البرامج والمنظومات الديمقراطيةالدراسات البحثية

دور حزب العدالة والتنمية في دعم التحول الديمقراطي في تركيا “2002 -2016 “

  • المركز الديمقراطي العربي

إعداد الباحثيين:

  • ندى محمد ابراهيم الموافي
  • نورهان أحمد محمد قطامش
  • دينا عماد محمد كمال
  • راندا رزق حسين رزق
  • راندا مسعد محمد علي سلطان

 اشراف: د. محمد نور البصراتي

 

المقدمة:

أن الأحزاب السياسية تعتبر مؤشر فعلي على حالة النظام السياسي ودرجة تطوره، فهي تلعب دوراً هاماً في عملية التحول الديمقراطي التي تعقب تغيير جذري في بنية النظام السياسي.

تعتبر عملية التحول الديمقراطي واحدة من أهم الملامح الرئيسية للتطور السياسي في تركيا حيث أن التحول الديمقراطي من ركائز النظام الديمقراطي، وقد شهدته تركيا في مطلع الألفينات مع تولي حزب العدالة والتنمية قيادة البلاد عام 2002م.

وكان للقيادة الحزبية أثر واضح في عملية التحول الديمقراطي في تركيا، وتعود جذور نشأة الأحزاب السياسية في تركيا في أواخر العهد العثماني، وعلى الرغم من ذلك لم تمر تركيا بعملية التحول الديمقراطي إلا في عام 2002م.

حيث أن ظهور هذه الأحزاب رافقه ضعف في السلطة المركزية للدولة والتأثير المتنامي للأقليات لذلك لم تؤدٍ دورها بشكل فعال. فالتاريخ السياسي التركي الحديث يتميز بالتعددية الحزبية، لذلك النظام السياسي التركي حافل بالأحزاب السياسية التي تأسست في مراحل مختلفة.

ويعتبر التصنيف الخاص بتوجهات الأحزاب السياسية التركية الخطة الأولى لفهم خريطة التوزيع الحزبي في تركيا وتقسم الأحزاب السياسية في تركيا إلى تيارات أساسية.

وتتوزع القوى الحزبية داخل البرلمان الذي يضم 548 نائباً من بينهم 320 نائباً لحزب العدالة والتنمية، و134 نائباً لحزب الشعب الجمهوري، 52 نائباً لحزب الحركة القومية، 26 نائباً لحزب السلامة والديمقراطية، 4 نواب لحزب الشعب الديمقراطي، و12 نائباً مستقلاً.

وقد حقق حزب العدالة والتنمية نموذج يحتذى به حيث إنه نقل تركيا في أقل من عقد من دولة غير مستقرة سياسياً تمتاز بالأنقلابات والسيطرة العسكرية على مقاليد الحكم، ومهلهلة اقتصادياً إلى دولة ديمقراطية مستقرة ذات اقتصاد قوى وبنية استثمارية.

ثانياً: إشكالية البحث:

تواجه المشكلة إلى معرفة دور حزب العدالة والتنمية في  عملية التحول الديمقراطي في تركيا منذ توليه شئون الحكم عام 2002 إلي يومنا هذا،وهل مازال حزب العدالة والتنمية يساهم في التحول الديمقراطي بـتركيا أم هناك بعض التحديات التي واجهت مسيرته الديمقراطية، وهل الخلافات داخل حزب العدالة والتنمية تؤثر علي مسيرة الديمقراطية في البلاد ,

ومن خلال ما سبق يمكننا أن نحدد مشكلة الدراسة بالتساؤل الآتي :

ماالتطورات الديمقراطية التي حدثت في تركيا منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم؟ وهل استطاع أردوغان الحفاظ علي التطور الديمقراطي أم أن بعض العراقيل وقفت في مسيرته نحو الديمقراطية؟

تــــــســــاؤلات الـــدراســــة:

1- شكل النظام السياسي التركي ومراحل تطوره.

2- ما هي مراحل تحول تركيا من نظام الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية؟

3- ما الدور الذي لعبه حزب العدالة والتنمية في النظام السياسي التركي منذ فوزه عام 2002؟

4- ما تأثير فوز حزب العدالة والتنمية في الدورات الأنتخابية البرلمانية على عملية التحول الديمقراطي؟

5- ما الدور الذي لعبه حزب العدالة والتنمية في إصلاح الأدارة المحلية؟ وهل استطاعت المحليات تقديم الدور المرغوب فيه من جانب التنمية العمرانية؟

6- كيف قام حزب العدالة والتنمية من الحد من نفوذ المؤسسة العسكرية داخل تركيا؟

7 – ما هي جهود حزب العدالة والتنمية تجاه دعم التحول الديمقراطي؟

ثالثا:أهمية الدراسة:

تكمن أهمية هذه الدراسة في محاولة تتبع ورصد وتحليل دور حزب العدالة والتنمية في دعم الديمقراطية التركية وكيف إستطاع هذا الحزب دوناً عن غيره من الأحزاب الحصول علي الجماهيرية التركية , و هل استطاع الحزب أن يحافظ علي هذه الجماهيرية أم أن هناك بعض التحديات أدت إلي تراجع جماهيريته .

رابعاً:أهداف الدراسة

  • بيان مدى الأرتباط بين التعددية الحزبية والتنمية السياسية في تركيا.
  • إلى أي مدى تؤثر الأحزاب السياسية التركية على النظام السياسي التركي.
  • التعرف على مؤشرات ثقة الشعب في جهود حزب العدالة والتنمية
  • علاقة حزب العدالة والتنمية بإصلاح الأدارة المحلية.
  • أثر سياسات حزب العدالة والتنمية في فشل محاولة الأنقلاب 2016م.

خامساً: منهج البحث:

بالنظر فى مناهج البحث فى العلوم السياسية وفى ضوء ما يتناسب مع هذه الدراسة فأنه تم أختيار المنهج التاريخي  ومنهج تحليل النظم حيث إنه يخدم طبيعة الموضوع.

وقد استندت الدراسة إلى المنهج التاريخي لمعرفة نشأة الأحزاب السياسية في تركيا والدور الذي لعبته في الحياة السياسية ومراحل التحول الديمقراطي.

وأيضاً استندت الدراسة إلى منهج تحليل النظم الذي يتطلب ذلك أحيانا إجراء تغييرات محكومة أو مضبوطة سواء على مستوى المؤسسات والبنى السياسية أو النخب السياسية أو السياسيات والقرارات ويكون من شأنها استمرار النظام وبقائه. وهكذا يبدو النظام السياسي كدائرة متكاملة ذات طابع ديناميكى تبدأ بالمدخلات وتنتهى بالمخرجات وتقوم التغذية الأسترجاعية بمهمة الربط بين المدخلات والمخرجات. ولكن النظام السياسي لا يستجيب إلى كل المطالب التى تواجهه بل يقوم بعملية اختيار لهذه المطالب وإذا ازداد حجم هذه المطالب بحيث تؤدى إلى عجز النظام عن الأستجابة إليها يحدث نوع منعدم التوازن وبالتالى إلى توتر سياسي قد يصل إلى حد عنف وأنقطاع قنوات الأتصال السياسى. ولقد تعرض النظام السياسى فى تركيا لمجموعة من الضغوط الداخلية المتمثلة فى قوى المعارضة والدولة العميقة والمؤسسة العسكرية التى كان لابد من التصدي لهم وبناء دولة قوية داخلياً وخارجياً تحت قيادة سليمة مُحددة الأهداف والخطى.

سادساً: تقسيم الدراسة:

الفصل الأول: الأحزاب وعملية التحول الديمقراطي (الأطار المفاهيمي والنظري).

المبحث الأول: النظام السياسي والتحول الديمقراطي في تركيا.

المبحث الثاني: التعدد الحزبي في تركيا.

المبحث الثالث:نشأة حزب العدالة والتنمية في تركيا.

الفصل الثاني : دور حزب العدالة والتنمية في النظام السياسي.

المبحث الأول :نتائج حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية.

المبحث الثاني : دور حزب العدالة والتنمية في المحليات.

المبحث الثالث : توجهات حزب العدالة والتنمية تجاه العلاقات المدنية العسكرية.

الفصل الثالث : حزب العدالة والتنمية والتحول الديمقراطي.

المبحث الأول : جهود حزب العدالة والتنمية في دعم التحول الديمقراطي.

المبحث الثاني :الرؤية المستقبلية لدور حزب العدالة والتنمية في النظام السياسي.

  • الأدبيات والدراسات السابقة:

هناك العديد من الدراسات التي تناولت موضوع البحث ذاك من عدة اتجاهات ومحاور مختلفة ، وسوف نتاول في هذا البحث العديد من المحاور التي أدت إلى التنمية السياسية في تركيا تحت قيادة سياسية جيدة.

أولاً: دراسات تناولت التحول الديمقراطى فى تركيا :

  • طارق عبد الجليل، الثورة الصامتة “حصاد التغير والتحول الديمقراطي في تركيا”:[1]

تناولت الدراسة عمليات التحول الديمقراطي في الفترة مابين 2002 ـ 2012 , وحصاد التغير والتحول الديمقراطي في تركيا .

وتعد هذه الفترة فترة زمنية شديدة الاستثناء في تاريخ تركيا من حيث تعزيز الديمقراطية وحقوق الانسان .

إني أري هذا الكتاب مؤثر باعتباره شاهداً علي تركيا السابقة وموضحاً الأسباب التي كانت وراء القيام بهذه الجهود خلال تلك الفتره .

2-ابتسام على مصطفى , “التحول الديمقراطى فى تركيا فى الفترة 1990-2004 “:[2]

تدور المشكلة البحثية حول  حدود الخبرة التركية فى  تجربة التحول الديمقراطى و سماته فى الفترة من بدايه التسيعينات وحتى عام 2004 , توصلت الباحثة إلى عدة نتائج أهمها : أن هناك عوامل دعم التحول الديمقراطى فى تركيا مثل الانضمام للاتحاد الأوربى الذى دفع لتبنى سياسات الإصلاح السياسى , وإن كان للنخبة دوراً واضحاً فى التحول الديمقراطى فى تركيا ونجحت فى تغطية جوانبه وتوصلت أيضاً أن تجربة التحول الديمقراطى كانت تتسم بالنمط الترددى ما بين الفترات السلطوية والديمقراطية.

3- قدير يلدريم، “تركيا والتحول الوشيك نحو الشرق”:[3]

يتناول هذا المقال ابتعاد تركيا عن الغرب منذ المحاولة الانقلابية في 15 يوليو الماضي تكتيك متعمّد لتعزيز قاعدة الدعم المحلي للحكومة والاضطلاع بدور إقليمي قوي.

بعد محاولة الانقلاب الأخيرة بتركيا يبدو أن السياسة الخارجية بها وجهت أنظارها نحو الشرق. الدافع وراء هذا التغيير هو الرغبة في تعزيز مكانة الحكومة داخلياً واعتماد سياسة خارجية أكثر استقلالية وقوة.

ترى هذا الدراسة أنه في حال خروج تركيا من المدار الغربي سيكون اللوم مُلقى على الغرب لأخفاقه في التجاوب مع المطالب التركية، فـ تركيا في هذه المرحلة تحتاج إلى معاملة استثنائية  كما يرى البعض أيضاً أنه كما للسياسة الخارجية القدرة على رسم السياسة المحلية فيمكن للسياسة المحلية أن تطبع على السياسة الخارجية وتحددها.

فالتطورات الراهنة في تركيا تدل على أن تركيا ستسلك مساراً جديداً في سياستها الخارجية وتوجهها إلى الشرق وتكملة إحياء منظومة نيو عثمانية التي ستعطيها دوراً قيادياً في الشرق الأوسط، فهي ترى أن الانقلاب الفاشل كان مدعوماً من الغرب.

في الوقت الراهن لا يمكننا فهم أبعاد ووضع التطور السريع في السياسة التركية من دون الأفراط بالربط بين السياسات الخارجية والمحلية.

  • مصطفى غلام , ” التحول الديمقراطى فى افغانستان و العراق 2001, 2010 “من منظور مقارن :[4]

تدور مشكلة  الدراسة حول أسباب التحول الديمقراطي ومظاهره ونتائجه في كلٍ من أفغانستان والعراق بداية من الاحتلال الأمريكى للعراق وأفغانستان وزعمها بتحقيق التحول الديمقراطي وإلى أى مدى كان التحول نحو الديمقراطية بعد تغيير النظام السياسى والاحتلال الأمريكى للبلدين عام 2001,  2003. وتوصلت الدراسة في النهاية إلي عدة نتائج أهمها أنَ عملية التحول الديمقراطي تحتاج لحقوق الإنسان ولحكم القانون والحكم الرشيد وأن تعمل المؤسسات الديمقراطية بشكل فعال ولا يمكن إرساء الديمقراطية بالتدخل العسكري أو التفكير القَبَلي .

ثانياً: دراسات تناولت تأثير العلاقات المدنية والعسكرية على التحول الديمقراطى :

  • مروة محمد صبحى, ” أثر العلاقات المدنية العسكرية على التحول الديمقراطى دراسة مقارنة بين تركيا وأندونسيا ” .[5]

تدور مشكلة  هذه الدراسة حول تأثير  العلاقات المدنية العسكرية على مسار التحول الديمقراطى , وتوصلت الباحثة إلى عدة نتائج هى : أن هناك علاقة عكسية بين زيادة المهنيه وفعالية المؤسسة العسكرية و بين ترسيخ التحول الديمقراطى وأن هناك  علاقة عكسيه أيضاً بين احترافية الموسسة العسكرية و التدخل السياسى لها .

ثالثاً: دراسات تناولت الأحزاب وحزب العدالة والتنمية:

  • حراش عفاف,” تركيا وقضية الانضمام للاتحاد الأوربي في فترة حكم حزب العدالة والتنمية 2002-2011″.[6]
    تناولت هذه الدراسة طلب تركيا الإنضمام للإتحاد الأوربي وتعامل حزب العدالة والتنمية مع هذه القضية حيث تسعى تركيا الإنضمام للإتحاد منذ البدايات الأولى لنشأته فقد تقدمت بأول طلب رسمي سنة 1987، إلا أن ذلك المطلب تمت محاربته بسبب رفض بعض الدول الفاعلة فيه خاصة فرنسا وألمانيا بحجة عدم إلتزام تركيا  ولكن السبب الرئيسي لذلك الرفض هو العامل الديني؛ حيث يدين غالبية الشعب التركي بالإسلام؛ وهو ما ترفضه أوروبا المسيحية .

2- ملكاوي،عصام فاعور، “تركيا وخيارات المستقبل الإستراتيجية”:[7]

تلقى هذه الدراسة الضوء على موقع تركيا الاستراتيجي، والتغيرات التي حدثت منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في عام 2002 والمتغيرات الإقليمية والدولية التي شهدتها المنطقة وشهدها العالم أسهمت في وضع تركيا أمام خيارات استراتيجية تتأرجح مابين غياب وعزلة عن العالم العربي والأسلامي، وبين تعنت ورفض أوروبي لا يقبل بها أو بمشاركتها، ولكنه يخشى تركها وانفلاتها فما كان من تركيا إلا أن اختارت عمقها الاستراتيجي مع الإبقاء على حبل الود موصولاً مع غربها الأوروبي.

وأن الفهم الناضج لتلك المتغيرات ساعدت واضعي الاستراتيجية التركية على العمل على طي صفحات الماضي مما ساعد على إنهاء حالات العداء التي كانت تشتعل على حدودها، وانطلقت بثقة نحو العالم العربي والإسلامي، أو ما يسمى بالعمق الأستراتيجي.

2-سارة حسن السيد , العلمانية و الأحزاب السياسية الإسلامية في تركيا : دراسة حالة حزب العدالة و التنمية 2001-2007 م.[8]

تناولت هذه  الدراسة مشكلة كيفية تمثيل حزب العدالة والتنمية الأحزاب الإسلامية في تركيا وكيف أصبح  أول حزب إسلامى يستطيع الوصول والتعايش مع السلطة فى بلد علمانى . وتوصلت الباحثة لعدة نتائج هى : أن التجربة التى يقدمها الحزب فى علاقته مع الدولة والدين والواقع الاجتماعى والسياسى أثبتت أنه حزب سياسى بامتياز و أنه أكثر حرصآ على دعم الديمقراطية و تقويتها فى تركيا من الأحزاب العلمانية مما يجعله تجربة فريدة  لإبراز دور الأحزاب فى التحول الديمقراطى وأن حزب العدالة و التنمية كان الأقدر على التغلب على التحديات التى واجهته والتكيف على الظروف المحيطة والوصول للحكم فى تركيا .

الفصل الأول: الأحزاب وعملية التحول الديمقراطي

(الأطار المفاهيمي والنظري).

  • المبحث الأول: النظام السياسي في تركيا.
  • المبحث الثاني: التعدد الحزبي في تركيا.
  • المبحث الثالث: نشأة حزب العدالة والتنمية في تركيا.

المبحث الأول: النظام السياسي في تركيا.

  • أولاً : تعريف النظام السياسي وخصائصه.
  • ثانياً : مراحل تطور النظام السياسي في تركيا.
  • ثالثاً : الشكل القانوني لعناصر النظام السياسي التركي.
  • رابعاً: التغيرات التي طرأت على النظام السياسي التركي في عهد حزب العدالة والتنمية.

أولاً : تعريف النظام السياسي وخصائصه:

يعتبر النظام السياسي هو أحد النظم الاجتماعية الرئيسية التي يتكون منها أي بناء اجتماعي ويرتبط بالسلوك الإنساني ويتخذه محوراً لها.

وتعتبر ظاهرة السلطة من أهم ظواهر النظام السياسي التي تضفي عليه طبيعة مميزة عن النظم الاجتماعية الأخرى، ويعتبر مفهوم النظام السياسي من المفاهيم الجامعة المانعة الشاملة وذلك لتعدد التعريفات الخاصة به، فـ يعرف “جورج بيردو” النظام السياسي بأنه : كيفية ممارسة السلطة في الدولة.

  • “ليون دوكي” بأن النظام السياسي: هو الشكل الذي يتحدد فيه التفرقة بين الحاكم والمحكوم.
  • “روبرت ماكيفر” إنه شكل من أشكال الانتظام الاجتماعي كغيره من أشكال النظم الاجتماعية القائمة في كل المجتمعات، فهو عبارة عن أداة لإدارة الدولة محددة السياسات التي يجب أن تنفذ.[9]
  • “دايفيد ايستون” بأنه مجموعة التفاعلات المرتبطة بنمط سلوكي محدد، فهو مجموعة من التفاعلات التي تحدث داخل أي مجتمع والتي ترتبط بما أسماه “بعملية التخصيص السلطوي للقيم” Authoritative Allocations of values for society ، وإنه يمكن تحليل أي نظام سياسي من خلال دراسة وظائفه في تركيبه ومكوناته، وإنه لكل نظام عناصر تحقق تماسكه وعناصر أخرى تؤدي إلى ضعفه.[10]
  • ويعرفه “صالح جواد” بأن النظام السياسي هو إحدى أنظمة المجتمع التي تتكون من مجموعة من العناصر مهمتها الإبقاء على المجتمع، فهو كيان حي قائم بحد ذاته، يتألف من عناصر منها التنظيمات السياسية والقواعد السياسية المشروعة والعلاقة بين الحاكم والمحكومين، وكيفية تأثير كل عنصر فـي الأخر.[11]
  • وقد عرفه “ثروت بدوي” إنه عبارة عن مجموعة القواعد والأجهزة المتناسقة المترابطة فيما بينها والتي تبين نظام الحكم ووسائل ممارسة السلطة وأهدافها وطبيعتها ومركز الفرد منها، كما تحدد عناصر القوة المختلفة التي تسيطر على الجماعات وكيفية تعاملها مع بعضها.[12]
  • خصائص النظم السياسية:

لكل نظام سياسي خصائص معينة يتسم بها وتختلف من نظام لأخر وفقاً للحدود والأسس العامة التي تقام عليها مؤسساته، ووفقاً لطبيعة المشاركة ودور الفرد داخل النظام ومقدار إسهامه في صنع القرار ولكن توجد مجموعة من الخصائص تشترك فيها النظم السياسية ومنها:

  • الشكل: لكل نظام سياسي إطار هيكلي، وهو يعني البناء التنظيمي للنظام السياسي، ويرتبط شكل النظام بالمؤسسات الموجودة داخل الدولة وطبيعة دور كل منها، ومن حيث الشكل تتعدد النظم السياسية وتتنوع من رئاسية أو رئاسية برلمانية أو ملكية مطلقة وبغض النظر عن بساطة أو تعقيد تركيب النظام السياسي فلابد من وجود شكل معين للأنظمة السياسية اتخذ عبر مراحل تطور المجتمعات السياسية.
  • البنية: وهي تعني نظام العلاقات القائمة بين أجزاء النظام السياسي للبنية السياسية، فهي النسق الذي يتحقق فيه انسجام الوحدات الجزئية للنظام السياسي ولا تقتصر أهمية البنية في النظام السياسي على مجرد الربط بين الأجزاء أو المؤسسات السياسية والوحدات الفرعية بحيث تجعل عمل هذه الأجزاء متكاملة بل يُفترض من خلال البنية وجود ترابط وانسجام بين أجزاء الكل لدرجة تجعل وجود كل جزء مرتبط بوجود جميع الأجزاء الأخرى.
  • الوظيفة: تنحصر وظيفة النظام السياسي بصورة عامة في تحقيق أهداف المجتمع سواء كانت تلك الأهداف تصب في خدمة المجتمع وبنائه الاجتماعي بشكل عام أو كان بعضها لصالح الحفاظ على وحدة واستمرارية النظام السياسي نفسه.

ثانياً: مراحل تطور النظام السياسي في تركيا:

تُعد دراسة النظام السياسي التركي لها أهمية خاصة، حيث إنها دولة علمانية إسلامية حققت قدر كبير من التقدم يُقارب ما حققته الدول الغربية المتقدمة.

يتم تقسيم النظام السياسي التركي لأربعة مراحل من بعد سقوط الخلافة العثمانية عام 1923م:

  • المرحلة الاولى من 1923 الى 1938:

بدأ تاريخ تركيا السياسي الحديث مع قيادة “مصطفى كمال اتاتورك” عام 1923م، لتسلك تركيا مسلك أوروبا سياسياً وتتم علمنة الدولة والمجتمع في جميع مجالات الحياة في تركيا، ومع إعلان دستور 1921م الذي أسس الدولة القومية وبدأ معه تشكيل النظام السياسي التركي وأن الشعب هو مصدر السلطات، وتم إعلان الجمهورية في 1923م ثم إعداد مجلس الشعب التركي مسودة دستور جديد مستوحاة من دستور الجمهورية الفرنسية الثانية وتمت الموافقة عليه في 1924م، ومن أهم مبدأه هو أن السلطة التشريعية للشعب التركي مُمثلة في البرلمان التركي ويُنتخب أعضائه كل 4 سنوات، والسلطة التنفيذية تتألف من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء و وزرائه، والسلطة القضائية مستقلة في يد المحاكم بأسم الأمة.

وظلت المرحلة الأولى حتى عام 1938م (وفاة أتاتورك) وفيها أرسى أتاتورك مبادئ منها القيادة العسكرية هي الحامية للجمهورية التركية ولا تنفصل قيادة الجيش عن رئاسة السلطة التنفيذية.[13]

  • المرحلة الثانية من 1938م الى 1960م:

بعد وفاة أتاتورك أصبح الجيش مؤسسة مستقلة وانفصلت عن قيادة الحكم وذلك مع تولي رئاسة البلاد “عصمت اينو” ومع تزايد الانفتاح السياسي بدت الرغبة عام 1945م إلى ضرورة وجود حزب سياسي معارض بهدف تفعيل الحياة السياسية في البلاد.

ومن ثم بدأت تظهر توجهات معارضة من قلب حزب “الشعب الجمهوري” وأدى ذلك إلى تأسيس الحزب الديمقراطي في 1946م بقيادة أربعة نواب مستقلين عن الحزب الجمهوري (جلال بايار، عدنان مندريس، فؤاد كوبرولو، رفيق كوارلتان) وقد فاز الحزب الديمقراطي في انتخابات 1946م    بـ 61 نائباً وأصبح قوى سياسية فاعلة في الحياة السياسية التركية، ولكن عارضت القيادات التقليدية التركية بالحزب الجمهوري وصل المعارضة للنظام السياسي التركي ووضعوا حداً لعشر سنوات ديمقراطية عاشتها تركية بوجود معارضة سياسية لتنتهي تلك الحقبة عام 1960م من خلال الانقلاب العسكري[14]

  • المرحلة الثالثة من 1960م الى 1980م:

بدأت المرحلة الثالثة بعد انقلاب 1960 حيث تراجعت الحياة السياسية الديمقراطية في تركيا مع وجود حالة من الفوضى والشقاق وحل معها اعتقال رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس المجلس الوطني (البرلمان) وعدد من نواب الحزب الديمقراطي ولكن وعد قادة الانقلاب بتسليم مقاليد الحكم للحزب الفائز ولكن بعد محاكمة رئيس الجمهورية “جلال بايار” ورئيس البرلمان “رفيق كوارلتان”، وبعد الانقلاب عاد حزب الشعب الجمهوري ليتصدر الحياة السياسية بفوزه بـ173 مقعد بالبرلمان عام 1961م وحل محل الحزب الديمقراطي حزب العدالة ليفوز ب158 مقعد وحصد 53% من مقاعد البرلمان عام 1965م ومع استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي خاصة مع تصاعد المظاهرات الطلابية ونمو الحركات الشبابية وتوجيه القيادة العسكرية إنذار لرئيس الوزراء “سليمان ديميربدل” بأن الجيش سيمارس حقه الدستوري في تولي مقاليد الحكم إذا استمرت حالة الفوضى السياسية وتصاعد مظاهر عدم الاستقرار السياسي منذ عام 1971م حتى عام 1980.

وتميزت تلك المرحلة بعدم قدرة أياً من الحزبين الرئيسين حزب الشعب الجمهوري وحزب العدالة على تشكيل حكومة الأغلبية، ولم تكن لديهم القدرة في ذلك الوقت على تشكيل حكومة إئتلافية. وفي الفترة من 1979م – 1980م حدثت موجة عنف شديدة، أسفرت عن اعتقالات عدد من قيادات الأحزاب السياسية وتصاعد العنف السياسي مما أدى إلى تدخل الجيش مرة أخرى مع انقلاب 1980م بقيادة “كنعان ايفرين” وفرض الأحكام العرفية ووقف نشاط الأحزاب السياسية ثم حلها، وحل النقابات اليسارية واليمينة القومية وذلك لأن الانقلاب كان يهدف لإحداث تغيير جذري في النظام السياسي، ومن ثم وضع دستور جديد في 1982م من خلال لجنة تشريعية فرضتها المؤسسة العسكرية ومجلس الأمن القومي، وتضمن 193 مادة رسخت فيها مبادئ الجمهورية العلمانية، وأحكمت قبضة السلطة التنفيذية في يد رئيس الأركان التركي “كنعان ايفرين”.

وظل وقف نشاط الأحزاب السياسية حتى عام 1983م وهو العام الذي تم تأسيس فيه أول حزب سياسي بعد الانقلاب وهو حزب “الديمقراطية القومية” بزعامة الجنرال المتقاعد “تورغت سونالب”[15]

  • المرحلة الرابعة من 1983م الى 2001م:

بدء تصاعد تيار الإسلام السياسي منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي عن طريق عدد من الأحزاب ذات الطابع الإسلامي والتي واجهت النفوذ الكمالي ومن ضمنها حزب الرفاه الذي أسسه “نجم الدين أربكان” فهو من أنجح تجارب الأحزاب الإسلامية، حيث وصل للسلطة عام 1996م وتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب “الطريق القويم” ولكن حكومة أربكان لم تستمر طويلاً حيث انتهى عهدها في 1997م وانهارت بسبب الانقلاب في ذلك الوقت، ليتم بعدها استبعاد “أربكان” من الحكومة وتتألف حكومة جديدة برئاسة زعيم حزب الوطن  “مسعود ديلماز” عام 1997م وتم حظر حزب الرفاه نهائياً بحكم قضائي من المحكمة الدستورية العليا عام 1998م، وفي عام 2000م كان الحدث الأكبر في تاريخ الحركة السياسية التركية وهو تأسيس حزب “العدالة والتنمية” ليكون هو المعبر عن تيار الإسلام السياسي.[16]

ثالثا: الشكل القانوني لعناصر النظام السياسي التركي:

عندما قامت المجتمعات الإنسانية في السابق تميزت بالبساطة من حيث عدد السكان و الحياة السياسية والاقتصادية البسيطة تبعها ممارسة سياسية غير معقدة علي نفس القدر من البساطة وكانت ممارسة الديمقراطية من خلال مشاركة جميع المواطنين في الحكم من خلال ما سمي في أثينا القديمة بالديمقراطية المباشرة و لكن مع تنامي عدد السكان بات الحكم المباشر أمراً مستحيلاً وتم تاسيس ما يسمي بالبرلمان أو الهيئة التشريعية التي تختص بسن القوانين المنظمة في شتي المجالات و تشارك أفراد الشعب في انتخاب أعضائها وقد استقرت الممارسة الديمقراطية في عدد من المبادي الأساسية في تنظيم قيام الدولة واستقلال القضاء وانتخاب الهيئة التشريعية من قبل الشعب وسلطة البرلمان في مراقبة أعمال الحكومة وعلي الرغم من اختلاف النظم السياسية الديمقراطية من خلال توزيع وظائف الدولة بين سلطاتها الثلاثة لكن الحفاظ علي تلك المجموعة من المبادئ الديمقراطية كان عاملاً مشتركاً بينهم .

الدستور في تركيا:

يعتبر الدستور الإطار التشريعي الذي يحدد الأدوار للمشاركين في العملية السياسية وحامي لحقوق المواطنين من خلال ما يعرف بالبرلمان حيث يضمن للأفراد الحريات السياسية لتقيهم من بطش المؤسسات السياسية وتختلف قدرة الدساتير من حيث حماية الحريات الأساسية للمواطنين من دولة لاخري وفي تنظيم العلاقة بين المشاركين في العملية السياسية[17]

وقد شارك الجيش التركي في عملية وضع دستور 1982 الناتج عن انقلاب عسكري عام 1980 بسبب عنف سياسي ناشئ بين عدد من الفصائل لذلك عزم الجيش علي البقاء في سدة الحكم لحين حدوث تغيرات سياسية ومؤسسية جوهرية وقبل خروج الجيش من سدة الحكم وتسليم مقاليد السلطة لمدنيين وتأسيس دستور جديد بدلاً من دستور 1961 وقد فرض دستور 1982 قيوداً علي كل الحقوق والحريات الأساسية مثل حرية التعبير مع إضعاف النقابات العمالية ومنع التعاون بين الأحزاب السياسية مع وجود سيطرة قوية للجيش ومجلس الأمن القومي ووجود أدوار متعددة أناطها الدستور التركي للمؤسسة العسكرية ورئيس الأركان[18]

وكان زعماء الأحزاب السياسية التي حلت مع انقلاب 1980 في مقدمة المحتجين علي الفقر الديمقراطي الذي عاني منه الدستور التركي عام 1982 و قد خضع الدستور التركي للعديد من التعديلات وفي مارس 1993 تم الاتفاق المبدئي علي خمس تعديلات بين الحكومة وحزب الوطن الأم وشملت تغيير سن الانتخاب ليكون 18 عام بدلاً من 20 وسن النواب من 25 الي 30 وتوسيع قاعدة العضوية في الأحزاب السياسية حيث يصبح الحق لموظفي الدولة وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات بالانضمام للأحزاب السياسية وتمت المرحلة الأخيرة الخاصة بالتصويت علي التعديلات بين الأحزاب البرلمانية في عام 1995 وتم تمرير مجموعة من التعديلات الدستورية منها تقرير حق الأتراك المقيمين في الخارج بالتصويت في الانتخابات وإقرار حق موظفي الهيئات العامة في تأسيس الاتحادات [19]

السلطة التشريعية في تركيا

وفقاً لدستور 1982 تتجسد السلطة التشريعية في المجلس الوطني الكبير التركي أو البرلمان التركي والمكون من مجلس واحد يضم 55 نائباً يتم انتخابهم وفقا لمبدأ الاقتراع العام لمدة خمسة أعوام ، و تتم الانتخابات في إطار التمثيل النسبي بمعني إنه يتم تقسيم البلاد لعدد من الدوائر الانتخابية حيث يساوي عدد المحافظات التركية و يعتبر النيل من البرلمانات من خلال التدخل في الوظيفة التشريعية لها وهي جواز إعلان الأحكام العرفية وحالات الطوارئ ولكن النص عليها فقط لا يخل بالتنظيم الديمقراطي ويعتبر الإخلال عند السماح للسلطة التنفيذية بإعلان هذه الحالات دون الرجوع للسلطة التشريعية فهذا يعتبر إخلالاً ديمقراطياً كبيراً

وفي الدستور التركي أحكم البرلمان قبضته علي السلطة من خلال مواد الدستور 119, 120, 121, 122.

السلطة التنفيذية

نظام الحكم في الجمهورية التركية هو خليط بين النظام البرلماني والرئاسي خاصة بعد إقرار التعديل الدستوري الذي ينص علي انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب بدلاً من انتخابه من البرلمان التركي وتكون مدة ولايته خمس سنوات يمكن تجديدها مرة واحدة وبهذا التعديل أضفي علي منصب رئيس الجمهورية مزيد من القوي الشعبية ويتم مناقشة في البرلمان بجعل تركيا نظام رئاسي ليضفي مزيد من الصلاحيات لرئيس الجمهورية

وما يميز السلطة التنفيذية في تركيا إنها ثنائية حيث تتوزع الصلاحيات و الاختصاصات بين رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ، وبحسب الدستور التركي لعام 1982 فإن رئيس الجمهورية ممثل لمنصب القائد العام للقوات المسلحة التركية نيابة عن المجلس الوطني

وله الحق في تعيين رئيس الأركان العامة وأعضاء المجلس الاستشاري للدولة وتعيين أعضاء مجلس التعليم العالي وأعضاء المحكمة الدستورية و 25 % من أعضاء مجلس الدولة [20]

السلطة القضائية

يستند القسم القضائي في الدستور لمبدأ سلطة القانون حيث تم تأسيس السلطة القضائية وفقا لمبادئ استقلال المحاكم ويعمل القضاة بشكل مستقل وفقا لمبادئ استقلال المحاكم فهم يحكمون استنادا لأحكام الدستور والقانون وتنقسم السلطة القضائية لثلاث فئات هي ( القضاء العدلي ، القضاء الإداري ، القضاء الخاص ) وتدخل المحاكم العسكرية ضمن القضاء العسكري وقد حدث إصلاح قضائي علي أكثر من صعيد

  • قبل عام 2014 في ما يتصل بحرية التعبير والصحافة كانت هناك عقوبات وقف النشر وكانت ضمن المادة السادسة من قانون مكافحة الإرهاب وتم صدور قرار بموجبه إلغاء عقوبات وقف النشر عام 2012 وتم إلغاء القرارات الخاصة بمصادرة الصحف المطبوعة حتي 31 ديسمبر عام 2012
  • تفعيل ما يسمي بقاضي الحريات وهي تعني وجود قضاة مسئولين عن الحريات والحكم علي القضايا الخاصة بالاعتقال والتحري والتنصت علي المكالمات [21]

المبحث الثاني: التعددية الحزبية في تركيا

تحول تركيا من نظام الحزب الواحد إلي التعددية الحزبية:

المقدمة:

لقد مرت التجربة التركيه بمرحلتين أساسيتن فى تجربتها السياسية الحزبية , فقد بدأت بمرحلة الحزب الواحد حيث كانت منذ تأسيس الجمهورية منذ عام 1923 وحتى عام 1950 , حكم في المرحلة الأولى حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه وترأسه مصطفى كمال أتاتورك ، مؤسس النظام الجمهوري في تركيا ورئيس الجيش بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة التركية ، فجمع أتاتورك بين رئاسة الحزب السياسي الحاكم ورئاسة المؤسسة العسكرية الحاكمة معاً ، فأصبحت الجمهورية التركية محكومة من المؤسسة السياسية والعسكرية باجتماع الرئاستين في شخص رئيس الجمهورية ومؤسسها الجديد ، و لكن رغم استمرار نموذج هذا الحكم فى تركيا لأكثر من عقدين إلا أنه سرعان ما أعلن فشله بسبب إصرار الجيش على فرض الأيديولوجيا العلمانية المتشددة، تلك العلمانية التي استوردها حزب الشعب الجمهوري من أوروبا لتحديث تركيا من وجهة نظره وفرضها بالقوة العسكرية وحكم الحزب الواحد الذي يمسك بكل مقاليد الدولة بالكامل [22] , غير أن هذا النظام قد عرض البلاد إلى مصاعب عديدة مثل الرفض الشعبى لنظام الحكم , أضعف الاقتصاد والمعارضة الخارجية من أمريكا و الدول الاروبيه فلم يكن هناك مفر من الاستجابة إلى المطالب الداخلية والخارجية ، مما أدى الى إجراء انتخابات برلمانية على أساس التعدد الحزبي وفق النظام البرلماني التركي ، وهو ما تم عام 1950 من انتخابات برلمانية متعددة الأحزاب فاز فيها الحزب الديمقراطي بزعامة عدنان مندريس بأغلبية برلمانية مكنته من تشكيل أول حكومة برلمانية منتخبة من الشعب التركي مع وجود منافس حزبي آخر هو حزب الشعب الجمهوري الذي حكم قبله لنحو 25 عاما منفردا ومن هنا نجد أن بداية التعدد الحزبى فى تركيا كانت عام 1950 و لكن كان الحزب الجمهورى يمارس نفوذه من وراء الستار فلم يكن حينها تعدد حزبى بشكل حقيقى.

أولاً: دخلت تركيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مرحلة جديدة وهي صراع الأحزاب وكان ذلك في عام 1946 , فانتقل النقاش والجدل من السياسة والديمقراطية إلي الدين والعلمانية , فازدياد الحرية السياسية وتطورها أدي إلي إعادة تناول العلمانية وتوجهاتها , وبإيجاز كان هناك ثلاث قيادات متصارعة آنذاك :
* المحافظون : ويرون في الدين ضرورة ملحة لتطور الجانب الروحي في الفرد والمجتمع , ويعد ذلك نظاما تربويا لا يمكن إغفاله .
* المعتدلون : وهم إلي جانب ميلهم نحو المحافظين يعتبرون أن الدين من الحقوق الشخصية لكل فرد , أي أنه حق من حقوق الإنسان طالما أن الحرية الدينية مكفولة .

أما التيار الثالث وهو العلماني : كان معارضا للدين أياً كانت الدوافع والغايات [23] .

و فيما يلى  استعراض لأهم الأحزاب التى تتواجد على الساحة التركية التى تتمثل فيها هذه التيارات وتعبر عن التعدد الحزبى فى تركيا :

1- الحزب الديمقراطى :

يعد إنشاء هذا الحزب هو اللبنة الأولى في نظام تعدد الأحزاب فى تركيا بعد الحرب العالمية الثانية , أسس هذا الحزب جلال بايار  بعد توليه رئاسة الجمهورية وفوز حزبه في الانتخابات , وتولي رئاسته بعده”عدنان مندرس و كان الحزب الديمقراطي يتبني الدين كوسيلة , كما أن هذا الحزب كان يعتبر الحرية الدينية من الحريات الأساسية للأفراد , فمادام المجتمع التركي مجتمعا مسلما , ينبغي السماح للمواطنين بتلبية مشاعرهم الدينية بالشكل والكيفية , واللغة التي يرتضونها لأنفسهم شريطة عدم الزج بالدين في المسائل السياسية اليومية , والعلمانية عندهم تحترم حرية التفكير , ولكنها لا تسمح بإستخدام هذا التفكر في أهداف سياسية للدين , وكان عليهم أن يجدوا صيغة معتدلة بين ذلك , ومن ثم فإن أول إجراء للحزب الديمقراطي بعد توليته السلطة هو تعديل المادة 526 من قانون العقوبات , والتي كانت تمنع الأذان باللغة العربية, فأزالت الهيئة الشرعية هذا الحظر دون أية صعوبات في المجلس .
وفي الحقيقة أنه رغم كل الإنجازات التي قام بها الحزب الديمقراطي إلا أن الأحوال الاقتصادية في البلاد ساءت للغاية , لدرجة أن الحكومة تلقت إعانات من أمريكا مما جعل الشعب ينزعج والمعارضة المتمثلة في حزب الشعب الجمهوري صوتها يرتفع رغم إلغاء الحكومة هذا الحزب المعارض , والقبض علي , واعتقال أعضائه البارزين لكسب ثقة الاتجاه الإسلامي في تركيا [24] .

2– حزب العدالة :
يعد هذا الحزب امتدادا للحزب الديمقراطي الذي أسسه  سليمان دميرال , وكان يهدف هذا الحزب إلي إعادة الاعتبار للديمقراطيين. ومن ثم تأسس من أعضاء الحزب الديمقراطي السابقين منذ رئاسة الجنرال  ” جمال جورسل”  صاحب الدور الفعال في الحياة العسكرية التركية , والانقلاب السابق ضد الحزب الديمقراطي , وصرح  جمال جورسل لأعضاء اللجنة المشكلة من قبل القوات المسلحة التركية أنه قد أضيفت مادة في القانون تنص صراحة علي عدم استغلال الدين للأهداف السياسية .

3– حزب النظام الوطنى :

أراد لفيف من كبار الموظفين ورجال الأعمال تكوين حزب إسلامي نتيجة لما حدث من خلاف في الغرف التجارية الصناعية , فقاموا بتأسيس حزب النظام الوطني عام 1970 برئاسة  نجم الدين أربكان رئيس الغرف التجارية سابقا , وكان حزب النظام الوطني أول تكوين سياسي جاد يشكله الإسلاميون المعارضون بعد بداية حركة التغريب في الدولة العثمانية ولقد كان فكر أربكان السياسي مختلفا عن نظيره  دميرال في السياسة العامة لتركيا خارجيا وداخليا , فبالنسبة للسياسية الخارجية كان لا يرغب في انضمام تركيا إلي السوق الأوروبية المشتركة , وحجته أن تركيا ينبغي أن تكون عضوا في السوق الشرقية المشتركة , وليست السوق الغربية المشتركة لأن تركيا تختلف في علاقاتها مع الغرب , أما السوق الأوروبية في الوقت الراهن مثل بيت من ثلاثة طوابق , اليهود والأمريكان يعيشون في الطابق العلوي , والعمالة الأوروبية في الوسط , وهم في مسعي لإيجاد خدم لسكني البدروم , وذلك هو سبب رغبتهم في ضم تركيا إلي السوق الأوروبية المشتركة , أما بالنسبة للسياسة الداخلية للحزب , فقد صرح أربكان بأن حزب النظام الوطني لا يقبل عضوية الماسونيين والشيوعيين واليهود والصهاينة [25] .
وخلاصة القول , إن تأسيس حزب النظام الوطني كان بسبب تضييق الثورة التركية الخناق علي الإسلام , والاستهانة بقوته , وليس من أجل خلافات وصراعات في المصالح الاقتصادية .

4-حزب السلامة القومى :

أسس حزب السلامة الوطني عام 1973 نجم الدين أربكان وترأسه سليمان عارف في زمان رئاسة  فخري قوره تورك , وأعلن أن هذا الحزب حزب إسلامي مناضل , ومن ثم ما لبث أن أصدرت المحكمة حكما بحله بحجة أنه نشر أفكارا بطريقة غير قانونية تخالف العلمانية . ولقد نجح حزب  السلامة الوطني  في انتخابات 1973 و 1977 في الحصول علي نسبة من المقاعد البرلمانية , أسس حزب السلامة الوطني عام 1973 نجم الدين أربكان  وترأسه  سليمان عارف في زمان رئاسة  فخري قوره تورك , وأعلن أن هذا الحزب حزب إسلامي مناضل , ومن ثم ما لبث أن أصدرت المحكمة حكما بحله بحجة أنه نشر أفكارا بطريقة غير قانونية تخالف العلمانية , واحتل حزب السلامة القومي الموقع الثالث في انتخابات 1973 علي خريطة الأحزاب في تركيا , وأهم مبادئه السلام والأمن في الداخل , وامتزاج الأمة بالدولة , والنهضة المادية , ورغم أن الحزب لم يشر إلي الإسلام في مبادئه إلا أنه اعتمد عليه في دعايته الانتخابية . كما اعتمد حزب السلامة في سياسته علي الموضوعات الدينية , ووجه عناية وضرورة تطوير علاقة تركيا للعالمين العربي والإسلامي في جميع الميادين , كما طالب بقطع العلاقات مع إسرائيل , وفتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية ووقف التعامل بالربا , وكذلك وقف محاولات الانضمام إلي السوق الأوروبية المشتركة , وركز علي الدعوة إلي إنشاء سوق إسلامي مشترك [26].

ويمكن القول بناء علي ما سبق , أن الأحزاب ذات التوجه الإسلامي كانت فيما بينها مختلفة في الرؤي والتوجهات . فالحزب الجمهوري ذو رؤية يسارية , وحزب العدالة يمثل الرؤية الليبرالية , أما حزب السلامة فيمثل الرؤية الوطنية .

5 – حزب الحركة القومية:

أسس هذا الحزب ألب أرسلان توركش عام 1973 و يعتبر امتداداً حقيقياً لحزب الشعب الجمهوري وحاول هذا الحزب التمييز بين الإسلام والنمو الاقتصادي , و استمر الحزب حتي عام 1978 و بعدها أصدر رئيس الجمهورية قراراً بحل جميع الأحزاب ومن ثم ظلت تركيا بعد ذلك تحكـم حكـماً عسكـرياً[27].

6 – حزب الرفاه :

أُنشئ هذا الحزب عام 1983 ويعد امتداداً لحزب السلامة وكانت السلطة العسكرية ومجلس الأمن لا يرغبن في إشتراكه في الإنتخابات ووضعوا العراقيل التي أصبحت حائلاً له عن خوض الإنتخابات [28] , و لكن خاض الحزب فيما بعد العديد من الإنتخابات التي حقق فيها نجاحاً كبيراً و منها إنتخابات 1995 التي حقق فيها الحزب المركز الأول [29]

7 – حزب السعادة :

أسس أربقان حزب السعادة عقب إصدار المحكمة حكما بحل حزب الرفاه نظرا لميوله الإسلامية [30].

8 – حزب الفضيلة :

أُسس هذا الحزب لمواصلة المسيرة السياسية لحزب السعادة وحزب الرفاه والأحزاب الإسلامية , فالأيديولوجية الفكرية التي كان يتبناها لم تختلف كثيرا عن هذه الأحزاب , وتولي قيادة الحزب فتح الله أرياش[31] .

 

المبحث الثالث : نشأة حزب العدالة والتنمية

إن حزب العدالة والتنمية هو تأسس عام 2001 بعد انشقاق مؤسسيه عن حزب الفضيلة. حقق الحزب بزعامة رجب طيب أردوغان شهرة محلية وإقليمية وعالمية بفضل نجاحاته السياسية والاقتصادية الكبيرة التي جعلت تركيا في مصاف الدول المتقدمة.[32]

النشأة والتأسيس :

شُكل حزب العدالة والتنمية يوم 14 أغسطس/آب 2001 من قبل النواب المنشقين عن حزب الفضيلة الإسلامي الذي تم حله بقرار صدرمن المحكمة الدستورية التركية في 22 يونيو/حزيران 2001، وكانوا يمثلون جناح المجددين في حزب الفضيلة .

بلغ عدد أعضائه المؤسسين 63 شخصا برئاسة رجب طيب أردوغان ورفيقه عبدالله جول الذي انتخب أول زعيم للحزب وعرف التنظيم خلال رئاسته نجاحات ذات صدى إقليمي وعالمي .

وحزب العدالة والتنمية هوالثالث والتسعون بعد المائة ضمن الأحزاب السياسية التي دخلت الحياة السياسية التركية.[33]

التوجه الفكري:

يمثل هذه االحزب الجناح الإسلامي المعتدل في تركيا ويحرص على ألايستخدم الشعارات الدينية في خطاباته السياسية ، ويؤكد أنه لا يحبذ التعبير عن نفسه بأنه حزب إسلامي  فهو حزب يحترم الحريات الدينية والفكرية ومنفتح على العالم ويبني سياساته على التسامح والحوار .

ويؤكد الحزب عدم معارضته للعلمانية وللمبادئ التي قامت عليها الجمهورية التركية ، كما يؤيد انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وأنه سيواصل تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يجري تطبيقه في تركيا تحت إشراف صندوق النقد الدولي معنقد هل بعض جوانبه .

الرئيس الحالي للحزب هو أحمد داود أوغلو الذي اختير بتاريخ 1 مايو/أيار 2009 وزيرا للخارجية التركية في الحكومة التركية الستين ، قبل أن يُعين رئيسا للحكومة في 28 أغسطس/آب 2014.[34]

الأهداف والمبادئ :

يؤكد الحزب في أدبياته أنه حزب سياسي يحترم القوانين التركية ، ويعمل للحفاظ على الأمة التركية ككتلة واحدة، من خلال صيانة التنوع الديني والثقافي والفكري للمواطنين ،ورفض كل أشكال التمييز وأنه يسعى للدفاع عن احترام جميع الحقوق السياسية للمواطنين في إطار نظام ديمقراطي تعددي ويحترم حرية التعبير.

ويقول إنه يعطي أهمية خاصة لمفهوم الدولة الاجتماعية ، ويؤمن بالإنسان مصدرا أول    للتطور الاقتصادي ، ويرى أن عدم العدالة في توزيع الدخل والبطالة أهم مشكلة اقتصادية واجتماعية ، كما يؤكد سعيه للحفاظ على قيم الأسرة والشباب من خلال دعم السياسات التي تخدم هذا الهدف ودعم البرامج التعليمية والتدريبية .

الهيكلة والعضوية :                                   

لدى رئيس الحزب مساعدون مشرفون على عدة قطاعات بينها الانتخابات والشؤون القانونية والسياسية والتنظيم والإعلام والعلاقات الخارجية ، والشؤون الاجتماعية والاقتصادية والعلاقات العامة .

وتشرف اللجنة الانضباطية على ضمان احترام القوانين المنظمة ، وتشاركها في تنفيذ هذه المهمة هيئة مراقبة الديمقراطية الداخلية .

ويفسح الحزب المجال لكل المواطنين للانضمام إليه ، شريطة التعهد بقبول واحترام قوانين الحزب .

وضمت الهيأة التأسيسية للحزب (13) امرأة بينهن (4) محجبات ، ومنهن مطربة وممثلة وطبيبة ومعلمة ، إضافة إلى العديد من شخصـيات حزب الفضيلة الذي تم حظره وفئة أخرى جاءتمـن أحـزاب أخرى .[35]

جاء شعار المؤتمر التأسيسي لحزب العدالة والتنمية في 14 آب 2001 تحت عنوان (العمل من اجل كل تركيـا واسـتقطاب مختلـف شـرائح المجتمع) .

 ويمثل حزب العدالة والتنمية الجناح الإسلامي المعتدل في تركيا، وحزب يحترم الحريات الدينية والفكرية ومنفتح على العالم ويبني سياساته على التسامح والحوار .

ويؤكد الحزب عدم معارضته للعلمانية وللمبادئ التي قامت عليها الجمهورية التركية ، كما يؤيد انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي .

أسباب فوز حزب العدالة والتنمية :[36]

  • رغبة الأتراك في التغيير.

عند أختيار الأتراك لممثليهم في انتخابات 1990م حدثت الأزمة الأقتصادية التي عصفت بالبلاد ، فقدانها القدرة على حل مشاكل المجتمع التركي .

  • ميل الشعب التركي للأستقرار.

فالشعب التركي يريد الأسلام ولكنه ايضاً في فترة هدنة مع الجيش العلماني الصارم الذي ما أن يلمح وجود بذرة سليمة لينقض عليها ولكنه أقر على أنه لابد من اعطاء الفرصة لتتم تجربة حزب العدالة والتتنمية .

  • انتصار أردوغان كقيادة كاريزمية .

كان أردوغان قد تم حظره سياسياً في ذلك الوقت ومنع من الترشح في انتخابات 1999، ليترشح في انتخابات  2002.

فأسباب فوز أردوغان رغبة الأتراك في تولي زمام الحكم شخصية كاريزمية قوية تخلصهم من الويلات التي عاشوها ولمكافحة الفساد .[37]

يؤكد الحزب في أدبياته أنه حزب سياسي يحترم القوانين التركية ، ويعمل للحفاظ على الأمة التركية ككتلة واحدة من خلال صيانة التنوع الديني والثقافي والفكري للمواطنين ، ورفض كل أشكال التمييز، وأنه يسعى للدفاع عن احترام جميع الحقوق السياسية للمواطنين في إطار نظام ديمقراطي تعددي يحترم حرية التعبير .

ويقول إنه يعطي أهمية خاصة لمفهوم الدولة الاجتماعية ويؤمن بالإنسان مصدرا أول للتطور الاقتصادي ويرى أن عدم العدالة في توزيع الدخل والبطالة أهم مشكلة اقتصادية واجتماعية ، كما يؤكد سعيه للحفاظ على قيم الأسرة والشباب من خلال دعم السياسات التي تخدم هذا الهدف ودعم البرامج التعليمية والتدريبية .

إن حزب العدالة والتنمية هو حزب العقل التركي الحديث وليس عقل أردوغان  ولا عقل أحمد داود اوغلو، فهو نتاج تجربة سياسية منذ نشوء الجمهورية قبل اثنين وتسعين عاماً .

فحزب العدالة والتنمية هو خلاصة عقل الشعب التركي بعد كل هذه العقود والسنين من المعاناة والفشل والتأخر والتخلف والخضوع للإرادة الأمريكية والأوروبية والمديونية لصندوق النقد الدولي وانهيار الليرة التركية في السنوات والعقود الماضية .[38]

ولذلك ليس غريباً عندما تعرضت تركيا للخطر بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة في سوروج وأنقرة أنتهج القيادات المخلصة للأحزاب السياسية التركية الأخرى أحزابها وتلتحق بحزب العدالة والتنمية ، فهؤلاء الأبطال أدركو أن المعركة ليست مع حزب العدالة والتنمية ، كما حاول الأعداء أن يصوروها أمام الشعب التركي ، وإنما المعركة مع الشعب التركي كله ، فالتحق من التحق من أبناء الأحزاب السياسية الأخرى إلى حزب العدالة والتنمية لإنجاح تركيا وليس لإنجاح حزب العدالة والتنمية ، إلا بما يمثله من مصداقية لإرادة الشعب التركي وقوته ودفاعه عن مكتسباته ، وحمايته من الإرهابيين ومن يقفون وراءهم داخل تركيا وخارجها .

استطاع حزب العدالة والتنمية ان يحقق العديد من الانجازات السياسية والاقتصادية التي لم يحققها اي من الاحزاب السياسية التي تناوبت علي حكم تركيا منذ اجراء اول انتخابات ديمقراطية عام 1950 .[39]

يعد وصول حزب العدالة والتنمية الي السلطة تتويجا لجهود وتراكمات تاريخية بذلتها الحركة الاسلامية منذ ظهور بوادر ضعف الدولة العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر اضافة الي حنين الشعب التركي الي جذوره الاسلامية , وتردي الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في ظل هيمنة الاحزاب العلمانية .

فقد استطاع حزب العدالة والتنمية ان يحشد انصار معظم الحركات الاسلامية واتباعها خلف رؤيته وبرنامجه السياسي .[40]

المبادئ التي يدافع عنها حزب العدالة والتنمية :[41]     

-مبدأ الجمهورية المركزية الموحدة والمتضامنة المستندة الي المبادئ الديمقراطية العلمانية ودولة الحقوق الاجتماعية .

-مبدأ تحقيق تكافؤ الفرص للجميع وإقامة علاقات حسنة مع دول العالم كافة والقيام بأعمال الخصخصة لصالح البلاد .

-مبدأ ضمان عدالة الضرائب وتخفيضها وتوزيعها بشكل ينسجم مع البنية الاجتماعية للبلاد .

-مبدا التأكيد علي رفض الحزب لجميع اشكال التعذيب والارهاب والإذلال .

-اما العلمانية فقد فسرها رئيس الحزب بأنها تكمن في حياد الدولة تجاه المعتقدات وهي بهذه الصورة ضمان للديمقراطية .

-وأكد اردوغان علي ضرورة اعداد دستور جديد وتغيير قانوني الاحزاب السياسية والانتخابات بشكل ينسجم مع متطلبات العصر .

الفصل الثاني: دور حزب العدالة والتنمية في النظام السياسي.

  • المبحث الأول:نتائج حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية.
  • المبحث الثاني:دور حزب العدالة والتنمية في المحليات.
  • المبحث الثالث:توجهات حزب العدالة والتنمية تجاه العلاقات المدنية العسكرية.

 

المبحث الأول : حزب العدالة و التنمية في الانتخابات البرلمانية التركيا من 2002- 2015

يتناول المبحث نتائج الانتخابات البرلمانية التركية منذ فوز حزب العدالة والتنمية عام 2002 بالأغلبية في البرلمان التركي حتى عام 2015 وتمكن حزب العدالة والتنمية من انفراده على الساحة السياسية التركية فتشهد تركيا كل خمس سنوات انتخابات برلمانية لاختيار ممثلي الشعب التركي.

أولًا : شكل النظام البرلماني الانتخابي في تركيا
بدأت أول دورة تشريعية في تركيا عام 1920 على الرغم من أن العهد الفعلي للتمثيل الديمقراطي للإنتخابات النيابية كان عام 1950 حيث اعتمدت الانتخابات على نظام القائمة النسبية والذي يطبق في أغلب الدول الديمقراطية، وتجري الانتخابات البرلمانية التركيا كل 4 سنوات و يكون التمثيل النسبي بنسبة 10% في البلاد كحد أدنى وتتم الانتخابات النيابية على شكل التصويت العام والسري، إن الهيئة التشريعية في النظام السياسي التركي الذي خول لها الدستور تمثيل المواطنين ومناقشة وتعديل القوانين أو مجلس الأمة أو ما يسمى الجمعية الوطنية التركيا التي تتكون من 550 عضو في 85 دائرة حسب المحافظات ال 81 بالإضافة إلى 3 دوائر انتخابية هي أزمير و اسطنبول وأنقرة، ويحق لكل مواطن تركي تجاوز سن ال25 وتوافرت فيه شروط الترشح لشغل مقعد نائب في البرلمان بشرط أن يتم الخدمة العسكرية ويتصف بالأهلية القانونية ولم يحكم عليه بالسجن لمدة مجموعها سنة أو أكثر بشرط أن تكون جريمة متعمدة ولم يدين في جرائم مخلة بالشرف مثل الإفلاش و الفساد و الرشوة و التزوير، وتدير الهيئات القضائية تلك الانتخابات و تشرف عليها ويقوم المجلس الاعلي بالإنتخابات بضمان نزاهة الانتخابات و حسن تنظيمها منذ بدايتها حتى نهايتها و إجراء التحقيقات و اتحاذ القرارت النهائية أثناء الانتخابات وبعدها والنظر في جميع الشكاوى والإعتراضات المتعلقة بالأمور الانتخابية واستلام سجلات نتائج انتخابات اعضاء الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا والانتخابات الفرعية لمدة عام وذلك إذا اعتبر أنه من المستحيل إجراء انتخابات جديدة على سبيل المثال بسبب ظروف الحرب ويجوز تكرار التأجيل في حالة وجود سبب يتعذر بسببه إجراء الانتخابات.[42]

ثانيًا: أيدولوجية حزب العدالة والتنمية

تعتبر الرؤى الفكرية أصعب شيء في تأسيس الأحزاب و الجماعات و الكيانات السياسية إذ تبنى عليها سائر التوجهات و الإختيارات وفي حالة حزب العدالة والتنمية التركي أصعب لأن الحزب تتشابك جذورة الإسلامية مع ثوابت الدولة العلمانية التي يحرسها العسكر بقوة السلاح مع وجود حرب حزبية ضد ما يسمونه الإرهاب الإسلامي وهذا الأمر أثار خلاقًا بين المؤسسين للحزب حول الهوية

هل هي إسلامية أو علمانية ؟ ولكنهم خلصوا إلى شكل الهوية الرمادية حيث من أردا تبني رؤيتهم على أنها إسلامية وجد ما يدعمه ومن أراد تبنى رؤيتهم على أنها علمانية وجد ما يدعم موقفه، وقد أراد حزب العدالة والتنمية التوجه لكل تركيا واستقطاب شرائح مختلفة من المجتمع وأن الحزب مرجعيته تعتد على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وأن العلمانية هي ضمانة الديمقراطية لا أساسها وأنها المبدأ الأساسي للسلم الإجتماعي[43]

أوضح أردوغان بأن الحوب على المستوى الفكري يجمع بين كل ما هو متناقض فهو دومًا ما يقول بأن حزب العدالة والتنمية هو الحزب المحافظ الديمقراطي محافظ لأانه  يسعى  للحفاظ على االعادات و التقاليد وثقافة الأمة التركيا و ديمقراطي لسعيه الدائب لتطبيق ديمقراطية قوية لا تقل عن الديمقراطيات في العالم لذلك قدام الحزب نفسه على الساحة التركيا بأنه نصف لبرالي وإسلامي معتدل لكنه ديمقراطي بالكامل[44]

يعد حزب العدالة والتنمية أخر نماذج سيطرت زعماء الأحزاب السياسية على عملية صنع القرار الذي قاد تركيا إلى عملية موسعة من الإصلاح السياسية بعد تشكليه للحكومة أواخر 2002 وخلال حكومته تم إلغاء عقوبة الإعدام، وححزب العدالة والتنمية يعى دومًا للتغلب على أربع تحديات إسلاموية كمالية ومزان القوة الإقليمية واتساع المسألة الكردية اقليمًا و دوليًا ولوصف استراتيجية حزب العدالة والتنمية منذ توليه الحكم هو عبارة عن اضفاء الطابع الأوربي من خلال تمرير بعض القوانين واستخدام السياسية الخارجية كأداة لتمويل السياسة الداخلية واستغلال الحزب لتلك المنهجية للانضمام للاتحاد الاوروبي وفرض السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية[45]

فتركيا قبل فوز حزب العدالة والتنمية في 2001 عانت من اخفاق اقتصادي ظهر من خلال ازمات متعددة مثل الأزمة التي حلت بتركيا في فبراير عام 2001 والتي نتج عنها ارتفاع عدد العاطلين لأكثر من مليون ونص مواطن وفقدان المواطن التركي في غضون عامين ما يقرب من 40% من دخله بحساب القدرة الشرائية الحقيقية مع غياب القرار السياسي الواضح وتراجع دور تركيا خارجيًا وسوء البنية التحتية والفشل الإداري على المستويات التنفيذية في الوزارت

وبعد اغلاق حزب الرفاة وقيام حزب الفضيلة على أنقاضة وتأسيس حزب جديد بقيادة نجم الدين أربكان ثم تولى قيادته أردوغان و عبدالله جول وقد تبني الحزب الطابع الإصلاحي للتنمية وذلك بعد عدم نجاح العلمانية الصلبة التي تبناها أتاتورك وتبني حزب العدالة والتنمية الديمقراطية المحافظة وهي عبارة عن الملائمة بين الحداثة والقيم الانسانية مع رفض الخطاب السياسي القائم على التمييز من حيث العرقية أو الرؤية السياسية مع تنشيط دور المجتمع المدني و احترام الحريات و ضمان الحق في الاختلاف وتوزيع واستقلال السلطات بالإضافة إلى انتهاك سياسية برجماتية مع تبني سياسة اقتصادية جديدة واهتمام الحزب بحقوق الاكراد في اطار سياسة الدولة وذلك سعيًا لإحتلال مكانه تسبق الحزب الكردي[46]

وقد ركز حزب العدالة والتنمية فكرًا وعملًا على المواطن التركي وذلك من خلال تحقيق انجازات على أرض الواقع وخطة عمل واضحة لنقل تركيا إلى مصاف العشر دول الكبار عالميًا بحلول عام 2023 وفي ظل حكم الحزب بدأ املواطن التركي يشعر بتحسن في مستوى المعيشة حيث ارتفع دخل الفرد من 2200 دولار عام 2002 إلى  10000 دولار عام 2009

ثالثًا : الانتخابات التشريعية التركيا ( 2002- 2007- 2011- 2015 )

  • الانتخابات التشريعية عام 2002
    قد حقق حزب العدالة والتنمية نصرًا ساحقًا في الانتخابات النيابية عام 2002 قد ترتب على ذلك تصفية كثير من الرموز السياسية والتي قد تسببت في الازمة الاقتصادية التي حلت بتركيا عام 2001 ومنهم ( رولت بأهتشلي) زعيم الحركة القومية و(مسعود يلمظ) زعيم حزب الوطن الأم، وتوجد نسبة كبيرة من الكتلة الغير تقليدية قد صوتت لحزب العدالة والتنمية وهي لم تكن تصوت لأجل الحزب أو برنامجه ولكن من أجل التخلص من حكومات عانت في ظلها تركيا من أزمات عديدة وذلك من خلال بعض الاحصائيات الخاصة بمعدل النمو عام 1997 حيث كان 8.3% هبط إلى 9.4- % في نوفمبر 2002، لذلك قررت الأغلبية التركيا التصويت لحزب العدالة والتنمية لانجاده من تلك الأزمات وخاصة مع وجود اردوغان الذي يحمل تجربة ناجحة من العمل الخدمي عندما تولى منصب عمجة مدينة اسطنبول[47]
  • يوضح الجدول الآتي نتاج إنتخابات البرلمان التركي عام 2002[48]
الأحزاب التركية نسبة الأصوات عدد المقاعد
حزب العدالة والتنيمة 34.3 363
حزب الشعب الجمهوري 19.6 187
حزب الحركة القومية 8.3
حزب الوطن الأم 5.2
حزب الطريق المستقيم 9.6
الحزب الديمقراطي
حزب السعادة 2.5
حزب الشعب الديمقراطي 6.2
المجتمع الديمقراطي
الشباب 7.2
اليسار الديمقراطي 1.2
مستقلون

 


أهم الأهداف التي سعى اليها حزب العدالة والتنمية:

  • تحجيم قدرة الجيش من التدخل في الحياة السياسية
  • طرح صيغةمسألة الهوية بحيث تتوافق مع معطيات تركيا التاريخية والثقافية وأيضًا مع الواقع السياسي والثقافي و القانوني الذي فرض على الشعب التركي والذي أدى إلى اغتراب و عزله عن التفاعل في محيطه الاسلامي
  • تمكين تركيا في السياسة الخارجية من تحقيق دور مستقل بدلًا من دور تابع و لعب دور فعال على الصعيدين الاقليمي والدولي فقد عمد حزب العدالة والتنمية على تغيير جذري في السياسة الخارجية التركية وفقَا لمبادئ جديدة ومفاهيم تنسجم مع البنية الفكرية يُعتمد فيها العبد الجيوبلوتيكي بالإضافة للتوجه الشرقي وتفعيل دول تركيا تجاه البلدان العربية ودول الجوار التركي مع الإعتماد على القوة الناعمة من عناصر دبلوماسية وثقافية وذلك لتحقيق وضع اقليمي ودولي لتركيا يتكتع بالاستقرار
  • تحقيق تركيا معدلات تنمية ثانوية من أكبر معدلات التنمية في العالم المعاصر على الرغم من مقاومة التيارات العلمانية صعود التيار الاسلامي لإعتبار هذه التيارات نفسها هي حارس العلمانية والمدافع عن الديمقراطية ولكن شعر المواطم نالتركي بأن هذه الأحزاب لم تأخذ من العلمانية سوى المظهر الخارجي والدليل على ذلك أن الحكم العسكري هو نموذج العلمانية الذي نال من حرياتهم وقمع أفكارهم لذلك اتجه الناخب التركي وأعطى صوته للحزب ذو المرجعية الاسلامية بعدما أيقن بفشل التجربة العالمية[49]
  • انتخابات التشريعية التركية عام 2007

صادف اجراء انتخابات النيابية التركيا في عام 2007 انتهاء مدة الولاية الرئاسية للرئيس التركي أحمد نجدت سيزر ووفقًا للدستور يجب اجراء الناتخابات الرئاسية وبعمدما حقق حزب العدالة والتنمية شعبية واسعة وتجربة ناجحة في الانتخابات البرلمانية عام 2002 أصبح من المتوقع وصول أردوغان للرئاسة ولكن ظلت معارضة العلمانية والجيش لوصوله للحكم حتى وان كانت صلاحياته محدودة ولكنها مؤثرة وفقًا للدستور حيث أنه يتحكم بتعيين عدد كبير من المسئولين في مواقع مهمة وأعضاء المحكمة الدستورية ورؤساء الجامعات و مجلس التعليم العالي

وقد صاحب اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي مظاهرات الهدف منها منع وصول اردوغان للرئاسة فهو الهدف الرئيسي للعلمانية وذلك من خلال هتافات ما يقرب من 300 ألف شخص تركي وذلك للرد على رئيس الوزراء التركي أردوغان أو أي شخص أخر من الوصول لسدة الحكم[50]

وفي يوليو 2007 أفرزت صناديق الاقتراع لتبين انتصار غير متوقع لحزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان و عبدالله غول حيث ارتفعت نسبة الاصوات التي نالها  الحزب من 34.3% عام 2002 إلى 64.54 % عام 2007 ومن الملاحظ في تلك الانتخابات التشريعية ومن الملاحظ أن الحزب تقدم في 6 من المحافظات في جنوب شرق البلاد حيث الغالبية الكردية وبذلك لم يستطع الجيش معارضة وصول إسلامي لرئاسة الجمهورية بعد هذا التفويض الشعبي[51]

 

الأحزاب التركية نسبة الأصوات عدد المقاعد
حزب العدالة والتنمية 46.54 % 341
حزب الشعب الجمهوري 20.79 % 112
الحركة القومية 14.25 % 71
الوطن الأم
لطريق المستقيم
الحزب الديمقراطي 5.4%
السعادة 2.3%
الشعب الديمقراطي
الشباب
اليسار الديمقراطي
المجتمع الديمقراطي 5.19% 22
مستقلون 5.24% 4

منذ تولى حزب العدالة والتنمية السلطة في تركيا قد حدث 14 تعديل دستوري تركزوا حول تعزيز وترسيخ الحقوق والحريات الاساسية وأهم هذه التعديلات الدستورية:

  • تعديل 7 مايو 2004 ينص على إلغاء عقولة الإعدام ومحاكم أمن الدولة وضمان حرية الصحافة ولا يجوز تسليم المواطن التركي لأي دولة أجنبية دون الرجوع للسفارة التركية وذلك طبقًا لمبدأ حماية المواطن التركي
  • تعديل 29 أكتوبر 2005 ينص على زيادة سلطات المجلس الوطني الكبير
  • تعديل 13 أكتوبر 2006 وهو عبارة عن اجراء تعديل بخصوص السن الذي يؤهل للترشح للانتخابات النيابية من 30 عام إلى 25 عام
  • تعديل 10 مايو 2007 اضافة مادة مؤقته للدستور تنص على أن تتضمن قسيمة الاقتراع المشتركة اسماء المرشحين المستقلين في أول انتخابات برلمانية عامة
  • تعديل 31 مايو 2007 الموافقة على اجراء انتخابات المجلس الوطني الكبير كل 4 سنوات
  • الانتخابات التشريعية التركيا عام 2011

تعتبر تلك الانتخابات مختلفة عن سابقتها وذلك لعدم الجزم بنتائجها وما سيترتب عليها من انعكاسات قد تؤثر على مجمل المشهد السياسي التركي وتوجهات البلاد وفي تلك الانتخابات قد شارك 20 حزب و166 مرشح مستقل وقد تمكن حزب العدالة والتنمية من تحقيق نسبة تصويت ما يقارب من 49.8% بذلك يستطيع بسهولة تشكيل حكومة بمفرده وهذا يدل على أن الحزب ليس اسلاميًا كما كان يرى البعض ولكنه كان يعبر عن كافة أطياف المجتمع التركي وأنه يتمتع بقاعدة شعبية لكافة مكونات المجتمع العرقية والدينة والطائفية وحصولهم على 327 مقعد ولكنه لم يصل لنسبة الثلثين المقدرة 377 مقعد ولو كان فاز بها كان سيتمكن من تغيير الدستور[52]

  • انتخابات التشريعية التركية عام 2015

تعد الانتخابات التشريعية التركيا لعام 2015 لها أهمية استثنائية ودور مهم تجاه الحياة السياسية التركيا ومستبل حزب العدالة والتنمية الحاكم وذلك لأن الانتخابات قد يفقد أمامها حزب العدالة والتنمية أغلبية البرلمان وبالتالي لن يتمكن من تشكيل الحكومة وسوف يجبر على تشكيل حكومة ائتلافية ومن الممكن تشكيل احزاب المعارضة ائتلاف حكوميًا واقصائه من الحكم والأسوأ ألا يستطيع الحزب اقرار الدستور الجديد والتحول إلى النظام الرئاسي الذي يعطي رئيس الجمهورية صلاحيات أكبر ولكن بعد أن أظهرت النتائج تقدم حزب العدالة والتنمية بما يزيد عن 50% من الأصوات وهذا يدل على فو الحزب الأغلبية وتشكيل الحكومة، وقال أردوغان أمام الآلاف من أنصار الحزب بعد رصد النتائج ادعوا كل الاحزاب التي دخلت البرلمان إلى وضع دستور وطني ومدني جديد فلنعمل معًا نحو تركيا لا يوجد صراع و توتر واستقطاب ويعيش فيها الجميع بسلام[53]

المبحث الثاني : دور حزب العدالة والتنمية في المحليات

المقدمة:

بدأ التقدم في تركيا من المحليات عبر تطوير المؤسسة المحلية ذاتها حيث قامت الحكومة التركية في السنوات الأخيرة بإجراء إصلاحات للإدارات المحلية بهدف تعزيز الديمقراطية المحلية , وإعادة تقسيم المهام بين الإدارات المركزية والمحلية من جديد وإعادة تعريف الإدارة المحلية بإعتبارها كيان مستقل إدارياً و مالياً , و العمل علي تقديم الخدمات المحلية للمواطنين لتطبيق أقصي قدر من العدالة الإجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد , و أدت هذه الإصلاحات إلي تعزيز قوة الإدارة المحلية و جعلها أكثر إستقلالية من الناحية الإدارية و المادية , و تحققت إمكانية قيام البلديات و الإدارات الخاصة في المحافظات بمهامهم بشكل أكثر نفعاً و تأثيراً .[54]

و انطلقت المحليات فى الرؤية التركية من أنها عملية تنموية وسياسية فى المقام الأول ، فمن الجهة السياسية باتت تعد جزءا من التطور الديمقراطى للمجتمع ، و تعتبر المحليات هى بداية الطريق للمشاركة السياسية للمواطنين , و من الجانب التنموى أبدعت الذهنية التركية فكرة الشركات المتخصصة فى إدارة الأمور التقنية من : مياه وبناء مساكن وجمع قمامة وإعادة تدويرها  وغيرها من شركات تعطى أولوية للفقراء والمهمشين ثم ترتقى فى اهتماماتها بالمستويات الاجتماعية الأعلى بحيث تتناسب التكلفة مع قدرة كل مستوى اجتماعى ، وهذه الشركات تكون مملوكة للبلديات وفى الوقت نفسه تدار بمنطق خاص ، وفى المحصلة تعود المحليات لتكون تجسيدا لإرادة المواطنين ومصالحهم وليست تعبيرا عن إرادة السلطة وتقديراتها وأهوائها، أي أن المحليات عندما تتبلور من أسفل بالانتخاب تختلف جذرياً عما إذا تشكلت من أعلى[55]

تم تحديث المحليات بكل ما تعنيه كلمة تحديث فى علمى السياسة والاجتماع ، تحديث شمل : البنية المادية ، والكادر البشرى , تحديث يأخذ بالرؤية العلمية والفكر المستقبلى والاستراتيجيات السياسية لتركيا ، واستخدام التقنيات المتطورة فى العمل ، وتبنى دولاب عمل إلكترونى بعيد كل البعد عن النظام الورقى «الملفاتى المستندى» ، تحديث امتد إلى نمط المبانى وديكورات المكاتب وتحديد أماكن الراحة والعبادة والطعام من خلال أثاث حديث وبسيط ومريح , منظومة حداثية متكاملة تدار بعقلية علمية متطورة قوامها جيل شاب متحمس ومشارك فى تشكيل تركيا الجديدة ، تركيا جديدة تنطلق من محليات متطورة منتخبة تدير العمل فى المجالات المختلفة من خلال شركات متخصصة تضم كوادر فنية محترفة حيث المسئولية واضحة والإنجاز سيد الموقف.[56]

أولاً: في عهد العدالة والتنمية تم تعديل القوانين الأساسية فيما يخص البلديات و الإدارات الخاصة في المحافظات , بهدف إرساء الديمقراطية و اللامركزية و فيما يلي أهم تلك التجديدات :

أولاً: على مستوى البلديات الكبرى: تم صدور قانون 5216:

وبموجب هذا القانون توسيع حدود البلديات الكبرى وفقاً لعدد سكانها ، وانتهى بذلك الخلط في المهام والسلطات بين بلديات المدن الكبرى ، وبلديات الأحياء الكبرى ، وفي إطار هذا القانون أيضاً تم السماح لبلديات المدن الكبرى بعمل رقابة على خطط البناء وممارسات التشييد الخاصة ببلديات الأحياء ، وذلك بهدف منع التمدد العشوائي الغير منظم وإقامة العشوائيات .[57]

ثانياً: على مستوى الإدارة المحلية قانون رقم 5355 :

لأول مرة تم بموجب هذا القانون إضفاء الصفة القانونية على وحدات الإدارة المحلية التي تكونت من أجل التنفيذ المشترك لبعض الخدمات المحلية من قبل الإدارات المحلية ، كما أضيفت الصفة القانونية على “وحدات نقل الخدمات للقرى” ، وجرى إعداد بنية تحتية مؤسسية بهدف تنفيذ مشروعات “دعم البنية التحتية للقرى” التي تهدف إلى ضمان وصول خدمات البنية الأساسية وعلى رأسها المواصلات ومياه الشرب إلى المواطنين في المناطق الريفية .

و هدفت مجمل التغييرات الهيكلية إلي تعزيز الديمقراطية في تركيا علي المستوي المحلي وضمان كفاءة الأداء في خدمات البلدية وتقديم خدمات أكثر جودة , وقد وصل عدد البلديات الكبري إلي 29 بلدية , في حين كان عددها قبل ذلك 16 بلدية فقط , أيضاً تم توسيع مجالات مهام ومسئوليات البلديات الكبري بشكل يتضمن الحدود الإقليمية للمحافظات و نتيجة لهذا فقد تحولت البلدات والقري إلي أحياء .

مالياً : قانون تخصيص حصة من عائدات ضريبة الموازنة العامة إلى الإدارات الخاصة في المحافظات والبلديات :

تم بموجب هذا القانون زيادة إجمالي المبالغ المخصصة للإدارات المحلية من الموازنة العامة ، وتم تعديل نظام توزيع هذه المبالغ على الإدارات المحلية ، ففي حين كانت المخصصات المالية تقدر ب 4.7 مليار ليرة تركية في عام 2002م ، فقد وصل هذا المبلغ إلى 27 مليار و713 مليون ليرة تركية في عام 2012م.[58]

ولعل من أهم ما جاء فى قانون المحليات فى تركيا هو إمكانية دخول الهيئات الإدارية المحلية فى شراكة ، بإذن من مجلس الوزراء بغرض أداء خدمات عامة .

ويتضمن هذا الإذن اختصاصات وميزانيات بالإضافة إلى العلاقة الإدارية بشكل محكم، ويلاحظ أن انتخاب المحليات لا يتناقض مع الرقابة المركزية حفاظا على الصالح العام.

لذلك نجد بلدية إسطنبول تؤسس شركات مملوكة لها بأسهم لصالح المواطنين وذلك بتشريعات من البرلمان ، شركات فى شتى المجالات : النقل البرى والبحرى، والماء والصرف الصحى، والأنظمة الذكية، والقمامة وعملية تدويرها بالكامل، وشركة بيت التكنولوجيا (تقدم خبرتها للبلدية)، وبناء المدن الجديدة (وإحلال العشوائيات) لميسورى الحال والفقراء وغيرها من الشركات .

و أدت هذه الأمور إلي النجاح فى المزج بين السلطة المركزية للمحليات والبلديات وشركات لها حرية حركة فى إدارة هذه المرافق ، و تهدف إلى توفير خدمات لكل شرائح المجتمع من المواطنين على قاعدة (حقوق المواطن) ، وفى الوقت نفسه تراعى الشركات فى تطورها الاستراتيجية الاقتصادية التركية العامة للتوسع الاقتصادى خارج تركيا ، حيث تراعى المجالات الحيوية التى تتحرك فيها تركيا : أوروبا وجمهوريات آسيا السوفيتية السابقة والمنطقة العربية , كذلك وضع خطط طويلة الأمد تمتد إلى منتصف القرن الحالى .[59]

وظيفياً : قانون البلديات رقم 5393 :

أُعِيد تعريف مهام البلديات وسلطاتها ومسؤولياتها وأجهزتها، وتمتعت إدارة البلديات بالاستقلالية الإدارية والمالية، وذلك في إطار مبدأ “اللامركزية في تقديم الخدمة” ، كما تم تقليص السلطة الوصائية المفروضة على قرارات مجالس البلديات، وتم إعادة تنظيم جميع الاحتياجات ذات الطابع المحلي والمشترك الموجودة داخل حدود البلدية باعتبارها إحدى مهام البلديات، كما تم إضفاء الصفة القانونية على “مجالس المدن” بهدف ضمان المشاركة في تقديم خدمات البلدية، كما تم السماح للبلديات بتشغيل المتخصصين بعقود عمل و إقامة المشروعات الخدمية المشتركة بالتعاون مع المؤسسات المهنية العامة ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات الدولية .

قانون الإدارات الخاصة في المحافظات رقم 5302 :

بموجب هذا القانون تمت إعادة تعريف مهام الإدارات الخاصة في المحافظات وسلطاتها ومسؤولياتها وأجهزتها , وقد نص هذا القانون على أن الإدارات الخاصة في المحافظات تقوم بتنفيذ الكثير من المهام ذات الطابع المحلي والمشترك المتعلقة بالخطة البيئية للمحافظة، والأشغال العامة والإسكان والثقافة والفن والسياحة والخدمات والمساعدات الاجتماعية والتعليم، بالإضافة إلى مهامها المتعلقة بالبنية التحتية الريفية الواقعة خارج حدود البلدية، كما تم تقليص السلطة الوصائية المفروضة على قرارات مجلس إدارة المحافظات، وتم إقرار مبدأ تقديم الخدمات للمواطنين بأفضل الأساليب، وكان الهدف من هذه الإجراءات هو أن يسود مفهوم أكثر ديمقراطية واهتماماً بالمواطن في الإدارات الخاصة بالمحافظات .

ثانياً: بعد الإشارة لأهم ما تم تعديله في عهد حزب العدالة والتنمية من القوانين الأساسية للبلديات ,  هل إستطاعت المحليات أن تؤدي الدور المرغوب فيه من جانب التنمية العمرانية ؟

دور المحليات من خلال صلاحية اتخاذ القرار والتمويل واستغلال مواردها في إدارة التنمية العمرانية :

سوف نقوم بتقسيم الوضع الإداري للمحليات للتعرف علي درجة كفائتها و تحقيقها للامركزية كما يلي :

1ـ صلاحية اتخاذ القرار :

في مجال العمران : تلجأ المحليات نظراً لضعفها إلي هيئة تتولي وضع المخططات العمرانية لها ومن ثم تظهر الانفصالية بين عملية التخطيط الموكلة لتلك الهيئة العمرانية التابعة للوزارة و بين عملية المتابعة التي هي من اختصاص المحليات مما ينتج عنه ظهور مشكلات من أهمها التنسيق بين عملية الإدارة وعملية التخطيط .

– في مجال الخدمات والمرافق العامة : يقوم عدد من الأجهزة والهيئات بتوفير المرافق العامة علي كل مستوي من الإدارة المركزية : وزارات , هيئات , وغيرها .. , وإدارات فرعية تابعة للمحليات , إلا أنه هناك تداخل بين التخصصات بالإدارات من حيث دور الهيئات المنبثقه من الوزارات و المستويات الإدارية العليا ( المركزية ) .

– تضاؤل دور المحليات في عملية اتخاذ القرار في مجالات الخدمات والمرافق .

– لا توجد إدارات معنية بالتنمية الإقتصادية علي مستوي المحليات أو حتي المحافظات .

– لا يوجد سوي مستويين فقط في الإدارة وتفتقر لوجود مستوي وسطي يقوم بعملية التنسيق الأفقي بين المحليات والمحافظات بهدف تحقيق التبادل والتكامل بين برامج التنمية بالوحدات المختلفة والتوزيع المتوازن للموارد علي مستوي الوحدات المختلفة. [60]

2ـ استغلال المحليات لمواردها وحق الانتفاع بها :

تفتقد المحليات في تركيا إلي حق الاستفادة المباشرة من مواردها نظراً لأن عائد تلك الموارد يصب في الإدارة العليا ( المركزية ) و التي تقوم بإعادة توزيع الاستثمارات طبقاً للمشروعات ذات الأولوية لسياسة التنمية بالدولة .

3ـ التمويل :

– زيادة التحولات النقدية إلي المحليات تدريجياً من إجمالي الميزانية العامة للدولة .

– المحليات لا تتمتع بحق الإنفاق علي المشروعات أو المخططات أو إدارة مواردها بشكل مباشر و تظل الأمور المالية تحت سيطرة الإدارة المركزية .

مما سبق يمكن إستنتاج ما يلي :

– تتسم الإدارة العامة للمدن الجديدة التركية بدرجة عالية من المركزية نظراً لعدم وجود سوي مستويين فقط في الإدارة وتفتقر إلي وجود مستوي وسطي يقوم بعملية التنسيق الأفقي بين المحليات والمحافظات

– قرب الهيكل التنظيمي والإداري للمدن الجديدة التركية من الجهات المركزية لصنع القرار .

– الكيانات الأدني ( المحليات ) ليس لها حق استغلال مواردها أو الانتفاع بها وليس لديها القدرة علي اتخاذ القرار .

_ و في النهاية يمكن القول أن تركيا حققت تقدماً بطيئاً في التنمية العمرانية حيث لازالت الحكومة المركزية تمارس نفوذاً واضحاً علي الإدارة المحلية وأجهزة التنمية العمرانية.

المبحث الثالث: توجهات حزب العدالة والتنمية تجاه العلاقات المدنية العسكرية

ترتبط فكرة التنظير للعلاقات المدنية العسكرية بمشكلة قديمة تزايدت أهميتها مع نشأة الدول القومية وتأسيس الجيوش النظامية الحديثة وظهور الدور السياسي للعسكريين وقد ساعد ذلك في احتكار العسكريين للاستخدام الشرعي للقوة ووظيفة الدفاع عن الدولة وقد يتجاوز هذا الدور إلى التدخل في الشئون السياسية.

وتعتبر مشكلة التدخل السياسي للعسكريين أحد معوقات التحول الديمقراطي في الدول النامية منذ الاستقلال، وذلك نتيجة احتكار المؤسسة العسكرية لوظيفة الدفاع وأيضاً استخدامها الشرعي للقوة العسكرية، فهي تعتبر أكثر المؤسسات تنظيماً وتأثيراً في أي دولة، وبالتالي فإن الدور السياسي للمؤسسة العسكرية يظل أحد ثوابت المعادلة السياسية وذلك بسبب قيامها بمهمة الدفاع عن بقاء النظام الحاكم في السلطة أو حماية الدولة نفسها أو التحكيم بين القوى السياسية المتعارضة في المصالح.[61]

وتقع الحالة التركية في مكان متميز وتوضح التدخل السياسي للعسكريين، فقد لعب الجيش التركي دوراً بارزاً في الحياة السياسية التركية منذ تأسيس الجمهورية التركية عام 1923م، وذلك بعد إلغاء الخلافة العثمانية وإعلان الجمهورية التركية على يد “مصطفى كمال اتاتورك”، وهو الأمر الذي يجعل للجيش طبيعة خاصة في تركيا بسبب جذوره التاريخية والأيديولوجية المتعلقة ببناء الدولة ذاتها على يد “أتاتورك” على أسس علمانية.

اعتبر الجيش نفسه حامي الجمهورية التركية ونظامها السياسي، الأمر الذي أدى إلى تنفيذه أكثر من ثلاثة انقلابات عسكرية في تاريخ تركيا، فقد كان يستولى على الحكم وينصب نفسه حارساً لتعليم أتاتورك مبادئ العلمانية، وخط الدساتير والقوانين بعد كل انقلاب، فنأى بنفسه عن وزارة الدفاع وأصبح مؤسسة مستقلة تابعة لرئاسة الوزراء مباشرة بعد انقلاب 1960م، ثم وضع دستور 1982م الذي تعمل به البلاد حتى الأن.

كان للجيش في تلك الفترات مزايا اقتصادية واجتماعية، حيث سُمح له بالدخول في المشاريع الأقتصادية مع توافر عوائد مالية اضافية مع عدم الأفصاح عن موازنة الجيش الحقيقة.

كما أن عملية الإلتحاق بالجيش في ذلك الوقت كانت تخضع لتقارير استخباراتية تستبعد كافة المرشحين للجيش من ذوي الميول السياسية حتى يحافظ الجيش على قوامه العلماني الأتاتوركي.

هذا الوضع التاريخي للجيش التركي يشبه كثيراً الأوضاع في بعض البلدان التي تخضع لنخبة الجيش الحاكمة، لذا من الجدير الأضطلاع على تجربة تركيا في إدارة العلاقات المدنية العسكرية والتي أدت إلى نجاح التجربة التركية الحديثة في إبعاد الجيش عن الحياة السياسية وإحراز تقدم هائل في جميع الملفات بشكل غير مسبوق.[62]

تاريخ الانقلابات العسكرية التي مرت بها تركيا:

مرت تركيا بأربعة انقلابات عسكرية في تاريخ الجمهورية الحديثة، كان أول انقلاب في عام 1960م واخرهم عام 1997م. وكانت هناك محاولة للانقلاب في يونيو 2016 والتي بائت بالفشل وسوف نتطرق لتلك المحاولة في آخر المبحث.

أولا: انقلاب عام 1960م:-

رغم ابتعاد الجيش عن ممارسة أي دور سياسي بارز في عهد “أتاتورك وخليفته في قيادة حزب الشعب “عصمت اينونو”، إلا إنه عاد للظهور بقوة على الساحة السياسية مع وصول الحزب الديمقراطي إلى الحكم برئاسة “عدنان مندريس”.

ظل حزب الشعب الجمهوري يحكم تركيا من خلال مؤسسه “أتاتورك” ثم خليفته “اينونو”، حتى قرر بعض رجال الحزب الانشقاق عنه وتأسيس حزب آخر وقد كان تأسيس “الحزب الديمقراطي” الذي لم تمض بضعة أعوام حتى فاز بالانتخابات ووصل “عدنان مندريس” مؤسس الحزب إلى السلطة عام 1950م.[63] وعلى إثر ذلك وصل “جلال بايار” إلى السلطة كأول رئيس من خارج المؤسسة العسكرية، كما تولى “مندريس” رئاسة الوزراء وأنه جاء بإرادة الشعب.

وقد قام “مندريس” بجعل الآذان يُرفع باللغة العربية، كما عمل على جعل الدستور أكثر ليبرالية، وقام بإنشاء بعض البنوك، كما أقام نهضة في المجال الإنشائي والمعماري. فقد نمت تركيا في عهده بنسبة 160%.[64] ولكن ذلك لم يمنع من ارتكابه بعض الأخطاء ونسيانه للديمقراطية التي وعد بها الشعب في الفترة الثانية من حكمه.

قام حزب الشعب الجمهوري وغيره من الأحزاب العلمانية التركية المعارضة للحزب الديمقراطي بإفتعال اضطرابات ضد حكم “مندريس” واتهامه بمحاولة الأنقلاب على هوية تركيا العلمانية، وقد تآمر بعض جنرالات الجيش لتدبير الانقلاب عليه، بدأ حشد القوى الأجتماعية ضده لاسيما داخل الجامعات والمدارس العسكرية.[65]

وفي صباح 27 مايو 1960م تحرك الجيش التركي ليقوم بأول انقلاب عسكري خلال العهد الجمهوري، تمكن الجيش من السيطرة على مقاليد الحكم.

أحال الانقلابيون حينها 235 جنرالاً وخمسة آلاف ضابط بينهم رئيس هيئة الأركان إلى التقاعد، كما تم وقف نشاط الحزب الجمهوري، واعتقال رئيس الوزراء “عدنان مندريس” ورئيس الجمهورية “جلال بايار” مع عدد من الوزراء وأُرسلوا إلى سجن جزيرة يصى أدا، ومن ثّم إعدام “مندريس” لاحقاً.[66]

ثانياً: انقلاب عام 1971:-

انقلاب عام 1971م يُعد الانقلاب الثاني في تاريخ تركيا الحديثة وهو ما يُسمى “بانقلاب المذكرة”، وذلك بعد إرسال الجيش مذكرة شديدة اللهجة إلى رئيس وزراء تركيا في ذلك الوقت “سليمان ديميريل”

وذلك بعد أن شهدت البلاد خلال فترة الستينيات من القرن العشرين نزاعاً حاداً داخلياً على خلفية الانقلاب السابق وهو ما أدى إلى انتشار أعمال العنف والاضطرابات، وقد أدت المذكرة إلى استقالة رئيس الوزراء بعد أن هدده الجيش بتشكيل حكومة قوية تسيطر على البلاد أو تدخل الجيش وفقاً للدستور، وقد تسلم الجيش مقاليد الحكم بعد ذلك.[67]

ثالثاً: انقلاب عام 1980م:

قام انقلاب عام 1980م على يد “كنعان ايفرين” وهو الانقلاب الأشد دموية في تركيا على الإطلاق، ففي الأسابيع والأشهر التي تلته تمت تصفية نحو خمسين شخصاً واعتقل 600 ألف آخرون، وقضى العشرات تحت التعذيب وهرب الآلف إلى المنفى كما أُعتبر البعض في عداد المفقودين.

ورغم تلك الأعمال فقد وافق بعض الناس عليه بعد أن رأوا حالة عدم الأستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي خلال الفترة السابقة، وقد وافقوا عام 1982م على دستور جديد رغم إنه ذا طابع تسلطي ولايزال معمولاً به حتى الآن.[68]

رابعاً: انقلاب عام 1997م:-

و آخر الانقلابات في تركيا، وقد كان موجهاً ضد حكومة “نجم الدين أربكان” رئيس حزب الرفاه ذا التوجه الإسلامي وقد فاز بالانتخابات التشريعية وتشكيل حكومة 1996م، ولكنه لم يُكمل عاماً واستقال بضغط من الجيش 1997م، وخرجت حكومته دون حل البرلمان أو تعليق العمل بالدستور.

وقد ترتب على هذا الانقلاب تضييق الحريات الدينية في تركيا وانهيار الأوضاع الاقتصادية بشكل غير مسبوق، ظل هذا الوضع حتى عام 2002م مع بزوغ حزب العدالة والتنمية الجديد.[69]

وعلى الرغم من أن الانقلابات العسكرية كانت عقبات ضخمة في مسيرة التحول الديمقراطي في تركيا، فإنها قد منحت القوى السياسية لاسيما أحزاب التيار الإسلامي الكثير من التجارب، فصقلت خبراتها ورشدت أفكارها وأجبرتها على تحديث برامجها وتجديد استراتيجياتها وذلك في إطار الدستور ونظام الدولة.[70]

 شكل العلاقة بين الجيش وحزب العدالة والتنمية وأثر ذلك على الحياة المدنية العسكرية:

إن حزب العدالة والتنمية قد نجح إلى حد كبير في إعادة توصيف الجيش في الدستور وفق النظم الديقراطية الغربية، فمنذ تولي الحزب السلطة حدث تحول هائل في ميزان القوى على حساب الجيش، ونشأ نظام كان للمدنين فيه اليد العليا، هذا النظام الذي نجح فيه العدالة والتنمية في فرض السيطرة المدنية على الجيش التركي بصورة تدريجية.

أكتسبت التجربة التركية للتحول الديمقراطي أهمية خاصة من قبل المراقبين مقارنة بتجارب الدول في التحول الديمقراطي والتي شهدها العالم في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد وعشرين. وترجع هذه الأهمية الى تميز التجربة التركية فهي لم تكن فقط تحول نحو الديمقراطية ولكنها ايضاً تحول نحو التعددية. كما أن تركيا قد شهدت هيمنة للعسكريين على الحياة السياسية بإعتبار الجيش حامي البلاد وواصي على العلمانية والتعاليم والمبادئ الأتاتوركية.[71]

إن دمقرطة العلاقات المدنية العسكرية بشكل تام بحاجة إلى توازن قوى بين المدنيين العسكريين، ففي حين أن على المؤسسة العسكرية التخلي عن دور الوصاية، يجب على المدنيين أيضاً العمل على استعادة ثقة ضباط الجيش التي فُقدت خلال محاكمات أرغنكون وقضية المطرقة.[72]

وقد لعبت ثلاثة عوامل متداخلة دولية ومحلية دوراً رئيسياً في تطور العلاقات المدنية العسكرية في تركيا:

أولاً: صراع القوى بين المؤسسة العسكرية والإسلاميين على الدور الذي يجب أن يلعبه الجيش في تركيا.

ثانياً: استثمار حزب العدالة والتنمية رغبة الشعب التركي في الانضمام للاتحاد الأوروبي، كأداة لإضعاف سيطرة الجيش على الدولة.

ثالثاً:الدور الذي لعبه الناتو في تحسين إصلاح العلاقات المدنية العسكرية، خاصة فيما يتعلق بالاحتراف.

والواقع أن كل تلك العوامل متداخلة ومتشابكة بشكل كبير.[73] مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم تقلص دور الجيش بحزمة من الإصلاحات القانونية حتى أصبح في السنوات الأخيرة ميالاً إلى التزام ثكناته، وكانت هناك محاولات انقلابية عديدة خططت لها دوائر قريبة منه ولكن الحكومة أعلنت اكتشافها وافشالها قبل نجاحها.[74]

وفيما يلي استعراض بعض محطات العلاقة بين حكومة حزب العدالة والتنمية والمؤسسة العسكرية:[75]

  • أبريل2003: قاطع مسئولون في الجيش حفل استقبال أقامه رئيس البرلمان في أحد الأعياد الرسمية، وذلك لأن زوجته كانت ترتدي الحجاب، وكان الحجاب محظور ارتدائه في مؤسسات الدولة والجامعات.
  • 30 يوليو 2003: البرلمان التركي يُقر قانوناً يتضمن مجموعة إصلاحات تاريخية للحد من نفوذ الجيش في الحياة السياسية التركية، استجابة لمتطلبات الاتحاد الأوروبي من أجل السماح لأنقرة بالأنضمام اليه.
    قلص هذا القانون وخفض نفوذ مجلس الأمن القومي –الذي يهيمن عليه العسكريين- حيث تم إلغاء سلطاته التنفيذية، ولم تعد عضويته مقصورة فقط على الجنرالات ذوي الأربعة نجوم، كما تولى مدني وظيفة الأمين العام للمجلس.
    سمح ذلك القانون للبرلمان بدراسة نفقات الجيش مع أن تبقى هذه الدراسة سرية.
  • ديسمبر 2003: البرلمان يُقر مرسوماً ينُص على إلغاء السرية التي تحيط بنشاطات مجلس الأمن القومي الذي يسيطر عليه الجيش، استجابة لمطالبة المفوضية الأوروبية بإتخاذ المزيد من الأجراءات للسيطرة على هذه المؤسسة من أجل تحسين مستوى الديمقراطية في البلاد.
  • 20 مايو 2006: رئيس الوزراء أنذاك “رجب طيب اردوغان” ينتقد دعوة قائد الجيش الجنرال “حلمي اوزكوك” إلى تصعيد الاحتجاجات العلمانية ضد الحكومة إثر اغتيال قاضِ كبير على يد محام إسلامي في مجلس شورى الدولة.
  • أبريل 2007: قيادة الجيش توجه تحذيراً شديد اللهجة إلى حزب العدالة والتنمية، قائلى أنها ستتدخل إذا رأت أن “قيم البلاد العلمانية باتت مهددة” وجاء التحذير متزامناً مع مظاهرات كبيرة في أسطنبول حشد لها العلمانيون احتجاجاً على تقديم الحزب مرشحاً لرئاسة البلاد وهو وزير الخارجية في ذلك الوقت “عبدلله جول”
  • يونيو 2007: الحكومة تطلق تحقيقا رسميا في مخطط انقلابي لإسقاطها بات يُعرف إعلاميا باسم “أرغنكون”، وهو أسم وادٍ تقول الأسطورة إن شعب الترك عاش فيه حقبة من الزمن.
  • 21 أغسطس 2007: رئيس الوزراء أردوغان يدعو الجيش إلى البقاء بعيدا عن السياسة، قائلا إن “على العسكريين البقاء في مكانهم، ويجب على المؤسسات كافة العمل وفقا للصلاحيات التي منحها الدستور لكل منها”. والجيش التركي ينفي أن يكون جنرالات منه عقدوا اجتماعا سريا مع عبد الله غول للتوصل لتفاهمات بشأن ترشحه للرئاسة.
  • – 27 أغسطس 2007: رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش “يشار بوبوكانيت” يدلي بتصريح ينتقد ضمنا الحكومة، ويقول فيه: “للأسف في كل يوم تتكشف مخططات خبيثة بصور مختلفة، تهدف إلى الرجوع عن خطوات التطور الحديث وإفساد البنيتين العلمانية والديمقراطية في البلاد”.
  • يونيو 2009: صحيفة “طرف” التركية تنشر وثيقة بشأن “مؤامرة” دبرها عقيد في القوات البحرية يدعى دورسون جيجيك، لمنع حزب العدالة والتنمية الحاكم من “تدمير النظام العلماني فيتركيا وإبداله بدولة إسلامية”.
    وقد نفى الجيش أن يكون قد سمح بذلك.
  • 20 يناير 2010: صحيفة “طرف” التركية تكشف تفاصيل خطة انقلاب عسكرية تقع في 500 صفحة، كانت تحضر لها مجموعة من ضباطالجيش التركي ذوي الرتب العالية (29 جنرالا عسكريا و133 ضابطا) في عام 2003، بُعيد تشكيل حزب العدالة والتنمية لحكومته الأولى في نوفمبر 2002.
    وأطلق المنفذون على خطتهم إسم “المطرقة” وضمنوها أربع خطط تفصيلية للانقلاب بأسماء حركية، هي “الحجاب” و”اللحية” و”الاصطياد بعد المتابعة” و”العاصفة”.
    وكانت الخطة تهدف إلى إثارة البلبلة والقلاقل في أنحاء البلاد بتنفيذ تفجيرات في المساجد والشوارع العامة وإسقاط طائرة حربية وإلقاء اللوم في ذلك على اليونان، لدفع الجيش إلى استلام الحكم وتعطيل البرلمان وحل الحكومة.
    وقد اعترف الجيش بصحة الوثائق والتسجيلات الصوتية المصاحبة لها، لكنه قال إن الخطة كانت ضمن تدريبات عملية ولم تكن أصلا معدة للتنفيذ أو جزءا من مؤامرة لقلب نظام الحكم.

وقد تم اتخاذ إجراءات أخرى، مثل استبعاد ممثلي القوات المسلحة من مجلس التعليم العالي، والمجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، وإلغاء محاكم أمن الدولة. كما بدء الحزب يتحدى الجيش من خلال تعيين القادة العسكريين.

ومع ذلك فان جميع الضباط والقادة العسكريين لم يخضعوا أو تبنوا السيادة والسيطرة المدنية على القوات المسلحة. وهذا يعني أن تركيا ليس لديها علاقات مدنية عسكرية كاملة ، وإنما ذلك يعني أن إصلاح العلاقات المدنية العسكرية يمكن أن تحدث في ظل جيش ذي تأثير ونفوذ قوي.

بالإضافة إلى كل ما سبق، فالدور الدولي، سواء الاتحاد الأوروبي أو الناتو، قد أسهم في تحسين العلاقات المدنية العسكرية بشكل غير مباشر. حيث وظف حزب العدالة والتنمية رغبة الشعب التركي في الانضمام للاتحاد الأوروبي وعضوية تركيا في الناتو كأداة لإضعاف هيمنة الجيش على الدولة.

فالجيش نفسه كان داعماً في البداية لتلك الإصلاحات التي تؤدي للانضمام للاتحاد الأوروبي، لكن حين بدأ أردوغان يصرح بأن حكومته مهتمة بالصلاح حتى بدون ضمانات العضوية في الاتحاد الأوروبي، بدأ الجيش يشك في عملية الإصلاح، والحذر من حزب العدالة والتنمية.

وأصبح الشك عميقاً عندما اتضح من أحد استطلاعات الرأي في أواخر ديسمبر 2006م ” أن الدعم للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تركيا قد انخفض إلى 35- 30%. حيث ثبت ذلك الشك من خلال السلوك السلبي لحكومة أردوغان تجاه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث أصبحت حكومته أقل اهتماماً بالانضمام عما كانت عليه من قبل عدة سنوات، ومن خلال غلق المفاوضات أيضاً.

  • محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016م ما بين الفشل ونجاح الحزب في إعادة سيطرته على البلاد:

خلال السنوات الأخيرة عبر معارضون وحكومات أجنبية ومواطنون أتراك عن مخاوفهم من الاتجاه نحو نظام تسلطي في ظل أردوغان.[76]

بدأت محاولة الانقلاب بإغلاق عناصر من الجيش التركي الخط المتجه من الشق الآسيوي إلى الأوروبي على جسر البوسفور، وهنا أعلن “بن علي يلدرم” أن ما يجري محاولة انقلابية.

وكان من دبر الانقلاب فصيل داخل القوات المسلحة التركية وأعلن مدبروا الانقلاب إنشاء مجلس السلم من أجل أن تكون الهيئة الحاكمة في البلد. من خلال بث بيان بعد سيطرتهم على قناة “تي ار تي” الرسمية التركية.[77]

أثبت حزب العدالة والتنمية شعبيته بعد ذلك الانقلاب وأثنائه فقد استجاب الشعب استجابة كاملة لخطاب أردوغان وتم حشد الجماهير بالشوارع والميادين خلال وقت قليل. كمان أن قيادات الحزب أثبتت تأثيرها على الشعب الذي رفض حدوث انقلاب خامس بتركيا بعد خلفيتهم الانقلابية التي شهدوها في تركيا.

وأثبت الحزب نجاحه وشعبيته مرة أخرى وسط الشعب التركي.

 

الفصل الثالث : حزب العدالة والتنمية والتحول الديمقراطي.

  • المبحث الأول : جهود حزب العدالة والتنمية في دعم التحول الديمقراطي.
  • المبحث الثاني :الرؤية المستقبلية لدور حزب العدالة والتنمية في النظام السياسي.

المبحث الاول: جهود حزب العدالة و التنمية في دعم التحول الديمقراطى

استطاع حزب العدالة والتنميه أن يعلن تفوقه في تركيا و ليس فقط لأنه صاحب الإسهام الأكبر من عملية التحول الديمقراطى و لكن لأنه أيضا استطاع أن يصلح ما أفسده حزب الرفاه والفضيلة وغيرهم التى أدخلت البلاد فى الحروب الأهلية حيث نجد أن مبادئ وأهداف الحزب تعبر عن رؤية جديدة تختلف عن أفكار الأحزاب الإسلامية السابقة وعن الأيديولوجية العلمانية المتطرفة وتؤكد العلاقة بين المجتمع والدولة وكذلك احترام الآخر وذلك يعكس مدي تأثره بالقيم الموروثة من الامبراطورية العثمانية حيث  انضم إليه عدد من التيارات السياسية المختلفة سواء كان تيار يميني قومي أو تيار علماني ليبرالي أو تيار إسلامي منشق, واجتمعت التيارات الثلاثة واتفقت علي قيم ومبادئ مشتركة فكان خطاب أردوغان التأسيسي مختلف عما سبقه فهو لم يذكر الإسلام ولكنه ركز فقط علي حماية حقوق الانسان ومرجعه كان الإعلان العالمي لحقوق الانسان , وكانت تأتي علي قمة المبادئ التي دعا إليها الحزب قيم العدالة والعيش والحرية, وأن المبدأ الرئيسي للجمهورية هو الديمقراطية والعلمانية وحكم القانون اعتبر أن الحريات والحقوق الأساسية حق مكفول للجميع وحرية الفرد حق ثابت وهذا ما جعله تجربه فريدة من نوعها استطاعت أن تفوز بثقة الشعب ومن ثم النهوض بتركيا و تحقيق التحول الديمقراطى المنشود .

كما اتخذ حزب العدالة  والتنمية خطوات ذكيه ومناهج مدروسة للتمهيد نحو التحول الديمقراطى حيث نجح فى استخدام مفهوم الديمقراطية المحافظة ومفهومها الغامض حينما قرر إعادة تشكيل منظومة القيم فى تركيا وفقا لمنظور سياسى محافظ , كما أكد الحزب على عدم إلتزامه بالأيدلوجية الإسلامية و إلتزامه بالإطار السياسى العلمانى و بذلك يعد حزب العدالة والتنمية نموذجا ناجحا أثبت أن المشاركة السياسية والفرص المتاحة للأحزاب الإسلاميه يمكن أن تحدث تغير أسياسيا من الإسلاميه الي اللاإسلامية و يمكننا القول أن نظام الديمقراطية المحافظة التى استحدثها حزب العدالة و التنمية جعل الديمقراطية تتعدى فى نظر الحزب الانتخابات ونزاهتها والبرلمانات وقدسيتها إلي تنشيط دور المجتمع المدني واحترام الحريات وضمان الحق في الاختلاف والمشاركة وتوزيع السلطات وهي المبادئ العامة للديمقراطية المحافظة التي يسعي الحزب إلي تحقيقها فقد رأوا أن الواقع القائم يحتاج الي التكيف والتوافق والعمل علي إصلاحه ولذا استطاع العدالة والتنمية أن يغالب العسكر وينازعهم عبر تبنيه لاستراتيجية دخول الاتحاد الأوروربي  واستراتيجية اصلاح اقتصادي قريبة من الليبرالية الجديدة[78].
وبالتالي ومع تصويت البرلمان التركي علي موعد 3نوفمبر 2002 لإجراء الانتخابات بدأ العمل داخل الحزب لصياغة برنامجه الانتخابي وساهم عدد من المتخصصين في وضع وثيقة الحزب وصدرت بإسم كل شئ من أجل تركيا فيها تم شرح ما وصل إليه حال البلاد وأيضا ما قدم رؤية الحزب لتفسير ذلك وطرح تصورات للحلول التي يراها مناسبة لمشكلات المواطنين .

الجهود المبذولة في المجال السياسى والاقتصادى :

  • اعتمد الحزب على سياسة التغيير الشامل وبرنامج التغريب للأعراف والتقاليد التركية وقاموا بتغيير المفاهيم الأساسيه مثل مفهوم الدين ونمط الحياه والثقافة والتعليم والحياة الاجتماعية .
  • قد استطاع حزب العدالة والتنمية تصفية الأوليجاركية العسكرية والمدنية والسياسية والاقتصادية وتحطيم بنيتها بعد مجيئها للحكم في 2002 وجعل السلطة في يد الشعب وقطع مسافه كبيره في طريق إقرار الديمقراطية والمشاركة وكان الهدف الأساسي الذي حققه هذا الحزب يكمن في إيجاد تنظيمات اقتصادية وسياسية وتشريعية ومؤسسية داعمة للتحول الديمقراطي وذلك إلي جانب دعم الحراك المجتمعي والارتقاء بالكتل السكانية التي لم تحظ بالرعاية وإشراكها في القرارات الاقتصادية والسياسية . فقد كانت العشر سنوات الأخيرة مرحلة التغير بالنسبة للتجربة السياسية التركية في الفترة مابين عامي 2002-2012 أما المرحلة من (2013-2023) سوف تكون مرحلة التحول الديمقراطي وأهم مجالات التحول المنظم والممنهج هي حملات التحول السياسي والاقتصادي .[79][80]
  • أنهى حالة الفساد السياسي والمالي والانعزال الوجداني من العمل الاجتماعي فلم يكن هناك حزب يستطيع الحصول علي ثقة غالبيه الأتراك وتشكيل الحكومة بمفرده لكن العدالة والتنمية استطاع أن يملأ الفراغ الذي كان موجود قبله ومنذ توليه الحكم في عام 2002 إلا أن استطاع تحقيق الاستقرار السياسي لأن قاعدته الشعبية ونجاحاته البرلمانية والرئاسية وفرت له ذلك ويشمل التحول السياسي التحول الدستوري والتشريعي والمؤسسي حيث يلزم لتحقيق التحول السياسي إلغاء كافة الوصايا التي ألحقها انقلاب الثاني عشر من سبتمبر 1980 وجميع الانقلابات التي سبقت النظام وعلي رأسها يأتي جميع عناصر الوصاية المعادية للديمقراطية التي تمت في التشريعية والمؤسسية في مقدمتها الدستور والقانون ونظام الانتخاب واللائحة الداخلية لمجلس الأمة.
  • حيث شهد دستور 1982 أربعة عشر تعديلا منذ تولي حزب العدالة والتنمية للسلطة تركزت في غالبها علي تعزيز وترسيخ الحقوق والحريات الأساسية وتطوير وتوطيد الديمقراطية في البلاد وفيما يلي عرض لأهم التعديلات الدستورية[81]:
    – في 7مايو 2004 تم إلغاء عقوبة الإعدام ومحاكم أمن الدولة كما تم الحكم بعدم جواز مصادرة المعدات الإعلاميه ومنع تداولها لضمان حرية الصحافة ,وأيضا أصبحت أولوية للاتفاقيات الدولية المبرمة عند تنازعها مع التشريعات الوطنية وهكذا أصبحت الاتفاقيات الدولية المبرمة في مجال الحريات وحقوق الانسان أولي بالتنفيذ وتعلو علي التشريعات الوطنية .

    • في 29 اكتوبر 2005 تمت زيادة سلطات المجلس الوطني الكبير وديوان المحاسبة الذي يمارس الإشراف بإسمه علي الميزانية .
      – في 13 أكتوبر 2006 تم إجراء تعديل في الدستور بشأن تخفيض السن الذي يؤهل للترشيح للنيابة من 30عام الي 25عام.
      – مايو 2007 تم إضافة مادة مؤقتة للدستور تنص علي أن تتضمن قسيمة الاقتراع المشتركة أسماء المرشحين المستقلين في أول انتخابات عامة.
      – في 31 مايو 2007 تم الموافقة علي إجراء انتخابات المجلس الوطني الكبير كل أربع سنوات.
      نصاب عقد جلسات المجلس الوطني الكبير هو ثلث إجمالي الأعضاء في كافة الأعمال بما فيها الانتخابات حيث تقرر أيضا أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة من بين أعضاء المجلس الوطني الكبير ممن أتموا الأربعين من عمرهم ويحملون شهادة دراسية عليا أو من بين الأتراك الذين يحملون نفس الصفات والمؤهلين للإنتخاب نوابا .
      وتمثل انتخابات 2007 تأكيدا لصحة النهج المتبع من قبل حزب العدالة والتنمية ومباركة الشعب التركي للمسار السياسي الذي يقوده الحزب والذي من خلاله استعادت تركيا دورها وقوتها التاريخية .
    • من الناحية الاقتصادية :
      مر الاقتصاد التركي بمرحلة تحول كبيرة طيلة السبع سنوات التي وقعت في الفترة ما بين الأزمة الاقتصادية الداخلية عام 2001 والأزمة الاقتصادية العالمية 2008 وكان من نتائج هذا التحول زيادة الناتج القومي بين عامي2002و2008 من 300مليار دولار الي 750مليار دولار بمعدل نمو بلغ 6,8 % في متوسطه ,فضلا عن ما تحقق من انخفاض معدلات التضخم والزيادة المضطره في حجم الاستثمارات وبذلك احتلت تركيا المركز ال16 في اقتصاديات العالم في عهد جزب العدالة والتنمية .
      ففي فبراير 2001 دخلت تركيا في دوامة أكبر أزمة اقتصادية منذ عهد الجمهورية وانقلبت كافة الموازين وعينت الحكومة رئيس المصرف الدولي وزيرا للدوله للشؤون الاقتصادية وتم الحصول علي بعض القروض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ولكن بعد تولي حزب العدالة والتنمية الحكم بدأت خطط الاصلاح الاقتصادي المتبعة من قبل الحكومة في جني ثمارها.
      والجدير بالذكر أن عام 2003 علي وجه الخصوص قد شهدت استقرار سياسي وتطبيق للمعايير التي أهلتها للانضمام للاتحاد الأوروبي حيث سجلت تركيا معدلات نمو هي الأعلي علي المستوي الأوروبي والثالث علي المستوي العالمي بعد الصين والهند و زيادة معدل النمو في تركيا مقارنة بالاتحاد الأوروبي .
      كما تعود زيادة معدلات النمو في تركيا بعد عام 2003 إلي الاعتماد علي القطاع الخاص التي اهتمت به حكومة حزب العدالة والتنمية وسعت جاهدة إلي حل مشاكله ومن أبرز نتائج هذه السياسة خلال الفتره (2003-2008) :[82]
      -ارتفاع معدل الاستثمار إلي أربعة أضعاف ونصف ومضاعفة حجم الأنتاج .
      – ارتفاع معدل استخدام رؤوس الأموال من 75%الي 80%.
      – ارتفاع معدلات استثمار القطاع الخاص بنسبه 300%أما استثمارات القطاع الحكومي بلغت 100%.
      – ارتفاع نسبة الاستهلاك في هذه الفتره لتبلغ 39%في القطاع الخاص و22%في القطاع الحكومي.
      وبالتالي نلاحظ أن القطاع العام ترك السوق للقطاع الخاص حيث بلغ حجم استثمارات القطاع الخاص خلال عام 2002 الي 20,6%مليار دولار ,وارتفعت في 2006 لتبلغ 67%, أما بالنسبة للإستثمار فقد بلغ ما نسبته 25% محققاً أعلي المستويات , كما ازدادت أيضا إنتاجية العامل التركي خلال هذه الفترة نتيجة تحسن بيئات العمل وأيضا في قطاع الزراعة حدث تحسن إلا إنه في عام 2007 شهد تراجعاً بسبب الجفاف الذي تعرضت له البلاد وفي عام 2008 عاد مرة آخري وحقق نموا ملحوظا بالنسبة للقطاعات الآخري.
    • وبعد قراءة سياسات حزب العدالة والتنمية السياسية والاقتصادية يبدو أن أردوغان يفضل أن يركز مسيرته نحو التغيير علي أهمية الحفاظ علي القيم ومكتسبات المجتمع أكثر من الحفاظ علي المؤسسات كما أنه لا يحب اختزال الديمقراطية في مجرد عملية الانتخابات والمؤسسات المرتبطة بها ولكنه يريد أن تمتد ممارستها إلي جوانب الحياة الاجتماعية, فلكي تتحقق الحريات والحقوق الأساسية يلزم ترسيخ الديمقراطية مع العلمانية.
    • إصلاحات فى مجال العلاقات المدنية العسكرية :
    • منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002، هدفت حكوماته إلى تقليص سلطة الجيش في السياسة من خلال إجراء تغيرات قانونية ومؤسسية. وكان بدايتها ، إصلاحات الاتحاد الأوروبي التي قامت بها حكومة حزب العدالة والتنمية أفقدت الجيش آلياته الرسمية, ثانيًا: نتيجة لمحاكمات أرغنكونو المطرقة فقد ضباط الجيش مصداقيتهم بسبب اتهامهم بالتخطيط للانقلاب علي الحكومة وأيضا فقدت آلياتها الغير رسمية مثل: الخطب العامة .
    • التعديلات الدستورية لعام 2010 التي حدت من اختصاص المحاكم العسكرية، وألغت حق الجيش في القيام بعمليات أمنية داخلية من دون الحصول على موافقة من السلطات المدنية والإشراف المدني على النفقات العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، عدلت الحكومة مؤخرًا المادة 35 من قانون الخدمة الداخلية التي تمنح القوات المسلحة الحق في التدخل في مواجهة التهديدات الداخلية كالإرهاب.
    • الإصلاحات المتعلقة بالانتخابات :
      حدثت تغيرات مهمة علي الساحة الداخلية التركية فرجب طيب أردوغان الذي تم انتخابة لما يقرب من 12 عام كرئيس للوزراء تم انتخابه الي مقعد الرئاسة ليكون الرئيس الثاني عشر في تاريخ الجمهورية والأول الذي يتم انتخابه بإقتراع مباشر بعد أن كان رئيس الجمهورية يتم انتخابه من البرلمان, ويري بعض المحللين أن هذه الخطوة تمهيد لتغير شكل النظام السياسي في تركيا ليتحول من النظام البرلماني إلي النظام الرئاسي حيث شهدت تركيا خلال شهر أغسطس 2014 أول انتخابات رئاسية شارك فيها المواطنين لاختيار رئيس الجمهورية بشكل مباشر منذ إعلان الجمهورية عام 1923.
    • حدد دستور حزب العدالة والتنمية مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية والتي تضمن تعيين رئيس الوزراء والوزراء المقترحين ,التصديق علي الاتفاقيات الدولية ,ترأس مجلس الأمن القومي ومجلس الوزراء ,التوقيع علي القرارات والمراسيم الدولية , طرح التعديلات الدستورية للاستفتاء عليها .أما بالنسبة لرئيس مجلس الوزراء يتم تعينه من قبل رئيس الجمهورية غالبا يكون من الأغلبية البرلمانية .
    • فيما يتعلق بالإصلاحات الدستورية :
      قامت حكومة حزب العدالة والتنمية بتعديل بعض مواد الدستور لتوطيد دعائم الديمقراطية حيث نصت علي[83] :
      – إجراء انتخابات المجلس الوطني التركي الكبير كل أربعة سنوات بدلا من خمس سنوات .
      – انتخابات رئيس الجمهورية تتم مباشرة من قبل الشعب ومن بين أعضاء المجلس الوطني التركي ويكون حاصل علي شهادة جامعية ولا يقل عمره عن أربعين عام.
      – تكون مدة ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات بدل من سبع سنوات ولمدتين علي الأكثر
      – زياده عدد أعضاء المحكمة الدستورية من 11 عضو الي 17 عضو ويتم اختيارهم من قبل المجلس الوطني التركي ورئيس الجمهورية بدلا من تعينهم من قبل المؤسسة العسكرية.
      – زياده أعضاء مجلس القضاء الأعلي من 7 أعضاء الي 22 عضو ويتم اختيارهم بنفس طريقة اختيار أعضاء المحكمة الدستورية.

ومن هنا تتضح جهود حزب العدالة والتنمية حول دعم التحول الديمقراطى من اتخاذ عدة اصلاحات في البرامج المختلفة سواء كانت تشريعية أو سياسية أو اقتصادية أو غيرها مما ينعكس جلياً في وضع تركيا الأن حيث يعيش الأتراك حالا أفضل بكثير مما كانو عليه سابقا في ظل دولة قوية ذات سيادة و ديمقراطية في آن واحد و يترك حزب العدالة و التنمية مثالا بارزا فى كيفية الإدارة الناجحة والعمل المثمر والنهوض بالبلاد .

المبحث الثاني: الرؤية المستقبلية لدور حزب العدالة والتنمية في النظام السياسي

تتعدد الأسباب التي يمكن الإشارة إليها كمحددات للتراجع الواضح في أعداد الناخبين المؤيدين لسياسات حزب العدالة والتنمية وزعمائه، ويمكن تلخيص هذه الأسباب فيما يلي:

–    أردوغان (أو أفول المايسترو).

–    التباطؤ الاقتصادي وازدياد نسب البطالة والفساد.

–    الصعود المفاجئ للمرأة سياسيًا.

–    موقف الحزب من الأكراد والأقليات.

–    تصاعد دور المرأة في الانتخابات .

مما يقودنا لنتوقع عدة سيناريوهات محتملة لحزب العدالة والتنمية منها :

السيناريو الأول: تحالف الغريمين .

هو أقوى التحالفات جلبًا لمقاعد أكثر في البرلمان نحو 394 عضوًا، أي تحقيق أغلبية شبه مطلقة.

وفي نفس الوقت هو أصعب ائتلاف يمكن أن يقوم به حزب العدالة نظرًا لوجود خلافات جوهرية واسعة بين الحزبين فحزب الشعب علمانى التوجه وسعيه نحو إعادة إنتاج نظام كمال أتاتورك، وإذا تحالفا فسوف يشوه هذا كلا الحزبين، ولكن العدالة أكثر من حيث كونه حزبًا إسلاميًا.

كما أن أردوغان سبق أن سبّ زعيم حزب الشعب ووصم الحزب كله بأنه حزب الكفرة والمثليين.

ولكن هذا الائتلاف إن حدث يضمن استقرارًا ديمقراطيًا لتركيا، وسوف ينال دعمًا دوليًا واسعًا، وتأييدًا من رجال الأعمال، كما يمكن أن يتمخض عنه تقدم مسيرة السلام مع الأكراد، وتطبيق توجهات حزب الشعب الرامية إلى إعادة النظر في المنظومة القضائية وفق معايير الجودة والجدارة.

ومن ناحية أخرى فإن مثل هذا التحالف يمكن أن يوفر لحزب العدالة غطاءً لمواجهة جماعة فتح اللـه غولن … فاللافت للنظر أن حزب الشعب ومعه حزب الحركة رغم علمانيته قد رشح كمال الدين إحسان أوغلو الشخصية الإسلامية المحترمة والمقدرة دوليًا ومحليًا لرئاسة الجمهورية في مواجهة أردوغان، وهو ما يدل على استعداد كامل من حزب الشعب لتقديم تنازلات مقابل حصوله على السلطة .

ويرى الصحفي “علي بيرم أوغلو” في صحيفة ينى شفق (فجر جديد) أنه لنجاح هذا السيناريو يلزم توافر ستة شروط هي:

1-على حزب الشعب الجمهوري التخلص من هواجس الانتقام أو محاسبته العدالة على 13 عامًا سابقة.

2-عدم إصرار حزب الشعب الجمهوري على رئاسة الحكومة أو شرط ترأسها فيما بعد.

3- تغيير سياسة حزب العدالة في مكافحة الفساد وقبوله بتحويل الوزراء الأربعة المتهمين بقضايا فساد إلى الديوان الأعلى في البرلمان لمحاسبتهم إن ثبتت عليهم التهمة.

4- أن تحل الأزمات التي تحدث في أى مكان ضمن المؤسسة دون تدخل من الأطراف الخارجية، وهذا يضع رئيس الجمهورية في مكانه الأصلي ويكشف عن نيته الإصلاحية.

5- أن تحافظ هذه الحكومة الائتلافية على سير عملية السلام.

6- يجب صياغة السياسة الخارجية لتركيا بأسلوب جديد، ولكي تصل إلى التوازن المعقول لابد من البحث عن النقاط المشتركة بدلًا من نقاط الاختلاف .

السيناريو الثاني: القمة والقاع:

ويؤسس هذا السيناريو على قيام ائتلاف بين الحزب الأكبر (حزب العدالة) والحصان الأسود (حزب الشعوب الديمقراطي الكردي) وفي حالة قيام هذا السيناريو سيصبح مجموعة المقاعد 339 مقعدًا.

–    سيزيد من أزمات الهوية داخل تركيا.

–    سيحدث تعقيد في الحوار بينهما .

باعتبار أن المعارضة القومية (حزب العدالة) واليسارية (حزب الشعب الجمهوري) سوف تصعد من رفضها لهذا الحوار في الشارع قبل البرلمان.

مما “يجذر الاستقطاب القومي” واضطرار حزب العدالة إلى المضي قدمًا مع حزب الشعوب الديمقراطي في محادثات السلام المفجرة للاستقطاب.

ومن جانب آخر يمكن تصور حدوث صراعات داخلية غير محسوبة بين “ديكة الحزبين” أي بين أردوغان (ذي الكاريزما الطاغية)، وديميرطاش الفصيح اللبق والشاب المتمرد (أوباما تركيا).. الأمر الذي قد يقود إلى صراع لا ينهيه سوى انتخابات مبكرة.

تزايد الصراعات في العلاقات الخارجية لتركيا، وفي مقدمتها: القضية السورية وما يتصل بها من لاجئين، ومسألة التدخل التركي في سياسات الدول المحيطة بدءًا من سوريا عبورًا بالعراق وانتهاءً بمصر.

وسيناريو مثل هذا سوف يدعم العلاقات بين الاتحاد الأوربي وتركيا نظرًا لأنه يعطي صورة عن التفات حزب العدالة للأقليات .

السيناريو الثالث : تشكيل حكومة أقلية:

وهذا السيناريو مؤسس على إصرار حزب العدالة والتنمية على كونه الفائز في الانتخابات ولا يعلم أنه نصر بطعم الهزيمة على أن وجود حكومة أقلية من حزب واحد مهما كان سيزيد من طلبات حجب الثقة عليها وتعطيل قدرتها على إدارة الأمور والشئون العامة ويجعل الحكومة غير مستقرة ومستهدفة بشكل علني من جانب أحزاب المعارضة .

مما يهدد بسقوطها سريعًا وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة أو حدوث انزلاقات فوضوية تشابه ما حدث في العقود الأخيرة من القرن الماضي والمؤشرات تدل على رغبة الحزب في هذا السيناريو رغم إدراكه لمخاطر هذا البديل.

السيناريو الرابع : الانتخابات المبكرة:

سيكون حزب العدالة هو المرشح للدعوة إليها حتى يكسب بهذه المبادرة فكرة خطأ المواطن التركي لتسرعه في الاقتراع لحزب المعارضة على حساب الاستقرار الاقتصادى والسياسى الذي ضمنه الحزب لمدة 11 سنة تقريبًا .

فالهدف يصبح محاولة تحميل أحزاب المعارضة مسئولية عدم تشكيل حكومة خلال المهلة الدستورية المقررة 45 يومًا.

وعلى أقل جعل الناخب التركي يستعيد وعيه ويدرك خطأه ويعود إلى صوابه ويدعم حزب العدالة الحكومة الحالية من أجل الخروج من أزمة اقتصادية قادمة .

وأخيرًا إدراك حزب الحرية أن باقى الأحزاب المعارضة لن تمتلك القوة الاقتصادية والزمنية لحملة انتخابية جديدة في حين أن حزب العدالة يستخدم إمكانات الدولة في الدعاية. وهذا السيناريو هو رهان حزب العدالة حيث يمهد لذلك بقبول تشكيل حكومة أقلية ثم يصدر من خلالها قرار الانتخابات البرلمانية المبكرة وإجراء الانتخابات من جديد . وأن تقوم حكومة حزب العدالة بتسيير مهامها خلال الفترة حتى إجراء الانتخابات.

السيناريو الخامس :   

وهو سيناريو مستبعد في الوقت الحاضر ولكن هناك احتمالية لحدوثه في حالة حدوث انزلاقات فوضوية نتيجة الائتلافات الحزبية والتي قد تأتي بتصدامات مقلقة كما حدث في ثمانينيات القرن الماضي. وفي هذا السيناريو نرجح قيام قادة الجيش، كما حدث أثناء الحكومات الائتلافية بالقيام بانقلابات عسكرية وتعود تركيا لوضع الأزمة من جديد واحتمالات هذا السيناريو رغم تواضعها فإنها ممكنة ولاسيما بعد التحولات الأخيرة في المنطقة.

خاصة بعد ظهور عدة انقلابات عسكرية في الفترة الأخيرة التي كادت أن تطيح بالنظام الحاكم لولا السيطرة عليها .

إذا لم يستطع حزب العدالة والتنمية تشكيل أي تحالف مع أحد الأحزاب الأخرى فإنه من الممكن سواء من خلال تحالف الأحزاب الثلاثة الأخرى في البرلمان وهي حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي لتشكيل الحكومة أو من خلال  قرار من داخل العدالة والتنمية بتعليق المشاركة في الحكومة.

1- تشكيل الأحزاب للحكومة يبدو هذا الاحتمال بعيد المدى وخصوصًا للخلافات الكبيرة بين رؤى الأحزاب المشاركة في هذا التحالف وخصوصًا حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، ولكن قد يجتمع الأحزاب الثلاثة في مواجهة حكومة العدالة والتنمية وإن كان هذا الاحتمال بعيدًا كما ذكرنا.

2- قد يلجأ حزب العدالة والتنمية إلى عدم التحالف مع أي حزب وترك المجال للأحزاب الثلاثة في تشكيل تحالف باعتقاده قد يكون تحالف ركيك وغير قادر على الاستمرار والذي سيعني اللجوء إلى انتخابات برلمانية مبكرة أو إعادة تشكيل حكومة بقيادة العدالة والتنمية بالاشتراك مع أحد الأحزاب الأخرى.

3- الاحتمال الأكثر صعوبة: فشل جميع الأحزاب في تشكيل الحكومة أو إفشال حزب العدالة والتنمية عملية إنشاء الحكومة مما سيستدعي بعد 45 يوم من إعلان نتائج الانتخابات قرارًا من رئيس الجمهورية باللجوء لانتخابات مبكرة .

الخاتمة:

لقد رأينا تركيا ما بين الماضي والحاضر وشهد العالم على تطور ونمو تركيا وموقفها ازاء القضايا الدولية ومكانتها في العالم، وكيف أثر حزب العدالة والتنمية في تطور تركيا، ونقل تركيا من مستويات متدنية سياسياً واقتصادياً إلى مصاف الدول المتقدمة.

فاينما وجدت الأرادة الشعبية والحكم القوى، وُجدت النهضة والتنمية، فالحكومات التي تضع خططاً للحكم وتسير خطوة بخطوة نحو الأصلح لمجتمعها وشعبها هي التي تنتصر في النهاية وتنهض بشعبها وتضعه في مصاف الدول المتقدمة في شتى المجالات.

ولقد تناولنا خلال هذا البحث دور حزب العدالة والتنمية في عملية التحول الديمقراطي في تركيا، وذلك من خلال تقسيمه إلى ثلاث فصول ، حيث تناولنا في الفصل الأول

الأحزاب وعملية التحول الديمقراطي من خلال اطار نظري ومفاهيمي، وفي الفصل الثاني دور حزب العدالة والتنمية في النظام السياسي من حيث الانتخابات والمحليات ودوره في العلاقات المدنية العسكرية، في حين القى الفصل الثالث الضوء على جهود الحزب في دعم التحول الديمقراطي وايضاً الرؤية المستقبلية للحزب في النظام السياسي التركي.

وقد اختتمت الدراسة بعدد من النتائج وذلك على النحو التالي:

النتائج:

  • إن لحزب العدالة والتنمية دوراً فعالاً ومحورياً في عملية التحول الديمقراطي، ويتضح ذلك من خلال عدة مؤشرات من ضمنها: (التشريعات الخاصة، حرية التعبير والرأي) حيث تم إلغاء القرارات الخاصة بمصادرة الصحف المطبوعة في 31 ديسمبر عام 2012، مع تفعيل ما يُسمى مقال الحريات، بمعنى وجود قضاة مسئولين عن الحريات والقضايا الخاصة بالاعتقال والتحري والتنصت على المكالمات.
  • استحوذ حزب العدالة والتتنمية على عرش الحياة السياسية ويتضح ذلك من خلال تحليل نتائج الانتخابات البرلمانية التركية للأعوام السابقة، ومن خلال فرز أصوات الناخبين التركيين.
  • للقيادة السياسية التركية الرشيدة دورا هاما في جعل تركيا في مصاف الدول الشاهدة لتحولات جذرية في النظام السياسي فإعطاء الأتراك أصواتهم لحزب العدالة والتنمية عام 2002 سبب رئيسي منه نجاح أردوغان في تجربة المحليات في بلده أسطنبول .
  • مقدرة حزب العدالة والتنمية ومقدرة أردوغان في إدارة البلاد وفرض سيطرتهم على المؤسسة العسكرية وترويضها، بدهاء سياسي. بما في ذلك مخاطر على الحزب فالمؤسسة العسكرية لم يفرض أحد سيطرته عليها حتى وإن لم تكن سيطرة كاملة وتمثلت تلك المخاطر في محاولة انقلاب 15 يوليو 2016 والتي بائت بالفشل نتيجة رفض الشعب حكم عسكري أخر ورفعهم لراية المدنية واصطفافهم نحوها.
    ولكن من الواضح أن الحزب يعتزم من خلال قيادته الحد القوي من نفوذ المؤسسة العسكرية بشكل كبير وواضح. ولكن من غير المعلوم خاصة بعد استفتاء ابريل 2017 هل سيظل الحزب متواجدا ام أن المؤسسة العسكرية ستحاول الإطاحة به كما فعلت مراراً وتكراراً؟!
  • بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية التركية في 14 أبريل 2017 وكانت النتيجة بنعم وقد تغير شكل النظام السياسي من شبه رئاسي إلى رئاسي مع وجود صلاحيات أكبر لرئيس الجمهورية مثل طلب تعديل الدستور وحل البرلمان ومناقشة الميزانية العامة وإعلان حالة الحرب والطوارئ مع إلغاء منصب رئيس الوزراء واستحداث منصب نائب رئيس الجمهورية بصلاحيات محدودة ليشبه في ذلك النموذج الأمريكي.
  • وعي المواطن التركي بأن العلمانية ليست منهجية وفشلها في تحقيق أمنه الاقتصادي والسياسي.
  • سعي حزب العدالة والتنمية مع كل دورة انتخابية برلمانية تجديد إستراتيجية لاستيعاب كافة المواطنين الأتراك وأغلب القضايا مثل قضية الأكراد ورغبة تركيا في دخول الاتحاد الأوروبي.
  • نجاح أردوغان في تجربة المحليات في بلدة إسطنبول أعطى ثقل لحزب العدالة والتنمية منذ وجوده على الساحة السياسية التركية عام 2002.

قائمة المراجع

المراجع العربية :

أولاً : الكتب العربية

  1. أحمد.فيروز , صنع تركيا الحديثة , بغداد , بيت الحكمة , 1995
  2. الكاظم.صالح جواد و العاني.علي عالب , الأنظمة السياسية , العراق , جامعة بغداد , 1990
  3. بدوي.ثروت , تطور الفكر السياسي والنظرية العامة للنظم السياسية , القاهرة , دار النهضة العربية , 1970
  4. حسين باكير.علي وآخرون , تركيا بين تحديات الداخل و رهانات الخارج , قطر , مركز الجزيرة للدراسات , 2010
  5. درويش.إبراهيم , القانون الدستوري : النظرية العامة , القاهرة , دار النهضة العربية , 1996
  6. شاكر.محمد , تاريخ تركيا الحديثة , بيروت , المكتب الإسلامي , 1990
  7. عبدالجليل.طارق , الحركات الإسلامية في تركيا المعاصرة , القاهرة , جواد الشرق للنشر و التوزيع , 2001
  8. عبدالجليل.طارق , العسكر والدستور في تركيا من القبضة الحديدية .. إلي دستور بلا عسكر, القاهرة , دار نهضة مصر للنشر , 2012
  9. عبدالعزيز الخماش.رنا , النظام السياسي التركي في عهد حزب العدالة والتنمية 2002-2014 , الأردن , مركز دراسات الوحدة العربية , 2014
  10. علي.جمال سلامة , النظام السياسي والحكومات الديمقراطية , القاهرة , دار النهضة العربية , 2007
  11. محمد.عبدالعزيز و عوض الله , الحياة الحزبية في تركيا الحديثة , القاهرة , مركز الدراسات الشرقية , 2002
  12. نور الدين.محمد , تركيا في زمن المتحول , بيروت , دار رياض الريس , 1996
  13. نور الدين.محمد , تركيا الجمهورية الحائرة , بيروت , مركز الدراسات الإستراتيجية , 1998
  14. نور الدين.محمد , تركيا : الصيغة و الدور , بيروت , رياض الريس للكتب و النشر , 2007

ثانياً : الرسائل العلمية

  1. إبراهيم.أية , العلاقات المدنية العسكرية وأثرها علي مسار التحول الديمقراطي في تركيا 2002-2013 , رسالة بحثية , القاهرة , المركز الديمقراطي العربي , 2015
  2. أحمد المرسي.الصفصافي , الدين والسياسة في تركيا الحديثة والمعاصرة , رسالة دكتوراة , القاهرة : كلية الآداب , جامعة عين شمس , 1987
  3. أحمد عبدالله.مبارك مبارك , التغير في القيادة السياسية والتحول الديمقراطية في النظم العربية في التسعينيات , رسالة ماجستير , القاهرة : كلية الإقتصاد والعلوم السياسية , جامعة القاهرة , 2006
  4. السعيد حسين.كمال , الإسلام و الأحزاب السياسية في تركيا , رسالة دكتوراة , القاهرة : كلية الإقتصاد والعلوم السياسية , جامعة القاهرة , 2006
  5. رمضان مصطفي.ياسمين , هيكل الفرص السياسية والتكيف الحزبي : دراسة حالة حزب العدالة والتنمية في تركيا خلال الفترة من 2002 إلي 2007 , رسالة ماجستير , القاهرة : كلية الإقتصاد و العلوم السياسية , جامعة القاهرة , 2013
  6. عصام الدين.أسيل , صعود التيار الإسلامي في تركيا ومصر : الأسباب والأنماط والدلالات , رسالة ماجستير , القاهرة : كلية الإقتصاد والعلوم السياسية , جامعة القاهرة , 2015
  7. علي مصطفي.إبتسام , التحول الديمقراطي في تركيا في فترة ما بين 1990 و 2014 , رسالة ماجستير , القاهرة : كلية الإقتصاد والعلوم السياسية , جامعة القاهرة , 2007
  8. محمد صلاح.نشوي , نحو رفع الكفائة التنظيمية والتنفيذية للمجتمعات العمرانية الجديدة , رسالة ماجستير , القاهرة : كلية الهندسة , جامعة القاهرة , 2000

ثالثاً : الدوريات

  1. العلو.ساشا , تركيا: الانعطافة الخاطفة والتحول الكبير , مركز عمران للدراسات الاستراتيجية , 2016
  2. بهاء الدين.شيماء , خرائط القوي السياسية التركية , المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية ,2016
  3. بهنان.حنان عزو , موقع رئيس الجمهورية في صنع القرار في تركيا , مركز الدراسات الإقليمية , جامعة الموصل
  4. حسين رضوان. رضوي , العلاقات المدنية العسكرية والتحول الديمقراطي في تركيا في عهد حزل العدالة والتنمية 2002-2016 , المركز الديمقراطي العربي , 2016
  5. عبدالفتاح.بشير , تركيا : استفتاء بنكهة الانتخابات المبكرة , مجلة الديمقراطية , عدد 40 , 2010
  6. عبدالفتاح.بشير , تركيا : استمرار جمهورية حزب العدالة , مجلة الديمقراطية , 2017
  7. 7. عبدالقادر خليل.محمد , تركيا : عشر سنوات من حكم العدالة والتنمية , العربية , 2012
  8. عرفات.علاء الدين , النماذج والدروس: العلاقات المدنية العسكرية : مساهمة في وضع نموذج مصري , المركز العربي للبحوث والدراسات , 2016
  9. غسان الشبوط.محمد , تاريخ الانقلابات العسكرية في تركيا ما بين عام 1924-2016 والأخير باء بالفشل , المركز الديمقراطي العربي , 2016
  10. كاجابتاي.سونر , 7 أعوام من حكم حزب العدالة والتنمية الإسلامي , مجلة العرب الدولية , 2009
  11. مسلط.سعد عبدالعزيز , المشروع السياسي لحزب العدالة و التنمية في تركيا , مجلة دراسات إقليمية , 2008

رابعاً : المقالات

  1. زاهر.ضياء الدين , تركيا بعد الانتخابات إلي أين ؟ , المركز العربي للبحوث والدراسات , 2015
  2. زاهد غول.محمد , إشكاليات السياسة التركية : دكتاتورية أم دستورية ؟ , المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية , 2016
  3. زاهد غول.محمد , تجديد حياة الأحزاب السياسية في تركيا , مركز الروابط للبحوث , 2016
  4. صواش.نوزات , نتائج الانتخابات التركية : تداعيات و توقعات , جزيرة نت , 2004
  5. عرفات.محمود , قصة مندريس , موقع شباب الشرق الأوسط , 2012
  6. مرقص.سمير , تركيا الجديدة : التقدم يبدأ من المحليات , المصري اليوم , 2011
  7. مرقص.سمير , تركيا الجديدة : المحليات والشركات , المصري اليوم , 2011

خامساً : مواقع الإنترنت

  1. أردوغان يندد ب ” تمرد مجموعة صغيرة داخل الجيش ” , موقع يورونيوز , متاح علي الرابط التالي:

http://arabic.euronews.com/2016/07/16/turkey-push-alert-bridges

  1. الانتخابات التركية , متاح علي الرابط التالي : http://www.washingtoninstitute.org/r/policy-analysis/view/turkeys-elections-vote-of-confidence-or-game-changer
  2. التحول الديمقراطي في تركيا , مجلة الديمقراطية , متاح علي الرابط التالي : http://www.ahramdigital.org.eg/Policy.aspx?Serial=1087925
  3. العدالة التركي يفوز بنصف البرلمان , متاح علي الرابط التالي : http://www.aljazeera.net/news/international/2011/6/13/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a-%d9%8a%d9%81%d9%88%d8%b2-%d8%a8%d9%86%d8%b5%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b1%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%86
  4. العسكر والسياسة في تركيا “1-2” , موقع ساسة بوست , 2014

https://www.sasapost.com/4-military-coups-in-modern-turkey/

  1. العلاقات المدنية العسكرية في تركيا: هل انتهي عصر الانقلابات ؟ , موقع ن بوست, 2016

http://www.noonpost.org/content/11280

  1. الفيلم الوثائقي: تركيا..أول الانقلابات ” عدنان مندريس ” , 2016 , متاح علي الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=VhdaRVx8fy4
  2. تجديد حياة الأحزاب السياسية في تركيا , متاح علي الرابط التالي : http://rawabetcenter.com/archives/27981
  3. تركيا: ما الدوافع إلي الانقلاب ؟ وما أسباب فشله ؟ , موقع مونت كارلو الدولية , متاح علي الرابط التالي : http://www.mc-doualiya.com/articles/20160716-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%B1%D8%AC%D8%A8-%D8%B7%D9%8A%D8%A8-%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D9%8A
  4. صفحات من الانقلاب العسكري , تركيا بوست , 2014

http://www.turkey-post.net/p-3936/

  1. طيفوري.محمد , التحول الديمقراطي التركي : رؤية من الداخل , متاح علي الرابط التالي : http://minbaralhurriyya.org/index.php/archives/76709
  2. 12. علاقة أردوغان بالجيش .. أهم المحطات , موقع الجزيرة نت , متاح علي الرابط التالي : http://www.aljazeera.net/encyclopedia/events/2016/7/19/
  3. قصة أول انقلاب عسكري في تركيا: سر الغموض, تركيا بوست , 2015

http://www.turkey-post.net/p-47416/

  1. مسيرة تركيا خلال 12 عام: الحلقة الثانية والعشرين ” تعزيز الإدارات المحلية وتعزيز الديمقراطية محلياً ” , موقع ترك برس , 2015

http://www.turkpress.co/node/9499

  1. نيوز.ديلي , تركيا تحت حكم العدالة والتنمية أكثر مدنية ولكن هل أكثر ديمقراطية , معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني , متاح عل الرابط التالي : :http://www.washingtoninstatute.org/ar/po1

المراجع الأجنبية :

أولاً : الكتب الأجنبية :

  1. Huntington. Samuel, Political order in changing societies, New Haven & London, Yale University press, 1968
  2. Rabasa.Angel & Larrabee.Stephen, the Rise of Political Islam in Turkey, New York, 2008

ثانياً : المقالات الأجنبية :

  1. Acikel.Fethi, Mapping the Turkish political landscape through November 2002 Elections, Jornal of Southern Europe and The Balkans, 2003
  2. Cagaptay.soner, the November 2002 Elections and Turkey’s New Political Era, MERIA, 2002
  3. Dodd.C.H, the Development of Turkish Democracy, British journal of Middle Eastern Studies, 1992

 

[1]طارق عبدالجليل , الثورةالصامتة “حصادالتغيروالتحول الديمقراطي في تركيا (2002ـ 2012 ),الطبعةالثانية , 2013.

[2] ابتسام على مصطفى ,التحول الديمقراطى فى تركيا فى الفترة من 1990-2004 ,رسالة ماجستير, قسم العلوم السياسه , كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ,جامعة القاهرة ,2012.

[3] أ. قدير يلدريم، تركيا والتحول الوشيك نحو الشرق، مقال، موقع صدى تحاليل عن الشرق الأوسط.

[4]مصطفى غلام , ” التحول الديمقراطى فى افغانستان و العراق 2001, 2010 “من منظور مقارن  ,رسالة ماسجتير , قسم العلوم السياسية , كلية الاقتصاد و العلوم السياسية , جامعه القاهرة 2012.

[5] مروة محمد صبحى , أثر العلاقات المدنية العسكرية على التحول الديمقراطى دراسة مقارنة بين تركيا وأندونسيا, رسالة ماجستير , قسم العلوم السياسية , كليه الاقتصاد و العلوم السياسة , جامعه القاهرة , 2015 .

[6]حراش عفاف , ” تركيا وقضية الانضمام للاتحاد الأوربي في فترة حكم حزب العدالة والتنمية 2002-2011″,رسالة ماسجتير , قسم العلوم السياسية و العلاقات الدولية , كلية العلوم السياسة ,جامعه ابراهيم سلطان شيبوط ,2012.

[7] ملكاوي، عصام فاعور، تركيا وخيارات المستقبل الأستراتيجية، مقال، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.

[8]سارة حسن السيد , العلمانية و الأحزاب السياسية الإسلامية في تركيا : دراسة حالة حزب العدالة و التنمية 2001-2007 م, رسالة ماجستير, قسم العلوم السياسية , كليه الاقتصاد و العلوم السياسية , جامعه القاهرة ,2012.

[9] صموئيل هنتجون، النظام السياسي لمجتمعات متغيرة، ترجمة سامية فلو عبود، لندن “دار الساقي”، 1993.

[10] جمال سلامة علي، النظام السياسي والحكومات الديمقراطية، دار النهضة العربية، 2007

[11] صالح جواد كاظم، الأنظمة السياسية، 1990

[12]ثروت بدوي، تطور الفكر السياسي والنظرية العامة للنظم السياسية، دار النهضة العربية.

[13]محمد نور الدين، تركيا الجمهورية الحائرة، مركز الدراسات الاسترايجية، بيروت، 1998م.

[14]ابتسام علي مصطفى، التحول الديمقراطي في تركيا في فترة ما بين 1990 و2014، رسالة ماجستير، كلية اقتصاد وعلوم سياسية، جامعة القاهرة، 2007.

[15]

[16]اسيل عصام الدين، صعود التيار الإسلامي في تركيا ومصر الأسباب والأنماط والدلالات، رسالة ماجستير، كلية اقتصاد وعلوم سياسية، جامعة القاهرة، 2015م.

[17]ابراهيم درويش،القانون الدستوري النظرية العامة، دار النهضة العربية، 1996.

[18]CLEMENTY H Dodd ,Developments in Turkish democracy

[19]ياسمين رمضان مصطفي ، هيكل الفرص السياسية و التكيف الحزبي  دراسة حالة حزب العدالة و التنمية  في تركيا خلال الفترة 2002  2007 ، كلية اقتصاد و علوم سياسية ، جامعة القاهرة ، 2013

[20]رنا عبد العزيز، النظام السياسي التركي في عهد حزب العدالة والتنمية من2002-2014، مركز دراسات الوحدة العربية

2فيروز أحمد،صنع تركيا الحديثة، ترجمة سلمان الواسطي وحمدي الدوري،بغداد،بيت الحكمة،2000

[22]http://rawabetcenter.com/archives/27981

1د.الصفصافي أحمد المرسي , الدين والسياسة في تركيا الحديثة والمعاصرة , كلية الآداب, جامعة عين شمس , 1987 , ص206

[24]محمد شاكر : تاريخ تركيا الحديثة , المكتب اإلسالمي , بيروت , 1990 , ص 98

[25]طارق عبدالجليل السيد : الحركات اإلسالمية في تركيا المعاصرة , جواد الشرق للنشر والتوزيع , القاهرة , 2001 , ص89-90

[26]د . محمد نور الدين : تركيا في زمن المتحول , دار رياض الريس , بيروت , 1996 , ص57

[27]د . الصفصافي أحمد المرسي , مرجع سابق , ص 234

[28]د . محمد نور الدين , مرجع سابق , ص 63 – 64

[29]د . محمد نور الدين , مرجع سابق , ص 63 – 64

[30]Faziletparties (online) available: http://www.enfaldadafoziletsecimleriorfaziletlideri.yahoo.com

[31] Akpartorozgurpoliticorecaptayyiperdogan,onlineavailable: http://www.yahoo.com

[32]سعد عبدالعزيز مسلط , المشروع السياسي لحزب العدالة والتنمية في تركيا , مركز الدراسات الاقليمية , كلية العلوم الإسلامية

[33] محمد زاهد جول , صحيفة القدس العربي .

[34]حنا عزو بهنان , موقع رئيس الجمهورية في صنع القرار في تركيا , مركز الدراسات الإقليمية , جامعة الموصل .

[35] بشير عبدالفتاح  ,تركيا‏..‏استمرار جمهورية حزب العدالة , مجلة الديمقراطية .

[36] نوران صواش، نتائج انتخابات 2002 التركية- تداعيات وتوقعات، جزيرة نت ،13 أكتوبر2004م.

[37]مبارك مبارك أحمد عبدالله ,التغير فى القيادة السياسية والتحول الديمقراطى فى النظم السياسية العربية فى التسعينات , جامعة القاهرة ,كلية الأقتصاد,2006.

[38]مرجع سابق .

[39] تركيا عشر سنوات من حكم العدالة والتنمية , العربية , 2012 .

[40] رنا عبدالعزيز الخماش , النظام السياسي التركي في عهد حزب العدالة والتنمية , 2002 – 2014

[41]سعد عبدالعزيز مسلط , المشروع السياسي لحزب العدالة والتنمية في تركيا , مرجع سابق .

[42]ياسمين رمضان مصطفى، هيكل الفرص السياسية والتكيف الحزبي، دراسة حالة حزب العدالة والتنمية في تركيا ( خلال الفترة 2002-2007)، رسالة ماجستير، كلية اقتصاد وعلوم سياسية جامعة القاهرة 2013

[43]Rebase, larrabee:the raise of political Islam, new York Rutledge 2008

[44]محمد نور الدين، الصياغة والدور (العلمانية) دار الريس للكتب والنشر، بيروت لبنان، 2008

[45]Fathi.acikel,mappinj the Turkishpolitical land scape throw November 2002 elections, journal of southern Eurbe and Balkans, august 2003

[46]، اقتصاد وعلوم سياسية جامعة القاهرة 2006 كمال السعيد حسين، الإسلام والأحزاب السياسية في تركيا

[47]محمد سعيد أبو العزم، لماذا نجحتم أيها الاتراك؟، مركز القاهرة للدراسات التركيا

[48]Soner eagabtay, the November 2002 elections and turkey’s new political era, meria, December 2002

http//meria:idc.as.il/journal/2002/issue4/jv6n4a6.html

[49]عبد العزيز محمد عوض، الحياة الحزبية في تركيا الحديثة، مركز الدراسات الشرقية جامعة القاهرة، 2004

[50]هدى الحسيني، تركيا (عين أردوغان على الرئاسة)، صحيفة الشرق الأوسط، إبريل 2006

[51]بشير عبد الفتاح، استفتاء بنكهة الانتاخبات المبكرة، مجلة الديمقراطية، العدد 40، اكتوبر 2010

[52] http://www.aljazeera.net/news/international/2011/6/13/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a-%d9%8a%d9%81%d9%88%d8%b2-%d8%a8%d9%86%d8%b5%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b1%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%86

[53]http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/2015/11/01/%D8%A8%D8%AF%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%B4%D8%AD%D9%88%D9%86%D8%A9.html

شيماء بهاء الدين, بحث بعنوان: خرائط القوي السياسية التركية, المعهد المصري للدراسات السياسية , 2016,ص16[54]

سمير مرقص, مقال بعنوان: تركيا الجديدة: التقدم يبدأ من المحليات , المصري اليوم , 2011[55]

سمير مرقص, المرجع السابق[56]

موقع ترك برس, مقال بعنوان: مسيرة تركيا خلال 12 عام: الحلقة الثانية والعشرين , 20152

موقع ترك برس, مرجع سابق[58]

سمير مرقص, مقال بعنوان: تركيا الجديدة: المحليات والشركات , المصري اليوم , 2011[59]

نشوي محمد صلاح, نحو رفع الكفائة التنظيمية والتنفيذية للمجتمعات العمرانية الجديدة, رسالة ماجستير, 2000, ص95[60]

[61] أية ابراهيم ابراهيم عطاالله، العلاقات المدنية العسكرية وأثرها على مسار التحول الديمقراطي في تركيا (2002- 2013)، رسالة بحثية، المركز الديمقراطي العربي.

[62]…..، العلاقات المدنية العسكرية في تركيا: هل انتهى عصر الأنقلابات؟، مقال، موقع ن بوست، 16 ابريل 2016. http://www.noonpost.org/content/11280

[63] ……، العسكر والسياسة في تركيا “1-2″، مقال، موقع ساسة بوست، 28 مايو 2014م.

https://www.sasapost.com/4-military-coups-in-modern-turkey

[64]الفيلم الوثائقي: تركيا.. أول الأنقلابات “عدنان مندريس”، المشاهدة 2\4\2017 الوقت 12.24 م.

https://www.youtube.com/watch?v=VhdaRVx8fy4

[65] محمود عرفات، قصة مندريس، مقال، موقع شباب الشرق الأوسط، 29 يوليو2012م.

http://ar.mideastyouth.com/?p=17383

[66] ….. ، قصة أول انقلاب عسكري في تركيا: سر الغموض، مقال، تركيا بوست، 27 مايو 2015م.

http://www.turkey-post.net/p-47416

[67] محمد غسان الشبوط، تاريخ الأنقلابات العسكرية في تركيا ما بين عام (1924- 2016) والأخير باء بالفشل، ورقة بحثية، المركز الديمقراطي العربي، 2016.

[68] ….، صفحات من الأنقلاب العسكري 1980م، تقرير، تركيا بوست، 12 سبتمبر 2014م.

[69]http://orient-news.net/ar/news_show

[70] د/طارق عبدالجليل، العسكر والدستور في تركيا من القبضة الحديدية.. إلى دستور بلا عسكر، الطبعة الثانية يناير 2013، دار نهضة مصر للنشر.

[71] رضوى حسين رضوان محمود، العلاقات المدنية العسكرية والتحول الديمقراطي في تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية (2002-2016)، دراسة بحثية، المركز الديمقراطي العربي.

[72] …..، العلاقات المدنية العسكرية في عهد حزب العدالة والتنمية: التطورات والتحديات الرئيسية، مجلة رؤية تركية.

[73] د/علاء الدين عرفات، النماذج والدروس: العلاقات المدنية العسكرية، مساهمة في وضع نموذج مصري، دراسة، المركز العربي للبحوث والدراسات، 31 مارس 2016م.

[74] ساشا العلو، تركيا: الانعطافة الخاطفة والتحول الكبير، ورقة بحثية، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 3 اغسطس 2016م.

[75]علاقة أردوغان بالجيش.. أهم المحطات، موقع الجزيرة نت

http://www.aljazeera.net/encyclopedia/events/2016/7/19/

[76]تركيا: ما الدوافع إلى الأنقلاب؟ وما اسباب فشله؟ موقع مونت كارلو الدولية. http://www.mc-doualiya.com/articles/20160716-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%B1%D8%AC%D8%A8-%D8%B7%D9%8A%D8%A8-%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D9%8A

[77]http://arabic.euronews.com/2016/07/16/turkey-push-alert-bridges

[78] لتحول الديمقراطي في تركيا “, مجله الديمقراطيه ,متاح علي الرابطالتالي : http://www.ahramdigital.org.eg/Policy.aspx?Serial=1087925

[79]. – محمد طيفوري ,”التحول الديمقراطي التركي رؤيه من الداخل “, متاح عليالرابط التالي : , http://minbaralhurriyya.org/index.php/archives/76709

[80] – بيلج مينيكس,الإنتخابات التركية ,متاح علي الرابط التالي: http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/turkeys-elections-vote-of-confidence-or-game-changer

[81] علي حسين باكير ,تركيا :الدوله والمجتمع ,المقومات الجيوسياسيه ,محمد عبد العاطي (تحرير),تركيا بين تحديات الداخل ورهانات الخارج ,قطر :مركز الجزيره للدراسات ,2010,ص52.

المصدر : البنك المركزي التركي ,دائره الإحصاءات التركيه .[82]

[83] ديلي نيوز ,”تركيا تحت حكم العداله والتنميه أكثر مدنية ولكن هل أكثرديمقراطية ,معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني ,متاح علي الرابط التالي :http://www.washingtonin statute.org/ar/pol

تحريرا في 18-6-2017

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى