مقالات

هدف الوعي للأجيال القادمة

بقلم :  د.عادل حسين – المركز الديمقراطي العربي

 

فوحدة البوصلة في دائرة نظام الاولويات تقوم على   تقوية  المقاومة الذّاتية و النّظر في باطنها بعمق و بصيرة أولا ، ثمّ التوجه في خط مقاومة الظلم وقوى الاستكبار العالمية بمحاربة الفقر و الجهل و التخلف و السذاجة  و العمل على أحياء قيمة العلم و الانتماء للوطن و تراب السيادة الرمزية .

فحين تعيش في مجتمع ، كان يفترض ، أن يحمل مقوّمات و خصوصيّات و عناصر تفاعله تبلور الصّبغة العامة للنمط الفكري و العقدي له من ناحية ،  و التي على أساسها يتمّ تحديد علاقة الانسان مع اخيه الانسان في إطار تعدد التأويل حسب السياق الزمان و المكان في سبيل  خدمة المجتمع و عمارته  ،على  أساس مقياس جودة الحياة  من ناحية اخرى.

إلا أنه تجده في صراعات دائمة نتاج تعدد المصادر بمختلف أشكالها من جهة ،  و أدلجة    و نقل الاوضاع و الاحداث و أحوال و تفاعل المجتمع ،في مجملها ،خدمة للسلطان و النظام القائم من جهة اخرى . بالإضافة الى الصراعات عبر التاريخ و التي كانت بسبب اختلاف المصادر و المرجعيات ، هذا مما أدّى الى امكانية مزج وقائع التاريخ ،في مجملها ، بالعصبية الذاتية و الايديولوجيات دون أن تخضع الى المعرفة  الحقيقة و المنهجية العلمية  القائمة على التجرّد و مقياس القيمة في  بناء الانسان و الحفاظ على الطبيعة في الزمان و المكان .

لذلك ، نجد انفسنا اذا قمنا بدراسة و تعداد حقيقي لقياس تأثير مادة المناهج التعليمية عبر صيرورة تاريخية محددة في المجتمع العربي ذات الاغلبية المسلمة لوجدنا ان محتوى المنهاج لا يخلو ،في دراجته القصوى ،   من الأدلجة  و التوظيف و التزييف مما يصنع جيلا متناقضا مع وجدانه  و روحه . بمحرّد أن يجد الفضاء و المناخ المناسب يفجّر طاقته من خلال تعبيرات التمرّد على العناصر التفاعلية في  السياق الزماني و المكاني بمختلف الوسائل و الاليات .

و بالتالي ، يمكن القول بأن المسئولية العلمية و الاخلاقية  تدفعنا بالضرورة الى أن نتناول المواضيع ، سيما المتعلقة بعلاقة  الإنسان و اخيه الانسان و علاقة   الانسان مع الطبيعة ، في دائرة الموضوعية في أعلى درجاتها ، حيث تقوم على القرائن المرتبطة  بالإدراك الحسي و العقلي  انطلاقا من قاعدة بيانات ملموسة و منبثقة عن التجربة و قراءة الواقع من جهة ،  و مستمدة من الدينامكية الفيزيائية للفضاء العام و الميكانكية   الاجتماعية المتحركة فيه باستمرار من جهة أخرى .

لأن معرفة الحقيقة و البحث عنها يستوجب منهجية في التصور الذهني للإنسان  تستند الى نهج علمي و تجرّد فكريّ عميق تتمحور حول نظام الاولويات. لأن الفكرة القائمة على ردود انفعالية  و الميول العاطفي قد يترتّب عليها أشياء  يتحمّل المرء مسؤوليتها  ليس فقط عبر صيرورة تاريخ حياته ،  بل أيضا و من بعد موته كذلك ، حيث يظهر أثارها و نتائجها على الاجيال القادمة في الزمان و المكان. لذلك تبقى الحقيقة في ذاتها رهينة التصور الذهني للإنسان النسبي. الذي  يعكس محدودية العقل البشري التي تبعث فيه الاندفاع باستمرار نحو الوصول الى الحقيقة المطلقة.

و بالتالي ، يمكن الاشارة ، في هذا الصدد ، الى أن المادّة التاريخية لا يمكن لها ان تكون حقيقة ثابتة في ظاهرها إلا اذا تمّ ادراكها من خلال المامة العناصر العلمية الخاضعة للتجربة و الاستنباط و الاستقراء الحسي كعلم الاثار « archéologue » ، بخلاف ذلك يمكن أن نؤكد أنه قد وقع تحت تأثير الانا و  مزاج الذاتية العصبية و العرف المألوف…

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى