مقالات

السعودية لديها رؤية سياسية إستراتيجية

بقلم : ياسر بن متروك

منذ إنطلاق رؤية المملكة العربية السعودية المتمثلة في رؤية 2030 الاقتصادية تشكلت سياسة خارجية للمملكة تختلف عن العهود السابقة تواكب التغير في اقتصاد المملكة لتتغير من البترول إلى دولة صناعية لديها ناتج محلي أسوة بالدولة الكبرى الصناعية متخليه عن النفط ومن هنا بدأ التغير في السياسة الخارجية للمملكة معتمداً على قاعدة اقتصادية واعده تعطي للمملكة قوة إنطلاق نحو مستقبل مشرق.

ومن هذا التغيير في السياسة الخارجية زيارة الملك سلمان إلى روسيا والتي كانت في السابق لا تربطها بالمملكة سوى علاقات توصف بالعادية دون وجود أي روابط سياسية أو رؤى مشتركة أو أهداف موحده بين البلدين كانت هذه الزيارة أتت بعد زيارة لآسيا كانت زيارة اقتصادية سياسية وسبق زيارة الملك سلمان 3 زيارات لولي العهد كان المتابع لتلك الزيارات يرسم انطباع بأن هذه الزيارات لم تغير شيء في العلاقات السعودية الروسية بل حتى أن الرئيس بوتين كرر دعوته للملك سلمان مراراً لتكون المفاجئة بزيارة تاريخية بجميع المقاييس رسمت فيها الدولتين علاقات استراتيجية بشكل غير مسبوق وسريعناتج عن مشاورات سرية رسمت ملامح هذا الاتفاق الإستراتيجي.

  • لماذا روسيا ولماذا السعودية؟

لا يخفى على أحد بأن روسيا من الدول العظمى في العالم ولا يخفى كذلك لأحد مكانة المملكة الدينية والسياسية ومكانتها في المنطقة ولذلك هاتان الدولتان تشكلان محور قوي في العالم وسوف تكون نتائج هذه الزيارة مؤثرة بشكل كبير على العالم بل ترسم ملامح سياسية عالمية جديدة تتمثل في تغيرات تتلخص في الآتي:

العلاقات السعودية الأمريكية:

أتت نتائج زيارة الملك سلمان لروسيا سريعة جداً فبمجرد إعلان صفة الصواريخ الروسية أس 400 حتى خرجت الخارجية الامريكية لتعلن موافقتها بيع نظام ثاد للمملكة بعد مماطله أمريكية رافضه نقل أي تقنية للمملكة مع تحقيق المملكة هذا الطلب مع الروس.

وللمملكة مطالب تجاه الولايات المتحدة ومنها كبح نشاطات إيران بالمنطقة وتأتي هذه الزيارة لتحقق للمملكة تحرك أمريكي ضد إيران وضد نشاطها في مجال الصواريخ البالستية والتي تهدد بها إيران المنطقة مما قد يعجل بهذا التحرك لتلبية المطالب السعودية لمحاربة الإرهاب وداعميه.

أن علاقات المملكة والولايات المتحدة علاقات استراتيجية ولا يمكن التخلي عنها لكن العلاقات السعودية الروسية سوف تؤدي إلى توازن علاقات المملكة بالولايات المتحدة وتحقق بها المملكة توازن عالمي تجمع بين أقطاب العالم خاصة وأننا في طور سباق عالمي بين الدول الكبرى وتشكل سياسات وقوى اقتصادية خاصة بين الصين وروسيا والتان تناهضان السياسة الأمريكية مما يحتم على المملكة الوقوف بمسافة واحدة بين تلك الدول.

محور إيران وروسيا:

العلاقات الروسية الإيرانية ليست علاقات استراتيجية بل إختار الروس إيران بسبب معارضتها للولايات المتحدة ولأنها خارج عن تحالفات الولايات المتحدة لذلك لم يكن علاقات روسيا بإيران خيار بل لا يوجد بديل في المنطقة لمناهضة السياسية الأمريكية بالمنطقة وبعد الاتفاق النووي وسياسية الولايات المتحدة تجاه إيران تشكل لدى الساسة الروس بأنه يمكن أن تكون إيران في الجانب الأمريكي وكذلك تشكل لدى السعوديين بأن العلاقات ذات التوجه الواحد ليست خيار صحيح وأنه يجيب أن تضع السعودية خياراتها السياسية في أكثر من سلة وتكوين علاقات مع روسيا لا شك بأنه سوف يؤثر على علاقات إيران بروسيا حيث أن إيران دولة تقع عليها عقوبات اقتصادية ولا تشكل للإقتصاد الروسي أي فائدة.

حجم الصفقات الاقتصادية والشراكات الاقتصادية بين السعودية وروسيا بلا شك بأنه سوف يؤدي إلى ضعف العلاقات الروسية الإيرانية لكون الأخير لديه سياسة مناهضه للمملكة ولا يمكن لورسيا التي دخل اقتصادها في طور الإنتعاش من الأموال السعودية والصفقات العسكرية أن تدعم أي سياسة ضد المملكة بل أنها سوف تقف ضد أي سياسة صادرة من إيران وكونها لم تؤدي اصلاً علاقاتها الطويلة مع روسيا إلى شراكة اقتصادية بحجم الشراكة السعودية.

محور سوريا وروسيا:

سوف تساهم روسيا في إيجاد حل للأزمة السورية تتوافق بجزء كبير مع سياسة السعودية والتي سوف تضمن لورسيا سياسية سورية جديدة تضمن مصالح الروس في سوريا لكن أن تجد روسيا سوريا جديدة من دون الأسد.

  • ماذا يحقق العالم من العلاقات السعودية الروسية؟

لا يقع فائدة هذه العلاقات الإستراتيجية بين الدولتين عليهما فقط بل تتعدى حدود الدولتنا ليحقق توازن عالمي يتمثل في حجم الأموال التي سوف تدخل الاقتصاد الروسي والذي يعاني من العقوبات الأمريكية الأوروبية مما يحقق لروسيا قوة اقتصادية ويغير من سياستها السابقة وإنفتاح روسيا على العالم العربي والإسلامي وخاصة دول الخليج وقد تكون المملكة والتي حصلت على موافقة بصناعة المعدات العسكرية الروسية داخل أراضيها بأن تكون مركزاً لبيع تلك الأسلحة في المنطقة مما يحقق لروسيا موارد مالية عالية.

كذلك المسلمين في روسيا والذين أصبحوا شبه معزولين عن العالم الإسلامي بسبب نظرة العالم لروسيا ومناهضة الولايات المتحدة لها ومن المتوقع أن تتغير المواقف الأوروبية والأمريكية تجاه روسيا وأن ترفعان العقوبات عن روسيا وقد تشكل زيارة الملك سلمان لروسيا مرحلة إستقرار عالمي وإنتهاء الحرب الباردة.

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى