الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

حسم الأمر واتخذت حماس قرارها بالموافقة على إعلان ترامب ماهي التوقعات للمستقبل ؟

بقلم : الدكتور هاني الحديثي – المركز الديمقراطي العربي – ألمانيا – برلين

 

أولا :شكل رد حركة حماس الإيجابي على مقترح الرئيس الأمريكي ترامب مفصلا مهما في الحرب الدموية التي تشنها اسرائيل في قطاع غزة حيث تضمن الرد المظطر تحت وقع الخذلان العربي و الإسلامي من قبل حركة حماس نصا الآتي:

حرصًا على وقف العدوان وحرب الإبادة التي يتعرض لها ————————————————————————- أهلنا الصامدون في قطاع غزة، وانطلاقًا من المسؤولية ————————————————————————- الوطنية، وحرصًا على ثوابت شعبنا وحقوقه ومصالحه العليا،، فقد أجرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” مشاورات معمقة في مؤسساتها القيادية ، ومشاورات واسعة مع القوى والفصائل الفلسطينية، ومشاورات مع الإخوة الوسطاء والأصدقاء، للتوصل لموقف مسؤول في التعامل مع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ، وسلمت للإخوة الوسطاء ردها التالي* :

( تقدر حركة المقاومة الإسلامية حماس الجهود العربية ———————————————————————— والإسلامية والدولية وجهود الرئيس الأمريكي، دونالد —————————————————————————— ترامب، الداعية إلى وقف الحرب على قطاع غزة وتبادل الاسرى والمحتجزين …….الخ ———————————————————— في ضوء موقف حركة حماس من خطة ترامب الملغومة بمطبات خطيرة لامجال للنفاذ منها لنا ان نتوقع الاحتمالات التالية :

ثانيا :التوقعات :السؤال الذي يطرح نفسه :اين ستكون حركة حماس في اليوم التالي ؟

الجواب عندي ان خليل الحية الأمين العام لحركة حماس والقيادة السياسية معه بدلا من الذهاب إلى ايران ليهديها ما وصفه حينها بال( النصر العظيم ) في الهدنة الاولى من الحرب والدم الفلسطيني مازال ينزف من آلاف الأطفال وهم مازالوا تحت الدمار ،فانه الان يحث الخطى نحو بلدان الخليج العربي ومصر وتركيا للتوسط لإبقاء حماس لاعبا سياسيا في السلطة الفلسطينية ، ليترافق ذلك مع جهود اعادة بناء مادمر في غزة ، وهنا سنجد احتمالا برفض شعبي فلسطيني عام في غزة والضفة الغربية لاستمرار هيمنة حماس في غزة و التي تتحمل من وجهة نظرهم مسؤولية وتداعيات قرارها في السابع من اكتوبر 2023 ( طوفان الأقصى ) بعد المعاناة الشاملة التي عانى منها سكان قطاع غزة وعموم فلسطين والتي عمقت من الشرخ بين مختلف الفصائل الفلسطينية رغم وحدة الموقف فلسطينيا وعربيا ودوليا اتجاه جرائم الإبادة الجماعية اتجاه شعب غزة التي ارتكبها نتنياهو والتي تسببت في ادانته بارتكاب جرائم حرب في غزة في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ليصير مطلوبا امام القضاء الدولي ، بذات الوقت الذي هو مطلوب فيه للمثول امام القضاء الداخلي لارتكابه جرائم فساد سيحاكم عليها بعد انتهاء الحرب ووقف إطلاق النار . المرحلة المقبلة ستتركز في :

1- اعادة هيكلة السلطة الوطنية الفلسطينية لتحتوي جميع او اغلب فصائل المقاومة الفلسطينية ضمنها حماس كشرط أساس نحو الانتقال إلى مرحلة الدولة.ان هذه المسالة صارت ضرورية لردم الفجوة بين الفصائل الفلسطينية التي تسببت بها حماس فضلا عن الترهل المخيب للامال لدى السلطة الفلسطينية التي تحولت إلى مجرد واجهة فقدت بريقها و فاعليتها بسبب تسيد الفساد على شخوصها الذين تحولوا عن طريق فلسطين إلى طريق الاتجار بالقضية والعيش الرغيد في ضل حكم الختيارية . لذلك فان المهمة الاولى والمرحلة الضرورية اللاحقة هو اعادة نظر شاملة لبرنامج السلطة هيكليا و بنيويا لتنتج قيادة فلسطينية تستطيع ان تنهض بأعباء المرحلة المقبلة .

2-إنهاء العناصر المفخخة امام سلام شامل وعادل للشرق الاوسط يحفظ للشعب الفلسطيني حقه المدعوم دوليا عبر الاعتراف الدولي الواسع بإقامة نظام الدولتين والذهاب نحو اتفاقيات تضمن لفلسطين والعرب الحق الشرعي والمشروع وفق القوانين والقرارات الدولية والتي سبق للعرب وان اتفقوا عليها في مؤتمر قمة بيروت تأييدا لمبادرة ولي العهد السعودي عبدالله بن عبدالعزيز (كان ولياً للعهد السعودي يومذاك) بشأن تطبيع العلاقات الإسرائيلية العربية شريطة الانسحاب إلى حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967.. الإشكالية التي تواجه حل الدولتين تتمثل بتوسيع اسرائيل لمستعمراتها في الضفة الغربية والتي وصلت بحدود ثلثي مساحات الضفةً ورفض الكيان تشكيل دولة فلسطينية بشكل مطلق .

3-البدء بمرحلة إنهاء النفوذ الإيراني في المشرق العربي والذي تمدد على حساب المصالح القومية للامة العربية وبلدانها وشعوبها تحت كذبة الدعم الايراني لاستحصال الحقوق وتحرير الأقصى في وقت لم يكن ذلك إلا غطاءا لتمدد المشروع القومي الايراني المعلن صراحة في النية بإقامة امبراطورية فارسية تشمل المشرق العربي كله موازيا بذلك المشروع الاسرائيلي في إقامة دولة اسرائيل الكبرى، ليكون العالم العربي هو ضحية كلا المشروعين اللذين تخادما عمليا في تحطيم المنظومة القومية والحضارية والثقافية للمجتمعات العربية المحيطة بفلسطين وامتداداتها في بلاد العراق والجزيرة وعموم الشام .

أن ذلك المقصد المشروع يتم عبر خطوات نزع سلاح حزب الله و كذلك ايجاد حل لقضية الحوثيين الذين سيفقدون مبرر استمرار إطلاق الصواريخ والمسيرات اتجاه اسرائيل ضمن مساعي الولايات المتحدة لشرق أوسطي جديد يخلو من تحديات اقليمية (ايران) ودولية (الصين وروسيا ). 4-الذهاب إلى اعادة ترتيب البيت الإسرائيلي الذي يعاني من تصدعات سياسية بسبب الاتهامات الموجهة لنتنياهو داخل اسرائيل وكذلك محكمة العدل الدولية والرأي العام العالمي .

ان حكومة نتنياهو وأركانها متهمون بارتكاب جرائم إبادة جماعية اتجاه الشعب الفلسطيني في غزة والتي أثارت تعاطفا دوليا عاما لصالح القضية الفلسطينية ، فضلا عن الإحباطات التي تحققت عند الرأي العام الداخلي الإسرائيلي بالفشل في تحقيق ماوعد به نتنياهو شعبه من القضاء على المقاومة الفلسطينية بظرف اشهر كما كان يعلن ، وتكبيد المجتمع الإسرائيلي بخسائر مادية ومعنوية هائلة أدت الى تناقص الثقة بامكانية الاستمرار للكيان الإسرائيلي وبدء مرحلة جديدة من الهجرة المعاكسة بسبب غياب الامن وتحطم مقولة الدولة الآمنة التي لاتقهر. ماتقدم يمكن ان يدفع اسرائيل بدعم أمريكي -أوروبي لحسم الموقف في مناطق تشكل تهديدا مباشرا للأمن الشرق أوسطي فضلا عن امن الطاقة العالمي وتحديدا في البحر الأحمر ومضيق بابا المندب و مضيق هرمز ،الأمر الذي يجعل حسم الموقف من ايران عبر اذرعها في اليمن والعراق ولبنان خيارا متوقعا جدا خاصة ان دخول ايران الان تحت طائلة العقوبات الدولية بعد تفعيل آلية الزناد يجعل ايران في موقف الهجوم للدفاع عن امنها القومي وبقائها كقوة اقليمية مؤثرة في محيطها الاقليمي . .

5- ترامب من جهته سوف يستخدم هذا المنجز لتأكيد قدرته على حسم اخطر موضوع أرق العالم ، وشكل مشكلة مركزية طالما هددت السلم والامن الدوليين . من الطبيعي ان يشكل ذلك دعما كبيرا له في أوساط الرأي العام الأمريكي والغربي بشكل خاص تجعله طموحا لنيل جائزة نوبل للسلام وتقدمه لحل مشاكل دولية اخرى على غرار الحرب الروسية في أوكرانيا .

6- ان ماتقدم سيضفي مصداقية( زائفة) وتاكيد على علاقات استراتيجية تبدو اكثر موثوقية بين الدول العربية الرئيسية (مصر وبلدان الخليج العربي) مع الولايات المتحدة تصب لصالح حسم مستقبل الشرق الأوسط لصالح الهيمنة الأمريكية وهو الأمر المقصود امريكياً و اسرائيليا . في ضوء ماتقدم فان إنجاز الخطوات اللاحقة لوقف حرب غزة وتحقيق السلام في حال استكمال الخطوات دون فشل او متغير يعيد عقارب الساعة نحو الخلف لاي سبب قد تضمره الإدارتين الأمريكية و الاسرائيلية المعروفة بنقض الوعود والعهود ، فان الإدارة الأمريكية ستكون معنية بقضايا مهمة ذات صلة وتشكل خطورة على مجمل المشروع الأمريكي -الإسرائيلي في الشرق الأوسط وهنا نقصد تحديدا ايران بعد ان تمكنت من تقويض المشروع القومي العربي لاعتبارات كثيرة لامجال للتفصيل بها هنا .

في هذه المسألة نعتقد ان الإدارة الأمريكية ستكون جادة اكثر من اي وقت مضى في الحسم لهذه القضية الشائكة حيث ستكون ايران في الواجهة وربما المواجهة في حال عدم التوصل الى اتفاق شامل حول برامجها النووية والصاروخية المهددة للسلم والامن الدوليين . ان حسم هذا الملف الشائك لايتعلق بالأمن الشرق أوسطي في جانب الحرب والصراع العربي -الإسرائيلي حسب ، انما في وقف تدفق النفوذ الصيني -الروسي في الشرق الاوسط وعبره نحو العالم ،لذلك ليس من المستبعد ان تدخل الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا بحالة الحرب بالنيابة في ايران لطبيعة الاتفاقيات والمصالح بعيدة المدى التي ارتبطت بها ايران مع كل من روسيا والصين وهو الأمر الذي قد يلجىء الإدارة الأمريكية وحلفائها الغربيين بعد تفعيل عقوبات الترويكا الأوروبيّة : Snapback Mechanism) و هي بند قانوني ضمن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة – JCPOA)، ومضمّنة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 الذي تبنّى ذلك الاتفاق عام 2015. تتيح هذه الآلية إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة السابقة على إيران بصورة تلقائية وهي العقوبات التي تم تفعيلها فعلا ضد ايران حاليا والتي تزيد من مخاطر الصدام مع النظام ألقائم والذي يهدد من جانبه باستخدام جميع اذرعه في المنطقة العربية دفعة واحدة في حال تطور الوضع الى حالة صدام يهدد امن وبقاء النظام السياسي القائم في ايران رغم انه تخادم مع المشروع الاسرائيلي -الأمريكي منذ عقود باتجاه تقويض المشروع العربي الذي كان واعدا ، وهو التخادم الذي وصل مراحله الأخيرة بعد ان تحول الأمر إلى تنافس مشروعين إقليميين كبيرين على منطقة الشرق الأوسط . هنا وفي هذه الحال فان جميع الاحتمالات تصبح ممكنة على طاولة التنافس و الصراع في عموم الشرق الاوسط .

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطي العربي

مؤسسة بحثية مستقلة تعمل فى إطار البحث العلمي الأكاديمي، وتعنى بنشر البحوث والدراسات في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية والعلوم التطبيقية، وذلك من خلال منافذ رصينة كالمجلات المحكمة والمؤتمرات العلمية ومشاريع الكتب الجماعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى