الدراسات البحثيةالمتخصصة

“التطبيع” بين فكرالالغاء – وضرورة الاتصال

اعداد : بكر أبو بكر –  كاتب وأديب عربي فلسطيني – في الفكر والدراسات العربية والاسلامية

  • المركز الديمقراطي العربي 

 

إن أشكال التعامل أو بناء العلاقة بين البشر، ومنها بين الدول والحكومات قد تأخذ مسارا منقطعا أومتصلا أو متقطعا، فهي بين علاقة الحرب والسلم وما بينهما، فأن يكون التناقض والتنافر والضدية هي سمة العلاقة فنحن في علاقة الغائية لن تولد الا النبذ أو الحرب والمواجهة أو المقاطعة.

في الشكل الآخر من العلاقة بين البشر والدول فإن المسار المتصل الذي يصل بطرفي الخيط بينهما هي علاقة اعتراف وتفهم وتقبل وندية، وفي هذه الحالة يكون السلام والصفاء سيد الموقف وطبيعة العلاقات.

نفي أم صراع أم إلحاق:

نحن في فلسطين وعلاقتنا مع العدو الصهيوني قد ينظر لها من منظور التنافر الكلي والصراع الوجودي الذي يوجب القطيعة، او في الاتجاه ذاته فصل التعبوي التاريخي عن العملاني الواقعي، بينما يراه الآخرون على طريق التسوية وضرورة المزيد من التنازل ما يوجب مزيدا من الالحاق والانسحاق.

وفي حقيقة الامر فنحن لسنا هنا أو هناك، فلسنا في حالة نفي الوجود للآخر أو الانسحاق تحت أقدامه، بل نحن في حالة صراع ما يعني استمرار النضال ضد الاسرائيليين مع تخير الوسيلة النضالية وفق فهم ورؤية لمتغيرات الحال والمواقف والدول وطبيعة القوى.

في هذه المقدمة أردنا القول أن تصوير الحالة مع الاسرائيليين أنها حرب تتواجه فيها الجيوش بكافة أنواعها كلٌ لإفناء الآخر افناء كليا هي حالة قد أصبحت من الماضي لأسباب ثلاثة على الاقل، في أولاها خروج مصر من معادلة الحرب منذ العام 1979 وثانيها بخروج أو اخراج العراق من ذات المعادلة في العام 1991 بعد مغامرة احتلال الكويت، ثم استغلال العقلية الغربية الاستعمارية للفرصة وتدمير العراق والسبب الثالث وهو خروج سوريا من المعادلة مع الربيع العربي الذي تحول لخريف منذ العام 2011.

ما بين العوامل الاقليمية الثلاثة سقطت معادلة القطبين (المعسكرين) بين الاتحاد السوفيتي وامريكا، وانتقل الفلسطينيون للتعامل مع أدوات صراع جديدة أفرزت اتفاقيات أوسلو التي ما زالت تثير نزاعا بينهم، لكنها تجلت بواقع على الأرض يستدعي حسن فهم المعادلة والتفكير والتدبير.

في الحالة الصراعية المضطربة التي يعيش فيها الفلسطينيون يتم النظر والحديث حول مفهوم التطبيع والتتبيع ومفهوم السلام ومفهوم الاتصال؟

نحن من رافضي التتبيع والالحاق والانسحاق أمام الآخر، فمعادلة السلام غير متحققة، لتعملق فكر الانغلاق والنبذ والاقصاء والاحتلال والتوحش والعنصرية والابارتهايدية والتسيّد من قبل الفكر الصهيوني المهيمن على المؤسسة الاسرائيلية، وعليه فإننا بغض النظر كيف نظرنا للاتفاقيات وللسلطة الوطنية الفلسطينية فنحن في حالة صراع تستتبع تعريفات محددة وآليات جديدة في ظل الاشتباك اليومي بعلاقات فلسطينية اسرائيلية متبادلة بين التقبل أوالنفور، وبين الاقتراب والابتعاد، وبين الضرورة وديمومة المقاومة.

تعريف التطبيع، والاتصال:

أن للتطبيع عديد التعريفات – وهذا ما فرقناه عن مفهومنا للاتصال مع المجتمع الاسرائيلي – ومنها ما نذكره منسوبا لأصحابه مثل أنه:” بناء علاقات رسمية و غير رسمية ،سياسية و اقتصادية وثقافية وعلمية واستخباراتية مع الكيان الصهوني، والتطبيع هو تسليم للكيان الصهيوني بحقه في الأرض العربية بفلسطين، وبحقه في بناء المستوطنات وحقه في تهجير الفلسطينيين وحقه في تدمير القرى والمدن العربية، وهكذا يكون التطبيع هو الاستسلام و الرضا بأبشع مراتب المذلة و الهوان والتنازل عن الكرامة وعن الحقوق )[1]

ويعرف الكاتب زياد منى[2] التطبيع بأنه: “أي تصرف أو عمل، ماديًّا كان أو معنويًّا، فرديًّا كان أوجماعيًّا، من شأنه جعل وجود “العدو الإسرائيلي” في بلادنا وفي عقلنا وتفكيرنا أمرًا طبيعيًّا بما يعني ذلك من تخل نهائي عن حقوق أمتنا في بلادنا وأوطاننا وما فيها وعليها.”[3]

يذكر الكاتب ابراهيم نصار[4] أنه: “بدأ الحديث عن مفهوم التطبيع مع توقيع اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر و”إسرائيل” عام 1979، وهو يعني إقامة علاقات سياسية، اقتصادية، ثقافية واجتماعية وأكاديمية طبيعية بين الدول العربية و”إسرائيل” قبل تحقيق السلام العادل والشامل، وبالتالي فإن التطبيع مع “إسرائيل” هو قيام علاقات طبيعية في واقع وشروط غير طبيعية، ذلك أن بناء وتأسيس تلك العلاقات والبنى الطبيعية يشترط أولا وقبل أي شيء أن تصبح “إسرائيل” دولة طبيعية وأن تتصرف تجاه مواطنيها كدولة طبيعية وأن تتخلى عن عدوانيتها واحتلالها وعنصريتها.”

التطبيع الثقافي:

الكاتب سماح إدريس يعرف التطبيع الثقافي تحديدا في مداخلته[5] أنه: “السعيُ إلى ترويض عقولنا على تقبّل الفكرة الآتية: لا إمكانيّةَ لعيشنا إلّا بقبول القامع وشروطِه. وهذا التقبّل ناجمٌ عن قناعتنا بأنّ القامع أقوى منّا الآن، وربّما إلى الأبد؛ أو هو ناجمٌ عن جهلِنا بلحظاتِ قوةٍ وفَخارٍ وانتصارٍ في تاريخنا القديم أوالحديث.

ويتفاقم خطرُ هذا التفكير إلى حدّ اعتبار القمع الذي نتعرّض له أمرًا “طبيعيًّا،” لا مجرَّدَ استسلامٍ للواقع. وقد يذهب بعضُنا إلى القول بأنّنا “نستحقّ” هذا القمعَ لعلّةٍ فينا، في “عقلنا العربيّ” أو تاريخنا أو ديننا أو تركيبتنا الاجتماعيّة.”

 ان التطبيع الثقافي هو من أخطر أشكال التطبيع، يتلوه المصلحي الاقتصادي-وقد يسبقه أو يرافقه- الذي يُنعش الكيان أويسبقه، وفي كليهما الخطر الكبير، لذا كانت مقاطعة المؤسسات الثقافية الاسرائيلية حاملة الايديولوجية الصهيونية واجبة، كما مقاطعة بضائع المستعمرات في فلسطين وخارجها سواء التجارية أوالعلمية او التقانية.

في التطبيع الثقافي دخول من بوابة الدولة العبرية، أو من بوابة مؤسساتها أو من بوابة روايتها المسمومة المغلفة بالرواية التاريخية ذات الخرافات والاوهام التوراتية واكاذيب الديمقراطية، ما هو مرفوض على كل الجبهات في الداخل والخارج وللفلسطينيين والعرب.

الاستثناء الثقافي:

وفي الاستثناء الثقافي نورد العلاقة مع الفلسطينيين بمؤسساتهم على جانبي الخط الأخضر ومع انصار فلسطين من مفكري اليهود في فلسطين وجمعياتهم الحقوقية، ولنا في ذلك الأسماء العديدة أمثال: إيلان بابِه وشلومو ساند وعميرة هاس، ولطيف دوري، وزئيف هرتزوغ وغيرهم.

في الثقافة والرواية نرى أن وجود مؤسسة عربية فلسطينية موحدة كما الحال مع لجنة المقاطعة يعني تحديد ضروب التعامل المباحة وغير المباحة وآلياتها ما هو ضرورة في ظل انقلاب الموازين والمفاهيم، وفي ظل الفنون الصهيونية في غسيل الدماغ، بحيث يظل الهدف حاكمنا وما ننشئ عنه من وسيلة للدفاع عن الحقوق  الفلسطينية وبعيدا عن شبهة مناصرة الباطل الاسرائيلي، أوالترفيه وتسخيف الحقوق وقيم الحرية والحق والعدالة بالسقوط في مستنقع الرذيلة القومية والوطنية.

التطبيع الاعلامي [6]

أنشأ الكيان الصهيوني وحدة إلكترونية كبيرة تتكون من مئات العاملين، ومتخصصين في وسائل التواصل الاجتماعي، كان هدف الوحدة استخدام القوة الناعمة لتمرير مخططات الكيان الجديدة باستخدام آلاف الأسماء الوهمية، وأسماء صهيونية بارزة، وكان الحذر واجباً من هذه الأساليب الصهيونية التي تحاول إخفاء شكل الكيان القذر في قتل الفلسطينيين، وتقسيم المنطقة العربية نجملها في النقاط التالية:

1-نشر القدرات الصناعية والعلمية والطبية للكيان الصهيوني، والتركيز عليها عبر مرئيات (=فيديوهات) صغيرة في الغرب والشرق لخلق حالة من الإبهار بما يقدمه الكيان الصهيوني.

  1. محاولة تمرير ثقافة حوار الأديان، والتسامح والتعامل المشترك مع الاحتلال كمحور مهم في متوازي الأضلاع في المنطقة.
  2. نشر الفتنة بين الشعوب العربية وتعزيز الطائفية، وصراع الأقليات، ودعم الانفصال، وكان مشهد السنة والشيعة في دول الخليج حاضراً في الصراع الصهيوني العربي، كذلك تعزيز انفصال الأكراد، فالاحتلال أول من أيد استقلال الأكراد. ومن الوسائل التي يستخدمها الكيان الصهيوني على وسائل التواصل الاجتماعي نشر الفتنة بين الشعوب العربية وتعزيز الطائفية، وصراع الأقليات، ودعم الانفصال
  3. المحاولات العديدة لاستضافة أكبر قدر ممكن من الخبراء والمحللين والنخبة الصهيونية على القنوات العربية، ولقد كانت استضافة قناة الجزيرة في برنامج الاتجاه المعاكس نموذجاً لاستخدام القوة الناعمة في التطبيع الإعلامي، عبر استضافة الصهيوني المتطرف المستوطن”مردخاي كويدار” الذي زوّر الحقائق وشوه الإسلام بشكل واضح، ليلعب في عقول الجماهير العربية البسيطة، لكن ردة الفعل كانت قوية جماهيرياً ضده، كذلك كتابة مقال لافخاي أدرعي بالمشاركة مع كاتب كردي في صحيفة إيلاف السعودية الإلكترونية لنشر الكذب والافتراءات، ومحاولة إظهار صورة الكيان الصهيوني القاتل بصورة الراعي للسلام والمحبة.
  4. استخدام ناطقين معينين يمثلون السلطة الحاكمة في الكيان الصهيوني، كأفخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الصهيوني، والذي لا يترك مناسبة إسلامية أو عربية إلا ويهنئ بها المسلمين والعرب.

التطبيع الفردي:

يقول أحمد سعيد قاضي[7] :”على الصعيد الفردي، لا يجوز أن تختزل مسألة التطبيع الفردي في الحصول على تصريح وزيارة المدن الفلسطينية في الداخل المحتل، أو مجرد إجراء مقابلة مع جهة إعلامية إسرائيلية، بل إنّه عملية واعية ومقصودة طويلة المدى، مع مؤسسات أو أفراد أو جهات رسمية، أو غير رسمية إسرائيلية، تؤمن ب”إسرائيل” بشكلها الكولونيالي الإثني، وتناصرها، أو تشكّل جزءًا من هذا المشروع، بغية إقامة علاقات طبيعية معها في تنازل عن المبادئ السياسية والأخلاقية العادلة للفلسطينيين. لكن من ناحية أخرى، يجب أن تكون هذه الحساسية المفرطة في التعامل مع أي تواصل أو علاقة مع “إسرائيل” موجّهة للأنظمة العربية والمؤسسات الرسمية التي لا يجوز أن تنخرط بأي نشاط تطبيعي مع الكيان الاستعماري الاستيطاني.”

التطبيع الرسمي بين الدول:

يعرف أحمد سعيد القاضي في مقاله آنف الذكر التطبيع الرسمي بين الدول أنه: “جهود اتصال، وتواصل، وبناء، وتطوير، علاقات بين دولة وأخرى، كانتا في حالة قطيعة، بشكلٍ واعٍ ومقصود، بغيةَ الوصول إلى علاقة طبيعية لا يشوبها التوتّر، أو التوتّر المفرط. وتنتج سيرورة التطبيع هذه على الأرجح من خلال وصول كل الأطراف إلى حالة قبول للنظام الآخر بصيغته وإيديولوجيته وشكله وسلوكياته الراهنة.”

مضيفا أن “التطبيع مع “إسرائيل” بهذا المعنى، يعني الدخول في اتصالات وعلاقات مخططة تهدف إلى جعل العلاقة معها علاقات طبيعية مناقضة للمقاطعة تمامًا. ويحمل التطبيع دلالة القبول بوجود “إسرائيل” بشكلها ونظامها وصيغتها الحالية الكولونيالية الاستيطانية العرقية، وكذلك القبول بدورها، وإيديولوجيتها، ومشروعها الاستيطاني الإحلالي، وكذلك الحال القبول بواقع الفلسطينيين وحالتهم الشاذة تحت الاحتلال. وقد تفترض بعض الدول أن هذه العلاقات تهدف إلى إحداث حالة يمكن من خلالها التأثير في الدولة الأخرى، والضغط عليها لإجبارها على القبول بتقديم تنازلات معيّنة، كما تدعي بعض الأطراف التي تدافع عن التطبيع مع “إسرائيل”، مع أن التجربة التاريخية أثبتت خلاف ذلك.”

تعريفنا للتطبيع:

يمكننا نحن أن نعرف التطبيع عامة بمعنى: قبول الآخر-او التغاضي- على ما يحمله من قيم اقصائية (احتلال، عنصرية، عدوان، تزوير، قتل…) والتعامل معه مصلحيا، دون اعتبار للحق والعدل والقيم.

بينما (الاتصال) مع المجتمع الاسرائيلي أو الاحزاب أو طائفة من المفكرين والمؤسسات الاسرائيلية يستدعي نظرة مختلفة لا تجعل ذلك في سياق التطبيع بتعريفنا السابق، ولكن ضمن ضوابط محددة بدونها يصبح الاتصال تماهيا مع الآخر، وانزلاقا للتطبيع حيث التبعية والانسحاق تحت أقدام القوي، وهو في حالتنا الاحتلال الاسرائيلي.

إن الاتصال من قبل الفلسطينيين في الوطن مع الطرف الاسرائيلي بفئاته المجتمعية، ومؤسساته غير الاحتلالية أو العنصرية الابارتهايدية، وخاصة مع الشرائح التي تعترف بالحق الفلسطيني وتدعمه هو الاتصال المرغوب، والذي لا ندخله في تعريفنا للتطبيع.

أنواع التطبيع:

يرى الكاتب نصار ابراهيم في مدونته السابقة أن التطبيع هو آلية سياسية وثقافية واقتصادية تستهدف القفز عن الجذور والأسباب التاريخية للصراع والتعامل مع نتائج الأمر الواقع باعتبارها معطيات طبيعية، بمعنى تكريس نتائج الحروب العدوانية على الشعب الفلسطيني والأمة العربية والقبول بتلك النتائج باعتبارها حقوق إسرائيلية مكتسبة.

وعليه فإنه يقرر أن: أخطر ما تحمله سياسة وثقافة التطبيع أنها تستهدف فرض التعامل مع “إسرائيل” كدولة طبيعية وكأن الصراع انتهى فيما تواصل “إسرائيل” عمليا وعلى كل المستويات احتلالها وعدوانها على الشعب الفلسطيني، وهذا يعني بصورة مباشرة تأمين الغطاء السياسي والثقافي والأخلاقي لذلك الاحتلال، ونزع الأبعاد السياسية والثقافية والأخلاقية عن شرعية النضال الفلسطيني لإنهاء الاحتلال.

القبول بهذه الضوابط يعني الإقرار مسبقا بعدم شرعية المقاومة الفلسطينية والعربية كونها وفق هذا المنطق تتناقض مع التطبيع الذي يشكل الطريق الوحيد لحل الصراع وبناء السلام الموهوم. وعليه يطرح مظاهر وتجليات التطبيع كالتالي:

التطبيع السياسي: علاقات سياسية، وصف المقاومة بالإرهاب، الحديث عن نزاع وليس صراع، وعدم تحميل “إسرائيل” أية مسؤولية عما لحق بالشعب الفلسطيني من نكبات وتشريد، وتكريس نتائج الاحتلال الإسرائيلي المديد( تشريع المستوطنات، تشريع المساومة على الحقوق الفلسطينية الأساسية: الاستقلال وحق تقرير المصير وحق العودة)، توفير الغطاء للهروب من قرارات الشرعية الدولية واستبدال ذلك بالمفاوضات بين طرفي “النزاع”.

التطبيع الاقتصادي: فتح الأسواق العربية أمام البضائع الإسرائيلية، إقامة مراكز صناعية مشتركة ترجمة للمقولة العنصرية تكامل اليد العاملة العربية الرخيصة مع العقل اليهودي أو العبقرية اليهودية، وتزويد “إسرائيل” بالطاقة.

التطبيع الثقافي / اللغة/ الوعي / الذاكرة { القبول بالمفردات والمقاربة الصهيونية الأيديولوجية، إعادة صياغة التاريخ، إعادة صياغة مناهج التعليم وشطب كل ما يشير إلى الاحتلال، تغيير أسماء الأمكنة، الاستيلاء على التراث ( أزياء، أكلات شعبية، رقص شعبي) ، العبث بالآثار وسرقتها، إخفاء وتدمير كل آثار الجرائم التي أدت لتدمير القرى والمدن والأحياء العربية، تغيير الخارطة التاريخية لفلسطين.{

– التطبيع الأكاديمي: إقامة علاقات طبيعية بين الجامعات والمعاهد الأكاديمية العربية ونظيرتها الإسرائيلية، تحت الشعار المزيف والخادع فصل الأكاديميا عن السياسة.

– التطبيع الاجتماعي: شعب لشعب، إقامة الأنشطة الرياضية المشتركة، المهرجانات الفنية تشجيع السياحة مع دولة الاحتلال.

مخاطر التطبيع؟

إذن فالتطبيع بتعريفنا هو الخضوع للعلاقة بين السيد والعبد، أوعلاقة الاقنان بالاقطاعيين، فلا حرية ولا عدالة ولا مساواة بل هيمنة وطغيان نعبر عنها (بالقبول) او الخضوع وهو في حقيقته الخنوع والركوع، فإن تقبل الآخر الذي يرفضك وتتعامل معه بشكل طبيعي دون قيم أو خلفية محصنة أو دون اسس فأنت ترتد على شعبك وتصبح فيه كالطابور الخامس وليس ككتيبة الاستطلاع او الكتيبة العاملة خلف خطوط العدو.

إن التطبيع بهذا المفهوم يعني فيما يعنيه الاعتراف بالوضع القائم أي شرعية الاحتلال الاسرائيلي لبلادنا، ويعني تجاوز الآثار المترتبة على الاحتلال بالقفز عن حقوقنا وجعل العلاقات طبيعية وكان شيئا لم يكن وغير كائن حتى الآن، وبذات المعنى يفهم وكان الصراع قد انتهى بين الامة العربية والاسرائيلي.

و مخاطر التطبيع العربي مع الاسرائيلي كما يراها الكاتب صلاح الدين المصري ؟[8]

أ‌- المساهمة في بناء الشرق الأوسط الكبير الذي يقوده الكيان الصهيوني، وهو الهدف الذي تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية و الصهيونية منذ بدايات التطبيع (كامب دافيد ،أوسلو )

ب‌- التسليم بالتفوق الاستراتيجي للكيان الصهيوني اقتصاديا و عسكريا و محاصرة أي محاولة لمنافسة الكيان الصهيوني، بل إنّ المنافسة تصبح جريمة في منظور المطبعين كما هو الشأن مع الحالة الايرانية و ملفها النووي

ت‌- الإمضاء على وثيقة الموت الطوعي للمشروع العربي و لمشروع التحرر و الاستنهاض ، إنّ التطبيع هو استباق للمستقبل و قتل لأي أفق مستقبلي يمكن أن تتغير فيه موازين القوى و يصبح العرب أقوياء و أحرارا، وبذلك فهو تعبير عن حالة اليأس المطلق.

ث‌- التطبيع هو تنازل عن المعنى الانساني عند العرب و البشر،و من العجيب هذا التناقض القاتل عند بعض الغربيين بين وقوفهم ضد “الهولوكست” و قبولهم بمجازر الصهيونية ضد العرب ؟ السؤال الكبير الذي يطرح على كل انسان : الصهيونية حركة عنصرية[9] فكيف نقبل بوجودها بيننا ؟

ج‌- الكيان الصهيوني قام على القتل و السرقة ويستمر بهذا الأسلوب فكيف نقبل بوجوده ؟ فإذا قبلنا وخاصة نحن العرب فكـأننا نضع أمننا واستقلالنا واقتصادنا و ثورتنا في طبق نقدمها هدية إلى عدونا

ح‌- التطبيع قبول بتخريب الكيان الصهيوني لوطننا و قد ظهر هذا التخريب في تقسيم السودان و في مصر و في لبنان و في العراق و في سوريا

والى كل ما سبق يتم النظر للتطبيع خاصة العربي بأنه يمثل تجريد للعرب والفلسطينيين من اوراق قوتهم إزاء الاحتلال، وهو بما يشكله من غطاء اخلاقي للاحتلال ينزع ذات الغطاء عن المقاومة ويشوهها بل ويضعف من مركب اليسار الاسرائيلي المساند للقضية الفلسطينية.

ويرى هشام البستاني في مقاله مقاومة التطبيع:ورقة مفاهيمية، لجريدة الاخبار اللبنانية أن:  “الجوهري في تعريف التطبيع هو: الاعتراف بشرعية الكيان الاستعماري الاستيطاني الصهيوني المسمى «إسرائيل»، وشرعية مشروعه، وشرعية الاستعمار الاستيطاني في فلسطين، والتعاطي معها على أنها جميعها أمر طبيعي أو مسألة تحتّمها «الواقعية السياسية» أو أي مبرّر آخر. «إسرائيل» لكونها التشكل الماديّ للاستعمار الاستيطاني الصهيوني تمثّل ظلماً لا يمكن القبول به لمجرّد وجوده، حالها في ذلك كحال الموقف من أي نوع من أنواع الظلم كالعبوديّة والاستغلال وغيرهما، فكيف إن أضفنا إليها سلسلة طويلة من المذابح والاعتداءات، وارتباطاتها مع القوى الإمبريالية والاستعمار، وتوسعيّتها ومحاولتها الهيمنة على محيطها، بل وأدائها دوراً مسانداً للأنظمة القمعية والديكتاتورية في العالم (جنوب أفريقيا، العديد من أنظمة دول أميركا الوسطى والجنوبيّة، وغيرها)؟”[10]

ثقافة السلام وهاني الحسن:

اذن علاقتنا اليوم مع الطرف الاسرائيلي هي علاقة صراع رغم الاتفاقيات فهي صراع مستمر يأخذ أشكالا لم تخطر في بال أحد في السابق حيث كانت المعادلة إما حرب أو سلم، وكلنا يعلم أن الصراعات بين الدول لها اشكال متعددة منها السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والاجتماعية والقيمية والقانونية،[11] وكلها باعتقادي مفتوحة على مصراعيها بين الفلسطينيين والاسرائيليين بحيث يتأرجح هذا الصراع بين التعاون المفروض او المختار، وبين المقاومة بأشكالها، حيث قد لا يفهم او يدرك مثل هذه المعادلة المعقدة الا القليل.

إن ثقافة السلام غير الموجودة اليوم لدى الطرف الاسرائيلي – كما كان يردد المفكر العروبي الكبير هاني الحسن (أبوطارق) تستند لأسس بدونها يصبح السلام هشّا وتتحول العلاقة الى علاقة تبعية.

يقول الشهيد القائد هاني الحسن: “بدون شك يجب علينا نحن الفلسطينيون ألا نخاف من السلام، أوالتسوية لأن الأرض في النهاية أرضنا والمنطقة منطقتنا.” مضيفا ” أن تقييم الصراع على أنه (إسرائيلي فلسطيني) يجعل من السلام هنا سلام المهزوم، أما إذا قُيّم باعتباره (عربيا اسرائيليا) فالصورة متعادلة.”

ونقتطف من محاضرة الاخ أبوطارق رحمه الله في طلاب جامعة النجاح حول ثقافة السلام، حيث يقول: “يحقق السلام مصالح ومنافع للجميع، ويضع حلولا لقضايا كثيرة مثل: المياه، التصحر، نشر المعرفة والتقانة (التكنولوجيا)، لكن للسلام ثقافة.” مضيفا: ” والمشكلة لدى الطرف الاسرائيلي أنه حتى اليوم لم يضع ثقافة السلام موضع التنفيذ على قاعدة أن الاعتراف بالطرف الآخر – كما قلنا سابقا – يتطلب منك أن تؤمن بثقافة السلام التي تتضمن أربعة عوامل هي :

  1. التعايش.
  2. التسامح.
  3. الحوار.
  4. النديّة.

والحوار من أوجب شروط السلام، وهو لا يمكن أن يكون حواراً إلا إذا قام على الندية، فعلى سبيل المثال عندما أجرينا حواراً وطنيا في نابلس طالب البعض في البداية أن تخضع الاقلية لرأي الاغلبية في مجمل القضايا المطروحة، فإذا أردت ان تتعامل بهذا الاسلوب فلماذا دعوت للحوار، بمعنى دع الاكثرية تأخذ قرارها دون هذا الحوار، هذا ما يريدون، ولكن ما دمت قد قبلت بالحوار فإنك تؤمن بالتوافق وبالتالي تؤمن بالندية بغض النظر عن كونك الكبير أو الصغير.

إن التسامح لا يعني أنك تنسى أرضا أو تسكت عن ظلم، وإنما يعني أن توافق على تجاوز الحواجز دون النظر إلى الماضي.

ونفس الشيء ينطبق على التعايش الذي يتطلب الاقرار بالندية لكلا الطرفين أيضاً.”

إذن نقول نحن أن ثقافة السلام تستند للاعتراف (ما يؤدي للتعايش) والمساواة (او التسامح) والندية بالحوار، فالاعتراف بالطرف الاخر، وحقوقه ثقافة سلام، والمساواة بالواجبات والمتطلبات والندية بالتمثيل هي حقيقة مقومات السلام وثقافته لذلك لا تتوفر مثل هذه القاعدة اليوم مع الاسرائيلي الذي وجب أن يكون المسار معه في تعزيز مقومات البقاء والصمود والتفاعل، والتعامل، والمواجهة بكافة أشكالها بما لا يضر بمصالح الشعب والأهداف المتحققة.

علاقة الأمة العربية بالاسرائيلي:

لا يمكن المساواة بين العلاقة القسرية الجبرية بين الفلسطيني والاسرائيلي في فلسطين على جانبي الخط الأخضر، ومع مثيلها بين الاسرائيلي والعربي، ولا يمكن إقامة معادلة تبريرية للعلاقات بين العرب والاسرائيلي استنادا للتعامل والاتصالات الفلسطينية سواء القسرية أو تلك التي ارتبطت باتفاقيات علنية اوسرية مباشرة او غير مباشرة، فهذا شان مختلف كليا.

ان التطبيع الفلسطيني إن حصل هو انسحاق أمام السجان واستسلام لإرادته، وهو غير متحقق بحالتنا الفلسطينية عامة، لا من السلطة ولا من الفصائل، مع هامش اختلاف كبير في تحديد حجم أو مستوى أو معنى التطبيع.

التطبيع العربي، أو لنسمه الاتصال أو التواصل العربي الاسرائيلي اللاحق، يجب ان ينطلق من الرفض المطلق للعلاقة الآن، على قاعدة أن إمكانية تحقيق العلاقات العربية الاسرائيلية هي فقط بعد انجاز المبادرة العربية للعام 2002 وبتحقيقها من الألف الى الياء كما ردد مرارا وتكرارا الرئيس أبومازن، بمعنى اشتراط أولوية تحقيق الاستقلال الوطني لدولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والتاريخي والقانوني والمعترف بها دوليا على حدود 1967 على فتح أي خط إو صِلة مع الاسرائيلي تتجاوز حقوقنا، فلا تطبيع أو اتصال عربي الا بعد حل الصراع العربي الاسرائيلي.

الدولة العربية والعلاقات مع الاسرائيلي:

قد يقول قائل أن هناك من الدول العربية من ترتبط بعلاقات ضمن اتفاقيات،وهنا وبعيدا عن الخوض في مصالح الدول، نقول ان المسار الاجتماعي والثقافي الشعبي في هذه الدول (الاردن ومصر) ما زال منفصلا عن المسار السياسي بالعلاقات الدبلوماسية وهو الفعل الصائب.

اما تلك الدول التي لا ترتبط بحدود مع فلسطين وليست مضطرة بأي شكل لاتفاق فإن تعاملها مع الطرف الإسرائيلي مهما تم تبريره لا يصب في المصلحة العربية المشتركة.

ان هامش الحركة لدى الفلسطينيين تحت الاحتلال سواء الضفة وغزة أو للفلسطينيين بالداخل (في “اسرائيل”) هو هامش ضئيل يوجب الاتصال والتعامل مع السلطات الاسرائيلية الحاكمة، ولكلٍ أدواته ووسائله و أساليبه المختلفة ما بين المناطق الثلاثة.

على اختلاف هذه الوسائل، فإن الاتصال في كل منها يجب ألا ينزلق لمرحلة التطبيع بمعنى الانسحاق أمام رواية، وعصا وجزرة الآخر، فنتحول لأدوات في مشروعه لابتلاع كل فلسطين أرضا وشعبا وكرامة وتاريخا وفكرا ورواية.

التواصل الثقافي بين شقي البرتقالة:

من هنا جاءت أهمية اعلاء شأن التواصل الثقافي الاجتماعي السياسي القومي بين قسمي البرتقالة أي في دولة فلسطين ومع الفلسطينيين في ارضنا عام 1948.

هامش الحركة الذي يجبر الفلسطيني على التعامل مع الاسرائيلي ضئيل، فهي تدخل في أكله وشربه وملبسه، وفي كل جوانب حياته بما لا يقارن مطلقا مع الدول العربية والمتحررة من الاحتلال الاسرائيلي أوهكذا يجب أن يكون، فليس لها التحجج بالعلاقة الفلسطينية بالإسرائيلي مهما كان نوعها.

كان الكاتب وليد سالم[12] قد قسّم الاتصالات أو اللقاءات الفلسطينية مع الإسرائيليين الى نوعين:

النوع الاول: ينطوي على نشاطات ترفيهية و استثمارية و حياتية مشتركة ، وهذا النوع من النشاطات هو من دون شك تطبيع، أو يخلق حالة من الوهم بوجود حاله طبيعية بين الشعبين وكأنه ليس هناك احد منهما يحتل ارض الاخر.

أما النوع الثاني : فهو المتعلق بالترجمة لقرار المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثانية عشرة عام 1974 القاضي بالتوجه للحوار مع الشارع الاسرائيلي و مع قواه المؤمنة بحق الشعب الفلسطيني في دوله مستقلة وعلى حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس. هذا النوع ليس تطبيعا، و إنما هو واجب وطني ونضالي، و جزء من أشكال الاشتباك الفلسطيني المتعددة مع الطرف الآخر من أجل الوصول الى الأهداف الوطنية الفلسطينية.

والنوع الثاني هو ما ندعوه حكما بالاتصالات الواجبة للتغيير والتأثير والكسب لمصلحة حقوقنا الوطنية والرواية العربية الفلسطينية بالحفر في المجتمع الاسرائيلي.

في مقاومة التطبيع عربيا:

يعرض موقع بصائر بقلم معاذ العامودي[13] خطوات عملية لمقاومة التطبيع عربيا ما نؤيده بها ونكتفي، كالتالي:

1-عقد مسيرات ومطالبات حقوقية عربية بإصدار قوانين داخل الدول العربية تجرم التطبيع، وتحاسب المطبعين أمام الجماهير.

2-تعرية وفضح كل المطبعين مع الكيان الصهيوني من أشخاص ومؤسسات بالاسم، وتجريم أفعالهم الشنيعة بحق العرب والمسلمين، وبحق الأجيال القادمة.

3-إنشاء فرق إلكترونية عربية داعمة للقضية الفلسطينية والقضايا العربية العادلة؛ لتكون كنانة المواجهة الرئيسية في عصر القوة الناعمة، لفضح حقيقة هذا الكيان الصهيوني.

4-إنشاء منصات رقمية متعددة وبلغات مختلفة كالإنجليزية والإسبانية والألمانية والفرنسية، لفضح حقيقة الكيان الصهيوني، وإبراز الكذب الذي يمارسه الاحتلال عبر مقارنات بين ما يدعو له في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الشخصيات البارزة كأدرعي والمنسق وغيره، وبين الحقيقة على أرض الواقع من خلال جرائمه المتواصلة، وكشف المؤامرات التي يقودها ضد الأمة العربية.

5-الشرق ساحة مهمة كدول إندونيسيا وماليزيا وغيرها فللموساد وقواه الناعمة دور كبير في اختراق وعي هذه الشعوب عبر الوفود الصهيونية ونشر مرئيات (=فيديوهات) باللغة المالاوية أوالإندونيسية، فهي تحتاج نشاطاً مكثفاً بلغة بسيطة لإظهار حقيقة الكيان الصهيوني البشع، وتجريم المطبعين من هذه الدول.

6-نشر كافة المنتجات الصهيونية، والشركات التي تبيع معداتها في الدول العربية والغربية، ومقاطعتها بالمنشورات من خلال عرض الجرائم التي يسببها الاحتلال بسبب دعم منتجاته التي تتحول إلى شراء الأسلحة المستخدمة في قتل الفلسطينيين.

7-تعريف الجماهير بأنواع التطبيع الناعمة، كالتطبيع الإعلامي والتطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي، وقد بذل الكيان الصهيوني جهداً كبيراً في التطبيع الثقافي والإعلامي كمدخل للتطبيع السياسي.

كل ما يبذله الكيان الصهيوني من محاولات لتغيير الوعي العربي عن حقيقة أنه سبب السرطان في المنطقة العربية وتقسيمها وتفسيخها ستبوء بالفشل إن انتبهنا لهذه المؤامرة

المقاطعة والتطبيع والاتصال:

بين المقاطعة والاتصال ضمن الهامش القلِق بين الفلسطيني والاسرائيلي علاقة يجب أن تميل (تعبويا وفكريا وثقافيا وعمليا) لصالح المقاطعة، في معادلة توازن المصالح وعدم الاضرار بحياة الشعب الفلسطيني، وادامة الثبات والصمود.

إن المقاطعة للاستثمارات والبضائع والجامعات والمؤسسات هي واجبة فلسطينيا وعربيا، لأنها موجهة بوضوح ضد الدولة العنصرية وفكرها الاقصائي الفاشي، وضد مؤسساتها الاحتلالية والعنصرية، ولأنها مقاطعة قيمية اخلاقية ينخرط فيها الفلسطيني والعربي والاوروبي، وكل احرار العالم، ما لا يتعارض مع التعامل السياسي مع (اسرائيل)، الدولة القائمة بشكل جزئي غير مكتمل الا باستقلال دولة فلسطين -تحت الاحتلال- حسب القرار 181.

إن الاتصال مع المجتمع الاسرائيلي من حيث هو تدعيم للحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف مطلوب، كما هو الحال في تغيير رأي المجتمع وقيادات وجماهير والاحزاب الاسرائيلية.

الحال ذاته يوجب ضرورة الحوار والتعامل ودعم المفكرين الاسرائيليين المنصفين، ولكن هذا الاتصال الثقافي محكوم بالمؤسسة الوطنية وأهدافها ومحكوم بالتكليف ومحكوم بالهدف وهو ليس لمن هب ودب، ومن هذا المنطق فإن لجنة الاتصال مع الاسرائيلي في فلسطين وجب أن تنطلق من بوابة الايمان المطلق بالحق، وعدالة القضية والرواية، وتحقيق الاهداف، وحصريا عبر المؤسسة.

هل زيارة السجين دعم أم تطبيع؟

تختلف مفاهيم المقاطعة لدى العرب عن تلك لدى الفلسطينيين في زاوية دعم السجين، ففيما ترى السلطة الوطنية الفلسطينية أننا تحت الاحتلال في حالة مقاومة وبحدها الادنى بوجودنا وصمودنا ومقاومتنا بكل أشكالها وبالثبات ما يعني أمكانية ان يدعمنا العرب من خلال بوابة السلطة، وما بين المفهوم الذي يرى زيارة السجين تمثل تطبيعا مع السجان بالنظر المحدود فيما يتعلق بإجراءات الدخول والخروج المرتبطة بالتعامل مع الاسرائيلي بشكل آو بآخر.

في جميع الاحوال ومهما كان الرأي بزيارات العرب لفلسطين، فأن تكون مثل هذه الزيارات من بوابة الدولة الاسرائيلية أو أي من مؤسساتها العنصرية الاحتلالية مباشرة يعد تعديا على الحق الفلسطيني واغتصابا للرواية وفرح عارم بالسجان، وكما بدا لنا في معظم الحالات التي انسحقت تحت وطاة ارادة الاسرائيلي فتخلت عن الحق العربي. ويا للعجب كان ذلك على عكس زيارات المتضامنين الاجانب الذين استثمروا بوابة مطار اللد للمقاومة، وليس ليتحولوا لأبواق ناعقة للاستسلام والتطبيع والتتبيع.

في خلاصة هذه الورقة فإننا نفرق بوضوح بين حالة السلم وهي الحالة المفقودة بيننا والاسرائيليين، وحالة الحرب العسكرية او الشاملة، وبين الشكل الثالث وهو حالة الصراع القائم متغير الوسائل والادوات. ونحن في هذه المرحلة الصراعية بين الأمة ضد الصهيوني يتوجب علينا القطع مع الاحتلال ومؤسساته الاقصائية الاستعمارية العنصرية كامة عربية بغض النظر عن طبيعة ومسببات الاتصالات الفلسطينية القائمة بمنطق التواصل القسري أو المتفق عليه دوليا او مؤسسيا، فشتان بين شعب يرزح تحت الاحتلال بأشكاله المتعددة وبين شهوب أمة حرة من المتوجب أن تكون المقاطعة لديها أحد ادواتها الرئيسة والهامة في الصراع العربي الاسرائيلي.

[1]  التطبيع بتعريف الكاتب صلاح الدين المصري في مقاله على الشابكة المعنون: ما هو التطبيع ؟ و لماذا يجب تجريمه ؟ وما هي مخاطره؟

[2]  يعتبرزياد منى أن : “قراءة صحف العدو مهمة وضرورية للمحللين السياسيين والبحاثة المتخصصين والمستشارين وصانعي القرار، ولكن ليس للعامة لأنها تؤدي بالضرورة إلى عد صحافته جزءًا من أجهزة الإعلام في بلادنا، مع أن الفارق بين أغلب الصحف الناطقة بالعربية والعبرية، لو تعرفون، ضئيل!” ويضيف:” “أي دعوة لعقد مؤتمر لبحث المقاطعة ومقاومة التطبيع يجب أن تنطلق من ثابت واحد لا ثاني له هو: أن فلسطين أرض عربية وجزء لا يتجزأ من الوطن العربي، وحقوق أمتنا فيها غير قابلة للنقاش أو للتصرف ”

[3]  من مقال زياد منى المعنون: التطبيع مع العدو الإسرائيلي

[4]  الكاتب ابراهيم نصار في مدونته حول: ما هو التطبيع، لماذا يجب مقاومته بقوة وما هو البديل؟

[5]   سماح إدريس رئيس تحرير مجلة الآداب وقدم مداخلة بهذا الشأن أي التطبيع الثقافي بدعوة من نادي المشعل في بدنايل، قضاء بعلبك، وذلك بتاريخ 6/10/2017.

 [6] يعرض موقع بصائر basaer-online.comعلى الشابكة مظاهر و مخاطر التطبيع الاعلامي بورقة تحت عنوان: كيف نفشل محاولات التطبيع.

[7]  من مقال له على الشابكة بعنوان: التطبيع بتعريفاته المتعددة

 المقال السابق لصلاح الدين المصري.[8]

[9]  يوغل الكيان الصهيوني بعنصريته بلا هوادة، ضاربا بعرض الحائط كل المواثيق والقوانينالدولية، فخلال 16 شهرا أقر (72) قانونا تستهدف الوجود الفلسطيني في الداخل المحتل، كما تؤشر إلى حالة القلق التي تعيشها الحركة الصهيونية، التي لجأت إلى قوننة سياسات عنصرية، من أجل استمرارية المشروع الاسرائيلي، وحسب دراسة مركز مدار للدراسات الاسرائيلية عام 2017 يقول: (منذ تشكيل الكنيست الحالية اثر انتخابات آذار/مارس 2015، اقرت الكنيست الاسرائيلية “25 قانونا عنصريا بالقراءة النهائية، اضافة الى وجود 15 قانونا في مرحلة التشريع، وطرح على جدول اعمال الكنيست 136 قانونا.”)

[10]  مقال هشام البستاني في الاخبار اللبنانية تحت عنوان: مقاومة التطبيع: ورقة مفاهيمية.

[11]   مركز مدار للدراسات الاسرائيلية يعرف “القوانين العنصرية” بانها: “الداعمة للاحتلال والاستيطان وشرعنته، وكل قانون يستهدف الفلسطيني كفلسطيني أينما وجد، ان كان من خلال قوانين مباشرة، او غير مباشرة، وقوانين أخرى تبدو في واجهتها وكانها تعديلات للقوانين الجنائية، الا أنها تسن على خلفية أحداث سياسية هي انعكاس لسياسة التمييز العنصري، والملاحقات السياسية، وتضييق حرية التعبير والعمل السياسي”.

[12]  من تقرير للكاتب رامي مهداوي في صحيفة الحياة الجديدة تحت عنوان: التطبيع بين ضياع المفهوم وضياع القضية.

[13]  الرابط للمقال في موقع بصائر https://basaer-online.com/2017/12/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%B3%D9%8A%D9%81%D8%B4%D9%84-%D9%84%D8%A7-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9/

1/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى