الشرق الأوسطتقدير الموقفعاجل

التدخلات الخارجية الأمريكية تُشعل فتيل الأزمة الفنزويلية – إنقسام دولي بشأن “مادورو” وردود أفعال متباينة

اعداد : إلهام النجار – باحثة متخصصة في العلاقات الدولية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

بداية الأزمة واشتعال فتيل المظاهرات: –

تشهد فنزويلا أسوء أزمة سياسية عرفتها البلاد منذ تولي الرئيس “نيكولاس مادورو “الحكم في أبريل 2013 كخليفة للرئيس الاشتراكي “هوغو تشافيز” بعد وفاته.

إلا أن موجة الإحتجاجات الشعبية التي تقودها المعارضة الفنزويليةكانت قد بدأت في شهر يناير 2014، وذلك على إثر مقتل الممثلة وملكة جمال فنزويلا السابقة “مونيكا سبير” وصديقها في حادث “سطو مسلح”، مما أثار غضب المواطنين الذين خرجوا إلى الشوارع مُنددين بإرتفاع مستويات العنف في البلاد، وخاصة في المدن.

والجدير بالذكر أن مقتل” سبير” كان الفتيل الذي أشعل المظاهرات، إلا أن عدة أحداث كمحاولة “اغتصاب “طالب في حرم الجامعة في شهر فبراير 2014 في مدينة “سان كريستوبال” عاصمة ولاية “تاتشيرا “الفنزويلية، أججت مشاعر الغضب لدى الفنزويليين في ظل وضع اقتصادي وسياسي معقد حيث تعيش البلاد أزمة اقتصادية خانقة تعود إلى سياسات ضبط الأسعار التي اتخذها الرئيس “مادورو” بعد الإنخفاض الحاد لأسعار النفط المصدر الرئيسي للبلاد من العملات الصعبة.

وكان الرئيس” مادورو” قد أعلن “حالة طوارئ إقتصادية” في يناير 2016 لتُصبح حالة طوارئ شاملة من أجل التصدي لما سماه “تهديدات من الخارج”،وتجيز حالة “الطوارئ الاقتصادية” للحكومة أن تضع يدها على ممتلكات القطاع الخاص لضمان توفير المواد الأساسية للمواطنين، وهو ما ترى فيه المعارضة أنه سيعمق التدهور الخطير للنظام الدستوري والديمقراطي ويمهد لعمليات تأميم جديدة، داعية الشعب والجيش إلى العصيان.

وباتت البلاد تعاني من نقص المواد الأساسية وتجاوز التضخم نسبة 740 بالمئة لعام 2017، وهي الأعلى في العالم، ويبدو أن طرح “مادورو” لتعديل الدستور أجهض أي إمكانية للحل، وأدخل البلاد في دوامة صراع مفتوح.

ما زاد الأمور تعقيداً هو الأزمة السياسية والمؤسساتية التي تمر بها البلاد منذ فوز المعارضة في الانتخابات النيابية أواخر 2015، حيث تُعرف بأنها صراعاً في أعلى أهرامات السلطة بين الرئيس والبرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة.

ومنذ فبراير 2014، تشهد البلاد مواجهات دامية بين المتظاهرين وقوات الأمن الفنزويلية، أسفرت عن مقتل الكثير من المتظاهرين ، بالإضافة إلى آلاف المعتقلين، فضلاً عن آلاف المصابين.

  • من يقوم بالتظاهرات؟

لا يزال الشارع الفنزويلي مُنقسماً بين مؤيد ومعارض للمظاهرات، أو بالأحرى مؤيد ومعارض لحكم الرئيس “نيكولاس مادورو”،ويأتي الإنقسام تحديداً على طريقة الحكم وسياسات الدولة المتبعة لإدارة شؤون البلاد، فهناك من يعتبر أن الرئيس “مادورو” هو الإمتداد الطبيعي للرئيس الراحل “هوغو تشافيز” وسياساته الإشتراكية والريعية التي تعتمد بشكل شبه كلي على عائدات النفط لتمويل معظم البرامج الإجتماعية التي توفرها الحكومة للفقراء الذين تراجعت نسبتهم بشكل ملفت خلال 14 عاماً من حكم تشافيز والتي هبطت من 50 إلى 29% بحسب أرقام الأمم المتحدة.

بينما في الجانب الآخر هناك من يريد أن ينهي حكم الحزب الاشتراكي الموحد الذي دام لمدة 18 عاماً، ويطالبون بسياسات ليبرالية.

كمان أن الطلبة شكلت قوة الدفع الأولى للمظاهرات بحيث احتجوا على مستقبلهم المعيشي والأمني الرديء قبل أن تنضم إليهم الأحزاب المعارضة كـ “طاولة الوحدة الديمقراطية”، وهو الائتلاف الحالي للـيمين الوسط المعارض.

ومن جانبه فإن فنزويلا تواجه مزيداً من العزلة الدولية وخطر تفاقم أزمتها الاجتماعية والاقتصادية بعد فوز رئيسها “نيكولاس مادورو” بولاية ثانية ستبقيه فى السلطة حتى 2025، وسط إدانات دولية ومقاطعة المعارضة، حيث ندد المجتمع الدولى بالإنتخابات وقاطعتها المعارضة ووصفتها بأنها “إحتيال” لتصل إلى حد الحرب الدبلوماسية بين فنزويلا وأمريكا.

  • تصاعُد الأزمة بين فنزويلا والولايات المتحدة الأمريكية ؟

تصاعدت الأزمة بين فنزويلا وأمريكا بعد أوضاع اقتصادية قاحلة عاشها الشعب الفنزويلى مما أدى إلى هجرة مئات الآلاف من المواطنين إلى البلاد الأخرى، ودعوة أمريكا فنزويلا لإطلاق سراح كل السجناء السياسيين فورا وبدون شروط وإنهاء القمع والحرمان الاقتصادى لشعب فنزويلا، وهو الذى لقى رفض فنزويلا واعتبرته تدخل فى شئونها الداخلية.

حيث أعلن الرئيس الفنزويلى” نيكولاس مادورو” طرد القائم بالأعمال الأمريكى فى “كراكاس”وهو أعلى موظف دبلوماسى يمثل واشنطن، بعدما فرضت فنزويلا عقوبات اقتصادية جديدة على بلاده غداة إعادة انتخابه.

وكان رد فعل أمريكا علي ذلك أنها هددت بالرد بالمثل على طرد فنزويلا للقائم بأعمالها.

وفي سياق متصل،نال “مادورو” 68 % من الأصوات في الإنتخابات مقابل 21.1% لمنافسه الرئيسى” هنرى فالكون”  الذى ندد بعملية فاقدة للشرعية وطالب بانتخابات جديدة.

وقاطع الإنتخابات 52 % من الناخبين المسجلين وهى أعلى نسبة مقاطعة منذ اعتماد النظام الديمقراطى فى1958، وكان “مادورو” فاز بالرئاسة للمرة الأولى فى 2013 فى انتخابات تفوق فيها على مرشح المعارضة “انريكى كابريليس” بلغت فيها نسبة المشاركة79.69%.

ورحب “مادورو” بتحقيق “انجاز تاريخي” معلناً أمام مناصريه أنه “لم يحصل مرشح رئاسى قط فى السابق على 68 % من التصويت الشعبى، كما لم يحقق أى مرشح تقدماً بلغ 47 نقطة على صاحب المركز الثاني”، مضيفا “فزنا مجدداً! نحن قوة التاريخ تتحول إلى نصر دائم”.

ومن أبرز ردود الأفعال علي الانتخابات :الولايات المتحدة وكندا والإتحاد الأوروبى ونددوا بالانتخابات.

حيث كتب وزير الخارجية الأمريكى” مايك بومبيو” على تويتر “الانتخابات المزورة لا تغير شيئا، يجب ان يحكم الشعب الفنزويلى هذه البلاد… انها امة لديها الكثير لتقدمه للعالم”.

  • موقف الاتحاد الأوروبى من الأزمة؟

يفرض الاتحاد الأوروبى عقوبات على غالبية المسؤولين الحكوميين الفنزويليين، أضافت الولايات المتحدة الرجل الثانى فى فنزويلا “ديوسدادو كابيو” إلى قائمة من 70 مسؤولاً تستهدفهم العقوبات بينهم “مادورو”.

وفي سياق آخر،هددت الولايات المتحدة التى تستورد ثلث النفط الخام الفنزويلى بفرض حظر نفطى على البلاد، وتحظر واشنطن على الأمريكيين التعامل بالديون الفنزويلية.

  • أزمة فنزويلا الاقتصادية ؟

منذ إنهيار أسعار النفط الخام عالمياً فى 2014، تعانى فنزويلا، التى تبلغ عائداتها من النفط نسبة 96 % من مجمل عائدات البلاد، نقصاًفى السيولة أغرقها فى أزمة حادة.

ورغم امتلاكها الإحتياطى النفطى الأكبر فى العالم، تواجه البلاد خطر الإنهيار التام مع تحدث صندوق النقد الدولى عن تراجع إجمالى الناتج الداخلى بنسبة 45 بالمئة فى عهد “مادورو”.

ويتوقع الصندوق إنكماشاً بنسبة 15 % فى 2018 ومعدل تضخم قياسيا بحدود 13800 بالمئة، وتسجل القدرة الإنتاجية للنفط أدنى مستوى منذ 30 عاماً.

ومن الأسباب التي دفعت مئات آلاف الفنزوليين إلى مغادرة البلاد : –

أن الفنزويليون يعانون من نقص حاداً فى المواد الغذائية والأدوية والتغذية بالتيار الكهربائى بالاضافة إلى ارتفاع فى معدلات الجريمة، وبالكاد يكفى الحد الأدنى للأجور لشراء كيلوجرام من الحليب ، ودفع ذلك مئات آلاف الفنزوليين إلى مغادرة البلاد خلال الأعوام الأخيرة.

وعلي النقيض الآخر يلقي نظام “مادورو” دعماً صينياً وروسياً وأن الأزمة التى تشهدها البلاد ناجمة عن “حرب اقتصادية” يشنها اليمين والولايات المتحدة لإطاحته.

ومن الاتهامات التى توجهها المعارضة إلى الرئيس “مادورو” تقويض الديموقراطية والاستيلاء على السلطة من المجلس التشريعى الذى تهيمن عليه المعارضة بعدما حلت الجمعية التأسيسية محله وشن حملة قاسية على المعارضة، وأسفرت التظاهرات التى خرجت العام الماضى ضد حكومته واستمرت 4 أشهر عن مقتل نحو 125 شخصاً، وأكدت المعارضة أنهم سيدفعون باتجاه إجراء انتخابات جديدة هذا العام، إلا أن هذا التحالف يشهد انقسامات داخلية كبيرة.

وعلى وقع مظاهرات شارك فيها آلاف الأشخاص في أنحاء متفرقة من فنزويلا، تطالب برحيل الرئيس “نيكولاس مادورو” وأخرى داعمة له نظمت من قبل أنصار الحكومة في العاصمة “كاراكاس”، أعلن “مادورو” مساء الأربعاء 23 يناير 2019، قطع العلاقات الدبلوماسية مع “حكومة الولايات المتحدة الإمبريالية”، كما منح أعضاء الممثليات الدبلوماسية الأميركية 72 ساعة لمغادرة فنزويلا.

في المقابل اعتبرت الولايات المتحدة أنه ليس من حق “مادورو” قطع العلاقات معها وطرد دبلوماسييها من “كاراكاس”، وقال وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” في بيان إن “الولايات المتحدة لا تعترف بنظام “مادورو “كحكومة لفنزويلا” ، باعتبار أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعترف في وقت سابق عبر تغريدة برئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) “خوان غوايدو” الذي نصب نفسه رئيسا مؤقتا لفنزويلا.

وإثر هذا الاعلان، سجلت مواجهات بين قوات الأمن وأنصار المعارضة في “كاراكاس”، لقي فيها 13 شخصاً على الأقل حتفهم وفق ما أعلنت عنه منظمة “أوبزرفاتوريو دي كونفليستوس” غير الحكومية عبر تويتر، بينما أفادت وسائل إعلام أخري بأن قوات الأمن استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفرق المحتجين.

  • ردود أفعال متباينة : 

وعقب اعتراف ترامب انضمت كولومبيا والبرازيل حليفتا واشنطن الى الموقف الأميركي، اضافة الى الارجنتين وتشيلي وبارغواي،كما هنأ “لويس ألماغرو” الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية ومقرها واشنطن، غوايدو بقوله “نمنحه اعترافنا الكامل لإعادة الديمقراطية إلى هذا البلد”،كذلك اعترفت كولومبيا والبيرو وكندا بغوايدو “رئيساً بالوكالة”. ودعا الاتحاد الاوروبي الأربعاء الماضي إلى الإنصات “لصوت” الشعب الفنزويلي، مطالبا بإجراء انتخابات “حرة وذات صدقية”. وبقيت المكسيك وكوبا وبوليفيا الاستثناء الأمريكي، إذ أعرب هذه البلدان عن دعمها له ولـ”السلطات المنتخبة بحسب الدستور الفنزويلي”.

كذلك الشأن بالنسبة لتركيا وروسيا اللتان أعربتا عن تضامنهما مع نيكولاس مادورو “ضد التحركات الرامية إلى عزله”.

وفي المقابل دعت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي “فيديريكا موغيرني” باسم الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد إلى إجراء انتخابات جديدة مشددة على ضرورة احترام “الحقوق المدنية والحرية والأمان لجميع أعضاء الجمعية الوطنية (الفنزويلية)، بمن فيهم رئيسها خوان غوايدو”.

كما صرح وزير الخارجية الألمانية “هايكو ماس” على “حساسية الموقف” في فنزويلا وأن بلاده تسعى مع الدول الأوروبية الأعضاء في التكتل الأوروبي إلى “صياغة موقف موحد”.

وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى الجيش الفنزويلي كفاعل حاسم لتحديد مصير “مادورو”، أصدر الجيش بياناً تعهد فيه بالوقوف إلى جانب الرئيس الفنزويلي، وقال وزير الدفاع الفنزويلي “فلاديمير بادرينو”:”اليأس وعدم التسامح يهاجمان سلام الأمة”. وأضاف: “نحن جنود الوطن لا نقبل رئيسا يُفرض في ظلال مصالح غامضة”.

وتابع الوزير أن الجيش “يدافع عن دستورنا ويضمن السيادة الوطنية”. يذكر أن “مادورو” تمّ تنصيبه رئيسا على فنزويلا في 10يناير لولاية ثانية احتجت عليها المعارضة ولم تعترف بها واشنطن والاتحاد الاوروبي والعديد من دول أميركيا اللاتينية

كما أكد المتحدث الرسمى باسم قصر الرئاسة الروسى (الكرملين) “دميترى بيسكوف”يوم أمس  الخميس، أن الحديث الآن عن تأثير الأوضاع الراهنة فى فنزويلا على سوق النفط سابق لأوانه.

وقال” بيسكوف” فى تصريحات إعلامية أن فنزويلا لم تطلب حتى الآن مساعدة روسيا فى الأزمة الداخلية فى البلاد، وأى استنتاجات فى هذا الشأن غير مناسبة، مشيراً إلى أن أى تدخل عسكرى خارجى فى أحداث فنزويلا خطير جداً.

وأوضح أن روسيا لا تجرى اتصالات مع الولايات المتحدة بشأن الأوضاع فى فنزويلا..مشيرا إلى أن كاراكاس شريك هام لروسيا، وأن موسكو مهتمة بالحفاظ على العلاقات الطيبة وتطويرها.

من جانبه دعت وزارة الخارجية الروسية فى بيان يوم أمس الخميس، المجتمع الدولى للإسهام فى إيجاد تفاهم متبادل بين مختلف القوى السياسية فى فنزويلا، مؤكدة أن الشعب الفنزويلى وحده من يجب أن يقرر مستقبل الدولة.

وأضاف البيان: ” مهمة المجتمع الدولى هى الإسهام فى إيجاد تفاهم متبادل بين مختلف القوى السياسية فى فنزويلا، التى تضع المصلحة الوطنية فى المقدمة.. مستعدون للتعاون على ذلك مع كل الدول التى تشاطرنا هذا الهدف “.

وفي الجانب الآخر أدى رئيس البرلمان في فنزويلا “خوان غوايدو”، الأربعاء الماضي ، اليمين رئيساً مؤقتاً للبلاد، وذلك بعد أن اعتبرت المعارضة أن حكم “نيكولاس مادورو” غير شرعي، فيما سارعت واشنطن إلى الاعتراف “بغوايدو”.

وقد أدى رئيس الجمعية الوطنية في البلاد، غوايدو، اليمين أمام حشد كبير، فيما نزل مئات الآلاف من مؤيديه، ومناصري مادورو إلى شوارع العاصمة كراكاس، وسط دعوات للجيش وقوات الأمن إلى دعم الديمقراطية وحماية المدنيين.

وفي أسرع ردود الفعل الدولية، أعلن” ترامب “اعترافه بزعيم المعارضة الفنزويلية رئيسا انتقاليا للبلاد، داعياً الدول الغربية إلى حذو حذوه.

وردا على خطوة ترامب، أعلن مادورو قطع العلاقات الدبلوماسية بين فنزويلا والولايات المتحدة، معطيا موظفي السفارة الأميركية مهلة 72 ساعة لمغادرة البلاد.

وتعهد ترامب بأن “تلقي الولايات المتحدة بكل ثقلها الاقتصادي والدبلوماسي من أجل استعادة الديمقراطية في فنزويلا”.

أما وزير الخارجية الأميركي” مايك بومبيو”، فقد دعا الجيش الفنزويلي وقوات الأمن إلى “دعم الديمقراطية وحماية المدنيين”، مطالباً “مادورو” بالتنحي لصالح “الرئيس الشرعي الذي يعكس إرادة الشعب الفنزويلي”.

من جانبه، قال مسؤول بارز في الإدارة الأميركية، إن “كل الخيارات مفتوحة إذا اعتدى مادورو على أعضاء الجمعية الوطنية”، لافتاً إلى أن العقوبات الحالية على فنزويلا هي “جزء بسيط من الإجراءات التي يمكن اتخاذها”.

كما اعترفت الحكومة الكندية، ومنظمة الدول الأميركية “بغوايدو” رئيسا للبلاد.

وكان غوايدو قد أعلن، الجمعة الماضية ، أنه مستعد لتولي رئاسة البلاد، بعدما اعتبرت المعارضة أن فترة الولاية الثانية “لمادورو” غير شرعية.

كما أكد السفير الفنزويلي في تونس “عفيف تاج الدين” أمس الخميس أن ما يجري في بلاده هو إنقلاب عسكري تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.

وقال” تاج الدين”: الذي يجري في فنزويلا حالياً هو أشبه  بإنقلاب عسكري تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لأن المقصود فيها أن الولايات المتحدة الأمريكية تعترف كرئيس للبلد من دون انتخابات ولن تأخذ بعين الإعتبار الإنتخابات الشرعية ودستور البلد، والتي جرت في 2 مايو 2018، والذي نجح من خلالها الرئيس نيكولاس مادورو”

وتابع قائلا: “هذه الانتخابات التي راقب فيها ممثلين عن 96 دولة”، مشيرا إلى أن موعدها كان نتيجة حوار بين قوى المعارضة والحكومة، وأن هذا الحوار ترأسه “رئيس وزراء إسبانيا السابق “لويس ثاباتيرو”، ورئيس جمهورية السلفادور وجمهورية الدومينيكان، حيث أقروا ان الانتخابات ستكون في 20 مايو 2018، لكن في موعد توقيع هذه الإتفاقية برعاية الثلاثي” إسبانيا والسلفادور والدومينيكان”، انسحب وفد المعارضة بأمر خارجي من الإجتماع ولم يوقع هذه الوثيقة”.

وقال رئيس مجلس النواب الروسى “فيتشسلاف فولودين” قوله إن موسكو تعتبر التحركات الساعية للإطاحة بالرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو غير قانونية.

وفنزويلا التى تُعد أكبر خصم للولايات المتحدة فى أمريكا اللاتينية،حليف وثيق لروسيا وأصبحت موسكو الملاذ الأخير فى إقراض “كاراكاس” مع إنهيار اقتصادها الاشتراكي.

وحذر النائب الروسى “فرانز كلينزيفيتش” أمس الخميس من أن موسكو قد توقف تعاونها العسكرى مع فنزويلا إذا أطيح بمادورو الذى وصفه بأنه رئيس منتخب بشكل شرعي.

وتستثمر روسيا فى قطاع النفط فى فنزويلا كما قدمت دعماً لجيشها،والشهر الماضي هبطت قاذقتا قنابل استراتيجيتان روسيتان قادرتان على حمل أسلحة نووية فى فنزويلا مما أثار غضب واشنطن.

واعترف الرئيس الأمريكى “دونالد ترامب” رسمياً “بجوايدو” رئيساً مؤقتاً للبلاد بعد قليل من إعلانه، وأشاد باعتزامه تنظيم انتخابات، وسرعان ما أعقب ذلك بيانات مشابهة من كندا وعدد كبير من حكومات تميل لتيار اليمين فى أمريكا اللاتينية، بينها البرازيل وكولومبيا جارتا فنزويلا.

ودعا “أنطونيو جوتيريس”، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى الحوار بشأن الأزمة السياسية التى تضرب فنزويلا، محذراً من مغبة حدوث كارثة فى البلاد.

على أن الاتحاد الأوروبى يحث على ضرورة الشروع الفورى فى عملية سياسية تؤدى إلى انتخابات حرة وذات مصداقية، وفقا للنظام الدستوري.

من جهته، أعرب رئيس المجلس الأوروبى” دونالد توسك”، عن أمله فى أن تدعم أوروبا بموقف موحد “القوى الديمقراطية” فى فنزويلا، حيث أعلن رئيس البرلمان نفسه رئيسا مؤقتا للدولة.

  • المآلات والسيناريوهات المتوقعة:-

1-قال الدكتور”طارق فهمي” أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن اعتراف البيت الأبيض والرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، بخوان جوايدو، رئيس البرلمان وزعيم المعارضة رئيسًا للبلاد لا يعني مساندة قوية من جانبهم له في توليه الرئاسة.

وأن هناك سيناريوهين من المتوقع حدثوهما الفترة المقبلة في فنزويلا.

السيناريو الأول : هو التوصل إلي حل سياسي داخلي يساهم في بقاء “خوان جوايدو” في الرئاسة المؤقتة بمساندة قوية من الولايات المتحدة الأمريكية.

وأشار إلى أن السيناريو الثاني، هو إجراء مسار سياسي داخلي، بعيدا عن تولي خوان جوايدو رئاسة فنزويلا سواء بإجراء انتخابات مبكرة أو عمل حكومة انتقالية.

2- كما أكد المراقبون أن المظاهرات وأعمال العنف التى هزت فنزويلا جزء من عملية نزع الشرعية التى يعود تاريخها إلى عام 2015 ، حيث فى هذا الوقت هيمن البرلمان على قطاعات المعارضة لحكومة “مادورو” ، ووفقاً لأستاذ  العلوم السياسية “ماكسيميانو جوميز” ، فإن رئيس الجمعية الوطنية “خوان جوايدو”، الذى أعلن رئيساً للبلاد، يحاول إعادة ترتيب الاوراق فى فنزويلا، ولكن من الناحية الرسمية فإن “مادورو” لا يزال رئيس فنزويلا لأنه خضع لعملية انتخابية إلا أنه يفتقر إلى الدعم الدولى وجزء كبير من الدعم المحلى .

وأعتبر  استاذ العلوم السياسة أن  أحداث 23  يناير التى دعا إليها “خوان جوايدو” للحصول على الدعم الدولى والمحلى ، ليست بداية لنهاية الحكومة الفنزويلية ، حيث أنها بطريقة أو بأخرى تمكنت حكومة مادورو من الحفاظ على نفسها بمرور الوقت ولكنه يعنى تكثيف نزع الشرعية الداخلى للنظام ، وهذا واحد من أهداف المعارضين ، فعلى الرغم من الثورات إلا أن سلسلة القيادة المسلحة لا تزال تحت قيادة مادورو، ونهاية الرئيس الحالى قد تأتى من وراء حدود فنزويلا، ويعتبر هذا من سيناريوهات مستقبل فنزويلا.

ولكن السيناريو الأقرب ، ربما تدخل عسكرى ، برئاسة الولايات المتحدة ، حيث تدخل البانوراما إما فى إطار العنف والخلاف يجعل التدخل العسكرى خيارا متزايداً ممكناً ، دون أن يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث ألمح الرئيس الأمريكى “دونالد ترامب” إلى إمكانية نفى العديد من البيانات ووجد بعض الموافقة من كولومبيا والبرازيل.

أما السيناريو الآخر فى ايدى القوات المسلحة الفنزويلية، ففى حال تخلى الجيش الفنزويلى عن مادورو فإن استمرار جوايدو رئيسا للبلاد حتى اجراء انتخابات حرة ونزيهة فى فنزويلا سيكون الحل الوحيد، خاصة وأن جوايدو حظى بالدعم الدولى، كما أن لديه شعبية كبيرة على الصعيدين المحلى والدولى.

وقال وزير الدفاع “فلاديمير بادرينو” إن الجيش لن يعترف “بخوان جوايدو” رئيساً للبلاد وإنه لا يزال يدعم مادورو، ولذلك فإن مفتاح مستقبل فنزويلا فى أيدى القوات المسلحة، فالموقف الذى يتبناه الجيش سيحدد مستقبل البلد الكاريبى.

ويري آخرون أن السيناريو الأبعد هو تنحى الرئيس مادورو، وتولى جوايدو مقاليد السلطة فى البلاد ، وفوزه فى الانتخابات الجديدة التى سيتم إجراؤها.

ويعتبر الوضع الاقتصادى المتدهور هو السبب الرئيسى للمشهد الفنزويلى الآن ، فالتضخم وصل إلى 1.300.000% ويتوقع صندوق النقد الدولى أن يصل إلى 10 مليون% فى عام 2019، كما أن أسعار السلع الاستهلاكية تتضاعف كل يوم ، كما أن أكثر من 3مليون فنزويلى غادروا البلاد، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة ، مما يجعلها أكبر أزمة للاجئين فى أمريكا اللاتينية.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى