح ، النفوذ الإيراني في المنطقة العربية علي ضوء التحولات في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة (٢٠٠٣: ٢٠١٤) ، دار عمار للنشر والتوزيع ، 2014.
  3. الدغيدي، انيس ، (الأقطاب الثالثة مصر وإيران وتركيا ) القاهرة: كنوز للنشر والتوزيع، 2012.
  4. الراوي ، رياض ، كتاب بعنوان ” البرنامج النووي الإيراني وأثره علي منطقة الشرق الأوسط “ ، دار الأوائل للنشر والتوزيع ، سوريا ، الطبعة الثانية 2008 .
  5. الراوي، رياض، كتاب بعنوان “البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط”،(دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع)، 2006.
  6. المجالي، عصام ، تأثير التسلح الإيراني علي الأمن الخليجي، الطبعة الأولي ، دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع ، عمان،٢٠١٦.
  7. زهرة، عطا، كتاب بعنوان “البرنامج النووي الإيراني“، (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات)، 2015.
  8. عبدالمنعم، محمد ،النشاط النووي الإيراني من النشأة حتى فرض العقوبات. القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية،٢٠٠٩، ص ٣٦
  9. محمد، زينب، الموقف النووي في الشرق الأوسط في أوائل القرن العشرين. القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، ص ١٤٧، 2007.
  10. ناصر، شحاتة، كتاب بعنوان” السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي…الاستمرارية والتغيير”، دار العين للنشر، القاهرة، ٢٠١٥
  11. ياسر، عبدالحسين، ” السياسة الخارجية الإيرانية مستقبل السياسة في عهد حسن روحاني” ، شركة المطبوعات للتوزيع و للنشر، تأثير انتخابات 2013 في السياسة الخارجية الإيرانية، الطبعة الأولي، 2015.

ثانيًا: الرسائل العلمية:-

  1. الثاني ، خليفة بن عبدالله ، اثر الأزمة الخليجية علي العلاقات القطرية مع القوي الكبرى تركيا وإيران نموذجاً (٢٠٢٠:٢٠١٧) ، رسالة ماجستير ، جامعة آل البيت ، الأردن ، دار المنظومة ، 2021 .
  2. الجسمي ، خليل ، السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية حيال الجزر العربية الثلاث ، رسالة ماجستير ، قسم العلوم السياسية ، كلية الآداب والعلوم ، جامعة الشرق الأوسط، 2013.
  3. الحنيطي ، محمد ، العلاقات القطرية الإيرانية في فترة الأزمة الخليجية وتداعياتها علي أمن الخليج 2017: 2020 ، رسالة ماجستير ، جامعة آل البيت ، الأردن، دار المنظومة، 2022.
  4. الخالدي، حمد ، التسلح النووي الإيراني واثره علي أمن دول الخليج العربية(٢٠٠٦:١٩٩١)، رسالة ماجستير ، كلية الدراسات العليا ، الجامعة الأردنية ، 2007.
  5. الخالدي، عدنان، التسلح النووي الإيراني وأثره على أمن دول الخليج العربية (٢٠٠٦:١٩٩١)، رسالة ماجيستير، الجامعة الأردنية، كلية الدراسات العليا، قسم العلوم السياسية، 2007.
  6. الدغيم، رأفت، أثر الاتفاق النووي الإيراني علي الامن الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي، رسالة ماجستير، الاردن، جامعه اليرموك، كلية الآداب، ٢٠١٧.
  7. العبادي ، فؤاد ، السياسة الخارجية لإيران وأثرها علي أمن الخليج العربي (٢٠١٢:١٩٩١) رسالة ماجستير ، جامعة الشرق الأوسط ، كلية الآداب والعلوم ، قسم العلوم السياسية ، 2013.
  8. العلكة، وسام، دور وكالة الطاقة الدولية للطاقة الذرية في الرقابة على استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية، رسالة دكتوراه، جامعة دمشق، كلية الحقوق، سوريا، 2011، ص267.
  9. القضاة ، عبدالله ، العلاقات السياسية والأمنية الخليجية الإيرانية وآثرها علي الأزمة السورية 2017 ، رسالة ماجستير، جامعة آل البيت، الأردن ، 2018 .
  10. المسافر، حسن، أثر البرنامج النووي الإيراني علي العلاقات الخليجية الإيرانية(٢٠٢٠:٢٠٠٥) ، رسالة ماجستير ، كلية العلوم السياسية ، جامعة آل البيت ، دار المنظومة ، 2022.
  11. المطيري، عبدالله، أمن الخليج العربي والتحدي النووي الإيراني، رسالة ماجيستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، قسم العلوم السياسية، يوليو2011.
  12. زروقه، اسماعيل، الموقف التركي من البرنامج النووي الإيراني، رسالة دكتوراه، جامعه الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ٢٠١٥.
  13. عبدالوهاب، وصيف، دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إدارة الملف النووي الإيراني ، رسالة ماجستير، جامعة الحاج الأخضر، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، 2013.
  14. عبد القادر، براء، القدرات العسكرية الإيرانية وأثرها في ميزان القوى في الخليج العربي، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية العلوم السياسية، جامعة صدام،
  15. نصير، ندين ، “أثر المشروع النووي الإيراني على السياسة الخارجية الإسرائيلية، رسالة ماجستير، جامعة اليرموك، كلية الآداب ، قسم العلوم السياسية، 2014.
  16. نازية سوسي، آسية انجلي، العلاقات الأمريكية الإيرانية الملف النووي الإيراني نموذجًا، رسالة ماجيستير، جامعة مولود معمري، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر،

ثالثًا: المجلات:-

  1. أبو حنيفة، الوليد، البعد الديني في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه المنطقة العربية ، مجلة المعيار، الجزائر، عدد 47 ، 2019.
  2. إدريس، محمد السعيد، التحديات الإقليمية للبرنامج النووي الإيراني، مختارات إيرانية، العدد 66، ٢٠٠٦.
  3. إدريس، محمد السعيد، الخليج والأزمة النووية الإيرانية، مجلة السياسة الدولية، العدد 165 ، ٢٠٠٦.
  4. الاخضري ، إيمان ، العلاقات الإيرانية الخليجية بين التوازن الاستراتيجي والنظرية الأمنية ، مجلة دفاتر السياسة والقانون ، العدد 19، جامعة بسكرة ، الجزائر، ٢٠١٨.
  5. الأنصاري، عبد الحميد، متى تتحرك دول الخليج إزاء النووي الإيراني، مجلة آراء حول الخليج، العدد ١٦، ٢٠٠٦.
  6. البرصان، احمد، إيران والولايات المتحدة ومحور الشر الدوافع السياسة والاستراتيجية الأمريكية، مجلة السياسة الدولية، العدد 148، ٢٠٠٦.
  7. البرهان، احمد، ايران والولايات المتحدة ومحور الشر، الدوافع السياسية والاستراتيجية الأمريكية، مجلة السياسة الدولية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤسسة الأهرام، مصر، العدد (148)، 2002.
  8. الديربي، عبد العال، السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الملف النووي الإيراني، مجلة الدراسات السياسية و الاقتصادية، مصر، العدد الأول، 2021.
  9. الزهراني ، يحيي ، تطبيق نظرية العمق الاستراتيجي والقوة الشاملة علي أمن منطقة الخليج ، مجلة الدراسات المستقبلية ، العدد 2 ، 2016 .
  10. الضعيان ، ضيف الله ، العلاقات الأمريكية الإيرانية الوجه الآخر ، مجلة البيان ، المجلد 2007 ، العدد 4 ، كلية العلوم ، جامعة الملك سعود ، الرياض ، 2007.
  11. الكعود، إسراء، الموقف الإقليمي من البرنامج النووي الإيراني، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، المجلد 16، العدد4، مصر، 2015.
  12. المجالي ، إياد ، محددات العلاقات الإيرانية الخليجية ، مجلة مدارات إيرانية ، العدد 6، المجلد 2 ، جامعة مؤته ، الأردن، 2019.
  13. المعموري، علي، سيناريو حرب الناقلات الي أين ،كلية قانون ، جامعة بابل، العراق، مجلة مدارات إيرانية ، المجلد 2، العدد 5، 2019 .
  14. المهداوي ، مثني ، العلاقات الإيرانية الأمريكية بعد الاتفاق النووي ، مجلة العلوم السياسية ، المجلد 2018 ، العدد 56 ، العراق ، 2018
  15. باديب، محمد، العلاقات بين المجلس وإيران والاعتبارات الأمنية والدفاعية، مجلة آراء الخليج، العدد 24، 2005.
  16. جلود، میثاق خير الله، موقف الولايات المتحدة من البرنامج النووي الإيراني، مجلة الحوار المتمدن، العدد 3304، ٢٠١١.
  17. حسانين، محمد، “الاتساق اللغوي في الخطاب الرئاسي الإيراني بين روحاني ورئيسي”، مجلة الدراسات الإنسانية والأدبية، العدد 26، كلية الآداب، جامعة كفر الشيخ، مصر، 2017.
  18. سليم ، إيمان ، تحليل الاستراتيجيات الأمنية في الخليج العربي والمأزق النووي بالتطبيق علي الأزمة النووية الإيرانية (٢٠٠٢: ٢٠١٤)، مجلة البحوث المالية والتجارية، المقالة 8 ، المجلد 20 ، العدد الرابع ، 2019.
  19. سرحان، ضاري، القدرات الصاروخية الإيرانية، مجلة جامعة كركوك للدراسات الإنسانية، العدد2، المجلد6، السنة السادسة 2011.
  20. علي، سليم، البرنامج النووي الإيراني وأثره علي دول الخليج العربي ، المجلة المستنصرية ، للدراسات العربية والدولية ،2016.
  21. محمود، أحمد، البرنامج النووي الإيراني، مجلة السياسة الدولية، العدد 131، ص 312، القاهرة، 1998.
  22. هياجنة ، عدنان ، أزمة الملف النووي الإيراني وسيناريوهات الموقف الأمريكي، الأردن، مجلة دراسات شرق أوسطية ، 2007.

رابعًا: المراكز و المواقع العلمية :-

  1. الباقر، مأمون، البرنامج النووي الايراني واحتمالات الضربة الأمريكية، الملف السياسي، صحيفة البيان، العدد ٦٣١ ، دبي، يونيو ٢٠٠٣.
  2. الجزر الإماراتية الثلاث، الجزيرة، 2015. متاحة ع الرابط: https://cutt.us/hiaVb
  3. الزويري، محجوب، مبادرة للسلام الإيرانية والبلدان المجاورة ، كلية الآداب والعلوم ، جامعة قطر ، مركز دراسات الخليج ، 2019 .
  4. السيد ، أمنية، السياسة الخارجية لإيران تجاه دول الخليج العربي، المركز الديمقراطي العربي، ٢٠١٦.
  5. السيد، مصطفي، المواقف الدولية تجاه أزمة الملف النووي الإيراني (2001،2010)، المركز الديمقراطي العربي، 2018.
  6. الشامي، طارق، كيف نظرت أمريكا للاتفاق السعودي الإيراني بوساطة الصين، اندبندنت عربية، مارس 2023، متاح على الرابط https://cutt.us/j9NrD
  7. الكواز، محمد، سياسة روسيا الاتحادية تجاه تطورات الملف النووي الإيراني(٢٠١٥:٢٠٠٩)، مركز الدراسات الإقليمية ، العدد 30، جامعة الموصل، 2018
  8. بعد قطيعة 7 سنوات السعودية وإيران تعلنان عودة العلاقات، بوابة الأخبار، مارس 2023، متاح على الرابط https://2u.pw/komp4q
  9. جاسم، خيري، العلاقات الخليجية الإيرانية دراسة في معضلة الأمن ، مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية ، بغداد ، العدد 29 ، 2019.
  10. حميد، صالح، أسرار التعاون الصاروخي بين إيران وكوريا الشمالية، العربية، فبراير 2023، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/n46G
  11. حماد ، مدحت ، الآفاق المستقبلية في علاقات إيران الإقليمية بعد تولي إبراهيم رئيسي ، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ، رئاسة مجلس الوزراء ، العدد 20 ، أكتوبر ، 2021.
  12. خزار، فهد ، البرنامج النووي الإيراني قراءة في الواقع والمستقبل، دراسات سياسية استراتيجية العدد 18 :19 ، مركز الدراسات الإيرانية ، جامعة البصرة، ص ٦٧، 2003.
  13. ذكي، أمنية، السياسة الخارجية لإيران تجاه دول الخليج، المركز الديمقراطي العربي، يوليو2017.
  14. روحاني يؤكد سلمية البرنامج النووي وواشنطن تحذر من مأزق، الجزيرة، إبريل 2021، متاح على الرابط: https://2u.pw/xlnfxc
  15. زنيد، حسن، “عدم حسم العلاقة مع إيران يهدد المصالح الخليجية”، DW عربية، يناير 2021، متاح على الرابط

https://www.sahafahh.com/show10254435.html

  1. زهرة، عطا، البرنامج النووي الإيراني، الطبعة الأولي، مركز الزيتونة للدراسات، لبنان، ٢٠١٥.
  2. سيد، حمدي، مقالة بعنوان” انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على مسارات الاتفاق للبرنامج النووي الإيراني، المركز الديمقراطي العربي، سبتمبر 2022، متاح على الرابط https://democraticac.de/?p=84715
  3. طلحة، أميرة، البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته على أمن دول الخليج العربي(٢٠١٦:٢٠٠٥)، المركز الديمقراطي العربي، يوليو 2016.
  4. على، زاهر، “زيارة رئيسي لقطر، هكذا تطورت العلاقات بين الدوحة وطهران”، جادة إيران، فبراير 2022،متاح على الرابط https://jadehiran.com/archives/34604
  5. علي، أحمد، النووي الإيراني والاسرائيلي بين الجامعة العربية والطاقة الذرية، اندبندنت عربية17:12:2021، متاحة علي الرابط  https://cutt.us/SEpat
  6. عزيزي ، حميد ، ما هو مدي الاستمرارية والتغير في سياسة إيران الإقليمية في ظل رئاسة إبراهيم رئيسي ، المركز العربي للبحوث ، العدد 74 ، دار المنظومة ، 2021.
  7. عدنان، علي، استمرار امريكا في الاتفاق النووي الإيراني علي المحك، المركز الديمقراطي العربي، ١٠ فبراير ٢٠٢٣.
  8. فاضل ، شريفة ، مفهوما العدو والصديق في العلاقات الدولية دراسة حالة دول الخليج بكل من تركيا و إيران ، الجمعية العربية للعلوم السياسية ، العدد 3، دار المنظومة ،2021
  9. كيف ارتفعت احتياطات إيران من اليورانيوم المخصب في السنوات الماضية، سي إن إن العربية، يونيو 2019، متاح على الرابط https://2u.pw/KNU68S
  10. لانا، رواندي، تاريخ العلاقات الإيرانية الروسية و اتفاق فيينا النووي، المركز العربي الأبحاث و الدراسات السياسية، ٢٠١٥.
  11. منشأة نتنز النووية الإيرانية وما هو سر الحوادث المتكررة فيها، بي بي سي نيوز، أبريل 2021، متاح على الرابط https://www.bbc.com/arabic/middleeast-56721332
  12. محمود، دلال، البرنامج النووي الايراني وانعكاساته علي أمن دول الخليج العربي، المركز الديمقراطي لعربي، 2016 https://democraticac.de/?p=34475
  13. ناجي ، محمد ، إيران حصاد عام سابق ومالات عام جدد ، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ، 202١.
  14. نجلاء مكاوي ويحي صهيب وناصر بدوي ،كتاب “الاستراتيجية الإيرانية في الخليج العربي، مركز صناعة الفكر للدراسات والابحاث، الطبعة الأولي، ٢٠١٥

المراجع الأجنبية:-

Books:

  1. Farhad Rezaei, Iran’s Nuclear Program: A Study in Proliferation and Rollback, Palgrave Macmillan, New York, 2017.

Periodicals:

  1. Dassa, Dalia, A nuclear Iran: The Reaction Of Neighbor, Journal Of Global Politics And Strategy,  2007.
  2. HOMEIRA, MOSHIRZADEH, “Discursive Foundations of Iran’s Nuclear Policy”, Department of International Relations, University of Tehran, Security Dialogue, vol. 38, no. 4, December 2007.
  3. Nihat Ali Özcan, Özgür Özdamar, “IRAN’S NUCLEAR PROGRAM AND THE FUTURE OFU.S.-IRANIAN RELATIONS”, MIDDLE EAST POLICY, NO1, 2009.
  4. Sajedi, A. (2009), Geopolitics of the Persian Gulf Security: Iran and The United States, IPRI Journal, 4.

Papers:

  1. Abootalebi, A. (2007). Iran and the future of Persian Gulf Security, paper prepared at The Midwest Political Science Association, Annual Meeting, Chicago, Palmer House, p32.
  2. El-Hokayem,E & Legrenzi, M (2006). The Arab Gulf States in the Shadow Of the Iranian Nuclear Challenge, Working Paper, The Henry, L. Stimson Center, 1-25
  3. Richard, L Rassell, Arab Security Response To A Nuclear Ready Iran, Nonproliferation policy Education Center,2003
  4. Maleki, Abbas, ( 2010). Iran’s nuclear: recommendations for the future, the American Academy of Arts & Sciences,p45

Thesis:

  1. Feisal Abukshiem, The Iranian Government’s Ambitious, Master’s Thesis, Army Command And General Staff Coll, Fort Leavenworth KS, 2012.

Website:

  1. Eccentric Nationalist Bedgets Strange History“, New York times, available at; Http://www.nytimes.com
  2. “Iran president: we won’t retreat on lota”,Fox news, 2006, available at: https://2u.pw/6g9riW
  3. “Integrated Nuclear Fuel Cycle Information Systems (iNFCIS, available at; http://www-nfcis.iaea.org/
  4. Kelsey, Davenport, “Explainer: Can the Iran Deal Be Resuscitated?, January 11, 2023, available at; http://iranprimer.usip.org/blog/2023/jan/11/explainer-can-iran-deal-be-resuscitated
  5. Sahimi, M (2003). Iran’s Nuclear Program. Part I: Its History, Online Article, Payvand Iran News, available at; http://www.payvand.com/news/03/oct/1015.html
  6. The Iran Primer, U.S.: The Iran Threat & Options, March 13, 2023, available at; http://iranprimer.usip.org/blog/2023/jan/25/us-iran-threat-options
  7. The Iran Primer, Iran’s Increasing Reliance on China, March 15, 2023, available at; http://iranprimer.usip.org/blog/2019/sep/11/irans-increasing-reliance-china
  8. Migul, Maria, Russia’s relation with Iran in the context of the 21 st century geopolitics, Opnion paper, p 12, 2022, available at; https://www.ieee.es/Galerias/fichero/docs_opinion/2022/DIEEEO36_2022_MARBAL_Rusia_ENG.pdf
  9. Michal, Onderco, “Money can’t buy you love; the European Union member states and Iranian nuclear program”, Taylor& Francis Online, volume24, Aug 2014, Available at; https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/09662839.2014.948865
  10. Wyn Bowen, Matthew Moran, “Living with nuclear hedging: the implications of Iran’s nuclear strategy”, International Affairs, Volume 91, Issue 4, July 2015, pages 687-707, Available at; https://academic.oup.com/ia/article/91/4/687/2326845
  11. Yeranian, Edward, Iran Resumes Diplomatic Relations With UAE And Kuwait Talks Continue With Saudi Arabia, Voanews, 2022, https://cutt.us/4r3IS

Reports:

  1. Therme, Clement, The Russian Iran Partnership In a Multipolar World, Russia \ NIS Center, RussIe, NEI, REPORTS, No 37 , ETUDES DE L’IFRI  2022.

[1]  ذكي ، أمنية ، السياسة الخارجية لإيران تجاه دول الخليج ، المركز الديمقراطي العربي ، يوليو2017

[2] العبادي ، فؤاد ، السياسة الخارجية لإيران وأثرها علي  أمن الخليج العربي (1991:2012) ، رسالة ماجستير ، جامعة الشرق الأوسط ، كلية الآداب والعلوم ، قسم العلوم السياسية ، 2013.

[3]  الجازي ، ممدوح ، النفوذ الإيراني في المنطقة العربية علي ضوء التحولات في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة ،(2003:2011) ، دار عمار للنشر والتوزيع ، 2014.

[4]  علي ،سليم ، البرنامج النووي الإيراني واقره علي دول الخليج العربي ، المجلة المستنصرية ، للدراسات العربية والدولية ،2016.

[5]  المجالي ، عصام ، تأثير التسلح الإيراني علي الأمن الخليجي ،  2016 ، الطبعة الأولي ، دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع ، عمان .

6Feisal Abukshiem , The Iranian Government’s Ambitious , Master’s Thesis , Army Command And General Staff Coll ,Fort Leavenworth KS , 2012

[7]  زهرة ، عطا ، البرنامج النووي الإيراني ، 2015 ،  الطبعة الأولي ، مركز الزيتونة للدراسات ، لبنان

[8]  سليم ، إيمان ، تحليل الاستراتيجيات الأمنية في الخليج العربي والمأزق النووي بالتطبيق علي الأزمة النووية الإيرانية (2002:2014) ، المقالة 8 ، المجلد 20 ، العدد الرابع ، 2019

[9]  هياجنة ، عدنان ، أزمة الملف النووي الإيراني وسيناريوهات الموقف الأمريكي ، الأردن ، مجلة دراسات شرق أوسطية ، 2007

[10]  السيد ، مصطفي ، المواقف الدولية تجاه أزمة الملف النووي الإيراني (2001،2010) ، المركز الديمقراطي العربي ، 2018

[11]  Richard ,  L Rassell, Arab Security Response To A Nuclear Ready Iran , Nonproliferation policy Education Center,2003

[12] Dassa , Dalia , A nuclear Iran : The Reaction Of Neighbor , Journal Of Global Politics And Strategy ,  2007.

[13] سماح عبدالصبور عبدالحي ،” القوه الذكية في السياسة الخارجية “، دار البشير للثقافة والعلوم  قراءة في  الكتاب ، سلسلة الراصد الشهرية،2005 :2013 ، متاح على الرابط:

http://www.alrased.net/main/articles.aspx?selected_article_no=6967

[14]. حسانين ، محمد ،” الاتساق اللغوي في الخطاب الرئاسي الإيراني بين روحاني ورئيسي – دراسة وصفية موازنة” ، كلية الآداب ، جامعة جنوب الوادي ، العدد 26 ، 2022 .

[15] : ياسر عبدالحسين، ” السياسة الخارجية الإيرانية مستقبل السياسة في عهد حسن روحاني” ، شركة المطبوعات للتوزيع و للنشر، تأثير انتخابات 2013 في السياسة الخارجية الإيرانية، الطبعة الأولي، 2015

[16]  نجلاء مكاوي ويحي صهيب وناصر بدوي ،كتاب بعنوان “الاستراتيجية الإيرانية في الخليج العربي، مركز صناعة الفكر للدراسات والابحاث ،الطبعة الأولي، ٢٠١٥، ص ٦٦.

[17]  ياسر عبدالحسين ،كتاب بعنوان ” السياسة الخارجية الإيرانية في عهد حسن روحاني، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر،  الطبعة الأولي، 2015.

[18]  الجزر الإماراتية الثلاث، الجزيرة، 2015، متاح على الرابط. https://cutt.us/hiaVb

[19]   العابدي، فؤاد، السياسة الخارجية الإيرانية وأثرها علي أمن الخليج العربي، جامعة الشرق الأوسط، ص 91، 2012.

[20] حماد ، مدحت ، الآفاق المستقبلية في علاقات إيران الإقليمية بعد تولي إبراهيم رئيسي ، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ، رئاسة مجلس الوزراء ، العدد 20 ، أكتوبر ، 2021 .

[21]  عزيزي ، حميد ، ما هو مدي الاستمرارية والتغير في سياسة إيران الإقليمية في ظل رئاسة إبراهيم رئيسي ، المركز العربي للبحوث ، العدد 74 ، دار المنظومة ، 2021

[22]  ناجي ، محمد ، إيران حصاد عام سابق ومالات عام جدد ، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ، 2021 , متاح على الرابط :https://ecss.com.eg/18177

[23]  حماد، مدحت، الآفاق المستقبلية في علاقات إيران الإقليمية بعد تولي إبراهيم رئيسي، مرجع سابق

[24]  بعد قطيعة 7سنوات السعودية وإيران تعلنان عودة العلاقات، بوابة الأخبار، مارس 2023، متاح على

https://2u.pw/komp4q

  الشامي، طارق، كيف نظرت أمريكا للاتفاق السعودي-الإيراني بوساطة الصين، اندبندنت عربية، مارس 2023، متاح على الرابط

https://cutt.us/j9NrD

[25]

[26]  علي ، زاهر ، زيارة رئيسي لقطر هكذا تطورت العلاقات بين الدوحة وطهران ، جادة إيران، 2022 ،متاح على الرابط : https://jadehiran.com/archives/34604

[27] الاخضري ، إيمان ، العلاقات الإيرانية الخليجية بين التوازن الاستراتيجي والنظرية الأمنية ، مجلة دفاتر السياسة والقانون ، العدد 19 ، 2018 ، ص204 ، جامعة بسكرة ، الجزائر.

[28]  الزهراني ، يحيي ، تطبيق نظرية العمق الاستراتيجي والقوة الشاملة علي أمن منطقة الخليج ، مجلة الدراسات المستقبلية ، العدد 2 ، 2016 .

[29]  الجسمي ، خليل ، السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية حيال الجزر العربية الثلاث ، رسالة ماجستير ، قسم العلوم السياسية ، كلية الآداب والعلوم ، جامعة الشرق الأوسط.

[30]  جاسم ، خيري ، العلاقات الخليجية الإيرانية دراسة في معضلة الأمن ، مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية ، بغداد ، العدد 29 ، 2019.

 زنيد، حسن، عدم حسم العلاقة مع إيران يهدد المصالح الخليجية، مجلة سياسة واقتصاد، يناير 2021، متاح على الرابط

https://2u.pw/dKnErl[31]

[32]  السيد ، أمنية ، السياسة الخارجية لإيران تجاه دول الخليج العربي ، 2016 ، المركز الديمقراطي العربي ، متاح على الرابط :https://democraticac.de/?p=34164

[33]  الثاني ، خليفة بن عبدالله ، اثر الأزمة الخليجية علي العلاقات القطرية مع القوي الكبرى تركيا وإيران نموذجاً 2020:2017 ، رسالة ماجستير ، جامعة آل البيت ، الأردن ، دار المنظومة ، 2021 .

[34]  ابو حنيفة ، الوليد ، البعد الديني في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه المنطقة العربية ، مجلة المعيار ، عدد 47 ، .2019 .

[35]  الخالدي ، حمد ، التسلح النووي الإيراني واثره علي أمن دول الخليج العربية 1991:2006، رسالة ماجستير ، كلية الدراسات العليا ، الجامعة الأردنية ، 2007.

[36]  الضعيان ، ضيف الله ، العلاقات الأمريكية الإيرانية الوجه الآخر ، مجلة البيان ، المجلد 2007 ، العدد 4 ، كلية العلوم ، جامعة الملك سعود ، الرياض ، 2007.

[37]  المهداوي ، مثني ، العلاقات الإيرانية الأمريكية بعد الاتفاق النووي ، مجلة العلوم السياسية ، المجلد 2018 ، العدد 56 ، العراق ، 2018

[38]  المجالي ، إياد ، محددات العلاقات الإيرانية الخليجية ، مجلة مدارات إيرانية ، العدد 6 ، المجلد 2 ، جامعة مؤته ، الأردن ، 2019.

[39]  المهداوي ، مثني ، العلاقات الإيرانية الأمريكية بعد الاتفاق النووي ، مرجع سابق.

[40]  الريس ، نجاح ، قراءات في تطور العلاقات الدولية ، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية ، جامعة بني سويف .

[41]Therme , Clement , The Russian Iran Partnership In a Multipolar World , Russia \ NIS Center , RussIe .NEI . REPORTS  , No 37 , ETUDES DE L’IFRI  2022

انظر أيضًا:

Daniel H,Joyner, ”Iran’s Nuclear Program And International Law, Oxford University Press, UK , 2016.

[42]  الكواز ، محمد ، سياسة روسيا الاتحادية تجاه تطورات الملف النووي الإيراني 2009:2015 ، مركز الدراسات الإقليمية ، العدد 30، جامعة الموصل ، 2018

[43]Migul , Maria , Russia s relation with Iran in the context of the 21 st century geopolitics , Opnion paper,P12,2022. Available at the link

https://www.ieee.es/Galerias/fichero/docs_opinion/2022/DIEEEO36_2022_MARBAL_Rusia_ENG.pdf

انظر أيضًا:

Farhad, Rezaei, Iran’s Nuclear Program: A Study in Proliferation and Rollback, 1st ed, 2017 Edition

[44]  المسافر ، حسن ، اثر البرنامج النووي الإيراني علي العلاقات الخليجية الإيرانية 2005:2021 ، رسالة ماجستير ، كلية العلوم السياسية ، جامعة آل البيت ، دار المنظومة ، 2022.

[45]  الزويري ، محجوب ، مبادرة للسلام الإيرانية والبلدان المجاورة ، كلية الآداب والعلوم ، جامعة قطر ، مركز دراسات الخليج ، 2019 .

[46]  فاضل ، شريفة ، مفهوما العدو والصديق في العلاقات الدولية دراسة حالة دول الخليج بكل من تركيا و إيران ، الجمعية العربية للعلوم السياسية ، العدد 3، دار المنظومة ،2021

[47] Yeranian, Edward , Iran Resumes Diplomatic Relations With UAE And Kuwait Talks Continue With Saudi Arabia , Voanews , 2022,

https://cutt.us/4r3IS

انظر أيضًا:

HOMEIRA, MOSHIRZADEH, “Discursive Foundations of Iran’s Nuclear Policy”, Department of International Relations, University of Tehran, Security Dialogue, vol. 38, no. 4, December 2007..

[48]  المسافر، حسن ، أثر البرنامج النووي الإيراني على العلاقات الخليجية الإيرانية، مرجع سابق.

[49]  الأحمري ، محمد ، كتاب بعنوان ” العلاقات العربية الإيرانية في منطقة الخليج ، منتدي العلاقات العربية والدولية ، الطبعة الأولي ، 2015 .

[50]  المسافر ، حسن ، أثر البرنامج النووي الإيراني على العلاقات الخليجية الإيرانية ، مرجع سابق.

[51]  فاضل ، شريفة ، مفهوما العدو والصديق في العلاقات الدولية دراسة حالة دول الخليج بكل من تركيا وإيران ، مرجع سابق.

[52]  القضاة ، عبدالله ، العلاقات السياسية والأمنية الخليجية الإيرانية وآثرها علي الأزمة السورية 2017 ، رسالة ماجستير ، جامعة آل البيت ، الأردن ، ص 41 ، 2018 .

[53]  المسافر ، حسن ، أثر البرنامج النووي الإيراني على العلاقات الخليجية الإيرانية ، مرجع سابق.

[54]  الحنيطي ، محمد ، العلاقات القطرية الإيرانية في فترة الأزمة الخليجية وتداعياتها علي أمن الخليج 2017: 2020 ، رسالة ماجستير ، جامعة آل البيت ، الأردن ، دار المنظومة ، 2022

[55]  المعموري ، علي ، سيناريو حرب الناقلات الي أين ،كلية قانون ، جامعة بابل  ، العراق ، مجلة مدارات إيرانية ، المجلد 2 ، العدد 5 ، 2019 .

[56]  الراوي ، رياض ، كتاب بعنوان ” البرنامج النووي الإيراني وأثره علي منطقة الشرق الأوسط ” ، دار الأوائل للنشر والتوزيع  ، سوريا ، الطبعة الثانية 2008 .

[57] Shahram, Chubin, “Iran’s Nuclear Ambitions”, Carnegie Endowment For international Peace Washington, 2006.

انظر أيضًا:

El-Hokayem,E & Legrenzi, M (2006). The Arab Gulf States in the Shadow Of the Iranian Nuclear Challenge, Working Paper, The Henry, L. Stimson Center, 1-25

[58]   زهرة، عطا، كتاب بعنوان “البرنامج النووي الإيراني”، (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات)، ص7:8، 2015.

[59]  روحاني يؤكد سلمية البرنامج النووي وواشنطن تحذر من مأزق، الجزيرة، إبريل 2021، متاح علي الرابط .https://cutt.us/V29Va

[60]  زهرة، عطا، البرنامج النووي الإيراني، مرجع سابق.

[61] الراوي، رياض، كتاب بعنوان “البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط”،(دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع)، 2006.

[62]“Eccentric Nationalist Bedgets Strange History”, New York times on the, available at; Http://www.nytimes.com:

[63] طلحة، أميرة، البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته على أمن دول الخليج العربي 2005:2016، المركز الديمقراطي العربي، يوليو 2016.

[64] المطيري، عبدالله، أمن الخليج العربي والتحدي النووي الإيراني، رسالة ماجيستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، قسم العلوم السياسية، يوليو2011.

[65]   طلحة، أميرة، البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته على أمن دول الخليج العربي، مرجع سابق.

[66]  الخالدي، عدنان، التسلح النووي الإيراني وأثره على أمن دول الخليج العربية1991:2006، رسالة ماجيستير، الجامعة الأردنية، كلية الدراسات العليا، قسم العلوم السياسية، 2007.

[67]  نازية سوسي،  آسية انجلي، العلاقات الأمريكية الإيرانية الملف النووي الإيراني نموذجا 2015/1990، جامعة مولود معمري، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص ١٧.

[68] محمود، أحمد، البرنامج النووي الإيراني، مجلة السياسة الدولية، العدد 131، ص 312، القاهرة، 1998.

 [69] عبدالوهاب، وصيف، دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إدارة الملف النووي الإيراني ، رسالة ماجستير ، جامعة الحاج الأخضر ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، ص 95، 2013

[70] Wyn Bowen, Matthew Moran, “Living with nuclear hedging: the implications of Iran’s nuclear strategy”, International Affairs, Volume 91, Issue 4, July 2015, pages 687-707, Available at;

https://academic.oup.com/ia/article/91/4/687/2326845

انظر أيضًا:

Sahimi, M (2003). Iran’s Nuclear Program. Part I: Its History, Online Article, Payvand Iran News, available at; http://www.payvand.com/news/03/oct/1015.html

[71]  خزار، فهد ، البرنامج النووي الإيراني قراءة في الواقع والمستقبل، دراسات سياسية استراتيجية العدد 18 :19 ، مركز الدراسات الإيرانية ، جامعة البصرة ، 2003 ، ص 67

[72]   زهرة، عطا، البرنامج النووي الإيراني ، مرجع سابق، ص 17.

[73]  الدغيدي، انيس ، (الأقطاب الثالثة مصر وإيران وتركيا ) القاهرة: كنوز للنشر والتوزيع، ص 203-201، 2012.

[74]  محمود، احمد، البرنامج النووي الايراني “آفاق الأزمة بين التسوية الصعبة و مخاطر التصعيد”، مرجع سابق،

ص ٤٢- ٤٣.

[75]   خزار، فهد ، البرنامج النووي الايراني قراءة في الواقع والمستقبل, مرجع سابق, ص ٦٧.

[76]  الباقر، مأمون البرنامج النووي الايراني واحتمالات الضربة الأمريكية، الملف السياسي، صحيفة البيان، العدد ٦٣١ ، دبي، يونيو ٢٠٠٣.

[77]   محمود، احمد، البرنامج النووي الايراني: أفاق الأزمة بين التسوية الصعبة و مخاطر التصعيد، مرجع سابق، ص ٣١٣

[78]  عبد القادر، براء، القدرات العسكرية الإيرانية وأثرها في ميزان القوى في الخليج العربي، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية العلوم السياسية، جامعة صدام ، 2002، ص ١٦٦.

[79]  عبد القادر، براء ،القدرات العسكرية الإيرانية وأثرها في ميزان القوى في الخليج العربي، مرجع سابق، ص ١٦٨.

[80]  نازية سوسي،  آسية انجلي ، العلاقات الأمريكية الإيرانية الملف النووي الإيراني نموذجا 2015/1990، مرجع سابق، ص٢١-٢٢

[81]  عبدالمنعم، محمد ،النشاط النووي الإيراني من النشأة حتى فرض العقوبات. القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية،٢٠٠٩، ص ٣٦

[82]  محمد، زينب الموقف النووي في الشرق الأوسط في أوائل القرن العشرين. القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2007. ص ١٤٧.

[83]  حسين، رائد ، “البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته على الأمن القومي الإسرائيلي 1979–2010، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم العلوم السياسية، غزة، 2011   ص ٥٠ و ٥٢ و ٥٤.

[84]  العلكة، وسام ،” دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الرقابة على استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية”،   رسالة دكتوراه، جامعة دمشق، كلية الحقوق، سوريا، 2011، ص467.

[85]  نصير، ندين ، “أثر المشروع النووي الإيراني على السياسة الخارجية الإسرائيلية، رسالة ماجستير، جامعة اليرموك، كلية الآداب ، قسم العلوم السياسية، إربد، 2014 ص ٤٤.

[86]   حسين، رائد ، “البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته على الأمن القومي الإسرائيلي 1979–2010، مرجع سابق ص ٣٩.

[87]  نصير، ندين ،”أثر المشروع النووي الإيراني على السياسة الخارجية الإسرائيلية، مرجع سابق، ص ٣٦ و ٣٧

[89] المسافر، حسن، أثر البرنامج النووي الايراني علي العلاقات الخليجية ٢٠٠٥ – ٢٠٢١، رسالة ماجستير، جامعه ال البيت، كلية  بيت الحكمة للعلوم السياسية و الدراسات الدولية، الاردن ، ص٩٠.

[90] Kelsey, Davenport, Explainer: Can the Iran Deal Be Resuscitated?, January 11, 2023, available at; http://iranprimer.usip.org/blog/2023/jan/11/explainer-can-iran-deal-be-resuscitated

انظر أيضًا:

“Iran President: We Won’t Retreat ‘One Iota'”. Fox News. 14, available at;

http://www.globalsecurity.org/wmd/library/news/iran/2006/iran-060204-irna07.htm

[91]  المسافر، حسن، أثر البرنامج النووي الايراني علي العلاقات الخليجية ٢٠٠٥ – ٢٠٢١، مرجع سابق، ٩١.

[92]  المسافر، حسن، أثر البرنامج النووي الايراني علي العلاقات الخليجية، مرجع سابق، ص ٩٢

[93] إسراء شريف الكعود، الموقف الإقليمي من البرنامج النووي الإيراني، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة،المجلد16، العدد4، مصر2015.

[94] كيف ارتفعت احتياطات إيران من اليورانيوم المخصب في السنوات الماضية، سي إن إن العربية، يونيو 2019، متاح على الرابط https://arabic.cnn.com/business/article/2019/06/17/infographic-iran-uranium

[95] الراوي، رياض ، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، مرجع سابق، ص ١٣٧

[96] “Integrated Nuclear Fuel Cycle Information Systems (iNFCIS)”, available at;

http://www-nfcis.iaea.org/

انظر أيضًا:

Maleki, Abbas, ( 2010). Iran’s nuclear: recommendations for the future, the American Academy of Arts & Sciences,p45.

[97] الراوي، رياض ، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، مرجع سابق، ص ١٤٥

[98] الراوي، رياض ، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، مرجع سابق، ص ١٣٨

[99] منشأة نطنز النووية الإيرانية، وما هو سر الحوادث[99] المتكررة فيها؟، بي بي سي نيوز، أبريل 2021.متاح على

https://www.bbc.com/arabic/middleeast-56721332

[100] الراوي، رياض ، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، مرجع سابق، ص١٤٦.

[101] الراوي، رياض ، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، مرجع سابق، ص ١٤٢.

[102] الراوي، رياض ، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، مرجع سابق، ص ١٤١.

[103] الراوي، رياض ، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، مرجع سابق، ص ١٤٠.

[104] الراوي، رياض ، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، مرجع سابق، ص ١٤٠.

[105] الراوي، رياض ، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، مرجع سابق، ص ١٤١.

[106] الراوي، رياض ، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، مرجع سابق، ص ١٤٤.

[107] سرحان، ضاري، القدرات الصاروخية الإيرانية، مجلة جامعة كركوك للدراسات الإنسانية، العدد2، المجلد6، السنة السادسة 2011م.

[108] Abootalebi, A. (2007). Iran and the future of Persian Gulf Security, paper prepared at The Midwest Political Science Association, Annual Meeting, Chicago, Palmer House, p32.

انظر أيضًا:

Sajedi, A. (2009), Geopolitics of the Persian Gulf Security: Iran and The United States, IPRI Journal, 4.

[109]  ناصر، شحاتة، كتاب بعنوان” السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي…الاستمرارية والتغيير”، دار العين للنشر، القاهرة، ٢٠١٥

[110] الدغيم، رأفت، أثر الاتفاق النووي الإيراني علي الامن الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي، رسالة ماجستير، الاردن، جامعه اليرموك، كلية الآداب، ٢٠١٧

[111] الأنصاري، عبد الحميد. متى تتحرك دول الخليج إزاء النووي الإيراني، مجلة آراء حول الخليج،٢٠٠٦، العدد 16.

[112] إدريس، محمد السعيد، الخليج والأزمة النووية الإيرانية، مجلة السياسة الدولية، ٢٠٠٦، العدد 165 ص 101-102

[113]   المطيري، عبدالله، أمن الخليج العربي والتحدي النووي الإيراني، مرجع سابق، ص ٨٠

[114]   المطيري، عبدالله، أمن الخليج العربي والتحدي النووي الإيراني، مرجع سابق، ص ٧١

[115] باديب، محمد، العلاقات بين المجلس وإيران والاعتبارات الأمنية والدفاعية، مجلة آراء الخليج، ٢٠٠٥، العدد 24.

[116]   المطيري، عبد الله، أمن الخليج العربي والتحدي النووي الإيراني، جامعة الشرق الاوسط، ٢٠١١، ص٧٥

[117]   المطيري، عبد الله، أمن الخليج العربي والتحدي النووي الإيراني، مرجع سابق،ص٧٦

[118] المطيري، عبدالله، أمن الخليج العربي والتحدي النووي الإيراني، مرجع سابق، ص ٧٨،٧٩

[119]  الرواي، رياض، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، دار الأوائل للنشر والتوزيع، دمشق، ٢٠٠٦

[120] إدريس، محمد السعيد، التحديات الإقليمية للبرنامج النووي الإيراني، مختارات إيرانية، ٢٠٠٦، العدد 66، ص 99.

[121] Jame, Phillips, An Israeli Preventive At act on Iran’s Nuclear sites, Implications for the U.S. Back, Vounder , No (Back), The Heritage Foubndation, Washington, January Back.

[122]  الحياتي، جاسم، خفايا علاقات إيران إسرائيل وأثرها في احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، ٢٠٠٧

[123]  سوسي نازيه، انجلي اسيه، العلاقات الأمريكية الإيرانية(الملف الايراني النووي نموذجا١٩٩٠- ٢٠١٥)، مرجع سابق، ٨٥

[124]   زروقه، اسماعيل، الموقف التركي من البرنامج النووي الإيراني، رسالة دكتوراه، جامعه الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية،٢٠١٥، ص ٢٠٥

[125]   زروقه، اسماعيل، الموقف التركي من البرنامج النووي الإيراني، مرجع سابق، ص ٢١٥، ٢١٦

[126]  علي، أحمد، 17:12:2021، النووي الإيراني والاسرائيلي بين الجامعة العربية والطاقة الذرية، 10:5:2023، اندبندنت عربية، https://cutt.us/SEpat

[127] محمود، دلال، البرنامج النووي الايراني وانعكاساته علي أمن دول الخليج العربي، المركز الديمقراطي لعربي، 2016، https://democraticac.de/?p=34475

[128] البرصان، احمد، إيران والولايات المتحدة ومحور الشر الدوافع السياسة والاستراتيجية الأمريكية، مجلة السياسة الدولية، ٢٠٠٦، العدد 148.

[129]  البرهان، أحمد، إيران والولايات المتحدة ومحور الشر، الدوافع السياسية والاستراتيجية الأمريكية، مجلة السياسة الدولية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤسسة الأهرام، مصر، العدد (148)، أبريل،2002، ص 37

[130]Nihat Ali Özcan, Özgür Özdamar, “IRAN’S NUCLEAR PROGRAM AND THE FUTURE OFU.S.-IRANIAN RELATIONS”, MIDDLE EAST POLICY, NO1, 2009.

انظر أيضًا:

The Iran Primer, U.S.: The Iran Threat & Options, March 13, 2023, available at; http://iranprimer.usip.org/blog/2023/jan/25/us-iran-threat-options

[131]  الديربي،  عبد العال، السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الملف النووي الإيراني، مجلة الدراسات السياسية و الاقتصادية، العدد الأول، ٢٠٢١

[132] جلود، میثاق خير الله، موقف الولايات المتحدة من البرنامج النووي الإيراني، مجلة الحوار المتمدن، ٢٠١١، العدد 3304

[133]  عدنان، علي، استمرار امريكا في الاتفاق النووي الإيراني علي المحك، المركز الديمقراطي العربي، ١٠ فبراير ٢٠٢٣

[134]  لانا، رواندي، تاريخ العلاقات الإيرانية الروسية و اتفاق فيينا النووي، المركز العربي الأبحاث و الدراسات السياسية، ٢٠١٥.

[135]  سوسي نازيه، انجلي اسيه، العلاقات الأمريكية الإيرانية(الملف الايراني النووي نموذجا١٩٩٠- ٢٠١٥)، مرجع سابق، ص٨٨

[136]   زروقه، اسماعيل، الموقف التركي من البرنامج النووي الإيراني، مرجع سابق، ص ٢٠٠

[137] The Iran Primer, Iran’s Increasing Reliance on China, March 15, 2023, available at; http://iranprimer.usip.org/blog/2019/sep/11/irans-increasing-reliance-china

[138]   زروقه، إسماعيل، الموقف التركي من البرنامج النووي الإيراني، مرجع سابق ،ص ٢٠٣

[139] الاتفاق بين إيران والسعودية: الصين تحقق “اختراقًا” في خلاف شائك منذ سنوات”، بي بي سي نيوز، مارس 2023، متاحة على الرابط: https://www.bbc.com/arabic/64926102

[140] أبو العينين، سامح، جهود منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط، مجلة السياسة الدولية،٢٠١٠، العدد 180، المجلد 45 ص 20-24.

[141]  سوسي نازيه، انجلي اسيه، العلاقات الأمريكية الإيرانية(الملف الايراني النووي نموذجا١٩٩٠- ٢٠١٥)، مرجع سابق، ص ٨٩

[142] Michal, Onderco, “Money can’t buy you love; the European Union member states and Iranian nuclear program”, Taylor& Francis Online, volume24, Aug 2014, Available at; https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/09662839.2014.948865

[143] 3.       Michal, Onderco, “Money can’t buy you love; the European Union member states and Iranian nuclear program”, previous reference.

[144] حماد، مدحت، الآفاق المستقبلية في علاقات إيران الإقليمية بعد تولي إبراهيم رئيسي، مرجع سابق.

[145] أسرار التعاون الصاروخي بين إيران وكوريا الشمالية، العربية، فبراير 2023، متاح على الرابط التالي

https://cutt.us/n46G8

[146]انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على مسارات الاتفاق للبرنامج النووي الإيراني، المركز الديمقراطي العربي، سبتمبر 2022.

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى