غــــزة حقائق جديــدة صـــاغـــت مـفاهـيـم مـــخـــتلـــفــة
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر
جلب الهجوم الخاطف علي مواقع الجيش الصهيوني المُتمركزة في ما يُسمي بمستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر 2023 هذا الذي أًطلق عليه “إنتفــاضــة الأقــصــي” , جلب مجموعة مُتناسقة من المـفاهيم الجديدة نأسست علي مجموعة جديدة من الحقائق التي إنبثقت نتيجة واقع المواجهة الفلسطينية مع جيش المحتلين الصهاينة , فليس هناك شك في أن هذه المفاهيم أصابت البعض بالصدمة والإرتباك بل والخشية من المُستقل الذي ستبدأ فيه الجماهيير العربية خاصة بل وفي العالم كله عموماً إستيعاب هذه المفاهيم والنزوع إلي العمل بجدية علي هديها , فقد أثبتت المقاومة الفلسطينية وفي القلب منها “حـــمــاس” أن المفاهيم المتداولة وفي مقدمتها مــفهوم السلام مع نظام إحتلال وفصل عنصري مقيت ليس ســـلاماً حقيقياً فإتفاق أوسلو أو إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي الموقع بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون تم التوصل إليه بعد محادثات سرية بدأت عام 1991وينص إعلان المبادئ هذا على إقامة سلطة حكم ذاتي وطنية انتقالية فلسطينية ومجلس تشريعي منتخب للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية لا تتجاوز الخمس سنوات تنتهي بتسوية دائمة بناء على قراري الأمم المتحدة 242 و338 في مدي زمني لا يتعدى بداية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية , وهذا مالم يتحقق حتي 7 أكتوبر 2023 يوم بداية إنتفاضة طوفان الأقصي الباسلة , ومن بين التي يمكن العثور عليها من أتـــون المــعــركة الدائر رحاها بين الصهاينة الذين توحشوا بفعل إستسلام بعض القادة العرب منذ 26 مارس 1979 تاريخ أول وثيقة أتاحت لهذه الوحوش المسعورة أن تنطلق مُتحررة من قيد المقاومة لتفترس أهل الضفة الغربية وقطاع خاصة مُستندة إلي نصوص توراتية زائفة يستحيل أن تصدر عن الله سبحانه وتعالي منها ما ورد في سفر أشــعــيا الـــشاذ منطقاً , وهذه الــمــفــاهــيم الجديدة التي ســـتُـــمـتــزج حتماً وفي وقت ليس بالبعيد مع بـــيئـــة الــمــجــتــعـات الــعــربـــية الـــجـــاهـــزة تـمـامـا لإستيعابها وهـــضـــمــهأ خاصة أن مــصــدرها نــقــي وشـــفاف :
1- كشفت عملية طوفان الأقصي بجلاء أن الجيــش الـصهـيوني ليس إلا عصابة مُسلحة بُولغ في تماسكها ومبلغ قوتها بفعل جهاز دعــــائي عالمي خاصة في فرنسا و بريطانيا والولايات المتحدة أضاف إلي قوته المُصطنعة تلك أن الجيوش العربية التي كانت في مواجهته جيوش ضعيفة تخدم نظم سلطوية حولتها مع الشعور المتنامي بخطر قادم من إنقلابات عسكرية مُحتملة أو ثورة شعبية مُفاجئة إلي منظمات شبه عــســكــريـة Paramilitaire , وحتي هذه الجيوش المُتحولة في الواقع العملي لمنظمات شبه عسكرية معدل دوران قياداتها بغض النظر عن مستواها المهني خلافي و سريع , والجيش الصهيوني ماهو إلا عصابة مُسلحة بدليل أن لا علاقة لمواجهاته بالقانون الدولي ولا الإتفاقاتن الدولية(جينيف) بشأن أسري الحرب ومعاملة المدنيين فهي قاتل للنساء والأطفال وهادم للبيوت ودور العبادة والمستشفيات أما في مواجهته مع رجال المقاومة الفلسطينية فهو جيش كالخرقة البالية قوامه مجموعة من المجرمين وشذاذ الأفاق الموتورين بفعل شحنهم بنصوص توراتية وضعها إختلاقاً مجنون أو أفاق وضعاً .
2- أثبتت المقاومة الفلسطينية علي مدار 3 أشهر من المقاومة الباسلة أنها ند صعب المراس في مواجهة آلة حربية ضروس وسيادة جوية للجيش الصهيوني المستوي الراقي في الأداء العسكري لها والذي تفتقدته الجيوش العربية تماماً بإستثناء واحد في حرب 10 رمضان أو 6 أكتوبر1973 , وكشفت المدة الطويلة للحرب التي أعلنها رئيس الوزراء الصهيوني عن إرتباك مروع في خطوط القيادة والسلوك Command and Conduct وزيف ماروج له الإعلام الصهيوني منذ النكبة في مايو 1948 عن المستوي المهاري العالي لقوات النخبة ولواء جولاني الذي سوقه الصهاينة لعدد من الدول الأفريقية مثل أنجولا التي إستعانت ببضعة ضباط من هذا اللواء في مواجهة متمردي إقليم Cabinda البترولي الذي يُطالب بالإنفصال عن أنجولا والذي درب قوات جون جارانج الإنفصالية في جنوب السودان , هذا اللواء تهشم وتكسرت أطرافه تحت وطأة ضربات المقاومة الفلسطينة التي تقودها قوات القسام وغيرها , وهذا معناه المباشر أن عملية التسويق والترويج للإستعانة بخبرات مزعومة للجيش الصهيوني في أفريقيا خاصة والعالم الثالث عموماً ستتراجع وتنخفض وتيرتها بل حتي أن الإستعانة بخبرات طالما بولغ فيها لأجهزة المخابرات الصهيونية كالموساد وشاباك وشين بيت سيُعاد النظر في الإستعانة أو الوثوق في محتواها من قبل هذه النظم السياسية الإستبدادية وسيتم الإقلال أو الإقلاع عن إستهلاكها في العالم العربي بعض قبل القادة العرب , فعملية طوفان الأقصي المُظفرة أظهرت للقاصي والداني أنها كالجيش الصهيوني مجرد منتج عرضي ودعائي من الخطورة علي هؤلاء الآن الوثوق في جدة وحقيقة وموضوعية معلوماتها هذه المعلومات التي لفرط الدعاية الُمصاحبة لها جعلت زعيم عربي يطلع كل صباح علي تقرير الوضع الأمني الداخلي في بلاده ويستغني عن التقرير الذي يضعه الجهاز الوطني للمخابرات ببلاده وقد سقط هذا الزعيم في النهاية .
3- أن حصار غزة الذي بدأ الكيان الصهيوني يفرضه على قطاع غزة عقب فــوز حركــة حمــاس فــي الانتخابات التشــريعية في يناير 2006 ثم شددت قبضتها لخنق القطاع بعد سيطرة الحركة عسكريًا على غزة في يونيو 2007 , كان العامل الرئيسي وربما كان الملهم والمُحرض لحركة حماس وأضرابها في القطاع للإعتماد علي الذات المقاومة والباسلة أولاً وعلي مد الجسور مع محور المقاومة لحصار أشد ضراوة للكيان الصهيوني , تماما كسياسة فرض العقوبات التي تقوم بها الولايات المتحدة علي بعض الدول التي توصمها بالمروق كليبيا وإيران مثلاً اللتان فرض عليهما قانون داماتو أو قانون ILSA عام 1996 فأدي إلي فتح الطريق أمام هاتان الدولتان وغيرهما ممن فرُرض عليهم عقوبات مماثلة للتعامل مع القوي الدولية والإقليمية المناوئة للولايات المتحدة ولم تستفد منه الولايات المتحدة شيئاً غير تصعيد العداء وفتح أسواق بديلة لهما , المهم أن المخابرات الصهيونية لم تستطع أن تستشرف مغبة إطباقها وغيرها من القوي الإقليمية والدولية لهذا الحصار الخانق علي غزة إذ لم تأبه أجهزة مخابرات الصهاينة المغرورة النرجسية بخطورة مد المقاومة الفلسطينية لجسور التعاون والتماهي الفكري والتسليحي مع محور المقاومة في ربوع الشرق الأوسط , فالكيان الصهيوني والولايات المتحدة كانت تغمرهما السعادة والشعور الزائف بالكفاية نتيجة قرارإتخذته الإدارة الأمريكية في 15يناير2021 وأعلنته وزارة الدفاع الأمريكية والقاضي بإجراء تغيير في “خطة القيادة الموحدة” قضي بنقل إالكيان الصهيوني من منطقة عمليات القيادة الأوروبية للقوات الأمريكية إلى منطقة عمليات القيادة المركزية فهذا التحول أتاح للكيان الصهيوني المُحتل سهولة التعاون الأمني الثنائي والإقليمي وتقاسم الأعباء العسكرية مع المؤسسة العسكرية الأمريكية التي رأت في هذا القرار فرصة استراتيجية لتوحيد الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة في مواجهة التهديدات المشتركة في الشرق الأوسط (عام 2004 نقل الرئيس بوش سوريا ولبنان إلى القيادة المركزية الأمريكية تاركاً إسرائيل والسلطة الفلسطينية في القيادة الأمريكية الأوروبية)وكانت الولايات المتحدة تري رفض بعض العرب للتطبيع مع العدو الصهيوني يظل مانعاً لإتخاذ مثل هذا القرار لكن إتفاقيات إبراهام المزعومة التي عُقِدت بين الكيان الصهيوني ودول عربية هي الإمارات العربية المتحدة والبحرين برعاية الولايات المتحدة في 13 أغسطس 2020 والمحادثات الخافتة للتطبيع المباشر (فتطبيع السعودية مع الكيان له أوجه أخري تنفيذية كالطيران في الفضاء السعودية وممر النقل البري من الإمارات للكيان يمر عبر السعودية والأردن ) بين الكيان الصهيوني والسعودية وتطبيع عُمان بزيارة رئيسي وزراء صهاينة هما Yitzhak Rabin عام 1994وشيمون بيريز عام 1996 ثم زيارة بنيامين نتنياهو إبان عهد السلطان قابوس حين دُعي رسميا لزيارة مسقط في 26 أكتوبر 2018 ثم كان توجيه وزير النقل العُماني أحمد محمد الفُطاسي الدعوة لوزير النقل الصهيوني لحضور مؤتمر دولي بمسقط وأعلن الوزير العُماني أن بلاده بوصفها الدولة المضيفة لإجتماع الإتحاد الدولي لطرق النقل IRU والذي يحضر أعضاءه المؤتمر العالمي لطرق النقل الذي يُعقد بمسقط في الفترة من 6 إلي 8 نوفمبر 2018 قد وجهت الدعوة إلي Yisrael Katz وزير النقل والمخابرات الصهيوني للمشاركة في أعماله , كل ذلك مهد الطريق تماماً أمام الولايات المتحدة لضم الكيان الصهيوني مع كثير من الدول العربية للقيادة الوسطي العسكرية الأمريكية , وهذا مما يفسر السلاسة والسهولة النسبية في توريد الولايات المتحدة للأسلحة والذخائر للكيان الصهيوني من الوجهة الإجرائية , فالمبدأ هو دعم الكيان الصهيوني في كل الحالات لأنه إلتزام أمريكي مبدئي منذ إعلان قيام هذا الكيان في 15 مايو 1948 .
4- ان الدول العربية او الانظمة المُطبعة مع الكيان الصهيوني رغم انها علي المستوي الثنائي مرتبطة عسكريا بالولايات المتحدة وبقوة الا ان الولايات المتحدة فشلت في ان تضمها في ناتو عربي وفي قوة حارس الازدهار البحرية في البحر الاحمر , ففي في 15 فبراير2017 نشرت صحيفة THE WALL STREET JOURNAL من مراسلتها بالإحالة علي مسئوليين شرق أوسطيين قولهم أن إدارة الرئيس الأمريكي Trump تُجري محادثات مع حلفاء عرب لتشكيل حلف عسكري يجمعهم يمكن أن يتقاسم المعلومات الإستخباراتية مع إسرائيل من أجل المساعدة في مواجهة إيران عدوهم المُشترك , وإتصالاً بذلك نشر موقع صحيفة الأهرام القاهرية في 6 مارس 2017 أن رئيس هيئة أركان الجيش المصري إلتقي الجنرال Petr Pavel رئيس اللجنة العسكرية بمنظمة حلف شمال الأطلنطي NATO بحضور عدد من قادة الجيش المصري , وأشار الموقع أنه وفقاً لبيان صادر عن الجانب المصري فإن الجانبين ناقشا مسائل إقليمية من بينها الموقف في ليبيا كما ناقشا التطورات الأخيرة ذات الصلة بالحرب علي الإرهاب والتنسيق والتعاون بينهما في هذا المجال , وقد يبدو أن إحجام الأنظمة العربية عن الإنضواء مع الكيان الصهيوني في تنظيم عسكري / أمني بإدارة أمريكية عمل إيجابي يشير إلي شجاعة إستثنائية من هذه الأنظمة لكن الواقع أن حرب غزة أماطت اللثام تماما وعرت هذه الأنظمة لأنها دلت المتابع عن أن هناك خطوط سفلية للدعم والتأييد بل والتموين للكيان الصهيوني حالياً من قبل هذه الأنظمة التي تدعي العروبة واثبت الحوثيين انهم مصدر خشية لهذه الانظمة العربية وبدت المسافة الكبيرة التي تبعد دولة الامارات عن النظام العربي بفعل عملية طوفان الاقصي وتداعياتها فمثلاً السعودية وافقت بدون حاجة للإعلان عن ممر بري وجوي لتموين الكيان الصهيوني من الإمارات مروراً بالسعودية والأردن عوضاً عن ميناء إيلات الصهيوني الذي توقف بنسبة 85% عن العمل وإستقبال السفن بسبب إغلاق الحوثيين أو أنصار الله لمضيق باب المندب بل ودعم جيبوتي لهذا الإغلاق فبحسب وزير خارجية جيبوتي في ديسمبر2023 فإن جيبوتي لم ندن هجمات الحوثيين على السفن لأننا نعتبرها إغاثة لفلسطين , وفي 29 نوفمبر2023 ناقش الجانبان اليمني والجيبوتي حسبما أفادت قناة (اليمن) الفضائية الرسمية سبل مواجهة التهديدات المتنامية للملاحة الدولية عرض البحر الأحمر , كما أن ما فعله الحوثيين في البحر الأحمر بإعادة إستخدام تحكمهم في مضيق باب المندب لمصلحة القضية الفلسطينية مثل خطرا ماثلاً لإستراتيجية الامارات الهادفة للإستحواذ والسيطرة علي ممرات النقل وفي البحر الأحمر مما يهدد مصالحها التي سعت لتحقيقها في البحر الاحمر خاصة بعد اعلان جيبزتي الانضمام لليمن في موقفها تجاه غزة .
أكثر أوضحت حرب غزة أن حلفاء غزة الحقيقيين علي الرغم من محدودية عددهم أكثر فاعلية من القوي الإقليمية الأخري فبالإضافة إلي إلغاء أهمية مضايق تيران , فقد حيد أنصار الله القوي البحرية الإقليمية والدولية تماماً والتي حاولت الولايات المتحدة جمع أكثر من 40 دولة لضمان وتأمين الأمن البحري لكي لا يتأثر الكيان الصهيوني ,لكنها فشلت حتي أن حوالي 9 دول فقط وافقت علي علي الإنضمام إلي القوة المُسماة “حارس الإزدها” والتي لم تتحرك الولايات المتحدة لتشكيلها في التسعينات من القرن الماضي عندما وضع قوي مناوئة الألغام في البحر الأحمر مما أثر علي الحركة في قناة السويس , فالولولايات المتحدة تحشد قواها وقوي حلفاءها من أجل الكيان الصهيوني العفن فقط .
من المزايا المعنوية والمادية التي حققها الموقف الصلب لليمن في حرب غزة هي أنه ألغي أو محي أي أهمية لمضايق تيران التي غالباً ما كانت تهدد بها مصر الكيان الصهيوني بإقفالها وإعتراض السف المُتجهة لميناء إيلات فقد تحولت كل أهمية هذا المضيق لباب المندب فقط الذي أضاع علي السعودية هي الأخري أي جاهزية عسكرية تدعيها وأظهرها بلا حول ولاقوة فالمضيق أخذته وهو بلا قيمة عسكرية فكل أهميته الآن هو أن جزيرتي تيران وصنافر ستلتحقان بالمشروع الهرائي المسمي “نيوم” وهو مشروع يناسب زمن الغفلة وحالة الضياع والتفاهة .
5- أكدت عملية طوفان الاقصي مُجدداً ما هو مؤكد بشأن طغيان التناقضات السياسية الحقيقية بين الانظمة العربية , وما هذه التناقضات السياسة إلا نتاج لتدني منسوب التدين الحق والتعليم والثقافة المحدودة لهؤلاء , واظهرت حرب غزة مجدداً أيضاً الضعف الهيكلي للجامعة العربية ومجلس التعاون الخلبجي وحتي العلاقات الثنائية العربية , فكلاهما لم يجتع إجتماع جدي مثمر أو منتج ولو حتي يُوحي بأن هذين التظيمين لهما جدوي ولو محدودة , فمكاتب المقاطعة التابعة للجامعة العربية أصبحت مكاتب أو نقاط إتصال تجاري مع كيان الصهاينة الخرب بسكانه الذين أوضحت حرب غزة والإبادة الجماعية التي يمارسونها ويعلنون عنها إستناداً لنصوص توراتية يستحيل إعتبارها مقدسةأو محترمة , أثبتت هذه الحرب أنهم حثالة العالم , وبفعل هذيان التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي ثبت أنه نمر كرتوني مارست بعض النظم العربية وبجرأة لحد الفجورإضافة لإعلامها المنكوب البغاء السياسي حتي أن الجماهيير العربية ضاقت بهما ذرعاً كما ضاق النبي لوط بقوم سدوم وعمورية حتي قال الله تعالي في محكم آياته : ” فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ” . [سورة النمل آية / 56] فهذه الأنظمة وإعلامها المزري يرون أن من يواجه الصهاينة ويضع أنفهم في الرغام يأتي بفعل يرونه منكر فيما هم يتطهرون ويـــطـــهــرون الأرض الــعـــربــيـة من دنــســهم ورجســهــم وشرهم المُستطيـر .
6- إن عملية طوفان الاقصي لمبلغ ضراوتها وعدم قدرة الجيش الصهيوني علي منازلة المقاومين الفلسطينيين من ضمن أهم نتائجها أنها استنطقت الكيان الصهيوني ليعترف احد وزراءه من شذاذ الآفاق بامتلاك الكيان الصهيوني السلاح النووي ودعي بوقاحة إلي ضرب غزة به والغريب في الأمر أن الولايات المتحدة والقوي الدولية الحليفة لم تدن هذا التصريح العدواني ولم تدن إمتلاك هؤلاء الصهاينة لسلاح نووي في يد عاجزة , وكهم أي الولايات المتحدة وحلفاءها معاً ضد إمتلاك إيران لسلاح نووي ويريدون تدميره بما فيهم الأفاقين الصهاينة الذي لا يشرف أي كائن بشري مُطلقاً أن يتواجد معهم في مكان واحد , وحرب غزة الباسلة أدت لقسوتها علي الصهاينة أن يتم إنتزاع الإعتراف بحيازة القوة النووية لدي الصهاينة بدون الحاجة لانتزاع هذا الاعتراف بطرق مخابراتية عربية واثبت هذا الاعتراف ان النظم العربية تطوعت بدون داع لتوقيع علي معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية ودخلت حيز التنفيذ في 1970, وان هذا التوقيع كان تعبيراً عن عجز الفيادات السياسية العربية لا أكثر ولا أقل فالصهاينة أعداءنا لم يُوقعوا علي هذه الإتفاقية تعمدوا الغموض بشأن حيازتهم للأسلحة النووية , لكن ها هي حرب غزة بضراوة الُمقاتل الفلسطيني أرغمتهم علي الإعتراف بحيازتها وحان وقت إنسحابنا من هذه المعاهدة والشروع في النشاط النووي هذا إن كنا جادين أو علي الأقل خائفين علي مستقبل أجيالنا القادمة , أو علي الأقل بدء التشهير بالكيان الصهيوني .
7- أوضحت أمام الشعوب العربية لا أمام السياسيين والإستراتيجيين فقط أن حرب غزة والمقاومة الفلسطينية كشفا أن اوسلوا ما هي إلا مؤامرة وطريق قصير نهايته الرجوع لزمن النكبة عام 1948 وهي حقاً مؤامرة وأن قوم أوسلوا ماهم إلا مجموعة من الصبيان القصر الذين لا ثيملكون رؤية صحيحة وصائبة عن الصهاينة ومجتمعهم العنكبوتي , ولهذا فقد تمت أوسلوا في سرية اما غزة وقراره المقاومة بها فقد واصلت الصراع مع الصهاينة بالطريقة المناسبة والصحيحة وكانت المقاومة وهي تفعل فعل المقاومة الشريف تفعله تحت الشمس وبوضوح وهو الأمر الذي جذب إنتباه العالم وإحترامه مما أعاد القضية الفلسطينية لمكانها المناسب أمام أنظار العالم ولقلب ووعي الجماهيير العربية والإسلامية ,
8- ادي طوفان الافصي الي تصدع الرؤي السياسية لدي كل نظام عربي فيما يتعلق بالشرق الاوسط ومكانه الحقيقي فيه , فالشرق الأوسط وبفعل طوفان الاقصي مقبل علي إحداث تغييرات عمية في وعي ونفسية الجماهيير العربية فهو ليس العامل الوحيد المُحرض علي التغييرفهناك عوامل دينية وثقافية وإجتماعية تعتمل وبحدة فيما قبل حرب غزة التي أظهرت نخبة من يدعوا الثقافة كالمهرجين أو الأراجوزات الذين لا يجدوا من ينبههم أنهم بفعل حرب غزة أصبحوا مدعاة للسخرية والتندر , عموماً فإن حرب غزة أعادت الوعي العربي إلي إتجاهه الصحيح لأنها حرب تُدار ليس فقط بالمقاومة بل بإذهان مثقفة أدارت إعلاماً حقيقيا يقوم عليه ثلة من المؤمنين بالشرف الحقيقي في حربهم التي ظفروا بها في مواجهة زيف وإفك آلة الإعلام الصهيونية التي لا تباريها في دركها الأسفل الذي بلغته إلا آلة الإعلام العربي الموجه .
9- حرب غزة وفعل المقاومة الشريفة في الدفاع عن أهل غزة بالسلاح لا بأوسلوا وخرائبها أوضحت لكل من ألقي السمع وهو شهيد أن الاسلام دين مقاومة لا دين ارهاب كما أدعي الصهاينة وأضرابهم , كما أوضحت بنفس القدر أن المجتمع الصهيوني متحيز للحرب خارج الإتفاقيات والعرف الدوليين وإتفاقيات جينيف بشأن معاملة أسري الحرب .
10- فيما المسافة بين السلطة الفلسطينية بجهازها الأمني المُسلط علي رقاب أبناء الضفة الغربية مسافة بعيدة تُقاس بمقاييس فلكية لأنها سلطة تكونت في رحم صهيوني دنس , فإننا علي الجانب الآخر وفي غزة العزة نجدان المسافة بين المقاومة والشعب الغزاوي تكادتكون غير معدومة .
11- من المستحيل بل من غير المنطقي الحديث عن يوم غزة التالي بغير حماس فاداة القياس لخريطة غزةالآن هي المـاومة , ومقياس الرسم لخريطة القطاع وضعته حماس عزة وإقتداراً بدماء وبارواح الشهداء الغزاويين وليس لدي سلطة رام الله أن تدفع دينها قبل شعب غزة والضفة الغربية سوي عملة اوسلو التي انتهي تداولها فعليا وللأبد منذ ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ فلا غطاء لها البتة , إن اليوم التالي تقرره حماس وشعب غزة وجدول اعمال هذا اليوم ليس لاحد مهما كان دور يقرره فيه لسبب بسيط وهو ان ٧ اكتوبر هو وليس لقوة أو لدولة أخري مهما كان شأنها أن تقرر بشأنه إلا حماس والشعب الغزاوي الأبي , وأي حديث عن اليوم التالي بدونها فهو أمر غير واقعي وغير منطقي .
الـــــســـــفـــــيـر : بــــــلال الــمـــصـــري –
حصريا – المركز الديمقراطي العربي – الــــقــــاهــــرة تحــريـــراً في 31 ديسمبر2023